أحدث المقالات

إنَّ نصرة النبي(صلى‏ الله ‏عليه ‏و ‏آله) ونصرة دينه والدِّفاع عنه من الواجبات التي لا يتردَّد فيها أحد، وهي غير محدَّدةٍ بزمان حياته(صلى‏ الله ‏عليه ‏و ‏آله)؛ لأنَّ قوله تعالى {جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ } (آل عمران، 81) خطاب للجميع. وإنَّ من أوضح مصاديق نصرة النبيّ(صلى‏ الله ‏عليه ‏و ‏آله) والدِّفاع عنه الوقوف بوجه الحرب الجديدة المعلنة على نبيِّ الإسلام(صلى‏ الله ‏عليه ‏و ‏آله) التي يقودها جزء من المعسكر الغربيّ فيما يبدو موقف الجزء الآخر مريباً في سكوته وصمته إزاء نشر الرسوم المسيئة لشخصيّة النبيِّ(صلى‏ الله ‏عليه ‏و ‏آله ‏و سلم) منذ عام 2005م حيث أُعيد نشر هذه الرسوم ثانيةً في نطاق أوسع في 17 صحيفة دانماركيَّة، وكان المخطَّط أن تُنشَر في أكثر من دولة غربيَّة كي لا يتركَّز الضغط وردَّة الفعل من العالم الإسلاميّ على الدانمارك فقط، كما قامت بعض الصحف الإسرائيليّة بنشر تلك الرسوم في تطوّرٍ لافتٍ يَرمز إلى تورّط اللوبيّ الصهيونيّ في الدانمارك بهذا المخطط، ثمَّ جاء بعد ذلك إنتاج الفيلم السينمائيّ المسيء للقرآن الكريم من قبل أحد أعضاء مجلس البرلمان الهولنديّ، ولا ندري إلى أين تسير الأمور وأين تقف.

موقف العالم الإسلاميّ

إنَّ الملاحِظَ لردود الفعل الصادرة عن العالم الإسلاميّ على المستوى الشعبيِّ أو الرسميِّ يلمس بوضوح عدم كفاية ردَّة الفعل هذه، والدليل على ذلك هو أن ردَّة الفعل يجب أن تكون رادعة عن تكرّر الفعل، فإذا تكرَّر الفعل فهذا معناه عدم وجود ضماناتٍ رادعةٍ تحول دون وقوعه. ونحن نلاحظ منذ بدء الهجمة الإعلاميَّة ضدّ النبي(صلى‏ الله ‏عليه ‏و ‏آله ‏و سلم) تحرُّكاً وهياجاً شعبياً، لكن سرعان ما هدأت فورته لتعود الكرّة ثانية ولكن بامتياز حيث عادت من أعلى سلطة روحيَّة في الغرب وهي قداسة البابا في حاضرته وتواصلت الحملة بإنتاج بعض الأفلام المسيئة أيضاً حتَّى أُعيدت الرسوم في 17 صحيفة دانماركية وصدرت تصريحات لبعض الساسة الغربيين يُفهم منها دفاعهم عن ذلك، وربما دعوتهم إلى نشر مثل تلك الرسوم. كلُّ ذلك إن دلَّ على شيء فإنَّما يدل على عدم كفاية الردِّ من قِبَل العالم الإسلاميّ بدليل تكرُّر فصول هذه الحملة أو قل هذه الحرب.

إنَّ ما حصل لا يمثِّل الموقف اللازم والمطلوب، وإنَّما هو عبارة عن ردود فعل آنيَّة ومقطعيَّة تعبِّر عن فورة غضب ربما تكون إلى العاطفة أقرب، فلذا كان من اللازم بعد ذلك التخطيط بهدوء لمواجهة هذه الهجمة وخلق ضمانات حقيقيَّة رادعة.

وهذه الضمانات هي عبارة عن أمرين رئيسَيْن:

الأمر الأوّل: الموقف الرسميُّ

ونعني به القرار الرسميّ بشقّيه ـ العربيّ والإسلاميّ ـ ممثَّلاً بجامعة الدول العربيَّة ومنظمة المؤتمر الإسلاميّ وجميع تمثّلاته الأخرى في اتِّحاد البرلمانات العربيّة والإسلاميّة. وهذا الموقف يمكنه العمل على ثلاثة محاور:

المحور الأوَّل: المحور السياسيّ، وذلك من خلال القرار السياسيّ المُدين

لهذه التصرّفات العدائيّة، والضاغط على مراكز القرار في الدول الغربيّة المعنيّة بذلك، وذلك من خلال قطع العلاقات السياسيّة أو استدعاء سفرائها وخفض مستوى التمثيل فيها وطرد السفراء الأجانب التابعين لتلك الدول.

المحور الثاني: المحور الاقتصاديّ، وذلك بتفعيل وتعميم قرار المقاطعة التجاريَّة والاقتصاديّة للدول المعادية.

المحور الثالث: المحور القانونيّ، وهذا المفتاح الأساس لحلِّ المشكلة، وهو الأهمّ من سابقيه؛ لأنَّه الأكثر تأثيراً في العالم الغربيّ، ذلك أنَّ طبيعة المشكلة أو الأزمة بين العالم الغربيِّ والعالم الإسلاميِّ طبيعة قانونيَّة، فلا بدَّ أن يكون المدخل لحلّ المشكلة قانونياً قبل كلِّ شيء. فالغرب يرى أنَّ القانون يكفل حريَّة الرأي والصحافة بحيث يكون العمل ضدَّ ذلك مخالفةً قانونيّةً لا يسوغ لأيِّ مسؤولٍ سياسيّ غربيّ ممارسته، وهذا ما عبَّر عنه رئيس الوزراء الدانماركيّ، فهو في الوقت الذي عبّر عن تفهّمه لمشاعر المسلمين، لم يسعه قانونياً إدانة الرسوم أو منعها، وذلك لأنَّ القانون يكفل حريَّة الرأي في ذلك بالنسبة إلى مطلق المقدَّسات حتَّى المسيحيَّة منها ولذلك صدرت رسوم مسيئة للسيّد المسيح (عليه ‏السلام) أيضاً!

هذا من الجانب الغربيّ، وأمَّا المدخل عند المسملين فهو مختلف، فهم فهموا القضيَّة على أنَّها انتهاك للمقدَّسات ومَساسٌ بها؛ لأنّ الحريَّة وإن كانت محترمةً في الإسلام، ولكنَّها ليست المقدَّس المطلق كما هي عند الغرب بحيث يكون حجرها انتهاكاً للمقدَّسات، فالأمر معكوس لدى الطرفين. وعلى كلِّ حال فهناك مدخلان أو لغتان في التعامل مع المشكلة ولكلِّ منطقٍٍ قاعدته القانونيَّة الملزِمة له، فلا بدَّ حينئذٍ من البحث عن مفتاح المشكلة، ولا شكَّ أنَّه قانونيّ.

وقد ورد في المادَّة الخامسة من الدستور الفرنسيّ لعام 1989م أنّ (كلَّ ما لا يَحترمه القانون لا يمكن منعه ولا يُمكن إكراه أحدٍ على ما لا يأمر به). وعليه فالحريَّة تستدعي فعلَ كلِّ ما ليس ممنوعاً قانوناً. وهنا نقول إنَّ العالم الإسلاميَّ إذا استطاع من خلال مؤسَّساته القانونيَّة تحديد المواد القانونيَّة والدستوريَّة في القانون العالميِّ أو الأوروبيِّ الذي يُلزم باحترام الأديان والمقدّسات فهو الأمثل، وإلاّ عمل حثيثاً على إقناع تلك الدول بسنِّ مثل هذه القوانين.

«وقد حدَّدت المادَّتان (9 و55) من ميثاق الأمم المتحدة المفهوم العام للحقِّ في حريَّة التعبير كجزءٍ من الحقوق الأساسيّة للإنسان، كما أنَّها ربطت هذا الحقّ بضمان تحقيق الأهداف الخاصّة بالحفاظ على السلام الدوليِّ (المادَّة 9 الفقرة 9) وتنمية علاقات الصداقة بين الشعوب (المادة 1 الفقرة 2[2]. ولا شكَّ أنَّ الإساءة إلى المقدّسات هي مخالفة قانونيَّة لهذا الميثاق حيث يزرع الكراهية بين الشعوب كما أنَّه يضرّ بمصالح تلك الدول والشعوب التي انطلق منها الاعتداء وربما لو تطوّرت هدَّدت سلمها، وهذه قضيَّة قانونيَّة يجب أن تتابعها نفس المجتمعات الغربيَّة، حيث ورد في المادَّة الخامسة من الدستور الفرنسي حول الحريَّات (يجب أن لا يمنع القانون إلاّ الأعمال المضرَّة بالمجتمع). ولا أدري كيف استساغت الدول الغربيَّة ما لحقها من أضرار ولم تتراجع أو تصحِّح الموقف في قضيَّة الرسوم المسيئة.

إنَّ حريَّة الصحافة، وإن كانت مكفولة قانونياً باعتبارها من مبادئ الديمقراطيَّة السلميَّة فتُحظر الرقابة على الصحف وإنذارها أو وقفها، ولكن ثمَّة استثناءات، فقد تُفرض الرقابة على الصحف في حالة الحرب وإعلان الطوارئ بما يحقِّق السلامة العامَّة أو أغراض الأمن القوميّ[3].

والمسألة هي أنَّ ثمّة قيوداً قد تُمارس على حريَّة الصحافة أو الإعلام وليس الأمر على إطلاقه حتَّى في الدول الغربيَّة أو الميثاق العالميِّ للأمم المتَّحدة. فليس عزيزاً أن تسجَّل مادّة جديدة أو تفعَّل مادّة من موادّه تكفل قداسة الأديان والرموز الدينيَّة وعدم التعرُّض لها. فقد ورد في الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان بعد أن نصّ على الحريَّات العامَّة وحرية التعبير عن الرأي وذلك في المادة (39): «أنَّه لا يصح بحالٍ من الأحوال أن تُمارِسَ هذه الحقوق والحريَّات ممارسةً تتناقض مع أغراض ومبادئ الأمم المتحدة»[4].

ولماذا نستبعد إمكانيَّة هذا العمل لتبرير التكاسل والتباطؤ عندنا وقد سبقت جماعات لم تكن لديها لا منظَّمة المؤتمر الإسلامي ولا جامعة الدول العربيَّة ولا أكثر من أربعين دولة، ولكنَّها كانت تمتلك العزيمة لاستصدار قوانين لصالح مزاعم لا واقع لها. فبعد أقل من أربعين عاماً من (المحرقة المزعومة) ما بين سنة 1939 و1944م بعد الحرب العالمية الثانية والتي يُقال إنَّه راح ضحيّتها ستة ملايين يهودي جُمعوا من أطراف العالم إلى أوروبا لتنفيذ المحرقة فيهم قام بعض أعضاء الوكالة[5] (4)الصهيونيّة العالميّة ـ التي كانت تتَّخذ من فرنسا مقرَّاً لها ـ في العقد الثامن من القرن التاسع عشر بإشراف الحاخام الفرنسيِّ المعروف (رنه ساموئيل سبرات) بتقديم مسوَّدة قانون ينصّ على عدم السماح بأيِّ لونٍ من ألوان التشكيك في (أصل المحرقة) أو حتَّى في (العدد المُعلَن) أو في (غرف الغاز). وقد تمّ تصويب هذه المسوَّدة كقانون من موادّ القانون الفرنسيّ سنة 1990م، وحَكَمَ هذا القانون على كلِّ من يشكّك في هذه الموضوعات الثلاث بالسجن مدّةً تتراوح بين (شهر إلى سنة) مع (غرامة ماليَّة) تتراوح بين (3000 فرنك إلى 300 ألف فرنك فرنسي). ثم تمّ تعميم هذا القانون بضغطٍ من الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة وبريطانيا وفرنسا والوكالة الصهيونيَّة على سائر الدول الأوروبيَّة.

فانظر إلى هؤلاء الصهاينة كيف يُنشئون دولةً من غير وجه حقٍّ ويستصدرون قوانين زائفة بلا وجه حقّ… وانظر إلى المسلمين ودوَلِهم كيف يتنازلون عن أراضيهم وكرامتهم بكلِّ سهولةٍ؟

وبعامة، فإنَّ منظمة المؤتمر الإسلاميّ وجامعة الدول العربيّة واتِّحاد البرلمانات العربيّة والإسلاميّة والمؤسَّسات القانونيّة في العالم العربيّ والإسلاميّ مدعوّة جميعاً لمتابعة هذا الموضوع قانونياً في الأمم المتحدة والمطالبة بتنفيذ فقرات وموادّ ميثاقه، وكذلك لدى الاتِّحاد الأوروبيّ والكنيسة وكافَّة القنوات الرسميَّة الأخرى لاستصدار قانون عالميٍّ يحظر المساس بالمقدّسات الدينيَّة كافَّة.

الأمر الثاني: موقف المؤسَّسة الدينيَّة لدى الفريقين

اعتمد العمل الدعويِّ والتبليغيِّ في الدول الأوروبية والغربيَّة في العقود المنصرمة من القرن الماضي المبادرات الفرديَّة والجهود الشخصيَّة وهي جهود محمودة ولكنَّها غير كافيةٍ مع ملاحظة الأوضاع الجديدة في مطلع الألفيَّة الثالثة؛ إذ لم تستطع تلك الجهود إلى الآن أن تهيّئ المجتمع الغربيَّ إلى تفهّم الإسلام أو أن تُعطي صورةً مشرقةً عن شخصيَّة نبيِّه الأعظم. وهذا يَستدعي إعادة النظر في الموقف إزاء هذه القضيَّة ووضع استراتيجيَّة عمل تبليغي ودَعويّ تُستنفر فيه جميع الأدوات والآليَّات والأساليب وتوظَّف جميع الجهود والقابليَّات في هذا السبيل.

ومثل هذه المسؤوليَّة الكبرى لا شكّ أنَّها من مهامّ المؤسسة الدينيَّة لدى كلا المدرستين لا سيما إذا رافق ذلك تنسيق للجهود ورسم لخطّة عمل مشتركة ليكون ذلك معلَماً من معالم الوحدة الإسلاميّة وخطوة في طريق التقريب.

وتأخذ هذه الخطة على عاتقها تعريف الغرب بالإسلام وبأهمِّ مرتكزاته وإزاحة الشبهات العالقة به وبتأريخه ونبيّه وكتابه، وذلك من خلال الخطوات التالية:

أوَّلاً: تفعيل دور الإعلام الدينيّ الناطق باللغات الأجنبيَّة في جميع مرافقه وآليَّاته كالصحافة والمجلات والفضائيَّات والإذاعات وغيرها. وممَّا يُؤسَف له ضعف العالم الإسلاميِّ في هذا الجانب بشكلٍ ملحوظ بل ومخجل جداً.

إنَّ لسائل أن يتساءل عن دور الإعلام العربيّ والإسلاميّ في مجال الدعوة. فكم من فضائيَّةٍ دينيَّة لدينا في قِبال فضائيِّات اللهو والطرب والباطل لدول البترول؟ علماً أنَّ الفضائيَّة اليوم هي أنجح وسيلة للتأثير على أكبر قطاع ممكن من المخاطبين. إنَّ العرب اليوم يُطلقون في الفضاء أكثر من (500) فضائيَّة عالمية بالمجَّان ويمتلك القطاع الخاص منها نسبة (70) بالمائة. فهل عجزت مؤسَّساتنا الدينية أن تطلق شيئاً من ذلك لتخاطب به المجتمع الغربيّ، لا سيما وأنَّ هناك آذاناً صاغيةً لمثل هذا الخطاب الدينيّ، حيث ورد في بعض الإحصائيات أنَّ (80) بالمائة من الأمريكيين يُتابعون الفضائيَّات ذات الطابع الديني في بلادهم؟ فهلاّ فكَّرنا باستثمار ذلك؟!

ثانياً: تفعيل دور الندوات والمؤتمرات المشتركة بين الأديان وحوار الأديان والعمل على استصدار قرار مشترك يحظر المسّ بالأديان والرموز والمقدّسات، وتقديم ذلك إلى المجالس والمراكز الرسميَّة هناك لتشريعه بصيغة قانونيَّة على غرار استصدار بعض اليهود في فرنسا بعد الحرب العالميَّة الثانية قراراً ينصّ على منع التعرُّض للمحرقة اليهوديَّة والتشكيك فيها.

لقد كان من الممكن لمراكز القرار الدينيّ والعمليّ في الأزهر والحوزات العلميّة في عالمنا الإسلاميّ أن تستثمر ظروف هذه الأزمة فتبعث بوفودها لتجوب العالم الغربيّ بكنائسه وجامعاته وبابواته ومجالسه التشريعيّة وغيرها للتعريف بالإسلام ونبيِّه العظيم. ولكن ما حصل هو العكس حيث أُقيمت الندوات والمؤتمرات والتجمّعات ولكن داخل البيت الإسلاميّ للإشادة بمناقب النبيّ(صلى‏ الله ‏عليه ‏و ‏آله) وفضائله ومنزلته! فكان ذلك أشبه بمن يدور في حلقةٍ مفرَغةٍ أو من يتكلَّم لوحده فيرجع صداه ثانية إليه.

وكأنَّ المطلوب كان هو عبارة عن أن يستفيق المسلمون من صدمتهم فيتنادوا فيما بينهم ليذكِّر أحدهم الآخر بما للنبيّ(صلى‏ الله ‏عليه ‏و ‏آله) من فضلٍ ومقام ومنزلة لا أن يُمسِكوا بدعوته لينشروها أو يذودوا عنها.

ثالثاً: دعم ومساندة المساجد والمراكز الإسلاميَّة في الغرب ورفع عددها وتوسيعها لتشمل أكبر مساحةٍ ممكنةٍ في جسم المجتمع الغربيّ.

رابعاً: الإفادة من البعثات الطلابيَّة والكوادر الموجودة داخل المجتمع الغربيّ (من خُبرات وطاقات[6]) وتوجيهها التوجيه اللازم ليكون العمل التبليغي جزءً من مهمَّتهم حتَّى لو وضعت إزاء ذلك رواتب ومكافآت. فلماذا نجد مؤسسة الكنيسة تمارس التبشير من خلال النقابات المهنيَّة والخدَميَّة ومؤسَّسات المجتمع المدنيّ ومن خلال هذا الطبيب وذاك الأستاذ الجامعيّ في حين نجمد نحن على الطريقة التقليديّة في الدعوة والتبليغ؟

إنَّ المسلمين لم يأتوا بكلِّ هذا بل ولم يأتوا بما هو أقلّ من ذلك، كأن يعقدوا مؤتمراً يناقش تداعيات هذه الهجمة وطرق التصدِّي لها والعمل على تفادي تكرارها. وهذا أضعف الإيمان، بل حصل العكس حيث بادرت بعض دول الخليج بعد الأزمة إلى إبرام عقود اقتصاديَّة مع الحكومة الدانماركيَّة، فيما أَعرَضَ رؤساء الدول العربيّة والإسلاميَّة صفحاً عن إثارة هذا الموضوع في أوَّل اجتماع للأمم المتَّحدة بعد الأزمة، لا سيما وأنَّ محاضرة البابا تزامنت مع انعقاد هذا الاجتماع ومع ذلك لم يتحرّك للمسلمين ساكن في المحافل الدوليَّة!

إنَّ ما ذكرناه وغيره، ليس ممّا يحسن بالمسلمين فعله أو هو من نافلة القول بل هو من الفروض والمسؤوليَّات التي تقع على عاتق الحكومات والمؤسَّسات الدينيَّة والعلميَّة والنُّخب والواجهات الرسميَّة وغير الرسميَّة وفاءً ونصرةً للرسول الأعظم(صلى‏ الله ‏عليه ‏و ‏آله).

 

________________________________________________________________

باحث إسلامي من الحوزة العلمية، من العراق.

 
[2]مبيّض، عامر رشيد، موسوعة الثقافة السياسيّة الاجتماعيّة، ص 594.

[3]أنظر: النظم السياسية والحريَّات العامة، أبو اليزيد، علي المتيت، ص 196.

[4]عطية الله، أحمد، القاموس السياسيّ ، ص 458.
[5]أمثال: بي يرويدال ناكد وفرانسوا براريدا وسرزولز وغيرهم.

[6]أوردت لجنَّة منظَّمة الأمم المتحدة لغرب آسيا في العام 1985 إحصاء جاء فيه أنّ (34) ألف طبيب عربيّ أيَّ ما يُعادل 50 بالمائة من أطباء العالم العربيّ نصفهم من مصر وسوريّة و(17) ألف مهندس أيّ ما يعادل (23%) من المهندسين في العالم العربيّ و75 ألف اختصاصيّ في العلوم الطبيعية أي ما يعادل (15%) من مجموعهم العام قد تركوا البلاد العربيّة للعمل في الدول الأوروبيّة، وفي الولايات المتحدة الأمريكيّة. وأنَّ (60%) من المهندسين العرب في الولايات المتَّحدة قد أتوا من أكبر الدول العربيّة أيّ من الدول الأكثر عدداً مثل مصر. (موسوعة الثقافة السياسيّة والاجتماعية: 1373)، هذا في الدول العربيَّة فضلاً عن الإسلاميّة، ولا شك أنّ هذه الطاقات ثروات بشريَّة مهمَلة في حسابات المشاريع التبليغيَّة والدعويَّة.


Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً