أحدث المقالات

د. حسين رزمجو(*)

ترجمة: صالح البدراوي

 

ما هي الخرافات؟ ــــــ

تطلق كلمة الخرافات على المعتقدات والأقوال الباطلة، أو الأعمال غير المعقولة التي لا أساس لها، والناجمة عن المخاوف الواهية والظواهر المجهولة والرمزية. وتظهر على مسرح الحياة الفردية أو الاجتماعية للإنسان بأشكال متعددة.

وللخرافات خلفية تاريخية كبيرة في حياة البشرية. ولعله يمكن القول: إن عمر الإيمان بالخرافة يناهز عمر جميع المراحل والأدوار الحياتية للنوع الإنساني؛ إذ إن لشدة الاهتمام بها أو ضعفه، ورواجه أو ركوده وتذبذبه صعوداً ونزولاً، علاقة مباشرة بالانحطاط الفكري أو ازدهاره، وبعدم نضوج أو نضوج العقل والرؤية الواقعية للمجتمعات البشرية.

لا شك أن الإنسان قد تأمل مليّاً في أولى مراحل حياته على الكرة الأرضية في العوامل البنّاءة المحيطة به، وببعض المظاهر من الطبيعة، من قبيل: الشمس، والقمر، والنجوم، والمجرّات، وشروق الشمس، وغروبها، والرياح، والأمطار، والنيران، وأمواج البحار والمحيطات، والجبال، والغابات، والحيوانات، والطيور، وأخيراً بفلسفة الحياة، والأمراض، والموت، وغيرها، وأخذ يبحث عن مخرج لمواجهة الأخطار المحدقة به في صراعه من أجل البقاء. وأدت هذه التدابير المتخذة من قبله، والتي يبدو أن البعض منها كان منطقياً وعملياً وبنّاءً، إلى تطور العلوم والاختراعات والاكتشافات العديدة، وخرج البعض منها على شكل خرافات؛ لكونها كانت وهمية وواهية.

 

نماذج خرافية ــــــ

ومن العوامل الرئيسة لظهور الخرافات وانتشارها بين شعوب العالم والأقوام الأخرى: الجهل المقترن بالقلق والخوف من الحوادث الطبيعية، من قبيل: الزلازل، والبراكين، والجفاف، والقحط، وبروز الأمراض الوبائية التي لا علاج لها، كالطاعون، والأوبئة، والجدري؛ أو وجود الاعتقاد السائد الذي يقول: إن الفضاء من حولنا محاطٌ بالأرواح الخبيثة والقوى الغيبية، من قبيل: الجنّ، والشياطين، والأشباح، المؤثِّرة في مصير الإنسان، ووقوع الأحداث السيئة المؤلمة، وفي تحسين الحال أو تفاقم سوئها([1]).

ويجدر القول: إن بعض الخرافات تصاغ من قبل بعض الأفراد الانتهازيين والمحتالين، الذين يحظون بمكانة مرموقة ومنزلة رفيعة لدى الجهلة والعامة من الأفراد، أمثال: أهل الفأل، والمنجِّمين والسحرة. فقد عرف هؤلاء كيف يستغلون السذّج والتصورات الخاطئة للجهلة بشكل ذكيّ لمنافعهم الخاصة. «فعلى سبيل المثال: إحدى الخرافات الأوروبية الموضوعة ـ بناءً على إحدى الروايات ـ أثناء الحرب العالمية الأولى، ولا تزال تلاحظ في بعض البلدان، وبين البعض من أبناء بلدنا المتأثِّرين بالغرب، أنه لا ينبغي إشعال السيجارة بعود ثقاب واحد؛ لأنه نذير شؤم، وأن الشخص الثالث سيموت. والشائع أنه في ميادين الحرب المذكورة كانت مجاميع الجنود تتكوَّن من ثلاثة أفراد، فعندما يوقدون سجائرهم أثناء الليل بعود ثقاب واحد فإن العنصر الثالث من تلك المجموعة سيصاب برصاص العدو في نهار اليوم التالي، ويُقتل. في حين نجد أن مَنْ وضع هذه الفكرة الواهية وأشاعها هو تاجر لبيع الكبريت يدعى «كروكر»، وقد عمل على إشاعة هذه الفكرة الوهمية بين الناس بهدف بيعه للمزيد من بضاعته. وتجدر الإشارة إلى أنه في مثل هذه الحالات يتم نسيان السبب الرئيس وراء ظهور هذه العقيدة أو الفكرة، وتبقى تلك الخرافة راسخة في أذهان الناس»([2]).

لا شكّ في أن الأشخاص السذّج والبسطاء، الذين لا يملكون القدرة على التدبّر والتحليل المنطقي للأمور، وغير المطلعين على العلاقات العليّة والواقعية والعقلية السائدة في قوانين الطبيعة ووقائع الحياة البشرية، لا شكّ في أنهم يختلقون جملة من المعتقدات والتصورات الباطلة تجاه تأثير الأشياء الوهمية عند مواجهتهم للمصاعب، مستعينين في ذلك بقوى الوهم والخيال والتصورات الخاطئة. فعلى سبيل المثال: يعتقدون أن العدد ثلاثة عشر عدد نحس، ويتملكهم القلق إذا كان رقم هويتهم أو رقم المنزل أو رقم الطابق في العمارة يحمل العدد المذكور، ويخشون من عواقبه السيئة.

أو نرى أن البعض يعتبر أصوات بعض الطيور، كالجعل، والغراب، نذير شؤم، ويعتقدون عند سماعهم لهذه الأصوات عند الخروج من المنزل أو طيرانها أمامهم بأن ذلك فأل سيّئ، ويتطيرون منه كما يُقال عرفاً.

أو يتصور البعض أن العطاس هو مقدمة لوقوع الأخطار في طريقهم، وإذا عطسوا أو سمعوا عطاس الآخرين ينصرفون عن العمل الذي كانوا يريدون القيام به.

أو يرى بعض الأفراد أن دقّ حدوة الحصان على مدخل الدار أو مكان عمله ورزقه مما يدعو للبركة والخير.

أو يعتبرون كسر مرآة العروس دليلاً على الأيام النحسات أو موت العريس.

أو ما يراه البعض من أن تعليق الحرز أو التعويذة (القطع المستخدمة لدفع الحسد) برقابهم، أو تعليقها في السيارة وغيرها من وسائل النقل، سببٌ لدفع البلاء، وأنهم بفعلهم هذا إنما يضمنون سلامتهم وسلامة وسائل النقل ومنازلهم.

أو ما يعتقده البعض من فائدة خليط المكسّرات (حلاّل المشاكل)، وشجرة المراد وربط الخِرق أو قطع القماش على أغصانها، وأمثال ذلك.

والمؤكَّد «أن الأفراد الذين يملكون روحاً عاجزة وضعيفة سرعان ما يستسلمون للخرافات. وكما سبق أن ذكرنا فإنهم يعيشون دائماً حالة الخوف والقلق غير المبَّرر، كخوفهم ـ مثلاً ـ من أسبوع الثالث عشر من الشهر، أو من القط الأسود الذي يضع كفَّيه فوق بعضهما البعض بشكل الصليب. ومن الخصائص الفكرية لهؤلاء الأفراد أنهم يتخوفون من أي تغيير في الوضع الموجود. وبما أن الوضع الثابت دون تغيير يضفي عليهم حالة من الاطمئنان والسكينة تراهم يشعرون بالخوف من أي حدث جديد. وأكثر الأشياء إيلاماً لهؤلاء الأفراد هي الفكرة الجديدة بشأن ما اعتادوا عليه من قبل»([3])، أو محاولتهم للوقوف على مدى صحة أو كذب موضوع معين.

ويعتبر التقليد الأعمى من العوامل الأخرى التي لعبت دوراً مؤثِّراً في إشاعة الخرافات. ففي كل المجتمعات هناك الكثير من الأفراد من الشرائح الأمية، بل من المتعلمين أيضاً، يتعلقون ببعض الأشياء، أو يتذمَّرون من بعض الأمور، دون وعي، وبدون التدبّر في آثارها الإيجابية أو السلبية، والبحث عن مدى صحة أو بطلان بعض المعتقدات؛ انطلاقاً من تقليدهم الأعمى للآخرين، وعلى خلفية امتلاكهم للعقد النفسية السيئة، أو العُجُب والشعور بالأفضلية على الآخرين، في حين أنهم لا يمتلكون أي دليل معقول لرفض أو قبول المواضيع التي ليس لها أي تأثير في مجريات حياتهم وعاقبة أمرهم.

وفي العصر الراهن أدى التطور المتنامي للأفلام الرديئة، وبخاصة الأفلام الخيالية، أو الروايات والكتب المثيرة، التي تنقل القارئ أو المشاهد إلى عوالم الوهم والخيال، والمؤلَّفات التي يتعمد كتّابها صياغتها على أساس المعتقدات الوهمية للشخصيات الأسطورية، من قبيل: البيوت التي يسكنها الجنّ، والأشباح والأرواح الشريرة، والصحون الطائرة، والمخلوقات الفضائية، والحيوانات العجيبة والغريبة، والاتصال بالأرواح عن طريق جلسات إحضار الأرواح والوسائط الأخرى؛ بهدف إثارة المشاهدين أو القرّاء، تعد هي الأخرى من العوامل غير المباشرة المؤثِّرة في إشاعة الخرافات، واتساع نطاق الأفكار الوهمية.

وعلى الرغم من التطورات العلمية والفنية والثقافية الحاصلة في القرن الحالي، أو عصر عسكرة الفضاء وعصر الكمبيوتر، فقد أدت العوامل المذكورة ـ وللأسف ـ إلى أن تجد الخرافات، وبالنتيجة أسواق بعض الأعمال، من قبيل: الضرب بالرمل، والعرافة، والسحر، وقراءة الكف، وقراءة الطالع، شهرة وازدهاراً خارقاً غير مسبوق، بدءاً من محيط القبائل البدوية وشبه الوحشية وصولاً إلى أكثر البلدان والمدن تطوراً في العالم، كما هو حاصل اليوم في الكثير من المدن الكبيرة، حيث يكتبون رقم 13 للمنزل على النحو التالي: (12+1)، أو يقومون في بعض فنادق الدرجة الأولى (أربعة نجوم)، بإلغاء الرقم ثلاثة عشر في المصاعد الكهربائية من لائحة أرقام طوابق الفندق. وممّا يؤيِّد هذا الأمر الملاحظة التي دوَّنها الدكتور لوثر كينغ، الحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 1964م، في كتابه المعروف «نداي سياه»، أي الصوت الأسود، على النحو التالي: «لقد عملتُ في المصعد الكهربائي لفندق كبير في نيويورك. ولأول مرة فإن الطابق الثالث عشر غير موجود، أي بعد الطابق الثاني عشر يأتي الطابق الرابع عشر. وعندما استفسرت عن السبب في ذلك من المشرف على المصعد أجاب قائلاً: هذا الأسلوب متّبع تقريباً في جميع فنادق المدينة؛ لأن هناك الكثير من الناس يخشون الإقامة في الطابق الثالث عشر. وأضاف بعد ذلك: حتى أن بعض المسافرين يمتنعون عن المبيت والإقامة في الطابق الرابع عشر؛ لكونه البديل للطابق الثالث عشر. وعندما تسيطر هذه المخاوف الواهية على أرواح الأشخاص العاجزين، كالمسافرين المشار إليهم، أثناء النهار فمن البديهي أن تسيطر عليهم أثناء الليل بشكل كامل تماماً، وتسبِّب لهم أذىً روحياً وخوفاً مهولاً»([4]).

إن مراسم اليوم الثالث عشر، التي ما زال أغلب الإيرانيين يحيونها في نهاية أيام احتفالاتهم الوطنية بعيد النيروز بالطريقة المتداولة في إيران قديماً، ويعتقدون أنه يجب عليهم في اليوم الثالث عشر من الشهر الأول (شهر فروردين) من السنة الإيرانية أن يخرجوا من مدنهم؛ ليلقوا بنحس اليوم الثالث عشر خارج بيوتهم ومساكنهم في الصحراء، هي دليلٌ آخر على مدى سيطرة الأفكار الخرافية في المجتمعات المعاصرة، وتُشاهد مظاهرها في جميع نقاط المعمورة، حتى في المجتمعات التي يبدو في الظاهر أنها تضم أكثر الشعوب تحضُّراً. ومن الأمثلة الأخرى على ذلك يمكن أن نشير إلى الخبر الذي نشر قبل عدة سنوات في الصحف البريطانية والألمانية، وهو: «عندما كانت ملكة بريطانيا تقوم بزيارة ألمانيا الغربية عام 1965م قام رئيس محطة القطار في مدينة دويسبورغ (Duisburg) بتغيير رقم الرصيف الذي كان من المقرَّر أن يتحرك منه قطار الملكة، وهو الرقم 13، إلى الرقم 12؛ لكي لا يمسّها ومَنْ يرافقها أيّ سوء»([5]).

وشاهدتُ شخصياً في أحد المطاعم في مدينة تورنتو الكندية موائد الطعام المصنوعة على شكل حدوة الحصان، وعندما سألتُ عن السبب في ذلك قالوا: إن هذا الشكل للطاولة يضفي جمالاً وبركةً لصاحب المطعم.

إن ازدهار سوق بعض المهن، مثل: الفأل، وقراءة الطالع، والكهانة، والسحر، وبيع وشراء الحاجات الميمونة، والطلاسم، في جميع أنحاء العالم المعاصر، بما في ذلك البلدان المتحضِّرة، يعبِّر عن وجود الأفكار الخرافية، ومدى انتشارها، وهو دليلٌ على أن «هناك شوقاً كبيراً وغير طبيعي يموج تحت أستار الحكمة والعقلانية الظاهرية للمجتمعات الحديثة تجاه الظواهر التي تلفّها الأسرار الوهمية، والتي يفترض أن نكون قد تركناها وراء ظهورنا، ونسيناها منذ أمد بعيد…

وها نحن نشهد اليوم ازدهاراً منقطع النظير لقراءة الطالع والفأل في عصر الكمبيوتر والصواريخ العابرة للقارات والتي بلغت القمر. فعلى سبيل المثال: يوجد في بريطانيا اليوم حوالي ألفي منجّم محترف، يقومون بقراءة بخت الأفراد وطالعهم بطرق الفأل المختلفة، مثل: الفأل بالورق، والفنجان، والشاي، وصولاً إلى قراءة طالع الفرد بالكارتات المطبوعة وغيرها. وهؤلاء الأفراد الذين يملكون ثروات طائلة، ويقدَّر عدد زبائنهم الدائمين بحوالي مليون شخص، يظهرون أحياناً على شاشات التلفاز والصحف أيضاً. وهناك معلومات أكثر دقّة عن الصحف التي نمت وانتشرت في العقود الأخيرة كما ينمو وينتشر الفطر، وللكثير منها أعمدة خاصّة لقراءة الطالع والكهانة. وقدَّروا عدد الصحف التي لها أعمدة متخصِّصة في قراءة الطالع في أمريكا في أوائل عقد السبعينات من القرن الماضي بأكثر من عشرة آلاف إصدار، ولها حوالي عشرين مليون قارئ. وفي إنجلترا ـ في الوقت الحاضر ـ هناك عدة مجلات تلبي الأذواق المختلفة في الكهانة ومعرفة الغيب. وبشكل عام فإن قسماً من تجارة الخرافات في هذه البلدان يرتبط بتسويق الأساطير، والأشياء الميمونة، والطلاسم، التي لها الكثير من الزبائن. أضِفْ إلى ذلك هناك الكثير من المتخصِّصين الذين يقومون بعمل الطلاسم الخاصة لأغراض معينة، من قبيل: الحب، والصحة، والثروة، وغيرها. وينتشر الإيمان بالأساطير وأعمال الشعوذة والسحر في بلدان ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، وبخاصة في جنوبها، وكذلك في قرى بريطانيا. تشيع بعض الأعمال ذات الطابع الطبي، والمعالجة بالأعشاب. وتظهر اتحادات السحر بموضة القرن العشرين، والتي يرقص أعضاؤها في مراسم الاحتفال ليلاً ونهاراً حفاةً، ويقيمون طقوساً مختلفة، وبعد ذلك يذهبون إلى الغابة من أجل الفأل الحسن… ويكثر الاهتمام بهذه الإحصائيات، حيث يوجد من كل ستة أشخاص في بريطانيا شخصٌ واحد يؤمن بالأشباح، وواحدٌ من كل أربعة أشخاص يؤمن بأنه رأى شبحاً، والبعض منهم أكثر من مرة واحدة، أو أن واحداً من كل عشرة أشخاص يشعر بأن له أياماً أو أعداداً للسعد أو النحس، وأنه بحاجة إلى أشياء ميمونة، آخذين بنظر الاعتبار أن الأرقام المذكورة آخذة بالتزايد المستمر في بعض البلدان، مثل: ألمانيا، حتى بين الطلبة الجامعيين وذوي التحصيل الدراسي، وليس بين فئات المجتمع قليلة التعليم فقط»([6]).

هذه الأمور في حدّ ذاتها هي نماذج وشواهد على الانتشار المتزايد للإيمان بالخرافة في العصر الحالي. ومن الجليّ الواضح أنه عندما تكون الأوضاع على هذا النحو في البلدان المتطورة، مثل: بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وأمريكا، سيصبح معلوماً لدينا كيف هي حال البلدان النامية، في إفريقيا، وآسيا، والقبائل شبه المتحضرة التي تعيش في المناطق البعيدة عن مراكز العلم والثقافة.

 

أنواع الخرافات وتصنيفها ــــــ

رغم أن مسألة الإيمان بالخرافة اتخذت مظاهر وصوراً متنوعة على مر التاريخ الثقافي للبشرية، وما تزال كذلك، وأن الأفكار والأعمال الوهمية التي حظيت بالقبول والاستخدام كخرافة من قبل المجتمعات المختلفة لا حصر لها، فإنه يمكن تقسيمها إلى النوعين التاليين؛ بلحاظ الإقبال الفردي والجماعي للأشخاص عليها، أو بلحاظ الأضرار التي تسبَّبت بها بشكل فردي أو اجتماعي للبشرية، وهما:

 

1ـ الخرافات ذات الطابع الفردي الشائع ــــــ

هذا النوع من الخرافات يشمل مجموعة من المعتقدات الواهية التي يؤمن بها الأفراد أو الأقلّيات الخاصة في المجتمع. وفضلاً عن أضرار التصرُّفات غير الصحيحة، والقلق الناجم عنها، وإصابتها الأشخاص المؤمنين بالخرافات بشكل مباشر، فإنها تصيب أوساط مجتمعهم بشكل غير مباشر أيضاً.

وقف راقم هذه السطور على بعض المعتقدات الخرافية ـ كالنماذج المنقولة أدناه ـ في الدراسة الموجزة التي أجراها حول معتقدات الطبقات قليلة التعليم في البلاد، وعاداتهم، وتقاليدهم ذات الطابع الفردي والبسيط. كما ويلاحظ ما يشابهها بين أوساط الأمم الأخرى ـ بشكل وآخر ـ:

1ـ لو كسرت مرآة البخت للعروس فإن ذلك يدلّ على أن أحد العروسين سيموت عاجلاً.

2ـ إذا صادف المسافر أثناء الخروج من منزله امرأة عجوز حمراء الشعر فذلك نذير شؤم، ويجب أن يعدل عن السفر.

3ـ إذا بقيت شفرات المقص مفتوحة سيحدث شجار.

4ـ إذا عطس الشخص عطسة واحدة حال عزمه على القيام بعمل معين فذلك علامة الصبر؛ وإذا عطس عطستين فذلك علامة الإقدام على ذلك العمل بكل جدّ.

5ـ إذا لزم الفؤاق شخصاً فإنه سيتعرض للتهمة.

6ـ إذا قلّم الشخص أظافر إحدى يديه ولم يقلّم أظافر اليد الأخرى سيهاجمه الكلب.

7ـ إذا صاح الديك في غير وقته فذلك نذير شؤم، ويجب أن يُذبح، أو يُهدى لشخصٍ ما، وإلا سيموت صاحبه.

8ـ إذا نظرت الحامل إلى جسد الميت فإن عين وليدها ستكون حاسدة.

9 ـ القط الأسود من الجن، وكل مَنْ يؤذيه يُصرَع.

10ـ الكلب الذي يعوي ليلاً هو نذير شؤم، ويؤدي بصاحبه إلى عواقب سيئة.

11ـ البوم طالعه سيئ، وعندما يرونه يجب القول: أهلاً بك يا سيدة اليُمن، لدينا عرس؛ وذلك لدفع النحس الناجم منه.

12ـ للتخلص من نحس العدد ثلاثة عشر يجب القول عند القيام بعدّ شيء ما (زيادة و…)، بدلاً من كلمة (سِيزْدَه)، أي ثلاثة عشر بالفارسية.

 

2ـ الخرافات ذات البعد الاجتماعي والسياسي ــــــ

المراد بالخرافات الاجتماعية مجموعة الأفكار الوهمية والرغبات والمشاعر غير المنطقية التي يؤمن بها أكثرية مجتمع ما، ويتمسكون بها، وأحياناً يعبِّرون عن تعلُّقهم بها بشكل يكونون مستعدين معه للتضحية بأموالهم وأنفسهم من أجل الحفاظ عليها. والأضرار الناجمة عن هذه المعتقدات، التي تظهر في الغالب على شكل شعارات وطنية أو شبه دينية، أضرار عامة. وعبادة الأوثان والمذاهب العقائدية، كالطوطمية، والفتيشيسم، والآنيميسم، هي من هذا القبيل.

وتشمل الخرافات السياسية الأفكار الخادعة والمنحطّة التي تروِّج لها المجموعات المتطرفة، أو الأحزاب الخاصة، والطبقات الحاكمة، والسياسيين الأنانيين الطامحين إلى السلطة؛ لإرضاء نزعاتهم المتعالية. ويعملون على إحالة نواياهم التوسُّعية إلى فعل مشهود على أرض الواقع من خلال تحريك المشاعر المقدسة في الظاهر للشعوب والأمم، من قبيل: الدفاع عن السيادة، والأرض، أو بتبرير الفرضيات شبه العلمية، من قبيل: التفوق البيولوجي للشعوب.

وسوف نقوم في هذه المقالة بإجراء دراسة إجمالية حول مواضيع الوثنية، والطوطمية، والفتيشيسم، والآنيميسم، من بين الخرافات الاجتماعية والسياسية التي تلاحظ انعكاساتها وآثارها في جميع أرجاء العالم المعاصر بكثرة. ومن الخرافات السياسية سنجري دراسة موجزة عن الشوفينية أو الشعوبية، والتطرف القومي، والعنصرية، ومسألة الفصل العنصري، التي تعدّ من المسائل المثيرة للجدل في أوساط السياسة الدولية. وسنقوم بعد ذلك بتبيين وجهة نظر الدين الإسلامي حول مجمل هذه الخرافات، وطرق مكافحتها ومحاربتها:

 

أولاً: الخرافات الاجتماعية ــــــ

أ ـ الوثنية (Idolatry) ــــــ

الوثنية هي نوع من الاعتقاد الواهي السائد لدى بعض الأفراد من ذوي الرأي القاصر حول الإيمان بغير الله الواحد الأحد، أو الرب الخالق المشار إليه في الأديان التوحيدية.

والوثنية هي وليدة حاجة النوع البشري للإيمان، وتعدّ من أقدم صور إيمان الإنسان بالأديان، تلك الحاجة التي انحرفت كيفية إرضائها عن مسارها العقلي والمنطقي الطبيعي. وبرزت هذه الخرافة الاجتماعية على الأغلب من فكر الإنسان المحتاج، القائل: إنه فضلاً عن وجود خالق العالم هناك قوى أخرى خارقة، ولكنها ملموسة ومرئية، وسهلة الوصول إليها، تستحق العبادة، من قبيل: الشمس، والقمر، والنجوم، والنار، وبعض الحيوانات، ويمكن من خلال التوسل بها، أو جعلها وسيطاً بينهم وبين الله تعالى، حلّ مشاكل الحياة، والتوصُّل إلى تحقيق الأمنيات بمساعدتها.

ومن خلال دراسة تاريخ الحضارات وبعض العلوم، مثل: علوم الآثار، وأعمال الحفريات والتنقيب التي أجريت حتى الآن في مختلف نقاط المعمورة، أصبح واضحاً لدينا أن الصنم وعبادة الأصنام كانت جزءاً لا يتجزأ من الحياة الروحية والاجتماعية لأفراد البشر، وأنه كانت هناك الكثير من الأقوام والشعوب تصنع الأصنام من الحجر والخشب والمعادن، كالذهب والفضة والحديد، بأشكال مختلفة، نظير: الإنسان، والنجم، والشمس، والبقر، والعجل، والحصان المجنح، والثعبان، والتنين، وبعض الطيور، مثل: الكركس، والعقاب، وأحياناً يزينونها بالجواهر، أو يلونونها بالألوان المختلفة، ويعبدونها، من قبيل: أصنام اللات، ومناة، والعزى، وود، ويغوث، ونسر، وبعل، وسواع، وهبل، التي كانت موجودة في مرحلة الجاهلية ـ قبل الإسلام ـ لدى العرب. وكل واحد من هذه الأصنام كان يمثِّل رمزاً لأفكار القوم والقبيلة، ومظهراً لتوجهاتها الاجتماعية الخاصة([7])، أو الأصنام التي تلاحظ في العصر الراهن بين بعض القبائل التي تسكن إفريقيا ومناطق أخرى من العالم.

وبظهور الأديان التوحيدية ورسالة الأنبياء أولي العزم، مثل: إبراهيم، وموسى، وعيسى، ونبينا محمد|، أخذت عبادة الأصنام والوثنية ـ في الظاهر ـ تتجه نحو الانقراض بين الأمم في العالم. كما أن نضج العقل البشري وأفكاره وتكاملهما ونظرته الواقعية تشير إلى أن الخرافة الاجتماعية، المتمثِّلة بالوثنية، يجب أن تكون قد زالت وانتهت، ولكن مما يؤسف له أنه ما زال يوجد في العصر الراهن أكثر من مليار وثني في العالم من غير الوثنية الزرادشتية، والمانوية، والأقانيم المسيحية الثلاثة، والآلهة الثلاثة (Trimutri) للهندوسية والبراهماتية.

إن دراسة الأسس العقائدية وتقاليد وعادات الوثنيين في العالم، والوقوف على جذور فرقهم المتعددة، هو أمرٌ خارجٌ عن نطاق هذه المقالة، وبحاجة إلى دراسة مستقلة ومقالة أخرى، إلا أن السؤال المطروح على الدوام بشأن الوثنيين منذ بداية التاريخ البشري حتى اليوم، ولم تتم ـ وللأسف ـ الإجابة عنه إطلاقاً بشكل واضح، هو: بالرغم من الإدارة الحكيمة والتوجيهات الواضحة البيّنة لأنبياء الله والعلماء والفلاسفة المؤمنين بالله تعالى لماذا لا يزال هناك الملايين من البشر الذين لم يفهموا بعد قيمة الفكر والحكمة، ولم يلتفتوا إلى كرامة الإنسان ومقامه الرفيع بين المخلوقات الأخرى باعتباره أشرف المخلوقات؛ ليضطروا للوقوع في أسر دوامة أوهام الوثنية، والإقرار بتأثير الجماد والنبات والحيوان، أو الأشياء المصنوعة من قبلهم؟!

 

ب ـ الطوطمية (Totemisme) ـــــــ

لفظة (Totem) تعني في لغة الهنود الحمر الأمريكيين الشيء المحترم والمقدّس. ويطلق مصطلح الطوطمية على «مختلف أنواع العلاقات القائمة بين الإنسان والظواهر الطبيعية. وبعبارة أخرى: تسمى الطبقات الاجتماعية والطقوس الدينية، التي تمثل علاقة بعض الفرق أو العشائر والسلالات داخل القبيلة الواحدة مع بعض الموجودات الحية أو غير الحية في شكلها البارز، بالطوطمية»([8]).

يقوم هذا المذهب في الأساس على مبدأ الإيمان بقوى مجهولة في المخلوقات. ويعتقد أتباعه أن روح جدّ قبيلتهم تحلّ بعد موته في حيوان أو طير، من قبيل: الذئب، والدب، والقط الوحشي، والكلب، والكنغر، والسمور، والغراب، والهدهد، والعقاب، والباز، والببغاء، وغيرها. وبما أنهم يعتقدون بأن جميع أفراد قبيلتهم من ذرية هذا الحيوان أو الطير، والذي يعتبر جدّ قبيلتهم، لذا يعتبرون ذلك المخلوق يستحق العبادة.

وما زالت هناك بعض القبائل من الهنود الحمر في أمريكا، أو أقواماً في مناطق أخرى من العالم ممَّن يؤمنون بالطوطم، ينقشون طوطمهم الخاص بهم على أجسامهم؛ احتراماً وتعظيماً، أو يرسمون شكله على الأعلام والأبراج والأعمدة، ويجعلونها أمام المنطقة التي تقيم فيها قبيلتهم. وفي المناسبات الدينية والرقصات الخاصة يقلِّدون أداء وأطوار الحيوان أو الطير الذي يمثل طوطمهم. والواقع أنهم يشعرون أثناء هذه المراسم والطقوس بأن طوطمهم قد حلّ في أجسامهم.

وفي الوقت الحاضر «يقومون في أوستراليا باستخدام حجر أو خشب خاص حفرت عليها نقوش مقدَّسة، وتسمى شورينكا (Churinga)، كعلامة أو رمز لغرض تشخيص الحيوانات التي تعتبر طوطم بعض القبائل القاطنة هناك. وتحتوي هذه الرموز أحياناً على ثقوب يمرّ من خلالها خيط تمكّن الشورينكا من التعليق والدوران في الهواء، والأصوات الصادرة من هذا الدوران تذكّرهم بأجدادهم وأسلافهم. ويعود السبب في تقديسها إلى ارتباط الشورينكا بالطواطم التي تؤمن بها القبيلة. ويتم وضع الشورينكا في هذه القبائل في مكان يسمى إرتناتولونكا Ertnatulunga، وعادةً ما يكون عبارة عن غار مقدس»([9]).

إن تقديس بعض الحيوانات، من قبيل: الكبش، والأفعى، والقرد، لدى بعض القبائل في أوستراليا وإفريقيا وأمريكا الشمالية، واحترام البقر لدى بعض الأقوام الساكنة في الهند، والذي يعد من بقايا الإيمان بطوطم، يستمد جذوره من ديانة «ودا»، وهو من أقدم الأديان في الهند القديمة، ويُعَدُّ نوعاً من الإيمان بالخرافة، أو على ما جاء في تعبير لوي ـ استروس، مؤلِّف كتاب الطوطمية: «نوعاً من مرض الهستريا»([10]). ورغم أنه يبدو أن هذه الأفكار الواهمة تتعلق بالأديان الأولى للبشر فإن هناك ما يقارب مائة مليون شخص من أتباعها في أطراف إفريقيا وأوستراليا وأمريكا.

 

ج ـ فتيشيسم (Fetishism) وآنيميسم  (Animism) ـــــــ

يعدّ الفتيشيسم([11])، الذي يقوم على أساس عبادة أجسام مقدَّسة لها قوى ساحرة، والآنيمسم([12])، الذي ظهر على أساس الإيمان بتأثير الأرواح في الأحداث الواقعة في حياة الإنسان، مظاهر أخرى من الخرافات الاجتماعية. وهي ـ كالطوطمية ـ تشبه نوعاً من عبادة الأوثان. ويؤمن أتباع هذه المذاهب الفكرية، التي تقوم قواعد معتقداتها على أساس الإيمان بالقوى الرمزية والساحرة الموجودة في الطبيعة، وروح الأشياء وعلاقتها بالحياة الروحية والمادية للإنسان، وتتجاوز أعدادهم في الوقت الحاضر مئات الملايين من البشر في إفريقيا وأوستراليا وأمريكا وجنوب آسيا والصين والهند، يؤمنون بأن «الأرواح الإنسانية وأرواح شبه الإنسان منتشرة في جميع أرجاء الأرض، وفي أعماق الغابات والبحار، وفي ظواهر الطبيعة، وتتدخل في حياة الإنسان. وهذه الأرواح هي التي تظهر بالتدريج في صورة أرواح الطبيعة، وظواهرها، مثل: الأمطار، والأعاصير، والأشجار، والجبال، وغيرها.

كما أن نظرية التناسخ واضحة هي الأخرى في هذه المذاهب. وحسب اعتقاد أتباعها عندما يموت الإنسان تلتحق روحه في البداية بعالم الأرواح في السماء، ومن ثم تهيّئ نفسها لتحلّ في جسد آخر في الحياة الدنيا»([13]).

إن عقيدة الإيمان بربّ الأنواع، والآلهة المتعددة الموجودة في التاريخ القديم لليونان والروم، والإيمان بقوى الطبيعة، وتأثير الشمس والقمر والنجوم والنار أو البعض من الحيوانات في مستقبل الإنسان، إنما تنطلق من هذا النمط من التفكير.

«الإيمان بالمخلوقات الوهمية والأشباح والأساطير المهولة الموجودة لدى أغلب الشعوب والأمم القديمة، مثل: الاعتقاد بشياطين الجبال، وأشباح الغابات، أو غول الصحاري، أو الجن الموجود في الصحاري، أو الأماكن المخيفة والمهجورة، من قبيل: الحمامات الشعبية، أو الخربات والأبنية القديمة، كلها وليدة نظرية الآنيميسم المرسومة في مخيلة بني البشر. إن الإيمان بدخول الأرواح الشريرة في جسد المريض والمصروع، أو دخولها في جسد النساء حديثات الولادة، أو سماع الأصوات من هاتف غيبي، ومشاهدة الأشباح الخيالية»([14]) كلها نماذج من تجليات مذاهب الفيتيشيسم والآنيميسم، التي تهيمن على الكثير من الناس في الوقت الراهن، والذين لم يتمكَّنوا من إنقاذ أنفسهم من طوق العقائد الوهمية والخرافية.

وفي الوقت الحاضر ما زالت هناك آثارٌ من هذا النمط من التفكير للمذاهب المذكورة موجودةٌ بين عامة الناس من أتباع الأديان الكبيرة في العالم، مثل: الديانة المسيحية، والإسلام، والديانة البراهمائية. وهذا الأمر يعبِّر في حدّ ذاته عن الحقيقة التالية، وهي أن بعض الأوهام لا تختص بالمجتمعات البدائية، بل هي انعكاس للميول الطبيعية التي يبديها الأفراد الخياليين الجهلة تجاه القوى الخارقة، واعتقادهم بقدرتها على التدخل لحلّ مشاكلهم. وأُلحقت هذه الميول تدريجياً من قبل العامة من أتباع الأديان المذكورة بهذه الأديان، كأدوات للزينة. فعلى سبيل المثال: ما يقوم به بعض المسيحيين من رسم صورة عيسى وأمه مريم؛ أو صياغة تماثيل القديسين بأشكال مختلفة، ويقومون بتبجيلهم؛ أو صناعة الصلبان المتنوعة من المعادن والخشب والحجر، وتحظى بالاحترام والتعظيم لدى المسيحيين وتستحق التقديس، بحيث إنهم يتبرَّكون ويتيمَّنون بها، ويستخدمونها في الغالب في المقابر والكنائس؛ أو الأضرحة والصناديق المعدنية المقامة على أضرحة البعض من رجالات الإسلام، وتحظى بالتقديس لدى البعض من عامة المسلمين، بحيث إنهم يتوسلون بها، ويربطون بها قطع القماش، ويوقدون حولها الشموع، وينحرون الذبائح، ويطلبون منها حوائجهم؛ أو الصور الثلاثة لربّ الأنواع في الديانة البراهمائية (ويشنو، شيوا، براهما)، المقدَّسة لدى البراهمائيين، تمثل كلها مظاهر من عقيدة الفيتيشيسم والآنيميسم، التي وجدت لنفسها تجليات متنوعة في الأديان الأخرى أيضاً. ولو تمت دراسة هذه المعتقدات بصورة صحيحة لوجدنا أنها تحمل صبغة من الوثنية؛ لأن الوثنية ليست سوى صناعة التماثيل والأشياء المختلفة وعبادتها وكأنها الله الواحد الأحد.

 

ثانياً: الخرافات السياسية الناجمة عن التعصب القومي والعرقي ــــــ

أ ـ الشوفينية (Chauvinism) أو الشعوبية ـــــــ

الشوفينية أو المبالغة في تقديس الوطن يعد نوعاً من الخرافة الاجتماعية ـ السياسية، التي تستمد وجودها من التعصب القومي والوطني للأفراد. وفي اللغة الفرنسية تطلق كلمة شوفين (Chauvin) على الوطنيّ المتعصِّب، الذي يبالغ في تقديس الوطن، ومستعدٌّ للتشاجر مع الآخرين على الدوام([15]).

والحقيقة أن تقديس الوطن ـ وليس حبّ الوطن ـ أمرٌ مرفوضٌ ومدانٌ من الناحية العقلية والأخلاقية. وإذا اقترن بالتعصب والأنانية فلن يورث سوى النزاع والتخاصم بين الشعوب والأمم، واستحقار سائر الأقوام الأخرى؛ لأننا لو نظرنا إلى مسألة التعلق بالأمة والوطن والقومية «بلحاظ أن جميع البشر هم خلق الله تعالى، وتم تقسيمهم إلى قبائل وشعوب وأمم، ولهم ثقافات ولغات مختلفة، فإننا بذلك لم نقل شيئاً خاطئاً، ولكن لو أصبحت الوطنية المتطرِّفة بديلاً عن الهوية الإنسانية ستظهر الغربة. وهذا الموضوع يعتبر في حدّ ذاته مصدر النزاعات. وليس المراد بالشوفينية أو الوطنية المتطرِّفة إلا أن يرى الفرد شخصيته وهويته في القومية، ويجعل الارتباط بالقوم والقبيلة والأمة وسيلة لمعرفة نفسه، وكأن القومية هي التي تقوّم شخصيته، وينظر إليها بالشكل الذي يرى نفسه فيها، ومن خلالها، ويجعل سلوكه وتصرفاته متطابقة مع تلك الهوية الوهمية، ويقيم علاقاته مع الآخرين ضمن هذا الإطار، ويقيّم الناس أيضاً بهذا المعيار. وبالنتيجة سيصبح العالم الإنساني لدى هذا الشخص عبارة عن مجموعة من الأقوام والأمم، ويعتقد أنه ليس هناك شيء أوسع وأشمل من القومية؛ ليصبح أساساً للوحدة والعمل. إلا إن هذا الاعتقاد يبعد الناس عن جادة الصواب والحق دائماً، وينزع عنهم هويتهم الحقيقية، ويفرِّغهم منها. ولهذا السبب لا يمكن القضاء على العداء بين الأمم في إطار الوطنية المتطرفة أو الشوفينية، بل إنها تستلزم انفصال الناس وتشتُّتهم عن بعضهم البعض»([16]).

ويمكن اعتبار الشوفينية نوعاً من الطوطمية؛ لأن الأفراد الذين يحبون مدينتهم أو بلدهم وأمتهم إلى درجة التعصب، ويؤمنون بأفضلية قومهم وأمتهم وقبيلتهم على سائر الأقوام والأمم الأخرى بهذه الطريقة من الحب الأعمى، ولا يعيرون أهمية للآخرين، فإنهم يعبِّرون بذلك عن ولائهم وتأييدهم بشكل متعمّد أو عفوي لفكرة الروح الوطنية أو القبلية المشتركة، والضمير الجمعي لمجتمعه، أو شيئاً يشبه ما نشاهده في مجتمع طوطمي.

وتعتبر الشوفينية أو الوطنية المتطرفة من أهم العوامل المؤثِّرة التي لجأ الاستعمار الحديث إلى استخدامها في القرنين التاسع عشر والعشرين لمصالحه الاستعمارية. وتمكن من خلال إثارة المشاعر الوطنية والقومية للأمم من دفعهم إلى المطالبة بالاستقلال، ونجح في النهاية في تجزئة إمبراطورية كبيرة، كالإمبراطورية العثمانية، والقضاء عليها في عام 1924م.

وما زال شعار المشاعر الوطنية من أمضى الأسلحة المستخدمة في عرف السياسة الدولية، وأقدسها؛ لتحرر الشعوب والأمم المحرومة والمستعمرة من نير المستعمرين والقوى العظمى. إن ظهور العديد من الدول الجديدة على خارطة القارة السوداء في الخمسين سنة الأخيرة بشكل مذهل، والتي يبدو أنها نالت استقلالها بمساعدة البيض في أوروبا وأمريكا، إنما يكشف عن هذه الحقيقة. إلا أن النقطة الأهم في هذا البحث، والدليل على أن الشوفينية عبارة عن فكرة وهمية وخرافية، هو أن «الاحترام المبالغ به الذي يبديه العالم للوطنية ناجمٌ قبل كل شيء عن الأوضاع الخاصة للسياسة الدولية في الوقت الراهن، وليس نابعاً من الأفكار الفلسفية والنظرة الواقعية تجاه الوطنية.

ولو أردنا التشبيه فبإمكاننا تشبيه تطور الوطنية المتطِّرفة بتطور الشيوعية. أي كما أن التطور السريع للشيوعية (في السبعين عاماً الأخيرة) هو عبارة عن ردة فعل خاصّة ضد الرأسمالية الغربية الظالمة، وليس ناجماً عن قبول البشرية بالفلسفة الشيوعية على أثر الدراسة والتقييم. وهذا ما شاهدناه في الأيام الأخيرة من انهيار هذه الفلسفة في بلدان أوروبا الشرقية ومهد الشيوعية، أي جمهوريات الاتحاد السوفياتي، فكذلك الوطنية هي ردة فعل مباشرة ضد الإمبريالية؛ من أجل الحفاظ على سيادة الشعوب الضعيفة والفقيرة»([17]).

إن الشوفينية أو نظرية القوم والأمة الأفضل هي حصيلة العجب، والنظرة الضيقة، والجهل. وينظر العقلاء والواقعيون من بني البشر، وأينما كانوا على وجه المعمورة، وبالرغم من حبّهم لوطنهم وأرضه ومائه، ينظرون إلى جميع أفراد البشر بمنزلة الجسد الواحد، وأن شعوب العالم يؤلِّفون أجزاء هذا الجسد وأعضاءه. وحسب قول الشاعر الإيراني الكبير الشيخ مصلح الدين سعدي الشيرازي ـ الذي استلهم أهم أفكاره من القرآن الكريم والمصادر الإسلامية ـ فإن نظرة الواقعيين العارية عن العصبيات القومية والوطنية تجاه العالم الإنساني على النحو التالي (المعنى):

 

بني آدم أعضاء جسد واحد
إذا اشتكى منه عضو ذات يوم
ولأنك لا تأبه لمحنة غيرك
لأنهم في الخلق من جوهر واحد
تداعت له الأعضاء بالسهر
أخطأوا حين سموك إنساناً([18])

والشوفينية عبارة عن خرافة انبعثت من العصبيات الجاهلة تجاه القوم والقبيلة والأمة والبلد الخاص. ولهذا نجد أن الاستعمار الجديد مازال يستخدم هذه الفكرة الوهمية على طريقة (فرِّقْ تَسُدْ)، وبشكل كبير جداً؛ لتحقيق مآربه. وقد تمكن من تقسيم أراضٍ شاسعة ومتحدة، مثل: الإمبراطورية العثمانية، التي كانت تمتد يوماً ما من سواحل الدانوب إلى أسوان في مصر، ومن الفرات إلى جبل طارق، إلى بلدان صغيرة وكبيرة، مثل: مصر، والجزائر، وتونس، وتركيا، ولبنان، والعراق، وسوريا، والأردن، والكويت، وغيرها. و«حينئذ استحوذ على كل قطعة منها كلقمة سائغة. وفجأة، وفي وقتٍ واحد، يفتح عيون اللبنانيين والمصريين والعراقيين وغيرهم على جذورهم وأصولهم الوطنية والعرقية، ويذكّرهم بماضيهم وحضاراتهم القديمة قبل إسلامهم. وبينما كانت قرقعة سيوف المسلمين تلقي الرعب في قلب أوروبا نجحت الأخيرة في أن تجعل جميع الحناجر تصدح وتنادي بصوت واحد من خلف خطوط الجبهة، ومن قلب الجيش المهاجم، وتترنم بأنشودة: الهوية الكويتية، والهوية اللبنانية، والبربرية، والعربية، والتركية، وغيرها. ولم يكد يمضي وقت طويل حتى وجدنا العالم الإسلامي وقد تحول إلى عدة أقسام، وكل قسم منها أصبح لقمة سائغة في حلق الاستعمار الغربي»([19]).

إن الأضرار والأمراض التي لحقت بالمجتمعات البشرية حتى الآن من جراء خرافة الفكرة الشوفينية جديرةٌ بالاهتمام، وتحتاج إلى مقالة مستقلة. وبما أنها تشبه خرافة التفوُّق العنصري من أحد الجوانب، وهذا ما سنراه في المبحث القادم، لذا سنُعرض عن الخوض في تفصيله أكثر.

 

ب ـ التمييز العنصري (Racism) والفصل العنصري (Apartheid) ـــــــ

الاعتقاد بأفضلية جنس معين على جنس آخر، والقول بأن الجنس الأبيض أرقى من الأسود والأحمر والأصفر من الناحية البيئية، يعد من الخرافات والأفكار الباطلة، التي تمّت صياغتها ونسجها من قبل الذين لا يؤمنون بكرامة الإنسان وتساوي أفراد البشر من حيث الخلق. قام أنصار التمييز العنصري، الذين كانوا وما زالوا يمثِّلون في الغالب رجال السياسة الاستعماريين أو رجال الأعمال وأصحاب الأراضي والإقطاعيين الناهبين، قاموا باستثمار الشعوب، والسيطرة عليها، واسترقاق الشعوب المغلوبة على أمرها، مثل: السود في إفريقيا؛ من أجل الحصول على الأيدي العاملة الرخيصة. وقد حققوا أرباحاً هائلة من ورائهم.

«إن العنصرية ليست سوى شيء متهالك ومتآكل. ولا يمكن اعتبار أي شكل من أشكال العنصرية صالحاً للدراسة والتقييم كفرضية من الفرضيات، وإخضاعها للاختبار؛ ذلك أن أغلب الآراء حولها باطلة، وبراهينها غير صادقة، والنتائج المتمخضة عن هذا النمط من التفكير إما مشكوك فيها أو حمقاء.

ويرى البعض من المؤمنين بالخرافة أنه يوجد بين الأجناس الموجودة في العالم جنس أصيل يتفوق على باقي الأجناس من الناحية البيولوجية والنفسية والثقافية، وهذا التفوّق هو الذي يعكس ويفسِّر سبب سيطرة ذلك الجنس، وامتيازاته الاجتماعية والتاريخية.

ولا يوجد بين أيدينا أيّ دليل يمكن أن نثبت بواسطته أن التفوق البيولوجي ـ على فرض وجوده ـ يؤدي إلى التفوق النفسي أو الثقافي. وأخيراً فإنه يصعب فهم المسألة التالية: لو قلنا ـ فرضاً ـ بوجود نوع من الأفضلية الطبيعية فلماذا يجب الإقرار بالامتيازات الاقتصادية والاجتماعية لمن يملك تلك الأفضلية. إن العنصرية، ومن زاوية كونها تمثِّل شبهة فكرية ومفهوماً كاذباً، لا شأن لها بالبرهان والمنطق، بل هي فكرة أسطورية، ولا تعني سوى خدعة أيديولوجية، وهي في نفس الوقت تمثِّل أداةً خادعة تستخدم من أجل السيطرة على الآخرين وسلب ملكيتهم.

وتقوم الفكرة العنصرية على رفض الآخرين، وهي تبريرٌ ناقصٌ للاعتداء والاستغلال؛ بذريعة الاختلافات التي تُظهر أدعياء التمييز العنصري بأنهم الأرقى، وضحاياهم هم الأدنى، ويتمّ من خلال ذلك إظهار البشرة البيضاء بأنها الأحسن والأجمل، والبشرة السوداء بأنها الأسوأ والأقبح، وبالتالي تكتسب امتيازات البيض مشروعيتها»([20]).

ومن هنا جاءت النظريات الباطلة للقائلين بأن الجنس الألماني أو السامي واليهودي هو أرقى الأنواع وأسماها.

إن المستعمرين المستبدين والعنصريين، أمثال: هتلر، وموسوليني، الذين كانوا يعتقدون بأن: «دماء السود ملوَّثة، وفيها عَفَنٌ خاصّ، وأن اختلاط دمائهم بدماء الأوروبيين البيض سيؤدي إلى تنوع سكان القارة الأوروبية، وتلوُّث دماء الجنس الأبيض بدماء الأفراد الأدنى منهم»([21])، صبوا الزيت على نار الإيمان بالخرافة وعصبية التمييز العنصري، بتأسيس المذاهب السياسية المعادية للإنسانية، كالنازية، والفاشية. ومن أجل تحقيق أهدافهم التوسعية، وفرض سيطرتهم على جميع الشعوب والأمم، أشعلوا فتيل الحرب العالمية الثانية، وتسبَّبوا بقتل الملايين من الأبرياء، وأحرقوهم بلهيب نار أنانيتهم وأحقادهم.

هذه الأنانية ـ وللأسف ـ لازال لها أتباعها ومؤيِّدوها بشكل وبآخر في غرب الكرة الأرضية، وبالخصوص في بلدان ألمانيا وفرنسا وإيطاليا ـ تحت عنوان النازية الجديدة ـ.

ويجب أن ننظر إلى خرافة اعتناق العنصرية باعتبارها وصمة عار لوَّثت جبين البشرية المتحضرة في قرننا المعاصر، والتي ما زالت تلاحظ مظاهرها العنصرية ـ وللأسف ـ في البلدان الخاضعة لنير الاستعمار الجديد في إفريقيا الجنوبية، أو بعض المناطق، من قبيل: أمريكا الشمالية تجاه السود، أو في إسرائيل بصورة أفضلية اليهود على جميع الأمم في العالم، على الرغم من كل الجهود المبذولة والمواجهة المستمرة من قبل الكتّاب، والفلاسفة، والسياسيين الخيّرين، والمنظمات الإنسانية، نظير: منظمة الأمم المتحدة، والمدافعين عن حقوق الإنسان، ومنها: اليونسكو، لاجتثاث جذور هذه الخرافة السياسية ـ الاجتماعية. وبالرغم من الاعتراف بالمساواة بين حقوق السود والبيض في أمريكا، طبقاً لما جاء في القانون المدني المصادق عليه في الكونغرس الأمريكي سنة 1964م، وبإمكان السود بموجبه التمتُّع بجميع الوسائل الخدمية والعامة الموجودة في أمريكا، كالكنائس، والمطاعم، ودور السينما، والمدارس، والجامعات، وقوانين الخدمة، والمساواة في الزواج، وحتى وسائل النقل، بشكل متساوٍ مع بقية المواطنين، إلا أن بقايا الأفكار والنظريات الباطلة والجذور السامة للجمعيات المشؤومة الظالمة، مثل: كو ـ كلوكس ـ كلان (KO – KLUX – KLAN)، التي تأسست سنة 1866م في ولاية تنسي الأمريكية، وكذلك الأحزاب الفاشستية الأخرى، المعادية للسود، والمؤيِّدة بشدّة للتمييز العنصري، ما زالت موجودة. وخرافة التمييز العنصري تلاحظ بشكل وبآخر في هذا البلد المتحضِّر في ظاهره. وما زال هناك الكثير من الأفراد الذين يرتدون النظارات القاتمة المتشائمة تجاه الملونين، مثل: «مات مورفي»، المدعي العام في أمريكا، الذي سبق أن قال في إحدى دفوعاته برفض الأدلة التي أدلى بها شابٌّ أسود نجا بأعجوبة قبل فترة من أيدي أفراد مجموعة كو ـ كلوكس ـ كلان: «أفتخر كوني أبيضاً، وعلى استعداد للمواجهة من أجل ترسيخ حقوق البيض، وأفضليتهم على السود. أنا أدين البيض الذين يدافعون عن السود، وأرى بأنهم غلمان للبيض. وهل تعرف مَنْ هو الأسود؟ إنه حيوان لا يميز بين الحسن والسيئ، ولا يعرف من الإنسانية سوى لقلقة اللسان. وأرى أن اختلاط الأجناس يتعارض مع قوانين المسيح. ولا أقيم اعتباراً لآراء الرئيس الأمريكي ليندون جونسون وأنصاره الذين دافعوا عن حقوق السود»([22]).

كما أن الضغوط الاقتصادية، والامتهان الذي نشهده في أيامنا هذه في جنوب إفريقيا، أو الأحياء الفقيرة في بعض المدن، مثل: نيويورك، ضد السود، كلها تؤِّيد وجود خرافة التمييز العنصري، وعلى نطاق واسع، في البلدان المتطورة.

وحسب قول الدكتور لوثر كينغ، زعيم السود في أمريكا، والحائز على جائزة نوبل للسلام عام 1964م، فإن مزاعم المؤيِّدين للتمييز العنصري، القائلين: إن «السود أدنى من البيض، غير صحيحة، بل هي كفر؛ لأن الرب الذي خلق الكون وبقية المخلوقات خلق البشرية من طينة واحدة، ليصبح بإمكانهم العيش على سطح الأرض كإخوة متحابين… إن فكرة التمييز العنصري تلغي وحدة البشرية صراحة، وتنظر إلى الناس وكأنهم أشياء. هذه العقيدة تجرح في الحقيقة مشاعر المحبين للبشرية، وتجعل الشخصية الإنسانية في مهب الريح. إن التمييز العنصري يهدم كيان المجتمعات البشرية، ويقضي على روح الأخوة. وان فلسفة المسيح تختلف عن هذه الفلسفة من كل الجوانب»([23]).

وبناء على ما تقدم من الخرافات السياسية ـ الاجتماعية، التي يجب على جميع المحبين للإنسانية محاربتها محاربة متواصلة وشاملة، هي فكرة التفوق العرقي الباطلة.

وبناء على ما جاء في وثيقة تموز لعام 1950م لليونسكو في باريس فإن مسألة التمييز العنصري و«الجنس الأفضل هي مجرد أسطورة اجتماعية، قبل أن تكون ظاهرة بيولوجية. هذه الأسطورة التي كانت السبب حتى الآن في إلحاق المزيد من الخسائر الإنسانية والاجتماعية، وأدت في السنوات الأخيرة إلى القضاء على الكثير من الناس، وأصابت البشرية بآلام وعذابات لا توصف. وتسبَّبت هذه الظاهرة في إعاقة الملايين من الناس عن التطور الطبيعي، وحرمت الحضارة الإنسانية من تلاقح الكثير من العقول البنّاءة»([24]). وسلبت في الوقت الحاضر ثقة الكثير من الناس بأنفسهم، بجريمة أنهم ملونين، وجعلتهم يرزحون تحت قيود الانتهازيين وأعداء الإنسانية، نظير: حكومة جنوب إفريقيا، ووصمت جبين البشرية بالعار.

 

الإسلام وطرق محاربته للخرافات ــــــ

يعتبر الدين الإسلامي الحنيف الدين الوحيد من بين الأديان السماوية، وكذلك المذاهب والأفكار الوضعية، الذي شرع بمحاربة أنواع الخرافات، الفردية، والاجتماعية، والسياسية، محاربةً منطقيةً شاملةً، ومستمرة.

ورغم أن نبي الإسلام محمد| تمكن خلال فترة قصيرة من تطهير شبه الجزيرة العربية ـ التي كانت عند بعثته بالنبوة مهداً للوثنية، ومركزاً للأفكار الباطلة الزائفة، مثل: الطوطمية، والفيتيشسمية، والتمايز الطبقي والعرقي، وبيع العبيد، الشائعة في تلك البلاد آنذاك ـ من درن المعتقدات الباطلة بشكل كامل، بتلاوة قوله تعالى: ﴿جاءَ الحَقُّ وزَهَقَ الباطلُ إن الباطِلَ كانَ زَهُوقاً﴾ (الإسراء: 80) أثناء دخوله بيت الله الحرام، وتحطيمه للأصنام عند فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة، وختم بالبطلان على خرافة التفوق العرقي، والتغني بالقومية والآباء والأجداد، بإعلانه قول: «لا اله إلا الله وحده لا شريك له، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده. ألا كلّ مأثرة تحت قدميّ… يا معشر قريش، إن الله أذهب عنكم نخوة الجاهلية، وتعظّمها بالآباء… الناس من آدم وآدم من تراب…»([25]). وأقام أمة واحدة تحت راية التوحيد، والدعوة إلى الإيمان بالله الواحد الأحد، الأمة التي أقامت فيما بعد حضارة عريقة في العالم، ودعت أتباعها إلى محاربة الخرافات، التي تعدّ مظهراً من مظاهر الشرك، وفقاً لقواعد رصينة وخالدة. وهذه الأصول عبارة عن:

 

أ ـ التدبّر والتأمل في مقابل الابتعاد عن التقليد الأعمى ـــــــ

رغم أن الدين الإسلامي الحنيف يدعو الناس دائماً إلى الإيمان بالله الواحد الأحد، الغني العليم، الذي خلق الوجود لوحده، وهو رب الكائنات جميعاً، وإن النظام الدقيق لشؤون الكون بيد قدرته الكافية، ولا يعلم الغيب غيره، فإنه يدعو أتباعه أيضاً إلى التأمل والتدبّر، وينهاهم عن التقليد الأعمى لما كان عليه آبائهم وأجدادهم، واقتفاء آثار الكهنة، والسحرة، وأدعياء الأديان غير التوحيدية والمذاهب المروِّجة للأوهام والخرافات.

وقصة إبراهيم الخليل× والمنهج الحكيم الذي اتبعه هذا الموحِّد الكبير في التاريخ الإنساني؛ بهدف محاربة خرافة عبادة الأصنام، يمثِّل أنموذجاً بارزاً للمنهج العملي الذي طرحه الدين الإسلامي لمحاربة هذه الخرافة. وبناءً على ما جاء في القرآن الكريم من هذه القصة حول كيفيّة تصرُّفه فقد حمل الناس في بداية الأمر على التدبُّر في مظاهر الطبيعة، من الليل والنهار، والشمس والقمر. ويخلص في النهاية إلى النتيجة القائمة على البراهين العقلية الرصينة، التي تقول: إن الأشياء المخلوقة الفانية، التي لا تملك لنفسها الإرادة والقوة، أو الأصنام التي تصنع بأيدي البشر([26])، لا تستحق العبادة([27]).

ويرى الإسلام أن الرب الذي يستحق العبادة هو الرب الأزلي والأبدي، الذي يحيط بكل شيء علماً، وهو على كل شيء قدير: ﴿هو الأَوَّلُ وَالآخِرُ والظّهِِرُ والبَاطِنُ وهو بِكلِّ شَيءٍ عليمٌ﴾ (الحديد: 3)، والذي ﴿لم يَلِد وَلَم يولد * وَلَم يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾ (الإخلاص: 3 ـ 4).

وقد ختم الإسلام بالبطلان على المظاهر المتعدِّدة للوثنية، الشاملة للطوطمية، والفتيشيسمية، وعبادة الشمس، والقمر، والنجوم، والبقر، والعجل، والنار، وغيرها، عندما تحدث عن الحقيقة التالية، وهي أن الله تعالى لا تربطه مع أحد أية قرابة أو صلة، لكي يمكنه أن يكون شفيعاً ووسيطاً بينه وبين مخلوقاته، ويؤثِّر تبعاً لذلك في تغيير قانون الطبيعة ونظمها، وكذلك في مصير البشر.

ويرى الدين الإسلامي أن الإيمان العاري من العلم والوعي، والمعتقدات غير المبنية على البراهين الرصينة، لا قيمة لها. والآيات التالية التي يأمر فيها الله تعالى نبيه الكريم ـ بل أكثر الناس ـ بالابتعاد عن التقليد الأعمى، ويشبّه فيها المقلِّدين الجهلة الذين لا يتدبَّرون في أمورهم العقائدية بالدوابّ الصمّ البكم، هي كلها ممّا يؤيِّد هذا الأمر:

1ـ ﴿وَلا تَقفُ مَا لَيسَ لَكَ بهِِ علمٌ إن السَّمعَ وَالبَصَرَ والفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنهُ مَسؤُولاً﴾ (الإسراء: 36).

2ـ ﴿وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ﴾ (الأنعام: 116).

3ـ ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ﴾ (الأنفال: 22).

وبالإضافة إلى ما تقدّم ذكره فقد خاطب الله تعالى الناس في عشرات الآيات أو العبارات الاستفهامية من كتابه المجيد، من قبيل: ﴿أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾، ودعاهم في بعض الآيات، مثل: قوله تعالى: ﴿قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ (الحديد: 17)، وقوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ﴾ (البقرة: 219)، دعاهم إلى التدبر والتأمل في الأمور. وكذا بعض الأقوال، من قبيل: الأحاديث التالية الواردة عن النبي الأكرم| وجميع أئمة الهدى في تبجيل منهج التعقل والتدبّر، وإبراز أهميتهما في حياة الناس، تعدّ في حدّ ذاتها أدلّة واضحة على المحاربة المنهجية التي يّتبعها الدين الإسلامي في التصدّي للخرافات، محذراً المجتمعات البشرية من الأضرار التي تلحق بهم من خلال الأوهام والتخيُّلات التي لا أساس لها: «أكثروا التفكّر»([28])؛ «تفكّر ساعة أفضل من عبادة ستين سنة»([29])؛ «لا عبادة كالتفكّر»([30])؛ «ما قسم الله للعباد شيئاً أفضل من التعقّل»([31])؛ «لا دين لمن لا عقل له»؛ «من كان عاقلاً كان له دين، ومن كان له دين دخل الجنّة»([32]).

 

ب ـ الأخوة والمساواة بين الناس وتماثل الأعراق والقوميات ـــــــ

تمكن الدين الإسلامي من تبديد المعتقدات الواهية للتفوق العرقي والامتيازات الوطنية والقومية بطرحه لنظرية المساواة بين الناس، وقوله: إن جميع أفراد البشر هم من أب واحد وأم واحدة (آدم وحواء)، وهما مخلوقان من تراب، ولم يفرِّق بين الأبيض والأسود والأحمر والأصفر، وكذا بين الأمم وطبقات الناس، سوى بلحاظ التقوى والعمل الصالح، ويخاطب الله تعالى الناس في القرآن الكريم بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً﴾ (النساء: 1).

وهناك الكثير من الآيات المشابهة لهذه الآية الكريمة وردت في الكتاب الكريم في خصوص أن أصل الإنسان من تراب، أو من صلصال من حمأ مسنون، وبالتالي فإن المادة الأولية لجميع بني آدم واحدة، وليس لأحد فضل على الآخر: ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ﴾ (فاطر: 11)؛ و﴿خَلَقَ الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ﴾ (الرحمن: 14)؛ و﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ﴾ (الحجر: 26).

وبالرغم من أن الأمم والشعوب المختلفة في العالم تتباين فيما بينها، من حيث اللغة والعرق ولون البشرة، فإن الدين الإسلامي ينظر إليها جميعاً بعين الاحترام والمساواة، معتبراً هذه الاختلافات دليلاً على قدرة الخالق جلّ وعلا، ويصفها بأنها وسيلة لتعارف الأمم والشعوب مع بعضها البعض. وإن التمايز والتفاضل بين الناس يأتي من خلال التقوى والعمل الصالح فقط لا غير. والآيات التالية شواهد على هذا الأمر: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ﴾ (الروم: 22)؛ ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (الحجرات: 13).

إن وصايا النبي الأكرم| وأحاديثه القيّمة حول تساوي الناس، وبخاصة تشبيهاته الجميلة في هذا المجال، من قبيل: قوله: إن «الناس كلهم سواء كأسنان المشط»، أو «الإنسانية كالجسد الواحد وأفراد البشر أعضاؤه»، ومعانٍ أخرى سنشير لبعض النماذج منها، إنما هي براهين وأدلة قاطعة على أن الدين الإسلامي يرفض الأفكار الباطلة على التفوق العرقي والقومي، أو الخرافات السياسية والاجتماعية، نظير: التمييز العنصري والشوفينية، معتبراً محاربتها والتصدي لها من الواجبات والتكاليف المهمة.

ومن النماذج الأخرى «الناس كلهم سواء كأسنان المشط»([33])؛ «كونوا عباد الله إخواناً، كما أمركم الله»([34])؛ «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد، إذا اشتكى بعضهم تداعى سائرهم بالسهر والحمى»([35])؛ «يا أيها الناس كلكم لآدم، وآدم من تراب… لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى»([36]).

وبناء على ما تقدّم فإن من واجب جميع العلماء والمفكرين المصلحين والمحبين للإنسانية اليوم المبادرة إلى اتخاذ الإجراءات الحازمة والناجعة الشاملة لمحاربة الإيمان بالخرافات والأفكار الوهمية التي أساس لها، وبخاصة أشكالها الاجتماعية والسياسية، كالشوفينية والتمييز العنصري، وبالمنهج الذي أوصى به الدين الإسلامي، أي العمل على أساس العقل والتدبّر، والإيمان بتساوي جميع الأعراق والشعوب، ووجوب الاحترام المتبادل، والسعي المشترك من أجل صياغة عالم يسود فيه الأمن والسلام، ومن أجل عالم يتحرك فيه الجميع جنباً إلى جنب نحو الرقيّ والكمال.

ويحدونا الأمل ببزوغ فجر تنتصر فيه أنوار العقل والإيمان على ظلام الأوهام والخرافات، وتنعم البشرية بالأمن والسلام الدائم، بالاعتصام بحبل الله، ومراعاة حقوق الإنسان، والتخلي عن العصبيات العقائدية والعرقية والوطنية.

الهوامش:

(*) أستاذ بارز في مجال الأدب الفارسي، باحث في الحوزة والجامعة، من تلامذة الشهيد مطهري والأستاذ حكيمي، وعضو الهيئة العلمية في جامعة فردوسي.

([1]) مراد الكاتب من الجن هنا تلك الكائنات الخيالية المثيرة للعجب، والغريبة، ذات المخالب، وذات الذنب الطويل، التي يعتقد البعض من الجهلة، والذين يتملكهم الخوف والأوهام، أنها تعيش في الخرائب والحمامات القديمة أو في بيوت الأرواح والصحاري والأماكن المظلمة التي تلفها الأسرار، وإلا فإن أساس مسألة الجن أو المخلوقات غير الظاهرة، والتي لا ترى بالعين، وماهيتها، غير معلومة. وقد أقرّ القرآن الكريم والروايات الإسلامية بوجودها.

وحسب تعبير كتاب نثر طوبى أو دائرة معارف القرآن المجيد: «الجن من عالم الغيب، ومن يؤمن بالغيب ليس من الصعب عليه الإقرار بوجوده، وبإمكانه الوقوف على حقيقتها ومعرفتها عن طريق الصفات التي بيّنها الله تعالى لها. ومن صفات الجن المذكورة في القرآن الكريم أنها مخلوقة من النار (الحجر: 27)، ولا ترى بالعين المجردة (الأعراف: 27)، ولها القدرة على القيام بأعمال عجيبة ودقيقة (سبأ: 11)، وخلقت للعبادة، كما هو شأن الإنسان (الذاريات: 56)، وإن ارتكبت المعصية فستذهب إلى الجحيم (الأعراف: 179)، والشياطين هم من عصاة الجن (الأنعام: 112)… إلخ. وبشكل عام يستفاد من الآيات التي نزلت بشأنها أن الجن ليس من سنخ المخلوقات المادية، وإلا لكانت مما يُرى بالعين، بل إنها من مادة الروح والملائكة، وهي مجردة، كما أن النار مخلوقة هي الأخرى منها، ولا يوجد عنصر من سنخ النار…» (راجع: الميرزا أبو الحسن الشعراني، نثر طوبى 1: 139 ـ 140، طبعة طهران، 1398هـ، المكتبة الإسلامية).

([2]) صادق هدايت، نيرنكستان: 22، الطبعة الثالثة، طهران، 1343هـ. ش، دار نشر أمير كبير.

([3]) الدكتور لوثر كينغ، نداي سياه: 7 ـ 8، ترجمة: منوشهر كيا، طبعة طهران، 1353هـ. ش، دار نشر دريا.

([4]) المصدر السابق.

([5]) گوستاو جابودا، روانشناسي خرافات: 33، 37 إلى 48، ترجمة: محمد تقي براهني، طبعة طهران، 1363هـ. ش، دار نشر نو.

([6]) المصدر نفسه.

([7]) للمزيد من الاطلاع على الأصنام المتعددة التي كانت تعبد بين القبائل العربية في الجاهلية راجع: كتاب أصنام الكلبي، تأليف أبو منذر هشام بن محمد بن سائب بن بشر الكلبي، المفسر المشهور، المتوفى 206هـ؛ أو الكتب الأخرى، نظير: كتاب قصص القرآن، تأليف: السيد صدر الدين البلاغي: 33 إلى 45، طبعة طهران، 1330هـ. ش، دار نشر تابان.

([8]) كلود لوي ـ استروس، الطوطمية: 38،40، ترجمة: مسعود راد، طبعة طهران، 1361هـ. ش، دار نشر توس.

([9]) جان كازنوف، مردم شناسي: 104 ـ 105، ترجمة: ثريا الشيباني، طبعة طهران، 1349هـ. ش، نشر جامعة طهران.

([10]) راجع: كلود لوي ـ استروس، الطوطمية: 22.

([11]) (Fetishism) مأخوذة من كلمة (Fetish) الفرنسية، والتي تعني الشخص أو الشيء الذي يشبه من يعبد الأصنام.

([12]) وكلمة (Animism) مشتقة من كلمة (Anime)، بمعنى الروح، وكلمة (Animal)، وتعني الحيوان.

([13]) الدكتور علي شريعتي، تاريخ وشناخت إيران 1: 71 ـ 72، طبعة طهران، 1359هـ. ش، نشر مكتب تدوين وتنظيم مجموعة آثار المعلم الشهيد الدكتور شريعتي.

([14]) علي أصغر حكمت، نه گفتار در تاريخ أديان: 29، طبعة شيراز، 1339هـ. ش، نشر اتحاد فارس للطباعة.

([15]) سعيد نفيسي، القاموس الفرنسي ـ الفارسي: 304، طبعة طهران، 1352هـ.ش، نشر مكتبة بروخيم. كلمة (Chauvin) مأخوذة من اسم Nicolas – Chauvin، الذي كان في عهد الجمهورية والإمبراطورية الفرنسية الأولى جندياً شجاعاً ووطنياً متطرفاً.

([16]) عبد الكريم سروش، مقالة: «أز خود بيگانگی وناسيوناليسم»، کيهان فرهنگي، العدد 7 (شهر مهر 1364هـ. ش): 32، السنة الثانية.

([17]) محمد مجتهد شبستري، مقالة: «عصر ما وإحساسات ملي»، مجلة مكتب إسلام، العدد 10: 32،

([18]) الشيخ مصلح الدين سعدي، گلستان: 66، تصحيح وتوضيح: الدكتور غلام حسين يوسفي، طبعة طهران، 1368هـ. ش، دار نشر الخوارزمي.

([19]) الدكتور علي شريعتي، بازگشت بسوی خويشتن: 284، طبعة طهران، 1357هـ. ش، نشر حسينية إرشاد.

([20]) البرممي، نژاد گرائي در عصر حاضر ـ ما وآنها ـ: 11، مجلة پيام يونسکو، السنة الخامسة عشر، العدد 163.

([21]) ناصر مكارم شيرازي، مبارزه با أفسانه ها: 12، مجلة «درسهايی أز مکتب إسلام»، السنة التاسعة، العدد 7.

([22]) زين العابدين قرباني، «إسلام وحقوق بشر»: 126، طبعة طهران، 1349هـ. ش، نشر مكتبة الصدر.

([23]) نداي سياه: 215.

([24]) مجلة پيام يونسکو: 10، السنة الخامسة عشر، العدد 163.

([25]) راجع: الدكتور علي شريعتي إسلام شناسي: 303، طبعة مشهد، 1347هـ. ش.

([26]) (27) راجع: سورة الأنعام الآيات 73 إلى 79: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ * وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ * فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ * فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفاً وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾. وراجع: الآيات 83 إلى 96 من سورة الصافات: ﴿إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ… قال: قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾.

([28]) (29) (30) راجع: نهج الفصاحة: 322، 436، ترجمة: أبوالقاسم پاينده، الطبعة الثالثة عشر، طهران، 1360هـ. ش، دار نشر جاويدان.

(31) (32) راجع: الكليني، الأصول من الكافي 1: 17، 19، كتاب العقل والجهل، مع الشرح والترجمة: الشيخ محمد باقر الکمره إي، صححه: محمد باقر البهبودي وعلي أكبر الغفاري، طهران، 1292هـ، من منشورات المكتبة الإسلامية.

([33]) الصدوق، من لا يحضره الفقيه: 579، 1377 ـ 1378 هـ، من منشورات دار الكتب الإسلامية.

([34]) (35) راجع: نهج الفصاحة: 418، 579، ترجمة: أبو القاسم پاينده.

([36]) راجع: ابن شعبة الحراني، تحف العقول عن آل الرسول: 34، تصحيح: علي أكبر الغفاري، طهران، 1352هـ. ش.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً