أحدث المقالات

ترجمة: فرقد الجزائري

مدخل ــــــــــ

يتبيّن من تحرّي الخلفيات التاريخية للعلوم، أنها لم تنشأ دفعةً واحدة، بل تكوّنت في ظلّ علل ومتطلّبات مختلفة عبر الزمن؛ فربما حلّ إشكالية أو جواب على سؤال أوجد قضيةً ما، شكّلت بدورها علماً باجتماعها مع قضايا أخرى، وهذا ما نراه سارياً في علوم الحديث أيضاً؛ فحلّ كل قضية فيه أوجد علماً، مما أدى إلى اجتماع علوم مختلفة في سلك علوم الحديث.

وعلى الرغم من تنوّع الإشكاليات والقضايا وكثرتها في العلوم التي تنتمي إلى الحديث، تعتبر القضايا التي تدور حول محور واحد علماً مستقلاً، ولا يمكن لكلّ واحدة منها أن تكون علماً بمفردها، ومن هذا المنطلق يمكننا تقسيم علوم الحديث إلى خمسة أصناف: bتاريخ الحديثv، bرواية الحديثv، bدراية الحديثv، bرجال الحديثv وbفقه الحديثv؛ وقد تشعّب هذا العلم إلى فروع مثل: bعلل الحديثv، bغريب الحديثv، bناسخ الحديثv وbمختلف الحديثv (علاج الحديث).

ومما يجدر الانتباه إليه، أن لبعض هذه العلوم اتجاهين؛ إذ يمكننا تصنيفها في علوم الحديث النظرية من جهة، كما يمكننا وضعها في مجموعة علوم الحديث التطبيقية من جهة أخرى، وقد تناول علماء الحديث كلا الاتجاهين في الآونة الأخيرة.

ومن العلوم التي اهتمّ بها علماء الحديث منذ أمد بعيد، علم bدراية الحديثv أو bمصطلح الحديثv، وقد ألّف ــ مؤخراً ــ الأستاذ اللامع محمد حسن رباني، أحد مدرّسي الحوزة العلمية وجامعة رضوي للعلوم الإسلامية، كتاب قيّماً حمل عنوان: bعلم دراية الحديثv.

وبما أن دراسة مؤلّفات كهذه، تسلّط الضوء على نقاط القوّة فيها وتبين نقاط الضعف هو أمر ضروري، سنقدّم دراسة لهذا الكتاب في قسمي التعريف والنقد. ونذكّر بأن نقد هذا الكتاب لا يعني نقد مؤلّفه، بل الغرض رفع الخلل والإشكال في الطبعات القادمة.

تعريف الكتاب ــــــــــ

ورد في مقدّمة الكتاب فهرسة مواضيعه ومقدّمة الناشر في أهمية علم الدراية، وميزات الكتاب وطريقة البحث المتبعة فيه، وجاءت قائمة المصادر في نهاية الكتاب، كما أدرج المؤلّف الأبحاث في سبعة فصول.

يحتوي الفصل الأول ثمانية أبحاث في علم الدراية، تشكّل مدخلاً للأبحاث التي سيناقشها في الفصول اللاحقة، وهي: bتدوين علم الدرايةv، bتعريف علم الدرايةv، bموضوع علم الدرايةv، bغاية علم الدرايةv، bأقسام علوم الحديثv، bالمعجم الببلوغرافي لعلم الدرايةv، bالمجاميع الحديثية المهمّة للمتقدمينv و bالمجاميع الحديثية المهمّة للمتأخرينv.

ويعتبر المؤلفُ القاضيَ أبا محمد الرامهرمزي (360هـ) مؤلّف كتاب المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، أوّل المؤلفين في علم الدراية من علماء أهل السنّة، ويذكر في باب التدوين أن العلامة الحلي (726هـ) وأحمد بن طاووس الحلي (673هـ) أوّل المؤلفين في هذا العلم من علماء الشيعة، وللأسف لم تصلنا هذه المؤلّفات ([2]).

وفي مجال تعريف علم الدراية، يقدّم المؤلف المعنى اللغوي والمعنى المصطلح، ومن ثم يقول في الهدف المراد من هذا العلم نقلاً عن bالسيد حسن الصدرv: الهدف الذي يسعى علم الدراية تحقيقه هو معرفة المصطلحات التي تتوقف عليها معرفة كلام الأصحاب واستنباط الأحكام منها؛ لتتسنى معرفة الروايات الصحيحة والعمل بها ([3]).

ويعتقد المؤلّف ــ في باب أقسام علوم الحديث ــ أن لهذا العلم فروعاً عديدة لا يتناول إلا جزءاً منها للدراسة، وهي: bرجال الحديثv، bدراية الحديثv، bفقه الحديثv، bغريب الحديثv، bعلاج الحديثv وbعلل الحديثv.

ويقدّم المؤلف معجماً ببلوغرافياً لعلم الدراية في الباب السادس من هذا الفصل، فيعرف فيه كتب الشيعة (12 مؤلّفاً) وكتب السنّة (19 مؤلفاً)، بشكل إجمالي.

وفي نهاية الفصل، يتطرّق إلى bالمجاميع الحديثية المهمّة للمتقدمينv وbالمجاميع الحديثية المهمّة للمتأخرينv؛ حيث يستعرض الكتب الأربعة: الكافي، من لا يحضره الفقيه، التهذيب والاستبصار، في القسم الأول، كما يذكر بحار الأنوار، ووسائل الشيعة، والوافي، ومستدرك الوسائل وجامع أحاديث الشيعة في القسم الثاني.

أما الفصل الثاني (مصطلحات علم الدراية)، فيشرح فيه المؤلف بعض مصطلحات الحديث، ومن إيجابيات هذا الفصل تصنيف المصطلحات داخل قسمين: ما يخصّ الحديث نفسه، وما هو خارج عن الحديث بحدّ ذاته، ويشرع بتعريف bالسندv، bالمسندv، bالنصv، bالحديثv، bالخبرv، bالسنةv، bالأثرv وbالحديث القدسيv في القسم الأول، ويعرف في القسم الثاني المصطلحات الخاصة بالأشخاص (الصحابة، التابعين، المخضرم والمولى) والمصطلحات الخاصة بحمل الحديث وتلقيه (الإملاء، القراءة، الإجازة، المناولة، الكتابة، الإعلام، الوصية، الوجادة)، والمصطلحات الخاصة بكتب التراجم والرجال (المعجم، المستخرج، المخرج، المستدرك).

وفي الفصل الثالث (أصناف الخبر)، يشرع المؤلف ببحث الخبر المتواتر، حيث يقدم bتعريفv الخبر المتواتر وbشروطهv وbأقسامهv. ومن ثم يذكر أمثلة لكل من bالمتواتر اللفظيv وbالمتواتر المعنويv وbالمتواتر الإجماليv، ويتابع البحث بتعريف bالخبر الواحدv وbاعتبارهv وbالتقسيم العام للخبرv، ويذكر لكلّ قسم منه (الصحيح، المصحّح، الحسن، القويّ، الموثق، الضعيف) مثالاً، وفي نهاية هذا الفصل يتطرّق إلى تعريف bالحديث المستفيضv وbالحديث العزيزv.

وقد اختصّ الفصل الرابع لبحث bاعتبار الخبرv وbحجيتهv؛ حيث عدّد قرائن bصحة الخبرv عند المتقدمين، و بيّن دلائل ضعف الروايات وكيفية العمل بها، كما نبّه على حجية bتضعيفات ابن الغضائريv، مؤكّداً على جبر ضعف السند بالشهرة العملية، وفي قسم آخر من هذا الفصل، يشرح الشروط المطلوب توفرها لدى راوي الخبر، ومدى اعتبار الرواة من غير الإمامية، وكيفية تعامل الفقهاء مع مروياتهم، وفي الخاتمة، يتناول بحث حجية الروايات واعتبارها، ويبين الآراء الواردة في هذا المجال بإيجاز.

ويشرح المؤلف 34 قسماً من أقسام الحديث المشتركة بين الصحيح والضعيف في الفصل الخامس، تحت عنوان bأقسام الحديث المشتركةv، ويأتي بأمثلة لكلّ قسم منها.

وفي بيان أقسام الحديث الضعيف، يقول المؤلّف في الفصل السادس: bنقوم في هذا الفصل بدراسة الأحاديث الضعيفة؛ حيث تعتبر ضعيفةً بمقتضى القواعد، لكن لوجود قرينة خاصة أو دليل ما، أصبحت من الروايات المعتبرة، بل حتى الصحيحةv([4]).

ويتابع المصنّف تعريف 17 قسماً من الأحاديث الضعيفة ــ ذاكراً أمثلةً لكل منها، وهي: المرسل، المضمر، المضطرب، المهمل، المجهول، المقلوب، المدلّس، المعضل، المطروح، الموقوف، المنقطع، الموضوع، المردود، المعتبر، المحرّف، المعلّل والمقطوع.

أما الفصل الأخير، فيتناول بحث bالجرح والتعديلv؛ والمراد منه معرفة الألفاظ التي نستطيع الوثوق بالراوي من خلالها والقرائن الدالّة على كونه من الثقاة ([5])، فيبدأ المؤلّف بشرح الطرق المتبعة للتحقق من كون الراوي ثقة، ومن ثم يبيّن 15 قاعدةً من القواعد العامة للتوثيق، والألفاظ الدالّة على التعديل أو القدح، وفي الختام يتطرّق إلى تعارض آراء علماء الرجال.

ميزات الكتاب ــــــــــ

نذكر هنا بعض المواصفات التي امتاز بها هذا الكتاب:

1 ــ ذكر أمثلة من الأحاديث: من خصائص هذا الكتاب التي امتاز بها من بين مؤلّفات العلماء في هذا الموضوع، ما جاء به المؤلّف من أمثلة من الحديث والفقه لكلّ قسم من أقسام الحديث، وقد سدّ الكتاب فراغاً بين مؤلّفات الشيعة في علوم الحديث.

2 ــ كثرة المصادر: كثرة المصادر (350 مصدراً) من ميزات هذا الكتاب الفريدة، كما ذكر المؤلّف في حاشية كلّ بحث مصادر إضافية، يمكن للقارئ مراجعتها.

3 ــ بيان آراء الباحثين في مجال علم الحديث: استوعب كتاب علم دراية الحديث الكثير من آراء ونظريات العلماء والباحثين في هذا المجال، وقد سعى المؤلف لاستيعاب تمام ما توصّل إليه الباحثون قبله في هذا المجال، وللاطلاع راجع العناوين التالية: السند (ص35)؛ المولى (ص50)؛ خلفية العمل بالحديث الموثق (ص106)؛ حجية الروايات (ص109)؛ أصحاب الإجماع (ص266)، لكن لهذه الخصوصية سلبية يأتي الكلام عنها فيما بعد.

نقاط الضعف ـــــــــــ

على الرغم من الإيجابيات التي ذكرناها، ثمّة نقاط ضعف في هذا الكتاب، نستعرضها بإيجاز:

1 ــ الأمثلة:

إيراد الأمثلة لكلّ قسم من أقسام الحديث من الميزات البارزة والفريدة لهذا الكتاب، حيث بإمكاننا القول بأن هدف المؤلف فيه تبيين صورة واضحة عن علم الدراية مستقاة من الأمثلة المعبّرة، لكن ثمّة قصور وضعف في الأمثلة، منها:

أ ــ عدم ذكر الأمثلة أحياناً: الموارد التي لم تذكر فيها أمثلة هي: الحديث القوي (ص83)؛ الحديث العزيز (ص88)؛ الحديث المحفوظ (ص144)؛ النص (ص147)، على الرغم ما جاء في العنوان bمثال على الظاهر والنصv؛ الغريب (ص118)؛ غريب الألفاظ (ص119)؛ المرفوع، القسم الأول (ص124)؛ المدبّج (ص156)؛ رواية الأكابر ورواية الأقران والسابق واللاحق (ص157)؛ المدلّس في النص (ص203).

ب ــ الإكثار من ذكر الأمثلة أحياناً: على سبيل المثال، ذكر المؤلف 15 مثالاً على الحديث المعلل (ص233)؛ وأكثر من 15 مثالاً للحديث الموضوع (ص216 ــ 220)؛ و7 أمثلة على الحديث المشهور (ص114).

ج ــ الإتيان بأمثلة في غير محلها: على سبيل المثال جاء المؤلف بمثال لنازل السند تحت العنوان bمثال على الحديث العالي السندv (ص155).

د ــ ذكر أمثلة ناقصة: فقد ذكر المؤلف في أبحاث الحديث المشترك (ص158)، المتفق (ص163) والمؤتلف (ص 164)، اسم الأشخاص فقط، وكان الأجدر به الإتيان بسند الحديث.

هـ ــ عدم توضيح بعض الأمثلة: لم يدلّ المثال أحياناً عما أريد منه، ولم يوضح المؤلف ذلك أيضاً، كما في المثال المذكور للحديث المشكل (ص154).

و ــ عدم ذكر عنوان لبعض الأمثلة: ذكرت الأمثلة في مواضع كثيرة تحت هذا العنوان: bمثال على …v، لكن في مواضع أخرى كالصحيح (ص76)؛ المشهور (ص114)؛ المفرد (ص 116)؛ المسلسل (ص 138)، لم يذكر العنوان بل جاءت الأمثلة تحت عنوان bنماذج من الحديثv.

2 ــ المصادر

كما ذكرنا، إن من ميزات الكتاب المحمودة وفرة المصادر فيه؛ لكن هناك نواقص في الهوامش وقائمة المصادر، نذكرها تفادياً للأخطاء:

أ ــ الهوامش: هناك تعليقات خاطئة في بعض المواضع؛ كالتعليقات رقم1 و2 من الصفحة 93؛ والتعليق رقم2 من الصفحة 185، كما جاءت أسماء الكتب أو المؤلّفين بشكل متفاوت؛ كالجزري، مبارك بن محمد، النهاية (ص51)؛ ابن الأثير، النهاية (ص119)؛ الكشي، محمد بن عمر، رجال الكشي (ص55)؛ الكشي، أبوعمر، رجال الكشي (ص104)؛ الكشي، محمد بن عمر، اختيار معرفة الرجال (ص255، 267 و269)؛ الطوسي، محمد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (ص269).

وهكذا وردت أسماء الكتب مع bالـv تارةً ومن دونها تارةً أخرى؛ كرجال النجاشي (ص207 و208) ورجال نجاشي (ص206، 227، 281، 282، 285، 286 و287)؛ الكشاف (ص63) وكشاف (ص52)؛ الرواشح السماوية (ص198) ورواشح سماوية (ص199). وذكرت أسماء بعض الكتب في مواضع من الكتاب من دون bالـv، كرجال طوسي (ص272، 283 و285)؛ رجال خاقاني (ص51، 95، 266 و273)؛ مكاسب (ص150)؛ رسائل (ص72، 108، 186، 227، 246 و255)؛ كافي (ص80، 139، 142، 246 و255)؛ استبصار (ص117 و201). وقد ورد اسم مؤلّف كتاب منهج النقد، نورالدين عتر، عِتر (ص19)، عتّر (ص68) وعَتَر (ص69). ومما لوحظ أيضاً عدم ذكر مصدر بعض الأقوال كقول ابن جماعة (ص36، س3) وقول والد الشيخ البهائي (ص44).

ب ــ قائمة المصادر: تلاحظ أخطاء في أسماء الكتب أو المؤلّفين في قائمة المصادر، كما تكرّر ذكر اسم بعض الكتب وأهمل بعضها؛ فعلى سبيل المثال، ورد اسم 16 كتاباً من دون bالـv؛ كمحاسن بدلاً من المحاسن (رقم 51)؛ كشاف بدلاً من الكشاف([6]) (رقم 147)؛ شرح ابن ميثم لنهج البلاغة بدلاً من شرح نهج البلاغة (رقم 48)؛ منتقى المقال بدلاً من منتهى المقال (رقم 84).

أما الأخطاء في أسماء المؤلّفين، فوردت في المواضع التالية: الرقم 282، ذكر اسم المؤلف bكلانتر، محمدv بينما bانصاري، مرتضىv هو الاسم الصحيح، وفي الرقم 53 جاء بروجردي بدلاً من ملايري. وقد ورد اسم ثامر هاشم، شامر هاشم في الرقمين 169 و170.

وقد وقع التكرار في الأرقام التالية: 63 و65، 107 و108، 277 و279، كما أرجع لنسختين مطبوعتين من كتاب واحد في 12 عنواناً، كلاً على حدة، بينما من المفترض ذكر نسخة واحدة فقط لسهولة مراجعتها، وهي: 67 و68، 78 و79، 102 و103، 109 و110، 205 و206، 228 و229، 257 و258، 269 و270، 324 و325، 342 و343، 345 و346، 347 و348.

لم تذكر بعض المصادر في القائمة مع أنها ذكرت في الهوامش، كالحدائق الناضرة (ص108 116، 149)؛ من لا يحضره الفقيه (ص22)؛ لؤلؤة البحرين (ص23، 109)؛ إيضاح الفوائد (ص110)؛ أساس البلاغة (ص275)؛ كشف الغمة (ص47)؛ كشاف اصطلاحات الفنون (ص47)؛ أقرب الموارد (ص275)؛ مختار الصحاح (ص275)؛ نقش أئمة در احياء دين (دور الأئمة في إحياء الدين) (ص218)؛ عدة الرجال (ص257)؛ الجامع لرواة وأصحاب الإمام الرضاu(ص200).

وهناك اختلاف في اسم الكتاب أو المؤلّف بين الهوامش وقائمة المصادر، فعلى سبيل المثال: ظرائف المقال (رقم 74) وطرائف المقال (ص266)؛ علياري (رقم 244) واللهياري (ص204 و251)؛ bسيوطي، جلال الدين، شرح شواهد مغنيv (رقم 167) وbكوجان، أحمد، شرح شواهد مغنيv (ص50).

3 ــ عدم مراعاة النسق المنطقي للأبحاث

بما أن هذا المؤلّف قد تمّ اقتراحه كتاباً دراسياً في علم دراية الحديث، فمن الضروري اتّباع الترتيب المنطقي في أبحاثه، وخلافاً لما ذكره الناشر في مقدّمته من توفر الترتيب المناسب لغرض التعليم فيه([7])، لم يراع المؤلّف الترتيب المناسب في بعض الأبحاث، نذكر منها:

جاءت عناوين أبحاث الفصل الأول على النحو التالي: 1ـ تدوين علم الدراية. 2 ــ تعريف علم الدراية. 3 ــ موضوع علم الدراية. 4 ــ غاية علم الدراية. 5 ــ فروع علم الحديث. 6 ــ المعجم الببلوغرافي لعلم الدراية. 7 ــ المجاميع الحديثية المهمّة للمتقدمين. 8 ــ المجاميع الحديثية المهمّة للمتأخرين.

إلا أنه يُقترح تعديل الترتيب على الشكل الآتي: 1 ــ ضرورة تناول أبحاث علم الحديث. 2 ــ فروع علم الحديث. 3 ــ تعريف علم الدراية. 4 ــ موضوع علم الدراية. 5 ــ غاية علم الدراية. 6 ــ تدوين علم الدراية. 7 ــ المعجم الببلوغرافي لعلم الدراية (ويحذف البحثان السابع والثامن).

ويأتي ترتيب البحث في مصطلحات الحديث في ما يخصّ الحديث نفسه في الفصل الثاني على النحو التالي: السند، الإسناد، المسند، النص، الحديث، الخبر، السنة، الأثر، الحديث القدسي. وهنا يُقترح تعديل ترتيب المواضيع على النحو التالي: السنة، الحديث، الرواية، الخبر، الأثر، النص، السند، الإسناد، المسند، الحديث القدسي.

وقد جاء المؤلف ببحث bاعتبارالخبرv في الفصل الرابع بطريقة مشوّشة، بينما كان بالإمكان بحث هذا الموضوع على نحوين: إما أن يأتي الحديث عن اعتبار كلّ قسم من الحديث بعد تعريفه، أو تخصيص فصل مستقلّ لبحث هذا الموضوع بعد الانتهاء من تعريف أقسام الحديث، وعلى الرغم من تخصيص المؤلّف الفصل الرابع لهذا الموضوع، إلا أنه جاء به بشكل متناثر.

والمقترح إما ضم هذا الفصل إلى الفصل السابق، أو الإتيان به قبل الفصل الأخير، مع إضافة المواضيع التالية: اعتبار خبر الواحد (الفصل الثالث، ص74)؛ حجية الرواية المعلّقة (الفصل الخامس، ص 128)؛ حجية المكاتيب (ص136)؛ حجية الحديث المضمر (الفصل السادس، ص186)؛ حجية المرسلات (ص177ـ183)؛ اعتبار الحديث المقطوع (ص239).

4 ــ عدم تقييم الآراء

من أهم ميزات هذا الكتاب ذكر آراء متعدّدة لعلماء الحديث في الأبحاث المختلفة التي يتطرّق إليها المؤلف، لكن على الرغم من وجود هذه الميزة الفريدة، لم يقيّم المؤلف هذه الآراء أو يرجّح بعضها أو ينقدها إلا نادراً([8])، وهذا ما يسبّب الالتباس عند القارئ، بينما في التصنيفات العلمية المهمة، يجب ترجيح بعض الآراء على غيرها، أو إبداع رأي أو منهج جديد والاستدلال عليه، فعلى سبيل المثال في السند والإسناد (ص35)، السنة كمصطلح (ص44)، وتعريف القوي (ص83)، لم نر أثراً ملموساً للمؤلّف.

5 ــ إيراد أبحاث غير مرتبطة بالموضوع

أحد البحوث المهمة في مجال علم الحديث هو التمييز بين أقسام هذا العلم، وقد تضاعفت أهمية هذا التمييز في العصر الراهن الذي يعدّ منعطفاً في حركة بناء هذه العلوم وتأسيس كليات وفروع علمية مختلفة تهتم بدراسة علم الحديث في العالم الإسلامي؛ فعلى الباحثين في مجال علم الحديث أن يراعوا حدود كلٍّ من هذه الأقسام وعدم الخلط بين تاريخ الحديث، ودراية الحديث، وعلم الرجال، وفقه الحديث، لكن ــ وللأسف ــ لم يراع المؤلف في كتابه استقلالية هذه العلوم، فتعرّض لأبحاثٍ من مجالات علم الحديث الأخرى، نذكر منها:

أبحاث تاريخ الحديث: المجامع الحديثية المهمة للمتقدمين (ص19 ــ 26)؛ المجامع الحديثية المهمة للمتأخرين (ص26ـ32)؛ تقدّم كتاب الكافي على سائر الكتب (ص195ـ196)، وقد ورد bبحث في الأصولv تحت عنوان يتحدّث عن أصالة عدم الزيادة أو عدم النقيصة (ص151ـ153).

والأبحاث المرتبطة بعلم الرجال هي: معرفة محمد بن إسماعيل (ص206ـ209)؛ القواعد العامة للتوثيق (ص250ـ274)؛ تعارض آراء علماء الرجال (ص279ـ288).

ومن الملفت أن المؤلف يذعن بكون هذه الأبحاث مرتبطةً بعلم الرجال، فيقول: bقد اختلف علماء الرجال والفقهاء في من يكون محمد بن إسماعيلv([9])، ويقول في بحث آخر: bإن هذا الاختلاف يعتمد على الأسس الرجالية لكل فقيهv([10])، ويقول عن الموضوع الأخير: bتعارض الآراء في علم الرجال من الأبحاث الأساسية التي تتناولها كتب الرجالv([11]).

لذا نقترح حذف هذه الأبحاث من الكتاب بشكل نهائي، أو إيرادها في التعليقات بشكل موجز ([12]).

6 ــ عدم التطرّق لبعض بحوث علم الدراية

لم يتطرّق المؤلف في كتاب علم دراية الحديث إلى بعض من القضايا المتعلقة بهذا العلم نفسه، فمن الأجدر الإتيان بها في الطبعات القادمة وهي كالآتي:

يرجى تعريف المصطلحات التالية في قسم المصطلحات الخاصة بالأشخاص (ص48): المحدّث، الراوي، المروي عنه، تابعو التابعين، الحافظ، المُخرِج، المخرِّج، المسنِد، المعيد، الشيخ، المُملي، المستملي، الطبقة، أصحاب الإجماع، ألقاب وكنى المعصومين u.

ومن الضروري أيضاً الإشارة إلى المراد من bتحمّل الحديثv وطرقه في بحث تحمّل الحديث (ص 52)، كما يجب الإشارة إلى bالسماع من الشيخv وهو من أهم طرق تحمل الحديث حيث لم يذكره المؤلف، فقد ذكر قسماً من السماع (الإملاء) كأحد طرق تحمل الحديث، وعلى المؤلف ذكر كيفية تمييز كلاً من هذه الطرق مع ذكر المصادر لكلّ منها.

وعند الحديث عن مصطلحات كتب التراجم والرجال (ص 56) لم يتطرق المؤلف إلى: الأصل، الكتاب، المصنف، الجزء، المسنَد، الأمالي (المجالس)، الجوامع، النوادر، التراجم والمشيخة، بينما تطرّق إلى المخرِج والمخرِّج، حيث لا صلة لهما بالبحث.

أما في الفصل الثالث (أقسام الخبر)، فمن الضروري ذكر التقسيمات المختلفة للخبر من وجوه مختلفة، وذلك لتسهيل أمر التعليم([13]).

7 ــ عدم ترجمة بعض النصوص العربية

استحضر المؤلف نصوصاً عربية وجملاً كذلك في تعريف أقسام الحديث وذكر الأمثلة لها، لكنه لم يأت بترجمتها (إلى اللغة الفارسية) في موارد عديدة، على سبيل المثال: ص39، س12؛ ص126، س6؛ ص134، س1؛ ص148، السطر الأخير؛ ص281، س15([14]).

وبما أن الكتاب معدّ للطلاب الإيرانيين، وقد جاء في مقدمته أنه دوّن لمرحلة البكالوريوس، وحفظاً للانسجام بين أجزاء الكتاب، فمن الأجدر الإتيان بترجمة النصوص العربية في متن الكتاب وهوامشه.

على خطّ آخر، أتت الترجمة خاطئةً أو ناقصة في مواضع من الكتاب؛ فعلى سبيل المثال ما جاء في الصفحة 41 عند تبيين الإشكال الذي أورده العلامة الصدر على تعريف الحديث من أنه كلام يحكي قول المعصوم أو فعله أو تقريره، يقول: bإذا قلنا بأن المقصود من الحكاية هو اللفظ، سنخرج الأحاديث التي نقلت بالمعنى في الأقسام الثلاثةv، فإضافة إلى عدم إمكان النقل بالمعنى في الفعل أو التقرير، كلام الصدر في كتاب النهاية لا يشمل هذين القسمين([15]).

8 ــ القصور في بعض التعابير

مما يلاحظ أن الشروح التي أتى بها المؤلف لبعض المصطلحات أو بعض التعاريف الواردة في الكتاب غير معبرة وغير واضحة؛ فعلى سبيل المثال، في السطر الثامن من الصفحة الخامسة، يقول المؤلف: bوقد صرح الحاج خليفة بهذا الأمرv، مع أن الأمر غير واضح، كما جاء في تعريف المسنَد في الصفحة 39: bالكتاب الذي جمعت فيه روايات الصحابةv، والحال أن المسند هو كتاب في الحديث جاءت الروايات فيه على ترتيب الصحابة؛ كمسند ابن حنبل([16])، وكذلك في الصفحة 204، شرع المؤلف بالرد على ابن داود تحت عنوان bالأدلة في بطلان رأي ابن داودv من دون أن يأتي برأي ابن داود نفسه([17]).

ويبدو أن المؤلف قام بتغيير أماكن بعض الأبحاث بعد تأليف الكتاب، لكنه لم يقم بالتعديل والتنسيق اللازم عقب هذا التغيير، فبدت بعض المواضيع مبهمة. فمثلاً، جاء المؤلف بهذه العبارات بعد بيانه الفرق بين الحديث القدسي والقرآن وإيراد نماذج من الحديث القدسي: bاختار السيد الصدر من بين التعاريف رأي مصنف الوجيزة الذي يعتبره (؟) مرادفاً للحديث و…v (ص48)، مما لا علاقة له بالأسطر السابقة له، وبعد التدقيق لوحظ أن هذه العبارة تتمة للصفحة 45 (بحث الأثر). وفي الفصل الرابع، بعد أن ذكر المؤلف قرائن صحّة الخبر عند المتقدمين، نبّه إلى نقطتين في ثلاثة صفحات تحت عنوان bالتذكيرv، مما لا علاقة له بالفصل الرابع، بل كان جزءاً من بحث أقسام خبر الآحاد الأربعة في الفصل الثالث([18]).

9 ــ الأخطاء الإملائية والمطبعية

يجب التدقيق في النصّ بعد تنضيد الحروف في كلّ تأليف، خاصة في الكتب العلمية المتخصصة، للحصول على كتاب يحتوي على الحدّ الأدنى من الأخطاء الإملائية والمطبعية، لكن الكتاب الذي ندرسه ابتلي ــ رغم كلّ التصحيح والتدقيق ــ بأخطاء إملائية ومطبعية نذكر منها:

ص3، س7: حذف عنوان البحث وهو b5 ــ فروع علم الحديثv. ص8،س3: جاء مرفوع بدل مرفوعة؛ وفي السطر الخامس: جاء مرسل، مقطوع، مرفوع بدلاً من مرسلة، مقطوعة، مرفوعة. ص63، س7: جاء مواتره بدلاً من متواترة. ص106، س11: جاء غلات بدلاً من غلاة؛ وفي السطر13: جاء مبحث بدلاً من مباحث. ص130، س6: جاء مشيخه بدلاً من مشيخة؛ وفي السطر9: جاء صحيحه بدلاً من صحيفة. ص136، س9: الواو زائدة في bوتسمى مكاتبv؛ وفي السطر14: جاء المشافهه بدلاً من المشافهة. ص156 و157: في خمس مواضع وردت كلمة bروايت الأقرانv، بينما الصحيح هو bرواية الأقرانv.

10 ــ أخطاء في المحتوى

يجب بذل الدقة والانتباه الكافيين في كتابة نص علمي متخصص، حتى في اختيار الألفاظ والعبارات، حتى لا يفوت المؤلف أمر، وفي هذا الكتاب على الرغم من الجهود التي بذلها المؤلّف، ثمة أخطاء ليست بمطبعية، نذكر منها:

في الصفحة 6، فهرس المحتويات، وفي الصفحة 26، جاء عنوان كتاب bبحارالأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهارv على النحو الآتي: bبحار الأنوار من درر الأخبارv، بينما من الأجدر الإتيان باسم الكتاب بشكل كامل أو بالشكل المتعارف عليه وهو bبحار الأنوارv.

وجاء في الصفحة 24: bلوامع صاحبقراني هو الشرح الفارسي لروضة المتقين الذي أعده المؤلّف نفسهv، بينما هو شرح على كتاب من لا يحضره الفقيه.

وقد ذكر المؤلف bنوح بن درّاجv على أنه من الرواة الإمامية في الصفحة 84، س3 و6، لكنه ذكره في الصفحة 106، س5، على أنه من رواة أهل السنّة.

وجاء في الصفحة 85: bمن الممكن أن يكون ضعف السند في رواية السكوني عائداً إلى وجود النوفلي في سلسلة الرواة الذين يروي عنهم السكونيv. بينما النوفلي هو الذي يروي عن السكوني!

وفي الصفحة 6: من الخطأ تعميم رأي السيد الصدر (في أن الحاكم هو أول من دوّن الدراية) على أنه رأي كافّة الشيعة، ومن الملفت أن المؤلف يذكر كتاب الحاكم في الصفحة 17، على أنه من كتب أهل السنّة.

وفي الصفحة 9: bجاءت (دري) في باب الإفعال، وهي بمعنى الأعلم، لذا تكون من الأفعال المتعدية لمفعولينv، في حين أن bالأعلمv هو المثال البارز للمتعدي إلى ثلاثة مفاعيل.

وجاء في الصفحة 60، عند الحديث عن مستدرك الوسائل للمحدّث النوري: bقد فاتته أحاديث كثيرة؛ فأحاديث فقهية وغير فقهية كثيرة في …v. فإضافة إلى المبالغة في وصف هذه الأحاديث بالكثرة، لم تكن الأحاديث غير الفقهية لتذكر في كتب الوسائل والمستدرك حتى يفوته شيء منها.

وجاء في الصفحة 32: bمن الجدير بالذكر أن مصطلحات المعاجم والتراجم وردت في الفصل الثالث من هذا الكتابv، بينما وردت هذه المصطلحات في الفصل الثاني منه.

وفي الصفحة 87: bوقد بحث هذا الموضوع (الخبر الضعيف) في فصل مستقل ــ الفصل السابع ـv. بينما جاء هذا البحث في الفصل السادس.

ويقول المؤلّف في الصفحة 135: bهل الأخطاء المطبعية من التصحيف؟ فإذا اعتبرنا الأخطاء المطبعية من التصحيف سوف يزيد عدد الأحاديث المصحّفة؛ فمن الصواب عدم اعتبارها من التصحيف واعتبارها أخطاءً مطبعية فقطv، ونشكل عليه، إضافة إلى ضعف التعليل، بأنه ما من فرق بين عمل النسّاخ في الماضي وعمل المطبعي اليوم، فكلاهما يخطأ سهواً في نصّ الحديث أو سنده، وهو خطأ في النظر قد اعتبره المؤلف أساساً للتصحيف.

*    *     *

الهوامش


(*) باحث ومحقق.



1 ــــ دانش دراية الحديث.

2 ــــ باحث ومحقق.

3 ــــ المصدر نفسه: 12؛ السيد حسن الصدر، نهاية الدراية: 86.

4 ــــ علم دراية الحديث: 175.

5 ــــ المصدر نفسه: 245.

6 ــــ راجع الأرقام التالية: 13، 18، 36، 45، 109، 110، 142، 151، 195، 259، 282، 338، 221، 113.

7 ــــ علم دراية الحديث: 2.

8 ــــ المصدر نفسه: 39.

9 ــــ المصدر نفسه: 206. إضافة إلى كون البحث من أبحاث علم الرجال، ليس من الصواب طرح شبهة التدليس في كتاب الكافي في كتاب تعليمي للمراحل الابتدائية.

10 ــــ المصدر نفسه: 250.

11 ــــ المصدر نفسه: 279.

12 ــــ كما أن محلّ بعض المواضيع في التعليقات والهوامش، لكن المؤلّف أتى بها ضمن البحث؛ فمثلاً في الصفحة 106 يقول المؤلف: (لم يعتبر العلامة الصدر هذا الكتاب كاشفة الحال..)، وفي الصفحة 136 يقول: (ومما يجدر الإشارة إليه أن دار إحياء التراث تختلف..).

13 ــــ وفي الصفحة 157، جاء عنوان bالسابق واللاحقv ، لكن المؤلف لم يأت بشرح أو مثال له، كما في الصفحة 245، قبل الخوض في بحث طرق التحقق من كون الراوي ثقة، من الأجدر الإتيان ببحث حول تأسيس أصل التحقق من الوثاقة.

14 ــ كذلك، ص9، س18؛ ص10، 1و7؛ ص41، 6 و8؛ ص52، 5؛ ص63، 4؛ ص114، 7؛ ص115، الأخير؛ ص117، 5؛ ص123، 1؛ ص131، 2؛ ص133، 6؛ ص138، 6؛ ص149، 4؛ ص169، 9 والأخير؛ ص176، الأخير؛ ص183، 13؛ ص193، 9؛ ص211، 11؛ ص212، الأخير؛ ص218، الأخير؛ ص219، 9 والأخير؛ ص225، الأخير؛ ص232، 5 والأخير؛ ص234، (الروايات)؛ ص236، 7؛ ص255، 1؛ ص269، 9 و15؛ ص270، 3؛ ص282، 15؛ ص286، 9.

15 ــــ السيد حسن الصدر، نهاية الدراية: 80، bويرد على عكسه النقض بالحديث المنقول بالمعنى إن أريد حكاية القول بلفظهv.

16 ــــ كاظم مدير شانه چى، دراية الحديث: 28.

17 ــــ راجع أيضاً: تعريف فقه الحديث (ص13)؛ تعريف المختلف (ص165)؛ ص157، س6؛ ص39، س8؛ ص11، س13؛ تحمل الحديث (ص52).

18 ــــ وجاء في الصفحة 95: تذكير رقم 1: من الممكن في بعض الأحيان أن تكون الأقسام المذكورة (؟) مجتمعةً في حديث واحد، مع أن المؤلف يقصد بذلك أقسام خبر الواحد الذي ورد في الفصل الثالث، ولا يقصد قرائن صحّة الخبر.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً