د. أعظم خوش صورت موفق(*)
د. الشيخ مهدي فرمانيان(**)
ترجمة: حسن علي مطر
مقدّمةٌ
بالإضافة إلى الفَهْم الخاطئ لمفهوم «البراء» نشهد اليوم في المجتمع الإسلامي بعض الممارسات التي لا نشكّ في أن الأئمّة من أهل البيت^ لا يرتضونها، كما أنها لا تنسجم مع الروح التي تحكم الدين والسيرة المتعالية والسامية لأهل البيت^؛ وذلك من قبيل: إقامة الاحتفالات والمراسيم المشتملة على السبّ واللعن وإهانة مقدَّسات المذهب المخالف. ومن أبرز هذه الممارسات التي تشيع بين مجموعات من الجهّال أو المعاندين للمذهب إقامةُ مراسم التاسع من ربيع الأوّل. كما يُعْرَف هذا اليوم بأسماء وعناوين أخرى، من قبيل: «عيد الزهراء»، و«فرحة الزهراء»، و«يوم رفع القلم»، و«الغدير الثاني» أيضاً. ويعمل المحتفلون فيه بزعمهم على إظهار السرور والفرح بمقتل قاتل السيدة الزهراء÷ بمختلف الأساليب والطُّرُق، من قبيل: أذكار السبّ واللعن الجماعيّ، ولبس الثياب المصبوغة باللون الأحمر بشكلٍ غير متعارف، والرقص والدَّبكات، وما إلى ذلك من الأعمال السخيفة!
نسعى في هذه المقالة إلى بيان مستندات وأدلّة المدافعين عن مشروعية هذه الممارسات، ونَقْد هذه الأدلة؛ لإثبات عدم مشروعيّتها، والإجابة عن هذا السؤال القائل: هل يُعَدّ الاحتفال في اليوم التاسع من ربيع الأوّل من مصاديق تعظيم وإحياء الشعائر؟
وسوف نعمل في هذه المقالة على الإجابة عن هذا السؤال في قسمين: القسم الأوّل: نكتفي فيه بذكر أدلة القائلين بمشروعية هذه المراسم والاحتفالات؛ والقسم الثاني: نتعرَّض فيه إلى نَقْد أدلة الموافقين، مع ذكر أدلة المخالفين لمشروعية هذه الاحتفالات.
أوّلاً: أدلّة المشروعيّة المزعومة
1ـ ضرورة «البراء» في مذهب الشيعة
إن من أهمّ الأدلة التي يتمسَّك بها القائلون بمشروعية الاحتفال في اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل هو التمسّك بمفهوم البراء عند الشيعة. فإن هؤلاء يذهبون إلى الاعتقاد بأن هذا الاحتفال الذي يشتمل على أذكارٍ، من قبيل: اللعن والسبّ، إنما يمثِّل في الواقع إحياءً لمفهوم البراء، وهذا الأمر، بالإضافة إلى عدم تنافيه مع الدين، يُعَدّ من شعائر المذهب أيضاً، ويستوجب القُرْب من المعصومين^، وحتّى التماس قضاء الحاجات على أيديهم([1]).
لقد وردَتْ كلمة «اللعن» في القرآن الكريم 38 مرّة. ويُستفاد منها مشروعية استعمال اللعن في بعض الموارد([2]). وأما في القسم الثاني فسوف يتمّ بحث هذه المسألة بالتفصيل، وهي أن صحّة البراء عند الشيعة لا تعني الرضا بإقامة احتفالاتٍ من قبيل: احتفال التاسع من ربيع الأوّل.
2ـ نزول حديث «رفع القلم» بشأن ذلك اليوم
وهذا الدليل بدَوْره من الأدلّة الأبرز التي يستدلّ بها القائلون بمشروعيّة إقامة احتفال اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل، وهو عبارةٌ عن روايةٍ طويلة وتفصيليّة، أوردها العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار، كما ذَكَرَها مع ترجمتها إلى اللغة الفارسية في كتابه الآخر (زاد المعاد)([3]).
جاء في القسم الأوّل من هذه الرواية: عن محمد بن العلاء الهمداني الواسطي ويحيى بن محمد بن جريح البغدادي قالا: تنازعنا في قتل ابن الخطّاب، فاشتبه علينا أمره، فقصَدْنا جميعاً أحمد بن إسحاق القمّي، صاحب أبي الحسن العسكري×، بمدينة قم، وقرَعْنا الباب، فخرجَتْ إلينا صبيّةٌ عراقيّة من داره، فسألناها عنه، فقالت: هو مشغولٌ بعيده؛ فإنه يوم عيدٍ، فقلنا: سبحان الله، الأعياد أربعة: الأضحى، والفطر، ويوم الغدير، ويوم الجمعة! ثمّ نقل عن الإمام الهادي× أنه تحدَّث عن يومٍ كانوا فيه عند جدِّهم|، فرأَوْه منشغلاً بأعمال العيد، ثمّ تحدَّث بالتفصيل عن فضيلة هذا اليوم، إلى أن قال: إن الله سبحانه وتعالى قد أمر الكرام الكاتبين [من الملائكة] أن يرفعوا القلم عن الخلق كلِّهم ثلاثة أيّام… ثمّ قال الراوي (حذيفة): فدخَلْتُ على أمير المؤمنين×؛ لأهنِّئه بقتل ذلك الرجل الذي وعد به، ورجوعه إلى دار الانتقام. وقول أمير المؤمنين×: يا حذيفة، أتذكر اليوم الذي دخَلْتَ فيه على سيدي رسول الله| فدلَّك على فضل ذلك اليوم الذي دخَلْتَ عليه فيه؟ وهو واللهِ اليوم الذي أقرَّ الله به عين آل الرسول، وإني لأعرف لهذا اليوم اثنين وسبعين اسماً… ومن بينها: يوم الغدير الثاني، ويوم عيد الله الأكبر، ويوم يُستجاب فيه الدعاء، ويوم التوبة، ويوم الفطر الثاني، ويوم عيد أهل البيت، ويوم تحطيط الأوزار، ويوم رفع القلم، وغير ذلك من الأسماء الأخرى.
3ـ وجوب التأسّي بفرح أهل البيت (عليهم السلام) بمقتل الخليفة الثاني
يزعم الموافقون أن الشيعة قد أُمِرُوا بأن يفرحوا لفرح أهل البيت^، ويحزنوا لحزنهم([4])، ومن ناحيةٍ أخرى يعتقدون بأن اليوم التاسع من ربيع الأوّل هو يوم مقتل الخليفة الثاني عمر بن الخطّاب، على يد فيروز الفارسي، المعروف بأبي لؤلؤة([5]). وعلى هذا الأساس يكون أهل البيت^ قد فرحوا في هذا اليوم بموت قاتل السيدة فاطمة الزهراء÷.
ثانياً: مناقشاتٌ وردود
1ـ النهي القرآنيّ عن الإساءة لعقائد المخالفين
لقد حذَّر الله سبحانه وتعالى في صريح القرآن من التعرُّض للمخالفين بالسبّ، وقال في ذلك: ﴿وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ (الأنعام: 108). يذهب المفسِّرون إلى الاعتقاد بأن هذه الآية تذكِّر بواحدةٍ من الضرورات الدينية، التي تؤدّي مراعاتها إلى تحصين مجتمع المتديِّنين من الإساءة لقِيَمِهم. من المعلوم بداهةً أن الإنسان يدافع عن حريم مقدَّساته بوَحيٍ من غريزته، وينقبض صدره من الذين يتعرَّضون لعقيدته، بل قد يخرج لمحاربتهم ومواجهتهم أيضاً. وعليه فإنه سبحانه وتعالى يأمر المسلمين بعدم التعرُّض لآلهة المشركين بالسبّ والشتم؛ إذ من شأن ذلك أن يدفع المخالفين ـ في مقام المعارضة ـ إلى الإساءة لله سبحانه وتعالى، من منطلق الردّ بالمثل([6]). ويُستفاد من عموم التعليل في الآية ـ من وجهة نظر المفسِّرين ـ النهي عن كلّ كلامٍ قبيح في خصوص المقدَّسات الدينية([7]).
وفي الحقيقة إن هذا النوع من الأفعال يؤدّي إلى إثارة روح الانتقام لدى المخالفين، وإن هذا الفعل الغريزيّ هو التعليل الذي يذكره القرآن الكريم بعد النهي عن سبّ المخالفين، وإن العقل يدرك هذه الملازمة بكلّ يُسْرٍ، ويُقرّ بها.
وهناك الكثير من الشواهد الدالّة على ذلك، ومن بينها: ما يذكره الآلوسي ـ العالم السنّي الشهير ـ في تفسير روح المعاني، إذ يقول: «ممّا شاهَدْناه أن بعضَ جهلة العوامّ أكثر الرافضةُ سبَّ الشيخين ـ رضي الله تعالى عنهما ـ عنده، فغاظه ذلك جدّاً؛ فسبَّ عليّاً ـ كرَّم الله تعالى وجهه ـ فسُئل عن ذلك، فقال: ما أرَدْتُ إلاّ إغاظتهم، ولم أرَ شيئاً يغيظهم مثل ذلك»([8]).
ولهذا السبب يذهب أهل السنّة إلى تكفير الشيعة([9])، إلى الحدّ الذي ذهب معه ابن تيميّة إلى الاعتقاد بتطرُّف الرافضة؛ بسبب طعن الشيعة بالصحابة ومرويّاتهم([10])، وقال بأن الشيعة يكفِّرون أبا بكر وعمر وعثمان ومَنْ تبعهم من المهاجرين والأنصار([11]). بل اتَّسعت رقعة هذه الإساءات والشتائم إلى الحدّ الذي ذهب معه ابن تيميّة إلى نَفْي الإسلام عن مثل هذا الشخص. وقد نقل عن أحمد بن حنبل في موردٍ أنه قال بعدم إسلام مَنْ يسبّ الصحابة، وعَدَّ مَنْ يشتم عثمان في زمرة الزنادقة، واعتقد بأن الذي يشتم أبا بكر وعمر وعائشة ليس مسلماً([12]). وحتّى في بيان عقوبة مَنْ يسب ويلعن من الشيعة ذهب بعضٌ إلى القول بوجوب تعزيرهم. ولذلك فإنهم يستتيبون السابّ، فإنْ لم يتُبْ حُبس إلى أن يموت أو يعود عن فعله([13]).
2ـ سُنّة أهل البيت (عليهم السلام) في سبّ المخالفين
وهذا بدَوْره أحد الأدلّة الأخرى على معارضة الاحتفال في اليوم التاسع من ربيع الأوّل، كما تدلّ الروايات الكثيرة على ذلك([14]). وقد أكَّد النبيّ الأكرم| على ذلك صراحةً، وقال: «إني لم أُبعث لعّاناً، ولكنّي بُعثْتُ داعياً ورحمةً»([15]). وقال في موضعٍ آخر، متحدِّثاً عن قتلى المشركين في معركة أُحُد: «لا تسبّوا هؤلاء؛ فإنه لا يخلص إليهم شيءٌ ممّا تقولون، وتؤذون الأحياء، ألا وإن البذاء لؤمٌ»([16]). كما رُوي عن سائر الأئمّة المعصومين^ رواياتٌ قيّمةٌ حول النهي عن سبّ وشتم المخالفين([17]).
بل مضافاً إلى ما تقدّم ذكرُه حتّى الآن، ورد عن الأئمّة المعصومين^ في بعض رواياتهم أنهم لعنوا مَنْ يسبّ أعداءَهم صراحةً، ومن ذلك ما رُويَ عن الإمام الصادق× أنه عندما علم أن رجلاً في المسجد يشتم أعداءه على الملأ قال: «ما له ـ لعنه الله ـ يعرِّض بنا»([18]). وقد ورد في الرواية الأخيرة أن علّة الإحجام عن سبّ المخالفين هي ذات التعليل القرآني، الذي يتمّ التأكيد عليه.
وقد دأب الأئمّة المعصومون^ يدعوننا في رواياتهم إلى مداراة أهل السُّنَّة، والتعامل معهم بالتي هي أحسن([19]).([20]) ومن هنا فإن لازم اقتداء الشيعي بأئمّته الأطهار هو تجنّب الإساءة للمخالفين بالقول والعمل، وحتّى إرادة السوء لهم. وكما سبق فإن المعصوم× كان يدعو الله لمَنْ خالفه، ويطلب له الخَيْر([21]).
3ـ استقباح العقل للسبّ واللعن
إن من بين الأدلة على معارضة الاحتفال في اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل هو حكم العقل بأن الخوض في السبّ واللعن ليس فيه ما يساعد على تعزيز مكانة المسلمين ـ الأعمّ من الشيعة والسُّنَّة ـ، بل من شأنه أن يُلبِّد أجواء الأمن والمودّة والإخاء بينهم، وإن الانهيار الأمني الحاصل من جرّاء ذلك لن يعود بالنفع على أحدٍ.
4ـ مطارحاتٌ نَقْديّة في حديث «رفع القلم»
إن هذا الحديث الوارد كأحد أدلّة القائلين بمشروعية الاحتفال في اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل يعاني من إشكالاتٍ، من الناحية السندية والمضمونية:
أـ الإشكالات السنديّة والشكليّة
1ـ غياب الحديث في المصادر الأولى
بالنظر إلى محتوى هذا الحديث، والذي هو بصدد بيان أهمِّية أحد أهم الأعياد الكبرى للشيعة، فمن المتوقَّع أن يكون الرواة قد اهتمّوا بذكره على نحوٍ جادّ، في حين أننا لا نرى أثراً لهذا الحديث في المصادر الروائية الأولى، بل هو خبرٌ واحد، لم يَرِدْ ذكرُه إلاّ في كتبٍ من قبيل: مصباح الأنوار، والمحتضر([22])، والأنوار النعمانية([23])، ولم يتعرَّض له كبارُ علماء الحديث، من أمثال: الشيخ الكليني، والشيخ الصدوق، والشيخ الطوسي، على الرغم من اهتمامهم الكبير بمثل هذا الموارد.
2ـ الراويان المجهولان في السند
بناءً على نقل العلامة المجلسي فإن الحديث المذكور رواه السيّد ابن طاووس عن شخصين: «ابن أبي العلاء الهمداني الواسطي» و«يحيى بن محمد بن حويج البغدادي»([24])، هذا في حين أن الشيخ حسن بن سليمان الحلّي قد نقل ذات هذه الرواية عن محمد بن العلاء الهمداني الواسطي (وليس ابن أبي العلاء) ويحيى بن محمد بن جريح (وليس حويج) البغدادي([25]). وإن نعمة الله الجزائري قد نقل الحديث عن يحيى بن أحمد بن جريح، بَدَلاً من يحيى بن محمد بن جريح([26]). وعليه هناك اختلافات في هذه الكتب حول بيان هويّة هذين الراويين.
وأما النقطة الجديرة بالتأمُّل في بحث سند هذا الحديث فهي عدم ذكر هذين الراويين في المصادر الرجالية بكلا العنوانين، كما لم يكن لدى الرجاليين اسمٌ لهما في مؤلَّفاتهم، ومن هنا يكون كلا هذين الراويين «مجهولاً»([27]). وعليه فقد ذهب بعض العلماء إلى الحكم على هذه الرواية بالضعف صراحةً، سواء من حيث المتن أو السند، وقال بأن مؤلِّف هذه الأخبار المجهولة إنما قام بمجرَّد جمع الأحاديث، دون مناقشة اعتبار المتن والسند([28]).
ب ـ الإشكالات المضمونيّة والدلاليّة
1ـ تعارض الحديث مع أصول العقيدة، ومخالفته للقوانين والسُّنَن الإلهيّة
إذا كان المراد من عبارة «يوم رفع القلم» هو اليوم الذي لا تكتب في ذنوب الناس، بحيث يكون الناس أحراراً في ارتكاب جميع المعاصي والذنوب، فهذا الأمر يتعارض مع أصول الاعتقاد والمسلَّمات القرآنية والروائية من عدّة أنحاء:
أـ إن هذا الأمر يتعارض مع الكثير من آيات القرآن الكريم، ومنها:
ـ ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ﴾ (المدَّثر: 38).
ـ ﴿إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (الطور: 16).
ـ ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾ (الزلزلة: 8).
ـ ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ (ق: 18).
وإن الإنسان سوف يُسأل عن جميع أعماله يوم القيامة.
وحيث إن كلّ حديثٍ يجب عرضه على كتاب الله فإن كلّ ما يخالف القرآن من الروايات مرفوضٌ. وعليه، فلو أذن الحديث بارتكاب الذنوب وجب رفضه والضرب به عرض الجدار؛ طبقاً لما ورد عن الأئمّة الأطهار أنفسهم.
ب ـ التعارض مع الروايات مقطوعة الصدور عن الأئمّة المعصومين^ في خصوص التقوى، وضرورة اجتناب المعاصي والذنوب؛ فإذا اعتبَرْنا رفع القلم مطلقاً؛ بمعنى لو أن كلّ متهتِّكٍ قام بأيّ فعلٍ محرَّمٍ وعملٍ شنيعٍ في اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل، أو على مدى ثلاثة أيّام بعد اليوم التاسع على ما ورد في حديثٍ آخر، لن يُسجَّل في كتاب أعماله ذنبٌ عليه، فإن هذا الادّعاء سوف يتعارض مع الروايات المعتبرة عند الشيعة، ومنها: «لا تُنال ولايتنا إلاّ بالوَرَع والعمل»([29]).
ج ـ وجود التعارض مع ذات حديث رفع القلم؛ بمعنى أن هذا التفسير لـ «يوم رفع القلم» لا ينسجم مع الأجزاء الأخرى لهذه الرواية التفصيلية أيضاً؛ فإن هذه الرواية تعتبر اليوم التاسع من ربيع الأوّل هو يوم الزهد والتوبة والإنابة والعودة إلى الله سبحانه وتعالى، ويوم تزكية النفس([30]). ولا شَكَّ في أن تحقُّق الزهد لا يمكن أن يجتمع مع ارتكاب الذنوب والموبقات في هذا اليوم.
د ـ تعارض هذا الحديث مع سيرة الأئمّة المعصومين^ في القول بضرورة مداراة الخلفاء، على الرغم من عدم شرعيَّتهم. فإنه من خلال النظرة الإجمالية لسيرة أهل البيت^ ندرك أن سيرتهم في مواجهة الخلفاء لا تنسجم مع مضامين هذا الحديث، كما كانت هذه المداراة موجودةً في سيرة الكثير من الأئمّة الأطهار^. وهناك الكثير من الروايات المأثورة عن الأئمّة الأطهار في وجوب وضرورة الحفاظ على اتِّحاد كلمة المسلمين، وتجنُّب الإساءة إلى الصحابة، الذين يحظَوْن بالاحترام والقداسة من قبل أهل السُّنَّة والجماعة([31]).
هـ ـ تعارض هذا الحديث مع القوانين والضرورات الأساسية لدين الإسلام؛ إذ إن هذا الفَهْم لرفع القلم يؤدّي إلى الجرأة على ارتكاب الذنوب، وتشجيع الفرد على اجتراح المعاصي في هذه الأيام الثلاثة عَلَناً، وهذا لا ينسجم مع روح الدِّين المتمثِّلة بالتقوى والتربية والوَرَع.
2ـ إطلاق حكم رفع القلم
هناك إطلاقٌ في متعلَّق الحكم برفع القلم؛ إذ إن متعلَّق الحكم ـ في الروايات المنقولة في كتاب «المحتضر» و«زوائد الفوائد» حول اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل ـ هو رفع القلم عن مطلق «خلق الله»، وليس الشيعة فقط. كما نجد ذلك في صريح التعبير بـ «أمرتُهم أن يُرْفَع القلم عن الخلق كلّهم ثلاثة أيّام من ذلك اليوم»، أو «أمرتُ الكرام الكاتبين أن يرفع القلم عن الخلق في ذلك اليوم». والنقطة الهامّة في البين أن التعبير بـ «جميع الخلق» يشمل المؤمن والكافر، والصالح والطالح، والعادل والظالم، والموالي لأهل البيت^ والمناوئ لهم. وعليه، يكون هناك إمكانٌ لكي يرفع الله القلم عن أعداء أهل البيت بمناسبة حلول اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل أيضاً، فلا يمكن لهذه الرواية أن تكون من أدلّة القائلين بالجواز.
3ـ الإطلاق الأزماني لحكم رفع القلم
كما يوجد هناك إطلاقٌ بالنسبة إلى زمان تعلُّق حكم رفع القلم أيضاً. فقد وردَتْ روايتان بهذا المضمون؛ في كتاب عيون أخبار الرضا×([32])؛ وفي كتاب فضائل الشيعة([33])، حيث تقول كلتا الروايتين برفع القلم عن شيعة أهل البيت^. لقد وردَتْ هاتان الروايتان بشكلٍ مطلق، دون تقييد باليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل. وعليه، لا يكون رفع القلم مقيَّداً بزمانٍ معيَّن، ولذلك لا يصلح أن يكون مستنداً للقائلين بجواز الاحتفال في اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل.
4ـ «رفع القلم» بين معنيَيْن
من خلال التدقيق في الروايات نصل إلى معنىً مختلف لـ «رفع القلم»؛ فإن رفع القلم هنا يعني رفع العقاب عن الشيعة؛ بسبب ما يكابدونه من العَنَت والمشقّة في سبيل الله. وهذا المعنى يختلف جدّاً عن قولنا بأن الشيعة أحرارٌ في برهةٍ من الزمن؛ ليفعلوا ما بدا لهم من المعاصي، ويقترفوا ما شاؤوا من الذنوب، دون أن يتحمَّلوا تَبِعاتِ ما اقترفوا في تلك المدّة الزمنية. إن هذا المعنى الجديد ينسجم مع أصول الاعتقاد؛ قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلاَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ (المائدة: 65). ويتمّ التعبير عن هذه السُّنَّة الإلهية بـ «التكفير»([34]). وجاء في روايةٍ أخرى([35]) أن معنى «رفع القلم» عن الشيعة رفعٌ بسبب عصمة الله وولايته؛ أي إن الله حيث يحفظ الشيعة (الحقيقيين والمخلصين) بعصمته وولايته فإنهم لذلك لا يرتكبون الذنوب، فلا يُكْتَب عليهم شيءٌ؛ بمعنى أن هذا الأمر ـ في ضوء المصطلح الفنّي ـ يُعَدّ من السالبة بانتفاء الموضوع؛ أي إن القلم رُفع عنهم؛ لعدم وجود شيءٍ يستدعي الكتابة، لا أنهم يرتكبون الذنوب ومع ذلك لا يُكْتَب عليهم شيءٌ. وبالتالي يمكن تفسير عبارة «يوم رفع القلم» بأن الله سبحانه وتعالى يرفع ذنوب الشيعة في اليوم التاسع من ربيع الأوّل؛ بسبب ما تحمَّلوه من ألوان العذاب والصعاب في ممارسة التقيّة، وفي سبيل مذهب أهل البيت^، ويزيل آثار ذنوبهم بحكمته، ويمنحهم فرصةَ التوبة، لا أن يمنحهم إِذْناً في هذا اليوم بارتكاب جميع أنواع الذنوب والموبقات، كما تصوَّر بعض القائلين بمشروعية الاحتفال في اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل!
وكما ذكَرْنا سابقاً، هناك الكثير من الإشكالات السندية والمضمونية على حديث رفع القلم، الأمر الذي يثبت عَجْزه عن إثبات مشروعية الاحتفال في اليوم التاسع من ربيع الأوّل، كما كان يظنّ القائلون بمشروعيّة هذا الاحتفال وجوازه. وبذلك ينتقض أحد أهمّ مستندات القائلين بجواز هذا الاحتفال.
5ـ التاريخ الصحيح لمقتل عُمَر
إن التأسّي بأهل البيت^، والفرح لفرحهم، والحزن لحزنهم، من الكُبْرَيات المقبولة والثابتة في ديننا. كما أن الروايات الواردة في هذا الباب مقبولةٌ وغير قابلةٍ للخَدْش والنقاش. بَيْدَ أن الذي يدعو إلى التأمُّل والإشكال يكمن في صغرى هذا الاستدلال، وهو القول بأن السيدة فاطمة الزهراء÷ قد فرحَتْ في هذا اليوم بمقتل الخليفة الثاني، ولذلك فإنه يجب على الشيعة ـ في ضوء هذا الاستدلال ـ أن يفرحوا لفرحها؛ لأن الكثير من كبار علماء الشيعة يجمعون على أن الخليفة الثاني قُتل إما في السادس والعشرين أو في التاسع والعشرين من شهر ذي الحجّة، سنة 23هـ، وليس في اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل([36]).
ونقل محمد بن جرير الطبري، عن مسعود بن مخرمة، أن عمر مات ليلة الأربعاء قبل ثلاثة أيّام من ذي الحجّة من عام 23[هـ]([37]). وهناك من المؤرِّخين مَنْ ذهب إلى الاعتقاد بأن عمر طُعن يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذي الحجّة سنة 23[هـ]، وكان ذلك من شهور العَجَم في تشرين الآخر([38]). كما ذهب من المؤرِّخين المتقدِّمين كلٌّ: من ابن سعد(320هـ)، والمسعودي(345هـ)، وابن أعثم(314هـ)، والبلاذري(279هـ)، إلى القول بأن مقتل الخليفة الثاني كان في يوم 26 أو 27 من شهر ذي الحجّة. وبالإضافة إلى التقارير المتعدِّدة للمؤرِّخين بشأن تاريخ مقتل عمر بن الخطاب فإن بحث أقوال وآراء علماء الشيعة في هذا الشأن تؤيِّد هذا القول، بل ادُّعي الإجماع على ذلك بين علماء الشيعة وأهل السُّنَّة([39]). وهناك مَنْ صرّح بأن الذي يظنّ أن عمر مات في اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل قد أخطأ إجماع التواريخ وكتب السِّيرة؛ لأن عمر قد قُتل في اليوم التاسع والعشرين من شهر ذي الحجّة([40]).
وقد ذهب العلاّمة المجلسي إلى ادّعاء الإجماع في هذا الشأن، وقال، نقلاً عن الشيخ المفيد: إن عمر قد ضُرب يوم الاثنين الموافق للسادس والعشرين من شهر ذي الحجّة سنة 23هـ، ومات في اليوم التاسع والعشرين من شهر ذي الحجّة، وعلى ذلك إجماع الشيعة وأهل السُّنَّة قاطبةً([41]). ونقل عن صاحب كتاب (أنيس العابدين) أن جمهور الشيعة يظنّون أن عمر قد قتل في هذا اليوم، ولكنّ هذا القول مجانبٌ للصواب([42]).
على الرغم من أن العلاّمة المجلسي، قد أشار إلى هذا الموضوع في زاد المعاد ـ بالإضافة إلى بحار الأنوار ـ، وصرَّح بوجود الخلاف بين علماء الخاصّة والعامّة في تحديد تاريخ وفاة عمر بن الخطّاب، وأن الأشهر بين الفريقين أن قتله كان في اليوم السادس والعشرين من شهر ذي الحجّة، وهناك مَنْ ذهب إلى القول بأن وفاته كانت في اليوم السابع والعشرين([43])، إلاّ أنه على الرغم من هذا الكلام الصريح عاد مجدّداً إلى نقل الكلام الطويل لابن إسحاق في زاد المعاد، على الرغم من ذكره له في كتاب بحار الأنوار، مقوِّياً قول اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل، وقال بأن الكفعمي قال في كتاب المصباح: إن صاحب مسارّ الشيعة كان من القائلين بأن اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل يوم عيدٍ؛ بمناسبة قتل عمر([44]). إنه، بعد نقل حديث ابن إسحاق في زاد المعاد، قال بوجود الكثير من الأحاديث في بيان فضيلة هذا اليوم، وتحقُّق هذه القضيّة المباركة، وكانت هذه القضية مشهورةً بين الشيعة في الأزمنة الماضية([45]). وحيث يحظى كلام العلامة المجلسي بأهمِّية كبيرة عند الشيعة فقد تردَّد الكثيرون في كيفية جمع الادِّعاء الأخير (التاسع من ربيع الأوّل) وبين صراحة الادِّعاء السابق (اليوم السادس والعشرين من شهر ذي الحجّة).
وفي مقام الجواب ينبغي القول بأنه رُبَما حصل خطأٌ في البين، ببيان أن الكفعمي قد أخطأ في نقله عن كتاب (مسارّ الشيعة)، وأن العلاّمة المجلسي قد استند إلى هذا الخطأ في نقله، دون الرجوع مباشرةً إلى هذا الكتاب؛ إذ لم يَرِدْ ذكرٌ في (مسارّ الشيعة) حول اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل. كما أن الشيخ المفيد لم يذكر أيّ مناسبةٍ في هذا اليوم، بل خلافاً للقول المشهور قال بأن رحيل الإمام العسكريّ× كان في اليوم الرابع من شهر ربيع الأوّل، وعلى هذا الأساس، تكون بداية إمام الإمام الحجّة ابن الحسن في هذا اليوم الرابع([46]). وقد سبق للشيخ المفيد قبل هذا أن قال، في معرض تعداده لمناسبات شهر ذي الحجّة: إن اليوم السادس والعشرين من ذي الحجّة قد شهد ضربة عمر بن الخطاب، ومات في اليوم التاسع والعشرين من هذا الشهر([47]). وعلى هذا الأساس فإن عبارات (مسارّ الشيعة) على خلاف ما استفاده العلاّمة المجلسي منها في (زاد المعاد). واللافت أكثر أن الكفعمي قال بأن مقتل عمر كان في اليوم السادس والعشرين من شهر ذي الحجّة، وقد عمد العلاّمة المجلسي بدَوْره إلى نقل هذا القول في بحار الأنوار أيضاً([48]). ولم يتَّضح سبب اعتبار العلاّمة المجلسي في (زاد المعاد) أن الكفعمي من المؤيِّدين لليوم التاسع من ربيع الأوّل، مع أن هذا مخالفٌ لتأكيد الكفعمي نفسه على اليوم السادس والعشرين من شهر ذي الحجّة([49]). ولماذا لم يرجع سماحته إلى كتاب (مسارّ الشيعة) مباشرةً، واكتفى بنقل وفَهْم الكفعمي فقط؟!
6ـ الدافع الشخصيّ للقاتل أبي لؤلؤة
في قصّةٍ مختَلَقَة من صنع القرون الأخيرة، يتمّ تصوير أبي لؤلؤة كشخصٍ قد استأذن من الإمام عليّ× في اغتيال الخليفة، وأن أمير المؤمنين قد شجَّعه على ذلك! في حين لو أن الإمام عليّاً× كان يؤمن بالمواجهة المسلَّحة، والمواجهة الفيزيقية والجسدية، لبادر إلى ذلك بنفسه.
وعليه فإن دافع أبي لؤلؤة إلى القتل ـ بناءً على الروايات التاريخيّة ـ أمرٌ شخصيّ بالكامل. وقد ورد التصريح بذلك في تاريخ الطبري، حيث جاء أبو لؤلؤة إلى الخليفة يتظلَّم عنده من جَوْر مولاه المغيرة، إلاّ أن الخليفة أعطى الحقّ للمغيرة، فأضمر أبو لؤلؤة في صدره حقداً على الخليفة، وتوعدّه بالقتل والانتقام، ثم نفَّذ وَعْده. وعليه فإن دافع أبي لؤلؤة كان شخصيّاً([50]).
7ـ مواقف كبار العلماء والفقهاء من تلك الاحتفاليّات
يذهب أكثر العلماء ـ بالنظر إلى أن هذا الأمر يؤدّي إلى وَهْن الشيعة، وبثّ الاختلاف والفرقة بين أبناء الأمّة الإسلامية، واعتبار التقيّة في كلّ زمانٍ ومكانٍ من أوجب الواجبات، وضرورة التركيز على مواجهة العدوّ المشترك، وعدم وجود سندٍ صحيح لحديث رفع القلم، ووجوب الحفاظ على الاتحاد بين المسلمين، وسائر الأدلّة التي تقدَّم ذكرها ـ إلى رفض هذه القصّة، وهذه الممارسات المثيرة للفرقة والاختلاف. ويمكن أن نذكر من هؤلاء العلماء: السيد روح الله الخميني([51])، والسيد عليّ الخامنئي، والشيخ ناصر مكارم الشيرازي، والشيخ النوري الهمداني، والشيخ محمد تقي بهجت، والشيخ جواد التبريزي، والشيخ الفاضل اللنكراني، والشيخ حسين الوحيد الخراساني، والسيد عبد الكريم الموسوي الأردبيلي، والسيد محمد صادق الروحاني، والشيخ محمد تقي مصباح اليزدي، وجاودان، وآخرين.
يقول الإمام الخميني في هذا الشأن: «إن على جميع الخطباء والمتكلِّمين، سواء في الفضاءات المفتوحة أو المغلقة، وعلى جميع المؤلِّفين، تكليفاً شرعيّاً حَتْمياً، أن يجتنبوا قولَ أو كتابةَ ما يؤدّي إلى إثارة الاختلاف، ولو كان ذلك منهم على سبيل الإشارة والكناية؛ فإن الاختلاف اليوم بمنزلة السمّ الزعاف للأمّة الإسلامية، وعليهم جميعاً أن يعلموا بأن إيجاد الاختلاف في الوقت الراهن لا ينطلق إلاّ من التَّبَعية للنفس الأمّارة وشيطان النفس، وليس فيه سوى خدمة القوى العظمى، ولا سيَّما منها الولايات المتحدة الأمريكية مبيدة الشعوب، وهذا من المُنْكَرات الكبرى التي يعمل الشيطان على إجرائها على الألسنة والأقلام باسم الإسلام، وعليهم أن يعلموا أن الثورة الإسلامية لا تطيق صَبْراً على ذلك، وسوف تعاقب مَنْ يقوم بخلاف ذلك»([52]).
8ـ امتناع تعظيم الشعائر بالأعمال السخيفة والمنهيّ عنها في الدِّين
لو سلَّمنا القول بأصل اللعن من قِبَل الشيعة، إلاّ أن كيفيةَ إقامة احتفالات ـ من قبيل: إحياء اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل ـ مرفوضةٌ وغيرُ مقبولةٍ قَطْعاً؛ لأن الحركات والممارسات السخيفة لا يمكن تبريرها في الدين الإسلامي الحنيف أبداً؛ إذ هي ممارسات مقزِّزة، وتشتمل على الهجاء والاستهزاء والسخرية. وعليه لا يمكن الادِّعاء قَطْعاً بأن هذا النوع من التصرُّفات يُعَدّ نَوْعاً من تعظيم الشعائر؛ لأن الشعائر، طبقاً للتعريف الوارد بشأنها، هي الأعمال التي تقرِّب الإنسان من الله سبحانه وتعالى، والتي تصبّ في طاعته وامتثال أوامره([53]). وأما السخرية والاستهزاء وما إلى ذلك من الأفعال الشنيعة، التي ينهى عنها الدين الإسلامي الحنيف، فلا يمكن أن تكون من مصاديق التقرُّب إلى صاحب هذه النواهي.
9ـ حرمة هذه الاحتفاليّات بالحكم الثانويّ
وبالنظر إلى حكم العقل من جهةٍ، وضرورات المجتمعات الإسلاميّة المعاصرة، والمخاطر الكبرى المحدقة بالعالم الإسلاميّ من جهةٍ أخرى، حتّى لو كانت هناك مشروعيّةٌ للاحتفال في اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل بالحكم الأوّلي فإن هذا الاحتفالَ؛ في ضوء الضرورات الراهنة للمجتمعات الإسلامية، والمخاطر التي تهدِّد وجوده وكينونته، وعلى أساس تشخيص وليّ أمر المسلمين، هذا الاحتفالَ في هذا اليوم ليس مرفوضاً فحَسْب، بل منهيٌّ عنه أيضاً. وقد حذَّر السيد الخامنئي من إقامة هذا النوع من الاحتفالات، قائلاً: «يقوم بعضٌ هذه الأيام ـ بذريعة إدخال السرور على قلب السيّدة فاطمة الزهراء ـ بأمور تعرقل في العالم أهداف الثورة، التي هي حصيلة جهود السيدة الزهراء÷… لو أن شخصاً قام اليوم بفعلٍ يتَّخذ منه أعداء الثورة، وذلك المسؤول السياسي الأمريكي، وعناصر الاستخبارات في البلدان العميلة للولايات المتَّحدة الأمريكية، وسيلةً ومستنداً ووثيقةً يحملها إلى كلّ مكانٍ، ويقول هناك: هذه هي الدولة التي تريدون أن تتأسَّوا بقِيَمها؛ فهل تعلمون حجم الكارثة التي سوف تحيق بنا جميعاً؟ هناك مَنْ يقوم بذلك حاليّاً باسم السيدة فاطمة الزهراء÷، في حين أن السيدة الزهراء لا ترضى بذلك، لقد تمَّ بَذْل كلّ هذه الجهود والتضحيات الجسيمة من أجل هذه الثورة… ثمّ يأتي شخصٌ لا يُعْرَف مَنْ يقف خلفه، ويعمل على تحريضه؛ بحجّة إدخال السرور على قلب السيّدة فاطمة الزهراء، فلا ينتج عن أفعاله سوى إدخال السرور على قلب أعداء الزهراء»([54]).
خلاصاتٌ ونتائج
1ـ بالنظر إلى عدم اشتمال الاحتفال في اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل ـ بوصفه يوم مقتل الخليفة الثاني ـ على منزلةٍ معتبرة وجديرة بالاستناد في المصادر التاريخية والروائية لا يمكن اعتباره من مصاديق تعظيم الشعائر المطلوبة للشارع، وأنه يستوجب التقرُّب إليه، في حين أنه بالنظر إلى مضمون احتفال اليوم التاسع من ربيع الأوّل لا يكون غير متعلِّق لإرادة الشارع المقدَّس فحَسْب، بل إنه ـ بناءً على ما تقدَّم ـ من الأمور التي ورد النهي المؤكَّد عنها في المصادر الشيعية.
2ـ بالنظر إلى وجود العدوّ المشترك للمسلمين فإن عيد الزهراء الحقيقي يكمن في بيان موقع الإمامة عند الناس. وأما هذه الممارسات فهي لا تعدو أن تكون ممارساتٍ مغرضةً ومشبوهةً. ولو سلَّمْنا جَدَلاً مشروعية هذا الاحتفال في ضوء الحكم الأوّلي، إلاّ أن كلام السيد الخامنئي ـ الذي صدر عنه على أساس ضرورات وأولويّات المجتمع الإسلامي المعاصر ـ يؤكِّد وجوب اجتناب هذا النوع من الممارسات.
3ـ يجب الالتفات إلى الأوضاع والأحوال الراهنة في العالم المعاصر، والشعور بالمسؤولية تجاه المذابح والجرائم في حقّ الشيعة كنتيجةٍ لهذه الممارسات الطائشة؛ كما يقول الإمام الباقر×: «يحشر العبد يوم القيامة وما ندى دماً، فيدفع إليه شبه المحجمة أو فوق ذلك، فيُقال له: هذا سهمك من دم فلان، فيقول: يا ربّ، إنك لتعلم أنك قبضتني وما سفكْتُ دماً، فيقول: بلى، سمعْتَ من فلانٍ رواية كذا وكذا، فروَيْتَها عليه، فنُقلَتْ، حتّى صارت إلى فلان الجبّار، فقتله عليها، وهذا سهمك من دمه»([55]).
4ـ لا شَكَّ في أن بعض القائلين بهذا النوع من الممارسات إنما يقومون بها عن جهلٍ، ويرتكبون هذه الأمور على أساس مواقف عشوائية وعمياء. إلاّ أن بعضاً آخر قد يقوم بها عن قصدٍ، وبنيّة التقرّب من الله، وهاجس تعظيم الشعائر، وبزعم مشاركة أهل البيت^ أفراحهم، والتقرُّب منهم، بل إنه يفعل ذلك معتقداً أخذ الحاجة واستجابة الدعاء، ويقدِّم لذلك بعض المستندات والأدلّة، بطبيعة الحال. إلاّ أن هناك آخرون من الذين يقومون بهذه الممارسات، ويروِّجون لها، عامدين وقاصدين، مع علمهم الأكيد بأضرارها وتأثيراتها وتداعياتها المشؤومة على الدين والمذهب، ويضمرون بذلك نوايا شيطانية، تهدف إلى إيجاد الشَّرْخ والصَّدْع بين المذاهب، والقضاء على روح الاتِّحاد بين المسلمين بوصفه ضرورةً ملحّة، فيعملون بذلك على تشبيه الأمر على المتديِّنين، ويصرّون على فعل ذلك، ويسعَوْن إلى التعريف بهذه الأعمال كمصاديق لتعظيم شعائر الله. وقد ذهب الإمام الخميني& إلى الاعتقاد بأن المنشأ والدافع إلى الإضرار بوحدة المسلمين هو «العناد» و«الجهل»، وقال في ذلك: «ليس هناك ما يدعو إلى التفرقة بين الشيعة والسُّنَّة، ولا ينبغي أن يكون هناك اختلافٌ بين الشيعة والسُّنَّة. يجب عليكم الحفاظ على الاتحاد، وعلينا أن نعمل على توحيد صفوفنا ومجتمعاتنا، وإن الذي يسعى إلى تقويض هذا الاجتماع والاتحاد لا يخلو من أمرين؛ فهو إما جاهلٌ؛ أو مغرضٌ»([56]).
إن الطائفة الأولى التي تمارس هذه الأفعال بشكلٍ أعمى لا شَكَّ في أنها متأثِّرةٌ في ذلك بسائر الجماعات، وعليه فإنه يمكن العمل على إصلاح أمر هذه الطائفة من خلال بثّ الوَعْي الصحيح بين أفرادها، أو من خلال إصلاح سائر الجماعات ذات التأثير عليها بوصفها تمثِّل مرجعيّةً لها. وأما الطائفة الثانية التي ترتكب هذه الممارسات عن غَرَضٍ فيمكن أيضاً تجريدهم من سلاحهم، وإبطال مفعول نشاطهم، من خلال بثّ الوَعْي والرؤية الصحيحية بين أفراد المجتمع من المتديِّنين والمؤمنين. وأما بالنسبة إلى الطائفة الأخرى من الأشخاص القائلين بإقامة مراسم اليوم التاسع من ربيع الأوّل، ويقيمون الأدلة على مشروعيّته؛ بغية التقرُّب إلى الله بذلك، فيجب توفير الظروف العلمية المناسبة لمناقشة ونَقْد أدلّتهم بشكلٍ واضح وصريح؛ لكي يتمكَّنوا في ضوء ذلك من التعرُّف على مكمن الخطأ الذي يرتكبون، ويعملوا على تغيير مسارهم.
إن بيان الحدود المذكورة يمنح الشيعة إمكانية الدفاع عن معتقداتهم الأصيلة والصحيحة في مواجهة أهل السُّنَّة، وسوف يستطيعون بذلك أن يحولوا دون إلصاق التُّهَم الاعتباطية بهم. وحيث كان أهل البيت^ هم أوّل المعارضين للمتطرِّفين في تاريخ الإسلام فقد اتَّخذوا منهم مواقف حازمةً جدّاً. وعلى هذا الأساس تتَّضح ضرورة فصل الشيعة عن المتطرِّفين والمنحرفين.
5ـ إن اليوم التاسع من شهر ربيع الأوّل يمثِّل بداية إمامة الإمام المهديّ المنتظر#، وهذا هو سبب الأفراح التي تصدر عن الشيعة في هذا اليوم([57])؛ لأن اليوم الثامن من شهر ربيع الأوّل هو يوم وفاة الإمام الحسن العسكري×([58]). وبالتالي فإنه يعتبر من الأعياد الكبرى عند الشيعة. وعليه، فإن كلّ شخصٍ يُنفق شيئاً في مثل هذا اليوم سوف يكون هذا الإنفاق منه سبباً في غفران ذنوبه، وقيل: يستحبّ إطعام المؤمنين، وإدخال السرور والسعادة على قلوبهم، ويستحبّ التوسعة في الرزق على العيال، ولبس الجديد من الثياب، والإكثار من الشكر وعبادة الله سبحانه وتعالى. وإن هذا اليوم هو يوم زوال الكُرَب، وهو يوم عظيمٌ جداً([59]). وهناك بطبيعة الحال مَنْ يعزو أهمِّية اليوم التاسع من شهر ربيع الأول إلى ولادة الإمام المهديّ#؛ كما يقول ابن الأزرق في (تاريخ ميّافارقين) في خصوص ولادة الإمام المهديّ المنتظر#: «ولد الحجّة المهديّ# في اليوم التاسع من شهر ربيع الأول، سنة 258، وعلى قولٍ آخر: في الثامن من شعبان سنة 256، وذلك هو الأصحّ». وقد نقل شمس الدين محمد بن طولون الدمشقي الحنفيّ هذا القول عن ابن الأزرق في كتابه (الأئمّة الاثنا عشر)، الفصل الثاني عشر (الحجّة المهديّ). كما نقل ابن خلّكان الشافعي هذا القول ـ رغم اعتقاده بأن ولادة الإمام المهديّ في النصف من شعبان ـ عن ابن الأزرق أيضاً([60]). ومن هنا يمكن للولادة، بناءً على قول مَنْ يقول بها، وإمامة الإمام المنتظر#، أن يكونا دليلين مقنعين لإثبات شرف هذا اليوم، ولزوم إحيائه للقائلين بذلك.
الهوامش
(*) أستاذةٌ مساعِدةٌ، وعضو الهيئة العلميّة، في كلِّية المرأة والأسرة في جامعة الأديان والمذاهب، قم ـ إيران.
(**) أستاذٌ في الحوزة والجامعة، وعضو الهيئة العلميّة في جامعة الأديان والمذاهب، قم ـ إيران.
([1]) انظر: مهدي آقا بابائي، مرد غيرتمند إيراني: سيري در زندگاني أبو لؤلؤ (الرجل الإيراني الغيور: سيرة حياة أبي لؤلؤة): 7 ـ 8، مركز تحقيقات رايانه إي قائميه، إصفهان؛ علي فاطمي، غدير ثاني: روز نهم ربيع مكمل غدير أول وروز إظهار تبري (الغدير الثاني: يوم التاسع من ربيع الأول المكمل ليوم الغدير الأول ويوم إظهار البراء): 35 ـ 36، الناشر الورقي: موقع شيعه نيوز وشيعه تيوب، الناشر الإلكتروني: مركز تحقيقات رايانه إي قائميه، إصفهان. حيث صنّف هذان الكاتبان كتباً في الدفاع عن احتفال اليوم التاسع من شهر ربيع الأول.
([2]) انظر: أعظم خوش صورت موفق وراضية علي أكبري، نقد وبررسي مهمّ ترين أدلّه جريان هاي تكفيري در تكفير شيعه، در مجموعه مقالات كنگره تكفير (نقد ومناقشة أهم أدلة التيارات التكفيرية في تكفير الشيعة. المنشور ضمن سلسلة مقالات مؤتمر التكفير) 7: 257، 1392هـ.ش. (مصدر فارسي).
([3]) انظر: محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار 31: 120 ـ 131، مؤسسة الوفاء، بيروت، 1404هـ؛ محمد باقر المجلسي، زاد المعاد: 372 ـ 378، 1370هـ.ش.
([4]) انظر: أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، الأمالي: 337، ح588، دار الثقافة، قم، 1414هـ.
([5]) انظر: مسلم نجفي وهادي وكيلي، «تأملاتي تاريخي درباره نهم ربيع (إطلالة تاريخية حول اليوم التاسع من شهر ربيع الأول)، المنشور في مجلة تاريخ وفرهنگ، العدد 4: 52، 1389هـ.ش. (مصدر فارسي).
([6]) انظر: فخر الدين الرازي، التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب 13: 109، دار الكتب العلمية، بيروت، 1411هـ؛ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 4: 232، دار إحياء التراث العربي، ط2، بيروت؛ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن 7: 207، دار المعرفة، بيروت، 1412هـ؛ محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 7: 314، مؤسسة النشر الإسلامي، ط5، قم، 1417هـ؛ الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، تفسير نمونه (الأمثل في تفسير كتاب الله المنـزل) 5: 394، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1374هـ.ش.
([7]) انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 7: 434؛ أبو حنيفة الدينوري، الأخبار الطوال: 165، منشورات الشريف الرضي، قم.
([8]) محمود بن عبد الله الآلوسي، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم 7: 251، دار الفكر، بيروت، 1414هـ.
([9]) انظر: عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي، الموضوعات 1: 243، طبعة عبد الرحمن محمد عثمان، المدينة، 1386هـ؛ محمد بن أحمد الذهبي، تذكرة الحفاظ 1: 601، منشورات الشريف الرضي، بيروت.
([10]) انظر: أحمد ابن تيمية، مجموع الفتاوي 2: 476، دار الوفاء، بيروت، 1426هـ.
([11]) انظر: المصدر السابق 7: 219.
([12]) انظر: المصدر السابق 2: 443.
([13]) انظر: عبيد الله ابن بطّة العكبري، الإبانة الكبرى: 160 ـ 162، النسخة الرقمية الإلكترونية موقع جامع الحديث.
([14]) انظر: نصر بن مزاحم المنقري، وقعة صفين: 103، مكتبة المرعشي النجفي، قم، 1403هـ؛ المجلسي، بحار الأنوار 32: 120 ـ 399.
([15]) السيد محمد حسين الطباطبائي، سنن النبيّ|: 413، تحقيق: الشيخ محمد هادي فقهي، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1419هـ.
([16]) السيد عبد الله الجزائري، التحفة السنية: 323 (مخطوطة).
([17]) انظر: محمد بن علي الصدوق، عيون أخبار الرضا× 1: 613 ـ 614، مؤسسة الأعلمي، بيروت، 1404هـ.
([18]) محمد بن علي الصدوق، الاعتقادات في دين الإمامية: 107، تحقيق: عصام عبد السيد، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، ط2، بيروت، 1414هـ.
([19]) انظر: أبو جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي، المحاسن 1: 18، دار الكتب الإسلامية، قم، 1371هـ.ش؛ محمد بن يعقوب الكليني، أصول الكافي 8: 2 ـ 14، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1365هـ.ش؛ محمد بن مسعود العياشي، تفسير العياشي 1: 373، مطبعة طهران العلمية، طهران، 1380هـ.ش؛ المجلسي، بحار الأنوار 71: 215، الباب 14؛ 75: 215، الباب 3؛ 27: 239؛ 71: 217.
([20]) لقد ذكر العلاّمة المجلسي في بحار الأنوار، ج 72، في باب التقية والمداراة وحدها، 109 رواية في التقيّة والمداراة، وكذلك في مستدرك الوسائل، ج 12، ص 306، رواياتٌ تدعو إلى التأمّل في باب وجوب كفّ اللسان عن المخالفين.
([21]) انظر: المجلسي، بحار الأنوار 32: 399.
([22]) انظر: حسن بن سليمان بن محمد الحلّي، المحتضر: 93، المكتبة الحيدرية، النجف، 1424هـ.
([23]) انظر: نعمة الله بن عبد الله الجزائري، الأنوار النعمانية 1: 108، دار القارئ، بيروت.
([24]) انظر: المجلسي، بحار الأنوار 95: 351.
([25]) انظر: الحلّي، المحتضر: 93.
([26]) انظر: الجزائري، الأنوار النعمانية 1: 108.
([27]) انظر: أبو عمرو محمد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي، رجال الكشي، مؤسسة نشر دانشگاه مشهد، مشهد، 1409هـ؛ السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي، معجم رجال الحديث وتفصيل طبقات الرجال؛ السيد مصطفى بن حسين الحسيني التفرشي، نقد الرجال، مؤسسة آل البيت^ لإحياء التراث، قم، 1418هـ؛ أبو الحسن أحمد بن علي النجاشي، رجال النجاشي (فهرست أسماء مصنِّفي الشيعة)، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1407هـ؛ أبو جعفر أحمد بن محمد بن خالد البرقي، رجال البرقي، الطبقات، جامعة طهران، طهران، 1383هـ.
([28]) انظر: لطف الله الصافي الگلپايگاني، مجموعه رسائل (سلسلة الرسائل) 2: 395. (مصدر فارسي).
([29]) انظر: محمد بن علي الصدوق، الأمالي: 626، نشر كتابچي، طهران، 1376؛ الصدوق، الاعتقادات في دين الإمامية: 107.
([30]) انظر: المجلسي، بحار الأنوار 31: 128.
([31]) انظر: أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، كتاب الغيبة: 386، تحقيق: الشيخ عباد الله الطهراني والشيخ أبو أحمد الناصح، مؤسسة المعارف الإسلامية، قم، 1411هـ.
([32]) انظر: الصدوق، ، عيون أخبار الرضا× 2: 575.
([33]) انظر: محمد بن علي الصدوق، فضائل الشيعة: 43، ترجمه إلى اللغة الفارسية: توحيدي، منشورات زرارة، طهران.
([34]) انظر: جعفر السبحاني، محاضرات في الإلهيات (تلخيص: الربّاني الگلپايگاني): 451، مؤسسة الإمام الصادق×، قم.
([35]) الصدوق، فضائل الشيعة: 43.
([36]) ومن بين المصادر الشيعية الدالّة على هذا المدَّعى: أحمد بن أبي يعقوب اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي 2: 159، ترجمه إلى اللغة الفارسية: محمد إبراهيم آيتي، شركت انتشارات علمي وفرهنگي، طهران، 1371هـ.ش؛ المصدر نفسه 2: 49؛ علي بن الحسين المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجواهر 2: 250، 304 و321، ترجمه إلى اللغة الفارسية: أبو القاسم پاينده، شركت انتشارات علمي وفرهنگي، طهران، 1374هـ.ش؛ ابن أعثم الكوفي، الفتوح 2: 323، ترجمه إلى اللغة الفارسية: محمد بن أحمد المستوفي، انتشارات آموزش انقلاب إسلامي، 1372.
وأما المصادر السنِّية الدالة على هذا المعنى فهي: ابن قتيبة الدينوري، الإمامة والسياسة (تاريخ الخلفاء) 1: 39، تحقيق: علي شيري، دار الأضواء، بيروت، 1410هـ؛ محمد بن سعد بن منيع الأزهري، الطبقات الكبرى 3: 258، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1417هـ؛ محمد بن جرير الطبري، تاريخ الطبري 4: 191، ترجمه إلى اللغة الفارسية: أبو القاسم پاينده، بنياد فرهنگ إيران، 1352هـ.ش.
([37]) انظر: الطبري، تاريخ الطبري 2: 560.
([38]) انظر: اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي 2: 159.
([39]) انظر: إبراهيم بن علي العاملي الكفعمي، المصباح: 510، منشورات الشريف الرضي، قم، 1405هـ.
([40]) انظر: محمد بن منصور بن أحمد ابن إدريس الحلّي، السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي 1: 419، مؤسسة النشر الإسلامي، ط2، قم، 1410هـ؛ العاملي الكفعمي، المصباح: 510.
([41]) انظر: المجلسي، بحار الأنوار 31: 119.
([43]) انظر: المجلسي، زاد المعاد: 372.
([44]) انظر: المجلسي، زاد المعاد؛ مفتاح الجنان: 373، ترجمه إلى اللغة الفارسية: علاء الدين الأعلمي، بيروت، 1423هـ.ش.
([45]) انظر: مفتاح الجنان: 378.
([46]) انظر: محمد بن النعمان المفيد، مسارّ الشيعة: 49، مؤتمر الشيخ المفيد، قم، 1364هـ.ش.
([47]) انظر: المصدر السابق: 42.
([48]) انظر: المجلسي، بحار الأنوار 31: 118.
([49]) انظر: مسلم النجفي وهادي وكيلي، «تأملاتي تاريخي درباره نهم ربيع» (إطلالةٌ تاريخية حول اليوم التاسع من شهر ربيع الأول)، المنشور في مجلة تاريخ وفرهنگ، العدد 4: 60، 1389هـ.ش. (مصدر فارسي).
([50]) انظر: الطبري، تاريخ الطبري 2: 560، 599.
([51]) انظر: روح الله الموسوي الخميني، صحيفه نور (صحيفة النور) 1: 376؛ 6: 84، 133؛ 9: 312؛ 13: 54؛ 15: 464؛ 19: 20، وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، 1361هـ.ش. (مصدر فارسي).
([53]) انظر: إسماعيل بن حمّاد الجوهري، الصحاح: تاج اللغة وصحاح العربية 2: 699، دار العلم للملايين، بيروت، 1410هـ؛ محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي، تفسير القرطبي 12: 56، دار إحياء التراث العربي، ط2، بيروت، 1405هـ.
([54]) السيد علي الخامنئي، مجلة هفته نامه عملي ـ فرهنگي بصير الأسبوعية (الحوزة)، العدد 1، السنة الرابعة عشرة، العدد المسلسل 323: 6. (مصدر فارسي).
([55]) محمد بن يعقوب الكليني، أصول الكافي 4: 77.
([56]) روح الله الموسوي الخميني، صحيفه إمام (صحيفة الإمام) 6: 84، مؤسسة نشر آثار الإمام الخميني، قم. (مصدر فارسي).
([57]) انظر: رضي الدين عليّ ابن طاووس الحلّي، الإقبال بالأعمال الحسنة 3: 114، منشورات مؤسسة التبليغ الإسلامي في الحوزة العلمية، قم، 1415هـ.
([58]) انظر: الكليني، أصول الكافي 1: 503؛ محمد بن جرير الطبري، دلائل الإمامة: 233، مؤسسة البعثة، قم، 1413هـ؛ المجلسي، بحار الأنوار 50: 325؛ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، تهذيب الأحكام 6: 92، دار الكتب الإسلامية، ط4، طهران، 1407هـ.
([59]) انظر: الشيخ عباس القمّي، مفاتيح الجنان: 488، منشورات الهادي، ط18، قم، 1383هـ.ش.
([60]) انظر: ابن خلّكان، وفيات الأعيان 1: 676، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، مصر، 1948م.