قضى العلامة الشيخ حسن طراد حوالي 50 عاما في العلم والجهاد والنشاط العام. ولد هذا الرجل في العام 1931 في بلدته معركة (قضاء صور) في بيئة دينية شجعته على دراسة العلوم الدينية، حيث أتم دراسة «المقدمات» علي يد علماء عامليين أمثال العلامة السيد محمد جواد الحسيني والعلامة السيد هاشم معروف والعلامة الشيخ خليل مغنية والعلامة الشيخ موسى عز الدين، متنقلاً بين قرى العباسية ومعركة وطير دبا وجناثا، حتى وجد نفسه في يوم من الأيام محط إعجاب الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين الذي شجعه على إكمال هذا الطريق.
سافر طراد إلى النجف الأشرف في العام 1954، للدراسة على يد علماء ومراجع الحوزة العلمية أمثال الشيخ محمد تقي الجواهري وآية الله السيد اسماعيل الصدر وأخيه آية الله الشهيد السيد محمد باقر الصدر وكذلك درس عند زعيم الحوزة العلمية السيد الخوئي وعند الإمام السيد محسن الحكيم.
أمضى أكثر من 27 سنة في النجف طالبا مثابراً وأستاذا لامعا، وقد اشتهر عنه أنه كان من الطلاب المقرّبين من أستاذه الشهيد آية الله السيد محمد باقر الصدر حيث كان يُجلسه دائماً إلى يمينه ولا يشرع بإعطاء الدرس قبل حضوره، من دون اغفال تلك العلاقة الوثيقة التي كانت تربطه بالإمام الخميني والإمام السيد موسى الصدر حيث كانا مقيمين بالنجف أثناء فترة دراسته هناك.
في العام 1981عاد طراد الى وطنه حيث كانت ساحة الجهاد العلمي والعملي في انتظاره. فبدأ نشاطه في مسجد الإمام المهدي في منطقة الغبيري، إذ كان يؤم المصلين ويقوم بواجب الإرشاد والتوجيه والتفقيه. ومن المسجد انطلق الى المجتمع ففتح له قلبه ومنزله، فكان ولا يزال يستقبل الفقراء والأيتام ويحنو عليهم حنو الأب على أبنائه بالإضافة الى أصحاب المشكلات والحاجات وغيرها من القضايا الشرعية والاجتماعية التي كان يتصدى لها.
صال وجال طراد في عشرات القرى والبلدات الجنوبية، محاضراً ومثقفاً، إيمانا منه بأهمية ترسيخ المفاهيم في مرحلة عرفت بأنها مرحلة بداية «الصحوة الإسلامية». أعطى الشيخ الدروس الحوزوية وذلك بعد قدومه من النجف الأشرف بفترة وجيزة في حوزة الرسول الأكرم والتي كان له دور التأسيس والتدريس فيها، وقد استمر على التدريس فيها لأكثر من سبعة عشر عاماً. وقد تتلمذ على يده مجموعة كبيرة من أفاضل العلماء أثناء فترة تدريسه في العراق وفي لبنان، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر: آية الله العظمى المرجع السيد محمد صادق الصدر، نائب أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، القاضي الشيخ يوسف عمرو، المفتي الشيخ عبد الأمير شمس الدين، الشيخ عبد الكريم عبيد وغيرهم من العلماء الأفاضل.
وبرغم علاقته الوثيقة بالمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى وقيادة حركة «أمل»، آثر طراد عدم تبوء اي موقع تنظيمي او سياسي في المؤسستين، واكتفى بالدور التوجيهي العام، وان كان اعضاء الحركة وقيادتها يعودون اليه كعالم ديني وحاكم شرعي لاتخاذ الموقف الفقهي في العديد من القضايا.
لعب الشيخ طراد دورا بارزا في توحيد صفوف الطائفة الشيعية وتحصينها في مواجهة رياح الفتنة التي عصفت بها في الثمانينيات، فكان يشجع الصح وينبه المخطئ.
أعطى طراد الترخيص الشرعي للشهيد بلال فحص بالقيام بعملية استشهادية ضد العدو الصهيوني. ومما كان يقوله للمقاومين «كل رصاصة تطلق على صدر العدو هي صلاة تتقربون بها الى الله تعالى، وإن كل قرية وبلدة تتحرر تصبح كعبة ثانية، نطوف حولها طواف العزة والإباء، هذه المعركة معركتنا وهذا المصير مصيرنا، فلا قيمة لحياة تنكسر فيها الرقاب وتذل فيها النفوس وتضعف فيها القلوب، فإما أن نعيش أعزاء أحرار وإما نتوج بشرف الشهادة».