تمهيد
العرفان في الدائرة الفكرية والثقافية للإسلام ــــــــــــــــ
الميل العرفاني إلى الله سبحانه مودع في أعماق البشر، ولا يوجد إنسان لا يتمتع بهذه النعمة المكنونة في فطرته، ولهذا لم ينحصر العرفان في دوائر محدودة؛ إذ اخترق جميع الحدود وانتقل عبر العصور ليصبح ظاهرةً إنسانية.
ولذا لا يخلو بلد من وجود عارف، فأينما اتجهنا حتّى إلى أقصى نقاط العالم وجدنا هناك من اشتهر وذاع صيته بين الناس بالعرفان.
غير أنّ العرفان ـ بوصفه ظاهرةً إنسانية ـ ارتبط بالبشر طبقاً لمستويات إدراكاتهم، فربما صادف من لا يتمتّع بالسعة والعمق المطلوبين، ثم راح ينظّر له ليكتسب صفةً ذاتية وقالباً مميزاً ربما يكون بعيداً عن المعنى الحقيقي للعرفان. والأسوأ من هذا أن يتحوّل العرفان إلى تجمّعات أو تشكيلات حزبية فيخطو خطوات في طريق تؤدّي به إلى الاضمحلال ونقض الأهداف والغايات السامية التي يرمي إلى تحقيقها، ليحلّ عرفان منخور من قشوره إلى لبابه، ويظهر بمظهر جديد لا يطاق، وقد امتدّ هذا البلاء ليشمل المدارس العرفانية المنتشرة في الماضي البعيد والقريب.
وهذه الظواهر اللامباركة ظهرت أوّل ما ظهرت في العرفان المنفصل عن تعاليم الوحي، فنشأ عرفان اتّسم بالسطحية بسبب الحرمان من ذلك الجانب بدل العرفان الذي يتمتع بالعمق والسعة.
أما العرفان الذي نشأ في أحضان الوحي فكان على العكس من ذلك، حيث اللبّ هو الأساس والتشكّل يأتي في الدرجة الثانية، وربما لا يأتي أبداً، أو لعله يأتي من أجل حفظ اللباب.
ومن هنا، فأي بارقة عرفان تنشأ في أحضان الرسالة الإلهية
والرسول 2، أو الإمام C، أو ولي من أولياء الله، ستكون مدعاةً لاتضاح الطريق وتضاعف النور وتجذر الغاية، ويمكن القول بجرأة: إنّ العرفان الإسلامي الأصيل قد خطا نحو نبع الحقيقة، وأن السالكين في هذا الطريق شملتهم المواهب الإلهية من الحق المطلق (الله).
والرسول 2، أو الإمام C، أو ولي من أولياء الله، ستكون مدعاةً لاتضاح الطريق وتضاعف النور وتجذر الغاية، ويمكن القول بجرأة: إنّ العرفان الإسلامي الأصيل قد خطا نحو نبع الحقيقة، وأن السالكين في هذا الطريق شملتهم المواهب الإلهية من الحق المطلق (الله).
ولكن ماذا نفعل مع الذباب الذي يحوم حول العسل ليلوّثه، ومن ثم يقع في قبضته ويحرم الآخرين من فيض نعمته؟!
ويمكن القول: إننا نشهد ثلاثة أنواع من العرفان في الثقافة الإسلامية:
1 ـ عرفان إلهي أصيل، وهو الذي ذكرنا آنفاً وهو محطّ نظرنا.
2 ـ وعرفان يرتدي الصوف المخرّب.
3 ـ العرفان الحديث المتأثر بمدّعيات عرفانية ناجمة عن أذواق العصر الجديد.
ومن خلال هذا التقسيم نكون قد فكّكنا بين العرفان والتصوّف.
وبالرغم من تصوّر البعض أن هناك وحدةً بين التصوف والعرفان، إلاّ أنّنا نصرّ على الفصل بينهما، ونؤكّد أن العرفان الأصيل لا يمكن أن ينضوي تحت اُطر من الألفاظ والتشريفات والقوانين وتسلسل الرتب، بل إنّه الإخلاص والتوحيد والإفادة من التجربة الدينية والعرفانية النابعة من العبودية لله عزوجل.
أمّا أولئك الذين يرتدون خرقة الصوف ويجعلون من الطريق إلى الله رتباً رسمية ومراحل ظاهرية فلا هم يعرفون المحبوب فيتعلّقوا به، ولا هم تذوقوا طيلة حياتهم طعم العشق الإلهي والعرفان الأصيل.
فهؤلاء لا يعرفون إلاّ مصالحهم، ولا يريدون إلاّ أنفسهم وإن تظاهروا بغير ذلك:
الذي يرتدي خرقة الصوف ولا خلقاً لديه
لم يشمّ للحب عطراً ولا حنّ إليه([1])
وفي رأي المؤلّف أن أدعياء التصوّف ـ لا العارف الحقيقي الذي لا يفكّر في منصب أو مقام ولا يودّ أن يكون مرشداً ـ قنعوا بظواهر الفرقة والقناعة الظاهرية، بل إنهم فتنوا وفضلوا الثناء والمديح على الحب الإلهي فاحترقوا بأنانيتهم وهم لا يشعرون.
لا تذْع أسرار حبك للمدعيّ
إنّه يعبد ذاته ثم يموت([2])
وعلى كل حال، فإنّ العرفان في هذا المجال طريقة في صدد الكشف والاحتراق واعتبار جفاء المحبوب عين الوفاء، وعلى حدّ تعبير القرآن الكريم: ((القرب الالهي))([3]) ولا شيء غير ذلك.
ومع كلّ هذا، فإننا نصطدم في تاريخ الإسلام بفريق ـ من خلال تمسّكه ببعض الروايات التي لا يُعلم صحّة سندها ـ يقدم على وضع أساليب ومراسم تشريفاتية يمكن القول: إنّها لا تمتّ إلى العرفان الإلهي بصلة، بل لقد نحتوا آلهةً وهميةً وظنوا السراب ماءً.
ولذا اُصرّ على أن أعتبر هذا اللون من التصوف سلبياً.
وفي أحضان الثقافة الإسلامية والشيعية ظهر عرفاء كبار من قبيل مولوي، وحافظ، والخواجة عبدالله، وفي العهود المتأخرة محمد تقي المجلسي، وميرداماد، وفي العصر الحاضر ظهر الإمام الخميني K، ولم يكن لكلّ هؤلاء فرقة ولا تشريفات أو رتب صوفية أو ألقاب؛ ولا نغفل عن المرأة العارفة بين هؤلاء العرفاء الكبار، وما أكثر اللائي ظهرن وتألّقن في سماء العرفان والحب الإلهي.
ومن المفيد أن نذكر أنّ قطب العرفان هو النبي 2 الذي علم مكنوناته وأسراره، ووصيه الإمام علي بن أبي طالب C، ومن علي انتقل هذا الميراث الإلهي.
فإذا أردنا أن نذكر الأنموذج الكامل للعارف فلا شكّ أنّ رسول
الله 2 هو الأنموذج الأمثل والعارف الأكبر.
الله 2 هو الأنموذج الأمثل والعارف الأكبر.
ولو تأمّلنا حياة أولئك العظماء لاكتشفنا نقطةً هامّة وهي الجمع الذي امتازوا به؛ وأعني بالجمع هموم المصير الفردي والجماعي، فهم يسيرون إلى الله وأجسامهم في الأرض وأرواحهم معلّقة بالملأ الأعلى([4])، قادةٌ للمجتمع وهداةٌ للإنسانية، فهم في قلب الحوادث، وليسوا منـزوين أو منفصلين عما يجري حولهم، فعرفانهم ذو بعدين: فردي واجتماعي، وإنّك لتجد الأنموذج الجليّ في مدرسة الإمام عليC، ونهج البلاغة الكتاب والمنهج والشاهد على هذه المدرسة.
فتجد العرفاء على مسار الزمن قد انتهلوا منه كلٌّ حسب طاقته، وما تحمّلته نفوسهم وأرواحهم، فغاية العرفان الأصيل ليست العزلة والإنزواء، بل هو وثيق الصلة بالمجتمع، وهو الذروة في مراحل العرفان الأصيل، وكثير لم يبلغوا هذه المرحلة، وما استطاعت نفوسهم الارتفاع إلى ذلك فظلّوا في منتصف الطريق.. ظلّوا في إطار فرديّتهم، ولم ينتقلوا إلى مرحلة حمل هموم المجتمع والآخرين، وإخفاقهم في اجتياز هذه المرحلة ليس دليلاً على القول بأن العرفان الأصيل هو عرفان فردي، بل إنه فردي واجتماعي، ولكلّ منهما درجات.
لقد كان الإمام الخميني في هذا العصر الأنموذج الذي تحقّقت فيه أبعاد العرفان الأصيل.
ويجب الاعتراف بأنّ المرأة قد سلكت هذا الطريق اُسوةً بالرجل، وربما سبقته وامتازت عليه أحياناً في بعض فصول التاريخ، ولقد ظهرت المرأة المتصوّفة مع بدو ظهور الحركات الصوفية، أي منذ القرن الثاني الهجري، بل يمكن القول: إنّ المرأة كانت رائدةً في بعض الجماعات الصوفية؛ إذ يبرز أنموذج رابعة العدوية (135 هـ أو 185 هـ)، حيث تعدّ في طليعة النساء المتصوّفات، وفي الحقيقة يمكن اعتبارها ممن فتح في عالم السير والسلوك أفقاً جديداً، فكانت في طليعة الزاهدين والزاهدات([5]).
مرتكزات المرأة في العرفان: ــــــــــــــــ
اختلفت الآراء في المرأة وجوداً إنسانياً ودوراً، فبعض يرى أنّ وجود المرأة من الرجل وللرجل؛ يعني أنّها خلقت من ضلع الرجل، وغائية خلقها وهدفه خدمة الرجل والكون تحت تصرّفه، فيما يرى بعض آخر أنّها من الرجل ولكنها ليست له بل لنفسها هي، ويرى فريق ثالث أنّ المرأة والرجل مخلوقان من نفس واحدة، ولكلّ منهما منـزلته، وأن الغاية من خلقهما بلوغ الكمال، وكلّ على حسب سعيه في الوصول إلى ذلك الهدف المنشود.
ذلك كلّه مع التأكيد على وجود من ينظر إلى المرأة نظرةً سلبية في وجودها ودورها؛ أي أن هناك من يعتبرها من وسائل الشيطان في إثارة الفتنة والإغراء.
ولذا فهم يحذّرون الرجل من الوقوع في حبائل النساء.
وفي عالم التصوف من يعتبر الاقتران بالمرأة إتلافاً للعمر، ولذا فهناك من يوصي الرجال بالامتناع عن الزواج، من هنا يعتبرون بلوغ المرأة مرتبةً من مراتب العرفان من المستحيلات، وأنّ شخصية المرأة تتحدّد فقط في طاعتها وخضوعها لأوامر الرجال.
ولو ألقينا نظرةً على الآثار التقليدية للصوفية لوجدنا أنّ بعضاً من المتصوفة قد تعامل وفق هذه الرؤية مع المرأة؛ إذ وصل ببعضهم حدّ الامتناع حتى عن استخدام صيغ التأنيث في المفردات، وكأنهم لا يعتبرون المرأة إنساناً، وهناك من المتصوّفة من لا يتناول طعاماً تسهم المرأة في طبخة أو إعداده، ولا يمدّ إليه يداً ولا يتناول منه لقمةً واحدة، حتى زواجهم ـ لو حدث ـ كان لديهم لوناً من ألوان الرياضة الروحية؛ لأنهم ينظرون إلى الحياة الزوجية بوصفها حياةً جهنميّةً، وأنّ الصوفي بصبره وتحمّله لزوجته الوسخة والقبيحة والسيئة السلوك سوف يبلغ مراتب أعلى وأعلى([6]).
المعصية الأولى: ــــــــــــــــ
من مرتكزات الصوفية الأساسية في نظرتهم السلبية إزاء المرأة، أنّها عندهم المعصية الأولى([7])، والتي في ارتكابها طُرد آدم من الجنة، وحرم من الحياة الخالدة فيها.
فهناك من العرفاء من يحمّل حوّاء مسؤولية هذه المعصية؛ لأن آدم قاوم وساوس الشيطان، ولكن إصرار حواء دفعه إلى ارتكاب تلك المعصية.
ويعدّ مولوي أحد الذين حمّلوا حواء مسؤولية ما ارتكبه آدم، ففي أشعاره يعتبر المرأة سبباً في خروج الإنسان من الجنة وهبوطه إلى الأرض، ويعتقد بأنّ هناك صفات حيوانية مودعة في ذات المرأة تمنعها عن مواكبة الرجل في طيّ الطريق والوصول إلى المنازل العالية، يقول:
إنّ أول الأسباب وآخرها في هبوطي هي المرأة
فلقد كنت روحاً ثم أصبحت بدناً([8])
واعلم أن نوم المرأة أقلّ من نوم الرجل
كل ذلك لأنها ناقصة العقل ضعيفة الروح([9])
وعلى هذا يرى مولوي المرأة سبباً في هبوط آدم من الجنّة، وهذا ما أدّى إلى ضلال البشرية عبر تاريخها والعصور التي مرّت بها؛ لقد تنكّبت الإنسانية خلال التاريخ عن مسير الحق والعدل والدين والعشق السماوي، وذلك كلّه حصل بسبب ما تعانيه المرأة من نقصٍ في عقلها وضعفٍ في روحها.
إنّ غلبة الصفات الحيوانية على الصفات الإنسانية في ذات المرأة هو السبب ـ كما يرى مولوي ـ في تخلّف المرأة عن السير في طريق التكامل الإنساني.
يقول:
غلبت صفة الحيوان على المرأة.. فله فيها صبغة ورائحة([10])
ومع هذه الرؤية للمرأة في اعتبارها السبب في الهبوط والسقوط البشري إلاّ أنّ مولوي يستثني بعض النساء السيدات اللاتي كانت لهنّ منـزلةً في الأديان الالهية، فهو ينظر اليهنّ باحترام وإجلال، ومن تلك النساء السيدة مريم سلام الله عليها.
فمريم لدى مولوي وصلت منـزلةً رفيعة من القرب الإلهي ممّا جعلها تستقبل الروح القدس الذي تمثّل لها بشراً سوياً، وبشّرها بميلاد المسيح عيسى C بهذه الصورة الإعجازية([11]).
نعم، مريم عند مولوي امرأة اتصلت بالحق، ولذا استعاذت بالله في الحفاظ على الحدود الإلهية والتجأت إليه([12]).
وهناك شعراء عرفاء آخرون يشاركون مولوي هذه النظرة السلبية إزاء المرأة.
الجوهر الوجودي: ــــــــــــــــ
وفي مقابل هذه النظرية يوجد في الإسلام وسائر الأديان من يعتبر المرأة قادرةً على بلوغ منازل سامية في العرفان، ومرتكز هؤلاء يستند إلى توحّد الجوهر الوجودي البشري؛ بمعنى أنّ المرأة والرجل ينطويان على روح واحدة ومخلوقان من نفس واحدة، ولهما معاً القدرة على بناء نفسيهما وتنمية روحيهما، والوصول إلى المعرفة والاقتراب من الروح الكلّي ـ وهو الله ـ والاتصال به.
وكما يقول القيصري في شرحه الفصّ المحمدي من فصوص محيي الدين بن عربي: ((إعلم أنّ المرأة باعتبار الحقيقة عين الرجل، وباعتبار التعيّن يتميز كل منهما عن الآخر))([13]).
وإضافة إلى القيصري، هناك أيضاً الشاعر جامي، حيث يشير أيضاً إلى هذه النقطة، فالمرأة عنده لا تقلّ في مـنـزلتها عن الرجل، بل قد تتفوّق عليه في بعض الحالات:
ولو كان النساء كمن ذكرنا
فلا التأنيث لاسم الشمس عيب
|
|
التكامل المعنوي: ــــــــــــــــ
بالرغم من تصنيف الشاعر والعارف الإيراني سنائي الغزنوي لصالح التيار غير المناصر للجنس الناعم، إلا أنّه يعتبر المرأة مخلوقاً يمكنه السموّ إلى الذروة من مراتب الإيمان والعرفان، ولو أرادت ذلك لاجتازت الدرجات الرفيعة، ولذا فهو يقول: المرأة المؤمنة أفضل ألف مرّة من ألف رجل شرّير([15]).
ومرتكزه الأساسيّ في رؤيته هذه أنّه عندما تتمكّن المرأة من إعداد أرضية التكامل المعنوي والروحي في ذاتها تكون قد ارتفعت عن طبيعتها كامرأة لتستحيل بذلك إلى رجل.
ومن هنا، كان الرجل في بناء رؤية الشاعر والعارف الغزنوي المخلوقَ المؤهّل في الأصل للسير في طريق السلوك والعرفان، أمّا المرأة التي تنجح في هذا الطريق لفإنّها تنسلخ عن ذاتها لتغدو رجلاً بما للكلمة من معنى روحي.
وعلى هذا الأساس، كانت قراءة سنائي للرجل والمرأة في الحقيقة قراءةً نسبية، بالرغم من وجود الاختلافات الأساسية بينهما في الخلق والإبداع.
ويشارك سنائي الغزنوي في هذه القراءة الشاعرُ العارف فريد الدين العطّار النيسابوري، إنه يذهب بصراحة إلى نفي وجود المرأة العارفة، وإنما هناك امرأة تبدّلت إلى رجل، واكتسبت سمة العارف، ويقول العطّار النيسابوري في هذا المضمار: "عندما تخطو امرأة في الطريق الإلهي ـ كما الرجال ـ حينئذ لا يمكن أن ندعوها امرأة([16]).
مظهر الجذب ــــــــــــــــ
ومن العرفاء الذين اختصوا بنظرة فريدة للمرأة محيي الدين بن عربي؛ إذ يعتقد أنّ المرأة محبوبة البشر، وأنّ السرّ في هذه المحبوبية يكمن ـ حسب رأيه ـ في أنّها أكثر كمالاً في الله من الرجل؛ لأن الرجل مظهر للقبول والتحوّل، فيما المرأة ـ وفضلاً عن مظهريتها في القبول والفعل الإلهي ـ فهي مظهر التأثير الإلهي أيضاً؛ لأنها تؤثّر على الرجل وتجذبه إليها، وتثير كوامن الحبّ في ذاته إزاءها، وهذا التأثير مظهرٌ من فاعلية الله سبحانه.
وعلى هذا الأساس، ليست المرأة مالكةً للاستعداد الذاتي لبلوغ منازل العرفان الرفيعة فحسب، بل لها طريقتها الخاصّة، وهي الأكثر إبداعاً في ذلك من الرجل.
وعلى أساس هذه الرؤية يرى إبن عربي أنّ المرأة تمثّل تجليات لأسرار الله في رحمته، حتى أن كلمة (ذات) مفردة مؤنثة.
وقد سلك ابن عربي سبلاً مختلفة للكشف عن سرّ عنصر التأنيث في ذلك([17]).
ولذا فإنّ عاطفة الحب إزاء المرأة ـ وطبعاً عند ابن عربي ـ من كمالات العرفاء والمتصوّفة، ذلك أنها ميراث النبي 2 الذي وصل إلينا، وهو العشق الإلهي([18]).
ولأن محي الدين بن عربي ينظر إلى المرأة والرجل باعتبارهما من جوهر واحد، فإنّ الخطاب الذي يومي أنه موجّه إلى الرجل يشمل النساء أيضاً، ولذا فهو يعتقد أنّ قوله تعالى: >رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله<([19]) ينسحب على المرأة أيضاً، بالرغم من عدم وجود إشارة صريحة إلى ذلك([20]).
ويؤكّد ابن عربي على أهمّية المرأة وعلوّ شأنها، ويعدّها انعكاساً للتجلّي الإلهي، واذا ما أضافت إلى جمال ذاتها العرفان فإنها ستسبق الرجل في المراتب والدرجات، ولذا فهو يرجح المرأة على الرجل في هذا المجال.
يقول نيكلسون في شرحه لآراء ابن عربي: (إنّ الله لا يمكن رؤيته إلاّ في المادّة، والمادة الإنسانية أكمل من كلّ أشكال المادية الاُخرى، وتتجلّى بصورة أكمل في المرأة دون الرجل).
فهي إمّا في بعد التمثيل سبب منظور فيه أو في بعد الصبر والدوام أو الاثنين معاً في وقت واحد.
وعليه، فعندما يفكر الرجل ويتأمل حول الله فإنه ينظر إلى ذاته، ومن خلال هذه الحقيقة في أن وجود المرأة ناشئ عن الرجل فهو يفكّر في الله في بعد الخلافة والعاملية، وعندما لا يلتفت إلى هذه النقطة ـ في أنّ وجود المرأة ناشئ عن الرجل- فإنه ينظر إلى الله في بقائه ودوامه.
أمّا عندما يفكر في وجود المرأة حول الله، فإنه ينظر إلى الخلافة العاملية، الفاعلية والقابلية فيه، وهي أنّ الله يتجلّى في وجه المرأة من لحاظ الفاعلية؛ في أنّ الله محيط بروح الإنسان إحاطةً كاملة مما يؤدّي إلى تسليم البشر لإرادته والانقياد له، وهو منفعل وقابل كذلك؛ لأنه ما دام ظاهراً في شكل المرأة فهو تحت سيطرة الرجل، وعلى هذا الأساس فإنّ رؤية الله في وجه المرأة تعني رؤية الوجهين معاً، وهكذا مشاهدتها تقع أكمل من تجلّيه في جميع الأشكال التي صنعها.
وعلى هذا، ينظر ابن عربي إلى المرأة باحترام وإجلال، ويعتبرها أحد تجلّيات الله سبحانه وتعالى، ويرى أنّ طيّها سبيل العرفان أيسر بكثيرٍ من الرجل، فهو لا يعدّ العرفان منحصراً بالرجل، بل يرى المرأة أكثر جدارةً في طيّ الطريق منه، فالعرفان لديه مودع في ذات المرأة والرجل على السواء؛ ويقول في هذا الصدد: "إنّ هذه المقامات ليست مخصوصةً بالرجال، فقد تكون للنساء أيضاً، لكن لما كانت الغلبة للرجال تذكر باسم الرجال"([21]).
ويعدّ فريد الدين العطّار النيسابوري ـ كما ذكرنا ـ من جملة الذين ينظرون إلى المرأة نظرةً إيجابية، فهو من الشعراء العرفاء الأوائل الذين كتبوا في وصف رابعة العدوية؛ ومنطلقه في ذكر أحوال رابعة أنّ الله عزوجل لا ينظر إلى ظاهر الأفعال البشرية، ولا إلى الوجوه، وإنّما ينظر إلى النوايا، يقول في ذلك: "لو سأل سائل لم ذكرتها ـ رابعة العدوية ـ في وصف الرجال؟ لقلنا: إنّ سيد الأنبياء عليه الصلاة والسلام قال: "إنّ الله لا ينظر إلى صوركم"، فالله سبحانه وتعالى لا ينظر إلى الصورة وإنّما ينظر إلى النية"([22]).
والنقطة الأخرى في رؤية عطّار النيسابوري أنّ المرأة العارفة أساساً قد اجتازت طبيعتها النسوية ـ حيث كانت المرأة في ثقافة عصر عطّار مخلوقاً ضعيفاً ومصدراً للوسوسة أحياناً ـ إلى مرحلة أرقى، فهو يقول في هذا الصدد: "المرأة تكون في طريق الله رجلاً ولا يمكن أن ندعوها امرأة، كما يقول عباس الطوسي: في عالم الغد يوم ينادي: يا للرجال، فإن أوّل شخص يضع قدمه في صفّ الرجال هي مريم، فبالرغم من أنّ مريم امرأة ولكنّ أوصاف الرجال العرفاء وجدت فيها".
وهناك قراءة أخرى لنظرية عطار النيسابوري يمكن طرحها وهي: أنّ الرجل الذي يبلغ مرحلة العرفان قد بلغ الكمال في روحه ووصل مقام الفناء.
وفي هذه المرحلة يبلغ الإنسان أصله ـ يعني الروح ـ ولذا يصبح اسمه رجلاً.
وهذه الرجولة لا تعني صرفاً معنى الذكورة، بل إنها تطلق على كل إنسان من أهل الطريقة يخطو برجولة في هذا الطريق، سواء كانت الروح مع رجل أو امرأة، شرقية أو غربية، تركية أو عربية…
رابعة العدوية رائدة الحب في العرفان ــــــــــــــــ
قيل: إنّ ولادة رابعة العدوية كانت في سنة 95 هـ / 713م في مدينة البصرة.
وعندما كبرت بيعت في أسواق الجواري، ثم حصلت على حرّيتها فيما بعد.
عاشت في البوادي فترةً من حياتها، ثم أقامت في البصرة، أحبّت الموسيقى ثم أدارت وجهها عنها بعد مدة وانقطعت إلى العبادة، وابتليت بالمرض ثم استعادت عافيتها مرّة أخرى([23]).
وقطعت شأواً في اكتشاف الحقيقة ووصلت مراحل سامية في العرفان.
وجاء في الدرّ المنثور عن النسوة اللاتي تسمّين باسم رابعة، وقد ذكرت وجوه في سبب هذه التسمية، منها:
أن البنت التي تولد بعد ثلاث أخوات غالباً ما يطلق عليها اسم (رابعة)، ثم أصبح الاسم علماً فيما بعد([24]).
وكنية رابعة العدوية (أم الخير)، وأبوها إسماعيل العدوي من أهل البصرة، وبسبب قحط ضرب أطنابه في تلك الديار أقدمت اُسرتها على بيعها بسبب الجوع، لتصبح جاريةً مدّة من الزمن، وكان سيّدها الذي اشتراها رجلاً تقياً ورعاً فوهبها حرّيتها، ولم تتزوّج رابعة في حياتها، ولم تعاشر المرائين، ولم تجالس المزيفين، وقد خطبت مرّات عديدة ولكنها كانت تردّ الخاطبين وتقول لهم: لم يبق في وجودي شيء لي ولا إرادة عندي، فاطلبوني منه([25]).
وقد عاصر سفيان الثوري رابعة العدوية واعترف بفضلها، وقد زارها وجلس عندها بعض الوقت، مما سنحت لديه الفرصة ليسألها عن حقائق العرفان التي استعصت عليه، فأجابت عن أسئلته بما بلغت به من علم بدقائق العرفان. وقد روي أنّ سفيان الثوري سألها عن درجة إيمانها واعتقادها بالله عزوجل فأجابت: إنها تعبد الله لا شوقاً إلى الجنة ولا خوفاً من النار، بل لأنها تعشقه وتحبّه، واستجابةً لشروط العبودية([26])، ثم أنشدت شعراً عرفانياً رائعاً:
اُحبك حبّين حب الهــوى
فأمّا الذي هو حب الهــوى وأمّا الذي أنت أهل لــه فلا الحمد في ذا ولا ذاك لـي
|
|
وحباً لانك أهــل لذا كا
فشغلي بذكرك عمن ســواكا فكشفك للحجب حتــى أراكا ولكـن لك الحمــد في ذا وذاكا([27])
|
وكانت تنشد أيضاً هذا الشعر مجيبةً به على أسئلة السائلين:
حبيب ليس يعد له حبيب
حبيب غاب عن عيني وشخصي
|
|
وقد شهد لرابعة العدوية الخاصّ والعامّ في أنها بلغت في كشف الحقائق العرفانية مقاماً سامياً، فمدحها المادحون وأثنى عليها ومجّدها كل من أراد للمرأة أن تخطو في طريق الكمال([30])، بعد أن أصبحت مثالاً في التقوى والورع والزهد والعرفان.
وقد جاء في سيرتها الذاتية وتجاربها العرفانية قولها: (رأيت أهل الجنة يذهبون ويجيئون وربما رأيت حـور العين يستترون بأكمـامهنّ) ([31]).
فكما أن بعض الرجال يبلغون من المراتب يخفون أنفسهم عنهم ـ كالأئمة عليهم السلام ـ فكذا بعض الملائكة ربما أخفوا أنفسهم عن حورياتهم.
وهنا سؤال: هل أنهم يخفون أنفسهم أم أنهم يتأثرون بسطوع أنوارهم؟ إنّ رابعة العدوية بذكرها هذه المسألة تكون قد أزاحت الستار عن عمق العرفان في ذاتها، واستطاعت أن تروي ظمأ الظامئين من روحها.
موقع وأثر رابعة في العرفان ــــــــــــــــ
إنّ تجربة رابعة العرفانية جعلتها فريدةً في عصرها وزمانها، واعتبرها معاصروها من العرفاء حجة، وكما يقول عطار النيسابوري: كانت رابعة في زمانها حجة، ولم يكن لها نظير في السلوك والعرفان، وعدّتها شخصيات عصرها حجّة قاطعة([32]).
ويكفي في منـزلة رابعة العدوية أنها كانت ترى أن النظر لغير الله إثم يستحق غضبه سبحانه؛ لأنّ العارف الكامل لا يرى شيئاً غير الله، لا أنه يرى ويردع عينه عن النظر، وقد جاء في سيرتها أنها مرضت يوماً فلما سُئلت عن علّة مرضها قالت: نظرت إلى الجنّة فأدّبني، مال قلبي إلى الجنة ذات سحرٍ فعاتبني على ذلك الحبيب([33]).
وفي تعريفها للحق والصدق ما يكشف عن عمق عرفانها فهي تقول: إنّ الصدق أن تشكر المولى على عتابه. وما أجمل ما أنشد مولوي في عشق العارفين وعلاقتهم بالعتاب الإلهي.
يا حسرتي وخشيتي أن يصدق
فينقص من كرم ذاك العتب
وفي منـزلة رابعة يجدر أن نشير إلى نقطة مهمة، وهي لو اعتبر الإنسان عبادته لله توفيقاً إلهياً، يدعوه ويشكره ويحمده عليها، لبلغ دون شك درجة الأولياء.
وقد جاء في سيرتها العملية أنّها تقدّمت يوماً إلى محرابها من أجل الصلاة فغمرتها حالة طيبة، فشكرت الله عزوجل على ذلك بأن صامت في الغد([34]).
لقد بلغت رابعة في منازل العرفان درجةً رفيعةً لم يبلغها سوى القليل من العارفين، وقطعت أشواطاً في طريق السالكين حتى تفوّقت على معاصريها من العرفاء الرجال، ولقبت من أجل ذلك بـ (تاج الرجال) ([35])، لتصبح مثالاً متألّقاً في عالَم التقوى.
الطريقة الإلهية ــــــــــــــــ
ورد في بعض ما ألّف في سيرة رابعة العدوية أنّها لما وُلدت لم يجد أبوها قطرات من الزيت يدهن به سرّتها، فطلبت منه زوجته أن ينطلق إلى جارهم فلعلّهم يجودون بقطرةٍ من السمن، وذهب الرجل ـ مع أنّه كان قد قطع عهداً على نفسه ألاّ يطلب من مخلوق شيئاً ـ وخرج إلى جارهم فطرق عليهم الباب فلم يسمع جواباً، فعاد وقال لزوجته ما سمعت جواباً، فبكت الأم ما شاء لها أن تبكي حتى هومت عيناها ونامت، فرأت رسول الله 2 يقول لها: لا تحزني إن ابنتك هذه سيدة، وستشفع لسبعين ألف من أمتي([36]).
وتدور الأيام ويرحل أبوها عن الدنيا، وقد ضرب القحط الشديد أطنابه في البصرة وتغرّبت أخواتها كل في جهة وناحية كما سارت هي أيضاً وراء مصيرها، فرآها ظالم فأخذها جبراً وباعها بثمن بخس دراهم معدودة، وسامها الذي اشتراها سوء العذاب وكان يحمّلها من العمل ما لا تطيق.
وصادف أن اعترضها وغد وراودها عن نفسها، فلجأت إلى الله سبحانه تدعوه:
يا الهي غريبة أنا، يتيمة، وأسيرة… وإنك يا إلهي تعلم بحالي، ولا همّ لي إلاّ رضاك.
فسمعت نداءً يبشّرها بما لها من الكرامة عند الله؛ وهكذا ولجت رابعة الطريق إلى الله. ومن المؤكد أن هذا قد حصل بعد أن ذاقت رابعة حلاوة العبادة فكانت تغتنم الفرص لتنهل المزيد من هذا المعين العذب.
وقد جاء في سيرتها أيضاً أنّ سيّدها استيقظ ذات ليلةٍ من نومه وأطلّ من كوّة في بيته، فرأى رابعة ساجدة وهي تقول: إلهي إنك تعلم أنّ قلبي مطيع لك وأن قرّة عيني في عبادتك، ولو كان لي من الأمر شيء ما غفلت عن عبادتك لحظة واحدة، ولكن ماذا بوسعي وقد جعلت عليّ من يملكني، وجعلته ربّي.
ولما سمع سيدها مناجاتها استدعاها وبشرها بالحرّية فانطلقت إلى البراري وعزمت على الحج([37]).
أساتذتها ــــــــــــــــ
يمكن الزعم أن المصادر الرئيسية لم تورد ذكراً لأحد من مشاهير العرفاء يمكن أن يكون أستاذاً لها أو معلّماً، غير أنّ ماسنيون المستشرق الفرنسي يدّعي بأن الحسن البصري كان أستاذاً لرابعة العدوية، وأنها تلمّذت على يديه مدّة ليست قصيرة، ولكي يدعم ماسنيون نظريته هذه يميل إلى الرأي القائل بأن وفاتها كانت سنة 135 هـ، وذلك من أجل أن يجد تبريراً منطقياً يؤيّد ما يرمي إليه، فحسب تحقيقات ماسنيون ولد الحسن البصري سنة 21 هـ وتوفي سنة 110 هـ، ولمّا كانت وفاة رابعة سنة 135 هـ([38])، فمن المعقول جداً أنّها حضرت مجالس الوعظ التي كان يعقدها، كما ذكر لقاءها بالصوفي الكبير رياح بن عمرو القيسي([39])، الذي شجّعها ورغّبها في ولوج الطريقة الإلهية، وأن تترك حياة الغفلة، وهذه اللقاءات يمكن أن ترقى إلى اعتبارها علاقة بين المريد وأستاذه، وقد أشار ماسنيون إلى أن رياح كان يؤكّد خلال تلك اللقاءات على رابعة أن تسلك الطريق الذي سلكه هو([40])، وقد استجابت رابعة لتوصياته والتزمت بها، فأمضت الليالي في العبادة، وكان تأثير رياح في رابعة قد بلغ حداً جعلها تنظر إلى الدنيا نظرة الزاهدين فيها. وهذه التحولات التي طرأت على روحها تعود إلى مواعظ المرشدين وتأملاتها خلال عبادتها في الليل.
أدوات العرفان لدى رابعة ــــــــــــــــ
تتجلّى المقامات العرفانية في العرفان التقليدي في النشاط العبادي الذي يتألّف من أدوات العرفان والتجارب العرفانية. وهذه الأدوات تختلف حسب اختلاف الأهداف وأنواع العرفان.
وبالرغم من أنّ العرفان التقليدي قد تشكّل بناؤه الأصلي في عصر رابعة، غير أنّ الوثائق التاريخية والمصادر التي أرّخت لحياة رابعة العدوية لم تورد شيئاً عن أدواتها وتجربتها العرفانية، وما ورد عن العرفان التقليدي آنذاك سواء في الأدوات أو التجارب هو ما يلي:
ـ إحياء الليل: وهنا تشترك المصادر المرتبطة بالعرفان التقليدي وعرفان رابعة العدوية في أنها كانت كثيراً ما تحيي الليل في العبادة حتى الصباح، وقد ذكر ابن الجوزي أنّ رابعة كانت تصلّي معظم الليل، فاذا طلع الصبح ربما هوّمت عيناها لتغفو في نوم خفيف حتى طلوع الشمس، فإذا طلعت الشمس نهضت من فراشها تنوح: يا نفس إلى متى النوم أفلا تصحين؟ قريباً ستنامين نومةً لا يقظة بعدها حتى ينفخ في الصور للنشور ويوم القيامة، وقد كان هذا ديدن رابعة إلى أن توفيت([41]).
ومن المؤكد أنّ مصدر إلهام رابعة في هذا هو القرآن الكريم في قوله تعالى: >والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً<([42]) وقوله تعالى: >تتجافى جنوبهم عن المضاجع<([43]).
كما يشكّل الدعاء أيضاً ركناً أساسياً، سواء الدعوات في صلواتها أو خارج الصلوات.
ـ تلاوة القرآن الكريم: والحقيقة أنّ تلاوة القرآن إذا ما أدّيت بشروطها فإنّها تلعب دوراً هاماً في تربية النفس. إنّ التلاوة الحقّة تعدّ الأرضية المناسبة لمخاطبة الإنسان ربه وخالقه، وقد ورد عن الصادق C أنّ الله عزوجل أشار إلى ذلك في كتابه العزيز ولكن أكثر الناس لا يعقلون، ومن المؤكد أنّ العارفين يدركون تلك الحقيقة.
ـ ذكر الموت: وهو ما ركّزت عليه التعاليم القرآنية وجاء ذكره في الروايات الشريفة، لقد كانت رابعة كثيراً ما تذكر الموت. إنّ ذكرها الموت وأهواله من جهة، وحاجتها إلى الله عزوجل من جهة أخرى، قد أثّر في حركتها العرفانية وضاعف من سرعة هذه الحركة.
وقد جاء في سيرتها أنّها صنعت من القصب ما تنشر عليه أكفانها وكان ارتفاعهُ عن الأرض ذراعين، حتى لا يغيب ذكر الموت عن خاطرها، فكانت تنظر إلى الأكفان وتبكي، ويصل بها الخوف أن تأخذها الغشية وتغيب عن الوعي، فإذا فاقت وعادت إلى رشدها ووعيها تضرّعت إلى الله، وقد أثر ذلك في عرفانها لأنها كانت تستغرق في هذه الحالات وتبكي وتبتهل أثناء الصلاة([44]).
ومن هنا يمكن الاستنتاج أن في ذكر الموت عاملاً في بث الروح وتلطيف النفس، فهو من أدوات العرفان في إضفاء روح عرفانية على الصلاة، فيما تلاوة القرآن تهب الصلاة وجهاً من العشق والوجل.
وقد ذكر المناوي في ((طبقات الصوفية)) أنّ كفنها كان معها على الدوام، وكانت تبكي على سجادة الصلاة، وربّما جرت دموعها كالماء ([45]).
وذكر الموت لدى رابعة يكتسب أهميته لأنها تنظر إليه نظرة تختلف عن نظرات الآخرين، فالموت لدى العرفاء على أنواع ثلاثة ـ كما يقول الشبلي ـ: الموت ثلاثة: الموت في الدنيا، والموت في العقبى، والموت في المولى، فمن مات في حب الدنيا مات منافقاً، ومن مات في حب العقبى مات زاهداً، ومن مات في حب المولى مات عارفاً.
الحب والخوف عند رابعة العدوية ــــــــــــــــ
وفي رأي إمام العارفين سيدنا علي بن أبي طالبC: أن على الإنسان أن يأمل بالذي يخاف منه، وأن يلجأ إلى من بيده حياته وموته([46]).
من هنا، يعيش العارف الكامل بحقّ بين حالتي الخوف والرجاء، فلا يغترّ بلطف الله وحبّه ولا ييأس من رحمته سبحانه، ولذا جاء في (الروض الفائق في المواعظ والرقائق): أنّ رابعة العدوية إذا حلّ وقت صلاة العشاء صعدت إلى سطح الدار وقد أحكمت إزارها وخمارها، وأتجهت إلى السماء في دعاءٍ ومناجاة وكانت تقول في مناجاتها: إلهي أذارت النجوم، ونامت العيون، وغلّقت الملوك أبوابها وخلا كلّ حبيب بحبيبه، وهذا مقامي بين يديك.
ثم تسجد وتقبّل موضع السجود، فإذا حلّ السحر قالت: إلهي! الليل قد أدبر، وهذا النهار قد أسفر، فليت شعري! أقبلت مني ليلتي فأهنأ أم رددتها عني فأعزى؟ فوعزتك هذا دأبي ما أحييتني وأعنتني، وعزتك لو طردتني عن بابك ما برحت عنه لما وقع في قلبي من محبتك([47]).
لقد انتهى الليل وجاء النهار ورابعة بين حالتي خوف وأمل، خوف من أنّ الله لم يتقبل منها عبادتها، ورجاء في رحمته وعفوه وعونه.. تلك هي حالة رابعة العدوية تقيم أفراحها وأتراحها ليبقى قلبها مشدوداً إلى الحبيب.
إنّ أهم ما قامت به رابعة في دنيا العرفان الإسلامي كان إدخالها مفهوم العشق الإلهي في العرفان، فمن خلال دراسة أدبيات عرفانها نكتشف ـ كما يقول مصطفى عبدالرزاق ـ تأسيسها لحالة الحب الإلهي إلى جانب الحزن السائد لدى المتصوفة([48])، ومن هنا يعدّها عبدالرزاق إمام العاشقين، فقد امتزج حبها العرفاني بحزنها الصوفي وأضحت إماماً للعارفين المهمومين.
لقد اشتهرت رابعة بكثرة البكاء، وكان الخوف من الله يغمر كيانها بأسره، ويقال: إنها سمعت أحدهم يتلو القرآن، فما أن ورد ذكر النار حتى صاحت صيحة ووقعت مغشيّةً عليها فاقدةً لوعيها. وكانت حالة الخوف الإلهي تغمرها قتقيم الليل بالعبادة والدعاء والمناجاة إلى أن يطلع الفجر([49]).
وقد جاء في سيرتها أن أحدهم أراد إهداءها أربعين ديناراً تسدّ بها حاجتها، فبكت رابعة ونظرت إلى السماء وقالت: هو يعلم أني استحي منه أن أسأله الدنيا وهو يملكها، فكيف أريد أن أجدها ممن لا يملكها؟!([50]).
وقد أضافت تجربة رابعة في العرفان مفردات لم تكن مألوفة لدى الصوفية قبلها؛ إذ أدخلت مفردات الجمال والحب وأكّدت عليها، فهي على خلاف المتصوفة الذين أعرضوا عن جمال العالم، راحت تسبح بعقلها وقلبها تتأمل هذا الجمال الذي هو إشعاع من جمال الحق، فالجمال الذي كان قلبها يطوف به لا يقتصر على الجمال الظاهري وإنما غاصت في جمال الباطن.
جاء في سيرتها أن خادمتها خاطبتها يوماً قائلة: أخرجي حتى تري آثار الله. فقالت رابعة: بل ادخلي حتى تري الله.
ومن أجل لقاء الله كانت رابعة تبكي بكاء العاشقين، وكانت حياتها البسيطة تعبيراً عن زهدها بالدنيا.
لقد كانت تجربة رابعة نقطة انعطاف في حركة التصوف الإسلامي الذي خرج على يديها من حالة الزهد الجاف الذي ينهض على الخوف والخشية إلى عرفان مفعم بالعشق والحب الإلهي([51]).
ومن كلماتها في الحب الإلهي ما يجعل المرء يضيع في ذلك القلب الطاهر المفعم بالحب، حبّ الإنسانية والخير للجميع: سأذهب وأشعل النيران في الجنان… وأفيض الماء في الجحيم، وأرفع هذين الحجابين عن طريق السالكين لينجلي أمام الجميع ذلك المعين، وتكون عبادة العابدين لا أملاً بالجنة ولا خوفاً من عذاب الجحيم([52]).
والحب في تجربة رابعة ركن أساسي حيث الله عزوجل هو المحبوب والمؤنس، وقد نسب إليها هذا الغزل المفعم بالحب الإلهي، تقول رابعة:
إني جعلتك في الفؤاد محدثي
وأبحت جسمي من أراد جلوسي([53])
فالجسم مني للجليس مؤانسي
وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي([54])
وبالرغم من أن رابعة العدوية كانت رائدة الحبّ في العرفان الإسلامي، لكن حبها لله وعشقها الذي تجلّى في تجربتها لم يُنسها الخوف والخشية من الله عزوجل.
ولذا جاء في سيرتها أنها كثيراً ما تبكي وتذرف الدموع وتغمرها حالة من الذهول وهي تقول: استغفارنا يحتاج إلى استغفار([55])، وهذا ما يؤكّد عمق خشيتها من الله تبارك وتعالى ويعكس أوج معرفتها.
وفي توضيح العبارة آنفة الذكر يقول آية الله الشيخ جوادي الآملي العارف المعاصر: إنّ دعاء رابعة في الحقيقة ترجمة لدعاء الإمام الحسين C في يوم عرفة، إذ يقول C: (إلهي من كانت محاسنه مساوئ، فكيف لا تكون مساوؤه مساوئ؟!).
والمنـزلة التي بلغتها رابعة جعلتها تشعر بالغنى التام عن الناس، فكانت تردّ المنح والهبات التي تصلها وتقول: مالي حاجة بالدنيا. إنّ مصدر هذا الشعور الطافح بالغنى العرفاني هو حبها وعشقها الشديدين لله عزوجل وحالات الحزن والخوف التي تستغرقها من البارئ تعالى، ومع كل هذا فهي تنوح قائلة: وا قلّة حزناه. فرابعة في تجربتها العرفانية الفريدة كانت نتاج الحب والخوف والرجاء معاً.
من هنا، كانت تحرص دائماً على كتمان حسناتها، وتوصي الآخرين بستر أعمالهم الحسنة، كما يستر المرء سيئاته وذنوبه وآثامه، ذلك أن الجهر بالحسنات وإظهارها لن يجعل المرء في مأمن من التظاهر والرياء والتباهي وحب الثناء. يقول الشيخ جوادي الآملي: إنّ رابعة من السيدات اللائي كنّ يحيين الليل بالعبادة، وقال بعضهم: كنت أدعو لرابعة العدوية رضوان الله عليها فرأيتها في عالم الرؤيا تقول: هدايا تأتينا على أطباق من نور.
وربما أنّبت نفسها قائلة: يا نفس! كم تنامين وإلى كم تنامين، يوشك أن تنامي نومة لا تقومين منها الاّ لصرخة يوم النشور. وكانت تناجي ربها في منتصف الليل قائلة: اللهي! ما عبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتك، بل حباً لك وقصداً للقاء وجهك([56]).
وجاء في سيرتها: أنّ سفيان جلس عندها ذات يوم ومدّ كفّيه قائلاً: اللهم إنّي أسألك السلامة، فبكت رابعة، فقال سفيان: مالذي يبكيك؟ قالت: كلامك أبكاني، قال سفيان: ولمَ؟ قالت: أما تعلم أن السلامة في الدنيا ترك الدنيا؟ وأنت بها مبتلى.
وبالرغم من أن عرفان رابعة ينهض أساساً على الخوف من الله عزوجل، ولكن ذلك لم ينسها أيضاً الحب الإلهي.
سألها سفيان ذات مرّة عن أفضل ما يتقرب به العبد إلى ربه فقالت: أن يعلم أنّه لا يحب أحداً في الدنيا والآخرة إلاّ الله.
وفي عقيدة رابعة: أنّ أهل الحزن والخوف في الدنيا لا ينبغي لهم أن يذوقوا من حلاوتها شيئاً، وقد جاء في سيرتها أن سفيان قال في حضرتها: واحزناه. فقالت: كذبت، لو كنت من أهل الحزن في الدنيا ما ذقت حلاوتها([57]).
وكانت رابعة تنظر إلى مستقبلها في عالم الغد ـ إضافة إلى هواجس الخوف والحزن ومفارقة المحبوب ـ أن هناك ثلاثة أشياء تراودها: الخوف من لحظة الموت، وهل ترحل عن الدنيا في سلامة من دينها أم لا؟ وهل تؤتى كتابها بيمينها أم بشمالها؟ فإذا سيقت زمر أهل النار إلى الجحيم وسيقت زمر أهل الجنة إلى النعيم فمع من ستساق يومئذ؟!([58]).
وكانت رابعة كثيراً ما تترجم حالات الحزن إلى أشعارٍ رقيقة زاخرة بالحب والعشق، فتركت بذلك ميراثاً ثرّاً ينهل منه العارفون على مرّ الأيام([59]).
وجاء في سيرتها أنّه عندما توفيت زوجة الحسن البصري بعث هذا الأخير رجلاً في خطبة رابعة فردّته، ومعه هذه الأبيات التي تقول فيها:
راحتي يا إخوتي في خلوتي
لم يعد لي عن هواه عوضاً حيثما كنت اُشاهد حسنه قد هجرت الخلق جمعاً أرتجي
|
|
مناجاة رابعة ــــــــــــــــ
تنهض المناجاة ودعوات الإنسان على نوع من المعرفة بالنفس الإنسانية وبارئها سبحانه وتعالى، لأنّ الإنسان يكشف بدعائه عن معرفته بحاجاته وينتظر من الله سبحانه أن يجيبه ويستجيب لدعواته.
من هنا، يتسامى دعاء العارفين إلى أن يصل مرحلةً تقول فيها رابعة: إلهي ما قسمت لنا في الدنيا فاجعله لأعدائك، وما قسمته لنا في الآخرة فاجعله لأوليائك([61]).
ومن وجهة نظر العرفاء: إنّ ذات الله رحمة، وقد غلبت رحمته ورأفته على سائر صفاته؛ وعلى أساسٍ من هذه المعرفة كانت رابعة تقول: إلهي إن رميتني في النار لأبوحنّ بسرّ تفرّ به النار عنّي([62]).
وإذا ما تعرّفنا على الغاية النهائية للعرفان، وهي لقاء المحبوب فسوف نسبر المعاني الحقيقية للدعاء العرفاني، ذلك أن أقصى ما يرجوه العارف هو وصل المحبوب. وهكذا كانت رابعة العدوية، فقد كان جلّ ما تريد هو لقاء الحبيب، لقد كانت أمنية رابعة في الدنيا ذكر الله الحبيب وفي الآخرة لقاؤه، ولهذا سلّمت قيادها للمحبوب وانقادت لمشيئته([63]).
ولم يكن هذا الهدف ليتحقق إلاّ بالعبادة، والعبادة لا تُقبل إلاّ ومعها قلب سليم، من أجل هذا كانت تتضرّع إلى الله أن يجعل لقلبها حضوراً في الصلاة أو يتقبّل الصلاة بلا قلب.
ومن خلال التأمّل في مناجاتها ودعواتها نكتشف أنّها وبالرغم من الخوف والخشية التي تعاني منهما، كان هناك من الأمل والرجاء ما يدخل الطمأنينة في قلبها المهموم، لقد كانت واثقةً بأنها وإن كانت تستحقّ العذاب ولكن الله تبارك وتعالى أكرم من أن يعذّبها أو يلقيها في سواء الجحيم، وكانت في الليل تتساءل والنجوم تسطع في أغوارها السحيقة: إلهي هل تحرق بالنار قلباً أحبك؟ ومرّة سمعت هاتفاً يقول: لا تظنّي بربك سوءاً إنه هو الرحمن الرحيم([64]).
ولم تكن رابعة لتخشى شيئاً سوى الطرد من ساحة الحبيب والبعد عن أولياء المحبوب.
فكانت تتمتم وهي في طريقها إلى مكة حيث بيت الله الحرام: الحج هنا في الفؤاد، فخذه إليك يا ربّي فليس لي غاية سواك([65]).
وينقل أنها في طريقها إلى الحج ذات مرّة رأت وسط البوادي الكعبة قادمة لاستقبالها، فهتفت بالمحبوب: اُريد ربّ البيت لا البيت، لأنه عز من قائل يقول: (من تقرّب إلي شبراً تقرّبت إليه ذراعاً)([66]).
ولم تكن كلمات رابعة ـ لا سمح الله ـ حطّاً من شأن البيت العتيق، ولكنها كانت تكشف عما يضطرم في قلبها من شوقٍ للقاء المحبوب، فليس هناك مكان في قلب رابعة لأحد ولا لشيء سوى الله.. الله وحده.
أقوال كبار العلماء والعرفاء في رابعة العدويةــــــــــــــــ
يمكن القول: إنّ رابعة العدوية ارتقت إلى مكانة رفيعة في تقواها وعبادتها ما جعلها تأتي بعد المعصومين E.
يقول عمر رضا كحالة صاحب كتاب (أعلام النساء) عن شأن رابعة ومنـزلتها: صوفية كبيرة وعابدة شهيرة، تمكّنت في معرفة دقائق التصوف مكاناً علياً([67]).
وقال سفيان الثوري: لا أجد من أستريح إليه إذا فارقتها.
وقال ابن الجوزي عنها: كانت فطنة، ومن كلامها الدال على قوّة فهمها قولها: استغفر الله من قلّة صدقي في قولي: أستغفر الله([68]).
وقال ماسنيون ـ الذي كان صاحب نظر في التصوف الإسلامي ـ في رابعة العدوية ورابعة القيسية: هاتان الزاهدتان كلتاهما من أتباع مذهب الحسن البصري، وكان تحمّسهما لحياة الزهد مؤدياً إلى معالجة أحوال صوفية مختلفة وإلى البحث في فروض دقيقة في العمليات والعقائد، ورابعة تعتبر عند الباحثين في اُمور الولاية والأولياء أعظم ولية([69]).
وقال مصطفى عبدالرزاق:وعندي من التعسّف أن ينسب إلى رابعة العدوية وصاحبتها رابعة القيسية التصدّي لمعالجة دقائق المسائل الفقهية والكلامية والصوفية. ثم قال: السيدة رابعة هي السابقة إلى وضع قواعد الحبّ والحزن في هيكل التصوف الإسلامي، وهي التي تركت في الآثار الباقية نفثات صادقة في التعبير عن محبتها وعن حزنها، وأن الذي فاض به بعد ذلك الأدب الصوفي من شعر ونثر في هذين البابين لهو نفحة من نفحات السيدة رابعة العدوية، إمام العاشقين والمحزونين في الإسلام.
هكذا عاشت رابعة دائمة السير إلى الله محبوبها الوحيد، لا تهدأ ولا يقرّ لها قرار… وكيف لها ذلك وهي القائلة: محب الله لا يسكن أنينه وحنينه حتى يسكن مع محبوبه.
رحيل رابعة: ــــــــــــــــ
يختلف مفهوم الموت لدى العرفاء، فيكتسب معنى جديداً عندما يكون الموت في العشق لقاءً مع المحبوب ووصلاً بالحبيب، ومن أجل هذا هتف مولوي جلال الدين الرومي وقد شعر بدبيب الموت يسري في بدنه ونداءه يحفّ به، لأن الموت لدى مولوي هو فراق المحبوب، أمّا الحياة الحقيقية فإنّها تبدأ مع لحظة الموت الطبيعي للانسان:
اقتـلـونــي اقتـلـونــي ياثقـات
إنّ فـي قتـلي حيـاة فـي حيــاةِ([70])
فحياتـي دون حبّــي هـو مــوتـي
ومماتي مع حبّي هو أقصـى اُمنياتي([71])
وهكذا كانت رابعة، فقد استقبلت الموت استقبال الحبيب لحبيبه، وعندما حضرتها الوفاة دعت خادمتها "عبدة" وقالت: يا عبدة لا تؤذني([72]) بموتي وكفنيني في جبتي. وهي جبة من شعر كانت ترتديها وتمضي الليل في العبادة([73]).
وفعلت عبدة ما أمرت به سيدتها، وأغمضت رابعة عينيها في إغفاءة طويلة وارتسمت على وجهها ابتسامة مشرقة..
لقد بلغت العاشقة غايتها في ظلال الأبدية وفي أفياء عشق خالد لا يعرف الزوال.
ففي سنة 135 هـ رحلت رابعة ودفنت في بيت المقدس([74])، وهناك من قال: إنها توفيت سنة 185 هـ ودفنت في قبرها في القدس الشريفة، وقبرها كان مزاراً لأهل السلوك والعرفان([75]).
المصدر: مجلة نصوص معاصرة، العدد التجريبي.
[1]) ديوان حافظ، غزل 186.
[2]) المصدر السابق، غزل 426.
[4]) ((… وصحبوا الدنيا بأبدانٍ أرواحها معلّقة بالمحل الأعلى، أولئك خلفاء الله في أرضه والدعاة إلى دينه)). نهج البلاغة، الحكمة 137.
[5]) كياني حسن، تاريخ الخانقاه في إيران: 251، مكتبة طهوري، طهران، 1990م.
[6]) الأبعاد العرفانية في الإسلام: 260، نقلاً عن نفحات الاُنس .
[7]) Orignal Sin
[8]) المثنوي، الكتاب السادس، البيت: 2799.
[9]) المصدر السابق، البيت: 4320.
[10]) المصدر السابق، الكتاب الخامس، البيت: 2466.
[11]) المصدر السابق، الكتاب الثالث، الأبيات: 3700 ـ 3702.
[12]) المصدر السابق، الأبيات: 3707 ـ 3710.
[13]) شرح القيصري على فصوص الحكم: 473، 478.
[14]) شهيدة العشق الإلهي، عبدالرحمن بدوي.
[15]) الأبعاد العرفانية في الإسلام: 657، نقلاً عن حديقة الحقيقة: 271.
[16]) تذكرة الأولياء 1: 59.
[17]) الأبعاد العرفانية في الإسلام: 665.
[18]) المصدر السابق، نقلاً عن بحر الروح، هلموت ريتر: 480.
[19]) النور: 37.
[20]) ابن عربي، محيي الدين، الفتوحات المكية 8: 151.
[21]) إبن عربي، محيي الدين، فصوص الحكم، الفص الموسوي: 453.
[22]) عطار النيسابوري، فريد الدين، تذكرة الأولياء: 72، طهران، 1991م.
[23]) عطية الله، أحمد، القاموس الإسلامي، المجلد الثاني: 458، مكتبة النهضة المصرية،
1966 م.
1966 م.
[24]) فراز، يوسف، الدر المنثور: 351، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ.
[25]) زرين كوب: عبدالحسين، تراث الصوفية: 5، نشر أمير كبير، طهران.
[26]) فراز يوسف، رياحين الشريعة 4: 252، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ.
[27]) المصدر السابق: 245.
[28]) المصدر السابق.
[29]) المصدر السابق.
[30]) المصدر السابق: 251.
[31]) المصدر السابق: 203.
[32]) تذكرة الأولياء: 73 ـ 74.
[33]) المصدر السابق: 84.
[34]) المصدر السابق.
[35]) ريحانة الأدب1 ـ 2: 28.
[36]) تذكرة الأولياء: 60.
[37]) المصدر السابق: 60 ـ 61.
[38]) شهيدة العشق الإلهي.. رابعة العدوية: 130 ـ 131.
[39]) المصدر السابق: 22.
[40]) المصدر السابق.
[41]) صفة الصوفي 4: 58، نقلاً عن شهيدة العشق الإلهي.
[42]) السجدة: 16.
[43]) الفرقان: 65.
[44]) شهيدة العشق الإلهي.. رابعة العدوية: 41.
[45]) المصدر السابق.
[46]) طبقات الصوفية، عبدالرؤوف المناوي 14: 432، بيروت دار صادر.
[47]) المصدر السابق: 28.
[48]) أعلام النساء 1: 370.
[49]) المصدر السابق.
[50]) المصدر السابق.
[51]) تراث الصوفية: 52.
[52]) الحلبي، علي أصغر، معرفة العرفان وعرفاء إيران: 100.
[53]) عوارف المعارف: 107.
[54]) المصدر السابق.
[55]) المرأة في مرآة الجلال والجمال: 239.
[56]) المصدر السابق: 239 ـ 242.
[57]) المصدر السابق: 613 ـ 614.
[58]) تذكرة الأولياء: 80.
[60]) شهيدة العشق الإلهي.. رابعة العدوية.
[61]) غني قاسم، تاريخ التصوف 2: 32.
[62]) المصدر السابق: 33 ـ 34.
[63]) المصدر السابق.
[64]) إنظر الرسالة القشيرية.
[65]) تذكرة الأولياء: 74.
[66]) المصدر السابق: 75.
[67]) أعلام النساء 1: 368، دمشق الطبعة الهاشمية.
[68]) المصدر السابق 369.
[69]) المصدر السابق.
[70]) مولوي، جلال الدين، المثنوي المعنوي، الكتاب الثالث، البيت: 3839.
[71]) المصدر السابق.
[72]) لا تؤذني: أي لا تعلمي أحداً بوفاتي.
[73]) تراث الصوفية: 52.
[74]) أعلام النساء 1: 370.
[75]) رياحين الشريعة 4: 253.