من وجهة نظر الميرزا القمّي
د. السيد حسين المدرّسي الطباطبائي(*)
تتلمذ الميرزا القمّي ـ وهو أبو القاسم بن حسن الجيلاني، محقِّقٌ، وصاحب القوانين، وقد توفّي 1231هـ.ش ـ في العلوم النقلية، والفقه خاصّةً، على أيدي علماء كبار، وأساتذة عظام. ولأنه كان يتمتع بطاقات علمية هائلة، ولما بذله من الجهد في التحصيل والتحقيق، وصل إلى مقام عالٍ في هذه العلوم، بحيث صارت آراؤه في الأمور الفقهية وفي الأصول مورد اهتمام المتأخِّرين والمعاصرين على السواء، كما أن آثاره المكتوبة لا زالت مدار البحث والدرس والشروحات المختلفة، ما بين تعليق ونقد وردّ.
في ترجمة العلماء جاء في ذيل الحديث عن أحوال وآثار الميرزا القمّي أنه تتلمذ في العلوم العقلية عند أحد أساتذة هذا الفنّ، وتبين من خلال البحث في آثاره أنه كان مثابراً في التعرُّف على مباني الفلسفة والعرفان من خلال دراسة المتون المتداولة. والظاهر أن هذا هو السبب في عدم تعرُّفه بشكلٍ صحيح على مباني الفلسفة، وبالأَوْلى العرفان؛ حيث إن أخذها من الأساتذة؛ لمعرفتها على حقيقتها، والإحاطة بمكنونها، ضرورةٌ لا مفرّ منها؛ إذ لا تكفي دراسة المتون المتداولة، ولذلك لم يرهما على شيء من العلم والحقّ. لم يكن الميرزا القمي يرى فرقاً بين الصوفية والدروشة، حتّى أنه كان قاسياً في تعامله مع مشايخ الصوفية، بل أنزل الفلاسفة والحكماء والعرفاء منزلة الصوفية والدراويش في الحكم؛ بسبب تشابه بعض المصطلحات، وتقاربهم ظاهرياً في بعض من المعتقدات. ومهما يكن فإن مبانيه في الاجتهاد في العلوم النقلية، وخاصة في الفقه، جعلته لا ينظر بعين الرضا إلى بعض الفلاسفة، وبعض مقالاتهم، التي كان يراها تتعارض على ما يبدو مع ظواهر الشرع، وكان يعبِّر عن غيظه منهم في جوانب وحواشي كتبه وآثاره. لكنْ لم يكن يترك هذا الموقف يخرج عن حدِّه الطبيعي؛ نظراً لأنه كان في غاية الاحتياط من جهةٍ، ومن جهة أخرى لم يجد بين الفلاسفة والعرفاء مَنْ يخدش في ظاهر تديُّنه بأصول الشرع، والتزامه بالسلوك الديني العام.
من خلال تفحُّص آثاره يتبين أنه كان كثيراً ما يرى أن أقوال الفلاسفة والعرفاء، والتي قد تكون مخالفة لظواهر الشرع، لا يمكن أخذها بنفس مفادها الظاهري والمدلول الابتدائي، بل لا بُدَّ من تأويلها لما يتوافق والشرع المقدَّس.
من الآثار التي تركها الميرزا القمّي كتابان في نقد الفلسفة ومبانيها:
1ـ خطاب إلى فتح علي شاه، والتي صنفها في أواخر أيام حياته، وبالضبط في سنة 1230هـ. هذا الخطاب هو في الحقيقة رسالة مفصلة ومبسوطة ضمَّنها الميرزا القمي انتقاداته لمباني الفلاسفة، وإيراداته عليها. وهناك تفصيلٌ لهذه الرسالة في مقالٍ لنا تحت عنوان «الميرزا القمّي والتصوّف»([1]).
2ـ حاشيته على الرسالة الرقمية النورية، للحكيم الملا علي النوري(1246هـ)، في شرح قاعدة «بسيط الحقيقة كلّ الأشياء»، وهي رسالة كتبها الملا علي النوري بطلبٍ من الميرزا القمّي، حيث طلب منه أن يضمِّنها مقالة الفلاسفة في وحدة الوجود، ويشرح آراءهم ونظرياتهم بشكلٍ تام. وقد ذكر الملا النوري هذا في ديباجة الرسالة، وذكر أنه بين فيها نظريات الفلاسفة في مسألة وحدة الوجود بأسلوبٍ فصيح ومتقن، وضمّ إليها بحثاً في عدة صفحات حول مسألة «أصالة الوجود» ـ الظاهر أن ذلك كان بطلب من الميرزا القمّي كذلك ـ، وهو المبحث القاعدة والأساس لنظرية وحدة الوجود.
وقد اطلع الميرزا القمّي على الرسالتين بشكلٍ دقيق، وأوردهما تحشية وتعليقات مفصلة، عمد فيها إلى تجزئة وتحليل كلّ الآراء الواردة فيها، وإلى نقدها والردّ عليها. وقد تعرَّضنا لجزءٍ منها في مقالتنا «الميرزا القمّي والتصوُّف».
وقد وصلت إلى الملا علي النوري هذه الحواشي والتعليقات، وقام مجدَّداً بتصنيف رسالة أخرى عمل فيها على الرد على اعتراضات الميرزا القمي وانتقاداته. ومما جاء في مقدمة هذه الرسالة: «مولانا دام علوه. إنك لم تفهم كلامنا، ولم تدرك مقصودنا، بل إن ما اعترضت عليه وانتقدته هو في الواقع مجرّد حدسك، وتخميناتك التي حملتنيها وأنطقتنيها، لذا فأنت إنما اعترضت على نفسك، وليس على مقاصدي في الرسالة».
توجد نسخة غير تامة لهذه الرسالة في مجموعة برقم 17190، بمكتبة مجلس الشورى([2]). وفي ذيلها رسالة الوجود والرقمية النورية.
في العرفان والمباني العرفانية ترك لنا الميرزا القمي مصنفات، رغم أنه كان يرى العرفان والتصوف جنساً واحداً، ولم يكن يرى فصلاً بين الأفكار العرفانية العالية والأقاويل المنحرفة والجاهلة لفرق الدراويش والمتصوّفة. لكنْ رغم هذا الموقف الصارم لم يكن يمتنع عن تذوّق أشعار المثنوي مولانا، حيث كانت له معرفة كاملة بها، حتّى ظهر على بعض كتابته لونٌ عرفانيٌّ ـ بالطبع إلى مستوى خاصّ ـ. ومن بين تلك المصنَّفات: العرفان الشيعي([3])، وهو قسمٌ من بداية كتاب «التقريرات»، لتلميذه محمد حسن بن مؤمن بن محمد صالح نور بخشي ـ وهو تقريرات لدروس الميرزا القمّي في الفقه والأصول ـ، والظاهر أنها في الأصل قسم من دروس الميرزا القمّي. ونور بخشي هو الذي قام بتلخيص وترتيب مجموعة أسئلة وأجوبة في مجلّد واحد، وجعل لها عنواناً: «جامع الشتات»([4]).
في هذه المجموعة المنتخبة نظر الميرزا القمي في مفاد ومعنى ثلاث أبيات لحافظ وسعدي والمجنون العامري، وأورد شروحاته لها. وتكشف لنا عن مذاق الميرزا العرفاني، وكيف ترشّفها روحياً ومعنوياً. ننقلها دليلاً واضحاً على التوجه العرفاني الخاص للميرزا القمي، الذي ما فتئ في كتاباته ينتقد العرفان، ويعتبره مجرد خبطة عشواء([5]). وهي كالتالي:
السؤال: بيِّنوا لنا من فضلكم معنى بيتي «حافظ»:
أيها الساقي…، إن الحديث عن «السرو» و«الورد» و«الشقائق» يذهب…
و هذا البحث مع ثلاث غسالات يذهب…
فأدر الخمر…. فقد بلغت عروس الجميلة حدّ الحسن…
و أخرج أمر هذا الزمان عن صناعة الدلالة…([6]).
الجواب: لقد تكلم الكثيرون في معنى «ثلاثة غسالة»، وحاول كل واحد منهم أن يثبت مقالته. لكننا لم نستحسن منها شيئاً، رغم كونهم من أهل العرفان وصناعة الشعر. وأظنّ أن المراد بها الماء والخضرة والوجه الحسن، كما في الشعر المعروف:
ثلاثة تجلو عن القلب الحزن *** الماء والخضراء والوجه الحسن
فهذه الثلاثة تجلو عن القلب غبار الغم والهم والحزن. ولعل حافظ، بناءً على طريقة أهل الذوق والشعر، كان يريد المعنى التالي: أيها المرشد الحقيقي، ناولني نبيذ عرفان المحبوب الحقيقي، فقد آن أوانه؛ لأني رأيت جاذبية المحبوبات المجازية فيها دلالة إلى المحبوب الحقيقي. فحين تراءى لي لمعانه أدركت طريق محبوبي الحقيقي؛ لأن أسلوب العرفاء المجاز، وهم على عقيدة: المجاز قنطرة الحقيقة.
إذن هو يقول: إننا مشغولون بـ «السرو» و«الورد» و«الشقايق»، وما هي إلا معشوقات مجازية، بجانب الماء الزلال والخضرة ومصاحبة الوجوه الحسان. فعروس الربيع الجديدة ـ كناية عن المحبوب المجازي ـ قد وصلت حدّ الحسن (ومراده من العشب (چمن) دار الدنيا الفانية، والعروس الجديدة ملذّات دار الغرور). ولأن حسنها قد وصل حدّ الكمال فقد حان الوقت لكي نرى بعين القلب جمال وكمال المحبوب الحقيقي، لذا فاسْقِنا من نبيذ العلم والمعرفة؛ حتّى نبلغ المقصود.
السؤال: ما معنى شعر سعدي حيث يقول:
هزار باديه سهل است با وجود تو رفتن أگر خلاف كنم سعدي به سوي تو باشم.
الجواب: يبدو أن مراد سعدي هو أنه في البوادي أسرار القدر ومشكلات المقدّرات الإلهية، التي تخرج من مكمن القضاء والغيب إلى مرحلة الظهور والشهادة. وَهْم الإنسانية فيه حيران، والعقول الناقصة به منشغلة وهائمة، وكلّ مَنْ منحه الله مرتبة الفناء في الله والبقاء بالله يكون قطع البوادي عليه سهلاً يسيراً، وكلّ مَنْ نسي وجوده وتجاوز ذاته، وتخلّى عن غواشي النفس ووساوس الواهمة الشيطانية، وتجاوزها، وانشغل بوجود الحقّ ـ جلَّ شأنه ـ، فإن كلّ تلك المشكلات ستكون سهلة الحلّ، وسينظر إلى كلّ ما يلقاه من آفات وشرور على أنها نِعَم إلهية عليه، وخيرات سماوية، وسيستحسن القبائح الظاهرية، من ظلم وعبث وغيرهما، وسيجد فيها درس عبرة. وإذا كان تعامله مع كلّ تلك بالعكس، بحيث يرفض تلك الآفات والشرور، ويرى في كلّ تلك الأفعال الإلهية شرّاً له وأذى، آنذاك سيتّضح أنه لا زال متعلِّقاً بهوى نفسه، ولا زال متعلِّقاً بعالم المادة.
مقصود سعدي إذن هو: إلهي، كلما غبت أنا وكنت فقط أنت كنت مع وجودك وغائباً عن نفسي. لن أكون في شقاق معك، وسأكون عبدك، وسأقطع آلاف بوادي المشكلات، ولن أرتكب ذنباً في حقّك. وبأسلوب الالتفات ينتقل من مخاطبة الله سبحانه وتعالى في صدر البيت الأول (تو) ليخاطب نفسه في عجز البيت (تو). يا سعدي، إذا خالفتُ وبدا منّي الضجر والرفض، وفي هذه الصحراء التي أريد أن أجد فيها حلاًّ لمشاكلي، ضللت الطريق، في الوقت الذي تميل فيه نفسك إليك، وأريد أن أكون معك ـ يعني في عالم الوَهْم والوسواس والتخيُّلات، التي هي من جنس الحيوان والغفلة عن الحقّ ـ. يا سعدي، إذا كنت حقّاً هو، وعشقك هو، فإن كل المشكلات تهون، لكنْ إذا صرت في طريق العشق أنا «أنا»، وغابت أنا «هو»، صار الخلاف والشقاق.
وهذا الشعر لا بُدَّ له من تأويل ـ حَسْب رأي الميرزا القمّي ـ، وتأويله على القياس الاستثنائي، حيث استثناء نقيض التالي ينتج نقيض المقدّم، وتقريره كالتالي:
لو كنت معه فلن يكون عندك اختلاف معه، لكنْ عندك اختلافٌ معه فالنتيجة أنتَ لستَ معه، بل مع نفسك.
لكنْ من باب التبرّي، حيث يقبح ظاهريّاً ادّعاء المخالفة والنزاع مع الله سبحانه وتعالى، يكون الاستثناء على سبيل التعليق، ويكون بعبارة أخرى كالتالي:
يا سعدي، إذا كنت مع المرشد الحقيقي في الصحراء المشبوهة فإن فكرك وعبرتك لن تضلّ، ولن تخرج عن جادّة الصواب، لكنْ إذا وقع لك اختلاف فاعلم أنك لا زلت في نفسك، ولم تتحرَّر من وجودك.
وكذلك شعر حافظ الشيرازي ينهل من نفس المعين الذي نهل منه سعدي، حيث يقول ما ترجمته:
أرى أنا العبد الحقير ـ مع الابتعاد عن مصطلحات الشعراء وأهل العرفان ـ أن مقصوده من تاب (عقدة) جعد (ملتويات) مشگين (المسك الاسود = العنبر) أن كلّ هذه العقد والحواجز والمشكلات من أسرار القدر. كما في جاء في رواية الإمام علي×: «وادٍ مظلم فلا تسلكوه».
فلأنه وسيعٌ ومظلم تناسب مع العقد والالتواءات، تناسب مع الوادي المظلم، ولكنّ رائحة المسك التي تفوح منه هي أثرٌ من حقيقته، التي لا تنكشف على عينيتها.
وهي بالطبع صور المسك المخبوءة في الكيس، والخبر الذي في مكمن الغيب، رائحتها تكشف عن كمال الذات المقدّسة، وتنزّهها عن كلّ نقائص وقبائح تصل رائحتها إلى مشام الإدراك، وعينها التي هي حقيقة رائحة المسك، والتي ليست محض الوَهْم والخيال، لا تفهم إلا بإعانة من ريح الصبا ـ البارقة الإلهية ومدد الفيض اللامتناهي ـ. ففي الأخير رائحة كيس المسك هي في حقيقتها رائحة ريح الصبا ـ الفيض الإلهي ـ، هذا الكيس ينفتح من عقد تلك الصورة السوداء ـ التي هي أسرار القدر ـ. كم من الدماء تتدفق في قلوب السالكين بسبب تلك الالتواءات التجعُّدات والإشكالات، فتكون رائحة كيس المسك دافعاً لاستكشاف المسك وتلك العقد والالتواءات والمشكلات من أسرار القدر الإلهي من موانع الوصول، وتجعل القلب غارقاً في الدماء، لكنّ ريح الصبا والفيض الإلهي في الأخير تفتح عقدة كيس المسك، ليظهر المسك واضحاً من داخل الكيس، والرائحة في الحقيقة فيضٌ عن الكيس، وليست ما في الكيس. ويؤيِّده بيت آخر لحافظ يقول فيه:
پير ما گفت خطا بر قلم صنع نرفت آفرين بر نظر پاك خطا پوشش باد
والظاهر أنه يشير إلى رد شبهة الثنوية المجوسية، ومقصوده من تغطية الخطأ وتلبيسه أن ما يبدو ظاهراً من الخطأ من الشرور والآفات ليس من الخطأ، بل هي عين الخير والصواب. فهي كلّها من صنع الصانع، وفي عين حقيقتها خير محض. وفي المدة التي تذكرت هذا المعنى لشعر سعدي وقع في خاطري بيتٌ آخر يؤيِّد ما قلته ما ترجمته: (إنه أمر حتميّ ومقرَّر أن تعرف أنك اذا أردت الوصال بدون واسطة فإنك ستبتعد عن المقصد، وتضلّ الطريق) .
سؤال:
قال المجنون العامري:
أتوب إليك يا رحمن ممّـ *** ـا جنيت فقد تكاثر الذنوب
وأما من هوى ليلى وتَرْ *** كي زيارتها فإني لا أتوب
فما معنى عطفه ترك الزيارة على ترك هوى ليلى؟
الجواب: في نظر هذا الحقير أن مراد مجنون ليلى: إلهي، إني أتوب إليك من كلّ ذنب إلاّ من حبّ ليلى، فإني لا أراه ذنباً، بل أراه خيراً، وتركي لزيارة ليلى (وكأنّ أحدهم قال له: ما دمتَ ترى حبّ ليلى خيراً فلماذا تركت زيارتها، مع قدرتك عليها؟! فأجابه: ترك الزيارة) كذلك خير، وليس هناك منافاة بين كثرة المحبّة وترك الزيارة؛ فإني لا أتوب من أيٍّ منهما. وهذا البيت له طرق عديدة يمكن أن نفسِّره بها. فبطريق العرفاء ومشربهم نقول: إن محبة المجنون لليلى إنّما هو من باب العشق الإلهي؛ لأنها هي مظهر جماله، فالمجنون يريد معنى ليلى، وليس شخصها، لذلك لا تكون له الزيارة؛ لأن الزيارة من توابع الملاقاة الحسية.
1ـ عيب جويي «ظاهر الإنسان» قال للمجنون: لماذا لا تبحث عن معشوق يكون أكمل من ليلى، التي مهما كانت حسناء فلا تخلو من عيب.
2ـ لكنّ المجنون غضب من كلام (عيب جويي)، وأظهر غضبه، وقال له ضاحكاً:
3ـ لو اكتويت بعشق ليلى، ونظرت لليلى كما ينظر المجنون لها، لما رأيت في ليلى غير الحسن والحسن.
وهناك بعض مَنْ يروي أن شخصاً أخذته الرأفة بمجنون ليلى، فسعى إلى أن يحضرها إلى جانبه، وأطلع المجنون على ذلك، فردّ عليه المجنون: إنني في مقام من الحبّ لا حاجة لي فيه بلقاء الحبيب.
ومن الممكن أن يكون مراده أن اللقاء من سوء الأدب، وأنا أكتفي بمحبته، حيث عرف عن عبد الله بن مُسْكان ـ وهو من أعاظم صحابة الأئمّة ـ قلّة حضوره بين يدي الإمام، ولم يكن يروي عن الإمام إلاّ نادراً؛ مخافة أن تكون نظرة عينه للإمام من سوء الأدب.
ونستطيع القول: إن ما قلناه عن المجنون، وإظهاره لعدم حاجته لإحضار ليلى إلى جانبه، هو وجهٌ آخر؛ حيث إنه في مرتبة العشق والمحبة لا يكون العقل وكلّ النفس مشغولة إلاّ بالمحبوب، أما في مرتبة اللقاء والوصال فإن شعور المعشوق بلذّة الوصال له حضورٌ. وهذا هو المعنى الدقيق([7]).
الهوامش
(*) من أشهر وأبرز الباحثين في التراث الشيعي وتطوّراته التاريخيّة، وأحد أبرز الأساتذة الإيرانيّين في الجامعات الأمريكيّة اليوم. له أعمالٌ علميّة تراثيّة تحقيقيّة مشهودة.
([1]) نشرت في مجلة (آثار ملّي). منشور جمعية آثار ملي 7302 ـ 85. وللأسف فإن طبع هذه الرسالة حوى الكثير من الأغلاط والاشتباهات، مع كثير من التصرُّف.
([2]) الرسالة رقم 20، فهرسة المكتبة 2759 ـ 271.
([3]) نسخته برقم 353 بمكتبة مؤسسة معجم ده خدا (انتشارات المكتبة المركزية لجامعة طهران والنسخة الخطية 3: 417) .
([4]) المقالة نشرت بمجلة وحيد، العدد 2195: 225. وقد اشتملت المقالة على بعض نسخ مجموعة أسئلة وأجوبة، كلّ واحد منها نسخة أصلية، وبعدها نسخ أخرى بخط الميرزا شوهدت عند السيد مهدي لاجوردي بقم؛ قسم منها عربي؛ والآخر فارسي.
([5]) جامع الشتات: 712، 726 (ط1353)، 741، 856 ـ 857 (ط1324).
([6]) ديوان حافظ الشيرازي، ترجمه للعربية: الدكتور إبراهيم أمين الشواربي، ط1، طهران، 1999، الناشر نظر.
([7]) هذه الأجوبة ـ كما أشرنا في المقدّمة السابقة ـ إنما أردنا من خلالها الكشف عن نوع الفكر العرفاني عند الميرزا القمّي، وإلاّ فإن بين ما ذكره الميرزا ومراد القائل مسافةً بعيدة.