د. حسين شريف عسكري(*)
مقدّمة ــــــ
إن للدراسات التطبيقية والدراسات المقارنة بين القرآن وكتب الأديان السابقة، وخاصة «التوراة» و«الإنجيل»، دور كبير في فتح مجالات واسعة للباحثين والمتخصصين في الأديان والمذاهب والدراسات اللاهوتية للتعرف على أصول تلك الأديان وفروعها من مصادرها الأصلية، وكذلك التعرف على وجهة نظر أصحاب تلك الديانات ـ كما يفهمونها ـ، ومن ثمّ التعرف على نقاط التوافق والالتقاء، وكذلك نقاط الاختلاف والافتراق، وبالتالي توفير الجو العلمي والأرضية المناسبة للبحث الموضوعي القائم على أساس من وضوح الرؤية وعمق المعرفة، ولأجل ذلك سعى كثيرٌ من الباحثين ـ سواء من المسلمين أو غير المسلمين ـ للقيام بهذا النوع من الدراسات؛ وذلك لأغراض ومقاصدَ شتى؛ فمنهم من قصد الكشف عن الحقيقة والواقع؛ ومنهم من قصد الرّد على بعض الشبهات؛ ومنهم من قصد الدفاع عن العقيدة والمذهب. كما أن مناهج البحث في هذا الدراسات وأساليبها تختلف من دراسة إلى أخرى؛ فبعض هذه الدراسات التزمت بمناهج وأساليب البحث العلمي؛ وبعضها لم يلتزم بذلك.
وفي هذا التقرير الإجمالي سعيتُ إلى إلقاء نظرة فاحصة على عدد كبير من الدراسات التطبيقية والمقارنة التي كُتبت باللغة العربية، واخترتُ من بين تلك الدراسات أكثر من عشرين دراسة، وبعد مطالعتها قمتُ بتعريف هذه الدراسات بأسلوب مختصر، مؤكداً على بيان النقاط المهمة لكلّ دراسة من تلك الدراسات، ومن هنا فإنَّ هذا التعريف شَملَ النقاط التالية: 1ـ هوّية البحث؛ 2ـ هدف البحث؛ 3ـ منهج البحث (وأسلوب الكاتب)؛ 4ـ إطار البحث (أو مخطط البحث)؛ 5ـ أهم النتائج التي أشارت إليها الدراسة، أو حاول الباحث التوصل إليها.
وفي ختام هذا التقرير الإجمالي أشرتُ إلى بعض الدراسات الجدلية التي طالعتها على موقع الإنترنت.
وفي الختام لا يسعني إلا أن أقدّم شكري وامتناني لأستاذي الدكتور شاكر، أستاذ مادة الدراسات التطبيقية؛ لتشجيعي على القيام بهذا البحث، وأستميحه عذراً من كلِّ خلل أو نقص فيه، والعذرُ عند كرام الناس مقبول.
الدراسة الأولى: المسيح في القرآن والتوراة والإنجيل ــــــ
1ـ هوية البحث ــــــ
عنوانه: «المسيح في القرآن والتوراة والإنجيل». المؤلف: عبدالكريم الخطيب. الناشر: دارالكتب الحديثة، القاهرة. تاريخ النشر: الطبعة الأولى، 1385هـ ـ1969م. المجلدات: مجلد واحد، في 548 صفحة.
2ـ هدف البحث ــــــ
أكد الكاتب أن الغرض من هذه الدراسة هوعرض شخصية المسيح في إطارات ثلاثة: كما تصورها المسيحيون، ثم كما توهَّمها اليهود، ثم على ما صوّرها القرآن؛ وذلك لأجل الدعوة إلى الإيمان بالله، وتجميع قلوب المؤمنين على كلمة سواء فيه.
ولا نبغي من وراء ذلك فتح جبهة جديدة من جبهات الفُرقة والخلاف بين المتدينين عامة، وبين المسلمين والمسيحين خاصة؛ فهم يمثلون الجانب الأكبر من الإنسانية في هذا العالم.
ويؤكد الكاتب أن هذه الدراسة يمكن أن تتيح الفرصة للمؤمنين بأن يتعرفوا على الله وأن يتصوَّروه على الوجه الذى ينبغي أن يكون له من كمال وجلال.
3ـ منهج البحث ــــــ
اعتمد الباحث في دراسته هذه على المناهج العلمية التي استدعتها طبيعة البحث والدراسة، ومنها: منهج الدراسات المقارنة للأفكار والمعتقدات التي ترتبط بموضوع البحث من مصادرها المعتبرة؛ وكذلك استعان الباحث بالمنهج التحليلي، ومنهج الاستدلال العقلي (المنطقي)؛ وذلك لتحليل الأفكار والمفاهيم وتجزئتها ثم إعادة بنائها وتركيبها؛ وذلك للتوصل إلى الاستنتاجات المقبولة عقلياً ومنطقياً، لذا فإن أسلوب الباحث كان أسلوباً جدلياً استدلالياً وعلمياً في آن واحد.
4 ـ إطـار البحث ــــــ
لقد عالج الباحث هذه الدراسة وفقاً للمخطط التالي: تقديم؛ مدخل إلى البحث؛ الباب الأول: مصادر القضية: تقييم المصادر، التوراة تنزيلاً وتأويلاً، ماذا تقول التوراة عن إبراهيم؟، ماذا تقول التوراة عن لوط؟، ماذا في التوراة عن يهوذا؟، الإنجيل والأناجيل (دراية ورواية)، أناجيل لا إنجيل، التحقيق العلمي والأناجيل، متى كتبت الأناجيل؟ ومن هم كاتبوها؟ ومن أين كانت مصادرها؟، القرآن الكريم، المصدر الذي جاء منه القرآن الكريم، القرآن وسلامة نصوصه؛ الباب الثاني: التجسد: الفصل الأول: الكلمة تتجسد، الفصل الثاني: من أين تبدأ قضية التجسد؟، القضية قديمة، صور من ملحمة الفداء، التجسد من أجل الفداء، التجسد ليعلن الله عن نفسه، الفصل الثالث: الشخصية المتجسدة من تكون؟، الكلمة تتجسد، لماذا تتجسد الكلمة في صورة إنسان؟، الكلمة… الله متجسداً، الفصل الرابع: التجسيد ومقولات التوراة والإنجيل، ماذا في التوراة عن التجسيد؟، ماذا في العهد الجديد عن التجسيد؟، ماذا يقول القرآن عن التجسد؟، الفصل الخامس: الذات الإلهية وتصورها، الله متجسداً… ولماذا؟، الله… في جسد المسيح، الذين رأوا الله؛ الباب الثالث: التثليث: الفصل الأول: الله وكيف يُتصوَّر؟، أمثلة من هذه التصورات، الأب والابن وروح القدس، الفصل الثاني: الأناجيل والتثليث، الأب ــ الابن ــ روح القدس، الرب ــ أعمال الرسل ــ رسائل بولس، مؤتمر نيقة ومقرراته، مؤتمر القسطنطينية الأول ومقرراته، مؤتمر القسطنطينية الثاني ومقرراته، الأقنوم… ما هو؟، الفصل الثالث: التوراة والتثليث، ماذا في التوراة عن التثليث؟، الفصل الرابع: القرآن والتثليث، الإسلام والوثنية، الإسلام والنصرانية، ذات الله ووحدانيته، المسيح ومولده من غير أب، متعلق المسيحية بما في القرآن من صفات الله، رأي أرسطو، رأي أفلوطين، رأي موسى بن ميمون، رأي سبينوزا، رأي جون سكوت، رأي علماء المسلمين، الفصل الخامس: المسيحية وفلسفة التثليث، بولس ودوره في قضية التثليث، بولس ودوره في قيام المسيحية، العقل المسيحي في مواجهة التثليث؛ الباب الرابع: الصلب والقيامة: الفصل الأول: الخطيئة والغفران، نتيجة ثم عللها، الصلب وما وراءه، المدخل الأول إلى تبرير الصلب، المدخل الثاني إلى تبرير الصلب، الموت الأبدي بسبب الخطيئة، الأمل في الخلاص من الفناء، الخلاص للجميع، قضية خاسرة المعقول واللامعقول، الفصل الثاني: القيامة،الموتى يبعثهم الله، من إنجيل متى، من إنجيل مرقس، من إنجيل لوقا، من إنجيل يوحنا، الفصل الثالث: هل صلب المسيح؟، أسئلة وأجوبة ومتعلقات، الصلب والأناجيل، الإرهاصات التي وقعت بين يدي القبض على المسيح، عملية القبض وكيف تمت؟، المحاكمة وما دار فيها، المسيح على الصليب، الفصل الرابع: القرآن والمسيح المصلوب وقيامته، المسيح بين الألوهية والبشرية، المسيح المصلوب، لماذا أخبر القرآن عن الصلب؟؛ الباب الخامس: تذييل: كلام المسيح في المهد، لماذا لم تذكر الأناجيل كلام المسيح في المهد؟، رجعة المسيح، أو المسيح المنتظر؛ الخاتمة.
5 ـ أهم النتائج الحاصلة ــــــ
1ــ قد تمكن الكاتب أن يثبت بأن اليهود؛ بسبب أفكارهم المنحرفة، قد عزلوا أنفسهم عن المجتمع الإنساني منذ كان لهم مجتمع، وكان لهم دين، حيث زيّن لهم الشيطان أنهم أمناء الله، وأنهم شعبه المختار، وأن الناس ـ ما عداهم ـ همل، لا ينظر إليهم الله، ولا ينالهم برحمته.
2ــ بين الكاتب بوضوح أنَّ المسلمين والمسيحيين يختلفون عن اليهود؛ إذ ليس في النصرانية ولا في الإسلام تعصب للجنس، ولا يوجد بينهما حواجز تمنع من الالتقاء والتقارب بينهما، بل إن هناك لقاءات مستمرة بين المسيحية والإسلام كشفت عن وجوه كثيرة من الاتفاق بين أهل الديانتين، كما وأنّ هناك روابط المودة والتواصل بينهما، على خلاف ما كان مع اليهود من بغضة وعداوة، وفي هذا يقول الله تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ اليَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الحَقِّ} (المائدة: 82 ـ 83).
3ــ بيَّن الكاتب أن الخلاف الوحيد الحاد القائم بين الإسلام والمسيحية إنما هو في تصور ذات الإله، فهم جميعاً يؤمنون بأن لهذا الوجود إلهاً عظيماً، قائماً على تدبيره، ولكن تصور هذا الإله في ذاته وفي صفاته هو موضوع الخلاف بينهم، وهذا الخلاف على عظم شأنه وجلال خطره يمكن أن يلتقي فيه الفريقان على الحق، إذا خلصت القلوب من دواعي الهوى، وسلمت النفوس من دخائل السوء، وقَصَدتْ وجه الحقَّ، دون التفات إلى شيء آخر سواه.
4 ــ وصَرَّح الكاتب خلال دراسته أن المسيح × هو مركز الخلاف بيننا وبين المسيحيين، فالمسلمون يقولون فيه أقوالاً ترفعه من عالم البشرية، أما المسيحيون فقد رفعوه إلى مقام الألوهية، وأما اليهود فإنهم يقولون في المسيح وفي أمّه أقوالاً شنيعة، تنال من شرف مولده، ومن طهر أمّه البتول، والقرآن الكريم يقول في المسيح وفي أمّه غير ما يقول هؤلاء وهؤلاء جميعاً.
5 ــ وتمكن الكاتب في دراسته أن يقدم تحليلاً رائعاً لشخصيّة السيد المسيح × كما تصورها المسيحيون، ثم كما توهّمهما اليهود، بعد أن قام بنقدها في ضوء المنهج العلمي، ثم قدَّمَ بعد ذلك التصور القرآني الدقيق لشخصية السيد المسيح عيسى ابن مريم ×.
6ـ وبشكل إجمالي يمكن القول: إن الباحث تمكن أن يقدم دراسة تحليليةً شاملةً لكل المبادىء الإسلامية التي ترتبط بموضوع البحث في التوراة والأناجيل والقرآن الكريم، مستعيناً في كل ذلك بالأدلة المُوثَّقة من مصادرها المعتبرة، في ضوء التحليلات العقلية والاستنتاجات المنطقية؛ للتوصل إلى النتائج المطلوبة وبيان الحقائق المجهولة.
الدراسة الثانية: المسيح بين التلمود والقرآن ــــــ
1ـ هوية البحث ــــــ
عنوانه: «المسيح بين التلمود والقرآن». المؤلف: صهيب الرومي. الناشر: بيان للنشر والتوزيع والإعلام، بيروت. تاريخ النشر: الطبعة الأولى، 2005م. عدد المجلَّدات: مجلَّد واحد، 176 صفحة.
2ـ هدف البحث ــــــ
استهدف الباحث خلال هذه الدراسة بيان أهمية الحوار والتفاهم الإسلامي المسيحي، وضرورة ذلك لأجل إيجاد فرص التعايش السلمي القائم على المحبة والاحترام المتبادل، وذلك من خلال التعرف على حقيقة المسيح × وتعاليمه الحقة في القرآن الكريم، وكذلك التعرف على حقيقة السيد المسيح في التلمود، ومن ثمّ بيان كيف قام التلمود بتشويه صورة المسيح وأمّه مريم، وكيف تقوَّل على السيد المسيح، حيث وصفه بأنّه ابن الزنا، وساحر، ورئيس الشياطين، ومجنون، ومنبوذ.
وبالتالي إثبات هذه الحقيقة، وهي أن العدو الحقيقي للمسيحيين وتعاليم السيد المسيح هم اليهود الكارهون لكلّ خير، وهم قتلة الأنبياء والمرسلين.
3ـ منهج البحث (وأسلوب الباحث) ــــــ
اعتمد الباحث في دراسته هذه على المنهج الوصفي التحليلي، وكذلك على المنهج المقارن؛ لتحليل النصوص واستخراج الحقائق والأفكار المهمّة التي ترتبط بموضوع الدراسة والبحث وتحديدها، سواء كان ذلك في التلمود أو في القرآن الكريم. ويبدو أن الباحث في هذه الدراسة لم يعتمد كثيراً على أسلوب الجدل الاستدلالي؛ وذلك لأن هدفه في هذه الدراسة هو إيقاف القارىء المسيحي أو المسلم على الحقائق المهمة التى ترتبط بالسيد المسيح وأمّه مريم العذراء في التلمود والقرآن الكريم، فكان أسلوبه في هذه الدراسة أقرب إلى الحوار والمناظرة العلمية الموثـَّقة.
4 ـ إطـار البحث ــــــ
عالج الباحث هذه الدراسة، بعد ذكر الإهداء، والمقدمة، وفقاً للمخطط التالي: التلمود تلمودان: 1ـ تلمود أورشليم؛ 2ـ تلمود بابل، الكنيسة المسيحية والتلمود اليهودي، توليدوت يشوع، كيف يروي اليهود قصة يسوع؟،نسخة ج. ج. هولدرايش (جنيف 1705)، ما هي قيمة «التوليدوت أيشوع»، أولاً: مريم في القرآن: 1ـ اصطفاء مريم، 2ـ ولادتها، 3ـ حداثة مريم ونشأتها، 4ـ بشارة مريم وحبلها البتولي، الحبل البتولي، مريم وابنها في حداثته، مكانة مريم، مجد مريم وعظمتها، اصطفاء مريم، عصمة مريم من الخطيئة، البتولية مع الأمومة، ثانياً: المسيح في القرآن: عيسى الكلمة، عيسى المسيح، نسبه إلى أمّه، عيسى يتكلم في المهد، القول الحق في عيسى، عيسى ابن مريم رسول إلى بني إسرائيل، شريعة عيسى وإيتاؤه الإنجيل، نِعَم الله على عيسى، معجزات عيسى، اليهود وقتل عيسى، رفع عيسى إلى السماء، نزول عيسى مؤيَّداً بروح إلى الأرض، شفاعة عيسى يوم الدين، عيسى القدس، رسالة عيسى وإرساليته، ظهوره المعجز، طهارته المعجزة، الحداثة الخارقة، معجزة العفة، معجزة القداسة، كيف أدى المسيح رسالته؟؛ النصوص القرآنية؛ الخاتمة.
5 ـ نتائج البحث ــــــ
من أهم النتائج التي أشار إليها الباحث في هذه الدراسة ما يلي:
1ــ إن التلمود مركب عجيب لآراء متناقضة أحياناً، وأمثال وأحكام، وهو يختلف مع التوراة كثيراً.
2ـ بيَّن الكاتب أن كلمة «يشوع»، كما جاءت في بعض نسخ مخطوطات التلمود، تعني: فليمح اسمه وذكره، ويشوع كان اسمه قبل ذلك يهوو شوا، وهو ابن زنا ونجاسة، وهو ابن يوحنان، الزنديق الذي ضاجع مريم زوجة يوسف، وهي نائمة في بيتها، وهي في حالة الطمث، وذلك عندما استغل يوحنان غياب يوسف عن المنزل. وقد استخلص الكاتب هذه القصة من ثلاث مخطوطات للتلمود، وهي: مخطوطة فينا وستراسبورغ؛ ومنشورتا ج. س. فاغتزايل، وج. ج. هو لدرايش).
3ــ انتهى الكاتب، من خلال دراسة النصوص القديمة للتلمود، إلى بعض الحقائق، وهي: إنّ مريم لم تكن عذراء، ويشوع هذا هو ابن الدعارة أو ابن اغتصاب، فلا حبل بلا دنس، ولا تجسد من الروح القدس، واليهود يعتبرون أن يسوع ليس المسيح المنتظر، ولا المخلص الموعود، فكيف يكون الله نفسه، أو يكون ابن الله؟، ثم إنّه لم يُصلب، بل شُنق، أي لا معنى لرمز الصليب، أما الثالوث الأقدس ـ حسب رأي اليهود ـ فهو حيلة لغوية ناتجة عن خيال إيليا (شمعون) البالغ في الذكاء، والذي يستحق حقاً لقب أب المسيحية.
4ــ يؤكد الكتاب، من خلال دراسته نصوص القرآن الكريم، ما يلي:
أ ــ إن مريم ليست إلهة ــ كنظرة المسيحية ــ، بل هي أفضل مخلوقة، طهّرها الله، واصطفاها على نساء العالمين، وجعل ولادتها معجزة لا مثيل لها في تاريخ البشرية، فهي أم عيسى مسيح الله وكلمته وروحه.
ب ــ إن يسوع المسيح عيسى ابن مريم آيةٌ في مولده، وآيةٌ في ارتفاعه حياً إلى السماء، وآيةٌ في يوم الدين، وآيةٌ في حياته كلها وشخصيته الفذة، فهو وحده في العالمين مسيح الله، وكلمة الله، وروح الله {وجَعَلْناها وابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ} (الأنبياء: 91).
5ـ ويرى الكاتب أيضاً أن ما جاء في القرآن الكريم عن المسيح وأمّه مريم والإنجيل والنصارى عامةً يُعدُّ مفخرة للمسلمين، ويليق بكل مؤمن بالله الواحد واليوم الآخر أن يطّلع عليه.
6ـ وأخيراً انتهى الكاتب، من خلال هذه الدراسة، إلى أنَّهُ لا بد للمسيحيين والمسلمين أن يعملوا مجتهدين في إرساء قواعد الحوار والتفاهم في ضوء المشتركات الإيمانية بالله والأنبياء والكتب السماوية.
الدراسة الثالثة: الكتاب المقدّس في الميزان ــــــ
1ـ هوية البحث ــــــ
عنوانه: «الكتاب المقدس في الميزان». المؤلف: الشيخ محمد علي برُّو العاملي. الناشر: الدار الإسلامية، بيروت. تاريخ النشر: الطبعة الأولى، 1413هـ ــ 1993م. المجلدات: مجلد واحد، 458 صفحة.
2ـ هدف البحث ــــــ
إن الأهداف التي قصدها الباحث خلال هذه الدارسة ما يلي:
أولاً: الردّ على منشور نشره بعض المبشِّرين جاء فيه أن القرآن يشهد بعدم تحريف الكتاب المقدس، وكذلك التاريخ يشهد لذلك؛ ولأجل تقديم خدمة للسيد المسيح × وللعلم والحق والدين من ناحية أخرى.
ثانياً: الإجابة عن التساؤلات التالية:
1ــ إن الله بعث الأنبياء وشرّع الأحكام لرفع الاختلافات، فهل أن الاختلافات زالت من الوجود؟
2ــ إذا كانت الخلافات بين أبناء البشر وبين الأديان والفرق بهذه القوة وبهذه السعة فكيف لم ينصبْ الله سبحانه وتعالى آيات وعلامات ومصابيح تنير الطريق أمام البشرية المعذَّبة، وخاصة لطالبي الحق والسُّذج من الناس؟
3ـ هل أن التوراة والتلمود الحالية، أو نصوص العهد القديم، هي السبيل لحل الخلافات بين الأديان والشعوب المختلفة في العالم، أو أن نصوص العهد الجديد بما فيها الأناجيل ورسائل الرسل هي السبيل لذلك؟
4ــ هل يمكن أن يكون القرآن الكريم هو السبيل الوحيد لحلّ الخلافات، والمنار الوحيد لهداية البشرية المعذَّبة؟
3ـ منهج البحث ـــــ
اعتمد الباحث في هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي؛ والمنهج المقارن، في دراسة الوثائق التاريخية والنصوص الدينية، فجاء أسلوبه في البحث حواريّاً تارةً؛ لدعوة الآخرين وإيقافهم على حقائق الأمور، وجدليّاً استدلالياً تارةً أخرى؛ لأجل الدفاع عن الحق والحقيقة وإسكات المعاندين وإفحامهم.
4 ـ إطـار البحث ــــــ
جاء البحث، بعد ذكر الإهداء، والمقدمة، والتصدير، وفقاً للمخطط التالي: القرآن والتوراة والإنجيل، التوراة بعد السبي البابلي، التوراة الحالية، إِله التوراة في صورته البدائية، صفات الرب التوراتية،اليهود كانوا طوال تاريخهم مقلِّدة، الوصايا العشر، نشيد الأناشيد، بنو إسرائيل عصابات، لصوص، وقتلة، الوصايا الأخرى، التوراة والتاريخ،عيسى ابن مريم في القرآن، الإنجيل، تناقضات الأناجيل، من هو بولس؟ ومتى تنصَّر؟، عقيدة الفداء في الميزان، عقيدة التثليث عند الوثنيين والنصارى، الأناجيل وعقيدة التثليث، ابن الله هو الخالق عند الوثنيين والمسيحيين، موافقة النصوص المسيحية للنصوص الوثنية المقدسة، مقابلة النصوص المقدسة بين كرشنة ويسوع المسيح، مقابلة النصوص المقدسة بين بوذا ويسوع المسيح، الطقوس والعبادات الوثنية في الديانة النصرانية، العمادة، الأعياد، القديسين، التماثيل، العمادة عند النصارى، الأعياد والمسيحية الوثنية، بين مريم العذراء وأمهات الآلهة عند الوثنيين، عبادة الأشخاص عند الوثنيين والنصارى، صكوك الغفران بين الوثنيين والمسيحيين، أضرار التوراة والإنجيل على المجتمع البشري،افتقاد العنصر الأخلاقي في العهد القديم، إلى الأحرار والمنصفين من النصارى في العالم؛ نهاية المطاف؛ المصادر والمراجع.
5 ـ نتائج البحث ــــــ
من أهم النتائج التي أشار إليها الكاتب خلال دراساته ما يلي:
1ــ أكدَّ الكاتب عدم صحة المنشور الذي نشره بعض المبشِّرين المسيحيين، والقائل بأنَّ القرآن يشهد بعدم تحريف الكتاب المقدس، وكذلك التاريخ، وأنّ الآيات القرآنية التي استشهد بها المبشِّرون لا تدلُّ من قريب ولا من بعيد على مزاعمهم؛ وذلك لجهلهم بالقرآن والكتاب المقدس وتحاملهم على التاريخ.
2ــ صرح الكاتب خلال دراسته بأن هناك اختلافاً واضحاً بين الأديان، وهو يعود لأسباب متعددة، منها: التحريف؛ وفقدان الوحي الأصلي.
3ــ إن أكثرية الأمم والشعوب في العالم اليوم من غير اليهود، وإن نسبة اليهود إلى الأديان والمذاهب الأخرى لا تصل إلى 1% من سكان العالم، فلا يمكن أن يؤمنوا بجواب اليهود بأن التوراة والتلمود هي السبيل في حل الاختلافات، ومن جانب آخر فإن الدين اليهودي دين عنصري لا يُقبل فيه إلا من تولّد من يعقوب، وهو إسرائيل، ابن الله البكر ـ كما تزعم التوراة ــ (سفر الخروج 3: 22)، وإن التوراة والتلمود صرحت في أكثر من مورد أن اليهود هم شعب الله المختار (سفر التثنية 7: 6)، وغيرهم كلاب (سفر الخروج 12: 16، في طبعة قديمة للتوراة طبعت في مدينه البندقية: إن الأعياد لم تجعل للأجانب، ولا للكلاب»، ووصفوا المرأة غير اليهودية بأنها من الحيوانات([1]).
لهذا فإن اليهود ــ بحسب تعاليم التوراة والتلمود ــ لا يمكن أن يكون جوابهم حلاً لمشكلات الخلاف بين الأديان، وليس من عدل الله وحكمته أن يكون ذلك.
4ــ إن تعاليم التوراة والتلمود تُجوّز لليهود سفك الدماء وارتكاب كل جريمة في حق الآخرين، ولا يخفى علينا أيضاً أن اليهود لا يعترفون بالمسيح عيسى ابن مريم× لا من قريب ولا من بعيد، ويعتبرونه كاذباً، مع أنه من بني إسرائيل.
5ـ هناك اختلاف بين اليهود في الاعتراف بالتوراة، فالسامريون لا يعترفون إلاّ بالأسفار الخمسة الأولى منها، وأما العبرانيون فتوراتهم تبلغ 39 سفراً، والبعض الآخر ادعى أن العهد القديم نقصت منه بعض الأسفار، منها: سفر حروب الرب، وسفر ياسر، وسفر أخبار ملوك يهوذا، وسفر أخبار ملوك إسرائيل، وسفر الانتساب، حيث إنها غير موجودة في التوراة العبرانية الحالية.
6ــ ينتهي الكاتب في هذه الدراسة إلى هذه الحقيقة، وهي أن السبيل الوحيد لحل الخلافات الموجودة بين الأديان والمذاهب في العالم هو الرجوع إلى القرآن الكريم، فهو وحده الذي ينير الدرب للبشرية المعذَّبة عبر التاريخ، وهو السبيل أيضاً لإنقاذها وإخراجها من الظلمات وهدايتها نحو شاطىء الأمان، وكذلك نحو الحق والعدل والكرامة الإنسانية؛ وذلك لأن القرآن الكريم يمتاز بخصائص لم تتوفر في الكتب السماوية الأخرى.
وذكر الكاتب بعض هذه الخصائص التي استدل الباحث على صحتها في ضوء الأدلة والبراهين القاطعة، ومنها ما يلي:
أــ إن القرآن الكريم هو كتاب واحد متواتر في جميع الطبقات عند المسلمين، وإنه قطعيّ الصدور، متواتر اللفظ، حفظه المسلمون في صدورهم جيلاً بعد جيل، وقد ثبتت هذه الحقيقة تاريخياً.
ب ـ إن القرآن الكريم هو الكتاب السماوي الوحيد الذي تحدى البشر، وطلب منهم أن يأتوا ولو بسورة قصيرة مثله، وقد ذُكر هذا التحدي في عدة آيات في القرآن الكريم.
ج ـ لا يوجد كتاب سماوي يعلن وبكل وضوح وصراحة أن الله سبحانه تكفّل بحفظه من التحريف والزيادة والنقصان غير القرآن الكريم، حيث قال: {إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإِنّا لَهُ لَحافِظُونَ} (الحجر: 9).
د ـ إن علماء المسلمين في شتى المذاهب أثبتوا بطلان الروايات التي تدعي تحريف القرآن، فالقرآن الذي أُنزل على رسول الله ‘ قبل أربعة عشر قرناً هو بعينه الموجود حالياً بين أيدي المسلمين.
هـ ــ إن القرآن الكريم يصف نفسه بأنه نورٌ وهداية، يرشد الناس إلى الحق والحقيقة، وإنه كلام الله، وهو الذي يبين للإنسان ما يحتاج، وهو الذي يتفق مع فطرته السليمة.
و ــ إن القرآن الكريم هو المعجزة الخالدة التي أُرسل بها نبي الإسلام، وهذه المعجزة لكل الأجيال والأمم، بخلاف معاجز سائر الأنبياء الآخرين، فإنها كانت مقصورة على فترة زمينة خاصة بحياتهم، فهو أعظم معجزة بالنسبة إلى معاجز الأنبياء عبر التاريخ.
زــ إن القرآن الكريم اعترف بنبوة سائر الأنبياء الذين بشروا برسول الله، وكذلك أثنى عليهم الثناء الجميل، ووصفهم بالعصمة والكمال، ونسب لهم كل مأثرة كريمة تلازم قداسة النبوة ونزاهة الرسالة والسفارة الإلهية، أما الكتب المقدسة فقد ذكرت للأنبياء ما يَحُطُّ من قداستهم، ونسبت إليهم أعمالاً، ووصفتهم بصفات، تخلّ بنزاهتهم، وتخالف عصمتهم.
ح ــ إن القرآن تفوّق على سائر الكتب بأنّه الوحيد الذي تكفَّل هداية البشر: {إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ويُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ} (الإسراء: 9)، {ونُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُو شِفاءٌ ورَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} (الإسراء: 83)؛ {الم ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ} (البقرة: 1 ـ 2).
ط ــ إن القرآن الكريم هو كتاب الوحي الوحيد الذي بقي مصوناً من أي تحريف، وهو الكتاب الذي حفظ معاجز الأنبياء العظام، واعترف بها، وهو أصدق وأصح سند لكتب الأنبياء ومعاجزهم تملكه البشرية حتى اليوم وإلى يوم القيامة.
ي ــ إن القرآن يعظم العلم والعلماء، ويحثّ في آيات كثيرة البشر على التفكير في آيات الله وخلقه، وقد جعل التفكير أعظم العبادات، وبذلك أحيى المعارف والعلوم الإنسانية في شتى المجالات.
ك ـ إن دعوة القرآن هي دعوة عامة، وخطابه موجَّه إلى كل الأمم والشعوب، ولا يخص أمّة بعينها دون غيرها، فهو يخاطب كل البشر.
ل ـ القرآن الكريم هو كتاب الوحي الوحيد الذي يؤيد بعضه بعضاً، ويفسر بعضه بعضاً، وقد جعله الله تعالى مهيمناً على جميع الكتب السماوية التي أنزلها قبله {وأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ ومُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللّهُ} (المائدة: 48).
ومن هنا لا يمكن بأي وجه من الوجوه مقارنة القرآن الكريم بالتوراة والإنجيل، حيث إن التوراة والإنجيل يزخران بالتناقضات والاختلافات، وقد أشار الكاتب إلى نماذج كثيرة منها.
الدراسة الرابعة: التوراة والقرآن، مقارنة نصيّة ـــــ
1ـ هوية البحث ــــــ
عنوانه: «التوراة والقرآن، مقارنة نصيّة: قصة الخلق والخروج من الجنة، وقصص الأنبياء». المؤلف: عادل المعلم. الناشر: مكتبة الشروق، القاهرة. تاريخ النشر: الطبعة الأولى، 1420هـ ـ 1999م. عدد المجلدات أو الأجزاء: المجلد الأول، الجزء الأول، 280 صفحة.
2ـ هدف البحث ــــــ
استهدف الباحث من خلال هذه الدراسة التعرف على حقيقة الديانتين: اليهودية؛ والإسلامية، وكذلك التعرف على أوجه الاتفاق والاختلاف بين قواعد الجانبين في ما يرتبط بموضوع البحث.
3ـ منهج البحث ـــــ
اعتمد الباحث على المنهج المقارن لدراسة النصوص، وذلك من خلال مراجعة نصوص المرجعين الأساسيين، وهما: «التوراة»؛ و«القرآن»، ثم القيام بانتخاب بعض هذه النصوص التي ترتبط بموضوع البحث، ثم تصنيفها وعرضها موضوعياً، دون القيام بأيّ نوع من أنواع البحث الجدليّ الاستدلالي، بل اكتفى الباحث فقط بالجمع وتصنيف النصوص موضوعياً، ثم بيان أوجه الاختلاف والاتفاق بين مضامين نصوص التوراة والقرآن؛ وذلك لتأخذ المقارنة بين النصوص طابع الحياد، وتبتعد عن طابع الانحياز قدر الإمكان.
4ـ إطـار البحث ــــــ
يبدو أن هذه الدراسة شملتْ ثلاثة أجزاء، وقد اختص كلُّ جزء بموضوع معيّن، وهي كالتالي: موضوع الجزء الأول: «قصة الخلق والخروج من الجنة، وقصص الأنبياء». موضوع الجزء الثاني: «القتال في نصوص التوراة والقرآن». موضوع الجزء الثالث: «العقيدة والشريعة في نصوص التوراة والقرآن».
وقد اكتفيتُ هنا بالإشارة إلى إطار البحث في الجزء الأول، وعنوانه: «قصة الخلق والخروج من الجنة، وقصص الأنبياء»؛ وذلك لأنني لم أتمكن من العثور على الجزء الثاني والثالث من هذه الدراسة، وقد جاء مخطط البحث في الجزء الأول كما يلي: 1ـ قصة الخلق: هبوط آدم وحواء، أول جريمة قتل في تاريخ الإنسانية. 2ـ قصة نوح والطوفان وبرج بابل. 3ـ إبراهيم ولوط. 4ـ قصة إسماعيل وإسحاق، وعيسو، ويعقوب. 5ـ يعقوب (إسرائيل) وعيسو. 6ـ يعقوب ويوسف وإخوته، ويوسف في مصر. 7ـ دخول يعقوب وأبناؤه مصر. 8 ـ موسى وهارون وفرعون وبطانته. 9ـ الخروج من مصر، كم كان عدد الخارجين؟ 10ــ موسى وهارون ويشوع بن نون. 11ـ وفاة هارون، وفاة موسى، خلافة يشوع ومزيد من الحروب.
5 ـ ذكر بعض النماذج، ونتائجها ــــــ
وسنكتفي بذكر نموذجين من نماذج هذه الدراسة؛ لأجل التوضيح فقط:
النموذج الأول: (الجزء الأول، الصفحة 2 ـ 5).
ــ موضوعه: «قصة الخلق، هبوط آدم وحواء، وأول جريمة قتل في تاريخ الإنسانية».
أولاً: النصوص، وسأكتفي هنا بذكر عناوين وأرقام النصوص المقتبسة من التوراة والقرآن الكريم:
أ ــ نصوص التوراة: قام الكاتب بذكر بعض نصوص التوراة من (سفر التكوين) في ما يتعلق بهذه الموارد، وقد شملت (الإصحاح الأول إلى الإصحاح الرابع) من هذا السفر.
ب ــ نصوص القرآن الكريم: وقد ذكر الكاتب هنا جميع الآيات القرآنية التي ترتبط بهذه الموارد، وهذه الآيات بطبيعة الحال مُستخرجة من سور متعددة، وسأكتفي هنا فقط بذكر عناوين السور والآيات وهي: 1 ـ سورة البقرة: من الآية 30 إلى الآية 39. 2 ـ سورة الأعراف: من الآية 11 إلى الآية 27. 3 ـ سورة يونس: من الآية 3 إلى الآية 4. 4 ـ سورة هود: من الآية 6 إلى الآية 7. 5 ـ سورة الحجر: من الآية 26 إلى الآية 46. 6 ـ سورة طه: من الآية 115 إلى الآية 124. 7 ـ سورة الحج: من الآية 5 إلى الآية 7. 8 ـ سورة المؤمنون: من الآية 12 إلى الآية 16. 9 ـ سورة الروم: من الآية 20 إلى الآية 21. 10 ـ سورة السجدة: من الآية 4 إلى الآية 12. 11 ـ سورة ق: الآية 38. 12 ـ سورة الملك: من الآية 1 إلى الآية 2. 13 ـ سورة المائدة: من الآية 27 إلى الآية 31. ثانياً: نتائج مقارنة النصوص التوراتية والقرآنية: هناك بعض الاختلافات في مضامين نصوص الكتابين (التوراة والقرآن)، ونذكر منها ما يلي: 1ـ اليوم السابع المذكور في الإصحاح الثاني من سفر التكوين ـ قصة الخلق ـ (أو يوم الراحة)، بينما ينصُّ القرآن الكريم على أنّه {وَمَا مَسَّنا مِنْ لُغُوب} (ق: 38). 2ـ خلق آدم، حيث انفردت التوراة بأنّه على صورة الله، بينما نقرأ في الآية 11 من سورة الشورى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}. 3ـ في ما يتعلق بـ (خلق حواء). 4ـ صفة الشجرة المحرمة: هل هي شجرة المعرفة وتمييز الخير من الشر أو شجرة الملك والخلود أو غير ذلك؟ ثمَّ مَنْ المسؤول عن الأكل من الشجرة المحرمة؟ هل هي حواء، كما تنص التوراة، أو آدم وحواء، أو آدم؟ وقد نصَّ القرآن على أن الشيطان وسوس لآدم، ووسوس لآدم وحواء، بينما نصت التوراة على أن الحية أغْوَتْ حواء. 5ـ نصت التوراة على أن عقاب الإنسان وطرده من الجنة سببه أنّه «قد صار كواحد منا، يميز بين الخير والشر، وقد يمد يده ويتناول من شجرة الحياة فيحيا إلى الأبد»؛ بينما ينصّ القرآن على أن سبب الخروج من الجنة هو عصيان الإنسان ربه؛ بأكله من الشجرة المحرمة. 6ـ الإشارة إلى قصة سجود الملائكة لآدم، ولماذا سجد الملائكة لآدم؟، في القرآن؛ بينما لم تذكر التوراة شيئاً عن ذلك. 7ـ وكذلك هناك اختلاف في الهدف من خلق آدم، وما هو مصير آدم والإنسان بصفة عامة بعد الموت؟ 8 ـ ذكر القرآن خروج الشيطان من الجنة؛ بسبب رفضه السجود لآدم، ومن هنا جاءت فتنة وغواية الشيطان للإنسان. 9ـ تكرر كثيراً في آيات القرآن ذكر البعث بعد الموت، وحساب الإنسان على عمله، وجزاؤه بالجنة أو بالنار، ولم تذكر التوراة شيئاً عن ذلك.
النموذج الثاني: (الصفحة 23 ـ 38).
موضوعه: «قصة نوح والطوفان وبرج بابل».
أولاَ: النصوص:
أ ـ نصوص التوراة: ذكر الكاتب هنا النصوص التوراتية لهذه القصة من (سفر التكوين، الإصحاح الخامس إلى الإصحاح الحادي عشر)، تحت عنوان: «متوشالح ونوح».
ب ـ أما النصوص القرآنية لهذا القصة فقد شملت: 1ـ سورة الأحزاب: الآية 7. 2ـ سورة هود: من الآية 25 إلى الآية 48. 3ـ سورة المؤمنون: من الآية 23 إلى الآية 29. 4ـ سورة العنكبوت: الآية 14. 5ـ سورة القمر: من الآية 9 إلى الآية 16. 6ـ سورة نوح: من الآية 1 إلى الآية 28. 9ـ سورة التحريم: الآية 10.
ثانياً: نتائج مقارنة النصوص.
في ما يختص بهذا الموضوع هناك تشابه بين نصوص التوراة والقرآن في كثير من الأمور، ومع ذلك نجد أن التوراة انفردت بذكر بعض الأمور، كما أن القرآن أيضاً انفرد بذكر البعض الآخر، وسنشير إلى ذلك في ما يلي:
أ ـ الأمور التي انفردت التوراة بذكرها هي: 1ـ زواج أبناء الله من بنات الناس. 2ـ سكر نوح، وعريه، ثم لعن نوح لكنعان بن حام؛ لما فعله أبوه. 3ـ يتكرّر في التوراة ذكر مبدأ عقاب الأبناء حتى الجيل الثالث والرابع على أفعال الآباء؛ بينما يتكرر في القرآن {أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}. 4ـ ذكر سلسلة النسب وأعمار الذكور. 5ـ ذكر أبعاد فلك نوح (الطول والعرض والارتفاع). 6ـ ذكر نزول الرب لبلبلة الناس حتى لا يفهم بعضهم كلام بعض؛ لأنهم إذا كانوا شيدوا برج بابل منذ أول الأمر فلن يمتنع عليهم أي شيء عزموا على فعله.
ب ـ ومما انفرد به القرآن: 1ـ أخذ الله ميثاقه من النبيين، ومن محمد ونوح؛ لتبليغ الرسالة. 2ـ دعوة نوح قومه لعبادة الله، بالترغيب والترهيب وإعمال العقل في آيات الله، ورفضهم ذلك، وإصراراهم على عبادة آلهة أخرى، واتباعهم أصحاب الأموال والأعوان. 3ـ ذكر قصة ابن نوح الذي رفض أن يركب معه، ودعوة نوح ربّه، وعدم استجابة ربه له، مع نهي نوح عن ذلك، ونفي صفة الأهلية عن الابن؛ بسبب عمله. 4ـ دخول امرأة نوح النار مع الداخلين.
الدراسة الخامسة: القرآن والتوراة: أين يتفقان؟ وأين يفترقان؟ ــــــ
1ـ هوية البحث ــــــ
عنوانه: «القرآن والتوراة: أين يتفقان؟ وأين يفترقان؟». المؤلف: حسن الباش. الناشر: دار قتيبة، بيروت. تاريخ النشر: الطبعة الأولى، 1420هـ ـ 2000م. عدد الأجزاء والمجلدات: جزءان، في مجلّدين، الجزء الأول في 368 صفحة، والجزء الثاني في 549 صفحة.
2ـ هدف البحث ــــــ
يستهدف الباحث من خلال هذه الدراسة بيان وإيضاح ما يتوافق مع العقل والمنطق والوجدان في كلا الكتابين والرسالتين: التوراة؛ والقرآن الكريم، وكذلك تبيان استفادة العقيدة التوراتية من أساطير الشعوب الأخرى، والتحقيق في ما كتب في التوراة ودوّن فيه، وإيضاح ذلك على ضوء ما صرح به القرآن الكريم حولها.
3ـ منهج البحث ــــــ
اعتمد الباحث في هذه الدراسة على منهج الدراسات المقارنة في تحليل النصوص التوراتية والقرآنية، كما أكدَّ على معالجة القضايا الكبرى التي يركز عليها القرآن وتركز عليها التوراة، وهذه القضايا هي: 1ـ الله والخلق الإلهي وأصل الأشياء. 2ـ التاريخ البشري من خلال التصريح والتلميح والرمز وبعض القرائن المساعدة والدالة. 3ـ الأنبياء والشخصيات الدينية وغير الدينية كما وردت في القرآن الكريم والتوراة. وكان أسلوب الكاتب في هذه الدراسة أسلوباً جدلياً استدلالياً.
4 ـ إطـار البحث ــــــ
جاءت هذه الدراسة في جزءين، وكلّ جزء في مجلد مستقل.
أ ــ إطار بحث الجزء الأول: المقدمة: علم مقارنة الأديان ضرورة ملحة في العصر الحالي. تمهيد: التوراة: صحتها وتاريخها. الفصل الأول: التكوين التوراتي والحقائق القرآنية، ويتضمن: خلق الأرض والسموات والحيوان والنبات والإنسان، التكوين التوراتي والخلفية الأسطورية، الملائكة والجن في التوراة والقرآن. الفصل الثاني: من آدم إلى انتهاء الطوفان، ويتضمن: فكرة خلق آدم، وسبب خلقه، خلق آدم من تراب، آدم الإنسان الأول، زوجة آدم (حواء)، الجنة، الخطيئة، الحيّة والشيطان، شجرة المعرفة، الهبوط إلى الأرض، صورة آدم في التوراة والقرآن، ماذا يقول القرآن الكريم في خلق الإنسان، هل آدم هو أول البشر؟ هل حقاً لعن الله الأرض؟، ولد آدم قابيل وهابيل، نوح، الطوفان، السفينة، أولاد نوح، الطوفان واقعة حقيقية وليس أسطورة، الطوفان في مدونات الشعوب. الفصل الثالث: الأنبياء الأولون، ويتضمن: ماذا بعد الطوفان؟ أقوام عاد وثمود وعاد الثانية، هود، صالح، إبراهيم أبو الأنبياء: عصره، هجرته، بلده الأصلي، التوحيد، أولاده، زوجاته، إسماعيل، إسحاق، بناء الكعبة، إسحاق وأولاده، يعقوب والأسباط، يوسف في مصر. الفصل الرابع: من غياب يوسف إلى موسى والخروج، ويتضمن: الحلقة التوراتية المفقودة، أيوب، شعيب، الخروج التوراتي وحقائق القرآن، موسى وفرعون، سيناء والعجل، بنو إسرائيل في سيناء، ما هي التوراة التي نزلت على موسى؟ من هم الجبارون؟ وما هي الأرض المقدسة المباركة؟، موسى والعبد الصالح. الفصل الخامس: زمن ما بعد موسى، ويتضمن: بين عصر وعصر، يشوع والنبوة، التيه العقيدي. الفصل السادس: من صموئيل إلى داود وسليمان، ويتضمن: ما قبل داود، داود: شخصيته، عقيدته، حقيقته، ملكه، لماذا اختار داود جبل الزيتون لبناء قصره؟ ماذا يقول الباحثون والآثاريون عن مملكة داود، داود وأبناؤه، سليمان وملكه، الهيكل المزعوم، ملكة سبأ، ما بعد سليمان، ملحق: يهود الأمس ومتهوِّدو اليوم، يهود الخزر يحتلون فلسطين قادمين من أوروبا الشرقية.
ب ـ إطار بحث الجزء الثاني: وقد جاء في قسمين، ولكل قسم منه فصول متعددة، وهي كما يلي: مقدّمة؛ القسم الأول: في العقيدة والمعتقد؛ الفصل الأول: العقائد في التاريخ، الفصل الثاني: العقيدة اليهودية ورحلة التصور اليهودي للإله. الفصل الثالث: معالم النبوة ومفهومها بين التوراة والقرآن الكريم. الفصل الرابع: عالم المخلوقات الخفية بين التوراة والقرآن الكريم، ويتضمن: الملائكة، الجن، إبليس، الشيطان، عالم الملائكة، الملائكة والوحي، عالم الجن بين التوراة والقرآن الكريم، كيف تحدث القرآن الكريم عن الجن، إبليس في التوراة والقرآن. الفصل الخامس: الموت والبعث واليوم الآخر والنعيم والجحيم في التوراة والقرآن الكريم. الفصل السادس: تطور العقيدة اليهودية على يد الأحبار والفلاسفة، من التحريف إلى الإلحاد. ملحق: الرسالة السبعينية بإبطال الديانة اليهودية، للحبر الأعظم: إسرائيل بن شموئيل الأورشليمي؛ القسم الثاني: العبادات والمعاملات: الفصل الأول: مدخل تاريخي في العبادات والمعاملات لدى شعوب المنطقة. الفصل الثاني: المعبد والعبادة اليهودية في التوراة والقرآن الكريم. الفصل الثالث: طقوس العبادات، الصلاة، الأعياد، القرابين. الفصل الرابع: في التشريع اليهودي الشخصي. الفصل الخامس: العقوبات بين التشريع التوراتي والتشريع القرآني. الفصل السادس: اليهود من الداخل، ويتضمن: تعاليم التوراة في النهي والأمر، حقوق الإنسان في التشريع اليهودي، شريعة القتل في الواقع التوراتي: 1ـ القتل الجماعي 2ـ القتل اغتيالاً بحق الأنبياء، 3ـ القتل اغتيالاً بحق القادة وبعض الشخصيات، 4ـ قتل النساء، 5ــ القتل حرقاً، الرق والاسترقاق في الشريعة اليهودية، حقوق المرأة في التشريع اليهودي، التشريع اليهودي والجرائم الجنسية، صور من الشذوذ الجنسي والجرائم الجنسية في التجمع اليهودي، التشريع اليهودي والأطفال غير الشرعيين، تشريعات يهودية جانبية. الفصل السابع: اليهود من الخارج، ويتضمن: اليهودية ومواقفها من غير اليهود، من هو غير اليهودي؟، قوانين الحرب في الشريعة اليهودية، قوانين الإبادة حسب شريعة التلمود، قوانين سرقة غير اليهود، قوانين الربا والفائدة والدَّيْن، قوانين وتعاليم يهودية، مغالاة التلمود في التعامل مع غير اليهود.
5 ـ أهم النتائج ــــــ
إن أهم النتائج التي يمكن أن نشير إليها ما يلي:
1ــ إن القرآن ليس كتاباً تاريخياً، إنما هو كتاب الله ودستوره لبني الإسلام، وللبشرية جمعاء.
2ـــ إن الخطوط العامة في القرآن الكريم ترشدنا إلى معطيات تاريخية نستطيع أن نعتمد عليها كلياً في معرفة مفاتيح الأحداث ونتائجها، سواء كانت على مستوى الإنسان أو على مستوى الأحداث الكبيرة والصغيرة التي حدثت لبعض البشر، أفراداً وجماعات.
3ــ توجد كذلك في القرآن إشارات ورموز وتلميحات وخطوط عامة ترشد الباحث إلى دراسة التاريخ بشكل مطمئن منطقي متوافق مع معطيات العلم والمنهج العلمي للدراسات.
4ــ إن التوارة قد دونت على مراحل استغرقت مئات السنين، فلا يمكن مقارنتها بالقرآن الكريم، وإن بين التوراة والقرآن اختلافاً جوهرياً في الأساس، حيث إن التوراة الحالية موضوعة، وليست هي التي أُنزلت على النبي موسى ×، فكيف نقارنها بما أنزل على الرسول محمد ‘، وقد تكفّل الله سبحانه وتعالى بحفظه، وبقي مصوناً من كل تحريف أو زيادة أو نقصان، لذلك لايوجد مبرر لهذه المقارنة.
5 ــ إن تاريخ إبراهيم في التوراة فيه نوع من الغموض في كثير من خطوطه؛ وذلك لأن تدوين التوراة جاء متأخراً جداً عن زمن إبراهيم.
6ـ ظهور الدعوة التوحيدية للنبي إبراهيم × في عصر وثني يعطينا مؤشرات كثيرة ترشدنا إلى منهجه الديني، الذي يختلف عما جاءت به التوراة، ومن هنا فإن المقارنة بين معطيات التوراة التاريخية ومعطيات المفاتيح القرآنية التاريخية تدلنا بشكل أو بآخر على المنطق التاريخي الصحيح والمسار التاريخي البعيد عن التخمينات والظنون.
7ــ انطلاقاً من النتائج الموضوعية والحقيقية لهذه الدراسة لابد من القول بأنه توجد في التوراة موارد كثيرة أشار إليها القرآن في خطوطه العامة، كما أن القرآن الكريم يتحدث ـ وفي أكثر من موضع ـ أن التوراة حُرّفت، ولكن لم نجد آية واحدة تصرح بأن التوراة كلها قد حُرِّفت.
8 ــ إن الدراسة المقارنة المعمّقة لشخصية الأنبياء في القرآن والتوراة تظهر لنا ما يلي:
أــ إن القرآن الكريم أنصف الأنبياء بما يستحقون، وأجلّهم وأكرمهم، أما التوراة فقلّما تذكر نبياً إلاّ وقد حطّت من شأنه، ونسبت إليه كثيراً من الدسّ والافتراء، كما ونسبت إلى الأنبياء مثالب وصفات لا تتناسب مع البشر العادييين، ومن هنا فنحن نرى بأن المسلمين أحق الناس بالقرب من هؤلاء الأنبياء، فهم أولى بنا ونحن أولى بهم من اليهود أو من أيٍّ كان.
ب ـ إن كتبة التوراة أخفوا كثيراً من القضايا، وكثيراً من صفات الأنبياء، والعديد من الشخصيات، وقد أتى عليها القرآن الكريم تصريحاً أو تلميحاً، مع العلم أن هذه القضايا خاصة بالعقيدة اليهودية، وإن هذه الشخصيات عايشت أنبياءهم، وتقابلت معهم.
ج ــ إن اليهود كانوا يرمون إلى تحقيق بعض الأهداف من وراء التنكر لبعض الأنبياء أو إخفاء العديد من شخصياتهم، وعلى سبيل المثال نذكر بعض النماذج المهمة، وهي:
1ـ كان لقصة النبي موسى × ولقائه بالخضر أو الرجل الصالح في القرآن الكريم شأن مهم في سورة الكهف، وقد أنكرت التوراة هذه القصة وهذا اللقاء، وأنكرت أيضاً الرجل الصالح ووجوده.
2ـ إن اليهود لفَّقوا على إسحاق ويعقوب، وشوّهوا شخصية هاجر أم النبي إسماعيل ×، كما أنكروا نهائياً توجّه النبي إبراهيم × إلى مكة وبناءه الكعبة؛ وكل ذلك لتضييق المجال التاريخي وحصره في ما يخص العبرانيين واليهود، ولتُنكر على الأمة الإسلامية أيّة صلة بهؤلاء الأنبياء والرسل، ومن ثمَّ لتُجرّدَهُم تماماً من أيّة خاصيّة دينيّة لهم.
د ــ إنّ مفهوم النبوة يظهر غامضاً ومشوهاً لدى اليهود، بل يغدوا مقتصراً على التنبؤ السحري، كما حدث مع أنبيائهم أيام السبي البابلي، فلا عصمة للأنبياء، وفي المقابل نجد آيات القرآن الكريم تُعيد الاعتبار للنبوة والأنبياء، هذا الاعتبار الذي قصد اليهود أن يلغوه إلغاءً كليّاً.
9 ــ ومن خلال هذه الدراسة المقارنة تبيّن لنا مدى التشويه التوراتي لحقائق التاريخ وحقائق العقائد الدينية، كما شاهدنا كيف أن الآيات القرآنية تدحض ادعاءاتهم، وتكشف تزييفهم للحقائق، وتدافع عن الأنبياء، وتنفي عنهم الشبهات التي دسّها أصحاب التوراة عليهم.
10ــ إن القرآن الكريم جادل اليهود، وكذلك جادل النبي الأكرم ‘ اليهود، وبيَّن لهم ما أخفوه، فارتدّوا خائبين، موقنين أن النبي ‘ الذي يختم الأنبياء لن يكون منهم، وسقطت كلّ أفكارهم وحججهم، أما القرآن الكريم فقد تعهد الله بحفظه من الدسّ والتحريف.
11ــ وقد حاولت هذه الدراسة أن تبين أيضاً كيف فضح القرآن الكريم ادعاءات اليهود وتقوّلاتهم بشأن العلاقة مع الله، وفضح خفايا نفوسهم، وزيف ما يدعون، وحقيقة ما يسرون ويبطنون ويضمرون.
12 ــ وأخيراً بيّنتْ هذه الدراسة كيف اخترع أحبار اليهود التلمود، الذي فسّر التوراة في «المشنا والجمارا»، تفسيراً حاخاميّاً، يُدرج المصلحة اليهودية فوق كل مصلحة، ولو كانت ربانية إلهية، ويصبح هذا التلمود أهم من التوراة في المرجعية الحياتية والتشريعيّة، فالعقيدة اليهوديّة تُصبح عقيدة الأحبار وعقيدة التلمود، وليست عقيدة الأنبياء، ولا حتى عقيدة التوراة.
الدراسة السادسة: محاور الالتقاء ومحاور الافتراق بين المسيحية والإسلام ــــــ
1ـ هوية البحث ــــــ
عنوانه: «محاور الالتقاء ومحاور الافتراق بين المسيحية والإسلام». المؤلف: غسّان سليم سالم. الناشر: دارالطليعة، بيروت. تاريخ النشر: الطبعة الأولى، 2004م. عدد المجلدات: مجلد واحد، في 335 صفحة.
2ـ هدف البحث ــــــ
استهدف الباحث من خلال هذه الدراسة تحقيق بعض الأهداف المهمة، ومنها:
1ــ التعرف والفهم المشترك لماهية المسيحية والإسلام، ما يجمعها، وما يفرِّقها.
2ـ العمل في تنشيط تيار الحوار واللقاء والتقرب من خلال التعرف على ما في المسيحية والإسلام من فكر وثقافة وعقائد وأعمال وأخلاق.
ويرى الكاتب أن هذه المساهمة لازمة وضرورية، حتى ولو كانت موجزة ومقتضبة، والبحث في هذا الموضوع مفيد وممتع، حتى ولو كان مختصراً وبعيداً عن الكمال.
3 ـ منهج البحث ــــــ
اعتمد الباحث في هذه الدراسة على أسلوب الحوار الهادئ والمناظرة الهادفة إلى كشف الحقائق والمبادئ الأساسية والمهمة لكلا الديانتين المسيحية والإسلام؛ وذلك لأجل إقامة الجسور والعلاقات المتبادلة بين الطرفين، كما استعان الباحث بالمنهج التحليلي الوصفيّ لدراسة نصوص الكتاب المقدس (العهد الجديد) والقرآن الكريم؛ وذلك لأجل التعرف على محاور الالتقاء ومحاور الافتراق بين المسيحية والإسلام. ومن هنا فقد اتّسم أسلوب الباحث بالأسلوب الحواري الوثائقي، وابتعد قليلاً عن أسلوب الجدل الاستدلالي.
4 ـ إطـار البحث ــــــ
جاء هذا البحث في مقدمة وثلاثة أبواب، ولكل باب فصول أو محاور متعددة، وانتهى بفصل ختامي، وهي كما يلي: المقدمة: الإنسان والتدين؛ الباب الأول: ركائز البحث: الينابيع: تقديم الباب الأول؛ الفصل الأول: ينابيع المسيحية: أولاً: الكتاب المقدس، ثانياً: تعاليم الرسل، الحواريين والآيين والآباء، ثالثاً: تعاليم كنيسة المسيح؛ الفصل الثاني: ينابيع الإسلام: أولاً: القرآن الكريم، ثانياً: السنة النبوية،ثالثاً: إجماع الأمة؛ الباب الثاني: محاور الالتقاء: تقديم الباب الثاني؛ المحور الأول: الإيمان بالله، مقدمة: محاور الالتقاء بين المسيحية والإسلام، أولاً: الله في المسيحية، ثانياً: الله في الإسلام، ثالثاً: إله المسيحية والإسلام، رابعاً: إله الفلسفات والأديان الأخرى؛ المحور الثاني: الإنسان، خليفة الله، مقدمة: الخلق والإبداع، صنع الله، أولاً: الإنسان في المسيحية، ثانياً: الإنسان في الإسلام، ثالثاً: المخلوقات الأخرى في المسيحية والإسلام؛ المحور الثالث: الأنبياء والرُسُل: مقدمة: الأنبياء والرسل في الأديان الموحدة، أولاً: الأنبياء والرُسُل في المسيحية، ثانياً: الأنبياء والرُسل في الإسلام، ثالثاً: من هم الأنبياء والرُسُل؛ المحور الرابع: خلود النفس والروح، الثواب والعقاب: مقدمة: عودة إلى الإنسان، أولاً: روح الإنسان خالدةٌ لا تموت، ثانياً: الثواب والعقاب في المسيحية، ثالثاً: الثواب والعقاب في الإسلام، رابعاً: التوبة والغفران في المسيحية والإسلام؛ المحور الخامس: سُلّم الأخلاق والآداب والقيم: مقدمة: الحلال والحرام، أولاً: المسموح به والممنوع إتيانه في كتب السماء، ثانياً: الأخلاق في المسيحية والإسلام، ثالثاً: بعض الافتراقات، خاتمة الباب الثاني؛ الباب الثالث: محاور الافتراق: المحور الأول: الله الواحد، أحد أم واحد في ثالوث الأقانيم؟ الافتراق الأول الكبير: مقدمة: صعوبة المسألة المطروحة، أولاً: قانون الإيمان المسيحي، ثانياً: اسم الله في الكتاب المقدس والتعليم المسيحي، ثالثاً: الوحدانية والتوحيد في المسيحية، رابعاً: نصوص الكتاب المقدس، في الله وعن الله، خامساً: ثالوث الأقانيم، الواحد القدّوس، سادساً: الثالوث القدوس، الإله الواحد في الإسلام، سابعاً: محاولة في عالم الالتقاء: وقفة قد تكون مفيدة؛ المحور الثاني: من هو المسيح؟ الافتراق الثاني الكبير: مقدمة: من هو المسيح؟ إله تام أو إنسان تام أو نبي رسول؟، أولاً: التجسد الإلهي في المسيحية، السرّ، ثانياً: سر التجسد الإلهي، مرفوض في الإسلام؛ المحور الثالث: عقيدة الفداء الإلهي، الافتراق الثالث الكبير: مقدمة: عقيدة الفداء، ماهي؟ وماذا تعني؟، أولاً: عقيدة الفداء الإلهي في المسيحية، ثانياً: عقيدة الفداء الإلهي في الإسلام، ثالثاً: صلب المسيح في الإسلام، رابعاً: الأمثولة؛ المحور الرابع: عقيدة الخطيئة الأصلية، الافتراق الرابع الكبير: مقدمة: خروج الأبوين الأولين من الجنة، أولاً: الخطيئة الأصلية والمسيحية، ثانياً: خطة الخلاص والإنقاذ، ثالثاً: الخطيئة الأصلية في الإسلام، رابعاً: أنواع الخطايا في الإسلام؛ المحور الخامس: الفرائض والعبادات المسيحية والإسلامية: مقدمة: الفرائض والعبادات في الدين، أولاً: الأركان العبادية، ثانياً: سلّم القيم والمناقب والأخلاق؛ فصل ختامي: مقدمة: المفاجأة الكبرى، محاولة فهم جديدة، أولاً: الندوة الحوارية المسيحية ـ الإسلامية، ثانياً: الندوة الحوارية والمساحات المشتركة للتقارب، ثالثاً: حوار مع كل الأديان؛ خاتمة: الفاتيكان وإيران، أمل جنيني سريع العطب؛ ثبت المصادر والمراجع.
5 ـ النتائج الحاصلة ــــــ
إن أهم النتائج التي توصل إليها الباحث ما يلي:
1ــ إن أي نشاط أو حركة تساهم في دعم تيار الفهم والتفاهم بين سائر المؤمنين بالله الكائن الخالق الدّيان يعتبر عملاً إيجابياً خيّراً، وجهداً بنّاءً مباركاً.
2ـ هناك حاجة ملحة ودعوة ضرورية لجميع المؤمنين، سواء كانوا يهوداً أم مسيحيين أم مسلمين ــ أقصد الذين اهتدوا إلى وجود الصانع الأزلي ــ، أن يبذلوا جملة من المساعي والاهتمامات في سبيل الوصول إلى إحياء المشاركة في الحوار المسيحي ـ الإسلامي، ومهما كان حجمه محدوداً فسوف يأتي بثمار يانعة وناضجة وخيّرة إذا ما قام على المثابرة وطول الأناة.
3ـ إنَّ هذه الدراسة الحاضرة، وإن كانت متواضعة، سعت إلى تبيين المفاهيم والمبادئ والمعتقدات لدى الديانتين المسيحية والإسلامية، وفقاً لمصادرها المعتبرة، المتمثّلة بالكتاب المقدس والقرآن الكريم.
4ـ حاولت هذه الدراسة أيضاً، وبأسلوب حيادي دقيق، أن تبيّن أن المسيحيين والمسلمين يفترقون عن بعضهم، ولكنهم يلتقون في كثير من المفاهيم والمبادىء والمعتقدات، والتي أشير إليها في إطار البحث.
5ـ أكّدت هذه الدراسة على أهمية الدراسات التطبيقية والدراسات المقارنة بين الأديان، وعلى الحوار والالتقاء بين كل من آمن بالله واليوم الآخر؛ وذلك لأنّه يؤدي إلى أن يصبح الإيمان أكثر عمقاً، وأقوى ازدهاراً، وأكثر كثافة وضياءً، سواء بين الناس والشعوب والأمم أو بين الدول والمؤسسات العامة والخاصة الحكومية وغيرالحكومية، فهي أفضل الوسائل في عملية التعرف والفهم المشترك لما في المسيحية والإسلام من فكر وثقافة وعقائد وأعمال وأخلاق، ولما يجمعها ويفرقها.
الدراسة السابعة: القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم ــــــ
1 ـ هوية البحث ــــــ
عنوانه: «القرآن الكريم والتوراة والإنجيل والعلم: دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة». المؤلف: الدكتور موريس بوكاي. الناشر: مكتبة مدبولي، القاهرة. تاريخ النشر: الطبعة الأولى، 1996م.
2 ـ هدف البحث ــــــ
إن من أهداف الباحث خلال هذه الدراسة هو تحقيق ما يلي: أولاً: الإجابة عن هذا السؤال، وهو: ما القيمة الصحيحة لهذه النصوص ـ القرآن والتوراة والإنجيل ـ التي في حوزتنا اليوم؟ ثانياً: إثبات الحقائق التالية: 1 ـ إن هناك توافقاً بين معطيات القرآن والواقع العلمي الحديث، ولا يوجد هذا النوع من التوافق في كثير من نصوص الكتاب المقدس. 2ـ إن خصائص النصوص القرآنية وما تتضمّنه من حقائق علمية ومعارف عالية وأفكار ومفاهيم سامية لا تبقي أيّ شك في صحة هذه النصوص وقدسيتها، بينما نجد خلاف ذلك في نصوص الكتب المقدسة، فبسبب كثرة التناقضات العلمية والمفارقات الأخلاقية واللاإنسانية الموجودة في الكتاب المقدس ـ بعهديه القديم والجديد ـ يُثار الشك والترديد في صحة هذه النصوص، وفي صحة صدورها من قبل الله أو من رسله وأنبيائه.
3ـ منهج البحث ــــــ
اعتمد الباحث في هذه الدراسة على مناهج متعددة، وفقاً لمتطلبات هذه الدراسة العلمية، فاستعان بالمنهج التحليلي الوصفي، وبالمنهج التاريخي الوثائقي، ومنهج الدراسات المقارنة، ومنهج نقد النصوص، وذلك خلال دراسة وتحليل الحوادث والأفكار والوقائع التاريخية وفقاً للأسس العلمية والمنطقية؛ وذلك للتوصل إلى نتائج موضوعية يمكن أن تكون مقبولة من الناحية العلمية والمنطقية، أو هي أقرب إلى الصحة وإلى الحقائق التاريخية والعلمية وفي ضوء المعارف الحديثة، كما أن هذه الدراسة اهتمت، من خلال الدراسات المقارنة، بالكشف عن جوانب التوافق وعدم التوافق بين القرآن والتوراة والإنجيل والعلم الحديث، فقام بالمقارنة بين معطيات العلوم الحديثة (علم الفلك، والطب، والجيولوجيا و…) ومعطيات القرآن الكريم والتوراة والإنجيل الحاليين.
4 ـ إطـار البحث ــــــ
جاءت هذه الدراسة وفقاً للمخطط التالي: مقدمة؛ التوراة (الكتاب المقدس): 1ـ نظرة عامة إلى أصل الكتاب المقدس، 2ـ أسفار العهد القديم، 3ـ العهد القديم والعلم الحديث، ملاحظات خلق العالم، 4ـ مواقف الكتّاب المسيحيين تجاه الأخطاء العلمية في نصوص العهد القديم ودراستها النقدية، 5ـ خاتمة. الأناجيل: 1ـ مفتتح، 2ـ تذكرة تاريخية، اليهود ـ المسيحية وبولس، 3 ـ الأناجيل الأربعة، مصادرها، تاريخها، 4ـ الأناجيل والعلم الحديث، شجرتا نسب المسيح، دراسة نقدية للنصوص، تعليقات المفسرين المحدثين، 5ـ تناقضات وأمور غير معقولة في الروايات: رواية الآلام، غياب رواية تأسيس القربان المقدس من إنجيل يوحنا، ظهور المسيح بعد قيامته، صعود المسيح، أحاديث المسيح الأخيرة الـ paraclet في إنجيل يوحنا، 6ــ خاتمة. القرآن والعلم الحديث: 1ـ مفتتح، 2ــ صحة القرآن، تاريخ تحريره، 3ــ خلق السموات والأرض، نقاط الاختلاف والتجانس مع رواية التوراة، مراحل الخلق الستة، القرآن لا يحدد ترتيباً في خلق السموات والأرض، عمليات تشكل الكون الأساسية وانتهاؤها إلى تكوين العوالم، بعض معطيات العلم الحديث عن تكوين الكون، مقابلة المعطيات القرآنية عن الخلق، ردود على بعض الاعتراضات، 4ـ علم الفلك في القرآن، 5ـ الأرض، 6ـ عالم النبات وعالم الحيوان، 7ـ التناسل الإنساني. الروايات القرآنية وروايات التوراة: 1ـ لمحة عامة: موازنة بين القرآن والأناجيل والمعارف الحديثة، موازنة بين القرآن والعهد القديم والمعارف الحديثة، 2ـ الطوفان، 3ـ خروج موسى (من مصر). القرآن والأحاديث النبوية والعلم الحديث. خاتمة عامة.
5ـ نتائج البحث ــــــ
إنّ من أهمّ النتائج التي أشارت إليها هذه الدراسة ما يلي:
1ـ إن العهد القديم يتكون من مجموعة من المؤلفات الأدبية، أُنتجت على مدى تسعة قرون تقريباً، وهو يشكل مجموعة متنافرة جداً من النصوص، عَدَّلَ البشرُ من عناصرها عبر السنين، وقد أُضيفت أجزاء لأجزاء أخرى كانت موجودة من قبل، بحيث إن التعرف على مصادر هذه النصوص اليوم عسير جداً في بعض الأحيان.
2ـ لقد كان هدف الأناجيل هو تعريف البشر، عبر سرد أفعال وأقوال السيد المسيح، بالتعاليم التي أراد أن يتركها لهم عند اكتمال رسالته على الأرض؛ والسبب هو أن الأناجيل لم تُكتب بأقلام شهود معاينين للأمور التي أخبروا بها، إنها ببساطة تعبير المتحدثين باسم الطوائف اليهودية المسيحية المختلفة عما احتفظت به هذه الطوائف من معلومات عن حياة المسيح العامة، وذلك في شكل أقوال متوارثة شفهية أو مكتوبة اختفت اليوم، بعد أن احتلت دوراً وسطاً بين التراث الشفهي والنصوص النهائية.
3ــ إن لتنزيل القرآن تاريخاً يختلف تماماً عن تاريخ العهد القديم والأناجيل، فتنزيله يمتد على مدى عشرين عاماً تقريباً، وبمجرد نزول جبريل به على النبي ‘ كان المؤمنون يحفظونه عن ظهر قلب، وقد دُوّن في حياته ‘، وإن التجميعات الأخيرة للقرآن التي تمت في خلافة عثمان، في ما بين اثني عشر عاماً وأربعة وعشرين عاماً من بعد وفاة النبي ‘، قد أُفيدت من الرقابة التي مارسها هؤلاء الذين كانوا يعرفون أن النص منذ ذلك العصر قد ظلَّ محفوظاً بشكل دقيق.
4ــ إن القرآن يخلو من المتناقضات، ومن يدرسه بموضوعية تامة وعلى ضوء العلم يكتشف أن طابعه الخاص هو التوافق التام مع المعطيات العلمية الحديثة، بل أكثر من ذلك، وكما أثبتنا، يكتشف فيه مقولات ذات طابع علمي من المستحيل أن نتصور أن انساناً في عصر النبي ‘ يستطيع أن يؤلِّفها.
5ـ إن القرآن يثير وقائع ذات صفة علمية، وهي كثيرة جداً، وفي مقابل ذلك نجد قلة الوقائع العلمية في التوراة وفي جميع نصوص الكتاب المقدس، وليس هناك أي وجه للمقارنة بين القليل جداً مما أثارته التوراة من الأمور ذات الصفة العلمية وبين تعدد وكثرة الموضوعات ذات الصفة العلمية في القرآن.
6ـ إن القرآن لا يحتوي على أية مقولة قابلة للنقد من وجهة نظر العلم في العصر الحديث، وفي مقابل ذلك نجد في الكتاب المقدس، وخاصة في سفر التكوين من العهد القديم، مقولات لا يمكن التوفيق بينها وبين أكثر معطيات العلم رسوخاً في عصرنا.
7ـ بالنسبة لتاريخ خروج موسى نجد في نص القرآن معلومة ثمينة تضاف إلى رواية التوراة، وتجعل مجموع الروايتين يتفق تماماً مع معطيات علم الآثار في تحديد عصر موسى ×، ونجد كذلك في ما يتعلق بموضوعات أخرى فروقاً شديدة الأهمية، ما يدحض كل ما قيل عن نقل محمد ‘ عن التوراة.
8 ـ وجود تناقض في شجرة أنساب المسيح في الأناجيل، مثل: متى؛ ولوقا، وإن إنجيل لوقا يذكر أمراً لا يتفق مع المعارف الحديثة الخاصة بقدم الإنسان على الأرض.
9ـ وأكّدت هذه الدارسة على وجود موارد كثيرة تكشف عن وجود أمور متناقضة، وأمور لا يحتملها التصديق، وأخرى لا تتفق مع العلم، في الكتاب المقدس.
10ــ إن المتخصصين في دراسة نصوص الكتاب المقدس يتجاهلون ـ سواء عن قصد أم عن غير قصد ـ ذلك التناقض والتعارض مع الحقائق العلمية الثابتة.
11ــ إن كثيراً من المسيحيين يجهلون وجود المتناقضات والأمور غير المعقولة أو التي لا تتفق مع العلم الحديث في الأناجيل المذكورة.
12ــ وأخيراً فإن صحة القرآن، التي لا تقبل الجدل، تعطي النص مكانة خاصة بين كتب التنزيل، ولا يشترك مع نص القرآن في هذه الصحة العهدُ القديم، ولا العهد الجديد.
الدراسة الثامنة: القرآن والكتاب والمقدس في نور التاريخ والعلم ــــــ
1ـ هوية البحث ــــــ
عنوانه: «القرآن والكتاب المقدس في نور التاريخ والعلم». المؤلف: الدكتور وليم كامبل. الناشر: لم يذكر. تاريخ النشر: الطبعة الأولى، 1996م.
2ـ هدف البحث ــــــ
إن أهداف البحث ـ كما صرح بها المؤلف ـ هي: 1ـ الرد على تقييم الدكتور بوكاي لكلٍّ من القرآن والكتاب المقدس. 2ـ إنّه محاولة لأجل دراسة المواجهة بين الإسلام والمسيحية على مستوى عميق، عقلياً وعاطفياً. 3ـ الإجابة عن التساؤلات الكثيرة، ومنها: أ ـ يقول المسلمون: إن محمداً سيكون شفيعهم، وهي فكرة عاطفية مريحة، لأنه لا يوجد من يريد أن يقف وحيداً في اليوم الآخر، والسؤال هو: «هل هناك برهان قرآني على فكرة شفاعة محمد؟ ب ـ يقول المسيحيون: إن المسيح مات نيابةً عن ذنوب العالم كله، وإنّه الآن حيّ ليشفع في كلّ الذين يضعون ثقتهم فيه كمخلّص لهم، فهل يوجد برهان إنجيلي على صحة قولهم هذا؟ ج ـ وإذا كان الكتاب المقدس والقرآن يتناقضان فكيف يميز المرء الصحيح منهما؟
3ـ منهج البحث ــــــ
اعتمد الباحث في هذه الدراسة على منهج التحليل الوصفي والمنهج الوثائقي المقارن، فقام بدراسة الأفكار وتحليلها ونقدها وفقاً لأصول المناهج العلمية في البحث، فكان أسلوبه جدلياً حوارياً دعائياً وتبليغياً أكثر من أي شيء آخر.
4 ـ إطـار البحث ــــــ
جاءت هذه الدراسة في ستة أقسام، ولكل قسم فصول متعددة، وهي: القسم الأول: تمهيد، الفصل الأول: بعض الافتراضات الأساسية عن المفردات، الفصل الثاني: افتراضات أساسية تميّز بها كتاب الدكتور بوكاي. القسم الثاني: الكتاب المقدس في نور القرآن والحديث: الفصل الأول: ما يقوله القرآن عن الكتاب المقدس، الفصل الثاني: ما يقوله الحديث عن الكتاب المقدس. القسم الثالث: الكتاب المقدس والقرآن كتابان متشابهان في جمعهما: الفصل الأول: نظرية الوثائق وتأثيرها على التوراة والقرآن، الفصل الثاني: نقد صيغة العهد الجديد اللغوية، وتأثير هذا على الإنجيل والقرآن، الفصل الثالث: مقارنة التصورات التاريخية للقرآن والإنجيل: أـ التطور الأوّلى للقرآن والإنجيل، ب ـ الجمع الأخير للقرآن والإنجيل، ج ـ قراءات مختلفة في القرآن والكتاب المقدس، د ـ مقارنة الصراع والنزاع في أوائل العهد المسيحي بالصراع والنزاع في أوائل العهد الإسلامي، هـ ـ سنوات المئة الثانية للإنجيل، وملخص تطورات القرآن والإنجيل. القسم الرابع: العلم والوحي: الفصل الأول: هل تنبأ القرآن والكتاب المقدس بالعلم الحديث؟، الفصل الثاني: هل توجد مشاكل علمية في القرآن؟: أـ الأرض والسماوات وأيام الخليقة: ستة أم ثمانية؟، ب ـ علم التشريح، وعلم الأجنّة، وعلم الوراثة، ج ـ خرافات وقصص رمزية وتاريخ. القسم الخامس: طرق إثبات صحة الوحي: الفصل الأول: قدرة الله، دليل قرآني على صحة الوحي، الفصل الثاني: الأدلة التوراتية على صدق النبوّة. القسم السادس: المسيح ومحمد نبيَّان لعالمٍ ضالٍّ: الفصل الأول: نبوّة محمد، الفصل الثاني: نبوّات تحققت في المسيح، الفصل الثالث: تعاليم المسيح ومعجزاته، الفصل الرابع: المسيح المتألِّم، الفصل الخامس: قوة الشفاعة، الفصل السادس: المسيح العبد المتألِّم والشفيع، الفصل السابع: لكلٍّ أسلوبه. ملحقات: الملحق الأول: معجزات ورد ذكرها في الأناجيل الأربعة، الملحق الثاني: نبوّات تفصيلية عن موت المسيح وتحقيقها، الملحق الثالث: مسابقة كتاب القرآن والكتاب المقدس في نور التاريخ والعلم.
5ـ نتائج البحث ـــــــ
من النتائج المهمة التي حاول الباحث التوصل إليها ـ حسب رأيه ـ ما يلي:
1ـ وجود تشابه في مراحل جمع نصوص الكتاب المقدس والقرآن.
2ـ هناك صراعات ونزاعات حدثت في أوائل العهد المسيحي، وكذلك في أوائل العهد الإسلامي؛ بسبب وجود القراءات المختلفة في القرآن والكتاب المقدس.
3ـ توجد مشاكل علمية في القرآن، منها: أـ هل أن أيام خلق السماوات والأرض ستة أيام أو ثمانية؟ ب ـ هناك إشارات علمية مخالفة لعلم التشريح، وعلم الأجنة، وعلم الوراثة. ج ـ تحدث القرآن عن الخرافات والقصص الرمزية والتاريخية.
4ـ يمكن اعتبار الكتاب المقدس وثيقة تاريخية صادقة.
5ـ هناك أدلة قرآنية وأدلة توراتية تثبت صحة الوحي في الكتاب المقدس.
6ـ إن بشارة الإنجيل المفرحة صحيحة.
7ـ يمكن اعتبار المعاني الواضحة لنصوص الكتاب المقدس مقبولة كما فهمها سامعوها عندما سمعوها أول مرة.
الدراسة التاسعة: الحقيقة الصعبة في الميزان ــــــ
1ـ هوية البحث ـــــــ
عنوانه: «الحقيقة الصعبة في الميزان». المؤلف: المحامي أحمد عمران. الناشر: مؤسسة الأعلمي، بيروت. تاريخ النشر: الطبعة الثانية، 1415هـ ـ 1995م. عدد المجلدات: مجلَّد واحد، في 445 صفحة.
2ـ هدف البحث ــــــ
إن من الأهداف المهمة التي سعى الباحث إلى تحقيقها خلال هذه الدراسة ما يلي: 1ـ الردّ على كتاب «قِسّ ونبي»، لأبي موسى الحريري([2])، وهذا الكتاب هو أحد الكتب التي صدرت تحت عنوان «الحقيقة الصعبة»، وقد جاء اختياره لهذا الكتاب لأنّه أول كتب هذه السلسلة، ولأنّه أكثرها شيوعاً وتحدّياً وإثارةً. 2ـ إثبات عدم صحة ما جاء في هذا الكتاب من ادّعاءات واهية حول النبيّ الأكرم ورسالته المقدسة، وكذلك إثبات ما جاء في هذا الكتاب من مهاترات ومتناقضات ومن تزييف للحقائق وتحريف الكلم عن مواضعه، بأسلوب عقلي ومنهج علميٍّ ليدمغَ الباطل ويدحضه. 3ـ الكشف عن حقيقة مؤلِّف كتاب «قِسّ ونبي»، الذي أراد أن يثبت وأن يقنع الناس بأنّ محمداً ‘ لم ينزل عليه الوحي مباشرةً من قبل الله، بل إنّه أخذ كلَّ ما جاء في القرآن من قِسٍّ مسيحي هو «ورقة بن نوفل»، وأنَّ القرآن الكريم هو ترجمة الإنجيل الأبيونيين، قام بها القِسّ المذكور، وقام محمد بتبليغه إلى الناس، وغير ذلك من الأباطيل والأضاليل.
3ـ منهج البحث وأسلوب الباحث ـــــــ
اعتمد الباحث في هذه الدراسة على عدة مناهج علمية، وذلك حسب ما اقتضته طبيعة هذه الدراسة، فاستعان بالمنهج التحليلي الوصفي والمنهج المقارن والمنهج الاستقرائي ومنهج الاستدلال العقلي والمنطقي وغيره، وقد امتاز أسلوب الباحث في هذه الدراسة بما يلي: 1ـ اعتماده على الحجج العقلية البالغة، لا على الاحتجاج الصوري. 2ـ اعتماده على الأدلة النقلية المحكمة، بعيداً عن الظنّي والمتشابه. 3ـ قيل عن أسلوب تأليفه بأنّه محكم العبارة، دقيق الإشارة، بعيدٌ عن الإثارة، جمع بين أسلوب العالم وأسلوب الأديب. 4ـ أسلوبه في الحوار هادىء، متزّن، لا تتحكم فيه العاطفة، ولا تثيره التحديات والأحكام المفتراة. 5ـ يتصف كتابه بالعمق والسلاسة، والدقّة، والرقّة، والسعة والشمول، وكثرة الاستشهادات، والاستفادة من المصادر والمراجع المتعددة والأصلية. 6ـ لقد كان أسلوب الباحث أسلوباً جدلياً واستدلالياً، يعتمد على القراءة الدقيقة، والتحليل العميق، والدقة في الاستشهادات النقلية (القرآنية) والعقلية، وعلى المقارنة والتطبيق الصحيح.
4 ـ إطـار البحث ــــــ
قام المؤلف بتقسيم دراسته كما يلي: أولاً: كلمة عامة تمثل التمهيد لهذا البحث. ثانياً: التعريف بكتاب «قِسّ ونبي» بكل تقسيماته وعناوينه وأبحاثه. وتقسيمات كتاب «قِسّ ونبي» هي: 1ـ المقدمة؛ 2ـ الفصل الأول: ويتألف من المواضيع التالية: أ ـ نسب القِسّ (ورقة). ب ـ نصرانية القِسّ (ورقة). ج ـ أبيونية القِسّ (ورقة). د ـ علم القِسّ (ورقة). هـ ـ مهمة القِسّ (ورقة). و ـ القِسّ (ورقة) رئيس النصارى. ز ـ موت القِسّ (ورقة)؛ 3ـ الفصل الثاني: ويتألف من المواضيع التالية: أـ القِسّ يزوِّج النبي. ب ـ القِسّ يدرّب النبي. جـ ـ القِسّ يعلِّم النبي. د ـ القِسّ يعلن النبي خليفة. هـ ـ القِسّ النبي والنبي القِسّ؛ 4ـ الفصل الثالث: ويتألف من المواضيع التالية: أـ إنجيل القِسّ ورقة. ب ـ القرآن العربي. ج ـ استمرارية الوحي والتنزيل. دـ محمد يعلِّم ما تعلَّم؛ 5ـ الفصل الرابع: ويتألف من المواضيع التالية: أـ النصرانية في بيت محمد. ب ـ الإسلام قبل الإسلام. ج ـ النصرانية والحنيفية في الإسلام. د ـ الدين القيم؛ 6ـ الفصل الخامس: ويتألف من المواضيع التالية: أـ المسيح وأمّه والروح القدس. ب ـ الفروض والعبادات والشرائع. ج ـ الحسنات والصدقات. دـ الجنّة والنّار والمعاد. هـ ـ أمثال الإنجيل القرآنية؛ 7ـ الخاتمة: وتتألَّف من: أـ خاتمة. ب ـ نجاح القِسّ والنبي. ج ـ فشل القرآن. د ـ محمديون أم قرآنيون. هـ ـ اسألوا أهل الذكر.
ثالثاً: الانتقال إلى كتاب «قِسّ ونبي» دراسةً وتحليلاً ونقداً، وفقاً لتقسيماته: مقدمةً، وفصولاً، ومواضيع.
5ـ نتائج البحث ــــــ
أهم النتائج التي أشار إليها الكاتب خلال هذه الدراسة هي:
1ـ بيَّن الكاتب خلال دراسته بعض الحقائق حول الكتاب ومؤلِّفه، وهي: أـ إنَّ «الحقيقة الصعبة» هي سلسلة من الكتب بدأت في الظهور منذ أواخر السبعينات ـ حسب التاريخ الميلادي ـ، وركزت اهتماماتها على القضايا الإسلامية، فطرحت أبحاثاً وقدمت دراسات حول القرآن وصلته بالإنجيل، وحول النبي ‘ وعلاقته بـ «ورقة بن نوفل»، ومن الكتب التي صدرت ضمن هذه السلسلة كتاب «قِسّ ونبي»، وكتاب «أعَربيٌّ هو؟»، وكتاب «عالم المعجزات»، وكتاب «نبي الرحمة وقرآن المسلمين»، وغيرها من الكتب. ب ـ إنّ مؤلف هذه الكتب شخصية غامضة، عرَّف نفسه بكنية ونسبة، وهو (أبو موسى الحريري). ج ـ لقد استقطبت سلسلة كتب الحقيقة الصعبة شخصيتان، واستقلت بها فكرتان: 1 ـ الشخصيتان هما: ورقة بن نوفل؛ والنبي محمد ‘. 2 ـ والفكرتان هما: إن الوحي والموحي هو ورقة بن نوفل؛ وإنّ المتلقّي والمبلّغ هو محمد. د ـ إنّ منهج أبى موسى الحريري يقوم على: 1ـ تجريد محمد من الوحي والنبوة، وأنه مجرد تلميذ لورقة بن نوفل. 2ـ تجريد القرآن من الوحي الإلهي، وأنّه ترجمة للإنجيل «الأبيوني». هـ ـ إن أبا موسى الحريري في ما ذكره في كتابه «قِسّ ونبي» لم يحترم عقيدة أكثر من مليار مسلم، منتشرين في كل القارات، ويتكلمون بأكثر لغات العالم، ويعيشون في ظل أنظمة متعددة في هذا العالم. ويظهر من فصول كتاب «قِسّ ونبي» مقدار الجرأة واللامسؤوليّة العلمية والأدبية إلى أبعد الحدود، حيث يدّعي أبو موسى الحريري أنّ العالم الإسلامي يسير على غير هدى منذ أربعة عشر قرناً، لذا فإن أبا موسى الحريري خلال كتب «الحقيقة الصعبة» يحاول ـ حسب اعتقاده ـ أن يضع المسلمين على الطريق الصحيح، ويغسل من رأس الأمة الإسلامية تلك المسلَّمات التي شهد لها العلماء والمسلمون شهادة زور، وشهد لها الباحثون شهادة خطأ منذ بدء الإسلام. زـ جاء اختيار الأستاذ عمران مؤلِّف كتاب «الحقيقة الصعبة في الميزان» للرد على كتاب «قِسّ ونبي» لأنّه أول كتاب من هذه السلسلة، ولأنّه أكثرها شيوعاً وتحدّياً وإثارةً.
2ـ أشار الكاتب أحمد عمران خلال دراسته «الحقيقة الصعبة في الميزان» إلى بعض النماذج من المغالطات والمهاترات والتزييفات، والتي ذكرها أبو موسى الحريري في كتابه «قِسّ ونبي»، ومنها: أـ إنَّ أبا موسى خلال دراسته يحاول أن ينتهي إلى هذه النتيجة، وهي: 1ـ إنَّ الإسلام بمفهومه العام ليس شيئاً، وإنّ المسلمين ليسوا على شيء. 2ـ إيجاد قناعة لدى المسلمين أنّهم يعتنقون الخطأ في ما يدينون ويعتقدون منذ أربعة عشر قرناً، وأن دينهم ليس ديناً مستقلاً، بل هو تجديد وترجمة للإنجيل، وهو نسخة كاملة عن الدين المسيحي. 3ـ إنّ نبيّهم محمداً ليس غير التلميذ الذكي الذي تلقى علمه وتربيته عند ورقة بن نوفل، قِسّ الجزيرة العربية وعظيم العرب. ب ـ إنّ أبا موسى الحريري قد استشهد بعدد ضخم من آيات القرآن الكريم، وقام بتفسيرها، معتمداً على فهمه الخاص، دون الرجوع إلى التفاسير المعتبرة، أو الأخذ بآراء أهل الفن في هذا المجال؛ وذلك لأجل التضليل وتشويه الحقائق.
3ــ إثبات عدم صحة مقولة أبي موسى بأنَّ «مصحف عثمان» هو غير «قرآن محمد»، والعكس هو الصحيح، وإن القرآن الذى يتداوله المسلمون هو ذاته «مصحف عثمان» الذي تلقاه النبي ‘ من الوحي، ثم استقر في صدور الناس وفي مدوّناتهم إلى أن صار جمعه في مجموع واحد سمّي المصحف.
4ــ التأكيد على أنّ أسماء السور، وترتيبها، وابتداؤها بالبسملة والأحرف المقطعة، ووضع كلّ آية في موضعها، قد تمّ بأجمعه في حياة النبي وبأمره وإرشاده، لذلك أُطلق على هذه العملية اسم «توقيفي»؛ لأنها كانت وقفاً وحكراً على النبي ‘.
5ــ إثبات أن «الحنيفية» هي نهج تعبدي مستقل، ليس تابعاً لليهود، وليس نابعاً منها ولا من النصرانية، بل هو نهج إبراهيم الخليل، فإذا كان قد انتهجه محمد ففي ذلك الدلالة على النهج الإبراهيمي لديه، ولا يمكن الاستدلال منه على نصرانية أو يهودية لدى محمد.
6ـ إثبات أن التوحيد لغةً وفقهاً ومنهجاً يتعارض مع التثليث، مثلما يتعارض مع الشرك، كما يتعارض مع التوحيد الضيق الذي يؤمن به اليهود، الذين يقولون بأن الله الواحد اختصّهم لوحدهم برضاه، واعتبرهم شعبه الخاص الوحيد.
7ـ إثبات بطلان وعدم صحة كثير ما استند اليه مؤلف كتاب «قِسّ ونبي» في دعم آرائه، ومنها: أـ الاستشهاد بالآيات الكثيرة، وتفسيرها، وفهمها فهماً خاطئاً. ب ـ تحويره الروايات، وتحريفه الحقائق التاريخية.
8 ــ إثباته بطلان وعدم صحة النتائج التي توصَّل إليها أبو موسى الحريري في كتابه «قِسّ ونبي»، وأنها مخالفة للأدلة العقلية والنقلية والحقائق التاريخية الثابتة، ومنها: أـ إن القرآن ترجمة للإنجيل، وليس وحياً مباشراً، حيث قام بترجمته «ورقة بن نوفل». ب ـ إن «ورقة بن نوفل» يمثِّل الوَحيَ والمُوحي؛ وإن النبي محمد ‘ هو المتلقي والمبلِّغ لهذا الوحي. ج ـ إنّ الأمّة الإسلامية وجميع المفكِّرين والمؤرِّخين ظلّوا منذ أربعة عشر قرناً وطيلة هذه المدة لا يعرفون قراءة القرآن، ولا يفهمون معانيه، ولا يدركون غاياته، ولا مناسباته، فهل يمكن أن يُعقل ذلك؟
9ــ حاول الباحث (الأستاذ أحمد عمران) خلال دراسته النقدية لكتاب «قِسّ ونبي» أن يخاطب أهل الفكر كافة، مسلمين وغير مسلمين، ممَّن قرأوا سلسلة كُتب أبي موسى الحريري، فحدثت خلخلة في جدران قناعاتهم العلمية والتاريخية، ليكشف لهم حقيقة «الحقيقة الصعبة»، وأهداف هذه الكتب وغاياتها المعادية للإسلام. كما حاول الكاتب أن يوجه قرّاء «الحقيقة الصعبة» إلى قراءة الدراسات المناقضة لها، مع التأكيد على مراجعة «القرآن الكريم» وتفاسيره وشروحه اللغوية، والنظر في مراجع التاريخ التي حددت زمان الآيات ومناسبتها وغايتها، وأن يلتزموا الدقة والتريث وهم يقرأون ويقارنون، ليكتشفوا بأنفسهم الأساليب المنحرفة والمضلّلة في كتب «الحقيقة الصعبة»، والابتعاد عن المنهجية الصحيحة في تفسير وتأويل القرآن الكريم، وكيف أن مؤلِّف تلك الكتب يدور حول آيات القرآن الكريم، ويعرض الآراء والنتائج وفقاً لفهمه الشخصي لهذه الآيات، وهي بعيدة كل البعد عن المنهج العلمي في الدراسة والبحث.
الدراسة العاشرة: المسيح بين القرآن والإنجيل ــــــ
1ـ هوية البحث ــــــ
عنوانه: «المسيح بين القرآن والإنجيل». المؤلف: السيد بسام مرتضى. الناشر: الدار الإسلامية، بيروت. تاريخ النشر: طبعة جديدة، 2002م ــ 1422هـ. عدد المجلدات: مجلَّد واحد، 222 صفحة.
2ـ هدف البحث ــــــ
استهدف الباحث خلال هذه الدراسة تسليط الضوء على المبادىء والأسس التي تقوم عليها المسيحية كعقيدة، ثم مناقشتها في ضوء القرآن الكريم، وبيان مواقف الاختلاف والاتفاق بين المسيحية والإسلام.
3ـ منهج البحث ــــــ
اعتمد الباحث في هذه الدراسة على المنهج الوثائقي والمنهج المقارن بشكل أساسي، ثم استعان أيضاً بمنهج التحليل الوصفي؛ لدراسة الأفكار وتحليلها ونقدها، فجاء أسلوبه حوارياً وجدلاً استدلالياً في آن واحد.
4 ـ إطـار البحث ــــــ
جاء البحث في هذه الدراسة وفقاً للمخطط التالي: الموقف (المسلم ـ المسيحي). الكتاب المقدس الجديد. الفصل الأول: ويتضمَّن: السيد المسيح ×، ولادة السيد المسيح ×: أـ سيرة المسيح × في القرآن، ب ـ سيرة المسيح × في الإنجيل، ج ـ تلامذة السيد المسيح ×، د ـ بولس الرسول، هـ ـ من تعاليم بولس الرسول، وـ بطرس وموت يهوذا الإسخريوطي. الفصل الثاني: ويتضمَّن: الموقعية: أـ موقع المسيح في القرآن، ب ـ موقع المسيح في الإنجيل. الفصل الثالث: مبادىء الاعتقاد بالمسيح: أـ بُنُوَّة المسيح، ب ـ ألوهية المسيح، ج ـ ماذا قال الناس في يسوع؟، دـ ماذا قال يسوع عن نفسه صريحاً؟، هـ ـ الخطيئة الأصلية، وكفارة الدم، زـ التجسيد، ح ـ التثليث، ط ـ موقف القرآن. الفصل الرابع: تعاليم السيد المسيح ×: أـ رسالة محدودة، ب ـ الخمر، ج ـ التعاليم المشتركة، د ـ أخبار من القرآن والإنجيل. الفصل الخامس: مريم ÷: المسيح وأمّه ÷. الفصل السابع: الأناجيل الأربعة: أـ مدى صحة الأناجيل، ب ـ صحة القرآن. الفصل الثامن: نقد: ابن الإنسان بين المهدي والمسيح. الفصل التاسع: نبوءة المسيح × بالنبي محمد ‘. الفصل العاشر: ملحق: نقد، ونقد النقد. الفهرست.
5 ـ النتائج الحاصلة ـــــ
ونذكر أهمها فقط، وهي:
1ـ تمكن الباحث أن يبيّن من خلال بعض نصوص الكتاب المقدس أن الجانب الإيجابي السائر في خط الله، من خلال تعابير العبودية والدعاء، والمحتمل قوياً صدوره من أنبياء العصر القديم، مثل ما ذكر في نشيد موسى × (التثنية: 3ـ 32)، وصلاة داود (أخبار الأيام الأول 17 و18: 18 ـ 20، وصلاة سليمان (أخبار الأيام الثاني 6: 14 ـ 19) و(أرميا 32: 18 ـ 20)، والنبي يونس × (يونان 1 و2 و3: 2 ـ 7 ـ 8 ـ 9 ـ 10)، كافٍ في تأييده بما ورد في القرآن الكريم عن حال وصف بعض الأنبياء القدامى في عبوديتهم وطاعتهم لله تعالى وحده وإيمانهم بوحدانيته، وبما ورد في وصف بعض الأنبياء في القرآن الكريم، كما هو الحال في: سورة النساء: 164، وسورة الأنبياء: 85 ـ 88، وسورة الإسراء: 3، وسورة النمل: 15، وسورة الأنبياء: 74 ـ 75، وسورة الأنعام: 85، وسورة مريم: 41، وسورة النحل: 120 ـ 121. وكل ذلك يؤيد أن هناك نقاط التقاء، ودوراً واحداً لجميع الأنبياء والرسل؛ لأنهم مرسلون من عند ربّ واحد ولهدف واحد.
2ـ أشار الكاتب إلى أنّ أكبر وأبرز ديانتين سماويتين في العالم هما: الإسلام؛ والمسيحية، وهما تحملان مبادىء ومفاهيم مشتركة، وتختلفان في مبادىء أساسية أخرى، ومع ذلك فإنّ الإسلام يحترمها، ويحترم جميع الأديان السماوية، كأهل الكتاب، ويقبلهم في مجتمعه على هذا الأساس، ولعلَّ المسيحية أقرب من غيرها إلى الإسلام، وذلك كما صرحت بذلك الآية الكريمة {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ اليَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} (المائدة: 82).
3ــ وأكدَّ الكاتب أن اختلاف الديانتين لا يمنع من إيجاد صيغة مشتركة، تضمن تعايش الطائفتين تعايشاً سلمياً ضمن الحقوق والقواسم المشتركة، مع الحفاظ على الحريات والكرامات.
4ــ حاول الكاتب خلال هذه الدراسة أن يستعرض مسألة مهمة في دراسته نصوص الإنجيل والقرآن الكريم، حيث انتهى إلى أن القرآن ينظر إلى السيد المسيح × نظرة تختلف عن نظرة الكنيسة إليه، وكذلك الرسل الأربعة.
الدراسة الحادية عشرة: بنو إسرائيل بين نبأ القرآن الكريم وخبر العهد القديم ــــــ
1ـ هوية البحث ــــــ
عنوانه: «بنو إسرائيل بين نبأ القرآن الكريم وخبر العهد القديم». المؤلف: الدكتور صابر طعيمة. الناشر: عالم الكتب، بيروت. تاريخ النشر: الطبعة الأولى، 1404هـ ـ 1984م. عدد المجلدات: مجلَّد واحد، في 357 صفحة.
2ـ هدف البحث ـــــــ
استهدف الباحث خلال هذه الدراسة عدة أهداف، ومنها:
1ـ القيام بدراسة موضوعية؛ ليتمكن من إبراز نهج الرصد القرآني لبني إسرائيل من الناحية الدينية والتاريخية والسياسية، وكذلك العقائدية والأخلاقية.
2ـ تسليط الضوء على لغة القرآن الكريم وبيانه في منهجه المحكم الذي {لا يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}، وهو يتناول بمنهج الرصد والتسجيل الإلهيين حياة هذا القطاع من البشر ـ من بني اسرائيل ـ وتاريخهم وعقيدتهم؛ وذلك لكي يتضح أمام الباحث تهافت النص الديني بين أيدي غير المسلمين اليوم.
3ـ إثبات هذه الحقيقة، وهي أنّ القرآن الكريم هو الحكم الوحيد في قضية التاريخ الإسرائيلي وما يتعلق به من دعوى أو مشكلات.
3ـ منهج البحث ــــــ
اعتمد الباحث في هذه الدراسة على منهج التحليل الوصفي والمنهج المقارن والمنهج الاستقرائي؛ وذلك لأجل الرصد والتقصّي والتتبع لمواقف اليهود في ضوء النص القرآني، ومن ثم مقارنة ذلك بما جاء في الكتاب المقدس (العهد القديم).
فجاء أسلوب الباحث توصيفياً وتتبعياً وجدلاً استدلالياً في آن واحد.
4 ـ إطـار البحث ــــــ
جاءت هذه الدراسة ـ إضافة إلى المقدمة والتمهيد ـ في ثمانية أبواب، وهي: الباب الأول: ويتضمَّن: المنهج القرآني في الحديث عن بني إسرائيل، النبي إبراهيم بين زيف الدعوى وحقيقة الانتماء، الكشف القرآني عن طبيعة الرفض اليهودي، المقاومة اليهودية للإسلام وموقف القرآن منه، القرآن يجادل الرفض اليهودي، إشارة البدء بالمقاومة الإسلامية لليهود؛ الباب الثاني: ويتضمَّن: طبيعة التجمع اليهودي في عصر الدعوة الإسلامية، نماذج من الرفض اليهودي للإسلام، تصاعد الرفض اليهودي للإسلام، الحرب الإسلامية اليهودية وموقف القرآن منها، القوى اليهودية في معركة الأحزاب، التجمع اليهودي لحرب الأحزاب، الرسول يضرب التآمر اليهودي في حرب الأحزاب؛ الباب الثالث: ويتضمَّن: غزوة بني قريظة وأثرها السياسي، الرسول يأمر بقتل رؤوس المؤامرة اليهودية، الإعداد السياسي لضرب التجمع اليهودي في خيبر، الرسول يضرب التآمر اليهودي في خيبر، الاحتماء اليهودي بالحصون، أهداف الحرب الإسلامية في خيبر؛ الباب الرابع: ويتضمَّن: إجمال تاريخ بني إسرائيل في القرآن الكريم، بنو إسرائيل في القرآن، من هو إسرائيل؟، الغلام الحليم، لماذا بشَّر الله امرأة إبراهيم بولد وحفيد مرة واحدة؟، أبناء الحليم وأبناء العليم، بين حلم الحليم وعلم العليم، بنو إسرائيل الأول، يوسف × ومكانته من بني إسرائيل، أخلاق العشرة الأول من بني إسرائيل، الأسباط وحقيقتهم القرآنية، بنو إسرائيل من يوسف إلى موسى’؛ الباب الخامس: ويتضمَّن: أنماط من النبوة والرسالة في بني إسرائيل، قضية الملك والنبوة في بني إسرائيل، بعض أنماط التراث الإسرائيلي، ذكر خبر الملك طالوت وإتيان التابوت، ذكر قصة التابوت وصفته، ذكر إتيان التابوت إلى بني إسرائيل، ذكر سير طالوت بالجنود وخبر النهر؛ الباب السادس: ويتضمَّن: الإطار العام لبني إسرائيل في القرآن الكريم، القصص القرآني عن تاريخ بني إسرائيل، القرآن يرفع الخطيئة عن أنبياء بني اسرائيل، عذاب الله لبني إسرائيل في الحياة الدنيا؛ الباب السابع: ويتضمَّن: نماذج من الضياع السياسي والديني لبني إسرائيل، انتزاع النبوة والرسالة من بني إسرائيل، العلاقة المسيحية اليهودية في نبأ القرآن؛ الباب الثامن: ويتضمَّن: النبي إبراهيم × في لغة القرآن الكريم، إسحاق ويعقوب’، النبي موسى في عطاء القرآن الكريم، داوود وسليمان في عطاء القرآن الكريم، النبي يوسف في عطاء القرآن الكريم، النبي أيوب في عطاء القرآن الكريم.
5 ـ النتائج الحاصلة ــــــ
من النتائج المهمة التي أشار إليها الباحث خلال دراسته ما يلي:
1ــ تمكن الباحث خلال هذه الدراسة أن يقدم عرضاً مجملاً لتاريخ بني اسرائيل الديني في ضوء النص القرآني، وأن يبيّن مفتريات وزيف كتب التاريخ والعقيدة عند بني اسرائيل.
2ــ بينّتْ هذه الدراسة كيف أن بني إسرائيل في القرآن الكريم قد حظوا بنصيب وافر من الإحاطة والشمول لكل ما يتعلق بالعقيدة الإلهية كلية، أو بوظيفة الرسالة الدينية بين الناس، وكيف أن الله سبحانه بيّن ذلك وكشف عن بيئة الرسالة، ونوعية المؤمنين بها من بني إسرائيل، وموقف المعاندين والمكابرين لها.
3ـ أكّد الكاتب أن الخبر القرآني في كل ما يتعلق بالتاريخ الديني والسياسي لبني إسرائيل، فضلاً عن خبره في ما انتهوا إليه من أمر العقيدة الدينية، ونظرتهم إلى الأوامر الإلهية، خبرٌ مستفيضٌ، يمتلئ بالدرس والعظة، فضلاً عن تمييزه الحق من الباطل والخبيث من الطيب.
4ــ أشار الكاتب إلى أن بني إسرائيل كانوا يشكلون قطاعاً من البشر مستهدفاً من الرسالة الإسلامية؛ بحكم عموميتها ودعوتها الناس جميعاً بأن يَنضمُّوا تحت لواء عقيدة التوحيد، وأن يؤمنوا بالحق الذي جاء به الإسلام، لذا فإن القرآن الكريم قد أفاض بالحديث عن بني اسرائيل في أطوار العقيدة الإلهية التي آمنوا بها، وفي أطوار النبوة والرسالة الإلهية؛ باعتبار أن الرسالة الإلهية في إسرائيل لم يستجب لها ردحاً طويلاً من الزمن، ولم تتمكن من قلوبهم، ولم تستمثر أهدافها المرجوة في الحق والخير والعدل في عواطفهم أو مجتمعهم، ولم يمضِ على مسارها إلاّ بضع سنين وإذا بكلّ مقرَّرات العقيدة الإلهية على يد صفوة من أنبياء الله ورسله في بني إسرائيل قد تلاشت، ولم يعد بمقدور المتطهّر أو الناسك على طريق الحق في اتجاه رب العالمين أن يجد لملامح عقيدة التوحيد في الواقع اليومي أثراً، أو يستشرف لها في الأفق مستقبلاً.
5ـ بيّنت هذه الدراسة أيضاً أن القرآن الكريم قد وجّه الدعوة الإلهية في الإيمان بالحق إلى بني إسرائيل إبّان عصر الدعوة الإسلامية، وانتظر زمناً طويلاً للحوار والدرس والمراجعة، ولكن الكهانة اليهودية استطاعتْ أن تجعل الرأي العام مضلَّلاً، ولذا كان الرد بالرفض والمقاومة والكيد لدعوة الإسلام، وانتقل الرفض إلى التكذيب والمطاردة لما نزل به الوحي الإلهي على قلب الأمين محمد ‘، ثم الدخول في مراوغات ومساومات حول العقيدة الدينية في الإسلام القائمة على (التوحيد) لله رب العالمين.
6ـ أكَّدت هذه الدراسة أنّ القرآن الكريم بيَّن للمؤمنين على وجه الخصوص تجارب بني إسرائيل في النبوة والرسالة الإلهية، وكشَف زيف موقفهم التقليدي الذي ألِفوه، المقاوم لكلِّ التزامات الإنسانية الكاملة لعقيدة الإيمان بالله رب العالمين. كما كشف القرآن في نهاية المطاف عن إخفاق بني إسرائيل في حمل التراث الإلهي وتداوله والدعوة له، أو حفظه في القلوب والصدور، وأخذ القرآن يقصُّ البداية التاريخية القديمة التي منَّ الله منها عليهم بالنبوة والرسالة، ثم أخذ يُفصّل في قضايا الحوار والنزاع الذي أثاره اليهود إثر موقف الرفض الذي اتخذوه من الإسلام ونبيه محمد ‘، وتمثل ذلك في حديث القرآن عن أبناء بني إسرائيل وأحداثهم، فضلاً عن تناوله بالتطهير والتكريم لسيرة جملة من أنبياء بني إسرائيل، خلافاً لما تداولته كتبهم وأسفارهم، التي صنعها كُهّان بني اسرائيل وأحبارهم، في ما رُوي عنهم، وسجلته أسفار التراث الإسرائيلي في العهد القديم.
7ــ حاولت هذه الدراسة ـ إضافةً إلى ما ذُكر ـ أن تبيِّن لنا أنَّ القرآن الكريم عندما يذكر سيرة أنبياء الله في الناس على ضوء اختيار الله لهم؛ بحكم أنهم الصفوة المختارة من بين خير خلق الله تعالى للناس هدايةً ورحمةً بالأنموذج والمثل والقدوة، وليس أمر أنبياء الله ورسله ـ كما حاول كُتّاب العهد القديم أن يقدموه إلى الناس ـ حقلاً لتجارب الإثم، ومسرحاً لدروس المعصية والمفاسد، التي وقع فيها شعب إسرائيل عبر التاريخ، ورغب كُتّاب العهد القديم أن يحولوا أحاديث الذكريات إلى سيرة عن أنبياء الله ورسله، وعلى ضوء خبر نبأ القرآن الكريم، الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فإن أنبياء الله يكونون أبعد ما يكونون عن خبر العهد القديم ولغته.
8 ــ وأخيراً تمكنت هذه الدراسة أن تثبت أن القرآن الكريم هو الحكم الوحيد في قضية التاريخ الإسرائيلي، وما يتعلَّق به من دعوى أو مشكلات، ومن ثَمّ فهو الحكم الفيصل في وجه من يريد أن يقيم دعوى ارتباط أو انتماء بين يهود العالم المعاصر ببني إسرائيل، وبين يهود العالم ممَّن سلف، وهذا ما يؤكِّد أنّ الصراع الذي يجري على الأرض العربية بين المسلمين العرب ومن يدَّعون اليوم الانتماء لبني إسرائيل إنّما هو صراع أطماع سياسية، مستغلةً الدين اليهوديّ لا غير.
ـ يتبع ـ
الهوامش
(*) أستاذ جامعي، وعضو هيئة الهيئة العلمية في كلية أصول الدين.
([1]) الكنـز المرصود في قواعد التلمود: 74.
([2]) يظهر أن هذا الاسم مستعار اتخذه المؤلِّف ستاراً له؛ كي يبقى مختفياً وراء هذا الستار، دون أن يعرفه أحد.