د. الشيخ عصري الباني([1])
(عقائد الإمامية) هو كتاب صغير كتب فيه الشيخ المظفر عقائد الشيعة، وصار هذا الكتاب هو الكتاب الرسمي الشرعي الذي تقره الحوزة وخصوصا في النجف الاشرف لعقيدة الشيعة الإثني عشرية، ويدرس في المراحل الأولى لدراسة عقيدة الشيعة في المنهج الدرسي الحوزوي، ويدرس في الحلقات الدينية في المساجد والحسينيات في العراق ولبنان والخليج وإيران… وفي الإعلام ايضا، فالكتاب كتاب معروف ومتداول، وعندما سؤل المراجع النجف عن كتاب عقائدي يرجع مقلدوهم اليه كي يتمسكوا بما جاء فيه من عقائد يرشدوهم إلى هذا الكتاب([2]). وهو الراي المُتبنّى مِن بقيّة المراجع المُعاصرين([3])، فالمراجع يرجعون مقلديهم إلى «عقائد الإمامية» فالعقائد التي بينها الشيخ المظفر(ر) في كتابه هذا هي العقيدة الصحيحة الأصل المتبناة من قبلهم، وعليه فالمصدر العقائدي للشيعة هو هذا الكتاب. والغرض من تاليف الكتاب كان هذا المعنى، فهي محاضرات كان قد أملاها إملاء على تلامذته في النجف([4]). ورغم القيمة الكبيرة لهذا الكتاب فان وعليه مجمعة من الماخذ العلمية التي سنسلط الضوء عليها في هذا المقال لما لهذا الموضوع من اهمية كبيرة ترتبط بعقائد الناس وهو امر لايمكن السكوت عنه والتساهل فيه مهما كانت قيمة الكاتب والكتاب وقد قسمنا المقال إلى مجموعة من المباحث:
المبحث الاول: العقيدة في الله تعالى
يقول الشيخ المظفر:(ر)(ونعتقد أن صفاته تعالى الثبوتية الحقيقية الكمالية التي تسمى بصفات (الجمال والكمال) كالعلم والقدرة والغنى والإرادة والحياة هي كلها عين ذاته، ليست هي صفات زائدة عليها، وليس وجودها إلا وجود الذات)([5]).
اشار(ر) بكلامه هذا إلى امرين:
1ـ ان هذه الصفات أمثلة واضحة عنده في فكره على الصفات الذاتية. فهناك مجموعة من الصفات في كتب العقائد، في كتب الكلام، في كتب الفلسفة، في كتب التصوف والعرفان، يصطلح عليها الصفات الذاتية، ويصطلح عليها بالصفات الثبوتية، ويصطلح عليها بصفات الجمال والكمال، هذه الصفات تطلق على مجموعة من صفات الله سبحانه وتعالى هي التي يقال عنها إنها عين ذاته، والمراد من أنها عين ذاته أي أنها صفات أزلية منذ أن كان الله وتبقى ما بقي الله ذات الله تتصف بهذه الأوصاف ـ هذا بحسب فهمنا وبحسب إدراكنا، فنحن لا نتمكن أن ندرك الكنه، وإنما نعلم بالأسباب أن نعرف شيئا عن صفات جماله وكماله ـ.
2ـ ان وجود الذات الإلهية هي وجود هذه الصفات، ووجود هذه الصفات هو وجود الذات الإلهية، وليس وجودها إلا وجود الذات، وهذا معنى صفاته عين ذاته، إنها الصفات الذاتية، الثبوتية، الإيجابية، إنها صفات الجمال والكمال، هذا هو المثبت في هذا الكتاب فالشيخ المظفر قد جعل الإرادة من الصفات الذاتية.
الفارقُ بين الصِفة الذاتيّة والصِفة الفعليّة
قبل ان نشرع بالرد على عقيدة الشيخ المظفر(ر) ينبغي علينا تبيين الفارقُ بين الصِفة الذاتيّة والصِفة الفعليّة فنقول:
ـ الصفةُ الذاتيّة هي عينُ ذاتهِ سُبحانهُ وتعالى، الصفةُ الذاتيّة صِفةٌ أزليّة، صِفاتهُ عينُ ذاتهِ.
ـ الصِفة الفعليّة فليستْ صِفةً أزليّة، ولا يصحُّ أن نقول أنَّ الصفات الفعليّة هي عينُ ذاته، هذا الكلام يقودنا إلى الشرك، لأنَّ الصفات الفعليّة يتحقّق شأنها بتحقّق شأن المَخلوقين، ولِذا فإنّ أئمتنا «صلواتُ اللهِ وسلامهُ عليهم» عدُّوا الإرادةَ مِن صفات الأفعال لأنّها مُتحرّكة مُتغيّرة.
ويُمكن تقريب الفكرة بهذا التوضيح: الله سُبحانه وتعالى «حي» والحياةُ مِن صفاتهِ الذاتيّة، بل إذا أردنا ـ هكذا بنحوٍ اعتباري بِحَسَب مداركنا ـ أن نُرتّب تسلسلاً للصفات الإلهيّة يُفترض أنّ الصِفة الأولى الحياة، هذهِ الصِفة «صِفة الحياة» حين نتحدّث عن الله لا يُمكن أن نقول: أنَّ الله سُبحانه وتعالى يكونُ حيّاً وأنَّ الله لا يكون حيّاً.. هذا الكلام ليس صحيحاً، إنّها صِفةٌ ذاتيّةٌ لا نستطيعُ أن نسلبها عن ذاتهِ سُبحانهُ وتعالى بأيّ حالٍ من الأحوال، فهو حيٌّ على الإطلاق، لا نستطيعُ أن نقول أنَّ الله سُبحانه وتعالى يكون حيّاً في مقامٍ من المقامات ولا يكون حيّاً في مقامٍ آخر.. إنّها صِفةٌ ذاتيّة، صِفةٌ أزليّة.
وبالمِثل حين نصِفهُ أنّهُ «عالم» سُبحانه وتعالى، لا نستطيعُ أن نقول أنّهُ عالمٌ في مقامٍ مِن المقامات، وليس عالماً في مقامٍ آخر، إنّها صِفةٌ ذاتيّة أزليّة، وكذلك صِفة القُدرة صِفةٌ ذاتيّة أيضاً.
لكنّنا حِين نقول أنَّ الله «مُريد» يتّصِفُ بالإرادة، فإنَّ الذي يتّصفُ بالإرادة هو فِعلهُ وليستْ ذاته، أمَّا ذاتهُ فلا نستطيعُ أن نَصِفها بالإرادة لأنّنا نستطيع أن نقول في مقامٍ من المقامات أنَّ الله يُريدُ هذا، وفي مقامٍ آخر نقول إنَّ الله لا يُريدُ هذا.. هذا يعني أنَّ الإرادة صِفةٌ مُتحرّكة، بينما «الحياةُ، العِلْم، القُدرة…» هذهِ صِفاتٌ ثابتة لا تتحرّك، يعني لا تتغيّر، لا تتنقّل، لا تتبدّل.
أمَّا الإرادةُ فهي صِفةٌ مِن صِفات الأفعال، إذا ما فعل الله فعلاً مِن الأفعال فإنَّ فِعْلهُ هذا يُحدّثنا عن إرادته، فحِين خَلَق الشمس فخَلْقُ الشمس فِعْلٌ يُحدّثنا عن إرادتهِ مِن أنّه سُبحانهُ وتعالى أراد خَلْق الشمس، فَفعلهُ إرادته، فحينما يكونُ الحديثُ بهذا المُستوى فإنَّ الإرادةَ من صِفات الأفعال هذا هو الذي يُفرّق بين الصِفات الذاتيّة والصِفات الفعليّة.
الرد على الشيخ المظفر(ر)
وفي معرض الجواب على ما ذكره الشيخ المظفر(ر) نقول:
ان الشيخ المظفر(ر) يبتني على منطقِ أنَّ الإرادة صِفةٌ ذاتيّة أزليّة، مِن البداية فإنَّ الله يُريدُ هذا أن يكون ولا مجال للتغيير، ولكن عند الرجوع إلى القران الكريم ونجد إنَّ الإرادة ليستْ من صِفات الذات، إنّما هي مِن صِفات الأفعال، فهي حادثةٌ مُتغيّرة مُتحرّكة، وقد اسس العترة(عم) لقاعدة وهي: أنّ مَن شبّه الله بخلقهِ فهو مُشرك كافر، وهو ما اشارت له مجموعة من الروايات نشير إلى بعضها:
ـ عن داود بن القاسم، قال:سمعت علي بن موسى الرضا(عما)، يقول: من شبه الله بخلقه فهو مشرك، ومن وصفه بالمكان فهو كافر، ومن نسب إليه ما نهى عنه فهو كاذب، ثم تلا هذه الآية: (إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون)([6])([7]).
موطن الشاهد هُنا، قولهِ: (مَن شبَّه اللهَ بخلقهِ فهو مُشرك).
ـ عن محمد بن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله(ع) قال: (من شبه الله بخلقه فهو مشرك، ومن أنكر قدرته فهو كافر)([8]).
وحين نقول إنّ الإرادة صِفةٌ ذاتيّة فهذا تشبيهٌ للهِ بخلقهِ.
ـ عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد الله(ع)، قال: (من شبه الله بخلقه فهو مشرك، إن الله تبارك وتعالى لا يشبه شيئا ولا يشبهه شئ وكل ما وقع في الوهم فهو بخلافه)([9]).
ـ قال رسول الله(ص): (من شبه الله بخلقه فقد كفر)([10]).
قال الشيخ الصدوق(ر): «الدليل على أن الله سبحانه لا يشبه شيئا من خلقه من جهة من الجهات أنه لا جهة لشئ من أفعاله إلا محدثة، ولا جهة محدثة إلا وهي تدل على حدوث من هي له، فلو كان الله جل ثناؤه يشبه شيئا منها لدلت على حدوثه من حيث دلت على حدوث من هي له إذ المتماثلان في العقول يقتضيان حكما واحدا من حيث تماثلا منها وقد قام الدليل على أن الله عز وجل قديم، ومحال أن يكون قديما من جهة وحادثا من أخرى»([11]).
ونحن عندما نقولُ عن الإرادة أنّها من الصفات الذاتيّة فقد جعلنا معنىً حادثاً مُتغيّراً في ذاتِ الله، وهُنا جعلنا الله شبيهاً بخلقهِ، ومَن جعل الله شبيهاً بِخلقهِ فهو مُشرك. وفيما يلي نشير إلى موقف القران الكريم والعترة الطاهرة من هذا الموضوع:
المطلب الاول: القران الكريم:
ان جميع آياتِ القُرآن التي تحدّثتْ عن الإرادة والمشيئة تحدّثت عن أنَّ الإرادة مِن صِفات الأفعال وليستْ مِن صِفات الذات نشير إلى بعضها:
ـ قوله تعالى: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)([12]).
فالارادة صِفةٌ مُتحرّكة، يُمكن أن يُراد هذا الشيء ويُمكن أن لا يُراد، فقولهِ (إِذَا أَرَدْنَاهُ) نحنُ لا نستطيع أن نستعمل «إذا» مع حياتهِ سُبحانه وتعالى، فلا نستطيعُ أن نُقول عنهُ سُبحانهُ وتعالى: إذا كان حيّاً، إذا كان عالماً، إذا كان قادراً، فتلكَ صِفاتٌ أزليّة لا تتغيّر، لا تتبدّل، فالإرادةُ مِن صِفاتِ الأفعال.
ـ قوله تعالى: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)([13])
فالإرادة ليستْ أزليّة، إنّها حادثة، والصِفاتُ الفعليّة حادثةٌ وليستْ قديمة، أمَّا الصِفات الذاتيّة فهي قديمةٌ لأنّها هي ذاتهُ وذاتهُ قديمة، وليس مِن قديمٍ إلّا ذاتهُ، فصفاتهُ الذاتيّة قديمةٌ بِقَدم الذات لأنّها هي الذات، أمّا الصِفاتُ الفعليّة ليستْ قديمةً لأنّها ترتبطُ بشُؤون المخلوقات (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً) أي أرادَ شيئاً في عالم المخلوقات.
ـ قوله تعالى: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ)([14]).
فحينما كانوا مُستضعفين كان اللهُ يُريدُ ذلك ضِمن السُننِ والقوانين، ولكنّهُ بعد ذلك يُريد أن يجعلهم أئمةً، فالإرادةُ صِفةٌ مُتحرّكة.
ـ قوله تعالى: (لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)([15]).
فعمليّة «الإشتراط» و«الإفتراض» و«التنقّل» و«التحرّك»، وهذا لا يكونُ في الصِفات الذاتيّة، إنّما يكون في الصِفات الفعليّة، فقولهِ: (لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) إنّنا لا نتحدّث هُنا عن شأنٍ أزلي، فنحنُ لا نتحدّث عن حياتهِ، وعن علمهِ، وعن قُدرته سُبحانه وتعالى.
وغيرها من الايات المباركات ولذلك نجد ان السيّد الطباطبائي(ر) صاحب الميزان رغم أنّهُ مِن أقطاب الفلسفةِ والتصوّف والعرفان، ذَهَب في تفسيره الميزان إلى أنَّ الإرادة صِفةٌ فعليّة، فهو لم يستطعْ أن يعبر على هذا الكمّ الكبير مِن آيات الكتاب الكريم، ولِذا فإنّهُ في ذيل الآية 88 مِن سُورة يس يقول: «والإرادةُ صِفةٌ فعليّةٌ مُنتزعةٌ من مقام الفعل» ([16]).
المطلب الثاني: احاديث العترة(عم)
اشارت روايات العترة(عم) إلى أنَّ الإرادة صِفةٌ فعليّة، نشير إلى بعضها:
ـ عن أبي عبد الله(ع) قال: (إن المريد لا يكون إلا لمراد معه، لم يزل الله عالما قادرا ثم أراد)([17]).
قولهِ: (ثُمَّ أراد) فالإرادة من صفات الفعل الّتي يصحُّ سلبها عنه في الأزل([18]) فالإرادة ليستْ من الصفات الذاتيّة، فلو كانتْ من الصفات الذاتيّة لم يقل الإمام (ثُمّ أراد) فذلك أمرٌ حادثٌ، بينما العِلْمُ والقُدْرة تلك صِفاتٌ ذاتيّةٌ قديمة، لأنّها هي الذات، قِدَمها بِقَدم الذات.
ـ عن بكير بن أعين قال: قلت لأبي عبد الله(ع): علم الله ومشيئته هما مختلفان أو متفقان؟ فقال: العلم ليس هو المشيئة ألا ترى أنك تقول: سأفعل كذا إن شاء الله ولا تقول: سأفعل كذا إن علم الله فقولك إن شاء الله دليل على أنه لم يشأ فإذا شاء كان الذي شاء كما شاء وعلم الله السابق للمشيئة([19]).
فعلم الله تعالى يصحّ أن نتحدّث عنه بالإشتراطِ وبالإفتراض، فإنّ عِلْمهُ سُبحانهُ وتعالى أزليٌّ، ذاتيٌّ، ثابتْ، ولا يُمكن أن تكون الذات الإلهيّة في مقامٍ من مقاماتها مِن دُون عِلْم، فعلم الله قديم والمشيئة حادثة، ولا يُمكن أن تكون الذاتُ الإلهيّة مَحلّاً للحوادث، فالذاتُ الإلهيّة قديمة، لأنّنا إذا قُلنا أنَّ الذات الإلهيّة محلّاً للحوداث صارتْ الذاتُ الإلهيّة شبيهةً بمخلوقاتها.
ـ عن صفوان بن يحيى قال: قلت لأبي الحسن(ع)، أخبرني عن الإرادة من الله ومن الخلق؟ قال: فقال: الإرادة من الخلق الضمير وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل وأما من الله تعالى فإرادته إحداثه لا غير ذلك لأنه لا يروي ولا يهم ولا يتفكر، وهذه الصفات منفية عنه وهي صفات الخلق، فإرادة الله، الفعل، لا غير ذلك يقول له: كن فيكون بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همة ولا تفكر ولا كيف لذلك، كما أنه لا كيف له([20]).
فحين يخلق الله شيئاً، فهذهِ هي إرادته، لأنّهُ سُبحانهُ وتعالى لا يُفكّر في الأمر هل يفعلهُ أو لا يفعله، فهو لا يتأنّى في فِكْره ولا يتأنّى في فعله، وقوله: (ولا يهم) يعني لا تكون عندهُ نيّة تسبقُ الفعل، فهذهِ الصفات منفيّةٌ عنه، لأنّ هذهِ الصفات صفاتُ المخلوقين، فحين يقولُ للشيء (كُنْ فيكون) يقولها بلا لَفظٍ ولا نُطْقٍ بلسان، ولا هِمّةٍ ولا تفكّرٍ ولا كيف لِذلك كما أنّه لا كيف له، فإرادةُ الله الفعل لا غير ذلك.
ـ عن سليمان بن جعفر الجعفري قال: قال الرضا(ع): المشية والإرادة من صفات الأفعال، فمن زعم أن الله تعالى لم يزل مريدا شائيا فليس بموحد.
فأنّنا إذا جعلنا صِفات الأفعال صِفات ذاتيّة، فهذا يعني أنّنا شبّهنا الله بِخَلقهِ، ومَن يُشبّه الله بِخَلقهِ فهو مُشرك.
المبحث الثاني: العقيدة في البداء
قال الشيخ المُظفّر(ر): (البداء في الانسان: أن يبدو له رأي في الشئ لم يكن له ذلك الرأي سابقا، بأن يتبدل عزمه في العمل الذي كان يريد أن يصنعه، إذ يحدث عنده ما يغير رأيه وعلمه به، فيبدو له تركه بعد أن كان يريد فعله، وذلك عن جهل بالمصالح وندامة على ما سبق منه.والبداء بهذا المعنى يستحيل على الله تعالى لأنه من الجهل والنقص وذلك محال عليه تعالى ولا تقول به الإمامية. قال الصادق(ع):(من زعم أن الله تعالى بدا له في شئ بداء ندامة فهو عندنا كافر بالله العظيم) وقال أيضا (من زعم أن الله بدا له في شئ ولم يعلمه أمس فأبرأ منه).غير أنه وردت عن أئمتنا الأطهار(عم) روايات توهم القول بصحة البداء بالمعنى المتقدم، كما ورد عن الصادق(ع): (ما بدا لله في شئ كما بدا له في إسماعيل ابني) ولذلك نسب بعض المؤلفين في الفرق الإسلامية إلى الطائفة الإمامية القول بالبداء طعنا في المذهب وطريق آل البيت، وجعلوا ذلك من جملة التشنيعات على الشيعة. والصحيح في ذلك أن نقول كما قال الله تعالى في محكم كتابه المجيد: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب). ومعنى ذلك أنه تعالى قد يظهر شيئا على لسان نبيه أو وليه أو في ظاهر الحال لمصلحة تقتضي ذلك الإظهار، ثم يمحوه فيكون غير ما قد ظهر أولا، مع سبق علمه تعالى بذلك، كما في قصة إسماعيل لما رأى أبوه إبراهيم أنه يذبحه، فيكون معنى قول الإمام(ع) أنه ما ظهر لله سبحانه أمر في شئ كما ظهر له في إسماعيل ولده إذ اخترمه قبله ليعلم الناس أنه ليس بإمام، وقد كان ظاهر الحال أنه الإمام بعده لأنه أكبر ولده. وقريب من البداء في هذا المعنى نسخ أحكام الشرائع السابقة بشريعة نبينا(ص)، بل نسخ بعض الأحكام التي جاء بها نبينا(ص)([21])».
وفي معرض الجواب على ما قاله الشيخ المظفر(ر) في موضوع البداء نقول:
اولا: ان الاحاديثُ التي اعتمدها الشيخ المظفر(ر) في هذهِ المصادر تجعلُ عِلْم النبي والائمة(عم) منقوصا مُنتقصا وهذا يُخالفُ بديهيّات منطقِ العترة(عم).
ثانيا: ان هذه الرؤى والافكارِ بُنيتْ على مُعطياتٍ منقوصة فمِن اصولِ وقواعدِ العترة(عم) في التعامل مع الاحاديث قاعدةُ واضحةُ جاءت في مجموعة من الروايات منها رواية عبد الله بن ابي يعفور، قال: سالت ابا عبد الله(ع) عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لا تثق به؟ قال: (اذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله او من قول رسول الله(ص) والا فالذي جاء كم به اولى به)([22]). فهنا ينبغي الرجوع إلى قاعدةِ المعلومات التي تتالّفُ مِن اياتِ الكتاب الكريم وحديثِ مُحمّدٍ وال مُحمّد(عم) فما وافق القُران فناخذ به وما خالفهُ فهو زُخرف، وهذا المضمون واضحٌ جدّا في قواعدِ واصولِ التعامل مع حديثِ مُحمّدٍ وال مُحمّد(عم).
المطلب الاول: القران الكريم
ثالثا: لا يمكن الاعتمادُ على هذهِ الاحاديث التي ذكرها الشيخ المظفر(ر)، لانَّ هذهِ الاحاديث تتعارضُ مع الكتاب الكريم، ولِذا لا نعتمدُ عليها ومن هذه الايات:
الاية الاولى: قوله تعالى: (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ)([23]).
ففي صحيحة([24]) بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ: قُلْتُ لِابِي جَعْفَرٍ(ع): (قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيدا بَيْنِي وبَيْنَكُمْ ومَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ([25])) قَالَ: (ايَّانَا عَنَى وعَلِيٌّ اوَّلُنَا وافْضَلُنَا وخَيْرُنَا بَعْدَ النَّبِيِّ(ع))([26]).
وعن سدير قال: كنت انا وابو بصير ويحيى البزاز وداود بن كثير في مجلس ابي عبد الله(ع) اذ خرج الينا وهو مغضب، فلما اخذ مجلسه قال: يا عجبا لاقوام يزعمون انا نعلم الغيب، ما يعلم الغيب الا الله عز وجل، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة، فهربت مني فما علمت في اي بيوت الدار هي قال سدير: فلما ان قام من مجلسه وصار في منزله دخلت انا وابو بصير وميسر وقلنا له: جعلنا فداك سمعناك وانت تقول كذا وكذا في امر جاريتك ونحن نعلم انك تعلم علما كثيرا ولا ننسبك إلى علم الغيب قال: فقال: يا سدير: الم تقرء القران؟ قلت: بلى، قال: فهل وجدت فيما قرات من كتاب الله (عز وجل): (قال الذي عنده علم من الكتاب انا اتيك به قبل ان يرتد اليك طرفك)([27]) قال: قلت: جعلت فداك قد قراته، قال: فهل عرفت الرجل؟ وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب؟ قال: قلت: اخبرني به؟ قال: قدر قطرة من الماء في البحر الاخضر فما يكون ذلك من علم الكتاب؟! قال: قلت جعلت: فداك ما اقل هذا فقال: يا سدير: ما اكثر هذا، ان ينسبه الله (عز وجل) إلى العلم الذي اخبرك به يا سدير، فهل وجدت فيما قرات من كتاب الله (عز وجل) ايضا: (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ)([28])قال: قلت: قد قراته جعلت فداك قال: افمن عنده علم الكتاب كله افهم ام من عنده علم الكتاب بعضه؟ قلت: لا، بل من عنده علم الكتاب كله، قال: فاوما بيده إلى صدره وقال: (علم الكتاب والله كله عندنا، علم الكتاب والله كله عندنا)([29]).
فثقافة العترة(عم) تبتني على ان الذي عنده علم الكتاب هم الائمة(عم) وحتى من دون الروايات فان الذي يكون شهيدا لرسول الله(ص) وشهادته مساوية لشهادة الله هم الائمة وعلى راسهم علي(ع). فالاية تتحدث نظريا وعمليا عن ان علم الائمة(عم) هو علم الله، فالاية تقول: (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ)([30])وعمليا جعلت شهادتهم مساوية لشهادة الله، والشهود على موضوع واحد علمهم يكون واحدا متساويا. وفي الاية: (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ امُّ الْكِتَابِ)([31])وهي من ايات سورة الرعد ايضا فالمحو والاثبات واقع تحت سلطة ام الكتاب.
واما الروايات التي استدل بها الشيخ المظفر(ر) فهذه الاحاديث جاءت بلسان المداراة والبيان التدريجي، فلا يمكن ان تكون معطيات اساسية في البحث لموضوع بهذا الحجم وبهذه السعة وهذه الاهمية، واذا اردنا ان ندرسه فلابد ان ندرسه عبر المعطيات الموائمة لهذه الحقيقة اما ان نعتمد على مجموعة احاديث تنتقص من علمهم(عم) فستكون النتائج منقوصة.
فتلكم الروايات التي تحدثت عن علم خاص بالله لا يعلمه محمد وال محمد(عليهم السلام)، وتحدثت عن علم خاص بالملائكة والرسل هم يعلمونه، وجعل الباحثون منها اساسا للتوغل في موضوع البداء، هذه الروايات معارضة للكتاب الكريم وقوله تعالى:(قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ)([32])، فالاية تتحدث عن علم جامع كامل مطلق بحيث ان شهادة علي(ع) مساوية لشهادة الله سبحانه وتعالى
الاية الثانية: قولهِ تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)([33]).
والى هذا المعنى تشير مجموعة من الروايات نشير إلى بعضها:
1ـ صحيحة عَبْدِ الْاعْلَى بْنِ اعْيَنَ قَالَ سَمِعْتُ ابَا عَبْدِ اللَّهِ(ع) يَقُولُ: (قَدْ وَلَدَنِي رَسُولُ اللَّهِ(ص) وانَا اعْلَمُ كِتَابَ اللَّهِ وفِيهِ بَدْءُ الْخَلْقِ ومَا هُوَ كَائِنٌ إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وفِيهِ خَبَرُ السَّمَاءِ وخَبَرُ الْارْضِ وخَبَرُ الْجَنَّةِ وخَبَرُ النَّارِ وخَبَرُ مَا كَانَ وخَبَرُ مَا هُوَ كَائِنٌ اعْلَمُ ذَلِكَ كَمَا انْظُرُ إلى كَفِّي انَّ اللَّهَ يَقُولُ فِيهِ تِبْيَانُ كُلِّ شَيْءٍ)([34]).
فالحديث هنا ليس حديثا عن المصحف، بل المصحف رموز وشفرات ومفاتيح توصل إلى ذلك الكتاب والحديث هنا عن الكتاب المحيط والتي تتحدث عنها مجموعة من الايات كقوله تعالى: (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ امُّ الْكِتَابِ)([35])، وقوله تعالى: (قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ)([36])، وقوله تعالى: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ)([37]).
فالمصحف من اوله إلى اخره رموز وشفرات، ولذلك هذا الكتاب بحاجة إلى تراجمة والائمة(عم) هم تراجمة الوحي، وهم يترجمون الوحي في عدد لا ينتهي من الافاق فما جاء من تفسير وتاويل عنهم هذا افق بحسبنا، والى هذا المعنى اشار قول الامام الصادق(ع): (كتاب الله عز وجل على اربعة اشياء: على العبارة والاشارة، واللطائف، والحقائق، فالعبارة للعوام، والاشارة للخواص، واللطائف للاولياء)([38]).
ومن هنا جاء قوله(ع): (وفيه بدء الخلق وما هو كائن إلى يوم القيامة) يعني يدخل فيه ما يشمله البداء وما لا يشمله البداء فكيف لا يكون ذلك جزءا من علمهم(عم) فصيغة (وما هو كائن) تتحدث عن الحاضر والمستقبل، فصيغة الفاعل هي صيغة الفعل المضارع و(كائن) معناها في العربية: يكون، والفعل المضارع يتحدث عن حاضر الامر وعن مستقبله. وقوله: (اعلم ذلك كما انظر إلى كفي) يعني انه علم احاطة.
2ـ عن عبد الله بن وليد السمان قال قال لي ابو جعفر(ع) يا عبد الله ما تقول الشيعة في علي(ع) وموسى وعيسى قال قلت جعلت فداك ومن اي حالات تسئلني قال اسالك عن العلم فاما الفضل فهم سواء قال قلت جعلت فداك فما عسى اقول فيهم فقال هو والله اعلم منهما ثم قال يا عبد الله اليس يقولون ان لعلى(ع) ما للرسول من العلم قال قلت بلى قال فخاصمهم فيه قال ان الله تبارك وتعالى قال لموسى وكتبنا له في الالواح من كل فاعلمنا انه لمن يبين له الامر كله وقال الله تبارك وتعالى لمحمد(ص) وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ([39]).
فهذه الروايات التي اعتمد عليها الشيخ المظفر(ر) معارضة لمنطق الكتاب الكريم بتاويل الائمة(عم).
وحتى من دون الرجوع إلى هذه الروايات الشارحة والماولة والمفسرة لايات الكتاب الكريم فاننا اذا رجعنا إلى قوله تعالى: (وَكُلَّ شَيْءٍ احْصَيْنَاهُ فِي امَامٍ مُبِينٍ)([40])، نجد ان الائمة يفسرونها بخلاف ما ذهب اليه الشيخ المظفر(ر) فعن ابي الربيع الشامي قال: سالت ابا عبد الله(ع) عن قول الله عز وجل: (وما تسقط من ورقة الا يعلمها ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين)([41])قال: (فقال الورقة السقط والحبة الولد وظلمات الارض الارحام والرطب ما يحيا من الناس واليابس ما يقبض وكل ذلك في امام مبين)([42])، فهي واضحةٌ جدّاً في انَّ الامامَ المُبين هم الائمة الاطهار(عم).
وفي سُورة القدر قولهِ تعالى: (تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِاذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أمْرٍ)([43])وما يُتنزّلُ في ليلةِ القدر انّهُ تقديرٌ مِن السنةِ إلى السنة، وفيهِ ما هو الذي يجري عليه حُكْم البَداء وفيه ما هو الذي لا يجري عليه حُكْم البَداء.
فالروايات التي اعتمد عليها الشيخ المظفر(ر) تتعارض مع منطق الكتاب الكريم بشكل واضح، وان ما توصل اليه هو شيء في حاشية البحث لا علاقة له بجوهر الموضوع لانه لم يعد إلى الاصول الواضحة التي وضعها الائمة(عم) في التعامل مع فهم القران وحديث المعصومين(عم).
الاية الثالثة: قولِه تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ احَداً الَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ)([44]).
وكلمات نبينا والائمة(عم) تبين ان المراد من قوله تعالى:) الَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ (هو نبيّنا واله)عليهم السلام) نشير إلى احدها وهي صحيحة([45]) محمد بن يحيى، عن عبد الله بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن سدير الصيرفي قال: سمعت حمران بن اعين يسال ابا جعفر(ع): عن قول الله عز وجل: (بديع السماوات والارض)([46])قال ابو جعفر(ع): ان الله (عز وجل) ابتدع الاشياء كلها بعلمه على غير مثال كان قبله، فابتدع السماوات والارضين ولم يكن قبلهن سماوات ولا ارضون، اما تسمع لقوله تعالى: (وكان عرشه على الماء)([47])فقال له حمران: ارايت قوله (جل ذكره): (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا)([48])فقال ابو جعفر(ع): (الا من ارتضى من رسول) وكان والله محمد ممن ارتضاه، واما قوله (عالم الغيب) فان الله (عز وجل) عالم بما غاب عن خلقه فيما يقدر من شئ، ويقضيه في علمه قبل ان يخلقه، وقبل ان يفضيه إلى الملائكة، فذلك يا حمران، علم موقوف عنده، اليه فيه المشيئة، فيقضيه اذا اراد، ويبدو له فيه فلا يمضيه، فاما العلم الذي يقدره الله (عز وجل) فيقضيه ويمضيه فهو العلم الذي انتهى إلى رسول الله(ص) ثم الينا)([49]).
فالقران الكريم من اوله إلى اخره تتردد فيه عبارات «الغيب»، و«الغيوب»، و«الغائبة»، و«علم الغيب»، و«انباء الغيب»، وكل التفاصيل المحتملة وردت في ايات القران الكريم في ذكر الغيب، ولكن الاية الوحيدة في القران التي نسبت الغيب إلى الله (عز وجل) اوضحت انه لا يظهر عليه الا النبي والائمة(عم) وهذا الغيب بحسب هذه الاضافة، وبحسب هذا التخصيص، وبحسب السياق، وبحسب تفرده في التعبير عن كل التعابير عن الغيب في القران من اوله إلى اخره ينبئنا عن غيب الغيوب، انه الغيب الخاص به سبحانه وتعالى ويظهر النبي وآله(عم) عليه.
فالروايات التي اعتمد عليها الشيخ المظفر(ر) تتعارض مع منطق القران ونحن هنا لا ننكر صدورها عنهم(عم) لكنها جاءت بلسان التقية في بعض الاحيان، وبلسان المدارة والبيان التدريجي في احيان اخرى ولكن الشيخ المظفر(ر) جمعها واستنتج منها ما استنتج ولذلك كانت الاستنتاجات مرتبكة.
المطلب الثاني: روايات العترة(عم)
رابعا: ان الروايات التي استدل بها الشيخ المظفر(ر) وعند عرضها على المعاني الواضحة والصريحة والبينة في الروايات الاخرى التي نعتقد بصحتها وصدورها عنهم(عم)، نجدها تتعارض مع منطق ومضامين الروايات.
نشير هنا إلى بعضها:
1ـ ما جاء في الزيارة الجامعة الكبيرة صحیحة الاسناد([50]) فنجد هذهِ العبارات:
ـ قوله(ع): (الله اكبر) تعني انه اكبر من الوصف، والزيارة صرحت ايضا انهم(عم) اكبر من الوصف: (من اراد الله بدا بكم، ومن وحده قبل عنكم، ومن قصده توجه اليكم، موالي لا احصي ثناءكم، ولا ابلغ من المدح كنهكم، ومن الوصف قدركم…) وفي مقطع اخر نقرا: (بابي انتم وامي ونفسي كيف اصف حسن ثنائكم واحصي جميل بلائكم…) فكما ان الله اكبر من ان يوصف، فهم ايضا كذلك.
ـ قوله(ع): (وخزان العلم ومنتهى الحلم) كلمة علم جاءت معرفة بالالف واللام، فان اريد بالالف واللام الحقيقية فهم(عم) خزان العلم الحقيقي، انه العلم الالهي والف ولام الاستيعاب، فهو استيعاب لكل العلم الالهي. وان كانت الف ولام العهد (سواء العهد الذهني او العهد الذكري) فان ما ذكر من المعاني السابقة واللاحقة ومن المعهود في الاذهان انه العلم الالهي ولا يوجد شيء اخر، والعبارة التي بعدها هي قرينة واضحة، فالعلم والحلم في الاجواء الالهية يسيران معا، والعلم بقدر الحلم والحلم بقدر العلم، فحلمه مساو لعلمه، فلا يمكن ان يكون عفوه دون قدرته، ولا يمكن ان يكون حلمه دون علمه.. فالحلم والعلم يسيران معا، يكونان معا بالتطابق والتوافق والاتساق.
ـ قوله(ع): (والمثل الاعلى) المثل الاعلى لله سبحانه وتعالى هم محمد وال محمد(عليهم السلام)، ولذلك حين خلقهم جعلهم في ظله تعالى كما نقرا في دعاء ليلة المبعث ويوم المبعث: (وباسمك الاعظم الاعظم الاعظم الاعز الاجل الاكرم الذي خلقته فاستقر في ظلك فلا يخرج منك إلى غيرك)([51])فهم المثل الاعلى لله سبحانه وتعالى في كل شيء، والعنوان الاول: العلم وعليه فيكون علمهم هو العلم الاعلى.
ـ قوله(ع): (وحفظة سر الله) فهناك اسرار الوجود تعرفها الملائكة كل بحسب اختصاصه، وهناك اسرار للشرائع والديانات يعرفها الانبياء كل بحسبه، اما سر الله فلا يطلع عليه الا الحبيب، فالحبيب هو عيبة السر، والحبيب وهم هنا محمد وال محمد(عم) كما نقرا في الصلاة على السيدة فاطمة(عما): (اللهم! صل على الصديقة فاطمة الزكية حبيبة حبيبك ونبيك وام احبائك واصفيائك التي انتجبتها وفضلتها واخترتها على نساء العالمين)، فسر الله عندهم(عم) فقط فكيف تنسجم هذه المضامين التي تتحدث عن علم منتقص عند محمد واله(عم) مع هذا المنطق؟!.
ـ قوله(ع): (والمظهرين لامر الله ونهيه) كيف يكونون مظهرين لامر الله ونهيه وليس عندهم الاحاطة الكاملة بكل العلم الالهي؟! علما ان الحديث هنا ليس عن الشرائع الدينية وليس عن الشرائع والاحكام.
ـ قوله(ع): (اياب الخلق اليكم وحسابهم عليكم) الخلق كل الخلق من اوله إلى اخره، فمصائر الخلق اليهم في كل طبقة من طبقات الوجود.
ـ قوله(ع): (واركانا لتوحيده) اذا كانوا هم اركان التوحيد، فكيف تكون هذه الاركان مهزوزة بنقص علمها؟! انها الاركان الثابتة بتمام العلم وبكل الحقائق.
ـ قوله(ع): (وامره اليكم) هذا الامر الذي هو فيما وراء الخلق وهو ما يشير اليه قوله تعالى: (الَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْامْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)([52])فكيف يتصور هذا المعنى مع علم منتقص؟!.
ـ قوله(ع): (فجعلكم بعرشه محدقين) فلهم الاحاطة والاحداق الكامل بالعرش الذي فيه كل شيء.
ـ (وذل كل شيء لكم) وكيف يتصور ان كل شيء يذل لهم وعلمهم منتقص(عم).
ولذا فاننا اذا قمنا بوضع هذه الروايات على جنب ستختلف المعطيات حينئذ التي نبني عليها رؤيتنا في حقيقة البداء لانها مجزوءة واعتمدت على احاديث لا يصح ان يعتمد عليها في استنتاج الفكرة ورسم الصورة لانها تنتقص من علم محمد واله(عم) فالروايات التي ذكرها الشيخ المظفر(ر) في عقائد الامامية تتحدث عن علم منتقص عند محمد واله(عم) ومضامينها لا تنسجم مع مضامين الايات والروايات والزيارات وعلى راسها الزيارة الجامعة الكبيرة التي تقدم ذكرها.
المبحث الثالث: العقيدة في الرجعة
ممّا جاء في هذا الكتاب عقائد الإمامية تحت عنوان: عقيدتنا في الرجعة، جاء فيه:
(إن الذي تذهب إليه الإمامية أخذا بما جاء عن آل البيت عليهم السلام أن الله تعالى يعيد قوما من الأموات إلى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها، فيعز فريقا ويذل فريقا آخر، ويديل المحقين من المبطلين والمظلومين منهم من الظالمين، وذلك عند قيام مهدي آل محمد عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام. ولا يرجع إلا من علت درجته في الإيمان أو من بلغ الغاية من الفساد، ثم يصيرون بعد ذلك إلى الموت، ومن بعده إلى النشور وما يستحقونه من الثواب أو العقاب، كما حكى الله تعالى في قرآنه الكريم تمني هؤلاء المرتجعين الذين لم يصلحوا بالارتجاع فنالوا مقت الله أن يخرجوا ثالثا لعلهم يصلحون: (قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل)([53]). نعم قد جاء القرآن الكريم بوقوع الرجعة إلى الدنيا، وتظافرت بها الأخبار عن بيت العصمة. والإمامية بأجمعها عليه إلا قليلون منهم تأولوا ما ورد في الرجعة بأن معناها رجوع الدولة والأمر والنهي إلى آل البيت بظهور الإمام المنتظر، من دون رجوع أعيان الأشخاص وإحياء الموتى.).. إلى أن يقول في نهاية البحث: (وعلى كل حال فالرجعة ليست من الأصول التي يجب الاعتقاد بها والنظر فيها، وإنما اعتقادنا بها كان تبعا للآثار الصحيحة الواردة عن آل البيت عليهم السلام الذين ندين بعصمتهم من الكذب، وهي من الأمور الغيبية التي أخبروا عنها، ولا يمتنع وقوعها)([54]).
وفي معرض الجواب على ما ذكره الشيخ المظفر(ر) سنمرّ على جانب مِن آيات القران الكريم، وعلى جانب مِن الأدعية والزيارات لنتعرف من خلالها عن موقع الرجعة:
المطلب الاول: الرجعة في ايات القران الكريم
الآيات الواردة في القرآن على قسمين:
القسم الأول آيات تدل على إمكان بل وقوع إحياء الأموات قبل يوم القيامة في الأمم السابقة نشير إليها:
1ـ قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ)([55]).
في قصّة بني إسرائيل وعودة السبعين رجلاً الذين ذهبوا للميقات مع موسى وأماتهم الله بالصاعقة ثُمّ أحياهم القرآن وأحاديث العترة تُخبرنا أنّهم ماتوا بالصاعقة، وأحياهم الله بعد موتهم، واستمرّت الحياة حين أحياهم.
2ـ قوله تعالى: (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)([56]).
كانت رجعتهُ أن ضُرب بذيل البقرة، فإذا كان ذيل بقرة ميّتة مذبوحة قادر على أن يبعث الحياة في ذلك القتيل، فأين الغرابة بالرجعة على يد إمام زماننا(عج)؟! فأين الغرابة بالرجعة لهم(عم)؟!.
3ـ قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ)([57]).
عن أبي عبد الله(ع) وبعضهم، عن أبي جعفر(ع)…: (إن هؤلاء أهل مدينة من مدائن الشام وكانوا سبعين ألف بيت وكان الطاعون يقع فيهم في كل أوان، فكانوا إذا أحسوا به خرج من المدينة الأغنياء لقوتهم وبقي فيها الفقراء لضعفهم فكان الموت يكثر في الذين أقاموا ويقل في الذين خرجوا فيقول الذين خرجوا لو كنا أقمنا لكثر فينا الموت ويقول الذين أقاموا: لو كنا خرجنا لقل فينا الموت قال: فاجتمع رأيهم جميعا أنه إذا وقع الطاعون فيهم وأحسوا به خرجوا كلهم من المدينة فلما أحسوا بالطاعون خرجوا جميعا وتنحوا عن الطاعون حذر الموت فساروا في البلاد ما شاء الله.ثم إنهم مروا بمدينة خربة قد جلا أهلها عنها وأفناهم الطاعون فنزلوا بها فلما حطوا رحالهم واطمأنوا بها قال الله (عز وجل): موتوا جميعا فماتوا من ساعتهم وصاروا رميما يلوح وكانوا على طريق المارة فكنستهم المارة فنحوهم وجمعوهم في موضع فمر بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له: حزقيل فلما رأى تلك العظام بكى واستعبر وقال: يا رب لو شئت لأحييتهم الساعة كما أمتهم فعمروا بلادك وولدوا عبادك وعبدوك مع من يعبدك من خلقك فأوحى الله تعالى إليه: أفتحب ذلك قال: نعم يا رب فأحيهم قال: فأوحى الله عز وجل إليه أن قل كذا وكذا، فقال الذي أمره الله عز وجل أن يقوله ـ فقال أبو عبد الله(ع): وهو الاسم الأعظم ـ فلما قال: حزقيل ذلك الكلام نظر إلى العظام يطير بعضها إلى بعض فعادوا أحياءا ينظر بعضهم إلى بعض يسبحون الله عز ذكره ويكبرونه ويهللونه، فقال حزقيل عند ذلك: أشهد أن الله على كل شئ قدير ([58])).
وبالرغم من أن بعض المفسرين لم يتحملوا وقوع مثل هذه الحادثة غير المألوفة، وعدوها مثالا فحسب، إلا أن من الواضح أن مثل هذه التأويلات إزاء ظهور الآية ـ بل صراحتها ـ لا يمكن المساعدة عليه!([59]).
القسم الثاني: آيات تدل على تحقق إحياء الأموات في هذه الأمة قبل يوم القيامة من جملتها:
4ـ قوله تعالى: (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ)([60]).
مع أن يوم القيامة يبعث كل الأمم، قال تعالى: (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً)([61])، خصوصا وذكر بعد ثلاث آيات في نفس هذه السورة: (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ)([62])فاليوم الذي يبعث من كل أمة فوجا غير اليوم الذي يأتون كلهم داخرون.
5ـ قوله تعالى: (قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ)([63]).
فإن الإماتة سلب الحياة من الحي ولا يتصور هذا مرتين إلا مع الاعتقاد بالرجعة.
6ـ قوله تعالى: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت)([64]).
الآية نسبت إليهم الاعتقاد بالله تعالى من جهة حلفهم به وجهد أيمانهم، وعدم الاعتقاد بالبعث وهذا أعني الجمع بين الاعتقاد بالتوحيد وإنكار المعاد غير موجود في المسلمين بل غيرهم أيضا إلا أن يراد البعث في الرجعة([65]).
7ـ قوله تعالى: (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)([66]).
فالاية تتحدّث عن الرجعة بشكل عام، والخطاب فيها للجميع اي يُمكن أن تنطبق على كلّ إنسان، وتشير إلى اننا كُنّا أمواتاً في أرحام أُمّهاتنا، ثُمّ نموت بعد الحياة في الدنيا، ثُمّ نحيا وهذه هي الرجعة، (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ): وذلك في يوم القيامة.
والى هذا المعنى تشير رواية الامام العسكري(ع) قال: (قال رسول الله(ص) لكفار قريش واليهود: (كيف تكفرون بالله) الذي دلكم على طرق الهدى، وجنبكم إن أطعتموه سبل الردى.(وكنتم أمواتا) في أصلاب آبائكم وأرحام أمهاتكم.(فأحياكم) أخرجكم أحياء (ثم يميتكم) في هذه الدنيا ويقبركم.(ثم يحييكم) في القبور، وينعم فيها المؤمنين بنبوة محمد(ص) وولاية علي (عليه السلام، ويعذب فيها الكافرين بهما.(ثم إليه ترجعون) في الآخرة بأن تموتوا في القبور بعد، ثم تحيوا للبعث يوم القيامة، ترجعون إلى ما وعدكم من الثواب على الطاعات إن كنتم فاعليها، ومن العقاب على المعاصي إن كنتم مقارفيها)([67]).
8ـ قوله تعالى: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانْظُرْ إلى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إلى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانْظُرْ إلى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)([68]).
وهي قصّة النبي (عزير، إرميا) الذي مات مع حماره ثُمّ بُعث مِن جديد مع حماره ومع طعامه بعد مئة من السنين) وهي مفصلّة في الروايات، وسواء كان هذا النبي عزيرا أم سواه، فلا فرق في ذلك، المهم أن القرآن صرح بحياته بعد موته في هذه الدنيا فأماته الله مئة عام ثم بعثه.
9ـ قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)([69]).
الآية تتحدّث عن رجعة لطيور مُختلفة في الشكل والأحجام أخذها إبراهيم (ع) فذبحها وخلط لحم الطيور المُختلفة، ثُمّ هرسه بِمهراس! ثُمّ قسّمها إلى أجزاء ووضعها على رؤوس 10 جبال مُتباعدة فيما بينها، ثُمّ طلب مِن هذه الطيور أن تعود، وكان قد وضع رؤوس الطيور بين أصابعه، فكانت أجزاء كلّ طير تلتحق برأسه حتّى تكاملت([70]).
10ـ قوله تعالى: (وَرَسُولاً إلى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)([71]).
الآية والتي تتحدّث عن عودة الحياة للموتى على يد نبي الله عيسى (ع) فقد أحيى الموتى وأخرجهم مِن قبورهم، وهذا المعنى نفسه تُؤكّده سورة المائدة في قوله تعالى (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ)([72])فتلك رجعة بيد عيسى (ع) حيث خرج الناس مِن قبورهم، ويدل هذا التعبير على أن المسيح (ع) أحيا الموتى فعلا، بل التعبير بالفعل المضارع (تخرج) يدل على أنه أحيا الموتى مرارا، وهذا الأمر بنفسه يعد نوعا من الرجعة لبعضهم.
11ـ قوله تعالى: (وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً)([73]).
فأهل الكهف رجعوا جميعاً، وكلبهم رجع معهم أيضاً، فلماذا الاستغراب من أنّ آل محمّد عليهم السلام يرجعون؟! وحتّى لو قُلنا أنّ أهل الكهف ناموا، فأيّ نوم هذا الذي يستمرّ لقرون؟! علماً أنّ القرآن الكريم يقول (بعثناهم) والبعث يكون بعد الموت، أمّا الذي يكون بعد النوم هو الاستيقاظ.
12ـ قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)([74]).
يقول (ربّ ارجعونِ) لأنّه لمّا دخل عالم الموت عرف القوانين، وعرف أنّ مِن جُملة قوانين عالم الموت هو إمكان العَودة، ولهذا الآية لم تقل أنّه لا يُمكن الرجوع، وإنّما قالت (كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ)، يعني أنت لا تستحق الرجوع، لأنّنا لو أرجعناه لرجع إلى حالته الأولى، وليس الرجوع أمر محال وغير ممكن.
قد يقول قائل: إذا كان الذين يرجعون في الرجعة هم الذين محضوا الإيمان، والذين محضوا الكُفر أليس القائل بهذا القول (قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ) هو مِمّن محضوا الكُفر؟.
والجواب: الذين يرجعون هم الذين محضوا الكُفر في مواجهة أهل الإيمان، فهناك مَن محض الكُفر وعاش بعيداً عن الذين محضوا الإيمان، ولم يدخل معهم في عناد ومواجهة، فهؤلاء لن يرجعوا. الذين يرجعون هم الذين محضوا الكُفر في مواجهة الذين محضوا الإيمان.
وقد يسأل سائل: هل هناك مَن مَحَض الإيمان ولم يكن في مواجهتهِ مَن مَحَض الكُفر؟.
الجواب: هذا ليس موجوداً، فالإيمان يدفعُ للعمل، والعمل يجعل الإنسان في مواجهة الكفر والكافرين.
أنّ كم كبير مِن الآيات وردت فيها أحاديث عن العترة تُفسّر تلك الآيات بالرجعة، وهناك آيات أخرى نحن نستطيع أن نفهمها أنّها في الرجعة مِن خلال قواعد التفسير العامّة التي وضعها العترة عليهم السلام فإنّهم وضعوا قواعد لتفسير آيات القرآن، وكذلك فسّروا لنا كلّ آية بخصوصها، ولكن لم تصل إلينا كلّ الروايات، فهذا حديث الأئمة، وليس استنتاج من المُفسّرين.
قال الشيخ المكارم الشيرازي: «وعلى كل حال! كيف يمكن أن يؤمن الشخص بالقرآن وأنه كتاب سماوي،ثم ينكر هذه الآيات الواضحة في الرجعة؟ وهل الرجعة ـ أساسا ـ إلا العودة للحياة بعد الموت؟!»([75]). فكيف تكون من الأصول التي لا يجب الاعتقاد بها والنظر فيها ايها الشيخ المظفر؟!.
المطلب الثاني: الرجعة نصوص الأدعية والزيارات الشريفة
نتعرض لنماذج مِن نصوص الأدعية والزيارات الشريفة تتحدّث عن موقع الرجعة في فكر العترة(عم):
1ـ عن الحسين بن روح رضي الله عنه قال: زر أي المشاهد كنت بحضرتها في رجب تقول إذا دخلت: (ورحمة الله وبركاته وتحياته عليكم حتّى العود إلى حضرتكم، والفوز في كرّتكم، والحشر في زُمرتكم، ورحمة الله وبركاته عليكم)([76]).
(والفوز في كرّتكم) هي الرجعة، فإنّ الكرّة هي مقطع من مقاطع الرجعة، والحشر هو يوم القيامة.
2ـ خرج إلى القاسم بن العلاء الهمداني وكيل أبي محمد(ع) أن مولانا الحسين(ع) ولد يوم الخميس لثلث خلون من شعبان فصمه. وادع فيه بهذا الدعاء: (قتيل العبرة وسيّد الأُسرة الممدود بالنُصرة يوم الكرّة المُعوّض مِن قتله أنّ الأئمة مِن نسله، والشفاء في تُربته والفوز معه في أوبته، والأوصياء مِن عترته بعد قائمهم وغيبته حتّى يُدركوا الأوتار ويثأروا الثار).
فهناك كرّة وهناك أوبة وهي من شؤونات الرجعة.
3ـ مِن الأدعية التي تُقرأ يومياً في شهر رمضان بعد الإفطار: (وليلة القدر وحجّ بيتك الحرام وقتلاً في سبيلك فوفّق لنا)([77]).
فالقتل الذي يتحدّث عنه الدعاء ليس مُطلق القتل وإنّما القتل مع الإمام المهدي(عج) وسبيل الله هو(عج)، المراد إمّا أن أُدرك الإمام(عج) أو أعود في الرجعة وأعلى مراتب القتل في سبيل الله هو القتل مع الإمام المهدي(عج).
والمراد مِن التوفيق لليلة القدر هو أن ينظر إليك إمام زمانك فيعدُّك مِن أصحاب هذه الّليلة؛ الذين يشملهم الإمام(عج) بتوفيقه ورعايته.
والحجّ كذلك قيمته هي في أن يحظى الحاج بنظرة خاصّة من الإمام(عج) فقد ورد في الروايات كمال الحج لقاء الإمام فروى الكليني بسند صحيح عن أبي جعفر الباقر(ع) قال: (إنما أمر الناس أن يأتوا هذه الأحجار فيطوفوا بها ثم يأتونا فيخبرونا بولايتهم ويعرضوا علينا نصرهم)([78])، وأحد معاني هذه الروايات هو أن يحظى الحاج بتوفيق ورعاية ونظرة الإمام الخاصّة.
4ـ في زيارة وارث نقرأ: (وأشهد أنّ الأئمة مِن وُلدك كلمة التقوى، وأعلام الهدى، والعروة الوثقى، والحجّة على أهل الدنيا، وأُشهد الله وملائكته وأنبياءه ورُسله أنّي بكم مؤمن وبإيابكم موقن بشرائع ديني وخواتيم عملي).
والإياب هو الرجعة، وحين يُجعل لهذا الموضوع كل هؤلاء الشهود (تجعل الله والملائكة والأنبياء شهوداً في محضر الحسين) فهل هو غير مُهم؟!.
5ـ في زيارة عاشوراء يوجد موطنان يتحدّثان عن الرجعة:
الأوّل: قوله (ع): (فأسال الله الذي أكرم مقامك، وأكرمني بك، أن يرزقني طلب ثأرك مع إمام منصور مِن أهل بيت محمّد(ص)).
اي أن يرزقني ذلك في حياتي أو في الرجعة حين عودتي بعد موتي.
الثاني: قوله (ع): (وأسأله أن يبلغني المقام المحمود لكم عند الله، وأن يرزقني طلب ثأري مع إمام مهدي ظاهر ناطق بالحق منكم)([79]).
و موضوع الرجعة موجود في كلّ زيارات الحسين(ع)، ولكنّني ذكرت زيارة وارث وزيارة عاشوراء لأنّها زيارات معروفة عن الجميع.
6ـ في دعاء العهد نقرأ (الَّلهم إن حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حتْماً مقضيا فأخرجني مِن قبري مؤتزراً كفني شاهراً سيفي مُجرّداً قناتي مُلبّياً دعوة الداعي في الحاضر والبادي ـ هذه هي الكرّة التي تقع في بداية الرجعة ـ الَّلهم أرني الطلعة الرشيدة والغرة الحميدة واكحل ناظري بنظرة منّي إليه…)([80]).
والعترة عليهم السلام وجّهوا شيعتهم إلى قراءة هذا الدعاء أربعين صباحاً عند الفجر ـ وهو برنامج صعب يحتاج إلى المراقبة والمتابعة وتنظيم الوقت ـ وكلّ ذلك لأهميّة موضوع عقيدة الرجعة.
7ـ في دعاء الندبة نقرأ: (هل إليك يا بن أحمد سبيل فتُلقى، هل يتّصل يومنا منك بعِدةٍ فنحظى، متى نرد مناهلك الرويّة فنروي، متى ننتقع مِن عذب مائك فقد طال الصدى، متى نُغاديك ونراوحك فنقرّ عيناً، متى ترانا ونراك وقد نشرتَ لواء النصر تُرى، أترانا نحفٌّ بك وأنت تؤم الملأ…)([81]).
ودعاء الندبة بكلّه يُشير إلى الرجعة، فكل هذه العبارات، وكلّ المضامين إذا لم تتحقق في حياتنا، فإنّنا نرجو تحقّقها في الرجعة.
8ـ في الزيارة الجامعة الكبيرة نقرأ: (بأبي أنتم وأمّي وأهلي ومالي وأُسرتي، أُشهد الله وأشهدكم أنّي مؤمنٌ بكم وبما آمنتم به، كافرٌ بعدوكم وبما كفرتم به..) إلى أن تقول: (مؤمن بإيابكم، مصدّق برجعتكم، مُنتظر لأمركم، مُرتقب لدولتكم).
هذه دولة الدُوَل وأرقاها دولة عليّ (ع) التي يكونون فيها جميعاً، وهذه مِن جملة منظومة الإيمان التي يجب أن نؤمن بها وأن نكفر بمَن يكفر بها.
وأما ما يؤيد وقوعها فروايات كثيرة نقلها الثقات عن أئمة العترة(عم) وحيث لا يسع بحثنا نقلها والتحقيق فيها، فيكفي أن نذكر ما عده المرحوم ما عده المرحوم العلامة المجلسي في بحار أنواره وما جمعه منها، إذ يقول: وكيف يشك مؤمن بحقية الأئمة الأطهار(عم) فيما تواتر عنهم في قريب من مائتي حديث صريح، رواها نيف وأربعون من الثقات العظام والعلماء الأعلام، في أزيد من خمسين من مؤلفاتهم([82])، فإذا لم يكن مثل هذا متواترا ففي أي شئ يمكن دعوى التواتر؟!
الذي تلخّص بين أيدينا الآن وصار واضحاً هو أنّ الرجعة معاد دنيوي، والاعتقاد بها كالاعتقاد بالمعاد الأُخروي، والذي يدلّ على هذا كثرة الآيات القرآنية التي فسّرها العترة(عم) في الرجعة وشؤوناتها وتفاصيلها، وكثرة ذكرها في الروايات والزيارات والأدعية، وحتّى الطقوس التي وردت عنهم صلوات الله عليهم،فالرجعة عقيدة ثابتة لا معنى للتشيّع من دونها، وبعبارة موجزة: الرجعة هي المعاد الدنيوي بنصّ القرآن وحديث العترة، لا كما قال الشيخ المظفر(ر).
([1]) أستاذ التاريخ في جامعة المصطفى(ص) العالمية ـ قم المقدسة.
([2]) نصّ السؤال: (ما هو أفضل كتاب في أصول الدّين حسب رأيكم؟ وما رأيكم بكتاب (عقائد الإماميّة) للشيخ المُظفّر؟.
جواب السّؤال: (كتاب الشيخ المُظفّر كتابٌ نفيس في موضوعه، لا بأس بأن يُستفاد منه).
ولم يُعلّق الميرزا جواد التبريزي على جواب السيّد الخوئي بشأن كتاب (عقائد الإماميّة) وهذا يعني أنّ رأيهُ في هذا الكتاب عين رأي السيّد الخوئي.صراط النجاة (تعليق الميرزا التبريزي)، المؤلف: السيد الخوئي، ج2 ص435، الوفاة: 1413هـ، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: جمادي الأولى 1417هـ، المطبعة: مهر، الناشر: دار الاعتصام للطباعة والنشر.
([3]) نصّ السُؤال الذي وُجّه للمرجع الشيخ: بشير النجفي على موقعهِ الإلكتروني:
هل يجوزُ الارتباط مع فتاةٍ من الطائفة السُنيّة؟ وإن كان يجوز، ما هي شروطه؟ وما هي نقاطُ الشَبَه وأوجه الاختلاف بين الشيعة والعلويّين على الرغم من أنّ الجميع يعتبر العلويّين شيعة والقليل يُفرّق بينهم، وهُما يعتبران مِن الغلاة والملحدين نسبةً إلى الطائفة السُنيّة؟».
جواب المرجع الشيخ بشير النجفي: «باسمه سبحانه: أمّا عقائد الإماميّة ينبغي أن تكونَ واضحة وهُناك كتبٌ خاصّة بهذا الشأن يُمكنكَ أن تستفيد مِن عقائد الإماميّة للشيخ المُظفّر رضوان الله عليه ومنها تعرف المسلم من الكافر، والموحد من الملحد، والشيعي من المغالي والناصبين، أمّا الفتاةُ التي ترغبُ الاتّصال بها ضِمن الطُرُق المشروعة فأن تكون مُسلمةً ولا غاليةً ولا ناصبيّة فلا بأس بها، والله العالم».. https://almojib.com/ar/institute/4
([4]) وهذا ما أشار إليه في أوّل الكتاب، حين قال: «حمداً للهِ وشكراً وصلاةً وسلاماً على محمّدٍ خير البشر وآلهِ الهُداة، أمليتُ هذهِ «المُعتقدات» وما كان القصْدُ منها إلّا تسجيل خُلاصةِ ما توصّلتُ إليه مِن فَهْم المعتقداتِ الإسلاميّة على طريقةِ آل البيت «عليهم السلام»… وكان إملاؤها سنة 1363 ه بدافع إلقائها محاضراتٍ دوريّةً في كليّةِ منتدى النشر الدينيّة، للاستفادة منها تمهيداً للأبحاثِ الكلاميّة العالية». عقائد الإمامية، الشيخ محمد رضا المظفر، ص: 29، الوفاة: 1383هـ،تحقيق: تقديم: الدكتور حامد حفني داود،الناشر: انتشارات أنصاريان ـ قمـ ايران.
([5]) عقائد الإماميّة ، المظفر. ص 39.
([7]) التوحيد، الشيخ الصدوق، ص: 69، الوفاة: 381هـ، تصحيح وتعليق: السيد هاشم الحسيني الطهراني، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
([8]) التوحيد، الشيخ الصدوق، ص:76.
([9]) التوحيد، الشيخ الصدوق، ص:80.
([10]) كفاية الأثر، الخزاز القمي، ص: 261، الوفاة: 400هـ، تحقيق: السيد عبد اللطيف الحسيني الكوهكمري الخوئي، سنة الطبع: 1401، المطبعة: الخيام ـ قم، الناشر: انتشارات بيدار.
([11]) التوحيد، الشيخ الصدوق، ص:80.
([16]) تفسير الميزان، السيد الطباطبائي، ج 17 ص115، الوفاة: 1402هـ، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
([17]) الكافي، الشيخ الكليني، ج1 ص109، الوفاة: 329هـ، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، الطبعة: الخامسة، سنة الطبع: 1363 ش، المطبعة: حيدري، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران.
([18]) شرح أصول الكافي،مولي محمد صالح المازندراني، ج 3 ص264، الوفاة: 1081هـ، مع تعليقات: الميرزا أبو الحسن الشعراني / ضبط وتصحيح: السيد علي عاشور، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1421 ـ 2000 م، المطبعة: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع، الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع ـ بيروت ـ لبنان.
([19]) الكافي، الشيخ الكليني، ج1 ص109.
([20]) الكافي، الشيخ الكليني، ج1 ص110.
([21]) عقائد الإمامية،محمد رضا المظفر، ص45ـ46.
([22]) الكليني، الكافي، الجزء: 1 ص69، الوفاة: 329، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، الطبعة: الخامسة، سنة الطبع: 1363 ش، المطبعة: حيدري، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران.
([24]) عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (امامي ثقة) عَنْ أَبِيهِ (امامي ثقة) ومُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى(امامي ثقة) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ(امامي ثقة) عَمَّنْ ذَكَرَهُ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ(امامي ثقة) عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ ع(امامي ثقة) َنْ بُرَيْدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ(امامي ثقة).
([26]) الكليني، الكافي، ج1 ص229.
([29]) الكليني، الكافي، ج1 ص257.
([34]) مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى(امامي ثقة) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ(امامي ثقة) عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ(امامي ثقة) عَنْ حَمَّادِ بْنِ عُثْمَانَ(امامي ثقة) عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ أَعْيَنَ(امامي ثقة).
([38]) العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 75 ص278، الوفاة: 1111، تحقيق: علي أكبر الغفاري، الطبعة: الثانية المصححة، سنة الطبع: 1403 ـ 1983 م، الناشر: مؤسسة الوفاء ـ بيروت ـ لبنان.
([39]) الصفار، محمد بن الحسن بن فروخ ، بصائر الدرجات، ص248.
([42]) الكليني، الكافي، ج8 ص249.
([44]) سورة الجنّ الآية 26 و27
([45]) محمد بن يحيى(امامي ثقة)، عن عبد الله بن محمد بن عيسى(امامي ثقة)، عن الحسن بن محبوب (امامي ثقة)، عن علي بن رئاب (امامي ثقة)، عن سدير الصيرفي (امامي ثقة).
([49]) الكليني، الكافي، ج1 ص257.
([50]) محمد بن إسماعيل البرمكي(امامي ثقة) قال حدثنا موسى بن عبد الله النخعي(امامي ثقة).
([54]) عقائد الإمامية، المظفر، ص80ـ84.
([58]) الكافي، الشيخ الكليني، ج8 ص199.
([59]) الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ج12 ص143.
([65]) أوائل المقالات، الشيخ المفيد، ص: 325، الوفاة: 413هـ، تحقيق: الشيخ إبراهيم الأنصاري، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1414 ـ 1993 م، الناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع ـ بيروت ـ لبنان.
([67]) تفسير الإمام العسكري (ع)، المنسوب إلى الإمام العسكري (ع)، ص: 210، الوفاة: 260هـ،تحقيق: مدرسة الإمام المهدي (ع)، الطبعة: الأولى محققة، سنة الطبع: ربيع الأول 1409، المطبعة: مهر ـ قم المقدسة، الناشر: مدرسة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف ـ قم المقدسة.
([70]) التفسير الأصفى، المؤلف: الفيض الكاشاني، ج1 ص147ـ148.
([75]) الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، ج12 ص144.
([76]) مصباح المتهجد، الشيخ الطوسي، ص821.
([77]) إقبال الأعمال، السيد ابن طاووس، ج1 ص143.
([78]) الكافي، الكليني، ج 4 ص 549.
([79]) مصباح المتهجد، الشيخ الطوسي، ص774.
([80]) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج53 ص96.
([81]) المزار،محمد بن جعفر المشهدي، ص: 582، الوفاة: ق 6، تحقيق: جواد القيومي الاصفهاني، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: رمضان المبارك 1419، المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي،الناشر: نشر القيوم ـ قم ـ ايران.