دراسةٌ تحليليّة مقارنة
د. الشيخ خالد الغفوري الحسني(*)
خلاصة المقالة
لقد استند فقهاء أهل السنّة لإثبات قولهم بنفي الوصية للوارث بما روَوْه من قوله‘: «لا وصيّة لوارثٍ». وقد بحثناه في هذه الدراسة من ناحية الطرق والأسانيد والمصادر، ومن ناحية النصّ والألفاظ التي حُكي بها، ومن ناحية الدلالة. وانتهينا إلى عدم إمكانية الاستناد إليه في المقام، لا في الإفتاء، ولا في دعوى النسخ، ولا في دعوى التخصيص.
مقدّمة
لقد نقلت المصادر الحديثية السنّية عن النبيّ‘ أنّه قال: «لا وصيّة لوارثٍ»([1]). وقد عُني به الفقهاء، ورتّبوا عليه أثاراً مهمّة، كالإفتاء ببطلان الوصية للوارث، وكدعوى كونه ناسخاً لآية الوصية، وهي قوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ (البقرة: 180).
كما أنّهم بذلوا جهدهم لإثبات حجِّيته، حتّى نُسب إلى البعض القول بتواتره([2]). وسوف نعقد البحث لدراسة هذ الحديث لفظاً ودلالة وسنداً وحجّية، ضمن عدّة نقاط.
النقطة الأولى: سند الحديث وحجِّيته
أوّلاً: إنّ هذا الخبر بطرق أهل السنّة لم يثبت سنداً؛ فإنّ البخاري ومسلم لم يرضياه، فلم يُخرِّجاه في صحيحَيْهما([3]). وقد تكلّم عدّةٌ من المحقّقين في طُرُقه، كالشافعي([4])؛ والطحاوي، فإنّه قال: «…وإنْ كان ذلك كلّه لا يقوم من جهة الإسناد»([5])؛ والبيهقي، فإنّه قال: «قد رُوي هذا الحديث من أوجه أُخَر كلّها غير قوية، والاعتماد على الحديث الأوّل…»([6])، وهو حديث ابن عبّاس الموقوف؛ والحافظ ابن حجر، فإنّه قال: «ولا يخلو إسناد كلٍّ منها عن مقالٍ»([7])، وإنْ حاول بعد ذلك الدفاع عن جعله مستنداً([8]). وعن الخطّابي([9]) أنّه قال: «…وإسناده فيه ما فيه»([10]). بل إنّ ضعف الحديث كان من الواضحات عند أهل الفنّ من القدماء، ومع ذلك كلّه فقد عرّض الألباني بهم، فقال: «إنّما صدر ذلك منهم بالنظر إلى بعض الأسانيد والطرق التي وقعت لهم، وإلاّ فبعضها قويّ…»([11]).
وقد تصدّى في تفسير المنار لبيان إشكاليات السند، وقال: «إنّه لم يصل إلى درجة ثقة الشيخين به، فلم يرْوِه أحدٌ منهما مسنداً. ورواية أصحاب السنن محصورة في عمرو بن خارجة وأبي أمامة وابن عبّاس.
وفي إسناد الثاني إسماعيل بن عيّاش، تكلَّموا فيه، وإنّما حسَّنه الترمذي؛ لأنّ إسماعيل يرويه عن الشاميين([12])، وقد قوّى بعض الأئمّة روايته عنهم خاصّة.
وحديث ابن عبّاس معلولٌ؛ إذ هو من رواية عطاء عنه، وقد قيل: إنّه عطاء الخراساني، وهو لم يسمع من ابن عبّاس، وقيل: عطاء بن أبي رباح، فإنّ أبا داوود أخرجه في مراسيله عنه. وما أخرجه البخاري من طريق عطاء بن أبي رباح موقوفٌ على ابن عبّاس([13]). وما رُوي غير ذلك فلا نزاع في ضعفه»([14]).
ثمّ قال صاحب المنار: «فعُلم أنّه ليس لنا روايةٌ للحديث صُحِّحت، إلاّ رواية عمرو بن خارجة. والذي صحَّحها هو الترمذي([15])، وهو من المتساهلين في التصحيح. وقد علمت أنّ البخاري ومسلم لم يرضياها، فهل يُقال: إنّ حديثاً كهذا تلقَّتْه الأُمّة بالقبول؟!»([16]).
وقال السيّد المرتضى، من الإمامية: «ومعوّل القوم على خبرٍ يرويه شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن عثمان، عن عمرو بن خارجة، عن النبي‘ أنّه قال:…؛ وعلى خبرٍ يرويه إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل بن مسلم، عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت النبيّ‘ يقول، في خطبته عام حجّة الوداع: «ألا إن الله تعالى قد أعطى كلّ ذي حقٍّ حقّه، فلا وصية لوارثٍ»([17])؛ وعلى خبرٍ يرويه إسحاق بن إبراهيم الهروي، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبدالله، عن النبيّ‘ أنّه قال:…»([18]).
ثمّ قال: «فأمّا خبر شهر بن حوشب فهو عند نقّاد الحديث مضعّف كذّاب، ومع ذلك فإنّه تفرّد به عن عبد الرحمن بن عثمان، وتفرّد به عبد الرحمن عن عمرو بن خارجة، وليس لعمرو بن خارجة عن النبيّ‘ إلاّ هذا الحديث، ومن البعيد أن يخطب النبي‘ في الموسم بأنّه (لا وصيّة لوارثٍ) فلا يرويه عنه المطيفون به من أصحابه، ويرويه أعرابيّ مجهول، وهو عمرو بن خارجة، ثمّ لا يرويه عن عمرو إلاّ عبد الرحمن، ولا يرويه عن عبد الرحمن إلاّ شهر بن حوشب، وهو ضعيفٌ متَّهم عند جميع الرواة([19]).
فأمّا حديث أبي أمامة فلا يثبت، وهو مرسَلٌ؛ لأنّ الذي رواه عنه شرحبيل بن مسلم، وهو لم يَلْقَ أبا أمامة، ورواه عن شرحبيل إسماعيل بن عيّاش وحده، وهو ضعيف([20]).
وحديث عمرو بن شعيب([21]).
وحديث جابر أسنده أبو موسى الهروي، وهو ضعيف متَّهم في الحديث([22])، وجميع مَنْ رواه عن عمرو بن دينار لم يذكروا جابراً، ولم يسندوه.
وما رُوي عن ابن عبّاس لا أصل له عند الحفّاظ، وراويه حجّاج بن محمّد، عن ابن جريح، عن عطاء الخراساني. وعطاء الخراساني ضعيفٌ، ولم يَلْقَ ابن عبّاس، وإنّما أرسله عنه»([23]).
ثانياً: إنّ الإشكالية الأهمّ تتمثّل بعدم نقل هذا الحديث من قِبَل المحدّثين والفقهاء الأوائل. وإنّما مصدره الأوّل هو كتب المغازي، ثمّ سرى إلى المحدِّثين على يد الشاميين، في قالب حديث منقطع. وقد أفشى الشافعي هذه الحقيقة مفصّلاً، وبكلّ جرأة([24]).
ثالثاً: وأمّا القول بتواتر الحديث، ونسبة ذلك إلى البعض، كالشافعي وابن الحاجب، فيَرِدُ عليها: إنّ كلمات الشافعي وإنْ أكّدت على عدم عدّ هذا الحديث في زمرة أخبار الآحاد، إلاّ أنّها غير صريحة في التواتر المصطلح، بل الذي يتَّضح من مراجعتها([25]) أحد أمرين: إمّا دعوى الإجماع على الفتوى به، وإمّا دعوى معروفية تلقّي الحديث بالقبول، كما ادّعاه البعض، كالشافعي([26]) والخطّابي([27]). وأين هذا من دعوى التواتر؟!
وأمّا ما ادّعاه ابن الحاجب من التواتر فقد اعترض عليه ونازعه ابن حجر([28]) وغيره([29]).
ونظراً لهشاشة دعوى التواتر؛ بسببب الاختلاف الكبير في ألفاظ الحديث، جنح البعض إلى دعوى التواتر المعنوي. ومن الواضح أنّ التواتر المعنوي يُثبت لنا القدر المتيقَّن والمشترك بين المتون المتفاوتة، وهو عبارة عن (ثبوت منعٍ ما للوارث من الوصيّة)، وهذا المقدار لا ينفع في إثبات محلّ النزاع.
أمّا دعوى مقبولية الحديث فهي ليست بين أهل الحديث والمصادر الحديثية، بل هي في كتب المغازي والمصادر التاريخية، كما هو صريح عبارة محمد بن إدريس الشافعي، والتي أكّدها مراراً([30])، ومنها انتقل هذا الحديث إلى كتب الحديث.
ودعوى أنّ الأئمّة تلقَّتْه بالقبول، فالتحق بالمتواتر، مردودةٌ؛ فإنّ هذا يُثبت قبولهم له بعنوان أنّه خبرُ واحدٍ، ولا يُثبت تواتره، إذن فلا يجوز نسخ القرآن به([31]).
رابعاً: إنّ الحديث مُعارَض بالأحاديث المستفيضة عن أهل البيت^، الدالّة على جواز الوصيّة للوارث. ففي صحيحة محمّد بن مسلم([32])، عن أبي جعفر×، قال: سألتُه عن الوصية للوارث؟ فقال: «تجوز»، قال: ثمّ تلا هذه الآية: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ (البقرة: 180)([33]). وبمضمونها رواياتٌ أخرى([34]).
ملحوظةٌ
لقد ورد ما يُفيد مضمون هذا الحديث في طرق الإمامية، وهو ما رواه القاسم بن سليمان قال: سألتُ أبا عبد الله× عن رجلٍ اعترف لوارثٍ بدَيْنٍ في مرضه؟ فقال: «لا يجوز وصية لوارثٍ، ولا اعتراف» ([35])، وغيره ([36]). لكنّه ضعيف السند.
النقطة الثانية: ألفاظ الحديث
لقد وقع اختلافٌ في ضبط متن الحديث؛ بعضه يسيرٌ يُمكن الغضّ عنه؛ وبعضه كبيرٌ، نظير: وجود زيادات فيه، فقد نقله الأكثر بالصيغة السابقة، لكن نُقل أيضاً بصيغٍ أخرى:
منها: ما جاء في خطبة النبي‘ في حجّة الوداع من أنّه قال: «…أيّها الناس، إنّ الله قسم لكلّ وارثٍ نصيبه من الميراث، ولا تجوز لوارثٍ وصية بأكثر [= في أكثر] من الثلث، والولد للفراش…»([37]).
ومنها: ما عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، أنّ النبي‘ قال: «لا وصية لوارثٍ، إلاّ أن يُجيز الورثة»([38]).
ومنها: ما عن عطاء الخراساني، عن عكرمة، عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله‘: «لا تجوز وصيّةٌ لوارثٍ، إلاّ أن يشاء الورثة»([39]).
ومنها: ما عن عاصم بن ضمرة، عن عليٍّ× أنّه قال: «قال رسول الله‘: الدَّيْن قبل الوصية، وليس لوارثٍ وصيّة»([40]).
وهذه الصيغ للحديث، وما تضمّنته من زيادات، لا يُمكن إسقاطها من الحساب، وإنْ حاول الألباني ذلك بلحاظ الصيغتين الثانية والثالثة([41]).
النقطة الثالثة: دلالة الحديث
أوّلاً: التفسير المطلق للحديث
لقد فُسِّر الحديث بصيغته المشهورة بأنّه دالٌّ على النفي المطلق لمشروعية الوصية للوارث مطلقاً، فيقع التنافي بين دلالته وبين دلالة آية الوصيّة. ومن هنا لجأ أكثر أهل السنّة إلى فكرة النسخ بأشكالها المختلفة، وجعلوا هذا الحديث ناسخاً للآية. كما ذهب أكثر الإمامية إلى ردّ الحديث؛ لمخالفته للنصّ القرآني القطعي، طاعنين في سنده تارةً؛ وتارةً في جهة صدوره، وأنّه لم يصدر في ظروفٍ اعتيادية. قال الشيخ الطوسي: «أن نحمله على ضربٍ من التقية؛ لأنّه موافقٌ لمذاهب جميع العامّة. والذي ذهبنا إليه مطابقٌ لظاهر القرآن، قال الله تعالى…»([42]).
أقول: بل حتّى لو بنينا على الفهم المشهور للحديث فلا يثبت النسخ؛ إذ بناءً على ذلك يكون الحديث نافياً للوصيّة للوارث خاصّة، وأمّا غير الوارث من الوالدَيْن والأقربين لحجب أو منع فغير مشمولين بالنسخ. وفي الحقيقة هذا ليس نسخاً، بل هو تخصيصٌ للآية.
ثانياً: التفاسير المقيِّدة للحديث
وفي مقابل الفهم المشهور للحديث يمكن القول: إنّه من الممكن بيان عدم التنافي بين دلالة الحديث والآية من الأساس، وبالتالي الجمع بينهما؛ وذلك في ضوء بعض التفاسير المقيِّدة للحديث، وهي:
الطريق الأوّل للجمع: إنّه يمكن الجمع بينهما بأن يُقال: إنّ المرادَ نفيُ مشروعية الوصية للوارث بأكثر من الثلث وبطلانها؛ أو يُراد نفي نفوذها في ما زاد عن الثلث. ويدعمه الصيغة الأولى: «ولا تجوز لوارث وصيةٌ بأكثر من الثلث». قال الشيخ الصدوق: «والخبر الذي رُوي أنّه (لا وصيّة لوارثٍ) ليس بخلاف هذا الحديث، ومعناه: إنّه لا وصيّة لوارثٍ بأكثر من الثلث، كما لا تكون لغير الوارث بأكثر من الثلث»([43]).
ورُبَما يُقال: إنّ عدمَ ثبوت الوصية بأكثر من الثلث مطلقٌ، يعمّ الوارث وغيره، كما صرّح الشيخ الصدوق بذلك، ولا خصوصية للوارث في ذلك، فلِمَ نُصَّ في الحديث على الوارث فحَسْب؟!
ولكن يُقال: يُحتمل أنّ الحديث جاء لتصحيح تصوُّر كان شائعاً في أذهان الناس من أنّ الوارث هو الأَوْلى بكلّ ما يتركه الميّت، إرثاً كان أو وصية، فجاء الحديث لينفي هذه الأولوية المطلقة للوارث، واستئثاره المطلق بالتركة.
الطريق الثاني للجمع: كما يمكن الجمع بأن يُقال: إنّ المراد نفي نفوذ الوصية إذا لم يُجِزْ الورثة، وأمّا إذا أجازوا فلا منع. ويدعمه الصيغتان الثانية والثالثة: «لا وصية لوارث إلاّ أن يُجيز الورثة»؛ و«لا تجوز وصية لوارثٍ إلاّ أن يشاء الورثة».
وظاهر الصيغتين توقّف الوصية مطلقاً على إجازة الورثة، بَيْدَ أنّ الارتكاز المتشرِّعي يدفعنا إلى حمل الحديث على معنىً آخر مقيَّد، وهو أنّ المراد توقّف الوصية على إجازة الورثة في خصوص ما زاد على الثلث.
الطريق الثالث للجمع: كما يُمكن الجمع بينهما بالقول: إنّ الحديث بصدد بيان الترتيب بين الدَّيْن والوصية والإرث، فالدَّيْن قبل الوصية، والوصية قبل الإرث. ويدعمه الصيغة الأخيرة: «الدَّيْن قبل الوصية، وليس لوارثٍ وصية»، أي إنّ الوصية للوارث ليست داخلةً في الإرث.
ومن هنا يقوى احتمال طروء التقطيع على حديث رسول الله‘؛ فتارة حُذف ذيله واقتُصر على نقل الفقرة الأولى منه؛ وأخرى حُذف صدره ونُقلت الفقرة الثانية منه مجرّدة.
الطريق الرابع للجمع: وثمّة تفسيرٌ رابع، احتمله الشيخ الحرّ العاملي، قال: «ويُحتمل الحمل على عدم الجواز من أصل المال، مع التُّهمة في الإقرار»([44]). ويدعمه قوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ… مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللهِ﴾ (النساء: 12)؛ حيث استُفيد منه كونُ عدم الإضرار بالورثة شرطاً في الوصية. وعليه فيمكن فهم الحديث بأنّه مع التهمة لا يُعتبر المال المُقَرّ به دَيْناً كسائر الديون المقدّمة على الإرث، والمُخْرَجة من أصل التركة. ويشهد له بعض الأحاديث، ففي صحيح منصور بن حازم قال: سألتُ أبا عبد الله× عن رجلٍ أوصى لبعض ورثته أنّ له عليه دَيْناً؟ فقال: «قال: إنْ كان الميّت مَرْضيّاً فأعْطِه الذي أوصى له»([45]).
أقول: ولعلّ التصريح في الحديث بالوارث ـــ مع كون الحكم عامّاً للوارث وغيره ـــ ناشئٌ من أنّ الذي كان محلاًّ للابتلاء كثيراً هو هذه الصورة، أي صورة الوصية للوارث.
الطريق الخامس للجمع: وثمّة تفسيرٌ خامس، احتمله الشيخ الإشراقي في تعليقته على التفسير الشاهي، قال: «إنّ منافاة حديث «لا وصيّة لوارثٍ» مع آية ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ…﴾ (البقرة: 180) غير معلومٍ؛ لاحتمال أن يكون المراد من نفي الوصية للوارث عبارة عن الوصية لوارثٍ دون آخر، بحيث يَحْرِم ذلك الآخر الذي هو أَوْلى بالإرث، ويُصيِّر التركة مختصّة بالمُوصَى له، ومن الواضح أنّ هذا النحو من الوصية غير جائزٍ؛ لمنعها من حقوق كلّ صاحب حقٍّ أعطاه الله تعالى ذلك، كما صرّح بهذا المعنى في صدر الخبر، وهو: «إنّ الله أعطى كلَّ ذي حقٍّ حقَّه»»([46]).
إشكالاتٌ وردود
وقد تُثار بعض الإشكالات، نورد بعضها ونجيب عليها:
الإشكال الأوّل
قد يُقال: في حالة التردّد بين ورود زيادة في الحديث وعدمها فالصحيح عدم ثبوت الزيادة؛ لأنّ القدر المتيقَّن هو ورود الحديث بدونها، وأمّا الزيادة فتبقى مشكوكة، فتنفى بالأصل؛ فإنّ الأصوليين([47]) في حالات الشكّ في أصل وجود القرينة على التقييد يتمسَّكون بأصالة الإطلاق والعموم، من دون الاعتناء بالشكّ في وجود القرينة، ويُبنى على أصالة عدم القرينة([48]).
الجواب
إنّ هذه القاعدة إنّما تجري بلحاظ الشكّ في الزيادة، فما دامت مشكوكةً لا يُبْنى على أمرٍ مشكوك. وأمّا لو كان لدينا قرائن تدعم وتُرجِّح وجود الزيادة ـ وفي ما نحن فيه توجد قرائن لصالح وجود الزيادة، من قبيل: وجود هذه الزيادة لفظاً أو معنى في روايات أخرى ـ فنُرجِّح حينئذٍ وجود الزيادة.
كما أنّنا لو بنينا على عدم هذه الزيادة سوف نتورَّط بإشكالية المخالفة مع الكتاب العزيز، ومع إثباتها نتخلَّص من هذه الإشكالية.
الإشكال الثاني
إنّ بعض هذه التفسيرات للحديث لا تخلو من تكلُّفٍ أو تعسُّف.
الجواب
إنّنا بصدد العثور على حلٍّ لمشكلة التنافي مع النصّ القرآني، كما مرّ توضيحه آنفاً. وإنّ إشكالية التكلّف هيِّنةٌ يمكن تجاوزها، بخلاف إشكالية التعارض مع الكتاب، التي هي إشكالية مستعصية ومستحكمة. وأمامنا طريقان: إمّا أن نطرح الحديث؛ وإمّا أن نجد له محملاً قابلاً للجمع مع الآية، والجمع مهما أمكن أَوْلى من الطرح، ولا سيَّما مع وجود شواهد للجمع قويّة ومتعدّدة. وعليه فإنْ كانت وجوه الجمع المقترحة مُقْنِعة بنظر البعض فبها، وإنْ كانت هذه التفسيرات للحديث مُسْتَبْعَدة وغير مُقْنِعة بنظر آخرين فبالإمكان طرح الحديث جانباً، وتقديم الآية.
النقطة الرابعة: سائر خصوصيّات الحديث
لقد ذُكِرَتْ للحديث بعض الخصوصيات، منها:
1ـ زمان صدوره عام الفتح، كما في حديث الشاميين([49]).
أقول: حيث عرفت أنّ المصدر الأساس للحديث هو كتب المغازي فالظاهر صدور الحديث في نفس حادثة الفتح، لا بعدها. وعليه من المستبعد جدّاً صدور هذا المضمون في حادثة الفتح؛ لعدم تناسب هذه المضامين مع الحادثة. ونقل الشاميين الحديث من كتب المغازي إلى أهل الحديث يُعَدّ أوّل خطوة في تدليس الحديث.
2ـ زمان صدوره في حجّة الوداع، كما في حديث أبي أمامة الباهلي، قال: سمعتُ رسول الله‘ في خطبته عام حجّة الوداع…([50]).
أقول: ونظراً لعدم تناسب مضمون الحديث مع حادثة الفتح طرأ التدليس في الحديث، وغيّر زمان صدوره إلى عام حجّة الوداع؛ لكون خطبة حجة الوداع أكثر تناسباً مع مضمون الحديث، فاقتُطع من حادثة الفتح، وأُقحم وسط خطبة حجة الوداع. وكانت هذه هي الخطوة الثانية في التدليس.
3ـ كونه‘ راكباً على ناقته، كما في حديث عمرو بن خارجة الخشني، قال: خطبنا رسول الله‘، وهو على ناقته، فقال:…([51])، وأنّه هو الآخذ بزمام ناقة رسول الله‘، وهي تقصع بجرتها، ولعابها يسيل بين كتفَيْه…([52])، أو أنّ الآخذ هو أنس بن مالك([53]).
أقول: وتمّ أوّلاً حذف تاريخ صدور الحديث، والسكوت عنه، وراح الراوي يُفتِّش عن مكانٍ له في الحديث؛ لأنّ الحديث منقطعٌ ولا سند له، فاستغفل السامع، وادّعى أنّه كان آخذاً بزمام ناقة رسول الله‘، وراح يصف الموقف بما جادَتْ به قريحته ومخيّلته. وهذه هي الخطوة الثالثة في تدليس الحديث.
وحيث إنّ كلّ مَنْ تشرَّف بخدمة النبيّ‘ كان معروفاً نُسب الحديث إلى أنس بن مالك. وكانت هذه هي الخطوة الرابعة في تدليس الحديث. ويبدو أنّ هذه الخطوة الأخيرة لم يحالفها النجاح.
4ـ خلوّ الحديث من هذه الزوائد([54]).
أقول: وقد تمّ حذف جميع مقدّمات الحديث، والتي قد تُثير الاستغراب. وهذه هي الخطوة الخامسة في تدليس الحديث.
وبعد ذلك انتشر الحديث، وشاع في المجاميع الحديثية المتداولة، حتّى توهّم البعض تواتره، في حين أنّه لم يكن له أصل في المصادر الأوّلية.
ومن هنا يتّضح أنّ ما أتعب الألباني فيه نفسه، من تصحيح بعض طرق الحديث([55])، لا يشفي العليل، ولا يروي الغليل.
النقطة الخامسة: دعوى نسخ الحديث لآية الوصية
لقد اتَّضح ممّا تقدّم أنّ الحديث يواجه عدّة إشكاليات، فلا يمكن الاستناد إليه، لا في الفتوى، ولا في إثبات دعوى كونه ناسخاً لآية الوصية، ولا في إثبات دعوى تخصيصها. ومضافاً إلى ذلك ثمّة إشكالات أخرى تعترض دعوى النسخ بالحديث، وهي:
أوّلاً: لو سلّمنا صحّة السند فلا ينفع في المقام؛ لأنّ النسخ لا يثبت بخبر الواحد، كما هو الصحيح([56])، ورُبَما ادُّعي عليه الإجماع([57]).
ثانياً: بل لو سلّمنا ثبوت التواتر فهو إنّما ينفع في المقام لو قلنا بنسخ القرآن بالسنّة، كما اختاره البعض، ولكنْ ثمّة مَنْ منع منه، كالشافعي([58])، وهو الذي نُرجِّحه، ولنا مبنىً خاصٌّ في ذلك.
ثالثاً: رُبَما يُدَّعى الإجماع([59]) في الفتوى على مضمون الحديث.
لكنّه مردودٌ كبرى وصغرى.
أمّا ردّ الصغرى فواضحٌ؛ لذهاب ثلّةٍ مُعْتَدٍّ بها إلى خلافه. وأمّا الكبرى؛ فلأنّ أوجَهَ أدلّة حجِّية الإجماع عند الإمامية هو الحَدْسُ الكاشف عن رأي المعصوم، ولا يخفى أنّ الدليل الحَدْسي لا يقوى على مقاومة النصّ القرآني.
وأمّا أوجَهُ دليلٍ للإجماع عند أهل السنّة فهو السنّة، أي حديث «إنّ أمّتي لا تجتمع على ضلالةٍ»([60])، وهذا مآله إلى نسخ القرآن بالسنّة، الذي تقدّمت المناقشة فيه.
وللفخر الرازي بيانٌ آخر للمناقشة، على مبانيه، قال: «…الإجماع لا يجوز أن يُنْسَخ به القرآن؛ لأنّ الإجماع يدلّ على أنّ الدليل الناسخ كان موجوداً، إلاّ أنّهم اكتفوا بالإجماع عن ذكر ذلك الدليل. ولقائلٍ أن يقول: لما ثبت أنّ في الأمّة مَنْ أنكر هذا النسخ فكيف يُدَّعى انعقاد الإجماع على حصول النسخ؟!»([61]).
رابعاً: لو افتُرض تحقُّق الإجماع صغروياً فإنّ هذا الإجماع مدركيٌّ، ومستندٌ إلى هذا الحديث بلا رَيْبٍ، فلا يكون حجّةً في نفسه، فضلاً عن نهوضه لمقاومة النصّ القرآني، تخصيصاً أو نسخاً.
نتائج البحث
لقد انتهى البحث إلى موقفٍ سلبيّ تجاه حديث «لا وصيّة لوارثٍ»، وأنّه لا يصلح مستنداً شرعياً، لا في الإفتاء، ولا في دعوى نسخ آية الوصية، ولا تخصيصها. وتفصيل ذلك:
1ـ أثبتنا عدم ثبوت حديث «لا وصيّة لوارثٍ» سنداً.
2ـ ردَدْنا دعوى تواتر الحديث.
3ـ عرضنا الاضطراب والتفاوت الكبير في ألفاظ الحديث.
4ـ بيَّنّا أنّه في مقابل التفسير المشهور للحديث، وهو التفسير المطلق، ثمّة خمسة تفاسير مقيّدة.
5ـ قوَّيْنا احتمال التقطيع في الحديث.
6ـ أثبتنا وقوع التدليس في متن الحديث وسنده.
7ـ سجّلنا اعتراضات إضافية لتأكيد عدم صحّة دعوى نسخ الحديث لآية الوصيّة.
الهوامش
(*) عضو الهيئة العلميّة في جامعة المصطفى‘ العالميّة، ورئيس تحرير مجلّة فقه أهل البيت^. من العراق.
([1]) مسند أحمد بن حنبل 4: 186، 187، 238، 239؛ 5: 267؛ سنن الدارمي 2: 419؛ سنن ابن ماجة 2: 905 ـ 906، باب 6، ح2713، 2714؛ سنن أبي داوود 1: 656، باب 6، ح2870؛ 2: 156، باب 54، ح3565؛ سنن الترمذي 3: 293 ـ 294، باب 4، ح2203، 2204؛ سنن النسائي 6: 247؛ سنن البيهقي 6: 85، 212، 244، 264، 265؛ سنن الدارقطني 4: 152. وانظر: دعائم الإسلام 2: 358 ـ 359، ح1305، 1306.
([2]) الشافعي، الرسالة: 139، رقم (398)؛ النووي، المجموع 13: 53؛ الكتاني، نظم المتناثر من الحديث المتواتر: 167 ـ 168، رقم (189).
([3]) فإنّ البخاري لم يَرْوِ هذا الحديث، وإنّما جعل عنوان الباب (لا وصيّة لوارثٍ)، وروى فيه حديثاً موقوفاً على ابن عبّاس يُفيد هذا المعنى. (انظر: صحيح البخاري 3: 188).
([4]) الرسالة: 139 ـ 140، رقم (398 ـ 401).
([5]) انظر: الألباني، إرواء الغليل 6: 96.
([6]) البيهقي، السنن الكبرى 6: 265.
([7]) ابن حجر، فتح الباري 5: 278.
([8]) فإنّه قال بعد ذلك: «ولكن مجموعها أنّ للحديث أصلاً» (فتح الباري 5: 278).
([9]) الخطّابي هو أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطّاب البستي، المتوفّى عام 388هـ، صاحب التصانيف، منها: معالم السنن شرح لسنن أبي داوود (الذهبي، تذكرة الحفّاظ 3: 1018، رقم (950)).
([12]) سنن الترمذي 3: 293، ح2203: هناد وعليّ بن حجر، عن إسماعيل بن عيّاش، عن شرحبيل بن مسلم الخولاني، عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعتُ النبي‘ يقول في خطبته عام حجّة الوداع:… قال الترمذي: ورواية إسماعيل بن عيّاش عن أهل العراق وأهل الحجاز ليس بذاك في ما يتفرّد به؛ لأنّه روى عنهم مناكير. وروايته عن أهل الشام أصحّ. هكذا قال محمد بن إسماعيل: سمعت أحمد بن الحسن يقول: قال أحمد بن حنبل: إسماعيل بن عيّاش أصلح بدناً من بقيّة، ولبقية أحاديث مناكير عن الثقات. وسمعت عبد الله بن عبد الرحمان يقول: سمعت زكريا بن عدي يقول: قال أبو إسحاق الفزاري: خذوا من بقية ما حدَّث عن الثقات، ولا تأخذوا عن إسماعيل بن عيّاش ما حدّث عن الثقات، ولا غير الثقات.
([13]) صحيح البخاري 3: 188. والسند: محمد بن يوسف، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن ابن عبّاس، قال: كان المال للولد و….
([14]) من قبيل: ما رواه أبو داوود في السنن 1: 656، ح2870؛ 2: 156، ح3565. والسند: عبد الوهّاب بن نجدة الحوطي، عن ابن عيّاش، عن شرحبيل بن مسلم، عن أبي أمامة قال: سمعتُ رسول الله‘ يقول:… وشرحبيل لم يسمع من أبي أمامة، فالحديث مرسَلٌ.
([15]) سنن الترمذي 3: 293، ح2203. فإنّه ـ بعد نقله لحديث إسماعيل بن عيّاش ـ قال: «وفي الباب عن عمرو بن خارجة وأنس بن مالك. هذا حديثٌ حَسَنٌ». ثمّ نقل حديثاً آخر، عن قتيبة، عن أبي عوانة، عن قتادة، عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمان بن غنم، عن عمرو بن خارجة… ثمّ قال: «هذا حديثٌ حَسَنٌ صحيح». (سنن الترمذي 3: 293، ح2204).
([16]) رشيد رضا، تفسير المنار 2: 138.
([17]) السنن الكبرى 6: 264؛ سنن أبي داوود 3: 114، ح2870؛ سنن الترمذي 3: 293، ح2203؛ سنن ابن ماجة 2: 905، ح2713؛ مسند أحمد بن حنبل 5: 267؛ المتقي الهندي، كنـز العمال 16: 614، ح46057.
([18]) سنن الدارقطني 4: 97، ح90؛ كنـز العمّال 16: 615، ح46062.
([19]) انظر: النسائي، كتاب الضعفاء والمتروكين: 194، رقم (294)؛ الزيلعي، نصب الراية 1: 71؛ العقيلي، الضعفاء 2: 191، رقم (716)؛ ابن سعد، الطبقات الكبرى 7: 449؛ ابن حنبل، العلل 3: 26، رقم (3997)؛ ابن حجر، تهذيب التهذيب 4: 324.
([20]) انظر: إرواء الغليل 1: 207؛ 2: 86، 342؛ 3: 13، 14.
([21]) سنن ابن ماجة 12: 912، ح2731؛ سنن أبي داوود 3: 125، ح2911؛ سنن الدارقطني 4: 75، ح25؛ مسند أحمد بن حنبل 2: 195؛ السنن الكبرى 6: 218؛ كنـز العمّال 11: 18، ح30440.
([22]) انظر: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 6: 336؛ الذهبي، ميزان الاعتدال 1: 178، رقم (721).
([23]) انظر: إرواء الغليل 6: 96، رقم (1656)؛ المرتضى، الانتصار في انفرادات الإمامية: 599 ـ 600.
([25]) الرسالة: 139، رقم (398)؛ الشافعي، كتاب الأمّ 4: 104، 114، 118.
([27]) انظر: النووي، المجموع 13: 53.
([28]) انظر: الكتاني، نظم المتناثر من الحديث المتواتر: 167 ـ 168، رقم (189).
([29]) انظر: الفخر الرازي، مفاتيح الغيب 5: 68.
([30]) الرسالة: 139، فإنّه قال: «وجدنا أهل الفتيا ومَنْ حفظنا عنه من أهل العلم بالمغازي من قريش وغيرهم لا يختلفون في أنّ النبي‘ قال عام الفتح: «لا وصيّة لوارثٍ، ولا يُقتل مؤمنٌ بكافرٍ»، ويأثرونه عمَّنْ حفظوا عنه ممَّنْ لقوا من أهل العلم بالمغازي. فكان هذا نقل عامّةٍ عن عامّةٍ، وكان أقوى في بعض الأمر من نقل واحدٍ عن واحدٍ. وكذلك وجدنا أهل العلم عليه مجتمعين». ثمّ قال: «وروى بعض الشاميين حديثاً ليس ممّا يُثبته أهل الحديث، فيه أنّ بعض [رجاله] مجهولون، فرويناه عن النبيّ‘ منقطعاً. وإنّما قبلناه بما وصفت من نقل أهل المغازي وإجماع العامّة عليه، وإن كنّا قد ذكرنا الحديث فيه، واعتمدنا على حديث أهل المغازي عامّاً، وإجماع الناس» (الرسالة: 139 ـ 140، رقم (398 ـ 401)).
([32]) سند الحديث: محمد بن يعقوب الكليني، عن عدّةٍ من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن ابن بُكَيْر، عن محمد بن مسلم.
وأبو سعيد سهل بن زياد الآدمي الرازي كان ضعيفاً في الحديث. (رجال النجاشي: 185، رقم (490)؛ الطوسي، الفهرست: 142، رقم (339)؛ الجواهري، المفيد من معجم رجال الحديث: 273، رقم (5630 ـ 5629 ـ 5639)). لكن وثّقه الشيخ في الرجال: 387، رقم (5699)، وتبعه آخرون (الوحيد البهبهاني، تعليقة على منهج المقال: 197 ـ 198. وانظر: بحر العلوم، الفوائد الرجالية 1: 221؛ 3: 23 ـ 26؛ الكجوري الشيرازي، الفوائد الرجالية: 145؛ النمازي الشاهرودي، مستدركات علم رجال الحديث 4: 175 ـ 178، رقم (6721)؛ مكي، بحوث في فقه الرجال: 172 ـ 181؛ عرفانيان، مشايخ الثقات: 67، رقم (97)).
وأبو جعفر أحمد بن محمد بن عمرو بن أبي نصر زيد، مولى السكون، المعروف بالبزنطي، لقي الرضا وأبا جعفر’، وكان عظيم المنـزلة عندهما (رجال النجاشي: 75، رقم (180)؛ المفيد من معجم رجال الحديث: 21، رقم (422 ـــ 422 ـــ 424))، وهو من الثلاثة الذين لا يروُون إلاّ عن ثقةٍ (الطوسي، عدّة الأصول 1: 154. وانظر: الحائري، القضاء في الفقه الإسلامي: 25 ـــ 26).
وابن بُكَيْر الظاهر أنّه عبد الله، وهو فطحي المذهب إلاّ أنّه ثقةٌ (الطوسي، الفهرست: 173، رقم (461)).
([33]) الكليني، الكافي 7: 10، ح5؛ الحرّ العاملي، وسائل الشيعة 19: 287، باب 15 من الوصايا، ح2.
([34]) انظر: وسائل الشيعة 19: 287 ـ 290، باب 15 من الوصايا.
([35]) الطوسي، الاستبصار 4: 127، باب 75، ح479؛ الطوسي، تهذيب الأحكام 9: 200، ح799. وهو ضعيف على المشهور (المجلسي، ملاذ الأخيار 15: 14).
([36]) الاستبصار 4: 113، باب 68، ح434؛ تهذيب الأحكام 9: 162، ح665. والخبر مجهول؛ فإنّ القاسم بن سليمان البغدادي الكوفي لم يرد فيه مدحٌ، ولا توثيق (رجال النجاشي: 314، رقم (858)؛ الطوسي، الفهرست: 202، رقم (578))، وإنْ وثَّقه المحقّق الخوئي بناء على مبانيه الخاصّة (المفيد من معجم رجال الحديث: 463، رقم (9504 ـ 9502 ـ 9525)). قال العلامة المجلسي: «والظاهر أنّه سقط النضر بن سويد من السند؛ لأنّ الحسين يروي عن القاسم بواسطة النضر غالباً، ولا يروي عنه بلا واسطة» (ملاذ الأخيار 15: 98).
([37]) ابن شعبة، تحف العقول: 34؛ وسائل الشيعة 19: 290، باب 15 من الوصايا، ح14.
([38]) سنن الدارقطني 4: 55، ح4108، 86، ح4252؛ السنن الكبرى 6: 264.
([39]) سنن الدارقطني 4: 54، ح4104، 55، ح4109، 86، ح4251، 87، ح4253؛ السنن الكبرى 6: 263 ـ 264؛ الطبراني، مسند الشاميين 3: 324 ـ 325، ح2410؛ ابن حجر، فتح الباري 5: 278؛ العيني، عمدة القاري 14: 38.
([40]) السنن الكبرى 6: 267؛ سنن الدارقطني 4: 55، ح4106؛ مالك بن أنس، المدوّنة الكبرى 6: 57؛ نصب الراية 6: 499؛ ابن حجر، الدراية في تخريج أحاديث الهداية 2: 290. وانظر: ابن أبي شيبة، المصنّف 7: 281، باب 1 من كتاب الوصايا، ح3، واقتصر فيه على نقل الفقرة الأخيرة.
([43]) الصدوق، مَنْ لا يحضره الفقيه 4: 194، رقم (5443).
([44]) وسائل الشيعة 19: 290، ذيل ح12.
([45]) وسائل الشيعة 19: 291، باب 16 من الوصايا، ح1؛ الكليني، الكافي 7: 41، ح2؛ تهذيب الأحكام 9: 159، ح656؛ الاستبصار 4: 111، ح426.
([46]) أبو الفتح الجرجاني، آيات الأحكام، المعروف بـ (التفسير الشاهي) 2: 197، الهامش رقم (1) للميرزا وليّ الله الإشراقي (باللغة الفارسية)؛ وسائل الشيعة 19: 290، ذيل ح12.
([47]) انظر: العراقي، نهاية الأفكار 3: 344.
([48]) انظر: محسن الحكيم، حقائق الأصول 2: 93؛ محمد سعيد الحكيم، المُحْكَم في أصول الفقه 2: 62؛ بهجت، مباحث الأصول 1: 424.
([49]) الرسالة: 139، رقم (398)؛ السنن الكبرى 6: 264.
([50]) مسند أحمد بن حنبل 5: 267؛ سنن ابن ماجة 2: 905، ح2713؛ سنن الترمذي 3: 293، ح2203؛ السنن الكبرى 6: 212، 244.
([51]) مسند أحمد بن حنبل 4: 186، 187.
([52]) مسند أحمد بن حنبل 4: 186، 238، 239؛ سنن الدارمي 2: 419؛ سنن ابن ماجة 2: 905، ح2712.
([53]) سنن ابن ماجة 2: 906، ح2714.
([54]) سنن أبي داوود 1: 656، ح2870؛ 2: 156، ح3565.
([55]) انظر: إرواء الغليل 6: 87 ـ 98.
([56]) المرتضى، الانتصار: 598 ـ 599؛ المرتضى، الذريعة في أصول الفقه 1: 460 ـ 461؛ الطوسي، عدّة الأصول 2: 544.
([57]) عدّة الأصول 2: 544، وعبارته: «ولا خلاف بين أهل العلم أنّ القرآن لا يُنسخ بأخبار الآحاد»، فليُلاحَظْ. أجل، نسب السيّد المرتضى الخلاف إلى أهل الظاهر وغيرهم في جواز ذلك، وادّعوا أيضاً وقوعه (الذريعة في أصول الفقه 1: 460).
([58]) ذهب المتكلّمون بأجمعهم، من المعتزلة، وغيرهم، وجميع أصحاب أبي حنيفة ومالك، إلى أنّ نسخ القرآن بالسنّة المقطوع بها جائزٌ (الشوكاني، إرشاد الفحول: 543)، وإليه ذهب المرتضى علم الهدى (الذريعة في أصول الفقه 1: 462). فيما ذهب الشافعي (الرسالة: 106)، وطائفة من الفقهاء، إلى أنّ ذلك لا يجوز، وهو الذي اختاره المفيد (التذكرة بأصول الفقه: 43)، وإنْ جوّزوه عقلاً، لكنّه ممتنعٌ شرعاً (انظر: عدّة الأصول 2: 543 وما بعدها).
([59]) انظر: السيوطي، الإتقان في علوم القرآن 2: 60، حيث نقل السيوطي حكاية الإجماع عن ابن العربي؛ السنن الكبرى 263، حيث حكاه عن الشافعي؛ القرطبي، الجامع لأحكام القرآن 2: 263. وانظر: المغربي، دعائم الإسلام 2: 358، ذيل ح1305.
([60]) سنن ابن ماجة 2: 1303، باب 8، ح3950. وانظر: مسند أحمد بن حنبل 6: 396؛ سنن الدارمي 1: 29؛ سنن أبي داوود 2: 302، باب 6، ح4253؛ سنن الترمذي 3: 315، باب 7، ح2255؛ الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين 1: 115 ـ 116.