من أبعاد المقارنة بين الفقه الإسلامي والفقه اليهودي في مجال فقه الأطعمة والأشربة
يعود الأستاذ الشيخ حيدر حب الله لتقديم دروسه في mالبحث الخارجn في علمي الأصول والفقه مستكملًا في الأصول مباحث نظرية المقاصد الشرعيّة، كما يتناول في الدرس الفقهي فقه الأطعمة والأشربة مع إجراء بعض المقارنات مع الفقه اليهودي في هذا الإطار.
وقد طرح الأستاذ إثارة قد تكون متداولة في بعض الأوساط ودعا لتحقيقها وتقويمها، وأنّه سوف يقوم بذلك على مستوى بحث الأطعمة والأشربة، وهي تقول بأنّ بعض قدامى رجالات المسلمين في القرن الأوّل والثاني الهجريّين، كانوا يرون جواز تلقّي الحكم الشرعي من الشرائع السابقة كاليهودية والمسيحيّة إذا لم يتوفّر الحكم في المصادر الإسلاميّة (الكتاب والسنّة)، ولم يرد ما ينسخه فيها، ولا يشترط في ذلك أن يؤخذ الحكم من الشرائع السابقة بشرط وروده في الكتاب أو السنّة بإمضاء صريح، بل يصحّ أن يؤخذ من الشرائع السابقة بلا حاجة لتوسيط وروده في الكتاب والسنّة، ومن الأدلّة المحتملة على هذا المبنى قوله تعالى: (وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ)، بمعنى أنّ الهيمنة تعني حاكمية الإلغاء والإضافة والتعديل على ما ورد في الشرائع السابقة، والتصديق يعني إمضاء ما بقي منها، خاصّة وأنّ المجادلات بين المسلمين وأهل الكتاب في القرنين الأوّلين لم تكن تتمضّن إشكالية تحريف الكتب السابقة، كما يقول بعض الباحثين.
إنّ إجراء مقارنات مع الفقه اليهودي يؤثّر في قراءة فتاوى أهل ذلك العصر على ضوء هذا المبنى المحتمل عندهم، ومن ثمّ يحدث هذا الإجراء العلمي تأثيرًا في حجيّة الشهرات الأولى والإجماعات، بل يحتمل كون بعض النصوص الموضوعة جاءت في ظلّ هذه الثقافة.
في هذا السياق اقترح الشيخ الأستاذ فرضيّة حديثيّة تستحقّ أن يُكتب فيها رسائل ماجستير أو دكتوراه، وهي أنّه هل من الممكن أن يكون مثل هذا التصوّر قد برّر لبعض الرواة المسلمين أن ينسبوا الإسرائيليّات إلى لسان النبي الأكرم‘، لا بقصد إحداث تخريب في المنظومة الفكرية للإسلام بالضرورة، بل بقصد أنّ مضمون هذه الإسرائيليات هو جزء حقيقي من الدين الإسلامي وإن لم تصدر من جانب النبي الأكرم‘، فالإضافة إلى لسانه كانت من باب تدليس الإسناد.
هذا كلّه يدعو ـ برأي الشيخ الأستاذ ـ إلى ضرورة رصد الموروث الإسلامي في علاقته بفكرة من هذا القبيل وفي علاقته بالتراث الإبراهيمي غير الإسلامي، ويحفزنا جميعاً لفتح نافذة لدراسة مثل هذه الفرضيات التي تُطرح؛ بهدف تحقيقها علميّاً والجواب عنها على تقدير بطلانها.
الشيخ حسن الخرس
27/9/2019م