الأربعون حديثاً والخلفيّات الفكريّة المسبقة ــــــــــ
1 ــ حاز موضوع ((شرح الأربعون حديثاً))، مع حفظهم، على اهتمام علماء الدين منذ الأزمنة القديمة، وكان منشأ هذا الاهتمام الروايات المتعدّدة الطرق والأسناد ذات المضمون الواحد، والتي وردت في الكتب الحديثيّة عند أهل السنة والشيعة على السواء ونُقلت عن الرسول الأكرم 2، فقد نقل الشيخ الصدوق عن الإمام أبي الحسن ]الكاظم[ C عن الرسول 2 أنّه قال: ((من حفظ من أمّتي أربعين حديثاً ممّا يحتاجون إليه من أمور دينهم بعثه الله يوم القيامة فقيهاً عالماً))([1]).
وقد دفعت هذه الرواية العلماءَ الكبار، أمثال الشهيد الثاني، إلى جمع الأحاديث وتنظيمها ونشرها، باسم الأربعين، وفي هذا المجال قام بعضٌ من أمثال الشيخ البهائي ــ علاوةً على جمع أربعين حديثاً ــ بشرحها وبسط الحديث حولها([2]). وبعد ذلك، قام الإمام الخميني P ــ مع التفاته إلى الرواية السالف ذكرها متأسّياً بأسلافه الصالحين ــ باختيار أربعين حديثاً، تتمحور حول أمور الإنسان الدينية، ومن ثم مضى في شرحها.
وتتبّين ــ من خلال تلك الأحاديث التي اختارها أولئك العلماء الكبار ــ طبيعة المسائل التي حازت ــ من وجهة نظرهم ــ على أولويّة دينيّة، فإذا نظرنا، ولو بصورة إجماليّة، في الأحاديث التي انتقاها الإمام الخميني لوجدنا أنّ أكثرها يدور حول الأمور الأخلاقيّة، وهو إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أهمية تلك القضايا وأولويّتها في المجال الديني عنده، وبعبارة أخرى، الأخلاق ــ من وجهة نظره ــ هي البعد الأكثر حاجةً إليه في الحياة الدينيّة للناس، من هنا يلاحظ وجود أكثر من ثلاثين حديثاً ــ من منتقيات المؤلّف ــ تتعلّق مباشرةً بالأمور الأخلاقيّة، فيما يدور الباقي أيضاً حول هذا الموضوع وإن بصورةٍ غير مباشرة([3]).
لقد أولت بعض كتب الأربعين التي دوّنها العلماء الكبار أهميةً خاصة للأحاديث الفقهيّة، فيما أعطى بعضهم الآخر أولوية خاصة للأحاديث الفلسفيّة والكلاميّة، أمّا الأربعون حديثاً للإمام الخميني فيقع في سياق المنحى الأخلاقي.
الكتاب الأخلاقي، الدور والوظيفة ــــــــــ
2 ــ يجدر الانتباه ــ بعد الإشارة إلى أن كتاب الأربعون واحد من الكتب الأخلاقيّة ــ إلى أنّ هناك اختلافاً بين أداء الكتاب الأخلاقي من وجهة نظر السيد الخميني مقارنةً بالكتب الأخلاقيّة الأخرى، إذ يُتوقّع عادةً من أيّ كتاب أخلاقي أن يكشف جذور الانحراف السلوكي والروحي، وأن يُشرّح سبيل الصلاح وأدواته. وخلاصة القول: إنّ المصنّفات الأخلاقيّة تمثّل وصفةً طبيّة للإنسان تهدف إلى استقامته ورشاده، لكننا ــ مع الأسف الشديد ــ لا نرى اليوم كتب الأخلاق تلعب دورها الطبيعي، بل لقد تجاهلت حتّى الحد الأدنى المطالبة به، فلم تغدو وصفةً طبيّة مناسبة.
يقول المؤلف([4]): «وهذه الكتب المذكورة ]أخلاق ناصري، إحياء علوم الدين،….[ هي وصفات فقط، بل لو تجرّأت لقلت: حتى اعتبار بعضها أمر مشكوك فيه»([5]).
وإذا ما تردّد الإمام الخميني في حكمه بعدم جدوائيّة بعض الكتب الأخلاقيّة، فإنّنا اليوم قادرون ــ بالتأكيد ــ على الجزم بأنّ الكثير من تلك الكتب، المترجم منها والمؤلَّف، ليست وصفةً طبيّة لعلاج الأمراض الخُلقيّة، فبدلاً من الاهتمام أو الانشغال بالمسائل الأخلاقيّة الأصليّة يُصرف الاهتمام فيها إلى تاريخ الأخلاق وبعض الأمور الأخرى، فمن وجهة نظر الإمام الخميني يفقد الكتاب الأخلاقي إنتاجيته عندما يضّيق على نفسه الخناقَ بجعل ذاته مجرّد وصفة طبيّة، قال: «إنّ تفهيم جذور الأخلاق وإراءة طريق العلاج لا يقرّب أحداً إلى المقصد، ولا ينوّر قلباً ظلمانيّاً، ولا يصلح خُلقاً فاسداً»([6]).
ويتبادر هنا السؤال التالي: ما هو دور الكتاب الأخلاقي ووظيفته؟
يقدّم السيد الخميني جواباً عنه بالقول: «وكتاب الأخلاق كتاب تلين بمطالعته النفس القاسية، ويكون لغير المهذب مهذباً وللمظلم منوّراً، ويحصل بأن يكون العالم في ضمن إراءة الطريق قائداً، وفي ضمن إراءة العلاج معالجاً، ويكون الكتاب نفسه دواءً للداء لا وصفة لإراءة الدواء»([7]).
دوّن الإمام الخميني “الأربعون حديثاً” بوصفه كتاباً أخلاقيّاً، فعلاوةً على هدايته القارئ وإرشاده، يمثّل جزءاً من سيرورة علاج الأمراض الخلقيّة، ويطرح سؤال هنا: كيف يمكن لكتابٍ أن يؤدّي دوره كاملاً بالإضافة إلى دوره في نقل المعلومات؟
مقولة الوعظ ودورها البنيوي في التكوين الأخلاقي ــــــــــ
3 ــ يعتقد الإمام الخميني أن الموعظة تمثّل حلقة الوصل بين التنظير الأخلاقي والفعل الأخلاقي، فيرى لها أهميةً كبيرةً ودوراً أساسيّاً، فلها دور لا بديل عنه في خلق الدوافع الأخلاقيّة، وعليه إنّ فعّاليّة أي كتاب أخلاقي ترتهن بعنصر الوعظ فيه.
قال الإمام الخميني: «كتاب الأخلاق لابدّ أن يكون موعظةً مكتوبةً، ويكون بنفسه معالجاً للآلام والعيوب لا أنّه يهدي إلى طريق العلاج»([8]).
على هذا الأساس، نرى أن لغة الكتاب لغة وعظيّة إرشاديّة، ذلك أنّه إذا لم تنفذ الموضوعات الأخلاقيّة إلى عمق الضمير الإنساني عبر الوعظ والإرشاد، فلن تتحقّق الفائدة المرجوّة من الأخلاق.
لقد سعى المؤلّف إلى استخدام لغة الإرشاد والنصح كلّما فرغ من أبحاثه العلميّة والفلسفيّة، مبدّلاً نتاجه العقلي إلى تجارب روحانيّة وقلبيّة.
فمن الجليّ والواضح أن لغة الوعظ ليست أسلوباً إيضاحيّاً يستطيع أيّ كاتب أن يستخدمه حتى لو تعلّم قواعده بمهارة وتفقّهها بلباقة، بل هي عملية ذات مبادئ خاصة، والبحث عنها ــ أي هذه المبادئ ــ يتطلّب مجالاً خاصاً لسنا بصدده الآن، لكنّ أحد مبادئها يكمن بلا شك في تطابق كلام القائل مع أعماله.
وللأسف الشديد، رغم انتشار الكثير من المؤلّفات الأخلاقيّة وآلاف الخطب منها في عالمنا اليوم عن طريق وسائل الإعلام المرئي والمسموع المتوفّرة لدى الجميع نرى شواهد صارخة على الانحطاطات الخُلقية لدى فريق لا يستهان به من الناس، ولعلّ أحد أسباب هذا الوضع نسيان الوعظ والإرشاد، إنّ الوعظ مرتبط ــ في وجوده ــ بوجود العلماء الزاهدين الورعين الذين يأخذون بيد السالكين الجدد للوصول بهم إلى مقصدهم الصحيح. لقد غدا هؤلاء اليوم من القلائل، أمّا أولئك الذين يملكون قدرة التفكير بدقّة في مجال الأخلاق أو إلقاء الخطب والمواعظ فهم كُثُر، بيد أنهم غير قادرين على القيام بوظيفةٍ كهذه وإن كانوا مفيدين في مواقعهم التي يشغرونها ([9]).
الأربعون حديثاً والمحور السلوكي ــــــــــ
4 ــ جاءت مطالب كتاب “الأربعون حديثاً” على شكل دروس لطلاّب العلوم الحوزويّة في مدينة قم المقدسة، ثم رتّبها الإمام الخميني نفسه بعد ذلك، وصاغها على شكل كتاب.
كان غرضي منذ البداية تلخيص موضوعات الكتاب في مقالة، لكنّني عدلت عن هذا لأسباب عدّة، منها:
أوّلاً: خلوّ الكتاب من الزيادة والحشو، ممّا لا يّذَرُ مجالاً للاختصار.
ثانياً: تنّوع مطالبه وتعدّدها، بما يحيل إمكان تلخيصه مع الحفاظ على تنوّعها.
ثالثاً: لغة الكتاب الإرشاديّة التي إذا لُخّصت تتغيّر، مما يصيبها بالتشوّه والعطب.
على أساس ذلك، اكتفيت بالإشارة إلى بعض المسائل المهمّة، تاركاً القراءة المتأنّية والتأمّل والتدبّر فيها إلى القارئ الفهيم.
إنّ المطالعة العامّة للكتاب تدلّل على رؤية فكريّة مسبقة في اعتماد الأحاديث وانتقائها وتدوينها، يحتمل أن تكون: سلوك الإنسان وسيره إلى الخالق عزّ وجلّ، من هذا المنطلق أحضِرت الأحاديث التي تدور حول معرفة الإنسان وخصائص فطرته، إضافةً إلى تلك التي تتحدث عن معرفة صفات الله تعالى، ذلك ليتضّح المبدأ والغاية من السير والسلوك الأخلاقي، لكنّ أكثر الأحاديث تدور حول كيفيّة السلوك الأخلاقي إلى الله تعالى وموانعه، فقد استحضر المؤلّف روايات متعددة حول التفكّر والتدبّر، والإخلاص، والشكر، والعبادة، واليقين، والتوبة، والصبر، والتوكل، وذكر الخالق عزّ وجلّ، حتّى يتمكّن الإنسان من معرفة عناصر السير والسلوك ومراحله. كما استحضر ــ في المقابل ــ روايات حول الرياء، والعجب، والكبر، والحسد، وحبّ الدنيا، والنفاق، وأهواء النفس، والغيبة، والعصبيّة، والشك والوسوسة، حتى يبيّن للسالك العقبات والموانع التي تواجهه.
الفطرة، الكمال المطلق، دوافع السلوك الروحي ــــــــــ
5 ــ الفطرة هي المسألة الأساسيّة في قراءة الإمام الخميني للإنسان، إن إيلاءه هذا الموضوع اهتماماً كبيراً شاهد دالّ على تأثّره الفكري بأستاذه الشيخ محمد علي شاه آبادي([10]).
فليس الإنسان ــ عند الإمام الخميني ــ موجوداً فاقداً للهويّة، رغم أنّ عناصر هويّته تبقى دائماً على صورة استعدادات ذاتية، يقول: «اعلم أن النفس البشريّة منذ ظهورها وتعلّقها بالأجساد، وهبوطها إلى عالم المُلْك ــ عالم المادة ــ تكون على نحو القوّة ــ الأهليّة والقابليّة ــ تجاه جميع العلوم والمعارف والملكات ــ الحالات الراسخة في الإنسان ــ الحسنة والسيئة، بل تجاه جميع الإدراكات والفعليّات الحاضرة التي هي ذات آثار ثم تندرج بعناية الحق جلّ جلاله»([11]).
من المهم جدّاً إعادة قراءة الاستعدادات والطاقات الإنسانيّة الذاتيّة التي تكوّن طبيعة الإنسان، لأنّها تُعدّ من القوى المحرّكة للعمل الأخلاقي، كما تبقى ضرورّيةً لسير البشر وسلوكهم الروحي.
ومن أهم عناصر الفطرة عشق الإنسان للكمال المطلق، يقول المؤلّف: «إنّ من الأمور الفطريّة التي جُبلت عليها سلسلة بني البشر بأكملها، بحيث أنك لن تجد فرداً واحداً في كل المجموعة البشرية يخالفها، وأن العادات والأخلاق والمذاهب والمسالك وغيرها لا يمكن أن تبدّلها ولا أن تُحدث فيها خللاً، إنّها الفطرة التي تعشق الكمال المطلق»([12]).
بإمكاننا القول: إنّ حب الإنسان للجمال، والعلم، والحكمة، و… يندرج كلّه في عشقه للكمال، وبعبارة أكثر دقّة، الكمال هو الحيثيّة التقييديّة لمختلف أنواع تعلّق الخواطر. ولكن لابدّ أن نعلم أنّ العشق الأصيل للإنسان إنّما يتوجّه للكمال المطلق، أمّا السعي وراء الكمالات المحدودة، أو حتّى وصلها والتعلّق بها فلا يحرّران الإنسان من التذبذب وعدم الإستقرار، كما يعبّر الإمام الخميني: «لمّا كان التوجّه الفطري والعشق الذاتي قد تعلّقا بالكمال المطلق، كان ما عدا ذلك من التعلّقات عرضيّاً ومن باب الخطأ في التطبيق، إنّ الإنسان مهما كثر ملكه وملكوته، ومهما نال من الكمالات النفسية أو الكنوز الدنيوية أو الجاه والسلطان، ازداد اشتيقاه شدّةً، ونار عشقه التهاباً»([13]).
وتسأل: «إذا كان محبوبك هو هذا الجمال الناقص والكمالات المحدودة، فلماذا عندما تصل إليها يبقى اشتياقك ملتهباً لا يخمد، بل يزداد ويشتد؟!»([14]).
لقد أراد الإمام الخميني ــ تبعاً لأستاذه ــ عن طريق شمعة العشق المشتعلة للكمال المطلق أن يأتي بشاهد أو دليل على مبدأ وجود ذلك الكمال ــ وهو خالق الخلق ــ وعلى مبدأ الاتصال الإنساني به، وظرف هذا الإتصال وإطاره ــ وهو يوم القيامة ــ وهو ما يستدعي مجالاً آخر للبحث فيه والحكم حوله([15]).
إنّ ذلك الذي يدفع الإنسان للسير والسلوك الأخلاقي الصعب هو عشقه للكمال المطلق. وإذا تركّزت فطرة البشر على هذا الكمال فقط تمكّنوا من الوصول إلى الله عزّ وجلّ بمقتضاها، لكن الكثير من الميول والرغبات الموجودة في أعماق البشر تظهر أسرع من ظهور العشق لهذا الكمال.
يقول الإمام الخميني: «اعلم أن النفس الإنسانيّة، على الرغم من كونها ــ في معنى من المعاني الخارجة عن نطاق بحثنا ــ مفطورةً على التوحيد، بل هي مفطورة على جميع العقائد الحقة، لكنّها منذ ولادتها وخروجها إلى هذا العالم تنمو معها الميول النفسية والشهوات الحيوانية»([16]).
ويبدو أنّ هناك إمكانيّةً للقول ــ في مقام المقارنة ــ : إنّ للنواحي الحيوانية في الإنسان نوعاً من الفعلية والتحقق، وهذا ما أكّده الإمام الخميني بقوله: «فالإنسان حيوان بالفعل عند دخوله هذا العالم، ولا معيار له سوى شريعة الحيوانات التي تديرها الشهوة والغضب»([17]).
من وجهة المؤلّف، تربية النفس هي التي تحرّر الإنسان من أسر تلك الميول الحيوانيّة، ففلسفة إرسال الأنبياء من عند الله تعالى وتكوين الخالق للعقول البشريّة إنّما هي تربية النفس الإنسانية، يقول: «ولما كانت عناية الحق تعالى ورحمته قد وسعت بني الإنسان في الأزل، جعل لهم سبحانه ــ حسب تقدير دقيق ــ نوعين من المربي والمهذّب، بمثابة جناحين يطير بهما من حضيض الجهل والنقص والقباحة والشقاء إلى أوج العلم والمعرفة والكمال والجمال والسعادة، ويحرّر نفسه من ضغط ضيق عالم الطبيعة إلى الفضاء الرحب الملكوتي الأعلى، وهما: المربّي الباطني المتجسّد في العقل والقدرة على التمييز بين الحسن والقبيح، والمربّى الخارجي المتمثل في الأنبياء والأدلاء لطرق السعادة والشقاء»([18]).
ولأن تربية النفس أو جهادها ــ على حد تعبير المؤلّف ــ أمر غير قياسي يختلف في كل ساحة من ساحاته، كان من الضروري الإشارة إلى هذه الساحات، لذلك يقول المؤلّف: «وحيث إن هذه الأوراق ليست محلاً للتفصيل، لذلك أشير هنا ــ بصورةٍ إجمالية ــ إلى مقامات النفس وأوجه سعادتها وتعاستها، وأوضح كيفية مجاهدتها إن شاء الله»([19]).
أمّا المقام الأول للنفس فهو الجنبة المُلكيّة فيها، وهو ظاهر هذه النفس، أي مصدر نشاط البدن والتحرّكات الجسمانيّة والجوارحيّة، وقواها، وهو ما يعبّر عنه بالقوى الحسيّة أو الحواس الظاهريّة. أمّا سيطرة النفس في هذا المقام فتكون عن طريق الوهم، وفي هذه المرحلة يكون تهذيب النفس وجهادها عبارة عن: «انتصار الإنسان على قواه الظاهريّة، وجعلها تأتمر بأمر الخالق، وتطهير المملكة من دنس وجود قوى الشيطان وجنوده»([20]).
على أية حال، إنّ أعمال الإنسان هي ميدان تربية نفسه وساحة تهذيبها في هذا المقام الملكي، وجهادها أمر صعب جداً، وقد وُعِد المجاهدون الذين قمعوا ميولهم وغرائزهم وهذّبوا نفوسهم بالجنّة.
يقول P: «إنّ وصف النار والجنة في كتاب الله وأحاديث الأنبياء والأولياء، يتعلّق غالباً بنار الأعمال وجنتها اللتين أعدتا للأعمال الصالحة والسّيئة»([21]).
أمّا الجنبة الملكوتيّة ــ وهي المقام الثاني للنفس أي باطنها ــ ومجال نشاطها الخلقيات، حيث يتعلّق جهادها ــ النفس ــ في هذه المرحلة بالأخلاق([22]).
يقول المؤلّف: «هناك إشارة خفيّة إلى جنة الأخلاق ونارها، وأهميّتها أكبر»([23]).
ويصل بنا الحديث عن المقام الأخير للنفس، والذي بقي مجهولاً ــ اسماً وشرحاً ــ للأسف الشديد، حيث لاحظ المؤلّف المحترم عدم وجود مجال لطرحه، لذا يقول: «وقد كنّا نريد أن نشير إلى المقام الثالث للنفس وكيفية المجاهدة فيه ونذكّر أيضاً بمكائد الشيطان في هذا المقام، ولكنّنا لم نر المقام مناسباً لذلك، فصرفنا النظر، وأسأل الله تعالى التوفيق والتأييد لكتابة رسالة خاصّة في هذا الباب»([24]).
وربّما بإمكاني التخمين من تصفّح مطاوي الكتاب أن المقام الثالث يتعلّق بالعرفان والشهود، يقول المؤلّف: «وأحيانا يشار أيضاً إلى جنة اللقاء ونار الفراق، وهذه أهم من الجميع، ولكنّها إشارات محجوبة عنا ولها أهلها، وأنا وأنت لسنا من أهلها»([25]).
لابدّ للإنسان من مجاهدة النفس، للتحرّر من الميول الحيوانيّة، والمضي في تهذيب استعداداته المتسامية حتى يصل بنفسه إلى الطريق الصحيح، وحتى تشقّ فطرته بعناصرها الرئيسيّة ــ بما تعنيه من عشق الكمال ــ طريقَها الصحيح نحو التحقق والكينونة.
«أيّها العزيز، انهض من نومك، وتنبّه من غفلتك، واشدد حيازيم الهمّة، واغتنم الفرصة ما دام هناك مجال، وما دام في العمر بقيّة»([26]).
ولكن ما هو العلاج؟
إنّ التفكّر ــ عند المؤلف ــ أول علاج أو حيلة لذلك.
التفكّر في بُعده العملي ــــــــــ
6 ــ التفكّر نقطة البداية والدرجة الأولى في سلّم السير والسلوك الأخلاقي، فهو مصدر الخير كلّه، ومنشأ البركة عمومها. وقد أكدّ الإمام الخميني على ذلك حين قال: «اعلم أن أول شروط مجاهدة النفس والسير باتجاه الحقّ تعالى هو التفكّر»([27]).
وقال أيضاً: «اعلم أنّ للتفكّر فضائل كثيرة، فالتفكّر هو مفتاح أبواب المعارف وخزائن الكمالات والعلوم، وهو مقدّمة لازمة وحتميّة للسلوك الإنساني»([28]).
لقد بدا جلياً أنّ المراد من التفكّر نوعه العملي، أي التفكّر الذي تكون ثمرته عمليّة، بل إنّ العلوم الدينية والأخلاقية ــ عند السيد الخميني ــ علومٌ عملية وتطبيقية من حيث المبدأ، وإذا ما فقدت مسحتها العملانيّة هذه فقدت هويّتها، فالمعرفة الدينية هي تلك التي تصنع قلباً مؤمناً ومطمئناً، ويعتبر هذا الإيمان والاطمئنان من سنخ الأعمال الجوانحيّة.
يقول الخميني: «وقد ذكرنا سابقاً أن العلوم بصورةٍ عامة، طريق إلى العمل، حتى علوم المعارف، إلاّ أنّ الأعمال التي تنجم من علم المعارف، هي أعمال قلبيّة، وجذبات باطنية، وتكون نتيجة تلك الأعمال والجذبات وصورها الباطنية، صورة ((جنة الذات واللقاء))»([29]).
إذن، فالتفكّر المنظور هو ذاك الذي يفضي إلى ثمرة عملية، لكن كيف يمكن تحقيق ذلك؟
يقدّم لنا الإمام الخميني جواباً عن طريق شرح العناصر المكونّة لفطرة الإنسان، فإحساس الاحترام تجاه شخص عظيم أو كبير، ذاك الاحترام الكامن في ذات الإنسان، شاهد جليّ على ذلك.
«ومن الأمور الأخرى التي تقرّها الفطرة احترام الشخص الكبير العظيم»([30]).
إضافةً إلى ذلك، يلعب الإحساس بوجود الآخر وحضوره دوراً في خلق الاحترام له، وفي هذا يقول السيد الخميني: «ويجب أيضاً بالفطرة، احترام من يكون حاضراً، ولهذا ترى بأنّ الإنسان إذا تحدث ــ لا سمح الله ــ عن شخص بسوء في غيبته، ثم حضر في أثناء الحديث ذلك الشخص، اختار المتحدث حسب فطرته الصمتَ، وأبدى له الاحترام»([31]).
يتبيّن ــ وفقاً لذلك ــ أنّ للتفكّر أهميةً كبيرة، إذ يقود الأمور الفطرية المذكورة إلى الطريق الصحيح، أي أن الإنسان بإحساسه بعظمة الخالق عزّ وجلّ وشعوره بحضوره الدائم والشامل يعمل ــ بحسب فطرته السليمة ــ على تعظيم هذا الإله ويرعى حرمته بلسان العبادة والتضرّع له.
وبعبارة أخرى، تكمن القيمة الرئيسيّة في هذا النحو من التفكير في تأمين الخضوع والخشوع وإذعان العبد للخالق في علاقته به، وممّا لا شك فيه أنّ هذا الدور الهامّ للتفكّر هو الذي جعل الروايات الإسلاميّة تنصّ على أنّ أعلى درجات العبادة الاستغراق في التفكّر بالله تعالى وبعظمته وقدرته ([32]).
إنّ التفكّر والتأمل مفيد في حدّ ذاته، بيد أنّ ما لا شكّ فيه أن قيمته تكمن في المسائل الحياتيّة الأساسية، وذلك عندما يُحدث تحوّلاً في شخصية الإنسان، ولولا ذلك لما كان تفكّر ساعة أفضل من عبادة ستين سنة([33]).
إنّ العلم يبدي هويته الحقيقية ــ من وجهة نظر السيد الخميني ــ في إنتاجه العملي: «إنّني أيضاً لا أعتقد كثيراً بالعلم فقط، إنّ العلم الذي لا يفضي إلى الإيمان أراه الحجاب الأكبر، ولكن لو لم نرد الحجاب ولم نتعلّم لما تمكّنا من خرقه»([34]).
إذن، كلّما أخفق علمٌ في إنتاجه العملي، كلّما كان كبذرةٍ طُمرت في الأرض دون أن تنمو وتحمل.
إنّ التفكّر المطلوب هو إدراك عظمة الله تعالى لكي تدفع فطرةُ الإنسان في احترامها لما هو عظيم صاحبهَا على الخضوع والخشوع أمامه سبحانه، زد على ذلك أنّ التفكّر يؤدي إلى الإحساس بحضور الخالق جلّ وعلا في العالم، وعبر هذا الإدراك تدفع فطرةُ الإنسان في احترامها لما هو حاضر صاحبَها لرعاية حرمته تبارك وتعالى.
يقول السيد الخميني في هذا السياق: «لأن مراعاة الحضور والمحضر من الأمور الفطريّة التي جُبل عليها الإنسان، فإنّه مهما كان مستهتراً ومن دون حياء لفرّق بين حضور الطرف الآخر وغيابه، خاصة إذا كان حضوراً للمنعم العظيم الكامل، لأن فطرة الإنسان تراعي حضور كل شيء بصورة مستقلة»([35]).
إنّ العلم الحقيقي والفكر الصحيح عند الإمام الخميني لا يُستَوعَب في جمع المفاهيم الكليّة وتخزينها في الذهن، أو تحليلها وتنسيقها فيه: «لأنّ المقياس في العلم، ليس تجميع المفاهيم الكليّة، والاصطلاحات العلميّة، بل المقصود منه، رفع الحجب عن البصيرة للنفس، وفتح باب معرفة الله، حيث يكون العلم الحقيقي هو مصباح هداية الملكوت، والصراط المستقيم، للتقرّب إلى الحق، ودار كرامته»([36]).
النيّة وعلاقتها الجدلية بالفعل والملكة ــــــــــ
7 ــ النيّة من مبادئ العمل، ولها دلالة على كيفيّة وقوعه، إنّ بعض مدارس الأخلاق المعاصرة المعروفة مثل المدرسة النفعيّة البراغماتية لا تعير النية أي أهمية، إذ ترى قيمة الأخلاق كامنةً في نتيجة العمل، كما ترى أن لا أثر لصدور العمل عن الأخلاق، وعليه فما يملك قيمةً أخلاقيةً إنّما هو الصدق والصلاح، سواء كان هذا العمل فضيلة أو كان نتاجاً لمصلحة دنيويّة أو فراراً من خوف.
في المقابل، يعطي الفيلسوف الأخلاقي المشهور ــ عمانوئيل كانط ــ أهميةً كبيرة للنية، ويرى أنّ الدوافع التي تقبع خلف العمل هي التي تمنحه قيمةً وقدراً.
ورغم أنّ كانط كان صائباً في مبدأ إعادة قراءة وإنتاج مفهوم النية ودوره الهام في الأخلاق، وأنّ خطوته كانت أكثر تقدّماً من الخطوات التي أقدمت عليها مدارس أخرى كالمدرسة النفعيّة، إلاّ أنّه أخطأ في تفسير نية العمل الأخلاقي المطلوب، ممّا هو خارج عن مجال بحثنا هنا.
أمّا الإمام الخميني فقد أكّد ــ في موارد متعدّدة من هذا الكتاب ــ على أهمية النيّة في تعيين سلامة العمل الأخلاقي أو سقمه، يقول: «لأنّ النية هي الصورة الكاملة للعمل، والفصل المحصّل له، وصحة العمل وفساده وكماله ونقصه، مرتبطة بالنيّة، كما أن عمل شخص واحد ــ لاختلاف نيته ــ قد يكون تعظيماً للغير، وقد يكون توهيناً له»([37]).
على أيّة حال، فالنيّة ــ كما يقول المؤلّف ــ : «عبارة عن الإرادة الباعثة نحو العمل»([38])،بحيث تعدّ مصدراً للقيام بأيّ عمل أو إنجار أيّ فعل.
والسؤال الذي يُطرح هنا هو: كيف تتشكّل النيّة وما هو منبعها؟
لقد أجاب المؤلَّف عن هذا التساؤلات في رسالة مستقلة ([39])، مشيراً إلى بعضها في هذا الكتاب، حيث يقول: «وهي ]أي النية[ تتبع الغايات الأخيرة الدافعة نحو العمل»([40])، ممّا يعني أن تشكّل النيّة إنّما ينبع من الأغراض النهائيّة للإنسان، فالذي يحدد النيّة حاجات الإنسان الأساسيّة وغاياته، كما أنّ ميوله تتحدّد هي الأخرى تبعاً لنواياه، وتقع النية بدورها أساساً للقيام بالأفعال المناسبة لها.
إلاّ أن التساؤل يعود للظهور مرّةً أخرى: كيف انتظمت الغايات القصوى عند الإنسان؟
يجيب المؤلّف عن هذه التساؤلات بالقول: «إنّ هذه الغايات تتبع الملكات نفسها التي تشكّل باطن ذات الإنسان وشاكلته»([41]).
إلاّ أن النقطة الجوهريّة هي أن ملكات الإنسان الأخلاقيّة وحالته الباطنية مرهونان بأعماله، فالعمل الصحيح والجميل يقوّي ملكة الفضيلة ويغذّيها، بينما يغذّي العمل الخاطئ ملكة الرذيلة. من هذا المنطلق نبّه المؤلف على عدم ترك المعاصي تصلُ باطن الروح الإنسانية لتغدو ملكات رذيلة، حيث قال: «نسأل الله أن لا تؤول عاقبة المعاصي إلى الملكات والأخلاق الظلمانيّة القبيحة»([42]).
فالنيّة مصدر العمل، وهي ناتجة ــ في ذاتها ــ عن غايات الإنسان النابعة بدورها من باطن ملكاته الروحية، أمّا الملكات فهي نتاج أعمال الإنسان نفسه، مما يدّل على وجود نوع من التفاعل الجدلي بين العمل الأخلاقي والملكات الأخلاقيّة، حيث يغذي الواحد منهما الآخر.
إنّ الخطوة نحو الأمام في الميدان الأخلاقي إنّما تعني سعياً لتأمين أرضيّة خصبة لأفعال أخلاقيّة أخرى، ذلك أن هذا العمل يعدّ ــ بدوره ــ بمثابة ماءٍ صُبّ على جذور الأعمال الإنسانيّة القادمة، أي الملكات الروحيّة، ليبعث فيها الحياة.
وينبغي هنا فعلاً أن نعرف أي نية وأي ملكةٍ روحية تمثّل فضيلةً فتستحّق المدح والثناء، وتليق بالجهد والعناء لكسبها وتحصيلها؟
يجيب مؤلّف الكتاب عن تساؤلنا هذا في جمل معبّرة ودالّة حين يقول: «فإذا كنتم ذوي ملكات فاضلة إنسانيّة، فستجعل هذه الملكات صورَكم إنسانيةً عندما يحشر الإنسان ومعه تلك المملكات ما لم تخرج عن طريق الاعتدال، بل إنّ الملكات إنّما تكون فضيلة حين لا تتصرف النفس الأمّارة بالسوء فيها، ولا يكون لخطوات النفس دور في تشكيلها.
يقول أستاذنا الشيخ محمد علي الشاه آبادي دام ظله: إن المعيار في الرياضة الباطلة والرياضة الشرعيّة الصحيحة هو خطى الحق، فإذا كان تحرّك السالك بخطى النفس وكانت رياضته من أجل الحصول على قوى النفس وقدرتها وتسلّطها، كانت رياضته باطلة وأدى سلوكه إلى سوء العاقبة، وتظهر الدعاوى الباطلة ــ عادةً ــ من مثل هؤلاء الأشخاص»([43]).
أجل إنّ التحرّر من الإنانيّة وحبّ الذات هو معيار الصلاح، إلاّ إنّ الأمر يكمن في أن حبّ الذات قد يلبس لبوس الرشد والصلاح فيقطع طريق السالك ويتعقّب سبيله، إن الزهد والعلم والتقوى التي تمثّل عناصر الصلاح والفلاح يمكنها أن تغدو بنفسها غطاءً للأنانيّة وحبّ الذات نفسه، ويؤكّد كلام الإمام الخميني هذا قوله: «ولا بدّ من معرفة أن من أصعب الأمور، وأقسى الأشياء، محافظة العلماء والزهّاد والمتقين على دينهم والمراقبة لقلوبهم في حياتهم»([44]).
لأنه من المحتمل أن يخلق العلم والزهد والتقوى في نفس صاحبه إحساساً بالعظمة والمكانة والمنزلة الرفيعة مما قد يؤدّي به إلى الهلاكة والاندثار.
خاتمة ــــــــــ
وننهي كلامنا بنصيحة شيخ الطريقة هذا وسالك سبيل الحقيقة، والتي يحثنا فيها على اتخاذ قرارنا بالسفر، ويدعونا عبرها إلى فهم مكانه في هذه الرحلة الكريمة.
«إنّ المرحلة الأولى من مراحل الإنسانيّة هي اليقظة، وهي الاستيقاظ من نوم الغفلة، والصحوة من سكر الطبيعة، والإدراك أنّ الإنسان مسافر وأنّه لابد للمسافر من زادٍ وراحلة، وزاد الإنسان خصاله وراحلته في هذه المرحلة الخطرة المخيفة، وفي هذه الطريق الضيّقة وفي الصراط المستقيم الذي أحدّ من السيف وأدّق من الشعرة، هي همّة الرجال وعزمهم، والنور الذي ينير ظلام هذا الطريق، هو نور الإيمان والخصال الحميدة»([45]).
[1]) الصدوق، كتاب الخصال: 541.
[2]) ترجم خاتون آبادي S ـ وهو أحد المعاصرين للشيخ البهائي ـ كتابَ البهائي إلى اللغة الفارسيّة، وتم نشره محقّقاً. راجع: الشيخ البهائي، الأربعون، ترجمة خاتون آبادي، انتشارات حكمت.
[3]) شُرحت الأحاديث العقائديّة بشكل مختصر، وأدرِجت في آخر الكتاب.
[4]) نشير إلى أنّنا اعتمدنا في نصوص الإمام الخميني الواردة في كتابي ((جنود العقل والجهل))، و ((الأربعون حديثاً))، على ترجمتهما العربية المنشورة، دون التصرّف فيها، لكي يتسنّى للقارئ العودة إلى المصدر المتوفّر عنده (المترجِمَة).
[5]) الإمام الخميني، جنود العقل والجهل: 11.
[6]) المصدر نفسه.
[7]) المصدر نفسه.
[8]) المصدر نفسه.
[9]) “اعلم أنّه ليس المقصود عدم جدوى علم الأخلاق ومنجيات النفس ومهلكاتها، بل المقصود أن يكون مقدمةً للعمل وليس بشيء مستقل حتّى يستنزف منا الوقت في سبيل تجميع المصطلحات ويمنعنا من بلوغ الهدف”. الأربعون حديثاً: 468، الهامش.
[10]) ((إنّما نستفيد في هذا المقام من آراء الشيخ العارف الكامل الشاه آبادي، الذي هو نسيج ]هكذا[ وحده في هذا الميدان)). الأربعون حديثاً: 177.
[11]) الأربعون حديثاً: 228.
[12]) المصدر نفسه: 177.
[13]) المصدر نفسه: 126.
[14]) المصدر نفسه: 179.
[15]) يريد المؤلف أن يستدلّ عن طريق العشق للكمال المطلق ــ على أساس قاعدة التضايف ــ على فعلّية المعشوق. انظر: الأربعون حديثاً: 179 ـ 182.
[16]) المصدر نفسه: 163.
[17]) المصدر نفسه: 164.
[18]) المصدر نفسه: 228.
[19]) المصدر نفسه: 22.
[20]) المصدر نفسه: 23.
[21]) المصدر نفسه: 30.
[22]) أخذ الإمام الخميني هنا المعنى الضيّق للأخلاق، وهو ما يختصّ بالملكات النفسانية أو الخلقية، فيما يؤخذ عنوان الأخلاق عادةً بمعناه العام الذي يستوعب مجمل أعمال الإنسان.
[23]) المصدر نفسه: 30.
[24]) المصدر نفسه: 41.
[25]) المصدر نفسه: 31.
[26]) المصدر نفسه: 39.
[27]) المصدر نفسه: 23.
[28]) المصدر نفسه: 186.
[29]) المصدر نفسه: 376.
[30]) المصدر نفسه: 28.
[31]) المصدر نفسه.
[32]) المصدر نفسه: 186.
[33]) المصدر نفسه: 186 ـ 187.
[34]) المصدر نفسه: 412.
[35]) المصدر نفسه: 433.
[36]) المصدر نفسه: 341.
[37]) المصدر نفسه: 307.
[38]) المصدر نفسه.
[39]) المقصود رسالة الطلب والإرادة التي كتبها أيّام شبابه.
[40]) المصدر نفسه: 307.
[41]) المصدر نفسه.
[42]) المصدر نفسه: 37.
[43]) المصدر نفسه: 54.
[44]) المصدر نفسه: 346.
[45]) المصدر نفسه: 102.