فدعم درع الجزيرة بالعتاد والتقنيات التكنولوجية المتعلقة بالاتصالات وغيرها لا يدلل على هدف حماية الشعوب بقدر ما يدلل على منظومة أمنية لها رسالة واحدة ,هي منع أي محاولات إصلاح وتغيير في المنطقة خاصة فيما يتعلق بالحريات والحقوق,فدرع الجزيرة هو ذاته الذي تم الاستعانة به لقمع حراك مطلبي شعبي في المنطقة اعترفت كل الأنظمة والمنظمات الغربية بسلميته وحقانية مطالبه.
فالأمن وسيلة لتحقيق الاستقرار وليس غاية وهدف,فما يحقق الأمن هو رفع سقف الحريات وتدعيم منظومة الحقوق والواجبات التي تتقوم بها المواطنة الصالحة في أي بلد,فسلب الحقوق داعية للعقوق, وعلى مر التاريخ كل الثورات كان سببها اضطهاد الإنسان بسلب حقوقه وممارسة سياسة المنع والقمع وتكبيل حريته.
فالحرية قيمة آلية لا يمكن أن تتحقق أي قيمة غائية إلا عبر بوابتها,وكلما هبط سقف الحريات وسلبت الحقوق كلما انخفض منسوب الثقافة والوعي وزاد منسوب الجهل وتحول المجتمع إلى قطيع يسهل قيادته من جهة, لكنه غير قادر على النهوض بالوطن وتحقيق التنمية والاكتفاء الذاتي له ولوطنه من جهة أخرى.
وتوقيع الاتفاقية الأمنية كما وردت مع بعض التعديلات لا يعني أبدا فرضها على الشعب الكويتي الذي من حقه أن يطلع عليها, بل يجب أن يتم عرضها على مجلس الأمة ويجب على النواب ممارسة دورهم في تفنيد الاتفاقية وفق ما يتطابق مع الدستور الكويتي خاصة بالمواد المتعلقة بالحقوق والحريات,وما يتطابق مع المعاهدات الدولية التي وقعتها الكويت الخاصة بحقوق الإنسان.
التقارير الأخيرة لمنظمات حقوقية تدلل على استخدام الأمن في قمع المظاهرات والحكم الذي صدر بحق قتلة الميموني كشف القليل مما يحدث في السجون التي يجب أن تخضع لمراقبة الجمعيات الحقوقية في الكويت ,لا من باب التدخل في سير القضايا ولكن من باب حفظ حقوق المسجونين والمتهمين من الانتهاك والتعذيب.
إن الأمن لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الإنسان وتدعيم أهم ما وهبه الله وهي الحرية المنضبطة وحق الكرامة والعدالة,فقيام العدالة وحفظ الحقوق وحماية الحريات العامة المنضبطة وحده كفيل في دفع المواطن للقيام بواجباته وتطبيق القانون وحفظ النظام.
أما القبضة الأمنية والقمع لا يمكن أن يفرزا إلا فوضى وعدم استقرار.