كانت العقلانية والروحانيّة العاملين الأساسيين الذين لازما سماحة العلامة المرجع المقدّس السيد محمد حسين فضل الله(ره) طيلة حياته الشريفة، وكان لهذين العاملين الأثر الكبير في عظمة هذه الشخصية القيادية الرائدة، ونلحظ هذه العقلانية المتنوّرة وهذه الروحانيّة الفيّاضة في أعمال سماحته من جهة، وفي فكره وآرائه وكلماته من جهة أخرى، ما يكشف عن عمق رؤيته وعلوّ حكمته ووصوله إلى كنه الحقائق..
وفي ظل انتشار الأفكار السوداوية بين الناس وهيمنة الروح التشاؤمية والنظرة السلبية لكل شيء، يأتي كلام السيد ليخرق مسامع القلب ويشرّع باب العقل فترتاح روح كل متعب أثقلته هموم الحياة وضوضائها.
الكلام السيد في جزئه الثاني، كتاب صادر عن المركز الإسلامي الثقافي يحوي مختارات من كلمات لسماحة السيد فضل الله(ره) في موضوعات متنوعة وشاملة وحسّاسة تحاكي هموم الواقع من قبيل: الحياة، معنى الوجود، حبُّ الله، السعادة، العقل، الحق، الطريق ، المواجهة الانفتاح الزمن، القوّة، الضعف، الحركيّة، الأمل، الوعي الرسالي… وغيرها الكثير من المواضيع والمفاهيم، التي يقدم من خلالها سماحته عصارة فكره وخلاصة تجربته الحركية التي امتدت لعقود من الزمن، وفي ختام الكتاب مجموعة قضايا وصايا قدّمها سماحة السيد لطلاب العلوم الدينية ومما جاء فيها: " أريد منكم أن تكونوا الطليعة الإسلامية الواعية التي تمثّل الأمل الكبير، والحلم الكبير، وأن ينطلق المستقبل بكم لتكونوا الأتقياء الذين يعيشون تقوى الفكر والعاطفة…". ونصيحة للشباب: "نصيحتي للشباب المؤمن ما أنصح به نفسي من الإقبال الدائم على الله تعالى، ومن الذكر لله دائماً، الذكر في العقل والقلب واللّسان".
وقد أشرف على إعداد الكتاب وتنسيقه مدير المركز الإسلامي الثقافي السيد شفيق الموسوي، وقد قال في مقدمة الكتاب: " كلمات السيّد إنها الكلمات الرشيدة الهادية الموحية المرفرفة فوق دنيانا، تنثر عليها صفاء المواقف، في حركة رسالية موحية، فتبني شخصيّة تمتلئ معالمها إنسانية تفيض أخلاقاً وصلاحاً وهدى… فيأنس بها مكروب ويستظلّ بفيئها مهموم ويركن إليها متعب". وتابع: "بقي كلامه الكلام السيّد… استنهاضاً للأمّة، انبعاثاً للهمم العالية، ترجمة عملية لشعارات مقدسة استلهمت مفرداتها من القرآن الكريم والسنّة المطهرة للنبي(ص) وآله(ع)".
يمثل هذا الكتاب الذي يقع في 128 صفحة من القياس الوسط -كما كل كتاب عن سماحة السيد(ره)- مساهمة في إيضاح نهجه(ره) بشكل بسيط وعميق في آن، ما يتيح للسائرين في طريق الحق مشعلاً هادياً يحفظهم من الضلال .. إشارةً إلى أن الجزء الثالث في طريقه إلى الصدور
أسأل الله أن يوفّق كل العاملين لحفظ فكر سماحة السيد رضوان الله عليه ونشر تراثه، والعمل بوحي ذلك الفكر الإلهي النيّر.