رأيه حول الزيادات في مصاحف الصحابة
سُئل الشيخ القرضاوي بتاريخ 20/6/2001م، كما نشر في موقعه في الجزء الأوّل من فتاوى معاصرة، عن رأيه في بعض الزيادات الواردة في مصاحف بعض الصحابة، كالسيدات عائشة وحفصة وأمّ سلمة، حيث ورد فيها، في سورة البقرة، الآية 238: ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَى﴾، وردت فيها زيادة «وصلاة العصر»! وفي ما يلي ننقل مقتطفات من جوابه: كان بعض الصحابة لهم مصاحف خاصّة بهم، يجعلون في هذه المصاحف شيئاً من التفسيرات أو التعليقات أو نحو ذلك من الإضافات التوضيحية التفسيرية.. والذي قيل أنه ورد في مصحف عائشة وحفصة وأمّ سلمة هو بمثابة التفسير، لا غير.. ويبدو أنّ عائشة رضي الله عنها وضعت في مصحفها (وصلاة العصر). وفي تلك الأيام لم تكن هناك طريقة معروفة في الكتابة لفصل الأصل عن التفسير. فليست هناك أقواس معروفة… وقد وردت بعض الروايات بدون (واو): «والصلاة الوسطى صلاة العصر»، وبعض الروايات وردت (بالواو): «وصلاة العصر». وقالوا: هذه من عطف الأوصاف، لا من عطف الموصوفات. فالحجّة عندنا هو المصحف الإمام، مصحف عثمان، الذي أجمعت عليه الأمّة الإسلامية في سائر الأجيال، وتناقلته القرون، وتلقّاه الخلف عن السلف، وأصبح معلوماً من الدين بالضرورة. وأمّا ما زاد على ذلك فلا يعدو كونه من التفسير، كقراءة ابن مسعود في مصحفه: «فصيام ثلاثة أيام متتابعات». وقد اعتبر العلماء كلمة «متتابعات» نوعاً من التفسير. ولهذا لم تعتبر الأمّة الإسلامية ذلك التفسير من أصل كتاب ربّها([1]).
والواقع أن هذا هو نفس الجواب الذي يقدِّمه علماء المسلمين الإمامية حول بعض الزيادات التي وردت في مرويّاتهم. بل ويؤكِّدون أنّ جلّها غير صحيحة وشاذّة ومتروكة؛ لمخالفتها صريح القرآن الكريم، حتّى لقد بحّت حناجر خطبائهم، وجفّت محابر كتّابهم، من كثرة ما تحدّثوا وكتبوا عنها. لكنْ نجد أن إجاباتهم لم تقنع بعض المشايخ والمؤلِّفين، فصاروا ينسبون إليهم بأنّ لهم قرآناً غير هذا القرآن الموجود بين ظهراني المسلمين. ومن المؤسف أن الشيخ القرضاوي في بعض لقاءاته الصحفيّة الأخيرة ردَّد بعض تلكم المقولات المغلوطة. لقد كنّا نتمنى منه أن يقف ذات الموقف الموضوعي، فينقل ما يقوله المحقِّقون من مفسِّري ومفكِّري الإمامية حول تلكم المرويات.
سنّة الصحابة
تجدر الإشارة إلى أنّ جمعاً من الفقهاء والأصوليين السنّة، كابن القيِّم في «أعلام الموقعين»، والشاطبي في «الموافقات»، وغيرهما، يؤكِّدون على سنّة الصحابة كمصدر من مصادر التشريع. وقد أقام ابن القيِّم أدلّة من ستّ وأربعين وجهاً على حجّية فتاوى الصحابة. والشاطبي خصَّص في كتابه فصلاً بعنوان «سنّة الصحابة كسنّة الرسول، يعمل بها ويرجع إليها»([2]). كما أنّ الشيخ القرضاوي نفسه عدّ في المقدّمة السادسة عشرة لكتابه «فقه الزكاة» سنن الصحابة والخلفاء الراشدين مصدراً من مصادر التشريع، ملحِقاً لها بسنّة الرسول|. وممّا قاله، وهو يعدِّد هذه المصادر، بعد الكتاب والسنة، وتحت عنوان «سنن الخلفاء الراشدين المهديّين»: «وثالث هذه المصادر السوابق التطبيقية للصحابة، وخاصّة سنّة الخلفاء الراشدين المهديين، الذين ألحق الرسول| سنّتهم بسنّته، وأمرنا بالتمسّك بها، والحرص عليها، في حديثه الذي رواه العرباض بن سارية…، بل أضاف إليهم، طبقاً لبعض العلماء، عمر بن عبد العزيز، خامس الخلفاء الراشدين»([3]).
ونشر الشيخ القرضاوي بتاريخ 26/3/2008م مقالة في موقع إسلام أون لاين، بعنوان: «ثقافة التسامح عند المسلمين»، فعدَّد فيها مصادرها، فذكر الكتاب والسيرة والسنة النبوية، ثم قال: «ويأتي بعد ذلك عمل الصحابة، خصوصاً الخلفاء الراشدون. وهم تلاميذ مدرسة النبوة، بها اقتدوا فاهتدوا. وسنّتهم امتداد لسنة النبيّ|، وعلى ضوئها اقتبسوا تشريعاتهم وتوجيهاتهم…»([4]).
وهنا نسأل الشيخ القرضاوي، وطبقاً لمنطقه المتقدّم في حديثه عن السنّة عند الشيعة، هل يصحّ القول بأنّ السنّة عند هذا الفريق ليست هي سنّة النبيّ|، بل هي سنّته وسنّة الخلفاء الأربعة، بل سنّة خامس الراشدين، بل هي سنة عموم الصحابة؟ أخال أن طرح فكر المسلم الآخر بهذا الأسلوب المستند إلى الملازمات المتعسِّفة يجانب الموضوعيّة والدقّة العلميّة، ويتَّسم بكثير من التسطيح والتبسيط المخلَّين.
بيان الشيخ القرضاوي
وعلى كل حال، وبعد الانتقادات التي وجهت إلى الشيخ القرضاوي من بعض المفكرين والباحثين، كالكاتب المصري الشهير فهمي هويدي، والدكتور كمال أبو المجد، والمستشار طارق البشري، وغيرهم، على هذا الأسلوب التحريضي في مخاطبته الجماهير العربية، وعبر صحيفة جماهيرية، وفي هذه الفترة الدقيقة؛ وإثر ردود الفعل من بعض علماء المسلمين الإمامية البارزين، ممَّنْ يتوافق نهجهم مع مشروع التقارب بين مذاهب المسلمين، وعلى رأسهم: العلامة السيد محمد حسين فضل الله، والشيخ محمد علي التسخيري، وغيرهما، أصدر الشيخ القرضاوي بياناً بتاريخ 17 رمضان 1429هـ، نشر في موقعه بتاريخ 17/9/2008م، بعنوان: «هذا بيانٌ للناس».
وقبل استعراض أهمّ مضامين هذا البيان لا بدّ من التنويه إلى أنّ ردّ وكالة مهر الإيرانية، وعلى الرغم من أنه كان بمثابة نتيجة وردّة فعل لما تضمّنته تصريحات الشيخ القرضاوي المثيرة والمستفزّة وغير المقبولة، ولكنه ـ أي ردّ الوكالة ـ كان هو الآخر غير منضبط، وغير مقبول أيضاً. فلا بدّ من رفض وإدانة مثل هذه الأساليب من الجميع، وعلى السواء، ومن دون اللجوء إلى المعايير المزدوجة التي طالما استنكرنا صدورها من الغرب. وقد فصلت الوكالة الموظَّف الذي أعدّ ذلك الردّ. وقد نوَّه اتّحاد العلماء في بيانه المؤرّخ في 15/10/2008م بخبر الفصل. وفي فترةٍ لاحقة قدَّمت منظمة الإعلام الإيرانية اعتذاراً رسمياً إلى الشيخ القرضاوي من تصرُّف الموظَّف المذكور، مؤكِّدة أنّه تمَّت معاقبته بفصله من المنظمة، وذلك حسب الخبر الذي نشر في موقع القرضاوي بتاريخ 10/3/2009م([5]).
كما تجدر الإشارة إلى أن بيان الشيخ القرضاوي المتقدّم قد وردت فيه بعد البسملة والعنوان، وضمن الديباجة، هذه العبارة «حول موقفي من الشيعة وما قالته وكالة مهر الإيرانية والردّ على الشيخين فضل الله والتسخيري، بقلم: يوسف القرضاوي، رئيس الاتّحاد العالمي لعلماء المسلمين»([6]). وهذا يعني أنّ الشيخ أصدر البيان بصفته رئيس الاتحاد، بخلاف ما ورد في موقعه، في قسم أخبار القرضاوي، وضمن خبر حول اجتماع مجلس أمناء الاتّحاد بالدوحة، بتاريخ 15/10/2008م، مفاده أنّ الدكتور القرضاوي أكَّد بأنّ حديثه عن المذاهب الإسلامية كان أداءً لواجبه كعالِم، ولم يمثِّل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وإنّما تحدَّث بصفته يوسف القرضاوي. وورد فيه أيضاً عن الدكتور محمد سليم العوا «أن القرضاوي تحدَّث عبر وسائل الإعلام في قضية الخلاف المذهبي باسمه الشخصي، وليس باسم الاتّحاد». إنّ هذا التضارب يثير تساؤلاً مشروعاً حول ما إذا كان اتّحاد العلماء يتبنّى بيان القرضاوي المذكور، الذي وقَّعه بصفته رئيساً له؟ وما هو موقف الاتّحاد منه؟ وما هي أسباب تغاضيه عن ذلك؟
وعلى أيّ حال فقد لجأ اتّحاد العلماء، وبجهود بعض المخلصين لأهدافه، إلى هذا التخريج الفني العجيب؛ للإبقاء على استمراريته، والنأي به عن أن يكون طرفاً في السجال والاصطفاف المذهبي، الذي نتج عن تصريحات القرضاوي، وهو ما يتعارض مع أهدافه وغاياته. وقد دافع جملةٌ من العلماء والباحثين عن مواقف القرضاوي، وكتبوا مقالات تعبِّر عن دعمهم له، ومنهم: الأستاذ راشد الغنوشي، والدكتور أحمد التويجري، وغيرهم.
نماذج التبديع والتضليل في بيان الشيخ القرضاوي
قبل الإشارة إلى نماذج التضليل التي حواها هذا البيان يحسن التنويه إلى أن طابع الانفعال والتبرير والسجال الذي سيطر عليه مردّه طبيعة المناخ السجالي الذي صدر فيه، إثر الخطاب الهجومي الذي ابتدأه الشيخ القرضاوي ضدّ بعض المذاهب الإسلامية. لقد أكَّد البيان في البند الأوّل منه على وحدة الأمّة بكلّ فرقها ومذاهبها، وأنّ الخلاف الذي بينها لا يُخرج أيّاً منها من الأمّة، وأنّ الحديث الذي يعتمد عليه في تقسيم الأمّة يجعل الجميع من الأمّة، إلاّ مَنْ انشقّ عن الإسلام تماماً، وبصورة قطعية. ولكنّه سرعان ما قرَّر في البند الثاني بأنّ هناك فرقة واحدة من الفرق التي جاء بها الحديث هي وحدها (الناجية)، وكل الفرق هالكةٌ أو ضالّة، وكلّ فرقة تعتقد في نفسها أنها الناجية والباقي على ضلال. وأردف بالقول: «ونحن أهل السنّة نوقِن بأننا وحدنا الفرقة الناجية، وكلّ الفرق الأخرى وقعت في البدع والضلالات»، ثم قال: «وعلى هذا الأساس قلتُ عن الشيعة: إنّهم مبتدعون، لا كفّار. وهذا مجمَعٌ عليه بين أهل السنّة…». وفي مضمار ردّه على العلامة فضل الله في بيانه أكّد بقوله: «نحن أهل السنّة نقول عن سائر الفرق الإسلامية: إنّهم مبتدعون، ولكنْ بدعة غير مكفِّرة». وهكذا فقد قرَّر القرضاوي بأنّ جميع فرق المسلمين ضالّة هالكة، وأن كلّ الفرق وقعت في البدع والضلالات، بنسب متفاوتة، باستثناء فرقة واحدة. ومن المفارقات الجليّة التي وقع فيها القرضاوي هي استناده إلى معطيات حديث الفرقة الناجية، الذي سبق له أن نقده عدّة مرات، وفي أكثر من كتاب ومقالة، وأثبت ضعفه وذكر طعون العلماء وتشكيكاتهم في هذا الحديث عامّة، وفي الزيادة التي تقرِّر هلاك الجميع باستثناء فرقة واحدة خاصّة، كما سبقت الإشارة إليه. ولم يكتفِ الشيخ بهذا القدر من إطلاق أحكام الابتداع على عموم فرق المسلمين، وبالأخصّ على المسلمين الإمامية، بل كرَّر الحديث عن بِدَع الأخيرة حسب تصوُّره، حيث قسَّمها إلى: نظرية؛ وعملية. ومن البدع النظرية، حسب رأيه، القول بالوصية لعليّ، وعصمة الأئمّة، وتعظيمهم، وإضفاء القداسة عليهم، وأنّ السنّة عندهم ليست سنّة محمّد، بل سنّته وسنّة المعصومين من بعده. ومن البدع العملية: تجديد مأساة الحسين كلّ عامّ، وما يحدث عند مزارات آل البيت من شركيّات، وزيادة الشهادة الثالثة في الأذان. وأضاف في البند الثالث: «ومنها: الشركيات عند المزارات والمقابر التي دفن فيها آل البيت، والاستعانة بهم، ودعاؤهم من دون الله». وأشار إلى أن مثلها يوجد عند بعض أهل السنّة، ولكنّ علماءهم يشدِّدون النكير عليهم. والطريف في الأمر أنّ الشيخ القرضاوي، ومع تحشيده كلّ تلكم الأحكام، واستدعائه خطاب مؤرِّخي الفرق والمقالات، من تبديع وتضليل وتشريك، وجزم بهلاك المسلم الآخر المخالف لفريقه، مع كلّ ذلك يعتبر مواقفه الإقصائية تلك مواقف عالمٍ سنّي معتدل، مقابل مَنْ يصرِّح بكفر مخالفيه. وكأنّه يرى في ذلك تبريراً مقنعاً وعذراً كافياً للدفاع عن مواقفه أمام منتقديه، سواء من أصدقائه أو من غيرهم([7]). إنّ أيّ باحث أو متابع لفكر الشيخ القرضاوي سيستغرب من هذا التحوُّل السلبي عنده تجاه عقائد بعض المذاهب المسلمة. والمفارقة أنّه بذلك خالف معظم ما أسَّسه، ودعا إليه، في كتابه مبادئ الحوار والتقريب بين المذاهب الإسلامية.
رصاصة الرحمة على تقريب المذاهب
إنّ أحاديثه الصحفيّة المشار إليها، وما تلاها من بيانات ومساجلات، صدمت المتابعين لأعماله، وبدت لهم غير متّسقة مع شعاراته وأسلوبه، ولا تنسجم مع أولوياته المعروفة. ففي تقرير نشر في موقع الجزيرة نت، بتاريخ 27/9/2008م، حمل عنوانا لافتاً، هو: هل أطلق القرضاوي رصاصة الرحمة على تقريب المذاهب؟ وجاء فيه: «اعتبر قطاع من العلماء أن الشيخ القرضاوي أطلق ما وصفوها رصاصة الرحمة على عبث التقريب». ودعا آخرون إلى احتواء الخلاف وترحيله إلى الحوار بين علماء الدين في الجانبين، في حين اعتبرت قلّة من العلماء هذه التصريحات تحريضاً للسنّة ضدّ إخوانهم الشيعة. من جانبه وجّه أستاذ العقيدة والفلسفة وعضو مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الدكتور عبد المعطي بيومي عتاباً هادئاً للقرضاوي، وقد جاء فيه: إن خلاف المذاهب لا يعالج بهذه الحدّة التي ظهرت في تصريحات الشيخ،محذِّراً من أن جهات دولية تنتظر مثل هذه الأمور؛ لتشعل الخلاف بين المسلمين السنّة والشيعة. وأشار إلى أن القرضاوي أصبح ذا نبرة الآن تختلف عن هدوئه المعهود ومنهجه الأسبق.
واعتبرها محمد الدريني، أمين المجلس الأعلى لرعاية آل البيت، تصريحات تحريضية، وتساءل عن مظاهر المدّ الشيعي والفاعليات والمطبوعات الشيعية في البلاد السنّية؟
بينما دافع عضو اللجنة الدينية في البرلمان المصري (السابق)، والأمين المساعد الأسبق لمجمع البحوث الإسلامية، الشيخ سيد عسكر، عن القرضاوي، وقال: «كثيراً ما تعرّض القرضاوي لانتقاد سنّي في موضوع التقريب بين المذاهب؛ باعتباره مهادناً للشيعة. أمّا وقد تحدّث الرجل الآن عن خطر التشيُّع فهذا يؤكِّد أن الكيل طفح، ولم يعُدْ قادراً على السكوت، وأنّه يرى من الوقائع والأدلة ما يعزِّز كلامه»([8]).
تجميد الحوار مع المسيحيين، والتقريب بين المذاهب
في حوار أجراه موقع مدارك مع الدكتور القرضاوي، نشر في موقعه بتاريخ 19/7/2009م؛ بسبب الجدل الذي أثير حول بعض آرائه الواردة في كتابه «فقه الجهاد»، سُئل عن نظرته عن الحوار الإسلامي المسيحي، فأجاب: كان ثمة حوار ممتدّ، ولكنّنا جمّدناه بعد ما حدث من البابا. وإن الحوار معهم لا ينتفع المسلمون منه بشيء. ثم أردف: تماماً كالحوار مع الشيعة، لا ينتفع السنّة منه بشيء، وإنما ينتفع الشيعة وحدهم. وأذكر أنه بعد إحدى جولات الحوار مع الشيعة فوجئنا بقيامهم بافتتاح حسينيّات كثيرة في بلاد سنّية، ولما سألناهم: لِمَ فعلتُم ذلك؟ قالوا: إنّنا اتّفقنا في حواراتنا على أننا، سنّةً وشيعة، شيء واحد([9]). والمفارقة هنا أن الشيخ القرضاوي رحَّب ببناء كنيسة لغير المواطنين من المسيحيين في دولة خليجية معروفة، بل وأفتى بجواز بناء دور العبادة لغير المسلمين، سواء من أتباع الديانات السماوية أو غيرهم في بلاد المسلمين، ولكنّه في المقابل ضاق ذرعاً من قيام بعض المواطنين أو المقيمين من المسلمين الشيعة ببناء حسينيات في بعض الدول المسلمة. وبالمناسبة فإن الحسينيات هي غير المساجد، فهي عبارة عن قاعات تخصَّص لإقامة الاحتفالات في المناسبات الإسلامية، ومنها: المولد النبوي الشريف، والمبعث النبوي الشريف، ومناسبة عاشوراء، ومناسبة الغدير.
وفي المقابل أعلن الشيخ القرضاوي، كما في موقعه بتاريخ 31/1/2010م، عن تدشين الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الحوار بين الإسلام وأتباع الديانات الشرقية، وهي: الهندوسية، والبوذية، والسيخية، وغيرها؛ لتدارك الإهمال الذي حصل في التحاور معها، رغم علاقات الجوار الوطيدة مع دولها. وشدَّد على أن الإسلام يدعو إلى التسامح مع المخالفين ما داموا لم يعتدوا علينا، وإن الإسلام يحترم آدمية الإنسان، بغضّ النظر عن دينه وعرقه ولونه. فقد قرر الإسلام العدل للجميع. والواقع أن بعض المواقف السالفة لا تدلّ إلاّ على اختلال ترتيب الأولويّات واختلاط الموازين وتقلب المقاييس في التعامل مع قضايا الأمّة المسلمة، على خلاف ما يتمّ التنظير له في فقه الأولويّات والموازانات.
فتوى الشيخ القرضاوي حول التوسُّل
وبمناسبة نسبة القرضاوي الشركيّات إلى المسلمين الإمامية، وبعض عوام السنّة ـ حسب تعبيره ـ، عند مقابر أهل البيت^، والاستعانة بهم، ودعائهم من دون الله ـ في تصوّره ـ، ونظراً لارتباط كلامه في الأصل بمسألة التوسُّل بذوات الأنبياء والأولياء، نرى من المناسب أن نشير إلى فتواه المؤرَّخة بتاريخ 23/2/2005م، المنشورة في موقع إسلام أون لاين، في قسم «اسألوا أهل الذكر»، حول التوسُّل بالرسول| والأنبياء والملائكة والصالحين. وقد نصّ فيها بأنها «من الأمور الخلافية بين الأئمّة، وإنه خلاف في كيفية الدعاء، وليس من مسائل العقيدة». وقال: «إن مَنْ قرأ كتب المذاهب المتبوعة، من الحنفية والمالكية والشافعية، بل حتّى الحنابلة، وَجَدَ هذا واضحاً. فالكثيرون أجازوا التوسُّل بالرسول وبالصالحين من عباد الله، وهناك مَنْ كره التوسل، وهناك مَنْ منعه». وجاء فيها: «وهناك كثيرون من المستقلّين عن المذاهب قالوا بإجازة التوسُّل، منهم: الإمام الشوكاني، وهو سلفي معروف… وهناك غيره من القدامى والمحدثين». وأشار إلى أحد الأدلّة القوية ـ حسب وصفه ـ على التوسُّل، وهو حديث عثمان بن حنيف، الذي أخرجه أحمد وغيره بسندٍ صحيح، ومفاده أن النبي| علّم رجلاً ضريراً بأن يدعو بهذا الدعاء: «اللهم إنّي أسألك وأتوجَّه إليك بنبيك نبيّ الرحمة. يا محمد، إنّي توجَّهت بك بهذا الدعاء إلى ربّي في حاجتي، فتقضى لي، اللهمّ فشفِّعه فيّ وشفِّعني فيه، قال: ففعل الرجل، فبرئ». على أن القرضاوي وافق الشيخ الألباني بأن الحديث لا يدلّ على التوسُّل بذات الرسول|؛ لأنّ توسُّل الأعمى كان بدعائه. كما رجَّح عدم جواز التوسُّل بذات النبيّ وبالصالحين، وفاقاً لرأي ابن تيمية، ومع ذلك قال: «ولكني لا أؤثم مَنْ أدّاه اجتهاده إلى جواز التوسُّل… ولا أنكر عليه، إلاّ من باب الإرشاد إلى الأرجح والأفضل»([10]).
ومع ذلك فهو يرى «أن الغلوّ في تعظيم الصالحين والقدّيسين في حياتهم، والتبرّك بآثارهم وقبورهم بعد مماتهم، هما أوسع أبواب الشرك بالله»([11]).
وعلى كلّ حال فإنه لا مسوِّغ لإطلاق أوصاف الشرك والبدعة على توسُّلات المسلمين الشيعة والسنّة والصوفيّة بالرسول الكريم| وأهل بيته^؛ بذريعة دعائهم واستعانتهم بغير الله تعالى؛ لأن ما يقوم به أولئك المؤمنون من الشيعة والسنة والصوفية عند مزارات النبيّ وأهل بيته والأولياء الصالحين لا يعدو في جوهره وعمقه الدعاء والتوسُّل إلى الله، بذواتهم، وبما كرَّمهم الله تعالى به، ولا سيّما أن المسألة خلافية؛ إذ لا إنكار في الخلاف. والواقع أنّ تلكم المواقف التبديعية تمثِّل نموذجاً للتعسُّف، ومصادرة الاجتهاد الآخر الصادر من مذاهب السنّة وطرق التصوّف، فضلاً عن اجتهادات الشيعة.
تجديده للتحذيرات المذهبية
إنّ من المؤسف القول: إنّ الخطاب الهجومي للدكتور القرضاوي ضدّ المسلمين الإمامية لم يتوقَّف. فما أن تسكن فورة، ويتنفس الناس الصعداء، حتّى تثور أخرى. ومرّة أخرى لم يشأ الدكتور القرضاوي تفويت الفرصة أثناء تواجده في القاهرة لحضور المؤتمر الثالث عشر لمجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف ـ الذي اختتم أعماله بتاريخ 11/3/ 2009م في القاهرة ـ. وعلى هامش المؤتمر كرَّر القرضاوي دقّ ناقوس الخطر، محذِّراً بشدّة من التمدُّد الشيعي في المجتمعات السنّية، معتبراً أنه خطر محدق بهوية البلدان السنّية، حسبما أوردت جريدة الرأي الكويتية، بتاريخ 12/3/2009م([12]).
والغريب في الأمر أنّ تصريحات الشيخ القرضاوي المثيرة تتصادف مع توقيتات في غاية الحراجة من الناحية السياسية؛ حيث جاءت هذه المرة متزامنة مع أجواء التوتر الإعلامي في قضية تقديم المقاومة الإسلامية الدعم اللوجستي للفلسطينيين أثناء حرب غزّة. ومن المؤسف أن تأتي تصريحاته منسجمة مع توجُّهات ما يعرف بمعسكر الاعتدال، على الرغم من مواقفه المشهودة الداعمة للمقاومة والممانعة.
إنكار الفتوى التاريخية للشيخ شلتوت حول المذهب الشيعي
في سابقة تاريخية من العيار الثقيل فاجأ الدكتور القرضاوي المهتمّين بشؤون العرب والمسلمين، والمتابعين لقضايا الحوار الإسلامي الإسلامي وعلاقات المذاهب الإسلامية، فاجأ رئيس اتّحاد علماء المسلمين الجميع بإنكاره على الملأ، وأمام وسائل الإعلام، الفتوى التاريخيّة الشهيرة التي أصدرها شيخ الأزهر الأسبق فضيلة الأستاذ الأكبر محمود شلتوت&، والتي أجاز بموجبها التعبُّد بالمذهب الإمامي الاثنا عشري، والمذهب الشيعي الزيدي، تماماً كسائر المذاهب الإسلامية. ففي خبر أورده موقعه بتاريخ 9/4/2009م، تحت عنوان: «القرضاوي: لا فتوى لشلتوت بالتعبُّد على الجعفري»، ذكر أنّ أحد الصحفيين وجَّه إليه سؤالاً حول حقيقة هذه الفتوى، على هامش دورة «علماء المستقبل»، التي نظّمها اتحاد العلماء بتاريخ 7/4/2009م في القاهرة، فردّ عليه: «أنا أقول لك هات لي الفتوى دي (هذه)، في أيّ كتابٍ من كتبه، أنا لم أرَ هذه الفتوى. وذكَّر بأنه عايش الشيخ، وكان من أقرب الناس إليه، ولم يرَه قال ذلك. وأشار إلى أنه وزميله الشيخ أحمد العسّال جمعا كتبه الأساسية الأربعة، وقد نوَّه باسمَيْهما في الطبعة الأولى منها. وأضاف: تراث الشيخ شلتوت أنا أعلم به. ما رأيت هذه الفتوى. أين هذه الفتوى؟ وهكذا فقد شكَّك في صدورها بناء على عدم رؤيته لها، مع أنه جمع بعض كتبه([13]).
إنّ منشأ المفاجأة في هذا التشكيك والإنكار لهذه الفتوى الذائعة الصيت هو أن يصدر الإنكار من رئيس اتّحاد علماء المسلمين، وفي إحدى الفعاليات التابعة للاتّحاد نفسه، وفي موطن الفتوى القاهرة.
التوثيق التاريخي للفتوى
ولا أدري كيف فاته بأنّ هذه الفتوى دخلت التوثيق التاريخي من أوسع أبوابه؛ نظراً للأصداء التي أحدثتها، والضجّة التي أثارتها، بين مؤيِّد لها ومستاء ومغضب منها؟ ثمّ إن بعض مَنْ عاصر ذلك ربما كان لا يزال على قيد الحياة. وإنّ وثائق دار التقريب محفوظة في الأعمال التي خلّفتها، وهي خير شاهد وناطق على صدورها.
ومن تلكم الوثائق الشاهدة: المجلة الدورية باسم «رسالة الإسلام»، التي كانت تصدرها جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية، التي كان مقرّها القاهرة. فلقد تصدَّرت الفتوى الشهيرة في عددها الثالث والأربعين، بدلاً من كلمة التحرير، ونشرت تحت عنوان: «فتوى تاريخية» لفضيلة الأستاذ الأكبر الشيخ محمود شلتوت([14]). كما نوَّه إليها الشيخ محمد الغزالي في العدد الرابع والأربعين من مجلة «رسالة الإسلام»، في مقالٍ له بعنوان: «على أوائل الطريق»، قال فيها: جاءني رجلٌ من العوام مغضباً يتساءل: كيف أصدر شيخ الأزهر فتواه بأنّ الشيعة مذهب إسلامي كسائر المذاهب المعروفة؟ فقلتُ للرجل: ماذا تعرف عن الشيعة؟ فسكت قليلاً، ثم أجاب: ناس على غير ديننا. فقلتُ له: لكنّي رأيتُهم يصلّون ويصومون كما نصلّي ونصوم، فعجب الرجل، وقال: كيف هذا؟ قلتُ له: والأغرب أنّهم يقرؤون القرآن مثلنا، ويعظِّمون الرسول، ويحجّون إلى البيت الحرام. قال: لقد بلغني أنّ لهم قرآناً آخر، وأنّهم يذهبون إلى الكعبة ليحقِّروها. فنظرتُ إلى الرجل راثياً، وقلتُ له: أنتَ معذورٌ؛ بعضنا يشيع عن البعض الآخر ما يحاول به هدمه وجرح كرامته…. كما أورد نفس النصّ السابق في كتابه «دفاع عن العقيدة والشريعة»([15]). كما نوَّه إلى الفتوى بجواز التعبُّد على المذهب الشيعي، في نفس العدد من المجلّة، الشيخ محمد محمد المدني، في مقالةٍ بعنوان: «رجّة البعث»»([16]). كما نشرت مجلّة الأزهر، التي كانت تصدر من مشيخة الأزهر، في عددها الثاني في المجلد الحادي والثلاثين لشهر صفر سنة 1379، مقالات مؤيِّدة للفتوى لكلٍّ من: الدكتور محمد البهي، والأستاذ محمود الشرقاوي([17]). وممَّنْ نوَّه إليها أيضاً الشيخ محمد جواد مغنية، في مقالةٍ كتبها عن زيارته إلى القاهرة سنة 1963م، وقد نشرها في كتابه «من هنا وهناك»، المطبوع سنة 1968م، تحت عنوان: «مع شيخ الأزهر»، قال: «وقبل عودتي بيومٍ واحد اجتمعت به ـ الشيخ شلتوت ـ في داره، فأهَّل ورحَّب، واستقبلني أفضل استقبال.. وجرى بيننا حديث عن الشيعة والتشيُّع، فأثنى وأطنب، ثم قال: وممّا قلتُ له: إن مكانتكم عند علماء الشيعة كبيرة وسامية. وقد تظنّون أو يظنّ غيركم أنّ السبب هو فتواكم بجواز التعبُّد بمذهب التشيُّع، والحقيقة أن العارفين من علمائنا ينظرون إلى فتواكم هذه على أنّها مجرد نظر واجتهاد، ولو أفتيتُم بالعكس لقالوا: هكذا أدى نظره واجتهاده…»([18]).
أضِفْ إلى ذلك أنّ عدداً من العلماء والباحثين أشاروا إليها في كتبهم وأبحاثهم. ومنهم، على سبيل المثال: الدكتور عبد الودود شلبي، الذي توفي في 21/5/2008م. وهو ممَّنْ عاصروا صدور الفتوى، وتابعوا خلفياتها، وردود الفعل المختلفة عليها. فقد انتدب سنة 1382هـ للعمل كسكرتير فنّي في مكتب الشيخ الأكبر شلتوت، حسبما أشار في كتابه «كلنا إخوة، شيعة وسنة». وتحدَّث فيه عن الفتوى تحت عنوان: «الفتوى التي هزّت عالم الجهلة والمتعصبين»، وذكر بأنّه شخصياً سأل يوماً الشيخ شلتوت إنْ كان اطّلع على كتاب الخطوط العريضة، فما كان من الشيخ شلتوت إلاّ أن سلَّمه نسخة من هذه الفتوى، ثم نقل شلبي نصّ الفتوى بالكامل في كتابه المذكور([19]). والدكتور عبد الودود كان زميلاً للشيخ القرضاوي والأستاذ العسّال في معتقل الهايكستب، وقد ذكره القرضاوي في أكثر من موضع من مذكّراته (ابن القرية والكتاب)([20]). كما أشار إلى الفتوى الشلتوتية الشيخ علي عبد العظيم في كتابه مشيخة الأزهر([21]). وقام الدكتور عبد الكريم الشيرازي بجمع بعض أهمّ وثائق جماعة التقريب، وطبعها في كتاب بعنوان: الوحدة الإسلامية، ومن بينها: وثيقة من نسخة رسمية من الفتوى على مطبوعات دار التقريب في القاهرة، بالإضافة إلى بعض المقالات لثلّة من العلماء والمفكِّرين، إلى جانب مجموعة من الصور عن اجتماعات وفعاليات الجماعة، وقد ظهر في بعضها الشيخ حسن البنا والشيخ عبد المجيد سليم والشيخ محمد تقي القمي، وفي أخرى الشيخ شلتوت والشيخ مرتضى آل ياسين وآخرين. كما ظهر في إحدى الصور الشيخ محمد تقي القمي، سكرتير دار التقريب، وهو يعرض بنفسه الفتوى على جمعٍ من العلماء في مدينة مشهد المشرَّفة، في احتفال أقيم بهذه المناسبة، وأهدى نسخةً منها لمكتبة الإمام عليّ بن موسى الرضا×([22]). وممَّنْ ذكرها أيضاً الشيخ نصر فريد واصل، المفتي المصري السابق، في بحثه «الإمام محمود شلتوت: المنهج، التجديد، التقريب»، والمنشور في مجلّة رسالة التقريب، التي تصدر من مجمع التقريب في طهران، في عددها الرابع والخمسين، 1427هـ([23]).
كما أنّ المفتي المصري الحالي الشيخ علي جمعة كان قد أكَّد على ذات الفتوى في لقائه المنشور في موقع العربية نت، بتاريخ 4/2/2009م، والذي قال فيه «يجوز التعبُّد بالمذاهب الشيعيّة ولا حرج، وقد أفتى بهذا شيخ الأزهر الراحل محمود شلتوت. فالأمّة الإسلامية جسدٌ واحد، ولا فرق فيه بين سني وشيعي..»([24]).
وممَّنْ أشار إليها الكاتب المصري الشهير فهمي هويدي في بحثه حول منهج التقريب، المنشور في العدد التاسع والعشرين من رسالة التقريب([25])، وكذا في كتابه «العرب وإيران: وَهْمُ الصراع، وَهْمُ الوفاق»، الذي طبعته دار الشروق سنة 1991م([26]). وتحدَّث عنها الدكتور محمد عمارة في أكثر من بحثٍ ومقالة له، منها: في بحثه بعنوان: «التقريب بين المذاهب الإسلامية»، نشر في مجلّة الهلال، عدد شعبان 1423، وأعيد نشره في رسالة التقريب في عددها السادس والثلاثين([27])، وغيرهم من الكتاب والباحثين.
بل إن الدكتور القرضاوي نفسه استشهد بفتوى الشيخ شلتوت في بيانه الذي أصدره بتاريخ 17/9/2008م للردّ على منتقديه، وإنْ كان ألمح إليها بعبارة توحي بعدم الاطّلاع عليها. ففي مضمار حديثه عن طبيعة الاختلاف في الفروع بين الشيعة والسنة قال: «ولهذا نقلوا عن شيخنا الشيخ شلتوت شيخ الأزهر& أنه أفتى بجواز التعبُّد بالمذهب الجعفري؛ لأنّ التعبُّد يتعلّق بالفروع والأحكام العملية، وما يخالفوننا فيه في الصلاة والصيام وغيرهما يمكن تحمُّله والتسامح فيه»([28]).
عالمٌ أزهري يؤكِّد فتوى الشيخ شلتوت
ونظراً لكون الفتوى تمثِّل حقيقة تارخية لا مجال للتشكيك فيها لم يمرّ أسبوع على انتشار خبر تشكيك الشيخ القرضاوي فيها إلا وانبرى له أحد الباحثين الشرعيين الأزهريين، وهو الشيخ عصام تليمة، المقيم في قطر، بردٍّ تحت عنوان: «نعم، أفتى شلتوت بجواز التعبُّد على المذهب الجعفري»، وذلك بتاريخ 13/4/2009م، وقد نشر في موقع إسلام أون لاين([29]). وجاء ردّ الأستاذ عصام مدعَّماً بالوقائع والوثائق التي تدحض تشكيكات القرضاوي، وموثَّقاً بالمصادر والأدلة التي تثبت صدور الفتوى. ذكر الأستاذ عصام تليمة أن الفتوى لم ترِدْ بالفعل في كتب شلتوت الأربعة الرئيسة، التي أشار إليها الدكتور القرضاوي، والتي جمعها وصاحبه الأستاذ العسّال. غير أنّ هذا ليس دليلاً على عدم صدور الفتوى؛ لأن هذه الكتب جمعت أو أعدّت للطبع قبل صدور الفتوى. لقد طبعت ثلاثة منها، وهي: الإسلام عقيدة وشريعة، من توجيهات الإسلام، الفتاوى، بين شهرَيْ نوفمبر وديسمبر من سنة 1959م. أمّا التفسير فلم يصدره الأزهر، بل طبعته دار القلم سنة 1960م. ثم إن الشيخ العسّال سافر إلى قطر سنة 1960م، ولحقه الشيخ القرضاوي في مطلع عام 1961م. ومن ناحية أخرى فإنهما لم يتقصَّيا كلّ تراث الشيخ شلتوت. كما أن الكتب المذكورة لا تمثِّل كلّ تراثه. فلقد توفّي الشيخ الأكبر شلتوت في ديسمبر سنة 1963م. وفي هذه الفترة كتب بحوثاً ومقالات، وصرح تصريحات مهمّة جدّاً، لم يُتَحْ تجميعها قبل ذلك.
وبالإضافة إلى ما ذكره الأستاذ عصام تليمة يمكن القول: إنّ عدم تضمين تلكم الفتوى المهمة والشهيرة الذائعة الصيت ضمن أعمال الشيخ شلتوت المطبوعة، فيما إذا كانت قد صدرت في حينها، أمرٌ يثير أكثر من سؤال وعلامة استفهام حول المشرفين والقائمين على تجميع تراثه الفكري والفقهي والفتوائي. ولا يشكِّل بحالٍ من الأحوال دليلاً بيد المنكرين على عدم وجود الفتوى.
نصّ الفتوى الشلتوتية في التعبُّد على المذهب الجعفري
ومن الجدير بالذكر أنّ فتوى شيخ الأزهر الأسبق الأستاذ الأكبر الشيخ محمود شلتوت نصّت على ما يلي:
1ـ «إن الإسلام لا يوجب على أحد من أتباعه اتّباع مذهب معين، بل نقول: إنّ لكلّ مسلمٍ الحقّ في أن يقلِّد بادئ ذي بدء أيّ مذهب من المذاهب المنقولة نقلاً صحيحاً، والمدونة أحكامها في كتبها الخاصّة، ولمَنْ قلد مذهباً من هذه المذاهب أن ينتقل إلى غيره ـ أيّ مذهب كان ـ، ولا حرج عليه في شيء من ذلك.
2ـ إنّ مذهب الجعفرية، المعروف بمذهب الشيعة الاثنا عشرية، مذهبٌ يجوز التعبُّد به شرعاً، كسائر مذاهب أهل السنّة.
فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك، وأن يتخلَّصوا من العصبية بغير الحقّ لمذاهب معينة، فما كان دين الله وما كنت شريعته بتابعة لمذهب أو مقصورة على مذهب. فالكل مجتهدون مقبولون عند الله تعالى، يجوز لمَنْ ليس أهلاً للنظر والاجتهاد تقليدهم، والعمل بما يقرِّرونه في فقههم، ولا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات»([30]).
لقد كان المرجوّ من الشيخ القرضاوي، وعلى الأقلّ بوصفه رئيس اتّحاد علماء المسلمين من مختلف المذاهب، أن يعزِّز هذه الفتوى ويباركها، ويواصل ذات المسيرة مع بقية رفاقه من العلماء الممثِّلين لمذاهب المسلمين في الاتحاد، ويسعى حثيثاً نحو معالجة ما يعترضها من عقبات، ويواجهها من تحدّيات، بدلاً من الاستجابة لبعض الاتجاهات التي تمثِّل المعارضة التاريخية لمسيرة التقارب، أو أن يضيق ذرعاً بتصرُّفات أولئك الذين لا يرون أيّ جدوى من مشروع التقريب، ويحاولون عرقلته، ووضع العقبات أمامه.
الخاتمة
لقد فاجأ الدكتور القرضاوي كثيراً من متابعي فكره في الآونة الأخيرة، إثر التحول الذي حصل في بعض اتّجاهاته حول الحوار والانفتاح على الآخر؛ حيث ما فتئ بين فينة وأخرى يحذّر وينذر بعض المذاهب والفرق بالهلاك والبوار الأخروي، والتبديع الدنيوي، ويثير الضجيج الإعلامي، تحت ذريعة وجود ما يسمّيه اختراقاً أو تبشيراً شيعياً يستهدف المجتمعات السنّية. وهَبْ أنّ شيئاً من ذلك موجود بالفعل فهل يمثّل كل المسلمين الإمامية؟ وهل تتبنّاه المرجعيات الدينية والفكرية الكبرى، وكل التيارات الشيعية؟ ألا يلحظ الدكتور القرضاوي وجود مرجعيات دينية ونخب فكرية وتيارات شيعية مستنيرة، تؤمن بالتقارب، وتعمل من أجل قضايا العرب والمسلمين المشتركة ليل نهار، بل وتدفع في سبيلها الدم القاني وكلّ غال ورخيص؟ بل وتدخل في مواجهات فكرية مع بعض تلك الاتّجاهات المتشدِّدة الموجودة في كلّ الفرق والمذاهب، والتي تسعى جاهدةً لإفشال مشروع التقارب؟ ألا يلحظ الشيخ القرضاوي المواقع والمجلاّت الدورية والبحوث والدراسات والمؤتمرات والندوات والمحاضرات والتصريحات، بل الفتاوى التقريبية ومختلف الأنشطة والفعاليات الفكرية، الداعمة لمشروع التعارف والتقارب بين المسلمين؟
ومن جهة أخرى لماذا يغضّ الشيخ القرضاوي وفريقه الطرف عن الجهود الضخمة المضادّة التي تبذلها بعض التيارات السلفية المتشدّدة، والتي تتبناها مؤسّسات رسمية وغير رسمية؟ لماذا يغفل وجود برامج مماثلة من مؤسّسات ودول توجّه إلى مجتمعات من مذاهب وطرق وفرق أخرى؟
شهادة مسؤول عربي حول نشر الوهّابية
وهنا أرى من المناسب أن أستدعي شهادة مسؤول عربي كبير، هو الأمير الحسن بن طلال، الذي كان وليّ العهد آنذاك، والتي أدلى بها في ندوة الصحوة الإسلامية التي عقدها منتدى الفكر العربي في عَمّان، في المملكة الأردنية الهاشمية سنة 1987م، ولا أدري إنْ كان الدكتور القرضاوي حاضراً حينها؛ لكونه كان من المشاركين في الندوة. قال الأمير الحسن بن طلال في مداخلته على ورقة الدكتور حسن الترابي، وفي سياق الحديث عن التوفيق بين المذاهب: «بالعكس هنالك دعوة لنستميل مَنْ يعتنق المذهب الإسلامي الآخر إلى مذهبنا، وهذه من مشاكلنا الحقيقية. أذكر أنّني تحدّثت مع أخٍ من السعودية قبيل فترة، وكان يحدثني عن دور مدارس الدعوة، في أن هذه المدارس مفتوحة للجميع. فتساءلت عن الطلاّب من الزيدية من شمال اليمن فوجدتُهم في المدرسة، وسألت من باب الدعابة على الأقلّ: كيف يتخرّج هذا الإنسان؟ هل يتخرّج وهو معتنق المذهب الوهابي أم يتخرّج وهو متعمّق إيماناً في المذهب الزيدي، الذي لا يختلف عنّا كثيراً من حيث الفقه؟ وما هو الأهم؟ هل الأهم أن نستميل اليمني الزيدي إلى الوهّابية أم أن نواجه الأخطار المادية والعقائدية من العقائد الدخيلة في مثل هذه الأيام؟»([31]).
وفي هذا المضمار يمكن الإشارة إلى ما كتبه الكاتب ياسر الزعاترة، في مقاله المنشور في الجزيرة نت بتاريخ 7/3/2011م، بعنوان: «السلفية التقليدية في معارك الأمّة ودينها»، قال: «ما نعنيه بالسلفية التقليدية ابتداءً هو ذلك المنهج الذي يركِّز على التصفية والتربية. ويدعو المسلم إلى طاعة وليّ الأمر، ولو جلد ظهره، وأخذ ماله، ما دام يأذن للناس بالصلاة. ويضيف الزعاترة: «يعود انتشار هذا التيّار في جوهره إلى سطوة المال والسياسة أكثر من أي شيء آخر. وقد جاء نتاج تراجع ثقل الأزهر، ومصر عموماً، في حركة التدين الحديث، مقابل حضور السعودية بمالها وسياستها، وهي ذاتها التي تتبنّى المذهب الحنبلي أو الوهّابي أو السلفي التقليدي بعتبير أدقّ. وكان للمال السعودي دوره الحاسم في نشر أدبيات هذا المذهب في العالم العربي والإسلامي. لكنّ السبب الأهم لانتشار هذا التيار إنّما يتمثَّل في احتضان أكثر الأنظمة له من الناحية العمليّة، وبخاصّة منذ التسعينيات وحتى الآن، أي منذ وقوع الانقلاب على الحركات الإسلامية المسيَّسة، التي باتت خصم الكثير من الأنظمة (فضلاً عن الولايات المتحدة)، بعدما كانت حليفتها في مواجهة الشيوعيّة واليسار…»([32]).
وعلى أيّ حال فقد كان الأجدر بالدكتور القرضاوي، رئيس اتّحاد علماء المسلمين، أن يستنكر كلّ الأعمال والممارسات التي تضادّ تقارب المسلمين، سواء كانت صادرة من هذا الفريق أو ذاك، بدلاً من الاصطفاف مع طرف ضد آخر، الأمر الذي أضرّ برسالة الاتّحاد الذي يترأّسه، وبمصداقية أدبياته الخطابية والفكرية.
ومن جهة أخرى لماذا يغفل دور الثورة المعلوماتية والانفتاح الثقافي والحراك الفكري الذي يشهده العالم، والذي أتاح المعرفة المتنوِّعة للجماهير؟ أليس الأجدر أن نعزو حالات التحوّل لدى بعض الأفراد في هذا الفريق أو ذاك إلى تبدُّل القناعات الفكرية لديهم، ممّا ينبئ عن احترام عقولهم وقراراتهم، بدلاً من الإصرار على إرجاعها إلى عوامل الاختراق والتبشير والخداع والتضليل، التي تستبطن المساس بصورة سلبية بعقول وأفكار أولئك الأفراد؟
إنّني ومن موقعٍ متواضع أطمئن الدكتور القرضاوي؛ ليريح باله ويسكن فورته، فلا يوجد في الواقع ما يخشى منه على واقع ومستقبل المذاهب والفرق والطرق بعد استقرارها وتجذّرها. إنّ التاريخ يشهد أنّ مؤسّسات ومناهج التعليم والتثقيف والتقنين والإفتاء ومنابر الدين وبرامج الإعلام في العالم العربي والإسلامي كانت لأكثرمن ألف عام حكراً على اتّجاهات فكريّة معيَّنة. ورغم مزاولة بعضها صنوفاً من الإقصاء والإلغاء والتضييق على غيرها، وسعيها الدؤوب لتعميق ثقافة التضليل والتبديع والكراهية ضدّ الاتّجاهات والتيارات الأخرى، لم تستطِعْ أن تلغيها أو تذيبها. والغريب في الأمر أنّ هناك مخطّطات ممنهجة، لا تخطئها العيون الباصرة، ولا تغفلها العقول المجرّدة، يجري تطبيقها في بعض بلدان العرب والمسلمين؛ بغية إحداث تغييرات ديموغرافية وسكّانية فيها؛ لتبديل هويتها المذهبية، ومع ذلك لم يحرِّك ذلك ساكناً لدى علماء الاتّحاد والتقريب، أو دعاة الحوار والتسامح من العرب والمسلمين.
ثم كيف يفوت على مشايخ الاتّحاد أنّ مثل هذه البرامج ـ التبشير المذهبي ـ على فرض وجودها هي من العقبات التي تجهد بعض الاتّجاهات المتشدِّدة ـ من مختلف الأطراف ـ وضعها في طريق الإصلاح والتقارب؟ ومن المفترض أن تُواجَه بوعي وحكمة وضبط نفس، وليس بردود أفعال متشنّجة، وإثارة زوبعات خطابية وإعلامية من شأنها إنجاح أغراضها.
ومهما كان الأمر فلا أخال أنّ المطلوب من فقهاء وحكماء ومفكِّري العرب والمسلمين أن يتساجلوا في وسائل الإعلام الجماهيرية؛ ليزيدوا من تعبئة الجماهير المسلمة، ويثيروا فيها العصبيات البغيضة، ويشحنوها ضدّ هذ المذهب أو ذاك، حتى تخرج شاهرة سيوفها، ورافعة حرابها، متنادية إلى ما يشبه داحس والغبراء، أو مستدعية ما يشبه (يا للأوس، ويا للخزرج).
لقد حذَّر الكاتب الصحفي المصري الشهير محمد حسنين هيكل، في حديثه الأخير مع صحيفة الأهرام المصرية، ممّا يحيكه بعض الساسة الكبار لتأجيج فتن وصراعات شيعية سنّية في المنطقة. وأوضح بأنهم رأَوْا أن تحويل الصراع من عربي إسرائيلي إلى عربي فارسي، كصراعٍ بين الحكومات، لم يحقِّق النجاحات المرجوّة، فعمدوا إلى العمل بالنصيحة الاستشراقية بتحويل الصراع ليصبح بين مجتمعات ضدّ مجتمعات، ولتشجيع وتوسيع عملية المواجهة بين جماعات سنّة وجماعات شيعة. وحذَّر من أن ثمّة محاولة لزجّ بعض الجماعات الإسلامية المعروفة في أتون هذا الصراع، مقابل الاعتراف بدورها السياسي، ورفع الحظر عن نشاطها. وأكَّد بأنّنا أمام سايكس بيكو جديد، الأوّل كان جغرافيّاً؛ لتوزيع أوطان، وهذه المرّة هو لتقسيم موارد ومواقع تتمثَّل في النفط وفوائضه([33]).
إنّ على حكماء المسلمين أن يدركوا أنّ أيّ فتنة طائفية دينية أو مذهبية في المنطقة متى ما اشتعلت ـ لا قدَّر الله ـ سوف تحرق الجميع بنيرانها، ولن يأمن منها أحد، ولن يستفيد منها غير أعداء أمّة العرب والمسلمين. ولهذا يجب أن تتضافر كل الجهود؛ للحيلولة دون وقوعها.
نتمنّى على مشايخ الاتّحاد ومفكِّري الوحدة والتقارب من مختلف الأطياف والاتجاهات والمذاهب أن يقيِّموا التجربة، ويتوقَّفوا مليّاً عند تداعيات هذا الخطاب وهذه المواقف، وانعكاساتها السلبية، التي من شأنها أن تؤثِّر على مصداقية دعواتهم وبرامجهم، وتحدث بالتالي فجوات عميقة في علاقات المسلمين ببعضهم.
الهوامش
([1]) القرضاوي، فتاوى معاصرة 1، جواب على سؤال حول الزيادات في مصاحف الصحابة، بتاريخ 20/6/2001م، موقع القرضاوي.
([2]) ابن قيِّم الجوزية، أعلام الموقعين 4: 120 ـ 152، حقَّقه: محمد محي الدين عبد الحميد؛ والشاطبي، الموافقات 4: 450.
([3]) القرضاوي، فقه الزكاة 1: المقدّمة السادسة عشر.
([4]) القرضاوي، ثقافة التسامح عند المسلمين، موقع إسلام أون لاين، تاريخ 26/3/2008م.
([5]) بيان اتّحاد علماء المسلمين، بتاريخ 15/10/2008م، خبر منشور في موقع القرضاوي بتاريخ 10/3/2009م.
([6]) القرضاوي، هذا بيانٌ للناس، بتاريخ 17/رمضان/1429هـ، نشر في موقعه، بتاريخ 17/9/2008م.
([8]) الجزيرة نت، تقرير هل أطلق القرضاوي رصاصة الرحمة على تقريب المذاهب؟، تاريخ 27/9/2008م.
([9]) حوار موقع مدارك مع القرضاوي، منشور في موقع القرضاوي، بتاريخ 19/7/2009م.
([10]) القرضاوي، فتوى حول التوسّل، بتاريخ 23/2/ 2005م، اسألوا أهل الذكر، إسلام أون لاين.
([11]) القرضاوي، العبادة في الإسلام: 142، مؤسّسة الرسالة، سنة 1979، بيروت.
([12]) جريدة الرأي الكويتية، بتاريخ 12/3/2009م.
([13]) القرضاوي: لا فتوى لشلتوت بالتعبد على الجعفري، منشور في موقعه، بتاريخ 9/4/2009م.
([14]) دار التقريب بين المذاهب الإسلامية، مجلّة رسالة الإسلام، فتوى تاريخية، العدد 43، القاهرة، موقع المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، طهران.
([15]) محمد الغزالي، على أوائل الطريق، مجلة رسالة الإسلام، العدد 44، دار التقريب؛ وكذا كتابه دفاع عن العقيدة والشريعة.
([16]) محمد محمد المدن، رجّة البعث، مجلة رسالة الإسلام، العدد 44، دار التقريب، القاهرة.
([17]) عصام تليمة، نعم، أفتى شلتوت بجواز التعبُّد على المذهب الجعفري، إسلام أون لاين، بتاريخ 13/4/2009م.
([18]) محمد جواد مغنية، من هنا وهناك: 130، سنة 1968م، بيروت.
([19]) عبد الودود شلبي، كلنا إخوة، شيعة وسنة: 60 ـ 61، سنة 1998م، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة.
([20]) القرضاوي، مذكّرات ابن القرية والكتاب، الحلقة 21، موقع القرضاوي.
([21]) محمد عمارة، التقريب بين المذاهب الإسلامية، مجلة رسالة التقريب، العدد 36، مجمع التقريب، طهران.
([22]) عبد الكريم بي آزر الشيرازي، الوحدة الإسلامية: 16 ـ 23، الطبعة الثانية، سنة 1992م، مؤسسة الأعلمي، بيروت.
([23]) نصر فريد واصل، الإمام محمود شلتوت: المنهج، والتجديد، والتقريب، مجلّة رسالة التقريب، العدد 54، سنة 1427هـ، مجمع التقريب بين المذاهب، طهران.
([24]) العربية نت، مقابلة مع الشيخ علي جمعة بتاريخ 4/2/2009م.
([25]) فهمي هويدي، منهج التقريب للمذاهب، مجلة رسالة التقريب، العدد 29، مجمع التقريب، طهران.
([26]) فهمي هويدي، العرب وإيران: وَهْمُ الصراع وَهْمُ الوفاق: 75، سنة 1991م، دار الشروق، القاهرة.
([27]) محمد عمارة، التقريب بين المذاهب الإسلامية، مجلة رسالة التقريب، العدد 36.
([28]) القرضاوي، هذا بيانٌ للناس.
([29]) عصام تليمة، نعم، أفتى شلتوت بجواز التعبُّد على المذهب الجعفري، إسلام أون لاين.
([30]) عبد الكريم بي آزر شب، الوحدة الاسلامية: 22؛ وكذا عبد الودود شلبي، كلنا إخوة، شيعة وسنة: 61.
([31]) إبراهيم سعد الدين، الصحوة الإسلامية في الوطن العربي، مداخلة حسن بن طلال: 336.
([32]) ياسر الزعاترة، السلفية التقليدية في معارك الأمّة ودينها، الجزيرة نت، بتاريخ 7/3/2011م.
([33]) محمد حسنين هيكل، صحيفة الأهرام المصرية، تاريخ 22/10/2011م.