أحدث المقالات

الشيخ حسن سراج زاده(*)

ترجمة: حسن علي مطر

المقدّمة

إن القضايا الأخلاقية في القرآن، طبقاً لأحد التعاريف، هي القضايا المؤلَّفة من موضوعٍ ومحمول، وموضوعها هو الإنسان وأبعاده الوجودية، ومحمولها هو المفاهيم الأخلاقية من: الحَسَن والقبيح، والواجب والمحرَّم، والصواب والخطأ، والوظيفة([1]).

إن الجزء الأهمّ من القضية الأخلاقية هو محمولها، الذي يبيِّن المفاهيم الأخلاقية. وكلّما ورد استعمالٌ واحد من هذه المفاهيم في محمول قضيّةٍ ما كانت القضية الأخلاقية قابلةً للتشخيص. يمكن لنا أن نستفيد من الإنشاءات الطلبية المفاهيم والأحكام الأخلاقية «الوجوب والحرمة»، ونستفيد في بعض الأحيان «الحَسَن والقبيح» أيضاً. إن الإنشاء الطلبي ـ سواء أكان صريحاً أم غير صريح، وسواء أكان إلزامياً أم غير إلزامي ـ إن دلّ على أحد المفاهيم الأخلاقية دلالةً معتبرة يمكن الاستعانة به لفهم القضية الأخلاقية.

نشاهد القضايا الأخلاقية في القرآن الكريم تارةً في إطار الكلام الإنشائي؛ وتارةً على شكل الكلام الخبري. وبالالتفات إلى كثرة استعمال الإنشاءات في القرآن الكريم، وبيان الكثير من القضايا الأخلاقية في هذا الإطار، من الضروري تقييم مختلف أشكال استعمال الإنشاء، من خلال بيان وتوضيح الإنشاءات؛ ليتّضح بواسطة أيٍّ من أقسام الإنشاء يمكن اكتشاف القضايا الأخلاقية في القرآن. وبعبارةٍ أخرى: نريد أن نعلم أيّ قسمٍ من أقسام الإنشاء يدلّ على الوجوب والحرمة، وأيّها يدلّ على الحَسَن والقبيح أو سائر المفاهيم الأخلاقية؛ لنعمل بعد ذلك على تشخيص القضية الأخلاقية. وبهذه الطريقة سوف نتعرَّف على أحد أساليب التعريف بالرؤية الأخلاقية للقرآن الكريم، ونستفيد من إرشاداته وهداياته في بناء الإنسان.

وفي ما يلي سوف نعمل ـ ضمن تعريف الإنشاء وأقسامه ـ على بيان نماذج من الآيات التي ورد فيها استعمال أنواعٍ من الإنشاءات الطلبية، والتي تبيِّن مفاهيم الحَسَن والقبيح، والواجب والحرام، وتساعدنا على معرفة القضايا الأخلاقية.

الكلام الخبري والإنشائي

من الضروري أن يشتمل الكلام على وجود نسبةٍ تامّة يصحّ السكوت عليها. فكلما كانت هناك ـ بغضّ النظر عن التكلُّم ـ واقعية للنسبة القائمة في الجملة، بحيث تتطابق معها نسبة الكلام أم لا، فإن هذا الكلام يُسمَّى خَبَراً، حيث يقبل الاتّصاف بالصدق والكذب بذاته، من قبيل: قوله تعالى: ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ * في أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ﴾ (الروم: 2 ـ 3)؛ وأما إذا لم تكن للنسبة الموجودة في الجملة واقعية ـ بغضّ النظر عن التكلُّم ـ ففي هذه الحالة يُسمَّى هذا الكلام إنشاءً، حيث لا يقبل الاتّصاف بالصدق والكذب، من قبيل: قوله تعالى: ﴿سِيرُوا في الأَرْضِ﴾ (الروم: 42)، حيث لا شيء بغضّ النظر عن اللفظ، وإنما يتحصَّل معناها بمجرّد القول: ﴿سِيرُوا فِي الأَرْضِ([2]). وحيث إن محور هذه المقالة هو الإنشاءات الطلبية لا يتمّ البحث في الكلام الخبري، وإنما يُقتَصَر على بحث الكلام الإنشائي وأقسامه فقط.

أقسام الإنشاء

إن الكلام الإنشائي أو الإنشاء على قسمين، وهما: الإنشاء الطلبي؛ والإنشاء غير الطلبي.

وفي الإنشاء الطلبي يعمد المتكلِّم إلى المطالبة بمطلوبٍ غير حاصل وقت الطلب، مثل: قوله: «اضرب زيداً».

وفي الإنشاء غير الطلبي يكون الكلام إنشائياً، ولا يقبل الاتّصاف بالصدق والكذب، إلاّ أن المتكلِّم لا يطالب بمطلوبٍ، من قبيل: صيغة البيع (بِعْتُ).

وفي التقسيم المشهور ينقسم الإنشاء الطلبي ـ بطبيعة الحال ـ إلى أقسام، من قبيل: الأمر، والنهي، والاستفهام، والتمنّي، والنداء (الدعاء).

والإنشاء غير الطلبي ينقسم بدَوْره إلى أقسام، من قبيل: أفعال المدح والذمّ، والتعجُّب، والقَسَم، والرجاء، وصِيَغ العقود.

وفي تقسيمٍ آخر ينقسم الإنشاء الطلبي إلى قسمين، وهما: الطلب المَحْض؛ والطلب غير المَحْض. وفي الطلب المَحْض يدلّ اللفظ على الطلب صراحةً، ويشمل الأمر والنهي والدعاء. وفي الطلب غير المَحْض يُفْهَم الطلب من فحوى الكلام، ويشمل: الاستفهام، والتمنّي، والرجاء، والعرض، والحضّ([3]).

وفي ما يلي نقتصر في البحث عن خصوص أقسام الإنشاء الطلبي فقط.

أقسام الإنشاء الطلبي

ينقسم الإنشاء الطلبي في تقسيمٍ مشهور إلى خمسة أقسام، وهي: الأمر، والنهي، والاستفهام، والتمنّي، والنداء؛ وذلك لأنه تمّ في تقسيمٍ التعبيرُ عن العرض والتحضيض بوصفهما من أقسام الطلب (غير المَحْض)، وألحقوهما بهذا القسم أيضاً؛ وبذلك سوف نبحث في المجموع سبعة أنواع من الإنشاء الطلبي. وهذه الأقسام عبارة عن: الأمر (طلب الفعل)؛ والنهي (طلب الترك أو الامتناع)؛ والاستفهام (طلب الفهم)؛ والتمنّي (طلب الشيء المحبوب)([4])؛ والنداء (طلب التفات وإقبال المخاطب)؛ وكذلك العرض (طلب القيام بشيءٍ أو تركه برفقٍ ولين)؛ والتحضيض (الطلب الشديد بفعل شيءٍ أو تركه). فإذا أمكن فهم أمرٍ أخلاقيّ من كلٍّ من هذه الأقسام، ودلّ على حُسْنٍ وقُبْحٍ، أو وجوبٍ وحرمةٍ، كان داخلاً في موضع البحث.

وفي ما يلي نوضِّح كلّ واحدٍ من هذه الموارد:

الأمر

«الأمر» يشمل الأمر بالصيغة والأمر بالمادّة، والأمر الصريح وغير الصريح، والأمر المولوي والإرشادي. وكلّها من أقسام الإنشاء الطلبي. إن الأمر عبارةٌ عن: «طلب القيام بالفعل الصادر من العالي إلى الداني». فإذا كان الطلب من الداني إلى العالي سُمِّي دعاءً، وإذا كان من المساوي إلى المساوي كان «التماساً».

والأمر على أربع صِيَغٍ، وهي:

1ـ فعل الأمر: ﴿اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ﴾ (ص: 17).

2ـ الفعل المضارع المقرون بلام الأمر: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ﴾ (النور: 22).

3ـ اسم فعل الأمر: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ (المائدة: 105)، أو «عليكم الصدق»، أي: «الزموا الصدق».

4ـ المصدر النائب عن فعل الأمر: ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ﴾ (محمد: 4)، أو «صبراً على المكاره»، أي: «اصبروا على المكاره»([5]).

إن المعنى الأصلي للأمر هو طلب الفعل من المخاطب، على نحو الاستعلاء (طلب العلو)، مقروناً بالإلزام. إلاّ أن الأمر في الكثير من الموارد؛ بالنظر إلى سياق الكلام واقتضاء المقام، يخرج عن معناه الأصلي، ويُراد منه معانٍ أخرى، من قبيل:

الدعاء: الطلب من الداني إلى العالي: ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ﴾ (النمل: 19؛ الأحقاف: 15).

الالتماس: الطلب من المساوي إلى المساوي في الرتبة، كأنْ تقول لمَنْ يساويك في المرتبة: «أَعْطِني القلم أيُّها الأخ».

الإرشاد: الطلب من دون تكليفٍ وإلزام. والغاية منه النصيحة والإرشاد: ﴿إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾ (البقرة: 282).

التكريم: ﴿ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آَمِنِينَ﴾ (الحجر: 46).

الامتنان: ﴿فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ﴾ (النحل: 114).

الإباحة: حيث يتوهَّم المخاطب الحَظْر، فيرد الأمر للدلالة على الإذن والترخيص، وإنْ أمكن الترك: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ (البقرة: 187).

التمنّي: يُستعمل في مورد غير العاقل؛ كقول الشاعر:

ألا أيُّها الليلُ الطويلُ ألا انجلي *** بصبحٍ وما الإصباحُ منكَ بأمثلِ

الاعتبار: ﴿انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ﴾ (الأنعام: 99).

الإذن: يُقال لمَنْ يطرق الباب: «ادخل».

التخيير: عندما يتمّ تخيير المخاطب بين أمرين لا يستطيع الجمع بينهما: «تزوَّجْ هنداً أو أختها».

التعجُّب: ﴿انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ﴾ (الإسراء: 48؛ الفرقان: 9).

التسخير: ﴿كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ﴾ (البقرة: 65؛ الأعراف: 166).

الإخبار: الإخبار بهيئة الإنشاء: ﴿وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآَخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفاً﴾ (الإسراء: 104)؛ ومن قبيل: قول رسول الله|: «مَنْ كذب عليّ َمتعمِّداً فليتبوّأ مقعده من النار»، المراد: «يتبوَّأ مقعده».

التهديد: الطلب المشتمل على وعيدٍ وتهديد: ﴿اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ (فصّلت: 40).

التعجيز: الطلب من المخاطَب أن يأتي بما يستحيل عليه؛ لغرض إثبات عجزه وضعفه: ﴿فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ﴾ (البقرة: 23)([6])؛ وقول الشاعر: «أولئك آبائي فجئني بمثلهم».

التسوية: ﴿فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ﴾ (الطور: 16).

الإهانة والتحقير: ﴿كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً﴾ (الإسراء: 50).

ومن بين المعاني المختلفة التي ذُكرت لصيغة الأمر لا يدخل في بحثنا سوى المعنى الأصلي، وبعض المعاني الفرعية التي يمكن لنا أن نستفيد منها مفهوماً أخلاقياً. وعلى هذا الأساس فإن مفاهيم: الالتماس والإذن والتخيير والامتنان والإخبار والتسوية؛ حيث لا تنطوي على دلالةٍ على معنىً أخلاقي (الحَسَن والقبيح والواجب والحرام) لا تكون داخلةً في محلّ بحثنا. وفي المقابل يمكن أن نفهم من معنى الدعاء حُسْن الشيء المطالَب به، شريطة أن يكون ذلك الدعاء قد ورد في القرآن الكريم على لسان شخصيّةٍ قِيَميّة، أو لم يَرِدْ الردع والمنع عنه. كما يمكن الكشف من معنى الإرشاد والإكرام والتمنّي لزوم أو حُسْن الفعل أو الشخص، أو من معنى التعجُّب والتسخير والتهديد والتعجيز والتحقير لزوم الترك (الحرمة) أو قبح الفعل أو الشخص.

وفي غير صيغة الأمر يمكن أن نستفيد معنى الوجوب والوظيفة من مادّة الأمر أيضاً، كما في قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ * وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (الزمر: 11 ـ 12). يمكن أن نفهم من مادة الأمر الوارد في هذه الآية أن النبيّ في ارتباطه مع الله يجب أن يأتي بالعبادة الخالصة، وأن يكون أوّل المستسلمين لإرادة الله سبحانه وتعالى؛ أو كما ورد في قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى…﴾ (النحل: 90).

وبالإضافة إلى صيغة الأمر ومادّته يمكن لنا أن نستفيد مفهوم الوجوب والإلزام من مفرداتٍ أخرى تفيد معنى الطلب ممّا ورد في القرآن الكريم أيضاً، من قبيل: «كتب على»، و«حقّاً عليّ»، و«حقيقٌ على»، و«وصّى»، و«أوصى»، و«قضى»، و«شرع لكم»، و«فرض»، و«أخذ ميثاق»، و«فتوى»، و«أوحى»، وغير ذلك من المفردات الأخرى، كما في قوله تعالى:

ـ ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ (البقرة: 216).

ـ ﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً﴾ (مريم: 31).

ويُفْهَم من كلمة «كُتب عليكم» و«أوصاني» وجوب الزكاة والصلاة. وهكذا الأمر بالنسبة إلى قوله تعالى:

ـ ﴿حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ﴾ (الأعراف: 105).

ـ ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ (البقرة: 241). طبقاً للرأي القائل: إن «حقّ على» تعني «واجب»([7]).

وكذلك الأمر بالنسبة إلى الآيات التالية:

ـ ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ…﴾ (آل عمران: 187).

ـ ﴿قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ (التحريم: 2).

ـ ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ…﴾ (التوبة: 60).

ـ ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ…﴾ (الشورى: 13).

ـ ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَنْ لاَ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً﴾ (الإسراء: 23).

ـ ﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللهَ…﴾ (النساء: 131).

ـ ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ…﴾ (النساء: 140).

ـ ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ([8])… وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ﴾ (النساء: 127).

ـ ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾ (الأنبياء: 73).

النهي

إن المعنى الأصلي لـ «النهي» هو مطالبة المخاطب بترك شيءٍ، على نحو الاستعلاء، المقرون بالإلزام؛ بمعنى أن الشخص الذي يحتلّ مرتبةً عليا يطلب من الشخص الذي يحتلّ المرتبة الدنيا أن يترك شيئاً ما، من قبيل: قولك: «لا تشرب الخمر». وأما إذا أرَدْنا أن نعرِّف النهي بمعناه المطابقي، دون معناه الالتزامي، فالأصحّ هو القول: «إن النهي يعني الردع والمنع من الفعل»؛ بمعنى أن يقوم الشخص الأعلى بمنع وردع الأدنى عن فعل شيء. ففي قولنا: «لا تشرب الخمر» يكون النهي بمعنى «يحرم عليك شرب الخمر»، في حين أنه على المفهوم السابق كان يعني «يجب عليك عدم شرب الخمر».

وعلى أيّ حالٍ فإن النهي يشتمل على ثلاث صِيَغ، وهي:

1ـ صيغة الفعل المضارع المقرون بـ «لام» النهي الجازم، كما في قوله تعالى: ﴿وَلا تَمْشِ في الأَرْضِ مَرَحاً﴾ (الإسراء: 37؛ لقمان: 18).

2ـ أسلوب التحذير والاستبعاد، من قبيل: قولك: «إيّاك أن تكذب».

3ـ الجملة الخبرية التي يقصد بها الإنشاء والنهي (إنشاء «النهي» بصيغة الخبر)، كما في قوله تعالى: ﴿وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ﴾ (المطففين: 1)([9]).

وفي الكثير من الموارد خرج النهي عن معناه الأصلي، وأُريد به معانٍ أخرى، من قبيل: المعاني التالية:

الدعاء: ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ (البقرة: 286).

الالتماس: كأنْ تقول لمَنْ هو في مرتبتك: «أيّها الأخ لا تتوانَ في عملك».

الإرشاد والهداية: ﴿لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ (المائدة: 101)؛ و﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ (الإسراء: 36).

التيئيس: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (التحريم: 7).

التمنّي: «يا ليلة الأنس لا تنقضي».

التهديد: عندما تقول لخادمك: «لا تمتثل أمري، ثمّ انظر ما يقع عليك».

التحقير: ﴿لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ﴾ (الحجر: 88؛ طه: 131).

التوبيخ: ﴿وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (البقرة: 42).

إن ما لا يدلّ من المفاهيم السابقة على المعاني الأخلاقية، مثل: الالتماس والتيئيس، لا يدخل في محلّ بحثنا، إلاّ أن سائر المعاني الأخرى، من قبيل: الإرشاد والتهديد والتحقير، مما يدلّ على الردع والنهي والتحريم والأمر بالترك يدخل في موضع بحثنا. ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ: يُستفاد من الآية الأخيرة أن الذي يلبس الحقّ بالباطل، ويعمل على كتمانه، يكون قد اقترف عملاً قبيحاً، ويجب عليه أن لا يرتكب مثل هذا العمل؛ وذلك لأن الله قد ردع عنه بشدّةٍ.

وبالإضافة إلى صيغة النهي، يمكن اكتشاف المفاهيم السلبية من مادّة النهي وكلّ ما يفيد معنى النهي والمنع والترك أيضاً، من قبيل: «حرَّم»، و«لا يحلّ»، و«اجتنب»، و«أعرض»، و«احذر»، وما إلى ذلك من المفردات الأخرى، كما في قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ﴾ (الأنعام: 56؛ غافر: 66)؛ حيث يُستفاد من مادّة النهي في هذه الآية أن النبيّ الأكرم| قد نُهي عن عبادة الأصنام، وعليه أن يجتنب عن عبادتها. وهكذا الأمر بالنسبة إلى قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ (النحل: 90).

وهكذا الآيات التالية:

ـ ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ (الأعراف: 33)؛ حيث يُفْهَم من كلمة «حرّم» النهي ولزوم الترك في ما يتعلَّق بالأفعال القبيحة والمعاصي والظلم وما إلى ذلك.

ـ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً…﴾ (النساء: 19).

ـ ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ﴾ (الحجّ: 30).

ـ ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ (الأنعام: 68).

ـ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ (التغابن: 14).

وفي الآيات الثلاثة الأخيرة تمّ النهي عن العمل بصيغة وهيئة الأمر، ولكنْ حيث يُفْهَم منها النهي عن الفعل ـ الذي هو المعنى الأصلي ـ أيضاً فقد ذُكرت ضمن مصاديق النهي أيضاً.

كما يُستفاد مفهوم النهي والحرمة من القضايا الإخبارية أيضاً، وهو ما يتمّ التعبير عنه بـ «إنشاء (النهي) بصيغة الإخبار»، من قبيل: قوله تعالى: ﴿الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلاّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾ (النور: 3)([10]).

الاستفهام

الاستفهام طلب معرفة شيءٍ لم يكن معروفاً (طلب الفهم أو طلب العلم بالمجهول)([11])، سواء أكان غير المعلوم اسمه أو حقيقته أو عدده أو الصفة الملحقة به.

وفي معرض طلب معرفة شيءٍ يتمّ استعمال أسماء وحروف الاستفهام.

وأسماء الاستفهام عبارة عن: مَنْ، وما (مَنْ ذا، وماذا)، ومتى، وأيّان، وكيف، وأين، وأنّى، وكم، وأيّ. وحروف الاستفهام عبارةٌ عن: الهمزة (أ)، وهل.

إن جميع أدوات الاستفهام، باستثناء الهمزة (أ) وهل، إنما هي لطلب التصوُّر (إدراك المفرد)؛ وأما كلمة هل فهي لطلب التصديق (إدراك النسبة)؛ وإما الهمزة ـ التي هي أصل أدوات الاستفهام ـ فهي لطلب التصوُّر والتصديق معاً([12]).

وتستعمل «مَنْ» للاستفهام عن العاقل([13]) [غالباً]، كما تستعمل «ما» للاستفهام عن غير العاقل [غالباً] (السؤال عن حقيقة الشيء أو صفة الشيء)، سواء أكان ذلك الشيء عاقلاً أو غير عاقل([14]).

وقد تمّ وضع «متى» و«أيّان»([15]) للدلالة على الزمان، مع فارقٍ، وهو أن «متى» تستعمل للدلالة على الماضي والمستقبل؛ وأما «أيّان» فلا تأتي إلاّ للسؤال عن المستقبل، وهي تفيد معنى التهويل (الخوف) والتضخيم، كما في قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ﴾ (القيامة: 6).

وتُستعمل «كيف» لبيان الحال: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ﴾ (النساء: 41).

كما تَرِدُ «كيف» في بعض الأحيان في غير معناها الأصلي ـ الذي هو السؤال عن حالة الشيء ـ، حيث تستعمل بمعنى التعجُّب، كما في قوله تعالى: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ (البقرة: 28). وتَرِدُ في بعض الأحيان بمعنى التوبيخ، كما في قوله تعالى: ﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ﴾ (آل عمران: 101). وتشتمل في بعض الأحيان على معنى النفي والإنكار، كما في قوله تعالى: ﴿وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ﴾ (الأنعام: 81)؛ أو «كيف أفعل مثل هذا الفعل السيّئ؟!»([16]).

و«أين» لتعيين المكان([17])، قال تعالى: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً﴾ (البقرة: 148).

وأما «أنّى» إذا كانت استفهاميةً فتكون على عدّة معانٍ؛ فتارةً تَرِدُ بمعنى «كيف»، كما في قوله تعالى: ﴿أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا…﴾ (البقرة: 259)؛ وتَرِدُ «أنّى» أحياناً بمعنى «أين»، كما في قوله تعالى: ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ…﴾ (آل عمران: 37)؛ وتَرِدُ أحياناً بمعنى «متى»، كما في قولك: «زُرني أنّى شئتَ»([18]).

و«كم» لتعيين العدد المُبْهَم([19])، كما في قوله تعالى: ﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ (الكهف: 19).

و«أيّ» يُسأل بها عن العاقل وغير العاقل؛ ولتمييز واحدٍ من شيئين يشتركان في أمرٍ عامّ، وغالباً ما تأتي مضافةً ومُعْرَبةً، كما في قوله تعالى: ﴿قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَاماً وَأَحْسَنُ نَدِيّاً﴾ (مريم: 73)؛ أو قوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ﴾ (الأعراف: 185؛ المرسلات: 50). ولو أُضيفت «أيّ» إلى الزمان أو المكان أو الحال أو العدد أو العاقل أو غير العاقل سيكون لها معنى المضاف إليه([20]).

وفي الكثير من الموارد يخرج الاستفهام عن معناه الأصلي (السؤال عن الشيء من أجل معرفته). فعلى الرغم من وجود العلم بالشيء، وبالالتفات إلى سياق الكلام والقرائن، يُراد من الاستفهام أغراضٌ ومعانٍ أخرى، من قبيل: المعاني التالية:

الأمر: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ﴾ (المائدة: 91)، بمعنى: «انتهوا».

النهي: ﴿أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ﴾ (التوبة: 13)، بمعنى: «لا تخشَوْهم، فالله أحقّ أن تخشوه».

التسوية: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ (البقرة: 6).

النفي: ﴿هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ﴾ (الرحمن: 60)، بمعنى: «ما جزاء الإحسان إلاّ الإحسان».

الإنكار: ﴿أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ﴾ (الأنعام: 40)([21]).

الحَضّ والتشجيع: ﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (الصفّ: 10).

ـ الاستئناس: ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى﴾ (طه: 17)، و﴿لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا﴾ (التوبة: 40).

التقرير: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ (الانشراح: 1).

التهويل والتخويف: ﴿الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ﴾ (الحاقّة: 1 ـ 3).

الاستبعاد: ﴿أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ﴾ (الدخان: 13).

التعظيم: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ﴾ (البقرة: 255).

التحقير: «أهذا الذي مدحْتَه كثيراً؟».

التعجُّب: ﴿مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي في الأَسْوَاقِ﴾ (الفرقان: 7).

التهكُّم والاستهزاء: ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا﴾ (هود: 87).

الوعيد: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ﴾ (الفجر: 6).

الاستبطاء: ﴿مَتَى نَصْرُ اللهِ﴾ (البقرة: 214)؛ و﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ﴾ (الحديد: 16).

التنبيه إلى الخطأ: ﴿أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ﴾ (البقرة: 61).

التنبيه إلى الباطل: ﴿أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ﴾ (الزخرف: 40).

التنبيه إلى الضلال: ﴿فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ﴾ (التكوير: 26).

التحسُّر: من قبيل: قول شمس الدين الكوفي:

ما للمنازلِ أصبحَتْ لا أهلُها *** أهلي ولا جيرانُها جيراني

التكثير: من قبيل: قول أبي العلاء المعرّي:

هذي قبورنا تملأ الرَّحْبَ *** فأين القبورُ من عهد عادِ؟

العَرْض: وهو طلب الشيء برفقٍ ولين، من قبيل: قول بعضهم:

ألا تقول لمَنْ لا زال منتظراً *** منكَ الجواب كلاماً يبعث الأَمَلا

التحضيض: وهو طلب الشيء بعنفٍ وشدّة، من قبيل: قولك: «ألا تواظب على الحضور إلى المدرسة؟!»([22]).

إن الاستفهام بمعناه الأصلي لا يدلّ على أيّ معنىً أو مفهوم أخلاقي، وأما المعاني الأخرى للاستفهام، من قبيل: الموارد التي تستعمل فيها أداة الاستفهام بمعنى الأمر والتشجيع والعَرْض والنهي والنفي والإنكار الإبطالي والإنكار التوبيخي والتهويل والاستبعاد والتحقير والتعجُّب والوعيد والاستبطاء والتنبيه على الخطأ والتنبيه على الباطل والتنبيه على الضلال والتحسُّر والتحضيض؛ حيث يُستفاد منها المفهوم الإلزامي الدالّ على الوجوب أو الحرمة والمفهوم الأخلاقي للحُسْن والقُبْح، فيمكن الاستعانة بها في اكتشاف القضايا الأخلاقية. ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ: يُستفاد من همزة الاستفهام الوارد في الآية التالية توبيخ الله لأولئك الذين يدعون الناس إلى أفعال الخير وينسون أنفسهم، وكذلك نستفيد منها تقريع أولئك المفتقرين إلى التفكير القويم؛ إذ يقول تعالى: ﴿أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ﴾ (البقرة: 44)؛ حيث يُستفاد من الشطر الأول من الآية أن الإنسان (ولا سيَّما العالم) يجب عليه إذا لم يكن عاملاً بالبرّ أن لا يدعو الآخرين إلى العمل به، كما يتّضح من الشطر الأخير منها؛ حيث يشجب عدم التعقُّل، أن عدم التعقُّل أمرٌ قبيحٌ، ويجب أن لا يتّصف الفرد السليم بهذه الصفة. وفي استفهام الإنكار الإبطالي، كما في قوله تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾ (القيامة: 36)، تبيِّن هذه الآية أن الذي يتصوَّر أنه قد تُرك دون هَدَفٍ أو غاية إنما يذهب في ذلك إلى تصوُّرٍ خاطئ، ومن ناحية البُعْد المعرفي يجب على الإنسان أن لا يذهب إلى مثل هذا التوهُّم والتصوُّر المجانب للصواب.

التمنّي

التمنّي هو طلب شيءٍ محبوب، دون أن يكون هناك أملٌ في الحصول عليه، ولا يُتَوقَّع حصوله أيضاً؛ وذلك لأنه إما مستحيل التحقُّق وغير ممكن، والإنسان بطبيعته يتعلَّق بالمحال ويطلبه، من قبيل: قول الشاعر: «ألا ليتَ الشبابَ يعود يوماً»؛ أو أن وقوعه قد يكون ممكناً، ولكنه مُستَبْعَدٌ جدّاً وصعب المنال والتحقُّق، كما في قوله تعالى، حكايةً عن قوم موسى×: ﴿يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ﴾ (القصص: 79).

والكلمة الأصلية لبيان التمنّي هي «ليت»، ولكنْ قد يتمّ إظهار التمنّي بألفاظ أخرى، من قبيل: «هل»، و«لو»، و«لعلّ»، و«هلاّ»، و«ألا»([23])، كما في قوله تعالى:

ـ ﴿هَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا﴾ (الأعراف: 53).

ـ ﴿فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (الشعراء: 106)([24]).

وكما في قولهم: «لعلّي أحجّ فأزورك»، أو كما في قول الشاعر:

ألا عمر لي مستطاع رجوعه *** فيرأب ما أثأت يد الغفلات([25])

إن التمنّي إذا أُفيد من قِبَل شخصٍ متعالٍ فإنه يدلّ على أخلاقيّة وحُسْن ذلك الشيء الذي تمنّاه. كما أن أداة التمنّي إذا استُعملَتْ في معنى الحسرة([26]) والندم فإنها تدلّ على بطلان الشيء الذي أدّى إلى نَدَم وحَسْرة الشخص، وصوابية الشيء الذي تمنّاه. ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ: يُستفاد من «يا ليتني» في قوله تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً﴾ (الفرقان: 27) أن عدم اتّباع أثر النبيّ والدِّين في الدنيا أمرٌ مجانب للصواب، ولا ينبغي لذلك أن يكون؛ لأن القرآن الكريم ينقل عن هذا الظالم لنفسه أنه يتحسَّر في يوم القيامة، ويعضّ أصابع الندم؛ بسبب عدم اتّباع النبيّ والسير على سبيله، ولذلك فإنه يتمنّى لو أنه قد سلك هذا الطريق في هذه الدنيا. كما يمكن أن يفهم من عبارة: «يا ليتني» أن ما يتمنّاه أمرٌ صحيح، أي إن اتّباع سبيل النبيّ والدين عملٌ صائب، ويجب على الإنسان أن يقوم به؛ إذ إن الذي لم يتّبع أثر النبيّ يتمنّى في يوم القيامة لو أنه كان قد اتّبعه وسار على أثره.

النداء

النداء هو طلب الالتفات والإقبال من قِبَل المتكلِّم (المنادي) للمخاطَب (المُنادى). ويتحقّق النداء بواسطة أحد حروف النداء، وهي: «الهمزة»، و«أي»، و«يا»، و«آي»، و«أيا»، و«هيا»، و«وا»، حيث تحلّ هذه الحروف محلّ قولك «أنادي». وعلى هذا الأساس فإن عبارات النداء هي في الأصل عباراتٌ خبرية، تحوَّلت إلى إنشائية. وإن «الهمزة» و«أي» لنداء القريب، وسائر الأدوات الأخرى لنداء البعيد. وإن أداة النداء «يا» من أكثر أدوات النداء استعمالاً. ولنداء لفظ الجلالة «الله» يتمّ الاقتصار على استعمال «يا»؛ للإشارة إلى علوّ مرتبة الباري تعالى؛ حيث نقول: «يا الله»؛ و«اللهمّ»؛ حيث تأتي الميم المشدَّدة في موضع «يا». وفي بعض الموارد إذا جاء حرف النداء «يا» قبل المنادى المضاف والعلَم وأيّها يمكن حذفها لفظاً، لا تقديراً، كما في قوله تعالى:

ـ ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ (الصافّات: 100).

ـ ﴿يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا﴾ (يوسف: 29).

ـ ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ﴾ (الرحمن: 31).

وفي بعض الموارد يخرج النداء عن معناه الأصلي، ويُراد منه معانٍ أخرى، كما في الموارد التالية:

التوجُّع (إظهار الوجع): ﴿يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً﴾ (النبأ: 40).

الإغراء (الحثّ): كما في قولك: «يا مظلوم»، حيث يتمّ حثّ المخاطب بهذا النداء لأخذ حقّه من الظالم.

الاستغاثة (التظلُّم): كما في قولنا: «يا لله للمؤمنين».

الندبة (النوح والنشيج): ﴿يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ﴾ (الزمر: 56).

التذكُّر: كقول الشاعر:

أيا مَنزلَيْ سَلمى سلامٌ عليكما *** هل الأزمن اللاتي مَضْينَ رواجعُ

الزَّجْر والرَّدْع: كقول الشاعر:

أفوداي متى المتاب ألمّا *** تَصْحُ والشيب فوق رأسي ألمّا

التعجُّب: «يا للعشب وللماء»([27]).

وفي النداءات القرآنية؛ حيث يكون الله سبحانه وتعالى هو المنادى والمخاطَب، ويتمّ طلب شيءٍ منه في إطار الدعاء من قِبَل أشخاصٍ صالحين، مثل: الأنبياء، ولم يَرِدْ ردعٌ أو منعٌ منه، يمكن لنا أن نستفيد من ندائهم حُسْن الطلب، وحُسْن الشيء المطلوب من الله تعالى، كما في قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ (البقرة: 250). وبذلك يتّضح أن طلب الصبر والثبات والاستقامة والانتصار على الكافرين من الله سبحانه وتعالى هو أمرٌ حَسَنٌ، ومن الحسن أن يتّصف الإنسان بالصبر والاستقامة، وأن يتجلّى فيه ذلك في ساحة القتال والجهاد في سبيل الله.

وبالإضافة إلى المعنى الأصلي للنداء، يمكن أن نستفيد كذلك بعض المعاني غير الأصلية، من قبيل: التوجُّع والتحسُّر والندبة والزَّجْر أيضاً، كما يمكن أن نستفيد معنى الحُسْن أو القُبْح أيضاً.

العَرْض والتحضيض

العَرْض: الطلب والتشجيع على فعل شيءٍ أو تركه برفقٍ ولين؛ والتحضيض: طلب الفعل أو الترك بشدّةٍ. ويكمن الفرق بين العَرْض والتحضيض في نبرة الصوت وطريق أداء الكلمات. وفي كلتا الحالتين يجب أن تأتي بعد هذه الحروف جملةٌ فعلية فعلها مضارع، أو ما يتمّ تأويله إلى مضارعٍ؛ إذ المراد من الطلب والتشجيع هو القيام بفعلٍ أو تركه في المستقبل. وبطبيعة الحال لو جاء بعد هذه الحروف فعلٌ ماضٍ لن يكون بمعنى التشجيع، وإنما يكون بمعنى التوبيخ والعتاب على ترك الفعل في الماضي، كما في قولك: «ألا أكرمْتَ زيداً»، أي: «لماذا لم تكرم زيداً؟» (كان يجب عليك إكرامه).

وحروف العَرْض عبارةٌ عن:

ألا: ﴿أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ﴾ (النور: 22).

أما: «أما تريدون أن تنجحوا في أعمالكم».

لو: «لو تحدَّثنا قليلاً».

لولا: ﴿لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ﴾ (المنافقون: 10).

وحروف التحضيض عبارةٌ عن:

ألا: ﴿أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ﴾ (التوبة: 13).

ألاّ: «ألاّ تقاتلون قوماً كافرين».

هلاّ: «هلاّ تقوم بواجبك».

لوما: ﴿لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ (الحجر: 7).

لولا: ﴿لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ * لَوْلا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ﴾ (النور: 12).

إن لكلّ واحدٍ من الحروف السابقة معاني مختلفة، ومن بين تلك المعاني: التحضيض أو العَرْض. وفي ما يلي سوف نعمل على ذلك باختصارٍ:

ألا: حرف تحضيضٍ وعَرْض.

التحضيض من قبيل: ﴿أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ﴾ (التوبة: 13)، أي: «لماذا لا تقاتلونهم؟» (يجب عليكم مقاتلتهم).

وحرف العرض، من قبيل: ﴿أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ (النور: 22)؛ و﴿فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ * فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلا تَأْكُلُونَ﴾ (الذاريات: 26 ـ 27)، بمعنى: «لماذا لا تأكلون؟».

ألاّ: حرف تحضيضٍ وعَرْض.

لولا: حرف تحضيضٍ وعَرْض.

فالتحضيض من قبيل: قوله تعالى: ﴿لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ (النمل: 46)، أي: «لماذا لا تستغفرون الله من عملكم القبيح، لعلّ الله يعفو ويصفح عنكم ويرحمكم؟»، بمعنى: يجب عليكم أن تستغفروا الله من عملكم القبيح؛ أو ذمّ الله لسكوت الموحِّدين والعلماء في مواجهة المُنْكَرات والأعمال القبيحة التي تصدر عن الناس في عصرهم: ﴿لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ (المائدة: 63).

والعَرْض من قبيل: التشجيع والحثّ على الاجتهاد وفهم الدِّين، كما في قوله تعالى: ﴿فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ﴾ (التوبة: 122)؛ و﴿وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ (المنافقون: 10). فيتّضح من عبارة: «ربِّ لولا أخرتني» أن على الإنسان أن يغتنم فرصة حياته، وأن يفكِّر في قضاء حوائج الفقراء والمساكين، قبل أن يحين أجله. وفي هاتين الآيتين دخلت «لولا» ـ التي هي للعَرْض ـ على الفعل الماضي، إلاّ أن الفعل الماضي بمعنى المضارع؛ لأن المراد منه هو المستقبل. كما تَرِدُ «لولا» في بعض الأحيان على الأشكال التالية: مع الفعل المضارع المقدَّر: «لولا الله تستغفرونه»، ومع الجملة الاسمية: «لولا الانتصار حليفك».

هلاّ: حرف تحضيضٍ كلّما جاء بعده فعلٌ مضارع: «هلاّ تقوم بواجبك»؛ وكلما جاء بعد اسمٌ مرفوع يكون فاعلاً لفعلٍ محذوف يفسِّره ما بعده: «هلاّ زيدٌ يتعلَّم» (بتقدير: هلاّ يتعلَّم زيدٌ يتعلَّم).

أما: حرف عَرْضٍ، كما في قولهم: «أما تريدون أن تنجحوا في أعمالكم؟».

لو: حرف عَرْضٍ، حيث يكون الفعل المضارع بعد لو مقدّراً منصوباً، كما في قولك: «لولا تحدّثنا قليلاً»، بمعنى: «نرجو أن تحدّثنا قليلاً»؛ أو من قبيل: «لو تنزل عندنا فتصيب خيراً»، أي: «أرجو أن تأتينا فتحصل على خيرٍ»([28]).

ومن بين حروف العرض والتحضيض تمّ استعمال حروف مثل: «ألا»، و«لولا»، و«لو ما» في القرآن الكريم؛ فإن أمكن لنا أن نستفيد منها مفاهيم أخلاقية فإنها سوف تجدي في فهم القضايا الأخلاقية، كما في الآية 13 من سورة التوبة، و46 من سورة النمل، و63 من سورة المائدة، و122 من سورة التوبة، و10 من سورة المنافقون.

النتيجة

اتّضح مما تقدَّم أنه بالالتفات إلى كثرة استعمال الإنشاءات الطلبية في القرآن يمكن أن نستفيد المفاهيم الأخلاقية، ولا سيَّما الوجوب والحرمة، بواسطة هذه الإنشاءات الواردة بصيغة الأمر، والنهي، والاستفهام، والدعاء، والتمنّي، والعَرْض، والتحضيض، والعمل بذلك على بيان القضايا الأخلاقية من طريق محمول تلك القضايا. يُضاف إلى ذلك ـ وكما لاحظنا سابقاً ـ أنه بالالتفات إلى المعاني المختلفة الموجودة لكلٍّ من الإنشاءات الطلبية لا يمكن أن نستفيد المفاهيم الأخلاقية من جميع تلك المعاني. وبعبارةٍ أخرى: يمكن الادّعاء بأن هناك نوعاً من نسبة العموم والخصوص المطلق بين الإنشاءات الطلبية والمفاهيم الأخلاقية، أي إنه على الرغم من أن المفاهيم الأخلاقية، ولا سيَّما منها مفهوم الوجوب والحرمة، يمكن فهمها من الإنشاءات الطلبية، ولكنْ ليس كلّ إنشاءٍ طلبيّ يفيد المفاهيم الأخلاقية؛ إذ من الممكن أن يكون هناك طلبٌ، ولكنه غيرُ مستَعْمَلٍ في معناه الأخلاقي.

الهوامش

(*) عضو الهيئة العلميّة ومدير مجموعة الأخلاق في مركز الدراسات الإسلاميّة في إصفهان.

([1]) من بين المفاهيم الأخلاقية أعلاه يُسمّى مفهوما «الحَسَن والقبيح» بالمفاهيم القِيَميّة، أو أحكام القِيَم الأخلاقية، أو الأحكام الناظرة إلى الفضيلة؛ وأما المفاهيم الخمسة الأخرى، وهي: «الواجب والمحرّم، والصواب والخطأ، والوظيفة» فهي تُسمَّى بالمفاهيم الإلزامية أو أحكام الإلزام الأخلاقي أو الأحكام الناظرة إلى الفريضة. وبطبيعة الحال يُطْلَق أحياناً على جميع المفاهيم الأخلاقية (القِيَميّة والإلزامية) ـ في مقابل المفاهيم غير الأخلاقية ـ مصطلح المفاهيم القِيَميّة. [انظر: الأستاذ محمد تقي مصباح اليزدي، فلسفه أخلاق (فلسفة الأخلاق): 105، شركت چاپ ونشر بين الملل، ط1، طهران، 1381هـ.ش؛ وليم فرانكنا، فلسفه أخلاق (فلسفة الأخلاق): 36، ترجمه إلى الفارسية: هادي صادقي، نشر كتاب طه، ط2، قم، 1383هـ.ش؛ مجتبى مصباح، بنياد أخلاق (أصول الأخلاق): 72، مركز انتشارات مؤسّسه آموزشي وپژوهشي إمام خميني، ط4، قم، 1385هـ.ش]. ومن بين هذه المفاهيم السبعة يتمّ استعمال مفهومي الواجب وغير الواجب في الفقه أيضاً، بمعنى أن هذين المفهومين حكمان أخلاقيان، كما هما حكمان فقهيان. وهناك اختلافٌ في وجهات النظر بين العلماء والمفكِّرين حول وجه التمايز بين الواجب والمحظور الأخلاقي والفقهي. ويقوم الافتراض في هذا التحقيق على أن الواجب الأخلاقي إنما يستعمل حيث تعمل الصفة أو الأفعال الاختيارية على إيصال الإنسان إلى الغاية من الأخلاق، ونعني بذلك الكمال الحقيقة المتمثِّلة بـ «القرب من الله»، والمحظور الأخلاقي إنما يُستعمل حيث تحول الصفة أو الفعل الأخلاقي دون وصول الإنسان إلى الكمال. وعلى هذا يمكن القول: إن التعاليم الدينية والعبادات التي يتمّ بيانها في بعض الأحيان ضمن إطار الواجب (والمحظور) الفقهي؛ حيث إنها تكون نازلةً لغرض الوصول إلى ذات هذه الغاية (التقرُّب إلى الله) تكون بهذا الاعتبار أخلاقية أيضاً. وبعبارةٍ أخرى: يمكن للنظام الحقوقي والفقهي في الإسلام أن يندرج في صلب النظام الأخلاقي للإسلام، وحتّى غير العبادات إذا جيء بها بنية التقرُّب من الله يمكن أن تندرج ضمن الأمور الأخلاقية. [انظر: محمد تقي مصباح اليزدي، فلسفه أخلاق (فلسفة الأخلاق): 64؛ محمد تقي مصباح اليزدي، نقد وبررسي مكاتب أخلاقي (نقد ومناقشة المدارس الأخلاقية: 344].

([2]) انظر: سعد الدين التفتازاني، المطوَّل: 37، مكتبة الداوري، ط4، قم، 1416هـ.

([3]) في ما يتعلّق بأقسام الإنشاء ومعاني كلٍّ منها انظر: التفتازاني، المطوّل: 224؛ التفتازاني، مختصر المعاني: 127، انتشارات دار الفكر، ط8، قم، 1383هـ.ش؛ أحمد الهاشمي، جواهر البلاغة: 65، تحقيق وتنظيم: مجموعة من أساتذة الحوزة العلمية، انتشارات مركز إدارة الحوزة العلمية بقم، ط1، قم، 1381هـ.ش؛ إميل بديع يعقوب، موسوعة النحو والصرف والإعراب (الكلمة ذات الصلة)، نشر استقلال، ط6، طهران، 1431هـ.

([4]) التمنّي: طلب شيءٍ محبوب لا يُرجى حصوله. وإذا كان هناك أملٌ بحصول شيءٍ محبوب نسعى إلى طلبه سُمِّي ذلك رجاءً. وبالالتفات إلى أن الرجاء قد ورد في التقسيم المشهور ضمن الإنشاءات غير الطلبية،لم نعمد إلى ذكره ضمن الإنشاء الطلبي.

([5]) انظر: إميل بديع يعقوب، موسوعة النحو والصرف والإعراب: 152، 1431هـ؛ عبد الهادي الفضلي، تهذيب البلاغة: 120، المجمع العلمي الإسلامي، ط2، طهران، 1409هـ.

([6])وانظر أيضاً: يونس: 38.

([7]) انظر: الراغب الإصفهاني، المفردات في غريب القرآن، مفردة «الحقّ»، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط1، بيروت، 1430هـ؛ ابن منظور الأفريقي، لسان العرب 10: 51، نشر أدب الحوزة، قم، 1405هـ ـ 1363هـ.ش.

([8]) «الفتوى» في الأصل تعني الحكم الدقيق والصحيح في المسائل المعقّدة. وبالالتفات إلى أن قوله تعالى: «وأن تقوموا…» عطفٌ على «فيهنّ» (بمعنى: «الله يفتيكم أن تقوموا…») فإن القيام بالقسط من أجل اليتامى يُعَدّ فتوى وحكماً إلهياً.

([9]) انظر: الفضلي، تهذيب البلاغة: 124.

([10]) هناك رأيان في هذه الآية؛ فقد ذهب بعضٌ إلى اعتبار الآية حكماً إنشائياً وشرعياً، واستفاد منها حرمة الزواج من الزاني والزانية؛ إلاّ أن بعضاً آخر قال بأن الآية تخبر عن واقعية عينية وخارجية، وهي أن الأشخاص المدنّسين وغير المطهّرين إنما يميلون أبداً إلى أمثالهم ونظرائهم من المدنّسين، وعلى هذا لا تكون الآية مرتبطةً بالحكم الشرعي. ويذهب المشهور من علماء الإمامية بشأن الزواج من الزاني والزانية إلى الجواز على كراهةٍ. [انظر: محمد حسن النجفي، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام 29: 441، دار الكتاب الإسلامية، طهران]. ولكنْ من الواضح ـ بطبيعة الحال ـ أن الشخص المؤمن يجب عليه من الناحية الأخلاقية أن لا يتزوَّج من الزانية والمشركة، وكذلك يجب على المؤمنة أن لا تتزوّج من الزاني والمشرك؛ رغم أنه إذا تمّ الاقتصار في النظر إلى هذه المسألة من الزاوية الفقهية فقط قد يصدر الحكم على ذلك بالجواز على كراهةٍ.

([11]) انظر: ابن هشام الأنصاري، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: 17، مكتبة سيد الشهداء، ط5، قم، 1406هـ؛ الهاشمي، جواهر البلاغة: 73 ـ 79.

([12]) انظر: الفضلي، تهذيب البلاغة: 51؛ الهاشمي، جواهر البلاغة: 73.

([13]) تستعمل «مَنْ» الاستفهامية في بعض الأحيان بمعنى النفي الإنكاري، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللهُ﴾ [آل عمران: 135]، أي: «لا يغفر الذنوب إلاّ الله». كما تستعمل «مَنْ» ـ بالإضافة إلى الاستفهام ـ شرطيةً، وموصولةً، ونكرةً موصوفة أو زائدةً أيضاً. [إميل بديع يعقوب، موسوعة النحو والصرف والإعراب (كلمة مَنْ)].

([14]) إن لـ «ما» ـ غير الاستفهام ـ عشرة استعمالات أخرى، مثل: الشرطية، والموصولة، والتعجُّبية، والمصدرية، وغير ذلك أيضاً. [إميل بديع يعقوب، موسوعة النحو والصرف والإعراب (كلمة ما)].

([15]) وتأتي «أيّان» بمعنى الشرطية أيضاً؛ حيث تستعمل للدلالة على المستقبل، وتجزم مضارعين، كما في قولنا: «أيّان تزرني تجدني». [إميل بديع يعقوب، موسوعة النحو والصرف والإعراب (كلمة أيّان)].

([16]) كما تَرِدُ «كيف» على صورة الشرطية أيضاً، وتكون كيف الشرطية اسم شرط غير جازم، شريطة أن يتّفق فعل الشرط وفعل الجواب في اللفظ والمعنى، ولا تقترن بـ «ما» الزائدة، كما في قولك: «كيف تعملُ أعملُ». [إميل بديع يعقوب، موسوعة النحو والصرف والإعراب (كلمة كيف)؛ ابن هشام الأنصاري، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: 270].

([17]) كما ترد «أين» على صورة الشرطية أيضاً؛ حيث تكون ظرف مكانٍ وتتضمَّن الشرط، وتجزم مضارعين، وقد تلحقها «ما» الزائدة أحياناً، ولا يتغيَّر حكمها، كما في قوله تعالى: ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ﴾ [النساء: 78]. [إميل بديع يعقوب، موسوعة النحو والصرف والإعراب (كلمة أين)].

([18]) تَرِدُ «أنّى» في بعض الأحيان ـ بالإضافة إلى المعنى الاستفهامي ـ بمعنى الشرطية حيث تكون بمعنى «أين»، من قبيل: قولك: «أنّى تجلس أجلس». كما تَرِدُ «أنّى» في بعض الأحيان ـ بطبيعة الحال ـ على شكل ظرفٍ يتضمَّن الشرط أو الاستفهام، بمعنى «كيف» أو «متى» أو «حيث» أو «من أين»، كما في قوله تعالى: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: 223]. [الهاشمي، جواهر البلاغة: 78؛ إميل بديع يعقوب، موسوعة النحو والصرف والإعراب (كلمة أنّى)].

([19]) كما تَرِدُ «كم» ـ بالإضافة إلى الاستفهام ـ على شكل إخبارٍ، بمعنى «ما أكثر» أيضاً. [انظر: ابن هشام الأنصاري، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: 243].

([20]) وردت «أي» ـ بالإضافة إلى الاستفهام ـ على أربعة أشكال أخرى أيضاً، وهي:

1ـ شرطية (بمعنى «أيّ واحد»)، كما في قوله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ (الإسراء: 110).

2ـ موصولة (بمعنى الذي)، كما في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً﴾ (مريم: 69).

3ـ وصلية (حيث تقع في موضع المنادى)، وتكون متّصلةً أبداً بهاء التنبيه، وتستعمل على شكل صلةٍ للنداء المعرَّف بـ (الـ)، كما في قولنا: «يا أيّها الطالب ادرس».

4ـ كمالية، بمعنى الاسم الدالّ على بلوغ الكمال والغاية في الحُسْن أو السوء، أو تقع بعد النكرة وتأخذ إعراب الصفة، كما في قولنا: «زيد رجلٌ أيّ رجلٍ»، بمعنى أنه كامل الصفات بين الرجال، أو يَرِدُ بعد المعرفة حيث يعرب في موضع الحال، كما في قولنا: «مررتُ بزيدٍ أيَّ مهذَّبٍ». [انظر: ابن هشام الأنصاري، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: 107؛ إميل بديع يعقوب، موسوعة النحو والصرف والإعراب (كلمة أيّ)].

([21]) في ما يتعلّق بهمزة الاستفهام التي هي بمعنى الإنكار؛ تارةً يكون الإنكار بمعنى التكذيب (الإنكار الإبطالي)؛ وتارة أخرى بمعنى التوبيخ (الإنكار التوبيخي). وما يأتي بعد الهمزة في الإنكار الإبطالي غير واقع، ويكون مَنْ يدَّعيه كاذباً، كما في قوله تعالى: ﴿أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً﴾ (الإسراء: 40)؛ وقوله تعالى: ﴿أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ (الحجرات: 12)؛ وقوله تعالى: ﴿أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى﴾ (القيامة: 36). وأما ما يَرِدُ بعد الاستفهام في استفهام الإنكار التوبيخي فهو واقعٌ، ولكنّ الفاعل يقع مورداً للذمّ بسبب ما فعله، كما في قوله تعالى: ﴿قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ﴾ (الصافّات: 95)؛ وقوله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (الأنعام: 40). ولا بُدَّ من الالتفات إلى أن همزة الاستفهام الاستنكاري إذا استعملت في جملةٍ موجبة فإنها تحوّل معناها إلى النفي، كما في قوله تعالى: ﴿أَفِي اللهِ شَكٌّ﴾ (إبراهيم: 10)، أي: «لا شَكَّ فيه»؛ وإنْ استعملت في جملةٍ سالبة حوّلت معناها إلى الإيجاب، كما في قوله تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ﴾ (الزمر: 36)، بمعنى: «إن الله كافٍ عبده»؛ وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ (الانشراح: 1)، بمعنى: «شرحنا»؛ لأن نفي النفي إثبات. [انظر: ابن هشام الأنصاري، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: 24؛ الهاشمي، جواهر البلاغة: 78].

([22]) انظر: إميل بديع يعقوب، موسوعة النحو والصرف والإعراب (كلمة استفهام).

([23]) يقول السكّاكي: «كأن حروف التنديم والتحضيض وهي: هلا وألا ـ بقلب الهاء همزة ـ ولولا، ولوما مأخوذةٌ منهما، وخبر كأن منهما، أي كأنها مأخوذة من هل ولو اللتين للتمنّي حال كونهما (مركبتين مع ما ولا المزيدتين لتضمينهما) علّة لقوله: مركبتين. والتضمين جعل الشيء في ضمن الشيء، تقول: ضمنت الكتاب كذا كذا باباً إذا جعلته متضمّناً لتلك الأبواب يعنى أن الغرض المطلوب من هذا التركيب والتزامه هو جعل هل ولو متضمّنتين (معنى التمنّي ليتولد) علّة لتضمينهما، يعني أن الغرض من تضمينهما معنى التمنّي ليس إفادة التمني، بل أن يتولّد (منه) أي من معنى التمني المتضمّنتين هما إيّاه (في الماضي التنديم، نحو: هلا أكرمت زيداً)، أو (لو ما أكرمته) على معنى (ليتك أكرمته)، قصداً إلى جعله نادماً على ترك الإكرام؛ (وفي المضارع التحضيض، نحو: هلاّ تقوم)، ولو ما تقوم على معنى (ليتك تقوم)، قصداً إلى حثّه على القيام». [انظر: التفتازاني، المطوَّل: 225؛ التفتازاني، مختصر المعاني: 130].

([24]) هناك مَنْ يقول: إن «لو» إذا وقعت بعد فعل يفيد التمنّي تكون بمعنى «ليت»، وتفيد التمنّي، كما في قوله تعالى: ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ (القلم: 9). [انظر: التفتازاني، المطوَّل: 225].

([25]) انظر: إميل بديع يعقوب، موسوعة النحو والصرف والإعراب: 118، 236 (كلمة التمنّي)؛ ابن هشام الأنصاري، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب: 375؛ الهاشمي، جواهر البلاغة: 84؛ التفتازاني، المطوَّل: 225.

([26]) إن «الحسرة» تقع في مقابل «التمنّي». والحسرة تعني الندم والحزن على فقدان شيءٍ وضياعه، بحيث لا تُرجى عودته أو جبرانه؛ بحيث يندم الإنسان على فعله. [انظر: أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، مادة: حَسَرَ؛ الراغب الإصفهاني، المفردات في غريب القرآن، مادة: حَسَرَ].

([27]) انظر: الهاشمي، جواهر البلاغة: 76؛ إميل بديع يعقوب، موسوعة النحو والصرف والإعراب: 118، 236 (كلمة النداء)؛ الفضلي، تهذيب البلاغة: 68.

([28]) في ما يتعلَّق بحروف العَرْض والتحضيض انظر: إميل بديع يعقوب، موسوعة النحو والصرف والإعراب؛ ابن هشام الأنصاري، مغني اللبيب عن كتب الأعاريب؛ مغني الأديب (الكلمات ذات الصلة).

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً