الشيخ حسن الصفار(*)
مقدمة
مَنْ يقرأ سيرة أئمة أهل البيت^، ويتأمل أقوالهم ووصاياهم، يدرك مدى حرصهم على وحدة الأمة، واهتمامهم برصّ صفوفها، وإبعاد شبح الفرقة والانقسام عن ساحتها. فهم لم يدخلوا معترك الصراع على مواقع السلطة والحكم، رغم قناعتهم بحقهم، وإيمان أتباعهم بأولويتهم وجدارتهم. كما بذل الأئمة كل ما في وسعهم من أجل قوة كيان الأمة، ومساعدة الخلفاء والحاكمين في سدّ الثغرات وتلافـي العثرات، بتقديم الرأي والمشورة، وإبداء النصح والتوجيه.
وربّى الأئمة تلامذتهم وأتباعهم على رعاية المصلحة العامة للإسلام والأمة، والتنازل عن المصالح الخاصة من أجلها. وأوصوا شيعتهم بالاندماج في أوساط الأمة، ومقاومة كل محاولات العزل والحصار لهم من قبل المستبدين الظالمين.
صحيحٌ أن لمدرسة أهل البيت^ خصوصيتها الفكرية والفقهية، لكن ذلك لا يعني القبول بحالة الانطواء والانفصال عن بقية جسم الأمة وكيانها الكبير.
وقد حققت سياسة الاندماج والتواصل التي أرساها الأئمة^ أفضل المكاسب والنتائج لمصلحة الإسلام والأمة، ولصالح مدرسة أهل البيت، فهي: أولاً: حافظت على وحدة كيان الأمة، ومنعت تمزقها المذهبي في تلك العصور إلى حدٍّ كبير.
وثانياً: فوَّتت على الأعداء والمستبدّين الكثير من فرص إشغال الأمة بالخلافات المذهبية.
وثالثاً: أتاحت المجال لتمدُّد مدرسة أهل البيت^ واتساع رقعتها داخل ساحة الأمة.
ومن تجليات هذا النهج الوحدوي، والسياسة الحكيمة، لأئمة أهل البيت^ رأيهم وموقفهم من المشاركة في صلاة جماعة المسلمين، رغم الاختلاف العقدي والفقهي، ورغم المشكلات والضغوط السياسية التي كانت تحيط بهم وبأتباعهم.
وهذا البحث المتواضع بين يدي القارئ الكريم هو عرض وتوثيق لذلك الموقف الشرعي الوحدوي. وقد رأيت الحاجة ماسة لتقديمه؛ لتذكير شيعة أهل البيت وأتباعهم بتوجيهات أئمتهم الهداة^، ولإعطاء صورة من الصور المشرقة لسيرة أهل بيت النبوة والرسالة.
صلاة الجماعة والاختلاف المذهبي
هناك نوعان من الاختلافات الاجتهادية بين المذاهب الإسلامية، هما: الاختلافات الفقهية؛ والاختلافات العقدية. ولكل مذهب أدلته وبراهينه في ما يذهب إليه، فقهيّاً وعقديّاً. وكلاهما قديم النشأة في تاريخ الأمة، وترتبت عليهما الكثير من الآثار السياسية والاجتماعية في العلاقات الداخلية بين أبناء الأمة.
ومن الموارد التي تأثرت بتلك الاختلافات الفقهية والعقدية صلاة الجماعة، التي أرادها الله تعالى مظهراً لاجتماع المسلمين واتحادهم، حيث بحث أئمة المذاهب مسألة التوافق والتباين المذهبي بين المأموم والإمام، في المجال الفقهي والعقدي.
الاختلاف الفقهي
اتفق العلماء من السنة والشيعة على أنه لا يشترط التوافق بين الإمام والمأموم في سائر مسائل الفقه، عدا ما يرتبط بصلاة الإمام نفسه. فيصحّ الائتمام بمَن تتوفر فيه شرائط إمامة الصلاة، حتى ولو اختلف مع المأموم ـ اجتهاداً أو تقليداً ـ في كل المسائل الفقهية الأخرى. أما إذا كان الاختلاف الفقهي بين المأموم والإمام مرتبطاً بأداء الإمام لصلاته فإن جمهور الفقهاء من السنة والشيعة يشترطون أن تكون صلاة الإمام صحيحة في مذهب المأموم ورأيه، اجتهاداً أو تقليداً.
قال فقهاء الشيعة: المدار في جميع الموارد على أن تكون صلاة الإمام في حقّه صحيحة في نظر المأموم، فلا يجوز الائتمام بمَنْ كانت صلاته باطلة بنظر المأموم ـ اجتهاداً أو تقليداً ـ ، وفي غير ذلك يجوز له الائتمام به([1]).
وإلى ذلك ذهب الحنفية والشافعية، حيث رأوا أن من شرط الإمامة أن تكون صلاة الإمام صحيحة في مذهب المأموم. فلو صلى حنفي خلف شافعي سال منه دم ولم يتوضّأ بعده، أو صلى شافعي خلف حنفي لمس امرأة مثلاً، فصلاة المأموم باطلة؛ لأنه يرى بطلان صلاة إمامه، باتفاق الحنفية والشافعية.
وقال الحنفية: تكره الصلاة خلف شافعي، وقال الشافعية: الأفضل الصلاة خلف إمام شافعي، لا حنفي أو غيره([2]).
وخالف المالكية والحنابلة، حيث قالوا: ما كان شرطاً في صحة الصلاة فالعبرة فيه بمذهب الإمام فقط، بأن تكون صلاته صحيحة حسب رأي مذهبه، وليس حسب مذهب المأموم. فلو اقتدى مالكي أو حنبلي بحنفي أو شافعي لم يمسح جميع الرأس في الوضوء فصلاته صحيحة؛ لصحة صلاة الإمام في مذهبه. وأما ما كان شرطاً في صحة الاقتداء فالعبرة فيه بمذهب المأموم، فلو اقتدى مالكي أو حنبلي في صلاة فرض بشافعي يصلي نفلاً فصلاته باطلة؛ لأن شرط الاقتداء اتحاد صلاة الإمام والمأموم([3]).
ووافق الزيدية رأي المالكية والحنابلة، فقالوا: إذا اختلف الشخصان في المذهب في مسائل الاجتهاد، نحو أن يرى أحدهما أن التأمين في الصلاة مشروع، والآخر يرى أنه مفسد، أو أن الرعاف لا ينقض الوضوء، والآخر يرى أنه ينقضه، أو نحو ذلك، فالمذهب أن الإمام حاكم، فيصح أن يصلّي كل واحد منهما بصاحبه؛ لأننا لو قلنا بخلاف هذا أدى إلى أن يمتنع الناس أن يؤمَّ بعضهم بعضاً في كثير من الصور، والامتناع عن مساجدهم، ولم يظهر ذلك من الصحابة، مع ظهور الاختلاف([4]).
الاختلاف العقدي
أصول العقيدة متفق عليها بين المسلمين، وهي ما نصّ عليه القرآن الكريم، من الإيمان بالله، ورسله، وكتبه، وملائكته، واليوم الآخر. لكن وقع الاختلاف بين علماء الأمة حول تفاصيل تلك الأصول، مما يرتبط بصفات الله تعالى، وسيرة رسول الله‘، وتفسير آيات الكتاب، وأمثال ذلك.
وهذا الاختلاف العقدي في التفاصيل هو أخطر وأعمق من الاختلاف الفقهي، وخاصة حين يلزم كل طرف الآخر بلوازم قوله التي لا يقول بها. وقد ترتَّب على ذلك في بعض الأحيان اتهام كل طرف للآخر في دينه، كوصفه بالشرك، أو الابتداع.
وانعكس ذلك على مستوى الرأي الفقهي في ما يرتبط بالعلاقات الداخلية بين أبناء الأمة. ومن أوضح مواردها إمامة الجماعة، حيث اشترط معظم أئمة المذاهب في صحة إمامة الجماعة عدم التباين العقدي في ما يراه كل مذهب من قضايا أصول الاعتقاد.
وفرّق بعض أئمة المذاهب بين المعلن والداعي إلى بدعته ـ حسب تعبيرهم ـ، فلا تصحّ الصلاة خلفه، وبين من لا يعلن ولا يدعو، فالصلاة خلفه صحيحة.
قال ابن قدامة: «من ائتمّ بمن يظهر بدعته، ويتكلّم بها، ويدعو إليها، أو يناظر عليها، فعليه الإعادة، ومن لم يظهر بدعته فلا إعادة على المؤتمّ به، وإن كان معتقداً لها. وقال الأثرم: قلت لأبي عبد الله ـ الإمام أحمد ـ: الرافضة الذين يتكلّمون بما تعرف؟ فقال: نعم، آمره أن يعيد. قيل لأبي عبد الله: وهكذا أهل البدع كلّهم؟ قال: لا، إنّ منهم من يسكت، ومنهم من يقف ولا يتكلّم. وقال: لا تصلِّ خلف أحدٍ من أهل الأهواء، إذا كان داعيةً إلى هواه. وقال: لا تصلِّ خلف المرجئ إذا كان داعيةً. وقد روي عن أحمد أنّه لا يصلّى خلف مبتدعٍ بحالٍ. قال في رواية أبي الحارث: لا يصلّى خلف مرجئٍ ولا رافضي، ولا فاسقٍ، إلا أن يخافهم فيصلّي، ثمّ يعيد. وقال أبو داوود: قال أحمد: متى ما صليت خلف من يقول: القرآن مخلوقٌ فأعِدْ. وعن مالك أنه لا يصلّى خلف أهل البِدَع. فحصل من هذا أنّ من صلى خلف مبتدع معلن ببدعته فعليه الإعادة. ومن لم يعلنها ففي الإعادة خلفه روايتان. وأباح الحسن، وأبو جعفر، والشافعي، الصلاة خلف أهل البِدَع. وقال ابن المنذر، وبعض الشافعية: من نكفّره ببدعته لا يصلّى خلفه، ومن لا نكفّره تصح الصلاة خلفه»([5]).
وأجمع فقهاء الشيعة على اشتراط الإيمان في صحة إمامة الجماعة، بمعنى أن يؤمن بإمامة أئمة أهل البيت الاثني عشر^، وأنه لا يصح الاقتداء جماعةً بغيره.
الصلاة في الجماعة اضطراراً
لا بد أن يتقيد الإنسان بالضوابط والأحكام الشرعية في أدائه لعباداته والتزاماته الدينية، تلك الضوابط والأحكام الحاكية عن رأي الشرع، حسب اجتهاد المكلّف إن كان من أهل الاجتهاد، أو تقليده لفقهاء المذهب الذي يعتنقه ويعتقد صحته.
وحين تكون هناك شرائط مقررة لصحة إمامة الجماعة فإنه لا يصح للمكلف أن يقتدي في صلاته بإمام لا تتوفر فيه تلك الشرائط؛ لأن صلاته ستكون باطلة، وتبقى ذمته مشغولة بأدائها.
لكنه لو اضطر إلى ذلك؛ خوفاً من سطوة إمام الجماعة، الذي لا تتوفر في إمامته شروط الصحة، أو خوفاً من أذى أتباعه وجماعته، فهنا يكون الموقف مشمولاً بالقواعد الشرعية الصريحة، كقوله تعالى: ﴿إِلا مَنْ أُكْرِِهَ وَقَلْبهُ مُطْمئِنٌّ بِالإيمانِ﴾ (النحل: 106)، وقوله تعالى: ﴿إِلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾ (آل عمران: 28)، وقوله تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾ (الحج: 78)، وغير ذلك من النصوص الدينية، فيجوز حينئذٍ للمكلف أن يصلي في جماعة لا يتصف إمامها بالشروط المقررة لصحة الإمامة. وهذا ما أجمع عليه فقهاء الأمة بمختلف مذاهبها، لكنهم اختلفوا في الاكتفاء بتلك الصلاة التي أداها على نحو التقية والاضطرار، أو أن عليه الإعادة.
جاء في «المغني»، لابن قدامة: في رواية أبي الحارث ـ عن أحمد بن حنبل ـ: لا يصلّى خلف مرجئ ولا رافضيّ، ولا فاسق، إلا أنْ يخافهم فيصلي، ثم يعيد….
وجاء فيه أيضاً: كان ابن عمر يصلي خلف الحجاج؛ والحسين والحسن، وغيرهما من الصحابة، كانوا يصلون مع مروان. والذين كانوا في ولاية زياد وابنه كانوا يصلون معهما؛ وصلوا وراء الوليد بن عقبة، وقد شرب الخمر، وصلى الصبح أربعاً، وقال: أزيدكم.
فصار هذا إجماعًا… وفعلُ الصحابة محمول على أنهم خافوا الضرر بترك الصلاة معهم([6]).
وأفتى فقهاء الشيعة بجواز الصلاة خلف إمام لا تتوفر فيه شرائط صحة الإمامة تقيةً واضطراراً، وأنها تكفيه عن صلاته الواجبة، ولا حاجة إلى الإعادة، شرط أن يقرأ لنفسه.
الصلاة في الجماعة تآلفاً
التزاماً من أتباع المذاهب بآراء أئمة مذاهبهم فإنهم يختارون لإمامتهم في صلاة الجماعة مَنْ تتوفر فيهم شروط صحة الإمامة، ومن بينها: التوافق، أو عدم التباين، العقدي في التفاصيل الرئيسة المختلف عليها بين المذاهب.
وهذا ما هو قائم بالفعل في المجتمعات الإسلامية من السنة والشيعة، حيث يكون أئمة المساجد والجماعات في كل قوم من علماء ودعاة مذهبهم، وخاصة أن إمام الجماعة الراتب يكون مصدراً للتوجيه والتعليم الديني، يأخذون عنه أحكامهم الشرعية، ويرجعون إليه في أمورهم الدينية، فلا بد أن يكون ناطقاً عن المذهب الذي ينتمون إليه.
وفي البلدان التي تتنوع فيها المذاهب العقدية، كالسنة والشيعة، يكون لأتباع كلٍّ من الطرفين مساجدهم الخاصة بهم، نظراً لاختلاف شروط صحة الإمامة، ولاختلاف بعض فروع أحكام الصلاة.
وهو أمرٌ طبيعيّ، وحقٌّ مشروع، ناتجٌ عن احترام الخصوصيات المذهبية، التي تشكل التزاماً دينياً تعبديّاً لكل من الطرفين.
وهو لا يتنافي مع مبدأ الوحدة الإسلامية. فالوحدة لا تضيق بالتنوع المذهبي، ولا تلغي حق الاجتهاد، ومشروعية اختلاف الرأي، في إطار الاحترام المتبادل، وخدمة المصالح العامة للإسلام والأمة.
وقد يتمنى بعض المتطلعين لأرقى مظاهر الوحدة بين المسلمين تجاوز حال التصنيف المذهبي للمساجد والجماعات، بأن تكون المساجد مشتركة بين السنة والشيعة، يُصلُّون خلف بعضهم بعضاً. وهذه أمنية رائعة، لكن تحقُّقها يحتاج إلى رأي شرعي من قبل أئمة المذاهب في ما يتصل بشروط صحة إمامة الجماعة حسب ما تقدم.
أما حين يحصل لقاء ما، فيتواجد بعض الشيعة في مكان تقام فيه جماعة لأهل السنة، أو يتواجد بعض السنة في مكان تقام فيه جماعة للشيعة، مع عدم وجود خوف لأحد الطرفين من أذى الآخر، فما هو الموقف المطلوب من الناحية الشرعية؟
وهل يتمايزون، فتقام جماعتان في مكان ووقت واحد، أم ينسحب أتباع المذهب الآخر من المكان مع إقامة الصلاة، أم يصلّون فرادى وصلاة الجماعة تقام أمامهم؟
إن كل هذه الخيارات منافية للذوق الاجتماعي، ومثيرة للحساسية والاشمئزاز، ومسيئة لأجواء الألفة والوحدة، ومظاهر الانسجام والوئام.
لذا أفتى أئمة المذاهب أتباعهم بالصلاة في الجماعة المقامة حين يحضرونها، وإن بنية المتابعة، وليس الائتمام؛ رعايةً للآداب، وحفظاً لمظهر الوحدة والانسجام.
قال ابن قدامة الحنبلي في المغني: «وإذا أقيمت الصلاة، والإنسان في المسجد، والإمام ممّن لا يصلح للإمامة؛ فإن شاء صلّى خلفه، وأعاد؛ وإن نوى الصلاة وحده، ووافق الإمام في الركوع والسجود والقيام والقعود، فصلاته صحيحةٌ؛ لأنّه أتى بأفعال الصلاة وشروطها على الكمال، فلا تفسد بموافقته غيره في الأفعال، كما لو لم يقصد الموافقة.
وروي عن أحمد أنّه يعيد. قال الأثرم: قلت لأبي عبد اللّه ـ أحمد بن حنبل ـ: الرجل يكون في المسجد، فتقام الصلاة، ويكون الرجل الذي يصلّي بهم لا يرى الصلاة خلفه، ويكره الخروج من المسجد بعد النداء؛ لقول النبي‘، كيف يصنع؟ قال: إن خرج كان في ذلك شنعةٌ، ولكن يصلّي معه، ويعيد؛ وإن شاء أن يصلّي بصلاته، ويكون يصلّي لنفسه، ثمّ يكبّر لنفسه، ويركع لنفسه، ويسجد لنفسه، ولا يبالي أن يكون سجوده مع سجوده، وتكبيره مع تكبيره»([7]).
وكان لأئمة أهل البيت^ الريادة في التأسيس لهذا الموقف الوحدوي، وحثّ أتباعهم على المشاركة في صلاة الجماعة مع إخوانهم المسلمين من أهل السنة، مع ما كانوا عليه من اختلاف عقدي، واختلاف فقهي في تفاصيل واجبات الصلاة، ومع ما كان يعانيه أتباع أهل البيت^ من الظلم والجور.
أقوال أئمة أهل البيت^
كانت سيرة أهل البيت^ قائمة على أساس الحفاظ على وحدة الأمة، ومنع تمزق صفوفها. لذلك كانوا يأمرون شيعتهم وأتباعهم بالتواجد في ساحة الأمة، وعدم الاعتزال والانكفاء، ويحثونهم على توثيق عرى التواصل الاجتماعي مع سائر أبناء الأمة، حتى لا يكون الاختلاف العقدي سبباً للقطيعة والجفاء، وحتى لا يفسح غيابهم عن المشاهد العامة المجال لتشويه سمعتهم، وإلصاق مختلف التهم بهم.
وقد جاء في المصادر الحديثية لمذهب أهل البيت عشرات النصوص والروايات التي تؤكد المشاركة في صلاة الجماعة مع بقية المسلمين المخالفين للشيعة من أهل السنة، وتعدّها من أفضل موارد الثواب، وإن أجر تلك الصلاة مع أهل السنة مضاعف عند الله سبحانه. ولا تفسير لذلك إلاّ بالنظر إلى الآثار الإيجابية التي تنتجها تلك المشاركة، في تكريس حالة التواصل والتآلف، والانسجام والوحدة بين أبناء الأمة، وفي تفويت الفرصة على المستبدين والمغرضين الذين يريدون إشغال الأمة بالخلافات الداخلية.
وفي ما يلي بعض النماذج، ومنها:
1ـ عن جابر الجعفي، قال: سألت أبا جعفر الباقر×: «إن لي جيراناً، بعضهم يعرف هذا الأمر ـ أي ولاية أهل البيت^ ـ، وبعضهم لا يعرف، قد سألوني أن أؤذّن لهم، وأصلي بهم، فخفت أن لا يكون ذلك موسَّعاً لي؟ فقال: أذّن لهم، وصلِّ بهم، وتحرَّ الأوقات»([8]).
2ـ وجاء بسند صحيح عن حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله الصادق× أنه قال: «من صلى معهم في الصف الأول كان كمَنْ صلى خلف رسول الله‘ في الصف الأول»([9]).
3ـ وعن الإمام الصادق× أنه قال: «إذا صلَّيت معهم غفر لك بعدد مَنْ خالفك»([10]).
4ـ عن الحسين بن سعيد، عن أبي علي ـ في حديث ـ قال: قلت لأبي عبدالله الصادق×: إن لنا إماماً مخالفاً، وهو يبغض أصحابنا كلهم؟ فقال×: «ما عليك من قوله، والله لئن كنت صادقاً لأنت أحق بالمسجد منه، فكُنْ أول داخل وآخر خارج، وأحسن خلقك مع الناس، وقُلْ خيراً»([11]).
5ـ وعن إسحاق بن عمار، قال: قال لي أبو عبدالله الصادق×: «يا إسحاق، أتصلي معهم في المسجد؟ قلت: نعم، قال×: صلِّ معهم؛ فإن المصلي معهم في الصف الأول كالشاهر سيفه في سبيل الله»([12]).
6ـ وعن عبدالله بن سنان قال: سمعت أبا عبدالله× يقول: «أوصيكم بتقوى الله عز وجل، ولا تحملوا الناس على أكتافكم فتذلّوا، إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه: ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً﴾، ثم قال: عودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، واشهدوا لهم وعليهم، وصلّوا معهم في مساجدهم»([13]).
7ـ وعن زيد الشحّام، عن جعفر بن محمد×، أنه قال له: «يا زيد، خالقوا الناس بأخلاقهم، صلّوا في مساجدهم، وعودوا مرضاهم، واشهدوا جنائزهم، وإن استطعتم أن تكونوا الأئمة والمؤذِّنين فافعلوا، فإنكم إذا فعلتم ذلك قالوا: هؤلاء الجعفرية، رحم الله جعفراً ما كان أحسن ما يؤدِّب أصحابه. وإذا تركتم ذلك قالوا: هؤلاء الجعفرية، فعل الله بجعفر ما كان أسوأ ما يؤدِّب أصحابه»([14]).
8ـ وعن علي بن جعفر في كتابه، عن أخيه موسى بن جعفر×، قال: «صلّى حسن وحسين خلف مروان، ونحن نصلّي معهم»([15]).
فتاوى فقهاء الشيعة
على هدى توجيهات أئمة أهل البيت^، وحمايةً لوحدة الأمة، وصوناً للألفة والوئام بين أبنائها، أفتى فقهاء الشيعة في الماضي والحاضر باستحباب حضور صلاة الجماعة مع أهل السنة، وأن المصلي معهم ينال ثواب الجماعة، وصلاته صحيحة مجزية لا تحتاج إلى الإعادة.
قال الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي في «الدروس الشرعية»: «ويستحبّ حضور جماعة العامة، كالخاصة، بل أفضل، فقد روي: من صلى معهم في الصف الأول كان كمَنْ صلى خلف رسول الله‘ فيه. ويتأكد مع المجاورة. ويقرأ في الجهرية سرّاً، ولو مثل حديث النفس، وتسقط لو فجأه ركوعهم، فيتمّ فيه إن أمكن، وإلا سقط» ([16]).
وقال السيد عبد الحسين شرف الدين: «حاشا أمير المؤمنين ـ علياً ـ أن يصلّي إلا تقرُّباً لله وأداءً لما أمره الله به، وصلاته خلفهم ـ أي الخلفاء ـ ما كانت إلا خالصة لوجهه الكريم، وقد اقتدينا به×، فتقرّبنا إلى الله عزّ وجلّ بالصلاة خلف كثير من أئمّة جماعة أهل السنّة، مخلصين في تلك الصلوات لله تعالى. وهذا جائز في مذهب أهل البيت. ويُثاب المصلّي منّا خلف الإمام السني كما يُثاب بالصلاة خلف الشيعي. والخبير بمذهبنا يعلم أنّا نشترط العدالة في إمام الجماعة إذا كان شيعيّاً، فلا يجوز الائتمام بالفاسق من الشيعة، ولا بمجهول الحال، أمّا السنّي فقد يجوز الائتمام به مطلقاً» ([17]).
وإذا كان الفقهاء يبحثون هذه المسألة ضمن عنوان التقية فلأن التقية عندهم ـ وحسبما يُفهم من النصوص الدينية ـ لا تقتصر على موارد الخوف على النفس والمال والعرض، بل تشمل الخوف على مصالح الإسلام والأمة، برعاية الوحدة والألفة بين صفوف أبنائها، وذلك هو الجانب الأهم والأساس في الموضوع.
يقول الفقيه السيد عبد الأعلى السبزواري: «موردها ـ التقية ـ ما إذا تحقَّق فيه خوف نفسيّ أو عرضيّ، أو ماليّ، حاليّاً كان أو استقباليّاً، أو تودد، وتحبب، وألفة، ولو لم يكن خوف في البين. والدليل على هذه التوسعة إطلاق الأدلة المرغبة فيها…، ممّا ظاهره الترغيب فيها، الدالة على أن تحقق التحبب والتودد وزوال المنافرة أيضاً من موجباتها، فكيف بمورد الخوف؟! ولا ريب في أن زوال المنافرة، وتحقق المودة، بين أفراد المسلمين أهم من ترك قيد أو جزء في عمل فرعي؛ لكثرة اهتمام النبي‘ وأوصيائه المعصومين بذلك، كما لا يخفى على مَنْ راجع حالاتهم، فهي ـ التقية ـ واجبة؛ إما مع الضرر والخوف؛ للأدلة العامة؛ وإما مع عدمهما، وتحقق المودة، وزوال المنافرة؛ لما تقدَّم من الأدلة الظاهرة في الوجوب….
مقتضى إطلاقها ـ التقية ـ وعموماتها المرغبة إليها أنه لا يعتبر عدم المندوحة ـ أي عدم المهرب ـ في التقية؛ لورودها في مقام البيان، ولم يُشِرْ إليه فيها، وهو الموافق لسهولة الشريعة في هذا الأمر العام البلوى بين المسلمين، بل اعتبارها ـ أي اعتبار عدم القدرة على المهرب ـ يوجب إلقاء المنافرة، خصوصاً بالنسبة إلى العوام، الذين لا يلتفتون إلى جملة من الأمور، وقد شُرِّعت التقية لزوال المنافرة….
لم يَرِدْ تحديد من الشرع في الضرورة والخوف الموجبين للتقية، بل هما موكلان إلى المتعارف. قال أبو جعفر×: «التقية في كل ضرورة، وصاحبها أعلم بها حين تنزل به».
وقيد الاضطرار والضرورة في مثل هذه الأخبار لا ينافي ثبوتها في غير مورد الاضطرار، من مورد المجاملة وغيرها، كما مرّ؛ لإطلاق تلك الأدلة الواردة مورد الألفة والموادّة، التي يأبى سياقها عن التقييد بالاضطرار؛ لأن الائتلاف والموادة شيء والاضطرار شيء آخر. وكذا لا تحديد للمجاملة والموادّة الموجبة لها، وهي أيضاً عرفية، وتختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص والعادات…
تشريع التقية إنما هو لرفع الاختلاف، وتحقق الوحدة والائتلاف، والتسهيل والامتنان على الناس. وذلك كله يقتضي الصحة والإجزاء في مورد التقية مطلقاً، بلا إعادة، ولا قضاء؛ لأن إيجابها في موردها ـ إيجاب الإعادة والقضاء ـ من موجبات المنافرة والبغضاء. فهذا ينافي حكمة تشريعها. ويدل على ذلك أيضاً إطلاقات أدلة التقية وعموماتها، والأخبار الكثيرة المرغِّبة إليها بألسنة شتى…
مقتضى الإطلاقات والعمومات الواردة في التقية أنه لا يعتبر فيها عدم القدرة على الحيلة في دفعها»([18]).
وفي سياق توضيح مفهوم التقية في مدرسة أهل البيت^ يقول الباحث، أستاذ الدراسات العليا في الحوزة العلمية، الشيخ أحمد عابديني: «التقية ليست لخوف القتل أو الضرب أو غيرهما من الأضرار الجسمية فحسب، بل قد تكون لحفظ الدين ووحدة المسلمين. لذا نرى في الروايات «أن تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين لمَنْ لا تقية له»… فأيّ باحث يدقق في هذه الأحاديث يرى هذه التعابير غير متناسبة مع حفظ النفس عن الظالم أو السلطان الجائر، ولا أحد يقول بأن ياسراً وسمية، أبوَيْ عمار، لا دين لهما؛ لأنهما تركا التقية، أو أن زيد بن علي بن الحسين لا دين له؛ لأنه ترك التقية، أو أن الذين ذهبوا لزيارة الحسين، واستشهدوا في طريقه في زمن المتوكل العباسي، لا دين لهم؛ لأنهم تركوا التقية.
بلى، هذه الأحاديث تناسب حال مَنْ ترك التقية، وصار عمله هذا موجباً لتفرقة صفوف المسلمين، أو صار سبباً لاستيلاء الكفار على بلاد المسلمين، أو لتضعيفهم وانحطاطهم الثقافي والاقتصادي…
فأئمتنا^، حيث كانوا يرون هذه المصائب، اتفقوا على الأمر بالتقية، والعمل بها، فحضروا في صلوات أهل السنة، وعادوا مرضاهم، وشيَّعوا جنائزهم، وأمروا شيعتهم بذلك. وبجملة واحدة: أصر الأئمة^ على توحيد الكلمة؛ لتبقى كلمة التوحيد.
وشيئاً فشيئاً تغيّر هدف التقية من حفظ الدين إلى حفظ النفس، ودخل في الكتب الفقهية المتأخِّرة ليصبح قريناً للاضطرار، مع أنهما عنوانان مستقلان. فالاضطرار حكم ثانوي؛ لحفظ النفس عن الهلكة، يجري في كل شيء؛ أما التقية فقد وضعت لحفظ الدين»([19]).
فتوى الإمام الخميني
في أول موسم حج بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، بقيادة الإمام الخميني (1409هـ)، وجَّه بياناً للحجاج الإيرانيين ولجميع الشيعة، بتاريخ 28 شوال 1399هـ، طالبهم فيه بالمشاركة في صلاة الجماعة مع أهل السنة، واجتناب أي عمل يثير حساسيات الخلاف والتفرقة بين السنة والشيعة.
ومما جاء في ذلك البيان: «يلزم على الأخوة الإيرانيين والشيعة في سائر البلدان الإسلامية، أن يتجنبّوا الأعمال السقيمة المؤدِّية إلى تفرقة صفوف المسلمين، ويلزم الحضور في جماعات أهل السنة، والابتعاد بشدة عن إقامة صلاة الجماعة في المنازل، ووضع مكبِّرات الصوت بشكل غير مألوف، وعن إلقاء النفس على القبور المطهَّرة، وعن الأعمال التي قد تكون مخالفة للشرع»([20]).
وكان لبيان الإمام الخميني تأثير عملي فعلي، حيث التزم به الحجاج الإيرانيون، واستقبلته الجهات الرسمية والأوساط الدينية في المملكة العربية السعودية بارتياح وتقدير.
ولم تقتصر فتوى الإمام الخميني بالصلاة مع أهل السنة على مورد الحج، حيث قُدِّم له السؤال التالي: هل يمكن للشيعة أن يقتدوا في الصلاة بإمام جماعة من أهل السنة في غير موارد الحج أم لا؟
فأجاب: «يمكنهم ذلك»([21]).
وقُدِّم له السؤال التالي: طبقاً لرسالة الإمام فإنه يشترط في إمام الجماعة أن يكون شيعياً. بعض الإخوة الجامعيين خارج البلاد، واستناداً إلى هذه المسألة، لا يشاركون في مساجد وجماعات المسلمين. وهذا العمل أوجب النظرة السيئة لنا من قبل المسلمين الآخرين، فهل هذا العمل صحيح شرعاً أم لا؟
فأجاب:«إذا كان عدم المشاركة مع هؤلاء في الصلاة موجباً للنظرة السيئة فشاركوا، وصلّوا معهم»([22]).
فتاوى السيد الخوئي
أجاب السيد الخوئي(1413هـ)، وهو من أبرز مراجع الشيعة المعاصرين، عن كثير من الاستفتاءات حول صحة الصلاة مع أبناء السنة في الجماعة، مؤكِّداً في إحدى إجاباته استحباب الصلاة خلف الإمام السني، وأن ذلك لا يقتصر على حالة الخوف والاضطرار، حيث قُدِّم له السؤال التالي: هل الصلاة خلف الإمام المخالف مستحبة، وما هي كيفيتها؟
فأجاب: نعم يستحب، ويقرأ القراءة الواجبة لنفسه بالإخفات، ولا بأس بالفراغ قبل فراغ الإمام عنها، ويصبر، ويركع معه، والإخفات مطلقاً لقراءته، ولا يتقيّد بأمرٍ ما سوى كونه مسلماً من غير الإمامية، فإذا كان الإمام مخالفاً لا يتقيّد كل ما ذكر بحال التقية([23]).
كما أفتى السيد الخوئي بحضور صلاة جماعة أهل السنة في المناطق التي لا توجد فيها صلاة جماعة للشيعة، حيث قُدِّم له السؤال التالي: هل يجوز، حيث لا توجد جمعة ولا جماعة للمؤمنين، الاقتداء بإمام غير مؤمن ـ غير شيعي ـ في الجمعة والجماعة؟
فأجاب: نعم يجوز الاقتداء به، ولكن يأتي المقتدي بالقراءة بنفسه، وحينئذٍ لا تجب عليه الإعادة. هذا في غير الجمعة، وأما في الجمعة فلا يجزي عن الظهر([24]).
وحين سُئل عن شرط العدالة، وهل يلزم توفُّره في الإمام السني؛ للصلاة خلفه، كما يشترط توفُّره في الإمام الشيعي؟
أجاب: لا تعتبر العدالة في مفروض السؤال([25]).
وأشار السيد الخوئي إلى الجوانب الإيجابية في صلاة الشيعة مع إخوانهم السنة، وأبرزها إظهار الوحدة في صفوف أبناء الأمة، حيث سُئل: ما هي فلسفة صلاة الجماعة مع الإخوان السنة؟
فأجاب: منها: إظهار الوحدة في صفوف المسلمين([26]).
ويرى السيد الخوئي أن الصلاة جماعة مع أهل السنة تترتب عليها جميع أحكام صلاة الجماعة مع الشيعة، عدا القراءة. وكان نص السؤال الموجَّه إليه كالتالي: إذا صلى جماعة مع العامة فهل تترتب أحكام الجماعة، كما في جماعة المؤمنين، كالرجوع إلى الإمام الحافظ عند الشك في الركعات، وكاغتفار زيادة الركوع إذا قام قبل الإمام سهواً، فيرجع للمتابعة مثلاً؟
فكان نص جوابه التالي: نعم تترتَّب الأحكام، سوى القراءة، فإنه لا يتحمَّلها الإمام، ولا بدّ من القراءة([27]).
فتاوى السيد السيستاني
استنكر السيد السيستاني، وهو المرجع الأعلى للشيعة اليوم، على بعض الشيعة خروجهم من المسجدين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة حين إقامة الجماعة، حيث قُدِّم له السؤال التالي: يلاحظ خروج بعض أبناء الطائفة من المسجدين الشريفين حين إقامة الجماعة فيهما، فما هو رأيكم؟
أجاب سماحته: هذا العمل غير مناسب، بل ربما لا يجوز؛ لبعض العناوين الثانوية، كالإساءة إلى سمعة المذهب([28]).
وحين سُئل عن إقامة صلاة الجماعة في فنادق مكة المكرمة والمدينة والمنورة، من قبل بعض الحجاج والزائرين الشيعة، أجاب بأفضلية المشاركة في جماعة المسلمين في المسجدين لغرض التآلف بينهم([29]).
فتاوى السيد الخامنئي
سُئل السيد الخامنئي، المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية: هل تجوز الصلاة خلف السنة جماعة؟
فأجاب: الصلاة جماعة لأجل حفظ الوحدة الإسلامية جائزة وصحيحة([30]).
وقُدِّم له السؤال التالي: محلّ عملي يقع في إحدى المناطق الكردية، وأكثرية أئمة الجمعة والجماعة هناك من أهل السنّة، فما هو حكم الاقتداء بهم؟
فأجاب: لا إشكال في المشاركة في الصلاة معهم في جمعتهم وجماعتهم؛ لأجل حفظ الوحدة الإسلامية([31]).
ويلاحظ هنا أن السؤال عن منطقة في إيران، ذات الحكومة والأغلبية الشيعية، ومع ذلك يوجِّه قائدُها الفقيه إلى المشاركة في صلاة الجماعة للأقلّية السنية.
وقُدِّم له السؤال التالي: ما حكم المشاركة في صلاة الجمعة التي تقام في البلاد الأوروبية وغيرها من قبل طلاب الجامعات من أبناء الدول الإسلامية، والتي يكون أغلب المشاركين فيها، وإمام الجمعة أيضاً، من أبناء السنة؟ وفي هذه الحالة هل يلزم الإتيان بصلاة الظهر بعد إقامة صلاة الجمعة؟
فأجاب: لا بأس بالمشاركة فيها؛ حفاظاً على وحدة اتحاد المسلمين، ولا يجب الإتيان بصلاة الظهر بعد صلاة الجمعة([32]).
كما قُدِّم له السؤال التالي: تنطلق الحملات الدينية من منطقة القطيف والأحساء لزيارة العتبات المقدسة في مكة والمدينة. وهذه الحملات تقيم صلاة الجماعة في السكن، فهل يجوز ذلك؟ وما هو حكم الصلاة فرادى في السكن؟ وهل تجب المشاركة في صلاة الجماعة في الحرم الشريف؟
فأجاب: ينبغي للمؤمنين في مثل موسم الحج في المدينة المنورة ومكة المكرمة، الذي هو حضور الوافدين من جميع فرق المسلمين من جميع البلاد، أن يهتمّوا بالوحدة الإسلامية، بالاشتراك مع سائر المسلمين في الحضور في المساجد، والصلاة معهم جماعة، ولا يتعوّدوا على الصلاة في السكن والفنادق، حتى ولو كانت فرادى. هذا إذا لم تكن إقامة الجماعة في السكن والفنادق على خلاف مصلحة الإسلام والمسلمين، وإلا فلا تجوز.
وقُدِّم له السؤال التالي: بعض المؤمنين يخرج قبيل الآذان من الحرم المطهّر، أو يذهب إلى الحرم بعد انتهاء صلاة الحرم مباشرة، فما هو رأيكم في ذلك؟
فأجاب: لا يجوز الخروج من صفوف الجماعة ومن الحرم الشريف النبوي أو المكي حين انعقاد صلاة الجماعة، ولا قبيل انعقادها بزمان قليل، بل يجب آنذاك الاشتراك معهم في صلاتهم. وأما الذهاب إلى الحرم والدخول في المسجد بعد انتهاء صلاة الجماعة في الحرم فلا مانع منه، ما لم يكن مظهراً لعدم الاعتناء بصلاتهم، كما لو كان الدخول في الحرم بصورة الاجتماع([33]).
فتوى الشيخ حسين آل عصفور
أكد الفقيه الشيخ حسين آل عصفور(1216هـ) في رسالته «سداد العباد» على استحباب حضور صلاة الجماعة مع المخالفين في المذهب، وإن كان قد صلى فرضه فيستحب له أن يشارك معهم أيضاً. وجواز المشاركة معهم لا يقتصر على حال الاضطرار، بل حتى مع الاختيار.
قال في المسألة الحادية عشرة من لواحق وفروع صلاة الجماعة: «قد مرّ تحقيق ما يستحب من حضور جماعة أهل الخلاف استحباباً مؤكَّداً، حتى أن المصلي معهم في الصف الأول كالمصلي خلف رسول الله‘ في الصف الأول، ويستوي في ذلك من صلى الفرض لنفسه ومن لم يصلِّ، ومن صلى على الانفراد ثم حضرهم خرج بحسناتهم.
ولا يشترط في جواز الدخول معهم عدم المندوحة، فيجوز مع الاختيار([34]).
وعدم المندوحة، أي عدم الفسحة، بمعنى أن جواز الصلاة في جماعة أهل السنة ليس مشروطاً بحال الاضطرار، وعدم فسحة الخلاص، بل هو جائز اختياراً.
الرأي الشرعي والواقع الاجتماعي
سبق الحديث، أن لكل طائفة من المسلمين من السنة والشيعة مساجدهم وصلاة جماعتهم، طبقاً لشروط صحة إمامة الجماعة عند كلٍّ من الطرفين. ومن الطبيعي أن يقصد أتباع كلّ مذهب مساجدهم، ويؤدون صلاتهم وفق أحكام مذهبهم. لكن الكلام هو عن موارد التلاقي والاجتماع. ومن أبرزها الموارد التالية:
1ـ في الحرمين الشريفين، حين يأتي الشيعة لأداء الحج والعمرة.
2ـ في الدوائر والمؤسَّسات التي يعمل فيها بعض الشيعة، ويقيم إخوانهم السنة صلاة الجماعة.
3ـ في المؤتمرات والملتقيات، حيث يتنوع المشاركون فيها مذهبياً.
4ـ في حالات السفر والمرافقة، وحين يجتمع أفراد من الطرفين.
في مثل هذه الموارد فإن الرأي الشرعي لمدرسة أهل البيت^ واضح، من خلال النصوص الواردة عن الأئمة^، ومن خلال ما تحكيه سيرتهم، وبصريح آراء وفتاوى فقهاء الشيعة، فإن المطلوب من أبناء الشيعة في مثل هذه الموارد المشاركة في صلاة الجماعة مع إخوانهم السنة؛ من أجل تكريس الألفة والوئام.
وإذا ما أخذنا الظروف الحاضرة التي تعيشها الأمة بعين الاعتبار فإن هذه المشاركة تبدو أكثر أهمية وإلحاحاً؛ لأن هناك مَنْ يريد إشعال نار الفتنة الطائفية، وهناك مَنْ يمارس التحريض على الكراهية بين الطرفين، وهناك دعايات مغرضة، وإعلام مضلِّل، يرسم عن الشيعة ومذهبهم صورة سوداء قاتمة في أنظار بقية المسلمين. فإذا انسحب الشيعة عن الصلاة مع إخوانهم السنة في أمثال هذه الموارد فإنهم يتيحون الفرصة لإنجاح تلك المحاولات المشبوهة؛ للإيقاع بينهم وبين بقية المسلمين، ويكرِّسون بذلك حالة الفرقة والقطيعة.
بينما تكون مشاركتهم في صلاة الجماعة كسراً للحواجز النفسية، وإسقاطاً للتهم الباطلة، وإتاحة لمجال التعارف والتواصل.
إن الحج والعمرة من أفضل فرص التعارف والتواصل بين المسلمين، حيث يَفِدُ المسلمون من مختلف البلدان والأقطار. وأداء الصلاة في الحرمين الشريفين هو الملتقى الطبيعي لهؤلاء الحجيج والمعتمرين، فإذا انتشر الشيعة في أوساط بقية إخوانهم المسلمين عند أداء الصلاة تمكَّنوا من التعريف بأنفسهم، والتعرُّف إلى إخوانهم من سائر المذاهب والطوائف، أما إذا انعزلوا بصلاتهم في أماكن إقامتهم فقد فوّتوا على أنفسهم تلك الفرصة العظيمة، وأضاعوا منفعةً من أهمّ منافع الحج وزيارة الأماكن المقدسة.
وكذلك الحال في الدوائر والمؤسسات التي يعمل فيها بعض الموظفين من الشيعة، فإن حضورهم صلاة الجماعة مع إخوانهم السنة حين تقام يؤكِّد أنهم جزء من ذلك المجتمع، وأن هناك انتماءً وجامعاً مشتركاً بينهم، بينما يشير انحيازهم عن صلاة الجماعة إلى جهة الافتراق والاختلاف، ويفسح المجال لمختلف التفسيرات السلبية تجاههم.
ورغم وجود الرأي الشرعي الدافع إلى المشاركة، ووضوح الفائدة والمصلحة الخاصة والعامة في ذلك، فإن بعض الشيعة يتردَّد ويتلكّأ في الأمر.
ومن الموضوعية والإنصاف أن نشير إلى أهم وأبرز العوامل والأسباب وراء هذه الظاهرة:
أولاً: ما ألفه الناس من اختصاص كل طائفة بمساجدها وصلاة جماعتها أوجد تصوراً في الأذهان بعدم صحة المشاركة. وهناك تقصير في تبيين الرأي الشرعي للجمهور الشيعي من قبل العلماء والخطباء. لذلك حين تبنت القيادة الدينية في إيران، وبعثتها للحج، هذا الموقف، ونشرت الفتاوى والبيانات، ومنعت حملات الحج الإيرانية من إقامة صلاة الجماعة في مقارّها، أصبح الشيعة الإيرانيون أكثر استجابة لدعوة المشاركة في صلاة الجماعة في الحرمين الشريفين.
وثانياً: اشتراط إحراز عدالة الإمام في الفقه الشيعي، الذي يترتب عليه توقف الشيعي عن الصلاة خلف إمام لا يعرفه، ولا يطمئن لعدالته. وقد بالغ بعض الشيعة في الالتزام بهذا الشرط أكثر من المطلوب شرعاً في الوسط الشيعي. ولذا تراهم يتوقفون عن المشاركة في صلاة الجماعة مع إمام شيعي إذا لم يعرفوه، أو لم يحصل لهم الاطمئنان بعدالته.
لكن هذا الشرط غير وارد في الصلاة مع جماعة أهل السنة. وهذا ما يجهله كثير من أبناء الشيعة، أو لا يلتفتون إليه.
وثالثاً: أجواء التعبئة الطائفية ضد الشيعة، وما تسبِّبه من ردِّ فعلٍ في الوسط الشيعي، حيث يحصل أن يصلي الشيعة خلف إمام سني، فيسمعون في خطبته كلاماً قاسياً تجاههم، من اتهامهم في دينهم، ووصفهم بصفات باطلة. لذا يتجنبون المشاركة في صلاة الجماعة؛ ليجنِّبوا أنفسهم تحمُّل ألم سماع ذلك البهتان.
ويفترض في مَنْ يؤمّ المسلمين ويخطبهم، وخاصة في الديار المقدسة، والأماكن المشتركة، أن يلتزم بخطاب الوحدة الإسلامية، وأن يدعو إلى الألفة والتضامن بين أبناء الأمة، ولا يصحّ له العزف على وتر الفرقة والخلاف، وإثارة الكراهية والبغضاء بين المسلمين.
ورابعاً: وجود توجُّس عند بعض الشيعة من أن يُنظَر إلى صلاتهم مع أهل السنة على أنها نوع من الضعف والتملق وممارسة التقية. وهو توُّهمٌ غير صحيح. وإذا كان في أهل السنة مَنْ ينظر إلى الأمر بهذه الصورة فهم فئة محدودة، متأثِّرة بالدعايات والإشاعات. وقد يغيرون نظرتهم حينما تكون مشاركة الشيعة مشهداً مألوفاً.
وهناك توجُّس آخر لدى بعض الشيعة، وهو الخوف على أبنائهم من التأثُّر بالتواجد في الأجواء الدينية لأهل السنة، مما قد يضعف ولاءهم وانتماءهم المذهبي.
ولهؤلاء المتوجسين نقول: إنا لا ندعو أبناء الشيعة لترك مساجدهم وصلوات جماعتهم. وقد ذكرنا أن من شروط صحة الإمامة كون الإمام اثني عشرياً. وأشرنا إلى أن من الطبيعي والمشروع أن تقيم كل طائفة صلاة جماعتها وفق أحكام المذهب الذي تنتمي إليه.
لكنّ الكلام في أماكن الاجتماع، وحيث تقام صلاة الجماعة. ثم هل إن هؤلاء المتوجِّسين أكثر حرصاً على تشيّع الشيعة من أئمتهم ومراجعهم؟
إن تعزيز الانتماء للمذهب يكون بالتربية الصالحة، والتوعية السليمة، وليس بالعزلة والانكفاء، التي يحتمي بها الضعفاء غير الواثقين من أنفسهم وقناعاتهم.
أحكام الجماعة مع أهل السنة
1ـ أجمع فقهاء الشيعة على استحباب صلاة الجماعة مع أهل السنة؛ لحفظ الوحدة، وإيجاد التآلف والانسجام.
وعدّه السيد مرعشي النجفي ضمن إجماعيات فقه الشيعة، فقال: «ولا يُصلّى خلف الغالي، ويُصلّى خلف المخالف في المذهب، لو اقتضت التقية، أو المصالح العامة، وما له نفع للأمة، ولإيجاد الوحدة، وتحصيل القوة على الأعداء»([35]).
2ـ لا يشترط في إمام الجماعة من أهل السنة أيٌّ من شروط صحة الإمامة في الفقه الشيعي.
3ـ إذا كان ترك الصلاة مع أهل السنة موجباً لوهن الإسلام، أو تشويه سمعة المذهب والطائفة، كان حراماً.
4ـ جمهور أهل السنة يقرؤون خلف الإمام؛ إما على نحو الوجوب، كما هو رأي الشافعية؛ أو على نحو الاستحباب في السرية، والكراهة في الجهرية، إلا إذا قصد مراعاة الخلاف، فيستحبّ، حتى في الجهرية، حسب رأي المالكية. ويرى الحنابلة استحباب القراءة خلف الإمام في الصلاة السرية، وفي سكتات الإمام في الصلاة الجهرية، وتكره حال قراءة الإمام في الصلاة الجهرية. أما الحنفية فيرون أن قراءة المأموم خلف الإمام مكروهة تحريماً([36]).
فإذا صلى الشيعي مع أهل السنة فإن بعض فقهاء الشيعة، كالسيد الخوئي، والسيد السيستاني، والسيد الشيرازي، وآخرين، يرون أن عليه أن يقرأ لنفسه في الركعتين الأوليين، سورة الفاتحة وسورة من السور القصار، وتكون قراءته إخفاتاً، ولو كانت الصلاة مما يجب فيه الجهر، وإذا ركع الإمام، ولم يتَّسِعْ وقته لقراءة السورة، اكتفى بالفاتحة، وإذا أنهى قراءته قبل الإمام اشتغل بالتسبيح.
بينما يفتي فقهاء آخرون بعدم لزوم القراءة عليه، وهو ما يظهر من فتاوى الإمام الخميني، والسيد الخامنئي، والشيخ محمد فاضل اللنكراني، والشيخ ناصر مكارم الشيرازي، والشيخ يوسف صانعي.
جاء في فتوى الشيخ اللنكراني: «تكون الصلاة خلفهم على نحو نية الجماعة، ولا يجب فيها أن يقرأ لنفسه، وتكون صحيحة، لا تحتاج إلى القضاء أو الإعادة».
ويقول الشيخ الشيرازي: «الظاهر من مجموع روايات المعصومين أنه يقصد الائتمام، ويعمل على وفقه، من دون حاجة إلى الإعادة، أو إلى قراءة الحمد والسورة».
ويقول الشيخ صانعي: «تكون المشاركة معهم في صلاة الجماعة كالمشاركة في الائتمام في صلاة الجماعة مع الشيعة، فتكون صلاة الجماعة معهم بنية الائتمام، وتسقط القراءة عن المصلي، وتترتب عليه كل آثار الائتمام. وكيف لا تكون كذلك مع ما في الجماعة معهم من حفظ الوحدة، وعظمة صلاة الجماعة، والمداراة بين المسلمين، المأمور بها في الشرع على النحو الأكيد».
5ـ يؤدي الشيعي صلاته مع أهل السنة وفق أحكام الصلاة في المذهب الشيعي، فيسبل يديه، ولا يتكتَّف. وإرسال اليدين وعدم التكتُّف مستحبٌّ عند بعض السنة، وهم المالكية. ولا يقول: (آمين) بعد إنهاء الإمام للفاتحة. ولا يسجد على ما لا يصحّ السجود عليه. لكن إذا كان الالتزام بأيٍّ من هذه الأحكام يسبِّب مشكلة، أو إثارةً ضارّةً، فلا يكون واجباً، فيجوز للشيعي أن يتكتَّف، وأن يسجد على الفراش؛ منعاً لأيّ ضرر محتمل، وصلاته صحيحة، ولا يحتاج إلى إعادة.
أما القنوت قبل الإتيان بالركعة الثانية فهو مستحبّ، ولا يخلّ تركه بالصلاة، ويمكن أداؤه دون رفع الكفين، بل يقتصر على الدعاء، إنْ وسعه الوقت قبل ركوع الإمام.
6ـ لا يختلف تحديد أوقات الصلاة بين الشيعة والسنة، عدا صلاة المغرب، حيث يؤجِّلها الشيعة إلى زوال الحمرة المشرقية، أي بعد حوالي عشر دقائق من غروب الشمس، والمعمول به عند أهل السنة تأجيل إقامة صلاة الجماعة بمثل هذا القدر، فلا تقام الجماعة عندهم في المساجد فور دخول الوقت.
وعليه فليس هناك إشكال في الصلاة مع أهل السنة في ما يرتبط بأوقاتها، عدا ما أشرنا إليه في صلاة المغرب، فإنه تصح الصلاة معهم عندما يؤخِّرون إقامتها بمقدار عشر دقائق.
7ـ إذا كان الشيعي قد أدّى صلاته، وأقيمت صلاة الجماعة لأهل السنة، يستحب أن يصلي معهم قضاءً عما قد يكون في ذمته من صلوات سابقة.
نصيحة وتوجيه
انطلاقاً من توجيهات أئمة أهل البيت^، واستجابة لفتاوى الفقهاء المراجع، ومن أجل تكريس الوحدة الإسلامية والوطنية، ولتفويت الفرصة على مثيري الفتن الطائفية والخلافات المذهبية، أدعو إخواني الشيعة إلى المشاركة في صلاة الجماعة مع إخوانهم السنة، في أماكن التلاقي والاجتماع، كموسم الحج وأداء العمرة، بأن يحرصوا على الصلاة جماعةً في الحرمين الشريفين.
كما أوصي الموظفين الشيعة بالمشاركة في صلاة الجماعة التي تقام في أماكن عملهم.
وأوصي أبنائي طلاب الجامعات أيضاً بالمشاركة في صلاة الجماعة المنعقدة في جامعاتهم.
ولا ينبغي لأحد من الشيعة أن يصلي منفرداً في مكان تقام فيه صلاة جماعة لأهل السنة.
وقد يبرّر البعض عدم المشاركة في صلاة الجماعة لأهل السنة بالخشية من أن ينظر إليهم البعض كمتملِّقين، ومجاملين، وممارسين للتقية.
لكن هذا مجرَّد توهُّم. وإذا كان هناك مَنْ يفسّر الأمر كذلك فإنهم فئة محدودة من المتشدِّدين. ولا ينبغي أن نخالف الرأي الشرعي، ونخسر الثواب والمصلحة المرجوّة، بسببهم.
إن واقع التجربة يدل على ارتياح أهل السنة من صلاة الشيعة معهم، وعلى التأثير الإيجابي الذي تتركه هذه المشاركة في العلاقة بين الطرفين. أما مَنْ ينظر إلى ذلك بسلبية من أهل السنة فهو قد يكون متأثِّراً بالدعايات المغرضة ضد الشيعة، أو يكون متطرِّفاً يزعجه التواصل والاندماج بين السنة والشيعة. وعلينا أن لا نعطي هؤلاء الفرصة لتحقيق توجهاتهم الطائفية البغيضة، بل نلتزم بتوجيهات أئمتنا الطاهرين^، ونحرص على التواجد والمشاركة في ما يخدم مصلحة الدين والوطن.
الهوامش
(*) كاتب وباحث، من أبرز الشخصيات الإسلامية في المملكة العربية السعودية، ومن الشخصيات الناشطة على صعيد التقريب بين المذاهب الإسلامية.
([1]) السيستاني، منهاج الصالحين 1: مسألة 81، ط1، 1423هـ، مدين ـ قم المقدسة.
([2]) الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته 2: 181، ط3، 1409، دار الفكر ـ دمشق.
([3]) الجزيري، الفقه الإسلامي على المذاهب الأربعة 1: 366، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
([4]) العنسي الصنعاني، التاج المذهب لأحكام المذهب 1: 112، مكتبة اليمن الكبرى ـ صنعاء.
([5]) ابن قدامة الحنبلي، المغني 3: 17 ـ 18، ط2، 1412هـ، هجر للطباعة والنشر ـ القاهرة.
([6]) ابن قدامة الحنبلي، المغني 3: 20 ـ 21.
([7]) ابن قدامة الحنبلي، المغني 3: 25.
([8]) البروجردي، جامع أحاديث الشيعة، حديث رقم 10996، ط1، 1417هـ، قم المقدسة.
([9]) الحر العاملي، وسائل الشيعة، حديث رقم10717، ط1، 1993، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث ـ بيروت.
([10]) المصدر السابق، حديث رقم 10718.
([11]) المصدر السابق، حديث رقم 10721.
([12]) المصدر السابق، حديث رقم 10723.
([13]) المصدر السابق، حديث رقم 10724.
([14]) البروجردي، جامع أحاديث الشيعة، حديث رقم 10995.
([15]) الحر العاملي، وسائل الشيعة، حديث رقم 10725.
([16]) محمد بن مكي العاملي، الدروس الشرعية، ضمن سلسلة الينابيع الفقهية، الصلاة 10: 651، علي أصغر مرواريد، ط1، 1413هـ، دار التراث ـ بيروت.
([17]) موسوعة الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين، أجوبة مسائل موسى جار الله 4: 73، ط1، 1427هـ، دار المؤرخ العربي ـ بيروت.
([18]) السبزواري، مهذب الأحكام 2: 384 ـ 389، ط4، 1413هـ، مؤسسة المنار ـ قم المقدسة.
([19]) الشيخ أحمد عابديني الوحدة الإسلامية بين الشعار والعمل، مجلة نصوص معاصرة، العدد 11: 106، صيف 2007م، مركز البحوث المعاصرة ـ بيروت.
([20]) السبحاني، دور الشيعة في بناء الحضارة الإسلامية: 10، ط2، 1416هـ، معاونية شؤون التعليم والبحوث الإسلامية ـ إيران.
([21]) الخميني، أحكام الإسلام بين السائل والإمام: 223 مسألة 484، ط 1، 1993م، دار الوسيلة ـ بيروت.
([22]) المصدر السابق: 222، مسألة رقم 482.
([23]) الخوئي، صراط النجاة 1: 102 مسألة رقم 257، ط2، 1416هـ، مكتبة الفقيه ـ الكويت.
([24]) المصدر السابق: 101، مسألة 255.
([25]) المصدر السابق، مسألة 256.
([26]) المصدر السابق 3: 74، مسألة 214.
([27]) المصدر السابق: 76، مسألة 217.
([28]) السيستاني ملحق مناسك الحج: 455، ط1، 1426هـ، مكتب السيد السيستاني ـ قم المقدسة.
([30]) الخامنئي، أجوبة الاستفتاءات، مسألة 598، ط1، 1425هـ، منشورات كربلاء المقدسة ـ العراق.
([31]) المصدر السابق، مسألة 599.
([32]) المصدر السابق، مسألة 620.
([34]) الشيخ حسين آل عصفور، سداد العباد 1: 150، مجمع البحوث العلمية، 1421هـ، قم.
([35]) السيد إسماعيل بن أحمد الحسيني المرعشي، إجماعيات فقه الشيعة 1: 486، ط 2، 1998م.
([36]) الموسوعة الفقهية 33: 52 ـ 53، ط1، 1992م، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ـ الكويت.