د. الشيخ مهدي مهريزي(*)
1ـ الاتّجاه المتمحور حول الشريعة
حيث إن الفقه بالمعنى الأعمّ يشمل المناسك والشعائر الدينية فإنه يشكِّل القسم الأكثر ظهوراً من الدين. وبعبارةٍ أخرى: إنه الجزء الملموس والعملي من التعاليم الدينية، حيث يتجلّى المستوى الجوارحي للبشر، ولذلك فإنه غالباً ما يحظى بالاهتمام.
وبعبارةٍ أوضح: إن اهتمام عامّة الناس يتعلَّق بالأمور المحسوسة والعينية أكثر من الأمور الجوانحية أو الباطنية. وإن الفقه هو الذي يشتمل على الأحكام والتشريعات الخاصّة بهذا الجانب من حياة الإنسان.
يمكن الوقوف على الاهتمام المتزايد من قِبَل المجتمعات الإسلامية بالفقه، من خلال الرجوع إلى تاريخ الفقه، وكذلك إلى كلمات الفقهاء في بيان أهمّية ومكانة هذا العلم.
1ـ إن الحجم الأكبر من المكتوبات الإسلامية ـ بالقياس إلى العلوم الأخرى ـ يعود إلى الكتب الفقهية وملحقاتها.
2ـ لقد عبَّر الفقهاء عن علم الفقه بوصفه من أفضل العلوم.
قال الفاضل المقداد في بيان منزلة علم الفقه ومكانته: «وبعد، فإن الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفاً وفضلاً، ولا يخفى احتياج الكلّ إليه، وكفى بذلك نُبْلاً»([1]).
وقال العلاّمة الحلي، في مستهلّ كتاب «تذكرة الفقهاء»، ما حاصله: «أما بعد، فإن الفقهاء… هم عمدة الدِّين، ونقلة شرع رسول ربّ العالمين، وحفظة فتاوى الأئمّة المهديين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ، وهم ورثة الأنبياء، والذين يفضل مدادهم على دماء الشهداء، وقد جعل رسول الله| النظر إليهم عبادة، والمجالسة لهم سعادة، واقتفاء أثرهم سيادة»([2]).
وجاء في كتاب «مدارك الأحكام»: «وبعد، فإن أحقّ الفضائل بالتعظيم، وأحواها باستحقاق التقديم، وأتمّها في استجلاب ثوابه الجسيم، هو العلم بالأحكام الشرعيّة والوظائف الدينيّة»([3]).
وقال الفيض الكاشاني في نقد رأي الغزالي بشأن الفقه؛ حيث يراه من العلوم الدنيوية: «أقول: ما ذكره أبو حامد من أوّل الفصل إلى آخره ليس على ما ينبغي، وليس معنى علم الفقه ما زعمه، بل هو علمٌ شريف إلهيّ نبويّ مستفادٌ من الوحي؛ ليُساق به العباد إلى الله ـ عزَّ وجلَّ ـ، وبه يترقّى العبد إلى كلّ مقام سنيّ؛ فإن تحصيل الأخلاق المحمودة لا يتيسَّر إلاّ بأعمال الجوارح على وفق الشريعة الغرّاء من غير بدعةٍ، وتحصيل علوم المكاشفة لا يتيسَّر إلاّ بتهذيب الأخلاق وتنوير القلب بنور الشرع وضوء العقل، وذلك لا يتيسَّر إلاّ بالعلم بما يقرِّب إلى الله ـ عزَّ وجلَّ ـ من الطاعات المأخوذة من الوحي؛ ليأتي بها العبد على وجهها، والعلم بما يبعِّد عن الله ـ عزَّ وجلَّ ـ من المعاصي؛ ليجتنب عنها. والمتكفِّل بهذين العلمين إنما هو علم الفقه، فهو أقدم العلوم وأهمّها»([4]).
3ـ لقد اعتبرت رئاسة وزعامة المجتمع الإسلاميّ حقّاً من حقوق الفقهاء.
4ـ كما أن الكلمات الأخرى التي وردت في مختلف المراحل تؤكِّد هذا الأمر أيضاً:
أـ قال الشيخ مصباح اليزدي، في كلمته في محاضرة شرح نصائح الإمام محمد الباقر×، التي ألقاها في أيام شهر رمضان المبارك [1432هـ] في حسينيّة الإمام الخميني& في قم: «إن الفضيلة الأخلاقية تعني امتلاك العقائد الدينية الراسخة ورعاية المسائل الفقهية، بحيث لو أرَدْنا أن نطلق أحكاماً صائبة في شأن الدِّين والأخلاق وجب علينا أن ننظر إلى هذه الجوانب بشكلٍ أعمق»([5]).
نلاحظ في هذا الكلام قصر الأخلاق على رعاية المسائل الفقهية، وهذا يعني ـ بمعنىً من المعاني ـ تحديد مرجعية العقل العملي والأخلاق الفطرية والذاتية.
ب ـ إن التعبير الذي شاع بعد انتصار الثورة الإسلاميّة تحت عنوان «إسلام الرسائل»، أو تحكيم الرسائل العملية لحسم الخلافات الفكريّة في مجال الاقتصاد والسياسة، يعود إلى هذا المفهوم([6]).
ج ـ إن وضع المرجعيّة بوصفها ملاكاً ومعياراً (بالمعنى الفقهيّ) في حقل التديُّن من العبارات الأخرى في هذا الشأن([7]).
د ـ إن اعتبار الأمور الأخلاقية من جملة المندوبات والمكروهات يمثِّل شاهداً آخر على هذه الحقيقة. وكثيراً ما نشاهد بعض الشخصيات الذين تكون لهم اليد الطولى في الفقه، بل قد يصلون في ذلك إلى مراتب أخلاقية عالية، ولكنهم من خلال التهاون بالأمور الخلاقية يعملون على تحصين أنفسهم في مواجهة النقد والإشكال، تحت ذريعة وضع هذه الأمور في إطار المستحبّات والمكروهات.
لو نظرنا إلى الأدبيات السائدة بين المتديِّنين سندرك بوضوحٍ أنهم في مقام الثناء على تديُّن الشخص يضعون أموراً، من قبيل: المثابرة على صلاة الليل، وصلاة الجماعة، وقراءة الزيارات، والذهاب إلى البقاع والأماكن المقدَّسة والمشرَّفة، في الأولوية الأولى، معتبرين ذلك دليلاً على التوفيقات الدينيّة.
والملفت للانتباه أنه عندما يتمّ الحديث عن الاتجاه المتشرِّع يتمّ حصر الشريعة بالمناسك والشعائر الدينيّة، من قبيل: الاهتمام بالعبادات والمقدّمات والتعقيبات والأمور المتعلِّقة بذلك، وكذلك الآداب والأعراف الدينية المرتبطة بالعبادة بشكلٍ وآخر، ويتمّ تجاهل الكثير من أقسام الفقه والشريعة.
هـ ـ في بحث التقليد تمثِّل صحّة الأعمال والسلوكيات والالتزام برأي الفقيه شاهداً آخر على هذا المدَّعى. انظر ـ على سبيل المثال ـ إلى التعاريف التالية:
ـ «التقليد هو الالتزام بالعمل بقول مجتهدٍ معين، وإنْ لم يعمل بعدُ، بل ولو لم يأخذ فتواه؛ فإذا أخذ رسالته والتزم بالعمل بما فيها كفى في تحقُّق التقليد»([8]).
ـ «التقليد هو التعلُّم لأجل العمل»([9]).
إن الشواهد التي يقدِّمها هؤلاء على توجُّهاتهم وآرائهم ما يلي:
1ـ الروايات الكثيرة الدالّة على أن الصلاة هي التي يدور حولها محور التديُّن:
أـ عن أبي بصير قال: سمعتُ أبا جعفر× يقول: «كلّ سهو في الصلاة يطرح منها، غير أن الله تعالى يتمّ بالنوافل. إن أول ما يحاسب به العبد الصلاة؛ فإنْ قُبلَتْ قُبل ما سواها. إن الصلاة إذا ارتفعت في أوّل وقتها رجعَتْ إلى صاحبها وهي بيضاء مشرقة، تقول: حفظتني حفظك الله؛ وإذا ارتفعت في غير وقتها بغير حدودها رجعَتْ إلى صاحبها وهي سوداء مظلمة، تقول: ضيَّعتني ضيَّعك الله»([10]).
ب ـ وجاء في وصيّة الإمام الصادق×: «إنه لا ينال شفاعتنا مَنْ استخفّ بالصلاة»([11]).
2ـ الاستناد إلى آيةٍ من القرآن تبيِّن أن الغاية من الخلق هي العبادة؛ إذ يقول تبارك وتعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذاريات: 56).
3ـ الروايات الدالّة على أن الإسلام يقوم على خمسة أشياء، أربعة منها من العبادات، وهي: الصلاة، والصوم، والحجّ، والزكاة([12]).
4ـ الروايات الواردة في باب الزيارة والبكاء والعزاء، من قبيل: الروايات التالية:
أـ عن أبي عبد الله× قال: بينما الحسين بن عليّ’ في حجر رسول الله| إذ رفع رأسه، فقال له: يا أبه، ما لمَنْ زارك بعد موتك؟ فقال: «يا بنيّ، مَنْ أتاني زائراً بعد موتي فله الجنّة، ومَنْ أتى أباك زائراً بعد موته فله الجنّة، ومَنْ أتى أخاك زائراً بعد موته فله الجنّة، ومَنْ أتاك زائراً بعد موتك فله الجنّة»([13]).
ب ـ عن أبي عبد الله× قال: «مَنْ أتى قبر الحسين× عارفاً بحقِّه غفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر»([14]).
ج ـ عن أبي الحسن موسى بن جعفر’ قال: «مَنْ زار ابني هذا ـ وأومأ إلى أبي الحسن الرضا× ـ فله الجنّة»([15]).
د ـ عن سعد بن سعد، عن أبي الحسن الرضا×، قال: سألتُه عن زيارة فاطمة بنت موسى×؟ قال: «مَنْ زارها فله الجنّة»([16]).
هـ ـ عن أبي عمارة المنشد، عن أبي عبد الله×، قال: قال لي: يا أبا عمارة، أنشدني في الحسين×، قال: فأنشدته فبكى، قال: ثمّ أنشدتُه فبكى، قال: فواللهِ ما زلتُ أنشده ويبكي حتّى سمعتُ البكاء من الدار، فقال لي: «يا أبا عمارة، مَنْ أنشد في الحسين بن عليّ’ شعراً فأبكى خمسين فله الجنّة، ومَنْ أنشد في الحسين× شعراً فأبكى أربعين فله الجنّة، ومَنْ أنشد في الحسين× شعراً فأبكى عشرة فله الجنّة، ومَنْ أنشد في الحسين× شعراً فأبكى واحداً فله الجنّة، ومَنْ أنشد في الحسين× شعراً فبكى فله الجنّة، ومَنْ أنشد في الحسين× شعراً فتباكى فله الجنّة»([17]).
5ـ إن بعض القصص الدينية في ما يتعلَّق بالتشرُّف بزيارة صاحب العصر والزمان#، ونقل نصائحه، تؤيِّد هذه الرؤية. ومنها: القصّة التي يرويها صاحب كتاب «النجم الثاقب» حول تشرُّف السيد الرشتي بلقاء الحجّة بعد أن ضلّ الطريق إلى الحجّ: وممّا قاله له الحجّة في ذلك، وهو يهديه إلى الطريق: «لماذا لا تصلّوا النافلة: النافلة.. النافلة.. النافلة؟! قالها ثلاث مرّات، ثمّ قال: لماذا لا تقرأوا عاشوراء: عاشوراء.. عاشوراء.. عاشوراء؟! ثلاث مرّات، ثمّ قال: لماذا لا تقرأوا الجامعة: الجامعة.. الجامعة.. الجامعة؟!»([18]).
2ـ الاتّجاه الدائر مدار النزعة الأخلاقيّة والمعنويّة
إن من بين الاتجاهات المتجذِّرة في تاريخ الإسلام، هو الاتّجاه المعنوي والأخلاقي، الذي يجعل التأكيد الرئيس في التديُّن قائماً على تهذيب النفس والسَّيْر والسلوك. وهذا الاتّجاه غالباً ما يُنْسَب إلى العرفاء والصوفية، ولكنك قد تجده بين سائر العلماء المسلمين والمفكِّرين الذين لا ينتسبون إلى العرفان والتصوُّف أيضاً.
لقد عمد أبو حامد الغزالي في مستهلّ كتابه «إحياء علوم الدِّين» إلى تقسيم العلوم إلى: شرعية؛ وغير شرعية. ثمّ قسّم العلوم الشرعية بدَوْرها إلى أربعة أقسام، وهي: الأصول؛ والفروع؛ والمقدّمات؛ والمتمِّمات. ثمّ قسّم الفروع إلى قسمين، حيث قال: «الضرب الثاني: الفروع، وهو ما فُهم من هذه الأصول… وهذا على ضربين: أحدهما: يتعلق بمصالح الدنيا، وتحويه كتب الفقه، والمتكفِّل به الفقهاء، وهم علماء الدنيا»([19]). ثمّ قال في توضيح ذلك: «…فإنْ قلتَ: لِمَ ألحقت الفقه بعلم الدنيا؟ فاعلَمْ أن الله ـ عزَّ وجلَّ ـ أخرج آدم× من التراب، وأخرج ذرّيته من سلالةٍ من طين ومن ماء دافق، فأخرجهم من الأصلاب إلى الأرحام، ومنها إلى الدنيا، ثمّ إلى القبر، ثمّ إلى العرض، ثمّ إلى الجنّة أو إلى النار. فهذا مبدؤهم، وهذا غايتهم، وهذه منازلهم. وخلق الدنيا زاداً للمعاد؛ ليتناول منها ما يصلح للتزوُّد. فلو تناولوها بالعدل لانقطعت الخصومات وتعطَّل الفقهاء، ولكنّهم تناولوها بالشهوات فتولَّدت منها الخصومات؛ فمسَّت الحاجة إلى سلطانٍ يسوسهم، واحتاج السلطان إلى قانونٍ يسوسهم به. فالفقيه هو العالم بقانون السياسة، وطريق التوسُّط بين الخلق إذا تنازعوا بحكم الشهوات. فكان الفقيه معلِّم السلطان ومرشده إلى طرق سياسة الخلق وضبطهم؛ لينتظم باستقامتهم أمورهم في الدنيا. ولعمري إنه متعلّقٌ أيضاً بالدِّين، لكنْ لا بنفسه، بل بواسطة الدنيا؛ فإن الدنيا مزرعة الآخرة، ولا يتمّ الدِّين إلاّ بالدنيا»([20]).
وممّا نُقل عن العرفاء والصوفيّة في التعاطي والتعامل مع الناس ما يلي:
أـ عن الخواجة عبد الله الأنصاريّ أنه قال: «إنْ طرْتَ في الهواء فأنت برغشةٌ، وإنْ سرْتَ على الماء فأنت قشّةٌ، كُنْ صاحبَ قلبٍ لتكون شيئاً يُذْكَر»([21]).
ب ـ عن الشيخ الأجلّ سعدي الشيرازي أنه قال: «ليست الطريقة (العبادة) إلاّ بخدمة الخلق، فهي ليست بالسبحة والسجّادة والخرقة»([22]).
ج ـ عن ابن أبي الحديد المعتزلي، عن بعض العلماء، أنهم قالوا: «أدرَكْنا السَّلَف وهم لا يرَوْن العبادة في الصوم، ولا الصلاة، ولكنْ في الكفّ عن أعراض الناس»([23]).
د ـ وقال السيد جمال الدين الأسدآبادي في كتابه (حقيقة المذهب الطبيعي)([24]): «وأمّا تلك الخصال الثلاثة التي تأصَّلت وتجذَّرت بين الشعوب والأمم؛ بسبب الأديان منذ القِدَم، فهي: أوّلاً: صفة الحياء…؛ وثانياً: صفة الأمانة…؛ وثالثاً: صفة الصدق»([25]).
3ـ الاتّجاه الولائي
لقد نما هذا الاتّجاه أول الأمر في الأفكار الشيعية، وإنْ كان بالإمكان الوقوف على أثرٍ له ـ مع بعض الاختلافات بطبيعة الحال ـ في الأفكار الصوفيّة أيضاً.
وفي هذه الرؤية يُعتبر الاعتقاد بالإمام وبوليّ الله، وإخلاص الحبّ والولاء له، والبغض والبراءة من أعدائه، معياراً للتديُّن والتقرُّب إلى الله، والتسامي الروحي والمعنوي.
وفي ما يلي نستعرض أوّلاً الكلمات والآراء المطروحة في هذا الشأن:
1ـ قال العلاّمة المجلسي في تفسير الروايات الواردة في ذمّ العقل: «إنهم سدّوا باب العقل بعد معرفة الإمام، وأمروا بأخذ جميع الأمور منهم»([26]).
وقال في رسالة «السَّيْر والسلوك»: «وأن تكون في مقام التسليم في كلّ ما وصل إليك من أخبارهم؛ فإنْ أدركه فهمك ووصل إليه عقلك تؤمن به تفصيلاً؛ وإلاّ فتؤمن به إجمالاً وتردّ علمه إليهم. وإيّاك أن تردّ شيئاً من أخبارهم؛ لضعف عقلك، لعلّه يكون منهم، وردَدْتَه لسوء فهمك، فكذّبت الله فوق عرشه، كما قال الصادق×. واعلم أن علومهم عجيبةٌ، وأطوارهم غريبةٌ، لا تصل إليها عقولُنا، فلا يجوز لنا ردُّ ما وصل إلينا من ذلك»([27]).
2ـ يستعرض الدكتور محمد مهدي الجعفري في ذكرياته ـ ضمن بيان النزاعات بين الدكتور علي شريعتي والشيخ أحمد الكافي ـ جانباً من آراء الكافي التي تؤكِّد على هذا الأمر؛ إذ يقول: «كنتُ أحضر منبره، وكنتُ على علمٍ بمواجهته للدكتور علي شريعتي. ولكنّي لم أكن أعرف سبباً لقسوته عليه، حتّى أنه كان يسمّي (حسينية الإرشاد)([28]) بـ (يزيدية الضلال)! وكان أحد المسؤولين في حسينية الإرشاد يقول: هل أسأنا صنعاً عندما منعنا أولادكم من الذهاب إلى الملاهي الليليّة؟! إن أولادكم لم يتَّجهوا إلى الإسلام إلاّ بتأثيرٍ من الدكتور علي شريعتي.
وكان الشيخ الكافي قد أجاب عن هذا الكلام من على المنبر قائلاً: حبَّذا لو انحرف أولادنا في تلك الملاهي، ولم يضيِّعوا الولاية وعقيدتهم الشيعيّة الخالصة؛ بسبب ذهابهم إلى حسينيّة الإرشاد»([29]).
3ـ لقد عمد الأستاذ السيد جعفر مرتضى العاملي إلى بيان وتثبيت هذه الاتجاهات والترويج لها في كتبه المختلفة. وقد وثَّق هذه الرؤية في كتابه (ميزان الحقّ)، البالغ أربعة مجلدات. وعلى أساس هذا التوجُّه عمد سماحته إلى نقد بعض الكبار من علماء الشيعة، من أمثال: الأستاذ مرتضى المطهَّري، والعلاّمة السيد محمد حسين فضل الله؛ إذ سمحا بالتشكيك في بعض القضايا التاريخية المرتبطة بمسألة الإمامة والولاية([30]).
إن المستندات التي تتمسّك بها هذه الطائفة عبارةٌ عن الروايات التي ترى أن أهمّ ركنٍ في الدِّين يتمثَّل في حبّ أهل البيت وإمامتهم، وبُغْض أعدائهم، بوصفه أهمّ ركنٍ في السعادة والفلاح. وفي ما يلي نستعرض جانباً من هذه الروايات:
1ـ حبُّ علي بن أبي طالب× أفضل حسنةٍ: عن معاذ بن جبل قال: سمعتُ رسول الله| يقول: «حبُّ علي بن أبي طالب حسنةٌ لا تضرّ معها سيّئة، وبغضُه سيّئةٌ لا تنفع معها حسنة»([31]).
وقد ورد سند هذه الرواية في بعض المصادر على النحو التالي:
ـ عن معاذ وجماعةٍ عن ابن عمر: قال النبيّ|:…([32]).
ـ عن ابن عبّاس أنه قال: قال رسول الله|:…([33]).
2ـ عدم قبول الأعمال من دون الولاية:
أـ حدَّثني الحسين بن محمد الأشعري، عن معلّى بن محمد الزيادي، عن الحسن بن عليّ الوشاء قال: حدَّثنا أبان بن عثمان، عن فضيل، عن أبي حمزة، عن أبي جعفر×: قال: «بُني الإسلام على خمسٍ: على الصلاة والزكاة والصوم والحجّ والولاية، ولم يُنادَ بشيءٍ كما نودي بالولاية»([34]).
ب ـ أبو عليّ الأشعري، عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن عبّاس بن عامر، عن أبان بن عثمان، عن فضيل بن يسار، عن أبي جعفر× قال: «بُني الإسلام على خمسٍ: على الصلاة والزكاة والصوم والحجّ والولاية، ولم يُنادَ بشيءٍ كما نودي بالولاية، فأخذ الناس بأربع وتركوا هذه، يعني الولاية»([35]).
ج ـ عليّ بن إبراهيم، عن أبيه وعبد الله بن الصلت جميعاً، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز بن عبد الله، عن زرارة، عن أبي جعفر× قال: بُني الإسلام على خمسة أشياء: على الصلاة والزكاة والحجّ والصوم والولاية. قال زرارة: فقلتُ: وأيّ شيءٍ من ذلك أفضل؟ فقال: الولاية أفضل؛ لأنها مفتاحهنّ، والوالي هو الدليل عليهنّ. قلتُ: ثمّ الذي يلي ذلك في الفضل؟ فقال: الصلاة؛ إن رسول الله| قال: الصلاة عمود دينكم. قال: قلتُ: ثمّ الذي يليها في الفضل؟ قال: الزكاة؛ لأنه قرنها بها، وبدأ بالصلاة قبلها؛ وقال رسول الله|: الزكاة تذهب الذنوب. قلتُ: والذي يليها في الفضل؟ قال: الحجّ، قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ (آل عمران: 97)؛ وقال رسول الله|: لحجّة مقبولة خيرٌ من عشرين صلاة نافلة، ومَنْ طاف بهذا البيت طوافاً، أحصى فيه أسبوعه وأحسن ركعتَيْه، غفر الله له؛ وقال في يوم عرفة ويوم المزدلفة ما قال. قلتُ: فماذا يتبعه؟ قال: الصوم. قلتُ: وما بال الصوم صار آخر ذلك أجمع؟ قال: قال رسول الله|: الصوم جُنّةٌ من النار. قال: ثمّ قال: إن أفضل الأشياء ما إذا فاتك لم تكن منه توبة دون أن ترجع إليه فتؤدّيه بعينه. إن الصلاة والزكاة والحجّ والولاية ليس يقع شيءٌ مكانها دون أدائها. وإن الصوم إذا فاتك أو قصّرت أو سافرت فيه أدَّيت مكانه أياماً غيرها، وجزيْتَ ذلك الذنب بصدقةٍ ولا قضاء عليك. وليس من تلك الأربعة شيءٌ يجزيك مكانه غيره. قال: ثمّ قال: ذَرْوة الأمر وسنامه ومفتاحه وباب الأشياء ورضا الرحمن الطاعة للإمام بعد معرفته. إن الله ـ عزَّ وجلَّ ـ يقول: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً﴾ (النساء: 80). أما لو أن رجلاً قام ليله وصام نهاره، وتصدَّق بجميع ماله، وحجّ جميع دهره، ولم يعرف ولاية وليّ الله فيواليه، ويكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله ـ عزَّ وجلَّ ـ حقٌّ في ثوابه، ولا كان من أهل الإيمان، ثمّ قال: أولئك المحسن منهم يدخله الله الجنّة بفضل رحمته»([36]).
د ـ قال أبو جعفر×: «بُني الإسلام على خمسٍ: إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحجّ البيت، وصوم شهر رمضان، والولاية لنا أهل البيت، فجعل في أربعٍ منها رخصةً، ولم يجعل في الولاية رخصةً. مَنْ لم يكن له مالٌ لم يكن عليه الزكاة. ومَنْ لم يكن عنده مال فليس عليه حجّ. ومَنْ كان مريضاً صلّى قاعداً، وأفطر شهر رمضان. والولاية صحيحاً كان أو مريضاً أو ذا مالٍ أو لا مالَ له فهي لازمةٌ [واجبة]»([37]).
3ـ الإمامة والولاية شرطٌ منحصر: روى عليّ بن بلال، عن الرضا×، عن آبائه^، عن النبيّ|، عن جبرئيل×، عن ميكائيل، عن إسرافيل، عن اللوح، عن القلم، قال: يقول الله تعالى: «ولاية عليّ بن أبي طالب حصني، فمَنْ دخل حصني أمن من عذابي. قال الرضا×: بشرطها، وأنا من شروطها»([38]).
4ـ عدم معرفة الإمام يساوق الموت على الجاهليّة: «مَنْ مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهلية»([39]).
5ـ إباحة ارتكاب ما ينافي الأخلاق في مواجهة أعداء أهل البيت^:
أـ عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن داوود بن سرحان، عن أبي عبد الله× قال: قال رسول الله|: «إذا رأيتُم أهل الرَّيْب والبِدَع من بعدي فأظهروا البراءة منهم، وأكثروا من سبِّهم والقول فيهم والوقيعة، وباهتوهم؛ كي لا يطمعوا في الفساد في الإسلام، ويحذرهم الناس، ولا يتعلّموا من بِدَعهم، يكتب الله لكم بذلك الحَسَنات، ويرفع لكم به الدَّرَجات في الآخرة»([40]).
ب ـ «في رواية أبي حمزة، عن أبي جعفر×، قال: قلتُ له: إن بعض أصحابنا يفترون ويقذفون مَنْ خالفهم، فقال: «الكفُّ عنهم أجمل. ثمّ قال لي: واللهِ يا أبا حمزة، إن الناس كلّهم أولاد بغايا، ما خلا شيعتنا»([41]).
6ـ روايات رفع القلم في ما يُسمَّى [فرحة الزهراء]([42]).
7ـ الروايات الدالّة على أن الدِّين إنما هو الحبّ والبغض:
أـ عن الإمام الصادق× أنه قال: «هل الإيمان إلاّ الحبّ والبُغْض؟»([43]).
ب ـ عن الإمام الباقر× أنه قال: «هل الدين إلاّ الحبّ؟»([44]).
8ـ عدم جواز إطلاق كلمة المؤمن على غير الشيعي([45]).
9ـ لعن المخالفين لأهل البيت^ في صلاة الميّت([46]).
4ـ اتّجاه التوحيد والعدل والمحبّة
يُعَدّ عبد الرزّاق اللاهيجي(1052 أو 1072هـ)([47]) من المتكلِّمين في العصر الصفوي، ومن التلاميذ البارزين لصدر المتألِّهين. وله رسالةٌ كتبها باللغة الفارسية اسمها (التشريقات)، شرح فيها مثلث التوحيد والعدل والمحبّة، التي تُعَدّ من أركان كمال الإنسان. وقد اعتبر هذا المثلَّث أصلاً للنبوّة. وقال في مطلع هذه الرسالة: «أما بعد، فاعلَمْ أن الحقّ ـ جلَّ وعلا ـ قد أعدّ حقائق الأعيان والأكوان لإظهار جماله، وأودع في كلّ واحد منها بقدر صفائه واستعداده وصفاً من أوصافه، ومنح حقيقة الإنسان استعداداً لقبول جميع الكمالات. وكان خلاصة هذا النوع وعصارة الكونين محمد المصطفى ـ صلوات الله وسلامه عليه وآله ـ، وزيَّن قامته بخلعة المحبّة التامّة؛ حتّى قام على طلب شهود جمال مطلبه، ووضع في يده المباركة مفتاح اسمه الأعظم؛ كي يفتح به باب أبواب خزائن الفتح المطلق، وإخراج كنز المعرفة المخفي وتفريقه بين فقراء أمّته. وحيث كان ملحوظاً منذ الأَزَل بنظرة المحبّة، ومحظوظاً بكمال المرحمة، فقد نشر ظلّ عنايته على العالم، ونشر رحمته فوق الخلق: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ (الأنبياء: 107). فأراد أن يوصل الجميع إلى نور وصال المعشوق الحقيقي، وتخليصهم من ظلمة الحجاب، فنظر في إصلاح نفسه، فمنَّ عليه بقسطٍ من محبّته؛ إذ وجد حصول المقصود منوطاً به، وأن أمور المعبود تنضبط بقوّته وصحّته. وحيث كان سئماً من أغلال العلائق والعوائق، وكان لذلك قد هجر قرّة عينه: ﴿فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ (السجدة: 17)، ومن أجل الصحّة والقوّة، فقد شكَّل من التوحيد والعدل والمحبّة مثلّثاً، ورتّب من ضعفه مقوّياً. يحيي كلُّ ميت بالجهل عندما يشمّ طيبه، فينال الحياة الأبدية، ويفوز بالفوز الأعظم. ولا يبعد أن يكون (الطِّيب) الوارد في الحديث القائل: «حُبِّب إليَّ من دنياكم ثلاثة: النساء؛ والطِّيب؛ وجعلت قرّة عيني في الصلاة»([48]) ناظراً إلى هذا المثلّث، ومرآة للنفس؛ فإذا كانت صالحةً تواصلت على يدَيْه؛ لكونه محلّ الصلوات الحقيقية، وكانت هذه الصلة هي المقصودة بالمقصد الأوّل. وما كان مجيئه إلى الدنيا إلاّ لهذه المعاملة. ومن هذه الجهة صارت مفروضة([49]) عليه، وجعلها قرّة عينه… وحيث كانت هذه الرسالة مشتملةً على أجزاء ذلك المثلّث فإنها تنقسم لا محالة إلى ثلاثة أقسام»([50]).
وقال في مقدّمة هذه الرسالة: «قوام وأساس الكمال على التوحيد والعدل، ونتيجتهما المحبة. ومن هذه الناحية؛ حيث كانت غاية ظهور هذا المعنى في الذات المباركة للنبيّ الأكرم|، فقد لقِّب بحبيب الله، وصار قلبه الشريف محلاًّ وموطناً للحبّ. وحيث تتوقَّف النجاة التامّة على الكمال المطلق، والكمال التامّ يقوم على اجتماع هذه الثلاثة، وقد أودع النبيّ الأكرم| هذه المعاني في أهل بيته، وقال: «مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، مَنْ ركب فيها نجا، ومَنْ تخلّف عنها غرق»([51])، ومن هنا فإن شجرة النبوّة أصل التوحيد، وساق العدل، وثمرة المحبّة. وهذه الشجرة عبارةٌ عن نسل الأنبياء والأولياء، من آدم إلى محمد|، ومنه سائر نسله إلى قائم آل محمد عليه وعليهم السلام»([52]).
ثمّ قال في بيان حصر الكمال في هذه الأمور الثلاثة: «إن الكمال الإنساني عبارةٌ عن ظهور النور الإلهيّ على مظهرٍ بشريّ، بحيث تكون جميع أنحائه وصفاته وأخلاقه وأفعاله إلهية. وحيث يظهر جمال التوحيد، ويعلو سلطان الهوية على ناصية الإنّية، يمحو عين الذات وأثر الصفات. وبطلوع شمس وجهه الباقي وإشراقات سبحاته تفنى وتتلاشى ذرّات الوجود، وتستبدل الصفات الإنسانية بالصفات الرحمانية، ثمّ تتفجر من مصدر علم التوحيد عين كافورية ـ قال تعالى: ﴿عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً﴾ (الإنسان: 6) ـ لأنهار جميع العلوم. وسوف تنير أنواره النفس بنور العدالة، ويظهر القلب محبّة لحُسْنه وجماله. وتطوى جميع المواهب والأحوال والمكاسب والمقامات في مقام المحبّة، كما تندرج جميع فضائل الأخلاق وحقائق العلوم تحت فضيلة العدالة، قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ﴾ (البقرة: 164)، بمعنى أنه قد أنزل ماء التوحيد من سماء الروح على أرض النفس؛ كي تحيا بالعدل، وأخرج نبات فضائل الأخلاق، وأحيا القلب بحياة الحبّ، وأعطى دوابّ الأحوال تلك الحياة، وبذلك يكون قد فصل الكمال على مقاس تفاصيل أجزاء الوجود الإنساني، وقسَّمها إلى سبعة أقسام:
القسم الأوّل: كمالات الأعمال.
القسم الثاني: الآداب.
القسم الثالث: الأخلاق.
القسم الرابع: العلوم والمكاشفات.
القسم الخامس: المقامات.
القسم السادس: الأحوال.
القسم السابع: المعارف والمشاهدات المرتّبة بحَسَب الجَسَد والقوى الجَسَدية.
وتندرج النفس والقلب والعقل والسرّ والروح والأعمال والآداب والأخلاق والعلوم بأجمعها تحت العدالة، وتنطوي الأحوال والمقامات والمكاشفات جميعها ضمن المحبّة، وتدخل المعارف والمشاهدات ضمن التوحيد. ومجموع هذه الكمالات هو الكمال الإنساني المطلق. وكلُّ مَنْ سعى في طلب هذه الكمالات، وحافظ عليها، كان متابعاً لرسول الله|، وحاصلاً على محبّته، كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ (آل عمران: 31).
وعليه فإن محبوبية الحقّ وجنسيّة غفران الذنوب؛ بحكم قوله تعالى: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ (الفتح: 2)، في الصورة والمعنى مصاحبة للنبيّ، وتحشر معه، وتُعَدّ من أهل بيته، كما رُوي عنه في حقّ سلمان ـ عليه الرحمة ـ إذ قال: «إن سلمان منّا أهل البيت»([53])؛ وقال أمير المؤمنين علي×: «ألا وإنّ وليّ محمدٍ مَنْ أطاع الله وإنْ بَعُدَتْ لحمته»([54]). وإذا قصر عن متابعته، وأطاع وانقاد لأوامره ونواهيه، نجا من مغبّة الكفر، ودخل في زمرة الإيمان، وانخرط في سلك الأمّة، قال الله تعالى: ﴿قُلْ أَطِيعُوا اللهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ (آل عمران: 32)؛ لأن المتابعة تتعلَّق بالقدم، والطاعة بالقول. فيكون عاصياً ولا يكون صافياً، وكلُّ مَنْ حصل على نصيبٍ تامّ من العدالة، وكانت له قرابةٌ نفسانية مع محمد|، وكان قريبه من الناحية الدينية، فإن نفسه ستكون مصدراً للعدالة. وكلُّ مَنْ كان له حظٌّ وافر من المحبّة كانت له صلةٌ قلبية بمحمد|، وكان من قرابته حقيقة. والذي يتّصل به من حيث النسب لديه استعدادٌ قويّ لقبول تلك الكمالات بحَسَب مزاجه؛ فإنْ أخرجها من القوّة إلى الفعل سيجمع بين الذات المعنوية بالصور، ووضع الحق في مقرّه، واتّصل به من جميع الوجوه؛ وإلاّ سيعضّ أنامل الندم؛ إذ ورد في الحديث: «ومَنْ أبطأ به عمله لم يُسرِعْ به نسبه»([55]). والله الموفِّق»([56]).
5ـ الاتّجاه السياسيّ
سوف نتناول في هذا العنوان موضوع الحاكمية السياسية وسلطة الولاة بالبحث والتحليل. ويعود هذا الاتّجاه في تاريخ الإسلام إلى القرن الأول، أي بعد عصر النبيّ الأكرم| وأمير المؤمنين× والخلفاء. وبعبارةٍ أخرى: بعد استيلاء بني أميّة على الحكم والسلطة فرض الإسلام السياسيّ نفسه على المجتمع الإسلاميّ بشكلٍ خاصّ. وإن الفهم الذي بدأ بنو أميّة يروّجون له عن مفهوم وجوب الطاعة للولاة، وأمروا في إطاره بوضع واختلاق الأحاديث على أساسه، يندرج ضمن هذا المسار.
وقد بدأ هذا الاتّجاه بالظهور بين الشيعة إلى حدٍّ ما في المرحلة الصفوية؛ حيث يندرج تطبيق الروايات الخاصّة بالظهور على الملوك الصفويين، ونقل الروايات الدالّة على أن الملك هو ظلّ الله([57])، ضمن هذا السياق.
قال العلاّمة المجلسي في (رسالة الرجعة): إن الدافع الذي دفعه إلى تأليف هذا الكتاب يعود إلى عثوره على روايتين أخبر فيهما الأئمّة بظهور الدولة الصفوية، وبشّرتا باتصالها بدولة صاحب الأمر والزمان#: «وفي أثناء جمع الأحاديث مرَّ على بصري القاصر حديثان أخبر فيهما الأئمّة من أهل البيت^ بظهور هذه الدولة العليّة، وبشّرتا باتّصال هذه السلطنة البهيّة بدولة قائم آل محمد ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ، فجال بخاطري أن أترجم هذين الحديثين [إلى الفارسية]، مع اثني عشر حديثاً آخر، مشتملاً على الأحوال الشريفة لحضرة خاتم الأوصياء، ونقاوة الأذكياء، والشفيع في يوم الجزاء، ومخزن أسرار سيّد الأنبياء، أعني: صاحب الزمان، وخليفة الرحمن ـ عليه وعلى آبائه الصلاة والسلام ـ؛ عسى أن تصل إلى معرض النوّاب الواصل وفلك القباب وشمس الحجاب، أعني: السلطان العادل، الكامل الباذل، مالك القباب، وملاك الجيش، ومنارة المصطفى، ونبتة بستان المرتضى، وثمرة شجرة النبوّة والرسالة، وغصن دوحة الإمامة والولاية، وخلاصة أحفاد سيّد المرسلين، ونقاوة الأئمّة الطاهرين ـ صلوات الله عليهم أجمعين ـ، باسط مهاد الأمن والأمان، ورافع لواء العدل والأحسان، وباني صروح المروّة والإنصاف، وماحي مراسم الجَوْر والاعتساف، وقاصم ظهور القياصرة، وكاسر أعناق الأكاسرة، سلطان السلاطين وسيّد العالم، السلطان بن السلطان بن السلطان، أبو المظفَّر، السلطان سليمان الصفوي الموسوي بهادر خان، خلَّد الله تعالى ملكه، وأجرى في بحار الظفر والنصرة فلكه»([58]).
وقد ذكر الحديث الأوّل، وطبَّقه على سلاطين السلالة الصفوية على النحو التالي: «كأنّي بقومٍ قد خرجوا بالمشرق، يطلبون الحقّ فلا يعطَوْنه، ثمّ يطلبونه فلا يعطَوْنه، فإذا رأَوْا ذلك وضعوا سيوفهم على عواتقهم، فيعطَوْن ما سألوا، فلا يقبلونه حتّى يقوموا، ولا يدفعونها إلاّ إلى صاحبكم، قتلاهم شهداء».
يقول المترجم: «من الواضح والظاهر لأصحاب البصيرة أن الذي طلب الدين الحقّ من جهة المشرق، ودعا الناس إلى دين الحقّ وصار ملكاً، ليس سوى السلسلة العليّة الصفوية خلَّد الله ملكهم. ويشتمل هذا الحديث الشريف على بشائر لجميع الشيعة، ولا سيَّما أنصار وأعوان هذه الدولة الأبدية، كما لا يخفى على عاقلٍ»([59]).
وأما الحديث الثاني فينقله عن أمير المؤمنين×، ويطبِّقه على النحو التالي: «إذا قام القائم بخراسان، وغلب على أرض كوفان والملّتان، وجاز جزيرة بني كاوان([60])، وقام منّا قائمٌ بجيلان، وأجابَتْه الآبر والدَّيْلَم، وظهرَتْ لولدي رايات الترك متفرّقات في الأقطار والحرامات [الجنبات]، وكانوا بين هناتٍ وهنات. إذا خربت البصرة، وقام أمير الإمرة… فحكى× حكايةً طويلة، ثمّ قال: إذا جهزت الألوف، وصفّت الصفوف، وقتل الكبش الخروف، هناك يقوم الآخر، ويثور الثائر، ويهلك الكافر، ثمّ يقوم القائم المأمول، والإمام المجهول، له الشرف والفضل، وهو من وُلدك يا حسين، لا ابن مثله، يظهر بين الركنين في دريسين باليين، يظهر على الثقلين، ولا يترك في الأرض الأدنين. طوبى لمَنْ أدرك زمانه، ولحق أوانه، وشهد أيامه».
يقول المترجم: «واضحٌ أن في القائم بخراسان إشارةً إلى أمراء الترك، من أمثال: جنكيزخان وهولاكو. وفي القائم بجيلان إشارة إلى الملك وملاذ الدين ـ طيَّب الله ثراه ـ الشاه إسماعيل الماضي ـ حشره الله مع الأئمّة الطاهرين ـ، ولذلك جاء وصفه على لسان الإمام× في هذا النصّ بقوله: (منّا) و(ولدي)، حيث تمتاز هذه السلسلة العليّة من بين ملوك العالم بهذا النسب الرفيع. والمراد بـ (أمير الإمرة) إما هذا الملك الراحل إلى جنان الخلد، أو غيره من السلاطين العظام وأولاده الكرام. وحيث إن الراوي قد أسقط الكثير من أجزاء الحديث لا يمكن الحكم بضرسٍ قاطع. وأرى أن في (قتل الكبشُ الخروفُ) إشارة إلى الأمير السامي السلالة صفي ميرزا نوَّر الله مضجعه. والملك الآخر الذي يطالب بدمه إشارة إلى سلطنة سلطان العليّين الملك صفيّ الأول أفاض الله عليه شآبيب الغفران. وحيث تمّ اختصار الحديث فقد سقطت منه بعض الوقائع والأحداث اللاحقة. بَيْدَ أن البشارة بتعجيل ظهور صاحب العصر والزمان ـ عليه الصلاة والسلام ـ في آخر الحديث تنبئ باتّصال هذه الدولة الراعية للدِّين بالدولة الحقّ لإمام البشر»([61]).
إن هذا الفهم والتوجُّه زاد في المرحلة المعاصرة، وبعد انتصار الثورة الإسلامية. وفي ما يلي نشير إلى بعض الأمثلة في هذا الشأن:
1ـ قال الشيخ الآذري القمي: «يمكن لولاية الفقيه أن تلغي التوحيد»([62]).
2ـ قال مرتضى آغا الطهراني ـ ممثِّل أهالي طهران في مجلس الشورى الإسلامي، وأستاذ الأخلاق في هيئة الدولة التاسعة والعاشرة ـ، بتاريخ: 12 / شهريور / 1389هـ.ش: «إن النظام أهمّ عندنا من الصلاة. ولا يحقّ لأحدٍ أن يقف بوجه النظام»([63]).
3ـ قال إمام جمعة مشهد، في معرض حديثه عن أهمِّية الحرب الفضائية([64]): «لا بُدَّ من أخذ الحرب الفضائية والمجازية على نحوٍ جادّ. وعليكم أن تقاتلوا من خلال التهكير أو أيّ أداةٍ أخرى في هذا المجال. فكلُّ ما هنالك الآن هو الحرب. إن مسألة حربنا في الفضاء المجازي بلغَتْ حدّاً بحيث أخذ كلّ شخصٍ يستعمل كلّ ما في متناول يده للمشاركة والمساهمة فيها… وفي الحرب الفضائية والمجازية تُباح المحظورات أيضاً، بمعنى أنكم الآن تعيشون ظروفاً يُباح لكم فيها استخدام كلّ الأدوات والوسائل المتاحة لكم. فعليكم أن لا تلاحظوا أيّ جهةٍ؛ لأنكم إنْ لم تضربوا فإن العدوّ سيضربكم»([65]).
4ـ إن المشاركة في الانتخابات، وحفظ النظام، واعتبار ذلك من أوجب الواجبات، يصبّ في هذا الإطار أيضاً([66]).
إن مستندات الإسلام السياسيّ عبارةٌ عن:
1ـ حديث بُني الإسلام على خمسٍ، وقد تقدَّمت الإشارة إليه، مع فارق أن هذه الرؤية تفسِّر الولاية الواردة في هذه الروايات بالسلطة السياسية.
2ـ بعض الروايات التي يتمّ الاستناد إليها في موضوع ولاية الفقيه، من قبيل: «الرادّ عليهم كالرادّ علينا، والرادّ علينا كالرادّ على الله…»([67]).
6ـ الله والآخرة الهدف من رسالة الأنبياء
قال العلاّمة الشعراني في كتابه (نثر طوبى): «إن الدِّين من وجهة نظرنا مرادٌ لذاته؛ وهناك جماعةٌ تراه للدنيا فقط؛ وجماعةٌ أخرى تقول: إن الدِّين يُراد لغايتين؛ فهو لتنظيم أمور الدنيا؛ ولسعادة الآخرة. إلاّ أننا نقول: إن الدنيا ليست على تلك العظمة التي تستحق كلّ تضحيات وجهاد وعناء الأنبياء والأولياء العظماء، وقد قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ (الذاريات: 56). وإذا قلتَ: إن أحكام المعاملات والسياسات جاءت بأجمعها لتنظيم أمور الدنيا قلنا: إن ذلك إنما يكون بالمقدار الذي يوفِّر الراحة والطمأنينة للناس؛ كي يعملوا لآخرتهم. وبذلك تكون الدنيا مرادةً في الأصل للآخرة»([68]).
لقد شاع هذا التوجُّه والرأي في عقد السبعينيات على نحوٍ جادّ. ورُبَما كان من أسباب وخلفيات ذلك الاتّجاه السياسي المفرط إلى الدِّين. وبعبارةٍ أخرى: يمكن اعتبار هذه الرؤية من ردود الفعل تجاه الاتّجاه السياسي.
إن مدّعى هذا الاتّجاه عبارةٌ عن: أن الأنبياء ـ الذين يعتقد المؤمنون أنهم مبعوثون ومرسلون من قِبَل الله تعالى إلى الناس ـ يتلخَّص عملهم ورسالتهم في أمرين، وهما:
1ـ الثورة العظمى والشاملة على محورية الإنسان، وهداية الناس إلى خالق العالم.
2ـ الإعلان عن وجود عالمٍ آخر خالد ومطلق أكبر من العالم الراهن([69]).
بَيْدَ أن أصحاب هذا الرأي يؤكِّدون ـ في الوقت نفسه ـ على القول: «…إن اتّخاذ الهدف الأعلى، والحركة نحو الأسمى، لا يعني تجاهل وإلغاء الأهداف الضرورية والعاجلة الأدنى، ولا سيَّما إذا كانت تلك الأهداف وسيلةً ومقدّمة لوصولنا إلى ذلك الهدف الأعلى والأسمى؛ فلم يقُلْ الأنبياء ذلك، ولم يطالبوا بذلك، وإنهم ـ كما سيأتي في البحث اللاحق ـ لم يفهموا بناء الآخرة وإعمارها والوصول إلى الله في إطار الإعراض عن الدنيا وإصلاحها ونشاط ورقيّ الإنسان والحياة»([70]).
يتمّ إثبات هذا الادّعاء من خلال ثلاث طرق:
1ـ دراسة حياة الأنبياء من القرآن والتاريخ؛ حيث تثبت أن لا أحد منهم سعى إلى السلطة والحكم، ولم يكن النبيّان داوود وسليمان’ سوى حالة استثنائية في تاريخ الأنبياء([71]).
وبطبيعة الحال فقد تجاوز الأتباع سيرة ونهج الأنبياء؛ حيث قام الممثِّلون الرسميون للدِّين بالاقتراب من الحكومات أكثر، بل قاموا أحياناً بالاستيلاء على السلطة. بَيْدَ أن هذا لم يكن سوى تحريفٍ لمنهج الأنبياء([72]).
2ـ إن الذي يستحقّه الله الخالق تعالى وأنبياؤه ورسله بحَسَب الحقيقة والواقع والمنطق يجب أن لا يخرج عن هذه المقاييس والمعاير والتعاليم، ممّا تقصر رؤية الإنسان عن إدراكه. وإن العالم الراهن بجميع أبعاده وأحواله لا يسمح لنا بدخوله وتشخيصه، وإلاّ ما هي ضرورة إرسال الرسل لتعليم الإنسان ما يستطيع إدراكه وتعلُّمه بنفسه؟([73]).
3ـ دراسة آيات القرآن بشأن الغاية من بعثة الأنبياء والمرسلين. وبعد دراسة الكاتب لمجموعةٍ من الآيات توصّل إلى نتيجة مفادها: «خلاصة الكلام: إن الذي يُفْهَم من مجموع الآيات والسور القرآنية يدور الجزء الأعظم والرئيس منه حول محور مسألتين، وهما: الله؛ والآخرة. الله على شكل الإيمان به وعبادته، واجتناب عبادة واتباع أنداده؛ والآخرة على شكل الإيمان بيوم القيامة والحياة الثانية. في حين لا تشكِّل نسبة الأحكام الفقهية من مجموع آيات القرآن سوى 2% فقط»([74]).
يذهب الكاتب إلى الاعتقاد بأن القرآن في 34 سورة من سوره، والتي تشكِّل من حيث عدد الكلمات 65% من مجموع القرآن الكريم، يرى أن الغاية من نزوله هي الإنذار والبشارة في الآخرة والطريق الموصل إلى الخالق الأوحد([75]).
ويؤكِّد في هذا الشأن قائلاً: «…وإن الذي لا نراه في أيّ آيةٍ أو سورةٍ أو أيّ موضعٍ من آخر من القرآن هو القول بأننا قد أرسلناه ليعلِّمكم الحكم والاقتصاد والإدارة أو إصلاح شؤون الدنيا والمجتمع»([76]).
إن صاحب هذه النظرية يجيب عن السؤال: كيف يمكن لكثرة الأحكام والتشريعات الفردية والاجتماعية في الإسلام أن تنسجم مع هذا الرأي؟ قائلاً: إن القرآن إنما يطرح هذه الأمور من زاوية هذين الأمرين، بمعنى أن القرآن إنما يخوض في أمر الدنيا بوصفها وسيلةً لبناء حياتنا في الآخرة، وتقرِّبنا من الله تعالى([77]).
إن هذا الاتّجاه ـ كما ذكرنا في مدخل البحث ـ هو في الغالب يمثِّل ردّة فعل تجاه تسييس الإسلام على نطاقٍ واسع. ويمكن ملاحظة الشواهد على ذلك في هذا الكتاب؛ لأنه يكتبه في مواجهة نقطة الثقل والاستناد إلى رؤية حكومة النبيّ والأئمّة باسم الدين: «لقد تولّى الإمام عليّ× السلطة بتصويتٍ من الجماهير؛ وكذلك الإمام الحسن× وصل إلى السلطة خليفةً لأبيه بانتخاب الناس؛ والإمام الرضا× قَبِلَ ولاية العهد مُكْرَهاً، واشترط على ذلك أن لا يتدخَّل في شؤون الدولة»([78]).
قال الكاتب في تحليلٍ أورده في نهاية المقالة: «إن الفرصة التي حصل عليها عليٌّ× ليدير مجموعةً مؤلَّفة من الحكم الشعبي على أساس مبدأ الشورى، وهذه هي الحكومة الإسلامية أو حكومة الله. ولحسن طالعنا فقد ترك لنا وثيقةً تاريخية متمثِّلةً بالخطب والكتب الكثيرة. وأكثرها شموليّةً كتابه أو عهده إلى مالك الأشتر النخعي عندما ولاّه على مصر، وهو عهدٌ مفصَّل ويحتوي على الكثير من مبادئ علم الاجتماع والنصائح والدروس والعِبَر في فنّ إدارة الحكم والدولة وخدمة الناس والفصل التامّ بين الدين والسياسة. فهذا العهد يشتمل على كلّ ما تتمنّاه النفس من العدل والإنصاف والإحسان وخدمة الناس والإدارة والإشراف والمساواة والمشورة والصفح والمحبّة، دون أن نرى كلمةً واحدة ينصح فيها مالكاً الأشتر بالتنفيذ والمراقبة على الفرائض الدينيّة، والبحث في إيمان الناس وعبادتهم، باستثناء صلاة الجمعة، التي هي ـ كما نعلم ـ فريضةٌ سياسية ـ عبادية»([79]).
7ـ اتّجاه الصلاة والعدالة علامتان فارقتان في المجتمع القرآنيّ
لقد كتب الأستاذ محمد رضا حكيمي مقالةً بعنوان «الصلاة والعدالة علامتان فارقتان في المجتمع القرآني»، وقد عمد فيها إلى بيان هذه الرؤية على نحو الإجمال. وقال في وصف وبيان هذه الرؤية: «إن للمجتمع القرآني ـ أي المجتمع القائم على المباني والأصول القرآنية في بناء المجتمع ـ صفاتٍ وعلاماتٍ لا يمكن لمجتمعٍ من دونها أن يُسمَّى مجتمعاً قرآنياً. إن صفات وعلامات المجتمع القرآني أمورٌ عديدة، ومن أبرزها ـ طبقاً لآيات القرآن الكريم، وروايات النبيّ الأكرم|، وتعاليم الأوصياء×، الذين يمثِّلون التفسير الصادق لآيات السماء ـ أمران، وهما:
1ـ الصلاة.
2ـ العدالة.
منذ بضع سنين وأنا أشعر بوجود حاجةٍ ماسّة إلى بيان وتدوين صفات وعلامات المجتمع القرآني، ووضعها في متناول عامّة الناس، ولا سيَّما طبقة الشباب منهم»([80]).
وقال سماحته في معرض بيان أهمّية هذه الرؤية وتوثيقها: «منذ عدّة سنوات وأنا أروم ـ في الحدّ الأدنى ـ إلى كتابة رسالة في موضوع (الصلاة ـ العدالة، علامتان فارقتان في المجتمع الإسلامي)؛ لكي أضعها في متناول عامة أفراد المجتمع. وأبيِّن في تلك الرسالة أن الدِّين ليس مجرّد ألفاظ وشعارات وخطب وكلمات، بل هو على حدّ تعبير الإمام الصادق×: «الدِّين العمل»، وهو عملٌ بجميع أبعاده. وفي هذا الدِّين كما ورد التعبير بـ «الصلاة عمود الدين» ورد التعبير بـ «العدل حياة الأحكام» أيضاً. فإذا أرَدْنا لأحكام الدين أن تطبق ـ بما في ذلك الصلاة ـ لا بُدَّ من تطبيق العدالة.
وفي الحقيقة فإن معنى «العدل حياة الأحكام» هو: العدل حياة الصلاة، والعدل حياة الزكاة، وما إلى ذلك. فالصلاة بشروطها ومقدّماتها بالنسبة إلى جميع الطبقات الاجتماعية بمختلف أصنافها تحيا بالعدل وتطبيق العدالة؛ كي يحصل الجميع على حقوقهم، ويتمكّنوا من إقامة الصلاة على الطهارة اللازمة والتوجُّه الروحي والإقبال النفسي، وأن تتوفَّر لهم فرصة الصلاة بعيداً عن جائحة الظلم، أيّاً كانت الوظيفة التي يشغلونها»([81]).
وقال أيضاً في عبارةٍ أخرى؛ لتوثيق هذه النظرية: «كنتُ في رسالة (الصلاة ـ العدالة، علامتان على المجتمع القرآني) أروم بيان هذه النقطة، وهي أن تطبيق العدالة من الأركان، وأنها ـ بحَسَب مصطلح المناطقة والفلاسفة ـ من الفصول الجوهرية للمجتمع القرآني، وبدونها لا يكتب التحقُّق للمجتمع القرآني. أليس المجتمع القرآني هو المجتمع الذي يرضى عنه الله تعالى، ويكون مرضيّاً وقريباً من الله سبحانه وتعالى؟ ألم ينقل عن الإمام عليّ بن أبي طالب× أنه قال: «إنّي سمعتُ رسول الله| يقول في غير موطنٍ: لن تقدَّس أمّةٌ لا يؤخذ للضعيف فيها حقَّه من القويِّ غير متعتعٍ»([82]).
إن المسألة الرئيسة للإنسان في هذه الحياة الدنيا ـ التي هي بجميع ما فيها مجرّد مقدّمة للحياة الأخرى والأبدية، ويجب أن تكون متطابقةً مع دين الله والملاكات القرآنية؛ كي توجب نجاة الإنسان وتجلب له السعادة الأبدية في عالم الآخرة ـ هي الإيمان. وإن المشكلة الرئيسة ـ التي تحول دون تسامي الإنسان ووصوله إلى السعادة ـ هي الظلم، سواءٌ في ذلك ظلمك للمظلوم أو الظالم. ومن هنا فإن القرآن الكريم يدعو جميع الناس إلى الإيمان بالله وتطبيق العدالة»([83]).
وقال سماحته في شرح هذه الرؤية، في مقالةٍ أخرى له عنوانها: (أحكام الدين وأهداف الدين)، بعبارةٍ أخرى: «إن الدِّين ظاهرةٌ إلهية ـ اجتماعية. وبمجرّد إضافة قيد «الاجتماعية» نكون قد أشَرْنا إلى مثلّث: الفرد ـ المجتمع ـ السلطة؛ فإن المجتمع حقيقةً يتألَّف من أفراد، ويُدار بواسطة نظامٍ حاكم، وإن الدِّين بوصفه ظاهرةً إلهية ـ اجتماعية يجب أن يبيِّن توقُّعاته من هذه الأركان الثلاث، بمعنى أنه يجب أن يقول: مَنْ هو الفرد المرضيّ عنده؛ ليمكن أن يقال عنه: إنه (شخص متديِّن)؟ وما هو المجتمع الذي يرتضيه؛ ليمكن القول: إنه (مجتمع متديِّن)؟ وما هي طبيعة الحكم والإدارة الاجتماعية والسياسية والتربوية والقضائية والدفاعية التي يرتضيها الله؛ ليمكن القول: إنه (نظام متديِّن)؟ وإن على الدِّين أن يجيب عن هذه الأسئلة الثلاثة… إن الدِّين إنما يرتضي النظام والحكم إذا كان «عاملاً بالعدل»: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ﴾ (النحل: 90)، وإنما يرتضي المجتمع إذا كان «قائماً بالقسط»: ﴿لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾ (الحديد: 25)، وإنما يرتضي الفرد إذا كان معتقداً وصالحاً: ﴿الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ (البقرة: 25؛ وغيرها)»([84]).
وقال في موضعٍ آخر: «إن أوّل عقبةٍ أمام التعالي الروحي للفرد ـ والذي يمثِّل المنشأ الرئيس للتكامل الإنساني التامّ للإنسان ـ هو الكفر وعدم الاعتقاد بالله، يليه الظلم. ولذلك نجد في التعاليم الدينية أمرين، بوصفهما ركنين من أركان الهداية:
1ـ ﴿اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ (الأعراف: 59، 65، 73، 85؛ هود: 50، 61، 84؛ المؤمنون: 23، 32).
2ـ ﴿أَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ﴾ (الأعراف: 85؛ الأنعام: 152)»([85]).
ويتّضح تأكيده الخاصّ على العدالة من خلال عبارته التالية: «إن المجتمع الدينيّ هو الذي تتوفَّر فيه عناصر التكامل، وتنعدم فيه موانعه. وهذا هو أبسط تعريفٍ يمكن تقديمه للمجتمع الدينيّ والقرآنيّ. ومن الواضح أن الأصل الرئيس لإيجاد مقتضيات التكامل في المجتمع هو تطبيق العدالة. إن المجتمع الذي يفتقر إلى السلامة النفسية لا يستطيع بلوغ الكمال. والسلامة النفسية لا تتوفَّر إلاّ عندما يكون أفراد المجتمع والأُسَر في مأمنٍ من الاضطراب والفوضى والفشل. وإن إزالة الاضطرب النفسيّ (الذي هو أمُّ الأمراض، وأسبابه هي الصدمات التي تعكِّر الصفاء الروحي للبشر) والفشل (الحرمان وعدم تحقيق الأماني) والفوضى (الخيارات القهرية) كلّها رَهْنٌ بتطبيق العدالة»([86]).
8ـ اتّجاه العقلانية والمعنوية
لقد تمّ طرح هذا الاتّجاه في السنوات الأخيرة. وإن خلاصة مراد أصحاب هذا الرأي عبارة عن أن الإنسان المعاصر لا يخضع لأيّ مرجعيةٍ شخصية وقومية، ويسأل لكلّ شيءٍ عن دليلٍ. وإن هذه المطالبة بالدليل في العديد من الموارد قد أدَّتْ إلى التنصُّل عن التعبُّد، الذي هو من لوازم الدين والتديُّن. وفي الحقيقة فإن الدِّين من أيّ نوعٍ كان يقوم على قضايا يجب على الشخص المتديِّن أن يعتبرها أموراً مسلّمة، دون أن يكون هناك دليلٌ قاطع لصالحها. وهذه الحالة هي التي يطلق عليها مصطلح التعبُّد الموجود في كلّ دينٍ. في حين أن الصفة العامة التي تطبع الوقت الراهن والنزعة الاستدلالية التي يتّسم بها الإنسان المعاصر تبعده عن القيام بأيّ نوعٍ من أنواع التعبّد.
إن نتيجة هذه الثنائية تؤدّي بالمجتمع إلى الابتلاء بنوعٍ من الانشقاق على نفسه، بحيث ينحاز بعضُ أفراده إلى جانب العقل والعقلانية، والتخلّي عن التعاليم الدينية؛ بحجّة الدفاع عن التعقُّل، واعتبار التديُّن بسبب التعبُّد مذلّةً؛ بينما يذهب آخرون؛ بسبب اعتبار العقلانية عدوّاً لبعض القضايا الدينيّة، واعتبار الدِّين من ناحيةٍ أخرى مشتملاً على المعنوية الضرورية للحياة، إلى مواجهة العقلانية، والتخلّي عنها؛ من أجل الحفاظ على الدين والقضايا الدينية. وحصيلة هذه الثنائية أن جعل بعضٌ مكافحة الدين أكبر همِّه، واعتبر التخلّي عن الدِّين هو الطريق الوحيد للخلاص من الآلام والمعاناة؛ ومن ناحيةٍ أخرى أخذ بعض الأشخاص يتذمَّرون من هذه العقلانية الغربية التي تجاهلت الناحية الأصيلة والصلبيّة من الدِّين.
إن كلاًّ من هاتين الجماعتين مصيبةٌ في ما تقول بنحوٍ من الأنحاء؛ وفي الوقت نفسه يغفلان عن رؤية الجانب الآخر من المسألة. فحيث لا يمكن اليوم تجنّب العقلانية المعاصرة من جهةٍ، ولا يمكن التنكُّر للقِيَم المعنوية والأخلاقية في الدِّين من ناحيةٍ أخرى، ومن دونها لا يمكن الحصول على الحياة الطيّبة التي هي رَهْنٌ بالتزام القِيَم المعنوية والروحية، من هنا سعى بعض الأشخاص إلى المواءمة بين العقلانية والمعنوية، والعمل على التأليف بين هذين الأمرين.
إن أصحاب هذا الاتّجاه لا يستندون إلى الآيات والروايات في إثبات وجهة نظرهم، ولكنّهم قد يستشهدون بهما، حيث يقومون مراراً وتكراراً بتضمين تضاعيف أبحاثهم بآيةٍ أو روايةٍ أو قصّةٍ دينية؛ ليثبتوا صحّة رؤيتهم، أو إقناع القارئ بصوابيّة ما يذهبون إليه.
وقد تمّ تقديم تقارير عن هذا الاتّجاه:
ففي أحد هذه التقارير الأوّلية لهذا الاتّجاه قيل: إن المعنوية تقوم على ثلاثة عناصر رئيسة، وهي: العنصر الأنطولوجي؛ والعنصر الأنثروبولوجي؛ والعنصر الوظيفي. وكلّ واحدٍ من هذه المفاهيم الثلاثة يشتمل بدَوْره على عناصر أخرى.
إن العناصر التي تؤلِّف الأنطولوجية المعرفية عبارةٌ عن:
ـ إن العالم لا ينحصر بالطبيعة، وهناك عالمٌ أو عوالم أخرى أيضاً.
ـ هناك قوّةٌ عالمة وقادرة وخيِّرة هي التي تحكم العالم.
ـ إن العالم هادفٌ.
ـ إن العالم يحتوي على نظامٍ أخلاقي.
وإن العناصر التي تؤلِّف الأنثروبولوجيا المعنوية عبارةٌ عن:
ـ إن الإنسان حاكمٌ على مصيره، وإن خيره وشرّه بيده.
ـ إن الإنسان في أعمق أبعاده الوجودية متّحدٌ مع الوجود.
ـ إن الإنسان أقدر مما يتصوَّر.
ـ إن الناس ليسوا متساوين في طلب المعنوية.
وأما العناصر المؤلِّفة للعنصر الوظيفي المعنوي فهي عبارةٌ عن:
ـ العدالة.
ـ الإحسان.
ـ المحبّة.
وأحياناً يتمّ تقديم تقريرٍ أبسط عن هذه العناصر؛ إذ يُدّعى أن المعنوية صفةٌ للإنسان المعنوي، والإنسان المعنوي هو الذي يتمتَّع بحياةٍ أخلاقية فاضلة، أي:
1ـ الأمور الأخلاقية المنشودة، من قبيل: التواضع، والصدق، والإيثار، والشفقة.
2ـ الأمور والمطالب النفسيّة، من قبيل: الطمأنينة، والرضا، والسعادة، والأمل، وما إلى ذلك.
3ـ أن يرى هناك معنى ومفهوماً لحياته.
وفي تقريرٍ ثالث يغلب عليه الطابع الدينيّ، ويتمّ فيه الاستشهاد ـ دون الاستدلال ـ بالآيات والروايات مراراً وتكراراً. وقد تمّ تعداد اثنتي عشرة خصيصةً للمعنوية، ويتمّ التأكيد على أن المعنوية ليست شيئاً آخر غير العقلانية الدينية. وبعبارةٍ أخرى: إن المعنويّة فهمٌ عقلانيّ للدِّين.
وعليه يمكن أن نعدِّد للعقلانية الدينية أو الدِّين العقلاني والمعنوي اثنتي عشرة خصيصةً؛ أربعة منها ناظرةٌ إلى الإيمان أو الرؤية الدينية، وأربعة منها ناظرةٌ إلى السلوك، وأربعة خصائص منها ناظرةٌ إلى الاتجاه أو الرؤية.
أما خصائص المجموعة الأولى، أو الرؤية الدينية، فهي عبارةٌ عن:
1ـ المتديِّن المتعقِّل ينشد من الدِّين فلسفةً جامعة للحياة. وبعبارةٍ أخرى: إن التديُّن العقلاني هو الدِّين الذي يضفي معنىً لأدقّ الحركات أيضاً.
2ـ المتديِّن المتعقِّل بمعنى الطالب للحقيقة، وليس المالك لها.
3ـ إن التديُّن المتعقِّل دينٌ مقرون بالتفكير الانتقادي، وليس التَّبَعية العمياء للعقائد.
4ـ إن المتديِّن العقلاني يعتبر العالم نظاماً أخلاقياً، وبالتالي فإنه يشعر بالطمأنينة.
وأما الخصائص الأربعة الثانية الناظرة إلى السعي الدينيّ فهي كالتالي:
5ـ إن المتديِّن المتعقِّل قائلٌ بالانضباط الشخصي وكفّ النفس. فهو لا يبحث عن اللذات العابرة أو قصيرة الأمد، أو الفرار من الآلام العابرة، بل هو بحَسَب الواقع وطبقاً للمعادلات العقلانيّة يتحمّل الآلام العابرة؛ من أجل الخلاص من الآلام الطويلة. قال تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ (البقرة: 216).
6ـ إن المتديِّن المتعقِّل يصل بالتدريج إلى مرحلة الدين الذاتي أو الولاية على الذات. وأما الناس العاديين فيتبعون دين الآخر، ولذلك يكونون مغتربين عن ذواتهم.
7ـ إن المتديِّن المتعقِّل، رغم انعدام اليقين وعدم الاطمئنان، يعيش بطمأنينةٍ كاملة. فحيث إن القضايا الدينية ليست عقليةً، ولا طاردةً للعقل، بل هي متنصّلةٌ من العقل، فإنه يؤمن بها. وحيث لا يستطيع الاستدلال عليها بضرسٍ قاطع يبقى متردّداً وشاكّاً في صحّتها. ولكنّه على الرغم من ذلك يتمتّع بنوعٍ من السكينة والطمأنينة.
8ـ إن المتعقِّل المتديِّن إنما يساعد جميع إخوته في الإنسانية، ولا يقتصر في ذلك على أبناء دينه أو أبناء وطنه فقط، ويرى «أن الخلق عيال الله، فأحبُّ الخلق إلى الله مَنْ نفع عيال الله»([87]).
وأما الخصائص الأربعة الثالثة الناظرة إلى الاتّجاه أو الرؤية فهي:
9ـ إن المتعقِّل المتديِّن ينظر إلى نفسه بواقعيةٍ. فهو يمارس جلد الذات. فبَدَلاً من أن يحسن الظنّ بنفسه، ويسيء الظنّ بالآخرين، يكون صورةً صادقة عن نفسه، ويرى نفسه ضمن واقعه الراهن.
10ـ يحبّ جميع الناس رغم نقاط ضعفهم ونقصهم. فهو لا يرى الناس كائناتٍ بالغةً حدّ المنتهى، وأن الجميع في طَوْر الصيرورة، ولذلك فإن حبّه يشملهم.
11ـ إن المتديِّن المتعقِّل، رغم الاعتراضات الموجَّهة إلى أصوله، يحتفظ بها. وبهذا المعنى فإنه لا يعتني بأحكام الآخرين.
12ـ إن المتديِّن المتعقِّل يتجنَّب عبادة كافّة أنواع الأصنام والأوثان. والوثنيّ هو الذي يؤلِّه غير الله. والوَثَن هو الذي نعبده. وفي العادة هناك وَثَنٌ لدى كلّ شخصٍ. فحتّى الدين نفسه لا ينغي عبادته؛ إذ هدف الدين هو الهداية، لا أن يغدو معبوداً.
ولكنْ كيف يمكن لشخصٍ أن يدرك ما إذا كان عابداً لصنمٍ؟
هناك طريقان:
الطريق الأوّل: إن صَنَمنا هو الشيء الذي نكون على استعدادٍ للتضحية بكلّ شيءٍ من أجله.
الطريق الثاني: إن صَنَمنا هو الشيء الذي نكون على استعدادٍ للإيمان والتصديق به دون دراسةٍ أو تمحيص.
وهناك بطبيعة الحال بشأن ما إذا كان هذا الاتّجاه من داخل الدين أو خارجه كلامٌ ومستنداتٌ متشعِّبة من قِبَل أنصاره([88]).
المقالة الثالثة: أسئلة تقييم التديُّن
كما ذكَرْنا من قبلُ فقد قام بعض المفكِّرين ـ في المرحلة المعاصرة من خلال التأسّي بالعلوم التجريبية، من قبيل: علم النفس ـ بتقييم التديُّن في المجتمعات. وعمدوا لهذه الغاية إلى تنظيم أسئلةٍ تشير إلى رؤية القائمين عليها تجاه عناصر وخصائص التديُّن. وفي ما يلي نذكر عدّة نماذج من هذه الأسئلة:
1ـ أسئلة معرفة الذات على أساس التوجُّهات الدينية الإسلامية
1ـ أنا أنشد السعادة والطمأنينة في الدِّين فقط.
2ـ أرى أن أهمّ سببٍ في أيّ نجاحٍ هامّ هو سعيي ومقدرتي الخاصة.
3ـ للدفاع عن الحرّية يجب تعديل العقائد الدينية لدى الأشخاص.
4ـ لا أرى نفسي أبداً مطروداً من رحمة الله.
5ـ أنا أحترم الوعود التي أقطعها على نفسي.
6ـ على الناس أن يجعلوا من تعاليم القرآن منارةً يهتدون بضيائها.
7ـ إني أبذل الحُبّ لوالديَّ، واحترمهما دائماً وأبداً.
8ـ أفضِّل قضاء أغلب أوقات فراغي الشخصية في زيارة الأصدقاء.
9ـ ليس من الضروري أن تكون شريكة حياتي ملتزمةً من الناحية الدينية.
10ـ لقد قدَّم الدِّين الإسلامي البرنامج الأكمل لسعادة الإنسان.
11ـ أرغب في زيادة معرفتي بخالق العالم.
12ـ أرى أن بعض الأعمال القبيحة لن يترتَّب عليها عقابٌ أخروي.
13ـ كانت إحدى أمنياتي توفير أفضل إمكانات الرفاهية لأسرتي.
14ـ شعرتُ في بعض الأحيان بالسعادة عند الاستهزاء بالآخرين.
15ـ في أغلب الأحيان لا أتحدَّث مع الآخرين عن مشاكلي من أجل رفع حاجتي الشخصية.
16ـ إن الدِّين يؤدّي إلى انتشار الخرافات في أذهان الناس.
17ـ أشعر على الدوام بهاجس تضييع حقوق الآخرين، أو إيّ إضرارٍ بمَنْ يرزحون في الطبقات الدنيا.
18ـ ليس من اللازم أن نتقيَّد بالدِّين والحدود الشرعية في جميع شؤون الحياة.
19ـ لديَّ من الشغل الكثير ما يمنعني من تلاوة القرآن يوميّاً.
20ـ لديّ شكٌّ في وجود الحياة بعد الموت.
21ـ لا أرى ضرورةً لوجود حدٍّ للاستهلاك (في الطعام والثياب ووسائل الحياة).
22ـ أرى في الأسرة ميداناً للتربية، ومسرحاً لبلوغ المقاصد العالية.
23ـ كلّما قمتُ بإحسانٍ في حقّ الآخرين يبقى هذا الإحسان راسخاً في ذاكرتي.
24ـ كلّما قمتُ بعملٍ مرضيّ لله أشعر بقلقٍ من عدم كونه خالصاً لوجهه.
25ـ إن الذي يحظى بالأهمّية البالغة عندي هو تحصيل ما أحتاجه في الحياة بالطرق الممكنة.
26ـ يندر أن أبادر إلى إعادة العلاقات بعد قطعها مع الأقارب.
27ـ أشعر أن هناك في الحياة ما هو أهمّ من الدين.
28ـ أعتقد بوجود الله الواحد، وأخشاه.
29ـ في يوم القيامة تعرض أعمالنا لحسابٍ دقيق، ويتمّ تحديد الثواب والعقاب عليها.
30ـ لا يمكن للنبيّ الأكرم| أن يكون أسوةً للبشر في العصر الراهن من جميع الجهات.
31ـ عندما أستعدّ للنوم أقضي بضع دقائق في التفكير بالأعمال التي قمتُ بها أثناء اليوم.
32ـ لا يؤدّي الصدق والصلاح إلى نتائج إيجابية دائماً.
33ـ لا أرى من الواجب عليَّ أن أنفق جزءاً من وقتي أو مالي على الفقراء؛ لأن هناك مؤسّساتٍ خيرية خاصّة تُعْنَى بهذا الأمر.
34ـ إذا تمكّنت من العثور على الزوجة المثالية فسوف أسارع إلى بناء الأسرة.
35ـ كلّما ذهبت إلى زيارة الإمام الرضا× شعرتُ في داخلي بإحساسٍ معنوي وروحي عميق.
36ـ لا ألجأ إلى الدعاء والاستعانة بالله إلاّ عند الحاجة.
37ـ في المفاضلة بين مِتَع الدنيا والآخرة أفضِّل السعادة الأخروية.
38ـ أهيم حبّاً بالإمام عليّ بن أبي طالب×، وأهتدي بكلامه في حياتي.
39ـ إذا ارتكبتُ ما يخالف التعاليم الدينية أشعر بالندم غالباً، وأسعى إلى التكفير.
40ـ لتحسين وضعي الاقتصادي ألجأ في بعض الأحيان إلى الطرق غير المشروعة.
41ـ في التعاطي مع الآخرين لا أرتضي للآخرين ما لا أرضاه لنفسي.
42ـ إن حضور الله محسوسٌ في أكثر مشاهد الحياة.
43ـ أراعي دائماً الأدب والتواضع في الحوار مع والديَّ.
44ـ أرى النظافة كافيةً، وإنْ لم أتقيَّد بآداب الطهارة الشرعية حرفيّاً.
45ـ أشعر أحياناً بالمتعة عند إيذاء الحيوانات.
46ـ في ليالي القدر من شهر رمضان المبارك أثابر على إحياء الليالي، وأحرص على الاختلاء بالله سبحانه وتعالى.
47ـ لا قيمة للعزّة والرفعة التي لا تحظى بتأييد الله عزَّ وجلَّ.
48ـ إن الذين يقومون بأفعال الخير يحفظ الله أجرَ ذلك لهم.
49ـ أرى أن هذه الدنيا المليئة بالظلم والجَوْر ستُملأ يوماً بالقسط والعدل بظهور المهدي المنتظر#.
50ـ أرى أنني أستطيع الصبر والثبات من أجل الوصول إلى الأهداف العالية والغايات السامية.
51ـ لو تركتُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن الفساد سينتشر ويطال كلّ شيء.
52ـ لا أرى نفسي مكلَّفاً بعمارة الأرض وبنائها؛ لأن الخوض والاهتمام في مثل هذه الأمور يُعَدّ نوعاً من التشبُّث بالدنيا.
53ـ إن الرغبة الجنسية تخرجني في بعض الأحيان عن الحدود الشرعية.
54ـ لا أشعر بالتعب من التفكير والاعتبار بعالَم الخلق أبداً.
55ـ في أيام شهادة الإمام الحسين× أرى نفسي صاحب العزاء، وأرغب في الحضور والمشاركة في مجالسه.
56ـ أثناء العبادة ينشغل ذهني بشؤون الحياة اليومية.
57ـ إن خلود الروح البشرية غير مقبولٍ من الناحية العقلية.
58ـ لقضاء الحاجات الهامّة أذهب إلى زيارة الأولياء الصالحين، وأستمدّ العَوْن من أرواحهم الطاهرة.
59ـ غالباً ما أسعى إلى لفت انتباه الآخرين بالنسبة إلى الأعمال الصالحة.
60ـ لا أستطيع كَبْح غضبي في مواجهة السلوك الظالم وغير المنصف من قِبَل الآخرين.
61ـ إنني لا أرغب في الحِرَف والأعمال المحرَّمة من وجهة نظر الإسلام مهما كانت أرباحها طائلةً وكبيرة.
62ـ لا أرى الاقتصاد في المعيشة صحيحاً، ولا ألتزم به من الناحية العملية.
63ـ أرى من الواجب عليَّ عمارة الدنيا والحفاظ على الطبيعة.
64ـ في الأعياد ومناسبات ولادة أولياء الدِّين أشعر بالسعادة والسرور.
65ـ سوف أدفع الحقوق الشرعية المفروضة على أموالي إلى مَنْ أثق به فقط.
66ـ أشعر تجاه الله بإجلالٍ ممزوجٍ بالخوف.
67ـ لا أستطيع إقامة الارتباط بأولياء الدِّين (المعصومين^) بسهولةٍ.
68ـ أرى نفسي في بعض الأحيان عاجزاً عن مقاومة أهوائي ورغباتي.
69ـ عندما أقطع على نفسي عَهْداً تجاه الآخرين فإني أحتفظ بعَهْدي مهما كلَّفني ذلك.
70ـ من أجل تزكية الروح يجب ممارسة الرياضات القاسية، وحتّى المضرّة أحياناً.
71ـ أنا أتّفق مع الرأي القائل بأن الله قد خلق الكَوْن بأجمعه لخدمتنا.
72ـ أرى نفسي على الدوام ضمن المؤمنين بالدِّين الإسلامي.
73ـ إن إحدى أهمّ أمنياتي زيارة بيت الله الحرام.
74ـ أبدأ يومي بذكر الله، وأختمه بشكره وحمده.
75ـ شعرتُ في بعض الأحيان بالفرح والمتعة العارمة عند مشاهدتي للأحلام المعنويّة أثناء النوم.
76ـ أشكّ أحياناً في أن يكون النبيّ الأكرم| مبعوثاً من قِبَل الله.
77ـ أحرِّم على نفسي جميع أنواع الراحة والدَّعة إلى حين الوصول إلى المقامات المعنوية العالية.
78ـ أرغب أحياناً بالحصول على أكثر ممّا أستحقّ.
79ـ أعتبر تنبيه الآخرين إلى عدم الإضرار بالبيئة نوعاً من التدخُّل في شؤون الآخرين.
80ـ أرى أن القرآن واحدٌ من الكتب السماوية، وليس له أفضليّة عليها.
81ـ أذكر الله أحياناً، وتجري الدموع من آماقي؛ شوقاً إليه وحبّاً له.
82ـ لكي أكون شخصاً صالحاً ليس من الضروري أن أكون متديِّناً.
83ـ أنا على استعدادٍ للتضحية بنفسي في سبيل مرضاة الله.
84ـ لو قمتُ بتنظيم أعمالي بشكلٍ دقيق، وبذلت السعي الكافي، فإن النجاح سيكون حليفي قطعاً.
85ـ أحبّ الصلاة دائماً.
86ـ يعتريني سوء الظنّ عند مشاهدة بعض السلوكيّات المبهمة الصادرة عن الآخرين.
87ـ أذهب، مثل الآخرين، إلى الاعتقاد بأن على الشخص أن يتحمّل أعباء نفسه، وأن يساعد نفسه بنفسه.
88ـ أتجنَّب صداقة الذين يستعملون في كلامهم ألفاظاً بذيئة.
89ـ أحضر عادةً في المسجد، وألتحق بصلاة الجماعة.
90ـ إذا لم أكن في سفرٍ، ولم أكن مريضاً، فإنّي أصوم في شهر رمضان([89]).
في مقابل كلّ واحد من هذه الأسئلة تمّ وضع أربعة خيارات، تتراوح ما بين: أوافق تماماً، أوافق إلى حدٍّ ما، أخالف إلى حدٍّ ما، أخالف تماماً.
2ـ أسئلة السلوك الديني
1ـ أقرأ ما يتيسَّر لي من القرآن.
2ـ أحفظ القرآن عادةً.
3ـ أعمل على المحافظة على القرآن.
4ـ أقوم بتدريس القرآن الكريم.
5ـ أسعى إلى فهم الدِّين.
6ـ أشارك في مجالس الدعاء.
7ـ أدعو الله وأشعر بالتعلُّق به.
8ـ أعطِّر فمي بذكر الله.
9ـ أتوب إلى الله وأستغفره.
10ـ أقضي شَطْراً من الليل بالعبادة.
11ـ أستغفر الله في الأسحار.
12ـ أستغفر الله كثيراً.
13ـ أسجد لله كثيراً,
14ـ أصلّي الفرائض اليومية الخمسة في أوقاتها.
15ـ أصوم شهر رمضان.
16ـ أؤدّي فريضة الحجّ عند الاستطاعة.
17ـ إذا بلغَتْ أموالي حدَّ النصاب أدفع زكاتها.
18ـ عندي حُسْنُ ظنٍّ بالله.
19ـ أحبّ الله ورسوله أكثر من الآخرين.
20ـ أؤمن بالغيب، وأسلِّم به دون قيدٍ أو شرط.
21ـ أؤمن بالمعاد، وأسلِّم به دون قيدٍ أو شرط.
22ـ أعبد الله وكأنني أراه.
23ـ عندما أذهب إلى المسجد ألبس أحسن ثيابي، وأتزيَّن.
24ـ أراعي الحدود الإلهية.
25ـ أسعى لكي تكون أخلاقي قرآنيةً.
26ـ أسعى إلى الاقتداء برسول الله|.
27ـ لا أدعو غير الله.
28ـ لا أستعين بغير الله.
29ـ أنا راضٍ بقضاء الله.
30ـ أنا أصبر في الشدائد.
31ـ أحبّ الاتصال بالله.
32ـ عند ذكر الله يخفق قلبي وَجَلاً.
33ـ عندما أذكر الله في خلواتي أجهش بالبكاء.
34ـ أتوكَّل على الله.
35ـ أُكْثِرُ من التفكير في عالم الخلق.
36ـ أرى نفسي عازماً على الجهاد في سبيل الله.
37ـ أخاف الله في السرّ والعلن.
38ـ عندما أتعرَّض إلى وسوسة الشيطان فإني أستعيذ بالله.
39ـ أخشى سوء الحساب.
40ـ أحترم الشعائر الإلهية.
41ـ أقابل الإساءة بالإحسان.
42ـ أخشع في صلاتي.
43ـ أحافظ على صلاتي.
44ـ أقضي الليل بالصلاة والسجود.
45ـ أخاف من الله وعذابه.
46ـ أشكر الله على كلّ شيء.
47ـ لا أشرك بالله شيئاً.
48ـ لا أقتل الإنسان الذي كرَّمه الله، ولا أتعرّض له بغير وجه حقٍّ.
49ـ يخفق قلبي ويضطرب جسمي عند ذكر الله.
50ـ عند الحاجة أسأل العلماء وأهل الذِّكْر.
51ـ أجتنب الذنوب الكبيرة والعبث.
52ـ عند العطاس أحمد الله.
53ـ إذا عاهدتُ الله لا أنقض عَهْدي.
54ـ أجتنب البِدَع والشبهات.
55ـ أصلّي على النبيّ.
56ـ لا أطلب العلم إلاّ من أجل الآخرة.
57ـ أستحي من الله.
58ـ لا أبثّ شكواي لغير الله.
59ـ عند استماعي إلى تلاوة القرآن ألتزم الصمت.
60ـ لا أطلب الخير إلاّ من الله.
61ـ أربّي أبنائي و(إخوتي) على طبق الموازين الإسلامية.
62ـ أتفقَّد زوجتي بالمقدار الممكن.
63ـ أتفقَّد وضع أبنائي بقدر الإمكان.
64ـ أتواصل مع أقاربي، وأعيد العلاقة التي انقطعت بيني وبينهم.
65ـ أحسن إلى والديَّ في حياتهما.
66ـ أحسن إلى والديَّ بعد وفاتهما.
67ـ أدعو لوالديَّ في كلّ مناسبةٍ.
68ـ أحترم الكبار من الأقارب.
69ـ أعطف على الصغار من أبناء الأقارب.
70ـ عند دخولي إلى بيتي أطرق الباب.
71ـ أحسن الظنّ بأسرتي.
72ـ أسعى إلى معالجة وحلّ مشاكل المقرَّبين مني.
73ـ أحسن إلى جيراني.
74ـ أتفقَّد جيراني، وأتفقَّد أوضاعهم.
75ـ أسعى إلى رفع مشاكل جيراني.
76ـ أسعى لكي أكون أسوةً في أسرتي.
77ـ أحتفظ بعلاقةٍ طيّبة مع جميع الجيران.
78ـ أحتفظ بعلاقةٍ طيّبة مع جميع أقربائي.
79ـ أعطي الأولويّة في الصدقة إلى أقربائي.
80ـ أدعو الجيران إلى طعامي.
81ـ أسعى إلى ستر عيوب إخوتي في الدِّين.
82ـ لا أتتبَّع عثرات الآخرين.
83ـ أدافع عن كرامة المسلمين.
84ـ أبادر إلى المصالحة بين المتخاصمين.
85ـ أشكر مَنْ يخدمني.
86ـ أعفو عمَّنْ ظلمني.
87ـ لا أحقد على أحدٍ.
88ـ أكظم غيظي.
89ـ أكرم الضيف.
90ـ أطعم الآخرين.
91ـ أواجه الآخرين، وألتقيهم بالابتسام.
92ـ أدعو لإخوتي بظهر الغيب.
93ـ أوصي الآخرين بالحقّ.
94ـ أنصح الآخرين بالصبر.
95ـ أقوم بواجب الأمر بالمعروف في حدود الإمكان.
96ـ أمنع الآخرين من اقتراف الموبقات.
97ـ أشعر مع الآخرين بالألفة.
98ـ يشعر الآخرون معي بالألفة.
99ـ لديّ علاقاتٌ اجتماعية حَسَنة.
100ـ أسمِّت العاطس، وأسعده بذلك.
101ـ أقدِّم العَوْن للمكروبين.
102ـ أحسن إلى الآخرين.
103ـ أتعامل مع الآخرين بلطفٍ.
104ـ أسلِّم على المعارف وغيرهم بصوتٍ عال.
105ـ أصافح إخوتي كلّما ألتقي بهم.
106ـ في الاجتماعات أجلس حيث يكون هناك مكانٌ شاغر.
107ـ أسعى في قضاء حوائج الأيتام وإعالتهم.
108ـ أسعى في رفع مشاكل الأرامل والمرضى.
109ـ أحسن الظنّ بالآخرين.
110ـ لا أشهر السلاح بوجه المسلمين.
111ـ أحبّ الآخرين في الله.
112ـ أستاء من الآخرين قربةً إلى الله.
113ـ أعود مرضى المسلمين.
114ـ أسأل عن إخواني في غيابهم.
115ـ أهتمّ بأمور المسلمين.
116ـ أشعر بأن الآخرين يحبّونني.
117ـ يشعر إخوتي بالحزن لغيابي.
118ـ عندما أمرض يعودني إخوتي.
119ـ لا أنتقي أصدقائي من بين الكفّار بَدَلاً من المؤمنين.
120ـ لا أنتخب محرم أسراري من بين غير المسلمين.
121ـ عند الغضب أصفح عن الآخرين.
122ـ أستشير الأصدقاء في المسائل.
123ـ لا أتسقّط عيوب الآخرين، ولا أطعن في أحدٍ.
124ـ لا أخاطب الآخرين بألقابٍ نابية.
125ـ أوسِّع المكان للآخرين في المجالس.
126ـ لا أناجي الآخرين بغير الإحسان والتقوى.
127ـ لا أردّ على الاحتيال بالمثل.
128ـ أجيب الجاهلين بالقول: «سلاماً».
129ـ لا أجامل على ما يغضب الله.
130ـ أقابل إساءة الآخرين بالإحسان.
131ـ أتواضع مع الآخرين.
132ـ آمر نفسي والآخرين بفعل المعروف.
133ـ أنهى نفسي والآخرين عن المنكر.
134ـ أفي بوعدي.
135ـ لا أتخلَّف عن مواعيدي.
136ـ أستحي من الله، ومن عباده.
137ـ أقتصد في الكلام.
138ـ أعدل في الحكم.
139ـ أراعي العدالة في شهادتي.
140ـ أراعي الاعتدال في سلوكي.
141ـ أتقن الأعمال التي أقوم بها.
142ـ ألتزم بإنجاز ما بدأتُه.
143ـ لا أحبّ التجمُّل.
144ـ لا آخذ مالاً من أحدٍ إلاّ بطرقٍ مشروعة.
145ـ أحفظ لساني عن قول القبيح.
146ـ أغضّ طَرْفي عن النظر إلى الحرام.
147ـ أحافظ على وقاري وعفّتي.
148ـ أحترم كرامتي وكبر سنّي.
149ـ أراعي النظافة في المأكل والملبس.
150ـ أنفق في السرّاء والضرّاء.
151ـ لا أتلفَّظ بغير الكلام الحَسَن.
152ـ لا أستصغر فعلَ الخير أبداً.
153ـ أسعى إلى فعل الخير دائماً.
154ـ أتعالى عن الصغائر.
155ـ أسعى ما أمكنني إلى إخفاء الصَّدَقة.
156ـ أعرض عن الهوى واللَّهْو.
157ـ لا أشارك في مجالس البطّالين.
158ـ أمشي بتواضعٍ.
159ـ لا أسرف في أموالي وأعمالي.
160ـ لا أبخل بمالي وسلوكي.
161ـ أتكلَّم بصوتٍ معتدل.
162ـ أستمع إلى كلمات الآخرين بدقّةٍ.
163ـ أعمل بأفضل كلامٍ أسمعه.
164ـ لا أستغيب أحداً.
165ـ لستُ نمّاماً.
166ـ لا ألعن أحداً أو أطعن فيه.
167ـ لا أغشّ في المعاملة.
168ـ لا أنقض العَهْد والوَعْد الذي قطعتُه على نفسي.
169ـ أردّ الأمانات إلى أهلها.
170ـ لا أحبّ المديح من قِبَل الآخرين على أعمالي.
171ـ لا أمدح الآخرين في حضورهم.
172ـ لا أحبّ الجدال والمراء.
173ـ لستُ كذّاباً.
174ـ لستُ شتّاماً قبيح الكلام.
175ـ أظهر نعمة الله التي أنعم بها عليَّ.
176ـ لستُ وَقِحاً في الحوار.
177ـ لستُ قاسي القلب.
178ـ لا أتشبَّه بالنساء (بالرجال).
179ـ لا أشهد بغير حقٍّ، ولا أتكلَّم بالباطل.
180ـ لا أقرب السِّحْر، ولا أمارسه.
181ـ لا أبالغ في المسائل الدينيّة.
182ـ لا أجزع عند المصيبة.
183ـ عند الخصومات لا أتجاوز الحدود.
184ـ لا أفسد في الأرض.
185ـ لا أشيع الفاحشة بين المسلمين.
186ـ لا أمنُّ على مَنْ أتصدَّق عليه.
187ـ لا أقوم بأيّ معاملةٍ رَبَوية.
188ـ لا أبدي رأياً في ما أجهله.
189ـ أشجِّع الآخرين على إطعام الفقراء.
190ـ لا أطفِّف في الوزن.
191ـ لا أحبّ الظلم، ولا أظلم أحداً.
192ـ أغبط الآخرين، ولا أحسدهم.
193ـ أخاف من كلّ شيءٍ من شأنه أن يؤدّي إلى الحرام.
194ـ لا أتجسَّس على أحدٍ.
195ـ أزهد في مشاغل الدنيا.
196ـ أراعي الحيوانات والنباتات.
197ـ في ساعة الغضب أضبط نفسي.
198ـ أتدارك فعل الخير إلى كلّ شخصٍ (سواء أكان مستحقّاً أم غير مستحقّ).
199ـ لا أضاجع المحارم.
200ـ لا أحبّ التفاخر في الملبس([90]).
في مقابل كلّ واحدٍ من هذه الأسئلة تمّ وضع خمسة خيارات، تتراوح ما بين: دائماً، في أغلب الأوقات، في بعض الأوقات، نادراً، أبداً.
3ـ أسئلة هويّة الاعتقاد الديني (12 إلى 98 سنة في طهران سنة 1382هـ.ش)
1ـ إن الله، خالق الوجود الأوحد، يراقب أعمالنا، ويرى أعمالنا الحَسَنة والسيئة.
2ـ لقد بعث الله الأنبياء لهدايتنا، ويجب أن نهتدي بتعاليمهم، التي تمثِّل الوحي الإلهي.
3ـ أعتقد بأن كلّ شخصٍ سوف يرى نتائج جميع أعماله في الآخرة.
4ـ أرى أن أمور العالم تقوم على أساس العدل، وأن الله يحكم بين عباده بالعدل.
5ـ أرى في اتّباع الأئمّة واجباً شرعياً.
6ـ إن التوكُّل على الله يمنحنا قوّةً تساعدنا في التغلُّب على المشاكل.
7ـ إن للدعاء والتوسُّل تأثيراً إيجابياً في شفاء المرضى.
8ـ أرى أن إحياء الشعائر الدينية (في أشهر محرّم وصفر ورمضان، والأعياد الدينية، وغيرها) السائدة في قطرنا تؤدّي إلى الطمأنينة والتقدُّم الديني بين المواطنين.
9ـ إن للنذور تأثيراً إيجابيّاً في حلّ مشاكلنا.
10ـ كلّما سنحَتْ لي الفرصة أذهب لزيارة العتبات المقدّسة.
11ـ أتمنّى الذهاب إلى زيارة كربلاء ومشهد والحجّ([91]).
4ـ أسئلة هوية الاعتقاد الدينيّ (14 إلى 29 سنة في إيران سنة 1381هـ.ش)
1ـ إن كلّ شخصٍ سيرى نتيجة أعماله في الآخرة.
2ـ إن الله يرى أعمالنا، ويشهد أعمالنا الحَسَنة والسيّئة.
3ـ إن الله قد أرسل الأنبياء لهدايتنا، ويجب أن نهتدي بتعاليمهم، التي تمثِّل الوحي الإلهي.
4ـ أرى في اتّباع الأئمّة واجباً شرعياً.
5ـ إن للدعاء والتوسُّل تأثيراً إيجابياً في شفاء المرضى.
6ـ إن للنذور تأثيراً إيجابياً في حلّ مشاكلنا.
7ـ إن التوكُّل على الله يمنحنا قوّةً تساعدنا في التغلُّب على المشاكل.
8ـ أتمنّى الذهاب إلى زيارة كربلاء ومشهد والحجّ([92]).
الفصل الثالث: المسلَّمات الدينية
يمكن بحث المسلَّمات الدينيّة في هذا التحقيق من جهتين: إحداهما: كيفية الوصول إلى المسلَّمات؛ والأخرى: دَوْر هذه المسلَّمات في مسألة خصائص التديُّن.
وفي ما يتعلق بالوصول إلى المسلّمات الدينية يمكن بيان بعض الطرق المفترضة والقابلة للبحث على النحو التالي:
1ـ الأحاديث المشتركة المرويّة من قِبَل المذاهب الإسلامية.
2ـ الإجماعات المدّعاة من قِبَل الفِرَق والمذاهب الإسلامية.
3ـ تعريف العقائد المشتركة والمتَّفق عليها بين المذاهب والفِرَق الإسلامية، الأعمّ من: الشيعة، وأهل السنّة، والزيدية، والإباضية، والأشاعرة، والمعتزلة.
وفي ما يلي نقصر البحث على تقرير موارد الادّعاء في بحث المسلَّمات، ونعمل على فهرستها ضمن مجالاتٍ ثلاثة، وهي: أـ العقائد؛ ب ـ الأخلاق؛ ج ـ الأحكام.
المقالة الأولى: المسلَّمات العقائدية
لقد ذكر ابنُ حزم الظاهري الموارد الاتّفاقية في العقائد، التي ادّعى الإجماع على كفر مَنْ خالفها، على النحو التالي:
1ـ اتّفقوا [أي المسلمون] على أن الله ـ عزَّ وجلَّ ـ وحده لا شريك له خالق كلّ شيءٍ غيره؛ وأنه تعالى لم يَزَل وحده، ولا شيء غيره معه، ثمّ خلق الأشياء كلّها كما شاء؛ وأن النفس مخلوقةٌ، والعرش مخلوقٌ، والعالم كلّه مخلوقٌ.
وأن النبوّة حقٌّ، وأنه كان أنبياء كثير؛ منهم مَنْ سمّى الله ـ تعالى ـ في القرآن؛ ومنهم مَنْ لم يسمِّ لنا؛ وأن محمد بن عبد الله القرشيّ الهاشميّ المبعوث بمكّة المهاجِر إلى المدينة رسول اللهﷺ إلى جميع الجنّ والإنس إلى يوم القيامة.
وأن دين الإسلام هو الدِّين الذي لا دين لله في الأرض سواه؛ وأنه ناسخٌ لجميع الأديان قبله؛ وأنه لا ينسخه دينٌ بعده أبداً؛ وأن مَنْ خالفه ممَّن بلغه كافرٌ مخلَّد في النار أبداً.
وأن الجنّة حقٌّ؛ وأنها دارُ نعيمٍ أبداً، لا تفنى ولا يفنى أهلها بلا نهاية؛ وأنها أُعدَّت للمسلمين والنبيّﷺ والنبيِّين المتقدّمين وأتباعهم على حقيقة كما أتَوْا به قبل أن ينسخ الله تعالى أديانهم بدين الإسلام.
وأن النار حقٌّ؛ وأنها دار عذابٍ أبداً، لا تفنى ولا يفنى أهلها أبداً بلا نهاية؛ وأنها أُعدَّت لكلّ كافرٍ مخالف لدين الإسلام، ولمَنْ خالف الأنبياء السالفين قبل مبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم وعليهم الصلاة والتسليم، وبلوغ خبره إليه.
وأن القرآنَ المتلوّ، الذي في المصاحف بأيدي الناس في شرق الأرض وغربها، من أوّل الحمد لله ربّ العالمين إلى آخر قل أعوذ بربّ الناس، هو كلامُ الله ـ عزَّ وجلَّ ـ ووحيه أنزله على نبيِّه محمدﷺ، مختاراً له من بين الناس.
وأنه لا نبيَّ مع محمدٍﷺ ولا بعده أبداً.
2ـ واتّفقوا على أن كلّ نبيٍّ ذُكر في القرآن حقٌّ، كـ: آدم وإدريس ونوح وهود وصالح وشعيب ويونس وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ويوسف وهارون وداوود وسليمان وإلياس واليسع ولوط وزكريّا ويحيى وعيسى وأيّوب وذي الكفل.
3ـ واتّفقوا على أن عيسى× عبدٌ مخلوق من غير ذَكَرٍ، لكنْ في بطن مريم÷، وهي بِكْرٌ.
4ـ واتّفقوا على أن محمداًﷺ دعا العرب إلى أن يأتوا بمثل القرآن، فعجزوا عنه كلّهم.
5ـ واتّفقوا على أن مهاجر رسول اللهﷺ كان من مكّة دار الحجّ إلى المدينة يثرب؛ وأن قبره بيثرب، وبها مات×؛ وأنه× نكح النساء وأولد؛ وأنه× بقي بالمدينة عشر سنين نبيّاً رسولاً، وبمكّة مثلها رسولاً ونبيّاً. واختلفوا هل بقي بمكّة أكثر أم لا؟
6ـ واتّفقوا على أن الملائكة حقٌّ؛ وأن جبريل وميكائيل ملكان رسولان لله ـ عزَّ وجلَّ ـ مقرّبان عظيمان عند الله تعالى؛ وأن الملائكة كلّهم مؤمنون فضلاً؛ وأن الجنّ حقٌّ؛ وأن ابليس عاصٍ لله كافرٌ مذ أبى السجود لآدم واستخفّ به×؛ وأن كلّ ما في القرآن حقٌّ؛ وأن مَنْ زاد فيه حرفاً من غير القراءات المروية المحفوظة المنقولة نقل الكافّة، أو نقص منه حرفاً، أو بدّل منه حرفاً مكان حرفٍ، وقد قامت عليه الحجّة أنه من القرآن، فتمادى متعمِّداً لكلّ ذلك، عالماً بأنه بخلاف ما فعل، فإنه كافرٌ.
7ـ واتّفقوا على أنه لا يكتب في المصحف متّصلاً بالقرآن ما ليس من القرآن.
8ـ واختلفوا في بسم الله الرحمن الرحيم؛ فقال قائلٌ: لا تكتب، وليست من القرآن، إلاّ في داخل سورة النمل؛ وقال آخرون: تكتب في أوّل كلّ سورةٍ ـ حاشا براءة ـ، وهي من القرآن في كلّ موضع قبل أوّل كلّ سورة؛ وقال آخرون: تكتب في أول كلّ سورة ـ حاشا براءة ـ، وليست من القرآن.
9ـ واتّفقوا على أنها في داخل النمل من القرآن، وأنها تكتب هنالك. واتّفقوا على أنها ليست في أوّل براءة، وأنها لا تكتب هناك.
10ـ واتّفقوا على أنه مُذْ مات النبيّﷺ فقد انقطع الوحي، وكمل الدين واستقرّ؛ وأنه لا يحلّ لأحدٍ أن يزيد شيئاً من رأيه بغير استدلالٍ منه، ولا أن ينقص منه شيئاً، ولا أن يبدِّل شيئاً مكان شيءٍ، ولا أن يحدث شريعةً؛ وأن مَنْ فعل ذلك كافرٌ.
11ـ واتّفقوا على أن كلام رسول اللهﷺ إذا صحّ أنه كلامُه بيقينٍ فواجبٌ اتّباعه.
12ـ واتّفقوا على أن نقل الكافّة حقٌّ، فمَنْ خالفه بعد علمه أنه نقل كافّةٍ كفر.
13ـ واتّفقوا على أن طلب رخص كلّ تأويلٍ بلا كتابٍ ولا سنّةٍ فسقٌ لا يحلّ.
14ـ واتّفقوا على أنه لا يحلّ ترك ما صحّ من الكتاب والسنّة، والاقتصار على ما اقتصر عليه فقط.
15ـ واتّفقوا على أنه لا يحلّ لأحدٍ أن يحلِّل، ولا أن يحرِّم، ولا أن يوجب حكماً، بغير دليلٍ من قرآنٍ أو سنّةٍ أو إجماعٍ أو نظرٍ [واختلفوا في النظر؛ فقال بعضهم: منه الاستحسان؛ وقال بعضهم: منه تقليد صاحبٍ أو تابعٍ أو فقيهٍ فاضل؛ وقال بعضهم: منه القياس؛ وقال بعضهم: هو استصحاب الحال المجتمع عليها ومفهوم اللفظ والوارد في نصّ القرآن والسنّة].
16ـ واتّفقوا على أن الله تعالى مسمّىً بأسمائه التي نصّ عليها في القرآن…؛ وأنه تعالى لا يخفى عليه شيءٌ، ولا يضلّ ولا ينسى، ولا يجهل؛ وأن كلّ ما ورد في القرآن من خبر ما مضى أو ما يأتي حقٌّ صحيح وصدق، ولا شَكَّ فيه.
17ـ واتّفقوا على أن البعث حقٌّ؛ وأن الناس كلّهم يبعثون في وقتٍ تنقطع فيه سُكْناهم في الدنيا، ويحاسبون عمّا عملوا من خيرٍ وشرٍّ؛ وأن الله تعالى يعذِّب مَنْ يشاء ويغفر لمَنْ يشاء.
18ـ واتّفقوا على أن محمداًﷺ وجميع أصحابه لا يرجعون إلى الدنيا([93])، إلاّ حين يبعثون مع جميع الناس؛ وأن الأجساد تنشر وتجمع مع الأنفس يومئذٍ.
19ـ واتّفقوا على أن التوبة من الكفر مقبولةٌ [ما لم يوقِنْ الإنسان بالموت بالمعاينة]، ومن الزِّنا، ومن فعل قوم لوطٍ، ومن شرب الخمر، ومن كلّ معصيةٍ بين المرء وربِّه تعالى، ممّا لا يحتاج في التوبة منه إلى دفع مالٍ، وممّا ليس مظلمةً لإنسانٍ.
20ـ واتّفقوا على أن ما وصف الله تعالى به في الجنّة من أكلٍ وشرب وأزواج مقدّسات ولباس ولذّة حقٌّ صحيحٌ؛ وأنه ليس شيء من ذلك مُعانىً بنار؛ وأنه لا ذَبْح فيها ولا موت؛ وأن كلّ ذلك بخلاف ما في الدنيا، لكنْ أمرٌ من أمره تعالى لا يعلم كيفيّته غيره؛ وأن الأجساد تدخل مع أنفسها الفاضلة الجنّة بعد أن تصفى الأجساد من كلّ كَدَرٍ والأنفس من كلّ غِلٍّ؛ وأن أجساد العصاة تدخل مع أنفسهم في النار؛ وأن الأنفس لا تنتقل بعد خروجها عن الأجسام إلى أجسامٍ أُخَر البتّة، لكنّها تستقرّ حيث شاء الله.
21ـ واتّفقوا في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقلوب؛ واختلفوا في وجوبه بالأيدي والسلاح.
22ـ واتّفقوا على أن مَنْ آمن بكلّ ما ذكَرْنا، وحرّم كلّ ما قدَّمْنا أنه حرامٌ، وأحلّ كلّ ما ذكَرْنا أنه حلالٌ، وأوجب كلّ ما قدَّمْنا أنه واجبٌ، وتبرّأ من إيجاب كلّ ما ذكَرْنا أنه غير واجبٍ، فقد استحقّ اسم الإيمان والإسلام.
23ـ واتّفقوا على أن مَنْ آمن بالله تعالى وبرسوله وبكلّ ما أتىﷺ به ممّا نقل عنه نقل الكافّة، أو شكّ في التوحيد أو في النبوّة أو في محمدﷺ أو في حرف ممّا أتى× به أو في شريعةٍ أتى× بها ممّا نقل عنه نقل كافّةٍ، فإن مَنْ جحد شيئاً ممّا ذكرنا أو شكّ في شيءٍ منه، ومات على ذلك، فإنه كافرٌ مشرك مخلَّد في النار أبداً([94]).
وقد عمد الشيخ محمد آصف المحسني إلى فهرسة الموارد المتَّفق عليها بين أهل السنّة ضمن أربعين مورداً، على النحو التالي:
1ـ إن خالق الكون ومدبِّره هو الله سبحانه وتعالى.
2ـ ليس هناك معبودٌ سوى الله، وإن عبادة غيره شركٌ موجبٌ للخروج من ربقة الإسلام.
3ـ إن الله ليس له شريكٌ، ولا نظيرٌ.
4ـ إن ذات الله لا يمكن إدراكها.
5ـ إن الله أزليٌّ وأبديٌّ وسرمديٌّ.
6ـ إن الله سبحانه وتعالى عالمٌ، وقادرٌ، ومريدٌ، ومختارٌ، وسميعٌ، وبصيرٌ، ومدركٌ لكلّ شيءٍ.
7ـ إن جميع الكائنات مخلوقةٌ لله عزَّ وجلَّ.
8ـ إن الله حيٌّ.
9ـ إن الله متكلِّمٌ وصادق.
10ـ إن الله ليس مركّباً من أجزاء.
11ـ إن الله ليس بجسمٍ ولا جسماني.
12ـ إن الله ليس محلاًّ للحوادث.
13ـ إن الله ليس متّحداً مع مخلوقاته، بل وجوده مستقلٌّ عن الموجودات الأخرى.
14ـ إن الله لا يحلّ في شيءٍ.
15ـ إن الله غنيٌّ عمّا سواه.
16ـ إن جميع الكائنات محتاجةٌ إلى الله.
17ـ إن ما جاء في القرآن الكريم والسنّة بشأن صفات الله صحيحٌ.
18ـ إن العرش والكرسيّ واللوح المحفوظ حقٌّ.
19ـ الإيمان بالملائكة والكتب السماوية النازلة على الأنبياء، ولا سيَّما القرآن الكريم النازل على النبيّ الأكرم خاتم الأنبياء|.
20ـ إن الوحي إلى الأنبياء حقٌّ؛ وأنه بعد رحيل خاتم الأنبياء| منقطعٌ.
21ـ إن القرآن الكريم كلام الله، والعمل به واجبٌ، والسنّة النبوية حجّةٌ على جميع المسلمين، ومعتبرةٌ في كافة العصور.
22ـ إن الإسلام يعتبر ديناً عالمياً وديناً إلهياً، وجميع الأديان غير الإسلام منسوخةٌ ولا يمكن العمل بها: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلاَمُ﴾ (آل عمران: 19).
23ـ إن الله لا يظلم العباد.
24ـ إن الله قد اختار بعض الأشخاص المعصومين لهداية الناس، وأعطاهم النبوّة، وبعث إلى الناس الأنبياء والرسل، وأنزل لهم الشرائع السماوية.
25ـ ليس جميعُ الأنبياء متساوين في القرب والمقام؛ فهناك منهم مَنْ هو أفضل من غيره؛ بصريح القرآن الكريم: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ (البقرة: 253).
26ـ إن جميع الأنبياء يتساوون في وجوب الطاعة لهم، قال تعالى: ﴿لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ (البقرة: 285).
27ـ هناك من الأنبياء^ مَنْ هو من أولي العَزْم([95]).
28ـ إن تغيُّر الزمن لن يحدث أيّ تغييرٍ في شريعة الإسلام، ويجب الالتزام بتعاليم الإسلام إلى الأبد.
29ـ إن يوم القيامة والسؤال والحساب وميزان الأعمال كلّها حقٌّ؛ وإن جميع الناس يُحْشَرون يوم القيامة.
30ـ إن المعاد ليس روحانيّاً فقط، وإنما هو روحانيٌّ وجسمانيّ.
31ـ إن الجنّة للمؤمنين، والنار للكفّار، وكلاهما من المخلَّدين.
32ـ إن ما جاء في القرآن الكريم والسُّنّة من العذاب في جهنّم والنعيم في الجنّة حقٌّ.
33ـ إن عالم البَرْزَخ حقٌّ.
34ـ إن الشفاعة حقٌّ.
35ـ إن ما ورد في القرآن والسُّنّة بشأن عالم البَرْزَخ حقٌّ.
36ـ إن مُنْكِر القيامة ليس مسلماً.
37ـ إن نفس المسلم وماله محترمان؛ وإن إزهاق نفسه وسلب ماله حرامٌ.
38ـ إن الإقرار والاعتراف بالشهادتين (التوحيد والرسالة) لازمٌ، وما جاء به النبيّ الأكرم| صحيحٌ.
39ـ إن الله يحيي ويميت، ولكلّ نفسٍ أجلٌ؛ وإن الله هو الرزّاق.
40ـ إن معاجز الأنبياء وكرامات الأولياء حقٌّ([96]).
وهناك كتابٌ آخر بعنوان (دعاوى الإجماع عند المتكلِّمين في أصول الدين)، لمؤلِّفه: ياسر بن عبد الرحمن اليحيى([97]). ينتمي هذا الكاتب إلى الاتّجاه السَّلَفي. وقد قام في كتابه هذا بنقد آراء المتكلِّمين، الأعمّ من المعتزلة والأشاعرة. وقد خصَّص القسم الأول منه ببحث الإجماع ومكانته، والاختلاف بين إجماع السَّلَف وإجماع المتكلِّمين. وبعبارةٍ أخرى: تمّ في هذا القسم بحث المسائل النظرية في دائرة الإجماعات الكلامية.
وأما في القسم الثاني فقد تعرَّض بالنقد والنقاش لموارد الإجماع في أصول الدين من وجهة نظر المتكلِّمين. وقد انتقد في هذا القسم ثمانية وأربعين مورداً من موارد الإجماع المدَّعى في مسائل أصول الدين، ضمن أربعة محاور:
1ـ توحيد الألوهيّة والربوبيّة (13 مورداً).
2ـ توحيد الأسماء والصفات (25 مورداً).
3ـ النبوّات والقَدَر([98]) (5 موارد).
4ـ الإيمان والأسماء والأحكام (5 موارد).
وتفصيلُ ذلك على النحو التالي:
1ـ موارد الإجماع في توحيد الألوهية والربوبية (13 مورداً):
ـ الإجماع على إثبات توحيد الفرد([99]).
ـ الإجماع على العَرَض([100]).
ـ الإجماع على استحالة خلوّ الجوامد من الأعراض([101]).
ـ الإجماع على امتناع الحادث من دون أوّلٍ([102]).
ـ الإجماع على استحباب السفر لزيارة قبر النبيّ الأكرم|([103]).
ـ الإجماع على فناء جميع العالم([104]).
ـ الإجماع على أن قبر النبيّ الأكرم| من أفضل البقاع([105]).
ـ الإجماع على تنزيه الله تعالى من الجوهر([106]).
ـ الإجماع على جواز الاستشفاع بالأموات([107]).
ـ الإجماع على جواز الاستغاثة بالأموات([108]).
ـ الإجماع على جواز البناء فوق القبور([109]).
ـ الإجماع على حدوث الأعراض([110]).
ـ الإجماع على وجوب النظر من أجل معرفة الله([111]).
2ـ موارد الإجماع في توحيد الأسماء والصفات (25 مورداً):
ـ الإجماع على استحالة اللذّة والألم على الله تعالى([112]).
ـ الإجماع على استحالة وامتناع قيام الحوادث بالذات الربوبية([113]).
ـ الإجماع على أن الله لا يتجزّأ ولا يتبعَّض([114]).
ـ الإجماع على أن الله لا يتحوَّل، ولا يزول، ولا يتغيَّر، ولا ينتقل([115]).
ـ الإجماع على أن الله لا يُوصَف بالشخص([116]).
ـ الإجماع على أن صفات الله قديمةٌ، ولا تتجدَّد([117]).
ـ الإجماع على أن علم الله واحدٌ([118]).
ـ الإجماع على أن قدرة الله على المقدورات واحدٌ([119]).
ـ الإجماع على أن كلام الله ليس بالحروف والأصوات([120]).
ـ الإجماع على أن مذهب السَّلَف هو التفويض([121]).
ـ الإجماع على جواز تسمية الله تعالى بالشيء([122]).
ـ الإجماع على جواز تسمية الله تعالى بالقديم([123]).
ـ الإجماع على جواز تأويل (عند الله) في الآيات والروايات([124]).
ـ الإجماع على جواز التأويل الأبديّ([125]).
ـ الإجماع على جواز تأويل آيات المحاربة مع الله وإيذاء الله([126]).
ـ الإجماع على جواز تأويل عين الله([127]).
ـ الإجماع على جواز تأويل صفة النور([128]).
ـ الإجماع على جواز تأويل صفة الأصابع([129]).
ـ الإجماع على جواز تسمية الله تعالى بالموجود والواجب والصانع والمريد والمتكلِّم([130]).
ـ الإجماع على نفي الكلام الثاني والقديم([131]).
ـ الإجماع على نفي الجسميّة عن الله([132]).
ـ الإجماع على نفي الجهة والتحيُّز عن الله([133]).
ـ الإجماع على نفي الحركة والسكون عن الله([134]).
ـ الإجماع على نفي العَرَض عن الله([135]).
ـ الإجماع على نفي المكان والزمان عن الله([136]).
3ـ موارد الإجماع في النبوّات والقَدَر (5 موارد):
ـ الإجماع على أن الكرامة تمثِّل دليلاً على الولاية([137]).
ـ الإجماع على أن الظلم المنفيّ في حقّ الله تعالى هو التصرُّف في ملك الغير([138]).
ـ الإجماع على أن الدليل الوحيد على صدق الأنبياء هو معجزاتهم([139]).
ـ الإجماع على عصمة الأنبياء من النسيان والسَّهْو في أقوال البلاغي([140]).
ـ الإجماع على نفي الحكمة والتعليل في أفعال الله([141]).
4ـ موارد الإجماع في الإيمان والأسماء والأحكام (5 موارد):
ـ الإجماع على أن الإيمان في اللغة يعني التصديق([142]).
ـ الإجماع على عدم إمكان اجتماع الكفر والإيمان في العبد([143]).
ـ الإجماع على معصية المجتهد الخاطئ في مسائل أصول الدين([144]).
ـ الإجماع على جواز تسمية الله تعالى بالشيء([145]).
ـ الإجماع على جواز تسمية الله تعالى بالقديم([146]).
أما الكتاب الآخر ذو الاتّجاه السَّلَفي، والذي عمل على جمع الإجماعات في مجال العقائد، فهو كتاب (المسائل العَقْدية التي حكى فيها [شيخ الإسلام] ابن تيميّة الإجماع جَمْعاً ودراسة)([147])، وهو من تأليف: خالد بن مسعود الجعيد وعليّ بن جابر العلياني وناصر بن حمدان الجهي. يشتمل هذا الكتاب على أحد عَشَر قسماً. وفي القسم الأول تمّ تناول المباحث النظرية حول الإجماع، من قبيل: التعريف، وإمكان الوقوع، وحجّية الإجماع. وأما الأقسام العشرة الأخرى فاختصَّتْ بتجميع ودراسة موارد الإجماع في العقائد من وجهة نظر ابن تيمية. وهذه العناوين العشرة هي:
1ـ توحيد الألوهيّة والربوبيّة.
2ـ توحيد الأسماء والصفات.
3ـ مسائل الإيمان والإسلام.
4ـ أحكام مرتكب الكبيرة، والمبتدِع، والمنافق.
5ـ الإيمان بالملائكة والكتب السماويّة.
6ـ النبوّات.
7ـ القَدَر.
8ـ الآخرة.
9ـ الإمامة والخلافة.
10ـ الفِرَق.
وهنا نقدِّم قائمةً بموارد الإجماع ضمن كلّ واحدٍ من هذه الأقسام:
ومن الجدير بالذكر أن المؤلِّف يعمد في كلّ مسألةٍ إلى شرح الموضوع أوّلاً، ثم يبيِّن رأي ابن تيميّة، ثمّ ينتقل بعد ذلك إلى نقل آراء وأقوال الموافقين له، ويختم ببيان مستندات الإجماع.
1ـ توحيد الألوهيّة والربوبيّة
1ـ حقيقة توحيد الأنبياء والرُّسل هي عبادة الله الفرد، وعدم عبادة غيره([148]).
2ـ اعتبار السؤال من غير الله شِرْكاً، وكذلك زيارة القبور لتلبية الحاجات([149]).
3ـ عدم جواز التوسُّل والاستشفاء والاستشفاع بالأنبياء بعد وفاتهم([150]).
4ـ حرمة السجود لغير الله([151]).
5ـ حرمة الطواف حول قبور الأنبياء والصالحين([152]).
6ـ حرمة النَّذْر لغير الله، سواء أكان النَّذْر للأنبياء أو غير الأنبياء([153]).
7ـ حرمة السِّحْر والتنجيم([154]).
8ـ عدم جواز البناء فوق القبور، وتعظيمها وتقديسها([155]).
9ـ عدم جواز اتّخاذ القبور مساجد ومعابد([156]).
10ـ حرمة السفر لزيارة مراقد الأنبياء والصالحين والمساجد، غير: مسجد النبيّ؛ والمسجد الحرام؛ والمسجد الأقصى([157]).
11ـ حرمة التبرُّك بالقبور، بما في ذلك قبور الأنبياء([158]).
12ـ حرمة القَسَم بغير الله([159]).
13ـ ضرورة وفطرية الإقرار بوجود الصانع([160]).
14ـ بِدْعة منهج المتكلِّمين في الاستدلال على إثبات الصانع([161]).
15ـ خطأ منهج المتكلِّمين في القول بوجوب نظر المكلَّفين في مسائل التوحيد([162]).
16ـ حدوث العالم، وبطلان القول بقِدَم العالم([163]).
2ـ توحيد الأسماء والصفات
1ـ توصيف الله بما ورد في القرآن، وعلى لسان رسول الله|، دون تحريفٍ وتعطيلٍ وتكييف([164]) وتمثيلٍ([165]).
2ـ تنزيه الله عن مماثلة المخلوقين([166]).
3ـ الأخذ بظاهر صفات الله، دون تأويلٍ([167]).
4ـ إثبات صفة الوجه واليد لله، دون تحريفٍ وتعطيل([168]).
5ـ إثبات صفة السمع والبصر لله([169]).
6ـ إثبات صفة القدرة والحياة والعلم والإحاطة لله([170]).
7ـ إثبات صفة الأَحَدية والصَّمَدية لله([171]).
8ـ إثبات صفة العلوّ والفوقية لله([172]).
9ـ إثبات صفة الاستواء على العرش لله([173]).
10ـ إثبات معيّة الله مع الخلق([174]).
11ـ إثبات صفة القُرْب والدُنُوّ لله مع بعض العباد([175]).
12ـ مباينة الله عن المخلوق، وبطلان أن تكون ذات الله في كلّ مكانٍ([176]).
13ـ إثبات صفة الإرادة والمشيئة لله([177]).
14ـ إثبات صفة النزول لله على نحو الحقيقة([178]).
15ـ إثبات صفة الإتيان والمجيء لله على نحو الحقيقة([179]).
16ـ إثبات صفة الخَلْق والاصطفاء والاجتباء والتقريب لله على نحو الحقيقة([180]).
17ـ إثبات صفة الكلام لله على نحو الحقيقة([181]).
18ـ القرآن كلامُ الله غير المخلوق([182]).
19ـ إثبات صفة السكوت لله([183]).
20ـ إثبات رؤية المؤمنين لله بالعين الجارحة في الآخرة([184]).
21ـ عدم رؤية الله بالعين الجارحة في الدنيا([185]).
22ـ جواز رؤية الله في الدنيا في المنام([186]).
3ـ مسائل الإيمان والإسلام
1ـ حقيقة الإيمان بالقول والعمل والنيّة والسُّنّة([187]).
2ـ وجوب الإيمان بالله، والملائكة والكتب السماوية([188]).
3ـ نقصان وزيادة الإيمان([189]).
4ـ جواز تعليق الإيمان على المشيئة (أنا مؤمنٌ إنْ شاء الله)([190]).
5ـ كفر مَنْ يسبّ الله([191]).
6ـ كفر مَنْ ينكر الضروريّ من الدين([192]).
7ـ كفاية الشهادتين للدخول في الإسلام([193]).
8ـ رابطة الإسلام والإيمان([194]).
9ـ عدم كفاية النطق بشهادة التوحيد للدخول إلى الجنّة([195]).
10ـ كفر منكر أحد الأصول والأركان الإسلاميّة الخمسة (الشهادتين، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحجّ)([196]).
11ـ كفر مَنْ يكفِّر مسلماً([197]).
4ـ أحكام مرتكب الكبيرة والمبتدع والمنافق
1ـ الوعد والوعيد في نصوص القرآن بشرط عدم الكفر وعدم التوبة([198]).
2ـ عدم تحقُّق الكفر بارتكاب المعصية([199]).
3ـ عدم خلود أهل الكبائر في النار([200]).
4ـ جواز اجتماع الثواب والعقاب([201]).
5ـ ضرر الإصرار على المعاصي، خلافاً لما عليه عقيدة المرجئة([202]).
6ـ شفاعة النبيّ لأهل الكبائر في يوم القيامة([203]).
7ـ مَحْو المعصية الكبيرة بالتوبة([204]).
8ـ كفر قذف عائشة بما برّأها الله منه([205]).
9ـ الأعمال المخالفة للنصوص باعتقاد الجواز بِدْعة([206]).
10ـ وجوب النهي عن البِدْعة([207]).
11ـ جَرَيان عنوان الإسلام على المسلم بحَسَب الظاهر([208]).
12ـ كفر المنافق في الباطن إذا كان النفاق في العقيدة([209]).
5ـ الإيمان بالملائكة والكتب السماوية
1ـ الملائكة من الأعيان المخلوقة([210]).
2ـ سجود الملائكة لآدم([211]).
3ـ جبرائيل مَلَكٌ منفصل عن رسول الله، وهو الرابط بين الله والنبيّ([212]).
4ـ كفر الاستغاثة بالملائكة([213]).
5ـ إمكان موت الملائكة([214]).
6ـ وجوب الإيمان بالكتب السماوية([215]).
7ـ القرآن كلامٌ مخلوق([216]).
8ـ صوت قارئ القرآن وكتابات القرآن مخلوقةٌ([217]).
9ـ الكتاب النازل على النبيّ هو القرآن العربيّ([218]).
10ـ كلام الله مكتوبٌ في القراطيس([219]).
11ـ كفر تدنيس القرآن([220]).
12ـ جواز سماع القرآن([221]).
13ـ عدم جواز قراءة القرآن بألحان الغناء وآلات الطَّرَب([222]).
14ـ هيمنة القرآن على سائر الكتب السماوية السابقة([223]).
15ـ عدم جواز معارضة القرآن بالعقل والرأي والقياس والذَّوْق([224]).
16ـ وقوع التحريف المعنوي في الكتب السماوية السابقة والاختلاف في التحريف اللفظي([225]).
6ـ النبوّات
1ـ أفضليّة الأنبياء على البشر([226]).
2ـ عدم عقاب الأنبياء([227]).
3ـ حَتْميّة أوامر الأنبياء، دون غيرهم([228]).
4ـ عصمة الأنبياء في تبليغ الرسالة([229]).
5ـ جواز المَرَض والجوع والنسيان على الأنبياء([230]).
6ـ زَنْدقة مَنْ يدّعي أنه أعلم من الأنبياء([231]).
7ـ كفر الإقرار ببعض الأنبياء دون بعضهم الآخر([232]).
8ـ كفر الاعتقاد بنبوّة النبيّ قبل نزول الوحي عليه([233]).
9ـ شرط الإسلام الإقرار بنبوّة النبيّ محمد|([234]).
10ـ أفضليّة النبيّ على غيره([235]).
11ـ وجوب تحكيم النبيّ في المشاجرات الدينية والدنيوية([236]).
12ـ بعث النبيّ الأكرم| إلى الإنس والجنّ([237]).
13ـ كفر وقتل السابّ للنبيّ من المسلمين([238]).
14ـ كفر مَنْ بلغه الإسلام ولم يُؤمِنْ([239]).
15ـ كفر تصحيح شريعةٍ غير شريعة الإسلام([240]).
16ـ عروج عيسى× إلى السماء([241]).
7ـ القَدَر
1ـ وجوب الإيمان بالقَدَر، خيره وشرّه([242]).
2ـ قدرة الله على كلّ شيء، وعلى أفعال العباد أيضاً([243]).
3ـ علم الله بأحداث المستقبل([244]).
4ـ تسجيل أحوال الخلق في اللوح المحفوظ([245]).
5ـ توقّف كلّ شيءٍ على مشيئة الله([246]).
6ـ أفعال العباد مخلوقة([247]).
7ـ قدرة ومشيئة العباد على الأفعال([248]).
8ـ تنزيه الله من الظلم([249]).
9ـ الهداية والضلالة من الله([250]).
10ـ تأثير الأسباب بقدرة الله([251]).
11ـ بطلان الاحتجاج بالقدرة في المعاصي([252]).
8ـ القيامة
1ـ المعاد الجسمانيّ متَّفقٌ عليه([253]).
2ـ وجوب الاعتقاد بالقيامة([254]).
3ـ كفر مَنْ ينكر إعادة الخلق([255]).
4ـ السؤال في القبر حقٌّ([256]).
5ـ العذاب والنعيم في القبر على النفس والجسد حقٌّ([257]).
6ـ شفاعة النبيّ الأكرم| في يوم القيامة([258]).
7ـ حَشْر الناس عراةً مجرَّدين([259]).
8ـ اقتراب الشمس في يوم القيامة([260]).
9ـ نَصْب الميزان في يوم القيامة([261]).
10ـ نَشْر الصحف في يوم القيامة([262]).
11ـ الحساب والكتاب في يوم القيامة([263]).
12ـ الحَوْض (نهر الكوثر) للنبيّ حقٌّ([264]).
13ـ الصراط حقٌّ([265]).
14ـ القنطرة بعد الصراط حقٌّ([266]).
15ـ خلود الجنّة والنار([267]).
9ـ الإمامة والخلافة
1ـ إقامة الحجّ والجهاد والجمعة والعيدين مع الأمراء والسلاطين، أبراراً كانوا أم فجّاراً([268]).
2ـ لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق([269]).
3ـ المرأة لا تكون إماماً([270]).
4ـ منزلة الخلفاء الراشدين بعد النبيّ([271]).
5ـ خلافة الخلفاء الراشدين([272]).
10ـ الفِرَق
1ـ عدم جواز تكفير الفِرَق([273]).
2ـ جواز قتال الخوارج([274]).
3ـ كفر وجواز قتل الفِرَق التي لا تلتزم بظواهر الإسلام المتواترة([275]).
4ـ عدم جواز تبديع وتفسيق الفِرَق المقاتلة من المسلمين([276]).
5ـ عدم جواز تكفير مرجئة الفقهاء (الأحناف)([277]).
6ـ كفر الفرقة النصيرية (الذين يؤلِّهون عليّاً×)([278]).
المقالة الثانية: المسلَّمات الأخلاقية
نعمل في ما يلي على فهرسة المشتركات الأخلاقية، وبعبارةٍ أخرى: المسلَّمات الأخلاقيّة، على أساسين:
1ـ الأحاديث المشتركة
صدر كتابٌ من ثلاثة أجزاء عن مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية، بعنوان (الأخلاق في الأحاديث المشتركة بين السنّة والشيعة). ويختصّ الجزءان الأول والثاني منه بالخصال الإيجابية والحميدة، حيث اشتمل هذان الجزءان على الروايات المتعلقة بثمانية وخمسين صفة أخلاقية. وأما الجزء الثالث فيختصّ بذكر الأحاديث المرتبطة بالصفات الأخلاقية المذمومة، وقد اشتمل على التعريف بثمانية وثمانين صفة أخلاقية مذمومة بالاستناد إلى الأحاديث. وقد تمّ تبويب جميع هذه الموارد الأخلاقية في هذا الكتاب، ضمن عناوين على أساس الحروف الأبجدية.
وأما فهرسة كلا هاتين الطائفتين من الخصائص الأخلاقية فهي كما يلي:
أـ الخصال الأخلاقية المحمودة
1ـ الابتلاء، 2ـ الإخلاص، 3ـ الإحسان والمعروف، 4ـ الإخاء، 5ـ الأدب،6ـ الاستعاذة، 7ـ الاستغفار، 8ـ الاستقامة والثبات، 9ـ الإطعام والضيافة، 10ـ اغتنام العمر والفرص، 11ـ الأمانة، 12ـ البشر والبشاشة، 13ـ البكاء، 14ـ التبيُّن (التحقُّق من صحّة الأخبار والتقارير)، 15ـ الترغيب والاجتهاد في العمل، 16ـ التسابق والمسارعة، 17ـ التسبيح، 18ـ التقوى والوَرَع، 19ـ التهجُّد وقيام الليل، 20ـ التوسُّل، 21ـ التواضع، 22ـ التوبة، 23ـ التوكُّل، 24ـ الجود والكرم، 25ـ جهاد النفس،26ـ الحلم، 27ـ الحياء، 28ـ الدعاء، 29ـ الذِّكْر، 30ـ الرجاء وحُسْن الظنّ (الجزء الأوّل)، 31ـ الرضا والتسليم، 32ـ الرَّهْبة والخوف، 33ـ الزهد، 34ـ السرور والفرح والضحك، 35ـ الشجاعة، 36ـ الشهادة، 37ـ الصبر، 38ـ الصدق، 39ـ صلة الرَّحِم، 40ـ الصمت، 41ـ الطاعة، 42ـ العبادة، 43ـ العدل والقِسْط، 44ـ العزّة، 45ـ العفّة، 46ـ العمل والسعي، 47ـ غضّ البصر، 48ـ الغيرة، 49ـ القرض، 50ـ القناعة،51ـ كَظْم الغيظ، 52ـ الكلم الطيّب، 53ـ المحبّة، 54ـ النزاهة، 55ـ النشاط،56ـ النيّة، 57ـ الوقار، والطمأنينة، والسكينة، 58ـ اليتيم (الجزء الثاني).
ب ـ الخصال الأخلاقية المذمومة
1ـ الاستهزاء، 2ـ الإسراف، 3ـ اتّباع الهوى، 4ـ الإيذاء، 5ـ إذاعة الفحشاء، 6ـ مدّ البصر، 7ـ الافتراء، 8ـ الاكتناز، 9ـ أكل الحرام، 10ـ الإمّعة، 11ـ الأمن من مَكْر الله، 12ـ انتهاك الحُرُمات، 13ـ الإهانة، 14ـ البخل، 15ـ البذاءة، 16ـ البَطَر، 17ـ البغض، 18ـ البَغْي، 19ـ البهتان، 20ـ التبذير، 21ـ التجسُّس، 22ـ التحقير، 23ـ التخاذل، 24ـ التدابر والتقاطع، 25ـ التسوُّل، 26ـ التطيُّر، 27ـ التعاون على الإثم والعدوان، 28ـ التعدّي والاعتداء، 29ـ التعيير، 30ـ التفرُّق، 31ـ التنازع، 32ـ الجدال، 33ـ حبّ الدنيا، 34ـ الحسد، 35ـ الحقد، 36ـ الخداع، 37ـ الخيانة، 38ـ الذلّ، 39ـ الذنوب، 40ـ الرياء، 41ـ السباب، 42ـ السخط، 43ـ السفاهة، 44ـ سوء الخلق، 45ـ سوء الظنّ، 46ـ الشحّ، 47ـ شرب الخمر، 48ـ الشرّ، 49ـ الشماتة، 50ـ الطغيان، 51ـ الطمع، 52ـ طول الأمل، 53ـ الظلم، 54ـ العتوّ، 55ـ العجب، 56ـ العدوان،57ـ العصيان، 58ـ عقوق الوالدين، 59ـ الغدر، 60ـ الغرور، 61ـ الغشّ، 62ـ الغضب، 63ـ الغفلة، 64ـ الغلّ والغلول، 65ـ الغدر، 66ـ الغيّ والإغواء، 67ـ الفجور، 68ـ الفحش، 69ـ الفخر والخيلاء، 70ـ الفساد، 71ـ الفسوق، 72ـ قطيعة الرحم، 73ـ الكِبْر، 74ـ الكسل، 75ـ كفران النعمة، 76ـ الكيد، 77ـ اللؤم، 78ـ اللغو، 79ـ اللهو واللعب، 80ـ التجاهر بالمعصية، 81ـ المراء، 82ـ المَكْر، 83ـ النفاق، 84ـ نقض العهد، 85ـ النميمة، 86ـ الهَجْر، 87ـ الهَمْز واللَّمْز، 88ـ اليأس والقنوط.
2ـ كتب الأخلاق
أـ جدول الأخلاق الحَسَنة (الفاضلة)، اعتماداً على المصادر الإسلاميّة([279])
ب ـ جدول الأخلاق القبيحة (الرذائل)، اعتماداً على الكتب والثقافة الإسلاميّة
المقالة الثالثة: المسلَّمات الفقهية
لقد تمّ تأليف كتبٍ في موضوع المسلَّمات الفقهية. وفي البداية سنقدِّم تقريراً إجمالياً عن هذه الكتب، لننتقل بعد ذلك إلى نقل موارد الإجماع باختصارٍ.
1ـ مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والاعتقادات، لمؤلِّفه: ابن حزم الظاهري (384 ـ 456هـ).
لقد تمّ في هذا الكتاب فهرسة الموارد المجمع عليها بين المسلمين في مجال العبادات والمعاملات والعقائد، بلفظ: «اتّفقوا» و«أجمعوا». وقد بلغ عدد هذه الموارد في هذا الكتاب 1081 مورداً.
2ـ المؤتلف من المختلف بين أئمّة السَّلَف، لمؤلِّفه: أمين الإسلام الطبرسي.
وهذا الكتاب هو تلخيصُ كتاب الخلاف، للشيخ الطوسي. وقد قال الشيخ الطبرسي في مقدّمته: حيث جعل الشيخ الطوسي الإجماع هو الدليل الرئيس في كتاب (الخلاف)، فقد أبرز ذلك في الكثير من الموارد بلفظ «إجماع الفرقة»؛ وإذا كان المورد من موارد الاختلاف أشار إلى ذلك؛ وإنْ لم يكن هناك إجماع في المسألة ذكر مستنداتٍ أخرى.
يقول الطبرسي: لقد حذفْتُ تعابير الإجماع، واكتفيْتُ بذكر سائر المستندات الأخرى، وقمْتُ أحياناً بحذف الأدلّة قليلة الجدوى.
ويُعَدّ هذا الكتاب دورةً في فقه الخلاف، تمّ فيه جمع آراء المذاهب الفقهية الإسلامية، وهو أنفع لبيان الاختلاف من الموارد المسلَّمة والإجماعية.
3ـ الإجماع عند أئمّة السلف الأربعة، لمؤلِّفه: يحيى بن محمد بن هبيرة(560هـ).
يشتمل هذا الكتاب على تقريرٍ بالأحكام المتَّفق عليها من قِبَل الأئمّة الأربعة عند أهل السنّة، أي: أحمد بن حنبل، وأبو حنيفة، ومالك بن أنس، وابن إدريس الشافعي. وهو كتابٌ نافع لبيان المسلَّمات؛ فقد تمّ في هذا الكتاب تقرير الموارد المتَّفق عليها على ترتيب الأبواب الفقهية باختصارٍ، وأشار في بعض الأحيان إلى الاختلاف بين المذاهب الفقهية أيضاً. إن أسلوب هذا الكتاب شبيهٌ بأسلوب مراتب الإجماع، لابن حزم الظاهري، مع فارق أن مؤلِّف هذا الكتاب قد جمع الكثير من العناوين الرئيسة في الكتب الفقهية ضمن العناوين العامّة. فعلى سبيل المثال: ذكر ضمن كتاب البيوع جميع عناوين المعاملات، من قبيل: الرهن والحوالة والمشاركة وما إلى ذلك. وفي ذيل كتاب المساقاة ذكر موارد من قبيل: الوقف والإرث وإحياء الموات. وقد بلغت الإحصائية الإجمالية للموارد الفقهية المسلَّمة في هذا الكتاب 926 مورداً.
4ـ موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي، لمؤلِّفه: سعدي أبو حبيب (في ثلاثة مجلَّدات).
يعود تاريخ تأليف هذا الكتاب إلى العام 1374هـ. وقد صدرت طبعته الرابعة مع بعض الإصلاحات والإضافات سنة 1419هـ / 1999م، عن دار الفكر في دمشق. وقال مؤلِّفه في مقدّمته، بعد بيان مراتب الإجماع: إن الإجماع تارةً يكون هو إجماع المسلمين؛ وتارةً إجماع الصحابة؛ وتارة إجماع أهل العلم؛ وما إلى ذلك، مقدِّماً لذلك جدولاً، مبيِّناً عدد كلّ واحدٍ من هذه الموارد على النحو التالي:
1ـ إجماع المسلمين 811 مورداً.
2ـ إجماع الصحابة 354 مورداً.
3ـ إجماع أهل العلم 2447 مورداً.
4ـ قول الصحابيّ الذي ليس له مخالفٌ من الصحابة 666 مورداً.
5ـ نفي الخلاف 2657 مورداً.
ومجموع الموارد المتقدّمة 13906 مورداً. وقد فهرس المؤلِّف في هذا الكتاب موارد الإجماع على التسلسل الأبجدي، بادئاً من «آل البيت»، وخاتماً بـ «يوم القيامة». وقد ذكر ذلك ضمن 4587 فقرة، وتمَّتْ إحالة جميع الموارد إلى الكتب الفقهية.
5ـ إجماعيّات فقه الشيعة وأحوط الأقوال من أحكام الشريعة، لمؤلِّفه: إسماعيل الحسيني المرعشي (1415هـ).
وقد اشتمل هذا الكتاب على خصوص مسائل الصلاة والطهارة فقط. وهو في حقيقته عبارةٌ عن دورة فقهٍ استدلاليّ مختصر. وهو بناءً على ما ذكره مؤلِّفه في المقدّمة إما أن يذكر الأقوال المُجْمَع عليها عند الشيعة، أو ينقل الأحكام المطابقة للاحتياط. وبطبيعة الحال فإن الأمر لم يكن كذلك من الناحية العملية، بل في موارد الاختلاف بين الشيعة وأهل السنّة ـ من قبيل: التكتُّف في الصلاة، وقول: آمين، والشهادة الثالثة، والموارد المشابهة ـ لم يلتزم بالأصل المتقدِّم.
6ـ موسوعة الإجماع في فقه الإماميّة، لمؤلِّفه: أحمد مبلِّغي (1425هـ).
لقد اشتمل هذا الكتاب على الموارد التي ادُّعي الإجماع عليها في الكتب الفقهية عند الإماميّة المشتملة على الأصول المتلقّاة، وكذلك كتب الفقه التفريعي أيضاً. ثمّ تعرَّض إلى بيان الناقلين للإجماع، وألفاظ نقل الإجماع. وهناك في الختام نقدٌ مختصر على دعوى الإجماع.
يحتوي الجزء الأوّل من هذا الكتاب على مباحث الطهارة، وبحث فيه 221 فرعاً لدعوى الإجماع. يمكن الاستفادة من هذا الكتاب في استخراج الموارد الفقهية المسلَّمة في الفروعات.
7ـ إجماعات ابن عبد البرّ في العبادات (مجلّدان)، لمؤلِّفه: عبد الله بن المبارك (1420هـ / 1999م).
لقد تضمَّن هذا الكتاب ذكر موارد نقل الإجماع في مؤلَّفات ابن عبد البرّ في العبادات من مؤلَّفاته، مع ضمّ الأقوال المخالفة أو الموافقة، وكذلك مستنداتها، إلى كلّ بحثٍ.
ويمكن لهذا الكتاب أن يكون نافعاً في تشخيص الموارد الفقهية المسلَّمة([280]).
وبعد التعريف بهذه الكتب ننتقل الآن إلى تقرير فهرسة بالمسائل الإجماعيّة في الفقه على أساس ثلاثة كتب:
1ـ جدول الأحكام المجمع عليها، طبقاً لـ (كتاب مراتب الإجماع)، لابن حزم الظاهري
2ـ قائمة الأحكام المجمع عليها، طبقاً لكتاب (الإجماع عند أئمّة السَّلَف الأربعة)
3ـ قائمة الأحكام المُجْمَع عليها، طبقاً لرؤية الشيخ آصف المحسني
لقد عمد الشيخ محمد آصف المحسني إلى فهرسة الموارد المتَّفق عليها من قِبَل الشيعة وأهل السنّة على النحو التالي:
1ـ الصلوات الواجبة فرضاً في اليوم والليلة، وهي خمس صلوات (من سبع عشرة ركعة)، وهي: ركعتان لصلاة الصبح، وأربع ركعات للظهر، وأربع ركعات للعصر، وثلاث ركعات للمغرب، وأربع ركعات للعشاء، مع الطهارة وسائر الشرائط الأخرى.
2ـ وجوب استقبال الكعبة في الصلاة ودفن الأموات والذَّبْح وما إلى ذلك.
3ـ وجوب الصلاة على المَيْت.
4ـ وجوب صيام شهر رمضان من كلّ عامٍ.
5ـ وجوب زكاة الأموال، وزكاة الفطرة.
6ـ وجوب حجّ بيت الله الحرام على المستطيع.
7ـ خُمْس الغنائم وبعض الموارد الأخرى.
8ـ وجوب الجهاد؛ للدفاع عن بيضة الإسلام ونشر تعاليمه.
9ـ وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
10ـ وجوب تجهيز الميت، من قبيل: الغسل والكفن والدفن.
11ـ وجوب ردّ السلام، واستحباب البدء به.
12ـ حرمة الإهانة والشتم والغيبة والافتراء والإضرار بالآخرين وسوء الظنّ بهم.
13ـ حرمة الظلم والغصب والقتل والرياء والرِّبا.
14ـ حرمة الزِّنا واللواط وبعض مقدّمات ذلك.
15ـ وجوب الحجاب على النساء بالنسبة إلى غير المحارم.
16ـ صحّة المعاملات، من قبيل: البيع والإجارة والمضاربة وما إلى ذلك.
17ـ لزوم عقد النكاح في تحقُّق الزوجية، وإزالتها بالطلاق، ووجوب العدّة للمطلَّقة.
18ـ وجوب تطبيق الأحكام والحدود والدِّيَات والقصاص والضمان.
19ـ تقسيم تركة الميت والميراث على طبق ما جاء في القرآن الكريم والسُّنّة الشريفة.
والعشرات من الموارد الأخرى من الواجبات والمحرَّمات والأحكام الوضعيّة، التي يستدعي استيفاؤها بأجمعها تطويل الكلام([283]).
إلى هنا عمَدْنا إلى فهرسة المسائل الإجماعيّة في المجالات الثلاثة، وهي: العقائد؛ والأخلاق؛ والفقه. ويمكن لهذه الفهارس أن تستعمل في رسم مقوِّمات التديُّن. ويمكن لنا أن نستنتج من هذه الفهارس رؤوس التعاليم الإسلامية المُجْمَع عليها والمقبولة من قِبَل مختلف الفِرَق والمذاهب، وأن الاختلافات فيما بينها تعود إلى بعض الفروع أو تفسيرها.
الهوامش
(*) باحثٌ مشهورٌ، وأستاذٌ في الحوزة والجامعة. له مساهماتٌ فكريّةٌ متعدِّدةٌ في مجال الفكر الإسلاميّ وعلوم القرآن والحديث.
([1]) الفاضل المقداد السيوري، التنقيح الرائع 1: 3.
([2]) العلاّمة الحلّي، تذكرة الفقهاء 1: 13، طبعة مؤسسة آل البيت^.
([3]) مدارك الأحكام 1: 3، طبعة مؤسسة آل البيت^.
([4]) الفيض الكاشاني، المحجّة البيضاء في تهذيب الأحياء 1: 59.
([5]) موقع آينده، بتاريخ: 21 / 5 / 1390هـ.ش.
([6]) للمزيد من الاطّلاع انظر: جماعة المدرِّسين في الحوزة العلمية في قم من البداية إلى هذه اللحظة 2: 286 ـ 287.
([7]) للمزيد من الاطّلاع في هذا الشأن انظر: حوارٌ مع الشيخ رسول جعفريان في فصليّة هفت آسمان، العدد 22: 32 ـ 33، 62، صيف عام 1383هـ.ش.
([10]) الكليني، الكافي 3: 268؛ الصدوق، مَنْ لا يحضره الفقيه 1: 208؛ الطوسي، تهذيب الأحكام 2: 239؛ ابن أبي جمهور الأحسائي، عوالي اللآلي 1: 318؛ المجلسي، بحار الأنوار 7: 267.
([11]) الكافي 3: 370، باب مَنْ حافظ على صلاته أو ضيَّعها، ح15.
([12]) تقدَّم ذكر هذه الروايات في الاتّجاه الولائي: 49 ـ 52.
([13]) ابن قولويه القمّي، كامل الزيارات: 6.
([17]) الصدوق، ثواب الأعمال وعقاب الأعمال: 84.
([18]) النجم الثاقب: 401 ـ 402؛ مفاتيح الجنان: 912 ـ 914، قصة تشرُّف السيد الرشتي.
([19]) أبو حامد الغزالي، إحياء علوم الدين 1: 28.
([21]) الخواجة عبد الله الأنصاري، مناجات نامة، رقم 278.
([22]) بوستان سعدي: 55، البيت رقم 543.
([23]) ابن أبي الحديد المعتزلي، شرح نهج البلاغة 9: 62.
([24]) كتابٌ ألَّفه السيد جمال الدين الأسدآبادي [الأفغاني] عندما كان مقيماً في بلاد الهند، تحت عنوان (حقيقة المذهب النيتشري وبيان حال النيتشريين)، جواباً عن سؤال طرحه عليه أحدُ المسلمين في مدينة (حيدر آباد دكن)، وطلب منه توضيح معنى (النتشراليزم: Naturalism). المعرِّب.
([25]) جمال الدين الأسدآبادي، حقيقت مذهب نيچريه وبيان حال نيچريان: 35 ـ 39.
([26]) المجلسي، بحار الأنوار 2: 314.
([27]) المجلسي، رسالة في الاعتقادات: 15 ـ 16.
([28]) الحسينيّة التي كان الدكتور علي شريعتي يلقي كلماته فيها.
([29]) محمد مهدي جعفري، همگام با آزادي 2: 210.
([30]) للمزيد من الاطلاع انظر: جعفر مرتضى العاملي، خلفيات مأساة الزهراء، دار السيرة، بيروت، 1998م؛ جعفر مرتضى العاملي، كربلاء فوق الشبهات، المركز الإسلامي للدراسات، بيروت، 1420هـ ـ 2000م.
([31]) انظر: الشيخ المفيد، أوائل المقالات: 335؛ منتجب الدين، الأربعون حديثاً: 44 ـ 45؛ ابن أبي جمهور، عوالي اللآلي 4: 86؛ المجلسي، بحار الأنوار 39: 248، 256؛ الماحوزي، كتاب الأربعين: 105؛ الأربلي، كشف الغمّة 1: 92، 103؛ ابن جبير، نهج الإيمان: 449: 449؛ العلاّمة الحلي، كشف اليقين: 225؛ القندوزي الحنفي، ينابيع المودّة 1: 270، 375؛ 2: 250.
([32]) ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب 3: 32؛ شاذان بن جبرئيل، الروضة في فضائل أمير المؤمنين: 96.
([33]) انظر هذا الحديث في تفسير الميرزا القمّي لهذا الحديث في كتاب جامع الشتات: 818 ـ 823.
([36]) المصدر السابق 2: 18 ـ 19.
([38]) ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب 2: 296.
([39]) الحرّ العاملي، وسائل الشيعة 16: 349؛ المجلسي، بحار الأنوار 23: 76 ـ 95.
([40]) الكليني، الكافي 2: 375.
وللمزيد من الاطلاع انظر: الشيخ الأنصاري، المكاسب المحرّمة 1: 422 ـ 425، 471 ـ 472.
([42]) انظر: المجلسي، بحار الأنوار 95: 351 ـ 356.
([43]) الكليني، الكافي 2: 125، ح5.
([44]) المصدر السابق 8: 79 ـ 80، ح35.
([45]) المصدر السابق 2: 388؛ المجلسي، بحار الأنوار 23: 77.
([46]) محمد حسن النجفي، جواهر الكلام 12: 48.
([47]) وقيل: إنه كان حيّاً سنة 1083هـ، المعرِّب.
([48]) حديثٌ نبوي. وللوقوف على إسناده انظر: روح الأرواح: 682.
([49]) في الأصل (مفروزة). وقد فسَّرها صاحب النصّ بالبارزة والشاخصة، ولكنْ لا يبعد أن يكون خطأً طباعيّاً أو إملائيّاً من الناسخ. المعرِّب.
([50]) مجموع الرسائل الفارسية: 155 ـ 156.
([51]) الحرّ العاملي، وسائل الشيعة 27: 34، ح33145.
([52]) مجموعه رسائل فارسي: 158. (مصدر فارسي).
([53]) تفسير كشف الأسرار 2: 71، ح164.
([54]) وسائل الشيعة 11: 188، عن محمد بن الحسين الرّضي في نهج البلاغة، عن أمير المؤمنين أنه قال: (الصبر صبران: صبر على ما تحبّ؛ وصبر على ما تكره). ثمّ قال: (إن وليَّ محمدٍ مَنْ أطاع الله وإنْ بعُدَتْ لُحْمَتُه، وإن عدوَّ محمدٍ مَنْ عصى الله وإنْ قربَتْ قرابتُه).
([55]) حديث نبويّ. راجِعْ: سنن ابن ماجة 1: 82.
([56]) مجموعه رسائل فارسي: 159 ـ 161. (مصدر فارسي).
([57]) انظر: شهاب الأخبار: 247؛ مشكاة الأنوار: 317، عن عبد الله بن سنان قال: (كنّا جماعةً عند أبي عبد الله×، فذكروا السلطان؛ فسبّهم مَنْ كان في المجلس ودعا عليهم، فقال أبو عبد الله: لا تسبّوا السلطان؛ فإن السلطان ظلّ الله في الأرض، ولكنْ ادعوا الله يصلحهم؛ فإنّ صلاحهم لكم صلاح).
([58]) العلاّمة المجلسي، رجعت: 5 ـ 6. (مصدر فارسي).
([60]) كاوان: اسم قبيلة بني عبد قيس. وجزيرة كاوان اسم لإحدى الجزر الواقعة في الخليج الفارسي (انظر: علي أكبر دهخدا، لغتنامه (معجم لغوي فارسي موسوعي) 1: 309). وهناك حالياً مَنْ يرى أنها جزيرة قشم. (انظر: تاريخ جنوب، الموقع الخاص لعليّ رضا زعيمي).
([61]) العلامة المجلسي، رجعت: 11 ـ 12. (مصدر فارسي).
([62]) صحيفة رسالت، بتاريخ: 19 / تير / 1368هـ.ش.
([63]) موقع آفتاب، بتاريخ: 12 / شهريور / 1389هـ.ش.
([65]) موقع مهدي خزعلي، بتاريخ: 31 / 4 / 1389هـ.ش.
([66]) صحيفه إمام (صحيفة الإمام) 19: 153، 486؛ موقع رجانيوز، نقلاً عن الشيخ الوحيد الخراساني، بتاريخ: 29 / فروردين / 1391هـ.ش؛ مقالة السيد محمد سروش محلاّتي، بعنوان: (روايتي مخدوش أز مباني فقهي إمام خميني)، موقع محمد سروش محلاتي.
([67]) المجلسي، بحار الأنوار 101: 261.
([68]) العلاّمة الشعراني، نثر طوبى 1: 272.
([69]) المهندس مهدي بازرگان، مجموعة آثار (الأعمال الكاملة) 17: 293. (مصدر فارسي).
([71]) والأصحّ أن السلطة هي التي سعَتْ إليهما، لا أنهما سَعَيا إليها. المعرِّب.
([72]) انظر: المصدر السابق 17: 283 ـ 291.
([73]) انظر: المصدر السابق 17: 293.
([75]) انظر: المصدر السابق 17: 313
([77]) انظر: المصدر السابق 17: 319.
([78]) المصدر السابق 17: 297 ـ 299.
([80]) محمد رضا حكيمي، جامعه سازي قرآني (بنية المجتمع القرآني): 38 ـ 39. (مصدر فارسي).
([81]) المصدر السابق: 43 ـ 44.
([82]) المجلسي، بحار الأنوار 33: 608؛ 74: 258.
([83]) محمد رضا حكيمي، جامعه سازي قرآني: 45 ـ 46. (مصدر فارسي).
([84]) محمد رضا حكيمي، أحكام دين وأهداف دين: 51. (مصدر فارسي).
([85]) محمد رضا حكيمي، جامعه سازي قرآني: 169 ـ 170. (مصدر فارسي).
([87]) الكليني، الكافي 2: 164، ح6.
([88]) إن هذا الرأي قد تمّ طرحه في عقد الثمانينات في إيران من قِبَل الأستاذ مصطفى ملكيان، وكان له حواراتٌ ومؤتمرات في توضيح هذه الرؤية. وللمزيد من الاطلاع في هذا الشأن انظر:
ـ پروژه عقلانيت ومعنويت، في حوارٍ مع مصطفى ملكيان في موقع شفقنا، بتاريخ: 16 / خرداد / 1391هـ.ش).
ـ مهرنامه، العدد 3، بتاريخ: خرداد / 1389هـ.ش.
ولقد استفدنا هذا التقرير من مقالٍ تفصيلي لصديقنا الفاضل والمحقِّق المحترم الدكتور السيّد حسن إسلامي.
([89]) إعداد وتنظيم أسئلة لاختبار التوجُّه الديني استناداً إلى الإسلام: 161 ـ 165.
([90]) انظر: مباني نظري مقياس هاي ديني (المباني النظرية للمعايير الدينية): 38 ـ 45. (مصدر فارسي).
([91]) المصدر السابق: 387 ـ 388.
([93]) إن هذا الكلام لا يتَّفق مع ما عليه عقيدة الشيعة.
([94]) ابن حزم الظاهري، مراتب الإجماع: 267 ـ 273.
([95]) يذهب الإمامية إلى الاعتقاد بأن أولي العزم من الأنبياء خمسة، وهم: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد|. وهؤلاء الأنبياء أفضل من الأنبياء الآخرين. وأما بين أهل السنّة فهناك خلافٌ في هذا الشأن.
([96]) محمد آصف المحسني، تقريب مذاهب أز نظر تا عمل: 38 ـ 41. (مصدر فارسي).
([97]) صدر هذا الكتاب عن دار الميعان للنشر والتوزيع في الرياض سنة 1432هـ ـ 2011م، في 821 صفحة باللغة العربية.
([98]) إن المراد من النبوّات المباحث المرتبطة بالنبوّة والأنبياء، والمراد من القَدَر المباحث المرتبطة بالأفعال الإلهيّة والقضاء والقَدَر.
([99]) ياسر بن عبد الرحمن اليحيى، دعاوى الإجماع عند المتكلِّمين في أصول الدين: 423.
([115]) المصدر السابق: 533، 536.
([147]) صدر هذا الكتاب عن دار الهَدْي النبويّ في مصر ودار الفضيلة في السعودية، سنة 1428هـ ـ 2007م، في 993 صفحة باللغة العربية.
([148]) خالد بن مسعود الجعيد وعليّ بن جابر العلياني وناصر بن حمدان الجهي، المسائل العَقْدية التي حكى فيها [شيخ الإسلام] ابن تيميّة الإجماع جَمْعاً ودراسة: 94.
([149]) المصدر السابق: 114، 116.
([150]) المصدر السابق: 117، 120.
وهذا الأمر لا ينسجم مع عقائد الشيعة؛ لأن الأنبياء أحياءٌ ومقرّبون من الله حتّى بعد وفاتهم أيضاً. وكما يمكنهم أن يكونوا موضعاً للتوسُّل في حياتهم ـ كما يرى ابن تيمية ـ كذلك هو شأنهم بعد الوفاة أيضاً.
([164]) بمعنى القول بأن لله كيفيّةٌ.
([168]) المصدر السابق: 341، 344.
([170]) المصدر السابق: 352، 356، 358.
([187]) المصدر السابق: 520، 521.
([267]) المصدر السابق: 886، 887.
([273]) المصدر السابق: 918، 919.
([279]) انظر: مباني نظري مقياس هاي ديني: 53 ـ 56. (مصدر فارسي).
([280]) يتمّ التذكير في كتاب المسائل العَقْدية التي حكى فيها ابن تيميّة الإجماع: 7 بكتابٍ بعنوان: (موسوعة الإجماع لشيخ الإسلام ابن تيمية)، لمؤلِّفه: د. عبد الله بن مبارك البوصي، ولم يَرِدْ له ذكرٌ في فهرسة مصادر ذلك الكتاب، ولم يقِفْ له كاتب هذه السطور على أثرٍ.
([281]) حيث إن الموارد المتقدّمة تفتقر إلى الترقيم في هذا الكتاب فقد عمدنا إلى استخراج العدد من تعابير: (اتفقوا) أو (أجمعوا) الواردة في بداية الفقرات. وبطبيعة الحال قد يُؤتى في بعض الأحيان على ذكر أكثر من حكمٍ ضمن فقرةٍ من الفقرات، وهي تُعَدّ هنا حكماً واحداً.
([282]) المقصود من المورد المسائل التي تمّ ادّعاء الاتفاق والإجماع عليها ضمن هذه العناوين.
([283]) انظر: تقريب مذاهب أز نظر تا عمل (التقريب بين المذاهب من التنظير إلى التطبيق): 41 ـ 42. (مصدر فارسي).