أحدث المقالات

نظرةٌ تاريخيّة

د. محمد تقي دياري بيدگلي(*)

د. عزت الله مولائي نيا(**)

أ. محمد معظمي گودرزي(***)

 

خلاصة

أثبتت البحوث والدراسات أن أول مَنْ أنكر (النسخ في القرآن) في تاريخ الاسلام هو أبو مسلم الإصفهاني، وهو من علماء القرن الرابع الهجري، ولم يسجَّل مُنْكِرٌ لهذه المسألة بعد هذا التاريخ، إلاّ في القرن المعاصر؛ حيث تابع جماعةٌ أبا مسلم الإصفهاني، وقاموا بإحياء نظريته مرة أخرى. وبالتدقيق في ظروف القرن الرابع والمعاصر نصل إلى نتيجة مفادها أن (شبهة تحريف القرآن ونقصانه) من الدوافع والخلفيات التي أفرزت إنكار النسخ، مضافاً إلى الدوافع السياسية والاجتماعية والاجتهادية والعقدية. كذلك أدَّتْ شبهات المستشرقين حول ظاهرة النسخ إلى أن يتصدّى مجموعة من العلماء المصريين إلى تأليف كتب مستقلّة في هذا الباب؛ في محاولة منهم لرفع كل شبهة عن ساحة القرآن، حَسْب زعمهم.

 

مقدّمة

ظاهرة النسخ من البحوث القرآنية التي أشار إليها الكتاب العزيز في أكثر من موضع، وأوصى الأئمة^ بضرورة الاهتمام بها. وقد أخذت حيِّزاً كبيراً من اهتمام الصحابة والتابعين والباحثين في مجال علوم القرآن ومفسِّري الشيعة والسنّة.

اختلف العلماء منذ القدم حول مسألة النسخ؛ فقد أقروا أنواعاً منه؛ وأنكروا أنواعاً أخرى، مع أن أكثر المسلمين أجمعوا على أصل النسخ (نسخ الحكم وبقاء التلاوة)، وإنّما اختلفوا حول عدد آيات النسخ. وقد شذّ جماعةٌ عن هذا الإجماع، وأنكروا النسخ، وكتبوا كتباً مستقلّة في هذا المجال.

ويبدو أن هناك ظروفاً ومتغيّرات كانت تحكم هاتين الحقبتين (القرن الرابع والرابع عشر الهجري) أدَّتْ إلى القول بإنكار النسخ. ونظراً إلى أنه لم يُقَدَّم إلى الآن بحثٌ مستقلٌّ عن دوافع منكري النسخ ارتأينا في هذا المقال بحث هذه المسألة بتحديد هوية المنكرين على طول التاريخ، ودراسة الظروف التي كانت تحكم بيئاتهم وحواضنهم، وكذلك دراسة آرائهم وتصوّراتهم ودوافعهم في القول بإنكار النسخ في القرآن الكريم.

 

مَدَيات إنكار النسخ

اعتمد المنكرون لوقوع النسخ في القرآن الكريم في إثبات دعواهم على العقل تارةً؛ وعلى الدين أخرى (القرآن والسنّة)، مستدلين ببعض الآيات الكريمة أو الأحاديث الشريفة. وقد تأوَّلوا النصوص القرآنية والحديثية التي تدلّ على النسخ، وفسّروها على خلاف الظاهر بتأويلات وتبريرات تخدم قناعتهم؛ أو إنهم اعترفوا بأصل النسخ، وأنكروا وقوعه في الشريعة؛ وقد أنكروا في بعض الأحيان بعض الأنواع المتصوَّرة للنسخ([1]).

ويمكن تقسيم النسخ إلى نوعين:

الأوّل: النسخ (الخارج ديني)، بمعنى النسخ الذي يقع للشرائع، كما نسخت شريعة الإسلام الشرائع السابقة، من اليهودية والمسيحية.

والثاني: النسخ (الداخل ديني). وينقسم هذا النوع إلى عدّة أنواع: نسخ القرآن بالقرآن؛ ونسخ القرآن بالسنّة؛ ونسخ القرآن بالإجماع؛ ونسخ القرآن بالقياس؛ ونسخ السنّة بالقرآن. ولكنّ ما يهمّنا في هذا المقال هو نسخ القرآن بالقرآن، ودراسة آراء وخلفيات المنكرين.

 

منكرو النسخ في مجال القرآن الكريم

هناك ثلاثة أنواع من النسخ مشهورة عند الفريقين:

1ـ نسخ التلاوة، وبقاء الحكم.

2ـ نسخ التلاوة والحكم معاً.

3ـ نسخ الحكم، وبقاء التلاوة.

وقد ردّ المنكرون بعض هذه الأنواع. وما يهمنا هنا هو القسم الثالث؛ إذ يعترف أكثر المسلمين من الفريقين بوقوع هذا النوع من النسخ، وقد ألَّفوا كتباً كثيرة حوله، وهو النوع الذي وقع مورداً للإنكار عبر التاريخ من جماعة من علماء المسلمين، من الأصوليين والباحثين في شؤون القرآن.

وبما أن نقد وتتبُّع آراء ونظريات هؤلاء يتطلب تفصيلاً أكثر، مضافاً إلى خروجه عن هدف هذا المقال([2])، فقد عمدنا إلى بحث ودراسة دوافع المنكرين لهذا النوع من النسخ على مدى التاريخ، وذلك في سياق عرض موجز عن مؤلفاتهم وآرائهم.

1ـ أبو مسلم(322هـ): وهو محمد بن بحر الإصفهاني، المعتزلي، المتكلِّم والمفسِّر والمحدِّث والنحوي والشاعر. ومن مؤلَّفاته: تفسير (جامع التأويل لمحكم التنزيل)، الذي كتبه على مذهب الاعتزال؛ وكذلك كتاب (الناسخ والمنسوخ)؛ وله كتابٌ آخر في النحو([3]).

وقد أنكر أبو مسلم ـ ولأول مرة ـ وقوع النسخ في القرآن الكريم بتأويله للأدلة([4])، وحمل جميع النصوص التي تدلّ على وقوع النسخ في الشريعة الإسلامية على نسخ الشرائع السابقة([5]).

ولا يوجد أثرٌ لكتابَيْ أبي مسلم: الناسخ والمنسوخ؛ والتفسير، سوى ما نقله منتقدو أفكاره. ولكنْ يبدو أن تفسيره كان بيد الشيخ الطوسي والإمام الفخر الرازي، وقد نقلا أكثر نظرياته في تفاسيرهم([6]).

يقول الفخر الرازي حول رؤية أبي مسلم: اتفق جميع علماء المسلمين على وقوع النسخ في القرآن، ماعدا أبي مسلم، الذي أنكره مستدلاًّ بقوله تعالى: ﴿لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ﴾ (فصّلت: 42)؛ إذ يعتقد أن وقوع النسخ في القرآن الكريم نوع من ورود الباطل إليه([7]). وفي الواقع فإن أبي مسلم كان يعترف أن آية أو عدة آيات نسخت أحكاماً كانت ثابتة، كتحويل القبلة مثلاً، إلاّ أنه لا يقبل بوقوع النسخ في آيات القرآن الكريم([8]).

إن فقدان كتب ومؤلفات أبي مسلم وضياعها يعقِّد المهمة في استكشاف أسباب و مبرّرات أبي مسلم في إنكار النسخ. هذا، مضافاً إلى قلة ما وصلنا من أفكاره المنقولة من الآخرين. إلاّ أنه يحتمل أن تقف وراء قناعته هذه دوافع ومبررات بيئية وسياسية وكلامية كانت حاكمة في القرنين الثالث والرابع الهجريّين، وخاصة لجم الأفواه التي كانت تتحدَّث عن التحريف (سواء كان بالزيادة والنقيصة أو التغيير والتبديل).

كما أن أول شخص شهد للشيعة بعدم القول بالتحريف هو أبو الحسن بن إسماعيل الأشعري(324 أو 330هـ)، شيخ الأشاعرة ومؤسِّس المذهب الأشعري([9]). وكان الأشعري معاصراً لأبي مسلم، وكان معتزلياً، ولكنّه ترك الاعتزال إثر مناظرة جرَتْ بينه وبين أستاذه أبي علي الجبائي.

كما قال الشيخ الصدوق(381هـ) في القرن الرابع بمصونية القرآن عن التحريف، وأن ذلك من جملة عقائد الشيعة([10]).

وفي القرن الثالث كتب أحمد بن محمد السيّاري كتاب «التحريف والتنزيل»، أو «القراءات»، وقال فيه بالتحريف([11]).

هذه شواهد على احتدام الصراع الفكري حول هذه المسائل في القرن الرابع. ويؤيِّد هذا الاحتمال كلام أبي مسلم في أن وقوع النسخ في القرآن نوع من النقص والعيب، ودخول الباطل إلى ساحته المقدسة. وعلى صعيدٍ آخر كان أبو مسلم ـ إلى جانب مهامه العلمية ـ يلعب أدواراً سياسية، وقد وُلّي مرات عديدة على مدن مختلفة، منها؛ إصفهان وفارس وقم([12]). ومن هنا ليس بعيداً على هكذا شخصية، وفي ظلّ ظروف العصر الذي كان يعيشه، أن يتبنّى صيانة القرآن من كلّ نقصٍ وعيب وتحريف، وأن ينكر وقوع النسخ فيه.

ويُحتمل أيضاً أن يكون رأيه حول النسخ ردّة فعلٍ في مقابل النظرة المفرطة لبعض العلماء في جعلهم الكثير من الآيات ـ التي يمكن الجمع بينها بنحوٍ من الأنحاء، كالتخصيص وغيره ـ في مصافّ آيات الناسخ والمنسوخ([13]).

2ـ ابن الجنيد(381هـ): أبو علي محمد بن أحمد بن جنيد البغدادي. وهو من أعاظم فقهاء الإمامية، ومن مشايخ الشيخ المفيد والنجاشي والطوسي. وكان كتابه حول النسخ «الفسخ على مَنْ أجاز النسخ»([14]). والكتاب واضحٌ من عنوانه في إنكار النسخ. ولكنْ لا يوجد أثرٌ لكتابه، وإنما ذُكر فقط في الكتب الرجالية. ولكننا لم نستطع أن نعثر على قولٍ له في مجال إنكار النسخ. ويُحتمل أن يكون قد تابع أبا مسلم في ذلك، ووقع تحت تأثير الظروف التي كانت تحكم القرن الرابع الهجري.

3ـ شريف العلماء محمد شريف بن حسن عليّ المازندراني الحائري(1246هـ): وكتابه «النسخ، وهل هو جائزٌ عقلاً أم لا؟»([15]). وهو موجودٌ في مكتبة السيد المرعشي، في عشر صفحات، ضمن حلقات تحت عنوان «1:26»([16]).

4ـ السيد أحمد خان الهندي(1315هـ): وهو أحد أركان النهضة الإسلامية في الهند، وصاحب تفسير «تفسير القرآن وهو الهدى والفرقان» باللغة الأُرْدية. و قد كتب في بداية تفسيره عن أحد الأصول التي اعتمدها: «لا يوجد ناسخ ومنسوخ في القرآن الكريم، بمعنى عدم نسخ أيٍّ من الآيات لآيات أخرى… والظاهر أن النسخ المذكور في الآية يتعلَّق بالشرائع السابقة على الإسلام، ولا يتعلَّق بآيات القرآن»([17]).

كان السيد أحمد خان شخصية سياسية، وقد اطّلع عن كثبٍ على واقع الحضارة الغربية، خلال زيارة قام بها إلى بريطانيا، وكان ذلك باعثاً له على الأسى للوضع المتردي الذي يعيشه المسلمون في بلاده، فبدأ بالتفكير في حلول للمشاكل الفكرية والاجتماعية المستحكمة آنذاك، فعمد إثر ذلك إلى تفسير القرآن، مستعيناً به كمرشدٍ ودليل في تحقيق طموحه([18]).

ثم إنه اعتمد على العقل في تمرير أفكاره التجديدية والإصلاحية، فاستند على القوة الذهنية في شرح وتوضيح الآيات القرآنية؛ ممّا جعله ينكر المعجزات الخارقة للعادة، أو يبرِّرها حَسْب قواعد العقل. وفي هذا السياق اعتبر أن النسخ نوعٌ من الخلل في كتاب الله، فأنكره؛ إذ يقول: «كلّ ما جاء عن الله، وكُتب في زمان النبيّ، فهو موجودٌ في القرآن الذي بين أيدينا، من دون نقص أو خلل، ولم يسقط منه حرفٌ واحد، ولا يوجد نسخٌ في آياته بالكلية»([19]).

5ـ ولي الله سرابي(1391هـ): وهو من الباحثين والكُتّاب في زمان المشروطية. وهو من علماء سرب، وأقام في تبريز. وقد أنكر وقوع النسخ في القرآن بالكلية؛ إذ كتب لإثبات رؤيته كتاباً يحمل عنوان «إثبات الآيات، أو نسخ النسخ عن كرامة القرآن»، وشحنه بالأدلة العقلية والنقلية، مستفيداً من صناعة الجَدَل في أكثر بحوثه. وقد اعتبر أن آيات الناسخ والمنسوخ نوعٌ من التقييد والتخصيص وأمثال ذلك([20]).

وكان أهمّ الأسباب في إنكاره للنسخ هو صيانة القرآن وحفظه عن النقص والتحريف؛ إذ يعتبر أن النسخ دخول الباطل إلى القرآن وهو ما يؤدّي إلى تحريفه وتغييره. وحيث إنه كتب كتابه من أجل إنكار النسخ فقد خصَّص الصفحات من 29 إلى 38 للبحث في صيانة القرآن عن كلّ تحريفٍ؛ إذ يقول: «لو امتدَّتْ يد التحريف والتغيير إلى كتاب الله، وأصبح كتاب الله محرَّفاً، فإن جميع الأخبار التي تدلّ على عدم ورود الباطل إليه من بين يدَيْه ومن خلفه كاذبةٌ؛ إذ يُراد من الباطل كلّ مبطل، سواء كان من قِبَل الله بنزول الناسخ أو من قِبَل الخلق عبر التغيير والتحريف والتلاعب بالقرآن([21]).

ويذكر في خاتمة كتابه الهدف الأساس من تأليفه له؛ إذ يقول: «أشكر الله الذي وفَّقني لإثبات محفوظية القرآن من التحريف والنقصان والنسخ»([22]).

6ـ الشيخ محمد عَبْدُه(1323هـ): وهو من تلاميذ السيد جمال الدين الأسدآبادي المعروفين. وهو ـ كما يعتقد أنصاره ـ من مؤسِّسي الفكر الديني التجديدي في العالم الإسلامي، ولم يسجَّل له تصريحٌ في كتبه في إنكار نظرية النسخ، وإنما قام بتأويل الآيات والأدلّة التي تدل عليه، وصرفها عن ظاهرها([23]).

وقد فسّر الناسخ في شرحه لنهج البلاغة بأنه الآيات المعنية برفع الاعتقادات الباطلة، وأحكام الشرائع السابقة، والمنسوخ هو الآيات الحاكية عن الناسخ والمنسوخ في الأديان السماوية الماضية([24]).

7ـ محمد رشيد رضا(1354هـ): من تلامذة محمد عبده، وصاحب تفسير «المنار». وقد أنكر النسخ تلويحاً، تَبَعاً لأستاذه، وقام بتأويل الآيات الثلاثة الدالّة على النسخ، وفسَّرها بمعجزات وشرائع الأنبياء السالفين^([25]).

8ـ السيد هبة الدين الشهرستاني(1386هـ): وهو من فلاسفة وفقهاء القرن المنصرم، ومن علماء العراق والحوزة العلمية في النجف الأشرف. كتب «تنزيه التنزيل»، وأفرد قسماً منه للبحث حول النسخ والتحريف. واستدل على أن آية النسخ متَّحدة مع آية المحو والإثبات موضوعاً؛ وذلك بالاستناد إلى نفس سياق هذه الآيات وآيات أخرى، واعتبر أنها دالة على نسخ أحكام التوراة والإنجيل والشرائع السابقة. والنسخ ـ كما يعتقد ـ هو نسخ الرحمة والنعمة الربانية، أو المعجزات الإلهية.

وهنا يمكن القول بأن إنكاره تقف خلفه أسباب اجتماعية وسياسية؛ لما شهده عصره من هجمةٍ عسكرية استعمارية من الإنجليز، كما كان مسرحاً للحرب الثقافية والتغريب على الساحة الإسلامية؛ إذ كتبوا الكتب والمقالات التي كانت تبثّ سموم الشبهات يومياً في مجال العقائد والأخلاق والأحكام، والتي كانت تستخدم كسلاح فتّاك ضدّ المسلمين([26]). وقد استفدنا ذلك ممّا كتبه في مقدّمة كتابه «تنزيه التنزيل»، من أن الهدف من تأليفه هو طلب بعض علماء الكاظمية المقدّسة تأليف كتاب يُعنى بردّ الشبهات والتصوُّرات الفارغة لأعداء القرآن والإسلام، المبنية على التلاعب والنسخ والتحريف في بعض أحكام القرآن وكلماته([27]).

يقول في هذا الكتاب: «ذكر أكثر المفسِّرين ـ كالسيوطي في «الإتقان» ـ مبحث التحريف في القرآن في ذيل مبحث النسخ. ويُحتمل أن يكون ذلك لأجل أن النسخ والتحريف يؤثِّران على جوهر الوحي والوثوق بالقرآن في حجِّيته عموماً، أي كلّ مَنْ يقول بوجود آيات منسوخة في القرآن فإنه يقول أيضاً بوجود آيات محرَّفة([28]). وإذا فتحنا الباب في إمكان النسخ والنسيان والتحريف نكون قد شككنا في حجِّية القرآن الكريم([29]). فيتَّضح أن أحد الأسباب الرئيسة في إنكاره للنسخ هو «شبهة تحريف القرآن».

ولعلّ العامل الآخر في إنكاره للنسخ، والمذكور لبعض المنكرين أيضاً، هو متابعة السابقين وتقليدهم، وخصوصاً أبي مسلم الإصفهاني. والشاهد على ذلك ما قاله في ردّ النسخ في آية العدّة: «نحن نوافق قول أستاذ المفسِّرين أبي مسلم محمد بن بحر، الذي صحَّحه الإمام الفخر الرازي، ومال إليه الشيخ محمد عبده، مفتي الديار المصرية، وصحَّحه تلميذه محمد رشيد رضا الحسيني، صاحب «المنار»([30]).

وهكذا، وخلال تفسيره لآية الفاحشة في مساحقة النساء ولواط الرجال، قال: «هذا التفسير مبنيّ على ما رواه الرازيان «الإمام الفخر الرازي وأبو الفتوح الرازي»، وتفسير إمام المفسِّرين محمد بن بحر»([31]).

9ـ الشيخ محمد الغزالي(1375هـ.ش): مسؤول الحوار الإسلامي السابق في وزارة الأوقاف المصرية. وله كتبٌ مختلفة في مجال علوم القرآن والإسلام. وقد خصَّص فصلاً مستقلاًّ للنسخ في كتابه «نظرات في القرآن»، أنكر فيه دلالة الآيات الثلاث على النسخ، وفسَّرها بالمعجزة في عالم التكوين، واعتبر النسخ نوعاً من التناقض في القرآن([32])، وبطلاناً للآيات، وظلماً لكتاب الله([33]). ومن أجل صيانة القرآن من مثل هذه الشبهات أنكرها، وانتقدها.

10ـ الشيخ محمد هادي معرفت: وهو من الباحثين الكبار في علوم القرآن، وصاحب الكتاب المعروف «التمهيد في علوم القرآن»، الذي خصَّص قسماً منه لمبحث النسخ. وخلال استعراضه لثماني آيات وقع فيها النسخ، وبعد مناقشته لآراء المؤيِّدين والمعارضين، أقرَّ بوقوع النسخ في تلك الآيات([34])، ولكنَّه عدل عن رأيه في مقالةٍ كتبها في أواخر عمره الشريف، وحمل الروايات التي تصرِّح بوجود الناسخ والمنسوخ على تخصيص العمومات وتقييد المطلقات في الكتاب والسنّة»([35]). ثمّ بحث وناقش الآيات الواردة في النسخ، وأوضح عدم التنافي بينها. وكان يستدل في أكثر الموارد بكلام أستاذه السيد الخوئي([36])، ويقول في نهاية حديثه: «من هنا فنحن ننكر النسخ في القرآن؛ إذ لا شاهد على وجوده. وكلّ ما استُدلّ به فهو قابلٌ للخدش، بل قابل للحمل على معنى ثابت ومحكم لا يطاله النسخ أبداً»([37]).

كتب في أواخر حياته كتاباً تحت عنوان «شبهاتٌ وردود»، وطرح شبهات عديدة، منها: ما يختصّ بالنسخ. وذكر أدلّةً في سياق ذلك، تجمع بين حفظ القرآن من الهجمة الثقافية الاستكبارية وبين الحفاظ على حقيقة هذه الظاهرة([38]).

11ـ العلاّمة مرتضى العسكري: بحث هذا العالم الكبير مسألة النسخ في كتابه «القرآن الكريم وروايات المدرستين» بأسلوبٍ جديد، حيث يعتقد أن القرآن الكريم أخبر عن حكمٍ نزل مع نسخه بوحيٍ غير قرآني؛ ولذا لا توجد آيةٌ واحدة منسوخة في القرآن([39]).

كما يعتقد أن ظاهرة النسخ والبحوث التي تدور حولها وفدَتْ من مدرسة الخلفاء إلى تفاسير مدرسة أهل البيت^، كمجمع البيان. وهم ـ مدرسة الخلفاء ـ متأثِّرون باليهود في ذلك([40]).

يبدو أن العلامة العسكري؛ ومن أجل ردّ الشبهات التي تحمل مضمون أن القول بالنسخ فيه دلالةٌ على تحريف القرآن ـ كما تعطي نتيجة الاعتقاد بنسخ التلاوة في مدرسة الخلفاء نفس الدلالة ـ، التزم هذه القناعة التوفيقية والتوافقية في النسخ؛ محاولةً منه في إخراج النسخ من دائرة القرآن، ونسبتها إلى الأحكام غير القرآنية؛ ليصون ساحة القرآن المقدّسة من كلّ شبهةٍ وخلل.

12ـ الشيخ محمد خضري بك: وهو كاتبٌ معاصر، وهّابي المسلك، وأستاذ تاريخ الإسلام في جامعة مصر. ذكر في كتابه «تاريخ التشريع الإسلامي»، وفي ذيل بحث «حجِّية القرآن»، أن العمل بجميع نصوص القرآن الكريم واجبٌ([41])، متسائلاً: «هل يبطل التكليف بالآيات التي حلّ تكليفٌ آخر مكانها؟ وبعبارة أخرى: هل يوجد نسخ في بعض آيات القرآن، ولم يَعُدْ العمل بها واجباً؟»([42]). وفي نفس السياق اعتبر أن النسخ الموجود في القرآن من قبيل: تخصيص العام، وتقييد المطلق، وهو كاشف عن التدرج في التشريع([43]). ويُرجع إلى كتابه الآخر «أصول الفقه» في الموارد التي فيها دعوى التناقض والنسخ([44]). قال في هذا الكتاب: «ونحن هنا نستعرض الآيات التي ادَّعى السيوطي نسخها، ونبسط الكلام في براهين أبي مسلم القابلة للتمسُّك»([45]). وبعد ذلك ناقش ـ من ص250 إلى ص256 ـ الموارد التي ادَّعى السيوطي نسخها، وعمد إلى تأويلها وصرفها عن دلالة النسخ.

13ـ علي حَسَب الله: وهو من أساتذة جامعة الأزهر المشهورين، وتلميذ الشيخ محمد الخضري، وأستاذ الدكتور عبد المتعال الجبري. وهو أيضاً قد حمل آيات النسخ الثلاث على نسخ الكتب السماوية السابقة، أو نسخ معجزات الرسل، وأقام الأدلّة على ذلك([46]).

وخلال إشارته إلى رؤية أبي مسلم، وأستاذه محمد الخضري، بحث خمسة موارد قرآنية أقرّ الدكتور مصطفى زيد في كتابه «النسخ في القرآن الكريم» بكونها منسوخة، واستدلَّ حَسَب الله على بطلان النسخ فيها([47]).

14ـ الدكتور أحمد حجازي السقّا: وهو من الأساتذة والكتّاب المشهورين في جامعة مصر والأردن. وقد كتب «لا نسخ في القرآن» في نقد وردّ نظرية النسخ. وكان يعتقد أن النسخ بالآيات والأحكام العملية للتوراة، وأن الغرض من نزول القرآن الكريم هو التخفيف على الناس([48]).

وضمن إشارته إلى أن موضوع النسخ من أهمّ المسائل التي تناولها المستشرقون، حيث اعتبروا ذلك أداةً لمحاربة الإسلام، وأن النسخ دليلٌ على عدم سماوية القرآن؛ لأن أحكامه قابلة للتبديل والإصلاح، قال: «أنا أدعو العلماء والفلاسفة وكلّ مَنْ يعرف دين الله إلى أن يعيروا اهتماماً لهذه المسألة الخطيرة، ويجب عليهم إنكار النسخ في القرآن بالدليل، وأن يكتبوا كثيراً حول هذه المسألة»([49]).

ويذكر في مقدِّمة كتابه الهدف من تأليفه لهذا الكتاب. وهو ـ مضافاً إلى الدفاع عن القرآن في مقابل شبهات المستشرقين ـ الوقوف بوجه التعذيب والشرور، وقتل علماء المسلمين في الحوادث الأخيرة في الصومال ـ لأنهم واجهوا دعوى بطلان أحكام الشريعة، ووقفوا ضدّ فكرة نسخ القرآن ومسألة المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة ـ، وإهانة القرآن، والزعم بأن نصف القرآن منسوخٌ أو متناقض، والعمل به باطل([50]).

15ـ الدكتور عبد المتعال الجبري: وهو من المطرودين من جامعة الأزهر، ومن تلامذة أحمد حجازي السقّا وعلي حَسَب الله. كتب في بداية كتابه «النسخ في الشريعة الإسلامية كما أفهمه» موضوعاً تحت عنوان «الناسخ والمنسوخ بين الإثبات والنفي»، ونفى فيه وقوع النسخ في الدين الإسلامي بالكلِّية. وأحدث هذا الكتاب ضجّةً، أُلِّفَتْ إثرها الكتب، وكُتبَتْ المقالات في نقد أفكار المؤلِّف في مصر. ثمّ كتب كتاباً آخر تحت عنوان «لا نسخ في القرآن، لماذا؟»، وهو تتمّةٌ لكتابه الأول في الدفاع عن آرائه وأفكاره.

فهو يعتقد أن وجود النسخ في القرآن بمثابة نسبة الجهل إلى الله([51])، وشاهد على التناقض والاختلاف في النصوص، ويلزم منه الحطّ من قيمة القرآن؛ لأنه يكشف عن اختلاط أفكار صاحبه وتشويشها، ودليلٌ على عدم صدوره من شخصٍ واحد، بل مقطوعات مبعثرة من هنا وهناك([52]).

ويعتقد منتقدوه بأن سبب شيوع هذه الأفكار التي تصدر عن أمثاله يعود إلى الشيخ محمد عبده؛ لأنه لا أثر لمثل هذا الانفتاح في القناعات والآراء القرآنية الانفتاحية قبل أن يؤسِّس لها عبده في مكتوباته وتأليفاته([53]).

ويُضاف إلى الدوافع المتقدِّمة في إنكاره للنسخ الأبعاد السياسية والاجتماعية؛ إذ يعتقد أن الهدف من وراء القول بجواز النسخ هو إسقاط حاكمية الآيات القرآنية الدالّة على الاشتراكية العربية، فهو يظنّ أنه بإنكار النسخ يمكن أن تتوافر لديه أدلّة قرآنية لإثبات «الاشتراكية العربية»؛ إذ يقول: «عدّ القرآن الاشتراكية والشيوعية العربية هَدَفاً أسمى له، وأنزل الله الآيات بهذا السياق، منها: تلك الآيات التي ادَّعى المثبتون للنسخ منسوخيتها جميعاً. وبناء على ذلك فإن تجويز النسخ في المجال الديني والقرآني يعني ضرب الأهداف العليا للقرآن، أي النظام الاشتراكي والشيوعي العربي»([54]).

استخدم عبد المتعال الجبري شتّى الوسائل من أجل ترويج وتمرير فكرة الشيوعية والاشتراكية العربية؛ فتارة ينسب النسخ إلى أولئك الذين يرفضون فكرة الشيوعية العربية؛ وأخرى يقول: إن النسخ أمر وافد لنا من التراث الديني اليهودي([55])؛ ومرّةً يدّعي أنه من صناعة قتادة والضحاك وابن المسيّب([56])؛ وأحياناً ينسبه إلى الرافضة، والمختار الثقفي([57])، و هشام بن الحكم([58]).

16ـ جواد موسى محمد عفّانه: وهو من علماء الأردن المعاصرين. فقد أنكر النسخ بأسلوبٍ آخر، بعد مناقشة آراء المنكرين للنسخ؛ إذ يعتقد أنه لا توجد آية منسوخة في ما بين الدفّتين من القرآن. ولو وُجد نسخٌ فهو في زمان رسول الله، وهو من نوع «نسخ الحكم مع التلاوة»، أي رفع الحكم واللفظ من قبل الله، وإعلان رسول الله ذلك للمسلمين([59]).

ومن الأسباب التي دعَتْ عفّانه إلى إنكار النسخ الشعور بالخطر من الإفراط في القول بالنسخ في القرآن؛ إذ يقول: «بالغ الكثير من مدَّعي النسخ في كثرة وجود النسخ في القرآن، حتّى وصلت دعوى النسخ إلى مئات الآيات، ممّا ينذر بخطر ذلك، والضرر المترتِّب على الشريعة والقرآن منه»([60]).

ويقول في الثناء على أبي مسلم: «فقد نجح في تعليل رأيه، والإجابة على دعاوى النسخ المشهورة، بشكلٍ صحيح ومقنع([61]). ثمّ يذكر أدلة أبي مسلم في إنكار النسخ.

17ـ الدكتور محمد صالح علي مصطفى: وهو من أساتذة جامعة سوريا. قال في كتابه «النسخ في القرآن الكريم، مفهومه وتاريخه ودعاواه»، خلال إشارته إلى المنكرين، أمثال: أبي مسلم ومحمد الغزالي ومحمد الخضري وعبد المتعال الجبري وأبو زهرة، ولأجل رفع الاختلافات في المسألة، قال: «إن الاختلاف بين المؤيِّدين والمعارضين في مسألة النسخ اختلافٌ صوري، وليس له علاقة بجوهر وحقيقة النسخ، بل الاختلاف في الاسم والمسمّى. والاختلاف الحقيقي وقع بين بعض أهل الإفراط والتفريط»([62]). ولكنه يقول في آخر كلامه: «أنا أقول بالنسخ في خطبي ومحاضراتي في ثلاثة موارد فقط، ولكنّي عندما أريد نقل ذلك إلى الكتابة فإنّني لا أقول بالنسخ، حتّى في تلك الموارد الثلاثة»([63]).

18ـ عبد الكريم الخطيب: من المفسِّرين المعاصرين في مصر. وتفسيره في ستّة عشر مجلَّداً، تحت عنوان «التفسير القرآني للقرآن». وقد أنكر النسخ خلال تفسيره للآية 106 من سورة البقرة، واعتبر أن موضوعها تغيير القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام([64]).

وكذلك ـ وفي قراءةٍ جديدة ـ فسَّر قوله تعالى: ﴿وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ﴾ (النحل: 101) بأنه التغييرات في وضع الآيات والسور، أو وضع الآيات المدنية في السور المكِّية، وبالعكس([65])، معتقداً «أن إبقاء الآيات المنسوخة في القرآن كحفظ الأموات في التابوت، والقرآن أجلُّ من هذا»([66]).

وهو ـ كبقيّة المنكرين ـ كان يرمي من إنكار النسخ رفع الاختلاف بين العلماء المسلمين، والدفاع عن القرآن في مقابل هجمات وشبهات وافتراءات أعداء الإسلام([67]).

19ـ عبد الرحمن الوكيل: وهو من الباحثين المصريين. أنكر النسخ في تعليقه على كتاب «روض الأنف»، للسهيلي، وهو شرحٌ لسيرة ابن هشام. ولكنّه لم يأتِ بأدلة محكمة لإثبات نظريته؛ إذ يقول: «لا بُدَّ لنا من الحذر من قبول نظرية النسخ، وأن ننكرها إنكاراً جدِّياً؛ لأنه يحتمل في فرض قبول هذه النظرية أن نحكم ـ جهلاً بالواقع ـ ببطلان آيةٍ، ونكون بهذا قد حكمنا ببطلان ما كان حقّاً»([68]).

وفي موطنٍ آخر، وضمن نقله لقول الشهرستاني في «الملل والنحل»، الذي اعتبر المختار الثقفي سيد الشيعة، وإليه يعود القول بالبداء، يقول: «كما أن نسبة القول بالبداء إلى الله محالٌ كذلك القول بنسخ آيةٍ من القرآن؛ لأن جميع آيات القرآن حقٌّ، ولا شَكَّ فيها، ويجب علينا الإيمان بكلّ آيةٍ في القرآن؛ لأنها لم تنسخ»([69]).

ويبدو من كلامه أنه يتصوَّر أن النسخ نوعٌ من البداء الذي يلزم جهل الله، ولم يستوعب المفهوم الصحيح للنسخ والبداء عند الشيعة، وخلط بينهما.

20ـ محمد أبو زهرة(1395هـ): كان من الباحثين الناشطين، والعلماء المعاصرين المصريين، ومن أساتذة معهد أصول الدين «الأزهر». وقد تابع أسلافه ـ محمد عبده؛ ورشيد رضا ـ في إنكار ظاهرة النسخ، حيث يقول: نسخ الإسلام بعض الأحكام التي جاءت في الأديان السماوية السابقة([70]). والنسخ في الشريعة الإسلامية من باب التدرُّج في التشريع([71]). ثمّ يبين أقوالاً في إنكار النسخ وردت عن أبي مسلم([72])، ويقول: استطعنا بسهولة الجمع بين جميع الآيات التي ادُّعي النسخ فيها، عبر التأويل القريب أو التخصيص، بل لم تكن هناك حاجةٌ إلى التأويل والتخصيص في بعض الأحيان([73]).

21ـ سعيد الأنصاري الهندي: تخرَّج من جامعة الأزهر، وهو هنديّ الأصل. جمع آراء ونظريات أبي مسلم من التفسير الكبير في كتابٍ أطلق عليه «ملتقط جامع التأويل». وقد تابع أبا مسلم في إنكار نظرية النسخ. طُبع كتاب «ملتقط جامع التأويل» في كلكتا في عام 1340هـ([74]).

22ـ السيد عبد الحجّة بلاغي: وهو من مفسِّري الشيعة في القرن الرابع عشر. أنكر وجود الناسخ والمنسوخ في القرآن وشرائع الإسلام، وذلك في مقدّمة تفسيره «حجّة التفاسير وبلاغ الإكسير»، مقتدياً بذلك بأبي مسلم والسيد هبة الدين الشهرستاني([75]). يقول: من العجب أن أبا مسلم الإصفهاني، المتوفّى في عام 322 للهجرة، ينكر في كتابه وقوع النسخ في القرآن الكريم في حين كان الإسلام آنذاك من جهة توفُّر المبلِّغين المَهَرة في نهاية المقدرة والتسلُّط؛ واليوم، والإسلام بحاجةٍ إلى المبلغين في جميع النواحي، يُطبع كتاب «الناسخ والمنسوخ»، لابن المتوّج، ويوضع في متناول الأيدي، في الوقت الذي قدمنا فيه الأدلة على أن لا ناسخ ولا منسوخ في القرآن، حتّى من باب التمثيل([76]).

23ـ الشيخ محمد محمود ندا: وهو من باحثي القرن الخامس عشر، والمدير العام للحوار الإسلامي في وزارة الأوقاف المصرية. أنكر النسخ في كتابه «النسخ في القرآن بين المؤيِّدين والمعارضين». ويقول في ذيل موضوع «ليس في القرآن آيات معطَّلة»: «لا نجد نصّاً صريحاً من القرآن، أو نصّاً متواتراً، يقول: إن هذا الحكم ناسخ للحكم الفلاني»([77]).

ويتبين من خلال قراءة الكتاب أنه لم يأتِ بشيءٍ جديد، سوى عرض دعاوى المنكرين لوقوع النسخ، وبالخصوص الشيخ محمد الغزالي والشيخ خضري بك. مضافاً إلى أنه يزعم أن السبب من وراء إنكاره للنسخ يعود إلى تطهير ساحة القرآن من القول الباطل والادعاءات الفارغة لأعداء الإسلام([78]).

24ـ إيهاب حسن عبده: وهو من علماء مصر المعاصرين. أنكر بشدّةٍ وجود النسخ في القرآن، واعتبر منشأه اليهود؛ إذ يقول: «والحقّ هو أن يد الناس قديماً عندما طالت الكتب الإلهية حذفاً وإضافة على طبق هواها ظهر التناقض والاختلاف في تلك الكتب، وهو نفس السبب الذي دعا المعاصرين إلى القول بالنسخ([79]).

وخلال إشارته إلى تماهيه مع عبد العال الجبري والشيخ محمد الغزالي وأحمد الحجازي السقّا في موقفهم من النسخ أشار إلى أنه من المواضيع المبتدعة في دين الله، وهو كالموضوعات الجديدة، تسبَّبت في ظهور المذاهب المختلفة، كالسنّة والشيعة([80])، معتبراً أن آيات النسخ الثلاث تدلّ على نسخ المعجزات الحسِّية، وليس نسخ الآيات القرآنية([81]).

ويظهر من كلامه أنّ أهمّ الأسباب التي دعَتْه إلى إنكار النسخ هو رفع التُّهَم والطعون التي حاكها أعداء الإسلام والمستشرقون، وردّها.

يقول: «لا يخفى على العقلاء أن القول بوقوع النسخ من أكبر السقطات (المصداق الكامل لسوء الأدب مع القرآن)، وهو فرصةٌ لأعداء الحقّ بأن يتمسكوا بهذا الباطل؛ ليستدلّوا على وجود النقص في دين الله، وأن يملأوا صفحات الإنترنت بتلك الأكاذيب؛ بغضاً منهم وحقداً على الإسلام.

ثمّ استعرض نماذج من أقوال المستشرقين، الذين اعتبروا أن آيات الناسخ والمنسوخ من أكبر العيوب والنقصان في كتاب الله، وتنافي علم الله وحكمته، ومؤشّرٌ على عدم كمال القرآن وتحريفه. وخلال تأييده لبعض شبهاتهم، وتوصيفها بالمنطقية، ذكر أن دعوى وجود آيات منسوخة في القرآن ما هي إلا فِرْيةٌ، وناشئة من الجهل بكتاب الله([82]).

25ـ لجنة القرآن والسنّة: وهي مجموعة من الباحثين المصريين، التابعين لمؤسَّسة الأوقاف. وقد كتبوا تفسيراً يحمل عنوان «المنتخب في تفسير القرآن الكريم»، حملوا فيه الآيات الثلاثة على المعجزة أو الشرائع الدينيّة السالفة. وتعمَّدوا ترك الإشارة إلى الاختلاف بين علماء المسلمين بهذا الخصوص؛ لكي تغيب عن الأذهان مسألة النسخ في القرآن، بل في الشريعة الإسلامية، شيئاً فشيئاً في المحافل العلمية([83]).

 

تأثُّر منكري النسخ بالمستشرقين

كتب جماعةٌ من المستشرقين الكتب والمقالات في مسألة النسخ في الإسلام، وخاصة النسخ في القرآن، واعتبروا أن ذلك كان وسيلة وملجأً للنبيّ لتغيير الأحكام السابقة والعدول عنها، واعتبروا كذلك أن من الأسباب التي أدَّتْ إلى ظهور فكرة الناسخ والمنسوخ بين المسلمين تبرير التناقضات في القرآن، والاختلاف بين القرآن والسنّة، واختلاف فتاوى الفقهاء([84]).

يعتقد جون بورتون([85]) ـ أشهر مستشرق تناول بحث النسخ، وهو أستاذٌ سابق في جامعة سانت إندروز ـ أن بعض الآيات حُذفت أثناء جمع القرآن، وما النسخ إلاّ لتبرير ذلك([86]). وهذا التصوُّر نقرأه أيضاً في كتاب «محمد في مكّة»، لمونتغمري واط([87])؛ إذ يقول مثلاً: «أصبح نسخ حكم الآية وبقاء تلاوته أمراً مشروعاً ومعتبراً في بعض الموارد التي أُهملت الأحكام المستنبطة من آيات القرآن بقصد مطابقتها لأحكام الفقه»، معتبراً أن مسألة النسخ ومصاحف الصحابة عللٌ تقتضي عدم انتساب جمع القرآن إلى النبيّ|([88]).

كما تعرَّض «روبرت برانس جيف»([89])، في كتابه «دراسات إسلامية»، وفي هامش موضوع «المنطق والقانون في الإسلام»، تعرَّض بصورةٍ مختصرة لبحث النسخ، حيث يعتقد «أن المسلمين أدخلوا النسخ إلى القرآن بوصفه معياراً قانونياً؛ لإلغاء التناقضات الموجودة في النصوص القرآنية»([90]).

كما بحث المستشرق «جون جلكرايست» مسألة النسخ، ويدور كلامه حول حقيقةٍ مؤدّاها أن القرآن يعترف بحصول التغيير في بعض آياته، وهذا يشكِّل قاعدة جيدة لأولئك الذين يعتقدون بأن القرآن الموجود بأيدي المسلمين غير كامل، وقد سقطت منه بعض آياته. وهو الأمر الذي فهمه علماء المسلمين المحدثين، فصاروا إلى إنكار النسخ؛ لأن هذه المسألة تسوقهم إلى عواقب غير مرضية. ومن المسلَّم أن هذا القرآن لا يمكن اعتباره نفس القرآن الذي جاء به محمد|، من دون نقصٍ وزيادة([91]).

إن إنكار النسخ من البعض بدافع ردّ دعوى النقصان والتحريف في القرآن مسألة حقٍّ أراد هذا المستشرق المغرض تلبيسها الباطل. وبعبارةٍ أخرى: أراد إثبات النسخ في القرآن؛ لكي يصل إلى أن القرآن محرَّف وغير كامل، في حين لا ملازمة بين النسخ في القرآن في زمان النبيّ الأكرم| وبين التحريف.

وقد وصلت هذه الشبهة إلى حدٍّ بحيث أدَّتْ إلى إنكار النسخ مطلقاً من قبل الباحثين الإسلاميين. وكمثال على ذلك: عبد المتعال الجبري، الذي يقول: لقد وضع جماعةٌ من المستشرقين وعملاء الاستعمار الإسلام والقرآن وصاحب الشريعة| في موضع التُّهمة عبر القول «بالنسخ». فإذا ارتضينا نظرية «النسخ في القرآن نكون قد اقتفينا أثر أتباع أهل الكتاب، في حين أن أهل الكتاب يقولون: «كان ظهور فكرة النسخ في القرآن من صنع محمد|، وليس من الله وبأمره. إذن فمحمد تلاعب بالقرآن، ولا حجِّية له بعد ذلك». وهذا بحدّ ذاته يفتح الباب أمام الكفّار والمشركين لإلقاء الشبهات ضدّ الإسلام. وبناءً على ذلك يجب الاجتناب عن القول بالنسخ([92]).

لقد استخدم المستشرقون مسألة النسخ، وخصوصاً في القرن الأخير، كسلاح يرمون به القرآن، ويتَّهمونه بالاختلاف والتناقض والتحريف. وإذا دقَّقنا النظر قليلاً فسوف نرى أن منكري النسخ في هذا القرن قريبون للاتّفاق على هذه المسألة. ويمكن القول: إن إنكار النسخ من كثيرٍ من هؤلاء هو نوعٌ من الدفاع عن القرآن وصيانته، ودفعٌ للاتهامات والشبهات التي تستهدفه، تلك الشبهات التي تتأتّى من قبول النسخ في القرآن، وما «شبهة نقصان القرآن وتحريفه» إلاّ واحدة منها.

النتائج

يمكن تلخيص النتائج المترتِّبة على هذا البحث بالنقاط التالية:

1ـ إن معنى النسخ عند أكثر المسلمين، وعلى مدى أربعة عشر قرناً بعد عصر النزول، هو أن آيةً من القرآن تنسخ آيةً أخرى. ولكنْ هناك عددٌ من علماء المسلمين أنكروا ظاهرة النسخ؛ لأنهم عاشوا في حقب زمنية لها ظروفها الاستثنائية.

2ـ أوّل شخص أنكر النسخ في القرآن، وأصبح سبباً لإنكار الآخرين له، أبو مسلم بحر الإصفهاني، وهو من علماء القرن الرابع. وبما أن أصوات تحريف القرآن قد علَتْ في هذا القرن، وجرى التشكيك في أكثر المصادر الإسلامية اعتباراً، فقد جهر أبو مسلم ـ السياسي البارز ـ بمعارضته لهذه التُّهَم، وأنكر النسخ بصراحةٍ؛ دفاعاً عن القرآن.

3ـ لم نشهد أحداً من القرن الرابع إلى القرن الرابع عشر الهجري قال بإنكار النسخ في القرآن، على خلاف أكثر العلماء. وأما في القرن الخامس عشر فقد ظهرت رؤية أبي مسلم مرّةً أخرى على السطح، وكُتبَتْ الكتب المستقلّة بشأن ذلك.

4ـ أكثر المنكرين للنسخ هم من علماء السنّة، وخصوصاً من مصر، مع قلّة مَنْ أنكره من علماء الشيعة، وكأنَّ هناك تشابهاً بين ظروف القرن الرابع و الخامس عشر. كما أن إثارة الشبهات القرآنية، وبالأخص شبهة التحريف، جعل العلماء يتصدّون إلى إفراد كتبٍ مستقلّة في صيانة القرآن عن ذلك. ويمكن رؤية النموذج الحقيقي لهذه الشبهات في كلام المستشرقين. وفي المقابل، وبدل أن يطرح بعض المنكرين أدلّةً علمية تجيب عن هذه الشبهات؛ وبدافع صيانة القرآن عن التحريف والنقصان، راحوا ينكرون وجود النسخ من الأساس.

5ـ إن أحد دوافع إنكار النسخ يتمثَّل بتأثُّر بعض المنكرين بآراء البعض الآخر، وبالأخص أبي مسلم، حيث نقل الكثير منهم آراءه في كتبهم. وكذلك تابع كلٌّ من رشيد رضا أستاذه محمد عبده؛ وعبد المتعال الجبري أستاذه علي حَسَب الله؛ وأحمد حجازي السقّا وعلي حَسَب الله أستاذهم الشيخ محمد الخضري، منكرين كلّ نوعٍ من النسخ في القرآن.

6ـ إن أغلب المنكرين؛ وبسبب التفسير الخاطئ للآيات القرآنية، وعدم الإدراك الصحيح لحقيقة النسخ، وعدم فهم فلسفة إبقاء الآيات التي نُسخ حكمها، ظنُّوا أن وجود الآيات الناسخة والمنسوخة في القرآن أمرٌ عبثي، ومستلزم للتناقض ودخول الباطل في آيات القرآن الكريم.

 

الهوامش

(*) عضو الهيئة العلميّة في قسم علوم القرآن والحديث في كلية الإلهيّات في جامعة قم.

(**) عضو الهيئة العلميّة في قسم علوم القرآن والحديث في كلية الإلهيّات في جامعة قم.

(***) طالب في مرحلة الدكتوراه في قسم علوم القرآن والحديث في كلية الإلهيّات في جامعة قم.

([1]) انظر: عزت الله مولائي ­نيا، نقد وبررسي نظريه إنكار نسخ در قرآن: 229 (بتصرُّف).

([2]) للاستزادة في هذا المجال راجع الكتاب القيِّم (نقد وبررسي نظريه إنكار نسخ در قرآن)، للكاتب عزت الله مولائي نيا.

([3]) عمر رضا كحالة، معجم المؤلفين 9: 97.

([4]) انظر: سيد عبد الحجّة البلاغي، حجّة التفاسير وبلاغ الإكسير 1: 52؛ محمد عبد العظيم الزرقاني، مناهل العرفان في علوم القرآن 2: 82.

([5]) أحمد بن عليّ الجصّاص، أحكام القرآن 1: 72.

([6]) ابن المتوّج، الناسخ والمنسوخ: 20.

([7]) انظر: فخر الدين الرازي، مفاتيح الغيب 3: 639 ـ 640.

([8]) ابن المتوّج، الناسخ والمنسوخ: 19.

([9]) محمد هادي معرفت، معرفت قرآني: 452.

([10]) انظر: ابن بابويه القمّي، الاعتقادات: 84.

([11]) كتاب القراءات لأحمد بن محمد بن سيّار، المعروف بالسياري، من أصحاب الإمامين الهادي والعسكري’، ويُعَدّ من الغلاة، وقد رُمي رجاله بالفساد في المذهب، والخلط بين الصحيح والسليم والضعف في نقل الحديث. (انظر: آقا بزرگ الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة 17: 52؛ أبو القاسم الخوئي، معجم رجال الحديث 3: 71).

([12]) انظر: محمود سرمدي، أبو مسلم إصفهاني، مفسِّري گمنام: 25.

([13]) ناديه شريف العمري، النسخ في دراسات الأصوليين: 99.

([14]) انظر: رجال النجاشي: 388، الطوسي، الفهرست: 210، الذريعة إلى تصانيف الشيعة 16: 224، الخوئي، معجم رجال الحديث 15: 335.

([15]) الذريعة إلى تصانيف الشيعة 24: 146 ـ 147.

([16]) مولائي نيا، نقد وبررسي نظريه إنكار نسخ در قرآن: 96.

([17]) أحمد خان الهندي، تفسير القرآن وهو الهدى والفرقان 1: 18.

([18]) مَنْ أراد التعرف على حياته وأفكاره فليراجع مقدّمة السيد محمد تقي فخر داعي الكيلاني على تفسيره.

([19]) الهندي، تفسير القرآن وهو الهدى والفرقان: 192.

([20]) انظر: ولي الله سرابي، إثبات الآيات: 39 ـ 40.

([21]) المصدر السابق: 30.

([22]) المصدر نفسه.

([23]) انظر: علي حسن العريض، فتح المنان في نسخ القرآن: 208 ـ 212؛ عبد المجيد المحتسب، الاتجاهات التفسيرية في العصر الراهن: 103 ـ 193؛ جواد موسى محمد عفّانه، الرأي الصواب في منسوخ الكتاب: 70، نقلاً عن: مولائي نيا، نقد وبررسي نظريه إنكار نسخ در قرآن: 280.

([24]) انظر: محمد عبده، شرح نهج البلاغه: 25.

([25]) انظر: محمد رشيد رضا، تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار) 1: 345.

([26]) مولائي نيا، نقد وبررسي نظريه إنكار نسخ در قرآن: 274.

([27]) انظر: هبة ­الدين الشهرستاني، تنـزيه التنـزيل: 8 ـ 9.

([28]) هذه الملاومة خاطئة؛ لأن بحوث مصونية القرآن الكريم من التحريف لا ترتبط بالكلِّية بمقولة النسخ؛ لأن القول «بنسخ التلاوة» يؤدّي إلى التحريف فيما لو كان النسخ بعد وفاة الرسول الأكرم|. وهذا غير صحيح؛ لأن الوحي انقطع بوفاة النبيّ|، ولا يُتصوَّر النسخ بعد ذلك. (انظر: هبة ­الدين الشهرستاني، تنـزيه التنـزيل: 23).

([29]) انظر: المصدر السابق: 12.

([30]) المصدر السابق: 38.

([31]) المصدر السابق: 47.

([32]) محمد الغزالي، نظرات في القرآن الكريم: 202.

([33]) المصدر السابق: 195.

([34]) انظر: محمد هادي معرفت، التمهيد في علوم القرآن 2: 302 ـ 317.

([35]) معرفت، نسخ در قرآن در تازه ترين ديدگاه ها (النسخ في القرآن وأحدث النظريات)، فصليّة بيّنات، العدد 44: 99 ـ 107.

([36]) المصدر السابق: 101 ـ 106؛ محمد هادي معرفت، معرفت قرآني 2: 471 ـ 484.

([37]) محمد هادي معرفت، نسخ در قرآن در تازه ترين ديدگاه ها (النسخ في القرآن وأحدث النظريات)، فصليّة بيّنات، العدد 44: 99 ـ 107؛ محمد هادي معرفت، معرفت قرآني 2: 484.

([38]) مولائي نيا، نقد وبررسي نظريه إنكار نسخ در قرآن: 291.

([39]) انظر: مرتضى العسكري، القرآن الكريم وروايات المدرستين 2: 277.

([40]) انظر: المصدر السابق: 304.

([41]) محمد خضري بك، تاريخ التشريع الإسلامي: 19.

([42]) المصدر نفسه.

([43]) انظر: المصدر السابق: 19 ـ 20.

([44]) المصدر السابق: 24.

([45]) محمد خضري بك، أصول الفقه: 251.

([46]) انظر: علي حسب الله، أصول التشريع الإسلامي: 306 ـ 312.

([47]) انظر: المصدر السابق: 303 ـ 304.

([48]) أحمد الحجازي السقّا، لا نسخ في القرآن: 224.

([49]) المصدر السابق: 233.

([50]) المصدر السابق: 5 ـ 6.

([51]) عبد المتعال الجبري، الناسخ والمنسوخ بين الإثبات والنفي: 202.

([52]) نقد الدكتور محمد محمود الفرغلي ـ وهو من الباحثين المعاصرين في مصر ـ كتاب الدكتور عبد المتعال الجبري نقداً علمياً، وأجاب عن أدلته بإجاباتٍ رصينة في كتابه (النسخ بين الإثبات والنفي)، المطبوع في مطبعة (دار الكتاب الجامعي)، في عام 1408هـ. (انظر: الجبري، الناسخ والمنسوخ بين الإثبات والنفي: 30؛ وكذلك: الجبري، لا نسخ في القرآن، لماذا؟: 25 ـ 26).

([53]) انظر: المحتسب، الاتجاهات التفسيرية في العصر الراهن: 103 ـ 193؛ العريض، فتح المنان في نسخ القرآن: 208 ـ 214، نقلاً عن: مولائي نيا، نقد وبررسي نظريه إنكار نسخ در قرآن: 278.

([54]) انظر: الجبري، لا نسخ في القرآن، لماذا؟: 29 ـ 31.

([55]) انظر: الجبري، الناسخ والمنسوخ بين الإثبات والنفي: 104.

([56]) انظر: الجبري، لا نسخ في القرآن، لماذا؟: 13.

([57]) انظر: المصدر السابق: 19.

([58]) الجبري، الناسخ والمنسوخ بين الإثبات والنفي: 39 ـ 41.

([59]) انظر: عفّانه، الرأي الصواب في منسوخ الكتاب: 84.

([60]) المصدر السابق: 12.

([61]) المصدر السابق: 67.

([62]) محمد صالح علي مصطفى، النسخ في القرآن الكريم: 17 ـ 62.

([63]) انظر: المصدر السابق: 42.

([64]) انظر: عبد الكريم الخطيب، التفسير القرآني للقرآن 1: 128 ـ 130، 148 ـ 150.

([65]) المصدر السابق 7: 363.

([66]) المصدر السابق 1: 161.

([67]) انظر: المصدر السابق 1: 120 ـ 121.

([68]) أبو القاسم السهيلي، الروض الأنف في شرح السيرة النبوية 3: 12 ـ 13.

([69]) المصدر السابق: 457 ـ 458.

([70]) محمد أبو زهرة، أصول الفقه: 186.

([71]) المصدر السابق: 188.

([72]) المصدر السابق: 188، 194.

([73]) المصدر السابق: 194.

([74]) مولائي نيا، نقد وبررسي نظريه إنكار نسخ در قرآن: 287 ـ 288.

([75]) انظر: البلاغي، حجّة التفاسير وبلاغ الإكسير 1: 53.

([76]) المصدر السابق 7: 96.

([77]) محمد محمود ندا، النسخ في القرآن بين المؤيِّدين والمعارضين: 67.

([78]) انظر: المصدر السابق: 167.

([79]) إيهاب حسن عبده، استحالة وجود النسخ بالقرآن: 272.

([80]) المصدر السابق: 260.

([81]) انظر: المصدر السابق: 282.

([82]) لا بُدَّ من الانتباه هنا أن النسخ الذي يدَّعيه العامة مبنيّ على حدوث تغييرات في القرآن (حذف وإنساء وأكل الداجن)، ويلزم من قولهم التحريف في كتاب الله بعد وفاة النبيّ وغيرها من اللوازم؛ وأما النسخ الذي ندافع عنه نحن فهو النسخ الذي وقع في زمان رسول الله، ومن خلال الوحي، وبأمر الله ورسوله (المشرِّع الحقيقي). وهذا نفس التقنين، وكالملحق في القوانين الوضعية.

([83]) مولائي نيا، نقد وبررسي نظريه إنكار نسخ در قرآن: 290.

([84]) انظر: ساسي سالم حاج، نقد الخطاب الاستشراقي 1: 386؛ علي شريفي، بررسي ونقد ديدگاه هاي مستشرقان درباره نسخ در قرآن كريم: 81 ـ 86.

([85]) John Burton.

([86]) Burton, John, The collection of the quran, London, Cambridge University Press, 1979, p 50.

([87]) شريفي، بررسي ونقد ديدگاه ‌هاي مستشرقان درباره نسخ در قرآن كريم: 91.

([88]) المصدر السابق: 118.

([89]) Robert Brunschvig.

([90]) Brunschvig, Robert, Etudes d’islamologie, Paris, Maisonneuve et Larose, 1979, 2: 347 – 348.

([91]) انظر: إيهاب حسن عبده، استحالة وجود النسخ بالقرآن: 305.

([92]) الجبري، الناسخ والمنسوخ بين الإثبات والنفي: 9 ـ 10.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً