أحدث المقالات

ترجمة: علي الوردي

¤ ما الذي دعاكم للتفكير في تأسيس رابطة علمية للمترجمين الدينيين؟

ممّا لا يخفى عليكم مدى انتشار حركة إصدار الكتب ونشر الأفكار الإصلاحية التي اتسعت بعد قيام الثورة الإسلامية في إيران، وخصوصاً في حقل الترجمة من اللغة العربية إلى الفارسية على صعيد الفكر الديني، والتي بانت معالمها بوضوح في السنوات الأخيرة للنهضة الإصلاحية التي أتت على الثوابت الدينية وشملت العالم الإسلامي بأجمعه.

وقد بدأ اهتمام الترجمة بالعالم الإسلامي والعربي في إيران ما قبل الثورة الإسلامية، من خلال ترجمة أعمال سيد قطب، وقبله السيد جمال الدين أسد آبادي وآخرين.

وبعد انطلاق الثورة الإسلامية وانتشار صداها بدأ عهد جديد في الترجمة تمثّل بترجمة الكتب المتعلّقة بالثورة، والتشيع، والمتحدّثة عن أهل البيت G، بالإضافة إلى المؤلفات المهتمّة بالتجديد في الفكر الديني. إلاّ أن ذلك رافق بعض الإرباك الذي أصاب جملةً من أعمال الترجمة، فخرج بعضها مشتملاً على مواضيع بعيدة عن الصواب وربّما منحرفة أحياناً، إذ كان باب الترجمة مفتوحاً على مصراعيه ممّا يسمح بدخول كثير من الأشخاص هذا الحقل، الأمر الذي أدّى إلى ظهور كثير من أعمال الترجمة الفردية والركيكة والمتداعية، عن بعض ممّن هم حديثي عهد في هذا المجال.

وممّا زاد الطين بلّة، وجود بعض الناشرين ممّن كان همّه الأساسي تأمين الجانب الاقتصادي وجني الأرباح من وراء ذلك.

وعلى الرغم من أنّ حقل الترجمة كان يصنّف في السابق ضمن الحقول العلمية الأخرى من حيث احتياجه إلى خلفية معرفية وتجربة طويلة للخوض فيه؛ إلاّ أنّ الدواعي الحالية التي تقف وراء القيام بمهام الترجمة والمتمثلة بالعامل الاقتصادي ونزعة حب الشهرة وما إلى ذلك، أدّت بالترجمة إلى ما نشاهده اليوم من الضعف والركاكة، بحيث أصبح من المتعسّر فهم المفردات المترجمة سواء على مستوى العامّة من القرّاء أو الخاصّة من ذوي الخبرة ممّن لا يستسيغونها.

¤ هل هناك في الحوزة العلمية مَن يقوم بدور الإشراف على تلك الأعمال، أقصد الكتب الدينية، وإخضاعها للتمحيص؟

لا يوجد شخص في الحوزات العلمية يقوم بمباشرة هذا الدور، فعلى سبيل المثال: لو قام أحد الأفراد بنقل نص من النصوص الدينية من إحدى اللغات إلى اللغة الفارسية، فإنّه لا يدري من المسؤول عن مراجعة النص وتقويمه؟ أو ما هو القسم الذي عليه مراجعته في الحوزة؟ ليتمكّن من الوقوف على صحّة ترجمته من سقمها.

ذلك كلّه، مع وجود طائفة كبيرة من المتدينين ومن المهتمّين بمسألة ترويج الفكر الديني، أمثال الأخيار الذين يسعون لتقديم أي خدمة من قبيل الكتب والنشاطات الدينية الأخرى لغرض إشراكها في الندوات العلمية أو تقديمها إلى عضو في إحدى الروابط الدينية. فأمثال هؤلاء قد لا يتسنّى لهم الوثوق ببعض النصوص التي قاموا بترجمتها، وفي ذات الوقت لا يجدون من يرجعون إليه للقيام بهذه المهام.

فهل هناك مركز مسؤول عن المحتويات المترجمة ومنح الموافقة عليها ومعرفة ما إذا كانت هناك إصدارات مشابهة لها، كالذي يحصل مع أي إصدار؟! فمثلاً هناك مركز لطباعة القرآن الكريم ونشره، تتمثّل مسؤوليته بالحفاظ على صحّة عملية طباعة هذا الكتاب السماوي، فهل يوجد مركز مسؤول عن منح القرّاء من الشباب ترجمةً للقرآن الكريم تتناسب مع الأعمال أو المراحل الدراسية المختلفة؟ ومن ثمّ فأي واحدة من بين الترجمات المتعدّدة للقرآن يمكن اعتمادها والوثوق بصحّتها؟

ولسنا هنا بصدد إيجاد مقارنة بين الترجمات المختلفة وتقويمها، وإنّما انطلاقاً ممّا يتفق عليه الجميع من الحالة التي عليها ترجمة النصوص الدينية المعاصرة من الضعف والركّة والتداعي.

ذلك كلّه، يدفعنا للقيام بتأسيس مركز يحمل على عاتقه تقديم الحلول وإقامة الضوابط وفرض الرقابة على أعمال ترجمة النصوص الدينية التي لا تخفى أهميتها.

¤ ما هي الأهداف التي تتوخّاها الرابطة العلمية للمترجمين الدينيين؟

1 ــ حصر العاملين في حقل الترجمة سواء العاملين على المستوى العام أو المستوى التخصصي.

2 ــ إعداد المترجمين وتنميتهم.

3 ــ تدريس أساليب الترجمة (حضورياً وغيابياً).

4 ــ التعريف بأنظمة الترجمة الشاملة.

5 ــ باثولوجيا الترجمة ونقد الأعمال المترجمة.

6 ــ الإعلان عن مراكز الترجمة والجمعيات العلمية المهتمة بهذا المجال، والترويج للكتب والمجلاّت المتخصصّة بهذا الشأن.

7 ــ الإعلان، من خلال المجلّة التي تصدرها الرابطة، عن الأعمال المترجمة أو التي تقع في طور الترجمة ولم ترَ النور بعد.

8 ــ فرض الرقابة والمتابعة ومنح رخصة طباعة لأعمال ترجمة النصوص الدينية. ولا يخفى أنّ ذلك لا يعني ــ بأي حال من الأحوال ــ إيجاد منافس لما تقوم به وزارة الإرشاد والثقافة الإسلامية من مهام ومسؤوليات وإنّما من باب إعمال للرأي المتخصص في مجال النص الديني.

9 ــ تقديم سائر امتيازات الترجمة لذوي الحقوق من المترجمين والناشرين.

10 ــ الحفاظ على الحقوق الماديّة والمعنوية للمترجمين أعضاء الرابطة، بالإضافة إلى إيجاد فرصة للراغبين في الحصول على الخبرات القانونية من خلال أخصّائيين في هذا المجال، وتشمل غير الأعضاء في الرابطة أيضاً.

11 ــ إصدار كتب متخصصة في حقل الترجمة.

12 ــ عقد ندوات وإقامة دورات مكثفة بحضور أخصائيين في مجال الترجمة.

¤ ما هي الإنجازات الأخرى التي قامت بها الرابطة؟

في هذا المضمار، تزمع الرابطة إنشاء مكتبة تخصصية للترجمة، تشتمل على كتب ومجلاّت وكل ما من شأنه تسخير أمر الترجمة للمترجمين، كما نسعى لتأسيس مكتبة صوتيّة تحوي العديد من البرامج والأقراص المدمّجة والأشرطة السمعية والبصرية.

أمّا الخطوة الأخرى للرابطة فتتمثّل بالتعرّف على مواقع الترجمة على شبكة الأنترنت، والقيام باستعراض آليات عمل حديثة ومتطوّرة، إضافة إلى توفير إمكانية للتسجيل والاشتراك في موقع الرابطة لمن يرغب في ذلك، من أجل الحصول على دروس غيابية عبر هذا الموقع.

إضافة إلى ما تقدّم، تسعى الرابطة للاتصال بالمجاميع العلمية، المحليّة والأجنبية، والمتخصصة بمجال الترجمة، وخصوصاً المهتمين بالنصوص الدينية، من أجل حصول تبادل ثنائي في المعلومات والخبرات، والوقوف على مديّة الإمكانيات التي تتمتّع بها تلك المجاميع، من أجل استقطاب قسم
منها و..

¤ ما هي المشاريع والخطوات المستقبلية التي تزمع الرابطة تحقيقها؟

من جملة الخطط البعيدة الأمد التي تطمح الرابطة تحقيقها:

أ ــ تنظيم استشارات بصورة دائمة مع أخصائيين في حقل الترجمة من أجل تحديث مستمرّ للمعلومات.

ب ــ تحرير ميثاق الرابطة.

ج ــ تأسيس بنك معلومات للمترجمين.

د ــ تشكيل لجان علمية وأخرى تنفيذية ضمن الرابطة.

هـ ــ إصدار مجلّة الرابطة.

و ــ تشكيل لجنة تحريرية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك إنتاجات للرابطة تمثل بعض الخطوات العلمية لها من قبيل إصدار سلسلة حوار مع المترجمين، ومجموعة من البحوث والدراسات، وكراسات تعليمية وعمل برامج تعليمية ــ أيضاً ــ عبر الحاسوب.

¤ هل تقتصر نشاطات الرابطة على المستوى المحلّي فحسب؟

بالإضافة إلى النشاط المحلّي، لدى الرابطة عدد من المترجمين من جنسيات مختلفة يشكلون حلقة وصل بين داخل البلد ]إيران[ وخارجه، كما توجد نشاطات أخرى من قبيل تهيئة المصادر وإعدادها وجمع المعلومات والبيانات.

ولابدّ لنا من الاعتراف ــ أخيراً ــ بأن التداعي الذي حلّ بترجمة النصوص الدينية لا يمكن علاجه من خلال مؤسسة أو رابطة أو ما شاكل ذلك، وهذه المبادرة إنّما جاءت لتكون بمثابة خطوة باتجاه إيجاد بعض الحلول للأزمة التي عصفت بالترجمة([1]).



[1]) للراغبين الاتصال بالعنوان التالي: الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مدينة قم، 45 مترى صدوق، كوچه 44، پلاك 281. هاتف: 2917767 251 98+.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً