د. محمد ملكي نهاوندي(*)
1ـ المقدّمة
لقد كان القرآن الكريم والأحاديث الشريفة وشرح مفرداتهما موضع اهتمام العلماء المسلمين على الدوام، بوصفها هاجساً أساسياً. يشهد على ذلك تأليف الكتب في غريب الحديث، وفي غريب القرآن، والتفاسير المختلفة، منذ بداية القرن الثاني للهجرة. ويعتبر دَوْر علماء الشيعة في هذا الشأن بالغ الوضوح والأهمّية، بحيث صدرت عنهم في مختلف المراحل ـ وإلى اليوم ـ مؤلَّفات في غاية الأهمّية. ولكنْ للأسف الشديد لم يتمّ التدقيق في هذا الشأن إلى الآن، ولم يتمّ بيان دَوْر علماء الشيعة بشكلٍ جيّد، إلى الحدّ الذي بقيت معه هويّة بعض كبار علماء الشيعة من مشاهير هذا الفنّ طيّ النسيان، الأمر الذي أدّى إلى إنكار دَوْرهم الهامّ في هذا الشأن. نسعى في هذا المقال الموجَز ـ ضمن بيان ما تمّ القيام به في مجال شرح المفردات الدينية ـ إلى تحديد المكانة والدَّوْر الكبير لعلماء الشيعة في مجال شرح المفردات الدينية.
من الواضح أن المراد من المفردات الدينية هو كلماتٌ من القرآن الكريم والأحاديث الشريفة التي تحتاج إلى الشرح والبيان، وهي الكلمات التي تنطوي؛ لسببٍ وآخر، على بعض الغموض والإبهام، وتمّ شرحها وتفسيرها من قِبَل العلماء العارفين بالشريعة والمختصّين في علم اللغة.
كما تمّ السعي أيضاً ـ بالإضافة إلى تسليط الضوء على أولئك العلماء الذين قاموا بدَوْرٍ مباشر في شرح المفردات الدينية ـ إلى بيان دَوْر العلماء الذين تركوا تأثيرهم في هذا الشأن على نحوٍ غير مباشر.
2ـ الأدوار التي لعبها علماء الشيعة والسنّة في شرح المفردات الدينية
لقد كان لعلماء اللغة العربية أدوار مباشرة وغير مباشرة، على ثلاثة أشكال، في شرح المفردات الدينية، وذلك على النحو التالي:
1ـ تأليف المعاجم اللغوية.
2ـ تأليف الكتب في موضوع غريب الحديث، وغريب القرآن، ومفردات القرآن.
3ـ شرح المفردات الدينية في المصادر التفسيرية، والروائية، والفقهية، والأصولية، وغيرها.
أـ المعاجم اللغوية
إن المعجم عبارةٌ عن كتابٍ يشتمل على كلماتٍ أو مصطلحاتٍ لعلمٍ ما على أساس ترتيبٍ خاصّ، حيث يتمّ العمل على تفسير وشرح وتفسير الكلمات والمفردات أو تعريفها من خلال بيان ما يرادفها أو ما يعارضها أو ما يشاكلها في لغةٍ أخرى([1]). وفي الحقيقة إن معاجم اللغة العربية هي كتبٌ تتكفَّل بجمع كافّة المفردات العربية وشرحها، ولا تختصّ بكلماتٍ خاصّة، ويتمّ التعبير عنها بوصفها مصادر وأمّهات للمصادر الأخرى (كتب الغريب والمفردات).
ب ـ كتب غريب القرآن ومفردات القرآن
إن كتب غريب القرآن من بين المصادر الغنيّة الأخرى في اللغة العربية. إن هذه الكتب تتكفَّل بشرح الكلمات الغامضة والمُبْهَمة في القرآن الكريم([2]). وقد ذهب بعض المحقِّقين إلى الاعتقاد بوجود العديد من الكتب في هذا الموضوع، وقيل: إن عددها قد بلغ 363 كتاباً، ولكنها لم تصِلْ إلينا([3]).
إن كتب مفردات القرآن تتكفَّل ببيان معاني ومفاهيم عموم الكلمات والمفردات القرآنية، ولا تختصّ بالكلمات المُبْهَمة والغامضة.
ج ـ كتب غريب الحديث
كما أن كتب غريب الحديث تتكفَّل ـ مثل كتب غريب القرآن ـ ببيان الكلمات المُبْهَمة والغامضة في الأحاديث والروايات. وقد كان تأليف هذا النوع من الكتب شائعاً منذ صدر الإسلام. وأوّل مَنْ كتب في ذلك هو ابن سلام(223هـ)([4]).
د ـ المصادر الأخرى
هذا وقد شاع شرح المفردات الدينية في غير المصادر اللغوية، وغير غريب القرآن أيضاً. كما يعمد المفسِّرون في مختلف مواضع القرآن الكريم ـ لمناسبةٍ ما ـ إلى شرح كلمات القرآن([5])، أو يعمل مؤلِّفو الجوامع الحديثية والروائية، من أمثال: العلاّمة المجلسي في مختلف مواطن كتاب بحار الأنوار، على شرح مفردات الأحاديث([6])، أو يبدي بعضُ الفقهاء والأصوليين اهتماماً خاصّاً في مقدّمة بعض الأبحاث بشرح ألفاظ القرآن الكريم والأحاديث الشريفة.
3ـ أكثر الأشخاص تأثيراً في شرح المفردات الدينية
بعد التعرُّف المقتَضَب على المصادر الأصلية لشرح مفردات اللغة العربية ننتقل إلى التعريف بشكلٍ مختصر بأصحاب المصادر، وحجم اهتمامهم بشرح الكلمات الدينية، لنبحث بعد ذلك مذهب كلٍّ منهم باختصارٍ.
ينقسم الأشخاص المؤثِّرون في شرح المفردات الدينية إلى قسمين رئيسين، وهما:
القسم الأوّل: الأشخاص الذين تكفَّلوا ـ عموماً ـ بشرح المفردات العربية، ولم يقتصروا على بيان وشرح خصوص كلمات القرآن الكريم أو الأحاديث. ويُسمّى هذا الصنف من الأشخاص (اللغويّون)، وأكثرُهم من أصحاب المعاجم اللغوية.
القسم الثاني: الأشخاص الذين تكفَّلوا ـ بشكلٍ مباشر ـ بشرح كلمات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة. وإن كتب غريب القرآن ومفردات القرآن من الكتب البارزة في هذا المجال.
القسم الأوّل: اللغويّون
لقد لعب اللغويّون أدواراً على نحوَيْن في شرح المفردات الدينية:
النحو الأوّل: ذكر كلمات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة في كتبهم، والقيام بشرحها. وهذا ما نراه في الكثير من المعاجم اللغوية، إلى الحدّ الذي تعتبر معه بعض المعاجم اللغوية، مثل: معجم الجيم، والمصباح المنير، أشبه بالمعاجم القرآنية منها إلى المعاجم اللغوية([7]).
النحو الثاني: مصدريّتها لشرّاح كلمات القرآن والحديث.
إن المعاجم اللغوية هي أمّهات اللغة العربية، وتُعَدّ محوريّتها في الحفاظ على اللغة العربية من البديهيات، ويمكن الاطمئنان إلى مكانتها الخاصّة للمصادر الأخرى ـ دون الحاجة إلى الدراسة الميدانية ـ، ومن بينها: كتب الغريب، وكتب التفسير، والكتب الفقهية، وما إلى ذلك.
وللحصول على المزيد من الاطمئنان قُمْنا بالبحث في بعض الكتب، وحصلنا على حجم اهتمامهم بآراء اللغويين، وذلك كما يلي:
إن كتاب (النهاية في غريب الحديث والأثر) من أهمّ الكتب في غريب الحديث، حيث نشاهد في هذا الكتاب ذكر اسم الأزهري وكتابه (تهذيب اللغة) في أكثر من أربعين مورداً. كما نرى أربعين مورداً من آراء الجوهري صاحب معجم الصحاح في اللغة. وكذلك ورد الحديث عشر مرّات عن الخليل بن أحمد الفراهيدي بوصفه أوّل معجميّ([8]).
وفي كتاب (مجمع البحرين) القيِّم تمَّت الاستفادة من آراء الخليل بن أحمد الفراهيدي تسعاً وعشرين مرّة، ومن آراء ابن دريد تسع مرّات، ومن آراء الأزهري ثلاثاً وخمسين مرّة، ومن آراء الجوهري مئة وأربعاً وخمسين مرّة، ومن آراء ابن فارس ثلاثاً وعشرين مرّة، ومن آراء الفيروزأبادي تسعاً وستين مرّة، ومن آراء الفيّومي ثلاثاً وخمسين مرّة([9]).
إن استناد تفسير مجمع البيان القيِّم سبع عشرة مرّة إلى معجم الجمهرة، لابن دُرَيْد، يبيِّن مدى اهتمام هذا المفسِّر الكبير بأوّل معجمٍ لغوي([10]).
كما يُشاهَد الاستناد إلى تهذيب اللغة، للأزهري، في تفاسير الشيعة كثيراً، إلى الحدّ الذي تمّ الاستناد معه في كتاب مجمع البيان إلى هذا المعجم خمساً وستين مرّة، وتمّ الاستناد إليه في تفسير الصافي ثلاث مرّات، وفي تفسير الشريف المرتضى مرّتين([11]).
كما كان معجم الصِّحاح، للجوهري، موضع اهتمام لدى المفسِّرين الشيعة، إلى الحدّ الذي تمّ الاستناد إليه في تفسير الميزان أربعاً وثلاثين مرّة، وفي تفسير البيان لأكثر من إحدى وثلاثين مرّة([12]).
ومن خلال تصفُّح الكتب الفقهية تتكشَّف محورية المعاجم اللغوية بوضوحٍ، بحيث يتجلّى ذكر اسم المصباح المنير في جواهر الكلام ثمانٍ وعشرين مرّة، ويؤتى على ذكر كتاب شمس العلوم في هذا الكتاب خمس عشرة مرّة.
كما أن الإشارة إلى صحاح الجوهري ستّاً وثلاثين مرّة، وكذلك الإحالات المتكرِّرة إلى سائر المصادر الأخرى، من قبيل: الجمهرة لابن دريد، والمقاييس لابن فارس، في كتاب السرائر يؤكِّد بدَوْره على اهتمام هذا الفقيه الكبير بالمصادر اللغوية أيضاً([13]).
كما أن حضور المصادر اللغوية في المصادر الأخرى (الأعمّ من التفسير والفقه وأصول الفقه) بدَوْره جديرٌ بالملاحظة أيضاً. من ذلك أن العلاّمة المجلسي ـ على سبيل المثال ـ قد استند في كتاب بحار الأنوار وفي شرح الكلمات إلى المصادر اللغوية مراراً، حيث استند إلى الجمهرة لابن دريد ثمانٍ وعشرين مرّة، كما أشار إلى الأزهري سبعين مرّة([14]).
وبذلك يتّضح أن معاجم اللغة، وإنْ لم تتعرَّض إلى شرح المفردات الدينية على نطاقٍ واسع وبشكلٍ مباشر، إلاّ أنها شكَّلت محوراً رئيساً لجميع الكتب والمصادر التي تكفَّلت بشرح المفردات الدينية، إلى الحدّ الذي ذهب معه بعض علماء الدين إلى القول بحجّية قول اللغوي، معتبرين أن الدليل على ذلك هو الانسداد الصغير([15])، بمعنى أنه لا مندوحة من الرجوع إلى كلام اللغويّ. وسواء قبلنا بهذا الدليل أو لم نقبل به فلا شَكَّ في أن بحث حجّية قول اللغوي تشهد في حدّ ذاتها بأهمّية ومنزلة اللغويين في فهم كلمات القرآن الكريم والسنّة الشريفة.
أـ أبرز اللغويين من أصحاب التصانيف
إن أهمّ المعاجم اللغوية وأكثرها استناداً ومرجعيةً، بالالتفات إلى ما تمّ تحقيقه وإثباته في محلّه، هي كما يلي([16]):
1ـ العين، للخليل بن أحمد الفراهيدي(175هـ).
2ـ جمهرة اللغة، لأبي بكر محمد بن حسن الأزدي البصري، المعروف بابن دُرَيْد(321هـ).
3ـ معجم تهذيب اللغة، لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري(370هـ).
4ـ المحيط، للصاحب إسماعيل بن عبّاد(385هـ).
5ـ الصِّحاح (تاج اللغة وصحاح العربية)، لأبي نصر بن حمّاد الجوهري(393هـ).
6ـ معجم مقاييس اللغة، لأبي الحسن أحمد بن فارس بن زكريّا(395هـ).
7ـ مجمل اللغة، لأبي الحسن أحمد بن فارس بن زكريّا(395هـ).
8ـ المخصّص في اللغة، لعليّ بن إسماعيل، المعروف بابن سيده(458هـ).
9ـ لسان العرب، لمحمد بن مكرم، المعروف بابن منظور؛ وابن مكرم(711هـ).
10ـ المصباح المنير، لأحمد بن محمد بن علي الفيّومي المقري(770هـ).
11ـ القاموس المحيط والقابوس الوسيط، لمحمد بن يعقوب، المعروف بالفيروزأبادي(817هـ).
ومن بين المصادر التي تمّ ذكرها هناك عددٌ من المصادر تحظى بأهمّية خاصّة. إن هذه الخصائص بحيث إن جميع مفسِّري القرآن الكريم والسنّة الشريفة مدينون إلى هذه المصادر اللغوية الخاصّة، ويتمّ إعطاء الدَّوْر المحوري في شرح مفردات القرآن الكريم والأحاديث إلى هذه المصادر الخاصّة. ولتوضيح المسألة أكثر نقسِّم المعاجم اللغوية ـ في تبويبٍ تطبيقيّ خاصّ ـ إلى قسمين:
1ـ المعاجم اللغوية التي تتكفَّل بمهمّة جمع الكلمات العربية وشرحها. وهذا هو حال أغلب المعاجم، ولا تتكفَّل بأيّ شيءٍ غير هذه المهمّة (شرح الكلمات).
2ـ المعاجم التي تحظى، بالإضافة إلى هذه المهمّة الأصلية (المورد الأول)؛ بسبب تمتُّعها بالشرائط الخاصّة، والخصائص الفريدة، بمكانةٍ ممتازة بين العرب وعلماء اللغة، وتلعب دَوْراً محورياً في اللغة العربية. وهذا النوع من المعاجم التي تُعَدّ من أهمّها تنحصر بعددٍ محدود من المصادر، وهي: العين للخليل بن أحمد الفراهيدي، والجمهرة لابن دُرَيْد، وتهذيب اللغة للأزهري، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس.
ولا شَكَّ في أن القسم الثاني يتمتّع بأهمّيةٍ أكبر في اللغة العربية، وهي المصادر التي ستعطي ـ من خلال إثبات تشيُّع جميع أو أغلب مؤلِّفيها ـ الدَّوْر المحوري الأكبر في اللغة لعلماء الشيعة. وفي ما يلي سوف نعمل على بيان الأدلة على أهمّية هذه المعاجم في إطار التعريف بها.
العين، للخليل بن أحمد الفراهيدي(175هـ)
يُعَدّ هذا الكتاب أوّل معجمٍ كامل في اللغة العربية([17]). كما يُعتبر هذا المعجم هو الأقرب إلى أصلاء العرب. وإن جميع المعاجم اللغوية بعده، وجميع العلماء المختصّين بالقرآن والحديث، مدينون لهذا المعجم. إن المكانة العلمية للخليل بن أحمد، وهيمنته على مختلف العلوم، ومن بينها: اللغة العربية وآدابها من جهةٍ، وتأليف هذا الكتاب في عصر الفصاحة العربية([18]) من جهةٍ أخرى، واعتماد جميع العلماء اللاحقين بعده على هذا الكتاب، يمثِّل الخصائص الأصلية لهذا المعجم.
جمهرة اللغة، لأبي بكر محمد بن الحسن، المعروف بابن دُرَيْد(321هـ)
تعود الخصوصية الأهمّ في هذا المعجم إلى مؤلِّفه؛ إذ اشتهر ابن دُرَيْد من بين اللغويين بوصفه لغوياً يتمتَّع بآراء اجتهادية في اللغة([19]). إن إحاطته بأصول ومباني اللغة، وتأليفه لعددٍ من الكتب في هذا المجال، ومن بينها: «الاشتقاق»، جعله متميِّزاً من بين جميع اللغويين الآخرين([20]). ومن هنا فإن قوّة عارضة ابن دُرَيْد ـ بالإضافة إلى قُرْبه من عصر الفصاحة ـ قد وضعت آراءه في مكانةٍ ممتازة بين علماء الشيعة وأهل السنّة.
تهذيب اللغة، لمحمد بن أحمد الأزهري(370هـ)
إن أهمّ ما يميِّز هذا المعجم من سائر المصادر المعاصرة واللاحقة له هو اهتمامه بصحّة الكلمات، وتمييز الكلمات العربية من غير العربية([21]). إن القوّة العلمية([22]) والدقّة الكبيرة للأزهري في هذا المجال، وتواجده الطويل بين أصلاء العرب([23]) في البادية، جعل كتابه «تهذيب اللغة» ـ رغم وجود كتاب الصِّحاح للجوهري الذي تمّ تأليفه لهذه الغاية ـ أحد أهمّ المصادر اللغوية المعتَمَدة من قِبَل علماء الدين.
معجم مقاييس اللغة، لأحمد بن فارس بن زكريا(395هـ)
إن الخصوصية الأهمّ لهذا المعجم تكمن في ذكر جميع موادّ اللغة العربية، وبيان أصول المعاني لكلّ مادّةٍ([24]). وإذا أرَدْنا أن ننظر إلى هذا المعجم بنظرةٍ واقعية وجب القول: إن هذا الكتاب ليس مجرَّد معجمٍ لغوي، بل هو في الحقيقة إبداعٌ لغوي وإنجازٌ متين قائم على الاجتهاد، ومختلفٌ تمام الاختلاف عن سائر المعاجم اللغوية الأخرى([25])، حيث قام عملاقٌ لغوي، مثل: ابن فارس، من خلال دراسته الاجتهادية لجميع كلمات كلّ مادة ومقارنتها ببعضها، إلى تقديم النكات اللغوية الفذّة إلى المحقِّقين وعلماء اللغة والدين.
تشيُّع أو عدم تشيُّع أصحاب المعاجم اللغوية
بعد التعرُّف على أهمّ المعاجم في اللغة العربية ننتقل إلى البحث في السؤال القائل: أيّ المؤلِّفين لهذه المعاجم كان معتنقاً لمذهب التشيّع؟
الخليل بن أحمد الفراهيدي(175هـ)
كان الخليل بن أحمد قد عاش في الفترة ما بين 105 ـ 175هـ([26])، وبذلك يكون قد عاصر الأئمّة الباقر والصادق والكاظم^. وتشير رواية الأحاديث عن الإمام جعفر الصادق× في بعض الكتب إلى أن الخليل كان قد استفاد الكثير من الأئمّة^([27]). وقد ذهب ابن داوود ـ بوصفه مختصّاً بمعرفة التشيُّع في القرن السابع ـ إلى الاعتقاد بأن الخليل كان شيعيّاً إماميّاً([28]). وقد أيَّده في ذلك العلاّمة الحلّي، وهو من علماء الرجال، وكان معاصراً له([29]).
وقد رُوي عن الخليل بن أحمد أنه سُئل عن سبب إمامة الإمام عليّ×، فأجاب بقوله: «احتياج الكلّ إليه، واستغناؤه عن الكلّ، دليلٌ على أنه إمام الكلّ»([30]). كما قال الخليل في بيان سبب اختلاف الإمام عليّ× عن سائر الخلفاء: «لما اجتمع له من صفات الفضل والكمال، والخصائص التي لم تكن في غيره، من سَبْقِه إلى الإسلام، ومعرفته بالأحكام، وحُسْن بلائه في الجهاد»([31]).
قال الشيخ الصدوق في كتاب الأمالي: «عن أبي زيد النحوي الأنصاري قال: سألتُ الخليل ابن أحمد العروضي [الفراهيدي]، فقلتُ: لِمَ هجر الناس عليّاً×، وقرباه من رسول الله| قرباه، وموضعه من المسلمين موضعه، وعناؤه في الإسلام عناؤه؟ فقال: بهر والله نورُه أنوارهم، وغلبهم على صفو كلّ منهل، والناس إلى أشكالهم أميل»([32]).
ونقل أيضاً عن الخليل بن أحمد في حواره مع يونس النحوي، بعد تفضيله عليّاً× على الجميع، أنه طلب منه أن يكتم هذا، ولا يفشيه عنه([33]).
وقد صرّح كلٌّ من: ابن النديم، وياقوت الحموي، والسيوطي ـ من علماء أهل السنّة ـ، بأن محمد بن جعفر المراغي الهمداني قد كتب مستدركاً على واحدٍ من كتب الخليل بن أحمد الفراهيدي، وأن النجاشي الذي هو أقرب إلى المراغي من الناحية الزمنية قال بأن موضوع كتاب الخليل كان يدور حول الإمامة([34]).
ابن دُرَيْد(321هـ)
لم يتحدَّث أحدٌ عن مذهب ابن دُرَيْد سوى القليل من العلماء. وقد أنكر السيد الخوانساري ـ من علماء الشيعة ـ أن يكون ابن دُرَيْد شيعياً([35]).، إلاّ أن غالبية العلماء الكبار قالوا، بعد بحث الأدلة، بتشيُّعه. وذهب ابن شهرآشوب إلى اعتباره من شعراء أهل البيت([36]). ومال العلاّمة التستري إلى تشيُّع ابن دُرَيْد([37]). وقال السيد جواد شبّر في كتابه أدب الطفّ بتشيُّع ابن دُرَيْد([38]). كما ذهب الشيخ عبد النبيّ الكاظمي في تكملة الرجال إلى القول بتشيُّع ابن دُرَيْد([39]). وقد نقل السيد الخوئي في معجم رجال الحديث القول بتشيُّع ابن دُرَيْد، دون ردِّه أو تأييده([40])، وقال في موضعٍ آخر: «والظاهر أنهم تكلَّموا فيه بالتشيُّع»([41])، ثمّ استطرد قائلاً: إن السيد المرتضى في الدرر والغرر كثيراً ما يروي.. عن ابن دُرَيْد.. وذكره القاضي نور الله التستري في مجالس المؤمنين، وأثنى عليه. وقد ذكره ابن خِلِّكَان، وذكر نسبه إلى قحطان، وأثنى عليه [كلّ ذلك يدلّ على تشيُّعه]([42]).
ابن فارس(395هـ)
لقد أحجم أغلب علماء أهل السنّة عن الحديث حول مذهبه، ولكنّ علماء الشيعة يثبتون تشيُّعه بالأدلة. فقد ذهب الشيخ الطوسي في الفهرست إلى اعتبار ابن فارس من المؤلِّفين الشيعة([43]). وقد ذهب السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة إلى القول بأن ابن فارس من علماء الشيعة([44]). وقد نقل الشيخ آغا بزرگ الطهراني في الذريعة، عن الشيخ الصدوق، أن ابن فارس قد اعتنق التشيُّع في آخر حياته، وكان بذلك من المستبصرين([45]). وقال الشيخ عبّاس القمّي: إن جماعةً من العلماء يقولون بتشيُّع ابن فارس، ثم ذكر في تأييد كلامهم شاهداً من شعر ابن فارس([46]). وقد ذهب السيد الخوئي إلى القول بأن ابن فارس كان من أساتذة الشيخ الصدوق، وأنه كان شيعياً([47]). وقد أدرج ابن شهرآشوب في معالم العلماء اسم ابن فارس ضمن علماء الشيعة([48]).
ومن بين علماء أهل السنّة لم يذهب سوى الصفدي في الوافي بالوفيات([49])، وياقوت الحموي في معجم الأدباء([50])، إلى القول بأن ابن فارس كان سنّياً شافعياً. وقد صرَّح ياقوت الحموي هنالك بأن الصاحب بن عبّاد ـ من علماء الشيعة ـ كان يُجِلّ ابن فارس، ويثني عليه كثيراً، وكان من خاصّة تلاميذه([51]).
ب ـ سائر اللغويين من أصحاب المؤلفات
عندما نتصفَّح أوراق التاريخ، ونبحث عن أصحاب الآراء في اللغة العربية، نواجه عدداً آخر من العلماء البارزين في علم اللغة من الذين كانوا من الشيعة، وقدّموا خدماتٍ جليلةً وقيِّمة في مجال اللغة العربية. وفي ما يلي نعمل على التعريف بهؤلاء العلماء الكبار، قبل الخوض في الحديث عن أصحاب كتب الغريب والمفردات.
الصاحب بن عبّاد(385هـ)
لا خلاف في كون الصاحب بن عبّاد من علماء الشيعة([52])، وليس هناك مَنْ تردَّد في ذلك. وقد كان له باعٌ طويل في علومٍ، من قبيل: علوم القرآن، والتفسير، والحديث، والكلام، واللغة، والنَّحْو، والعَرُوض، والنقد الأدبي، والتاريخ، والطبّ. وكان ابن فارس وابن العميد ـ وهما من كبار العلماء في الأدب العربي ـ من جملة أساتذته([53]).
إن أهمّ كتابٍ له ـ والذي نُعْنَى به هنا ـ هو كتاب المعجم المحيط. إن قرب الصاحب بن عبّاد من عصر الفصاحة العربية، وتلمُّذه على يد أمثال: ابن فارس، قد جعل من المعجم المحيط واحداً من أهمّ المصادر الموثوقة في اللغة العربية([54]).
ابن السِّكِّيت(243هـ)
يعدّ ابن السِّكِّيت واحداً من أبرز علماء اللغة من الشيعة في القرنين الثاني والثالث الهجريين. وقد ألَّف كتابين معروفين في اللغة، وهما: الأضداد، وإصلاح المنطق في اللغة([55]). وقال ياقوت الحموي: «كان ابن السِّكِّيت… من أعلم الناس باللغة»([56]). وقد عرَّف به عبد الله الأفندي في رياض العلماء بقوله: «المقتول لأجل تشيُّعه»([57])؛ وذلك لأنه قد استشهد دفاعاً عن الإمامين الحسن والحسين’.
أبو عمرو الزاهد(345هـ)
ومن بين مشاهير اللغويين الشيعة أبو عمرو الزاهد. لقد كان أبو عمرو من علماء الشيعة([58])، وقد ترك مؤلَّفات لغوية هامّة، ومن أهمِّها: فائت العين، وغريب القرآن([59]).
ابن منظور الأفريقي(711هـ)
محمد بن مكرم، المعروف بابن منظور، رجلٌ فاضل وأديب، وصاحبُ قلم قشيب، وعالمٌ بالنحو واللغة والتاريخ([60]). لقد عمل ابن منظور بشكلٍ حثيث في تأليف وتلخيص مختلف الكتب، ولا سيَّما منها الكتب الأدبية([61])، ومن أهمّها: معجم لسان العرب. لقد كان ابن منظور هو أوّل مَنْ تمكَّن في تاريخ اللغة العربية من جمع كتاب يعتبر فَذّاً من ناحية حجم وعدد المفردات، وكذلك من ناحية التبويب يحتوي على نَظْمٍ تأليفي خاصّ.
وقد وصفه الصفدي بالشيعي غير المتعصِّب([62]). وقال المقريزي عنه: إنه شيعيٌّ غير رافضيّ([63]). ومن بين علماء الشيعة ذهب آغا بزرگ الطهراني إلى القول بأن ابن منظور كان واحداً من علماء الشيعة([64]).
أبو هلال العسكري(395هـ)
حسن بن عبد الله، أبو هلال العسكري، صاحب كتاب الفروق اللغوية، واحدٌ من كبار ومشاهير اللغويين، حيث كان من أبرز علماء عصره في اللغة والأدب العربي والشعر والفقه([65]). وقد وصفه السيوطي بقوله: «كان عالماً عفيفاً، يتبزَّز احترازاً من الطمع والدناءة والتبذُّل، وكان الغالب عليه الأدب والشعر»([66]).
ولم يتطرَّق أصحاب المصنَّفات من أهل السنّة إلى مذهبه، ولكنْ ورد الحديث عنه في كتاب أعيان الشيعة بوصفه واحداً من علماء الشيعة([67]). كما قال الأستاذ عقيقي بخشايشي بأنه من مفسِّري الشيعة أيضاً([68]).
القسم الثاني: كتب غريب ومفردات القرآن
إن أقصر الطرق إلى شرح المفردات الدينية يمرّ عبر الذين ألَّفوا في الغريب والمفردات. ومن خلال البحث والتنقيب في ما كُتب في مجال القرآن والأحاديث النبوية يتّضح أن دَوْر الشيعة في هذا المجال بارزٌ جدّاً، حتّى أن من بين أوائل مَنْ كتب في شرح كلمات القرآن (غريب القرآن) أبان بن تغلب([69])، وزيد بن عليّ×، وكلاهما من كبار علماء الشيعة.
غريب القرآن، لزيد بن عليّ(122هـ)
يُعَدّ زيد بن عليّ بن الحسين’ ـ وهو من الشخصيات الشيعية البارزة في القرن الثاني الهجري([70]) ـ أوّل مَنْ شرح كلام الوحي، حيث قام بشرح المفردات الغريبة والغامضة في القرآن الكريم. وقد تمَّ جمع هذا الكتاب من قِبَل تلميذه عمرو بن خالد الواسطي([71]).
الغريب في القرآن، لأبان بن تغلب(141هـ)
يُعَدّ أبان واحداً من الشخصيات العلمية الشيعية([72])، وهو أوّل عالمٍ ألّف كتاباً في غريب القرآن الكريم([73]). وهذا ما أيَّده مشاهير علماء أهل السنّة، من أمثال: ابن الأثير([74]).
وقد أدرك عصر ثلاثةٍ من الأئمّة المعصومين^، وهم: الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين×، والإمام محمد الباقر×، والإمام جعفر الصادق×، وأخذ عنهم العلوم السائدة في ذلك العصر، من قبيل: الحديث، والفقه، والكلام([75]). وكان أبان يحظى بمكانةٍ ومنزلة سامية عند الأئمّة^ ([76]).
وقد استند المؤلِّف في بيان وشرح المفردات الغريبة والمعقَّدة في القرآن إلى شواهد سمعها من العرب بنفسه([77]).
كما أن كتابَيْ: معاني القرآن وتفسير غريب القرآن من المؤلَّفات الأخرى التي تُقدِّم أبان بن تغلب بوصفه واحداً من الشخصيات الأولى المطروحة في شرح الكلمات والمفردات القرآنية. وعلى الرغم من عدم وصول هذه الكتب إلينا، إلاّ أنها كانت موضع اهتمام واستفادة اللغويين والمفسِّرين والعلماء، الذين عاصروه والذين جاؤوا بعده([78]).
مجمع البحرين ومطلع النيِّرين، لفخر الدين الطُّرَيْحي(1085هـ)
إن الطُّرَيْحي من الشخصيات العلمية الشيعية البارزة في القرن الحادي عشر الهجري. ويُقِرّ العلماء المعاصرون له بتشيُّعه وعلمه وفضله وورعه وتفقُّهه([79]). وكان من المنظِّرين في علوم مختلفة، ومنها: الفقه، والتفسير، والأدب، واللغة. وقد ترك ما يزيد على الأربعين مؤلَّفاً([80]).
إن كتاب مجمع البحرين هو معجمٌ لشرح الكلمات الغريبة الواردة في الأحاديث وفي القرآن الكريم([81]). وبسبب الدقائق اللطيفة للمؤلِّف في دراسة اللغات فقد حظي باهتمامٍ خاصّ من قِبَل المحافل العلمية.
معجم مفردات ألفاظ القرآن، للراغب الإصفهاني(503هـ)
يُعْرَف الراغب في الغالب بلَقَبه، واختلفت الآراء حول اسمه الحقيقي([82]). يُعَدّ الراغب من أساتذة اللغة العربية والحديث والشعر والحكمة والكلام، وكان يعيش في القرن الخامس الهجري (عصر ازدهار العلوم الإسلامية)([83]). إن أقدم مصدر تحدَّث عن الراغب وعلميّته وكثرة مؤلَّفاته هو تاريخ حكماء الإسلام، للبيهقي(565هـ)([84]). وقد اعتبره شمس الدين الذهبي(748هـ) صاحب مؤلَّفات كثيرة، بالإضافة إلى كونه متكلِّماً ضليعاً([85]).
لم يتطرَّق علماء أهل السنّة للحديث عن انتمائه المذهبي، سوى صفوان الداوودي، محقِّق كتاب المفردات، حيث قال بعدم تشيُّعه. ولكنّه لم يقدِّم دليلاً على ذلك([86]). وقد ذهب السيد محسن الأمين إلى القول بأن الراغب كان واحداً من علماء الشيعة([87]). كما عدَّه آغا بزرگ الطهراني واحداً من حكماء الشيعة([88]). وعدّه الأفندي ـ نقلاً عن بعض العلماء ـ من كبار الشيعة([89]).
أما الأستاذ رسول جعفريان فقد اعتبر الراغب الإصفهاني عالماً معتدلاً، وأنه وَسَطٌ بين الشيعة وأهل السنّة، وكان يقدِّم الإمام عليّاً× بشكلٍ خاصّ على سائر الخلفاء، وعرض بعض الأدلة والوثائق التي تثبت ـ من وجهة نظره ـ أن الراغب كان شيعياً على مذهب الاعتزال([90]). كما ذهب السيد محمد علي إيازي إلى الاعتقاد بأن الراغب الإصفهاني كان عالماً معتدلاً، ولم يكن ينتمي إلى مذهبٍ بعينه([91]).
وبالالتفات إلى ما تقدَّم من كلمات كبار العلماء والمحقِّقين، والنقاط التالية، نذهب إلى إحراز تشيُّع الراغب الإصفهاني:
أـ وصف الإمام عليّ× بأمير المؤمنين في المفردات([92])، والاكتفاء بذكر عمر بن الخطّاب مجرّداً من أيّ صفةٍ([93]).
ب ـ ذكر بعض الأحاديث بشأن الإمام عليّ× في كتاب المفردات، مثل: «أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها»([94])، و«أنا وأنتَ أبوا هذه الأمّة»([95])، و«أنتَ أخي ووارثي»([96]).
التحقيق في كلمات القرآن، للميرزا حسن المصطفوي(1384هـ)
المحقِّق المعاصر الأستاذ حسن المصطفوي من علماء الشيعة المعاصرين. وقد ألَّف كتاب «التحقيق في كلمات القرآن»، وهو من المؤلَّفات الخالدة في شرح كلمات القرآن الكريم. وإن من أهم خصائص هذا الكتاب اهتمام المؤلِّف بجذور معاني الكلمات. إن الاهتمام بالأصل المفهومي في تفسير الكلمات القرآنية يُعَدّ من الامتيازات الخاصّة بهذا الكتاب، وهو ما أشار إليه المؤلِّف بنفسه في مقدّمة هذا الكتاب([97]).
القسم الثالث: الكتب الأخرى
لقد ترك لنا كبار علماء الشيعة، منذ صدر الإسلام إلى اليوم، الكثير من المؤلَّفات المتنوّعة في مختلف العلوم الإسلامية. وإن لبعض هذه العلوم صلةً وثيقة بشرح ألفاظ القرآن والأحاديث، ومن بينها: كتب التفسير لدى الشيعة؛ إذ هي زاخرةٌ بالشروح اللغوية الدقيقة. وكذلك الكتب الفقهية، وغيرها من الكتب المرتبطة بالعلوم الإسلامية، قد تعرَّضت؛ بمقتضى الحاجة، إلى شرح كلمات القرآن والأحاديث الشريفة. ولكنْ بالالتفات إلى أن بيان نشاط علماء الشيعة في أمّهات الكتب في شرح المفردات الدينية ـ كتب اللغة والغريب والمفردات ـ يكفينا في إثبات المدّعى نترك ذكر نشاط علماء الشيعة في المصادر الأخرى، لنصل إلى تبويبٍ نهائي.
4ـ النتيجة
بما تقدَّم حتّى الآن تتّضح أهمّ العناصر المؤثِّرة في شرح الكلمات الدينية، وتتّضح الأدوار التي تتمتَّع بالتأثير المباشر أو غير المباشر في هذا الشأن. بالالتفات إلى ما تعلَّمناه من التاريخ يمكن لنا أن نذكر خمسة عناصر هامّة في تعيين أدوار علماء الشيعة في شرح المفردات الدينية، وهي:
1ـ تأليف كتب مفردات القرآن.
2ـ تأليف كتب غريب القرآن وغريب الحديث.
3ـ تدوين أوائل معاجم اللغة العربية، بوصفها المصادر الأولى لشرح المفردات الدينية.
4ـ الاهتمام بخصوص الكلمات العربية، ومنها: البحث عن جذور معاني الكلمات.
5ـ تأليف معاجم عامّة في اللغة العربية، بوصفها مصادر أصلية لشرّاح الكلمات الدينية.
بالالتفات إلى ما تقدَّم يتّضح أن علماء الشيعة كانوا في الطليعة في جميع الموارد. ولكي يتّضح الأمر أكثر سوف نبحث في المحاور الخمسة التالية:
1ـ تدوين كتب مفردات القرآن
لا شَكَّ في أن الراغب الإصفهاني قد ألَّف أحد أكثر الأعمال القرآنية الخالدة. فحتّى عصر الراغب الإصفهاني لم يتصدَّ أحدٌ لشرح جميع كلمات القرآن الكريم، ومن هنا كان الشرف في تأليف أوّل كتابٍ في مفردات القرآن من نصيب هذا العالم الشيعي. وكذلك كان المحقِّق القدير والمعاصر الشيخ المصطفوي ـ وهو بدَوْره من علماء الشيعة ـ رغم انتمائه إلى المرحلة المعاصرة والمتأخِّرة، إلاّ أن تدوينه لكتابه القيِّم «التحقيق في كلمات القرآن»، وجعله الأصل المفهومي بوصفه محور شروحه، جعله من أروع كتب المفردات في العصر الحاضر.
2ـ تأليف كتب غريب القرآن وغريب الحديث
في ما يتعلَّق بالكتاب الأوّل في علم غريب القرآن هناك مَنْ يذهب إلى الاعتقاد بأن أبان بن تغلب(141هـ) هو أوّل عالمٍ ألَّف في غريب القرآن([98])؛ وهناك في المقابل مَنْ يرى زيد بن عليّ(122هـ) هو أوّل مَنْ ألَّف في غريب القرآن([99])؛ ويرى آخرون أن عبد الله بن عبّاس(68هـ) هو أوّل المبادرين في هذا المجال([100]).
وعلى أيّ حالٍ فإن هؤلاء العلماء الثلاثة كلّهم من العلماء الشيعة، ومن أصحاب الأئمّة^. وقد سبق أن تحدَّثنا عن تشيُّع زيد بن عليّ وأبان بن تغلب، وأما بشأن عبد الله بن عبّاس فيجب القول: إنه واحدٌ من علماء الشيعة قطعاً، بل هو من خاصّة أصحاب الأئمّة^([101]). وقد كان لابن عبّاس شرف التلمُّذ على يد أمير المؤمنين عليّ×([102]). وقد تعرَّض إلى شرح وبيان معاني ما يقرب من 250 مفردة من القرآن الكريم، استناداً إلى الشواهد من كلام العرب([103]).
3ـ تدوين أوائل معاجم اللغة العربية، بوصفها المصادر الأولى لشرح المفردات الدينية
واضحٌ جدّاً أن أوّل معجمٍ كامل في اللغة العربية هو (معجم العين)، للخليل بن أحمد الفراهيدي. إن قُرْب الخليل من عصر الفصاحة العربية جعل من (العين) موضع اهتمام جميع العلماء من الشيعة وأهل السنّة، ونظرهم إلى هذا الكتاب بوصفه أسّ المصادر في اللغة العربية. كما أن تفوُّق ابن دُرَيْد على عموم اللغويين، وقربه من العصر الجاهلي، جعل من كتاب جمهرة اللغة واحداً من المصادر المعتمدة، والاستناد إليه بوصفه واحداً من المصادر الأصلية في اللغة.
4ـ الاهتمام بخصوص الكلمات العربية، ومنها: البحث عن جذور معاني الكلمات
يُعتبر اللغويّ القدير ابن فارس هو اللغوي الوحيد الذي قام ببيان الأصول المفهومية للكلمات. إن هذا الإنجاز منه، والذي يُعَدّ فريداً في نوعه، كان موضع حاجة واهتمام العلماء الذين جاؤوا من بعده، وقد جعل ذلك منه العالم الوحيد الذي تقحَّم أودية الاجتهاد في أصول معاني الكلمات.
كما قام ابن السِّكِّيت ـ بالالتفات إلى أهمّية الكلمات ذات المعاني المتضادّة ـ باتّخاذ الخطوة الأولى في تأليف كتاب جامع الأضداد. وهكذا عمد أبو هلال العسكري ـ بالنظر إلى الأخطاء الكثيرة لدى علماء الدين في بيان الكلمات المتقاربة في المعنى ـ إلى تأليف كتاب الفروق اللغوية.
5ـ تأليف معاجم عامّة في اللغة العربية، بوصفها مصادر أصلية لشرّاح الكلمات الدينية
من بين المعاجم الهامّة في اللغة العربية ـ بالإضافة إلى الموارد المذكورة في هامش العنوانين الثالث والرابع ـ نطالع أسماء عددٍ من المعاجم اللغوية الهامّة التي ألَّفها كبار علماء الشيعة، ومن بينها يُعَدّ معجم لسان العرب، لابن منظور الأفريقي، أحد أهمّ مصادر اللغة العربية قطعاً. كما يُعَدّ معجم المحيط، للصاحب بن عبّاد؛ وفائت العين، لأبي عمرو الزاهد، من المعاجم التي حظيَتْ باهتمام المنظِّرين والعلماء إلى حدٍّ كبير.
وفي الختام نصل إلى النتائج التالية:
1ـ إن أهمّ الأعمال الأصلية في المورد الأوّل (تأليف كتب مفردات القرآن) إنما كُتبت بأقلام الشيعة، ويمثِّل ما قام به الراغب الأصفهاني النموذج الأساس في هذا الشأن.
2ـ إن أوّل مصدرٍ يرتبط بالمورد الثاني (تأليف كتب الغريب) يتعلَّق بالشيعة أيضاً، ومن طلائعه: زيد بن عليّ؛ وأبان بن تغلب.
3ـ المورد الثالث (تأليف أوّل معجم في اللغة العربية) يختصّ بعلماء الشيعة أيضاً، ويعتبر الخليل بن أحمد وابن دُرَيْد من فرسان هذا الميدان.
4ـ كما أن أهمّ كتاب يخصّ المورد الرابع (تأليف الكتب المرتبطة بخصائص الكلمات) كان من نصيب ابن فارس، وهو شيعيٌّ أيضاً.
5ـ لقد قام علماء الشيعة في ما يتعلَّق بالمورد الخامس (تأليف المعاجم العامة) بأعمال هامّة، ومن أهمّها: لسان العرب، لابن منظور الأفريقي.
بالالتفات إلى ما تقدَّم نستنتج أن علماء الشيعة كان لهم الدَّوْر الأبرز والأهمّ في شرح المفردات الدينية، من ناحية تمهيد الأرضية، وتوفير المصادر للشارحين، وكان لهم قصب السبق في إبداع المصادر الجديدة، والشرح المباشر لكلمات القرآن والأحاديث الشريفة، وسطعت أسماؤهم بوصفهم الأكثر تأثيراً في تاريخ تأليف المعاجم.
الهوامش
(*) أستاذٌ مساعِدٌ، وعضو الهيئة العلميّة، في جامعة الأديان والمذاهب.
([1]) انظر: معجم الجيم: 40، تحقيق: الدكتور محمد فريد عبد الله.
([2]) انظر: عبد العال سالم مكرم، اللغة العربية في رحاب القرآن الكريم: 57.
([3]) انظر: زيد بن عليّ بن الحسين×، تفسير غريب القرآن: 75، تحقيق: الحسيني الجلالي، مكتب إعلام الإسلام، ط2، 1376هـ.ش.
([4]) انظر: الخطّابي، غريب الحديث، مقدّمة المؤلِّف، تحقيق: عبد الكريم إبراهيم الغرباوي، جامعة أم القرى، دار الفكر، دمشق، 1403هـ.
([5]) والمثال البارز على ذلك قسم اللغة في تفسير مجمع البيان.
([6]) ونموذج ذلك البحث الدقيق للعلاّمة في: بحار الأنوار 1: 82، 85، 89، 90، 91، 93.
([7]) يمكن تحديد العدد المرتفع لها بعد تصفُّح بضع وريقات من تلك المصادر.
([8]) انظر: ابن الأثير الجزري، النهاية في غريب الحديث والأثر، في مادة: فوز، وصبغ، وطعم، كأمثلةٍ لثلاثة موارد، ط4، قم، 1367هـ.ش.
([9]) انظر: الطريحي، مجمع البحرين، مادّة: واي، وقرن، وعنن، ورجل، وحبل، وصلو، وصبي، تحقيق: السيد أحمد الحسيني، انتشارات كتابخانه مرتضوي، 1375هـ.ش.
([10]) من الأمثلة على ذلك: الطبرسي، مجمع البيان في تفسير القرآن 1: 212؛ 2: 489، 504، انتشارات ناصر خسرو، طهران، 1372هـ.ش.
([11]) من الأمثلة على ذلك: الفيض الكاشاني، تفسير الصافي 1: 523؛ 2: 374، انتشارات الصدر، طهران، 1415هـ.
([12]) من الأمثلة على ذلك: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 11: 43، إسماعيليان، ط3، قم، 1393هـ.ش؛ الطباطبائي، تفسير البيان في الموافقة بين الحديث والقرآن 2: 503؛ 3: 21، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، 1427هـ.
([13]) انظر أمثلة ذلك في: المصدر السابق 2: 503؛ 6: 702؛ النجفي، جواهر الكلام 4: 165؛ ابن إدريس، السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي (والمستطرفات) 2: 373؛ 3: 105، 129.
([14]) انظر أمثلة ذلك في: بحار الأنوار 15: 248؛ 30: 594؛ 59: 156؛ 63: 407؛ الحُرّ العاملي، وسائل الشيعة 1: 164؛ 17: 72؛ الطوسي، تهذيب الأحكام 1: 183.
([15]) انظر: الآخوند الخراساني، كفاية الأصول 2: 298.
([16]) انظر: ملكي نهاوندي، آموزش مفردات قرآن: 78. (مصدر فارسي).
([17]) انظر: السيوطي، المزهر في علوم اللغة وأنواعها 1: 68، المكتبة العصرية، بيروت، 1408هـ.
([18]) انظر: السيد محسن الأمين، أعيان الشيعة 6: 337، دار التعارف للمطبوعات، ط1، بيروت، 1403هـ.
([19]) انظر: ياقوت الحموي، معجم الأدباء 6: 2496.
([20]) انظر: ابن النديم، الفهرست: 67.
([21]) انظر: ياقوت الحموي، معجم الأدباء 9: 164.
([23]) انظر: الأزهري، تهذيب اللغة 1: 7.
([24]) انظر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة 1: 3.
([25]) انظر: غازي مختار طلاس، أحمد بن فارس اللغوي: دراسةٌ في آرائه اللغوية والنحوية: 211.
([26]) انظر: السيد محسن الأمين، أعيان الشيعة 6: 337.
([27]) انظر: المامقاني، تنقيح المقال 1: 403.
([28]) انظر: ابن داوود الحلّي، الرجال: 89.
([29]) انظر: العلاّمة الحلّي، الرجال: 67.
([30]) الشيخ عباس القمّي، روضات الجنات 3: 300؛ سفينة البحار 1: 426.
([31]) علي بن عيسى الإربلي، كشف الغمّة في معرفة الأئمّة 1: 426.
([32])الصدوق، الأمالي أو المجالس: 190، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، ط5، بيروت، 1990م.
([33]) انظر: محمد بن عمران المرزباني، نور القبس المختصر من المقتبس: 7؛ التستري، مجالس المؤمنين: 554؛ الصدوق، الأمالي أو المجالس: 190.
([34]) انظر: ابن النديم، الفهرست: 94؛ ياقوت الحموي، معجم الأدباء 6: 2473؛ السيوطي، بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة 1: 70.
([35]) انظر: الخوانساري، روضات الجنان في أحوال العلماء والسادات 7: 191.
([36]) انظر: ابن شهرآشوب، معالم العلماء: 148.
([37]) انظر: التستري، قاموس الرجال 9: 196.
([38]) انظر: السيد جواد شبر، أدب الطف أو شعراء الحسين× 2: 270.
([39]) انظر: عبد النبي الكاظمي، تكملة الرجال 1: 415.
([40]) انظر: الخوئي، معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة 7: 77.
([42]) انظر: المصدر السابق 16: 238.
([43]) انظر: الطوسي، فهرست كتب الشيعة وأصولهم وأسماء المصنِّفين وأصحاب الأصول: 85.
([44]) انظر: السيد الأمين، أعيان الشيعة 2: 270.
([45]) انظر: آغا بزرگ الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة 20: 51.
([46]) انظر: الشيخ عباس القمّي، الكنى والألقاب 1: 273.
([47]) انظر: الخوئي، معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرواة 7: 77.
([48]) انظر: ابن شهرآشوب، معالم العلماء: 21.
([49]) انظر: الصفدي، الوافي بالوفيات 7: 278.
([50]) انظر: ياقوت الحموي، معجم الأدباء 1: 411.
([52]) انظر: التستري، قاموس الرجال 12: 129.
([53]) انظر: ياقوت الحموي، معجم الأدباء 6: 168؛ ابن خِلِّكان، وفيات الأعيان 1: 206.
([54]) انظر: ياقوت الحموي، معجم الأدباء 6: 260؛ السيد الأمين، أعيان الشيعة 11: 427 ـ 431.
([55]) انظر: علي القفطي، أنباء الرواة 1: 220.
([56]) انظر: ياقوت الحموي، معجم الأدباء 5: 20.
([57]) انظر: عبد الله الأفندي، رياض العلماء وحياض الفضلاء 5: 381.
([58]) انظر: السيد الأمين، أعيان الشيعة 9: 293.
([59]) انظر: ابن خِلِّكان، سِيَر أعلام النبلاء 15: 509 ـ 513.
([60]) انظر: السيوطي، بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة 1: 106 ـ 107.
([61]) انظر: الصفدي، الوافي بالوفيات 5: 56.
([62]) انظر: المصدر السابق 2: 114.
([63]) انظر: أحمد بن علي المقريزي، المقفّى الكبير 7: 158.
([64]) انظر: الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة 24: 51.
([65]) للتعرُّف على الشخصية العلمية لأبي هلال العسكريّ يمكن الرجوع إلى المصادر الآتية الموجودة في البرامج المدمجة لتراجم نور، وهي: معجم الأدباء 8: 258؛ دمية القصر 1: 525؛ بغية الوعاة 1: 506؛ أعيان الشيعة 22: 154؛ روضات الجنات: 215؛ السيوطي، طبقات المفسِّرين: 10؛ الداوودي، طبقات المفسِّرين 1: 134.
([66]) السيوطي، طبقات المفسِّرين: 33.
([67]) انظر: السيد الأمين، أعيان الشيعة 2: 441.
([68]) انظر: عبد الرحيم عقيقي بخشايشي، طبقات مفسِّران شيعه (طبقات المفسِّرين الشيعة): 213. (مصدر فارسي).
([69]) ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر، مقدّمة المؤلِّف.
([70]) انظر: الخوئي، معجم رجال الحديث 8: 357.
([71]) انظر: زيد بن عليّ بن الحسين، مقدّمة المحقِّق.
([72]) انظر: الخوئي، معجم رجال الحديث 1: 131.
([73]) انظر: ياقوت الحموي، معجم الأدباء 1: 108.
([74]) انظر: ابن الأثير، النهاية في غريب الحديث والأثر، مقدّمة المؤلِّف.
([75]) انظر: الطوسي، الفهرست: 5.
([76]) انظر: الخوئي، معجم رجال الحديث 1: 143.
([77]) انظر: زيد بن عليّ بن الحسين، مقدّمة المحقِّق.
([78]) انظر: ياقوت الحموي، معجم الأدباء 1: 108.
([79]) انظر: السيد الأمين، أعيان الشيعة 10: 115.
([80]) انظر: الطريحي، مجمع البحرين ومطلع النيِّرين، مقدّمة المحقِّق، تحقيق: السيد أحمد الحسيني.
([81]) انظر: مقدّمة المؤلِّف على الكتاب.
([82]) انظر: عبد الكريم مجاهد المرداوي، مناهج التأليف المعجمي عند العرب معاجم المعاني والمفردات: 32.
([83]) انظر: عقيقي بخشايشي، كتاب طبقات مفسِّران شيعه (طبقات المفسِّرين الشيعة): 113. (مصدر فارسي).
([84]) انظر: البيهقي، تاريخ حكماء الإسلام: 112.
([85]) انظر: الذهبي، سِيَر أعلام النبلاء 13: 506.
([86]) انظر: الراغب الإصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن: 14.
([87]) انظر: السيد الأمين، أعيان الشيعة 1: 126.
([88]) انظر: الطهراني، الذريعة إلى تصانيف الشيعة 5: 45.
([89]) انظر: الأفندي، رياض العلماء وحياض الفضلاء 2: 172.
([90]) انظر: رسول جعفريان، مجموعه مقالات كنگره شيخ مفيد (سلسلة مقالات مؤتمر الشيخ المفيد)، العدد: 95: 73 ـ 92. (مصدر فارسي).
([91]) انظر: السيد محمد علي إيازي، روش شناسي مطالعات ديني (منهج الدراسات الدينية)، السنة الأولى، العدد 1، ربيع وصيف عام 1393هـ.ش. (مصدر فارسي).
([92]) انظر: الراغب الإصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن: 83، 107، 127، 131، 145، 185.
([93]) انظر: المصدر السابق: 247، 296، 484.
([94]) انظر: المصدر السابق: 150.
([95]) انظر: المصدر السابق: 57.
([96]) انظر: المصدر السابق: 864.
([97]) انظر: حسن المصطفوي، التحقيق في كلمات القرآن 1: 6.
([98]) انظر: ياقوت الحموي، معجم الأدباء 1: 108، دار صادر، بيروت.
([100]) انظر: عمر أحمد مختار، لغة القرآن: دراسةٌ توثيقية فنّية: 103، مؤسّسة الكويت للتقدُّم العلمي، ط3، 1418هـ.
([101]) انظر: العلاّمة الحلّي، خلاصة الأقوال في معرفة الرجال: 19، مؤسّسة نشر الفقاهة، 1422هـ؛ محمد هادي معرفة، تفسير ومفسِّران 1: 222؛ بهاء الدين خرّمشاهي، دانشنامه قرآن وقرآن پژوهي 1: 660.
([102]) انظر: محمد حسين الذهبي، التفسير والمفسِّرون: 67.
([103]) انظر: إقبال أحمد الشرقاوي، معجم المعاجم: 6، دار الغرب الإسلامي، 1993م.