د. محمد کاظم شاکر(*)
مقدمة ـــــــ
القرآن الكريم هو كلام الله عزّوجلّ الذي أنزله على رسوله محمّد’ مدّة ثلاثة وعشرين سنة . وقد تكرر في القرآن القول بأنه منزلٌ من عند الله. واستخدام القرآن لتعابير مثل <نزول> و<تنزيل> إنما هو لأجل التأكيد على كون القرآن وحياً منزلاً من عند الله لئلا يظنَّ أحدٌ أنه من وضع البشر، وانه لسان النبي الأكرم’.
في هذه المقالة يقع البحث في كيفية نزول القرآن من المبدأ القدسي، أي ذات الباري تعالى، إلى محل نزوله، أي قلب النبي الأكرم’، وضمن هذا يقع البحث عن اربع مسائل:
1ـ معنى النزول.
2ـ مراحل النزول.
3ـ البعثة وزمان نزول القرآن.
4ـ تعدد النزول.
نتبين بداية معنى النزول للقرآن الكريم، ثمّ نتعرض لتاريخ بدء نزول القرآن وارتباط ذلك بتاريخ بعثة النبي الأكرم’، وأهم الآراء التي تمّ التعرّض لها في هذا المجال، ثمّ نتعرض لمسألة النزول الدفعي والتدريجي للقرآن، وأدلة القائلين بالنزول الدفعي، وفي الختام نبين الحكمة من النزول التدريجي للقرآن.
معنى النزول ـــــــ
تقدمت الإشارة إلى أنّ القرآن الكريم استخدم مفردة «نزل» ومشتقاتها لبيان كيفية تلقي النبي الأكرم’ للوحي الإلهي، وإنما السؤال عن المعنى المراد من نزول القرآن؟
ذكر ابن فارس (ت395هـ) في معجم مقاييس اللغة المعنى الحقيقي لمادة «نزل»، فقال: «كلمة تدل على هبوط الشيء ووقوعه»([1])، وعليه فنزول الأمر يدلّ على هبوطه من محل عالٍ إلى محل أسفل؛ وبالتالي فإن حقيقة القرآن الكريم وأصله ـ وهو كلام الله تعالى ـ محفوظ في أم الكتاب عند الله، وهو مكان يتصف بالعلو والرفعة: ﴿وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [الزخرف:4].
إن الحقائق التي يتحدث عنها القرآن تتجاوز اللفظ والمعنى، وقد أراد الله عزّ وجلّ من خلال إنزاله هذه الحقائق، في القرآن فتح باب المعرفة للإنسان ليدرك تلك الحقائق ويتمكن من الوصول: إليها من خلال إطاعة أوامره، وفي الحقيقة يمكن القول: إن المراد من تنزيل القرآن هو «تيسير القرآن»، وهو ما ورد في بعض الآيات، كقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ [القمر: 17]. كما أنه أنزل القرآن بلسان البشر ليكون قابلاً للفهم، قال تعالى: ﴿فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ [الدخان:58].
و ورد في كلام للإمام علي× أن الله عزّ وجلّ تجلّى في كتابه([2])، وأنه نور السماوات والأرض([3])؛ بمعنى أنَّ كلّ ما في السماوات والارض إنما هو تجليات لأسمائه تعالى وصفاته. والقرآن الكريم هو أحد تجليات الأسماء والصفات الالهية، فالقرآن الكريم هو في الحقيقة تنزّلٌ من أسمائه وصفاته. وقد ورد التصريح في القرآن بأن هذا الكتاب تنزيل من الله الرحمن، الرحيم، الحكيم، الحميد، العزيز، العليم، وربّ العالمين([4]).
ولنوضح ذلك بمثال عرفي وبسيط، فلو فرضنا أن مؤسسة تعليمية للأطفال استعانت بمعلِّم ومربي يملك خبرة وتجربة، ليقوم من خلال ما يملكه من خبرة وتجربة في تعليم الأطفال بوضع برنامج تعليمي وتربوي لهذه المؤسسة. فإن كلّ ما سيضعه في هذا البرنامج ــ سواء كان بنحو القصة، الرسم، الشعر، الألعاب … ـ سوف يكون صادراً من خلال تلك التجربة التي يملكها، وتنزلاً مما يحيط به من علوم، والأطفال يصلون إلى ما رُسم لهم من أهداف عبر اتباعهم لهذا البرنامج الموضوع لهم.
إن القرآن الكريم مُنزلٌ من عند الله الحكيم العليم الحميد، وناشئ من علم الله وحكمته وجماله، وقد أنزل الله تعالى الحقائق التي يرغب في وصول عباده إليها في قرآنه هذا بأسلوب المَثَل، القصة، الأمر والنَّهي و… ليتبعه الناس ويقتدوا به. وقد ورد عن الإمام علي× أنه قال: «إنّ الله تبارك وتعالى أنزل القرآن على سبعة أقسام كلّ قسمٍ منها كاف شافٍ، وهي: أمر؛ وزجر؛ وترغيب؛ وترهيب؛ وجدل؛ ومَثَل؛ وقَصَص»([5]).
وممّا تقدم يظهر أنه ليس المراد من النزول القرآني هو النزول المكاني، وقد ظنّ بعضهم أن القرآن حيث أنزل من السماء إلى الأرض فإن المراد هو النزول المكاني([6]).
مراحل نزول القرآن ـــــــ
اعتبر بعض العلماء أن للقرآن مراحل من النزول مستفادة من نفس الآيات، وهي التالية:
1ـ الثبوت في اللوح المحفوظ: ورد في سورة البروج قولـه تعالى: ﴿بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ * فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ﴾ ] البروج:21ـ22[.
ولم يوضح القرآن ما هو المراد من اللوح المحفوظ، ولكن المستفاد من الروايات انه لوح في السماء فيه ما كان وما سيكون، ولا يطلع عليه إلا الملائكة، وإنما سُمي هذا اللوح بالمحفوظ لأنه لا تناله يدُ الشياطين ولا الزيادة ولا النقيصة، وقد كتب الله فيه بالقلم مصير كلّ شيء([7]). وطبقاً لما تفيده هذه الآية فإن حقائق القرآن ومعارفه مدونة في هذا اللوح، وتنزلت منه إلى العوالم اللاحقة. وورد في آية أُخرى أن حقيقة القرآن نزلت من أم الكتاب:
﴿وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [الزخرف:2ـ4].
ويرى المفسرون أن اللوح المحفوظ هو أم الكتاب([8]). ويحتمل أن يكون المراد من «الكتاب المكنون» في سورة الواقعة هو أم الكتاب، قال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ﴾[الواقعة:77ـ80].
2ـ النزول إلى عالم الملائكة: وصف القرآن الكريم نفسه في سورة عبس بقولـه: ﴿كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَاء ذَكَرَهُ * فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ * مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾ [عبس:11 ـ 16].
يرى غالب المفسرين أن المراد من السفرة في هذه الآية هم الملائكة([9]). ولعل المراد من الروايات التي وردت بأن القرآن نزل إلى السماء في ليلة القدر هو نزوله إلى عالم الملائكة.
3ـ النزول على قلب النبي الأكرم: أخبرنا القرآن بأن جبرائيل، وهو من الملائكة العظام، قد نزل بالقرآن على قلب النبي([10]). وقد وصفه الله تعالى في الآية بـ «الروح الأمين»، قال تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ *بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ﴾ [الشعراء:192ـ195].
البعثة وزمان نزول القرآن ـــــــ
زمان نزول القرآن ـ وطبق ما أفادته الآيات القرآنية ـ هو ليلة القدر من شهر رمضان([11]). والمشهور أن الآيات الأولى من القرآن الكريم نزلت عند بعثة النبي الأكرم’، كما أن المشهور عند الشيعة أن المبعث النبوي وقع في شهر رجب. ومن ملاحظة هذه الأمرين نشأ السؤال: كيف ينسجم نزول القرآن في شهر رمضان مع أن بعثة النبي’ المقارنة لنزول القرآن كانت في شهر رجب؟
وقد تعددت الآراء في بيان وجهٍ يتم به التوفيق بين بعثة النبي’ وبين نزول القرآن في ليلة القدر، وسوف نتعرض هنا لهذه الآراء والنظريات.
النظرية الأولى: الالتزام بتعدد النزول ونزوله مرتين ـــــــ
والمراد من نزوله مرتين وعلى نوعين نزوله دفعة مرة وتدريجاً أخرى. والنزول التدريجي للقرآن هو بمعنى نزوله طيلة مدة الدعوة النبوية لرسول الله’ وفي أوقات مختلفة.
وهذا النزول هو من الأمور المسلّمة؛ لتصريح القرآن بذلك، قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾ ]الفرقان: 32[، ولكن هل نزل القرآن بنحو آخر غير هذا النزول التدريجي أو لا؟
تبتني هذه النظرية على القول بأن القرآن، وإن نزل نزولاً تدريجياً من زمان بعثة النبي’، ولكنه نزل قبل ذلك النزول التدريجي دفعة واحدة، وهذه النظرية اتخذت صوراً متعددة، هي:
1 ــ إن القرآن الكريم نزل بأجمعه دفعة واحدة ليلة القدر إلى البيت المعمور، ثمّ أنزل تدريجاً على النبي’.
2 ــ إن القرآن الكريم نزل بأجمعه دفعة واحدة ليلة القدر على قلب النبي’، ثمّ أنزل طيلة مدة الدعوة، والتي استمرت لثلاث وعشرين سنة، بنحو تدريجي على شكل آيات وسور.
ورد في الروايات ـ الواردة بأغلبها عن طريق أهل السنة ـ أن القرآن نزل دفعة واحدة ليلة القدر إلى البيت المعمور، ومن ثمّ أوحى الله به إلى النبي’ تدريجاً. وقد نُقل مضمون هذا الحديث في الكتب الروائية لأهل السنة عن الصحابة والتابعين بكثرة ووفرة، الأمر الذي دفع السيوطي ـ بعد استعراضه لبعض هذه الروايات ـ للقول بأن جميع أسانيد هذه الروايات صحيح([12]).
و ورد في هذه الروايات أن المراد من البيت المعمور مكان في السماء. كما ورد التعبير عنه في بعض هذه الروايات ببيت العزّة، السماء الدنيا أو السماء الرابعة.
وعن طريق الشيعة وردت رواية عن الامام الصادق’ تقول: إنّ نزول القرآن في شهر رمضان جملة واحدة إلى البيت المعمور، ثمّ في طول عشرين سنة الي النبي’.
وورد أيضاً في بعض الروايات أن القرآن نزل بأجمعه على قلب النبي’ في ليلة القدر، ولكنه لم يكن مأموراً بإبلاغ ذلك للناس.
وقد تبنى بعض المفسرين المعاصرين هذه النظرية، وأورد بعض الأدلة اللغويّة والقرآنية التي تؤيد ذلك([13]).
هذه النظرية ـ سواءٌ كانت صحيحة أو خاطئة ـ تقدّم لنا توجيهاً آخر لكون نزول القرآن في شهر رمضان وكون بعثة النبي’ في شهر آخر، وسوف نتعرض لنظرية تعدّد النزول بنحو مفصّل.
النظرية الثانية: القول بانفصال زمان نزول القرآن عن زمان البعثة ـــــــ
ذهب جماعة، من جملتهم: محمد بن إسحاق، الشعبي، الزمخشري، الشيخ المفيد، وابن شهرآشوب، إلى أن المراد من نزول القرآن في ليلة القدر هو نزول الآيات الأولى من سورة العلق. وحيث ثبت أن البعثة كانت في شهر رجب أو في شهر ربيع الأوّل فلابد من الالتزام بأن بعثة الرسول’ لم تقترن مع نزول الآيات الأولى من سورة العلق.
يذكر السيوطي بعد نقله لهذا القول: «لكن يشكل على هذا ما اشتهر من أنه | بُعث في شهر ربيع».
وأجاب السيوطي عن ذلك بما ذكره أنه نبئ أولاً بالرؤيا في شهر مولده، ثمّ كانت مدتها ستة اشهر، ثمّ أوحي إليه في اليقظة([14]).
وللشيخ محمّد هادي معرفة، وهو من العلماء المعاصرين، نظرية جديدة حول تاريخ بدء نزول القرآن، فهو يرى في نظريته هذه أن نزول القرآن بعنوان كونه كتاباً سماوياً كانت بدايته بعد ثلاث سنوات من بعثة النبي الأكرم’([15]). وذكر الشيخ معرفة أن يوم بعثة الرسول’ هو في السابع والعشرين من رجب، وأما نزول القرآن بعنوان كونه كتاباً سماوياً فقد كان في ليلة القدر من شهر رمضان بعد المبعث([16]). نعم أقرّ هذا المحقق بأن سورة العلق نزلت مقارنة لبعثة النبي’، ولكنه ذهب إلى أنها لم تنزل بعنوان كونها جزءاً من الكتاب السماوي المسمّى بالقرآن([17]).
إن أساس هذه النظرية، أي القول بانفصال زمان البعثة عن زمان نزول القرآن، يتلائم مع الروايات الواردة بأن بعثة رسول الله’ كانت في شهر رجب أو ربيع الأول؛ لأن هذه الروايات لا تؤكد على نزول القرآن عند بعثة النبي’، بل غاية ما تبيّنه هذه الروايات هو أنّ بعثة النبي محمّد’ كان في ذلك اليوم، وأنه منذ ذلك اليوم أصبح نبياً مرسلاً، وبعبارة أخرى: إنّ النبوة أُنزلت عليه في ذلك اليوم([18]). بل ورد التصريح في بعض الروايات بأن النبي محمّد’ بعث نبياً في سنّ الأربعين، ولم يكن القرآن قد نزل عليه بعد، وبعد مدّة من نبوته ابتدأ نزول القرآن بعنوان كونه كتاباً سماوياً([19]).
جدير بالذكر أنّ العلاّمة محمد حسين الطباطبائي يقول بأنّ النبوّة قد ثبتت للنبي’ قبل نزول القرآن عليه. ففي تفسير قوله تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى * عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾ يقول: وسياق الآيات ـ على تقدير كون السورة أول ما نزل من القرآن، ونزولها دفعة واحدة ـ يدل على صلاة النبي’ قبل نزول القرآن، وفيه دلالة على نبوته قبل رسالته بالقرآن([20]). ويقول في موضع آخر: «فقد دلت السورة ـ العلق ـ على أن النبي ص كان يصلي قبل نزول أول سورة من القرآن، وقد كان على الهدى، وربما أمر بالتقوى، وهذا هو النبوة، ولم يسم أمره ذلك إنذاراً، فكان’ نبياً، وكان يصلي، ولما ينزل عليه قرآن ولا نزلت بعد عليه سورة الحمد، ولما يؤمر بالتبليغ، وأما سورة الحمد فإنها نزلت بعد ذلك بزمان ([21])».
النظرية الثالثة: اتحاد زمان البعثة مع زمان نزول القرآن ـــــــ
لما كانت مسألة بعثة النبي الأكرم’ ممّا وقع فيه الاختلاف بين القول بأنه كان في رجب، أو شهر ربيع الأول، أو شهر رمضان، وقد تعددت الروايات بذلك، فإن من الممكن أن يقال أن بعثة النبي’ كانت في شهر رمضان، وقد اقترنت بذلك مع نزول القرآن الكريم.
وقد صرّحت بعض الروايات التي تضمنت الدلالة على أن البعثة كانت في شهر رمضان بأن الآيات الأولى من سورة العلق نزلت في شهر رمضان، كما في رواية وهب بن كيسان (ت127هـ)، قال عبيد بن عمير بن قتادة الليثي (ت قبل سنة 73هـ): ذلك في شهر رمضان من السنة التي بعثه فيها، فجاءه جبرائيل× بأمر الله تعالى …، فقال : اقرأ»([22]).
وعن الفضل بن شاذان (ت260هـ) أنه قال: «سمعت من الإمام الرضا× قال: شهر رمضان هو الشهر الذي أنزل الله تعالى فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، وفيه نُبّئ محمّد’، وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر»([23]).
إن القرائن المتوافرة تدعم هذه النظرية الثالثة؛ وذلك لأن الروايات التي وردت بنزول الآيات الأولى من سورة العلق تُحدد مكان نزولها وأنه كان غار حراء. وكذلك ورد التصريح في أكثر من رواية أن زمان نزول الآيات الأولي من القرآن كان في شهر رمضان([24]). مضافاً إلى أن الظاهر أنّ النبي الأكرم’ كان يذهب في كلّ سنة إلى غار حراء للعبادة في شهر رمضان، وكان’ يعمد إلى الاعتكاف في كلّ سنة في العشرة الأولى أو الوسطى أو الأخيرة من شهر رمضان في المسجد، كما ورد في بعض الروايات أن عبد المطلب ـ جدّ النبي’ ـ تحنّث لأول مرة في غار حراء في شهر رمضان([25]).
ويظهر مما تقدّم أن النظرية الثانية والثالثة أقوى من الأولى.
تعدّد النزول القرآني، أدلّة وملاحظات ـــــــ
لا شكّ في أن آيات القرآن وسوره نزلت بنحو تدريجي طوال فترة الدعوة النبوية، كما ورد في القرآن الكريم قولـه تعالى: ﴿وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً﴾ ]الإسراء: 106[. ويرى بعض المحققين أن القرآن نزل مرة دفعة مضافاً إلى نزوله التدريجي.
وبملاحظة ما ذكره القائلون بنزول القرآن دفعة واحدة فإن ما يمكن افتراضه في ذلك هو أحد فرضين:
1 ــ نزول حقيقة القرآن بغير لفظ، قبل تقسيمه إلى آيات وسور.
2 ــ نزول القرآن الموجود دفعة واحدة على مكان واحد.
وكما تقدم أيضاً فإن في تحديد محل نزول القرآن دفعة رأيان:
1 ــ النزول إلى البيت المعمور.
2 ــ النزول على قلب النبي الأكرم’.
وأما الأدلة التي ذكروها لإثبات النزول الدفعي فإنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام: اللغوية؛ القرآنية؛ والروائية.
1 ـ الدليل اللغوي: اختلاف الإنزال عن التنزيل، قراءة ونقد ـــــــ
ورد استخدام مفردة «النزول» في القرآن باشتقاقات مختلفة الصيغ: الثلاثية المجردة، وبابي الإفعال والتفعيل من مادة «نزل»([26]). ومن أدلة القائلين بالنزول الدفعي الاستناد إلى الفارق اللغوي بين الإنزال والتنزيل، فالأول بمعنى الدفعي، والثاني بمعنى التدريجي. وقد ورد التعبير في القرآن الكريم عن نزول القرآن الكريم في ليلة القدر بصيغة الإنزال، فتدل هذه الآية على أن القرآن الكريم نزل دفعة واحدة في ليلة القدر على النبي، ثمّ أوحي به بعد ذلك بالتدريج عليه (صلّى الله عليه وآله)([27]). ولما استندوا في البحث عن نزول القرآن إلى القول باختلاف الإنزال عن التنزيل كان من المناسب التعرّض لكلمات أهل اللغة في ذلك.
ذكر الفيروز آبادي (729 ـ 817 هـ) في القاموس المحيط: «نزّله» و«أنزله» و«استنزله» بمعنى واحد، وأما «تنزّل» فهي تستعمل في النزول التدريجي([28]).
وذكر ابن منظور (630 ـ 711 هـ) في لسان العرب: «و (تنزّله) و(أنزله) و(نزّله) بمعنى واحد، قال، سيبويه: وكان أبو عمرو يفرّق بين نزلت وأنزلت ولم يذكر وجه الفرق، قال أبو الحسن: (لا فرق عندي بين نَزّلَت وأنزَلَت إلا صيغة التكثير في نزّلت»([29]).
وفي المقابل صرّح بعضهم بوجود فارقٍ بين الإنزال والتنزيل، وفي ذلك كتب نور الدين بن نعمة الله الجزائري في فروق اللغات: «قال بعض المفسرين الإنزال دفعي والتنزيل للتدريج»([30]). من هؤلاء المفسرين الرازي حيث قال في مفاتيح الغيب: «إن التنزيل مختص بالنزول على سبيل التدريج، والإنزال مختص بما يكون النزول فيه دفعة واحدة»([31]).
وورد في معجم متن اللغة ما هو قريب من هذا، وأن الإنزال دفعي والتنزيل بمعنى الترتيب والتقريب إلى الفهم بنحو التفصيل([32]).
وللراغب الأصفهاني، اللغوي القرآني المعروف، رأيٌ آخر، حيث يقول: «والفرق بين الإنزال والتنزيل في وصف القرآن والملائكة أن التنزيل يختصّ بالموضع الذي يشير إليه إنزاله مفرّقاً ومرة بعد أخرى، والإنزال عام ]أي يصح إطلاقه على النزول الدفعي والنزول التدريجي[»([33]).
وقد تبيّن في ما ذكرنا أن كلمات اللغويين لا تدعم القول بوجود فارق لغوي بين الإنزال والتنزيل، وإنما ورد ذلك في بعض كتب أهل اللغة، واستُند في ذلك إلى قول بعض المفسرين، فيما أشارت بعض المصادر اللغوية المعتبرة والأساسية إلى عدم اختلاف معنى الإنزال عن معنى التنزيل.
مضافاً إلى أن تتبع موارد استعمال مفردة (الإنزال) في القرآن الكريم يشهد على عدم وجود مثل هذا الفارق بين الصيغتين. ومثال ذلك: ماء المطر، فإنه أمر تدريجي، أي إنّه ينزل من السماء تدريجاً، وقد ورد التعبير عنه في القرآن الكريم تارة بلفظ الإنزال وأخرى بلفظ التنزيل: ﴿وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء﴾ [ لبقرة:22]، ﴿َنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء مُّبَارَكًا﴾[ق:9].
مضافاً إلى أنّ القرآن الكريم يستعمل كلا اللفظين التنزيل والإنزال في الآية الواحدة وفي موضوع واحد: ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ﴾ [محمد: 20].
2 ـ الأدلة القرآنية، مطالعة تحليلية ـــــــ
استدل القائلون بالنزول الدفعي بأكثر من آية من القرآن الكريم، ومنها:
1ــ ما دل على اختصاص نزول القرآن بشهر رمضان، حيث ورد في القرآن الكريم أنه نزل في شهر رمضان، أو أنه نزل في ليلة مباركة، أي ليلة القدر، مع علمنا جميعاً بأن النزول التدريجي للقرآن الكريم لا يختص بليلة القدر وبشهر رمضان، بل لا شك في نزول آياتٍ منه في شهورٍ أخرى. والنتيجة التي يصل إليها أصحاب هذا القول هي أن هذه الآيات المذكورة تدلّ على نزولٍ آخر للقرآن الكريم. نعم الفرض الذي يتبناه المستدلّون بهذا هو أن المراد من القرآن هو مجموع آياته.
وفي الجواب عن هذا الاستدلال نقول: إن المعروف بين المسلمين الآن هو أن كلمة القرآن متى أطلقت فإن المراد منها ينصرف إلى الكتاب السماوي الذي يحوي 114 سورة، ولكن كلمة القرآن في استخدامها الأولي لم تكن كذلك، بل القرآن هو الكلام الإلهي الذي أنزله الله عزّ وجلّ على نبيّه محمّد’ تدريجاً، وتحدّى القوم به، فيصدق على السورة الواحدة أنها قرآن، كما يصدق على الآية الواحدة أنها قرآن، كما يصدق على جزء من الآية أنها قرآن([34])، بل يمكن القول أنه لا توجد آية في القرآن استخدم فيها لفظ القرآن في مجموع ما نسميه اليوم القرآن؛ لأنه إلى زمان هذه الآية المذكورة لم يكن القرآن قد أُنزل بتمامه. ونتيجة ذلك هو أن الآيات التي تحدثت عن نزول القرآن في ليلة القدر وفي شهر رمضان يمكن أن ترجع إلى حكاية بدء نزول القرآن الكريم؛ وذلك لأن بعض القرآن هو قرآنٌ أيضاً.
قال السيد المرتضى في الأمالي: «والجواب الصحيح أن قوله تعالى ﴿الْقُرْآنُ﴾ في هذا الموضع لا يفيد العموم والاستغراق، وإنما يفيد الجنس من غير معنى الاستغراق فكأنه قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ هذا الجنس من الكلام، فأي شيء نزل منه في الشهر فقد طابق الظاهر، وليس لأحد أن يقول: إن الألف واللام ههنا لا يكونان إلا للعموم والاستغراق؛ لأنا لو سلمنا أن الألف واللام صيغة العموم والصورة المعينة لاستغراق الجنس لم يجب أن يكون ههنا بهذا الصفة؛ لأن هذه اللفظة قد تستعمل في مواضع كثيرة من الكلام، ولا يراد بها أكثر من الإشارة إلى الجنس والطبقة من غير استغراق وعموم حتى يكون حمل كلام المتكلم بها على خصوص أو عموم كالمناقض لغرضه والمنافي لمراده، ألا ترى أن القائل إذا قال: فلان يأكل اللحم، ويشرب الخمر، وضرب الأمير اليوم اللصوص، وخاطب الجند، لم يفهم من كلامه إلا محض الجنس والطبقة من غير خصوص ولا عموم، حتى لو قيل له: فلان يأكل جميع اللحم، ويشرب جميع الخمر أو بعضها لكان جوابه، إنني لم أرد عموماً ولا خصوصاً، وإنما أريد أنه يأكل هذا الجنس من الطعام، ويشرب هذا الجنس من الشراب، فمن فهم من كلامي العموم أو الخصوص فهو بعيد من فهم مرادي»([35]).
وذكر بعض المعاصرين مثالاً جيداً لهذا الأمر، لا يخلو بيانه من فائدة، فقال: لو أن شخصاً كان يعمل على إحداث قناة ماء فعندما يجري الماء في القناة يقول: «جرى الماء في القناة يوم الجمعة»، فهل يعني كلامه هذا ان كلّ الماء قد جرى يوم الجمعة؟ لا شك في أن الجواب هو بالنفي، بل معنى كلامه هذا أن يوم الجمعة هو اليوم الذي بدأ الماء فيه بالجريان في القناة، ولكن لأن جريان الماء في القناة هو أمر تدريجي، ولا يمكن للماء الذي سوف يجري في القناة لسنوات طوال أن يجري فيها يوم الجمعة، وهذا بنفسه يشكّل قرينة على أن المراد من قول القائل: «جرى الماء في القناة يوم الجمعة» هو أن بداية جريان الماء في القناة كان يوم الجمعة، وليس هذا التعبير من المجاز، كما لا يلزم تقدير كلمة بعض؛ لأن الماء الذي جرى في القناة يوم الجمعة يطلق عليه أنه ماء القناة إطلاقاً حقيقياً، لا مجازياً وهذا الأمر يصدق في جميع الأمور التدريجية([36]).
2ـ ما دلّ على علم النبي’ بجميع ما في القرآن، كقولـه تعالى: ﴿لَاتُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة:16] وقولـه تعالى: ﴿وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ﴾[طه: 114]، يدّل ذلك على أن النبي الأكرم’ كان يلهج بذكر آيات القرآن قبل جبرائيل وهذا لا يتم إلا إذا كان عالماً بآيات القرآن قبل نزولها تدريجاً، ومعنى أن مجموع القرآن قد أوحي إليه قبل النزول التدريجي. والملاحظ على هذا الاستدلال أن من استدلّ بهذا من القائلين بالنزول الدفعي لا يتبنى النزول الدفعي لحقيقة القرآن على النبي’ فقط، بل يعتقد بأن النبي’ كان محيطاً بجميع ألفاظ الآيات وسور القرآن. ولابد من التنبيه إلى أن مضمون هذا الاستدلال قد ورد في بعض الروايات أيضاً([37]). وقد صرّح صاحب تفسير الميزان في تفسره بأن النبي’ لو لم يكن محيطاً بالقرآن قبل نزول آياته تدريجاً لم يكن أي معنى للعجلة بقراءة القرآن كما ورد في سورة طه والقيامة([38]).
والجواب على هذا الاستدلال أنه لا ملازمة بين النهي عن العجلة في قراءة آيات القرآن الكريم وبين كون النبي’ محيطاً بآيات القرآن قبل نزولها تدريجاً، بل التفسير الراجح لهذه الآيات عند غالب المفسرين ومنهم المرحوم الطبرسي ـ صاحب مجمع البيان ـ أن النبي’ وخوفاً من ينسى بعض آيات القرآن كان يقوم بتكرار الآيات التي يتلقّاها من جبرائيل أثناء تلقيه للآيات. وهذا التفسير هو الذي ينسجم مع آيات القرآن الكريم، ففي سورة القيامة ورد بعد قولـه تعالى: ﴿لَاتُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ [القيامة: 16]، قولـه: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾[القيامة:17]، وقد فُسّر الجمع بمعنى «الحفظ» كما عن المفسرين وورد في الآية 6 من سورة الأعلى قولـه تعالى:
﴿سَنُقْرِؤُكَ فَلَا تَنسَى﴾، وهو وعد إلهي للنبي‘ بإقرائه القرآن حتّى لا يظن أنه سينسى آيات القرآن الكريم ولتطمينه إلى ذلك، ومعنى الآية أننا سنجعلك تقرأ آيات القرآن بلسانك فلا تنسى.
كذلك تدلنا الآية 32 من سورة الفرقان على عدم النزول الدفعي للقرآن على النبي‘، حيث قال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾.
وكلمة كذلك في هذه الآية تؤيد القول بأن القرآن الكريم قد نزل تدريجاً على النبي الأكرم‘.
3 ـ الأدلة الروائية على تعدد نزول القرآن، تفكيك وردّ ـــــــــ
وردت روايات من طرق العامة والخاصة تدل على تعدد نزول القرآن، وأنه نزل إلى البيت المعمور أولاً، ثم أنزل من البيت المعمور تدريجاً في خلال عشرين أو نيف وعشرين سنة.
وأمّا ما ورد في كتب العامّة فكلّها عن ابن عبّاس، ومنها:
أخرج الحاكم في المستدرك: (حدثنا) علي بن عيسى ثنا إبراهيم بن أبي طالب ثنا محمد بن المثنى ثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى ثنا داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل الله القرآن إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، فكان الله إذا أراد أن يوحي منه شيئاً أوحاه، أو أن يحدث منه في الأرض شيئاً أحدثه. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
حدثنا) أبو بكر بن إسحاق الفقيه أخبرنا موسى بن إسحاق القاضي ثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة ثنا جرير عن منصور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ قال: أنزل القرآن جملة واحدة في ليلة القدر إلى السماء الدنيا، وكان بموقع النجوم، وكان الله ينزله على رسول الله‘ بعضه في أثر بعض، قال: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾ هذا حديث صحيح على شرطهما ولم يخرجاه.
(حدثنا) أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن إسحاق الصغاني ثنا يزيد بن هارون أخبرنا داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، ثم أنزل بعد ذلك بعشرين سنة ﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ﴾، ﴿وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً﴾. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
(أخبرنا) أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار ثنا أبو طاهر الزبيري ثنا محمد بن عبد الله الأصبهاني ثنا الحسن بن حفص ثنا سفيان عن الأعمش عن حسان بن حريث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: فصل القرآن من الذكر، فوضع في بيت العزة في السماء الدنيا، فجعل جبريل× ينزله على النبي’ ويرتله ترتيلاً. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه([39]).
(أخبرني) أبو بكر محمد بن المؤمل ثنا الفضل بن محمد الشعراني ثنا عمرو بن عون الواسطي ثنا هشيم أنبأ حصين بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: أنزل القرآن في ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم فرق في السنين، قال وتلا هذه الآية: ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾ قال: نزل متفرقاً. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه([40]).
أخرج البيهقي في السنن الكبرى: حدثنا أبو عبد الله الحافظ إملاءً ثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري ثنا محمد بن عبد السلام ثنا إسحاق بن إبراهيم أنبأ جرير عن منصور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله عز وجل: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر: 1]، قال: أنزل القرآن في ليلة القدر جملة واحدة إلى سماء الدنيا، وكان بموقع النجوم، وكان الله عز وجل ينزله على رسوله‘ بعضه في أثر بعض، فقال الله عز وجل: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾] الفرقان:32[ ([41]).
قال ابن حجر في فتح الباري: أخرجه النسائي وأبو عبيد والحاكم من وجه آخر عن ابن عباس، قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر، ثم أنزل بعد ذلك في عشرين سنة، وقرأ ﴿وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ﴾ الآية، وفي رواية للحاكم والبيهقي في الدلائل فرق في السنين، وفى أخرى صحيحة لابن أبي شيبة والحاكم أيضاً وضع في بيت العزة في السماء الدنيا فجعل جبريل ينزل على النبي’، وإسناده صحيح، ووقع في المنهاج الحليمي أن جبريل كان ينزل منه من اللوح المحفوظ في ليلة القدر إلى السماء الدنيا قدر ما ينزل به على النبي’ في تلك السنة إلى ليلة القدر التي تليها إلى أن أنزله كله في عشرين ليلة من عشرين سنة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، وهذا أورده ابن الأنباري من طريق ضعيفة ومنقطعة أيضاً، وما تقدم من أنه نزل جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا، ثم أنزل بعد ذلك مفرقاً، هو الصحيح المعتمد، وحكى الماوردي في تفسير ليلة القدر أنه نزل من اللوح المحفوظ جملة واحدة، وأن الحفظة نجمته على جبريل في عشرين ليلة، وأن جبريل نجمه على النبي’ في عشرين سنة، وهذا أيضاً غريب([42]).
وأمّا من طريق الخاصّة فقد ورد في رواية عن حفص بن غياث عن أبي عبد الله× قال: سألته عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾ ]البقرة: 185[، وإنما أُنزل في عشرين سنة بين أوّله وآخره؟ فقال أبو عبد الله×: نزل القرآن جملة واحدة في شهر رمضان إلى البيت المعمور، ثمّ نزل في طول عشرين سنة([43]).
مضمون هذه الرواية وقد نُقل بألفاظ وطرق أخر([44])، وقد أورد الشيخ الصدوق مضمون هذا الحديث في كتاب الاعتقادات بعنوان كونه عقيدة الشيعة([45]).
ولكن الشيخ المفيد رفض هذا الرأي، معتبراً أن هذا الحديث مما لا يمكن الاستناد إليه، فقال: الذي ذهب إليه أبو جعفر في هذا الباب أصله حديث واحد لا يوجب علماً ولا عملاً. ونزول القرآن على الأسباب الحادثة حالاً بحال يدل على خلاف ما تضمنه الحديث؛ وذلك أنه قد تضمن حكم ما حدث وذكر ما جرى على وجهه، وذلك لا يكون على الحقيقة إلا بحدوثه عند السبب، ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ﴾، وقوله: ﴿وَقَالُوا لَوْ شَاء الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ﴾، وهذا خبر عن ماض، ولا يجوز أن يتقدم مخبره، فيكون حينئذ جزاءً عن ماض، وهو لم يقع، بل هو في المستقبل، وأمثال ذلك في القرآن كثيرة، وقد جاء الخبر بذكر الظهار وسببه، وأنها لما جادلت النبي‘ في ذكر الظهار أنزل الله تعالى: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا﴾، وهذه قصة كانت بالمدينة فكيف ينزل الله تعالى الوحي بها بمكة قبل الهجرة، فيخبر بها أنها قد كانت ولم تكن! ولو تتبعنا قصص القرآن لجاء مما ذكرناه كثير لا يتسع به المقال، وفي ما ذكرناه منه كفاية لذوي الألباب. وما أشبه ما جاء به الحديث بمذهب المشبهة الذين زعموا أن الله سبحانه وتعالى لم يزل متكلماً بالقرآن، ومخبراً عما يكون بلفظ كان، وقد رد عليهم أهل التوحيد بنحو ما ذكرناه. وقد يجوز في الخبر الوارد في نزول القرآن جملة في ليلة القدر، بأن المراد أنه نزل جملة منه في ليلة القدر ثم تلاه ما نزل منه إلى وفاة النبي‘ فأما أن يكون نزل بأسره وجميعه في ليلة القدر فهو بعيد مما يقتضيه ظاهر القرآن والمتواتر من الأخبار وإجماع العلماء على اختلافهم في الآراء([46]).
و يرى بعض الباحثين المعاصرين أن هذا الحديث ورد في كتب الشيعة عن طريق أهل السنة، واحتمال كون الحديث موضوعاً على لسان الإمام الصادق× من الاحتمالات القوية([47]).
لا يُوجد في الروايات ما يدلّ على النزول الدفعي للقرآن الكريم في ليلة القدر على قلب النبي الأكرم’ إلا رواية واحدة، وهي رواية المفضل بن عمر عن الإمام الصادق× قال: يا مفضل إن القرآن نزل في ثلاث وعشرين سنة، والله يقول : ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ﴾[البقرة: 185]، وقال : ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾[الدخان: 3ـ5]، وقال: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا﴾[الفرقان: 32]، قال المفضل: يا مولاي، فهذا تنزيله الذي ذكره الله في كتابه، وكيف ظهر الوحي في ثلاث وعشرين سنة؟ قال: نعم يا مفضل، أعطاه الله القرآن في شهر رمضان، وكان لا يبلغه إلا في وقت استحقاق الخطاب، ولا يؤديه إلا في وقت أمر ونهي، فهبط جبرئيل× بالوحي فبلغ ما يؤمر به، وقوله: ﴿لَاتُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ﴾ ]القيامة: 16[،فقال المفضل: أشهد أنكم من علم الله علمتم، وبقدرته قدرتم، وبحكمه نطقتم، وبأمره تعملون([48]).
و هذه الرواية ضعيفة السند؛ لأن في سندها محمّد بن نصير النميري، وهو كذّاب من الغلاة([49]). وكذلك وقع في سند الرواية عمر بن فرات البغدادي، وهو أيضاً من الغلاة([50])، مضافاً إلى كون محمّد بن المفضل مجهولاً([51]).
فتلخص أن لا شيء يدل على نزول القرآن جملة واحدة على النبي، وعلمه’ بالقرآن قبل نزوله عليه نجوماً في المناسبات المختلفة.
الحكمة من النزول التدريجي ـــــــــ
يظهر من مراجعة الآيات 32 و33 من سورة الفرقان، والآية 106 من سورة الإسراء، أن هناك ثلاث حِكَم لنزول القرآن تدريجاً : الإمداد الروحي للنبي’؛ التدريج في بيان الأحكام الالهية؛ الإجابة عن الأسئلة في موطنها.
1ـ الإمداد الروحي للنبي’ ـــــــــ
ذكر تعالى في الآية 32 من سورة الفرقان بعد إثباته لعدم نزول القرآن دفعة واحدة على النبي الأكرم’ الحكمة من ذلك بقولـه: ﴿لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ﴾.
إن الإمداد الروحي للنبي الأكرم’ من خلال إنزاله تدريجاً يتمّ من خلال طرق متعددة، وهي:
أ ــ إن الارتباط المستمر بملك الوحي وسماع الخطاب الإلهي هو عامل مهم لتقوية قلب النبي’؛ لأن في كلام الله عزّ وجلّ حياة القلوب، وروح القدس ـ ملك الوحي ـ يبعث الحياة في قلب النبي’ بنزوله المتكرر على قلب النبي.
ب ــ إن نزول القرآن في مختلف المواقع، ولا سيما في الظروف الصعبة التي مرّ بها النبي’ عند مواجهته للمشركين والكافرين، موجب لتقوية قلب النبي، وإمداده بما يجعله يقف صلباً في تلك المواقف، ورفع حالة القلق لديه. ولذا نجد خطاب الله عزّ وجلّ لنبيه في العديد من الآيات بالأمر إليه للصبر والاستقامة، وعدم التأثّر بقول الكافرين: ﴿وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [يونس: 65]، وقولـه تعالى: ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ﴾، وقولـه تعالى: ﴿وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ﴾.
ولا شك في أن تكرار الخطاب للنبي’ من الله عزّ وجلّ في المواطن المختلفة موجب لتقوية قلب النبي.
2ـ الحركة الهادئة والمتواصلة فـي سبيل تثبيت الأحكام الإلهية ـــــــــ
بما أن القرآن آخر الكتب السماوية التي تحتوي على معارف الشريعة الإلهية وأحكامها كان لابد وأن يحارب الكثير من الاعتقادات الباطلة والأعمال الفاسدة، وأن يبني المجتمع على فعل الخير والإحسان. والحكمة تقضي أن يكون ذلك بنحو تدريجي، ولا سيّما في المجتمع الجاهلي الذي نزلت فيه الرسالة الإلهية الخاتمة. ولعل هذ هو المراد من قولـه تعالى: ﴿وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً﴾ ]الإسراء: 106[. وليس المراد من المكث هو خصوص قراءة القرآن ليتسنى للناس حفظه، بل بيان الأحكام أيضاً؛ لأن الحفظ التدريجي للقرآن تدريجاً بعد نزوله دفعة واحدة أمر ممكن، ومن هذا القبيل المسألة الأساسية التي هي العمل بالأوامر الإلهية وفهم معارف القرآن.
3ـ الإجابة عن الأسئلة في موطنها ـــــــــ
الواقع أنّ الكثير من آيات القرآن الكريم نزلت للإجابة عن سؤال سأله الناس لرسول الله’ أو حادثة وقعت، فقد ورد فـي القرآن الكريم سؤال الناس عن الروح، وذي القرنين، والأشهر الحرم، والخمر والميسر، والإنفاق، والطعام المحلل، واليتيم([52]).
وكذلك الحال فـي الآيات التـي نزلت فـي حكم الظهار، والإفك، والتخلّف عن الجهاد، فإن الآية كانت تنزل بعد وقوع الحادثة لبيان حكمها([53]).
ولاشك فـي أنّ الأسئلة والحوادث تقع تدريجاً، لا دفعة واحدة، وهذا الأمر مستلزم للتدريج فـي نزول الآيات المرتبطة بها، فإنّ نزول الآيات بنحو يتناسب مع ردّة فعل الكفار والمشركين لـه الدور الكبير فـي التأثير على المخاطبين بهذه الآيات. قال تعالى بعد إفادته لنزول القرآن مرتلاً وبنحو تدريجي: ﴿وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ ]الفرقان: 33[.
وهذه الآية تبيّن أنّ إنزال بعض الآيات كان رداً على ما يقوم به بعض المشركين من فعل أو قول، ومن هنا يمكن اعتبار ذلك من الحِكَم المقصودة من التدريج فـي نزول القرآن.
نتائج البحث ـــــــ
يظهر مما تقدم النتائج التالية:
1ـ ليس المراد من نزول القرآن النزول المكاني، بل هو بمعنى التيسير، أي إن الله تعالى وبغرض إيصال الحقائق إلى الناس يسّره للنّاس، فجعل هذه الحقائق بلسانهم بلغة الأمر والنهي، المثل والقصة….
2ـ تعددت الآراء حول اختلاف الإنزال عن التنزيل، نعم يرى غالب أهل اللغة عدم وجود فارقٍ في المعنى بين الإنزال والتنزيل.
3ـ اختلفت الآراء في الجمع بين ما ورد حول زمان نزول القرآن وتاريخ بعثة النبي الأكرم’، والمطروح ثلاث نظريات:
أـ تعدد النزول لمرتين.
ب ـ القول بانفصال تاريخ بدء نزول القرآن الكريم عن تاريخ بعثة النبي الأكرم’.
ج ـ القول باتحاد تاريخ بدء نزول القرآن وتاريخ البعثة.
4ـ لا شك في أن القرآن الكريم قد نزل تدريجاً طيلة مدة الدعوة المحمدية، ولكن السؤال المطروح هنا هو أنه هل هناك نزول دفعي آخر مضافاً إلى النزول التدريجي أو لا؟ إن تاريخ البحث عن تعدّد نزول القرآن الكريم يرجع إلى الروايات، وغالب الروايات قد دلّت على أن القرآن نزل دفعة إلى البيت المعمور أو السماء الدنيا. وإن ما ذكر من أدلة لدى القائلين بالنزول الدفعي غير تام، ولاسيما مع ملاحظة ما ورد من بعض القرائن التي تشهد على عدم نزول القرآن دفعة واحدة.
5ـ إن الحكمة من النزول التدريجي للقرآن الكريم تتلخَّص في النقاط التالية:
أ ـ الإمداد الروحي للنبي الأكرم’.
ب ـ التدريج في بيان الأحكام الإلهية.
ج ـ الإجابة عن الأسئلة في موطنها.
الهوامش
(*) أستاذ مشارك في جامعة قم، من إيران.
([1]) أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة 5: 417 .
([2]) راجع: نهج البلاغة: 142، الخطبة 147 .
([4]) راجع: فصلت: 2؛ الجاثية: 2؛ الاحقاف: 2؛ فصلت: 42؛ الزمر: 1؛ غافر: 2؛ الواقعة: 80؛ الحاقة: 43.
([5]) الفيض الكاشاني، التفسير الصافي 1: 59.
([6]) محمّد هادي معرفة، تاريخ القرآن: 40. (نقلاً عن: الفخر الرازي، التفسير الكبير 5: 85).
([7]) راجع : عبد علي بن جمعة الحويزي، تفسير نور الثقلين 5: 548؛ محمّد محمدي ري شهري، ميزان الحكمة 4: 3329؛ محمّد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 7: 128 ـ 127.
([8]) راجع : الفضل بن الحسن الطبرسي، مجمع البيان 9: 67.
([9]) راجع : الطبرسي، المصدر السابق 10: 267؛ الطباطبائي، المصدر السابق 3: 192؛ الشيخ الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 10: 271؛ محسن الفيض الكاشاني، التفسير الصافي 5: 285 .
([11]) القدر: 1؛ الدخان: 3؛ البقرة: 185.
([12]) السيوطي، الإتقان في علوم القرآن 1: 114، النوع السادس.
([13]) راجع : محمّد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 17 و 18.
([14]) السيوطي، المصدر السابق: 117.
([15]) راجع : محمّد هادي معرفة، التمهيد في علوم القرآن 1: 81.
([16]) راجع : المصدر نفسه 1: 76ـ78.
([18]) راجع : المجلسي، المصدر السابق 18: 189 و 204؛ 94: 51، 35 و 37.
([19]) نعمة الله صالحي نجف آبادي، <نظريهاى درباره كيفيت نزول قرآن>، كيهان أنديشه ، العدد 32.
([20]) محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 20: 325.
([22]) محمّد بن جرير الطبري، تاريخ الأمم و الملوك 1: 532 .
([23]) عبد علي بن جمعة الحويزي، تفسير نور الثقلين 1: 164.
([24]) نعمة الله صالحي نجف آبادي، المصدر السابق: 78.
([25]) مفردة تحنُّث هي من مادة (حنث) بمعنى الذنب و الجرح، و كلمة تحنُّث هي كالتأثم بمعنى الابتعاد عن الذنب، و تستخدم أيضاً بمعنى التعبد. و قد ورد في الحديث: «إن رسول الله’ كان يأتي غار حراء فيتحنّث فيه الليالي ذوات العدد». و كذلك قيل: إنها بمعنى الابتعاد عن الأصنام و ترك عبادتها. و كانت العرب في الجاهلية تطلق على من يبتعد عن عاداتهم و تقاليدهم و يتضرّع لعبادة الله انه ممّن يتحنّث. (راجع: أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة 2: 109 ـ 108؛ محمود راميار، تاريخ القرآن: 37.
([26]) راجع كمثال على ذلك: الاسراء: 82 و 105؛ طه: 2.
([27]) راجع: محمّد حسين الطباطبائي، المصدر السابق 2: 17 ـ 18؛ 20: 469.
([28]) محمّد بن يعقوب الفيروز آبادي، القاموس المحيط 4: 76.
([29]) ابن منظور، لسان العرب 11: 686.
([30]) نور الدين بن نعمة الله الجزائري، فروق اللغات: 57.
([32]) أحمد رضا، معجم متن اللغة 5: 441.
([33]) الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن: 489.
([34]) راجع: مرتضى العسكري، القرآن الكريم وروايات المدرستين 1: 261.
([35]) السيد المرتضى، الأمالي 4: 161 ــ 162.
([36]) نعمت الله صالحي نجف آبادي، المصدر السابق: 74 ــ 75.
([37]) راجع: المجلسي، المصدر السابق 89: 38؛ 53: 1.
([38]) محمد حسين الطباطبائي، المصدر السابق 14: 231، ذيل الآية 114 من سورة طه .
([39]) الحاكم النيسابوري، المستدرك 2: 222 ــ 223.
([41]) البيهقي، السنن الكبرى 4: 306.
([42]) ابن حجر، فتح الباري 9: 3.
([43]) محمّد بن يعقوب الكليني، الكافي 2: 628 ح6؛ الصدوق، الأمالي: 119، المجلس 15، ح5.
([44]) راجع: الصدوق، الأمالي: 19؛ فضائل الأشهر الثلاثة: 87؛ الحر العاملي، وسائل الشيعة 10: 316؛ محمد بن مسعود العياشي، تفسير العياشي 1: 80؛ علي بن إبراهيم القمي، تفسير القمي 1: 66.
([45]) راجع : الصدوق، الاعتقادات في دين الإمامية: 82 ــ 83.
([46]) المفيد، تصحيح اعتقادات الإمامية: 123 ــ 124.
([47]) نعمة الله صالحي نجف آبادي، مقالة <نظريهاى درباره كيفيت نزول قرآن>، كيهان أنديشه، العدد 32، ص 96ـ71.
([49]) راجع: بحار الأنوار 51: 367ـ368 و 53: 1.
([50]) راجع: بحار الانوار 53: 1 (الهامش).
([52]) انظر: سورة الإسراء: 85؛ الكهف: 83؛ الأنفال: 1؛ البقرة: 217، 219 و 220؛ إبراهيم: 5.