دراسة مقارنة بين الإسلام ومعاهدة عام 1989 الدوليّة
مقدّمة
مع توسّع نطاق حاكميّة الدولة في العصر الحديث، وتدخّلها في جميع أُمور شعبها، تحوّلت قضيّة حماية حقوق الإنسان إلى موضوع مهمّ ورئيسي على الصعيدين الداخلي والدولي. وفي هذا المجال تبدو رعاية حقوق الطفل ذات أهمّية أكبر من سائر أفراد البشر; لأنّ الطفل أعجز من غيره في إدراك واستيفاء حقوقه بالنحو المطلوب.
من هنا ـ ورغم وجود الوثائق الدوليّة السابقة، كمعاهدة جنيف عام 1924 حول حقوق الطفل، أو اتّفاقيّة عام 1959 لرعاية حقوق الطفل، أو البيان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، والذي خُصّصت فيه المادّتان 25 و26 منه لحقوق الطفل، وسائر المواثيق الدوليّة في هذا المجال ـ رغم كلّ هذه الوثائق والمعاهدات جاءت معاهدة حقوق الطفل (20 نوفمبر 1989)، والتي نظّمت في 54 مادّة، تكتسب صلاحيّة تنفيذها استناداً إلى المادّة 49 منها في الثاني من أيلول سبتمبر عام 1990.
إنّ الدول الموقّعة على هذه المعاهدة ملزمة برعاية ما جاء فيها من الحقوق للطفل، وكذلك توفير الأرضيّة اللازمة والمناسبة لتمتّع جميع الأطفال بها.
إذا أخذنا الهدف من بعثة الرسول الأكرم محمّد’ بنظر الاعتبار ـ وهو كما قال عليه الصلاة والسلام: «إنّما بعثت لأُتمّم مكارم الأخلاق» ـ، وكذلك شموليّة الرسالة الإسلاميّة وجامعيّتها وكونها آخر الرسالات الإلهيّة وخاتمة الأديان، يحقّ لنا إثارة هذا السؤال:
هل انطوت الحقوق الإسلاميّة على حقوق للطفل المعاصر؟ وإلى أيّ مدى تتطابق حقوق الطفل في الإسلام مع الحقوق التي أقرّتها المعاهدة؟ أم أنّ حقوق الطفل موضوع جديد لم تكن له سابقة في الحقوق الإسلاميّة، كما يدّعي البعض([1]).
إنّ الحقوق الأساسيّة للطفل عبارة عن الحقوق الضروريّة له، بحيث إنّ الشخص لو حُرم منها في سنوات الطفولة عانى في نفس المرحلة وفي المستقبل من الأزمات ومن حالات تخلّف.
لا يوجد في المصادر الأساسيّة لحقوق الإسلام ـ كالقرآن والسنّة ـ تعريف لمفهوم الطفولة والرشد، ولا ذُكرت سنٌّ خاصّة باعتبارها سنَّ الرشد، لكنّ أكثر علماء الإسلام ذكروا البلوغ الجنسي ملاكاً للخروج من عهد الطفولة والدخول في عالم الكبار([2]).
ولا شكّ أنّ هناك اختلافاً زمنيّاً بين البلوغ الجنسي والبلوغ الفكري والعقلي، ولم يغفل القرآن الكريم هذه الحقيقة; فعلى سبيل المثال: عُبّر عن البلوغ الجنسي في الآية 6 من سورة النساء ببلوغ النكاح([3])، بينما عبّرت الآية 34 من سورة الإسراء عن البلوغ الفكري والعقلي ببلوغ الأشدّ([4]).
كما لا شكّ أنّ العلاقات الاجتماعيّة هي اليوم أكثر تعقيداً ممّا كانت عليه في العصور السابقة.
هذان الأمران جعلا العلماء في المجتمعات المعاصرة يميلون في الغالب إلى اعتبار سنّ الثامنة عشرة هي سنّ الرشد والخروج من مرحلة الطفولة.
وعلى أيّة حال فإنّ مرحلة الطفولة في عرف أكثر المجتمعات اليوم تمتدّ حتّى سنّ الثامنة عشرة، وبعدها يعدّ الشخص راشداً، أي كبيراً; ولهذا فإنّ المتخصّصين يعدّون الأفراد دون الثامنة عشرة أطفالاً([5]).
في المادّة الأولى من المعاهدة أطلقت كلمة الطفل على الشخص الذي لم يبلغ الثامنة عشرة، إلاّ إذا كان القانون الخاصّ بالبلد الذي يعيش فيه الطفل قد قرّر سنّاً أخرى أصغر للرشد.
في إيران أيضاً عدّ المشرّع الأشخاص دون الثامنة عشرة أطفالاً ويافعين، ومن ثمّ شُملوا برعاية خاصّة في ظلّ قانون رعاية الأطفال والناشئين المقرّ في 25/9/1381هـ.ش، والذي يعتبر مرحلة الطفولة والصغر ملاكاً لاستحقاق هذه الرعاية. في المادّة الأولى من هذا القانون عُرّف الطفل والمراهق بأنّه الإنسان الذي لم يبلغ الثامنة عشرة من العمر. بناءً على هذا، وبغضّ النظر عن أمارة الرشد، فإنّ كلمة الطفل تطلق على الشخص الذي يحيا في الفترة ما بين ولادته حتّى السنة الثامنة عشرة منها.
والجدير بالذِّكر أنّ هذه المقالة تتعرّض إلى الحقوق الأساسيّة للطفل من الناحية الماهويّة فقط؛ فإنّ الدولة هي المسؤولة عن هذه الحقوق حسب المعاهدة، أمّا من وجهة نظر الإسلام ونظامه الحقوقي فإنّ الأبوين هما المسؤولان عنها; لأنّ نطاق حكومة الدولة وحدود تدخّلها في عصر النبيّ’ لم تكن على الدرجة التي هي عليها اليوم، وكانت الديمقراطيّة مطبّقة في حكومته’ بمعناها الحقيقي، أي إنّ الناس كانوا يحكمون أنفسهم في البُعد الاجتماعي.
ومن جهة أخرى فإنّ الأبوين هما أنسب الأشخاص الذين يمكنهم تحمّل المسؤوليّة الناشئة من حقوق الطفل، وتنفيذ ما يلتزمون به ويتعهّدونه في هذا المجال بالشكل المطلوب; والسبب هو أنّ المسؤوليّة المترتّبة على رعاية حقوق الطفل تختلف عن سائر التعهّدات والمسؤوليّات; لأنّ القوّة الملزمة بتنفيذ التعهّد وتحمّل المسؤوليّة هي قوّة حبّ وعلاقة المتعهِّد (الذي يجب عليه الحقّ) بالمتعهَّد له (صاحب الحقّ، أي الطفل).
وفي حال غياب هذه القوّة فإنّ الإلزام القضائي لا يمكنه أن يكون الأداة المناسبة لضمان تنفيذ حقوق الطفل.
وكما عدّ البعض أنّ السبب في إعطاء حقّ حضانة الطفل للأبوين في القوانين الدَّوْليّة (المحلّية) والدُّوَليّة (الأُمميّة) هو وجود هذه العلقة الطبيعيّة والفطريّة([6]) كذلك يرى الإسلام أنّ المتعهّد الأصلي والمسؤول عن حقوق الطفل هم أبواه والمجتمع، خلافاً للمعاهدة التي ترى أنّ الدولة هي المخاطب الأصلي في هذا الصدد.
هذا وقد سعى الإسلام لأن يكون الاهتمام بحقوق الطفل نابعاً من داخل العائلة، وأن يشعر الأب والأُمّ ـ بوجدانهما ـ بالمسؤوليّة إزاء رعاية حقوق طفلهما؛ وذلك لكي تتمّ المحافظة على متانة الأُسرة بصفتها نواة المجتمع واللبنة الأولى فيه من كلّ جهة؛ ولكي يُخلق في الشخص ـ من جهة أخرى ـ، ومنذ بداية طفولته، الاستعداد للتأقلم مع الصعوبات الاجتماعيّة، ومواجهة انحرافاتها، فيتمرّن عبر ممارساته داخل العائلة لتكوين علاقة فضلى مع مجتمعه في المستقبل، فلا يشهد المجتمع الإسلامي المشكلة التي برزت اليوم في المجتمعات الحديثة، ولاسيما في الغرب، باسم: تعارض حقوق الطفل والنظام الاجتماعي([7]).
وبناءً على هذا سنتناول في هذا المقال: الحقوق الأساسيّة للطفل في معاهدة 1989 من وجهة نظر الإسلام، ومن الناحية الماهويّة.
1 ـ حقّ الحياة
أحد الحقوق الأساسيّة للطفل التي وردت في المعاهدة هو حقّه في الحياة. ففي المادّة السادسة من المعاهدة عُبّر عن هذا الحقّ بالحقّ الذاتي أو الفطري، ولعلّ المقصود من هذه التعابير أنّ هذا الحقّ غير قابل للسلب.
ورغم أنّ أغلب الباحثين عبّر عن الحياة والبقاء بصفتهما حقّاً([8]) إلاّ أنّ بعضهم؛ ولإكمال بيان مقصوده، قال: إنّ هذا الحقّ هو قاعدة وأساس جميع الحقوق الإنسانيّة([9]).
يبدو أنّه ليس المراد من التعبير عن الحياة بأنّها حقّ المفهوم الاصطلاحي للحقّ، بل المقصود أنّ حقّ الحياة هو الأساس الذي تبنى عليه شخصيّة الطفل; لأنّ الإنسان لا يعدّ شخصاً ما لم يتمتّع بالحياة، ولا يمكنه والحال هذه أن يتمتّع بأيّ حقٍّ من حقوقه أصلاً، ولهذا عبَّر البعض عنه بالحقّ الفطري أو الذاتي أو الطبيعي أو الأصيل (أي الذي يتّسم به الشخص أصلاً منذ أنْ يولد من بطن أُمّه)، أو بعبارة أخرى: إنّه الحقّ الذي يشكّل قاعدةَ وأساسَ جميع الحقوق الإنسانيّة([10]).
إذاً فليس إطلاق كلمة «الحقّ» على الحياة لأنّ أحداً لا يمكنه سلبه من الآخر، وإنّما لأنّ جميع أفراد البشر والدول والحكومات عليها أن تحترم حقوق الآخرين أيضاً. بيدَ أنّ هذا لا يعني أنّ بإمكان الشخص نفسه (صاحب الحقّ) أن يسلب الحياة عن نفسه، أو أن يحظى بحقّ امتلاكه وعدمه على السواء، بل حتّى صاحب هذا الحقّ لا يمكنه سلبه عن نفسه، ومثل هذا الفعل ممنوع وحرام، فالحياة إنّما عدّت حقّاً لأنّ الوجود يعدّ ميزة عند جميع عقلاء العالم، ومن ثمّ يجب على جميع الأفراد أن يحترموا حقّ أنفسهم بالوجود والبقاء، فضلاً عن احترامهم حقّ الآخرين في ذلك، دون أن يعني أنّ صاحب الحقّ مخيّر ـ كما في سائر الحقوق ـ في أن يتخلّى عن هذا الحقّ أو يحتفظ به.
ومن جهة أخرى لمّا كان البقاء شرطاً لوجود الشخصيّة فقد حُدّد وجود أهليّة التمتّع بالحقّ الملازم للشخصيّة ـ في المادّة 958 من القانون المدني الإيراني ـ بالولادة والموت. وبناءً على هذا فإنّ الحياة هي قاعدة وجود الشخصيّة التي يمكن للإنسان على أساسها أن يتمتّع بحقٍّ ما.
إنّ المادّة السادسة للمعاهدة ظاهرة في وجوب رعاية حقّ الحياة للطفل بعد الولادة مباشرة. وقد حاول بعض المتتبّعين أن يستفيد من عبارة الذاتي أو الأصيل، ويتوسّع بها، لتشمل مرحلة ما قبل الولادة([11])، بيدَ أنّ هذا الحقّ يقسَّم من وجهة النظر الحقوقيّة الإسلاميّة إلى قسمين، يولي الإسلام كليهما العناية، ويدعو إلى رعايتهما:
الأوّل: ويكون في المرحلة الجنينيّة، حيث لم يولد الطفل بعد، وما زال يعيش الحياة النباتيّة في رحم أُمّه. لقد حرَّم الإسلام في هذه المرحلة كلّ أشكال الإجهاض([12]).
الثاني: وتبدأ بعد الولادة، ويستمرّ حتّى سنّ البلوغ، ويطلق عليها مرحلة الطفولة. وفي هذه المرحلة أيضاً دلّت العمومات الشرعيّة الإسلاميّة على حرمة قتل النفس، حتّى عُدّ في أحدها ـ وحسب الاصطلاح المعاصر ـ جريمة ضدّ الإنسانيّة([13]).
لقد صرّحت آيات خاصّة في القرآن الكريم بحرمة قتل الطفل. فالآيتان المباركتان 151 من سورة الأنعام و31 من سورة الإسراء ـ على سبيل المثال ـ نهتا الوالدين عن قتل أطفالهم خشية الإملاق وعدم القدرة على توفير لقمة العيش لهم، ورفضتا عدّ هذه السبب مسوّغاً لارتكاب هذه الجريمة البشعة، بل إنّ قتل الطفل ممنوع في الإسلام لأيّ سبب كان. ومن هنا استفاد المفسّرون من هذه الآيات التحريم المطلق، ورأوا أنّ حرمة القتل خشية الفقر وقلّة ذات اليد، أو عدم القدرة على الإنفاق، الذي ذكرته الآية الكريمة، لا خصوصيّة لها، بل الآية تريد القول: إنّ العرف السائد عند العرب أنّهم كانوا يقتلون أولادهم خشية عدم القدرة على الإنفاق عليهم([14]).
ولكن رغم أنّ المبنى الذي تستند إليه فكرة لزوم حفظ حقوق الطفل من وجهة نظر الإسلام يختلف عن المبنى الذي ترتكز إليه المعاهدة اختلافاً تامّاً إلاّ أنّ النظريتين تتّفقان في وجوب حفظ رعاية حقّ الحياة بالنسبة للطفل، وعدم نقضه من قبل أيٍّ كان.
أضف إلى هذا أنّ حقّ الحياة للطفل في المرحلة الجنينيّة ـ ومن دون تخصيص ـ هو من مسلّمات الحقوق الإسلاميّة; لأنّ رعاية هذا الحقّ يكتسب الموضوعيّة من جهتين:
الأولى: الكرامة الإنسانيّة التي توَّج الله تعالى بها بني آدم {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} (الإسراء: 70)، ولا يسوغ لأيّ أحد أن يهين من كرّمه الله تعالى، والإجهاضُ وسلب الحياة يعدّ إهانةً عرفاً.
الثانية: إنّ رعاية حقّ الحياة تؤدّي إلى حفظ النوع البشري، وإنّ من علل إنزال العذاب على قوم لوط كون عملهم يؤدّي إلى انقراض النوع البشري، ومن ثمّ فحرمة الإجهاض وقتل الجنين، وكذلك نقض الأعراف والسنن الجاهليّة التي منها وأد البنات، هما من ضروريّات الحقوق الإسلاميّة المستغنية عن البرهان والدليل.
2ـ حقّ الاسم
الحقّ الآخر الضروري للطفل بعد حقّ الحياة هو حقّ امتلاك الاسم. في الحقوق المعاصرة يعدّ الاسم أحد مميّزات الشخص؛ لأنّه يوجب تمييزه عن غيره وكلّ شخص يحمل اسماً يميّزه عن غيره يمكنه أن يستوفي حقوقه ويتمتّع بها، كما أنّ هذا الاسم يحمّله التزاماته وواجباته تجاه الآخرين; لذا عَدَّ بعض الحقوقيّين التسمية حقّاً للشخص، وتكليفاً عليه في الوقت نفسه، أي موجباً لهما([15]).
ومع هذا فإنّ الاسم، وبالإضافة إلى أنّه يوجب تمييز كلّ شخص عن سواه من الأشخاص، ويمكنه أن يكون معرّفاً لحامله، ومن ثمّ فهو حقٌّ من حقوق الإنسان منذ ولادته، فإنّه ينبغي ـ من وجهة نظر الإسلام ـ أن يكون جميلاً أيضاً. وهذا حقّ للطفل يقع على عاتق أبيه خاصّة، وكما قال رسول الله’: «من حقّ الولد على الوالد أن يحسن اسمه»([16]). وبناءً على هذا فمن حقّ الطفل أن يحظى باسم جميل.
ومن ثمّ فرعاية حقّ امتلاك الطفل للاسم، وهو الحقّ الذي قرّرته المادّة السابعة([17]) من المعاهدة الدوليّة الخاصّة بحقوق الطفل، وفرضت الالتزام به على الدول الموقّعة لها، إنّ رعاية هذا الحقّ عبِّر عنه في الحقوق الإسلاميّة بـ «الاسم الحسن»، مع أخذ دوره التعريفي بنظر الاعتبار، وذلك لكي يُذكر الطفل باسم جميل، بالإضافة إلى امتلاكه حقّ أن يكون له اسم.
لقد اكتفت المعاهدة بذكر حقّ الاسم للطفل بصورة مطلقة، ولكن القوانين الداخليّة الموضوعة في بعض الدول، كالبند الأوّل في المادّة 20 من قانون الأحوال المدنيّة في إيران، حدَّد صلاحيّة الوالدين في تسمية أطفالهم بالأسماء المتناسبة مع جنسيّة المولود وغير المستهجنة. أمّا من وجهة نظر الإسلام ونظامه الحقوقي فلا يكفي تجنّب الأسماء المستهجنة وغير المتناسبة مع جنس المولود، وإنّما ينبغي اختيار الأسماء الجميلة، وكما ورد في الحديث الذي ذكرناه آنفاً: «أن يحسن اسمه».
ومن ثمّ فإنّ من الحقوق الأساسيّة للطفل من وجهة نظر الإسلام «اختيار اسم جميل له».
3 ـ حقّ الهويّة
من الحقوق التي تبدو ضروريّة للطفل في هذا اليوم أكثر من السابق حقُّ حفظ الهويّة; لأنّه وفي ظلّ سرعة المواصلات في هذا العصر، وإمكانيّة نقل الشخص من مكان إلى آخر، يمكن في حال عدم ضرورة رعاية هذا الحقّ أن يصبح الطفل مادّةً للتهريب من قِبل المتاجرين بكلّ شيء بحثاً عن الأرباح([18]). هذا من جهة، كما أنّ أزمة الهويّة الموجودة في المجتمعات البشريّة المعاصرة، والغزو الثقافي من قبل بعض الدول ضدّ ثقافة وهويّة الشعوب الأخرى، يشكِّلان خطراً يهدّد هويّة الطفل من جهة أخرى. ومن هنا أُلزمت الدول في المادّة الثامنة من المعاهدة([19]) برعاية حقّ الهويّة الوطنيّة والعائليّة والفرديّة للطفل، وإن كانت الهويّة الشخصيّة في العصر الحاضر حصل فيها اختلاف من حيث المشخّصات والعلامات; لأنّها ترتكز في الحقوق الإسلاميّة إلى العرف الذي كان سائداً في عصر صدر الإسلام، فكان انتماء الفرد يومذاك إلى قبيلته، أمّا اليوم فالانتماء إلى الدولة، وبها تحدَّد تابعيّة الشخص، كما كان الشخص آنذاك يحمل اسم أبيه، أمّا اليوم فيحمل لقب العائلة. والحاصل أنّ الهويّة الشخصيّة كانت عبارة عن اسم الشخص، واسم أبيه، والقبيلة التي ينتمي إليها وينحدر منها، بيدَ أنّ المهمّ في الأمر هو ماهيّة الحقّ، وقد اعترف بها الإسلام.
لقد اتُّخذت في الإسلام عدّة خطوات مهمّة وأساسيّة من أجل حفظ الهويّة الشخصيّة للفرد، ولم تأخذ بها المجتمعات الغربيّة، فأصبح فيها الطفل ـ بصورة لا إراديّة ـ معرّضاً لتغيير الهويّة. لقد اتّخذت في الحقوق الإسلاميّة الخطوات التالية من أجل حفظ هويّة الطفل أو الإنسان:
الخطوة الأولى: هي أنّ موضوع الهويّة وضرورتها نُسبت في القرآن الكريم إلى الله تعالى، وأُعلن أنّ وجود الهويّة لكلّ إنسان حقٌّ مشروع وضروريّ. ففي الآية 13 من سورة الحجرات قام القرآن الكريم بتعريف الهويّة الاجتماعيّة للشخص وأعلن بكلّ صراحة: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ}.
وقد أجمع المفسّرون على أنّ الاختلاف القومي والقبلي إنّما هو من أجل حفظ النظام الاجتماعي; لأنّه لو لم تكن هذه الاختلافات لما تمايز أفراد البشر بعضهم عن بعض، ولاختلّ النظام الاجتماعي على أثر ذلك([20]).
والمسألة الجديرة بالالتفات في تعريف الهويّة وتشخيصها هي أنّ القرآن الكريم ينظر إلى جميع الأشخاص نظرة واحدة من حيث الهويّة الإنسانيّة; لأنّه ينسبهم إلى الله تعالى، وكلّ ما يصدر من الكمال المطلق فهو كامل، ولا مرجّح لأحد على آخر، ومن ثمّ لا ينبغي لأحد أن يشعر من حيث الهويّة بالحقارة والنقص إزاء غيره من بني جنسه.
فبسبب أصل تساوي الأشخاص في الكرامة الإنسانيّة، رغم اختلاف الهويّة الاجتماعيّة والجنسيّة للأفراد، اعتبر القرآن جميع الناس متساوين، وعدّ الاختلافات المذكورة وسيلة للتشخيص وحفظ الاستقلال عند الأشخاص، ومن ثمّ فإحدى الخطوات المهمّة في الحقوق الإسلاميّة لحفظ هويّة الطفل تعريف هذا الاختلاف، والذي تمّ التصريح به في القرآن الكريم.
الخطوة الثانية: إنّ الإسلام؛ ومن أجل الإبقاء على هويّة الشخص معلومة والحفاظ عليها، حرّم الزِّنا بصورة مطلقة. لم يتمّ في القرآن الكريم التصريح بتحريم الزنا والنهي عنه فقط، بل صُرِّح بالنهي عن الاقتراب منه أيضاً; قال تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً} (الإسراء: 32)، وهذا يدلّ على مدى قبح الزنا من وجهة نظر المشرِّع الإسلامي، وأهمّية تحريمه.
ويعتقد أكثر المفسّرين أنّ من علل حرمة الزنا: حفظ هويّة الطفل، ويقولون: إنّ من وجوه حرمة الزنا اختلاط الأنساب الموجب لحرمان الطفل من المحبّة وسائر الحقوق التي تقع على عاتق الأب([21]).
وبناءً على هذا فإحدى الخطوات المتّخذة في النظام الحقوقي الإسلامي للحيلولة دون ولادة أطفال فاقدي الهويّة، أو ذوي هويّة مشكوكة، إعلان حرمة الزنا بشكل مطلق; لأنّ الطفل الذي لا هويّة له، أو هويّته مشكوكة، لا يحصل على رعاية أيّة عائلة، ويُحرم من كثير من الحقوق الأساسيّة والضروريّة.
الخطوة الثالثة: في النظام الحقوقي الإسلامي لحفظ هويّة الطفل وحقوقه: إلحاق الطفل الذي هويّته مشكوكة ـ أو ما يصطلح عليه بولد الشبهة ـ بالرجل والمرأة المتزوّجين شرعاً، فمع أنّ الاقتراب من الزنا قبيح وممنوع شرعاً في النظام الحقوقي الإسلامي، لكن لو أنّ امرأة متزوّجة أقامت علاقة جنسيّة مع شخص غير زوجها، ووُلد لها ولد، فإنّ هذا الولد يمكن أن يكون نتيجة العلاقة غير الشرعيّة، وليس من زوج المرأة، ولكنّ النظام الحقوقي الإسلامي؛ ومن أجل رعاية حقّ هويّة الطفل، يعدّ هذا الاحتمال العقلائي مرفوضاً، ويقول: إنّ الطفل يلحق بزوج المرأة، وأمّا ذلك الرجل الزاني فلا يلحق به الولد، بل له الحَجر، كما في النبوي الشريف: «الولد للفراش، وللعاهر الحجر»([22]).
فبالرغم من أنّ البعض انتقد وجهة النظر الإسلاميّة لحقوق الطفل، مدّعياً أنّه لا يدافع عن حقوق الطفل المولود من الزنا([23])، إلاّ أنّنا إذا نظرنا بعين الإنصاف إلى النظام الحقوقي الإسلامي نرى أنّه يمنح المشروعيّة للطفل المشكوك النَسَب، ويعدُّه طاهراً عندما ينسبه إلى زوج المرأة، وإن كان من المحتمل أنّه ليس أباه.
وبعبارة أخرى: إذا كان المشرّع الغربي ونظامه الحقوقي قد قبل بالطفل المتولّد من الزنا بصفته اللاشرعيّة فإنّ النظام الحقوقي الإسلامي يمسح أوّلاً الصفة اللاشرعيّة عن مثل هذا الطفل لو كان لأُمّه زوج، ثمّ يكسبه الصفة الشرعيّة حين يلحقه بزوج أُمّه، ومن ثَمَّ فالإسلام؛ لكي يدافع عن الطفل ويحمي حقوقه، يلحقه بذينك الزوجين (أُمّه وزوجها)، وينفي لا مشروعيّته عن طريق نفي موضوعها.
الخطوة الرابعة: المتَّخذة في نظام الإسلام الحقوقي للدفاع عن حقّ الهويّة عند الطفل: تحريمه التبنّي، فلقد كانت هذه السنّة الجاهليّة موجودة في صدر الإسلام، حيث كان بإمكان الشخص أن يتّخذ طفل شخص آخر ابناً له، ويحرمه من أبويه الأصليّين، ولكن الإسلام؛ ومن أجل الدفاع عن حقّ الطفل بالهويّة، عارض هذه السنّة الجاهليّة بشدّة، وأعلن القرآن ذلك بوضوح في قوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللهُ لِرَجُل مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمْ اللاَّئِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً} (سورة الأحزاب: 4 ـ 5).
يعتقد المفسّرون أنّ القرآن الكريم عبّر عن نسبة الولد إلى أبيه الطبيعي بالعدالة([24]).
وبناءً على هذا فنسبة الولد إلى أبيه الطبيعي في الحقوق الإسلاميّة تعدّ قسطاً وعدلاً، وفي حال نُسب إلى غيره فهو ظلم، وقبح الظلم في الحقوق الإسلاميّة من المسلّمات.
ومن هنا ألغى الإسلام التبنّي وعدّه أمراً غير مشروع; لأنّ التبنّي من وجهة نظر حقوق الإنسان يتعارض مع حقّ الهويّة الشخصيّة، فرعاية الهويّة الشخصيّة تستلزم أن يُنسب الطفل إلى أبويه الواقعيين، ولا يُنسب إلى غيرهما. وفي حال كان أبوا الطفل مجهولين فإنّ الإسلام يعدّه أخاً للآخرين، ويمنحه الهويّة عن هذا الطريق.
لقد طبّق النبيّ’ شخصيّاً تشريع إلغاء التبنّي مع زيد بن حارثة، وكان ابنه بالتبنّي، ونسبه إلى أبويه الطبيعيّين، كما أعلن في مواقف متعدّدة عن وجوب إلحاق الولد بأبيه الطبيعي، ففي حجّة الوداع، وحين جمع الحجّاج من جميع البلدان الإسلاميّة عند غدير خمّ، أكّد هذا الموضوع مرّةً أُخرى، فلعن مَن ينسب ولداً إلى غير أبويه الواقعيّين أو ينسبه لغيرهما([25]).
إذاً فحقّ الهويّة الشخصيّة، ولزوم حفظها، من المسلّمات في الإسلام، ولا يحقّ لأحد أنْ يبدّل هويّة الشخص; لأنّ لزوم حفظها من الأمور الأكيدة التي لا يحقّ حتّى للطفل أن يغيّرها إذا بلغ.
4 ـ حقّ اللعب
من الحقوق الأخرى للشخص في فترة طفولته حقّ اللّعب. واللّعب هو النشاط أو الحركة التي تؤدّى من أجل اللّهو والترويح فقط، دون أن يكون المقصود منها حصول نتيجة أخرى، أو تحقّق هدف آخر.
إنّ اللّعب، وبالإضافة إلى كونه يؤدّي إلى نموّ وتقوية بدن الطفل، ضروريّ أيضاً من أجل تنمية فكره وحصول التوازن الروحي لديه([26]).
أمّا إذا كان اللّعب جماعيّاً فإنّه يؤدّي أيضاً إلى أن يتعلّم الطفل رعاية حقوق الآخرين، وأن يتأقلم مع المشكلات الاجتماعيّة في الكبر. وهكذا فإنّ حقّ اللّعب من الحقوق الضروريّة للطفل.
لهذا نرى أنّ رسول الإسلام’ شبّه هذا الحقّ بالربيع بالنسبة للطفل، وقال: ربيع الطفل التراب([27])، فشبَّه’ في هذا الحديث الشريف دور اللعب للصبي بالربيع بالنسبة للطبيعة والأرض، فكما أنّه لولا الربيع لبقيت الأرض يابسة، وفقدت الطبيعة نضارتها، وذبلت أشجارها وماتت، فكذلك اللّعب بالنسبة للطفل، لولاه لأُصيب الصبي بالكآبة والذبول.
وبعبارة أخرى: كما أنّ الربيع يبدِّل الطاقات الكامنة في الأرض من حالة القوّة إلى الفعليّة فكذلك اللّعب من شأنه أن يفتّح مواهب الطفل ويخرجها من القوّة إلى الفعل وبصورة هائلة، وينمّيها بصورة مفيدة. ولهذا يرى بعض المختصّين أنّ اللّعب مفيد ومؤثّر أيضاً حتّى في تربية الطفل وتعليمه وعلاجه([28]).
لم يكتف النبي الأعظم ببيان أهمّية اللّعب للطفل بصورة نظريّة، بل كان ’ يقوم بذلك عمليّاً، فكان يركب حفيديه الحسن والحسين‘ على عاتقه ويلعّبهما، فكانا يقولان: نِعْمَ المركوب، وكان يُجيبهما ’: ونِعْمَ الراكبان([29]).
وهذا السلوك النبويّ دليل على أهمّية حقّ اللّعب، ودوره الحيوي بالنسبة للطفل في نظر الإسلام.
فإذا لاحظنا أنّ المجتمعات الراهنة للمسلمين لا تُولي هذا الحقّ الأهمّية الكافية وبالحدّ الضروري، وأنّ الشخصيّات الإسلاميّة المعاصرة ينظرون إلى الطفل بمنظارهم الخاصّ، فينبغي أن نعلم أنّ هذا المنحى الخاطئ لا يمكن أن ننسبه إلى الإسلام ونظرته الحقوقيّة، بل إنّ النبيّ’ أمرنا بالتصرّف مع الأطفال بأسلوب طفولي، والذي من خصائصه الأصليّة اللّعب.
في المادّة (31) من المعاهدة اعتُبر اللّعب من حقوق الطفل أيضاً، وأُلزمت الدول بالاعتراف بهذا الحقّ، وإعداد الأجواء اللازمة لاستيفائه وتمتّع الأطفال به.
5 ـ حقّ الحبّ والاحترام
من الحقوق الأخرى المذكورة للطفل، والتي تلعب دوراً مهمّاً في حياته، حقّا الحنان والتكريم. والمقصود بالحنان حبّ الوالدين الكامل له من جميع الجهات، حتّى حين يرتكب مخالفةً أو عملاً لا يليق. أمّا المقصود بالتكريم فهو أن ينظر الأبوان وسائر أفراد المجتمع إلى مرحلة الطفولة نظرة احترام، وأن يُتصرّف مع الأطفال بنحو لا يشعر معه بأقلّ احتقار.
أمّا بالنسبة للحبّ والحنان فقد صرّح الرسول’ بوجوب أن يكون أحدنا في تعامله مع اليتيم كالأب الرؤوف.
وإنّما عُدَّ اليتيم مستحقّاً للحنان منّا؛ لأنّه محتاج في طفولته إلى حنان الوالدين، وحيث إنّه فقدَ والديه أو أحدهما فثمّة حنان فقده; ومن هنا أوصى الإسلام كلّ مؤمن بأن يتعامل معه بحبّ وحنان كما لو كان أباه. وقد ضُرب بالأب مثالاً؛ لأنّ الأب والأُمّ هما رمز الحبّ والحنان الكاملين في التعامل مع الطفل.
وبناءً على هذا لا خصوصيّة لليتيم في ضرورة أن يُتعامل معه بعطف وحنان وتقدير واحترام، بل إنّ هذا التعامل مطلوب مع الطفل مطلقاً، وإنّما خصَّ الإسلام اليتيم بالذِّكر؛ لأنّ من المفروض أنّ غير اليتيم متمتّع بهذا الحقّ، فالوالدن مكلّفان بهذا التعامل مع أطفالهما أصلاً، وبما أنّ اليتيم محروم منه؛ بسبب فقده أبويه أو أحدهما، فقد نقل الإسلام هذه المسؤوليّة إلى سائر المؤمنين فأصبحت عامّة بعد أن كانت خاصّة.
وبكلمة أخرى: إنّ ذكر وجوب الالتفات إلى اليتيم بالحبّ والاحترام يحمل، بالإضافة إلى مضمونه، مفهوماً مفروغاً منه، وهو وجوب رعاية هذا الحقّ عند الأطفال بصورة عامّة.
وفي وصيّة أخرى للرسول الأكرم’ يقول: «خيركم خيركم لأهله»([30]). ومن الواضح أنّ النبيّ’ بوصيّته هذه يجعل المجتمع مهيّأً من الناحية الذهنيّة لحبّ الطفل، ومن ثمّ فهو يخلق الأرضيّة اللازمة بنحو ما للتعامل مع الطفل بلطف ومحبّة.
كذلك؛ ومن أجل خلق الشعور بالمسؤوليّة المقرونة بالمحبّة عند الوالدين إزاء أطفالهما؛ قال رسول الله’: «بيت لا صبيان فيه لا بركة فيه»([31]).
فلو نظرنا إلى هذا الحديث الشريف بنظرة سوسيولوجيّة وسيكولوجيّة لاتّضحت لنا المكانة التي يعطيها الإسلام للطفل، وكيف يهيئ الوالدين لرعاية حقوق الطفل وحرمته، ويلزمهما بذلك إلزاماً داخليّاً.
فالطفل حسب هذا الحديث أساس ومنبع الخير والبركة للعائلة، وإنّ رعاية حقوقه تؤدّي بنحو ما إلى تأمين المصلحة الاجتماعيّة والشخصيّة للوالدين.
ومن الواضح أنّ مثل هذه التعابير لها أفضل الأثر في المخاطب من الناحية النفسيّة؛ لأنّه ثبت في محلّه أنّ القواعد الحقوقيّة الجافّة، والتي لا روح فيها، لا يمكنها لوحدها أن تنشئ الأُسرة المنشودة المفعمة بالنشاط والسرور والحيويّة والطمأنينة ـ أو تبقيها كذلك ـ دون رعاية الأخلاق ووجود المحبّة والعلاقة الحميمة بين أفرادها.
لهذا نرى أنّ الرسول الأكرم’ عمل بدقّة ولطف كبيرين في البحث المتعلّق بالعائلة، فبدلاً من إصدار قواعد حقوقيّة جافّة ألزم الآباء والأُمّهات، ومن خلال تلطيف أرواحهم إزاء أطفالهم، ألزمهم إلزاماً داخليّاً (ذاتيّاً) برعاية حقوقهم.
في مجال حقّ الطفل بالاحترام والتكريم قال رسول الله’: «احترموا أطفالكم»([32]). وهذه الوصيّة النبويّة، أي لزوم احترام الطفل في المجتمع مهمّة جدّاً؛ لأنّ عهد الطفولة عهدٌ يتّسم بالصفاء والرِّقة، فمن الممكن أن ينسى الطفل الإهانات الموجّهة إليه؛ أو لا يُدرك بعضها، ولكنّها جميعاً ستكون مؤثّرة في تكوين شخصيّته مستقبلاً؛ لأنّ الطفل لو أُهين في محيط ما لا يمكنه أن يكون في المستقبل شخصاً محترماً فيه.
قد لا يلتفت أفراد المجتمع إلى شخصيّة الطفل بسبب مرحلة الطفولة، ولا يحظى الطفل منهم بالاحترام اللازم، أو أنّ بعض أفراد المجتمع يحترم الطفل نظراً للحرمة التي سيحظى بها في المستقبل، إلاّ أنّ الإسلام يرى أنّ الطفل مستحقّ للاحترام منذ ولادته، ولذلك ينبغي أن يُنظر إليه ويُتعامل معه باحترام منذ ذلك الحين.
لم يصرَّح بهذا الحقّ في المعاهدة، ولكن يمكن أن يستفاد من روح الموادّ وبعض عباراتها، فمثلاً: جاء في المقدّمة: «مع الالتفات إلى أنّ الأطفال ـ ولكي تتفتّح مواهبهم وقابليّاتهم ـ بحاجة إلى امتلاك عائلة مُفعمة بالحبّ والتفاهم والاحترام…»، أو تقرّر في المادّة 20 من المعاهدة ما يلي: «إنّ الطفل المحروم من حضن العائلة بصورة دائميّة أو موقّتة ينبغي أن يحظى برعاية خاصّة».
يمكن الاستفادة من هذه العبارة أنّ العائلة يجب أن تكون في علاقتها مع الطفل متّسمة بالحبّ والحنان والعلقة الشديدة. وبناءً على هذا فإنّ أحد الحقوق الأساسيّة للطفل هو الحصول على الحنان والاحترام، وهذا الحقّ تمَّ تشخيصه في الحقوق الإسلاميّة، وجرى التأكيد عليه.
6 ـ حقّ العيش في كنف الوالدين
من الحقوق الأخرى الضروريّة للطفل في مرحلة الطفولة حقّه في العيش مع أُمّه وأبيه. وليس المقصود بهذا الحقّ حقّ الحضانة والمحافظة على الطفل فقط، بل إنّ ما يحظى بأهمّية أكثر هو السكون الروحي الذي يتحقّق للطفل إذا عاش في كنف والديه وحضنهما; لأنّه قد ثبت اليوم أنّ الطفل يأنسُ منذ بداية ولادته بضربات قلب أُمّه، ولا يحبّ أن ينفصل عنها.
ولذا يعتقد بعض الباحثين أنّ من عوامل شعور الطفل بالنقص العاطفي السلوك غير المناسب للوالدين، وبُعدهما عن الطفل، وقضاء أكثر أوقاتهما في محيط العمل وخارج البيت([33]).
بل إنّ بعضاً آخر يعتقد أنّ وجود الطفل بالقُرب من الوالدين يؤثِّر في نموّه الجسمي، وأنّ انفصال الطفل عن والديه لا يؤدّي إلى اختلال نموّه الفكري فحسب، بل يُسبِّب الخلل الجسمي لدى الطفل أيضاً([34]).
والحاصل أنّ عيش الطفل مع والديه الطبيعيّين هو حقّ أساسي شخّصه الإسلام وعارض كلّ سلب له، ففي سبيل حثّ المسلمين على رعاية هذا الحقّ عدَّ الرسول الأكرم’ البقاء إلى جانب الطفل معادلاً للاعتكاف في المسجد للعبادة، بل أفضل منه، وقال ما مضمونه: إنّ بقاءك إلى جانب عائلتك أفضل من انزوائك في زاوية من المسجد للعبادة([35]).
كما أعلن في حديث آخر أنّ من يتسبّب في انفصال طفل عن أُمّه يفصله الله يوم القيامة عن أوليائه.
وهكذا ترى أنّ حقّ العيش إلى جانب الوالدين هو من الحقوق المسلّمة للطفل غير القابلة للسلب في الإسلام.
قد يُقال: إنّ تعاليم الإسلام أخلاقيّة تماماً، وتفقد الضمانة الحقوقيّة التنفيذيّة، إلاّ أنّ هذا الإشكال غير وجيه; لأنّه ثبت أنّ القواعد الحقوقيّة الجافّة لا تستطيع وحدها أن تدفع الوالدين لرعاية حقوق أطفالهم، ولهذا أظهرت التحقيقات التي قامت بها مؤسّسة تُعنى بمنع إيذاء الأطفال في مدينة نيويورك أنّ (92%) من العوائل الأمريكيّة تعامل أطفالها بسوء، وتُلحق بهم الأذى([36]).
وفي المادّة التاسعة من المعاهدة تتعهّد الدول بعدم السماح بفصل الأطفال عن آبائهم وأُمّهاتهم خلافاً لرغبتهم، إلاّ في بعض الموارد التي يكون الانفصال فيها لصالح الطفل. وكذلك في الحالات التي ينفصل الزوجان عن بعضهما فإنّ على الدول مراعاة حقّ لقاء الأطفال بآبائهم أو أُمّهاتهم. ومن جهة أُخرى ذكرت هذه المادّة أنّه لو اقتضت مصلحة الطفل فإنّه يمكن فصله عن والديه رغماً عنهما، والسماح لعائلة أُخرى بتبنّيه أو تكفّله بنحو ما.
إنّ المشرِّع الإيراني، وفي المادّة (1185 ق.م) التي شرّعها عام 1381هـ.ش، سمح بعزل الوليّ في صورة وجود مصلحة للطفل في ذلك، إلاّ أنّ هذا التشريع يخالف النظريّة المشهورة في النظام الحقوقي الإسلامي; لأنّ المصلحة البعيدة المدى للطفل تقتضي أن لا يُفصل عن والديه بأيّة حال من الأحوال.
تكشف الإحصاءات في الولايات المتّحدة الأمريكيّة أنّ الأطفال الذين فُصلوا عن والديهم الطبيعيّين؛ بذريعة حفظ ورعاية مصلحتهم، خضعوا للاستغلال الجنسي والبدني والروحي([37])، ومن ثمّ ففصل الطفل عن عائلته لا يتعارض مع مصلحته فحسب، بل يجعله معرَّضاً للخطر بشكل مضاعف([38]).
في الحقوق الإسلاميّة لا يجوز فصل الطفل عن والديه تحت أيّ عنوان، ولكن إذا كان الوالدان يعرِّضان الطفل لأذىً مُبرِّح، بدنيّ أو نفسي، أو لا يُراعيان مصلحته، ففي مثل هذه الحالة يُضَمّ إليهما مراقب، وهذا الأسلوب يؤثّر كثيراً في تأمين مصلحة الطفل الطويلة الأمد، ولا يحمل أيّ خطر محتمل لمصالحه أيضاً.
7 ـ حقّ التعلّم
حين يولد الإنسان يُولد خالي الذهن إزاء جميع المسائل والموضوعات، وبالتعلّم يصبح صاحب رأي فيها. إضافة إلى هذا، ومع توسّع العلم والتكنولوجيا في العالم المعاصر، عادَ التعليم أمراً حيويّاً، بل بمنزلة الحياة بالنسبة للإنسان; لأنّ من لا يملك قدرة التعلّم يكون في حكم الميّت من الناحية الاجتماعيّة والشخصيّة.
إنّ رسالة الإسلام الأصليّة التعليم والتعلّم، وأوّل ما خاطب به الله تعالى رسوله الكريم خاطبه بقوله: {اقْرَأْ}، ما يعكس أنّ موضوع لزوم التعلّم يعدّ من الحقوق الضرورية في الإسلام. بيدَ أنّه لبيان الموضوع ينبغي الاستناد إلى عدّة روايات عدّت التعلُّم أحد حقوق الطفل على والديه، قال رسول الله’: «ومن حقّه على والديه أن يعلّماه إذا بلغ»([39]).
وكذلك قال ’ في حثّ الناس على طلب العلم: «ليس منّي إلاّ عالم أو متعلّم»([40]).
أضف إلى هذا قوله’ في بيان أهمّية العلم ودوره: «كلمة حكمة يسمعها مؤمن ويتعلّمها خيرٌ من عبادة سنة»([41]).
ومن الواضح أنّ هذه الروايات تدلّ بصراحة على لزوم وضرورة التعلّم من وجهة نظر الحقوق الإسلاميّة للجميع، ولا سيما الأطفال.
وفي المادّة (28) من المعاهدة تمّ التأكيد على ضرورة الاعتراف بهذا الحقّ من قبل الدول، وكذلك كون التعليم الابتدائي إلزاميّاً ومجّانيّاً لجميع الأطفال.
كما عُدَّ لزاماً على الدول الموقّعة للمعاهدة أن تهيّئ كلّ إمكانات التعليم في المراحل المتوسّطة والعُليا لجميع الأطفال.
وبناءً على هذا فإنّ حقّ تعليم الطفل الذي صرّحت به المادّة (28) من المعاهدة يُعدّ من وجهة نظر الحقوق الإسلاميّة من الضروريّات، إلى درجة عُدَّ التعلّم ساعة خيرٌ من عبادة سنة.
8 ـ حقّ التربية
من حقوق الطفل أيضاً حقّه في التربية; لأنّ الطفل يوجد عنده منذ ولادته الاستعداد لعمل الخير والشرّ، فلقد ألهم الله الإنسان ومن أجل اختباره، الاستعداد لهما معاً: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} (الشمس: 8)، وإنّ ما يقوم به المربّي وما يقدّمه من مساعدات وإرشادات للطفل هي التي تعزّز لديه الاستعداد للقيام بالأعمال الصالحة، وتمنحه الفعليّة لأن يكون شخصاً نافعاً في المجتمع.
عرضت تعريفات مختلفة لمفهوم التربية؛ فبعض الباحثين يراه شاملاً للتعليم([42])، بيدَ أنّ المفهوم الذي يُبحث عنه في التربية أخصّ من التعليم، وإن كان التعليم مقدّمةً للتربية، وما لم يتحقّق التعليم لا تتحقّق تربية راسخة، ومن ثمّ فالمراد من التربية إصلاح الطفل وإعداده للاستفادة من استعداداته ومواهبه الفطريّة في حياته الشخصيّة، وتكيّف سلوكه وانسجامه مع التقلّبات الاجتماعيّة.
لم يتمّ تعريف التربية في المعاهدة، ولكنّ المادّة (29) منها ذكرت الأهداف التربويّة من البُعدين الشخصي والاجتماعي; فالهدف من التربية من الناحية الشخصيّة عبارة عن تفتّح المواهب والاستعدادات الروحيّة والبدنيّة للطفل، وأمّا من الناحية الاجتماعيّة فهو الشعور بالاحترام إزاء حقوق البشر، والرغبة والتوجّه نحو اللغة والقيم الوطنية للموطن الأصلي، والتهيّؤ للحياة الحرّة المبنيّة على التفاهم وتحمّل عقائد الآخر، وحبّ النوع الإنساني.
وبناءً على هذا ـ وكما يظهر من الأهداف المرسومة في المعاهدة، وما يعتقده المتخصّصون في العلوم التربويّة أيضاً ـ فإنّ التربية ضروريّة للطفل من الناحيتين الشخصيّة والاجتماعيّة؛ لأنّها من الناحية الشخصيّة تؤدّي إلى تنمية وتفتّح مواهب الطفل واستعداداته؛ وأمّا من الناحية الاجتماعيّة فإنّ التربية الصحيحة للطفل هي الأخرى تؤدّي إلى تحقّق الأمن في المجتمع في الحاضر والمستقبل([43]).
والحاصل أنّ التربية عبارة عن تنمية الطفل تنميةً يستفيد معها وبالنحو المطلوب من استعداداته الذاتيّة، هذا من الناحيّة الشخصيّة، أمّا من الناحية الاجتماعيّة فيستطيع أن يوائم نفسه مع التقلّبات والصعوبات الاجتماعيّة، ويتحمّل الآراء الأُخرى.
إنّ التربية في البُعد الاجتماعي عبَّرت عنها الحقوق الإسلاميّة بالأدب، فالأدب في الثقافة الحقوقيّة الإسلاميّة عبارة عن احترام الآخرين، واحترام عقائدهم وثقافتهم، ورعاية حقوقهم في المجتمع.
لقد أولت الحقوق الإسلاميّة اهتماماً خاصّاً بحقّ الطفل في التربية، فعلى سبيل المثال: ورد عن النبيّ’ في حديث أنّه قال: «احترموا أطفالكم، وأحسنوا تربيتهم»([44]).
وكذلك جاء في حديث آخر أنّه: «ما نحل والدٌ ولده أفضل من أدب حسن»([45]).
لقد عرَّف الرسول الأكرم’ في هذين الحديثين الشريفين حقّ تربية الطفل في بُعديها الشخصي والاجتماعي، وأعلن أنّ التربية حقٌّ للطفل، وأنّ الوالدين هما المسؤولان عن أدائه.
والنقطة الجديرة بالالتفات هي أنّه كما أنّ الوالدين هما المسؤولان عن تربية الطفل في النظام الحقوقي الإسلامي فكذلك عدَّت المادّة 18 من المعاهدة الوالدين هما المسؤولان عن تربية الطفل. ومن ثمّ فالتربية حقٌّ للطفل، والوالدان مسؤولان عن تنفيذه، والدول والحكومات مسؤولةٌ عن تهيئة الأرضيّة اللاّزمة لذلك، حسب المعاهدة الدوليّة.
الاستنتاج
إنّ القلق الذي يشعر به المجتمع العالمي والعلماء إزاء حقوق الطفل جديرٌ بالشكر والثناء; لأنّ هذا الواقع يشير أنّ البشر قد بلغ بعد قرون من المعاناة والحرمان درجةً من النضج، بحيث استطاع تشخيص حقوق بني جنسه ولاسيما الأطفال، الذين هم أضعف ممّن سواهم، والدفاع عن هذه الحقوق ورعايتها.
ومع هذا فإنّ الحقوق الأساسيّة المطروحة في المعاهدة للطفل المعاصر جاء تشخيصها في الحقوق الإسلاميّة بنحو أكمل وأشمل. فحقّ الحياة ـ على سبيل المثال ـ يرعاه الإسلام منذ انعقاد نطفة الطفل، ويُعدّ أيُّ نوع من سلب الحياة، ولو من الجنين، جريمةً من وجهة نظر الإسلام.
وهكذاجاء حقّ حفظ الهويّة في الحقوق الإسلاميّة بنحو أكمل ممّا في المعاهدة; لأنّ المشرّع الإسلامي ينظر إلى مصلحة الطفل على المدى البعيد، فهو ـ من جهة ـ يتّخذ خطوات في التشخيص أكيدة، ويُلزم جميع الأشخاص باحترام تلك الحقوق المقرّرة، كما يقوم ـ من جهة أُخرى ـ بخطوات لحفظ هويّة الطفل من خلال إعلان تحريم الزنا، وأمارة الفراش، وإلغاء الأعراف والتقاليد الجاهليّة حول الولد، ومنها وأد البنت.
كما أنّ سائر الحقوق الأساسيّة للطفل، كحقّ التكريم والاحترام والمحبّة والحنان، وحقّ التعلّم، وحقّ العيش مع الوالدين، قد تمّ تشخيصها وتعريفها والاعتناء بها في النظام الحقوقي الإسلامي بصورة كاملة.
وبناءً على هذا إذا ما لوحظ وجود نقصان أو نقاط ضعف في المجتمعات الإسلاميّة في مجال حقوق الطفل فإنّ هذا ناجم عن بُعد المسلمين عن الحقوق الإسلاميّة، وإلاّ فإنّ حقوق الطفل المعاصر قد تمَّ تشخيصها بصورة تامّة في النظام الحقوقي الإسلامي، وأعلن عن تحريم نقضها، ولا يمكن الزعم أنّ موضوعة حقوق الطفل موضوعةٌ جديدة على النظام الحقوقي في الإسلام.
الهوامش
(*) أستاذ مساعد في جامعة طهران.
([2]) الأردبيلي، مجمع الفائدة والبرهان 13: 8؛ السيّد روح الله الموسوي الخميني، تحرير الوسيلة 2: 482.
([3]) {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}.
([4]) {وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ}.
([5]) محمّد موسوي بجنوردي: 41.
([6]) محمّد الهاشمي، حقوق البشر والحريات السياسية: 557.
([7]) راجع: ايكايم تيسدال، 1998: 1 فما بعد.
([8]) الدكتور السيّد حسين صفائي والسيّد مرتضى قاسم زاده، حقوق مدني (الأشخاص والمجروحين): 38؛ الدكتور جابر الراوي، حماية حق الحياة في الشريعة الإسلامية: 1.
([9]) الدكتور السيّد محمّد الهاشمي، حقوق البشر والحريات السياسية: 557.
([10]) الدكتور إبراهيم جهان بخش، سير في حقوق البشر: 76.
([12]) السيّد علي الطباطبائي، رياض المسائل 14: 328؛ العلامة الحلي، قواعد الأحكام 3: 594.
([13]) الدكتور جابر الراوي، حماية حق الحياة في الشريعة الإسلامية: 1.
([14]) العلاّمة الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 7: 516 و13: 116.
([15]) الدكتور السيّد حسين صفائي، حقوق مدني: 89.
([16]) راجع: الشيخ عبّاس القمي، حياة محمد: 189.
([17]) المادة 7: 1. يسجل الطفل بعد ولادته فوراً، ويكون له الحق منذ ولادته في اسم، والحق في اكتساب جنسية، ويكون له ـ قدر الإمكان ـ الحق في معرفة والديه وتلقّي رعايتهما.
- تكفل الدول الأطراف إعمال هذه الحقوق وفقا لقانونها الوطني والتزاماتها بموجب الصكوك الدولية المتصلة بهذا الميدان، ولاسيما حيثما يعتبر الطفل عديم الجنسية في حال عدم القيام بذلك.
([18]) وانسا سوزان، 2005، 2: 14.
([19]) المادة 8: 1. تتعهد الدول الأطراف باحترام حق الطفل في الحفاظ على هويته بما في ذلك جنسيته، واسمه، وصلاته العائلية، على النحو الذي يقره القانون، وذلك دون تدخل غير شرعي.
([20]) راجع: الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 9: 452; العلاّمة الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 18: 448، الشيخ ناصر مكارم شيرازي، التفسير الأمثل 22: 19.
([21]) راجع: الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 6: 452; العلاّمة الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 18: 448، الشيخ ناصر مكارم شيرازي، التفسير الأمثل 22: 102.
([22]) راجع: الشيخ مرتضى الأنصاري، كتاب النكاح: 489 فما بعد.
([24]) راجع: الطوسي، 5: 314 فما بعد؛ العلامة الطباطبائي، الميزان تفسير القرآن 16: 412؛ الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، التفسير الأمثل 17: 197 فما بعد.
([25]) راجع: علي بن الحسين بن شعبة الحراني، تحف العقول: 33.
([26]) أحدي وبني جمال، علم نفس النمو: 262.
([27]) راجع: عبّاس القمّي، حياة محمد: 202.
([28]) راجع: أحدي وبني جمال، علم نفس النمو: 266.
([29]) الميرزا محمد تقي سپهر، ناسخ التواريخ: 71.
([30]) علي المشكيني، نصائح: 43.
([32]) علي المشكيني، نصائح: 33.
([33]) أحدي وبني جمال، علم النفس النمو: 234.
([34]) محمد رضا شرفي، مراحل رشد وتحول الإنسان: 115 فما بعد.
([35]) الشيخ عبّاس القمّي، حياة محمد: 187.
([36]) راجع: شوقي رافع، ماهي حقوق الطفل؟ ومن يقوم بتحديدها؟: 1.
([37]) راجع: كلار هانتيگون: 644.
([39]) راجع: الشيخ عبّاس القمّي، حياة محمد: 28.
([40]) راجع: المصدر نفسه: 219.
([42]) الدكتور علي قائمي، زمينه تربيت.
([43]) قائمي، روانشناسي تربيت كودكان شاهد: 151.