بقلم: الشيخ محمد عبّاس دهيني
تمهيد
ترجماتٌ صادقةٌ لنتاج فكريٍّ إسلاميّ،
تضعه بين يدَيْ القارئ العربيّ
دوحةٌ غنّاء في الفكر الإسلاميّ المعاصر والمتنوِّع،
في التاريخ، والأدب، والتراث، والقراءات النقديّة
بأقلامٍ بحثيّة واعدة،
وأهدافٍ رساليّة واضحة،
مع الرعاية التامّة لأصول البحث العلميّ
في المنهج، والمنهجيّة، والتوثيق،
وأن لا تكون منشورةً من قبلُ
إنّها مجلّة (نصوص معاصرة)
الفصليّة الورقيّة والإلكترونيّة
www.nosos.net
mdohayni@hotmail.com
كلمة التحرير: مصارحاتٌ مذهبيّة، وقفةٌ في معنى «عدالة الصحابة»
الكاتب: محمد عبّاس دهيني
في بحثٍ شائكٍ ومتشعِّبٍ وحسّاسٍ للغاية، ولكنّه بالغ الأهمّيّة ـ ولا سيَّما في زماننا هذا ـ، كالحديث عن «عدالة الصحابة» (أصحاب النبيّ محمد(ص))، تطرح أسئلةٌ عدّةٌ نفسَها، ولا يجد الباحث بُدّاً من الإجابة عنها، بما يرضي الله، ويدرأ نار فتنةٍ إنْ اشتعلَتْ فلن تبقي ولن تذر.
معنى «العدالة»
وفي نظري إن أبرز هذه الأسئلة على الإطلاق: ما هو المعنى الصحيح لكون هؤلاء الصحابة عدولاً؟
العدالة في أحد تعريفاتها هي الاستقامة في جادّة الشريعة، فهل هي كذلك في قولنا: «عدالة الصحابة»؟ وهل كلّ الصحابة قد استقاموا؟ وهل هم يتحلَّوْن بهذه المَلَكة على الدوام، ودون انقطاعٍ، أو أنهم يفقدونها ولو في أحايين قليلة؟
«العدالة» أو «شبه العصمة»؟
الواقع ـ الذي خبرتُه بنفسي ـ أن «عدالة الصحابة» بنظر القائلين بها نوعٌ من «العصمة» العمليّة، أو قريبةٌ جدّاً من «العصمة».
ففي إطار عملٍ موسوعيّ حول الحديث النبويّ في تراث المسلمين كانت لنا مساهمةٌ ومشاركةٌ ـ وإنْ لم تصِلْ؛ لأسبابٍ عديدة، إلى خواتيمها بإخراج هذا العمل إلى القارئ الكريم ـ، وكانت لنا لقاءاتٌ مع المحقِّقين المتخصِّصين في علم الحديث ـ وقد استفَدْنا منها كثيراً ـ، وممّا لاحظناه في عملهم أنهم حين يريدون الترجمة لرواة حديثٍ ما ـ أو ما يُعْرَف بـ «السند» ـ فإنهم يترجمون للرواة واحداً بعد آخر، ويستخرجون ما قيل فيه من جَرْحٍ أو تعديلٍ في الكتب الخاصّة بذلك، فإذا وصلوا إلى الراوي الأخير، أي الذي ينقل عن النبيّ(ص) مباشرةً، وهو «الصحابيّ»، فإنهم لا يترجمون له، ولا يذكرون حاله وتوثيقه أو تضعيفه، معتمدين في ذلك على «عدالة الصحابة»، فالجميع دون استثناءٍ ثقاتٌ، بل عدولٌ.
وهنا حَضَرَتْني عقيدةُ الشيعة في أئمّتهم الاثني عشر(عم)، حيث يرَوْنهم ـ كرسول الله(ص) ـ معصومين (والعصمة أعلى من العدالة)، لا يخطئون، ولا يسهَوْن، ولا ينسَوْن، بل لا يعانون من أمراضٍ وآفاتٍ تجعلهم يتوهَّمون أو لا يسمعون جيِّداً أو لا ينطقون بشكلٍ صحيح…
فإذا لم تُذْكَر ترجمةٌ للصحابيّ؛ اكتفاءً بقاعدة «عدالة الصحابة»، التي تمنحه حصانةً من الكذب والوضع، فهل تمنعه أيضاً من الخطأ والوَهْم وبعض الأمراض ـ كضعف السمع أو البصر أو التركيز ـ المانعة من الوثوق بنقله لقولٍ أو فعلٍ أو…؟!
قد يكون للشيعة ما يذكرونه من الأدلّة على عصمة الإمام، بل لزوم ذلك؛ ولكنّ أهل السنّة يرفضون هذه الأدلّة، ويناقشون فيها، في حين أن مقولةً قريبةً جدّاً من تلك المقولة، أي «العصمة»، تحضر عمليّاً في قولهم بـ «عدالة الصحابة»، بالشكل الذي بيَّنّاه!
مواقف متقابلة
وفي المقابل نجد للشيعة موقفاً متشنِّجاً من الصحابة كعنوانٍ عامّ، حيث لا يرَوْن لهم أيّ فضلٍ على غيرهم، بل رُبَما نظروا إليهم نظرةً سلبيّةً شاملة؛ استناداً إلى أن الناس قد ارتدّوا بعد رسول الله(ص) إلاّ ثلاثة أو أربعة؛ ويقابله تبسيطٌ في النظرة والتعامل مع بعض أئمّة أهل البيت(عم)، وكأنّهم فقهاء عاديّون، أو محدِّثون كغيرهم ممَّنْ تحمَّل الحديث ونقله، ولذلك خَلَتْ بعض كتب الحديث ـ كصحيح البخاري ـ من حديثٍ للإمام جعفر بن محمد الصادق(ع)، وهذا ما لا ينسجم مع مكانتهم وسعة عطائهم.
مكامن الخطأ المنهجيّ
الذي أريد قوله: إن منهجيّةً خاطئةً قد حكمَتْ كلا الفريقين، فأوصلَتْهم إلى ما هم عليه، وأبرز مكامن الخطأ في هذه المنهجيّة ما يلي:…، وللحديث تتمّةٌ على صفحات المجلّة.
ملفّ العدد: «الوَحْي» في نظريّاته المتباينة، مطالعاتٌ نقديّة وتحليليّة
المقالة الأولى: مفهوم الوَحْي عند المتكلِّمين المسلمين، نظريّاتٌ متباينة
الكاتب: د. حيدر باقري أصل؛ المترجم: مرقال هاشم
يعمد المتكلِّمون إلى بيان الأبحاث الكلامية الخاصة بالوحي ضمن أربعة محاور، وهي: مبدأ الوحي؛ أسلوب وكيفية الارتباط الوحياني بين الله والنبي؛ والشعور النبوي، والنصّ الوحياني للقرآن الكريم. وقد كان اختلافهم الأكبر يكمن في مبدأ الوحي مع المنكرين للوحي؛ حيث البحث هناك يتجاوز البحث الديني. وأما بحثهم الديني الرئيس فيتلخَّص في محورين، وهما: أسلوب الارتباط الوحياني بين الله والنبي، و«النصّ الوحياني للقرآن الكريم». وكان هؤلاء يفسِّرون الارتباط الوحياني بين الله والنبيّ بالارتباط الكلامي، وتبعاً لذلك كانوا يُفسِّرون النصّ الوحياني للقرآن بالكلام الإلهي، ولكنهم قدّموا نظريات مختلفة في ما يتعلَّق بأسلوب الارتباط الكلامي بين الله والبشر (وأسلوب وكيفية انتساب الكلام والتكلّم والوحي إلى الله). وقد أدّت جهودهم في الناحيتين المذكورتين والوحي إلى إبداء نظرية الكلام النفسي واللفظي للوحي من قِبَل الأشاعرة، ونظرية الكلام الحادث والمخلوق من قِبَل المعتزلة والإمامية، وذهب الحنابلة في مقابل هاتين النظريتين ـ استناداً إلى مبانيهم ـ إلى القول بالتوقُّف. إن اتجاه هؤلاء المتكلِّمين إلى الوحي في هذه المرحلة كان اتجاهاً لغوياً، ولم يقدِّموا أيّ بحثٍ في هذه المرحلة عن محور الشعور النبويّ أبداً.
وقد ذهب المتكلِّمون في العصر المتأخِّر إلى تفسير أسلوب الارتباط الوحياني بين الله والإنسان والنصّ الوحياني للقرآن على غرار تفسير أسلافهم؛ وأما في العصور اللاحقة فقد انتقلوا بالتدريج من المحورين المذكورين إلى محور الشعور النبوي، وقد أدَّتْ أبحاثهم في هذا المحور إلى تبلور نظرية الوحي أو الشعور الخاصّ. لقد ركّز أصحاب هذه النظرية أكبر جهودهم في تفسير الشعور النبوي، ولم يتعرّضوا إلى البُعْد اللغوي من الوحي إلاّ قليلاً؛ وكان هذا بسبب دخول الاتجاهات الفلسفية والعرفانية إلى بحث الوحي. لقد كان الفلاسفة والعرفاء يفسِّرون هذا المحور من الوحي في ضوء مبانيهم الخاصّة، ومن هنا فقد ركّز المتكلِّمون بدَوْرهم بحثهم ـ في مقام الدفاع عن موقفهم طبقاً لما يقتضيه العصر وتستدعيه الحاجة ـ في هذا المحور أيضاً.
ومع بداية عصر التجديد والاتجاهات الجديدة في عصر الحداثة حصل تحوُّل في الأبحاث القديمة، واصطبغت بصبغةٍ جديدة، وكان من بين خصائص مسألة الوحي في هذه المرحلة تبلور تفسيرٍ جديد في طبيعة «الارتباط الوحياني بين الله والإنسان». لقد عمد هذا الاتجاه الجديد إلى نقل الوحي من الاتجاه اللغوي إلى الاتجاه غير اللغوي، واكتسب عنوان التجربة الدينية.
وعلى هذه الشاكلة قام المتكلِّمون المسلمون بتقديم نظريات متعدّدة حول المحاور الأربعة المذكورة للوحي؛ بَيْدَ أن المحقّقين لم يقدِّموا دراسةً وقراءة متناغمة تعكس نظرياتهم. ومن هنا فقد سعَتْ هذه المقالة إلى دراسة هذه النظرية في ضوء الاتجاهين اللغوي وغير اللغوي. وإن الاتجاه اللغوي للوحي يشمل نظريات الكلام النفسي واللفظي للأشاعرة، والكلام الحادث المعتزلي / الإمامي، والتوقُّف [الحنبلي]؛ وأما الاتجاه غير اللغوي للوحي فيشمل نظريات الوحي أو الشعور الخاصّ والتجربة الدينية.
ويمكن القول في ضوء الاستنتاج العام: إن المسار التحوُّلي لدى المتكلِّمين المسلمين في تفسير وبيان الوحي قد بدأ من اللغوي، وانتهى إلى غير اللغويّ، رغم أن هناك من المتكلِّمين في البين مَنْ قدَّم تفسيراً لغوياً عن الوحي في جميع العصور، ولم تتغيَّر نظريّتهم عبر العصور، كما هو الحال بالنسبة إلى نظرية المعتزلة والإمامية بشأن الوحي.
المقالة الثانية: نظريّة «الكلام النفسيّ» لابن كُلاّب، عرضٌ ونقد
الكاتب: د. السيد محسن الموسوي / د. جواد فرامرزي / أ. حجّت علي نجاد؛ المترجم: سرمد علي
هناك اختلافاتٌ كثيرة بين المتكلِّمين حول كيفية انتساب التكلُّم إلى الله، وكيفيّته؛ فهناك مَنْ قال: إن الكلام جزءٌ من صفات الله، وقال: إنه قديم، وهو مبنى عموم أصحاب الحديث، ومن بينهم: أحمد بن حنبل؛ وذهبت جماعةٌ أخرى إلى القول بأن الكلام جزءٌ من فعل الله، وإنه حادثٌ، وهو مبنى الشيعة والمعتزلة.
ذهب أنصار القول بقِدَم كلام الله إلى الاعتقاد بأن كلام الله ليس من جنس الأصوات والحروف، بل هو من صفات الذات، وهو مفهومٌ وحقيقة كانت موجودةً منذ الأزل والقِدَم مع الله. وعلى هذا الأساس يكون كلام الله كلاماً نفسيّاً. وعندما يتكلَّم الله مع الإنسان فإنه يعرض تلك الحقيقة وذلك المفهوم والمعنى الأزليّ بواسطة خلق الألفاظ.
وتزعم الأشاعرة أن القرآنَ وجميعَ الصحف السماوية التي نزلت وَحْياً على الأنبياء وجودٌ لفظي لتلك الصفة القديمة للذات؛ أي إنها ظهورٌ وتجلٍّ ونزولٌ لتلك الحقيقة الأزلية والواحدة. إن كلام الله طبقاً لقول الأشاعرة ليس حادثاً أو مخلوقاً، بل إن الأصوات والحروف هي التي يتمّ خلقها في مسار نزول الوحي. وحيث إن القرآن الكريم حكايةٌ وتعبيرٌ لفظي لذلك المعنى القديم والحقيقة الأزلية فإن فهم هذه الألفاظ يكون بدَوْره فهماً لتلك الحقيقة.
وفي هذا السياق قام ابن كُلاّب ـ وهو من مشاهير المتكلِّمين في القرن الثالث الهجري ـ بتقديم مسألةٍ جديدة في هذا الباب. وقد عمد الكثير من المتكلِّمين ـ من مختلف الاتجاهات الفكرية ـ إلى مخالفته بشدّةٍ.
إن «كلام الله النفسي» ـ من وجهة نظر ابن كُلاّب ـ عبارةٌ عن مفهومٍ أزلي وصفةٍ قديمةٍ وقائمةٍ بذاته، وإن هذه الصفة كسائر الصفات الأخرى ـ من قبيل: العلم والقدرة الإلهية ـ واحدةٌ في حقيقتها، ولا تقبل الكثرة والتقسيم. إن اتحاد حقيقة كلام الله وعدم قبوله للتكثُّر يعني أن الكلام الإلهي، على الرغم من اشتماله على مختلف أنواع البيان ـ مثل: الأمر والنهي والإخبار والاستفهام ـ، لا يقبل التقسيم والتبويب الزمني في حدّ ذاته.
والذي تسعى إليه هذه المقالة هو بيان رأي ابن كُلاّب بشأن الوحي القرآني، وما هي الجذور التاريخية لنقد رأي ابن كُلاّب؟ وهل ينسجم رأي ابن كُلاّب حول الوحي القرآني مع مضامين الآيات القرآنية والروايات وعقائد المسلمين؟ وما هي الأدلة على نقد وردّ نظريّة ابن كُلاّب من خلال القرآن الكريم؟
المقالة الثالثة: سماويّة الألفاظ القرآنيّة بين النفي والإثبات، دراسةٌ استدلاليّة قرآنيّة
الكاتب: د. محمد شيباني؛ المترجم: مرقال هاشم
إن من بين المسائل التي تثار اليوم في بعض الصحف والمجلات من حينٍ لآخر مسألة سماوية أو عدم سماوية ألفاظ وكلمات القرآن الكريم، حيث يتمّ طرح السؤال على النحو التالي: هل نزلت ألفاظ القرآن وكلماته ـ مثل معانيه ـ وحياً من قِبَل الله سبحانه وتعالى، ولم يكن للنبيّ الأكرم(ص) أيّ دَوْرٍ أو تدخُّل في هذه الألفاظ، أم أن القرآن ظاهرةٌ بشرية، وأنه من صنع النبي الأكرم(ص) نفسه، وأن آيات القرآن الكريم بحَسَب المصطلح قوالب عبَّر بها النبيّ عن تجربته الباطنية؟
لقد كان هذا السؤال مطروحاً في مورد النصوص المسيحية المقدّسة أيضاً؛ إلا أن الدافع والمصير الذي كان لهذا السؤال في مورد النصوص المسيحية المقدّسة يختلف عن دافعه ومصيره في مورد القرآن الكريم في أمرين رئيسين، وهما:
أوّلاً: إن الجذور التاريخية لهذا السؤال في مورد القرآن ـ على ما يلوح من «الإتقان» للسيوطي، و«البرهان» للزركشي ـ تعود إلى ما قبل قرون خلَتْ، وإن السبب الذي أدّى إلى طرح هذا السؤال وبيان نظرية عدم سماوية ألفاظ القرآن الكريم ـ كما سنأتي على ذلك ـ كان أمراً من داخل الدين، من قبيل: الفهم الخاص لبعض الآيات، أو الرأي الخاص بشأن الكلام الإلهي. وأما في المسيحية فيعود طرح هذا السؤال أوّلاً إلى فترةٍ متأخِّرة جدّاً، وثانياً: كان الدافع إلى طرحه يكمن في بعض التهافت الموجود؛ حيث لا تنسجم النصوص المقدَّسة مع المعطيات العلمية.
والاختلاف الآخر أن هذا السؤال على الرغم من طرحه في العالم المسيحي بشكلٍ متأخِّر، ولكنْ تمّت الإجابة عنه بشكلٍ مبكِّر جدّاً أيضاً. إن تطوّر العلوم والتحقيقات التاريخية حول النصوص المقدّسة، وكيفية تبلورها، أوضحَتْ بما لا مجال معه للشكّ في هذه الحقيقة، وهي أن النصوص المقدّسة من صنع البشر، لا على يد النبيّ موسى(ع) أو النبيّ عيسى المسيح(ع)، بل على يد أفرادٍ من أتباعهم بأعيانهم، من الذين عاشوا في مراحل زمنية متأخِّرة جدّاً عن مرحلة النبيّين موسى وعيسى(عما). وأما في مورد القرآن الكريم فإن الأمر معكوسٌ تماماً؛ بمعنى أن نظرية عدم سماوية ألفاظ القرآن بعد طرحها عُرفت منذ البداية بوصفها نظريةً شاذّة وغريبة، وكلما تقدَّم الزمن أصبحت هذه النظرية منبوذةً بشكلٍ أكبر؛ وذلك لأن التقدُّم العلمي لم يأتِ بما يثبت خطأ الحقائق القرآنية، بل أيّد صحتها أيضاً. وأما لماذا عاد طرح هذه النظرية الشاذّة إلى الواجهة في هذا العصر من جديد؟ فإن السبب في ذلك يعود إلى تقليد بعض المستنيرين [من المسلمين] للغرب؛ حيث أخذوا يسعون إلى إسقاط التحديات والأزمات الخاصة بالمسيحية على العالم الإسلامي بشكلٍ وآخر.
لقد عمدت هذه المقالة إلى بحث مسألة سماوية أو عدم سماوية ألفاظ القرآن الكريم، ولكنْ لا يعود سبب بحث هذه المسألة إلى أهمّية ذات هذه المسألة، وإنما لأن بعض الاتجاهات في مورد الدين أخذت تقوم بشكلٍ إرادي أو لا إرادي على أساس عدم سماوية ألفاظ القرآن الكريم.
المقالة الرابعة: بشريّة ألفاظ الوَحْي القرآنيّ، تحليلٌ نقديّ
الكاتب: د. محمد كاظم شاكر / أ. حسام إمامي دانالو؛ المترجم: وسيم حيدر
يُعدّ بحث مسار الوحي ومعرفة ماهيته أحد أهمّ المسائل الدينية التي تحظى باهتمام المتكلِّمين المسلمين. ومن بين هذه المسائل تحديد ماهية ذلك الشيء الذي كان يوحى إلى النبيّ الأكرم(ص)؛ بمعنى أن الذي كان يوحى إلى النبيّ الأكرم(ص) في مسار الوحي مجرّد معاني القرآن الكريم، دون احتوائها على شكلٍ أو إطارٍ لفظي، وإن النبيّ الأكرم(ص) ـ بالإضافة إلى الإبلاغ ـ كان يتولّى بلورة تلك المعاني في إطارٍ لفظي، أو أن ألفاظ القرآن الكريم بدَوْرها كانت تُلْقَى من عند الله سبحانه وتعالى على النبيّ الأكرم(ص) أيضاً.
يذهب أكثر المسلمين إلى الاعتقاد بأن القرآن الكريم قد نزل من عند الله على النبيّ الأكرم(ص) بلفظه ومعناه، وإن النبيّ الأكرم قد أبلغ آياته إلى الناس بعينها دون تدخُّلٍ أو تصرُّف من جانبه. ومع ذلك هناك من المسلمين مَنْ قال بأن ألفاظ القرآن الكريم منبثقةٌ عن الوجود المقدَّس للنبيّ الأكرم(ص)، بمعنى أن الذي كان ينزل على النبيّ الأكرم في مسار الوحي كان دون شكلٍ أو صورة لفظية، وأن النبيّ الأكرم هو الذي صاغ تلك المعاني بعد نزولها عليه في إطارٍ لفظي؛ ليجعلها في مستوى فَهْم المخاطَبين.
إن بيان هذه النظرية القائلة بأن نزول المعاني من الله، وقولبتها في إطارٍ لفظي من قِبَل النبي الأكرم(ص)، قد واجه بعض الانتقادات. حتّى أنه سبق أن تمّ نشر الكثير من المقالات والكتب في نقد القول ببشريّة ألفاظ القرآن الكريم.
وعلى هذا الأساس من الضروري بحث هذا الاستدلال في دراسةٍ مستقلة ضمن إطارٍ علميّ تحقيقي. وهو ما تسعى إليه هذه المقالة، ضمن تحليل طريقة التمسُّك بالآيات 192 ـ 196 من سورة الشعراء من قِبَل القائلين ببشرية الألفاظ.
المقالة الخامسة: الرؤية التفسيريّة لمحمد مجتهد شَبِسْتَري، قراءةٌ تحليليّة شاملة
الكاتب: د. الشيخ عبد الحسين خسروپناه / أ. محمد القمّي؛ المترجم: سرمد علي
إن الاتجاه التفسيري لمحمد مجتهد شبستري شديد التأثُّر بالهرمنيوطيقا الفلسفية لغادامير، ولكنه يسعى إلى جانب ذلك إلى الاستفادة من أبحاث علم الأصول أيضاً. ومن هنا فإنه يستعرض بحث «المراد الجدّي للمؤلِّف»، ويذهب إلى الاعتقاد بوجوب التعرُّف على المراد الجدّي للمؤلِّف أو الكاتب. ويرى أن هذه المعرفة تتحقّق من خلال الفرضيات السابقة، بمعنى أن فرضياتنا السابقة هي التي تحدِّد ما هو المعنى الذي كان يمكن للمؤلِّف أو الكاتب أن يريده أو لا يريده. كما أنه يرى أن فهم مراد المؤلِّف يقوم بدَوْره على الهرمنيوطيقا الفلسفية. إن ماهية الفهم ـ من وجهة نظر مجتهد شبستري ـ عبارةٌ عن تأثير الفرضيات السابقة والأذواق والتوقّعات والأسئلة التي يطرحها المفسِّر على النصّ، وما لم يتم تنقيح هذه الفرضيات السابقة لن يتحقَّق الفهم الصحيح. إن تنقيح الفرضيات والمعلومات السابقة، بالإضافة إلى التأثير على فهم النصّ، يؤثِّر كذلك على معرفة وفهم مراد المؤلِّف أيضاً. إن الفرضيات السابقة المنقَّحة ـ من وجهة نظر مجتهد شبستري ـ تعني الفرضيات السابقة المقبولة من عقلاء العصر. لو أن شخصاً توجَّه إلى النصّ بفرضياتٍ سابقة منقَّحة فإنه سوف يحصل على فهمٍ أو أفهامٍ متعدّدة للنصّ؛ أي إنه لا إشكال في حصول الشخص على تعدُّدٍ للفهم. وعلى هذا الأساس يمكن أن تكون هناك أكثر من قراءةٍ واحدة صحيحة للنصّ، ويمكن أن ننسب للنصّ تفسيراتٍ متعدّدة، وتكون صحيحةً بأجمعها. وفي الحقيقة يمكن أن يكون لدينا نوعٌ واحد من تعدُّدية الفهم الديني الصحيح (غير التعدُّدية خارج الدين). إن الفهم الصحيح لا يعني التطابق الكامل مع نيّة المؤلِّف، بل بمعنى الأفهام التي تقوم على الفرضيات السابقة المنقَّحة. إنها الفرضيات السابقة التي تساعدنا على فهم النصّ، كما تساعدنا على إدراك قصد المؤلِّف. ثم عمد بعد ذلك إلى تحليل الوحي بمثل هذا الاتجاه، ليقول في نهاية المطاف بأن النبوّة تفسيرٌ ورؤيةٌ خاصّة للعالم والإنسان في ضوء الوحي، وقد انعكس هذا التفسير في القرآن الكريم. وعلى هذا الأساس لا ينبغي اعتبار مضمون القرآن أخباراً نازلةً على النبيّ الأكرم(ص)، وأنه كان ينقلها إلى الناس، بل إنها بأجمعها وليدة رؤية النبيّ، لا أكثر.
وفي هذه المقالة، بالإضافة إلى إثبات أن رؤية مجتهد شبستري تستلزم إنكار النبوّة والدين، أورد الكاتبان عليه في بيان رؤيته عشرة إشكالات أخرى، وهي:
1ـ عدم الالتفات إلى جميع أقسام التفسير.
2ـ عدم الالتفات إلى جميع أقسام المعلومات السابقة.
3ـ عدم الالتفات إلى مراتب الفهم والمداليل.
4ـ عدم التمسُّك بنية المؤلِّف، وهو ما يُصرّ عليه.
5ـ الجمع بين الرأي القائل بمحورية المفسِّر والرأي القائل بمحورية المؤلِّف، وهو ممّا لا يقبله الجميع.
6ـ الجمع بين المنهج الهرمنيوطيقي والمنهج الظاهراتي، وهما لا يمكن الجمع بينهما.
7ـ القول بتعميم مقبولات عصر الحداثة، في حين أنها ليست عامّةً.
8ـ التعريف بمقبولات عصر الحداثة بوصفها معياراً لتنقيح وتقييم المعلومات السابقة، وهو معيارٌ خاطئ.
9ـ القول بإجماعية نظرية الهرمنيوطيقا الفلسفية، والغفلة عن النظريات المتعدِّدة الأخرى.
10ـ تجاهل أهمّ تطبيقات اللغة، ألا وهو نقل المعنى من المتكلِّم إلى المخاطَب.
المقالة السادسة: النزول اللفظيّ والمعنويّ للقرآن الكريم من وَحْي الحديث المأثور
الكاتب: د. السيد رضا مؤدّب / د. حميد رضا يونسي؛ المترجم: السيد حسن مطر
من الموضوعات الهامة في أبحاث العلوم القرآنية موضوع «كيفية نزول القرآن الكريم» من حيث اللفظ أو المعنى، حيث توصَّل الدكتور عبد الكريم سروش ـ في نظرية «بسط التجربة النبوية»، وبعد ذلك في لقاءٍ له بعنوان «كلام محمد» ـ إلى إحدى النظريات الجَدَلية في موضوع كيفية النزول. وتقول هذه النظرية في مضمونها: إن القرآن الكريم من حيث المعنى والمفهوم قد نزل من عند الله سبحانه وتعالى، وأما من حيث الألفاظ فقد تمّ تأليفه بمجهودٍ من النبيّ الأكرم(ص).
بَيْدَ أننا من خلال جولةٍ في الروايات نصل إلى رؤيةٍ مغايرة لما طرحه الدكتور سروش؛ فإن الروايات تقول صراحةً: إن القرآن قد نزل بلفظه ومعناه من عند الله سبحانه وتعالى، وإن النبي الأكرم(ص) لم يكن سوى بشيرٍ ونذير، وإنه في هذه البشارة والإنذار قد نقل الآيات إلى الناس كما كانت في الأصل، ونزلت عليه من قِبَل الله سبحانه وتعالى.
ومن هنا فقد سعَتْ هذه الدراسة إلى نقد ومناقشة هذا الرأي، بالنظر إلى نصّ مقالة «بسط التجربة النبوية» ومقابلة «كلام محمد»، واستناداً إلى الأحاديث والروايات.
ولقد سبق لكاتبَيْ هذه المقالة أن ردّا على هذه النظرية في دراسةٍ مستقلّة من خلال الأدلة القرآنية. ولكنْ حيث تُعَدّ الروايات والأحاديث المأثورة عن النبيّ الأكرم(ص) والأئمّة المعصومين(عم) أحد المستندات الهامّة والأساسية في أبحاث العلوم الإسلامية فقد تمّ السعي في هذه الدراسة إلى نقد نظرية بسط التجربة النبويّة استناداً إلى الروايات أيضاً.
المقالة السابعة: اللفظ البشريّ وتاريخيّة الأحكام في القرآن الكريم، مطالعةٌ نقديّة لآراء شَبِسْتَري
الكاتب: د. أحمد جمالي؛ المترجم: السيد حسن الهاشمي
إن القرآن الكريم هو آخر وأكمل الكتب السماوية، والمعجزة الخالدة للنبيّ الأكرم وخاتم الأنبياء(ص)، وكانت آياته المضيئة والمقدّسة منذ نزوله وإلى اليوم مشاعل هدايةٍ للكثير من الناس نحو التوحيد والإيمان بالدين الإسلامي المقدّس.
وقد بدأ رفع الأعلام المخالفة للقرآن، والسعي إلى إطفاء نوره، منذ باكورة ظهور الدين الإسلامي الحنيف. وحيث رأى المشركون في مكّة المكرّمة أن آيات القرآن تحمل القسط الأكبر من التأثير على الناس في اعتناق الإسلام فقد عمدوا إلى الخدش في هذه الآيات بمختلف الأشكال؛ ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ أنهم كان يصفونها في بعض الموارد بالسحر: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ (الأحقاف: 7)، وقالوا في بعض الأحيان: إنها إفكٌ وكذبٌ وافتراءٌ على الله: ﴿وَقَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ مُفْتَرًى﴾ (سبأ: 43)، وادَّعوا في أحيان أخرى أن النبي قد تعلّم هذه الآيات من شخصٍ آخر: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾ (النحل: 103)، وبالتالي فقد ذهبوا تارةً أخرى إلى التعريف بهذه الآيات والقرآن بوصفه من كلام البشر، وأنكروا أن يكون كلام الله سبحانه وتعالى: ﴿إِنْ هَذَا إِلاّ قَوْلُ الْبَشَرِ﴾ (المدّثر: 25).
إن المواجهة مع القرآن والسعي إلى بناء حاجزٍ بين الناس والعمل بآياته من قِبَل أعداء الإسلام أمرٌ طبيعي، وهو أمرٌ كان ولا يزال وسيبقى مستمرّاً؛ بَيْدَ أنه وبمرور الزمن أخذ بعض الأشخاص يظهرون من بين المسلمين أنفسهم، ويعرِّفون عن أنفسهم بوصفهم مؤمنين بالإسلام والقرآن، ومع ذلك يطرحون نظرياتٍ وآراء لا تكون نتيجتها مختلفةً عن نتائج آراء أعداء الإسلام.
لقد عمد محمد مجتهد شبستري ـ في سلسلة مقالاته تحت عنوان «القراءة النبوية للعالم»، وأعماله اللاحقة ـ إلى بيان رأيين بشأن القرآن الكريم، وهما:
1ـ إن القرآن الكريم بألفاظه ومعانيه ليس من عند الله، بل المعاني والألفاظ كلاهما من صنع شخص النبيّ محمد(ص).
2ـ إن القرآن الكريم ليس كتاب دستورٍ، ولا يوجد فيه أيّ حكمٍ أبديّ، وإن الأحكام الواردة فيه إنما هي لإصلاح مجتمع عصر النبيّ الأكرم(ص)، وإن الكثير من هذه الأحكام لا تتناسب مع عصرنا الراهن، وإن تطبيقها في هذا العصر مستحيلٌ وغير صحيح.
ولقد تمّ تدوين هذه المقالة استلهاماً من كلام الشيخ جوادي الآملي، وهي تصبّ في إطار نقد هذين الرأيين المذكورين آنفاً.
المقالة الثامنة: علاقة الوَحْي بالتجربة الدينيّة، ملاحظاتٌ حول نظريّة عبد الكريم سروش
الكاتب: د. محمد محمد رضائي؛ المترجم: حسن علي مطر
تسعى هذه المقالة إلى بيان علاقة الوحي بالتجربة الدينية من وجهة نظر الدكتور عبد الكريم سروش. ولكنْ يتعيَّن علينا ـ قبل كلّ شيءٍ، ومن خلال الإشارة إلى رأيه في مجال الوحي ـ بيان التجربة الدينية باختصارٍ، لننتقل بعد ذلك إلى نقدها ومناقشتها.
إن الوحي ـ في ضوء رؤية الدكتور عبد الكريم سروش في باب الوحي ـ من سنخ التجربة الدينية، والتجربة الدينية تتحقَّق بالنسبة إلى الأشخاص الآخرين أيضاً. وبالتالي فإنه يُوحى إلى سائر الناس أيضاً. وعليه فإن التجارب الدينية للآخرين تعمل على إثراء وإغناء الدين. وبمرور الزمن تتّسع دائرة الدين على نحوٍ أكبر. ومن هنا فإن التجربة الدينية للعرفاء مكمّلةٌ وموسّعةٌ للتجربة الدينية للنبيّ. ونتيجة لذلك فإن دين الله يصبح أكثر نضجاً بالتدريج.
ويرى الدكتور سروش أن للوحي ناحيتين، وهما:
1ـ الناحية غير المصوَّرة من الوحي.
2ـ الناحية المصوَّرة من الوحي.
وإن مهمة الأنبياء لا تعدو إلقاء الصورة على الحقائق المفتقرة إلى الصورة. وعلى هذا الأساس فإن مفاهيم وتعاليم الإسلام على ما هي موجودة في القرآن الكريم إنما هي الصُّوَر التي ألقاها النبيّ الأكرم على الأمر غير المصوَّر.
ويذهب الدكتور سروش إلى الاعتقاد بأن جميع صُوَر الأمر غير المصوَّر صحيحة. ويبدو من هذا التعبير بوضوحٍ أن جميع الأديان والفِرَق والمذاهب تحظى بأحقِّيةٍ متساوية ومتكافئة.
ويرى الدكتور سروش أن مبنى الدين يقوم على أساس التجربة الدينية؛ لأن التجربة الدينية يمكن أن تشكِّل أساساً مناسباً للتعدُّدية الدينية؛ إذ إنه يدافع عن التعدُّدية الدينية بشدّةٍ، ويسعى من بين أنواع وأقسام التديُّن إلى اختيار المبنى الذي يتناغم مع التجربة الدينية؛ لكي يتمكَّن من توجيه وتفسير تعدُّديته الدينية.
وقد عمد إلى تقسيم التديُّن إلى ثلاثة أقسام:
1ـ التديُّن المتمحور حول المعيشة.
2ـ التديُّن المتمحور حول الحقيقة.
3ـ التديُّن المتمحور حول التجربة.
ويبدو من مجموع هذه الكلمات أن الدكتور سروش يرى أن جميع العقائد الكلامية والأخلاقية والفقهية في دائرة الإسلام صحيحةٌ، وأن مبناها هو الإسلام المتمحور حول التجربة. كما أنه لا يرى حتّى الاختلاف بين الإسلام والمسيحيّة واليهودية اختلافاً بين الحقّ والباطل، وإنما هو مجرّد اختلافٍ في وجهات النظر فقط.
ويذهب الدكتور سروش إلى الاعتقاد صراحةً بوجوب إدخال البشرية في مفهوم الوحي. وبطبيعة الحال فإن الدكتور سروش عندما يأخذ مفهوم البشرية ـ في فهم معنى الوحي ـ بنظر الاعتبار، ويرى أن القرآن بدَوْره نصٌّ بشريّ أيضاً، إنما يرمي من وراء ذلك إلى هدفٍ خاصّ، وهو تسرية أخطاء ونقص البشر إلى القرآن الكريم أيضاً. وعليه فإنه بحاجةٍ إلى تنقيحٍ متواصل ومستمرّ.
وعلى هذا الأساس، يمكن تلخيص رأي الدكتور سروش في مسألة الوحي على النحو التالي:
1ـ إن الوحي من سنخ التجربة الدينية، والتجربة الدينية تتحقَّق لسائر الأشخاص. والنتيجة هي أن جميع الناس يُوحَى إليهم.
2ـ إن للوحي ناحيتين: الناحية المفتقرة إلى الصورة من الوحي؛ والناحية المصوَّرة للوحي. إن الصورة تُلْقَى من قِبَل النبيّ أو أيّ شخصٍ آخر ـ في ضوء الاستفادة من العلوم والثقافة المعاصرة له ـ على الأمر غير المصوَّر، وهي صورةٌ ناقصة.
3ـ إن الصُّوَر المتنوّعة التي تُلْقَى من قِبَل الإنسان على الأمر المفتقر إلى الصورة لا ترجيح لأيٍّ منها على الصُّوَر الأخرى، وجميعها يحتوي على اتقانٍ متكافئ.
4ـ إن الصُّوَر التي تُلْقَى على الأمر المفتقر إلى الصورة، وتظهر على شكل نصوصٍ مقدَّسة، تحظى بصفة البشرية. وبالتالي فإن خطأ ونقص البشر يسري عليه أيضاً؛ وعليه فإنه يحتاج إلى تنقيحٍ مستمرّ.
ولكنْ يمكن التوصُّل من مجموع ما طُرح في هذه الدراسة إلى ما يلي:
1ـ لا يمكن اعتبار الوَحْي من سنخ التجربة الدينية.
2ـ إن باب الوَحْي النبوي والرسالي قد أُغلق بعد رحيل النبيّ الأكرم| إلى الأبد.
3ـ لا يمكن اعتبار الوَحْي ذا جهتين. ولا يمكن القول بأن جميع الصُّوَر التي يُلْقِيها المتديِّنون على الأمر غير المصوَّر تشتمل على إتقانٍ وحجِّيةٍ متساوية ومتكافئة.
4ـ لا يمكن اعتبار التجربة الدينية أساساً للدين والتديُّن؛ لأنها تحتوي على الكثير من الإشكالات الجَوْهرية.
5ـ إن تقديم وثائق وأدلّة على دينية التجربة يؤدّي إلى القول بعدم اعتبار التجربة الدينية أساساً للدين، بل إن هذا بُعْدٌ مفهومي مقدَّم على البُعْد العاطفي والتجريبي.
المقالة التاسعة: الوَحْي الإلهيّ عند الفارابي
الكاتب: د. حاتم الجيّاشي
إنّ نظرية الوَحْي من النظريات الجوهرية والأساسية التي استرعَتْ انتباه جميع الأديان السماوية، لماذا؟
لأن هذه المسألة أو النظرية تشكِّل حجر الزاوية والركن الوثيق التي تبتني عليه الأديان التوحيدية. لهذا، الابتعاد عن فكرة الوحي من جهة الله عزَّ وجلَّ إلى الأنبياء(عم) أو إنكار ذلك لا يثبت أيّ دينٍ إلهيّ، وبالتالي لا يمكن لأحدٍ أن يقول: هذه التعاليم أو المعارف دينية سماوية تابعةٌ للباري تعالى. وهذه المسألة الحيوية أثارت اهتمام فلاسفة الإسلام بشكلٍ عامّ، وفيلسوفنا العظيم الفارابي بشكلٍ خاصّ، في كيفية تصوير وتأطير هذه الظاهرة، التي تمثِّل حلقة الوصل بين السماء والأرض.
وفي هذا الإطار جاءت هذه الدراسة لتسليط الضوء على هذا المشروع. وقد اعتمدَتْ هذه الدراسة على استقراءٍ وتحليلٍ، وكان عملُ الكاتب تحديدَ مفردات البحث، وعرضَ مجمل نظريّته في فكرة الوحي، كما قُام بطرح ما تقوم عليه هذه المسألة، وما يتعلَّق بها من أبحاثٍ، من قبيل: معرفة الإنسان، ومعرفة العوالم، ومعرفة الوحي، وغيرها من المطالب.
ثم بيَّن نظرية الفيلسوف، وقد ذَكَرَ اعتماد الحكيم على البحث الأنطولوجي في فهم مسألة الوحي، وبيَّن كيفية اتصال النفس النبوية بالعقل الفعّال في إنتاج المعرف الوَحْيانة.
وقد انتهَتْ الدراسة إلى نتائج هامّة، منها:
ـ إن الفارابي لم يتطرَّق أصلاً لقوّة الحَدْس، ولم نجِدْ لها أثراً في كتب الفارابي.
ـ الفارابي على الرغم من اعتقاده بالأفلاك والنفوس الفلكية، مثل بقيّة المشّائين، إلاّ أنه يؤمن باتصال نفس النبيّ بالعقل الفعّال فقط.
ـ إنّ الخيال في نظر المشّائين ليس مجرّداً، بل إنّ جميع قوى الإنسان ـ ما عدا قوّة العقل ـ مادّيةٌ.
ـ يعتقد الفارابي أنّ النفس تستفيد من الصور الكلِّية والجزئية في العقل الفعّال.
ـ الفارابي لم يبْنِ نظام الوحي على أساس نظام التكوين.
دراسات
الدراسة الأولى: إله العرفان وإله الفلسفة، اختلافاتٌ جوهريّة
الكاتب: د. أبو القاسم فنائي؛ المترجم: وسيم حيدر
يذهب الكاتب إلى الاعتقاد بأن النزاع بين العرفاء والفلاسفة المسلمين في باب معقولية المعتقدات الدينية ـ ولا سيَّما في حاجة أو عدم حاجة وجود الله إلى الاستدلال ـ قابلٌ للإدراك والتفسير بوضوحٍ في إطار رؤية الأصولية التقليدية ورؤية التجريبية الدينية أو الإبستمولوجيا المستصلحة. إن الأكثرية المتاخمة للإجماع بين الفلاسفة المسلمين في باب الإبستمولوجيا التقليدية تميل إلى الأصولية التقليدية، وفي الوقت نفسه لا يرَوْن أيّ قضيّةٍ دينية ـ بما في ذلك قضية «الله موجود» ـ بديهيّةً أو غنيّةً عن الاستدلال، ومن هنا فإنهم يسعَوْن إلى الاستدلال على وجود الله، ويُثبتون وجود الله من خلال الاستعانة بالمعتقدات غير الدينية. وكما سنرى فإن هذا المدخل يقوم على التعريف الذي يقدِّمه الفلاسفة المسلمون عن الله سبحانه وتعالى.
ومن ناحيةٍ أخرى فإن العرفاء المسلمين يذهبون إلى الادّعاء بأن الاعتقاد بوجود الله أمرٌ بديهيّ وواضحٌ ولا يحتاج إلى استدلالٍ. وكما سنرى فإن هذا المدخل بدَوْره يقوم على التعريف الذي يقدِّمه العرفاء عن مفهوم الله وحقيقته.
ومن هنا يمكن لنا أن نستنتج بأن الفلاسفة المسلمين قد قبلوا بكلا الادّعاءَيْن لدى الأصولية التقليدية في باب المعرفة الدينية، أي:
1ـ لا يمكن الإيمان بأيّ عقيدةٍ إلاّ إذا كانت معقولةً.
2ـ ليس هناك عقيدةٌ دينية معقولة إلاّ إذا أمكن إثباتها بـ «الدليل».
في حين أن العرفاء المسلمين في الغالب ينكرون المدَّعى الثاني، وبعضهم ينكر المدَّعى الأول عند الأصولية التقليدية.
وأما بيان أيٍّ من هاتين الرؤيتين هي الأقرب من نصوصنا الدينية، والتي تؤدّي إلى تفسيرٍ وبيانٍ أفضل من هذه النصوص؟ فهو موضوعٌ لمقالةٍ أخرى.
وبعد بيان تعريف الله في العرفان والفلسفة يتعرَّض الكاتب إلى ذكر شواهد تؤيِّد رؤية العرفاء، وتثبت أن الإيمان بوجود الله جزءٌ من المعتقدات الأساسية، بل تشكِّل قاعدةً وفرضية لجميع المعتقدات الأخرى التي يمكن أن تكون موجودةً في أذهاننا، ومن دون الإيمان بهذا الاعتقاد لن يكون هناك اعتقادٌ معقولٌ وقابلٌ للإثبات والتفسير.
إن الإيمان والاعتقاد بوجود الله غير قابلٍ للاستدلال، وهو في الوقت نفسه معقولٌ. إن الشك الديني ـ على أساس التعريف العرفاني لله سبحانه وتعالى ـ عين الشكّ المطلق، وإن الشكّ في وجود الله عين الشكّ في أصل الوجود. ومن هنا فإن كلّ مَنْ ينفي الشكّ المطلق يكون مؤمناً بوجود الله. إن الشكّ في وجود الله أو إنكار وجوده يُعَدّ ـ من وجهة نظر العرفاء ـ ناشئاً من تصوُّر الله بشكلٍ خاطئ، وليس ناشئاً من عدم تمامية الاستدلال على وجوده.
ويذهب كاتب هذا المقال إلى ادّعاء ما يلي، على نحو الإجمال:
1ـ إن وجود الله غير قابلٍ للاستدلال؛ لأن وجوده مقدّمة لكلّ استدلالٍ. وعلى هذا:
2ـ إن الاعتقاد بوجود الله جزءٌ من المعتقدات الأساسية، بل من أكثرها أصالةً وجوهريّةً.
3ـ إن الإيمان بوجود الله يستند إلى التجربة الدينيّة.
4ـ إن التجربة الدينية حقيقةٌ ذات مراتب وتشكيكية؛ فإن بعض التجارب الدينية عبارةٌ عن تجربةٍ أو شهودٍ عقلاني؛ وبعضها الآخر تجربةٌ قلبية أو علمٌ حضوري.
إن الانتقادات الواردة في هذه المقالة تتَّجه بأجمعها إلى التعريف الذي تبديه الفلسفة عن الله، والنتيجة المنطقية لهذه الانتقادات هي أن البراهين التي يتمّ تقديمها على إثبات هذا الموجود بوصفه هو الإله غير صحيحة.
إلاّ أن بعض الفلاسفة، من خلال قولهم بالتعريف العرفاني لله، أقاموا شواهد تنبيهيّة على وجود الله. وإن نماذج مثل هذه الأمثلة في ثقافة الغرب تتمثَّل في برهان الوجود، ولا سيَّما بروايته الديكارتية، وتتمثَّل في الثقافة الإسلامية ببعض روايات برهان الصدِّيقين، مثل: الرواية التالية التي تقول: «إن حقيقة الوجود ـ التي هي عين الخارج ـ حقيقةٌ ممتنعة العدم، والحقيقة التي يمتنع عدمها واجبة الوجود».
إن النتيجة الواضحة التي يمكن أن نستخلصها من هذا البحث هو أن اختلاف الإلهيات الفلسفية عن الإلهيات العرفانية اختلافٌ جوهري لا يقبل الحلّ، وإن اختلاف إله العرفان عن إله الفلسفة يصل إلى الحدّ الذي نضطرّ معه إلى اختيار واحدٍ منهما فقط. إن التحليلات التي تقدَّم ذكرها في هذه المقالة تثبت بوضوحٍ أن اختلاف العرفاء والفلاسفة في باب الإلهيّات ليس مجرّد اختلافٍ في الأذواق والأمزجة أو الأساليب، وليس اختلافاً في الآراء وأوجه النظر. ليس الأمر كما لو أن العرفاء والفلاسفة يتوصَّلون إلى تعريفٍ وتصوُّرٍ واحد عن الله، ثمّ يقترح كلٌّ منهما مجرّد طرق مختلفة للتعرُّف والوصول إلى هذا الإله الواحد. إن إله العرفان هو غير إله الفلسفة، وإن هذه الغيرية هي منشأ الاختلاف بين منهج وأسلوب الإلهيات الفلسفية والإلهيات العرفانية. إن الأدلة الفلسفية ليست عاجزةً عن إثبات إله العرفان فحَسْب، بل هي تقوم في الأساس على نفي وإنكار وجود مثل هذا الإله أيضاً.
إن الاستدلال على وجود الله يستلزم القول بفرضيات لا تنسجم مع إلوهية الله. ومن أهمّ هذه الفرضيات فرضية وجود الممكنات، وفرضية غياب وبُعْد الله، وفرضية مجهولية الله واحتياجه إلى دليلٍ، وإلى دلالة الممكنات.
إن إثبات وجود الله من طريق وجود الممكنات يقوم على افتراض وجود الممكنات، وافتراض وجود الممكنات لا ينسجم مع التعريف الصحيح لله. وإن هذا الافتراض ليس غير بديهيٍّ فحَسْب، بل هو باطلٌ أيضاً. إن التعريف الصحيح لله إنما ينسجم مع مظهريّة الغير، والممكنات مظاهر وآيات الله، وليست دليلاً على وجوده. وبعبارةٍ أخرى: إن الكثرة الحقيقية للوجود، التي هي من لوازم نفي الوجود المطلق اللابشرط، افتراضٌ فلسفي. إن الفلسفة تبدأ بنفي إله العرفان، والعرفان بنفي افتراض الفلسفة الذي هو بمعنى نفي ذات الفلسفة أيضاً، ونضطرّ بدَوْرنا إلى الاختيار بين هذين التصوُّرين عن الله. إن اختلاف هذين التصوُّرين غير قابلٍ للحلّ، ولا يمكن الادعاء بأن أحدهما دقيقٌ، والآخر أدقّ. إن هذين التصوُّرين متباينان ومتناقضان، واشتراكهما في اللفظ فقط.
الدراسة الثانية: الفينومينولوجيا الهرمنيوطيقيّة عند مارتن هيدغر
الكاتب: هربرت سبيغلبرغ؛ المترجم: د. خنجر حميّة
وفيها نشهد العناوين التالية: في فهم هيدغر؛ تصوُّره للفينومينولوجيا؛ أـ الفينومينولوجيا الهرمنيوطيقية؛ ب ـ هرمنيوطيقا الفعل؛ 1ـ التملُّك (Jemeinigkeit) والوجود؛ 2ـ الوجود ـ في ـ ال ـ عالم؛ 3ـ كينونة غير شخصية («واحد»)؛ 4ـ المزاج و«الوقائعية»؛ 5ـ القلق والعدم؛ 6ـ القلق (Sorge) باعتباره البنية الأساسية للكائن الإنساني «الدازاين»؛ 7ـ الموت؛ 8ـ الزمانية؛ 9ـ التاريخانية؛ ج ـ «فكرة الفينومينولوجيا» في محاضرات عام 1927م؛ د ـ الفينومينولوجيا في فلسفة هيدغر المتأخِّرة؛ نحو تقييم للفينومينولوجيا الخاصّة به؛ أـ إلى أيّ مدى كان هيدغر فينومينولوجياً؟؛ ب ـ نقاط القوّة ونقاط الضعف في فينومينولوجيا هيدغر؛ ببليوغرافيا منتقاة؛ [1] أعمال أساسية؛ [2] دراسات عن فكر هيدغر باللغة الإنجليزية، خاصّة فيما يتّصل بالتعريف بالفينومينولوجيا الخاصة به؛ [3] دراسات غير إنجليزية؛ [4] ببليوغرافيا أكثر اكتمالاً.
الدراسة الثالثة: مفهوم «ترك الأَوْلى» في تأويل أخطاء الأنبياء، تأمُّلاتٌ في المعنى والغاية
الكاتب: د. حسين أترك؛ المترجم: مرقال هاشم
لقد تمّ السعي في هذه المقالة إلى بحث ونقد طريقة المتكلِّمين الإسلاميّين ـ ولا سيَّما المتكلِّمون من الشيعة ـ في جعل مفهوم «ترك الأَوْلى» لتوجيه بعض الأفعال الصادرة عن الأنبياء، والتي تبدو في ظاهرها أنها من الأخطاء والذنوب.
واستَنْتَج الكاتب من ذلك أن ترك الأَوْلى؛ حيث يكون خطأً من الناحية العقلية والأخلاقية، إذن لا يمكن لنا أن ننكر أن ما قيل في مورد تصويب أفعال الأنبياء تحت مُسمّى «ترك الأَوْلى» هو في الحقيقة نوعٌ من الخطأ والزلل. وإن القبول بخطأ أعمال الرُّسُل لا يتناغم مع الأدلّة المذكورة لإثبات عصمتهم؛ لأن هذه الأدلّة، من قبيل: الثقة بالأنبياء والاعتماد عليهم، وتحقُّق الغاية من إرشاد الناس، ووجوب اتّباع النبيّ، وعدم إعراض قلوب الناس، وقاعدة اللطف، تنفي صدور جميع أنواع الخطأ، بل حتّى ما كان من قبيل: احتمال أو إمكان صدور أيّ نوعٍ من أنواع الخطأ والزَّلَل عن الأنبياء.
وعلى هذا الأساس، إذا اعتبرنا هذه الأدلة متقنةً ومحكمة لا يبقى أمامنا من مندوحةٍ سوى اتخاذ الخطوة الأخيرة أيضاً، واعتبار الأنبياء معصومين حتّى من ارتكاب ترك الأَوْلى أيضاً.
وعليه فإن ما ذهب إليه المتكلِّمون الشيعة من امتناع صدور أيّ نوعٍ من الذنوب والأخطاء عن الأنبياء، وأنهم لا يرتكبون سوى ترك الأَوْلى، ليس صحيحاً؛ إذ إن الأدلّة الكلامية التي تُساق لإثبات العصمة تقتضي بدَوْرها أن يكون الأنبياء معصومين حتّى من ارتكاب ترك الأَوْلى أيضاً.
والمشكلة التي سوف تمثل أمامنا في هذه الحالة هي أن الآيات التي تبدو في ظاهرها تدلّ على صدور الذنوب والمعاصي من الأنبياء سوف تتربَّص بنا وتترصَّدنا، وسوف نفقد السلاح الأمضى لدى الكلام الإسلاميّ والشيعيّ في تفسير تلك الآيات وتأويلها.
ومن هنا يجب إما التفكير في العثور على حلٍّ آخر لهذه الآيات، من قبيل: اعتبارها من الآيات المتشابِهة التي لا يمكن للعقل أن يصل إلى معرفتها وفَهْم كُنْهها وحقيقتها، ونعتبر جميع الروايات الواردة في هذا الشأن ضعيفةً؛ أو أن نرفع اليد عن الأدلة الكلامية المذكورة لإثبات عصمة الأنبياء من جميع الأخطاء.
ويذهب الكاتب إلى تبنّي طريقة الحلّ الثانية، حيث يرى عدم تمامية الأدلّة العقلية المذكورة لإثبات عصمة الأنبياء، وأنه ليس من اللازم اشتراط وثوق الناس وهدايتهم والقول بالعصمة المطلقة من جميع أنواع الخطأ والزَّلَل في تحقُّق الغرض من الرسالة، ومن الممكن أن تثبت رسالة ونبوّة الأنبياء الذين يصدر عنهم الزَّلَل بنسبة 1%، ويصيبون طوال حياتهم بنسبة 99%.
الدراسة الرابعة: إشكاليّة اللغة في الخطاب الدينيّ، قراءةٌ في نظريّة فتجنشتَيْن (الألعاب اللغويّة)
الكاتب: الشيخ محمد رخش خورشيد؛ المترجم: شهاب الدين مهدوي
لعل أكبر تحدٍّ يطرح في مجال لغة الدين هو كيفية الحديث عن الله. وقد وجد معظم الفلاسفة ـ ممَّنْ عالجوا هذه المعضلة ـ مشكلات الخطاب الديني في محمول القضايا الكلامية. فهل يمكن حمل المحمولات الحقيقية على الله سبحانه وتعالى أم لا؟ لقد جرَتْ محاولاتٌ حثيثة للعثور على إجابة عن هذا السؤال، كما قد تمّ فعلاً تقديم حلول عديدة بهذا الصدد، والتي يمكن مناقشة كلٍّ منها بطريقةٍ أو بأخرى.
في هذه الدراسة الماثلة بين يدي القارئ الكريم يحاول الكاتب أن يتقصّى إجابةً عن إشكالية لغة الخطاب الديني، وذلك على ضوء آراء فتجنشتين، ولا سيَّما نظريته المتأخِّرة عن اللغة. ومن أجل ذلك، يتعرَّف أوّلاً على نظرية فتجنشتين المبكِّرة في كتابه (رسالة منطقية فلسفية) ـ والذي يسمّيه من بـ (الرسالة) ـ، ومن ثمّ يوضّح العلاقة بين نظرية فتجنشتين المتأخِّرة في كتابه التحقيقات الفلسفية ـ والذي يعبِّر عنه بـ (التحقيقات) ـ وبين نظريّته في الرسالة، وبعدئذٍ يقوم بتوضيح المكوّنات الأساسية لنظرية فتجنشتين المتأخّرة، وتحليلها؛ ليتمكَّن من دراسة اللوازم والنتائج المترتّبة عليها في المجال الديني.
كيف يمكن الحديث عن الله؟ يمثِّل هذا السؤال تحدِّياً كبيراً في مجال اللغة الدينية، وقد نشأَتْ إحدى الإجابات عنه من فلسفة تحليل اللغة عند لودفيج فتجنشتين، الذي شكَّل ظهوره نقطة تحوُّلٍ حاسمة في تاريخ الفلسفة الغربية. وقد جعل تحليل ماهية اللغة محطّ اهتمامه في كلتا المرحلتين من تطوُّره الفكري والفلسفي؛ ففي فلسفته الأولى اعتقد أن العالم تحدُّه حدود اللغة، ورأى أن كلّ اسمٍ واحد يقابله شيءٌ واحد في حالة الواقع التي تمثّلها. وقد أدَّتْ هذه النظرية التي طرحها في رسالته المنطقية الفلسفية إلى ظهور مذهب الوضعية المنطقية، الذي كان يعتبر أنصاره قابلية التحقُّق المعيار الوحيد لكون القضية ذات معنىً؛ وبالتالي كانوا يحكمون على كلّ ما لا يقبل التحقُّق التجريبي بأنّه خالٍ من المعنى، ليخرج بذلك كلٌّ من: الدين، والأخلاق، والجماليات، والفنّ، من دائرة البحث العلمي. وأما في المرحلة الثانية من حياته الفكرية فقد قدَّم فتجنشتين تحليلاً جديداً عن اللغة كان أشبه بمراجعةٍ نقدية لرسالته المنطقية الفلسفية، واعتقد فيه أنّ اللغة بمثابة لعبةٍ يختصّ فيها كلّ مجال لغويّ بقواعده الخاصة، ويمكن تقييمه من خلال تلك القواعد أيضاً، ولذلك فمن الخطأ بمكانٍ تطبيق معيار المعنى في القضايا التجريبية على القضايا اللاهوتية، واعتبر الأخيرة بموجبه فارغةً من المعنى. إنّ نظرية فتجنشتين ـ على الرغم من النجاحات التي حقَّقتها بشأن إشكالية لغة الخطاب الدينيّ ـ تواجه صعوباتٍ في تفنيدها، ولم تتمكّن من حلِّها نهائياً.
الدراسة الخامسة: الذكاء العاطفيّ في بعض القصص القرآنيّ عن الأنبياء، الدلالات الأسلوبيّة لتوظيفٍ كامل
الكاتب: أ. عبير جادري / د. علي رضا محمد رضائي
إن للذكاء العاطفي بكفاءتَيْه دَوْراً وفعالية قصوى في إدارة الأزمات النفسية، وفهم أحوال الجماعة، والتأثير والإقناع. إن هذا ليزداد أهمّية إذا درس في الخطاب القرآني عند الأنبياء؛ باعتبارهم من أكبر قادة البشرية. فالقائد لا بُدَّ أن يكون على وَعْيٍ تام ّبمشاعره والآخرين؛ لتحقيق أمر القيادة. ولا يتحقَّق ذلك إلاّ بتوظيف الذكاء العاطفي بكفاءتَيْه: الشخصية؛ والاجتماعية. فللذكاء العاطفي تأثيرٌ بالغٌ في أسلوب المتكلِّم أو الكاتب اللغوي والتركيبي ببُعْدَيْهما: الدلالي؛ والتعبيري. لذلك أراد البحث أن يبين مدى علاقة الكفاءتين: الشخصية (الوَعْي بالذات وإدارته) والاجتماعية (التعاطف الوجداني والتواصل) بالقيادة، عبر منهجٍ وصفي ـ تحليلي، وخاصّة عند أنبياء بني إسرائيل؛ نظراً لاشتهار هذا القوم بنوعٍ من الجموح والتمرُّد؛ ونظراً لكثرة ورود أحداث أنبيائهم في القرآن.
وقد توصَّل البحث إلى أن آليات الكفاءة الشخصية (الصبر الأمل والثبات) والاجتماعية (التعاطف الوجداني والتواصل) متداخلتان معاً، فضلاً عن التناغم الأسلوبي الملاحَظ فيهما، في (إيحاءات الحروف)، مروراً بدلالة الياء الموحية بالانكسار والخشوع، ووصولاً إلى الخطاب بـ (يا قوم) و([يا] ابن أمّ)، وكذلك أسلوب الاستفهام، الذي يضفي على الأسلوب التخاطبي نوعاً من الاستعطاف والحدب، بتوظيف آليات القيادة الشخصية والاجتماعية. كما توصَّل البحث إلى أن الآيات القرآنية تكشف الستار عن الكفاءة الشخصية، يعني الوَعْي بالذات، ثمّ إدارة الذات والتعامل مع ردّ الفعل الشعوري تجاه المواقف والأشخاص، والتحكُّم في الانفعالات. إن الوعي الذاتي ليس مقتصراً على إبداء مكامن القوة، بل مكامن الضعف أيضاً؛ حيث يمكن تحويلها إلى فرصةٍ لصنع القوة والقرار، عبر توظيف أسلوب الطلب والإنشاء (الدعاء). هناك التناغم التامّ بين الدلالات الأسلوبية وتقرير الحالة النفسية في توظيف الضمائر والتكرار.
الدراسة السادسة: المذهب المنطقيّ لشيخ الإشراق السُّهْرَوَرْديّ، عرضٌ وتحليل
الكاتب: د. أحد فرامرز قراملكي؛ المترجم: د. الشيخ عبد الله الأسعد
شهاب الدين السُّهْرَوَرْديّ (550 ـ 587هـ)، الشهير بشيخ الإشراق، كان زميلاً لفخر الدين الرازي (547 ـ 606هـ)، حيث درسا علم المنطق عند مجد الدين الجيلي في مدينة مراغة.
وشهرته الفلسفية ومذهبه الإشراقي الذي أسَّسه ألقيا بظلالهما على سائر شؤونه العلمية، وبخاصّة منطقه؛ ولذلك لم يكن في الدراسات التي تناولَتْ فكره ذلك القسط الوافي من دراسة وتحقيق آثاره.
للسهروردي رؤى نقدية وآراء مبتَكَرة كان لها الحضور المؤثِّر في تاريخ تطوُّر علم المنطق في التاريخ الإسلامي. قلّة العناية بإحياء الإرث المنطقي للسهروردي صعَّب على الباحث الوقوف على تلك الآراء، والتي تفتقر إلى دراسات معمَّقة وشاقّة لأجل الوقوف على:
1ـ إبداعات السهروردي.
2ـ تأثيرها في تطوُّر علم المنطق.
لقد نشر حسين ضيائي تحقيقاً تحت عنوان: (المعرفة والاشراق في فكر السهروردي)، باللغة الإنجليزية، وذلك سنة (1990م)، كما أن غلام حسين إبراهيمي ديناني نشر تحقيقاً مفصَّلاً في آراء شيخ الإشراق، ضمَّنها جملةً من رؤاه ونظرياته، وذلك بعنوان: (شعاع الفكر في فلسفة السهروردي)، وذلك سنة (1366هـ.ش).
أما هذا التحقيق الحاضر فيتناول المباحث التالية:
ـ هل يعدّ السهروردي مؤسِّساً في المنطق، كما هو في الفلسفة؟
ـ هل يمكن الكلام عن مذهبٍ منطقيّ خاصٍّ به؟
ـ ما هي خصائص النظام المعرفي لمنطق السهروردي؟
والمسألة الأخيرة يمكن البحث فيها من حيثيّتين:
1ـ حيثيّة البناء المنطقي.
2ـ حيثيّة كونها من الآراء المنطقية التي أبرزها السهروردي.
وقبل الخوض في هذه المسألة كان وقوفٌ على آثاره المنطقية، وإشارةٌ إلى كلّ واحدٍ منها بما يناسب.
الدراسة السابعة: اتّجاهات وأساليب تحقُّق العلم الدينيّ، المباني والمناهج (منهج السيد الشهيد الصدر في فقه النظام أنموذجاً) / القسم الثاني
الكاتب: د. السيد إحسان رفيعي العلوي / أ. محمد صادق ذوقي؛ المترجم: حسن علي مطر
يُعَدّ إنتاج وبَلْورة العلم الديني، وكذلك أسلمة المعرفة، من بين الضروريّات الهامّة بالنسبة إلى الحضارة الإسلاميّة المعاصرة.
وقد تمّ طَرْح الكثير من الاتجاهات والأساليب المتنوِّعة في هذا الشأن؛ من أجل تحقُّق العلم الدينيّ وأسلمة العلوم.
وكلّ واحدٍ من هذه الاتجاهات يشتمل على مبانيه المعرفية والمنهجية الخاصّة.
وإن من أكثر هذه المناهج نجاحاً، والذي حَظِي باستقبالٍ كبير، رؤية النظام الفقهيّ وفق النظريّة الذي أُرسيَتْ قواعدها بجهود السيد الشهيد محمد باقر الصدر. إن من بين الجذور الهامّة للنظام الفقهيّ هي تلك التي تكمن في أبحاثه المنهجيّة، حيث هناك الكثير من مواطن الخلأ الجادّة في الأبحاث المنهجية والأسلوبية في فكر السيد الشهيد الصدر. ومن هنا، تسعى هذه المقالة إلى العناية بالأبحاث المنهجيّة للسيد الصدر، حيث سنشهد ـ بالإضافة إلى بحث أساليب إنتاج العلم في التفكير الغربيّ، والعمل كذلك على بيانٍ مختصر للأساليب والخطابات الموجودة في العلم الدينيّ ـ مناقشة الأبحاث المنهجيّة والأسلوبيّة له في مجال النظام الفقهيّ بشكلٍ تفصيليّ؛ إذ تمّ السعي إلى بحث النقاط المنهجية التي صرَّح بها الشهيد الصدر نفسه، كما تمّ السعي ـ من خلال الاستفادة من تحليل النماذج والقضايا المتبلورة في المنظومة الفكريّة للسيد الشهيد الصدر ـ إلى استخراج وتنقيح الأسلوب والمنهج المعرفي لسماحته في مجال إنتاج العلم الدينيّ، والنظام الفقهي أيضاً.
وإن من بين الأبحاث الهامّة في مجال التأسيس للنظام الفقهيّ منهج إنتاج وكشف الأنظمة الإسلاميّة، وما هو المنطق والاتجاه الذي يمكن بواسطته استخراج الأنظمة الاجتماعيّة من التفكير الإسلاميّ؟
وفي هذا الإطار تمّ بحث وتداول الكثير من الاتجاهات والحوارات المختلفة في مجال إنتاج وبلورة العلم الدينيّ، حيث كانت تسعى إلى بيان مناهج وأساليب لإنتاج وبلورة العلم الديني، حيث يمكن لهذا البحث والتحقيق الأوّلي أن يُثري حوار التأسيس للنظام الفقهيّ بشكلٍ ملحوظ. وبطبيعة الحال فإن وجود هذه الأساليب لا يمنع من البحث في أسلوب التأسيس للنظام الفقهيّ؛ وذلك لأن خطاب التأسيس للنظام الفقهيّ يقوم على الآراء والاتجاه الفكريّ للسيد الشهيد الصدر، ولذلك يجب بسط وتفصيل مداخل هذا الأسلوب على أساس أفكاره. ومن هنا، فإن هذه الدراسة تسعى ـ بعد بيان بعض الأساليب المطروحة في إنتاج وبلورة العلم الديني ـ إلى بيان الاتجاه المختار للشهيد الصدر في مجال التأسيس للنظام الفقهيّ، والعمل على بسط أفكاره وآرائه في هذا الشأن.
والسؤال الهامّ الذي يطرح نفسه في هذه المقالة: ما هي المصادر التي يجب الاستفادة منها في إنتاج الأنظمة الإسلاميّة، والتي يجب توظيفها في إنتاج وبلورة العلم الدينيّ بشكلٍ عامّ؟ وكذلك كيف يكون أسلوب التحقيق في هذه الموضوعات؟
ونتيجة البحث: إن من الأبحاث الهامّة في مورد إنتاج العلم الديني وأسلمة المعرفة الأبحاثَ الأسلوبيّة والمنهجيّة، مع توضيح كيفيّة تحقُّق العلم الديني، وما هو النموذج الذي يمكن من خلاله تحقيق ذلك؟
وفي هذا البين، وبالالتفات إلى الآراء والمباني التي يقدِّمها كلٌّ من هذه الاتجاهات بالنسبة إلى العلم الديني، تمّ التخطيط لأسلوبٍ ونموذجٍ خاصّ لتحقُّق العلم الديني، حيث يمكن في تقسيم عامّ تقسيمه إلى ثلاثة اتجاهات، وهي: الاتجاه الأدنى؛ والاتجاه الأوسط؛ والاتجاه الأقصى.
والاتجاه الأدنى يشمل: الاتجاه النصّي البَحْت، والاتجاه الغائي، والاتجاه الفردي، والاتجاه المقتَنَص، والاتجاه التنظيمي، والاتجاه الموضوعي.
والاتجاه الوسيط يشمل: تصوُّر الفرضيات السابقة، والاتجاهات التهذيبية.
والاتجاه الأقصى يشمل: التفرّع، والاتجاه التهذيبي / التأسيسي، والاتجاه المنهجي، واتجاه الدعامات الميتافيزيقية.
وفي هذا الشأن يُعَدّ منهج السيد الشهيد الصدر أحد أنجح الاتجاهات في مجال إنتاج العلم الديني؛ وذلك من خلال طرحه لأبحاث فقه النظريّة وبناء النظام الفقهيّ، حيث جاء باتجاهٍ جديد في إنتاج العلم الديني وأسلمة المعرفة.
يؤكِّد الشهيد الصدر في إنتاج العلم الديني على عنصرَيْ: المنهج؛ والمصدر، ويرى أن العلم الديني هو العلم الذي يكون أوّلاً: منبثقاً من صُلْب الشريعة، وثانياً: أن يكون الاتجاه في الاستنباط وإنتاج العلم اتجاهاً اجتهادياً.
يُضاف إلى ذلك أنه يتّضح، من خلال تحليل منهج السيد الصدر في فقه النظرية، أن سماحته واقعٌ تحت تأثير اتجاهين ارتكازيين في العلم الديني: أحدهما: تحليل الخطاب؛ والآخر: تحليل المحتوى.
وفي الختام تمّ تنقيح مراحل إنتاج العلم الديني في خطاب فقه النظرية، وذكر الكاتب في هذا القسم كيفية تمكُّن السيد الشهيد الصدر من الاقتراب نحو هذه الغاية، والمسارات المرحلية التي قرَّبته من تحقُّق العلم الديني.
قراءات
القراءة الأولى: حجِّية الكتاب المقدَّس، قراءةٌ نقديّة في كتاب الإلهام (Inspiration)
الكاتب: أ. محمد حقّاني فضل؛ المترجم: وسيم حيدر
وفي هذا المقال يستعرض الكاتب قراءته حول كتاب الإلهام (Inspiration) من خلال العناوين التالية: الفصل الأوّل: ضرورة بحث حجِّية الكتاب المقدَّس؛ عوامل أزمة حجِّية الكتاب المقدَّس: 1ـ تأكيد الفكر الحديث على الديانة الذاتيّة؛ 2ـ سوء الظنّ بالماضي؛ 3ـ الدراسة التاريخيّة؛ 4ـ التحوُّلات بين الفِرَق؛ 5ـ تعدُّد أنواع اللاهوت في الكتاب المقدَّس؛ مفهوم الحجِّية: 1ـ الحجِّية والقوّة؛ 2ـ الحجِّية المعياريّة والتحفيزيّة؛ 3ـ الحجِّية التنفيذيّة وغير التنفيذيّة؛ 4ـ الحجِّية في العمل والحجِّية المشروعة والحجِّية الحقوقيّة؛ 5ـ الحجِّية الداخليّة والخارجيّة؛ قيود الحجِّية؛ معنى الإلهام؛ الفصل الثاني: النظريّات اللفظيّة في مسألة الإلهام: 1ـ نظريّة الإلهام الأداتي؛ 2ـ النظريّة الإملائيّة للإلهام؛ 3ـ نظريّة الإلهام اللفظيّ؛ 4ـ نظريّة الإلهام التامّ؛ الفصل الثالث: النظريّات غير اللفظيّة في باب الإلهام: 1ـ إلهاميّة المفاهيم الأخلاقيّة والمعنويّة للكتاب المقدَّس؛ 2ـ إلهاميّة تصوير الكتاب المقدَّس؛ 3ـ النموذج التعليميّ؛ 4ـ الإلهام الاجتماعيّ؛ النتيجة؛ نظراتٌ في إنكار إلهاميّة الكتاب المقدَّس؛ الفصل الرابع: إلهام الكتاب المقدَّس.
هذه هي يُشار إلى أنّ «مجلّة نصوص معاصرة» يرأس تحريرها الشيخ محمد عبّاس دهيني. وتتكوَّن الهيئة الاستشاريّة فيها من السادة: خنجر حميّة (من لبنان)؛ زكي الميلاد (من السعوديّة)، عبد الجبار الرفاعيّ (من العراق)، كامل الهاشميّ (من البحرين)، محمد خيري قيرباش أوغلو (من تركيا)، محمّد سليم العوّا (من مصر)، محمد علي آذرشب (من إيران). وهي من تنضيد وإخراج مركز (papyrus).
وتوزَّع «مجلّة نصوص معاصرة» في عدّة بلدان، على الشكل التالي:
1ـ لبنان: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الرويس، خلف محفوظ ستورز، بناية رمّال، ص.ب: 5479/14، هاتف: 541211(9611+).
2ـ مملكة البحرين: شركة دار الوسط للنشر والتوزيع، هاتف: 17596969(973+).
3ـ جمهورية مصر العربية: مؤسَّسة الأهرام، القاهرة، شارع الجلاء، هاتف: 7704365(202+).
4ـ الإمارات العربية المتحدة: دار الحكمة، دُبَي، هاتف: 2665394(9714+).
5ـ المغرب: الشركة العربيّة الإفريقيّة للتوزيع والنشر والصحافة (سپريس)، الدار البيضاء، 70 زنقة سجلماسة.
6ـ العراق: أـ دار الكتاب العربي، بغداد، شارع المتنبي، هاتف: 7901419375(964+)؛ ب ـ مكتبة العين، بغداد، شارع المتنبي، هاتف: 7700728816(964+)؛ ج ـ مكتبة القائم، الكاظمية، باب المراد، خلف عمارة النواب. د ـ دار الغدير، النجف، سوق الحويش، هاتف: 7801752581(964+). هـ ـ مؤسسة العطّار الثقافية، النجف، سوق الحويش، هاتف: 7501608589(964+). و ـ دار الكتب للطباعة والنشر، كربلاء، شارع قبلة الإمام الحسين(ع)، الفرع المقابل لمرقد ابن فهد الحلي، هاتف: 7811110341(964+).
7ـ سوريا: مكتبة دار الحسنين، دمشق، السيدة زينب، الشارع العام، هاتف: 932870435(963+).
8ـ إيران: 1ـ مكتبة الهاشمي، قم، كذرخان، هاتف: 7743543(98253+). 2ـ مؤسّسة البلاغ، قم، سوق القدس، الطابق الأوّل. 3ـ دفتر تبليغات «بوستان كتاب»، قم، چهار راه شهدا، هاتف: 7742155(98253+).
9ـ تونس: دار الزهراء للتوزيع والنشر: تونس العاصمة، هاتف: 98343821(216+).
10ـ بريطانيا وأوروپا، دار الحكمة للطباعة والنشر والتوزيع:
United Kingdom London NW1 1HJ. Chalton Street 88. Tel: (+4420) 73834037
كما أنّها متوفِّرةٌ على شبكة الإنترنت في الموقعين التاليين:
1ـ مكتبة النيل والفرات: http://www.neelwafurat.com
2ـ المكتبة الإلكترونية العربية على الإنترنت: http://www.arabicebook.com
وتتلقّى المجلّة مراسلات القرّاء الأعزّاء على عنوان البريد: لبنان ــ بيروت ــ ص. ب: 327 / 25.
وعلى عنوان البريد الإلكترونيّ: mdohayni@hotmail.com
وأخيراً، وللاطّلاع على جملة من المقالات الفكريّة والثقافيّة المهمّة، تدعوكم المجلّة لزيارة:
الموقع الخاصّ:
www.nosos.net
تطبيق نصوص معاصرة:
https://play.google.com/store/apps/details?id=com.mehdok.papyrus.nosos
كما يمكنكم متابعة: أخبار المجلتين، وبعض مقالاتهما، وقراءات حولهما، وكتبهما، والنشاطات المتعلّقة بهما، …إلخ، على وسائل التواصل التالية:
الفايسبوك / Facebook:
https://www.facebook.com/profile.php?id=100054992093172
صفحة الفايسبوك / Facebook:
https://www.facebook.com/مجلة-نصوص-معاصرة-109061414276898/
الواتسأب / Whatsapp:
https://chat.whatsapp.com/IckP3tLZpJMG3q5buT65R0
قناة التيليغرام / Telegram:
https://t.me/nosos_ijtihad
الإنستغرام / Instagram:
https://www.instagram.com/p/CFK1Rf9HRUt/?igshid=1u95dhp0xfn13
تويتر / Twitter:
https://twitter.com/NIjtihad?s=07