د. السيد أنور غني الموسوي([1])
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. اللهم صلِّ على محمد وآله الطاهرين. ربنا اغفر لنا ولإخواننا المؤمنين.
هذه مقالةٌ مختصرة في بنات النبي محمد(ص)، عددهن وأسمائهم. ورغم أن المسألة في غاية الوضوح بأن للنبي بناتٍ من السيدة الطاهرة خديجة صلوات الله عليها غير الزهراء صلوات الله عليها، إلا أن البعض مال إلى تصورات ظنية ليس لها وجه بل ولا مبرر لها بعد إحكام النص النقلي مصدقاً بالشواهد، فلا مسوغ مطلقاً إلى تأويل أو استظهار ما له علاقة بالنص الصريح أو له مفهوم بما يعارض ذلك النص الخاص وخصوصاً إذا كان ذلك النقل التاريخي الصريح مصدقا بالعمل بل وبالنصوص الشرعية الدليلية كالقران والسنة والإرشاد، حيث اتفق القرآن والسنة والإرشاد الإمامي وكلمات المفسرين والمحدثين والشارحين على أن السيدات فاطمة ورقية وأم كلثوم وزينب صلوات الله عليهن هن بنات رسول الله صلوات الله عليه من صلبه من خديجة صلوات الله عليها. وهنا سأذكر النقل المستفيض الموجب للعلم بل والذي حكم معه البعض بالقطعية في هذا الأمر ما لا يصح معارضته بتصورات ظنية ثم سأتعرض لمناقشة لما قيل بخلاف ذلك. وفي الواقع مع تحقق النقل الثابت بل القطعي في إثبات البنوة الحقيقة للسيدات الطاهرات، فإن كل ما يقال خلاف ذلك يكون من الظن المخالف للعلم المصدق الذي لا يحتاج إلى ردّ أكثر من القول: إنه ظن مخالف للعلم المصدق وهذا من مبادئ منهج العرض والذي يخلص العلم والبحث العلمي من الظن، والله المسدد.
شواهد القرآن الكريم
قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ﴾ [الأحزاب: 59] والاصل الحقيقة ولا علم بقرينة خلافها، بل السنة والإرشاد والاستنباط موافقٌ له.
قال السيد فضل الله في مقال على الموقع: الصحيح هو أنّ زينب ورقية وأم كلثوم هن بنات رسول الله، وقد نطق بذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ﴾ [الأحزاب: 59] فعبّر بالبنات، ولو كان لرسول الله بنتاً واحدة لجاء التعبير في الآية الكريمة ببنتك. ومن الواضح أنّ لفظ البنت لا يطلق حقيقة إلا على من هي من صلبه، وأما الربيبة فلا تسمى بنتاً على الحقيقة ولا يطلق عليها لفظ البنت إطلاقاً حقيقياً. ومن البعيد جداً أن يكون القرآن قد جارى في الاستعمال ما عليه العرب في الجاهلية كيف وقد نزلت آيات واضحة في رفض انتساب الولد بالتبني إلى شخص المتبني وقالت الآية: ﴿ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ﴾ فلم يستعمل القرآن الكريم لفظ البنات في الآية الكريمة إلا على نحو الحقيقة فهن بنات رسول الله.
وقال علي آل محسن في موقعه: ويدل على أن النبي(ص) كان عنده عدة بنات قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً﴾ (الأحزاب: 59).
الروايات عن رسول الله(ص)
روى الصدوق في الخصال عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن أبي عبد الله(ع) قال: قال رسول الله(ص) فإن الله تبارك وتعالى بارك في الولود الودود وإن خديجة رحمها الله ولدت مني طاهراً وهو عبد الله وهو المطهر، وولدت مني القاسم وفاطمة ورقية وأم كلثوم وزينب وأنت ممن أعقم الله رحمه فلم تلدي شيئاً.
وفي الكافي، للكليني، بسنده إلى أبي بصير، عن أحدهما، قال: «لَمَّا مَاتَتْ رُقَيَّةُ ابْنَةُ رَسُولِ اللهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ: «الْحَقِي بِسَلَفِنَا الصَّالِحِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَأَصْحَابِهِ. قَالَ: وَفَاطِمَةُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ تَنْحَدِرُ دُمُوعُهَا فِي الْقَبْرِ، وَرَسُولُ اللهِ يَتَلَقَّاهُ بِثَوْبِهِ قَائِماً يَدْعُو، قَالَ: إِنِّي لأَعْرِفُ ضَعْفَهَا، وَسَأَلْتُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُجِيرَهَا مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ».
وفي المعجم الأوسط، للطبراني، عن ابن عباس قال: صلى رسول الله(ص) صلاة العصر، فلما كان في الرابعة، أقبل الحسن والحسين حتى ركبا على ظهر رسول الله(ص) فوضعهما بين يديه، وأقبل الحسن، فحمل رسول الله(ص) الحسن على عاتقه الأيمن، والحسين على عاتقه الأيسر، ثم قال: «أيها الناس، ألا أخبركم بخير الناس جداً وجدة؟ ألا أخبركم بخير الناس عمّاً وعمة؟ ألا أخبركم بخير الناس خالاً وخالة؟ أو أخبركم بخير الناس أباً وأمّاً؟ هما الحسن والحسين، جدهما رسول الله(ص)، وجدتهما خديجة بنت خويلد، وأمهما فاطمة بنت رسول الله(ص)، وأبوهما علي بن أبي طالب، وعمهما جعفر بن أبي طالب، وعمتهما أم هانئ بنت أبي طالب، وخالهما القاسم ابن رسول الله، وخالتهما زينب، ورقية، وأم كلثوم، وبنات رسول الله(ص)، جدهما في الجنة، وأبوهما في الجنة، وجدتهما في الجنة، وأمهما وعمهما وعمتهما في الجنة، وخالاتهما في الجنة، وخالهما في الجنة، وهما في الجنة، وأختهما في الجنة».
وفي ينابيع المودة لذوي القربى: عن ابن عباس قال: قال رسول الله(ص): «وهما خير الناس عما وعمة، فعمهما جعفر الطيار ذو الجناحين وعمتهما أم هانئ. وهما خير الناس خالاً وخالة فأخوالهما القاسم وعبد الله وابراهيم، وخالاتهما زينب ورقية وأم كلثوم».
وفي ينابيع المودة لذوي القربى: قال رسول الله: «ألا أدلكم على خير الناس خالاً وخالة؟ قالوا: بلى. قال: الحسن والحسين، أخوالهما: القاسم، وعبد الله، وإبراهيم، وخالاتهما: زينب، ورقية، وأم كلثوم. ثم قال: اللهم إنك تعلم أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة» (أخرجه الملا في سيرته، وأخرجه غيره أيضاً).
وفي كتاب تاريخ المدينة المنورة، للنميري البصري، روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه لما ماتت رقية بنت النبي(ص) قال رسول الله(ص): «الحقي بسلفنا الخير عثمان بن مظعون».
الروايات عن أمير المؤمنين(ع)
نهج البلاغة: في بعض خطب أمير المؤمنين(ع) ـ وهو يخاطب عثمان بن عفان ـ: «مَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ وَلَا ابْنُ الْخَطَّابِ بِأَوْلَى بِعَمَلِ الْحَقِّ مِنْكَ؛ وَأَنْتَ أَقْرَبُ إلى رَسُولِ اللهِ؛ وَشِيجَةَ رَحِمٍ مِنْهُمَا، وَقَدْ نِلْتَ مِنْ صِهْرِهِ مَا لَمْ يَنَالا».
قال صاحب الهامش: أما أفضليته عليهما في الصهر فلانه تزوج ببنتي رسول الله رقية وأم كلثوم، توفيت الأولى فزوجه النبي بالثانية ولذا سمي ذا النورين.
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة: «وقد نلت من صهره ما لم ينالا» فتزوّج عثمان برقيّة، ثمّ بعد موتها بأمّ كلثوم بنتي النّبيّ(ص).
منهاج البراعة: فقال (وقد نلت من صهره(ص) ما لم ينالا) لأنّه قد تزوّج رقيّة بنت النبيّ(ص) وبعد موتها عقد على بنته الاخرى أمّ كلثوم.
الروايات عن الباقر(ع)
قرب الإسناد: عن هارون بن مسلم قال حدّثني جعفر بن محمد عن أبيه قال: ولد لرسول الله(ص) من خديجة: القاسم والطاهر، وام كلثوم ورقية وفاطمة وزينب.
قرب الإسناد: عن مسعدة بن صدقة قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه قال: «ولد لرسول الله(ص) من خديجة: القاسم، والطاهر، وأم كلثوم، ورقية، وفاطمة، وزينب».
كامل الزيارات: عن جابر، عن محمد بن علي(عما)، قال: لما هم الحسين(ع) بالشخوص عن المدينة أقبلت نسأ بني عبد المطلب فاجتمعن للنياحة حتى مشى فيهن الحسين(ع)، فقال: أنشدكن الله أن تبدين هذا الامر معصية لله ولرسوله، فقالت له نساء بني عبد المطلب: فلمن نستبقي النياحة والبكاء فهو عندنا كيوم مات فيه رسول الله(ص) وعلي وفاطمة ورقية وزينب وأم كلثوم.
موسوعة التاريخ الاسلامي: روى الصفار بسنده عن الإمام الباقر (ع) قال: ولد لرسول اللّه(ص) من خديجة: القاسم والطاهر، وأم كلثوم، ورقية، وزينب وفاطمة.
الكافي: عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَر(ع) قَالَ أَوْصَتْ فَاطِمَةُ(ع) إلى عَلِيٍّ(ع) أَنْ يَتَزَوَّجَ ابْنَةَ أُخْتِهَا مِنْ بَعْدِهَا فَفَعَلَ.
الروايات عن الصادق(ع)
الخصال: عن أبي بصير، عن أبي عبد الله(ع) قال: ولد لرسول الله(ص) من خديجة القاسم والطاهر وهو عبد الله، أم كلثوم، ورقية، وزينب، وفاطمة.
الكافي عن أبي بصير، عن أحدهما، قال: «لَمَّا مَاتَتْ رُقَيَّةُ ابْنَةُ رَسُولِ اللهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ: «الْحَقِي بِسَلَفِنَا الصَّالِحِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَأَصْحَابِهِ. قَالَ: وَفَاطِمَةُ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ تَنْحَدِرُ دُمُوعُهَا فِي الْقَبْرِ، وَرَسُولُ اللهِ يَتَلَقَّاهُ بِثَوْبِهِ قَائِماً يَدْعُو، قَالَ: إِنِّي لَأَعْرِفُ ضَعْفَهَا، وَسَأَلْتُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُجِيرَهَا مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ».
تهذيب الأحكام: عن الصادق(ع): «أَنَّ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ، وَأُمُّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ، وَكَانَتْ تَحْتَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(ع) بَعْدَ فَاطِمَةَ».
موسوعة التاريخ الاسلامي: روى الصدوق بسنده عن الصادق(ع) قال: ولد لرسول اللّه(ص) من خديجة: القاسم والطاهر ـ وهو عبدالله ـ وأم كلثوم , ورقية , وزينب وفاطمة.
تاريخ أهل البيت: قال الفريابيّ: حدّثني أخي؛ عبدالله بن محمد ـ وكان عالماً بأمر أهل البيت ـ: حدّثني أبي: حدّثني ابن سنان، عن أبي بصير: عن أبي عبدالله(ع)، قال: وُلِدَ لِرسول الله(ص) من خديجة: القاسم وعبدالله، و[هُوَ] الطاهر وزَيْنَبُ ورُقَيَّةُ واُمّ كُلْثُوم وفاطمة(ع) ومن مارية القبطيّة ـ أهداها إلى النبيّ(ص)، مَلِكُ الإسْكَنْدَريَّة المقوقس ـ: إبراهيم.
الكافي: عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله(ع) قال: كان رسول الله(ص) أبا بنات.
عن الحسين بن روح رضوان الله عليه
بحار الأنوار ـ العلامة المجلسي عن المناقب: سأل بزل الهروي الحسين بن روح(ر) فقال: كم بنات رسول الله(ص) فقال: أربع، فقال: أيتهن أفضل؟ فقال: فاطمة.
الإجماعات والقطعيات
قال المفيد في المسائل العكبرية في جواب سؤال حول زينب ورقية، هل هما ابنتا رسول الله(ص) أو ربيبتاه، فأجاب(ر) بقوله: والجواب أن زينب ورقية كانتا ابنتي رسول الله(ص)، والمخالف لذلك شاذ بخلافه.
تعليق: أي إن المسالة محلّ اتفاق.
قال التستري قاموس الرجال: ثم لا ريب في أن زينب ورقية كانتا ابنتي النبي(ص).
قال المازندراني في شرح أصول الكافي: واجتمع أهل النقل أنها ولدت له أربع بنات وكلهن أدركن الإسلام وهاجرن: زينب وفاطمة ورقية وأم كلثوم، وأجمعوا أنها ولد ولداً سماه القاسم وبه كان يكنى.
قال القزويني في كتابه فاطمة الزهراء من المهد إلى اللحد: وفي هذا الحديث (اي حديث الخصال) تصريح بأن بنات السيدة خديجة الكبرى كلهن من رسول الله(ص) لا من زوج آخر وليس هذا الحديث هو الدليل الوحيد على ذلك بل توجد أدلَّة وبراهين قطعية على أنَّهن كنَّ بنات رسول الله(ص) حقيقة، ومن صلبه.
قال محمد حسين فضل الله في كتابه الزهراء القدوة: إن من المعلوم تاريخياً: أنه قد ولد لرسول الله (ص) عدّة ذكور، لكنهم ماتوا صغاراً. وأما البنات فمن المعلوم تاريخياً أيضاً، بل المشهور والمتسالم عليه بين محقِّقي الفريقين ومؤرِّخيهم، أنه كان للنبيّ(ص) من البنات: زينب، وأم كلثوم، ورقية، وأنهن عشن، وتزوجن. وإن ذهب شاذٌّ من المعاصرين، تبعاً لشاذٍّ من المتقدِّمين إلى نفي كون هؤلاء من بنات النبي (ص)، مدَّعياً أنهن ربائب له. وهذا من أغرب الآراء، وأعجبها، كونه مخالفاً لصريح القرآن الكريم في قوله تعالى: ﴿يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين﴾.
قال صلاح الدين السعيد في كتابه زوجات النبي: أجمع أهل العلم أن خديجة ولدت لرسول الله(ص) أربع بنات هن: زينب وفاطمة ورقية وأم كلثوم، وأجمعوا أنها ولدت له ابنا يسمى القاسم. وبه كان يكنى(ص). وهذا مما لا خلاف فيه بين أهل العلم.
قال أحمد الطبري في ذخائر العقبى: والأربع البنات متفق عليهن وكلهن من خديجة بنت خويلد إلا إبراهيم.
قال الخوئي حسب موقع السيد فضل الله: «المعروف أنهنّ بنات النبي من خديجة وقد صرح بذلك المؤرخين وأهل السير من الشيعة والسنة».
تعليق: وهو مشعرٌ بالاتفاق.
مناقشةٌ
أشكل على القول بان للنبي(ص) بنات غير السيدة الزهراء صلوات الله عليها بملاحظات ظنية لا يصح القول بها، أهمّها: اهتمام رسول الله(ص) بالزهراء صلوات الله عليها وتمييزه لها واختصاصها بحبه وكلماته.
وفيه: إن هذا الكلام لو صدر ممن لا يعتقد بالصلة الإلهية والسماوية لشخصية الزهراء(ع) لكان له وجه اما ان يصدر ممن يعتقد بسماوية والهية السيدة الزهراء وانها من اهل العصمة والرسالة فلا يصح وهو يقول (عليها السلام وصلوات الله عليها) ولا يقول مثل ذلك لغيرها، بل يمكننا القول بل يجب القول: إن التمييز النبوي لفاطمة صلوات الله عليها انما هو بسبب تقديسي سماوي إلهي وليس عاطفياً من النبي صلوات الله عليه، والقران شاهد بتمييز الأنبياء لأولادهم الأنبياء عن غيرهم، فالنبي يعقوب(ع) وبعد فقده ثلاثة من ولاده لم يذكر الا يوسف فقال: ﴿يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ * قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ﴾ [يوسف: 84 ـ 85] وكذلك سيرة الائمة صلوات الله عليهم فانهم كانوا يظهرون من الحب والتمييز لابنهم الامام ما لا يظهرونه لغيره وأوضح مثال علي(ع) مع الحسنين صلوات الله عليهما، والإمام الباقر بخصوص الصادق(ع). فالصحيح أن اهتمام النبي بالزهراء وتمييزه لها من دلالة الإمامة لبنيها لمَنْ له تأمُّل.
ومن جهة ثانية إنه وإن كانت الزهراء بنفسها شخصاً مقدساً إلا أن ارتباطها بالوصي المرتضى صلوات الله عليها وبابنيها الإمامين أعطى لها ولهذا البيت ثقلاً وتمييزاً قدسياً آخر أوجب لها حقّاً خاصاً ليس على المسلمين فقط بل على النبيّ أيضاً.
ومن جهة ثالثة إن ذلك النقل المستفيض بل الذي حكم البعض بقطعيته والإجماع عليه والمصدق بالقران وعليه السنة والإرشاد الامامي لا يمكن معارضته بتصورات ظنية، مع ملاحظة مهمة وهي أن سبعة من كبار علماء الطائفة قالوا بأن النبي صلوات الله عليه له بنات وهم (الصدوق والكليني والمفيد والمرتضى والطوسي والطبرسي وابن شهرآشوب) حتى أننا نستطيع القول: إن مَنْ ينسب إلى الشيعة القول بإنكار أن للنبي(ص) بناتٍ متوهِّمٌ بلا رَيْبٍ، ولا أريد أن أقول: إنه إما كاذبٌ أو جاهلٌ.