أحدث المقالات




المسرح الحسيني كما يراه السيد فضل الله
ياسر آل غريب

في باب فقه الفن في كتاب ( فقه الحياة ) يجيب المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله عن أسئلة متشعبة عن المسرح الحسيني وإنتاج واقعة كربلاء تلفزيونيا وسينمائيا، وفي الوقت الذي يؤكد فيه على بقاء مجالس العزاء المعروفة يدعو للعمل التطويري لمنح عاشوراء بعدا عالميا إنسانيا عن طريق مسرحة الأحداث والشعائر الحسينية لأنه يؤمن بأن عاشوراء المتجذرة في الوجدان الشعبي وبما تمثله من حركة سياسية وذهنية ثقافية لا بد لها أن تتطور في طريقة التعبير تبعا لتطور الوسائل على مدى الزمن.

وحول التعاطي مع هذا الإحياء الجديد يرى أن الفكر الإسلامي يبقى في دائرة الثبات بمضامينه الأصلية بينما أشكال التعبير تتغير بحركية الاجتهاد وهو لا يخاف – على حد قوله – من التطور الذي يتناسب والخطوط الإسلامية.

 أما بالنسبة للإشكاليات والاعتراضات التي يسجلها عدد من الفقهاء فيرى أن التمثيل بمعناه الحركي الفني ليس حراما بالعنوان الأولي، أما إذا كان الممثل الذي سيؤدي دور الإمام الحسين عليه السلام سيترك أثرا في الجمهور كالإساءة إلى الشخصية أو هتك حرمتها في الجو العام فهذا لا يجوز. ويرى أن ( التشابيه ) لها دور إيجابي في تحويل الصورة التاريخية من حالة ذهنية إلى حالة حسية، ولكنه يشير إلى مسألة هامة وهي ألا يتحول ( عرس القاسم ) مثلا إلى حقيقة تاريخية في الوجدان الشعبي فهو مجرد رمز إيحائي عاطفي تم إسقاطه على عاشوراء.

وعندما سئل عن إمكانية تمثيل دور السيدة زينب عليها السلام من قبل فنانة تؤدي أدوارا منوعة أجاب بجواز ذلك إذا كانت تلك الممثلة تحتفظ في التمثيل بالجو الذي تمثله السيدة زينب عليها السلام كبطلة مسلمة في الوجدان الإنساني ويرى أن المسألة تكمن في كيفية تمثيل الممثلة دورها بإتقان.

المسرح الحسيني كما يراه السيد فضل الله ليس من نظرية الفن للفن بل باعتباره أحد تجليات الرسالة، ويشترط فيه ضمان العناصر التي تحقق للحدث التاريخي الصدق والحيوية فيدعو إلى توظيف القدرات الفنية الإبداعية في المسرح من حيث الكتابة والإخراج وإلى اختيار الممثل بعناية وإلى الرقابة على طبيعة الأداء.

مثل هذه الإشارات والملاحظات قد تجدها عند فقهاء آخرين، ولكن السيد فضل الله لا يقوم هنا بالتحليل والتحريم فقهيا فقط بل يدعو بقوة للتمثيل الكربلائي بكل وسائله لمواجهة العصر بلغته وأسلوبه والانطلاق بعاشوراء في الجو الفني مع الالتزام بالخطوط الشرعية.

إجابات السيد فضل الله تبدو واضحة فلا نلمح فيها أثرا للغموض أو التردد، وإن هي لم تأخذ محلها في الواقع فهي مشاريع كبرى تفضل المكوث في المستقبل.




Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً