بقلم: الشيخ محمد عبّاس دهيني
تمهيد
ترجماتٌ صادقةٌ لنتاج فكريٍّ إسلاميّ،
تضعه بين يدَيْ القارئ العربيّ
دوحةٌ غنّاء في الفكر الإسلاميّ المعاصر والمتنوِّع،
في التاريخ، والأدب، والتراث، والقراءات النقديّة
بأقلامٍ بحثيّة واعدة،
وأهدافٍ رساليّة واضحة،
مع الرعاية التامّة لأصول البحث العلميّ
في المنهج، والمنهجيّة، والتوثيق،
وأن لا تكون منشورةً من قبلُ
إنّها مجلّة (نصوص معاصرة)
الفصليّة الورقيّة والإلكترونيّة
www.nosos.net
mdohayni@hotmail.com
كلمة التحرير: العدل الإلهيّ في حومة الشُّبُهات، عرضٌ وردّ
الكاتب: محمد عبّاس دهيني
أفضل التعريفات الاصطلاحيّة التي ذُكرَتْ للعدل هو أنّه «إعطاءُ كلِّ ذي حقٍّ حقَّه». وهو يتناسب مع المعنى اللغوي (المساواة) من حيث إنّه تسويةٌ بين أصحاب الحقوق في إعطاء كلٍّ منهم ما يستحقّه. إذن هو تسويةٌ في الإعطاء، لا في (المُعطى).
وتتجلّى العدالة ـ كما الظُّلْم ـ في علاقاتٍ عديدة، منها: علاقة الله بعباده وعلاقة المخلوقات بالله.
وكما أنّ الإنسان مطالَبٌ بأن يكون عادلاً مع الله، فيوفِّيه حقَّه من الشكر والطاعة والعبادة، ومَنْ لم يفعل ذلك فقد ظلم نفسه، كذلك فإنّ من المتوقَّع أن يعمّ العدل الإلهيّ أرجاء هذا الكَوْن، ومنه: حياة الإنسان.
عندما نتحدَّث عن العدل الإلهيّ، ويُقال: إنّ انقساماً حادّاً وقع بين المسلمين في مسألة العدل الإلهيّ، فلا نعني أبداً أنّ بعض المسلمين ينسب الظُّلْم إلى الله تبارك وتعالى، وإنّما يقع الخلاف في أنّ الأفعال بحدّ ذاتها تتّصف بالحُسْن والقُبْح أو لا، وهل يمكن للعقل بنفسه، وبدون الاعتماد على المصادر الشرعية (الكتاب والسنّة)، أن يميِّز الحَسَن من القبيح، فيحكم بلزوم الإتيان أو الأمر بالحَسَن، ولزوم الترك أو النهي عن القبيح؟
وقد ذهب العَدْليّةُ (الشيعة والمعتزلة) إلى أنّ العقل قادرٌ على ذلك، وأنّ حكم الله لا يختلف عن حكم العقل في هذا المقام؛ بينما ذهب (الأشاعرة) إلى قاعدة الحُسْن والقُبْح الشرعيّين، بمعنى عجز العقل عن معرفة الحَسَن والقبيح، بل ليس هناك أفعالٌ حَسَنة وأخرى قبيحة، وإنّما الحَسَن ما يفعله الله أو يأمر به، والقبيح ما يتركه الله أو ينهى عنه.
والدليل على العَدْل بمعانيه الصحيحة (العدالة في مجال التكليف؛ العدالة في مجال الحكم والقضاء بين العباد؛ العدالة في مجال تنفيذ المجازاة ثواباً وعقاباً)، وفي جميع مظاهره، هو أن صفات الله الذاتية (العلم، الحكمة، القدرة والاختيار، الإرادة) تقتضي أن تكون أفعاله تعالى حكيمةً وعادلة، ولا توجد في الله تعالى أيّ صفةٍ تقتضي الظُّلْم والجَوْر، أو اللَّغْو والعَبَث.
اقتضَتْ حكمةُ الباري جلَّ وعلا ومصلحة البشر النوعيّة أن يكون الإنسان خليفة الله في هذه الأرض، هذا الكوكب المكوَّن من اليابسة والماء والمؤلِّف من طبقاتٍ تشتدّ حرارةً كلّما أوغلَتْ في العمق، وذلك من أجل أن تكون صالحةً لحياة هذا المخلوق من طينٍ، وهو (آدم(ع) وذُرِّيته).
إذن لا بُدَّ من الانطلاق من هذه الفكرة، بل الحقيقة، وهي أنّ الحياة الدنيا للإنسان لا تنفكّ عن ارتباطٍ ما بالمادّة، وهذا هو أفضلُ نظامٍ لحياة كائنٍ بالخصائص التي يتوافر عليها هذا المخلوق المكرَّم.
وبما أنّ للعلاقة بالمادّة ضريبتها لا بُدَّ للإنسان أن يؤدّي هذه الضريبة من راحته، وأمنه، ورخائه، وسعادته، و…
وهنا ينفتح بنا البحث على مسألةٍ في غاية الأهمّية لبيان حقيقة ما يصيب الإنسان في هذه الحياة الدنيا، ألا وهي القضاء والقَدَر الإلهيّين.
فما هو (القضاء)؟ وما هو (القَدَر)؟ وما هو الفَرْق بينهما؟ وهل يستطيع الإنسان أن يُغيِّر قَدَره؟
وما هو الجَبْر والاختيار؟ وهل من طريقٍ وَسَطٍ بينهما؟
وقد طُرحَتْ حول العدل الإلهيّ وتجلِّياته شُبُهاتٌ كثيرة، أهمُّها:
1ـ كيف تتلاءم الفروق والاختلافات الموجودة في المخلوقات، وخاصّةً البشر، مع العدل والحكمة الإلهيّة؟ ولماذا لم يخلق الله الحكيم العادل المخلوقات جميعاً بصورةٍ متساوية؟
2ـ إذا كانت الحكمة الإلهيّة مقتضية لحياة الإنسان في هذا العالم إذن لماذا يُميته بعد ذلك، ويُنهي حياته؟
3ـ كيف يتلاءم وجود كلّ هذه المصائب والأمراض والكوارث الطبيعية (السيول والزلازل و…)، والمتاعب الاجتماعية (الحروب وألوان الظلم المختلفة)، مع العدل الإلهيّ؟
أو فقُلْ: هل ينسجم حصول الزلازل والبراكين والفيضانات والأعاصير، التي تفتك بحياة البشر والنباتات والحيوانات وجمال الطبيعة، مع عقيدة العدل الإلهيّ؟
أو فقُلْ: أليس من العدل الإلهيّ الواجب المحافظة على جمال الطبيعة، وحياة الكائنات الحيّة؟
4ـ كيف يتلاءم العذاب الأبديّ للذنوب المحدودة والمؤقَّتة، التي يرتكبها المذنبون في هذا العالم، مع العدل الإلهيّ؟
5ـ هل من العدل الإلهيّ أن يتساوى الصالح والطالح في المصير، فيصيران إلى حفرةٍ واحدةٍ متشابهةٍ؟
والأجوبة عن هذه الشُّبُهات جميعاً على صفحات المجلّة الورقيّة…
ملفّ العدد: الصفات الإلهيّة، تأمُّلاتٌ في المفهوم والآثار
المقالة الأولى: الحرِّية والاختيار عند كانط، دراسةٌ تحليليّة ونقديّة
الكاتب: د. الشيخ رضا برنجكار؛ المترجم: حسن نصر الله
تُعتبر حرية الإرادة والاختيار منطلقاً للعديد من المدارس الأخلاقية، بما في ذلك مدرسة كانْط الأخلاقية. يناقش كانْط حرية الإرادة من جهتين: نظرية؛ وعملية. ويعتقد ـ بناءً على مبادئ الفلسفة التقليدية ـ أن حرية الإرادة هي مسألة «متناقضة»، يمكن أن يقوم البرهان الفلسفي على إثباتها ونَفْيها في آنٍ معاً. وهكذا يقودنا مبحث حرية الإرادة في الفلسفة الشائعة إلى التناقض. ويعرض كانط، استناداً إلى أسسه الفلسفية، طريقةً لحلّ هذا التناقض، لكنه يجد أن من المستحيل إثبات حرية الإرادة من خلال العقل النظري. لذلك يثبت الاختيار في مسائل العقل العملي. ووفقاً له، فإن غاية الأخلاق هي الإرادة الخيّرة، وهذه الأخيرة فرعٌ من حرّية الإرادة. لذلك، فإن حرية الإرادة هي الافتراض القَبْلي لوجود الأخلاق، وبما أن الأخلاق بديهية ومقبولة فيجب أيضاً قبول الحرية.
المقالة الثانية: اللطف الإلهيّ، مقارنةٌ بين توما الأكويني والكلام الشيعيّ
الكاتب: د. حسين واله؛ المترجم: فرقد الجزائري
كيف تطوَّرَتْ فكرة اللطف الإلهيّ تاريخيّاً في العالم المسيحي؟
ما هي نظريّة المتكلِّم المسيحيّ الشهير توما الأكويني حول اللطف الإلهيّ؟
ما هي الملامح العامّة للنظريّة الشيعيّة عن اللطف الإلهيّ؟
مقارنةٌ شاملة مختصرة بين هذين الطرحَيْن لنظريّة اللطف، ووجوه الاشتراك ومواطن الاختلاف بينهما، مع بعض الملاحظات المختصرة على بعض النظريّات والبراهين، تجدونها في هذه الدراسة.
المقالة الثالثة: نظريّة «التداخل الوجودي» بين الله والمخلوقات، عرضٌ واستدلال
الكاتب: د. السيد محمد مهدي نبويان / الشيخ غلام رضا فيّاضي؛ المترجم: حسن الخرس
إنّ أحد الأبحاث المهمة التي انتبه إليها العلماء المشتغلون بالعلوم الدينية بحث العلاقة بين الله والمخلوقات، فلقد أدلى الفلاسفة والعرفاء بآرائهم في هذه المسألة، وأوضحوا علاقة المخلوقات بالله، وفقاً لمبانيهم.
ويمثِّل «التداخل الوجودي» إحدى النظرات البديعة المطروحة في ساحة هذه المسألة برؤيةٍ جديدة، حيث تفيد هذه النظرية أنّ الوجود اللامتناهي لله سبحانه في عين حضوره في جميع الساحات والمواطن الوجودية، فلا يوجد موطن خالٍ عن وجوده، إلا أنّه مع ذلك ليست هناك منافاة مع الوجود الحقيقي للمخلوقات؛ لأنّ وجود الله تعالى متداخلٌ في المواطن الوجودية للمخلوقات.
إنّ مسألة التداخل الوجودي هي إحدى المسائل الفلسفية، وهي مختلفةٌ عن اصطلاحاتٍ من قبيل: الاجتماع، الاتحاد، الانضمام، التركيب، الامتزاج، والحلول.
ووفقاً لهذه النظرية أيضاً فإنّ المخلوقات ذات وجود حقيقيّ مثل الله تعالى؛ ولكنّ مواطنها الوجودية ليست منفصلةً عن الموطن الوجودي لله تعالى؛ لأنّه في غير هذه الصورة سيلزم التناهي الوجودي لله، فالمخلوقات داخلةٌ في نفس الموطن الوجودي لله بنحوٍ يكون كلّ معلولٍ بحجمه ومرتبته الوجودية متداخلاً مع وجود الله تعالى.
ولإيضاح نظرية التداخل الوجودي، وبيان معنى التداخل بشكلٍ دقيق، واختلافه عن الألفاظ المشابهة له، مع ذكر شواهد لهذه النظرية من الآيات والروايات، كانت هذه الدراسة.
المقالة الرابعة: نظريّة «التداخل الوجودي» بين الواجب والممكن، قراءةٌ نقديّة وفق المعنى الصحيح لعدم تناهي الحقّ تعالى
الكاتب: د. السيد محسن الهندي / د. حبيب الله دانش شهركي؛ المترجم: حسن الخرس
تداخل الواجب في الممكن من النظريات الجديدة التي تهتمّ برسم العلاقة بين الحقّ تعالى وما سواه. وهي في تقديرنا لا تخلو من بعض الإشكالات، فهل لازم القبول بعدم محدوديّة الحقّ تعالى أنّ نعتبره عين الأشياء ـ وهي الرؤية المشهورة لبيان الوحدة الشخصية للوجود ـ، أو نعتبره داخلاً في الأشياء ـ وهي رؤية الأستاذ الفيّاضي ـ، أم أنّ هناك شكلاً ثالثاً يمكن تصوّره في العلاقة بين الحقّ والخلق؟
يكشف بعضُ الباحثين عن الثغرات في نظرية التداخل الوجودي بين الواجب والممكن، كما يبيّنون رؤيةً ثالثةً هي في تقديرهم رؤيةٌ صائبة ومأخوذة من التعاليم الوحيانية العقلانية؛ إنّها الرؤية الثالثة للعلاقة بين الخالق والمخلوق، فهي مع قبولها بعدم تناهي الحقّ تعالى وعدم مقداريّته تنفي أيَّ شكلٍ من أشكال التداخل والعينيّة بين الواجب والممكن.
إنّ هذه الرؤية تفترض ـ بما أنّه تعالى منزَّهٌ عن كلّ حدٍّ ومقدار ـ أنّ الله لا يملأ أيّ موطنٍ، ولا يشغله ـ ولو بنحوٍ غير محدود ـ؛ كي يلزم منه التداخل الوجودي بين الله والأشياء الأخرى.
إنّ الملء والخلوّ والتزاحم الوجودي بين الخالق والمخلوق الزماني يمكن تصوّره حينما يفرض الحقّ تعالى مسانخاً للمخلوقات المحدودة، وقابلاً للزيادة والنقصان، بينما الله سبحانه ليس مسانخاً بأيّ وجهٍ كان لمخلوقاته، فلهذا يمكن في هذه الرؤية الإيمان بلا أيّ محذورٍ بالوجود المحدود للأشياء، وكذلك الوجود المعرّى عن الحدّ والعدّ للذات المقدّسة المتعالية.
المقالة الخامسة: العلم الإلهيّ واختيار البشر، تأمُّلات ليندا زاجزبسكي في الحلول التقليديّة
الكاتب: أ. علي ياري زاده / أ. علي قنبر نجاد / د. مير سعيد موسوي كريمي؛ المترجم: حسن علي مطر
إن مسألة التوفيق بين العلم الإلهي السابق واختيار الإنسان من المسائل الفلسفية العميقة والمعقَّدة. إن هذه المسألة، التي تمّ طرحها في دائرة الأديان الإبراهيمية (اليهودية والمسيحية والإسلامية)، قد خضعت لاهتمام فلاسفة الدين، منذ باكورة تاريخ الأفكار اللاهوتية والفلسفية، وصولاً إلى المرحلة الراهنة. ويمكن القول: إن هذه المسألة هي حصيلة النزاع أو الجمع بين المقولتين والقضيتين التاليتين:
1ـ إن الله سبحانه وتعالى عالمٌ بجميع الوقائع والأحداث التي ستقع في المستقبل على نحوٍ لا يقبل الخطأ (الاعتقاد الصادق).
2ـ إن الأفراد من بني البشر أحرارٌ في أفعالهم.
إن القضية الأولى تعبِّر عن واحدة من التعاليم والمفاهيم الدينية، وهي العلم الإلهي السابق، في الأديان الإبراهيمية. طبقاً لهذه القضية يكون الله سبحانه وتعالى عالماً مسبقاً وبشكلٍ لا يقبل الخطأ بجميع أمور العالم والأفعال الإنسانية على نحوٍ كامل. ولازم هذه القضية أن تكون جميع أفعال الإنسان وأعماله، وحتى أفكاره، متعيّنة مسبقاً ومقدَّرة، ونتيجةً لذلك لا يمكن التخلُّف عنها أبداً. ويبدو أن المصدر الهامّ الذي حظي حتى هذه اللحظة ـ من الناحية الفلسفية ـ باهتمام فلاسفة الدين، وكان ملهماً لهم في مجال العلم الإلهيّ، هو اللاهوت الخاصّ بـ «أنسلم». وبعبارةٍ أخرى: إن الملاحظات الفلسفية حول العلم المطلق قد نشأت في الأعمّ الأغلب من «لاهوت الكائن الكامل» [اللاهوت القائل بالوجود الكامل]، والذي تمّ طرحه للمرّة الأولى من قبل المتألِّه وفيلسوف القرن الحادي عشر الميلادي القدِّيس أنسلم كانتربري. وعلى أساس هذا النموذج اللاهوتي يكون الله «كائناً لا يمكن تصوُّر كائنٍ آخر أعظم منه». ونتيجة لذلك يتمّ التعريف بالله بوصفه أكبر موجودٍ يمكن تصوّره. إن فلاسفة الدين من خلال افتراضهم الادّعاء المتقدِّم ذهبوا من جهةٍ إلى الاعتقاد بأن المعرفة تمثِّل نوعاً من «الكمال العقلاني»، ومن ناحيةٍ أخرى يذهبون إلى الاستدلال بأن الله ـ الذي يتمّ وصفه بأنه أكمل كائنٍ ممكن ـ إذا كان واجداً للمعرفة الكاملة، والمعرفة الكاملة يجب أن تكون كيلاً كاملاً [دون نقصان]، وعليه فإن علم الله يجب أن يكون مشتملاً على نوعٍ من المعرفة «الشاملة» والمحيطة بجميع الكون، بمعنى أن تكون «معرفةً تشمل قيمة صدق كلّ واقعية وحقيقة». ومن الجدير ذكره أن مفهوم عدم زمنية الله يُعَدّ جزءاً هامّاً من لاهوت القديس أنسلم، بحيث إن انعدام الزمنية والأبدية من أبرز الصفات التي يمكن تصوُّرها بالنسبة إلى الكائن الأكمل والأعظم.
كان مفهوم «التقدير الإلهي» يحظى بأهمِّية بالغة، كما يتمّ التعبير عنه في الفلسفة التحليلية للدين بـ «اللغز الساحر [الجذّاب]».
تُعَدّ ليندا زاجزبسكي [Linda Zagzebski] فيلسوفةً وعالمةً إبستمولوجية معاصرة شهيرة، وأستاذة الإبستمولوجيا وفلسفة الدين والأخلاق في جامعة أوكلاهوما، وقد حظيَتْ نظريّاتها تحت عنوان أخلاق الفضيلة والدافع الإلهي وما إلى ذلك باهتمام الأروقة العلمية. لقد عمدت زاجزبسكي ـ من خلال توظيف التحليلات الفنّية ـ إلى تقديم تبويبٍ جديد عن المسألة، وقامَتْ بدراسة طرق الحلّ التقليدية، وهذا ما يطَّلع عليه القارئ الكريم في هذه الدراسة.
المقالة السادسة: علم الله الأزليّ واختيار الإنسان، دراسةٌ مقارنة بين آراء زاجزبسكي ومطهَّري
الكاتب: أ. زينب أميري / د. عبد الرسول كشفي؛ المترجم: سرمد علي
تُعتَبَر مسألة العلم الإلهيّ المسبق واختيار الإنسان إحدى المسائل الأساسية في فلسفة الدين، التي شغلت أذهان المتكلِّمين والفلاسفة لفترةٍ طويلة. ووفقاً لهذه المسألة، ونظراً لأن العلم الإلهيّ المطلق يستلزم عدم خطئه، لذلك إذا كان الله يعلم في زمان T1 أن الفاعل S سيقوم بالفعل A في زمان T3 فعندئذٍ S في زمان T3 لا يمكنه فعل أيّ شيءٍ سوى A. ومن ثمّ فإن العلم الإلهيّ المسبق يتعارض بشكلٍ واضح مع اختيار الإنسان. تحاول هذه الدراسة مقارنة آراء ليندا زاجزبسكي (فيلسوفة دينٍ معاصرة) بآراء الأستاذ الشيخ مرتضى مطهَّري. وفي هذا الصدد تمَّتْ دراسة الإجابات الثلاثة الكلاسيكية لهذه المسألة (البوثيوسية؛ والآكامية؛ والمولينائية) من وجهة نظر زاجزبسكي. ويظهر أنه مع قبول بعض أفكار هذه الآراء والجمع بينها، تقدِّم زاجزبسكي ثلاثة حلول مبتكرة. ثمّ عرضَتْ وجهة نظر الأستاذ مطهَّري في بابي الجَبْر والاختيار والقضاء والقَدَر. وفي النهاية تمّ بيان أوجه الشبه والاختلاف بين آراء كلا المفكِّرَيْن. والنتيجةُ التي توصَّلَتْ إليها الدراسة هي أن كلا المفكِّرَيْن يقبلان توافق العلم الإلهيّ المسبق مع اختيار الإنسان، لكنّ «الآكامية التوماوية» والحلَّيْن الآخرَيْن لزاجزبسكي، على الرغم من نقاطهما الإيجابية والمقبولة، غير قادرين على إظهار هذا التوافق، في حين أن حلّ الأستاذ مطهَّري دقيقٌ في إثبات هذا التوافق.
المقالة السابعة: العلم الإلهيّ المطلق والإرادة الإنسانيّة، نقدٌ ومناقشةٌ لرؤية جون ساندرز
الكاتب: أ. نجمة كردزنگنه / د. بهرام علي زاده؛ المترجم: وسيم حيدر
إن العلم الإلهي المطلق من أهمّ العناصر المقبولة من قِبَل الأديان الإبراهيمية. كما أن مفهوم الاختيار بدَوْره ـ بوصفه مبنىً لنظام الثواب والعقاب، وكذلك الإجابة عن مسألة الشرّ ـ من أهمّ المفاهيم التي تقع مورداً لقبول الأديان أيضاً. بَيْدَ أن البعض يذهب إلى الاعتقاد بأن هذين العنصرين الجوهريين في الأديان يتعارضان فيما بينهما. إن هذا التعارض سواء أدّى إلى نفي العلم الإلهي المطلق، أو أدّى إلى نفي إرادة الإنسان، من شأنه أن يخلق تحدِّياً لأسس الأديان التوحيدية. وقد عمد فلاسفة الدين وعلماء اللاهوت إلى تقديم إجاباتٍ مختلفة لحلّ هذه المشكلة. وبالإضافة إلى الإجابات التقليدية عن هذه المسألة، يذهب أتباع اللاهوت المنفتح في العصر الراهن إلى الاعتقاد بأنهم قد توصّلوا إلى إجاباتٍ جديدة. يُعَدّ جون ساندرز واحداً من اللاهوتيين التقليديين القائلين باللاهوت المنفتح، وقد أثار موقفه الكثير من الآراء المؤيِّدة والمعارضة. إن ساندرز يُقرّ بأن الله عالمٌ مطلق، ولكنْ حيث إن المستقبل مفتوحٌ فإن الله قبل وقوع الفعل من قِبَل الفاعل لا يعلم ما الذي سيفعله. وهذا لا يعني إنكار العلم الإلهيّ المطلق، وإنما ينفي مجرّد العلم الإلهيّ السابق.
يسعى ساندرز ـ من خلال تقديمه لنموذج الإله المجازف ـ إلى بيان طريقة حلٍّ مناسبة للتعارض بين العلم الإلهي السابق واختيار الإنسان. ولكي يعمل على رفع هذا التعارض فقد لجأ إلى نظرية العلم المطلق والشامل من خلال نفي العلم الإلهي السابق. وحيث إن المستقبل من الناحية المعرفية منفتحٌ، وإن العلم الإلهي السابق بالأفعال الاختيارية للإنسان ليس ممكناً من الناحية المنطقية، يمكن القول بأن الله ليس لديه علمٌ قطعيّ بالمستقبل، دون أن يستوجب هذا الكلام خَلَلاً في العلم الإلهي المطلق. يذهب ساندرز إلى الاعتقاد بأن هذه الرؤية (نظرية العلم الإلهي المطلق والشامل)، بالإضافة إلى انسجامها الكامل مع النصوص الدينية، ودفاعها الأفضل عن الأصول والعناصر الإلهيّة الأساسية، من قبيل: اختيار الإنسان، وقابلية المشيئة الإلهية للتغيير، والحبّ الإلهي، وقيمة الدعاء والمناجاة، إنها بالإضافة إلى ذلك لا تعاني من الإشكالات المنطقية الموجودة في الرؤية التقليدية أيضاً.
فهل تصمد هذه الرؤية أمام النقد؟ وما هي نقاط ضعفها، إنْ وُجِدَتْ؟
المقالة الثامنة: تعليل أفعال الله بالغايات، بين الضرورة والإمكان والامتناع
الكاتب: الشيخ سعيد نورا
باتَتْ مسألة تعليل أفعال الله بالغايات والأغراض من أهمّ مسائل علم الكلام الإسلامي، والتي أجريت فيها دراسات وأبحاث عديدة في المدارس الكلامية والفلسفية، وذهب بعضهم إلى أن الحكمة الالهية تقتضي كون أفعال الله وشرائعه ذات أغراضٍ، وقال بوجوبها؛ واهتمّ بعضهم بمقتضى اختيار الله المطلق واللامحدود اهتماماً بالغاً، واعتقد برفع جميع أنواع القيود عن الفعل الإلهي؛ تنزيهاً لساحته تبارك وتعالى. ومن بين هذا وذاك التزم بعضٌ جانب الحياد، ورأى الأغراض الإلهية نوعاً من التفضُّل من قبل الربّ الرحيم.
وبمراجعة أقوال المدارس الكلامية والفلسفية المختلفة ونصوصها حول موضوع تعليل أفعال الله بالغايات نخرج بالنتيجة التالية: إن منطلق الجميع للتنظير ومصبّ اهتماماتهم الدينية هو تنزيه ساحة الله تعالى، ولكنْ اختلفت زوايا البحث ونظرتهم تجاه المسألة، وبالتالي اختلفَتْ الحلول التي قدّموها للخروج من مشكلة تنقيص ساحة الله. فجماعة الأشاعرة اهتمّوا باختيار الله المطلق، وعدم إلزام الله بشيءٍ، وأنكروا جميع أنواع الغرض عن ساحة الله. ونظراً إلى حكمته تعالى ذهبت جماعةٌ أخرى إلى أن نفي الأغراض ينافي ساحته المقدّسة، ويعلِّلون أفعال الله بالغايات والأغراض. وسلك آخرون طريقةً وسطى بينهم، وتمسَّكوا بتفضُّل الله وامتنانه على العباد. ويبدو بعد التأمُّل في أطراف القضية أنه بإمكاننا أن نقرِّب هذه الاتجاهات من بعضها البعض.
فالأشاعرة لا يعارضون حكمة الله بالتأكيد، بل يصرِّحون بهذا الأمر، إلا أنهم حيث يعتبرون الغرض من مصاديق المحدودية لله يرفضون هذا القول، وكأنهم لم يلتفتوا إلى أن الغرض يمكن تصويره بمعنيين: الفلسفي (وهو العلّة الغائية المؤدّية إلى النقص في ساحة الله)؛ وغير الفلسفي (بمعنى الفائدة والمصالح في أفعال الله). ولذلك نرى بعض متكلِّمي الامامية يصرِّحون بأن مرادهم من الغرض ليس الغرض الفلسفي، وحتى الفلاسفة المنكرين لتعلّق الغرض بمصالح العباد يتحفَّظون على التصوير الفلسفي للغرض، ويعتقدون أن الذات الإلهية هي الغرض الوحيد، وليست مشكلتهم مع مصالح وفوائد تترتَّب على أفعال الله تعالى.
المقالة التاسعة: لاهوت الرحمة في ضوء الفردانيّة، جدليّة الماهيّة والهوّيّة
الكاتب: أ. بدر بن سالم بن حمدان العبريّ
قيمة الرحمة قيمةٌ ماهيّة، ارتباطها لاهوتيّاً تجسّد للمثل الأعلى في ماهيّة الوجود ذاته على أُسُس الرحمة، والإنسان جزءٌ من هذا الوجود لا ينفصل عن التماهي مع قِيَمه وسُنَنه، فارتباط الرحمة معه تماهٍ مع وجوديّته، مع هذا الكون والوجود ذاته. وهذه الرؤية الوجوديّة نفهم بها كيف نقرأ التأريخ من جهةٍ، والأحكام الإجرائيّة بما فيها أحكام الشرائع في الأديان من جهةٍ ثانية، فلا يمكن قراءة الاثنين بعيداً عن القِيَم الماهيّة، وإنْ ارتبطت بالهوّيّات فهو ارتباطٌ إجرائيّ ظرفي لتنظيم الحياة في ظرفيّةٍ ما، إلاّ أنّ هذا التنظيم يتغيَّر إجرائيّاً في صور مختلفة، وتبقى الروح واحدةً بين البشر جميعاً.
المقالة العاشرة: نظريّة «أصالة الوجود»، الأهمِّية والنتائج
الكاتب: السيد فرقان العوادي
تمثِّل نظريّة أصالة الوجود العمود الفقري لمدرسة الحكمة المتعالية، الذي أسَّسه صدر المتألِّهين الشيرازي، وفرَّع عليه فروعاً كثيرة، أهمّها: إن الوجود يساوق التشخص، وإن هذا الوجود الواحد الشخصي الذي يملأ الواقع، بل هو عين الواقع، يستحيل أن يحلّ في الذهن، فلا يمكن تعريفه بحدٍّ، ولا رسمٍ، وإن انتقاله إلى الذهن يلزم منه الانقلاب المحال.
وفرَّع عليه أيضاً التشكيك في الوجود. وإن هذا التشكيك يختلف عن التشكيك الذي تقول به المدرسة المشّائية، حيث أرجع الكثرة إلى الوحدة، والوحدة إلى الكثرة، وجعل كلاًّ منهما عين الآخر، وكلّهما في الوجود. وإن صفات الوجود هي عين الوجود، فالوجود كلّه علم، وكلّه قدرة، وكلّه حياة. وإن كل المحمولات التي تحمل على الماهية هي بالوجود، وإن الوجود يمثِّل لها الحيثية التقييدية في كلّ حملٍ ماهوي. وإن أحكام الماهية، من الجنسية والفصلية والعموم والخصوص والإطلاق والتقييد والكلّية والجزئية، كلّها لا تثبت للوجود. وأيضاً إن الوجود ليس بجَوْهرٍ ولا عَرَضٍ. وإن كلية الوجود ليس الكلية المفهومية الماهوية، بل كلّيته من نوعٍ آخر، من خلال انبساطه وسعته الوجودية، والوجود لا ضدّ له ولا مثل، والوجود لا جزء له ولا هو جزءٌ من شيءٍ، وليس له أفراد بالمعنى المصطلح. والجواب عن إشكال قاعدة الفرعية. وإن الإمكان على مبنى أصالة الوجود إمكان وجودي فقري هو عين الربط والحاجة. وإن الجاعل جعل الوجود، ويستحيل أن يكون الجعل للماهية والصيرورة، وإبطال التسلسل، وإن العلاقة بين العلة والمعلول على نحو الإضافة الإشراقية. وأيضاً من فروع هذا الأصل الأصيل: الحركة الجوهرية، وإن النفس جسمانية الحدوث، روحانية البقاء، واتحاد العقل والعاقل والمعقول، وتقريرٌ لبرهان الصدِّيقين مختلفٌ عن التقارير السابقة، ونفي الثابتات للمعتزلة، والجواب عن شبهة افتخار الشياطين المنسوبة الى ابن كمّونة.
المقالة الحادية عشرة: شهود الله ورؤيته، مقارنةٌ بين العرفان الأُرثوذُكسي والطريقة الكبرويّة في الإسلام
الكاتب: د. السيد نادر محمد زاده؛ المترجم: وسيم حيدر
كان للمذهب الأُرثوذُكسي المشرقي ـ بحكم حاضنته الشرقية، والأوضاع الجغرافية والتاريخية والسياسية ـ ارتباطٌ وثيق بالشرق، والعالم الإسلاميّ بشكلٍ خاصّ.
يُعَدّ بحث إمكان رؤية الله تعالى ـ على الرغم من تنزُّهه الذاتي ـ من المسائل الأساسية في الأديان الإبراهيمية. طبقاً لرؤية المذهب الأُرثوذُكسي والطريقة الكبروية إنما يمكن مشاهدة صفات الله وقواه بعين القلب فقط، ولا يكون ذلك إلاّ بعد إزالة الغشاوة والصدأ عنه، وأما ذات الله سبحانه وتعالى فتبقى متعذِّرةً على الوصف والرؤية. وعلى الرغم من ذلك؛ فقد وصف عرفاء الأُرثوذُكس شهود الله أنه شهودُ تثليثٍ، ولا سيَّما شهود المسيح؛ وأما عرفاء الطريقة الكبروية؛ فحيث إن الله منزَّهٌ عن الرؤية في الإسلام مطلقاً؛ فلا نجدهم يتحدَّثون عن شهود ذات الله أبداً، وإنما يصفون شهودهم بأنه شهودٌ لصفات الله ومظاهره. كما تحدَّث بعض العرفاء، من كلا الطريقتين، في شهودهما لله عن نموذج النور الأسود، وتحدَّث بعضٌ آخر منهم عن نموذج النور الأبيض.
فما هي رؤية المذهب الأُرثوذُكسي حول الشهود والرؤية؟ وما هي الطريقة الكبروية؟
وما هي أوجه الشَّبَه والاختلاف بين هاتين النظرتين؟
دراسات
الدراسة الأولى: شخصيّاتٌ ومواقف عاشورائيّة بين الحقيقة والخيال
الكاتب: د. الشيخ عصري الباني
لقد سطّر الإمام الحسين(ع) وأهل بيته وأصحابه في عاشوراء أروع أمثلة البطولة والشجاعة والتضحية في سبيل المبادئ والقِيَم السامية التي جاء بها الإسلام. ومما يؤسَف له أن يتمّ تشويه هذه الذكرى العطرة؛ إما بدافع التعاطف الزائد من قِبَل بعضٍ؛ وإما بدافع التحجُّر الفكري من قِبَل بعضٍ آخر. فهناك بعض المؤسسات وخطباء المنبر الحسيني يسيئون إلى الحسين(ع) ومَنْ استشهد معه من أهل بيته وأصحابه(عم) ـ من حيث يشعرون أو لا يشعرون ـ، من خلال اختلاق أساطير وتخيُّل حوادث لم تحصل في عاشوراء، ولا قبلها، ولا بعدها.
وهناك عدّة أسباب تؤدّي إلى ذلك:
1ـ الجهل بالتاريخ والحديث.
2ـ دافع الحبّ والإعجاب ببطولة الإمام الحسين(ع) ومَنْ استشهد معه.
3ـ السعي لإثارة الناس وتهييجهم؛ لكي لا تبور تجارتهم القائمة على عاشوراء ومآسيها.
وهؤلاء جميعاً يسيئون إلى عاشوراء ورموزها عندما ينسبون إليهم أموراً لم تحصل أصلاً، أو يخترعون شخصيّاتٍ غير موجودة، أو مواقف لا يقبلها العقل، ولا هي موجودة في المنقولات، وعاشوراء وشخصيّاتها في غنىً عنها، فما سطّر من بطولات وتضحيات يكفي ويزيد، ولا يحتاج معه إلى اختلاق حوادث لم تقع أو شخصيات ليس لها وجود، فيكفي أن يستشهد الإمام الحسين(ع) وجميع مَنْ معه من أهل بيته وأصحابه من الرجال والنساء والأطفال والصبيان؛ من أجل الإسلام ومبادئه السامية. ونحن عندما نتكلَّم عن هفوات بعض المواقع الإلكترونية والخطباء لا يمكن أن نغفل الدَّوْر الإيجابي الذي يقوم به الكثير من خطباء المنبر الحسيني والمواقع الإلكترونية وسائر وسائل الإعلام في إبراز عظمة وتأثير عاشوراء وشخصيّاتها.
ومن هنا كان من الضروري الكتابة حول هذا الموضوع؛ لإزالة الشبهات، وتوضيح الحقائق، وتنزيه الإرث العاشورائي من هذه الأمور التي لحقت به، وتسعى لتشويهه.
الدراسة الثانية: روايات سَهْو النبيّ الأكرم(ص)، في المنهج النقديّ للعلاّمة المجلسيّ
الكاتب: السيدة زينب جعفر نيا / د. السيدة وحيدة رحيمي؛ المترجم: وسيم حيدر
إن مسألة سهو النبيّ الأكرم(ص) من المسائل التي خضعَتْ للتدقيق في الكتب الروائية المتقدّمة لدى الشيعة وأهل السنّة.
وقد عمد المتكلِّمون والمحدِّثون، من أمثال: الشيخ الصدوق والشيخ المفيد، إلى البحث في هذه المسألة، رغم إمكان القول بأنهم قد اتخذوا ـ على أساس الروايات ـ موقفين مختلفين في هذا الشأن.
إن العلاّمة المجلسي من القائلين ببطلان القول بسهو النبيّ الأكرم، فهو من المخالفين لهذا الرأي. وقد ذهب ـ من خلال دراسة الوضع السندي والدلالي لروايات الشيعة في باب سهو النبيّ الأكرم(ص) ـ إلى استخلاص نتيجةٍ مفادها: إن هذه الروايات ـ بالنظر إلى الكثير من الأدلة، ومنها: مخالفة أصول المذهب، والتهافت والتعارض الدلالي بينها، ومخالفتها للأحاديث، من قبيل: موثَّقة زرارة وسائر الروايات القائلة ببطلان سهو النبيّ ـ لا يمكن أن تحظى بالقبول. وقد عمد في هذا السياق إلى استعراض عددٍ من روايات أهل السنّة، ومناقشتها ونقدها من وجهة نظره ونظر سائر العلماء الكبار. وفي نهاية المطاف ذهب العلاّمة المجلسي ـ في ضوء الاستناد إلى ثلاثة أدلّة أصلية، وهي: إجماع علماء الشيعة على القول بالعصمة المطلقة للأنبياء والأئمة(عم)، وآيات القرآن الكريم، والروايات ـ إلى رفض القول بسهو النبيّ الأكرم(ص). وقد اتَّخذ العلاّمة المجلسي ثلاثة مواقف بشأن الروايات الدالّة على نوم النبي الأكرم(ص) عن صلاة الصبح، وهي:
1ـ التوقُّف بشأن هذه الروايات.
2ـ صدور هذه الروايات بداعي التقيّة.
3ـ القبول بهذه الروايات، بعد حلّ التعارض الموجود بينها وبين الروايات الأخرى الصادرة عن النبيّ الأكرم(ص) أيضاً.
وعلى الرغم من أن العلاّمة المجلسي لم يختَرْ أيّاً من هذه الوجوه بشكلٍ صريح، ولكنْ يبدو من الترتيب الموجود في كلامه الخاصّ ببيان هذه المواقف الثلاثة مدى مقبوليّتها عنده.
الدراسة الثالثة: القصص الدينيّة في الكتب السماويّة، قصّة طالوت أنموذجاً
الكاتب: د. دل آرا نعمتي پير علي؛ المترجم: حسن الخرس
إنّ الدراسةَ المقارنة لقصّة طالوت في النصّين المقدَّسين: القرآن؛ والعهد القديم، وسيلةٌ تقدِّم معرفةً أكثر عمقاً ودقّةً عن هذين النصّين.
وأما السبب الذي يجعل هذين الكتابين قابلين للمقارنة فهو أنّ كلَيْهما يتمتّعان بالقداسة، وبموضوعاتٍ مشتركة، مع وجود اختلافاتٍ منهجيّة وتعليميّة بينهما.
إنّ مجال المقارنة بين الكتابين في قصّة طالوت يختصّ بستّ آيات من سورة البقرة في القرآن الكريم، وثلاثة وعشرين باباً من الكتاب الأوّل «صموئيل» من العهد القديم. وهذه الأبواب تشتمل على 654 فقرة. وقد تمّ في هذه الدراسة استقصاء التشابهات والامتيازات بين النصّين من ناحيتي البناء الأدبيّ والنظام الفكريّ المتضمَّن في القصّة. وقد وظّفت كذلك في المقارنة بين النصّين بعض المكوِّنات الأدبية، من قبيل: أسلوب البيان، جغرافيا القصّة، وأسلوب عرض الشخصيّات في القصّة، وتمّ أيضاً تحليل كيفيّة استعمال الطرائق البيانية التي تنسجم مع هدف تأكيد الرسائل المعرفيّة والتربوية، وذلك بشكلٍ مقارن بين النصّين. وقد أظهرت نتيجة الدراسة انسجاماً في البناء الأدبيّ للقرآن، وفي عرضه للشخصيات بنحوٍ دقيق ونموذجيّ، وفي رسائله المعرفية المتعالية. كما وجدت في مقارنتها للنظام الفكريّ والمباني الدينيّة المتضمَّنة في النصيّن مشتركاتٍ في المضامين الأساسية والفرعية للقصّة، وتوصّلت إلى وجود معرفةٍ إلهيّة أكثر عمقاً ودقّةً وصحةً للمعالم المعرفيّة في قصّة طالوت في القرآن. فمن هذا المنطلق يمكن القول: إنّ اللازم المنطقي لعلوّ البناء والمحتوى في قصّة طالوت في القرآن على تلك الموجودة في العهد القديم أنّ القرآن الكريم متضمِّنٌ للتعاليم الوحيانيّة غير المحرَّفة، كما أنّه لم يقتبس من الكتاب المقدَّس تلك الموضوعات المشتركة معه.
الدراسة الرابعة: الإمام الحسن(ع) قبسٌ من نور الرسالة، قراءةٌ تحليليّة في حَرَكيّة السياسة الحَسَنيّة
الكاتب: أ. نبيل علي صالح
في التاريخ مواقع وأفكار وذكريات تبقى مع الزمن في حركته وسيرورته المستمرة، لا تغيِّرها الأيام، ولا تؤثِّر فيها السنون؛ كونها ترتبط في العمق بقِيَم ومُثُل عليا جاءت بها الرسالات والأنبياء، ملبِّيةً نداء الفطرة عند الإنسان في سَعْيه الدائب وبحثه الدائم للوصول إلى الكمال الممكن له. وهو كمالٌ يتطلب وجود نماذج عملية حيّة يراها المرء أمامه فكراً وحركةً، فيقتدي بها، ويسير على خطاها، ويستلهم منها الدروس والعِبَر على كلّ المستويات والصُّعُد الخاصة والعامة.
وفي تاريخنا الإسلامي ـ الذي هو في أساسه تاريخ الرسالة الإسلامية، التي شكَّلت من خلال قِيَمها وأخلاقياتها وأحكامها وسلوكيات رموزها الكبار جوهر حركة الناس ومحور وجودهم وحياتهم ـ مثَّل أئمة أهل البيت(عم) مشهداً ناصعاً بارزاً للإسلام المحمدي الأصيل، وامتداداً للرسالة في حركة الزمان، بل كانوا نجوماً زاهرةً ساطعة يُستَهْدى بها في ليالي الزمان والحياة.
وفي بحثنا هذا سنتحدَّث بإسهابٍ وتدقيقٍ وصفيٍّ تحليليٍّ عن حياة وفكر أحد أئمّتنا الأطهار، وهو الإمام الحسن(ع)، سبط الرسول الكريم(ص)، وابن أمير المؤمنين الإمام عليّ(ع)، حيث سنحاول تقديم صورةٍ، تدّعي الوضوح الفكري والتحليل الموضوعي، عن مجمل حياته التاريخية التي عاش فيها الأصالة الرسالية والعمق الإنساني والوَعْي السياسي العملي، خصوصاً تحليلنا لحقيقة «إشكالية» صلحه مع معاوية، الذي بقي في وَعْي الكثيرين صلحاً مثيراً للقلق، ومحفِّزاً للكثير من الهواجس والتساؤلات النقدية حتّى أيامنا هذه.
الدراسة الخامسة: المَثَل الأعلى وسيادة النموذج بين التفاعل والانفعال، السيّدة الزهراء(عا) أنموذجاً
الكاتب: أ. إيمان شمس الدين
تكمن أهمِّية فهم الواقع ودراسته وفق معطياتٍ علمية اجتماعية في تشخيص الإشكاليات التي تواجهها المجتمعات، وفي تشخيص الحلول الحقيقية لتلك الإشكاليات، حيث لكلّ مجتمع إشكالياته الخاصة به، لكنْ لا يعني ذلك عدم وجود مشتركات تشكّل إشكاليات قاعدية كلية لكلّ المجتمعات. وأهمّ هذه التحديات هي تحدي الهوية، ومحاولات تبديلها أو إذابتها وتغيير معالمها، من خلال الذوبان في النماذج الأخرى، أو الخروج من الهويات والتلبس بهويات هجينة أو غريبة عن جسد الهوية العامّ لهذه الشعوب. هذا فضلاً عن الخلط بين البحث العلمي التخصُّصي في علوم الاجتماع، التي تشخّص الإشكاليات وفق معطيات ميدانية استقرائية، وبين محاولات تسييس بعض التحدّيات، وتحويلها إلى شعاراتٍ تزيد من أزمة الهوية، وتدخلها في التشخيص العاطفي الشعاراتي، الذي لا يقدِّم حلولاً تتناسق وحقيقة الواقع.
ولأن التحدي الأكبر تعاني منه المرأة في هويّتها، وتستهدف هذه الهويّة بكلّ أشكال التزييف، وخاصّة المفاهيمي، فإننا سنتناول هذا الجانب، وتشخيص الإشكاليات التي تواجهها قدر الإمكان، ومحاولة طرح حلول نظرية، على أمل تحويلها إلى مشاريع عملٍ إجرائية، تكون قادرةً على تقديم نموذجٍ بديلٍ صالحٍ للمرأة صادٍّ للنماذج الفاسدة.
قراءات
القراءة الأولى: المصنَّفات في المعجزات، وأثرها في ثقافة المعجز عند الشيعة الإماميّة
الكاتب: السيد حكمت صاحب البخاتي
تبدأ مصنَّفات العلم الديني عند الشيعة بما تعاهد العلماء والفقهاء منهم على تسميتها بالأصول الأربعمائة. ويستبطن مصطلح الأصل أهمية قصوى على صعيد العقيدة والعلم الديني؛ كونه مرويّاً عن أئمّة أهل البيت بواسطة تدوينه كتاباً، وليس مجرّد نقل في الرواية. وتدوينه المباشر هذا هو ما يضمن وثوقه وصحّة متنه، إضافة إلى تسالم الشيعة الإمامية على توثيق رواة هذه الأصول. وتنقل مدوّنات الأصول هذه ترجمةً حيّة عن عصر الأئمة، وحركة العلم في عصر الحضور للأئمّة، وتعاطي الأئمة مع الشيعة في العلاقة بهم ورعايتهم، وطرائق وأساليب الدرس الإمامي على أيدي الأئمة مباشرةً، وخصوصاً في عصر الإمامين الباقرين أو الصادقين: أبو جعفر محمد بن عليّ الباقر(114هـ)؛ وأبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق(148هـ)، وقد كان علم هذين الإمامين مدرك الشيعة في العقيدة والفقه، وأكثر روايات الشيعة منهما في باب الفقه والحكم الشرعي، ونتيجة ذلك أدمج اسماهما فيُقال في كتب الشيعة: عن الباقرين؛ أو عن الصادقين؛ للتعريف بأصل الحديث أو الرواية.
لكنّ اقتصار المتقدِّمين من الشيعة الإمامية على هذه الأصول الأربعمائة أدّى إلى إقصاء وإبعاد المئات من الكتب والمؤلَّفات التي كتبها الشيعة الأوائل في مختلف علوم الإسلام، بل تأسيسهم لهذه العلوم على ضوء السبق في مؤلَّفاتهم تلك في مجالات هذه العلوم المتعدّدة، بل لم يترك الشيعة الإمامية الأوائل فنّاً من فنون الإسلام وعلومه إلاّ طرقوا بابه، وابتدأوا في تأليف نسقه، وابتكار كتابته.
ثم بدأَتْ، في الثلث الاخير من القرن الثالث الهجري، موجةٌ من المصنَّفات الحديثية الكبرى، وقد استطاعَتْ أن تأخذ محلّ الصدارة في العلم الديني ومناهجه عند الشيعة الإمامية، وضمنَتْ ملء الفراغ في مدرسة الفقه والعلم عند الشيعة الإمامية، والذي تسبَّب عن ضياع وفقدان تلك الأصول الأربعمائة، وكاد أن يودي ببقيّة العلم الإمامي الموروث عن أئمّة أهل البيت في عصر الغَيْبة الصغرى.
فكان كتاب «الكافي»، للكليني؛ وكتاب «مَنْ لا يحضره الفقيه»، للصدوق؛ وكتاب «تهذيب الأحكام في شرح المقنعة»؛ وكتاب «الاستبصار فيما اختلف فيه من الأخبار»، للطوسي.
إن خلاصة الموضوع في الكتب الحديثية الأربعة ومدار الفقه في الثلاثة الأخيرة منها أورث هذا الاهتمام الفقهيّ الكبير عند الشيعة الإمامية، وأنتجت مفهوماً حول الإمام المعصوم تقدَّمت فيه أولوية فقه الإمام المعصوم، وقد اجتمعَتْ فيه إلهيّاً شروط الفتيا والحكم الصحيح والعصمة في إخباره بهذه الفتيا أو الحكم، وأحياناً تجرّدت هذه النظرة من كلّ بُعْدٍ مناقبيّ أو إعجازيّ، فنشأ على أثر هذا التحوُّل نزاعٌ بين مَنْ عُرف في التاريخ الشيعي الإمامي بالمقصِّرة والمفوِّضة، وفق تسمية الخصومة بينهما. ثمّ بدأ منذ النصف الثاني من القرن الخامس الهجري وأوائل القرن السادس الهجري، تحوُّلٌ نحو مفهومٍ آخر حول الإمام، يشكِّل تتمّةً للمفاهيم السابقة، وليس إلغاءً لها بالكلِّية، وقد تكفَّل بهذا التحوُّل كتاب المعجز وثقافته الناشئة عنه عند الشيعة الإمامية.
هذه هي
يُشار إلى أنّ «مجلّة نصوص معاصرة» يرأس تحريرها الشيخ محمد عبّاس دهيني. وتتكوَّن الهيئة الاستشاريّة فيها من السادة: خنجر حميّة (من لبنان)؛ زكي الميلاد (من السعوديّة)، عبد الجبار الرفاعيّ (من العراق)، كامل الهاشميّ (من البحرين)، محمد خيري قيرباش أوغلو (من تركيا)، محمّد سليم العوّا (من مصر)، محمد علي آذرشب (من إيران). وهي من تنضيد وإخراج مركز (papyrus).
وتوزَّع «مجلّة نصوص معاصرة» في عدّة بلدان، على الشكل التالي:
1ـ لبنان: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، الرويس، خلف محفوظ ستورز، بناية رمّال، ص.ب: 5479/14، هاتف: 541211(9611+).
2ـ مملكة البحرين: شركة دار الوسط للنشر والتوزيع، هاتف: 17596969(973+).
3ـ جمهورية مصر العربية: مؤسَّسة الأهرام، القاهرة، شارع الجلاء، هاتف: 7704365(202+).
4ـ الإمارات العربية المتحدة: دار الحكمة، دُبَي، هاتف: 2665394(9714+).
5ـ المغرب: الشركة العربيّة الإفريقيّة للتوزيع والنشر والصحافة (سپريس)، الدار البيضاء، 70 زنقة سجلماسة.
6ـ العراق: أـ دار الكتاب العربي، بغداد، شارع المتنبي، هاتف: 7901419375(964+)؛ ب ـ مكتبة العين، بغداد، شارع المتنبي، هاتف: 7700728816(964+)؛ ج ـ مكتبة القائم، الكاظمية، باب المراد، خلف عمارة النواب. د ـ دار الغدير، النجف، سوق الحويش، هاتف: 7801752581(964+). هـ ـ مؤسسة العطّار الثقافية، النجف، سوق الحويش، هاتف: 7501608589(964+). و ـ دار الكتب للطباعة والنشر، كربلاء، شارع قبلة الإمام الحسين(ع)، الفرع المقابل لمرقد ابن فهد الحلي، هاتف: 7811110341(964+).
7ـ سوريا: مكتبة دار الحسنين، دمشق، السيدة زينب، الشارع العام، هاتف: 932870435(963+).
8ـ إيران: 1ـ مكتبة الهاشمي، قم، كذرخان، هاتف: 7743543(98253+). 2ـ مؤسّسة البلاغ، قم، سوق القدس، الطابق الأوّل. 3ـ دفتر تبليغات «بوستان كتاب»، قم، چهار راه شهدا، هاتف: 7742155(98253+).
9ـ تونس: دار الزهراء للتوزيع والنشر: تونس العاصمة، هاتف: 98343821(216+).
10ـ بريطانيا وأوروپا، دار الحكمة للطباعة والنشر والتوزيع:
United Kingdom London NW1 1HJ. Chalton Street 88. Tel: (+4420) 73834037
كما أنّها متوفِّرةٌ على شبكة الإنترنت في الموقعين التاليين:
1ـ مكتبة النيل والفرات: http://www.neelwafurat.com
2ـ المكتبة الإلكترونية العربية على الإنترنت: http://www.arabicebook.com
وتتلقّى المجلّة مراسلات القرّاء الأعزّاء على عنوان البريد: لبنان ــ بيروت ــ ص. ب: 327 / 25.
وعلى عنوان البريد الإلكترونيّ: mdohayni@hotmail.com
وأخيراً، وللاطّلاع على جملة من المقالات الفكريّة والثقافيّة المهمّة، تدعوكم المجلّة لزيارة:
الموقع الخاصّ:
www.nosos.net
تطبيق نصوص معاصرة:
https://play.google.com/store/apps/details?id=com.amorphteam.ketub.nosos
كما يمكنكم متابعة: أخبار المجلتين، وبعض مقالاتهما، وقراءات حولهما، وكتبهما، والنشاطات المتعلّقة بهما، …إلخ، على وسائل التواصل التالية:
الفايسبوك / Facebook:
https://www.facebook.com/profile.php?id=100054992093172
صفحة الفايسبوك / Facebook:
https://www.facebook.com/مجلة-نصوص-معاصرة-109061414276898/
الواتسأب / Whatsapp:
https://chat.whatsapp.com/IckP3tLZpJMG3q5buT65R0
قناة التيليغرام / Telegram:
https://t.me/nosos_ijtihad
الإنستغرام / Instagram:
https://www.instagram.com/p/CFK1Rf9HRUt/?igshid=1u95dhp0xfn13
تويتر / Twitter:
https://twitter.com/NIjtihad?s=07