د. الشيخ عصري الباني([1])
الشبهة التاسعة: التشكيك بالسيرة النبوية
طرح أصحاب الشبهة ـ بسبب عدم اطلاعهم على كتب الحديث والسيرة ـ شبهة أن السيرة النبوية غير صحيحة والسبب في ذلك أنها كتبت بعد 100 سنة ودخل فيه التزوير وعليه فإن الركن الثاني للإسلام قد تهدم وعليه فما وصلنا من الإسلام هو باطل.
فأجبته: إن السيرة التي لم تكتب هي سيرة الحكومة، لأسباب منها:
أـ ورود روايات تذمهم فأرادوا طمسها.
ب ـ الروايات التي تدل على فضل علي(ع) وهي تؤثر على مشروعيتهم في الحكم.
وأما أئمة أهل البيت(ع) وباقي الصحابة فقد كتبوا السيرة ونشروها وبأمر من النبي(ص) فعن عبد الله بن عمرو، قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله(ص) وأريد حفظه فنهتني قريش، وقالوا: تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله(ص)، ورسول الله(ص) بشر يتكلم في الرضاء والغضب؟، قال: فأمسكت، فذكرت ذلك لرسول الله(ص)، فقال: «اكتب فو الذي نفسي بيده ما خرج منه إلا حقّ» وأشار بيده إلى فيه([2]).
وهنا سأكتفي بذكر إمام من الأئمة في كتاب واحد تجنباً للإطالة ولأنه شاف وواف لإثبات المطلوب، والامام هو علي(ع) المتوفى 40هـ والكتاب هو (نهج البلاغة)، إذن ما بنى عليه أصحاب الشبهة نظريته من أن السيرة كتبت بعد 100 سنة باطل، وهنا سأذكر بعض النصوص لا جميعها وبلا شرح لضيق المجال، وسأقسم البحث إلى قسمين:
القسم الأول: الرواية عن رسول الله(ص)
1ـ قام إليه رجل فقال يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الفتنة وهل سألت رسول الله(ص) عنها فقال(ع): لما أنزل الله سبحانه قوله: ﴿الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون﴾ علمت أن الفتنة لا تنزل بنا ورسول الله(ص) بين أظهرنا. فقلت يا رسول الله ما هذه الفتنة التي أخبرك الله تعالى بها فقال: «يا علي إن أمتي سيفتنون من بعدي» فقلت يا رسول الله: أو ليس قد قلت لي يوم أحد حيث استشهد من استشهد من المسلمين وحيزت عني الشهادة فشق ذلك علي فقلت لي: «أبشر فإن الشهادة من ورائك» فقال لي: «إن ذلك لكذلك فكيف صبرك إذاً» فقلت: يا رسول الله ليس هذا من مواطن الصبر، ولكن من مواطن البشرى والشكر. فقال: «يا علي إن القوم سيفتنون بأموالهم، ويمنون بدينهم على ربهم، ويتمنون رحمته، ويأمنون سطوته. ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة والاهواء الساهية. فيستحلون الخمر بالنبيذ، والسحت بالهدية. والربا بالبيع» قلت يا رسول الله: بأي المنازل أنزلهم عند ذلك؟ أبمنزلة ردة أم بمنزلة فتنة؟ فقال: «بمنزلة فتنة»([3]).
2ـ قوله(ع): وقد سألت رسول الله(ص) حين وجهني إلى اليمن كيف أصلي بهم فقال: «صل بهم كصلاة أضعفهم وكن بالمؤمنين رحيماً»([4]).
3ـ قوله(ع): واجعل لذوي الحاجات منك قسماً تفرغ لهم فيه شخصك، وتجلس لهم مجلساً عاماً فتتواضع فيه لله الذي خلقك، وتقعد عنهم جندك وأعوانك من أحراسك وشرطك، حتى يكلمك متكلمهم غير متعتع، فإني سمعت رسول الله(ص) يقول في غير موطن: «لن تقدس أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير متعتع»([5]).
4ـ قوله(ع): يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين خوضاً تقولون قتل أمير المؤمنين، ألا لا تقتلن بي إلا قاتلي انظروا إذا أنا مت من ضربته هذه فاضربوه ضربة بضربة، ولا يمثل بالرجل فإني سمعت رسول الله(ص) يقول: «إياكم والمثلة ولو بالكلب العقور»([6]).
5ـ قوله(ع): فإنه لا سواء إمام الهدى وإمام الردى، وولي النبي وعدو النبي. ولقد قال لي رسول الله(ص): «إني لا أخاف على أمتي مؤمناً ولا مشركاً. أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه، وأما المشرك فيقمعه الله بشركه، ولكني أخاف عليكم كل منافق الجنان عالم اللسان، يقول ما تعرفون ويفعل ما تنكرون»([7]).
6ـ قوله(ع): وقد سأله سائل عن أحاديث البدع وعما في أيدي الناس من اختلاف الخبر، فقال(ع): إن في أيدي الناس حقاً وباطلاً. وصدقاً وكذباً. وناسخاً ومنسوخاً. وعاماً وخاصاً. ومحكماً ومتشابهاً. وحفظا ووهماً. ولقد كذب على رسول الله(ص) على عهده حتى قام خطيباً فقال: «من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار»([8]).
7ـ قوله(ع): وإني سمعت رسول الله(ص) يقول: «يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر وليس معه نصير ولا عاذر فيلقى في جهنم فيدور فيها كما تدور الرحى ثم يرتبط في قعرها وإني أنشدك الله أن لا تكون إمام هذه الأمة المقتول، فإنه كان يقال: يقتل في هذه الأمة إمام يفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة، ويلبس أمورها عليها، ويبث الفتن عليها، فلا يبصرون الحق من الباطل. يموجون فيها موجاً، ويمرجون فيها مرجاً»([9]).
8ـ قوله(ع): فإن رسول الله(ص) كان يقول: «إن الجنة حفت بالمكاره وإن النار حفت بالشهوات»([10]).
9ـ قوله(ع): «والله ما أرى عبداً يتقي تقوى تنفعه حتى يختزن لسانه. وإن لسان المؤمن من وراء قلبه. وإن قلب المنافق من وراء لسانه. لأن المؤمن إذا أراد أن يتكلم بكلام تدبره في نفسه، فإن كان خيراً أبداه، وإن كان شراً واراه. وإن المنافق يتكلم بما أتى على لسانه لا يدري ماذا له وماذا عليه. وقد قال رسول الله(ص): «لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه. ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه»([11]).
10ـ قوله(ع): فإذا رأيتم خيراً فأعينوا عليه، وإذا رأيتم شراً فاذهبوا عنه؛ فإن رسول الله(ص) كان يقول: «يا ابن آدم اعمل الخير ودع الشر فإذا أنت جواد قاصد»([12]).
