د. محمد رسول آهنگران(*)
أ. مصطفى مسعوديان(**)
مقدّمة
في النظام الحقوقي الإسلامي يعد تطبيق العدالة وإحقاق الحق أحد أهم أهداف بعث الأنبياء وتشريع القوانين([1]). ومع ذلك توجد على طول تاريخ الحياة البشرية، وبشكل مستمر، موانع تؤدي إلى انحراف مسير تطبيق العدالة.
وقد أدّى وجود هذه الموانع أدى إلى الاحتيال على القضاء، وإسقاطه عن الاعتبار. ومن البديهي أن القضاء يجب أن يكون الحامي والحافظ لحقوق الناس وملجأ المظلومين. وبهذا المانع يفقد القضاء اعتباره، ويوجب يأس الناس من القضاء، وظهور الهرج والمرج، وانتشار الانتقام الشخصي، وتهيئة الأرضية أكثر لوقوع الجريمة والرذيلة الأخلاقية. وبالمطالعة والفحص الدقيق للنظام الحقوقي الإسلامي يمكن مشاهدة مصاديق أدت إلى انحراف في مسار تطبيق العدالة في الحكم والقضاء، وقد حكم الشارع المقدس بتحريمها والعقاب عليها.
لقد وضعت مؤلفات مختلفة حول العدل والعدالة في مختلف المجالات، السياسية، والاقتصادية، والكلامية، والفقهية، و…. لكن كان البحث قليلاً في ما يخص العدالة القضائية وموانع تحققها. ونظراً لأهمية وضرورة إحقاق الحق وتطبيق العدالة في القضاء والحكم فقد اتسعت التحقيقات في هذا الخصوص، وضمن تبيين مفهوم الجرائم بحق العدالة القضائية. وأهم الجرائم من وجهة نظر الفقه الإسلامي هي تلك التي تؤدي إلى انحراف مسار تطبيق العدالة القضائية في حال الحكم. وقد أخضعناها للبحث والتحليل في هذا المقال.
مفهوم: الجريمة ضد العدالة القضائية
إن بحث الجرائم ضد العدالة القضائية من جملة المباحث الجديدة في حقوق الجزاء، والتي يستلزم لفهمها معرفة اصطلاح العدالة القضائية. (العدالة القضائية) مركب إضافي يتشكل من مصطلحين (العدالة) و(القضاء).
جاء مصطلح (العدل) بمعنى المساواة، أي التساوي بين شيئين، والإنصاف([2]).
وهذا المصطلح قد استعمل في لغة الفقهاء في معنيين: فمرة استعمل في بحث مصلحة التشريع وملاكات الأحكام، وعبر عنه بـ (قاعدة العدالة). وفي هذا الخصوص يقول الشهيد مطهري: «أصل العدل ذلك الأصل الذي أوجد قانون تطابق العقل والشرع في الإسلام، يعني في رأي الفقه الشيعي أنه إذا ثبت أن العدل يوجب أن القانون الفلاني يجب أن يكون كذلك يجب أن نقول: إن حكم الشرع هو كذلك»([3]).
وأحياناً في بحث شروط القاضي، الشاهد، إمام الجماعة، وأمثال ذلك، يتكلم عن العدل والعدالة.
ففي هذا المورد ألَّف الشيخ الأنصاري رسالة مستقلة باسم (رسالة العدالة)، ووضع مجموع تعاريف الفقهاء في ثلاثة تعاريف، وهي كالتالي:
1ـ العدالة هي كيفية أو حالة أو هيئة وملكة نفسانية تبعث الإنسان على ملازمة التقوى والمروة.
2ـ العدالة هي اجتناب معصية الله. وبتعبير آخر: ترك الذنوب الكبيرة (الكبائر).
3ـ العدالة تعني حصول الاستقامة الباطنية والظاهرية روحياً وسلوكياً.
وقد قوى الشيخ الأنصاري في رسالته التعريف الثالث، واعتبره أدقّ وأخصّ من التعريفين السابقين([4]).
لكن كلا هذين الموردين ليس من موارد بحثنا؛ إذ لم يبحث فقهاء الإسلام أساساً حول تعريف ومعيار العدالة، وأنه في موارد الاختلاف كيف يمكن تشخيص حق الأفراد.
وقد انتقد الشهيد مطهري الفقهاء؛ لعدم التفاتهم لمكانة العدالة. واعتبر أصل العدالة من مقاييس الإسلام الذي يجب أن ينطبق كل شيء عليها. واعتبر أيضاً أن أحكام الدين قامت على العدالة، وليس هو معيار العدالة (أي ليس لأن الدين قاله فهو عدلٌ، بل العدل يقوله الدين)([5]).
وقدم بعض العلماء المعاصرين تعاريف للعدالة، نشير في هذا القسم لأهمها:
لقد عرف العلامة الطباطبائي العدالة بأنها إعطاء حق كل صاحب حق([6]).
وفي مكان آخر قال: حقيقة العدالة إقامة المساواة، وإقرار الموازنة بين الأمور([7]).
واستفاد الشهيد المطهري من رواية عن الإمام علي×([8]) أن العدالة هي «وضع الأمور في موضعها»([9]).
وفسَّرها في مكان آخر بأنها «إعطاء كل ذي حق حقه»([10]).
وفي نظر العلامة محمد تقي جعفري فإن التعريف الجامع للعدالة هو (السلوك المطابق للقانون)؛ لأنه يشمل كل التصرفات والحالات العادلة([11]).
ويمكن القول: إن كل هذه التعاريف هي في مجالها صحيحة، والواقع أن كل واحد منها يوصل معنى من حقيقة العدالة، لكنّ المفهوم الذي يتطابق مع بحثنا هو تعريف العدالة بـ (السلوك المطابق للقانون)، والذي أكد عليه العلامة جعفري. وبهذا المعنى تكون الحياة الاجتماعية للإنسان ذات قوانين وضعت لأجل إنعاش وإصلاح تلك الحياة، والسلوك المطابق لتلك القوانين هو العدالة، والانحراف عنها أو عدم الاعتناء بها هو الظلم.
و(القضاء) في اللغة بمعنى القطع، الفصل، والإنهاء. وعليه فإن الحاكم برأيه ينهي الاختلاف والمشاجرة، ويسمى قاضياً([12]).
وكذلك جاءت هذه الكلمة بمعنى الحكم والأمر([13]).
ولم يرد تعريف (القضاء) في أكثر كتب الفقه. وقد قال في تعريفه بعض الفقهاء: «هو الحكم بين الناس عند التنازع والتشاجر ورفع الخصومة وفصل الأمر بينهم»([14]).
وقال السيد الخوئي& في تعريفه: «هو فصل الخصومة بين المتخاصمين، والحكم بثبوت دعوى المدّعي أو بعدم حق له على المدّعى عليه». وقال في تبيينه للفارق والمائز بين القضاء والفتوى: «الفتوى عبارة عن بيان أحكام كلية بقطع النظر عن تطبيق تلك الأحكام على مصداق خاص، وهذه الفتوى حجة على المقلد فقط، لكن القضاء حكم لقضايا جزئية تكون مورداً للنزاع، والحكم فيه يكون نافذاً على طرفي النزاع، وإن كان أحدهما مجتهداً»([15]).
وبناء على ما ذكر من تعاريف فإن القضاء هو حكم القاضي بين الطرفين؛ لرفع الخصومة والنزاع. وبناءً على هذا يمكن القول: إن العدالة القضائية عبارة عن مراعاة القانون عند الحكم والقضاء. وبعد وقوع الجرم أو تضييع الحق فإنّ كلّ عمل يقصد به الإخلال في مجرى تطبيق العدالة القضائية، ويكون له القابلية في عدم تحقق العدالة، أو يوجب انحراف الحكم، هو جريمة بحق العدالة القضائية، أو خرق للعدالة القضائية.
وهنا نتساءل: ما هي الضابطة لتشخيص هذا النوع من الجرائم؟
يمكن ـ بشكل كلي ـ إعطاء معيارين لتشخيص هذا النوع من الجرائم: أحدهما نوعي؛ والآخر شخصي. وطبقاً للضابطة النوعية فإن كل جرم موضوعه تطبيق العدالة في القضاء يعد جرماً بحق العدالة القضائية. وبناءً على هذا فمن أجل تشخيص هذا الجرم يجب الالتفات إلى العنصر المادي للجرم الذي يعد موضوع الجرم جزءاً منه.
وعلى أساس الضابطة الشخصية فإن كل جرم يقصد منه الإخلال في مسير تطبيق العدالة القضائية يعد جرماً ضد العدالة القضائية. وبناءً على ذلك فإن الارتشاء في الحالات العادية يعد جرماً عاماً، لكن إذا دفعت الرشوة لمسؤول في القضاء؛ للاهتمام القضائي، أو بقصد التأثير على سير قضية معينة، فإن هذا العمل يعتبر عنواناً لأحد معوقات وموانع تطبيق العدالة.
ويبدو أن الضابطة الشخصية معيار أدق في تشخيص الجرم ضد العدالة القضائية؛ لأن الجرائم ضد العدالة ليست جرماً خاصاً، له عنصر مادي وله موضوع معين، بل إن الجرم ضد العدالة هو وصف لمجموعة جرائم خاصة، ووجه شبهها هو انحراف في مسير العدالة القضائية بهذه الضابطة. فالجرائم التي تخل بتطبيق العدالة بنحو ما، لكن ليس وراءها قصد شخصي، لا يمكننا عدها ضمن الجرائم ضد العدالة القضائية.
وفي نظام الجزاء الإسلامي نواجه عدة مصاديق وحالات يمكن أن تكون سبباً للانحراف في سير العدالة القضائية، التي حكم الشارع المقدس بحرمتها والعقوبة عليها.
وعلاوة على التصريح بتلك المصاديق فقد ذكروا في بعض الأبواب الفقهية أساليب وطرق إذا روعيت تحول دون بروز تلك الجرائم. وهذه التأكيدات وجهت لمسؤولي القضاء، الذين هم مكلفون برعاية هذه النقاط في إجراء الحكم. ومن جملة هذه الوظائف ما يلي:
أـ يرى مشهور الفقهاء أنه يجب على القاضي أن يراعى المساواة بين طرفي النزاع، من حيث الكلام، والنظر، والاستماع، و…، وإن كان هنالك فارق بينهما في الشخصية أو في المنصب([16]).
ب ـ يحرم على القاضي أن يعلِّم أحد الطرفين طريق الاستدلال، أو أن يعلِّم أحد الطرفين ما يضرّ بالطرف الآخر([17]).
ج ـ لا يجوز للقاضي بعد القضاء وثبوت الحق أن يتوسط بإسقاط حق صاحب الحق؛ أو يطلب من صاحب الحق أن يتنازل عن حقه؛ أو يتوسط لإبطال ادعاء المدعي؛ أو يصرفه عن ادعائه([18]).
وهنا سنبحث أهم الموانع التي توجب الانحراف والخلل في سير تطبيق العدالة القضائية من منظار فقه الإمامية، والتي يحكم الشارع المقدس بحرمتها، ويعتبرها من الجرائم.
مقاربة فقهية للجرائم ضد العدالة القضائية
في المباحث السابقة بيّنّا مفهوم الجرائم ضد العدالة القضائية، وأهمية تطبيق العدالة القضائية في النظام الحقوقي للإسلام. لكن تحقق العدالة القضائية تكون ممكنة حين تشخص موانع تطبيقها، ويعمل على إزالتها. وبمطالعة وتفحص كتب الفقه يمكن التعرف على عدة موانع في مسير تطبيق العدالة القضائية، وأهمها:
أـ الارتشاء
الارتشاء هو أخذ الرشوة، واسم الفاعل (مرتشي)، بمعنى آخذ الرشوة، ويقال للذي يقدم على دفع الرشوة اصطلاحاً (راشي)([19]).
لم يعطِ أكثر الفقهاء تعريفاً واضحاً لمصطلح الرشوة، واكتفوا ببيان أحكام وأدلة الحرمة. والظاهر أن أول فقيه بيَّن مفهوم الارتشاء هو الشهيد الثاني، حيث يقول في كتابه «شرح اللمعة»: «بضم الراء وكسرها، وهو أخذه مالاً من أحدهما أو منهما، أو من غيرهما على الحكم، أو من غيرهما على الحكم أو الهداية إلى شيء من وجوهه، سواء حكم لباذلها بحق أم باطل»([20]).
والجدير بالذكر أن أخذ الرشوة يعتبر أحد موانع العدالة القضائية، إذا كانت في متابعة موضوع قضائي، أو لأجل التأثير على سير الحكم. واللطيف في الموضوع أن القرآن الكريم حين يتحدث عن الرشوة فإنه يشير إلى معنى إعطاء الرشوة، وهو بقصد التأثير على الحكم القضائي، وإصدار الحكم بغير حق([21]).
ومن البديهي أن أخذ الرشوة من قبل القاضي هو أقبح بمرات عديدة من أخذ الرشوة من قبل موظف عادي في إدارة ما؛ لأجل إنجاز أسرع لأعمال المراجعين.
وهنا يطرح سؤال مهم، وهو: ما هي الرشوة في نظر الفقهاء؟ وهل يتحقق عنوان الرشوة بدفع المال فقط أم يشمل المنفعة أو امتيازاً معيناً أو الوعد بإنجاز فعلٍ؟
إن فريقاً من الفقهاء اعتبر المال هو متعلق الرشوة([22]). لكن لا يمكن القول: إن هؤلاء الفقهاء كانوا في مقام نفي كل نوع من المتعلق غير المال، بل من وجه أن الهدف من تحريم الرشوة هو الحيلولة دون تضييع حق الناس، وتطبيق العدالة، وكل ما يعطى بعنوان رشوة كي يعمل خلاف الحق، يمكن اعتباره متعلقاً لحكم حرمة الرشوة.
ومن جهة أخرى فإن أكثر الفقهاء قد اعتبروا متعلق الرشوة الأمور المالية وغير المالية أيضاً([23]). وبتعبير صاحب الجواهر: «إذا شك شمول ذلك لغير المال فعلى الأقل يمكن اعتبار الأقوال والأفعال في حكم الرشوة»([24]).
والسؤال الآخر الذي يطرح هنا هو: في نظر الفقه هل يسري عنوان الرشوة إلى عمّال وموظَّفي الحكومة أيضاً؟ فقد طرح فريقٌ من الفقهاء أدلة حرمة الرشوة فقط في باب القضاء([25]). وبناءً على هذا فإن موضوع الرشوة فقط في باب القضاء والحكم. ولكن عدة فقهاء آخرين اعتبروا ـ صريحاً ـ مسألة الرشوة في الأمور القضائية وغير القضائية([26]). ودليل هذه الطائفة من الفقهاء هو الروايات. ومن بين تلك الروايات الرواية التي يرويها الأصبغ بن نباتة، عن الإمام علي×، حيث يقول: «أيُّما والٍ احتجب عن حوائج الناس احتجب الله عنه يوم القيامة وعن حوائجه، وإن أخذ كان غلولاً، وإن أخذ الرشوة فهو مشرك»([27]).
ويستفاد من هذه الرواية أن حوائج الناس تشمل غير أحكام القضاء أيضاً، وأن موظفي وممثلي الدولة إذا لم يهتموا بحوائج الناس، أو أخذوا الرشوة، فهم ممن تشملهم هذه الرواية أيضاً.
وهناك رواية أخرى عن الإمام الرضا× ينقل عن الإمام علي× أنه قال في تفسير قول الله تعالى: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ}([28])، فقال×: «أكل السحت أن يقضي الشخص حاجة أخيه ثم يأخذ الرشوة والهدية»([29]). ومن إطلاق هذه الرواية يستفاد أن كل شخص ـ أعم من القاضي وغيره ـ يتقاضى الرشوة في مقابل قضاء حاجة يشمله عنوان {أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ}، والذي صار محلاًّ لذمّ وتوبيخ الله سبحانه.
وفي نظرنا فإن القول الثاني، وهو جريان الرشوة في الأمور القضائية وغير القضائية، وجيه من عدة جهات؛ إذ مع وجود الإطلاقات في الروايات فإن الرشوة ـ في نظر مشهور الفقهاء ـ منصرفة ـ إلى مورد الحكم والقضاء، ويكثر استعمال ذلك في لسان الروايات. لكن لا يمكن أن نعتبر كثرة الاستعمال دليلاً على هذا الانصراف؛ لأن الزمن السابق لم يكن بهذا التعقيد، وبسعة العلاقات الفعلية، والناس يطرحون أكثر مسائلهم واختلافاتهم لدى حاكم الشرع والقضاة، وكذلك القاضي موظَّف لحلّ قضاياهم، بدون أن يستلم أو يأخذ شيئاً في مقابل ذلك.
وإن هذه الروايات لم تكن في مقام نفي عنوان الرشوة في غير القضاء والحكم.
ومن جانب آخر فإن علة تحريم الرشوة في لسان الروايات الحيلولة دون تضييع حقوق الناس وتطبيق العدالة، وإن هذا الدليل موجود أيضاً في دفع الرشوة للعمال وموظفي الدولة.
وبناءً على هذا ففي حالة دفع الرشوة لمسؤولي القضاء أثناء إنجاز عمل قضائي، أو بقصد التأثير على مسار مسألة قضائية، يعد ذلك عنواناً لأحد موانع تطبيق العدالة.
وعليه فإن الدقة في اختيار مسؤولي القضاء، وإعطائهم الراتب الكافي، والرقابة المستمرة على نشاطاتهم، والمواجهة بحزم وبدون تبعيض مع مرتكبي هذه الجريمة، كل ذلك يمكن أن يكون مؤثِّراً في انخفاض مستوى جرم الارتشاء.
ب ـ شهادة الزور وكتمان الشهادة
العامل الثاني الذي يمكن أن يكون مانعاً عن تحقق العدالة القضائية في نظر الفقه الإسلامي هو شهادة الكذب وكتمان الشهادة. فالشهادة أحد الأدلة المهمة في الدعاوى الجزائية والحقوقية. وقد كانت منذ زمن بعيد تقبل بعنوان دليل إثبات. غاية الأمر أن حدود الاستفادة منها ودرجة اعتبارها وقيمتها قد اختلفت. ففي المجتمعات غير المتقيدة بأصول الأخلاق والدين تعد الاستفادة من الشهادة باعثاً على تضييع حقوق الناس، وعلى العكس من ذلك فإن المجتمعات المتقيدة بالتقوى ترى أداء الشهادة تكليفاً شرعياً و مؤثراً في إحياء حقوق الآخرين([30]).
إن دليل الشهادة في أمور المجازاة على خلاف الأمور الحقوقية (المدنية) يعد سيد الأدلة؛ لأن أمور المجازاة تصادفية عادة، أي إنها أمور لم تعين من قبل، وغير قابلة للتوقع، وبمجرد وقوع الجريمة نرى المجرم يسعى فوراً لإزالة الأدلة المثبتة للجرم، ويتوارى، ولذلك كان للشهادة دورٌ فعّالٌ في تحقق العدالة القضائية.
ولدليل الشهادة أهمية كبرى، حيث أكد عليه القرآن والروايات بشكل كبير. ففي الآية 282 من سورة البقرة يقول سبحانه: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ}. وذكرت ثلاثة أقوال في معنى هذه الآية:
1ـ هذه الآية صريحة في وجوب أداء الشهادة حين يدعى الشاهد إليها. وبعبارة أخرى: إن هذه الآية تتعلق بمرحلة أداء الشهادة([31]).
2ـ المراد من هذه الآية عدم جواز امتناع الشهداء من تحمل وأداء الشهادة حين يطلب منهم أن يكونوا شهداء على واقعة معينة. وهذه الآية تتعلق بمرحلة تحمل الشهادة، وليس بأداء الشهادة([32]).
3ـ إن هذه الآية شاملة لكلا المرحلتين: التحمل والأداء. ولذلك فإن الشهود في أي وقت يطلب منهم أن يتحملوا أو أن يؤدوا الشهادة لا ينبغي لهم الامتناع عن أداء ذلك([33]).
ويبدو أنه مع ترك تفصيل وإطلاق الآية المذكورة فإن القول الثالث مرجَّح على القولين الأولين.
وفي السنة استند على الأحاديث التالية للاستدلال على وجوب الشهادة:
1ـ رواية جابر، عن أبي جعفر×: قال رسول الله‘: «من كتم شهادة أو شهد بها؛ ليهدر بها دم امرئ مسلم، أو ليزوي بها مال امرئ مسلم، أتى يوم القيامة ولوجهه ظلمة مد البصر، وفي وجهه كدوح، تعرفه الخلائق باسمه ونسبه…»([34]).
2ـ يقول الإمام الرضا×: «وإن سُئلت عن الشهادة فأدِّها، فإن الله تعالى يقول: {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، وقال: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللهِ}([35]).
وبناءً على ذلك يمكن استنباط وجوب أداء الشهادة وحرمة كتمانها من هذه الأدلة.
وقد جاءت ـ الشهادة ـ في اللغة بمعنى الحضور، والعلم، والاطلاع([36]).
ولم تُعرَّف الشهادة في لسان أكثر الفقهاء، بل تعرضوا لأحكام وشرائط الشهادة. وبتعبير صاحب الجواهر: لعل سبب ذلك أن الشارع المقدس ليس لديه تعريف خاص للشهادة، وأن المعنى في نظر العرف كان هو نفسه في نظر الشارع([37]).
لكن نظراً لما يحمله دليل الشهادة من أهمية فمن اللازم أن يقدم تعريفٌ واضحٌ له.
قال جملة من الفقهاء: الشهادة عبارة عن «إخبار جازم عن حق لازم للغير، واقع من غير حاكم»([38]). ولذلك فإن شهادة الكذب عبارة عن أن «يشهد الشخص بشيء ليس له به علم، أو ينكر ما له به علم»([39]).
ومن هذا الوجه فإن شهادة شخص خلافاً لما يعلم، أو شهادته بما لا يعلم، أمام مسؤولي القضاء، وبقصد الإخلال في مسير تطبيق العدالة القضائية، يعد جريمة ضد العدالة القضائية.
هنالك أمور اعتبرها الفقه الإسلامي حراماً على القاضي حين الحكم؛ والعلة في ذلك هو الحيلولة دون وقوع شهادة الكذب أو كتمانها من قبل الشاهد. ومن بين هذه الأمور مداخلة القاضي في شهادة الشاهد، بمعنى أنه إذا كان شاهد جازماً في شهادته لا يجوز للقاضي أن يدخل كلمات في كلامه توجب له الترديد والاشتباه. وكذلك لا يجوز للقاضي أن يضيف جملة استمراراً لشهادة الشاهد كي تكتمل بهذه الجملة. وكذلك إذا كان الشاهد متردداً في كلامه لا يجوز للقاضي أن يحفِّزه ويشجِّعه على إقامة الشهادة([40])؛ لأنه من الممكن أن يعرض للشاهد ما يوقعه في التردُّد.
إذاً تشجيع الحاكم يرغِّب الشاهد بالإدلاء بشهادة كاذبة، حيث يرى أن الحاكم راغب بأن يدلي بالشهادة.
وكذلك يحرم على القاضي في تلك الحالة أن يقلِّل من رغبة الشاهد في إقامة الشهادة؛ لأن التقليل من رغبته يجره إلى كتمان ما يعلمه؛ لأنه يرى عدم رغبة القاضي بشهادته، والنتيجة ضياع حق الطرف الآخر.
وفي نظر الفقه تختلف عقوبة شاهد الكذب بحسب نوع الجرم الذي شهد له كذباً. فإذا كانت شهادة الكذب قد أدت إلى القصاص يقتص من الشاهد؛ وإذا كانت شهادة على حدٍّ، مثل: نسبة الزنا كذباً لشخص ما، فيجري حدّ القذف في حق الشاهد؛ وإذا كان موجباً للدية تكون الدية في عهدة الشاهد الكاذب([41])، وفي غير هذه الصورة، وبناءً على ما يراه الحاكم صالحاً، يعزَّر الشاهد، لكن في تلك الصور إذا لم يتُبْ شاهد الكذب فإن شهادته لا تقبل، ويحكم عليه بعقوبة التشهير، يعني (يدار بشاهد الكذب في المحل الذي يتردد عليه، ويعيش فيه، ويعرَّف للناس؛ كي يتجنبوا قبول شهادته فيما بعد)([42]).
وكما أن شهادة الكذب يمكن أن تبعث على الانحراف في مسير تطبيق العدالة القضائية فكذلك الحال أيضاً في كتمان الشهادة، فهو يعد مانعاًعن تحقق العدالة. فإذا كان إثبات الحق متوقِّفاً على سماع الشهادة، ويستدعى الشاهد في المحكمة؛ لأجل الإدلاء بشهادته، لكنه يمتنع عن ذلك، دون أن يتوجه إليه خطر، فهذا الشخص بلا أدنى شك يتحمل مسؤولية صدور الحكم المخالف للحق والعدالة. ولهذا السبب جاءت الكثير من النصوص الشرعية في حرمة كتمان الشهادة. مثلاً: قال تعالى في الآية 283 من سورة البقرة: {وَلا تَكْتُمُواْ الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}. وطبق هذه الآية فإن الأشخاص الذين يعلمون بحقوق الآخرين فهم مكلَّفون بعدم كتمان الشهادة حين يدعون لها، ويجب عليهم أن يشهدوا طبقاً للواقع. ولا يخفى أن الآية، وإن كانت قد أشارت إلى حرمة كتمان الشهادة في الدَّيْن، لكن لم يكن موردها خاصاً، وخصوصاً بعد قوله: {وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}؛ لأجل أن حرمة كتمان الشهادة في الدَّيْن معلَّلة بأن كتمان الشهادة ناشئ من الإثم القلبي، وإن هذا المعنى موجود في كتمان جميع أنواع الشهادات([43]). وعلى الرغم من منع الشارع المقدس لكلٍّ من كتمان الشهادة وشهادة الكذب. فإن هناك تفاوتاً بين الاثنين من حيث تعويض الخسارة والضمان، فإن النصوص الشرعية صريحة في ضمان شاهد الكذب، وفي الوقت نفسه «لم يرِدْ نصٌّ في ضمان كاتم الشهادة»([44]).
إن إحراز صلاحية الشهود لأداء الشهادة من قبل مسؤولي القضاء من شأنه أن يحول دون ظاهرة شهادة الكذب. وكذلك فإن إحكام وتقوية البنية العقائدية للناس، وتوعيتهم على مكانة وقيمة أداء الشهادة الصادقة ودورها في إحقاق الحق، يمكنه أن يحول دون كتمان الشهادة.
ج ـ القسم الكاذب
النوع الآخر من الموانع المخلّة بتطبيق العدالة القضائية، وعادةً ما ترتكب حين الحكم وفي المحكمة، هو القسم الكاذب.
وللقسم في النظام الحقوقي الإسلامي خصوصية؛ لأن المسلمين؛ وبحكم الآية {وَلا تَجْعَلُواْ اللهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ} (البقرة: 224) ليس لهم الحق أن يقسموا باسم الله، ولا يسمحون لأنفسهم بالقسم باسم الجلالة في الأمور التي يمكن أن تحل بطرق أخرى، إلا في الموارد المهمة التي حدَّدها الشارع. وهذا القسم يؤدى بمراسم خاصة، بحيث لا يتكرر ذلك بسهولة. وليس ذلك إلا لعناية الإسلام وتقديسه لمقام الربوبية.
ومن وجهة نظر الفقه فإن القسم الكثير مكروه؛ لأنه «إذا اعتاد أفراد المجتمع على القسم كثيراً باسم الله فهم يبتلون بالقسم الكاذب، وحينها يكون القسم الكاذب كذلك في المحكمة بالنسبة لهؤلاء حالة عادية، وفي النتيجة يزول الأثر القضائي للقسم؛ لأن القاضي سيحكم طبق قسم هؤلاء، ومثل هذا الحكم، وإن كان ظاهراً يفصل في الخصومة، لكنه باطناً سيكون عاملاً على إفراز وتكبير هذه الخصومة»([45]). ولأجل ذلك حذَّر الله أنبياءه من إطاعة الأشخاص كثيري القسم واللئام، فقال تعالى: {وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاّفٍ مَّهِينٍ} (القلم: 10)، لأن مثل هؤلاء، ومن أجل الوصول إلى أمور باطلة وإبطال الحق وإحقاق الباطل، لا يعبأون أن يقسموا.
والآية الأخرى التي فيها دلالة على النهي عن القسم الكاذب هي الآية 30 من سورة الحج: {اجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}. فأمر الله العباد ـ طبقاً للآية ـ أن يجتنبوا الحديث الباطل.
و(الزور) بمعنى الانحراف عن الحق. وتشمل كل حديث باطل، كشهادة الكذب، والغناء، والقسم الكاذب، و…([46]).
يقول الإمام الصادق× في ذمّ الذين يحلفون كذباً: «من حلف على يمين، وهو يعلم أنه كاذب، فقد بارز الله»([47]).
وبناءً على هذا فإن القسم الكاذب يمكنه ببساطة أن يصور الحق باطلاً والباطل حقاً. والشخص بقسمه الكاذب يحرف ذهن القاضي عن الحقيقة. وبالنتيجة فإن الحكم الذي سيصدر يكون مخالفاً للعدالة التي يريدها الشارع المقدس، وبهذا الشكل يكون مانعاً عن تحقق العدالة في مجرى القضاء.
دـ هروب المجرم
هروب المجرم من العقوبة من المسائل التي تؤدي إلى انحراف في مسير العدالة القضائية، وسيكون له آثار سلبية على القضاء والمجتمع أيضاً؛ لأن جميع جهود القنوات القضائية منذ زمن الملاحقة، والتحقيق، والعمل بالقضية والمحاكمة، وفي النهاية إصدار الحكم، كل ذلك لأجل تطبيق العقوبة، وعودة النظام العام المختلّ إلى حالته السابقة. وبفرار المجرم ستختل كل هذه العملية. ولذلك يعد هروب المجرم أو تهيئة وسائل الهروب إحدى صور موانع تطبيق العدالة القضائية، وخصوصاً في مرحلة تنفيذ الحكم.
إن مساعدة المجرم على الهروب من مصاديق الجرم المذكور. وقد أشار إليها الفقهاء في الكتب الفقهية([48])، وحكموا بضمان الشخص المساعد على هروب المجرم.
وفي هذا المجال ورد عن الإمام الصادق× أنه سئل عن رجل قتل رجلاً عمداً، فرفع إلى الوالي، فدفعه الوالي إلى أولياء المقتول؛ ليقتلوه، فوثب عليهم قومٌ فخلَّصوا القاتل من أيدي الأولياء، قال: أرى أن يحبس الذي خلَّص القاتل من أيدي الأولياء، حتى يأتوا بالقاتل، قيل: فإن مات القاتل وهم في السجن؟ قال: وإن مات فعليهم الدية، يؤدّونها جميعاً إلى أولياء المقتول([49]).
هـ ـ الإبلاغ (كتابة التقرير) خلافاً للواقع
من الموارد الأخرى في انحراف مسار تطبيق العدالة القضائية في النظام القضائي الإسلامي هو الإبلاغ خلافاً للواقع. يعتبر رجال الأمن (فريق جمع المعلومات) من وسائط ووسائل كشف الحقيقة من أجل تحقق العدالة القضائية. وهؤلاء الأشخاص يجب أن يقوموا بعملهم طبقاً للشروط القانونية، ويتجنبوا إظهار رأي أو قول يخالف الواقع؛ لأن نقلهم ما يخالف الواقع في الموارد التي يكلفون فيها أن يقدِّموا تقريراً في قضية للمحكمة يخرج العدالة القضائية عن مسارها الصحيح. وعليه فمثل هذا العمل يعد من الجرائم ضد العدالة القضائية، وخصوصاً في مرحلة متابعة القضية وصدور الحكم.
ومن طرق الحيلولة دون وقوع أو بروز هذا المانع في مسير العدالة القضائية في نظر القرآن هو التبيُّن والتثبُّت من الإخبار أو البلاغ الذي يرد، حيث يقول تعالى في الآية 6 من سورة الحجرات، مخاطباً المؤمنين: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾.
ويستفاد من هذه الآية أن قاضي المحكمة لا يجوز له أن يعتمد على تقرير وإبلاغ فريق جمع المعلومات دون تفحص وتحقيق، ويجعلها مبنىً لرأيه في الحكم، بل يجب أن يطابق بين صحة هذه التقارير مع سائر الأدلة والقرائن، كي يطمئن لصدق تلك التقارير. وكذلك الدقة في اختيار الفرد الصالح واللائق في الشأن التخصصي، فإن لذلك الأثر الكبير في التقليل من الجرم المذكور.
النتيجة
العدالة القضائية من الخطوط المهمة في العدالة الاجتماعية. ويقصد منها مراعاة القانون وإحقاق الحق في حال القضاء والحكم. وتطبيق العدالة وإحقاق الحق من أهم أهداف النظام القضائي في الإسلام. وقد نهى الشارع المقدس عن إعاقة تطبيقه. وجعل لمرتكبي هذا الجرم عقوبة شديدة.
يعتبر قصد الإخلال في سير تطبيق العدالة القضائية عنواناً للمعيار والضابطة في تشخيص هذه الجرائم. وبناءً على هذا فبعد وقوع الجريمة أو تضييع الحق يُعدُّ كلُّ عمل يجعل تحقق العدالة القضائية غير ممكن، أو يوجب انحراف الحكم، جرماً ضد العدالة القضائية.
الارتشاء، شهادة الكذب، كتمان الشهادة، القسم الكاذب، التقرير المخالف للواقع، وهروب المجرم، هي في نظر الفقه ضمن أهم المصاديق الموجبة لانحراف سير تطبيق العدالة القضائية في حال القضاء والحكم. ووجود هذه المصاديق من شأنه إفراز ظواهر متعددة، كعدم ثقة الناس بالقضاء، واتساع دائرة الفوضى، ورواج الانتقام الشخصي، وتهيئة الأرضية لوقوع الجرائم والرذائل الأخلاقية.
الهوامش
(*) عضو الهيئة العلمية في جامعة طهران (پرديس قم).
(**) طالب دراسات الماجستير (فقه المباني الحقوقية الإسلامية)، جامعة طهران (پرديس قم).
([2]) راجع: الطريحي، مجمع البحرين 2: 130، طهران، نشر فرهنگ إسلامي (نشر الثقافة الإسلامية)، 1376؛ لويس معلوف، المنجد في اللغة والأعلام: 1087، بيروت، المكتبة الشرقية، الطبعة الحادي والعشرون، 1986م؛ السيد علي أكبر القريشي، قاموس القرآن 3: 301، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1361؛ الراغب الأصفهاني، معجم مفردات ألفاظ القرآن: 336، قم، مؤسسة مطبوعات إسماعيليان؛ مصطفى إبراهيم مصطفى، المعجم الوسيط 2: 588، إسطنبول، دار الدعوة، 1410هـ.
([3]) مطهري، بررسي إجمالي مباني اقتصاد إسلامي: 4، طهران، انتشارات حكمت، الطبعة الأولى، 1409هـ.
([4]) راجع: الأنصاري، العدالة: 17، قم، مؤسسة باقري، الطبعة الأولى، 1415هـ.
([5]) مطهري، الإسلام ومقتضيات الزمن: 30، طهران، انتشارات صدرا، 1380.
([6]) راجع: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن: 381، قم، دفر انتشارات إسلامي، الطبعة الثانية والعشرون، 1368.
([7]) راجع: نفس المصدر 12: 353.
([8]) اعتبر الإمام علي× في إجابته عن سؤالٍ العدالة أفضل من الجود والعفو؛ لسببين: الأول: إذا طبقت العدالة، وأخذ كل شخص مكانه الواقعي، فحينها لا يحتاج أحد للعفو والجود؛ لأن العفو غالباً ما يكون في مجتمع يعاني من النقص وعدم الاتزان في أكثر الموارد الناشئة من الظلم؛ والسبب الثاني: إن العدالة أمر قانوني وعام، وقابل أن يسري إلى كافة أفراد المجتمع، لكن العفو والجود حالة استثنائية، وليست عامة (نهج البلاغة، الكلمات القصار، رقم 437، شرح: محمد عبده، نشر ذوي القربى، قم، الطبعة الثانية 1427هـ).
([9]) راجع: مطهري، بيست گفتار: 9، قم، انتشارات صدرا، 1358.
([10]) راجع: مطهري، نفس المصدر 1: 336.
([11]) راجع: محمد تقي جعفري، ترجمة وتفسير نهج البلاغة 3: 254، طهران، مطبعة الحيدري، الطبعة الأولى، 1385.
([12]) ابن منظور، لسان العرب: 186، بيروت، مؤسسة التاريخ العربي، 1996م.
([13]) الفيروزآبادي، القاموس المحيط: 124، 1271هـ.
([14]) راجع: اليزدي الطباطبائي، العروة الوثقى 3: 2، بيروت مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1404هـ؛ الشهيد الثاني، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية 3: 61، بيروت، دار العالم الإسلامي؛ الخميني، تحرير الوسيلة 2: 40، قم، مؤسسة مطبوعات إسماعيليان.
([15]) الخوئي، مباني تكملة المنهاج 41: 5، قم، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي، الطبعة الثالثة، 1428هـ.
([16]) راجع: ابن إدريس، السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي 2: 166، قم، انتشارات مؤسسة النشر الإسلامي؛ المقدس الأردبيلي، مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان 12: 126، قم، مؤسسة النشر الإسلامي 1414؛ المحقق الكركي، جامع المقاصد في شرح القواعد 4: 133، بيروت، مؤسسة آل البيت، 1411؛ الطوسي، المبسوط في فقه الإمامية 8: 246، طهران، المكتبة المرتضوية.
([17]) راجع: الشهيد الثاني: 90.
([20]) الشهيد الثاني، المصدر السابق: 73.
([22]) راجع: المقدس الأردبيلي، مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان 12: 86، قم، مؤسسة النشر الإسلامي؛ المحقق الكركي، جامع المقاصد في شرح القواعد 4: 35، بيروت، مؤسسة آل البيت، 1411؛ محمد الحسيني الشيرازي، الفقه: 158، بيروت، دار العلم، 1409.
([23]) راجع: الخوئي، مصباح الفقاهة 1: 262، قم، مطبعة سيد الشهداء؛ الروحاني، فقه الصادق 14: 269، قم: دار الكتاب، 1413؛ واليزدي الطباطبائي، المصدر السابق: 1422.
([24]) النجفي، جواهر الكلام في شرح شرايع الإسلام 22: 213، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1365.
([25]) راجع: الخوئي، مباني تكملة المنهاج 41: 8، قم، مؤسسة إحياء آثار الإمام الخوئي، الطبعة الثالثة، 1428هـ؛ البحراني، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة 8: 218، بيروت، دار الأضواء، 1405هـ.
([26]) راجع: الطوسي، المبسوط: في فقه الإمامية 8: 246، طهران، المكتبة المرتضوية، 1352؛ ابن إدريس، السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي 2: 166، قم، مؤسسة النشر الإسلامي؛ النراقي، مستند الشيعة في أحكام الشريعة 17: 7، مشهد، مؤسسة آل البيت، 1415هـ؛ الأنصاري، كتاب المكاسب: 246، قم، مجمع الفكر الإسلامي، الطبعة الحادية عشرة، 1428هـ؛ اليزدي الطباطبائي، المصدر السابق: 422.
([27]) الحر العاملي، وسائل الشيعة: 94، بيروت، دار إحياء التراث العربي.
([29]) الصدوق، علل الشرائع: 28، قم، مكتبة الداوري.
([30]) راجع: جلال الدين المدني، أدلة إثبات الدعوى: 176، طهران، كتابخانه دانش، الطبعة الأولى، 1370.
([31]) راجع: الجرجاني، آيات الأحكام (تفسير شاهي): 751، طهران، نشر نويد، 1362هـ ش.
([32]) راجع: الفاضل المقداد، كنز العرفان في فقه القرآن: 417، قم، نشر نويد إسلام، الطبعة الثالثة، 1428هـ؛ محسن قراءتي، تفسير نور 1: 456، مؤسسة درسهاي أز قرآن، طهران، الطبعة الرابعة.
([33]) راجع: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن 1: 684، بيروت، دار المعرفة، الطبعة الثانية، 1408؛ مكارم الشيرازي، تفسير نمونه 2: 38، طهران، دار الكتب الإسلامية، الطبعة الرابعة والعشرون، 1384.
([34]) الحر العاملي، وسائل الشيعة 18: ؟؟؟، طهران، المكتبة الإسلامية، الطبعة السادسة، 1367.
([35]) الحر العاملي، المصدر السابق 5: ؟؟؟.
([36]) ابن منظور، المصدر السابق 3: 239، 1405؛ الزبيدي، تاج العروس من جواهر القاموس 2: 394، بيروت، دار الفكر 1414هـ.
([37]) النجفي، المصدر السابق 41: 7.
([38]) النجفي، المصدر السابق؛ علي أصغر مرواريد، سلسلة الينابيع الفقهية 11: 62، بيروت، فقه الشيعة، الطبعة الأولى، 1410هـ.
([39]) الخميني، المكاسب المحرمة 2: 69، قم، مؤسسة مطبوعات إسماعيليان، 1410.
([40]) الشهيد الثاني، المصدر السابق: 103.
([41]) المقدس الأردبيلي، مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان 2: 495، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1409هـ؛ الخوانساري، جامع المدارك في شرح المختصر النافع 6: 261، قم، نشر إسماعيليان، الطبعة الثانية، 1364.
([42]) النراقي، مستند الشيعة في أحكام الشريعة 18: 433.
([43]) الجرجاني، المصدر السابق 2: 752.
([44]) مغنية، أصول الإثبات في الفقه الجعفري: 93، بيروت، دار الملايين، الطبعة الأولى.
([45]) جوادي آملي، تفسير تسنيم 11: 212، قم، نشر إسراء، الطبعة الأولى، 1385.
([46]) الطباطبائي، المصدر السابق 14: 525.
([47]) الكليني، فروع الكافي 7: 435، بيروت، دار الأضواء، 1413هـ.
([48]) الطباطبائي، رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدلائل 9: 298؛ السبزواري، كفاية الأحكام 1: 60.