أحدث المقالات

الشيخ محمد حسين(*)

ترجمة: نظيرة غلاب

 

مدخل ــــــ

من الأمور الثابتة أن الدعوة إلى الإصلاح والتجديد، سواء في محيط المعتقد، أو الثقافة، أو السياسة، أو…، لا تحمل في ذاتها أية دعوة إلى نفي وإلغاء ما سبقها من مفاهيم وأفكار؛ وذلك لسببين: الأول: إن محو وإلغاء كل ما سبق غير ممكن؛ بلحاظ انتشار مساحة تلك المفاهيم وشدة سعتها، وهو ما يمنع إمكان التعامل مع العقل البشري من نقطة الصفر؛ والثاني: إنه منافٍ للعقل؛ بلحاظ أن الموروث العقدي اعتمد في أغلبه على ما جاء به الوحي. والعقائد ضمن كل الرسالات هي الثابت الذي لا يتغير. قد تتغير التشريعات في المقام وللحال فيها موضوعية، ولكن العقائد، من آدم إلى خاتم الأنبياء، واحدةٌ؛ لوحدة موضوعها. نعم، طوال مسيرة تاريخ البشرية تعرضت المعتقدات والمفاهيم الدينية لعملية التحريف، ضمن الحرب المعلنة من طرف الخرافات والتفاسير المبتدعة، لكنّ الله سبحانه وتعالى كان يبعث لكل قوم، وضمن فترات متعاقبة، مَنْ يجدد له أمر دينه من الأنبياء والمرسلين، ويعيد الأمور إلى منبعها الأصيل. لكن هذا لا يفيد أن جلّ التشريعات والمفاهيم قد طاولتها يد التحريف والتشويه؛ بدليل وجود أحكام إمضائية في كل التشريعات الإلهية، ومقايسة مساحة التشريعات الإمضائية بالتأسيسية تبين أن مساحة ما تم إمضاؤه أكبر وأعظم من التي تم تأسيسها، الشيء الذي يفيد ـ في مفهومه ـ أن العديد من التشريعات ظلت بمنأى عن التحريف والبدع. إذاً تبقى مساحة المفاهيم التي حرفت محدَّدة. وقد تم إصلاح بعضها وتغيير بعضها الآخر. والملاحظ تاريخياً أنه كلما امتدت فترة الوحي، وطال انقطاعه عن الأرض، توسعت في المقابل دائرة الانحرافات الفكرية والعقائدية، إلى أن شاءت المشيئة الإلهية أن يبعث النبي الخاتم|؛ ليعيد إصلاح جميع تلك المفاهيم، ويجدِّدها بشكل كلي؛ بحيث أصبح الحق بيناً والباطل بيناً، ولا مجال للريبة أو التوهم. وجعل القرآن الكريم خاتمة الرسالات الإلهية محفوظةً من الزيادة والنقصان، وحجة على كل البشر في كل الأمكنة والأزمنة، إلى أن يرث الله الأرض ومَنْ عليها.

في فترة ما قبل الإسلام، أو ما يتعارف عليه بالعصر الجاهلي، كان المجتمع العربي كثيراً ما يسير وفق أعراف ابتدعها بنفسه، وجعلها قَدَرَه الذي لا يملك أن يدفع شره عن نفسه، أعرافٍ تتنافى مع أبسط القيم الإنسانية، وتغاير كلياً ما سبق من التشريعات الدينية. لذلك كان موقف الإسلام منها حاسماً وصريحاً، حين رفضها كلياً، وعمل على تغييرها، بتركيز القيم السليمة، والتي تتوافق مع بديهيات العقل والشرع. ومن بين تلك الأعراف الجاهلية ـ على سبيل المثال ـ: نظرتهم إلى المولود الأنثى، والأنثى بشكل عام، فقد اعتبروها موجوداً يحمل في ذاته الشؤم والعار، ومصدراً للفقر والحاجة، وهي أفكار ما كان الإسلام ليقبلها أو يرضى عنها مطلقاً، وصرح بموقفه منها بقوله تعالى: ﴿سَاء مَا يَحْكُمُونَ، فقد حكم على موقفهم ذلك وما كان ينتج عنه من أفعال بالسوء، أي الخطيئة والإثم، فالإنسان واحدٌ أعمّ من أن يكون ذكراً وأنثى.

وكذلك نقد الإسلام نظرتهم إلى العلاقة الزوجية، حيث كانوا يرون في الزوجة مجرد وعاء لأولادهم، وبتعبير العصر: مجرد بنك لأصلابهم، والويل لمن لم يرزَقْ أولاداً ذكوراً، فكل الأصابع تشير إليه بالأبتر، مقطوع النسل ومقطوع الذكرى. وكان ذلك المعتقد يلقي بظلاله على أنواع من الزيجات، التي كان حظ المرأة فيها الظلم. فالعرب في تلك الفترة من الزمان كانوا يتفاخرون بالشجاعة والبطولة في الغارات، ومن رزق ولداً ذكراً شجاعاً كان علم القبيلة ومفخرة القوم، لذلك كان الزوج يأمر زوجه أن تستبضع غيره، وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد، وهو ما كان يسمى عندهم «زواج الاستبضاع». وقد حارب الإسلام هذا الزواج وأمثاله، وأتى بنظام يحمي العلاقة الزوجية، انطلاقاً من أحكام في الحلال والحرام،و جعل الزوجية على أساس نظام يحفظ إنسانية كلا الطرفين، ويضمن لهما حقوقهما الطبيعية. فمنهج الإصلاح لعقائد البشرية بمختلف ألوانها كان ينطلق من تغيير العديد من العادات والأعراف السائدة في الحياة الاجتماعية. والملاحظ أن الإسلام لما كان يرفض بعض العادات؛ لأنها في طبيعتها تخالف العقل والشرع، كان يأتي لها بالبديل، بحيث يستبدل ما رآه سيئاً بالحسن، وهو ما جعل عملية التغيير ميسَّرة وحقيقية. ولأن الإسلام يقوم على الترابط بين الجانب العقدي وباقي الجوانب الأخرى كان أي تغيير يقوم على هذا الترابط، وضمن أسسه([1]).

 

دور العلماء المسلمين قرآنياً في مواجهة الخرافات والبدع ــــــــ

لقد عين القرآن وظيفة العلماء في مقابل الخرافات والانحرافات التي تطال المفاهيم الدينية، وجعل تكليفهم الشرعي والعقلي في مختلف مراحل التشريع هو إظهار وتبيين الحقيقة للناس. وقد عاتب مَنْ تخلى عن هذا الواجب في آيات عديدة: ﴿لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ (المائدة: 63). فقد وصف موقفهم بالصنعة، ولم يصفه بأنه عمل، وكأنه يريد أن يشير إلى أن هؤلاء الربانيين والعلماء كانوا يختفون تحت حجج وأعذار حتى لا يبينوا للناس الحقائق وينصحونهم بها، ليقول في آية أخرى: إن الله سبحانه قد أخذ منهم ميثاقاً في الأزل بأن يظهروا الحقائق للناس، ولا يكتمونها، ولا يخفونها عنهم: ﴿وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ(آل عمران: 187)، وتوعد مَنْ يخلف ذلك الميثاق أو يخرج عنه، وجعله ملعوناً في الدنيا والآخرة: ﴿الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ﴾ (البقرة: 159)، ليصف عملهم في آية أخرى بأشد الظلم: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(البقرة: 140). فليس هناك ظلم أشد ممن يكتم أمر الله، ويخفي الحقيقة ـ التي تبيَّنت لديه ـ عن الناس.

