أحدث المقالات

التصنيف الشمولي في السيرة الحسينيّة

قراءة في كتاب mمع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينةn

 

الشيخ محمد صحتي

الشيخ محمد صحتي (*)

ترجمة: محمد عبدالرزاق

 

تمهيد

عندما نراجع حياة الإمام الحسين(ع) نجدها تتكوّن من ثمانية وخمسين عاماً يختمها نهار يومٍ بُعيد سويعات من المقاومة والدفاع عن النفس، وتكاد حياته(ع) تتلخص في النقاط التالية:

1 – ثماني سنوات في حجر الرسول(ص) بالمدينة المنورة.

2 – ثلاثون عاماً عاشها مع أبيه(ع) في المدينة والكوفة.

3 – عشر سنوات مع أخيه الحسن(ع) في المدينة.

4 – ما يقارب العشر سنوات عقب استشهاد الإمام الحسن(ع)، تسلّم خلالها إمامة الأمّة؛ حيث كان حينها – ولتسع سنين ونصف السنة – داخل المدينة المنورة.

5 – الستة أشهر الأخيرة من مسيرته، قضى أربعةً منها في مكة المكرمة بجوار بيت الله، والشهران المتبقيان تصرّما بين المدينة ومكّة والقسم الأعظم منها كان في مسير مكة والكوفة وكربلاء، ثم توقف في كربلاء ثمانية أيام ليستشهد بعدها ظهيرة عاشوراء سنة 61هـ.

تأسيساً على ذلك، يكون الإمام الحسين(ع) قضى مجمل عمره الشريف في أجواء عبادية معنوية بين مدينة يثرب ومكّة المكرمة (حجَّ واعتمر لأكثر من عشر مرات مشياً على الأقدام من المدينة إلى مكة)، يُستثنى من ذلك أواخر أيام حياته خارج المدينة ومن ثم خارج مكة، ذلك الخروج الذي لم يكن عن رغبته واختياره، بل تماشياً مع الظروف القاهرة، ولو أنّ حكّام الجور في زمانه تركوه وشأنه لما تخلّى عن مجاورة المدينة ومكة المكرمة، مدينتي العبادة والروحانية، ولولا هذا الحكم الجائر لما رجَّحَ عملاً على عمل العبادة والطاعة لمولاه، فهو – قبل كلّ شيء – رجلُ التقوى والعبادة؛ فأبرز ما يميّزه هو الزهد والعبادة، حالُه في ذلك حال جده(ص) وأبيه(ع) وأخيه الحسن(ع).

 

أين الدراسات الحسينية عن الحسين ما قبل عاشوراء؟!

إلاّ أنّ الغريب في نتاجات الكتّاب والباحثين في حياة الإمام الحسين، تركيزها – وبشكل كبير – على الستة أشهر الأخيرة من عمرٍ ناهز الثمانية والخمسين عاماً، متجاهلين تماماً مائة وخمسة وعشرين يوماً قضاها(ع) بمكة مجاوراً للكعبة الشريفة، فقد صَبَّ الباحثون جُلّ اهتمامهم على شهرين من حياته بين صحاري مكّة والكوفة وكربلاء، ليختزلوا من بعد ذلك القصّة في سبعة أو ثمانية أيام بكربلاء، قادَه إليها الإجبار والاضطرار، وفي المحصلة هم لا يعرفون الإمام إلا من خلال يومٍ واحد نابَ عن ثمانية وخمسين عاماً هو يوم عاشوراء، يوم الموت، يوم الفاجعة، وما أكثر تهويلهم لهذا اليوم المغمور بالظلمة والبؤس، محاولين بذلك إنارة تلك الظلمة وإشاعة لياليها الحالكة ليقرأوا على الناس: «كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء» كأنّه كلام الوحي المنزل.

ربما تلخّص هذه الأفكار القائمة والانتقائية مرادنا من قصّة الحسين: 1 – ليقصد عامة الناس الحسين طلباً للشفاعة وغفران الذنوب. 2 – ليقتصر عمل رواة المقتل والخطباء على إبكاء الناس والتباكي من حولهم. 3 – ليكون الحسين رمزاً لبعض الفرق المتطرّفة، كالزيدية والإسماعيلية والسربدارية والقزلباش([1])، وهذا ما يسعى إليه أتباعهم اليوم. 4 – لتتخذ بعض الأحزاب السياسية والأجنحة العسكرية فيها – ابتداء من المختار الثقفي والتوابين وحتى التكتلات المعاصرة – من الإمام الحسين وقضيته دافعاً لتحفيز أفرادها على القتل والاقتتال. 5 – لتتخذه بعض الجهات التابعة للسلاطين أداةً لتخدير تابعيهم. 6 – أما أصحاب المصائب والوفيات فغايتهم من تلك المواضيع لا تتجاوز مجالس تأبين الموتى ووضع التمائم على قبورهم.

نعم، هذا هو الجانب السلبي والمشرئب في العتمة، وإن كان هناك جانب إيجابي – حتى من ضمن النقاط الست الآنفة الذكر – يتمثل في بعض المذاهب والمدارس الفكرية، وغيرها من القادة والزعماء الحقيقيين ممّن كان يقرأ في الحسين وقضيته مفاهيم الإباء والحرية والعبادة والزهد والتقوى، ويرون فيه وفي عاشورائه سبيلاً للخلاص من الذلّ والضيم والخنوع والاستبداد بشتى أشكاله، وإن كان ذلك على حساب الشهادة والتضحية بالدماء، وما أكثر من يقرأ الحسين في مفردات الحرية والشهادة والتضحية هذه الأيام وفقاً لتلك الرؤية.

لقد كان الإمام الحسين(ع) – بحق – مصداقاً لما عُرف به من نعوت، أمثال «سيد الشهداء» و«أبو الأحرار» و«رمز الحرية» و«إمام الأخيار» و«سيد أباة الضيم» و«كاشف المبطلين» و«محارب المستبدّين بالدين»، وقد كتب في ذلك مئات الكتب والرسائل لا يسع المقال تكرارها، إنما نلخّص القول في كلمتين هما: الجهاد والشهادة.

بينما تبقى متضائلة نسبة أولئك الذين يريدون في الحسين(ع) تحقيق الحياة وتنمية أبعادها، الأمر الذي تسبّب في إقصاء ثمانية وخمسين عاماً من حياة الإمام(ع)، فاقتصر التركيز على يوم واحد منها، هو يوم عاشوراء (يوم الموت والشهادة)، وكانت ولا تزال الكتب المؤلّفة في الإمام الحسين(ع) تحمل عناوينها التقليدية من قبيل: مصرع الحسين، ومراثي الحسين، وأكثرها حضوراً مقتل الحسين، حتى إنك لو أطلقت كلمة المقتل لانصرفت لمقتل الحسين مباشرةً دون الحاجة لقرينةٍ تذكر، وتكاد أهمية كتابة المقتل في الموسوعات الشيعية لا تقلّ عن أهمية قراءة المجالس الحسينية وكتابة مراثيها، وهو موضوع متشعب الأطراف له أبعاده الخاصة، ولا بد من تسمية كتب من هذا القبيل بـ «المقتل» أو «لشهادة» إذا ما أردنا تحسين مسمّاها، وذلك نظراً لتركيز مؤلّفيها على أحاديث القتل والمقتول، وسرد جملة من الفجائع والجرائم الحاصلة يوم عاشوراء.

أما ما صدر من كتب – على قلّتها – خلال القرن المنصرم تحت عناوين «ياة الإمام الحسين» وما شابه ذلك، فإنها لم تقع على مسمّاها، وخلافاً له كان مدار حديثها حول استشهاد الإمام وتداعياته بالدرجة الأولى؛ فهي وإن كانت بظاهرها تبدأ من موضوع ولادته(ع)، إلاّ أن حديثها سرعان ما يتّجه نحو قضية مقتله؛ بحيث إنّ أول ما يطالعك فيها هو الإخبار عن مقتله على لسان الأنبياء – من آدم إلى الخاتم – فهو سابق حتى لولادته، فبكته الأنبياء معلنةً بذلك مظلوميّته الكبرى.

ومجمل القول: إن غالبية من كَتَب في الحسين ومقتله لم تتجاوز خطواتهم حدود الكوفة وكربلاء، ولم يخرجوا في قراءاتهم لسيّد الشهداء عن دائرة مأساوية عاشوراء الضيّقة، إلاّ أنه صدر هذه الأيام كتاب في ستة أجزاء تناولت صفحاته حركة الحسين من المدينة وحتى العودة إليها، مستوفياً – إلى حد كبير – مقدمات ونتائج فاجعة عاشوراء. ومقالنا الحالي هو قراءة في هذا الكتاب الذي يحمل عنوان «ع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة».

 

التعريف الإجمالي بكتاب «ع الركب الحسيني من المدينة إلى المدينة».

صدرت أجزاء الكتاب الستة حسب الترتيب التالي:

الجزء الاول: الإمام الحسين في المدينة المنورة ورحلته منها إلى مكة المكرمة، تأليف علي الشاوي في (499) صفحة.

الجزء الثاني: الإمام الحسين في مكة المكرّمة، تأليف نجم الدين الطبسي، 479 صفحة.

الجزء الثالث: وقائع الطريق من مكة إلى كربلاء، تأليف محمد جواد الطبسي، 343 صفحة([2]).

الجزء الرابع: الإمام الحسين في كربلاء، تأليف عزت الله مولائي ومحمد جعفر الطبسي، 545 صفحة.

الجزء الخامس: وقائع الطريق من كربلاء إلى الشام، تأليف محمد جعفر الطبسي، (261) صفحة.

الجزء السادس: الركب الحسيني في الشام ومنها إلى المدينة المنورة، تأليف محمد أمين الأمين، (520) صفحة.

لقد اهتمّت مواضيع هذا الكتاب بالعشر سنين الأخيرة من حياة الإمام لحسين(ع)، أي مدة إمامته من عام 50 هجري وحتى سنة 61 هجرية، أما الجزءان الأخيران فقد دار الحديث فيهما حول أسرة الإمام في الكوفة والشام والمدينة.

 

أهم ميّزات الكتاب

هنا أود الإشارة لأهمّ ما تفرّد به كتاب «ع الركب الحسيني»:

1 – صدر الكتاب تحت إشراف مركز دراسات حرس الثورة الإسلامية ومن الطبيعي أن تخرج أفكار الكتاب عن سياسة المركز ومؤسّسته.

2 – تناول المؤلفون آراء وكلمات الإمام الخميني والشهيد مطهري في عاشوراء والإمام الحسين(ع)، ومنها انطلقوا في قراءاتهم.

3 – وصف الكتاب فاجعة كربلاء بـ «لثورة» والإمام الحسين بـ «لشهيد المنتصر».

4 – أقحم بحث «لم الإمام» في صلب فلسفة عاشوراء، كشرط أساسي في فهم هدف الحسين فهماً صحيحاً.

5 – يقترن نقل بعض الروايات والأحاديث بذكر أسس علم الدراية والحديث، وهو لا يخلو من الفائدة.

6 – علاوة على كتب التاريخ والحديث والمقاتل هناك مراجعات أيضاً للكتب الفقهية، من قبيل ذكر رأي صاحب الجواهر في عاشوراء وعلم الإمام، ورأي المحقق الثاني في جامع المقاصد (1: 26 – 25).

7 – اهتمّ الكتاب بشكل واضح بدور سبايا عاشوراء الرسالي، وذلك من خلال تأليف جزئين في هذا الموضوع هما : الخامس والسادس.

 

مع الركب الحسيني، عرض وتحليل

كتبت صفحات الكتاب تحت إشراف الأستاذ علي الشاوي، الذي بدأ مقدّمته للكتاب بهذا التساؤل: هل من جديد في ثورة الإمام الحسين؟ بعبارة أخرى: هل ثمة حاجة لتأليف هذا الكتاب؟ ثم يسترسل الشاوي في طرح تساؤلاته البنّاءة حتى يقول: <إن ما يمكن أن أطمئن إليه هو أنّ هذا الكتاب جاء بشيء جديد، وأنه ليس محاولة مكرّرة في المكتبة الحسينية.. وأنّ ثمّ حاجة إليه. (1: 34).

 

الجزء الأول: الإمام الحسين في المدينة المنورة

يتصدّر هذا الجزء – وقبل الولوج في صلب موضوعه – مقالان: الأول عنوانه «ركة النفاق… قراءة في الهوية والنتائج» تناول تحكّم المنافقين بأمور المسلمين بعد وفاة الرسول(ص)، مع الإشارة لمواضيع «زب السلطة» «زب بني أمية» و«نافقي أهل الكتب» و«نافقي المدينة» و«لسقيفة وتداعياتها» و«لافة عمر بن الخطاب» حتى «صول معاوية السلطة».

أما في المقال الثاني، فكان الحديث حول منطق الحسين ومنهجيته كـ «هيد منتصر» وما إلى ذلك من بحوث حول آفاق النهضة الحسينية، والتفكيك بين الإسلام النبوي والإسلام الأموي والبحث في موضوع عصر الظهور.

بعد ذلك، يطالعنا الفصل الأول بعنوانه «لإمام الحسين بعد أخيه الإمام الحسن»، هكذا تتعاقب فصول الكتاب بشيء من السنخية لما اعتادت عليه كتب التاريخ والمقاتل مع وقفات تحليلية للوقائع حتى دخوله(ع) إلى مكة المكرمة.

 

الجزء الثاني: الإمام الحسين في مكة المكرمة

يستعرض هذا الجزء من الكتاب تفاصيل ما جرى مع الإمام ومرافقيه من حوادث ووقائع طيلة أربعة أشهر هي مدة إقامته في مكة، وقد وضع المؤلف كتابه في ثلاثة أقسام، بعد مقدمة في طبيعة قبائل مكة. وذلك حسب الترتيب التالي:

الفصل الأول: نشاط الإمام في مكة، من قبيل إرسال السفراء، وبعث الرسائل وإلقاء بعض الخطب على الناس، وفي خاتمة الفصل هناك إجابات على أربعة أسئلة: 1 – لماذا أصرّ الإمام على ترك مكة أيام الحج؟ 2 – هل بدّل الإمام إحرامه من عمرة التمتع إلى العمرة المفردة؟ 3 – هل خرج الإمام من مكة سراً؟ 4 – لماذا اصطحب الإمامُ النساءَ والصبية معه؟

الفصل الثاني: يتناول بالشرح والتفصيل التخطيطات الأموية خلال مدّة إقامة الحسين في مكة – سواء كان ذلك في مكة أو المدينة والكوفة والبصرة – مع الإشارة لحادثة استشهاد عبدالله بن يقطر الحميري، واعتقال ميثم التمّار وهاني بن عروة.

الفصل الثالث: ذكرت فيه مواقف المسلمين لا سيما العبادلة الأربعة ومحمد بن الحنفية، محاوَلةً في الردّ على جملة من التساؤلات، منها: 1 – لماذا لم يلتحق عبدالله بن عباس بركب الحسين؟ 2 – ما السبب في تخلّف محمد بن الحنفية عن ركب أخيه؟ 3 – ماذا كان موقف ابن عمه وزوج أخته عبدالله بن جعفر؟ 4 – ماذا قال عبدالله بن الزبير وعبدالله بن عمر وجابر الأنصاري وأبو سعيد الخدري وغيرهم في قرار الإمام الحسين(ع)؟

 

الجزء الثالث: وقائع الطريق من مكة إلى كربلاء

يقع هذا الجزء في ثلاثة فصول، جاء في الأول منها ذكر علل اختيار الإمام للعراق وتوجّهه نحو الكوفة، وتمحور الحديث في الفصل الثاني حول مسلم بن عقيل، ومن كان على خطّ الحركة الحسينية في الكوفة، أما الفصل الثالث فقد تناول قصص التحاق بعض أصحاب الحسين بركبه خلال الطريق، مع ذكر 17 موضعاً
مرَّ بها الإمام في هذه الرحلة. وقبل الختام ورد ذكر أحوال
«ائفة أخرى من  صحاب الإمام ممّن التحق به خلال الطريق»، ويظهرأنّ ما ورد من أسماء هنا لم تكن دقيقةً من قبيل الإسم الموضوع (وهب بن وهب) زعماً بأنه من جملة شهداء عاشوراء (3: 293 – 291).

 

الجزء الرابع: الإمام الحسين في كربلاء

يشرح هذا الجزء تفاصيل ما دار مع الحسين وركبه منذ وصولهم كربلاء وحتى ظهيرة عاشوراء، وإذا استثنينا الضعف الموجود في هذا الجزء وغيره من ناحية المراوحة بين الروايات المعتبرة وغير المعتبرة، فإنّ هذا الجزء لا يخلو من الفائدة الحتمية، كتقديمه إحصائية بثمانية وثلاثين رجلاً التحقوا بركب الإمام أثناء تواجده بكربلاء، أو <استعراضه لشهداء عاشوراء من خلال النصوص الروائية>، والأهم من ذلك ذكر خمسة عشر وصفاً ولقباً لهم، مع إيراد أوصاف وألقاب الجانب الآخر من جيش الأمويين، وهو ما يربو على الثلاثين لقباً.

لقد استعرض هذا الجزء – مضافاً للأرقام والإحصائيات والعناصر المكوّنة لجيش الأمويين – بعض الأسئلة المحورية، منها: 1 – هل اشترك أهل الشام في واقعة الطف؟ 2 – هل التحق ثلاثون رجلاً بالإمام يوم عاشوراء؟ 3 – كيف كانت صلاة الإمام ظهر عاشوراء؟ 4 – هل كان لعليّ الأكبر ذرية؟ 5 – هل قتل عمر في واقعة كربلاء؟ 6 – من هو «لعباس الأصغر» وابن مَنْ؟ 7 – ما نوع أسطورة فضّة والأسد؟

 

الجزء الخامس: وقائع الطريق من كربلاء إلى الشام

يقع هذا الجزء في قسمين، جاء الأول منهما متمّماً للجزء السابق (الرابع) (17 – 80)، ويسرد الثاني ما حلّ بأهل بيت الحسين وذوي الشهداء بعد الفاجعة وحتى دخولهم الكوفة ومنها إلى الشام (81 – 208).

وقد غلب على هذا الجزء الاستشهاد بالروايات الضعيفة وغير المعتبرة أكثر من غيره، وفضلاً عن إثبات روايات البحار أو معالي السبطين وغيرهما، هناك أيضاً استشهاد بنصوص بعض الكتب الضعيفة من قبيل أسرار الشهادة، نور العين في مشهد الحسين، ومنتخب الطريحي! ومجمل القول: إن الكتاب ملآن بالروايات الموضوعة والمحرّفة، وكأنّه كُتب لعامة الناس، أو ليُقرأ على المنابر فيكون الخطباء أكثر تأثيراً في الحاضرين وإبكائهم.

مع هذا كله، لا يخلو الكتاب من فوائد عقلية ونقلية، لاسيما في بعض النقل عن علماء الرجال أو الفقهاء ومناقشة آرائهم، والمؤسف هنا إهمال الكتاب آراء المحقّق التستري (الشوشتري) – صاحب قاموس الرجال – الأمر الذي أخلّ بجودة المضمون ودقة البحث، فليس صواباً أنْ ينقل عن (تنقيح المقال) دون مراجعة قاموس الرجال في نقد وتصحيح التنقيح.

 

الجزء السادس: الركب الحسيني في الشام، ومنه إلى المدينة المنورة

يستعرض الجزء الأخير من كتاب (مع الركب الحسيني) الوقائع التاريخية لذوي الشهداء، والأهم من ذلك موصوع حملة الرسالة الحسينية ودورهم في الشام، ومنها إلى المدينة المنورة، والكتاب في صورته الإجمالية متسلسل ومنسجم، مع دقة وإتقان في البحث والدراسة، باستثناء بعض جوانبه التي لم تخلُ من التمحّل والتكلّف، من قبيل ما ورد عن أخبار الطفلة المعروفة والمنسوبة للإمام الحسين (رقية)، أو ما يخصّ موضوع عودة أهل بيت الحسين من الشام إلى كربلاء مرةً أخرى.

ويتصدّر هذا الجزء مدخل في التعريف بيزيد والآراء في سلوكه وشخصيته، وفي ذلك استقراء واسع ودقيق ينمّ عن متابعة وتحقيق فاحص يصعب تحصيله في كتاب آخر.

على أية حال، فالمؤاخذات على هذا الجزء وسابقه عديدة يُجزي عن ذكرها ما أثبتّه في كتابي: دراسة في تحريف عاشوراء وتاريخ الإمام الحسين (تحريف شناسي عاشورا وتاريخ إمام حسين)، إلى غير ذلك من المقالات المطوّلة، فلا أرى ضرورة للتكرار في هذه العجالة، وكما يقال:  «عاقل تكفيه الإشارة»([3]).

 

من مجلة نصوص معاصرة العدد الثامن

الهوامش



 




(*) باحث في مجال المصادر التاريخية الإسلامية.

[1] ــــ  سربداران أو (رؤوس على المشانق): أسرة من سبزوار حكمت في القرن الثامن الهجري أوّلها خواجة عبدالرزاق وآخرها خواجة علي. والقزلباش: جماعة من جيش الشاه إسماعيل الصفوي، وتطلق على الصفوية من أتباع الشاه إسماعيل عموماً وعلى مذهبهم أيضاً، وتعني أصحاب الرؤوس الحمراء؛ لأنهم كانوا يضعون على رؤوسهم قلانس حمراء ]المترجم[.

[2] ــــ  وقد صدرت الأجزاء الثالثة الأولى بالفارسية بترجمة عبدالحسين بينش.

[3] ــــ راجع: مجلة آينة پژوهش، آذر واسفند 1381هـ ش، العدد الخاص بالإمام الحسين. المقالات <بازخواني فرهنك عاشوراء> و<كتابشناسي توصيفي ـ انتقادي پيرامون تحريف هاى عاشوراء> أيضاً: مجلة علوم حديث، شتاء 1381هـ ش، العدد 26، مقال <بازخواني چند حديث مشهور در باره عاشوراء> كذلك تراجع: مجلة فرهنك كوثر الأعداد: 52، 53، 54. في مقالة مجزَّأة <عوامل وانكَيزه هاى تحريف در تاريخ عاشوراء>. وقد جمعت عناوين هذه المقالات في الكتاب المذكور.

 

 

 

 

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً