أحدث المقالات

د. محمد كاظم رحمتي(*)

ترجمة: د. نظيرة غلاب

من المواضيع التي لم تحظَ بالعناية الكافية لدى الباحثين والمحقّقين في الحديث مسألة اختلاف المباني والنظريات بين رواة الحديث الإمامي في تعاطيهم مع الأحاديث والرواة والكتب الحديثية. البحث الحاضر خطوةٌ على طريق استكشاف بعض من هذا الاختلاف، من خلال تتبُّعه مباني مجموعة من علماء ومحدِّثي قم، والذين كان معظمهم من مشايخ الشيخ الصدوق، في التعامل مع الروايات التي وقع في أسنادها رواةٌ من الواقفة، حيث ثبت أنهم كانوا يتجنبون الروايات التي ورد في أسنادها هؤلاء الرواة، ولا يروون الحديث من طريقهم، بخلاف عمل جماعة أخرى، والذين يعتبر معظمهم من مشايخ الشيخ الكليني، ومن محدِّثي الإمامية العراقيين، حيث كان مبناهم يختلف عن مشايخ الصدوق، وكانوا يقبلون بالروايات القديمة بأسناد الواقفة، ولا يرَوْن بها بأساً. ومن المحتمل أن يكون إعراض بعض علماء قم، وخاصّة ابن الوليد القمّي، عن روايات كتاب الكافي ناشئاً في الأساس من هذا الاختلاف المبنائي؛ إذ إن أكثر المتون القديمة في الكافي كانت بأسناد الواقفة، ولا سيَّما من طريق حُمَيْد بن زياد، عن أستاذه ابن سماعة، عن طريق الكليني.

مقدّمة

من الصعوبات المطروحة أمام التحقيق والبحث في اتجاهات المحدِّثين الإمامية في القرون الأولى اندراس الكثير من الآثار، من كرّاسات وكتب الحديث وقسم كبير من فهارس الأصحاب، حيث لم يصلنا من المعرفة عنها سوى أقوال محدودة، نستقيها من النصوص المختلفة لدى المتأخِّرين، بل حتّى الأقوال التي وصلتنا عن آثار تلك الفترة لا تفي بشكلٍ كامل في تبيين آراء محدِّثي الشيعة في القرون الأولى وتوجُّهاتهم. ولهذا السبب عزفت جهود المحققين عن تتبُّع الاتجاهات الفكرية، والحديثيّة، لمختلف الحواضر الشيعية في تلك الفترة.

لقد ظهرت اتجاهات مختلفة تحت تأثير العلماء والمحدِّثين في مراكز الإشعاع العلمي في كلٍّ من: قم، والكوفة، وبغداد، و… وتظهر أهمّية هذه الاتجاهات في أسناد الروايات والأحاديث، حيث يؤثر توجُّه المشايخ على رواية سندٍ دون آخر، بحيث تختلف أسناد المتن الواحد بين مشايخ الحديث في قم والعراق، بل قد يرجع في الأغلب عدم رواية بعض المحدّثين لبعض آثار الحديث الشيعي إلى اختلاف التوجُّهات والمباني.

في هذا البحث سنحاول الكشف عن الاتجاهات المختلفة بين محدِّثي قم والعراق في نوعية التعاطي مع روايات الواقفة، وبيان كيفية تعاملهم مع دفاتر وكتب هذه الفرقة.

من المعروف أن فرقة الواقفة من الفرق المهمة التي ظهرت في أواخر المائة الثانية للهجرة، وبالضبط بعد شهادة الإمام موسى الكاظم× في سنة 183هـ، واستمرت طويلاً بين شيعة العراق، بينما استمرّ وجود بعض كبار علمائها في الكوفة إلى القرنين الثالث والرابع الهجريّين([1]). ويعتبر حسن بن محمد بن سماعة الكندي(263هـ)([2]) وتلميذه النجيب حُمَيْد بن زياد نينوايي(310هـ)([3]) شخصيتان مهمتان في الحديث الإمامي، حيث يرجع الفضل لهما بامتياز في وصول الموروث الحديثي الشيعي إلى الأجيال التي تلتهما من الشيعة في العراق، وفي الحديث الشيعي بشكلٍ عام. من تلامذة حُمَيْد بن زياد من غير الواقفة المعروفين في كتب الرجال نذكر أبا غالب بن محمد الزراري(368هـ)، فقد كان مقيماً بالكوفة، وكان يتردّد بشكلٍ مباشر على حُمَيْد بن زياد، وقد أخذ عنه الكثير من المتون الدينية، كما أخذ عنه الإجازة في الرواية([4]).

تتلمذ على أبي غالب الزراري، الذي يعدّ من كبار المحدِّثين الإمامية في العراق في القرن الرابع الهجري، العديد من المحدِّثين من مختلف الحواضر الشيعية. ونذكر منهم خاصة: ابن عبدون، الذي كان له دور محوري هامّ في نقل الروايات الشيعية ببغداد في أيام حياته. كذلك كان حُمَيْد بن زياد من العلماء الكبار، ومن أصحاب الفهارس، التي نقل جزءاً كبيراً منها النجاشي والطوسي في فهرستهما بواسطة ابن عبدون.

لم يكن علماء الشيعة العراقيون في بغداد والعراق والكوفة يبدون حساسية تجاه الأسناد التي توسّطها علماء من فرقة الواقفة. والشاهد على هذا المدّعى وجود أسناد وطرق حديثية مختلفة رواها علماء عراقيون بطرق علماء من الواقفة. وعمدة روايات الواقفة في الموروث الحديثي الشيعي العراقي رواها أبو غالب الزراري وتلميذه ابن عبدون وآخرون. أما حول وجود مواقف مخالفة أو موافقة من قبل علماء الإمامية الآخرين، وبالخصوص علماء قم، فالظاهر من خلال ما وصل إلينا عدم وجود أحاديث بأسناد الواقفية في كتب علماء قم. ويتوقّف بحثنا في الأساس في مشايخ قم على تصنيفات الشيخ الصدوق(381هـ). والقدر المتيقَّن منه أن أساس النصوص الحديثية وموروث الحديث للعلماء الكبار في قم، وحتّى مشايخ الشيخ الصدوق، ونعني بهم أشخاصاً مثل: والده وابن الوليد القمّي، لم تصل إلينا، لذا فإن الطريق الباقي للتعرُّف على أراء علماء قم في فترة الشيخ الصدوق هي تصنيفات الشيخ الصدوق نفسه، والتي لحسن الحظّ قد وصلنا الكثير منها. تعدّ مشيخة مَنْ لا يحضره الفقيه، للشيخ الصدوق، مصدراً ومستنداً هامّاً في تعرُّفنا على وجهات نظر محدِّثي ورجال مشايخ قم. واعتماداً على هذا الرأي الأخير حول موقف محدِّثي ومشايخ الحديث في قم من تصانيف الواقفة يكشف لنا السبب في عدم رواية محدِّثي قم المعاصرين للكليني لكتاب الكافي، وعزوف مَنْ بعده، والذين كانوا بشكلٍ رئيس مشايخ الشيخ الصدوق، عن روايته.

يعتبر أبو غالب الزراري من كبار محدِّثي وفقهاء الإمامية في القرنين الثالث والرابع الهجريين بامتيازٍ. كان له دور كبير في رواية الموروث الإمامي، وخاصّة تأليفات المشايخ، ونقلها من الكوفة إلى بغداد. ذكر النجاشي([5]) والطوسي([6]) نسبه الكامل، وقالوا هو: أحمد بن محمد (بن محمد) بن سليمان بن الحسن بن جهم بن بكير بن أعين بن سنان الكوفي البغدادي. وعرف بألقاب أخر، كالبكيري، الزراري، الشيباني، الكوفي، والبغدادي([7]). جدُّه الأعلى هو بكير بن أعين، من علماء ومحدِّثي الإمامية الذين كان لهم صيتٌ كبير في هذا العلم، وأخوه زرارة بن أعين، وهم من البيوتات الشيعية المشهورة في العراق التي ظلّت في الوجاهة لمدّة ثلاثة قرون([8])، وكتب أبو غالب عن نفسه([9]) أنه ولد في ليلة الاثنين لثلاثة أيام بقيت من شهر ربيع الثاني من سنة 285هـ، بالكوفة. تولّى جده تربيته وكفالته بعد وفاة والده. وذكر أبو غالب أنه أخذ الحديث عن جدّه، الذي شجَّعه على السماع من عبد الله بن جعفر الحميري، العالم والمحدِّث الكبير، شيخ القمِّيين ووجههم، لمّا أتى الكوفة في سنة 297هـ([10]). توفّي جدّه سنة 300هـ. تحدّث أبو غالب([11]) عن مشايخه الذين أخذ عنهم الحديث، وأشار([12]) إلى أن قسماً كبيراً من كتبه التي أخذها بالسماع من مشايخه في الرواية قد سُرقت منه.

في أثناء إشارة أبي غالب([13]) إلى محلّ إقامته وعائلته في الكوفة ذكر أنه أقام في محلة بني عباد في زقاق عمرو بن حريث([14]). وقد ذكر أبو غالب أجداده([15])، سواء من جهة أبيه ومن جهة جدّته، وقال: فاطمة بنت جعفر بن محمد بن حسن القرشي وأخوها أبو العباس محمد بن جعفر الرزاز، من موالي بني مخزوم، وترجم لهم بالتفصيل. وقال: إن أمه([16]) أمّ حسين بنت عيسى بن علي بن محمد بن عيسى القيسي التستيري. وقال: إن جدته من أمه كانت جاريةً رومية، وكانت أم ولد. جدّ أم أبي غالب هو عيسى بن زياد القيسي، وبعد ثورة إبراهيم بن عبد الله بن حسن، المشهور بالقتيل، هاجر برفقة الخمري من البصرة، وأقام بناحية تستر ـ من نواحي الكوفة ـ، واستقر بقرية اسمها بقرونا([17])، وقد عمل عيسى بن زياد على كسب العديد من الأراضي وأملاك أخرى كثيرة، وقد فقدها إثر الأحداث التي عرفها سواد العراق، وبالضبط إثر انتفاضة القرامطة، التي فقد فيها آل أعين كلّ ما كانوا يملكونه([18]). كما تحدّث أبو غالب عن جدّ أمه محمد بن عيسى، وولده عليّ بن محمد. وكانت تستقر عائلة أمّه في الكوفة في منطقة باسم نجام البكريين([19]). وقد تزوّج أبو غالب بامرأةٍ من الكوفة، لكنه لم يكن زواجاً موفَّقاً. وفي سفره إلى بغداد طلب من حسين بن روح النوبختي أن يتوسّط له عند الإمام حتّى يحلّ له مشكلته مع أسرة زوجته([20])، وبعد عودته من الكوفة تحسَّنت علاقته بزوجته، وارتفعت المشاكل بينهما.

و ذكر أبو غالب أنه رزق بولده([21]) عبيد الله بن أحمد لمّا ناهز الثامنة والعشرين من عمره، وتقريباً في سنة 313هـ، وهي نفس الفترة التي فقد فيها كلّ ما كان تحت يده من أملاك وثروة. وقد عاش بعد ذلك مشكلات متعدِّدة كالتي عاشها بالكوفة، كان بعضها جرّاء تمرُّد القرامطة في سواد العراق في تلك الفترة. وإثر هذه المشكلات سافر أبو غالب إلى بغداد، وأقام بها. وقد أشار كذلك إلى تواجده في البصرة في سنة 348هـ، وأنه استنسخ بها نسخته من كتاب داوود بن سرحان. تشرَّف بزيارة الكعبة المشرَّفة أثناء أدائه لواجب الحجّ، وذلك سنة 350هـ. قام بعد عودته من الحجّ بتزويج ولده عبيد الله بن أحمد، وكان له أول حفيد منه في سنة 352هـ. تحدث أبو غالب عن ولده عبيد الله، وأنه لم يكن يميل للحديث، كأجداده، وكان هذا هو سبب انزعاجه منه. وفي سنة 356هـ؛ ولكي يرغب حفيده في الحديث، قام بكتابة رسالته في ترجمة عائلته آل أعين، وفي سنة 367هـ قام بإعادة تحرير رسالته تلك.

عاش أبو غالب قسماً من حياته في بغداد بحارة سويقة غالب([22]). وفي جمادى الأولى، وعن عمر ناهز 83 عاماً، وافته المنيّة. ويحكي عبيد الله الغضائري، والذي قام بمراسم دفن أبي غالب، أنه دفن أوّلاً بمقابر ريش في (الكاظمين)، ونقل جثمانه بناء على وصيّته إلى الكوفة.

ذكر النجاشي([23]) أبا غالب واصفاً إيّاه بأنه من شيوخ علماء الشيعة في عصره (شيخ العصابة في زمنه ووجههم). وذكره الشيخ الطوسي([24]) بعبارةٍ مشابهة، وقال فيه: شيخ الأصحاب وأستاذهم وثقتهم (شيخ أصحابنا في عصره وأستاذهم وثقتهم)([25]).

وكان أبو غالب يشير إلى رواةٍ، أمثال: أبي عليّ أحمد بن إدريس الأشعري القمّي، أبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري، حُمَيْد بن زياد، والعالم الكبير الجارودي أبي العبّاس أحمد بن محمد بن سعيد، المشهور بابن عقدة، من الإمامية، وروى عنهم ضمن رسالته، وأشار إليهم بأسمائهم([26]).

وروى عن أبي غالب رواةٌ إمامية، مثل: أبي عبد الله أحمد بن محمد الجوهري، أحمد بن عبد الواحد، المشهور بابن عبدون (ابن الحاشر)، أبي عبد الله حسين بن عبيد الله الغضائري، أبي عبد الله محمد بن محمد بن نعمان، المشهور بالشيخ المفيد([27])، وآخرين، نقلوا عنه الرواية، من جملتهم كبار مشايخ الإمامية في عصره([28]).

ومن تلامذته: حسين بن عبيد الله الغضائري، الذي قرأ آثار أبي غالب عليه أكثر من مرّة([29]). وكما يلاحظ فإن كبار مشايخ الحديث الإمامي ببغداد خلال القرن الخامس الهجري، أمثال: ابن الغضائري والمحدِّث الكبير ابن عبدون، هم من جملة تلامذة أبو غالب الزراري. ومن الطبيعي أن يكونوا قد تأثَّروا بمنهجه وآرائه في الحديث والرواية.

كان أبو غالب الزراري من الذين اشتهروا برواية كتاب الكافي تصنيف محمد بن يعقوب الكليني(329هـ)، ذكر ذلك الشيخ الطوسي([30]). كما كثر ذكر اسمه في العديد من كتب متقدِّمي الإمامية، بالإضافة إلى كثرة وروده في طرق النجاشي([31]) والطوسي([32]). وذكروه في كلّ تلك الكتب والآثار باسمه (أبي غالب).

ومن الآثار المشهورة لأبي غالب، والتي بقيت بشكلها الكامل، رسالة أبي غالب الزراري، لحفيده أبي طاهر، في ذكر آل أعين([33]). وبغضّ النظر عن مكانتها في كونها من الآثار المتبقّية عن كتابة الإجازات في كتابة الرواية والحديث، فإنها تندرج ضمن كتب ترجمة الكتّاب والمصنّفين. ولما امتازت به هذه الإجازات في الكتابة من تفصيلٍ يمكن اعتبارها بحقٍّ مشيخة (فهرس) أبي غالب([34]). والمسألة المهمة في رسالة الزراري في ما يتعلق ببحثنا تحمُّل وسماع الحديث من حُمَيْد بن زياد. كما يمكننا ملاحظة عدم وجود حساسية في نقل آثار متقدِّمي مشايخ الواقفة لدى كبار تلامذة الزراري، كابن عبدون.

أبو عبد الله أحمد بن عبد الواحد بن أحمد، المشهور بابن عبدون، عالم ومحدّث إمامي في القرن الخامس الهجري. سكن بغداد. لكنْ للأسف ليس هناك أخبار موثوقة تبين تاريخ ولادته. لكنّ المتيقَّن منه أنه سمع وأخذ الإجازة من الراوي الإمامي المعمر عليّ بن محمد بن زبير القرشي الكوفي(348هـ) ([35])، وذلك في سنة 348هـ ببغداد، ولا يمكن أن يكون سنُّه آنذاك أقلّ من عشرين سنة. وبهذا يمكننا توقُّع سنة ولادة ابن عبدون في حدود 328هـ، أو أقلّ من هذا بقليل([36]). لم تعرض المصادر أخباراً عن بداية حياته. ويحتمل أن تكون شهرته بالبزّاز راجعةً إلى الاستعمال العرفي في أخذ الشخص لقب حرفته، حيث كان يشتغل ببيع القماش([37]). يعدّ ابن عبدون من مشايخ الإمامية كثيري السماع، ولم تذكر المصادر مكان سكنه، لكنْ من خلال فهرس المشايخ، والذي يهتمّ أكثر بالمشايخ الإمامية الذين سكنوا بغداد، وتتلمذ النجاشي عليه([38]) ـ وقد ذكر النجاشي نفسه أنه أخذ عنه الإجازة في الرواية ـ، يمكن القول: إنه من المحتمل احتمالاً قويّاً أنه سكن بغداد. ويقوّي هذا الاحتمال بعض ماذكر من أخبار عن تردُّده على بغداد([39]). وللأسف لا تتوفّر معلومات مؤكدة في ما يرتبط بطفولته وبداية شبابه وجزءٍ كبير من حياته([40]).

إن تعدُّد مشايخ ابن عبدون يكشف عن دوره الكبير في نقل الموروث الإمامي القديم. كما أن تعدُّد مشايخه ربما يفسّره كثرة سفره في طلب الحديث. لكن رغم ثبوت سفره إلى بعض الحواضر الشيعية([41])يحتمل احتمالاً قويّاً أن أغلب المشايخ الذين أخذ عنهم قد التقى بهم في بغداد، سواء كانوا ممَّنْ سكن بغداد أو ممَّن مرّ بها أثناء سفره إلى الحجّ، حيث كانت تقع في الطريق نحو الحجاز، فكان يلتقيهم ويسمع منهم. ومن أهم المشايخ الذين أخذ عنهم نذكر عليّ بن محمد بن الزبير القرشي، الذي سكن بغداد، وكان راوياً لأهمّ آثار عليّ بن حسن بن فضّال([42])، وكان من كبار فقهاء ومحدِّثي الكوفة، كما أشار بنفسه لذلك. وممَّنْ أخذ عنهم ابن عبدون الحديث: حسن بن حمزة بن عليّ العلوي(358هـ)، والمشهور بالمرعشي. والظاهر أنه التقى به أثناء مروره من بغداد في طريقه إلى الحجّ سنة 356هـ، وقد أخذ منه الإجازة في رواية مصنَّفاته في الحديث والرواية، والتي كان من ضمنها بعض مؤلَّفات الحديث لعلماء قم وخراسان([43])؛ وأبو الفرج محمد بن أبي عمران موسى القزويني، الذي روى عن أبي الحسن موسى بن جعفر الحائري، عن حُمَيْد بن زياد(310هـ)؛ وأبو طالب عبيد الله بن أحمد الأنباري(356هـ)، الذي ثبت أنه كان مقيماً في واسط، إحدى محافظات سواد العراق، ومن المحتمل أن يكون ابن عبدون قد سافر إليه في محلّ إقامته، وأخذ عنه الإجازة في رواية مصنَّفاته ومروياته([44])؛ وأبو غالب أحمد بن محمد بن سليمان الزراري(367هـ)([45])؛ ومشايخ آخرون أشار إليهم بالتفصيل([46]). ومن جملة مشايخه الكبار ببغداد أبو بكر الدوري، وقد نقل عنه ابن عبدون الكثير من الكتب والروايات ذكرهم في فهرسته([47])؛ وأحمد بن إبراهيم الصيمري([48])؛ وسهل بن أحمد الديباجي(380هـ) ([49]).

التقى ابن عبدون العديد من شيوخ الإمامية وعلمائها في عصره، وروى آثارهم بالإجازة منهم، ذكر ذلك مفصَّلاً في فهرسته ضمن الترجمة لهم([50]).

وفي المقابل فقد صنَّف ابن عبدون العديد من الكتب، أشار إلى بعضها النجاشي([51]). ومن جملتها: كتاب أخبار السيد بن محمد (السيد إسماعيل الحميري)، وكتاب تفسير خطبة فاطمة÷.

تحدّث النجاشي عن الكفاءة العالية لابن عبدون في الأدبيات، حيث إنه درس كتب الأدبيات المشهورة على يدي الأدباء المشهورين في عصره. وأشار الطوسي، في كتابه الأمالي([52])، إلى مجموعة من روايات ابن عبدون التي سمعها من ابن الزبير الكوفي، عن عليّ بن حسن بن فضال؛ لاشتهار علوّ سندها بين مشايخ الإمامية في العراق، ممّا جعل ابن عبدون يمدح كثيراً تلك الروايات، ولا ينفك من الإشارة إلى قيمتها بين الروايات([53]). واستمرّ مدح وتعظيم قدر هذه الروايات حتّى لدى الشيخ الطوسي، الذي أكثر في كتابه الاستبصار من إيراد روايات عن ابن عبدون، نقلها من مصنّفات ابن فضّال([54]). وقد صرَّح في مواضع أخرى من الاستبصار نفسه عن الباعث وراء تعدُّد نقله لهذه الروايات، حيث قال: إنه نقل روايات ابن فضّال من طريق ابن عبدون؛ لعلوّ سندها([55]).

من أهم مصنَّفات ابن عبدون، التي ذكرها في فهرسته، والموجودة حالياً في مكتبات الشيعة الإمامية: فهرست ابن عبدون، الذي كشف بصراحةٍ عن دور ابن عبدون الكبير في نقل ورواية كتب حديث الإمامية. وذكر ابن ماكولا([56]) أنه رأى نسخةً مكتوبة من فهرست ابن عبدون بتاريخ 416هـ، والتي كتبها وسمعها العالم الإمامي أبو نصر أحمد بن محمد، والمشهور بابن وتار(429هـ)، ووصفها بالفهرست المفصَّل.

أكثر ما يلفت الباحث في فهرست ابن عبدون نقله وروايته للموروث الحديثي للواقفة. وقد رواها من طريقين؛ حيث وجدنا الطوسي والنجاشي يرجّح كلّ واحد منهما إحدى الطريقين على الأخرى، وينقلانها في فهرستيهما. الطوسي([57]) نقل نصوص الواقفة من طريق أبي طالب الأنباري، عن حُمَيْد بن زياد، وهو من أهمّ فقهاء ومحدِّثي الواقفة في القرن الرابع الهجري([58])، بينما رجّح النجاشي نقل نفس النصوص من طريق أبي القاسم عليّ بن الحبشي بن القوني(كان حيّاً في تاريخ 332هـ)([59])، عن حُمَيْد بن زياد([60])، وهو ما يكشف عن علوّ مكانة ابن عبدون في الرواية؛ فقد كانت له طريقان في الرواية عن حُمَيْد بن زياد، بالإضافة إلى طريق أخرى لمرويّات ابن زياد بواسطة الأنباري([61]). المهمّ هنا هو نقل الطوسي والنجاشي عن فهرست حُمَيْد بن زياد(310هـ)، ويحتمل أن يكون الطوسي في الموارد التي نقلها في فهرسته على نحو الوجادة، أو تلك الموارد التي لم يذكر الأصل الذي أخذها منه، أن يكون نقلها من فهرست ابن عبدون([62])، ولا سيَّما أن الطوسي قد نقل آثار حُمَيْد بن زياد، أهمّ علماء الواقفة في القرن الرابع الهجري، من طريق ابن عبدون، عن الأنباري.

ولعلّ الطوسي([63]) قد استند في وصفه ابن عبدون بأنه كثير السماع والرواية إلى فهرست ابن عبدون.

ذكر الطوسي، في كتابه الرجال([64])، ضمن الإشارة إلى سماعه وإجازته من ابن عبدون، أن الأخير توفّي في سنة 423هـ.

وبالجملة فإنّ تتبُّعنا لما عرض حول ترجمة أبي غالب الزراري وابن عبدون، وهما من شيوخ ووجوه علماء الإمامية في بغداد، وحيث أوضحت ترجمتهما عن دورهما الكبير في نقل ورواية الموروث القديم عن طريق عالمين من كبار علماء الواقفة، يعطي في النتيجة أن علماء الإمامية في العراق لم يكن لديهم حساسية أو موقف معارض في نقل موروث الواقفة، بل في نقل موروث الواقفة الذي ألَّفه نفس علماء الواقفة. ونقلهم لكتب الواقفة الكلامية في الاستدلال على غيبة الإمام المهدي# دليلٌ آخر على أن التعاطي الإيجابي مع موروث الواقفة الحديثي لم يكن في جانبٍ دون آخر، بل كان حتّى في أدق الأمور، وهي العقائد.

وفي الوقت الذي كان علماء الإمامية في العراق يتعاملون مع موروث الواقفة الحديثي من دون حساسيةٍ أو إشكال، كان لعلماء الإمامية في قم موقفٌ آخر، ورأي مخالف تماماً. الشاهد على هذا الادّعاء قسم من مشيخة كتاب مَنْ لا يحضره الفقيه. وهذا القسم يشتمل على أكثر طرق روايات العلماء والمحدِّثين الشيعة شهرة من القرن الأول إلى القرن الثالث الهجريين. وقد فصّل الشيخ الصدوق في هذا القسم في الطرق التي نقل عنها آثار المحدِّثين الذين استفاد منهم في تصنيف كتابه الفقيه، والذين كانوا نخبة محدِّثي ورواة قم في القرن الثالث الهجري. وهؤلاء العلماء والمحدثون هم، على التوالي: حسين بن علي بن موسي بن بابويه القمي([65])؛ محمد بن حسن بن أحمد بن وليد القمي؛ محمد بن موسى بن المتوكّل؛ محمد بن عليّ ماجيلويه؛ علي بن أحمد بن عبدالله البرقي؛ علي بن أحمد بن موسي الدقّاق؛ محمد بن أحمد السناني؛ حسين بن إبراهيم بن أحمد بن هاشم المكتب؛ جعفر بن محمد بن مسرور؛ جعفر بن علي بن حسن بن علي بن عبد الله بن المغيرة الكوفي ([66])؛ حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب العلوي؛ أحمد بن حسين / حسن القطّان؛ أحمد بن محمد بن إسحاق الطالقاني([67])؛ علي بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكميداني؛ حسين بن أحمد بن إدريس؛ أحمد بن محمد بن يحيي العطّار؛ حسين بن إبراهيم بن ناتانة؛ أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني؛ عبدالواحد بن عبدوس عطّار النيشابوري؛ محمد بن قاسم الإسترابادي المفسّر؛ محمد بن محمد بن عصام الكليني؛ علي بن حاتم القزويني؛ محمد بن علي الشاه.

وهؤلاء النخبة من المحدّثين، باستثناء الأخير منهم، من علماء الإمامية في منطقة خراسان الكبرى إلى عراق العرب. والملاحظ على جميع أسناد الشيخ الصدوق في كتابه الفقيه غياب أسماء علماء الواقفة. وهنا يطرح التساؤل حول: ما مدى أهمّية المطلب الأخير؟ وما هي خصوصياته؟

والجواب ـ على ما يبدو ـ من خلال تتبُّع طرق الشيخ الصدوق لكتاب الكافي؛ فقد ذكر: «وما كان فيه عن محمد بن يعقوب الكليني ـ رحمة الله عليه ـ فقد رويتُه عن محمد بن محمد بن عصام الكليني وعليّ بن أحمد بن موسى ومحمد بن أحمد السناني ـ رضي الله عنهم ـ، عن محمد بن يعقوب الكليني. وكذلك جميع كتاب الكافي فقد رويتُه عنهم، عنه، عن رجاله»([68]).

والسؤال المطروح: لماذا روى الشيخ الصدوق كتاب الكافي من طريق محمد بن محمد بن عصام الكليني، والذي لا يعرف عنه سوى شهرته بالكليني، وهو من أقارب الشيخ الكليني، ويحتمل بشكلٍ قوي أن يكون قد أقام بمنطقة الريّ، مع الإشارة إلى تواجد شخصين من الريّ ضمن قائمة شيوخ الصدوق في كتابه مَنْ لا يحضره الفقيه.

وهناك سؤالٌ آخر يطرح نفسه هنا: لماذا لم يأتِ في رواية الشيخ الصدوق لكتاب الكافي أنه رواه من طريق شيوخ قم الكبار، أمثال: والده وأستاذه ابن الوليد القمّي؟

والجواب ـ على الظاهر ـ أن ابن الوليد أو والد الشيخ الصدوق ومَنْ كان في مرتبتهم من علماء قم لم يروُوا كتاب الكافي ـ على عظمته ـ؛ لأن المحدِّثين في بيان طرقهم في رواية الآثار غالباً ما يعتمدون الطرق المعتبرة عندهم، وكون الشيخ الصدوق قد روى كتاب الكافي عن مشايخ الريّ يحتمل أن يكون قد تعرَّف عليهم في سفره للريّ، ومن ثمّ روى عنهم كتاب الكافي. ولعل فكرة عدم توثيق محدِّثي قم لكتاب الكافي يشهد عليها أن الصدوق اكتفى في نقله من كتاب الكافي على قسم النوادر، وفي المقابل تكاثرت رواية العراقيين للكافي، وتكاثرت معها نسخه، وهو ما يفصح عن رفض القمّيين لمشرب العراقيين في التعامل مع الرواة الثقات من غير الإمامية([69]).

على أيّ نحوٍ يمكن فهم النظرتين لكتاب الكافي؟ وبعبارةٍ أدقّ: لماذا أغمض مشايخ قم نظرهم عن كتاب الكافي، ولم يرووه، بل لم ينقلوا عنه، في حين وجدنا أنّه على الضفّة الأخرى من العراق، وبالضبط بغداد، قد أكثروا من رواية الكتاب، وأكثروا من استنساخه؟

قد يكون لهذا السؤال أهمّية كبيرة إذا احتملنا أن يكون الشيخ الكليني قد صنَّف الكافي في قم. وحتّى إذا قلنا: إن الشيخ الكليني قد أتمّ كتابة الكافي في بغداد فإن الرواة الأصليين للكافي هم من المحدِّثين القمّيين، ونقصد بهم عليّ بن إبراهيم بن هاشم القمّي(كان حيّاً في 307هـ)، وأبا علي أو أحمد بن إدريس الأشعري القمّي(306هـ).

قد لا نعثر على جواب تامّ لهذا السؤال، لكنّ وجود روايات في الكافي بإسناد «حُمَيْد بن زياد، عن حسن بن محمد بن سماعة» له مدخلية في هذا الجواب؛ إذ من غير المستبعد أن يكون تواجد رواة وروايات للواقفة أثر فعلي وراء موقف القمّيين من الكافي، وخصوصاً إذا لاحظنا غياب هذه الأسانيد في مشيخة (مَنْ لا يحضره الفقيه)، للشيخ الصدوق، في روايته لآثار متقدّمي الإمامية. والظاهر أن علماء قم ومشايخ الرواية الأصليين للصدوق في قم، ونخصّ بالذكر ابن الوليد، في روايته للآثار القديمة عند المتقدّمين كان يمتنع عن روايات مشايخ الواقفة في العراق. ولعلّ عدم رواية علماء قم لكتاب الكافي ترجع إلى موقف الشيخ الكليني الإيجابي من مشايخ الواقفة. وحتّى لو قلنا: إن الكليني قد صنف الكافي في بغداد فإن هذا السبب هو واحدٌ من الأسباب الكامنة في امتناع القمّيين عن روايته. فالاختلاف في المبنى والمنهج ظاهرٌ في هذا الامتناع.

لماذا تبنّى علماء ومحدِّثو قم هذا المبنى؟

لعلّ الجواب المحتمل يكمن في متابعة طرق مشايخ قم، وبالضبط مشايخ ابن الوليد القمي وحسين بن موسى بن بابويه. والملفت في مشيخة كتاب (مَنْ لا يحضره الفقيه) أنّ ابن الوليد القمّي وحسين بن موسى بن بابويه قد نقلوا أساساً روايات المتون الإمامية القديمة عن سعد بن عبد الله الأشعري(301 أو 299هـ)([70]) وعبد الله بن جعفر الحميري ([71]) ومحمد بن حسن الصفّار القمّي(290هـ)([72])، وكانت الحصة الكبيرة لسعد بن عبد الله الأشعري وعبد الله بن جعفر الحميري. وقد كان الثلاثة من وجهاء ومشايخ قم في الحديث الشيعي في تلك الفترة، بلا منازعٍ، وعدم نقلهم للأحاديث عن الواقفة يرجع لتأثُّرهم بالتوجُّه الكلامي لسعد بن عبد الله الأشعري وعبد الله بن جعفر الحميري، وهو التوجُّه الكلامي الذي كان مسيطراً في حوزة قم، وهو نفس المبنى الكلامي الذي كان عليه مشايخ الصدوق، بل كان عليه الشيخ الصدوق نفسه؛ اقتداءً منه بمشايخه. نعم، هنا لا يوجد قطعٌ تامّ بكون وجود رواة واقفة في الكافي هو السبب الوحيد وراء موقف القمّيين من الكافي، لكنّه واحدٌ من الأسباب المنكشفة لنا في امتناع القمّيين عن رواية الكافي. وأما البحث في سبب هذا الامتناع فلا بُدَّ من متابعته في اختلاف التوجُّهات الحديثية عند القمّيين والبغداديين، وبالضبط اختلاف المشرب الحديثي بين مشايخ الكليني ومشايخ الصدوق([73]). وذهاب بعض الشيوخ للأخذ من الواقفة في رواية المتون الحديثية القديمة واحد من المشارب المختلف عليها.

النتيجة

من الأمور التي لم تكن مورد توجُّه الباحث في الحديث تعدُّد مشارب واتجاهات المحدّثين والرواة في رواية النصوص الحديثية الشيعية. البحث الحاضر بيَّن أنه بخصوص أسانيد روايات الواقفة هناك نظريتان واضحتان في الوسط الحديثي القمّي والعراقي. ففي الوقت الذي كان تعامل المحدِّثين والعلماء العراقيين مع أسانيد والموروث الحديثي الواقفي تعاملاً عادياً، من دون حساسيات، فإنّه في الطرف الآخر وجدنا مجموعة من علماء ومحدّثي قم، والذين هم في الأصل من المشايخ الكبار للشيخ الصدوق، ومن جملتهم: علي بن بابويه، وابن الوليد القمّي، وسعد بن عبد الله الأشعري، كان لهم موقفٌ سلبي متصلّب تجاه روايات علماء الواقفة. من دون أن ننسى بالذكر أن بعض العراقيين، ومن جملتهم: عبد الله بن جعفر الحميري، كان على موقف القميين في الامتناع عن روايات الواقفة. وكذا وُجد بين علماء قم مَنْ روى روايات علماء الواقفة، ونخصّ منهم مشايخ الكليني القمّيين. ويحتمل أن يكون تعدُّد الروايات في الكافي عن طريق حُمَيْد بن زياد، عن أستاذه ابن سماعة، سبباً وراء عدم رواية الكتاب من قِبَل جمعٍ من كبار علماء قم، وبالأخصّ ابن الوليد القمّي. مع الإشارة إلى أن وجود روايات الواقفة واحدٌ من أهمّ موارد الاختلاف بين تيّارين في الحديث في قم خلال القرنين الثالث والرابع الهجريين. كما يحتمل أن تكون هناك أسباب أخرى وراء امتناع ابن الوليد عن رواية كتاب الكافي، للشيخ الكليني. كما أن اختلاف التيارين في الحديث، حيث اختلفت آراؤهم ومواقفهم، يحتمل أن يكون لأسبابٍ أخرى غير التي انكشفت لنا من هذه الدراسة.

الهوامش

(*) باحثٌ متخصِّصٌ في التراث والدراسات القرآنيّة والحديثيّة.

([1]) بخصوص الواقفية وكيفية تشكُّلها: مدرسي طباطبائي: 123 ـ 128.

([2]) رجال النجاشي: 40 ـ 42، حيث أورد ترجمة مفصّلة لابن سماعة. وفي إشارة إلى مكانته في الحديث قال: «من شيوخ الواقفة، كثير الحديث، فقيه، ثقة، وكان يعاند في الوقف ويتعصّب». وقد نقل النجاشي روايات ابن سماعة من طرق متعدّدة: طريقه بواسطة أبو عبد الله بن شاذان، عن علي بن حاتم، عن محمد بن أحمد بن ثابت، عن سماعة؛ وفي طريق أخرى له بواسطة ابن عبدون في فهرسته؛ وذكر طريقين أخريين في رواية آثار سماعة.

الشيخ الطوسي، 1420: 134. ورغم أن علي بن حاتم القزويني من علماء الإمامية، إلاّ أن علماء ومشايخ قم كانوا يحتاطون في نقل الرواية عنه، ولم ينقلوا الآثار القديمة الواصلة عن طريقه. ورغم أن النجاشي قد عدّ ابن حاتم من الثقات، إلاّ أنه عدّ الروايات المنقولة عنه من الضعاف. (للمثال: رجال النجاشي: 19). تلميذه أبو عبد الله حسين بن علي بن شيبان القزويني (ويحتمل أن يكون اسم الشخص الأخير قد صحف، وشيبان هو شاذان. وقد كان النجاشي إذا ذكر أبا عبد الله بن شاذان كان مراده أبو عبد الله محمد بن علي بن شاذان. والمسألة تحتاج إلى تحقيق خاصّ) في سنة 350هـ يحتمل أنه أعطى في بغداد الإجازة لابن عبدون برواية الآثار التي في سندها علي بن حاتم. وقد التقى النجاشي في سنة 400هـ أبا عبد الله محمد بن علي بن شاذان ببغداد (رجال النجاشي: 52، 345). بخصوص علي بن حاتم يراجع: الطوسي، 1420: 285؛ التستري، قاموس الرجال 7: 391 ـ 392.

([3]) الطوسي، 1420: 155، مشيراً إلى مكانته في الحديث: «…ثقة، كثير التصانيف، روى الأصول أكثرها» (رجال النجاشي: 132). فصل كثيراً عن طرقه لحميد بن زياد، فقد أخذ عنه بواسطة ابن نوح، عن حسين بن علي بن سفيان (التستيري 3: 501)، حيث قرأ عنده كتاب الدعاء لحميد بن زياد، وكانت له الإجازة العامة التي أخذها الغضائري، في رواية كتب حميد بن زياد، عن أحمد بن جعفر بن سفيان البزوفري (التستري 1: 409 ـ 410)، من طريق حميد بن زياد. كذلك أبو الفضل الشيباني وأبو الحسن علي بن حاتم قد التقيا في سنة 306هـ حميد بن زياد بكربلاء، وقرآ عليه كتابه الرجال وكتباً أخرى، وأخذا منه الإجازة، وقد وجدت رواياته في كتبهما. والملفت وجود هذه الأسماء في طرق علماء العراق بينما غابت في طرق علماء قم.

([4]) أبو غالب الزراري، مشيراً إلى أستاذه حميد بن زياد وشخصين آخرين من مشايخ الواقفة، يقول: «سمعت من حميد بن زياد وأبي عبد الله بن ثابت وأحمد بن محمد بن رباح؛ هؤلاء من رجال الواقفة، إلاّ أنهم كانوا فقهاء ثقات في حديثهم، كثيري الرواية» (انظر كذلك: التستري، قاموس الرجال 4: 58 ـ 60).

([5]) رجال النجاشي: 83.

([6]) الطوسي، الفهرست: 74.

([7]) فهرست أبي غالب الزراري: 31 ـ 34 (مقدمة جلالي).

([8]) فهرست أبي غالب الزراري: 39 ـ 42 (مقدمة جلالي).

([9]) فهرست أبي غالب الزراري: 149.

([10]) وذكر أبو غالب لتاريخ مقدم الحميري للكوفة يؤكّده كذلك مقال النجاشي حول سفر الحميري إلى الكوفة، حيث قال: «قدم الكوفة سنة نيف وتسعين ومائتين» (رجال النجاشي: 219).

([11]) فهرست أبي غالب الزراري: 149 ـ 151.

([12]) المصدر السابق: 151.

([13]) المصدر السابق: 124.

([14]) بخصوص المحلّة انظر: ابن سعد، الطبقات الكبرى 6: 23.

([15]) فهرست أبي غالب الزراري: 140 ـ 141.

([16]) المصدر السابق: 141.

([17]) المصدر السابق: 141 ـ 143.

([18]) المصدر السابق: 144 ـ 145.

([19]) المصدر السابق: 146 ـ 147.

([20]) الطوسي، الغيبة: 183 ـ 186.

([21]) فهرست أبي غالب الزراري: 151.

([22]) الطوسي، الغيبة: 185.

([23]) رجال النجاشي: 84.

([24]) الطوسي،الفهرست: 75.

([25]) لمزيدٍ من الاطلاع على أقوال غيرهما من العلماء الإمامية في (أبي غالب) يراجع: فهرست أبي غالب الزراري: 49 ـ 50 (مقدّمة جلالي).

([26]) فهرست أبي غالب الزراري: 52 ـ 59 (مقدّمة جلالي).

([27]) الشيخ الطوسي، الفهرست: 75.

([28]) لترجمة هؤلاء الأفراد انظر: فهرست أبي غالب الزراري: 59 ـ 64 (مقدّمة جلالي).

([29]) الطوسي، الفهرست: 75.

([30]) الطوسي، الاستبصار 4: 305 ـ 310.

([31]) للمثال انظر: رجال النجاشي: 66، 75، 76، 112، 117، 119، 122، 126، 148، 180.

([32]) للمثال انظر: الطوسي، الفهرست: 27 ـ 28، 48، 50، 54.

([33]) رجال النجاشي: 84؛ فهرست أبي غالب الزراري: 72 ـ 74 (مقدّمة جلالي).

([34]) للتعرُّف على أهمّية هذه الرسالة انظر: فهرست أبي غالب الزراري: 75 ـ 77، 90 ـ 93 (مقدّمة جلالي).

([35]) بخصوص القرشي انظر: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 13: 555 ـ 556؛ الطوسي، 1415: 430 ـ 431؛ الطوسي، الفهرست: 96.

([36]) كذلك انظر: الطوسي، 1415: 431؛ الطوسي، 1418 10: 385؛ رجال النجاشي: 12، 87.

([37]) انظر: رجال النجاشي: 67، 87.

([38]) رجال النجاشي: 87، التستري، قاموس الرجال 1: 505.

([39]) انظر: الطوسي، 1418 10: 383؛ الطوسي، 1420: 395.

([40]) انظر: الأنصاري، 1377 4: 204.

([41]) انظر: ابن ماكولا 2: 294؛ رجال النجاشي: 233.

([42]) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 13: 555؛ الطوسي، 1415: 430 ـ 431؛ رجال النجاشي: 258 ـ 259.

([43]) الطوسي، 1390 4: 324، 327، 337، 341؛ رجال النجاشي: 64.

([44]) الطوسي، الفهرست: 296 ـ 297؛ رجال النجاشي: 62، 66، 233.

([45]) انظر: الطوسي، الفهرست: 54، 75.

([46]) لمعرفة مشايخ ابن عبدون انظر: الطوسي، الفهرست: 17، 30، 59، 67 ـ 68، 71، 76، 134.

([47]) الطوسي، الفهرست: 203 ـ 204، 232، 278، 306 ـ 307.

([48]) الطوسي، الفهرست: 76؛ رجال النجاشي: 84.

([49]) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد 10: 176 ـ 177؛ رجال النجاشي: 186.

([50]) الطوسي، الفهرست: 145، 281، 287، 392، 393، 396، 545.

وقد أشار الشيخ الطوسي إلى بعض الآثار الإمامية التي كانت عند ابن عبدون، كمشيخة ابن محبوب، وقد كانت النسخة المبوبة لدى ابن عبدون (الطوسي، الفهرست: 58)؛ كتاب الغيبة النعماني (الطوسي، 1411: 127، 257)؛ وروايات مقاتل الطالبيين، لأبي الفرج الأصفهاني، والذي قرأه الشيخ عند ابن عبدون، وسمعه منه (الطوسي، 1311: 26). ولمعرفة البعض الآخر من الآثار التي أخذها عن ابن عبدون بالسماع أو القراءة، والتي صرَّح هو بها، انظر: الطوسي، 1417، 10: 373، 383، 384، 385 ـ 386؛ الطوسي، الفهرست: 122 ـ 123). أحمد بن الحسين الغضائري والنجاشي قد قرآ بعض آثار عليّ بن حسن بن فضّال (رجال النجاشي: 258 ـ 259).

([51]) رجال النجاشي: 87.

([52]) الطوسي، الأمالي: 671 ـ 679.

([53]) رجال النجاشي: 87؛ ابن عبدون 2: 1254 ـ 1257 (مقدّمة خداميان الآراني).

([54]) الطوسي، الاستبصار 1: 17 ـ 18، 98، 106، 128، 130 ـ 131؛ 2: 2، 110؛ 3: 135.

([55]) المصدر السابق 4: 317.

([56]) ابن ماكولا، إكمال الكمال 2: 294

([57]) للمثال: الطوسي، الفهرست: 16، 22، 34.

([58]) كذلك الطوسي، تهذيب الأحكام 10: 384؛ الطوسي، الفهرست: 155.

([59]) الطوسي، 1315: 432.

([60]) للمثال: رجال النجاشي: 14، 22، 182، 249، 369.

([61]) المصدر السابق: 160.

([62]) للمثال انظر: الطوسي، الفهرست: 155 ـ 208، 211، 236، 309.

([63]) الطوسي، الفهرست: 413 ـ 414.

([64]) الطوسي، الرجال: 413.

([65]) يعدّ من أهم شيوخ الصدوق بعد ابن الوليد. وقد روى عن سعد بن عبد الله الأشعري وعبد الله بن جعفر الحميري.

([66]) من مشايخ الكوفة. وقد أتى ذكره في المشيخة مرّتين. وعمدة شهرته في الرواية من خلال روايته كتاب المناجاة، لعبد الله بن المغيرة. انظر: الصدوق، كتاب مَنْ لا يحضره الفقيه 4: 460.

([67]) من مشايخ الصدوق المعدودين من خراسان ونيشابور، وهو تلميذ علي بن محمد بن قتيبة، تلميذ الفضل بن شاذان النيشابوري(260هـ). ويحتمل أن يكون الشيخ الصدوق قد أقام في منـزله في فترة تواجده بنيشابور.

([68]) انظر: محمد كاظم رحمتي، «استرجاع المتون الإمامية القديمة في آثار الشيخ الصدوق»، حديث أنديشه، العدد 1: 15 ـ 16، السنة الأولى، ربيع ـ صيف 1385هـ.ش. ويستثنى من رواة القمّيين للكافي ابن قولويه؛ لأنه من رواة العراق؛ لأنه سكن بغداد، وكان متأثِّراً بمشربهم الفكري.

([69]) أشار أبو غالب الزراري، في الفهرست: 176 ـ 177، لرواية الكافي وكتابته، حيث قال: «وجميع كتاب الكافي تصنيف أبي جعفر محمد بن يعقوب الكليني روايتي عنه. بعضه قراءة؛ وبعضه إجازة. وقد نسخت منه كتاب الصلاة والصوم في نسخة، وكتاب الحج في نسخة، وكتاب الطهر والحيض في جزء، والجميع مجلد. وعزمي أن أنسخ بقية الكتاب إنْ شاء الله في جزءٍ واحد ورق الطلحي». وكذلك الأديب والبلاغي المشهور أبو الحسين إسحاق بن إبراهيم بن سليمان بن وهب الكاتب، في كتابه البرهان في وجود البيان: 398، حيث ذكر أقدم متن منقول من كتاب الكافي.

([70]) وصفه النجاشي في الرجال: 177 ـ 178: سعد بن عبد الله الأشعري القمّي «شيخ هذه الطائفة وفقيهها ووجهها. كان سمع من حديث العامة شيئاً كثيراً، وسافر في طلب الحديث، ولقي من وجوههم». روى آثاره في بغداد ابن قولويه، والذي نقل آثار سعد عن والده وأخيه. وقد اختلف مشرب سعد بن عبد الله الاشعري عن مشرب عليّ بن إبراهيم القمّي، حيث كانت بينهم مناقشات وردود (رجال النجاشي: 260). فعليّ بن ابراهيم من مشايخ الكليني، وقد ورد اسمه في الكافي في ما يبلغ أربعة آلاف حديث. وقد اختلف سعد بن عبد الله وعليّ بن إبراهيم حول نقل روايات يونس بن عبد الرحمن وهشام بن الحكم. كان والد عليّ بن إبراهيم تلميذاً ليونس بن عبد الرحمن (رجال النجاشي: 16). والنقطة الأخرى المهمّة هو ندرة تواجد اسم عليّ بن إبراهيم في مصادر كتاب مَنْ لا يحضره الفقيه، والظاهر أن بين مشايخ الصدوق وعليّ بن إبراهيم اختلافاً في التوجُّه في الحديث، وهي مسألة تحتاج إلى بحث خاصّ.

([71]) انظر رجال النجاشي: 219 ـ 220؛ محمد كاظم رحمتي، «الحميري، عبد الله بن جعفر» في موسوعة العالم الإسلامي 14: 246 ـ 248.

([72]) رجال النجاشي: 354 (كان وجهاً في أصحابنا القمّيين، ثقة، عظيم القدر).

([73]) هناك مسألة تطرح كذلك وهي وجود الإرسال، حيث إن القمّيين لا ينقلون الروايات المرسلة.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً