د. قاسم محمد قصير([2])
تمهيد
يتمحور هذا المقال حول تبيان ما يحمله كلّ من مصطلحي «العنف» و«الإرهاب» من مفاهيم ومعانٍ؛ منعًا لوقوع أيّ التباس في الفهم والمضمون. لذلك يركّز على تعريف مصطلح «العنف»، لغة واصطلاحًا، ويبحث في «العنف» من منظور ديني واجتماعي وفلسفي وسياسي وتربوي، إلى جانب علاقته بالإرهاب، ويبيّن علاقته بالتطرّف والتشدّد، ومتى يتحوَّل التطرُّف إلى عنفٍ وإرهاب، متوقفًا عند مصطلح «الإرهاب» لغة واصطلاحًا.
يُتفق على أنّ العنف هو اعتداء على جوهر الحياة وكرامة الإنسان وسعادته، ويصبح خطرًا عالميًا وإنسانيًا يهدّد مظاهر الحياة والمجتمع والحضارة الإنسانيّة كلّها عندما يرتبط بأيديولوجيا متطرّفة أو عقيدة تكفيريّة فيتحوّل إلى «إرهاب». وهنا، لا يمكننا بأي حال من الأحوال الفصل بين المصطلحين من حيث المفهوم والمضمون؛ ذلك أنّ الميدان الحيّ للتجارب البشريّة أثبت بمختلف الأشكال أنّ كلاهما يؤدّيان عملاً واحدًا وهو قتل الأبرياء والتدمير والخراب، وقمع الرأي الآخر بالقوّة والتسلّط والاضطهاد.
العنف ليس حدثًا جديدًا، في تاريخ الشّعوب، ولا يقتصر على مجتمع دون غيره، إلاّ أنّ المجتمعات تتفاوت في قدرتها على ضبط النزوع العدواني للكائن البشري كلّما ارتقت في سلّم التطور الاجتماعي والثقافي بفعل تناميها الحضاري من جهة، وتحقيق أوسع قدر من العدالة والمساواة بين مواطنيها، بأداء ديموقراطي فعلي يضمن للجميع حقّ التعبير، وحقّ المشاركة السياسيّة وغيرها، من جهة أخرى. فيما تعاني بعض المجتمعات التفكّك والنكوص كلّما انحدرت فيها القيم الإنسانيّة والأخلاقيّة، وافتقدت حياة الإنسان فيها جدوى الحياة، وسادت بين أبنائها علاقات التسلّط والقمع والعنصريّة والاستبداد، سواء أكان بفعل صراعاتها الدّاخليّة أم مع محيطها الخارجي، الأمر الّذي يجعل من هذه البيئات الاجتماعيّة مرتعًا للتطرّف والعنف. لكن هل العنف يساوي القتل فقط، أم هناك أشكال متعدّدة منه، وما هي التفسيرات المختلفة للعنف من الجوانب اللّغويّة والاجتماعيّة، والسياسيّة والفلسفيّة؟
شهدت العقود الأخيرة تنامي مظاهر العنف وتنوع أشكاله، وخروجه عن السيطرة والضّبط، بعد تطوير أساليبه تطورًا كبيرًا تماشيًا مع التطوّر التّكنولوجي وثورة المعلومات والاتّصالات الهائلة، واتّسعت رقعته حتى شملت جميع المستويات: المحليّة والإقليميّة والدّوليّة، ما يجعل مهمّة مواجهته ودرء أخطاره وفهم أسبابه للحدّ من آثاره المدمرة مهمّة إنسانيّة وعالميّة.
ونبدأ بتقديم تعريف وافٍ لمفهوم مصطلحي «العنف» و«الإرهاب»، من حيث اللّغة والمصطلح، وما يحملانه من معانٍ وأفكار.
المفهوم اللغويّ للعنف
يقول «ابن منظور»، في «لسان العرب»: «العُنْف من «عنّف»؛ والعُنْف الخُرْقُ بالأَمر وقلّة الرِّفْق به والشدّة والمَشَقّة وهو معالجة الأمور بالشدّة والغلظة، والعُنْف ضدّ الرفق، يقال عَنِيفٌ إذا لم يكن رَفيقًا في أَمره واعْتَنَفَ الأَمرَ أَخذه بعُنف»([3]) وجاء في الحديث» إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ»([4]). وهذا التعريف المبسط للعنف لغويًا، أي هو إلحاق الأذى بالآخر. وجاء في المعجم الوسيط أنّه: «قلة الرأفة، واللوم والقسوة الشديدين»([5]) واعتنف الأمر: أخذه بعنفٍ، وأتاه ولم يكن على علم ودراية به، واعتنف الطعام والأرض كرههما. وطريق معتنف، غير قاصد، وقد اعتنف اعتنافًا إذا جار ولم يقصد؛ والتعنيف التعبير واللوم والتوبيخ والتقريع، وهكذا تشير كلمة عنف في اللّغة العربيّة إلى كلّ سلوك يتضمن معاني الشدة والقسوة والتوبيخ واللوم. وعلى هذا الأساس فإن العنف قد يكون سلوكًا فعليًا أو قوليًا([6])، ومن خلال هذه التعريفات يُربط بين العنف واستخدام القوة القوليّة أو الفعليّة ضدّ الشخص الآخر.
هذا في اللّغة العربيّة، أمّا في معجم كامبردج الإنكليزي لعلم الاجتماع، فقد عُرّف العنف أنّه: «هو إلحاق ضرر جسدي أو إيذاء شخص لشخص آخر، وتشمل أشكال العنف الضرب والاغتصاب والتعذيب والقتل، وتتمايز أشكاله عن الأشكال غير الماديّة للسلطة الاجتماعيّة من إكراه أو قوة أو إيديولوجيا أو قوة اجتماعيّة؛ والعنف هو التعبير الأكثر تطرفًا عن القوّة باحتوائه على أقصى مكامن القوّة الكليّة، أي التدمير المادي لفاعل اجتماعي من طرف آخر، كما يمكن للعنف أن يكون تعبيرًا عفويًا عن علاقات القوة»([7]).
العنف اصطلاحًا
وفاقًا للكثير من التّفسيرات النّفسيّة والاجتماعيّة، فإنّ العنف هو السّلوك المؤدي للمّس بالآخر، سواء كان جسمانيًا أم نفسيًا، وهو شكل من أشكال العدوانيّة والتهديد للآخر، بسبب عدم الاعتراف به أو من أجل فرض القوّة عليه وإلزامه باتباع سلوك معين. وبحسب موسوعة علم النّفس الاجتماعي: «العنف يمكن أن يكون نابعًا من نزعة عدائيّة كامنة في نفس الإنسان، أو أن يكون ناجمًا عن ردّ فعل لأحداث خارجيّة كوسيلة لتمرير ما يراد تمريره، وقد يكون تفريقًا لأحاسيس مكبوتة، وقد يكون لتحقيق مآرب سياسيّة وأهداف شخصيّة»([8]). وهناك تعريفات عدّة لمصطلح العنف، منها:
1ـ من ناحية علم الاجتماع؛ عرّفته الباحثة «ليلى عبد الوهاب» أنّه: «سلوك أو فعل يتّسم بالعدوانيّة يصدر عن طرف قد يكون فردًا أو جماعة أو طبقة اجتماعيّة أو دولة بهدف استغلال طرف آخر وإخضاعه في إطار علاقة قوة غير متكافئة، اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا ما يتسببّ في إحداث أضرار ماديّة أو معنويّة أو نفسيّة لفرد أو جماعة أو طبقة اجتماعيّة أو دولة أخرى»([9]).
2ـ عرّفه بعض علماء النّفس على أنّه: «نمط من أنماط السّلوك ينتج عن حال إحباط، ويكون مصحوبًا بعلامات التوتر، ويحتوي على نيّة مبيّتة لإلحاق ضرر مادي أو معنوي بكائن حيّ أو بديل عن كائن حيّ»([10])
3ـ هو استعمال القوّة في غير محلّها بعيًدا عن الرفق، وعن الحدّ الّذي شرّعه الله، أو المتفق عليه في القوانين الوضعيّة([11])
كما تعدّدت لاتّجاهات النّظريّة المفسّرة لظاهرة العنف، إذ تقوم كلّ واحدة منها على مبادئ معيّنة، وهذه الاتّجاهات:
الاتّجاه الأنثروبولوجي: يُبرئ «جوردون ألبورت»([12])الفطرة أو الغريزة الإنسانيّة من تهمة العنف، فيعتقد الأنثروبولوجيون أنّ العنف ما هو إلاّ أزمة ثقافيّة في المنظومة المجتمعيّة تتناقل من جيل إلى آخر.
الاتّجاه السوسيولوجي: تدور النّظريات السوسيولوجيّة بالمجمل حول فكرة أنّ العمل العنيف هو مجرد سلوك تحصيلي لعوامل خارجيّة تتمثّل في المشاكل الاجتماعيّة، وأنّ السّلوك العنيف لا يختلف عن مجموع السّلوك الاجتماعي العام للأفراد.
الاتّجاه النّفسي اجتماعي: يقوم هذا الاتّجاه على أنّ العوامل النّفسيّة الذاتيّة؛ بالإضافة إلى العوامل الاجتماعيّة الخارجيّة هي الّتي تُكوّن السّلوك العنيف وتُعزّزه، وهذه الرؤية الشموليّة هي ما يُعطي لنظريات هذا الاتّجاه أهميتها وعمقها التحليلي.
ليس هناك شكل واحد من العنف، سواء كان جسديًا أو نفسيًا أو فكريًا أو لغويًا أو اجتماعيًا أو تربويًا. وهناك تعريفات متعدّدة للعنف السائد، اليوم، في العالم؛ وإذا كان العنف مرتبطًا بالصراع في معظم الأحيان، فإن هناك نوعين من العنف، الأوّل هو العنف المباشر مثل القتل والتعذيب والإيذاء الجسدي أو الحصار والعقوبات؛ والثّاني هو عنف غير مباشر، وأحيانًا يكون من ضمن ما يسمّى «الحرب النّاعمة»، وهو يتم من خلال التميّيز في النوع الاجتماعي (الجندر) أو عبر التعليم أو لأسباب دينيّة أو طائفيّة أو عرقيّة أو بسبب اللّغة واللون أو الأصل الاجتماعي. وقد يكون العنف من خلال الاستغلال وعدم إعطاء الحقوق لأصحابها من العمال والفلاحين، وعبر التمييز بين الأغنياء والفقراء في الأنظمة الاجتماعيّة والاقتصاديّة (الطبقيّة).
كما قد يبرز العنف، أحيانًا، عبر وسائل الإعلام وفي اللّغة والمشاعر والقيم والأفكار والأوجه الثقافيّة كافّة، في الروايات والإعلام والإعلانات والفنون والألعاب الإلكترونيّة. وهناك عنف اقتصادي وسياسي واجتماعي ونفسي وإعلامي وقانوني وجنسي وأسري وتربوي ومحلي ودولي، وهناك عنف رمزي وتكنولوجي وعلمي وفني. وفي قاموس «oxford» ، العنف: «Violence behavioure which harms or damages»؛ وترجمة هذا التعريف: «هو السّلوك الّذي يؤدّي إلى الدمار أو الأذيّة».
مع ذلك، يمكننا تصنيف أنواع العنف على الشكل الآتي:
العنف الجسديّ: هو أكثر أنواع العنف شيوعًا، حيث يتعرّض الشخص للضرب بمختلف أنواعه، ويقع العنف على كلّ أجزاء الجسد، أو أجزاء معينةٍ منه، أو يتعرّض لأشكال مختلفة من التعذيب الجسدي تؤثر سلبيًا على صحة جسده.
العنف النّفسيّ: هو التسبب في إيذاء الشخص، وجرح شعوره بعدّة طرقٍ وأساليب منها: التوبيخ أو الاستهزاء أو وصفه بطريقةٍ سيئةٍ أو إحراجه أمام الأخرين.
العنف الجنسيّ: هو إجبار الشخص على القيام بفعلٍ أو لفظٍ معينٍ ضمن إطار العلاقة الجنسيّة، مثل: ممارسة الجنس قسرًا أو مشاهدة الأفلام الإباحيّة أو منع تلقي الثقافة الجنسيّة أو التلفظ بعبارات جنسيّةٍ.
العنف الروحيّ: وهو يختص بأمور الدّين، مثل: محاولة تغير المعتقدات الدّينيّة لبعض الأشخاص، أو منعهم من ممارسة عباداتهم، وشعائرهم الدّينيّة.
العنف السيكولوجي: يقصد به التأثير على الشخص نفسيًّا من خلال بثّ الرعب والقلق والخوف والتوتر في نفسه.
العنف اللفظيّ: يكون باستخدام ألفاظٍ بذيئةٍ وقاسيةٍ بشكلّ نطقيّ أو كتابيّ.
العنف المجتمعيّ: هو إيقاع الأذى على شخصٍ، أو مجموعةٍ من الأشخاص، ويكون ذلك بعدّة طرق، مثل: الرجم، ختان الإناث، النفي، الزواج المبكر قسرًا، وغير ذلك.
العنف الماديّ: يظهر في استغلال شخصٍ لأخر والتصرّف في أمواله من دون علمه، أو موافقته، ومن أبرز الأمثلة على ذلك: سرقة المال، وحسابات البنوك لشخص معين، أو ابتزازه وتهديده من أجل الحصول على المال، وغيرها.
الإهمال: يقصد به التقصير في إشباع جوانب معينةٍ من الرعاية والاهتمام من شخصٍ لشخصٍ أخر، كتقصير الأب تجاه أبنائه أو الأبناء تجاه والدهم.
أمّا مصطلح «العنيف»؛ فهو الّذي يقوم بالسّلوك العنيف ويستخدم العنف: «Violent: using physical strength to hurt or kill » والترجمة: «أي الّذي يستخدم القوة الجسديّة للأذيّة أو القتل، ويكون ذلك بسبب السّلوك العنيف». وهذه التعريفات تتلاقى مع ما ورد في «لسان العرب» والنصوص العربيّة حول تعريف العنف. من التعريفات، أيضًا، حصر العنف بالسّلوك المادي، ومنها ما وسع حدوده ليتناول التهديد باستخدام العنف، وثالث توسّع أكثر من ذلك ليشمل ما يمكن تسميته بالعنف الرمزي، وآخر قدّم تعريفًا له من خلال أشكاله ومظاهره، كالعنف الأسري أو السياسي أو الاقتصادي. إزاء هذه الأراء من أنماط تعريفات العنف ارتأينا تقسيمها إلى:
أـ النمط الأوّل: هو النمط المادي للتعريف، يؤكّد أنصار هذا الاتّجاه أنّ العنف هو استخدام القوة الماديّة لإلحاق الأذى والضرر بالأشخاص، وإتلاف الممتلكات. وعرّف على أنّه: «استعمال قوة كبيرة، أو مدّمرة ضدّ النّاس أو الأشياء، استعمال القانون قوة محظورة وموجّهة لإحداث تغيير في المناهج السياسيّة، وفي أشخاص الحكومة أو نظامها، ومن ثم لإحداث تغييرات في المجتمع»([13]).
هذا التعريف يضيق نطاق ظاهرة العنف ويحصره بالعنف المادي؛ ما يؤدّي إلى إخراج العنف الرمزي من دائرة العنف. والحال أنّ العنف الرّمزي لا شكّ في كونه من أنواع العنف، والّذي قد يفوق في أثره العنف المادي، وذلك بحسب حال الممارس ضده، ومكانته. والعنف الرّمزي مهذّب بواسطة اللّغة والهيمنة والإيديولوجيات السّائدة والأفكار المتداولة، ويكون أيضّا عن طريق السّب والقذف والشتم والدّين والإعلام والعنف الذّهني. لذلك، يعرّفه المفكّر الفرنسي «بيير بورديو» (Pierre Bourdieu)( [14]) بقوله: «العنف الرّمزي هو عبارة عن عنف لطيف وعذب، وغير محسوس، وهو غير مرئي بالنسبة إلى ضحاياه أنفسهم، وهو عنف يمارس عبر الطرائق والوسائل الرمزيّة الخالصة، أي عبر التواصل وتلقين المعرفة، وعلى وجه الخصوص، عبر عمليّة التعرّف والاعتراف أو على الحدود القصوى للمشاعر والحميميات»([15]).
يمكن القول إن هذا النوع من التعريفات غير جامع؛ إذ إنّه يخرج طائفة من أنواع العنف وأشكاله من الدخول في دائرة الظاهرة، ما قد يعطي الذريعة بشرعيتها أو قانونيتها أو يوحي بذلك على أقل تقدير. كذلك أهمل التعريف التهديد باستعمال العنف للوصول إلى غرض معيّن، وكما هو معلوم أنّ التهديد لا يقلّ أهميّة من حيث تأثيره في الآخرين من استعمال العنف ذاته.
ب ـ النمط الثّاني: وسّع هذا النمط من دائرة مفهوم العنف ليشمل التهديد باستخدام القوة، إلى جانب الاستخدام الفعلي لها([16]) فمن هذه التعريفات: «العنف ضغط جسدي أو معنوي ذو طابع فردي أو جماعي، ينزله الإنسان بالإنسان، بالقدر الّذي يتحمّله على أنّه مساس بممارسة حقّ أساسي، أو بتصوّر للنمو الإنساني الممكن في مدة معيّنة»([17])
ومنها أيضًا: «سلوك أو فعل يتّسم بالعدوانيّة يصدر عن طرف قد يكون فردًا أو جماعة أو طبقة اجتماعيّة أو دولة بهدف استغلال طرف آخر وإخضاعه، في إطار علاقة قوة غير متكافئة اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا، ما يتسبّب بإحداث أضرار ماديّة أو معنويّة أو نفسيّة لفرد أو جماعة أو طبقة اجتماعيّة أو دولة أخرى»([18])
يؤخذ على هذا النمط افتقاده لبعض الشّروط العلميّة الأساسيّة للتعريف. فهو يفتقد للجامعيّة كسابقه، وإن كان قد وسّع دائرة العنف لتشمل التهديد باستخدام العنف، إلاّ أنّه لم يكن من الدّقة بحيث يُدخل ممارسة العنف الرمزي تحت تعريف العنف، والحال أنّ الكلّ متفق على أنّ العنف الرمزي نوع من أنواع العنف لا يقلّ تأثيره عن العنف المادي؛ وذلك تبعًا للحال الّتي يُمارس العنف الرمزي ضدها.
ج ـ النمط الثّالث: أفاد أصحاب هذا الاتّجاه ممّا وقع فيه أصحاب النمطين السّابقين ليقدّموا تعريفًا يخلو إلى حدّ كبير من الإشكالات. فقد ركّزوا على ظاهرة العنف كونها مجموعة من الاختلالات والتناقضات الحاصلة في البنيّة الاقتصاديّة والسياسيّة والاجتماعيّة للمجتمع؛ فقد أخضعوا الظاهرة للتحليل الدقيق من مختلف الجوانب ليخرجوا من خلال ذلك بما أطلق عليه «العنف الكلّي» أو «العنف البنائي». فقدّم أصحاب هذا الاتّجاه التعريف الآتي لمفهوم العنف: «كلّ سلوك ـ فعلي أو قولي ـ يتضمن استخدامًا للقوة، أو تهديدًا باستخدامها، لإلحاق الأذى والضرر بالذات أو بالآخرين، ولإتلاف الممتلكات لتحقيق أهداف معيّنة»([19]).
رغم وجهات النّظر المختلفة للمختصصّين الّذين درسوا مفهوم العنف، إلاّ أنّ الجميع يصفه بالظاهرة الممجوجة، بما يحمله من قيم سلبيّة لا تمت إلى القيم النبيلة بصلة، ولعلّ هذا ينشأ من أمرين: أولاً؛ الخلط بين المفاهيم، فهناك ممن يعدّه الاستخدام المشروع للقوة عنفًا، في حين يخرج هذا الاستخدام عن دائرة العنف أساسًا، كما تقدم من خلال التعريفات الّتي مر ذكرها. وثانيًا؛ ناشئ من عدم فهم المسألة فهمًا دقيقًا.
لم يفرّق الفقهاء المسلمون بين لفظتي العنف والإكراه، كما لم يحصروا آليات العنف والإكراه في الجانب المادي المحض، بل شمل تعريفهم الجوانب الفكريّة والعقليّة والروحيّة والمعنويّة كلّها المتعلّقة بالتفكير والإيمان والاعتقاد، واستندوا في ذلك إلى قول الله تعالى في القرآن الكريم: ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم ﴾»([20])، وفي قوله تعالى: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ﴾([21]) ففي الشريعة الإسلاميّة لا يخرج تعريف العنف عن معناه في اللّغة؛ فالعنف ضدّ الرفق والّلطف، وهو الشدّة والمشقة، والرفق هو لين الجانب بالقول والفعل والأخذ بالأسهل([22]).
فقد ذكر «ابن أبي الحديد المعتزلي» في معرض تفسيره لقول الإمام علي(ع): «وتنفّسوا قبل ضيق الخناق، وانقادوا قبل عنف السياق»([23])، ذكر في تفسيره للعنف المعنى: العنف بالضم وهو ضدّ الرفق. وورد عن الإمام الصادق(ع) قوله: «.. واعلم، أنّ من عنّف بخيله كدحت فيه بأكثر من كدحها في عدوه.. واعلم، أنّ لكلّ شيء حدًّا، فإن جاوزه كان سرفًا، وإن قصر عنه كان عجزًا، فلا تبلغ بك نصيحة السّلطان إلى أن تعادي له حاشيته، وخاصته، فإنّ ذلك ليس من حقه عليك»([24]). كما ذكر صاحب كتاب البحار في تعليقه على قول الإمام جعفر الصادق(ع): «ومن العلماء من إذا وُعِظَ أنف، وإذا وَعَظَ عنف»([25])، وبيان قوله من إذا وعظ على المجهول، أنف، أي استكبر عن قبول الحق، وإذا وعظ على المعلوم، عنف، أي تجاوز الحد، والعنف ضدّ الرفق»([26]).
إذن العنف هو الضرر بأنواعه لمن لا يستحقه شرعًا، هو سلوك ينطوي على استعمال غير مشروع للقوة، أو التهديد باستعمالها، وعلى توهين الآخر، بدوافع ذاتيّة وخارجيّة. لكن في الجهة المقابلة، أهم دوافع العنف الّتي يسوّغ بها مرتكبوه أفعالهم، تكمن في كونه وسيلةٌ للسيطرة على الآخرين، والنيل منهم، ويستخدمه بعضهم لتحقيق غاياتهم وأهدافهم مهما كانت الوسائل غير شرعيّة وغير إنسانيّة، ويراه بعضهم الآخر أفضل وسيلة لتفريغ شحنات الغضب الّتي تعتريهم من الداخل. كما يلجأ إليه أخرون للانتقام، والأخذ بالثأر واسترداد حقّهم المسلوب. إذ يعدّ العنف سلوكًا مكتسبًا، في كثيرٍ من الحالات، فالشخص الّذي ينشأ في جوٍ من العنف ويعيش مع أشخاصٍ يمارسون العنف بكثرة، يبدأ مع الوقت باكتساب سلوكهم العدائي، خصوصًا إذا كان يعيش الحرمان بشكل كبير يؤثر سلبًا على مجريات حياته. كما لا يمكن غضّ النّظر عن الدوافع السياسيّة، حين تكون مجموعة أو طائفة ما من النّاس يتعرّضون للاضطهاد والقمع، فيحاولون الحصول على حقهم في التعبير والوجود من خلال القيام بسلسلة أعمال من العنف ليجبرو الجهة المضطهدة على الاعتراف بهم.
كما عرّفت العلوم الاجتماعيّة العنف أنّه: «مشتق من الكلمة Violence؛ أي «استخدام القوة استخدامًا غير مشروع أو غير مطابق للقانون»، وكلمة العنف باللاتينيّة (violare) ؛ والّتي تعني ينتهك أو يغتصب، فالعنف انتهاك أو أذى يلحق بالأشخاص»([27]) يُثار في هذا التعريف قضيّة إلحاق الأذى بالأبرياء جراء أعمال العنف والإرهاب، وهي خضعت للنقاش والجدال في ظلّ اختلافات عميقة متأتية حكمًا من تعريف ذينك المصطلحين، بحيث إن كان العنف أو الإرهاب مسوّغًا، بشكل من الأشكال، فلا وجود لأبرياء يتواجدون ضمن ساحات الصراع؛ في حين يرى الطرف «المعتدى عليه» أو المتلقّي للفعل الإرهابي أنّ أولئك أبرياء حكمًا.
ماهيّة الإرهاب ومفهومه
عادةً ما تتداخل العديد من المصطلحات في المفاهيم والمضامين، غير أنّ هناك دومًا حدًا فاصلاً بين مفاهيم تلك المصطلحات؛ ومنها مصطلحا العنف والإرهاب. فالإرهاب يتقارب في المعنى أوّليًا مع العنف، إذ يُعدّ الإرهاب بمفهومه العام: «الاستخدام غير المشروع للعنف»، فهو ظاهرة قديمة جديدة، لكنّ الأضواء سُلّطت عليه في ظلّ الأزمة الأخلاقيّة الّتي يعيشها النظام الدّولي، في العقود الأخيرة، وبفعل الانتقائيّة في تطبيق قواعد القانون الدّولي والشرعيّة الدّوليّة وتوظيفها سياسيًا، ما تسبّب بزيادة أعمال العنف في مناطق مختلفة من العالم.
لا يوجد مصطلح من المصطلحات أكثر استثارة للخلاف مثل مصطلح الإرهاب، إذ اختلفت وجهات النظر وتباينت، متأثرة بالمصالح الوطنيّة أو القوميّة أو المعايير السياسيّة، ولكن لا بدّ من التوقّف عند ماهيّة هذا المصطلح ومفهومه.
أـ الإرهاب في اللغة
إذا أتينا إلى تعريف الإرهاب لغويًّا، فهي تأتي من رَهِبَ بمعنى خاف، والاسم الرَّهَبُ في قوله تعال «مِنْ الرَّهْبِ، أي بمعنى الرهبة([28]). وكلمة «إرهاب» تشتق من الفعل المزيد «أرهب»؛ ويقال أرهب فلانًا: أي خوَّفه وفزَّعه، وهو المعنى نفسه الّذي يدلّ عليه الفعل المضعّف (رَهّبَ)، أما الفعل المجرد من المادة نفسها وهو «رَهِبَ»، يَرْهبُ رَهْبَةً ورَهْبًا ورَهَبًا فيعني خاف، فيقال: رَهِبَ الشيء رهبًا ورهبة أي خافه. والرهبة: الخوف والفزع([29]). ولقد جاء في قول الله تعالى: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾([30]): أي تخوّفون عدو الله وعدوّكم. وكذلك قال تعالى: ﴿لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً »([31])؛ وقال ابن كثير في تفسيره: «أي يخافون منكم أكثر من خوفهم من الله تعالى»([32]). لكن تحديد الجهة ورد في القرآن الكريم: ﴿تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ وفي السنّة «نُصرتُ بالرعب». فالتعريف العام لكلمة «رهب»، في اللّغة العربيّة، لم يحدّد الجهة الممارسة أو الممارس ضدها الإرهاب، في حين القرآن الكريم ذكر أنّ إدخال الرّعب والفزع في قلوب الكفّار أمر محمود يُثاب المسلم عليه، وكذلك قول رسول الله(ص): «نصرتُ بالرّعب»؛ أي نصرة الله على الكفار بإدخال الرعب والخوف في قلوبهم. إذن، نجد أنّ السنّة النبويّة الشريفة قد حدّدت الممارس ضدها الإرهاب.
كذلك؛ نجد في القرآن الكريم أنّ لفظة «الإرهاب»، قد جاءت في بعض الآيات الكريمة منها: قوله تعالى: ﴿يابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُون ﴾([33]). وقوله تعالى: ﴿اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِين﴾([34]). وقوله تعالى: ﴿وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُون ﴾([35]). جميع معاني الإرهاب هذه، والّتي جاءت في الآيات الكريمة، تدلّ على معنى واحد هو الخوف والخشية والرّعب.
هذا المعنى يؤكده المفسرون المسلمون بالإجماع. فنرى أنّ لفظة «الإرهاب» فيها لا تدعو إلى العنف بالمعنى المعاصر، وهذا يعني أنّ الإرهاب ليس صناعة إسلاميّة، فالإسلام دين السلام والأمن ولم يكن دينًا إرهابيًا، والإسلام دين يقوم على مصدرين وهما: القرآن الكريم، والسنّة النبويّة الشريفة، وأيُّ من المصدرين ما دعا إطلاقًا إلى قتل الأبرياء أو ترويع الآمنين أو انتهاك حرمات البشر، سواء أكانوا مسلمين أم من أهل الدّيانات السّماويّة الأخرى. لكنّ بعض التفسيرات المغلوطة أدّت إلى لجوء بعض المجموعات المتطرّفة إلى تفسير الآيات القرآنيّة والأحاديث، بشكل منحرف، وهذا ما سنتحدث عنه بشكل مفصّل في الفصل الثّالث. ولكن تجدر الإشارة إلى أنّه في الوقت الحالي أصبح استخدام لفظة «الإرهاب» مقرونًا بلفظتيّ «التطرّف» و«العنف»([36]).
في اللّغة الحديثة، نلاحظ هناك تطوّرًا في معنى الإرهاب، فقد جاء في المعجم الوسيط: الإرهابيون: «وصف يُطلق على الّذين يسلكون سبيل العنف والإرهاب لتحقيق أهدافهم السياسيّة»([37]). وفي المنجد، نجد لفظة «الإرهابي» تدلّ على كلّ: «من يلجأ إلى الإرهاب لإقامة سلطة»([38]). والحكم الإرهابي هو نوع من الحكم يقوم على الإرهاب والعنف تعمد إليه حكومات أو جماعات ثوريّة([39]). وبناءً على ذلك، فإن المعنى العام الّذي نحن بصدده هو «الإرهاب بمعنى الإخافة»؛ وهو المعنى الأصيل في اللّغة العربيّة قديمًا، وهو المراد الآن عند قراءة النصوص لدى من يحترم سلامة اللّغة ومعانيها. وتأسيسًا على ما تقدّم، فإنّ أي معنى آخر إضافي سيكون مستجدًّا، لسبب أو آخر قد طرأ على الكلمة وأثّر في معناها، كما تقدّم في المنجد والمعجم الوسيط.
كذلك، يعرّف قاموس المحيط، والعديد من المعاجم الحديثة، لفظة «إرهاب» أنّها من مصدر «أرهب»، وهي عبارة عن مجموعة أعمال العنف الّتي تقوم بها منظمة أو أفراد قصد الإخلال بأمن الدّولة وتحقيق أهداف سياسيّة أو خاصّة أو محاولة قلب نظام الحكم. وقد يكون على مستوى دولي من أعمال ووسائل وممارسات غير مس، تمارسها منظمات أو دول، تستثير رعب الجمهور أو مجموعة من النّاس لأسباب سياسيّة بغضّ البص عن بواعثه المختلفة»([40]). والإرهاب أيضًا، «سعي لتحقيق أهداف سياسيّة عن طريق العنف والتهديد. ولقد برز الإرهاب بمفهومه العصري في العام 1968، ومنذ ذلك التّاريخ أصبح الإرهاب من أقوى الوسائل الحربيّة»([41]).
أمّا مصطلح الإرهاب في اللّغة الإنكليزيّة، فقد جاء في قاموس أوكسفورد الإنكليزي تعريف الإرهاب متفقًا، إلى حد كبير، والتعريف الوارد في لسان العرب لابن منظور في موضوع الخوف والفزع والتهديد. وكذلك حدّد قاموس أكسفورد الجهة الممارسة للإرهاب والجهة الممارس ضدها. فذكر أن هذا الإرهاب، أي الخوف أو العنف أو الفزع قد يمارسه شخص أو منظّمة ضدّ الحكومة أو ضدّ الأفراد أو الأطفال»([42])، وفيه أيضًا تعريف آخر للإرهاب أنّه: «حكم عن طريق التهديد كما وجّهه ونفذه الحزب الموجود في حكومة فرنسا، نظرًا إلى اقترافه القمع وتصفية المعارضين وقتل وتدمير المدنيين في تلك الحقبة»([43]). فنجد أنّ التعريف قد تأثر بهذه الحال، فاقتصر على الجهة الممارسة للإرهاب ولم يبين الدافع أو الباعث على ذلك، كما أنّه لم يذكر الجهة الممارس ضدها الإرهاب طبقًا لهذا التعريف.
غير أن التعريف اللاحق الّذي نقلنا جزءًا منه قد تدارك هذا القصور، وذكر أشياء لم يذكرها في التعريف الحالي، فقد تكلّم كلامًا عامًا قد ينطبق على فرنسا أو غيرها، وبيَّن الجهة الممارسة للإرهاب، سواء الحكومة أو الأفراد أو المنظّمات كما ذكر الجهة الممارس ضدها الإرهاب (الأفراد/ الأطفال). وهنا ركّز تعريف أكسفورد في «إرهاب الأفراد والأحزاب والمنظّمات»، ولم يركّز في إرهاب الحكومة ضدّ الأحزاب أو المدنيين طبقًا لمصطلح المنظومة الغربيّة.
نستخلص ممّا تقدّم نتيجة مفادها أنّ التعريفين السّابقين لمصطلح الإرهاب. كما ذكرهما قاموس أكسفورد ـ تعريفان مقتصران على الأسباب الآتية:
ـ اقتصار التعريف على دولة مثل فرنسا أنموذجًا للصورة القمعيّة، على الرغم من البون الزمني الواسع وتغيُّر الظرف التّاريخي عن إرهاب الحكومة ضدّ الأفراد.
ـ إغفال قاموس أكسفورد المنظّمات.
ـ إغفال القاموس في تعريفه إرهاب الحكومة ضدّ الأفراد.
ـ لم يذكر الباعث على إرهاب المنظّمات أو الأفراد ضدّ الحكومة، بمعنى هل يمارس الإرهاب بغرض ديني أو سياسي أو اقتصادي أو نتيجة ظلم أو استقلال ذاتي؟
هنا نجد أن تعريف أكسفورد قد يكون وليدًا نتيجة ظرف سياسي، خصوصًا بعد استقرار الحكومة الحديثة ووجود بعض المنظّمات أو الحركات الّتي تطالب بحكم ذاتي أو مستقل عن الحكومات مثل الجيش الجمهوري. وقد يكون الإرهاب شكلاً من أشكال العنف السياسي في المجتمع، وهو ما يُعرف بـ«العُنف السياسي». في هذا السياق، يورد الكاتب «تيد هندريش»، في كتابه المتمحور حول «العنف السياسي»، تعريفًا عامًا ـ كما يسميّه ـ للعنف السياسي، هو التعريف الآتي: «…فالعنف السياسي، على وجه التقريب، هو اللجوء إلى القوة لجوءًا كبيرًا أو مدمِّرًا ضدّ الأفراد أو الأشياء، لجوءًا إلى قوة يُحَظِّرها القانون، موجهًا لإحداث تغيير في السياسة، في نظام الحُكم أو في أشخاصه، ولذلك فإنه مُوَجَّه أيضًا لإحداث تغييرات في وجود الأفراد في المجتمع وربما في مجتمعات أخرى([44]).
ب ـ الإرهاب اصطلاحًا
لم نقف على تعريفٍ شرعي أو اصطلاحي لمصطلح الإرهاب، لا في النّصوص الشرعيّة ولا في كلام أهل العلم من المفسّرين والشّراح؛ لأن المجتمع الإسلامي قديمًا لم يعش هذه الظاهرة الحديثة. ولكن يمكن التعرّف إلى بعض التعريفات، والّتي تتقارب وفق المعنى المعاصر؛ منها ما نقلته موسوعة «نضرة النعيم» عن معجم مصطلحات العلوم الاجتماعيّة أنّ الإرهاب هو: «الذي يثير الرّعب في الجسم والعقل، أي الطريقة الّتي تحاول بها جماعة منظّمة أو حزب أن يحقّق أهدافه عن طريق استخدام العنف»([45])؛ أو هو القتل والاغتيال والتخريب والتدمير ونشر الشائعات والتهديد وصنوف الابتزاز والاعتداء بهدف خدمة أغراض سياسيّة واستراتيجيّة. كذلك يقول إنّ الإرهاب عنف منظّم ومتّصل بقصد إنتاج حال من التهديد العام الموجّه إلى دولة أو جماعة سياسيّة، والّذي ترتكبه جماعة منظمّة بقصد تحقيق أهداف سياسيّة([46]).
عرّفه الباحث المصري «محمد وليد عبد الرحيم» أنّه: «كل عمل عنف منظّم أو التهديد يقوم به فرد أو جماعات أو حكومات أو دول لخلق حالٍ من الخوف أو الذعر أو اليأس بقصد تحقيق أهداف سياسيّة عامّة أو اجتماعيّة أو اقتصاديّة. وتعدّ أعمالاً إرهابيّة: أعمال القمع والتوسّع والاحتيال والاستغلال والهيمنة بكلّ أشكالها الّتي تمارسها الأنظمة الاستعماريّة وأنظمة التّمييز العنصري والهيمنة الأجنبيّة. ولا تعدّ أعمالاً إرهابيّة نضال الشعوب وحركات التحرّر الوطني لأجل تقرير المصير والتحرّر والاستقلال»([47]). وفي الموسوعة السياسيّة تجد أنّ الارهاب هو «استخدام العنف ـ غير القانوني ـ أو التهديد به بأشكاله المختلفة بُغية تحقيق هدف سياسي معيّن، مثل كسر روح المقاومة والالتزام عند الأفراد وهدم المعنويات عند الهيئات والمؤسّسات، أو كوسيلة من وسائل الحصول على معلومات أو مال، وبشكل عام، استخدام الإكراه لإخضاع طرف مناوئ لمشيئة الجهة الإرهابيّة([48]).
إنمّا إذ توقفنا عند ما درجت عليه مفهوم الإرهاب في الولايات المتّحدة الأميركيّة، نرى أن بعض اللّجان الأميركيّة القانونيّة حدّدت، في العام 1975، الإرهاب في عدة أنواع([49])؛ منها:
ـ الإرهاب السياسي.
ـ الفوضى المدنيّة.
ـ الإرهاب غير السياسي.
ـ الارهاب السياسي المحدود.
ـ الإرهاب الرسمي أو إرهاب الدّولة.
أمّا وكالة المخابرات المركزيّة الأميركيّة فقد حدّدت الإرهاب، في العام 1980، كما يأتي: «الإرهاب هو التهديد باستعمال العنف أو استعمال العنف لأغراض سياسيّة من أفراد أو جماعات، سواء كانت تعمل لمصلحة سلطة حكوميّة قائمة أو ضدها، وعندما يكون القصد من تلك الأعمال إحداث صدمة أو فزع أو ذهول أو رُعْب لدى المجموعة المُسْتَهدَفَة، والّتي تكون عادة أوسع من دائرة الضحايا المباشرين للعمل الإرهابي»([50]).
أما لجنة الخبراء العرب الّتي اجتمعت في تونس، في 22 آب 1989، لوضع تصوّر عربي أوّلي عن مفهوم الإرهاب والإرهاب الدّولي والتمييز بينه وبين نضال الشّعوب من أجل التحرر، وضعت تعريفًا يعدّ أكثر الصيغ شموليّة ووضوحًا، حيث ينصّ على ” أنّ الإرهاب هو فعل منظّم من أفعال العنف أو التهديد به يسبب فزعًا أو رعبًا من خلال أعمال القتل أو الاغتيال أو حجز الرهائن أو اختطاف الطائرات أو تفجير المفرقعات وغيرها، ما يخلق حالاً من الرّعب والفوضى والاضطراب، بهدف تحقيق أهداف سياسيّة، وذلك سواء قامت به دولة أو مجموعة من الأفراد ضدّ دولة أخرى أو مجموعة أخرى من الأفراد، في غير حالات الكفاح المسلّح الوطني المشروع من أجل التحرير والوصول إلى حق تقرير المصير في مواجهة جميع أشكال الهيمنة أو قوات استعماريّة أو محتلّة أو عنصريّة أو غيرها، وبصفة خاصّة حركات التحرير المعترف بها من الأمم المتّحدة ومن المجتمع الدّولي والمنظّمات الإقليميّة، بحيث تنحصر أعمالها في الأهداف العسكريّة أو الاقتصاديّة للمستعمر أو المحتلّ أو العدو، ولا تكون مخالفة لمبادئ حقوق الإنسان»([51]).
من المفاهيم الإسلاميّة البارزة للإرهاب ذلك المفهوم الّذي قدّمه آية الله الشيخ محمد علي التسخيري([52])، «إن الإرهاب عمل ينّفذ بغرض تنفيذ أهداف غير إنسانيّة وفاسدة، وتشمل تهديد الأمن بكلّ أنواعه، وانتهاك الحقوق الّتي يقرّها الدّين والإنسان». ويشدّد «تسخيري» على أنّ مفهومه هذا لا ينطبق على بعض الحالات، مثل أعمال المقاومة الوطنيّة ضدّ القوات المحتلّة ومقاومة الشّعب ضدّ المجموعات الّتي تفرض عليهم بقوّة السّلاح ورفض الدكتاتوريات والأشكال الأخرى من الطغيان والثأر ضدّ العدوان، إذا لم يكن هناك بديل لذلك والمقاومة ضدّ التفرقة العنصريّة».
لافت، أيضًا، تعريف المجمع الفقهي الإسلامي للإرهاب([53]) أنّه: «العدوان الّذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغيًا على الإنسان دينه ودمه وعقله وماله وعرضه، ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حقّ، وما يتّصل بصور الحرابة وإخافة السبيل وقطع الطريق، وكلّ فعل من أفعال العنف أو التهديد بقع تنفيذًا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي يهدف إلى إلقاء الرعب بين النّاس أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم أو أحوالهم للخطر، ومن صنوفه إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق والأملاك العامّة أو الخاصّة، أو تعريض أحد الموارد الوطنيّة أو الطبيعة للخطر، فكلّ هذا من صور الفساد في الأرض الّذي نهى الله سبحانه وتعالى عنه»([54]).
إذ يمكن القول إنّ الإرهاب فعلٌ يصدر من معتدٍ ولأي سبب كان سياسيًا أو ماليًا أو دينيًا أو جنسيًا، أو عدوانًا شخصيًا لأسباب نفسيّة واجتماعيّة. وهذا الإرهاب قد يصدر عن سلطة ظالمة أو دولة محتلّة لشعب، أو يصدر عن جماعة أو فرد؛ إنّما هو فعل موصوف معرّف ومحدّد؛ لذلك فكلّ فعل ينطبق عليه هذا الوصف والتعريف فهو إرهاب، بغض النظر عن القائم به، فردًا كان أو دولة أو جماعة.
هذا التفسير للعنف المتبادل، سواء بين شخصين أو بين جماعتين أو بين فرد وجماعة أو بين جماعة ودولة..، يفسّر لنا خطورة انتشار العنف في العالم، وكيف يتحوّل من عنف يمارس باتجاه واحد إلى عنف متبادل، بحيث يؤدّي كلّ عنف إلى ردّ فعل مماثلة. وبذلك ندخل في دورة خطيرة من دورات العنف المتبادلة، والّتي لا تنتهي إلاّ إما بانتهاء قتل أحد الأفراد، أو نهاية جماعة معيّنة أو مجموعة مجتمعيّة (الإبادة، القتل والإخضاع) أو سيطرة دولة على دولة أخرى. وفي حال تعادل العنف بين الجماعتين أو البلدين تكون النتائج كارثيّة، وقد تضطر الدّولة الّتي تملك السلاح الأقوى إلى استخدام أقصى ما لديها من قوةـ، كما حصل باستخدام الولايات المتّحدة الأميركيّة القنبلة النوويّة ضدّ اليابان في الحرب العالميّة الثّانية، أو كما يحصل من مجازر ضدّ جماعات معيّنة في بلد ما، أو استخدام أقصى درجات القوة في الصراعات السياسيّة أو الدّينيّة.
إذن كيف يمكن أن ينظر للعنف من منظورٍ أو اجتماعي أو سياسي أو فلسفي أو تربوي؟ وكيف يفسّر علماء الدّين والمفكّرون والفلاسفة العنف؟ ومتى يكون العنف مقبولاً وشرعيًا؟ ومتى يتحوّل إلى عنف مرفوض ومدان في المجتمع؟ ومَنْ يحق له استخدام العنف، سواء على صعيد الفرد أو الجماعة أو السّلطة الحاكمة؟ وما علاقة العنف بالإرهاب؟
يؤدّي التعصّب والتطرّف إلى العنف، وقد يقود إلى الإرهاب، ويستهدف العنف في العادة ضحيّة أو ضحايا بعينهم. في حين أنّ الإرهاب هو استهداف مجموعة من السّكان بهدف إحداث نوع من الرعب والفزع في المجتمع وإظهار الدّولة بمظهر الضعيف والمعاجز عن حماية الأمن. وإذا كان العنف يخضع للقانون الجنائي الوطني، فالإرهاب يخضع إليه أيضّا إذا حصل داخل الدّولة نفسها. لكنّه، أيضًا، يخضع للقوانين الدّوليّة، خصوصًا إذا كان للأمر علاقة بجرائم ضدّ الإنسانيّة أو جرائم الإبادة الجماعيّة أو جرائم الحرب. كما أنّ الإرهاب يتجاوز التطرّف، لأنّه ينتقل من الفكر إلى العقل، وكلّ إرهاب هو عنف جسدي أو نفسي، مادي أو معنوي. لكن ليس كلّ عنف هو إرهاب، فأحيانًا يكون العنف دفاعًا عن النّفس أو المقاومة للعدوان ـ كما تبيّن معنا أعلاه ـ وبحسب المفكّر الأميركي «نعوم تشومسكي»: «الإرهاب هو كلّ محاولة لإخضاع أو قسر السّكان المدنيين أو حكومة ما في طريق الاغتيال والخطف وأعمال العنف، بهدف تحقيق أهداف سياسيّة، سواء كان الإرهاب فرديًا أو تقوم به مجموعات أو تمارسه دولة، وهذا الأخير هو الإرهاب الأكثر خطورة»([55]).
مفهوم «تشومسكي» للإرهاب يثير إشكاليّات عديدة حول تحديده وعدم التمييز بين «إرهاب الأفراد» و«إرهاب الدّولة»؛ ذلك لأنّ هناك دولاً تمارس الإرهاب بحق الشّعوب. وأدّى هذا الرّبط بين إرهاب الأفراد وإرهاب الدّول إلى وجود صعوبات جمّة على صعيد تعريف الإرهاب في المجتمع الدّولي والمؤسسات الدّوليّة. فهذه المؤسسات تحاول اقتصار التعريف بالأفراد والجماعات من دون الحديث عن الدّول. وهي لا تميز بين «الإرهاب» و«المقاومة»، أي العنف الّذي يمارسه الأفراد دفاعًا عن أنفسهم أو بلادهم في وجه المحتلّين أو المعتدين، علمًا أنّ القوانين الدّوليّة ـ هذا ما أقرّته أيضًا المادة 51 من ميثاق الأمم المتّحدة([56]) ـ ترى حق اللجوء إلى الدفاع عن النّفس باستخدام جميع الوسائل المشروعة بما فيها القوة العسكريّة لتحقيق الاستقلال والسيادة للأوطان. ولقد نوقشت مسألة الإرهاب الدّولي قبيل الحرب العالميّة الثّانية، وفي العام 1937 تمّ التوصل إلى إبرام اتفاقيّة دوليّة بخصوص الإرهاب الدّولي، وحاولت هذه الاتفاقيّة توصيف الأعمال الإرهابيّة في المادّة الأولى منها بأنها: «الأعمال الإجراميّة الموجّهة ضدّ دولة، وتخطط إلى إحداث حالٍ من الرعب في أفكار أشخاص معنيين أو مجموعة من النّاس لدى العامّة([57]).
الهوامش
([1]) هذه المقالة جزءٌ من أطروحة دكتوراه للباحث في جامعة القدّيس يوسف (كلّيّة العلوم الدّينيّة)، وهي بعنوان: “العنف الدّيني بين النّصوص المؤسّسّة والمتغيّرات السّياسيّة والاجتماعيّة (من الخوارج الى تنظيم داعش)”، بإشراف: الأب الدكتور عزيز حلاّق.
([2]) باحثٌ وكاتبٌ في الفكر الدينيّ والسياسيّ المعاصر.
([3]) ابن منظور، جمال الدّين محمد بن مكرم، لسان العرب، دار صادر، بيروت، طبعة ثالثة 1994م، ج9، ص257.
([4]) مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابورى، أبو الحسين، صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، المحقق: نظر بن محمد الفاريابي أبو قتيبة، باب فضل الرفق، رقم: 2593.
([5]) المعجم الوسيط، مكتبة الشروق الدّوليّة، طبعة 4، 2005، ص631.
([6]) حسنين، توفيق إبراهيم، ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية 1771 ـ 1985م، مركز دراسات الوحدة العربية، سلسلة أطروحات الدكتوراة (17) الطبعة الأولى يناير 1992م، صفحة 40 ـ 41.
([7]) Bryan S. Turner, the Cambridge dictionary of sociology, Cambridge, U.K. Cambridge University Pres, , 2006, p.651.
والترجمة أخذت من دراسة “العنف الرمزي عبر الشبكات الاجتماعية الافتراضية ” لعائشة لصلح الصادر عن مؤسسة مؤمنون بلا حدود ص6، 8، يونيو 2016.
([8]) رزق، أسعد، موسوعة علم النّفس، مراجعة عبد الله عبد الدايم، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط2، 1979.
([9]) عبد الوهاب، ليلى، العنف الأسري الجريمة والعنف ضدّ المرأة، دار المدى للطباعة والنشر، سوريا، 1994، ص 16.
([10]) شكور، جليل وديع، العنف والجريمة، الدار العربية الناشرون، بيروت ـ لبنان، 1997، ص 32.
([11]) أبو زنيد، محمد سالم، موقف الإسلام من ظاهرة العنف، رسالة ماجستير، ص14.
([12]) ألبورت، جوردون ويلارد (Gordon Allport) (1897 ـ 1967) عالم نفس أميركي، كان من أوائل علماء النّفس الّذين اهتموا بدراسة الشخصية. وأسهم «ألبورت» في تأسيس معايير القيم ورفض منهج التحليل النّفسي للشخصية، كما رفض أيضًا منهج السّلوك، فقد كان يرى أنّه ليس عميقًا بالقدر الكافي، وكان دائمًا يؤكد على تميّز كلّ فرد، وعلى ضرورة دراسة حاضره، وليس ماضيه لفهم شخصيته.
Oxford, dictionary for learnes of English, oxford university press, 2000, p724.
([13]) هندريش، تيد، العنف السياسي.. فلسفته أصوله أبعاده، ترجمة عبد الكريم محفوظ، وعيسى طنوس، ط1، 1986، ص141.
([14]) الباحث الفرنسي بيير بورديو (1903 ـ 2002) أغنى السوسيولوجيا المعاصرة بمجموعة من المصطلحات والمفاهيم الإجرائية الّتي لا يمكن تجاوزها في البحث السوسيولوجي أو مقاربة الظواهر المجتمعية والثقافيّة والتربويّة نظرية وتطبيقا ورؤية، مثل: العنف الرمزي، وإعادة الإنتاج، والحقل الاجتماعي، والهابيتوس، والرأسمال الثقافي، والبنيوية التكوينية، والمدى الحيوي..إلخ.
([15]) Pierre Bourdieu, La domination masculine, 1991, p88. والترجمة مأخوذة من مقال في موقع لغو: https://www.laghoo.com/2017/02/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%86%D9%80%D9%80%D9%80%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%85%D9%80%D9%80%D9%80%D8%B2%D9%8A-%D8%B9%D9%86%D8%AF-%D8%A8%D9%8A%D9%8A%D8%B1-%D8%A8%D9%88%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D9%88/
([16]) إبراهيم، حسنين توفيق، ظاهرة العنف السياسي في النظم العربية، مرجع سابق، ص42.
([17]) مجموعة من المتخصصّين، المجتمع والعنف، ترجمة: إلياس زحلاوي وأنطون مقدسي، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، ط3، 1993، ص 148 ـ 149.
([18]) عبد الوهاب، ليلى، العنف الأسري.. الجريمة والعنف ضدّ المرأة، مرجع سابق، ص16
([19]) هندريش، تيد، العنف السياسي.. فلسفته أصوله أبعاده، مرجع سابق، ص 45.
([22]) الزمخشري، الفائق في غريب الحديث (2/12) صفحة 243.
([23]) ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج6، الباب89، ص395.
([24]) المحقق النوري، مستدرك الوسائل، ج12، الباب2، الرواية 13844.
([25]) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج2، الباب 17، الرواية11، ص109.
([26]) المصدر نفسه، ج2، الباب 17، ص109.
([27]) المعجم الفلسفي: مراد وهبه، دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، 1998، ص:477 نقلا عن موقع إيلاف:
https://elaph.com/Web/ElaphWriter/2008/10/376974.htm
([28]) لسان العرب، لابن منظور أبو الفضل جمال الدّين محمد بن مكرم، دار صادر ودار، بيروت، 1955م ـ 1374هـ، 8/337، بتصرف.
([29]) القاموس المحيط، مجد الدّين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط 2، 1407هـ/ 1987م، باب الباء فصل الراء، ص 118.
([32]) ابن كثير، الإمام عماد الدين أبي الفداء بن كثير القرشي الدمشقي المعروف بإبن كثير، تفسير القرآن العظيم للإمام إبن كثير، دار إبن الجوزي، بيروت ـ لبنان، طبعة 1989، ج2، ص 298.
([36]) جمعة، يوسف ملاّ، الإرهاب، المطلب الأوّل، ص5، 2010 م.
([37]) المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، ط2، القاهرة 1972م، ص 282.
([38]) المنجد في اللغة، دار المشرق، بيروت، ط 29، 1986م، ص 280.
([40]) الفيروز أبادي، قاموس المحيط، دار الأضواء، بيروت ـ لبنان، طبعة العام 1992، ص 326.
([42]) السباعي، هاني، تعريف الإرهاب في المنظومة الغربية، دراسة خاصّة. https://resalapost.com/2019/08/16/%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%8A%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9/
([43]) Oxford,dictionary for learners of English, oxford university press, 2000, p678.
([44]) هندريش، تيد، العنف السياسي فلسفته أصوله وأبعاده، مرجع سابق، ص 22 ـ 23.
([45]) عز الدين، أحمد جلال، الإرهاب والعنف السياسي، مجلة الحرية، العدد 10، دار الحرية للصحافة والطباعة والنشر، رجب 1406 هـ ـ مارس/ أذار 1986، ص20.
([47]) سويدان، أحمد حسين، الإرهاب الدّولي في ظل المتغيرات الدّوليّة، الطبعة الثّانية، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 2009، ص 32.
([48]) زكريا، عبد السلام، الإرهاب بين الأمس واليوم، دار غريب، بيروت،،ط د.ت 15.
([49]) علوّ، احمد (عميد متقاعد) ، مجلة الجيش اللبناني ، https://www.lebarmy.gov.lb/ar/content/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B1%D9%87%D8%A7%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85%D9%87-%D9%88%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%87-%D9%85%D9%86-%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%BA%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%B1
([50]) علو ، احمد ، مجلة الجيش اللبناني ، مصدر سابق.
([51]) سويدان، أحمد حسين، الإرهاب الدّولي في ظل المتغيرات الدّوليّة، مرجع سابق، ص 56.
([52]) مستشار الرئيس الإيراني للشؤون الثقافيّة والأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلاميّة في طهران، قدّم هذا التعريف في ورقة عمل تحت عنوان «نحو تعريف للإرهاب»، للمؤتمر الدّولي للإرهاب الّذي عقدته منظّمة المؤتمر الإسلامي، ونشرته مجلة التوحيد الإيرانية في المجموعة الخامسة رقم 1 لسنة 1987.
([53]) في اجتماعه في 10 كانون الثّاني 2002 في رابطة اللقاء الإسلامي في مكة المكرمة في دورته السادسة عشرة.
([54]) علو، أحمد، الإرهاب في مفهومه وتداعياته من تحديد اللغة إلى تباين وجهات النظر، مجلة الجيش اللبناني، العدد 340، تشرين الأوّل 2013.
([55]) تشومسكي، نعوم، القوة والإرهاب وجذورهما في عمق الثقافة الأميركيّة، ترجمة إبراهيم يحيى الشهابي، دار الفكر، دمشق، 2003، ص 159.
([56]) تنصّ المادة 51 في ميثاق الأمم المتّحدة (الفصل السابع) حسب موقع الأمم المتّحدة على: ليس في هذا الميثاق ما يضعف أو ينتقص الحق الطبيعي للدول، فرأدّى أو جماعات، في الدفاع عن أنفسهم إذا اعتدت قوة مسلحة على أحد أعضاء «الأمم المتّحدة» وذلك إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم الأمني الدّولي، والتدابير الّتي اتخذها الأعضاء استعمالاً لحق الدفاع عن النّفس تبليغ إلى المجلس فورًا، ولا تؤثر تلك التدابير بأي حال فيما للمجلس، بمقتضى سلطته ومسؤولياته المستجدة من أحكام الميثاق، من الحق في أن يتخذ في أي وقت ما يرى ضرورة الاتخاذ من أعمال لحفظ السلم والأمن الدّولي أو أعاد منه إلى نصابه.
([57]) League of Nations OJ No.19 at 23, 1938 Docc456 (1) M (1) 1937 ـ 1938 من مكتبة الكونغرس الرقمية، 3 ـ 4 ـ 2020.