 

مكانة العلماء ودورهم تجاه الخرافات في السنّة الشريفة ــــــــ

وصفت الروايات العلماء بالمرابطين، بل هم أشد فضلاً وأعظم درجة ممَّن يرابط في الثغور، يحمي الأرض والعرض والمال بالسلاح. قال الإمام الصادق×: «علماء شيعتنا مرابطون بالثغر الذي يلي إبليس وعفاريته، يمنعونهم عن الخروج على ضعفاء شيعتنا، وعن أن يتسلط عليهم إبليس وشيعته النواصب، ألا فمن انتصب لذلك من شيعتنا كان أفضل ممَّنْ جاهد الروم والترك والخزر ألف ألف مرة؛ لأنه يدفع عن أديان محبينا، وذلك يدفع عن أبدانهم»([2]).

 

جهود الأستاذ الشهيد مطهري في إعادة تصفية المفاهيم الدينية وتطهيرها ـــــــ

يعد الشهيد مطهري واحداً من رجالات العلم، وحماة الحقيقة، القلائل الذين أخذوا على أنفسهم ثقل إظهار الحقيقة للناس، والسير في خدمتها، حتى قضى شهيداً في محرابها، وصدق فيه بحقٍّ ما نقله الكليني: «فإن فينا أهل البيت في كلّ خلف عدولاً ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين»([3]). لقد تألق نجمه عالياً، وبقيت أثاره العلمية شاهداً حياً ـ كشهادته ـ في منارة العلم والحق. وما إقدام عبّاد الخرافات والأباطيل على اغتياله إلا دليل عجزهم أمام قوة حجته.

و في هذا المقال سيتم التعرض لبعض المفاهيم التي طالتها الخرافات والأوهام، والتي سعى الأستاذ الشهيد مطهري إلى إصلاحها، وتنقيتها من كل ذلك.

 

القسم الأول: الفهم المنحرف لبعض المفاهيم الدينية الأصيلة ـــــــ

1ـ مفهوم الشفاعة بين الحقيقة والخرافة ـــــــ

الشفاعة في معناها اللغوي تعني الواسطة، بمعنى أنها وسط بين شيئين. ولو أن الناس اقتصروا على هذا المعنى الظاهري في فهمهم لمصطلح الشفاعة لما حدث الانحراف والانزلاق نحو الأسطورة؛ لأن الشفاعة بمعنى «واسطة خير» فكر رائج بين جميع الأمم والأقوام، حيث يلتجئون إليه كشخص له مكانة خاصة؛ بلحاظ كونه يسعى بين الفرقاء بالعفو والسماح، وهو نفسه المعنى الاصطلاحي للشفاعة. لكن لما تحول الشافع إلى مستوى أكبر وأعظم من كل شافع، لما أصبح الشافع والمراد شفاعته هو الله، أضاع الناس؛ بجدلهم الكلامي ونزاعاتهم السياسية، المعنى الصحيح، واضطربوا فيه. فالأولى في الشفاعة شفاعة الأنبياء والأولياء ومَنْ أذن لهم الله بالشفاعة. وبطبيعة الحال فالمعنى هنا هو نفس المعنى اللغوي والعرفي، وهو ما سعى العلماء الربانيون إلى بيانه وكشف الإبهام عنه.

فالخروج عن المعنى الظاهر في بيان معنى الشفاعة، والبحث في شيء آخر غير المعنى اللغوي، هو الذي سبَّب الحيرة والضلال للناس، وبالتالي أوهن من قدرات التفكر الديني عندهم. وقد تكون عثرات فئة من العلماء، الذين تنازعتهم الأهواء، سبباً في انتشار الفهم الخاطئ لمفهوم الشفاعة. فهذا ابن تيمية يقول: إن الشفاعة شرك. وقد وجد بين علماء الشيعة أيضاً مَنْ نظر إلى مفهوم الشفاعة نفس نظر ابن تيمية بالسلب، وأنكره البتة، مع الإشارة إلى اختلاف المنطلق بين كلا الطرفين.

لقد كرَّرنا أننا إذا اعتقدنا في ما يخص الشفاعة أن الله أعطى قانوناً، وأعطى أحكاماً، وبيَّن ما يرضى عنه مما لا يرضى عنه، وجئنا في المقابل وقلنا: إن للحسين قانوناً وأحكاماً ورضاً خاصاً، إن لله مكانة وللحسين مكانة، وما دمنا لا نستطيع الوصول إلى الله، فالله قد فرض الصلاة والصوم ومجاهدة النفس وغيرها من الطاعات والعبادات، فلا أقل نصل إلى الحسين، فهو سهل ميسَّر، نضع له عنوان الشفاعة، ونأخذه شفيعاً، فيكفي في إرضائه أن نقيم له مجلس عزاء، أو نسكب عليه دمعة، أو نلطم عليه صدراً، وفي النهاية فإن هذا يسهل القيام به في الأيام العشر الأوائل من محرم، ويكفي هذا العمل السهل اليسير من مؤونة القيام بما أمر الله به من العبادات والمعاملات والأخلاق، فمن ثقل عليه الدخول إلى الجنة من باب «أن يجدك حيث أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك» فليرده من باب الحسين، فهو سيشفع لنا، ويمحو بشفاعته سيئاتنا ومعاصينا، إذا كنا نفهم الشفاعة بهذا الشكل فلنكن على يقين قاطع أننا ألقينا بأنفسنا إلى التهلكة، وجعلناها لقمة سائغة لأهواء الشيطان، وصيداً سهلاً في شباك إبليس»([4]).

إذا فكرت أنك بدل أن تصلي تقوم بعمل لأجل الحسين، تريد أن ترضي الحسين وترضي الله بما قمت به للحسين ـ حسب زعمك ـ، فأنت لم تعرف الله، وما عرفت الحسين أصلاً؛ لأن الحسين هو الذي قال: «رضا الله رضانا أهل البيت». فلو كان يرضى الحسين بما لا يرضي الله فهو ليس إماماً معصوماً…. وهذا الاعتقاد ليس من شأنه إلا أن يبين أنك لست من هؤلاء الذين عرفوا ربهم، ولا من هؤلاء الذين عرفوا ربهم بمعرفتهم للحسين([5]).

 

2ـ الفهم الخرافي لمسألة القومية ــــــ

القومية هي الابن الطبيعي للتعصُّب، التعصب للقبيلة، للقوم، للطائفة. وهي وباء تسري عدواه إلى كل أبناء الأرض الواحدة. ومن تبعاتها السلبية، والتي تتناسب وحجم انتشارها، أنها ناظرة إلى أبناء البلد الواحد والعرق الواحد. وهي بذلك تكون حاجزاً ومانعاً أمام أتباع الدين الواحد من أن يتحدوا، ويتآلفوا، ويتعايشوا فيما بينهم. وقد كان المستعمر ذكياً حين تنبه إلى وجود هذا التعصُّب، فعمل على تعميقه في الدول الإسلامية أكثر فأكثر، وكان أسلوباً ناجحاً جرَّ عليه الكثير من المنافع والأرباح.

فالقومية مرادفة للأنانية وحب الذات، تجاوزت القبيلة والعشيرة لتشمل أبناء البلد الواحد، وسواء أحببنا أو كرهنا فإن لها عوارض أخلاقية ونفسية هي نفس عوارض الأنانية، من تعصب، وعجب، وعدم الالتفات إلى عيوب الذات، وما ينتج عن هذا من التفاخر بالذات، وتحقير الآخر والتقليل من شأنه وقدره، مع الاستخفاف به([6]).

 

3 ـ كيف تعامل النبي الأكرم| مع عناصر التفاخر الجاهلية ــــــ

يروى أن جمعاً من أصحاب النبي| جلسوا يتفاخرون فيما بينهم بأنسابهم، ومكانتهم بين أفراد القبيلة، وتوجهوا إلى سلمان أن يذكر شيئاً يتفاخر به مثل ما ذكر القوم، فأجابهم سلمان الفارسي أنهم مسلمون وأن الذي يوحِّدهم الآن بالفعل هو النبي الأكرم|. ولأنهم رفعوا كلامهم إلى النبي الأكرم| يستفسرونه فيه فقد أجابهم| بقوله: «يا معشر قريش، إن حسب الرجل دينه، ومروءته خلقه، وأصله عقله»([7]).

و في رواية أخرى: إن النبي الأكرم| وصف الافتخار بالآباء بالقذارة وكل ما يفوح منه رائحة نتنة، واعتبر مَنْ يشغل نفسه بهذه المفاخرات الجاهلية كمَنْ يشغل نفسه بـ«الجُعَل»([8]): ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم أو ليكونُنّ أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن([9]).

فالنبي الأكرم|، المعلم والقدوة، كان يضم إلى صدره سلمان الفارسي، وبلال الحبشي، كما كان يضم أبا ذر الغفاري، والمقداد بن الأسود الكندي، وعمار بن ياسر، لا يفرق بينهم في شيء. ولأن سلمان الفارسي استطاع بجهاده وإخلاصه أن يحوز السبق فإن النبي الأكرم وصفه بأنه من أهل البيت، وقال: «سلمان منا أهل البيت».

وقد كان النبي الأكرم| حريصاً في مراقبة أخلاق وتحركات الأصحاب؛ مخافة أن يظهر بينهم التعصب، الذي يكون له تبعات سيئة على الآخرين، ويخلق حواجز نفسية وفعلية على جميع الساحات([10]).

 

4ـ مسألة يمن بعض الأيام بعينها ونحوستها ــــــ

قد لا تسبِّب فكرة كون بعض الأيام يمناً وبركة، وبعضها نحساً، ضرراً بالمعتقد الديني إذا ما فهم أنها ليست من الإسلام، ولا تدخل في جزئيات الدين. لكن قد تأخذ هذه المعتقدات بعداً دينياً، وتتغطى بلباس الدين. وفي هذه الحال تصبح بدعةً يجب محاربتها وتغييرها. وينظر الشهيد مطهري إلى مسألة يمن وسعد بعض الأيام ونحس أخرى من زاويتين: الأولى: أنها قد تكون مورد تأييد وتشجيع من الإسلام؛ والثانية: إنه قد يرفضها ولا يقبلها مطلقاً.

أما المورد الأول فهو أن ننظر إلى بعض الأيام على أنها أيام ميمونة ومباركة، كأيام الجمعة، وأيام الأعياد الدينية، وأيام ولادة المعصومين، وهناك أخرى بلحاظ ما وقع فيها من كدورات وأحزان اعتبرت أياماً نحسات، وهذا لا يعني أن تلك الايام هي نحس أو بركة في ذاتها، ولكن بسبب ما وقع فيها من أحداث أصبحت كلما حلت ذكرتنا بما وقع فيها من المصائب والأحداث الحزينة والمفجعة، لدرجة أنه يمكن إيقاع مجموعة من الأعمال الشرعية الخاصة بها، باعتبار ما تمثلّه في تاريخ الإسلام والأمة الإسلامية([11])، أما أن ننظر إلى تلك الأيام على أن الله جعلها نحساً أو سعداً فهو اعتقاد ونظر خاطئ، لا أساس له ولا حجة.

 

5ـ الاعتقاد بنحس العدد ثلاثة عشر (13) ــــــ

يرجع الاعتقاد بنحس العدد (13) إلى التاريخ القديم. ولا زال لهذا الاعتقاد تواجد بدرجة مشكِّكة بين الشدة والضعف. فلا زال اليوم (13) من أيام النيروز (الشهر الأول حسب التقويم الفارسي) يفرض على جمع من الناس الخروج من بيوتهم؛ مخافة أن يصيبهم النحس، ويحل عليهم ضيفاً ثقيلاً طيلة السنة. كذلك هناك كثير من الناس يتحاشون أي عمل في اليوم الثالث عشر من شهر صفر، وموارد أخرى جعل فيها رقم (13) منبع نحس وشر وشؤم. والسؤال هل سأل مَنْ يعتقد في هذا العدد السوء والشر عن السبب في هذا الاعتقاد؟ هل توجه بالتساؤل إلى مفكِّر: لماذا كلّ هذا الشؤم من هذا العدد؟ وما هوالفرق بين العدد (13) و(12) و(14) وباقي الأعداد؟ وما هو السبب الذي يجعل الفرد يشعر بالانفعال ويتملّكه الخوف من هذا العدد (13)؟ لماذا ينساق الناس أمام مثل هذه الأحكام دون أن يعطوا لعقولهم فسحة من التفكر والبحث عن الدليل؟ والظاهر أن هذا الاعتقاد جلبه الاتّباع الأعمى لكل ما يقوله الآخرون، من غير برهان أو دليل يستند إلى عقل أو نقل.

ليس هناك في كتب سيرة النبي الأكرم|، أعم من الشيعية والسنية، ما يثبت أن النبي قال: إن السفر يوم الاثنين يجلب النحس أو السوء، أو أن من لم يخرج من بيته يوم الثالث عشر من النيروز كُسر عنقه، وأصابه الهم والغم. إنها مجرد أوهام وأراجيف([12]).

6ـ مسألة التشاؤم والتفاؤل ــــــ

يرجع التشاؤم والتفاؤل ظاهراً إلى فترة الشرك، وبالضبط إلى زمان عقيدة الثنوية. فقد كانوا يجعلون لكل شيء مطلوب وحسن، أو سيئ وغير مرغوب، آلهة تؤثِّر في عالم الإنسان والوجود. وطبق المنظومة الفكرية والعقائدية فإن لكل إله ممثِّلين له، ينوبون عنه في عالم الإنسان والحيوان، وحتى في عالم النباتات، كما أن له ممثِّلين في عالم الجمادات، هم مظهره ووجهه في عالم المادة. وهذا الاعتقاد هو ما صنع عقيدة الشؤم والتفاؤل. ومع مجيء دين التوحيد وانتشاره تبين أن تلك العقائد في التشاؤم والتفاؤل تفتقد إلى المنطق، ولا حجة عليها أو برهان، وبالتالي كُشِف زيفها وكذبها، إلا أن مظاهرها لا زالت قائمة في ثقافة الناس. ومن جملة ما يتشاءمون منه، ويعتبرونه رمز شؤم: البومة، والغراب، وطائر الحجلة، وغيرها كثير. وعلى الطرف الآخر يتفاءلون بطائر الشَّقراق، والهدهد، والعصفور، وأمثالها، حيث يعتمدون عليها في تحديد مصيرهم وأعمالهم، بل يوجد بين هذه المعتقدات الخرافية ما تقوم عليه آثار خطيرة، تتجاوز الجانب المادي، لتلمس جانب إيمان الفرد، حيث يتشاءمون برؤية السيد الهاشمي أو العلوي بشكل عام إذا صادفهم في أول صباحهم أو في يوم سفرهم، فهم يعتقدون أنه متى عزموا على السفر وصادفهم أو التقاهم سيِّدٌ فهذا دليل شؤم، وأن سفرهم لن يكون خيراً عليهم، وفي المقابل إذا قابلهم أو صادفهم غجري فإنه بشارة خير وإن سفرهم سيكون ميموناً ومباركاً([13])([14]).

 

7ـ بناء شخصية الفرد ــــــ

يقال: «حب الشيء يعمي ويصم»، يعني أن الإنسان عندما يحب شيئاً لا تعود عيناه ترى سوى ذاك الشيء، ونفسه لا تستنشق إلا ريحه وهواه. ومن جهة أخرى فإن الفرد يسعى من خلال المنظومة المعرفية التي يعتقد بها إلى أن يبحث عن الشخصية القدوة التي تنسجم ومبانيه الفكرية أو التفكيرية، بحيث يسعى بكل جوارحه لصياغة نفسه وحركاته لتتوافق وتلك الشخصية القدوة. و بعيداً عن آراء مولوي وبقية العرفاء نتساءل: ألا يمكن إعادة صياغة تلك المنظومة المعرفية التي يتبناها الأشخاص؟ وبشكل آخر: أليس من وظيفتنا إعادة بناء وإصلاح تلك المنظومة المعرفية؟ ينظر علماء الاجتماع مبدئياً إلى الدين على أنه مؤسسة ذات صناعة وإنتاج، وبالتالي ينشأ عنها آثار. فمما لا شك فيه أن نوع معرفة الأشخاص يولد أنواعاً خاصة من الأحكام والمواقف، وكما يقول المثل الشائع: «كل قدح ينضح بما فيه».

ومن الطبيعي أن إيجاد أفكار غير سوية ومضطربة داخل المنظومة المعرفية الدينية للمجتمع من شأنه أن يخلق تعارضاً واختلافات بين أجهزة هذه المنظومة، مما يجعل المسير نحو هدف معين مسألة عسيرة؛ لأنها ستتجاذبها تلك التجاذبات والاختلافات، وهذا سيبرز أشخاصاً وأعياناً لا علاقة لهم كلياً بالمنظومة المعرفية الكبرى التي تشمل كل المجتمع أو التجمع البشري. ومن هنا فإن وجود الاعتقادات والأفكار الخرافية، باعتبارها جزءاً من المعارف الدينية، تهدم أعمدة هذا الدين، وتذهب ببنيانه. وهذا ما كان يقصده الشهيد مطهري بقوله: إن الخرافات تهدم وتخرب الدين. «لقد صنعوا أساطير أرادوا من خلالها تخريب هذا الدين. قالوا: إن الوحي قد صدر إلى جبرائيل× أن اهبط فوراً إلى الأرض، قبل أن يجرد علي× سيفه ذو الفقار، فإنه لو وصل إلى الأرض لقسمها نصفين، وضع جناحك تحت سيف علي، فنزل جبرائيل، وجعل جناحه تحت السيف، فأصيب جناحه، وبقي في الأرض أربعين يوماً لا يستطيع الصعود إلى السماء. ولما عوفي صعد إلى السماء، فسأله الله المتعالي: أين كنت طيلة أربعين يوماً؟ فقال: ربي، لقد كنت في الأرض، لقد أرسلتني إليها، فقال تعالى: ولماذا تأخرت في العودة؟ قال: إلهي، لقد أصابني سيف علي في أحد جناحيّ، وبقيت أربعين يوماً أداوي جرحي، وأضاف: لقد كان سيف علي حادّاً إلى درجة أنه قسم مرحب بدون أن يشعرا معاً، يعني أن علياً تخيَّل أنه لم يضرب فرسه بسيفه ولم يلمسه، فقسمه نصفين، لو وُضعا في ميزان لتساوى حجمهما، فقال علي× لمرحب: حرِّك بدنك، فلما حركه سقط نصفاه، كلٌّ إلى جهة!!

وقد انتقد الحاج نوري في كتابه «لؤلؤ ومرجان» هذه الروايات الموضوعة، واعتبرها أساطير فاقت كل الخيال، وقال: في حديثهم عن شجاعة أبي الفضل العباس مثلاً في حرب صفين، والتي لم يثبت أنه قد شارك فيها أو لم يكن من المشاركين إلى جنب علي×؛ لأنه وقتها كان فتى في الخامسة عشرة من العمر، قالوا: إنه رمى بثمانين رجلاً من معسكر الأعداء إلى السماء ولمّا يرجع الأول إلى الأرض، وبعد أن وصل الأول إلى الأرض وقبل أن يسقط قسمه إلى نصفين، والثاني، والثالث، إلى الثمانين([15]).

 

القسم الثاني: سُبل تطهير الفكر الديني من الخرافات ـــــــ

1ـ التفكير الحي في مقابل الجمود الفكري ـــــــ

كما اتضح من قبل فإن أحد أهم عوامل انتشار الخرافات وإقبال الناس عليها هو إغلاق باب التأمّل والتفكير العقلي، والاكتفاء بتلك الثقافة البسيطة، بحيث يصبح الإنسان مطيعاً لكل الأفكار، بدون السؤال عن الدليل. ومن الطرق المجربة لتغيير أية ظاهرة أو تفريغها من محتواها أن تقابلها بضدها والمقابل لها. وبناءً على ذلك يلاحظ أن الخرافات لا تجد مأوى لها في عقول يقظة وفعالة، والتي لا تحتاج إلا إلى قليل من التفكر لتخلع عن الخرافات لباسها وتعرّيها؛ لينكشف زيفها وبطلانها.

إن الدارس لتاريخ صدر الإسلام سيلاحظ أن التيارات الفكرية التي كانت تترأس الحالة الفكرية كانت تتجلى في الاتجاه العقلي والاتجاه النقلي. ومن خلال تحليل لكليات هذين الاتجاهين ـ غير ناظرين إلى المسائل الفرعية عند هذين الاتجاهين؛ لأنها تحتاج إلى بحث خاص ـ يلاحظ أن الاتجاه العقلي يعتمد العقل، والاجتهاد، ومبانيه العقل والفكر والتفكر، بينما الاتجاه النصي، أو ما يعرف بالأثري، فإنه يعتمد النقل، أعم من الروايات والأخبار، بدون ملاحظة الاستدلال أو البرهان، ومنهجه العام الاعتماد على ظهورات النصوص التي وصلته عن السلف.

ولوحظ نشوء تيار العدلية وتيار غير العدلية، ممّا خلق صراعاً وتصارعاً بين الجمود والركود الفكري من جهة والتفكر والتجديد والعقلانية من جهة أخرى. لكن ـ وللأسف ـ استطاع الجمود الفكري أن يطغى ويتفوق على الساحة الفكرية، وهو التفوق الذي أكسب العالم الإسلامي خسارة مادية ومعنوية لقرون طويلة، حتى أن الفرد عندما يشعر بالرغبة في الخضوع وقبول أمور الدين كان يبالغ في خضوعه وتقبله له، إلى درجة أنه يخالف فيها ما كلفه بها الدين نفسه. فقد كان يغيب التعقل والتفكر العقلي. وبطبيعة الحال فإن مَنْ سلك هذا السلوك يكون الضلال حظّه الأوفى([16]).

هذا الجدل التاريخي لازال يشهد تواجداً واستمرارية في الساحة الفكرية. وقد يتفوق الاتجاه العقلي على المنهج النقلي لفترة، ليعاود الأخير التسلط والسيطرة، وهكذا دواليك. وتبقى وظيفة الشيعة وأتباع أهل البيت^ الإبقاء على مدرسة العقل، والحفاظ على التفكر العقلي، والعمل على أن يبقى ضمير ووجدان هذه الأمة حياً؛ لأنه هو روح هذه الأمة، كما قال ذلك رسول الله|.

 

2ـ تنمية روح النقد وتوفير مناخها ـــــــ

مما لا شك فيه أن روح النقد حين تؤسَّس على الفهم العلمي للقضايا والأفكار ستكون بمثابة «الحجر الصحي»، والمحطة العلمية التي تجعل الذهن البشري لا يقبل إلا ما قام عليه الدليل والبرهان، وما له أصل علمي، ويتوافق مع الأسس العقائدية والمكوّن الحضاري. فذهنٌ من هذا النوع يكون دائم الحركة والاشتغال، دائم التساؤل الإيجابي، بحيث لا تجد الأفكار الغريبة أو الدخيلة لديه مجوزاً للمرور.

ما سبق يبين أن روح النقد العلمي تحصن العقل البشري؛ لأنها تصحِّح الثقافات والمعلومات، وتعيد النظر في أصالة الأفكار وما تحمله من قيمة معنوية. فروح النقد لا تعني أنها تحمل بذور العداء للأفكار والمعارف، لكنها تعني في ذاتها مصفاة تقبل ما يتناسب ومكوناتها العقدية والدينية، التي تشكل جذور هويتها وأصالتها.

إن التدبر في القرآن الكريم وتعاليمه المبينة، وخصوصاً ما ورد في سورة الكهف، يضعنا أمام ضرورة الاعتناء بنوعية التعاليم والمعارف التي تعرض علينا. يوجد في هذه السورة ثلاثة موارد تستوجب الاهتمام والعناية بما تشير إليه من معانٍ: الأول: قصة أصحاب الكهف، التي تعلم الفرد المسلم عدم القبول والرضا بالوضع غير السليم؛ الثاني: الإشارة إلى إبداعات والابتكارات الخلاّقة التي استعملها ذو القرنين في دفع شرّ يأجوج ومأجوج عن أرض المؤمنين؛ والثالث: وهو ما يعنينا كثيراً في هذا المطلب، وهو تربية روح النقد لدى الفرد المتعلِّم، ولو أمام الأستاذ، والتشجيع عليها. وهو ما ظهر في قصة موسى والعبد الصالح، التي تعتبر من القصص القرآني العجيبة حقاً. فهي تبين مسألة في غاية الأهمية، مفادها أن الإنسان تابع ومطيع ومسلِّم للمتبوع ما لم يتجاوز هذا الأخير الأصول، ولم يخرج عن القوانين، فإذا لوحظ أن المتبوع يقوم بما يخالف الأصول الثابتة أو يخالف القانون فإنه لا مجال للطاعة، ولا مجال للسكوت. نعم، في هذه القصة ما كان يقوم به العبد الصالح؛ بلحاظ اتساع دائرة علمه واطلاعه على باطن الأمور، لا يعدّ مخالفاً للأصول والمبادئ وخرقاً للقوانين، بل كان عين وظيفته وتكليفه. ولكن الكلام حول موسى×، فلماذا لم يصبر على ما كان يراه من أمر العبد الصالح، وكان يسارع إلى انتقاده، رغم أنه أعطى وعداً بأن يلتزم السكوت حيال ما يراه من الخضر×؟! لم يكرِّر النقد إلا لكونه لم يطَّلع على باطن الأمور وما تعنيه من رموز خفية، ما كان علم موسى والذي عنده علم بظاهر الأمور أن يدركها إلا بإذن من الله، ولو أذن له بالاطلاع عليها ما كان ليعترض أو ينتقد عمل العبد الصالح. وفي انتقاداته كان يتساءل عن الغرض من ذاك الفعل. ولأن تلك الأعمال كانت تخالف المبادئ والقانون الإلهي الظاهري فإن إيمانه كان يحرِّم عليه السكوت حيالها. ولذلك قال البعض: إنه لو استمر العبد الصالح في العمل بمثل ما قام به إلى يوم القيامة لاستمر موسى في الاعتراض عليه ونقده مادام لم يدرك باطن الأمر([17]).

 

تنبيه وتوضيح ـــــــ

أولاً: إن الفكر النقدي الذي يقوم على أسس علمية ثابتة وله مناهج وقواعد يتوصل إلى نتائج واقعية وعلمية. وهذا يفرض الاطلاع على تلك القواعد، واكتساب ملكة في استعمالها، حتى لا تستدرج عملية النقد إلى طرق هامشية، من شأنها إيجاد حساسيات ومصادمات بين أفراد المجتمع.

ثانياً: إن الاعتراض ليس له أسلوب واحد في كل مقام وحال. فأسلوب الاعتراض تقرِّره طبيعة الموضوع؛ فربما يكون السكوت والتأمل هو الطريقة المثلى؛ وقد يستوجب الموضع الوقوف وإعلان الاعتراض، كما لو كان الموضوع يتعلق بإشاعات وأفكار كاذبة تمس بالدين والهوية الحضارية للأمة، فهنا المقام والحال يفرض الوقوف والجهر بالاعتراض وعدم القبول، وهو ما يعبر عنه فقهياً بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

 

3ـ عقلنة المعطيات ـــــــــ

في مسألة العقلانية نجد أنفسنا أمام نوعين من العقلانية:

1ـ عقلانية قوية  Strong Rationality.

2ـ عقلانية التفكير النقدي Critical Rationlity  .

كما سبق أن أشرنا فإن الاعتقاد بالخرافة يقوم على الفهم البسيط، والذي يجعل النفس ذات قابلية في قبول أي شيء، بحيث لا يملك الذهن القدرة على تحليل ما يعرض عليه من أفكار أو معلومات، ولا يستنطقها وفق قواعد البرهان العقلي. وهذا يظهر ضعف قدراته في عقلنة الأشياء وفي نقدها. بينما العقل الذي تكون له قوة على النفس يقودها ويسوسها، تسانده في هذا عقلانية التفكر النقدي، فإنه يتساءل، ويبحث في المعطيات؛ لكشف هويتها وامتداداتها الوجودية، فما وافق العقلانية المسيطرة والتي تحكم على المنظومة العقائدية والفكرية قوبل بالقبول، وسمح له بالمرور، وبالتالي يصبح مستحيلاً الاعتقاد بالخرافات والأوهام؛ لأنها ساعتئذٍ لن تجد منفذاً. من هنا تظهر أهمية وجود هذه المحطة في العقل البشري، فهي تغلق المجال أمام الخرافات والقضايا العبثية أن تدخل إلى الذهن. ولا فرق بين العالم والعامي إذا كانا يتمتعان بهذا المنهج العقلي والتعقلي تجاه الأفكار والأشياء، فالنفس تكسب حصانة، ويصبح العقل متراساً قوياً أمام الخرافات والمعتقدات الخرافية. نعم، قد يبدو غريباً التحدث عن العالم، وأنه يجب تطهير ذهنيته من الخرافات، لكن هذا التعجب والاستغراب يتبدد إذا تم الرجوع إلى النقطة التي أشير فيها إلى وجود نوعين من العلماء: واحد عقلاني، وعقلانيته دائمة الاشتغال؛ وآخر جامد على الظهورات، فهذا الأخير غالباً ما يكون أسيراً للخرافات والمعتقدات الخرافية.

فالعالم الذي يقبل كلّ ما يرِدُ عليه من أفكار، من دون تحليل، ولا يستنطق البرهان، يكون مجرد بنك للمعلومات، يخزن ويحفظ كلّ ما أعطي له، شأنه شأن البنك، فهو في ذاته ليست له روح البحث في المعطيات، ويفتقد قواعد القبول أو الرفض في الجملة، ويفتقد الروح العلمية، ولا تكفي الشهادات والمدارك المدرسية دليلاً على العلمية، بل لابدّ من اختبار روح التعامل مع الأفكار، فمن كثرت شواهده المدرسية والتعليمية، ومع هذا يصرّ على قبول ما يفِدُ عليه من دون دليل أو تحريك لقواعد البرهان، فهو لا يعدّ في الواقع عالماً، فالغرور والجمود ليسا مطلقاً من مستلزمات العلم، ولا من صفات العالم؛ فإن العلم من شأنه أن يجعل الإنسان أكثر إطاعة وتقبُّلاً لما ثبت بالبرهان صدقه، والعالم سلوكه في الأخذ والرد الاحتياط؛ لأن الجمود أكثر ضرراً من الجهل؛ لأن حقيقته المواجهة والرد وعدم القبول لكل تحقيق أو تحليل، وبعبارة أخرى: إن الجمود الفكري غدا عدواً لأقدس شيء في الإنسان، عدو العقل والعقلانية وروح البحث في حقيقة الأشياء. ومادام الجمود الفكري أشد ضرراً وبشاعةً من الجهل صار التحقيق والبحث أشد قداسة من العلم نفسه؛ لأنه يعني الارتقاء بالمعرفة الدينية مدارج الكمال([18]).

 

4ـ دور الدين في حياة البشر ـــــــ

لقد خلق الإنسان، وخلقت فيه الحاجة إلى الدين، حقيقة لا يستطيع أحد إنكارها، فقد أثبتت الحفريات التي جرت لقبور يرى علماء الآثار أنها تعود للإنسان البدائي أن الإنسان القديم كان يعتقد بوجود حياة أخرى بعد الموت، ظهر ذلك من خلال ما نُحت على جدران قبورهم من مجسَّمات ورسوم.

وهناك مَنْ يرى أن الاعتقاد بالدين أو بالسحر إنما كان سبباً طبيعياً لشعور الإنسان بالخوف، الخوف من قوى الطبيعة، من تلك الصور التي تحيكها مخيلته؛ لضعف قدرته العلمية، ومن المجهول، وما إن ينتقل إلى عصر التقدم الفكري والصناعي والسيطرة على الطبيعة حتى تتبدد وتفنى الحاجة إلى الاعتقاد؛ لغياب الداعي إليه. لكن هناك اتجاه آخر على طرف النقيض، فهو يرى أن الحاجة إلى الدين والإحساس الثابت بضرورة الاعتقاد بالله أو ما يعادله وفقاً للقدرات العقلية للأفراد مسألة فطرية، وجدت مع الإنسان، وجُبل عليها([19]).

وقد ذهب أصحاب الاتجاه التقدمي في القرن التاسع عشر إلى أن الحاجة النفسية للدين ستبدأ بالتلاشي، إلى أن تفنى نهائياً. ولكن الواقع أثبت خلاف ذلك، فالقلوب أصبحت أكثر وأشد تشبثاً بالدين، مقايسةً بما كانت عليه، لدرجة أن الدين أصبح أكثر قوةً وأكثر ديناميكية داخل المجتمعات البشرية. ورغم أنه ليس من اختصاص علماء الإنتروبولوجيا الإجابة عن الأمور الغيبية، أو البحث في أمور التدين والتمذهب الديني، إلا أنه ومن خلال أبحاثهم والحقائق العلمية التي أثبتوها ميدانياً تم اكتشاف سيطرة التوجُّه الديني ومدى ترسخه في التكون الاجتماعي للمجتمعات البشرية([20]).

وفي الحاجة الطبيعية إلى المعتقدات الدينية في الحياة البشرية وتكون المجتمعات البشرية يقول الأستاذ مطهري: إن الطبيعة البشرية تفرض وجود العلاقات الاجتماعية ما بين أفراد المكون الواحد، فالإنسان اجتماعي بطبعه، واليوم تبين أن هناك حاجة جدية لشيء يعوض التعصب للقبيلة أو للعرق ونحوه، الذي كان يشكل الأساس الاجتماعي في توحيد الناس وجمعهم في قبيلة أو مكون اجتماعي بشري آخر. هناك حاجة لشيء روحي يجمع الناس تحت مظلته، ينظر إليهم في جانبهم الإنساني، عقلاني يوحِّد العلاقات الإنسانية بضمّ بعضها إلى بعض مهما اختلفت المسافات والأعراق والأجناس. وبلغة علمية لابد من الكشف عن فلسفة للحياة الإنسانية، وأن يتم الإيمان بهذه الفلسفة؛ لأن مجرد تسطير الفلسفات والقوانين بدون إيمان بها وعدم وجود رابط نفسي وقلبي بها لا يمكّن تلك الفلسفة من فعل شيء؛ لأن الفلسفة مجرد فكر، والفكر تابع لرغبات وميول الناس. العلم في حقيقته الوجودية نور، لكن الأساس هو أن يعرف الإنسان ماذا يريد، وبأية وسيلة يريد أن يصل إلى هدفه، وحينها سيكون العلم حاضراً لينير له طريقه، وهذا ليس عسيراً على العلم. لكن يقال: إن الإنسانية بحاجة إلى فلسفة، وإلى الإيمان بهدف وبفلسفة هادفة. وهو ما يظهر فعلياً دور الدين في تغطية هذه الحاجة؛ لأن الدين روح فاعلة توحد بين الأفراد من منطلق جانب الإنسان فيهم، ووحدة مصيرهم، خصوصاً وقد فشلت العصبية التي ارتبطت بالقبيلة، ولم يعُدْ لها مكان. المجتمع الإنساني اليوم يحتاج إلى ارتباطات أكثر ديناميكية وأكثر فعالية في التوحيد بين الجنس البشري. فالإنسان لا يمكنه أن يقبل بالعبثية مذهباً، ولا بالعصبية سلوكاً. وليس غير الدين كفيلٌ بإشباع رغبة البشرية في التوحد ولمّ الشتات، وهو الضامن للوحدة. لذا في النتيجة الحاجة إلى الدين اليوم هي أشد مما كانت عليه بالأمس وأقوى([21]).

وقد ظهرت الحاجة إلى الدين فإنها فرصة أمام ما تبقّى من هذا المقال لتبيين دور الدين ومكانته في الجانب الاجتماعي، والاستفادة منه في الجانب المعنوي في تصحيح عقلية الأفراد، وتحصينهم من الخرافات والأوهام:

 

5ـ القضاء على الظروف الاجتماعية التي يقتات عليها الأسطوريون والدجالون ــــــ

لا يخفى أن الإقبال على الخرافات بكل أنواعها، من أساطير، وسحر، وشعوذة، والعلوم الغريبة والعجيبة، التي تفتقد إلى أي مرتكز علمي، كان ولا يزال من حظّ العوام، والفئة التي لا تملك مقومات المعرفة والعلمية من المجتمع. ويرى علماء الاجتماع أنه بالإضافة الى رغادة العيش وترف الحياة هناك عوامل أخرى تجعل تلك الفئة من الناس تلقي بنفسها في أحضان الخرافات والبدع، وهي تتمثَّل في الفقر المادي، والفقر المعرفي، إلى جانب الفقر المعنوي.

ما هو السبب وراء وجود فئة من الناس تعتقد بالأساطير؟ سؤال يرى عالم الاجتماع «ماير» الجواب عنه في ملاحظته التالية، فهو يرى أنه في التجمعات البشرية التي لا تتقبل التفسير العلمي للأزمات والمشاكل كيفما كان نوعها؛ بسبب فقرها العلمي، فإن توجهها إلى الخرافات لا يعدّ حمقاً في حقها، بل هو طبيعي ومنطقي،بل هي تسمي الخروج عن العرف الاجتماعي أساطير. من هنا فإن أسلوب معالجة هذا الانحراف الاجتماعي لا يمكن أن يتم إلا من خلال أساطير تقابل ما يعتقدون به، أو بخلق أفكار تأخذ لباس السحر وغيره تقابل ما لديهم في فكرهم وفي اعتقادهم([22]).

إظهار الدور الإيجابي للأساطير ـــــــ

سبق أن ذكرنا أن الأساطير تحتوي على الخرافات. ومن الممكن أن تكون الأسطورة في جملتها خرافات. لكن هناك أساطير لا تحمل خرافات، بل هي كتلك الصدفة التي تخبئ في داخلها لؤلؤاً وجوهراً ثميناً، وهي في حقيقتها إرث معنوي قيِّم. لذا فليس من العقل الحكم على كل الأساطير بحكم واحد؛ لأن جزءاً كبيراً من الحكم والتعاليم كانت تذكر ضمن تلك الأساطير، وهو الأسلوب الوحيد الذي حفظها وأمّنها من غوائل الدهر.

ومن الأمثلة على تلك الأساطير: ما يعرف بحكاية «الأمير إرسلان نام دار». هذه الأرجوزة رغم طابعها الحكواتي فإنها حوت من الحكم والإشارات الدينية ما يبلغ الآلاف. وقد رسمت صورة واقعية للمستعمر الحاكم المستبدّ، وما يتذرَّع به من حيل ومكر؛ حتى يحكم سيطرته على البلاد والعباد. وكذا فضحت مَنْ يسانده من ذوي القدرة وأصحاب الترف. إنها صور سعى الحاكي أن يعكسها في شكل حكاية أسطورية؛ لتبقى للأجيال المتعاقبة حِكماً وتنبيهات؛ حتى لا تقع في غفلة، وتستدرج بالحيل والمكر والشبهة، وخصوصاً أن النفس تستملح الحكايات، وتطيب بها المجالس، ومن جهة أخرى كثيراً ما تؤثر في النفوس أكثر مما تؤثر فيها المواعظ والخطب. ولا يمكن إغفال الدور الإيجابي للقصص والأساطير (القصص الواقعي) في الثقافة الدينية، وتفسير العقائد بشكل عقلي وعلمي. وقد ينظر البعض إلى تلك القصص والحكايات على أنها أسلوب أدبي يعتمد المخيلة، بمعنى أنه ينفي عنها الواقعية، وأنه لا بأس بها بغرض التسلي، بينما هي عند الذين يؤمنون بصحتها حكايات عن الواقع، وسندات توثق أحداث التاريخ. فالأساطير (القصص) تعمل على تقريب الأمور الغيبية إلى الأذهان؛ لتقوية جانب العقيدة لديهم. من هنا لا يمكن إنكار طابع المساعدة والإعانة في الجانب العقدي والإيماني لدى الأفراد، وخصوصاً أنها كانت أسلوباً اتخذه القرآن في دعوته إلى الإيمان بالغيب، وموعظةً لمن يتَّعظ، كما كانت دائماً أسلوبا ثابتاً في الكتب السماوية السابقة، يتَّعظ بها الناس، ويستخلصون منها العبر. وبطبيعة الحال فإن المراد بالقصة والأسطورة هي ما كان واقعياً، وبهدف التبيين والوعظ.

مستخلص البحث ــــــ

إن المنطلق الأصلي للخرافات أنها من بقايا الثقافة الجاهلية، أو أنها الفهم غير الصحيح والمخالف للعقل من طرف المفسِّرين، الذين يعتمدون رأيهم، غير آبهين بالعقل والنقل، أو أنها ذلك المزيج الناشئ عن تمازج الحضارات والثقافات. كيف كان منشؤها فإن محاربتنا لها جاءت بلحاظ مخالفتها للواقع، وتبنّيها للباطل.

من خلال التحليل السابق للخرافات تبين أن عوامل إيجادها وإبقائها يرجع في الأساس إلى تقاعس النفس عن استخدام العقل، مما يضعف من قدرات الذهن، ويجعله ينزل إلى مستوى العوام، فيصبح مستسلماً لثقافات لا تملك أي مقوم من العقلانية والمنطق، وبالتالي يغدو تعامله مع المعطيات الفكرية بشكل بسيط وساذج، مما يفتح المجال أمام الخرافات للسيطرة على الذهن، وتصبح هي المقوِّم لغيرها، وخصوصاً أن الخرافات ـ كغيرها من القضايا ـ لا تقتصر على مادة واحدة أو نوع واحد، بل تتلبس بلباس جميع ما يهمّ الفرد، بدءاً من أمور الدين إلى أمور الدنيا، وهي حاضرة في كل المواقع، وبجميع الأشكال. الخرافات، وبلحاظ نتاجها، تتشكل في عدة ألوان: أدبي، وعلمي، وديني. لكنها كثيراً ما تركِّز على الجانب الديني، فهي ترِدُ الجانب الديني من خلال البدع، والروايات والأخبار الموضوعة والمجعولة، والتفسير بالرأي. وقد تأخذ شكلاً فلسفياً، وغرضها الأساس تحريف المفاهيم والقضايا الدينية عن مسارها الصحيح. إن كشف الخرافة وتشخيصها في أمور الدين مسألة تحتاج جهداً وقدرة علمية خاصة، لا تتوفر إلاّ للقلة القليلة من العلماء والمتخصِّصين.

وقد حاولنا من خلال هذه السطور القليلة تسليط الضوء على بعض نماذج الخرافة، وسبل التعامل الصحيح والعقلاني معها. لكن لابد من تكرار القول: إن الخرافات لا تأخذ بعداً واحداً، وبالتالي لا يمكن تغييرها وإصلاحها بأسلوب واحد. فتعدُّد أشكالها يستلزم تعدد طرق معالجتها وتغييرها. لكن مادامت الخرافات في جانبها الموضوعي تعتمد اللاعقلانية وتوقف التفكر العقلي فإن مواجهتها تكون بالعقل والمنطق، القسيم المشترك لكل أشكال المواجهة معها، سواء كانت في الجانب الأدبي أو العلمي أو الديني. إلا أننا نعود لنقول: إن هذا الموضوع لا يمكن أن نوفّيه حقه في مقالة، وفي بضعة أسطر، وهو ما حكم علينا بانتهاج الاختصار، والدعوة إلى مزيد من البحث.

الهوامش:

(*) باحث في الحوزة العلمية.

([1]) د. مصطفى علم الدين، المجتمع الإسلامي في مرحلة التكوين: 110 ـ 114.

([2]) الشهيد الثاني، منية المريد: 116؛ بحار الأنوار 2: 5، باب 7.

([3]) الكافي 1: 32.

([4]) مطهري آشنايي با قرآن 2: 93.

([5]) المصدر السابق: 95..

([6]) مطهري، إسلام ومقتضيات زمان 2: 61.

([7]) الكافي 8: 181.

([8]) حشرة تشبه الخنفساء، سوداء اللون، تعيش في المجاري، وتعيش على فضلات الحيوانات والإنسان.

([9]) مطهري، إسلام ومقتضيات زمان: 74.

([10]) المصدر السابق: 67.

([11]) مطهري، آشنايي با قرآن 2: 238 ـ 239.

([12]) مطهري، سيرة: 80 ـ 81.

([13]) مطهري، آشنائي با قرآن 2: 243.

([14]) تحدث الشهيد مطهري عن منشأ هذه الاعتقادات قائلاً: «إنه في إحدى الأيام عرض هذا المطلب على المرحوم ميرزا علي آغاي شيرازي(رض)، فأجاب موضِّحاً: إن منشأ هذا الاعتقاد يعود إلى حادثتين تاريخيتين، ففي الوقت الذي كان فيه الشيعة في إيران قلة مستضعفة (فترة حكم بني العباس) كان إذا عرف أن الرجل من السادة العلويين كانوا يصلبونه حياً…، بل كان في تلك الفترات الحالكة إذا دخل سيد علوي بيت أحد فإن ذلك إعلان السخط وحرب الإبادة في حقّه وحقّ مَنْ آواه أو استضافه، فكان دخول السيد إلى منـزل أحد من الناس يعني حلول البلاء من طرف الحاكم وأعوانه على أهل البيت، وهكذا شيئاً فشيئاً تحول دخول السيد إلى مكان علامة على فنائه وذهابه. نعم، في ما بعد انتقل ما يقوم به الحكام من تعذيب وعقوبات إلى ثقافة وعادات رسخت في ذهن الناس وسلوكهم، حتى بعدما انتفى الداعي (مرتضى مطهري، آشنائي با قرآن 2: 243 ـ 244).

([15]) مطهري، حماسه حسيني: 1: 44.

([16]) مطهري، بيست ﮔـفتار (عشرون مقالة): 50.

([17]) مطهري، ده ﮔفتار (عشر مقالات): 115.

([18]) مطهري، إمدادها غيبي در زندگي: 53.

([19]) هناك آراء متفاوتة حول العلاقة بين الدين والكهانة، وأسبقية أحدهما على الآخر. فذهب البعض (جورج قرفيش) أن لا علاقة بين الظاهرتين، لكن هناك مَنْ يرى أن الدين إنما أتى من الكهنة، وتولد عنها، كما ذهب إلى ذلك تايلر وفريزر. وهناك مَنْ رأى أن الكهنة والكهنوتية أخذت من الدين (ويلهم شميت) (د. محمود روح الأميني، مباني شناسي: 203 ـ 204، انتشارات عطار، طهران، 1376). وقد اختلف رأي فريزر في موضوع الدين والكهانة عن رأي سير جيمس جي. فقد قال فريزر: إن بين الدين والكهانة بون شاسع، فهو يرى أن الدين يسعى إلى جلب نظر الإنسان إلى قدرة عالية وقاهرة، وأن يجعل الإنسان في سلوكه وتفكره تحت قوانينه ونظرته الكونية، بينما تعمل الكهانة على رؤية قوانين الطبيعة، فالكاهن ينطلق من كون الأدلة المشابهة تأتي دائماً بنتائج مشابهة، الشيء الذي حدا بفريزر إلى الجزم بأن الكهنة تستعير العلم، أو بمعنى أوضح (شبه علم)، تخالف ما يذهب إليه العلم الحديث في الطبيعيات في ما يخصّ العلل المؤثرة في الظواهر الطبيعية» (أصغر وشريف كمالي محمد عسكري خانقاه، إنسان شناسي عمومي: 478).

([20]) خانقاه، إنسان شناسي عمومي: 476.

([21]) مطهري، آشنايي با قرآن 2: هامش الصفحة 16.

([22]) خانقاه، إنسان شناسي عمومي: 489.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً