الحلقة الأولى
فكرة الاعتقاد
- مستويات الاعتقاد
الاعتقاد مسالة فكرية و نتيجة عمل العقل كما انها مسالة فردية جدا ، و لاجل اختلاف الاستعدادات الفكرية و العقلية فان وجود درجة من الاختلاف امر طبيعي ، لذلك لا بد من فهم الاعتقاد المستقيم كمستوى ( standard deviation ) و ليس كخط مستقيم .
فيكون هناك ثلاث نقاط قطب محوري و تكتل غالب و شوارد طبيعية . المحور و قطب اعتقادي ، و يكون عادة من نصيب الخلص و المصطفين و الاولياء ، و هناك تكتل الاعتقادي وهو للغالبية العظمى لاصحاب الاعتقاد السليم ، وهناك شوارد و صور فردية للاعتقاد السليم ، هي سليمة لكن لها صيغة فردية ، كل هذه الصور من الاعتقاد تقع ضمت مستوى الاعتقاد السليم الطبيعي المقبول ، وهي ناتجة عن الاختلاف في الاستعدادات و القدرات و درجات الاخلاص .
خارج هذا المستوى تقع نقاط الانحراف الاعتقادي ، و للانحراف درجات يمكن تمييز البسيط منها ، و الشديد و الشديد جدا ،جميع درجات الانحراف مضرة بالانسان المحلي و العلمي ، لكن درجات الضرر تتناسب مع درجة الانحراف .
2- التاثير العالمي للاعتقادات
لا بد من الالتفات الى التأثير الكلي للاعتقاد السليم و المنحرف ، فان للعالمي تناغما و انسجاما كليا و سعيا نحو التكامل ، و له غايات تكاملية ، هذا كه يتاثر ايجابا بكمية و كيفية الاعتقادات السليمة ، و سلبا بالاعتقادات المنحرفة ، لذلك تكون الاعتقادات السليمة كمّاً و كيفية من اسباب السعادة لاهل الارض جميعا ، و الاعتقادات المنحرفة كمّاً و كيفية من اسباب الشقاء للاهل الارض جميعا .
من الخطأ جدا تصور امكانية ان ينعم العالم بالسلام مع وجود استفحال و غلبة للاعتقادات المنحرفة ، كما انه من الواجب لجميع اهل الارض تدعيم و مساندة الاعتقادات السليمة . وهذه الاستجابة التي تكون منطلقة من جهة نفعية لاهل الارض ، تكون لاهل الايمان مضاعفة المردود المشتمل على الدنيوي و الاخروي ، و تكون مفيدة و نافعة لغيرهم من خلال اعتماد تحقق السعادة و الاستقرار و الهناء الدنيوي عليها .
من الواضح عقلا ان لكل درجة ايمانية مستوى من الاستجابة ، كما ان لكل درجة انحراف اعتقادي درجة من الاستجابة . و لاجل الاثر الايجابي الانساني و الكوني للاعتقادات السليمة يجب ان يكون هناك استجابة فردية و اممية و عالمية داعمة ، و لاجل الاثار السلبية الانسانية الكونية يتطلب ان يكون هناك استجابة شجب بتلك المستويات ايضا .
كما ان هذا الدعم و هذا الشجب لا بد ان يكون بشكل درجات ، يناسب حجم الضرر الايجابي او السلبي المحتمل . من هنا يكون هناك مستويان للاستجابة ، مستوى كمي ( فردي او اممي او عالمي ) ، و مستوى كيفي يتمثل بدرجة الاستجابة .
- اسباب الاعتقاد الخاطئ
هناك اسباب الاعتقاد السليم و اسباب الاعتقاد الخاطئ ، و بينما يكون الاول سببه (1) التمسك بالنور الالهي و (2) النظر و التفكر و (3) الاخلاص في طلب الحقيقة و (4) النظر الى المكاسب الاخروية ، فان سبب الاعتقاد الخاطئ (1) التمسك بالموروث المنحرف و (2) عدم التفكر و النظر و (3) عدم الاخلاص في طلب الحقيقة و (4) النظر الى المكاسب الدنيوية .
- الاعتقاد و المذهبية
لا بد من القول و التأكيد ان الاعتقاد لا يعني المذهبية ، و الاختلاف الاعتقادي لا يعني التمذهب ، و كما يمكن طرح المعتقد المخالف كاطروحة مذهبية فانه يمكن طرحه كحقيقة علمية . و الفرق ان الطرح المذهبي للمعتقد يقصي الاخر و يحجم نقط التواصل و يدفع باتجاه التوتر و الفرقة ، بينما الطرح العلمي للمعتقد ينطلق من الايمان بالاخر ، و الاقتراب منه و تقريبه ، و فتح جسور و نقاط تواصل ، و يطرح الاعتقاد كمسالة علمية فكرية لا توجب توترا و لا فرقة .