11ـ قوله(ع): تعاهدوا أمر الصلاة وحافظوا عليها، واستكثروا منها، وتقربوا بها، فإنها كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً. ألا تسمعون إلى جواب أهل النار حين سئلوا: ﴿ما سلككم في سقر﴾؟ قالوا: ﴿لم نك من المصلين﴾. وإنها لتحت الذنوب حت الورق، وتطلقها إطلاق الربق وشبّهها رسول الله(ص) بالحمة تكون على باب الرجل فهو يغتسل منها في اليوم والليلة خمس مرات فما عسى أن يبقى عليه من الدرن؟! وقد عرف حقها رجال من المؤمنين الذين لا تشغلهم عنها زينة متاع ولا قرة عين من ولد ولا مال. يقول الله سبحانه: ﴿رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة﴾ وكان رسول الله(ص) نصباً بالصلاة بعد التبشير له بالجنة لقول الله سبحانه ﴿وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها﴾ فكان يأمر أهله ويصبر عليها نفسه([13]).
القسم الثاني: نماذج من رواية عليٍّ(ع) لسيرة النبيّ(ص)
هنا سنذكر نماذج من روايته لسيرته(ص) من دون شرح وتفصيل مراعاة للاختصار:
1 ـ قوله(ع): «وقد علمتم أن رسول الله(ص) رجم الزاني المحصن ثم صلى عليه ثم ورثه أهله. وقتل القاتل وورث ميراثه أهله. وقطع السارق وجلد الزاني غير المحصن. ثم قسم عليهما من الفيء ونكحا المسلمات، فأخذهم رسول الله(ص) بذنوبهم، وأقام حق الله فيهم، ولم يمنعهم سهمهم من الإسلام، ولم يخرج أسماءهم من بين أهله»([14]).
2 ـ قوله(ع): «ولقد كان في رسول الله(ص) كاف لك في الأسوة. ودليل لك على ذم الدنيا وعيبها، وكثرة مخازيها ومساويها، إذ قبضت عنه أطرافها، ووطئت لغيره أكنافها، وفطم عن رضاعها، وزوي عن زخارفها»([15]).
3 ـ قوله(ع): «وكان رسول الله(ص) إذا أحمر البأس وأحجم الناس قدم أهل بيته فوقى بهم أصحابه حر السيوف والأسنّة. فقتل عبيدة بن الحارث يوم بدر، وقتل حمزة يوم أحد، وقتل جعفر يوم مؤتة»([16]).
4 ـ قوله(ع): «يأتي على الناس زمان عضوض يعض الموسر فيه على ما في يديه ولم يؤمر بذلك قال الله سبحانه: ﴿ولا تنسوا الفضل بينكم﴾ تنهد فيه الأشرار وتستذل الأخيار. ويبايع المضطرون، وقد نهى رسول الله(ص) عن بيع المضطرين»([17]).
5 ـ وفي حديثه(ع): «كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله(ص) فلم يكن منا أقرب إلى العدو منه»([18]).
6 ـ قوله(ع): «واعلم مع ذلك أن في كثير منهم ضيقاً فاحشاً وشحاً قبيحاً، واحتكاراً للمنافع، وتحكماً في البياعات، وذلك باب مضرة للعامة وعيب على الولاة. فامنع من الاحتكار فإن رسول الله(ص) منع منه»([19]).
7 ـ قوله(ع): «حتى إذا استشهد شهيدنا قيل سيد الشهداء، وخصه رسول الله(ص) بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه»([20]).
8 ـ ومن كلام له(ع) اقتص فيه ذكر ما كان منه بعد هجرة النبي(ص) ثم لحاقه به قوله(ع): «فجعلت أتبع مأخذ رسول الله(ص) فأطأ ذكره حتى انتهيت إلى العرج»([21]).
9 ـ قوله(ع): «وقد كان يكون من رسول الله(ص) الكلام له وجهان: فكلام خاص وكلام عام، فيسمعه من لا يعرف ما عنى الله به ولا ما عنى رسول الله(ص)، فيحمله السامع ويوجهه على غير معرفة بمعناه وما قصد به وما خرج من أجله. وليس كل أصحاب رسول الله(ص) من كان يسأله ويستفهمه حتى أن كانوا ليحبون أن يجيء الاعرابي والطارئ فيسأله(ع) حتى يسمعوا. وكان لا يمرّ بي من ذلك شيء إلا سألت عنه وحفظته. فهذه وجوه ما عليه الناس في اختلافهم وعللهم في رواياتهم»([22]).
10 ـ قوله(ع): «ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً ويأمرني بالاقتداء به. ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري. ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله(ص) وخديجة وأنا ثالثهما. أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه(ص)، فقلت: يا رسول الله ما هذه الرنة؟ فقال هذا الشيطان أيس من عبادته. إنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى إلا أنك لست بنبي. ولكنك وزير وإنك لعلى خير»([23]).
11 ـ قوله(ع): «ولقد قبض رسول الله(ص) وإن رأسه لعلى صدري. ولقد سالت نفسه في كفي فأمررتها على وجهي. ولقد وليت غسله(ص) والملائكة أعواني، فضجت الدار والأفنية ملأ يهبط وملأ يعرج وما فارقت سمعي هينمة منهم. يصلون عليه حتى واريناه في ضريحه. فمَنْ ذا أحق به مني حياً وميتاً؟»([24]).
12 ـ قوله(ع): «وأما ما ذكرتما من أمر الاسوة فإن ذلك أمر لم أحكم أنا فيه برأيي ولا وليته هوى مني. بل وجدت أنا وأنتما ما جاء به رسول الله(ص) قد فرغ منه، فلم أحتج إليكما فيما فرغ الله من قسمه وأمضى فيه حكمه. فليس لكما والله عندي ولا لغيركما في هذا عتبى. أخذ الله بقلوبنا وقلوبكم إلى الحق، وألهمنا وإياكم الصبر»([25]).
الشبهة العاشرة: النبيّ(ص) والاغتيال السياسي
بما أن محمداً في نظر أصحاب الشبهة هو قاطع طريق ورئيس عصابة وعليه فهو يمارس كل الأساليب القذرة ومنها ما يسمى في زماننا الحاضر بـ (الاغتيال السياسي)، وهو التصفية الجسدية للمعارضين السياسيين، وقد اتهم أصحاب الشبهة نبينا محمد بأنه اغتال عبد الله بن أُبيّ وغيره.
وفي معرض جوابي عن هذا الاتهام ـ الذي لم يأتِ عليه بأي دليل ولا برهان ـ أقول: إن المعارضة للحكم في الإسلام على نوعين:
1ـ المعارضة السلمية: وهو إبداء الراي المعارضة للحكومة ـ سواء كان نبيّاً أو إمام ـ أكان هذا الرأي فكرياً أو سياسياً، بل يواجهونه من خلال الحجة والبينة والدليل مقابل الدليل، وقد طبقه النبي في حكومته اتجاه المنافقين فقد اعترضوا على الافكار الإسلامية، وسياسات النبي السياسية والعسكرية، وكانوا يجاهرون بهذه الآراء فكانت ردة الفعل منحصرة في هذا الأمر، فقد ورد ذكر لفظ المنافقين صراحة في القرآن 36 مرة هذا بخلاف الآيات الأخرى الخاصة بهم مثل آيات سورة البقرة ولكن لم يرد ذكرهم فيها صراحة، فكان يذكر آرائهم بالحرف ثم يجيب عليها، ولم يعتقل أحد ولم يعذب أحد في معتقل. ولم ينف أحد إلى سيبيريا كما كان يفعل الشيوعيون بمعارضيهم ولم ينكل بهم كما كان يفعل الليبراليون مع معارضيهم من الشيوعيين إبان الحرب الباردة.
وهذا ما فعله علي(ع) مع معارضيه بشكل عام والخوارج ـ الذين كانوا يكفروه ـ فلم يعتقلهم ولم يقطع عطائهم ولم يمنعهم المسجد.
2ـ المعارضة العسكرية: وحمل السلاح على الدولة فهذا حكمه واضح وقد بينه القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ (التوبة: 73). وهو ما لم يحدث في زمن النبي(ص) ولذلك لم يقاتلهم ولم يقتلهم لانهم تمسكوا بالمعارضة السلمية، ولكنهم لما أعلنوا التمرد العسكري على النظام الشرعي المنتخب قاتله علي(ع) في الجمل وصفين والنهروان.
وقد أخبر النبي(ص) بذلك فعن أبي سعيد كنا جلوساً ننتظر رسول الله(ص) فخرج علينا من بعض بيوت نسائه قال فقمنا معه فانقطعت نعله فتخلَّف عليها عليّ يخصفها فمضى رسول الله(ص) ومضينا معه ثم قام ينتظره وقمنا معه فقال: «إن منكم من يقاتل على تأويل هذا القرآن كما قاتلت على تنزيله»، فاستشرفنا وفينا أبو بكر وعمر فقال: «لا، ولكنه خاصف النعل»([26]). وهذه معجزة من معاجز النبي الواضحة فهو استشهد سنة 11هـ وعلي تولى الخلافة وقاتل سنة 35هـ وما بعدها لقوم يعقلون.
إن ما يجهله أصحاب الشبهة أن موضوع تصفية المعارضين عرض على النبي(ص) في مواضع عدة، وكان بعضهم مستحقين له بحسب القوانين الوضعية الجارية في كل أنحاء العالم، ولكنه رفض هذا الأسلوب، وهنا نذكر لكم بعض الأمثلة:
1ـ عن جابر بن عبد الله قال: لما قسم رسول الله(ص) غنائم هوازن بين الناس بالجعرانة قام رجل من بنى تميم فقال: اعدل يا محمد فقال: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل لقد خبت وخسرت إن لم أعدل قال فقال عمر: يا رسول الله الا أقوم فأقتل هذا المنافق قال معاذ الله أن تتسامع الأمم أن محمداً يقتل أصحابه([27]).
2ـ قال جابر: كان المهاجرون حين قدموا المدينة أقل من الأنصار ثم إن المهاجرين كثروا فبلغ ذلك عبد الله بن أبي فقال فعلوا والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فسمع ذلك عمر فأتى النبي(ص) فقال: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال النبي(ص): يا عمر دعه لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه([28]). فقد تبرع عمر لقتله والرأي العام مستعدّ لهذا الأمر فلماذا لم يقتله ويلجأ إلى الاغتيال السياسي؟!
وعن عليّ رضي الله عنه يقول: بعثني رسول الله(ص) والزبير وأبا مرثد وكلنا فارس قال: انطلقوا حتى تبلغوا روضة خاخ فإن فيها امرأة معها صحيفة من حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين فَأْتوني بها فانطلقنا… فأتوا بها رسول الله(ص) فقال عمر: قد خان الله ورسوله والمؤمنين دعني أضرب عنقه قال: يا حاطب ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رسول الله والله ما بي أن لا أكون مؤمناً بالله ورسوله ولكني أردت أن تكون لي عند القوم يدٌ يدفع الله بها عن أهلي ومالي ولم يكن أحدٌ من أصحابك إلا له هناك من قومه مَنْ يدفع الله تعالى به عن أهله وماله، قال: صدقت فلا تقولوا له إلا خيراً([29]).
وهذه الحادثة تدلّ على عدة أمور:
أـ هذه جريمة هناك إجماع في القانون الوضعي الحالي على أن من يقوم بها يحكم عليه إن كان مدنيا بالإعدام شنقاً، وإن كان عسكريا بالإعدام رمياً بالرصاص، ولكن نبي الرحمة عفا عنه، بل أمر الناس بأن لا يوبخوه ولا يتعرضوا له بسوء فهل هكذا شخص يقدم على الاغتيال السياسي؟!
ب ـ هي معجزة واضحة جلية للنبي الأعظم فمن أين علم أن حاطب قام بإرسال الرسالة؟ ومن أين علم مكان الناقلة للرسالة بالتفصيل؟
3ـ لم يحاكم من قاموا بعملية الاغتيال الفاشلة في تبوك والتي ذكرها القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إسلامهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾ (التوبة: 74).
قوله تعالى: ﴿وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا﴾ من قتل رسول الله(ص) بالعقبة([30]).
فعن حذيفة قال: كنت آخذاً بزمام ناقة رسول الله(ص) أقود وعمار يسوق أو عمار يقود وأنا أسوق به إذا استقبلنا اثنا عشر رجلاً متلثمين قال: هؤلاء المنافقون إلى يوم القيامة قلت: يا رسول الله ألا تبعث إلى كلّ رجلٍ منهم فتقتله فقال: أكره أن يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه([31]).
وكان تحت إمرة النبي(ص) في ذلك اليوم 30 ألف مقاتل([32]). فلم يكن عدم قتلهم عن ضعف، بل تمسكاً بالمبادئ التي ذكرتها آنفاً.
سبب عداوة ابن أُبيّ للإسلام
أمران:
1ـ إن النبي(ص) سلبه الملك
فعن أسامة بن زيد: إن رسول الله(ص) ركب على حمار على قطيفة فدكية وأردف أسامة بن زيد وراءه يعود سعد بن عبادة في بني الحرث بن الخزرج قبل وقعة بدر قال حتّى مرّ بمجلسٍ فيه عبد الله بن أبي بن سلول وذلك قبل أن يسلم عبد الله بن أبي فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود والمسلمين وفى المجلس عبد الله بن رواحة فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمر عبد الله بن أبي أنفه بردائه ثم قال لا تغبروا علينا فسلم رسول الله(ص) عليه ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن فقال عبد الله بن أبي بن سلول: أيها المرء انه لا أحسن مما تقول إن كان حقاً فلا تؤذينا به في مجلسنا ارجع إلى رحلك فمن جاءك فاقصص عليه فقال عبد الله بن رواحة بلى يا رسول الله فاغشنا به في مجالسنا فإننا نحب ذلك فاستبّ المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون فلم يزل النبي(ص) يخفضهم حتى سكنوا ثم ركب النبي(ص) دابته فسار حتى دخل على سعد بن عبادة فقال له النبي(ص): يا سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب يريد عبد الله بن أبي قال: كذا وكذا قال سعد بن عبادة: يا رسول الله اعف عنه واصفح عنه فوالذي أنزل عليك الكتاب لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك لقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يتوجوه فيعصبونه بالعصابة فلما أبى الله ذلك بالحق الذي أعطاك الله شرق بذلك فذلك فعل به ما رأيت فعفا عنه رسول الله(ص) وكان النبي(ص) وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصبرون على الأذى قال الله تعالى: ﴿ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً﴾ الآية([33]).
بينت هذه الرواية السبب الذي من أجله عادى عبد الله بن أُبيّ الله ورسوله والإسلام والمسلمين. إنها المصلحة الشخصية لأنهم أرادوا ان ينصبوه ملكاً فلما جاء النبي(ص) فشل مشروعه الطاغوتي فقرر محاربة الإسلام.
2ـ إنه كان (قوّاداً) فكسدت تجارته
فعن جابر قال: كان عبد الله بن أبي بن سلول يقول لجارية له: اذهبي فابغينا شيئاً، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: ﴿ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردْنَ تحصُّناً لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومَنْ يكرههن فإن الله من بعد إكراههن (لهن) غفور رحيم﴾ (النور: 33)([34]). فقد كان القوم في الجاهلية يكرهون فتياتهم على الزنا ويأخذون أجورهن: فلما جاء الإسلام كان ابن أُبيّ يكره جواريه وكنّ ستّ جوار: معاذة ومسيكة وأميمة وقتيلة وعمرة وأروى([35]).
هذا هو (شهيد الرأي) الذي يدافع عنه أصحاب الشبهة ﴿لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ﴾ (الحجّ: 13).
سيرة عبد الله بن أُبيّ بن سلول
لنتعرف على شخصيته، وأنه هل كان مستحقاً للقتل بحسب القانون الوضعي في زماننا الحاضر أم لا؟، وكيف كان تعامل النبي(ص) معه، مع أنه كان مستحقّاً لحكم الإعدام العلني في عدة مواقف؟
أوّلاً: قيادته لقضية الإفك
فكان ممّن تولَّى كبر الإفك على إزواج النبي(ص) واتهامه لإحداهنّ بالزنا([36]).
هنا أسال أصحاب الشبهة: ماذا كنت ستفعل لو أن أحداً يتحدث في المجالس هو وأتباعه بأن زوجتك تزني وأنت في مقام النبي ومنزلته وقوته؟! ارجع إلى ضميرك وقايس بين موقفك وموقف النبي(ص) الذي لم يعاقبه بأي شيء.
ثانياً: موقفه في غزوة أحد
انخذل عبد الله بن أبىّ بن سلول عن رسول الله(ص) في حين خروجه إلى أحد بثلاثمائة، وبقي رسول الله(ص) في سبعمائة، وكان المشركون ثلاثة آلاف([37]). أسأل محاوري:
1ـ ما هو حكم الجنرال الذي ينسحب من أرض المعركة بثلث الجيش مخالفاً لأمر القيادة؟ وما هي الصفة التي تطلق عليه حينئذٍ؟ أليس يطلق عليه خائن ويحكم عليه بالإعدام رمياً بالرصاص؟ ولكن رسول الله لم يحاسبه ولم يعاقبه لأن الجهاد ـ وعموم العبادات ـ في الإسلام ليس بالإجبار والإكراه فمن أراد التقرب إلى الله فليجاهد ومن أراد الذهاب فليذهب ولن تترتب عليه أيّ عقوبة إلا إثم الفرار من الزحف.
2ـ هل الذي يعاقب بالرمي بالرصاص أفضل أم الذي يترك الحرية للجندي في أن يبقى أو يذهب بحسب قناعته واعتقاده؟!
ثالثاً: موقفه غزوة بني المصطلق
عن جابر قال: غزونا مع النبي(ص) وقد ثاب معه ناس من المهاجرين حتى كثروا وكان من المهاجرين رجل لعاب فكسع أنصارياً فغضب الأنصاري غضباً شديداً حتى تداعوا وقال الأنصاري: يا للأنصار وقال المهاجري: يا للمهاجرين فخرج النبي(ص) ما بال دعوى أهل الجاهلية؟! ثم قال: ما شأنهم فأخبر بكسعة المهاجري الأنصاري قال: فقال النبي(ص): دعوها فإنها خبيثة وقال عبد الله بن أبي بن سلول: أقد تداعوا علينا لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزّ منها الأذل([38]).
أقول: هذا في مصطلحات عصرنا يسمى (انقلاباً عسكرياً) فصديق أصحاب الشبهة عبد الله بن أبي بن سلول يقول: إذا رجعنا سأقوم بإقالة رئيس الدولة المنتخب وطرده من البلاد هو وجماعته وتولي السلطة مكانه.
فما هو حكم مَنْ يقوم بانقلابٍ عسكري؟ الجواب: الإعدام، ومع ذلك النبي(ص) لم يحاسبه ولم يعاقبه بأيّ عقوبة.
رابعاً: إعلانه الحرب الاقتصادية على النبي(ص)
عن زيد بن أرقم قال: خرجت مع عمّي في غزاة فسمعتُ عبد الله بن أبي بن سلول يقول لأصحابه: لا تنفقوا على مَنْ عند رسول الله([39]).
أي: امنعوا الأموال عنه وعن أصحابه، لا تعطوه زكاة ولا غيرها، فيضطر الناس للانفضاض عنه، والأعراب الذين يأتون للمال لا يأتون.
أسأل محاوري:
1ـ ما هو حكم مَنْ يعلن الحرب الاقتصادية على بلده ويحرِّض على انهيار اقتصادها؟
2ـ إن النبي(ص) لم يعاقب ولم يحاسب عبد الله بن أُبيّ بأيّ عقوبة، فمَنْ هو الأرحم الحكم الوضعي الحالي في كل العالم أم حكم النبي(ص)؟
كيف مات عبد الله بن أُبيّ بن سلول
اجمع المؤرخون والمحدثون والنسّابون على أن عبد الله بن ابي مات حتف أنفه أي موتاً طبيعياً ولم يقتل قتلاً من أثر التعذيب أو السم ولم يدَّعِ ذلك إلا أصحاب الشبهة رجماً بالغيب. قال ابن الاثير: «مات عبد الله بن أبي بن سلول المنافق في شوّال»([40]).
بل إن ابنه طلب من رسول الله(ص) أن يعطيه ثوباً من أثوابه ليكفنه به وأن يصلي عليه ويستغفر له. عن ابن عمر قال: «لما مات عبد الله بن أُبيّ جاء ابنه إلى رسول الله(ص) فقال: يا رسول الله أعطني قميصك حتى أكفنه فيه وصلِّ عليه واستغفر له([41])».
فهل يعقل يا أصحاب الشبهة أن يطلب شخصٌ من قاتل أبيه أن يعطيه قميصه ليكفنه به ويصلي عليه ويستغفر له؟! إن جهلكم بهذه المباحث وحقدكم الأعمى على الإسلام ورسول الله(ص) والأئمّة(ع) ـ بلا مبرِّر كما ذكرنا مراراً ـ أدّى بكم إلى أن تلغوا عقولكم وتعثروا هكذا عثرات لا تقال.
الشبهة الحادية عشرة: الإسلام والرقّ
لماذا لم يلْغِ هذا الدين الإلهي مسألة الرق تماماً، ولم يعلن تحرير كل العبيد من خلال إصدار حكم قطعي بدون قيد شرط، فلماذا يكون الإنسان مملوكاً لإنسانٍ آخر مثله؟!
الجواب: أن مسألة «استرقاق أسرى الحرب» لم ترد في القرآن الكريم كحكمٍ حتمي، لكن هناك أحكام في القرآن فيما يتعلق بالعبيد، وهي تثبت وجود أصل الرقية حتى في زمان النبي(ص) وصدر الإسلام، كالأحكام المتعلقة بالزواج من العبيد، أو كونهم محرماً، أو مسألة المكاتبة (وهي اتفاق يتحرر بموجبه العبد بعد أدائه مبلغاً من المال يتفق عليه) وقد وردت هذه الأحكام في آيات عديدة من القرآن في سورة النساء، النحل، المؤمنون، النور، الروم، والأحزاب.
إن للإسلام برنامجاً دقيقاً مدروساً لتحرير العبيد، تؤدي نهايته إلى تحرير جميع العبيد تدريجياً، دون أن يكون لهذه الحرية رد فعل سلبي في المجتمع. وقبل أن نتناول توضيح هذه الخطة الإسلامية الدقيقة، نرى لزاماً ذكر عدة نقاط كمقدمة:
1ـ الإسلام لم يكن المبتدع للرقّ: بل إنه لما ظهر كانت مسألة العبودية والرقيق قد عمت أرجاء العالم، وكانت معجونة بظلام المجتمعات البشرية وبوجودها، بل استمرت مسألة الرقيق في كل المجتمعات حتى بعد الإسلام أيضاً، وبقيت مستمرة حتى قبل مائة عام حيث بدأت ثورة تحرير الرقيق، حيث لم تعد مسألة الرقيق مقبولة بشكلها القديم نتيجة اختلاف نظام حياة البشر، وتغيره عما كان عليه.
لقد استمر الرق في إنجلترا حتى سنة 1840، وفي فرنسا حتى سنة 1848، وفي هولندا إلى سنة 1863، وفي أمريكا إلى سنة 1865، ثم عقد مؤتمر بروكسل فأصدر قرارا بإلغاء الرق في أنحاء العالم، وكان ذلك سنة 1890، أي قبل أقلّ من مائة عام.
2ـ تغيير شكل الرق في دنيا اليوم: صحيح أن الغربيين كانوا قد سبقوا إلى إلغاء الرق، إلا أننا عندما نحقق في المسألة بدقة، نرى أن الرق لم تقتلع جذوره، بل إنه تحور من حالة إلى أخرى أخطر وأكثر رعباً، أي إنه اتخذ شكل استعمار الشعوب، واسترقاق المستعمرات، بحيث كلما ضعف الرق الفردي قوي الاسترقاق الجماعي والاستعمار، فإن الإمبراطورية البريطانية التي كانت سباقة إلى إلغاء الرق، تعتبر السباقة أيضاً في استعمار الشعوب.
إن الجرائم التي ارتكبها المستعمرون الغربيون طوال مدة استعمارهم لم تكن أقل من جرائم مرحلة العبودية، بل كانت أوسع وأشد إجراماً.
وحتى بعد تحرر المستعمرات، فإن استعباد الأمم قد استمر، لأن هذه الحرية كانت حرية سياسية، أما الاستعمار الاقتصادي والثقافي فلا يزال حاكماً في كثير من المستعمرات التي نالت حريتها، وغيرها.
وأما الدول الشيوعية التي نادت بإلغاء العبودية، واتخذتها ذريعة في ثورتها، فإنها ابتليت بنوع من الاسترقاق العام الذي يندى له الجبين، فإن الشعوب التي كانت تعيش في ظل هذه الدول تكون كالعبيد تماما لا يملكون من أمرهم شيئاً، ويعين أعضاء الحزب الشيوعي كل مقدراتهم وما يتعلق بشؤون حياتهم، وإذا ما أبدى أحد وجهة نظر مخالفة فإما أن يرسل إلى المخيمات الإجبارية، أو يلقى في دهاليز السجون، او يقتلون، وإذا كان من العلماء فإنه يبعث إلى دار المجانين باعتباره مختل العقل ومصابا بمرض نفسي وعصبي.
والخلاصة: إن الرقّ لا يتبع الاسم، فإن القبيح والمرفوض هو محتوى الرق، ونحن نعلم أن مفهوم الرق قائم في الدول الاستعمارية والدول الشيوعية بأسوأ أشكاله.
والنتيجة: إن إلغاء الرق في العالم كان صورياً، ولم يكن في الحقيقة إلا تبديل للصورة والشكل الظاهري.
3ـ مصير الرقيق المؤلم في الماضي: لقد كان للرقيق على مر التاريخ مصير مؤلم جدّاً، ولنأخذ على سبيل المثال عبيد الرومان ـ باعتبارهم قوماً متمدنين ـ كنموذج، فإنهم ـ على حد قول كاتب «روح القوانين» ـ كانوا تعساء بحيث لم يكونوا عبيدا لفرد، وإنما كانوا يعتبرون عبيداً لكل المجتمع، وكان باستطاعة كل شخص أن يعذب عبده ويؤذيه كما يحلو له دون خوف من القانون. لقد كانت حياة أولئك أسوأ من حياة الحيوانات في الواقع. لقد كان الكثير من الرقيق يموتون في الفترة بين اصطيادهم من المستعمرات الأفريقية وحتى عرضهم في الأسواق للبيع، وما تبقى منهم كان يتخذ وسيلةً للاستغلال في العمل. وكان تجار العبيد الطامعون لا يعطونهم من الغذاء إلا ما يبقيهم أحياء وقادرين على العمل، أما عند كبرهم وعجزهم وابتلائهم بأمراض يصعب علاجها، فإنهم كانوا يتركونهم وشأنهم ليسلموا الروح بشكل أليم. ولذلك كان اسم الرق يقترن بسيل من الجرائم المرعبة على مر التاريخ.
وباتضاح هذه النكات نعود إلى خطة الإسلام في تحريره العبيد تدريجياً، ونتناولها بصورة مختصرة:
خطّة الإسلام لتحرير العبيد
إن ما يغفل عنه أصحاب الشبهة وغيره هو أن هذه الظاهرة السلبية توغلت في مفاصل المجتمع، فهناك حاجة إلى فترة زمنية لاقتلاع جذورها، ولكل حركة غير مدروسة رد فعل سلبي، تماما كما إذا ابتلي إنسان بمرض خطير، وقد استفحل هذا المرض في بدنه، أو من اعتاد على تناول المخدرات لعشرات السنين حتى تطبع على هذه الطبيعة المستهجنة، ففي هذه الموارد يجب الاعتماد على برامج زمنية لعلاجه قد تطول وقد تقصر.
فلو أن الإسلام كان قد أصدر أمراً عاماً بتحرير كل العبيد، فربما كان الضرر أكثر، وقد يهلك منهم عدد أكثر، لأن الرقيق كانوا يشكلون نصف المجتمع أحياناً، وليس لهم عمل مستقل يتكسبون به، ولا دار أو ملجأ، أو وسيلة ما لإدامة الحياة. إن هؤلاء لو تحرروا في ساعة معينة من يوم معين فستظهر على الساحة فجأة جماعة عظيمة عاطلة عن العمل كما حدث في الولايات المتحدة، وعندها ستكون حياتهم مهددة وربما أدى إلى إرباك نظام المجتمع، وعندما يلح عليه الحرمان فسيجد نفسه مضطراً إلى الهجوم على ممتلكات الآخرين، فتنشب الصراعات والاشتباكات ونزف الدماء. هنا ندرك الغاية من التحرير التدريجي، وذلك ليستوعبهم المجتمع ولا يشمئز منهم، وحينئذٍ سوف لا تتعرض أرواحهم للخطر، كما لا يتهدد أمن المجتمع، وقد اتبع الإسلام هذا البرنامج الدقيق تماماً.
إن تطبيق وترجمة هذا البرنامج الإنساني على أرض الواقع العملي له قواعد كثيرة نذكر هنا رؤوس نقاطها بصورة موجزة:
أوّلاً: غلق مصادر الرق
لقد كان للرق على طول التاريخ أسباب كثيرة، فلم يقتصر الاستعباد على أسرى الحرب، والمدينين الذين يعجزون عن أداء ديونهم، حيث كانت القوة والغلبة تبيح الاسترقاق والاستعباد، بل إن الدولة القوية كانت ترسل فرق من جيوشها وهم مدجَّجون بأنواع الأسلحة إلى الدول الأفريقية المتخلفة وأمثالها، ليأسروا شعوب تلك الدول جماعات جماعات، ثم يرسلونهم بواسطة السفن إلى أسواق بلدان آسيا وأوربا. لقد منع الإسلام كل هذه المسائل، ووقف حائلاً دونها، ولم يبح الاسترقاق إلا في مورد واحد، وهو أسرى الحرب، وحتى هذا لم يكن يتصف بالوجوب والإلزام، بل إن الإسلام قد أجاز إطلاق سراح الأسرى مقابل فدية يؤدونها تبعاً لمصلحة الإسلام والمسلمين قال تعالى: ﴿فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ (محمد: 4).
ولم تكن في تلك الأيام سجون يسجن فيها أسرى الحرب حتى يتبين وضعهم وماذا يجب فعله معهم، بل كان الطريق الوحيد هو تقسيمهم بين العوائل، والاحتفاظ بهم كرقيق. من البديهي أن هذه الظروف إذا تغيرت فلا دليل على أن إمام المسلمين ملزم بأن يرضى برق الأسرى، بل هو قادر على تحريرهم إمّا مناً أو فداء، لأن الإسلام خير الإمام المسلمين في هذا الأمر، كي يقدم على اختيار الأصلح من خلال مراعاة المصلحة، وبهذا فإن مصادر الرق الجديدة قد أغلقت في الإسلام.
ثانياً: فتح نافذة الحرية
لقد وضع الإسلام برنامجاً واسعاً لتحرير العبيد، بحيث أن المسلمين لو عملوا بموجبه فإن كل العبيد كانوا سيتحررون في مدة وجيزة وبصورة تدريجية، وكان المجتمع سيستوعبهم ويؤمن لهم ما يحتاجونه من اللوازم الحياتية، من عمل ومسكن وغير ذلك. وإليك رؤوس نقاط هذا البرنامج:
1ـ إن أحد الموارد الثمانية لصرف الزكاة في الإسلام شراء العبيد وعتقهم: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة: 60)، وبهذا فقد خصصت ميزانية دائمية في بيت المال لتنفيذ هذا الأمر، وهي مستمرة حتى إعتاق العبيد جميعاً.
2ـ وضع الإسلام أحكاما يستطيع العبيد من خلالها أن يعقدوا اتفاقيات مع مالكيهم، على أن يؤدوا إليهم مبلغاً من المال يتفق عليه مقابل الحصول على حريتهم. وقد جاء في الفقه الإسلامي فصل في هذا الباب تحت عنوان المكاتبة: فهو أن يكون العبد ذا صناعة أو تجارة و مكسب فينجم عليه سيده مالاً من مكسبه على أنه إذا أداه فقد انعتق، ويكتب بذلك كتاباً عليه([42]).
3ـ إن عتق العبيد يعتبر أحد أهم العبادات والأعمال الصالحة في الإسلام، وقد كان أئمة أهل البيت(ع) من السابقين في هذا المضمار، حتى كتبوا في أحوال عليٍّ(ع) أنه أعتق ألف مملوك من كد يده وذكرنا ذلك مفصلاً في مقالٍ سابق.
4ـ لقد كان أئمة أهل البيت(ع) يعتقون العبيد لأدنى عذرٍ ليكونوا قدوة للآخرين، فقد جاء في أحوال الإمام السجاد عليّ بن الحسين(ع)، أن جارية كانت تسكب عليه الماء، فسقط الإبريق من يدها فشجه، فرفع رأسه إليها، فقالت: والكاظمين الغيظ، قال: «قد كظمت غيظي» قالت: والعافين عن الناس، قال: «عفا الله عنك»، قالت: والله يحب المحسنين قال: «فاذهبي فأنت حرّة لوجه الله»([43]).
وقد استهزأ أصحاب الشبهة من هذا الموقف ولا أدري لو كان هو هناك وأسقط أحدهم شيئا ًعلى رأسه فجرحه ماذا كان سيفعل؟! والأمر الآخر الذي لم يفهمه أصحاب الشبهة وهو قيمة هذه الجارية فهو يتصور أنها علبة بسكويت أو قنينة مشروب غازي هذه الجارية بألفي دينار أي ألفي مثقال ذهب عيار 18، فكم مرة في حياتك أنفقت مبلغاً على عمل خيري بهذا المقدار؟!
5ـ إن العبيد يتحررون تلقائياً بعد مرور سبع سنين: عن بعض آل أعين، عن أبي عبد الله(ع) قال: «من كان مؤمناً فقد عتق بعد سبع سنين أعتقه صاحبه أم لم يعتقه ولا تحلّ خدمة من كان مؤمناً بعد سبع سنين»([44]).
6ـ إذا كان العبد مشتركاً بين اثنين، وأعتق أحدهما نصيبه، وجب عليه شراء نصيب شريكه وإعتاق العبد. وإذا أعتق مالك العبد بعضه سرت الحرية إلى باقيه فيعتق جميعه([45]).
7ـ إذا ملك إنسان أباه، أو أمه، أو أجداده، أو أبناءه، أو عمه، أو عمته، أو خاله، أو خالته، أو أخاه، أو أخته، أو ابن أخيه، أو ابن أخته، فإنهم يعتقون فوراً.
8ـ إذا استولد المالك جاريته فلا يجوز بيعها، وتعتق من سهم ولدها من الميراث. وقد كان هذا الأمر سبباً في عتق الكثير من العبيد، لأن الجواري كنّ بمنزلة زوجات مالكيهن، وكان لهنّ أولاد منهم.
9ـ لقد جعل عتق العبيد كفارة لكثير من الذنوب من الإسلام، ككفارة القتل الخطأ، وكفارة ترك الصوم عمدا، وكفارة اليمين، وغيرها.
10ـ إذا عاقب المالك عبده ببعض العقوبات الشديدة، فإن العبد ينعتق تلقائياً([46]).
ثالثاً: إحياء شخصية الرقيق
عندما كان العبيد يطوون مسيرهم نحو الحرية طبقاً لبرنامج الإسلام الدقيق، أقدم الإسلام على خطوات واسعة لإحياء حقوقهم وشخصيتهم الإنسانية، حتى أنه لم يفرق أبداً بين العبيد والأحرار من ناحية الشخصية الإنسانية، وجعل التقوى معياراً للتمييز بينهم، ولذلك أجاز للعبيد أن يتقلدوا مسؤوليات مهمة، ويتسنموا مناصب اجتماعية مهمة، حتى أن العبيد يمكنهم أن يشغلوا منصب القضاء. الشرائع، كتاب القضاء. مع أن بعض الاحرار منعوا من تسنم هذا المنصب الخطير.
وقد أنيطت بالعبيد في زمن النبيّ(ص) مراكز هامة وحساسة، ابتداءً من قيادة الجيش، وحتى المناصب الحساسة الأخرى. وقد كان الكثير من كبار صحابة النبي(ص) عبيداً، أو رقيقاً أعتقوا، وكان الكثير منهم يؤدون واجبهم كمستشارين ومعاونين لعظماء الإسلام وقادته، ويمكن ذكر أسماء سلمان وبلال وعمار بن ياسر وقنبر من ضمن هذه القافلة.
وبعد أن انتهت غزوة بني المصطلق تزوج النبيّ(ص) بجارية عتيقة من هذه القبيلة، وكان هذا الزواج سببا في إطلاق سراح كل أسرى القبيلة.
رابعاً: المعاملة الإنسانية مع العبيد
لقد وردت في الإسلام تعليمات كثيرة حول الرفق بالعبيد ومداراتهم، حتى أنها أشركتهم في حياة مالكيهم. يقول النبي الأكرم(ص): «إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليكسه مما يلبس، ولا يكلفه ما يغلبه، فإن كان ما يغلبه فليعنه»([47]).
وإن أمير المؤمنين عليه أفضل السلام أتى سوق الكرابيس، فإذا هو برجلٍ وسيم فقال: يا هذا عندك ثوبان بخمسة دراهم؟ فوثب الرجل فقال: يا أمير المؤمنين: عندي حاجتك فلما عرفه مضى عنه، فوقف على غلام. فقال يا غلام عندك ثوبان بخمسة دراهم. قال نعم عندي ثوبان فأخذ ثوبين أحدهما بثلاثة دراهم والآخر بدرهمين. فقال: يا قنبر خذ الذي بثلاثة دراهم، فقال أنت أولى به تصعد المنبر وتخطب الناس، قال وأنت شباب ولك شره الشباب وانا استحيي من ربي ان أتفضل عليك سمعت رسول الله(ص) يقول: ألبسوهم مما تلبسون، وأطعموهم مما تأكلون فلما لبس القميص مد يده في ردنه فإذا هو يفضل عن أصابعه، فقال اقطع هذا الفضل فقطعه فقال الغلام: هلم أكفه قال: دعه كما هو فان الامر أسرع من ذلك([48]).
عن ابن فرقد، عن أبي عبد الله(ع)، قال: قال: «في كتاب رسول الله(ص): إذا استعملتم ما ملكت أيمانكم في شيءٍ يشق عليهم، فاعملوا معهم فيه، وإن كان أبي يأمرهم فيقول: كما أنتم، فيأتي فينظر، فإن كان ثقيلاً قال: بسم الله، ثم عمل معهم، وإن كان خفيفاً تنحّى عنهم»([49]).
لقد كانت معاملة الإسلام مع العبيد في هذه المرحلة الانتقالية حسنة إلى الحدّ الذي أكد عليها حتى الغرباء عن الإسلام وحمدوها ومجدوها.
وكنموذج لذلك نذكر ما يقوله جرجي زيدان: «إن الإسلام رحيم بالعبيد كل الرحمة، وقد أوصى نبي الإسلام بالعبيد كثيراً، ومن جملة ما قاله: لا تكلفوا العبد ما لا يطيق، وأطعموه مما تأكلون. ويقول في موضع آخر: لا تنادوا مماليككم بـ (يا غلام، ويا جارية)، بل قولوا: يا بني، ويا ابنتي! والقرآن أيضا أوصى بالرقيق وصايا رائعة، فهو يقول: اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، ولا تعاملوا آباءكم وأمهاتكم وأولي أرحامكم واليتامى والفقراء والجيران، البعيد منهم والقريب، والأصدقاء، والمشردين، والرقيق، إلا بالحسنى، فإن الله لا يرضى بالعجب والرضي من النفس»([50]).
خامساً: أقبح الأعمال بيع الإنسان
يعد بيع العبيد وشراؤهم من أبغض المعاملات في الإسلام، حتى ورد في حديث عن النبي الأكرم(ص): «شر الناس من باع الناس»([51]). وهذا التعبير كاف لتوضيح وجهة نظر الإسلام في شأن العبيد، ويبين اتجاه حركة البرامج الإسلامية، وما تريد تحقيقه والوصول إليه.
والأروع من ذلك أن الإسلام قد اعتبر سلب حرية البشر، وتبديلهم إلى سلعة تباع وتشترى، من الذنوب التي لا تغفر، فقد ورد في حديث عن نبي الإسلام الأكرم(ص): «إن الله تعالى غافر كل ذنب إلا من جحد مهراً، أو اغتصب أجيراً أجره، أو باع رجلاً حراً»([52]). وطبقاً لهذا الحديث فإن اغتصاب حقوق النساء، والعمال، وسلب حرية البشر ثلاثة ذنوب لا تغفر. وكما قلنا سابقاً، فإن الإسلام لم يبح الاسترقاق إلا في مورد أسرى الحرب، وحتى في هذا المورد لا يكون الاسترقاق إلزامياً، وكان ذلك في عصر ظهور الإسلام، غير أننا نرى العبودية والاسترقاق متفشية في الدول الغربية بعد عدة قرون من ظهور الإسلام حيث كان المستعمرون يشنون الحملات والهجمات الشرسة على بلدان السود، ويقبضون على البشر الأحرار ويحولونهم إلى رقيق يباعون ويشترون، وقد بلغ بيع وشراء العبيد حداً رهيباً، بحيث كان يباع في كل سنة (200000) عبدٍ في بريطانيا أواخر القرن الثامن عشر، وكانوا يأخذون مائة ألف نسمة من أفريقيا كل عام، ويرسلونهم إلى أمريكا كعبيد.
وخلاصة القول: إن صاحب الشبهة ـ الذي يعترض على برنامج الإسلام في مسألة الرقيق ـ هو بين أمرين:
1ـ انه قد سمع كلاماً لم يتأكد منه، ولم يطلع الاطلاع الكافي على أصول البرنامج وأهدافه، وهو «تحرير العبيد تدريجياً»، ومن دون خسائر.
2ـ إنه وقع تحت تأثير المغرضين الذين يظنون أن هذه نقطة ضعف كبيرة في الإسلام، وطبلوا لها وزمروا، وسخروا لها وسائل الإعلام، إلا أن الظن لا يغني من الحقّ شيئاً.
([1]) أستاذ التاريخ في مجمع الامام الخمينيّ للدراسات العليا في قم المقدّسة.
([2]) مسند أحمد 13: 259، مُصنف ابن أبي شيبة 9: 49، سنن أبي داود 10: 55، سنن الدارمي 2: 37، المستدرك على الصحيحين للحاكم 1: 187.
([3]) نهج البلاغة، الخطبة: 165.
([4]) نهج البلاغة، الكتاب: 52.
([5]) نهج البلاغة، الكتاب: 52.
([6]) نهج البلاغة، الكتاب: 47.
([7]) نهج البلاغة، الكتاب: 27.
([8]) نهج البلاغة، الخطبة: 210.
([9]) نهج البلاغة، الخطبة: 164.
([10]) نهج البلاغة، الخطبة: 176.
([11]) نهج البلاغة، الخطبة: 176.
([12]) نهج البلاغة، الخطبة: 176.
([13]) نهج البلاغة، الخطبة: 199..
([14]) نهج البلاغة، الخطبة: 127.
([15]) نهج البلاغة، الخطبة: 160.
([16]) نهج البلاغة، الكتاب: 9.
([17]) نهج البلاغة، الحكمة: 468.
([18]) نهج البلاغة، الحكمة: 9.
([19]) نهج البلاغة، الكتاب: 52.
([20]) نهج البلاغة، الكتاب: 28.
([21]) نهج البلاغة، الخطبة: 236.
([22]) نهج البلاغة، الخطبة: 210.
([23]) نهج البلاغة، الخطبة: 192.
([24]) نهج البلاغة، الخطبة: 197.
([25]) نهج البلاغة، الخطبة: 205.
([26]) مسند أحمد 3: 82، سنن الترمذي 5: 298، مستدرك الحاكم 2: 138، المصنف، ابن أبي شيبة الكوفي 7: 497، السنن الكبرى، النسائي 5: 128، ومئات المصدار الاخرى فهو حديث مجمع على صحته.
([29]) مسند أحمد 1: 105، صحيح البخاري 4: 19، ومئات المصادر الحديثية والتاريخية والتفسيرية.
([30]) تفسير القمي 1: 175، تفسير مقاتل بن سليمان 2: 60، جامع البيان عن تأويل آي القرآن 10: 236، تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن أبي حاتم) 6: 1844، وغيرها.
([32]) المغازي، الواقدي 2: 996، التنبيه والإشراف، المسعودي: 235.
([34]) صحيح مسلم 8: 244، السنن الكبرى، البيهقي 9: 9، المصنف، ابن أبي شيبة الكوفي 3: 439، ومئات المصادر.
([35]) تفسير الطبري 18: 103، و هميان الزاد 6: 38، تفسير القرطبي 12: 254، تفسير الدر المنثور 5: 46.
([36]) مسند أحمد 6: 196، صحيح البخاري 3: 155، الاستيعاب 3: 940.
([39]) مسند أحمد 4: 373، صحيح البخاري 6: 64.
([41]) مسند أحمد 2: 18، صحيح البخاري 2: 76، صحيح مسلم 7: 116، سنن ابن ماجة 1: 488، سنن الترمذي 4: 343، ومئات المصدر التي يضيق المقام عن الإتيان بها.
([42]) المقنعة، الشيخ المفيد: 551.
([47]) مستدرك الوسائل 15: 458.
([49]) مستدرك الوسائل 15: 459.