أحدث المقالات

قراءة فقهية

أ. مهدي موحدي المحب(*)

السيد د. محمد رضا إمام(**)

د. عابدين مؤمني(***)

مقدمة

ازداد في الآونة الأخيرة الاتجاه نحو إبرام العقود وإيجاد الارتباطات خارج مجرى العقود المعينة، وربما كان ذلك بسبب الإحساس بقلّة الموانع التي تحول دون الوصول إلى الإرادة الحرة في هذا الاتجاه.

وهذا هو الدليل الأساسي في الإعراض النسبي، وعدم فائدة القوالب الموجودة في الأذهان سابقاً، وعدم مرونة العقود المعيّنة في المجتمع الحاضر، وبالخصوص في الموارد التي ظهرت حديثاً. ولذا فإن البعض رجّح استخدام عبارة (العهد) أو الضمان بدلاً من كلمة (عقد) أو عناوين العقود المعيّنة، أمثال: البيع، والإجارة.

إذا لم يمهّد القانون المدني باعترافه رسمياً بالعقود غير المسمّاة([1]) فهل أن النظام الحقوقي الإسلامي يمكنه أن يؤمّن الاحتياجات الكثيرة للمجتمع العصري من خلال إيجاد الارتباطات الحقوقية الجديدة([2])؟ وهل أن البحث حول العقود المعينة يعطينا طرقاً للحل من أجل الاستفادة القصوى منها في هذه العقود؟ وهل من الممكن ردّ انحصارها في تركيبة واحدة توقيفيّة؟ وهل يُحسَب هذا تخلّفاً أو نفياً للحداثة والتجدّد وعدم رفضه من قِبَل الشارع، أم أن عناوين وتراكيب العقود تتبع الزمان الذي عقدت فيه؟ وهل أن عقد الصلح من العقود المعينة؟ وهل أن مجرد تغيير عنوان (العقد) بـ (الصلح) يساعدنا في الهروب من الآثار العرفية للعنوان؟ وهل أنّ كل توافق بين طرفين يسمى صلحاً؟

من خلال هذه الأسئلة سوف نبحث في مقالنا هذا الفرضيات أو الحتميات التالية:

1ـ العقود المعينة تؤمّن احتياجات المجتمع العصري للارتباط الحقوقي الجديد والمعقد، من خلال تنوّعها وليونتها في التركيبة، بالإضافة إلى الاعتبار العقلائي.

2ـ التراكيب الفعلية للعقود المسمّاة يمكن تغييرها من خلال التغيير أو التقيد في مقتضى إطلاقها، أو بإضافة بعض القيود، فيتشكّل نموذج جديد من ذلك العنوان. وسوف يبطل العقد إذا فقد أيّ مورد من موارد العقد من خلال فقدان القصد.

3ـ إذا كانت ذاتية العقد المعيّن وماهيّته الأصلية تشكِّل الهيكلية الأصلية للعقد، فبأخذنا عنوان ذلك العقد لأجل القصد والإنشاء فقط سوف نتّبع الآثار العامّة لذلك العنوان، علماً أن كل تركيبة لذلك العقد لها مقتضياتها الخاصّة به.

4ـ لأجل الاعتراف بالعرف العقلائي في الارتباطات المعامليّة ليس من الضروري إحراز الاتصال بزمان الشارع.

5ـ العقود الوحيدة التي يمكن أن نطلق عليها (عقد صلح) هي العقود التي لا يمكن أن تتقَوْلب في أحد أشكال العقد المعيّن، ولا يمكننا أن لا نتّبع أحكامه لمجرد تغيير العنوان إلى (الصلح).

6ـ (الصلح) عنوان عام لكل العقود غير المسمّاة، وبوجوده نستغني عن المادة 10 من القانون المدني.

العقود المعينة

1ـ العقد

«العقد عبارة عن تعهّد شخص أو أكثر مقابل لشخص أو أكثر  بأمرٍ ما، ويكون مورد قبول الطرفين»([3]). ونحن نعلم كذلك «أن العقد يتحقق بقصد الإنشاء، شرط أن يكون مقروناً بشيء يدلّ على القصد»([4]).

وبناءً على ذلك، وبغضّ النظر عن البحث المطوّل بخصوص تعريف العقد([5]) نقول:

أولاً: العقدُ قرار بين طرفين، يبرم لتحصيل منفعة شرعيّة للمتعهد له. والمعنى اللغوي للعقد هو الشدّ([6]).

ثانياً: القصد هو المَسْنَد الذي يستند عليه العقد.

ثالثاً: قصد الإنشاء يجب أن يكون ظاهراً وبارزاً وواضحاً. ونحن هنا لسنا بصدد نفي هذه المفاهيم.

2ـ العقد المعيّن

وهو اصطلاح يُطلق على عقود ذات موضوع معيَّن ومحدَّد سابقاً وله شهرة بين الناس، ويعرفه الناس باسم خاص به، والمقنِّن أيضاً يعرفه بهذا الاسم، و يبيّنه ويبيّن موضوعه و شرائطه واحداً بعد الآخر، وتسمى هذه العقود أيضاً (بالعقود المسمّاة)، مثل: البيع، والإجارة.

3ـ العقد غير المعيّن

وهو ما يُطلق على العقد الذي يكون موضوعه وحدوده منوط بالأفراد، على أن تكون قوالبه الكلية وقواعده العامة مبيّنة في القانون. وهي العقود التي لم يُذكر لها اسم في القانون، وتسمى (العقود غير المسمّاة) أيضاً.

ومن الواضح أن حرية الإرادة في انعقاد العقد غير المسمّى لا يعني جواز انعقاد العقود المخالفة للشرع، أو المخالفة للقانون. ولا يمكن أن نعدّ عدم الاطّلاع المسبق على حدود العقد وموضوعه تخلّفاً عن الضابطة الكلية لمشروعية العقد.

4ـ ماهيّة وبناء العقود المعيّنة

أـ  الماهية

وهي المفهوم المتبادر للذهن لكل عنوان من عناوين العقود المعيّنة، وهذا هو سبب تسمية كل عقد بعنوان خاصّ، ذي ماهية وذاتية أصليّة لذلك العقد.

ب ـ البناء (التركيبة)

يُطلق على كل عقد معيّن بشكل ونموذج خاص للماهية الأصلية التي تتلبس به الذات في عالم الاعتبار. والحقيقة أن هناك مجموعة خاصّة من الأمور غير الذاتية التي ترافق الذات والماهية الأصلية للعقد تشيّد تركيبة خاصّة للعقد. والواقع أن كل أمر دخيل في التراضي يعتبر قيداً من القيود، التي عند لحاظها تؤثِّر في حصول الماهية الاعتبارية الخاصّة، والتركيبة المعيّنة للعقد المعيّن، والعقد بلحاظ تلك القيود هو مقصود المُنشئين له([7]).

العقود المعينة نفسها لها القابلية في تقبّل النماذج و التراكيب المتنوعة، ولا يوجد هناك دليل على انحصار تراكيب هذه العقود في شكل ثابت لا يقبل المرونة. علماً أن هذه المرونة، وهذا التنوع في التركيب، ليس بمعنى التعدّد في الماهية([8]). وهذا التفاوت واضحٌ تماماً في النماذج المذكورة.

ورغم أننا نسمي هذه النظرية بـ (نظرية المرونة) فإنه يمكن الاستفادة منها بشكل واسع من خلال إمكانيات العقود المسمّاة. وهذه النظرية تؤمّن احتياجات المجتمع الحديثة، التي نعتقد بعدم انطباقها على العقود التقليدية والمسمّاة، لكنها لا تنفي الإرادة الحرة في انعقاد العقد خارج إطار العقود المعينة. وسوف نذكر أن (عقد الصلح) فتح لنا طريقاً جيداً لحل الكثير من هذه الموارد.

والنقطة الثانية هي أن تعيين عنوان العقد، واتّباع ذلك العنوان، يرجع في تطبيقه ومعرفة آثاره وأحكامه إلى عرف العقلاء. وإنّ تعدّد المرونة في تركيب كلّ عقد مرتبط بذلك العرف، ومن دون الاعتبار العقلائي لمعرفة التنوّع والمرونة في التركيب لكل عقد لا يمكننا الوصول إلى حلّ. وهذه النماذج المذكورة بين يديك توحي بوجود هكذا اعتبار في هذه الموارد.

مقتضى العقد

إن مقتضى العقد وتقسيمه إلى مقتضيات الذات والإطلاق ليس بحثاً جديداً، رغم أن مصاديقه في العقود لا زالت موضع اختلاف.

مقتضى ذات العقد

إن ماهية وصحّة العقد مرتبطة به، يعني أن العقد لا يمكن أن يوجد من دونه. وبناءً على ذلك فإن كل تسمية للعقد باسم خاصّ تُعَدّ من مقتضيات ذلك العقد.

مقتضى إطلاق العقد

وهو ما يتطلبه العقد حسب إطلاقه. وبعبارة أخرى: إذا لم يكن هناك أي قيد في العقد فسوف يكون العقد مطلقاً، وإذا كان العقد مقيَّداً بقيد على خلافه فسوف يقيّد الإطلاق حسب ذلك القيد.

 أما معيار وملاك تشخيص الإطلاق والتقييد فهو انصراف عنوان العقد الذي نحصل عليه من خلال العرف([9]).

وسبب طرح هذا البحث الآن هو:

أولاً: في نظرية المرونة نحتاج إلى معرفة الحدود الأصلية والاقتضاء الذاتي لكل عقد معيّن، خالٍ عن الإضافات، كالشرائط والمقارنات، والتي إذا قمنا بتشذيبها من الزوائد، التي يُعدّ بعضها في مصافّ شرائط صحة ذلك العقد، فنستطيع أن نعطي شكلاً وتركيباً خاصّاً من هذه الذات الجديدة، عارٍ عن القيود، يمكن أن نطلق عليه (العنوان السابق). كما وتجري مقتضيات ذات العنوان وأحكامه عليه أيضاً.

ثانياً: تتبع الصور المتنوعة لكل عقد مسمّى الآثار العامة لذلك العنوان ومقتضياته. كما أن لها في الوقت نفسه اقتضاءات خاصّة بها، متفاوتة مع النماذج الأخرى لنفس العنوان. وهذه المختصّات توجب الرغبة في إيجاد الاعتبار لتلك التركيبة الخاصّة، التي تسمى أيضاً (مصلحة البنية التحتية للعقود)، أو (المصلحة الكامنة)، أو (المصلحة الشخصية أو النوعية)، ويمكن أن نستلّ لزوم العقد أو جوازه من هذه الأمور([10]).

وحسب هذا البيان وهذا الطرح فإنه من الممكن أن يكون الشكل الخاص للعقد المعيّن (جائزاً)، بينما الصورة الأخرى له تكون (لازمة)، مثل: عقد الوكالة المقيّد بعدم حقّ الاستعفاء للوكيل أو عدم حق عزله، فيكون لازماً، أما إذا كان فاقداً للقيد المزبور فيكون جائزاً([11]).

ولا يخفى أن اكتشاف الذات والماهيّة الأصلية للعقود غير ميسَّرة من دون البحث في المفاهيم اللغوية والعرفية.

وقد تنجّز نموذج لهذا البحث ـ بغضّ النظر عن النتيجة وطريقة إنجاز العمل ـ في باب الماهيات الاعتبارية و الحقوقية، التي لسنا الآن في صدد الحديث عنها.

انحصار عناوين العقود وعدم انحصارها

1ـ نظرية انحصار العقود

وهي النظرية التي ترتّب الأثر على كل عمل حقوقي يستلزم جعلاً أو تأييداً من قِبَل الشارع. ولذا فإن الأصول في باب المعاملات هو الفساد، إلاّ أن يثبت الاعتبار.

وللفاضل النراقي تحليل في هذا المضمون، حيث يقول: «ولما كان الأصل عدم ترتّب شيء من الآثار على عقد أو إيقاع، إلاّ مع دليلٍ، فاللازم الاقتصار في أنواع الآثار ووجوبها على ما ثبت ترتُّبه شرعاً، وما لم يثبت فيحكم بعدم ترتبه»([12]).

2ـ نظرية عدم الانحصار

وفقاً لهذه النظرية لم يكن للشارع تأسيس ولا جعل في دائرة المعاملات، لكنه في بعض الموارد قام بتصحيحها، مثل: النهي عن المعاملات الربوية، والغررية، أو العادات السيئة المعمول بها في النكاح و النسب، والتي نهى عنها، مثل: نكاح الشِّغار([13]).

وقد وردت روايات وأخبار في عدم اعتبار التعهدات المخالفة للكتاب والسنة، وهو شيء واقع، فإن بعض موارد العرف الجاري لم يُمْضِها الشارع. لذا علاوةً على أن تكون الرابطة الحقوقية عرفية يجب إحراز عدم مخالفة الشارع في ذلك المورد، وصِرف الرواج لا يمكن أن يكون دليلاً على الصحّة، رغم أنه من الممكن أن تكون الطرق في إحراز عدم المخالفة متفاوتة.

تمنع الآية الشريفة: {لا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ إِلاّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ} (النساء: 29) التصرف بأموال الآخرين بالباطل، إلاّ عن طريق واحد، وهو أن تكون تجارة برضا الطرفين، ولم تُشِر الآية إلى انحصار عناوين العقود بشكل معيّن.

يقول الميرزا القمي في «جامع الشتات»: «جواز أصل المعاوضة لا يحتاج إلى دليل؛ لأن الأصل براءة الذمّة والإباحة، وعدم ورود المنع كافٍ في الجواز»([14])، بمعنى أن بطلان المعاوضات والعقود يحتاج إلى دليل، وليس صحّتها([15]).

ويقول الزحيلي: إن أهل السنة ـ باستثناء الظاهرية ـ يتّبعون هذه النظرية، وهو أيضاً يختارها([16]).

ويقول أحمد فتحي زغلول في شرحه للقانون المدني المصري، عندما يقسّم العقود إلى معيّن وغير معيّن: «دَرَج المؤلِّفون على تقسيم العقود إلى معينة، أي مسمّاة باسمٍ خاص، وإلى غير مسمّاة. وهذا التقسيم عقيم الفائدة علماً وعملاً…. ولمّا كان التقاعد مباحاً في الدائرة المرسومة، أعني ما دام الاتفاق لا يخرج عن مقتضى النظام، ولا يرمي إلى محرَّم أو مستحيل، وكانت المعاملات في تطوّر مستمر، بحسب تغيُّر الأزمان والأحوال، اكتفى القانون بذكر ما اشتهر من أنواعها، وترك الباب مفتوحاً لحركة الرقيّ…».

ويضيف زغلول: «لولا هذا التدبير لاضطرّت الأمّة إلى الوقوف في معاملاتها عند الحدّ المرسوم في قانونٍ وضعه قوم باعتبار أحوالهم، وما كان جارياً في زمانهم، ولزلّت قدمها عن التقدُّم إلى الأمام…»([17]).

ويبدو أنه مع الاهتمام بأدلة البراءة، وبالخصوص رواية «كل شيء لك مطلق حتى يرد فيه نهيٌ»([18])، والتي تشمل بإطلاقها وعمومها هذا المورد أيضاً، لا يجب أن نقول بالمنع في الموارد التي لا نعلم بورود النهي فيها من قِبَل الشارع، وسوف لا يبقى مجال لقبول النظرية القائلة بتوقيفية العقود، وذلك إذا قبلنا دلالة الروايات المذكورة في باب الصلح على حرية الإرادة في العقود، المقيّدة بقيد واحد، وهو عدم مخالفتها للأحكام الإلزامية([19]).

نظرة مختلفة لعقد الصلح

منذ زمن بعيد يعتبر (عقد الصلح) مظهراً للعقود التي يمكن إعمال الإرادة فيها على أوسع الحدود. وفي الواقع كأنّ اعتبار هذا العقد عند الشارع يعطي فُسحة لمشروعية التراضي الحُرّ خارج القوالب الخاصّة. وهذا لا يعني الإباحة المطلقة في العلاقات الحقوقية، بل إن الأفراد مُلزَمون برعاية حدود الأحكام الثابتة، والتي تظهر نوعاً ما في كل نظام حقوقي. كما يمكن الاستفادة من الروايات التي تركت أثرها في القانون المدني: «كل صُلح نافذٍ، إلاّ الصلح على أمرٍ غير مشروع»([20]).

وفي الحقيقة ليس من المعقول أن يفتح المقنّن الطريق لتعطيل أحكامه الإلزامية؛ لأنه نقضٌ للغرض. لذا فإن الحدود الجائزة للتراضي غير المحدود واللاّ معدود بيَّنَتْها رواية: «الصلح جائز بين المسلمين، إلاّ صلحاً حرّم حلالاً، أو أحلّ حراماً»([21]). والمادة المذكورة سابقاً مستقاةٌ من هذه الرواية والروايات المشابهة لها.

ومن جانب آخر فإن القانون المدني الإيراني في المادة 10 ـ التي تُظهر الحرية المعروفة والمشهورة في الإرادة في الحقوق الإيرانية، وعاملاً لتحرير كل ما هو داعٍ لانحصار العمل بالعقود المسمّاة([22]) ـ قرّر ما يلي: «العقود الخصوصية نافذة بالنسبة للمتعاقدين، على أن تكون غير مخالفة لصريح القانون»، بمعنى أن الأفراد لا يمكنهم أن يتصالحوا في العقود على الأشياء المخالفة للقانون، وإذا ما توافقوا فإن هذا التوافق لا اعتبار له قانونياً([23]).

ومن الواضح أن مضمون المادتين 10 و754 من القانون المدني الإيراني متّحد مع مضمون الرواية المذكورة. وكذلك للمادة 73 من القانون المدني العراقي تعبير مشابه، حيث تقول: «يصحّ أن يرد العقد على أي شيء آخر لا يكون الالتزام به ممنوعاً بالقانون، أو مخالفاً للنظام العام، أو للآداب».

وقد كتب أحد المعاصرين، حول تطابق المادة 10 من القانون المدني الإيراني و(عقد الصلح)، فقال: يبدو أن عقد الصلح له منزلة خاصّة على طول التاريخ،  وحتى قبل تدوين المادة العاشرة، التي تنادي بحرية الإرادة في انعقاد العقود في العلاقات الحقوقية للإيرانيين، وإنه مورد لتنفيذ انعقاد التعهدات في العقود غير المسمّاة. لو كان الصلح من العقود المعينة لوجب أن تجري عليه نفس الأساليب السابقة التي جرت على العقود المعينة.

وربما يعود سبب تحدثهم حول عقد الصلح بالخصوص إلى سبب تعريف الشارع والعرف والعادة لحدود كل واحد من العقود المعينة، أما خارج العقود المعينة فيلزم أن يكون هناك حدٌّ لأقسام التراضي غير المحدودة. إذاً تعيّن من خلال الحديث حدود هذه العقود([24]).

 لذا يبدو أولاً: أنّ (الصلح) عنوان عام لكافة العقود غير المعيّنة، ويمكن للأفراد التراضي فيما بينهم بشكل حُرّ، من دون مخالفة للأحكام الإلزامية (تحليل الحرام، أو تحريم الحلال). وهذا التوافق قانونيّ ونافذ، وعلى الطرفين الالتزام بهذا التوافق والتراضي.

ثانياً: أنه حتى لو فرضنا أن عقد الصلح من العقود المعينة يجب القول بأن قابلية انطباق عقد الصلح مع (نظرية المرونة) أكثر من بقية العقود المعيّنة. وهناك صور ونماذج كثيرة بالنسبة لذلك.

ثالثاً: أن فرار الأفراد من الآثار القانونية بواسطة تغيير عنوان العقد خلاف العرف. لذا يجب أن يختصّ عقد الصلح بالموارد التي لا تخضع للقوالب المخصّصة للعقود المعينة، مع الأخذ بنظر الاعتبار نظرية المرونة.

وبما أن حقيقة الصلح هو التسالم يجب أن لا نستغل هذه المسألة فلا نرتّب الأثر على الإجارة، أو البيع، أو العناوين الأخرى([25]). ونحن نعتقد أنه إذا كان هناك عقد يعطي نفس نتيجة العقد المعين، وقد أخذ عرفاً نفس العنوان، فهو تابعٌ لأحكام ذلك العنوان، لا أننا نهرب من العقود المعينة وآثارها القانونية من خلال تغيير العنوان فقط إلى (الصلح)، مع الإذعان بجواز التراضي على تغيير الآثار غير الأمريّة في العلاقات الحقوقية. لذا يقول الشيخ الطوسي: على هذا الأساس فإن الصلح في مقام أية معاملة، مثل: البيع، والإجارة، و…، سوف يتبع في أحكامه ذلك العنوان من المعاملة([26]). وفي نظرية المرونة يكون أكثر توافقاً وانسجاماً. ونتيجة لهذا الاختلاف، وحسب ظهور ورواج وبروز العناوين الجديدة في دائرة العقود، فإننا نعتقد بعدم توقيفية تلك العقود.

اعتبار العرف

بدون وجود الاعتبار العقلائي لا نستطيع التعرّف على المرونة، وعلى أنواع تراكيب العقد. أما التراكيب المُستخلصة من خلال العرف لأحد العناوين فإنها ستكون مشتركة في اتّباع الآثار العامة والمقتضيات لنفس العنوان، من خلال معرفة الاقتضاءات الخاصة لكل تركيب.

وأما ما كان معروفاً بين أصحاب الرأي في لزوم إثبات اتصال العرف بزمان الشارع؛ لكي نكشف رضاه أو تقريره، فسوف يكون العرف في هذه الحالة أحد فروع ومصاديق السنّة([27]).

و الموارد التالية ترشدنا وتقودنا إلى (أصل المعرفة) بالنسبة للعرف والسيرة العقلائية في دائرة الموضوعات في الارتباطات المعاملية، من دون الحاجة إلى إحراز اتصالها بزمان الشارع.

1ـ من شأن الشارع بيان الأحكام، لا الموضوعات. أما تعيين حدود المواضيع في المعاملات فهي بعهدة العرف. والأصل اتّباع الطريقة العرفية([28]). وتدخّل الفقيه في هذا الوادي خروج عن شأن فقاهته([29]).

2ـ في الوقت الذي يعلم فيه المعصومون^ بغيبة الإمام الحجة# وطول مدّتها، وأخبروا بها([30])، ويعلمون أيضاً أن الفقيه في مثل هذه الموارد ليس له إلاّ الرجوع إلى العرف والسيرة العقلائية، رغم كل ذلك لم يَنْهَ المعصومون عن ذلك الفعل. وهذا بنفسه دليل على قبولهم بهذا الرجوع والرضا به. لذا سوف لا يكون هناك تفاوت بين السيرة المتّصلة بزمان الشارع و غير المتّصلة([31]). ورغم ذلك فإن الشارع وافق بتصحيح العرف لبعض الموارد، مثل: النهي عن التعهدات المخالِفة للكتاب والسنّة، والمعاملات الربويّة([32])، وسوف نكون ملزَمين باتّباع المصاديق القطعية منها([33]).

3ـ يمكن تحصيل الاعتبار للظواهر العرفية من خلال العقد، وكذلك من خلال العلل والأهداف والغايات، بدلاً من البحث في زمان اتّصال الظاهرة العرفية بزمن المعصوم×. وهو منشأ معتبر للظاهرة العرفية؛ لأن في منشئها العقل والوثائق التي لا يتردّد في قبولها أحد ـ حتى الأشاعرة، والأخباريون، والظاهريون المعروفون بمخالفتهم الاستناد إلى العقل ـ([34]).

4ـ إن ظهور ورواج العناوين الجديدة في محدودة العقود المسمّاة موكول إلى العرف والاعتبار العقلائي، مع الأخذ بنظر الاعتبار الأحكام غير القابلة للتغيير.

نماذج يمكن تطبيقها على نظرية المرونة

بعد القبول بمرونة تراكيب العقود المعيّنة يمكن أن نتحرك مع واقعيات العرف في المجتمع، ونضع العقود والمواثيق التي يوحي ظاهرها أنها عقود غير مسمّاة، ندرجها تحت أحد العناوين للعقود المعينة، مع الالتزام بآثارها العامة، كي تمنحنا انضباطاً أكثر في الارتباطات الحقوقية. وسوف نقوم بتقسيم هذه النماذج، التي تنطبق عليها نظرية المرونة، إلى مجموعتين، هما: الأدلة؛ والنماذج الجديدة.

أـ الشواهد والأدلّة

 التراكيب المختلفة لأحد العقود؛ بسبب رواجه في زمن الشارع، وإبداء وجهة نظره فيه، يعتبر مؤيّداً لنظرية المرونة.

1ـ عقد النكاح: وله تركيبان: دائم؛ ومنقطع. وهما شكلان لماهيّةٍ اعتباريةٍ حقوقية واحدة. وهذان اللذان لهما ذاتية وماهية مشتركة هما إباحة بالاستمتاع([35]). ومن خصوصياته الخاصّة به الاستمتاع. لكن هذا لا يعني نفي معنى النكاح عن أي نوع منهما. وكذلك فإن العقد سوف يُحكم عليه بالبطلان إذا ورد خللٌ في قيد الزمان أو الدوام، وسوف يبطل العقد بفقدان القصد([36]).

2ـ عقد الوكالة: وهي استنابة في التصرف([37]). والوكالة نوعان: مطلقة (مع العزل)؛ ومقيَّدة بلا عزل. والفرق بينهما أنه في المطلقة يمكن عزل الوكيل، وهو من مقتضيات إطلاق العقد، أما في الوكالة بلا عزل فإن هذا الأمر منتفٍ، لكنه لا يضرّ بذاتيّة العقد وماهيّته.

3ـ عقد الهبة: وهي تمليك بلا عوض، وهو ماهية هذا العقد([38]) الذي يظهر في كلا النوعين ـ الهبة المعوضة؛ وغير المعوضة (المطلقة) ـ. ولكن لكل واحد منهما آثاره الخاصّة به. فمثلاً: يمكن الرجوع في الهبة غير المعوَّضة إذا كانت لغير الرحم، أمّا الهبة المعوّضة فلا يمكن الرجوع فيها([39]). وليس معنى الهبة المعوّضة التمليك مقابل تمليك آخر، أو قيمة مقابل قيمة أخرى، كما نشاهده في البيع، والإجارة، بل هي هبة بشرط هبة أخرى، وبالنتيجة هبةٌ مقابل هبة، وليس مالاً مقابل مال آخر([40]).

ب ـ نماذج جديدة

راجت عقودٌ جديدةٌ في المجتمع المعاصر، الذي ابتعد عن زمان الشارع، حيث إن بعضها تخطّى كونه جزءاً لاينفكّ عن العقود المعيّنة، وتخطّى شرائط صحة ذلك العقد. وبسبب كثرة هذه العقود، وسعة أجزاء هذه المعاملات والتوافقات، نشأ توهّمٌ بإيجاد عقد غير مسمّى، في حين أنه في عرف المجتمع ينضوي تحت أحد العقود المعينة. وببركة نظرية المرونة يمكن تطبيقه على ذلك العقد.

1ـ البيع المؤقت (الملكية الزمانية)([41])

كل ما هو موجود في أذهاننا حول الملكيّة أنها دائمية، وأنها مطلقة من ناحية الزمان، ما دام البيع المؤقَّت باطلاً([42]).

ولكنّ ما هو موجود في (البيع المؤقت) نشاهده في صناعة السياحة. فمثلاً: ملكية المكان المعيّن، والمحدّد بزمن معيّن، يتكرّر في مراحل معلومة من الزمان. والسبب في حصول ذلك هو الصورة الخاصّة التي نحملها عن البيع، والتي هي انتقال ملكية العين والمنافع.

فمثلاً: هناك منتجع تنتقل ملكيته كلّ شهر من السنة إلى شخص معيّن، فهو يمكنه في فُسحته الزمانية ـ شهر واحد ـ أن يتصرّف تصرّف المالك، من دون الحاجة إلى إذن المالكين الآخرين.

ومن الواضح أن من مقتضيات العقد الخاصّة في تركيبة عقد البيع أن لا يتصرَّف بما ينافي حقوق المالكين الآخرين، مثل: تخريب البناية.

ومن الممكن أن يتردَّد أحدنا في كون هذه الواقعة الحقوقية من (البيع)، أو أنّها شكل خاص أو عقد خاص. ولكن من المُسلّم أنهم لم يأتوا بالدليل على أنه ليس هناك أي ضرورة في جعل هذا العقد من العقود غير المسمّاة، أو عدم إمكان تحققه، أو أن الإدامة من مقتضيات الملكية([43]).

2ـ البيع بالثمن العائم (الراسي)

إن الذي نعرفه من الفقه والحقوق هو أن يكون الثمن معلوماً أثناء انعقاد عقد البيع. ويعتبر من شرائط صحّة العقد([44])، ومن دونه يبطل العقد؛ بسبب الجهالة والغرر([45]). ولكن هناك صور خاصّة ورائجة في البيع هذه الأيام، وهي بيع السَّلَم، أو البيع سََلَفاً، في منتوجات شركة صناعة السيارات، فيدفع مقداراً من الثمن يُحدَّد عندما يوقّع العقد، حيث يقرّرون بعدها تسليم القيمة الباقية من ثمن السيارة عند تسليمها للمشتري في موعد التحويل، والذي غالباً ما يكون بعد فاصلة زمانية تطول شهراً أو سنة، وذلك بقيمة اليوم للشركة، وأحياناً مع مقدار من التخفيف.

إن ثمن المعاملة في الواقع هو قيمة اليوم ـ يوم التحويل ـ، أمّا المسلّم فهو عدم معرفة القيمة التفصيلية للبيع (الثمن مفتوح) عند توقيع العقد. ويعتبر هذا عند العرف المعاملي اليوم غرراً وجهالةً مُسامَحاً فيه. وكذلك يعتبر رسوّ الثمن يوم المعاملة في السوق أمراً مقبولاً ومعمولاً به أيضاً([46]).

3ـ السرقفلية([47])

وهو اصطلاحٌ يُطلق على المال الذي يعطيه المستأجر الثاني (بالمعنى الأعم) للمستأجر السابق؛ لكي يُخلي له المكان إجارةً بلا  عوض، وكذلك يعطي المستأجر الأول للمالك مبلغاً من المال أيضاً([48]). ولكن بالمعنى الأعم فإن الصورة السابقة تعتبر صورة خاصّة من عقد الإيجار، وحتى العرف يعتبره نوعاً من أنواع البيع؛ بسبب تفاهة الحقّ الذي يستلمه المالك جرّاء هذه المعاملة.

أما إذا أعطى شخصٌ ملكه التجاري بهذا الشكل إجارة فنعبّر عن ذلك أنه (باع)([49]). فعلى هذا الأساس يمكن أن تكون (السرقفلية) نموذجاً خاصاً من البيع، رغم أن ملكية العين بمعناها الخاص لا تنتقل، ولكن العرف حسب هذا الدليل يرى استتار واختفاء الماهيّة والمفهوم الأصلي في البيع في السرقفلية أيضاً. ولذا يعطيه عنوان (البيع). وحسب هذه النظرة يمكننا القول: إن التغيّر في الماهية قد وقع.

هذا، ومن الممكن أن يعطي العرف عنواناً منفصلاً خاصّاً لبعض الحالات بلحاظ معيّن؛ بلحاظ الاستعمال الكثير، أو بسبب المقتضى الخصوصي المرموق للعقد، أو بأسباب أخرى، أمثال: تميّزه الخاص عن سائر صور نفس ذلك العنوان.

والعنوان المنفصل الذي يعطيه العُرف يُعَدّ في الحقيقة تحت مجموعة العنوان الأصلي، ومن فروعه، مثل:  المضاربة؛ المزارعة؛ والمساقاة. وعلى أساس (نظرية المرونة) فإن النماذج والتراكيب تُحتسب من العقود الشركتية؛ لأنها تعتبر مشتركة في المال والعمل.

نتائج البحث

1ـ العقود المعينة بأنواعها، ومرونتها في التركيب، تُؤمّن احتياجات المجتمع العصري المتزايدة بالارتباطات الحقوقية الجديدة والمعقّدة.

2ـ بمعرفة الذات والماهية الأصلية لكل عقد معيّن يمكن أن نحدّد لقيوده المختلفة تراكيباً متنوعة لكلّ واحد منها.

3ـ تحتاج معرفة التراكيب المتنوعة والمرنة لكل عقد مسمّى إلى اعتبار العرف العقلائي.

4ـ لأجل معرفة الحجة عند العرف العقلائي لا يلزم إثبات اتصاله بزمن الشارع.

5ـ في (نظرية المرونة) تتبع الآثار العناوين العرفية، وهو أصل ٌمهمٌّ.

6ـ إنّ مجرد تغيير عنوان العقد المعيّن إلى (الصلح) لا يمكِّنه أن ينسلخ من اتّباع آثاره، رغم أن تغيير آثار العقد مقبول في كل ارتباطٍ حقوقيٍّ، خارج محوّطة القوانين الآمرة والأحكام (بالمعنى الأخص).

7ـ على أساس (نظرية المرونة) يمكن إطلاق عنوان الصلح على العقود التي لم تنتمي عرفاً إلى أي قالب من العقود المعيّنة.

8 ـ (إنّ الصلح) عنوانٌ عامٌّ لكافة العقود غير المعيّنة، وتطبيقٌ مهم لإعمال الإرادة الحرة في المعاملات.

9ـ لكلّ  تركيب من التراكيب الخاصّة للعقد المعيّن، علاوةً على اتّباعه آثار وذات العنوان العام، اختصاصات يمكن أن نطلق عليها اسم (مقتضى التقييد).

10ـ من نتائج (نظرية المرونة) أن العقد باطلٌ عند انتفاء أحد القيود المؤثِّرة  التي بُني عليها العقد، وذلك بفقدان القصد إلى ذلك.

11ـ إن ظهور العناوين الجديدة، ورواجها في دائرة العقود المسمّاة (مع رعاية الأحكام الإلزامية) موكولٌ إلى العرف المعاملي في كل زمان. ولم تكن (نظرية المرونة) يوماً بمعنى انحصار العناوين، أو اتّخاذ أشكال الاعتبار العقلائي في معرفة عناوين جديدة في رديف العقود المعينة، أو جعل عنوان مستقل لبعض التراكيب المرموقة للعقد المعين.

12ـ مع وجود (نظرية المرونة) يمكن الاستفادة أكثر من قابلية العقود المعينة، وعدم اللجوء إلى العقود غير المسمّاة. وهذا الكلام يمكن قبوله في الجملة.

13ـ إن هدفنا من تبيين نظرية المرونة في باب المعاملات هو توضيح حداثة الحقوق الإسلامية في التطبيق على الارتباطات الحقوقية الجديدة والمعقّدة، وسعتها الكبيرة في التجديد.

الهوامش

(*) طالب في مقطع الدكتوراه (Ph.D)، فرع الفقه والحقوق الإسلامية في جامعة طهران.

(**) أستاذ مساعد في جامعة طهران.

(***) أستاذ مساعد في جامعة طهران.

([1]) قرَّرَت المادة 10 من القانون المدني الإيراني «أن العقود الخاصّة نافذة بالنسبة إلى الشخص الذي يقوم بتنفيذ العقد، إذا لم تكن مخالفة للقانون صراحةً».

([2]) رغم اعتقادنا في هذه المقالة بأننا لا نغاير هذا الاستعمال في النظام الحقوقي الإسلامي.

([3]) المادة 183 من القانون المدني الإيراني.

([4]) المادة 191 من القانون المدني الإيراني.

([5]) قال النائيني في منية الطالب في شرح المكاسب 3: 7: وبالجملة العقد هو العهد الموثَّق؛ وقال الإصفهاني في حاشية المكاسب 1: 200، والخميني في البيع: 219 ـ 220، وإمامي في حقوق مدني 1: 170: إن حيثية ارتباط أحد الالتزامين بالآخر أو أحد القرارين بالآخر عقد.

([6]) الفراهيدي، العين؛ دهخدا، لغت نامه؛ الفيروزآبادي، القاموس المحيط.

([7]) ناصر مكارم الشيرازي، القواعد الفقهية 2: 369 ـ 370؛ كفاية الأصول: 93 ـ 94.

([8]) لا فرق في المعاني، بل الفرق في قيوده. القيود المتفاوتة التي أُخذت في نظر الاعتبار في أزمنة مختلفة، أما الماهية الحقوقية فلا تتغير (مجلة نقد ونظر، كرجي 1: 41).

([9]) المراغي، العناوين الفقهية 2: 248 ـ 250: «والمرجع في معرفة الأشياء العرف في بعض المقامات، بل أكثرها، والشرع في بعضها، من جهة أن المدار في المعاملات على ما هو طريقة الناس غالباً».

([10]) جعفري اللنكرودي، فلسفة حقوق مدني (فلسفة الحقوق المدنية) 1: 215.

([11]) المصدر نفسه 1: 220.

([12]) النراقي، عوائد الأيام: 53.

([13]) الشِّغار ـ بكسر الشين ـ نكاحٌ كان في الجاهلية، وهو أن يقول الرجل للآخر: زوّجني ابنتك أو أختك، على أن أزوّجك أختي أو ابنتي، على أن يكون صداق كل واحدة منهما بضع الأخرى، كأنهما رفعا المهر، وأخليا البضع عنه (النجفي، جواهر الكلام 30: 128؛ الحر العاملي، وسائل الشيعة 14: 230 ـ 299).

([14]) أبو القاسم القمي، جامع الشتات 3: 154.

([15]) إن المعاملات لا تحتاج في صحّتها ولزومها إلى النص، بل يكفي عدم ثبوت النهي عنها (مغنية، فقه الإمام جعفر الصادق 3: 18).

([16]) الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته 4: 198 ـ 200.

([17]) أحمد فتحي زغلول، شرح القانون المدني: 223.

([18]) الحر العاملي، وسائل الشيعة 18: 127.

([19]) الطوسي، التهذيب 6: 226.

([20]) المادة 754 من القانون المدني الإيراني.

([21]) الصدوق، من لا يحضره الفقيه 3: 32؛ الهندي، كنـز العمال 4: 365.

([22]) كاتوزيان، قانون مدني در نظم حقوقي كنوني: 32.

([23]) المادة 754 من القانون المدني الإيراني.

([24]) جعفري اللنكرودي، مجموعة محشي قانون مدني: 8 ـ 10.

([25]) الأنصاري، المكاسب 3: 13؛ السبزواري كفاية الأحكام: 116؛ الخوئي، مصباح الفقاهة 2: 62.

([26]) الطوسي، المبسوط 2: 288: «فالصلح ليس بأصلٍ في نفسه، وانما هو فرع لغيره».

([27]) المظفر، أصول الفقه 2: 153 ـ 154؛ الحكيم، الأصول العامة للفقه المقارن: 197 ـ 198.

([28]) مجلة نقد ونظر، كرجي 1: 39؛ المراغي، العناوين الفقهية 2: 275. كل الألفاظ المأخوذة في الأدلّة محمولة على ما يفهمه العرف منها.

([29]) مصطفى الخميني، الخيارات 2: 3.

([30]) المجلسي، بحار الأنوار 36: 354 ـ 355.

([31]) الخميني، الرسائل 2: 130: بين السيرة المتصلة بزمانهم وغيرها ممّا علموا وأخبروا وقوع الناس فيه فإنّهم أخبروا عن وقوع الغيبة الطويلة.

([32]) الحر العاملي، وسائل الشيعة 12: 330.

([33]) تشخيص المصاديق المخالفة للكتاب والسنّة موضع اختلاف ومحل آراء متفاوتة. لذا فالمصاديق المشكوكة يجري فيها أصل الإباحة والصحة بدون مانع (الأنصاري، المكاسب 6: 31؛ البجنوردي، القواعد الفقهية 2: 261؛ الطباطبائي اليزدي، حاشية المكاسب 2: 110).

([34]) علي دوست، فقه وعرف: 208.

([35]) المراغي، العناوين الفقهية 2: 249.

([36]) الشهيد الثاني، الروضة البهية 5: 286 ـ 287.

([37]) الشهيد الأول، اللمعة الدمشقية: 144.

([38]) الهبة هي العقد المقتضي تمليك العين من غير عوض تمليكاً منجّزاً مجرداً عن القربة (الشهيد الثاني، مسالك الأفهام: 6).

([39]) الكركي، جامع المقاصد 9: 157.

([40]) جعفري اللنكرودي، ترمينولوژي حقوق، الهبة المعوضّة.

([41]) Timesharing Interval  ownership

([42]) النراقي، عوائد الأيام: 53 ـ 54؛ السنهوردي، الوسيط في شرح القانون المدني 3: 96. لم يثبت جواز البيع المقيد بمدة معينة، فيحكم بعدم ترتّب نقل الملك إلى مدة خاصّة على عقد البيع، فلو قصده يكون البيع باطلاً.

([43]) كاتوزيان، أموال ومالكيت: 104؛ السنهوردي، الوسيط في شرح القانون المدني 3: 96. ذلك لأن طبيعة حق الملكية تقتضي أن يكون هذا الحق أبدياً.

([44]) الأنصاري، المكاسب 4: 206 ؛ البحراني، الحدائق الناضرة 18: 459 ـ 460.

([45]) الحر العاملي، وسائل الشيعة 12: 330.

([46]) وبالجملة فلو… علم المشتري بأن ما اشتراه من البايع فليس ثمنه أزيد من القيمة السوقية، فهي مضبوطة في السوق، وإن لم يعلم هو بالقيمة تفصيلاً فلا دليل على فساد هذا البيع للجهالة، فإنها ليست على نحو تكون موجبة لعدم العلم… على نحو يوجب الخطر بحيث يتوقف العقلاء أيضاً في اعتباره بيعاً (الخوئي، مصباح الفقاهة: 322).

([47]) Key – mony.

([48]) جعفري اللنكرودي، ترمينولوژي حقوق، سرقفلي.

([49]) مجلة نقد ونظر، كرجي 1: 38 ـ 40. (قال الشارع المقدس: {أَحَلَّ اللهُ البَيْعَ}. وكلما أطلقت هذه الكلمة فإنها تكون بنحو الحقيقة لا بنحو المسامحة. طبعاً من الممكن أن يختلف هذا الكلام في الأوقات المتعددة. فمثلاً: في أحد الأزمان لا يقولون عن السرقفلية: إنها بيع، ولكن الآن يقولون: إنه بيع، وليس هناك عناية ولا مسامحة في البين. قال الفقهاء: (العين) نسبة لهذا الأصل، لأنهم تصوروا أن عُرف ذلك الزمان هو الملاك، فقالوا: إن في البيع (العين) شرط في صحته. ولكن إذا قلنا: لا، ليس المقصود به ذلك، وإنما معنى البيع في {أَحَلَّ اللهُ البَيْعَ} هو ذلك الشيء الذي يقول عنه العرف: إنه بيع… كل الألفاظ التي أُخذت بنظر الاعتبار في الأدلة محمولة على ما يفهمه منها العرف في ذلك الزمان، وهذه الأدلة قد لُقّنت للعرف، وما فهمه العرف منها، علماً أن العرف لا يخص زماناً دون زمان).

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً