كلاهما عظيمان وكلاهما جذبا الجماهير واكد عليهما النص الشرعي بصورة واضحة فصلاة الجمعة لايشك في وجوبها القراني أي متشرع بينما منبر الحسين (ع) تواترت في مدحه روايات المعصومين
والمهم هنا لدينا ان نجد اهم نقاط المقارنة بين واقع المنبر الحسيني وواقع منبر الجمعة في العراق الحديث وكيف ان منبر الحسين رغم التجديدات الحاصلة لم يستطع تغير المجتمع لعقود كما استطاعت ان تصنعه في الواقع العراقي المعاصر صلاة الجمعة خلال سنوات قلائل بجهود شهيدنا الصدر .
وسيكون حديثنا ضمن مجموعة من المحاور وكل محور منها يتوزع الى مجموعة من انقاط و المفردات ولكن ينبغي ان نشير ان لكل واحد من المنبرين نقطة قوة قد ترجحه لا يمتلكها الاخر اما المنبر الحسيني فارتباطه العاطفي والصميمي بقضية كربلاء الحسين والتي هي بدورها قضية متجذرة في اعماق ومشاعر الامة والجمعة فاقدة لهذا الامر اما نقطة القوة في صلاة الجمعة والتي يفقدها المنبر الحسيني فوجوب الحضور ووجوب الاستماع وكل ميزة من هاتين الميزتين تشكلان محور لبحث لسنا الان بصدده .
وكلامنا عزيزي القارىء ضمن عدة مميزات لمنبر الجمعة على المنبر الحسيني في العراق المعاصر:
1- مركزية القيادة التي تمثلت بالشهيد الصدر الثاني (قدس) و المكتب الشريف مما اسبغ على اداء الجمعة حالة من التنظيم في اختيار الموقع والخطيب وكذلك مركزية القيادة سحبت لواقع الجمعة وحدة الموقف فكان موقف الجمعة موقفا واحد ازاء الاحداث التي عصفت بواقع المجتمع العراقي .
بينما عاش منبر الحسين حالة من الفوضى فلم تكن هناك أي مركزية للمنبر الحسيني في العراق ولم تكن هناك لاقيادة شخص ولا قيادة مؤسسة وهذا خلف من وراءه صور من التناقض المواقف بين المنابر المنتشرة في العراق .
2- الجمعة بدون اجر بينما المنبر تحول الى الى تجارة فاحشة فدافع الخطيب كان دافعا دينيا بحتا يتجاوز استهداف دفع الاجر بينما في كثير من الاحيان ومع الاسف دافع الخطيب الحسيني (الا ما ندر) مادي بل وصلت الحال ان لكل خطيب سعر محدد مما خلف امراض اخلاقية مؤلمة عند الخطباء انعكست سلبا على عطاء المنبر الحسيني بينما خطيب الجمعة لم يتقاضى اجر مقابل اداءه لخطبة الجمعة الا المرتب الشهري من المكتب او اجور النقل لا غير مما انعكس ايجابيا على علاقته بالجمعة وجمهورها.
3- المواجهة …. واجهت الجمعة النظام الطاغي بصورة مباشرة وواضحة بينما كانت مواجهة المنبر الحسيني للنظام بصورة اجمالية موجودة ولكن لا في التفاصيل
4- دور الجماهير كان اقوى واشد في الحضور الجمعوي بينما كان دور الجمهور ضعيف جدا في المجلس الحسيني .فالمصلي للجمعة متلقي ايجابي غالبا ويشارك بالهتاف وغيره بينما لم نجد ذلك في منبر الحسين
5- يضاف للسابق … الحضور الشبابي المميز في منبر الجمعة بينما سيطر حضور الشيبة والمسنيين في المجلس الحسيني .
6- الحضور النسائي الرائد اخذ حيزا فعالا في صلاة الجمعة بينما لم يرى حضور نسائي واعي في المجالس الحسينية النسائية .
7- التواصل الزماني اذن الجمعة كل اسبوع مره وبوقت محدد ولايتعداه احد بينما كان المنبر الحسيني واقع في مازق – لاحظ – الموسمية في عاشورا وصفر ورمضان الا اللهم مجالس متناثره خلال السنة لا تمثل خارطة زمانية واضحة منتظمة ومثمرة .
8- عنصر الاختيار كان خطيب الجمعة لايحمل هذا العنوان الا بعد موافقة الشهيد الصدر ولجنة الاشراف بينما كان كل من يرغب ان يكون خطيبا حسينيا يكون وبدون أي ضوابط علمية واخلاقية.
9- استهلاكية المواضيع وثقافة الاجترار التي غزت المنبر الحسيني مما خلف حالة من الملل والشعور بالرتابة لدى الجمهور بينما كان الطابع العام والاجمالي لمنبر الجمعة هو اختيار كل ماهو جديد وقراءة الاحداث المعاشة مما خلف انشداد الجمهور.
10- استطاع السيد الشهيد ان يخلق حالة من المشاركة الجماهيرية في نفس الخطبة من خلال الشعارات والهتافات اثناء الخطبة بل وان تصاغ المواضيع احيانا على طلب الشارع بينما انعدمت هذه الحالة في المنبر الحسيني .
11- سلبية توضيف النعي الحسيني – رغم عظمته – و لم يكن لها موضوع اصلا في منبر الجمعة
12- الموقعية المكانية للجمعة ومراعاة المسافة الشرعية مما ادى لان تسمى لكل منطقة جمعة واحدة يتمحور خلالها الجمهور بينما ضلت العشوائية المكانية مسيطرة على المنبر الحسيني .
13- اخذت المواقف السياسية والاجتماعية طابع التصريح في الخطب الجمعويه خصوصا التصريح المقرون بتحدي الاخر بينما لم يلحظ ذلك في المنبر الحسيني .
14- استهداف التغير الاجتماعي الى جنب استهداف الثواب الالهي كان عنصر قوة في مسيرة الجمعة خصوصا للحضور الجماهيري بينما كان اغلب الناس ولاسباب معينة يستهدف الثواب الالهي فقط من حضوره في المنبر الحسيني مما عدم هدفية التغير الاجتماعي المدروس في المنبر الحسيني .
15- مشكلة الصوت الشجي كانت حائل دون وصول العديد من الطاقات المبدعة والمفكرة للمنبر الحسيني بينما لم تكن هذه المشكلة موجودة اساسا في المنبر الجمعوي وتركز الترجيح فيه على الاداء الفكري فقط .
16- كانت الجمعة وبقيادة السيد الشهيد تسير ضمن سياق اهداف ستراتيجية معينة وضمن اهداف مرحلية محددة فهي تتحرك بخطة مدروسة وبخطى مرتبة تصاعديا ولم يلحظ أي شي من ذلك في المنبر الحسيني .
17- وجود بعض السلبيات في طبيعة ادراه من كان يقيم ويمول المجلس الحسني ووضعه الاجتماعي بل كان الحضور يحدده غالبا طبيعة علاقة الفرد او الافراد الممولين بالناس بينما انعدم ذلك في صلاة الجمعة بل كان الكل له نفس الدور على حد سواء تقريبا …
18- احتفت الجمعة بمجموعة كبيرة من الاحكام التي فصلها الفقهاء في رسائلهم العملية استوعبت كل جوانبها بينما انعدم ذلك في منبر الحسين او كان نادرا جدا