السيد منذر الحكيم(*)
أ. عذرا شالباف(**)
1ـ القرآن الكريم كتاب المجتمع الإنساني ـــــــ
الإسلام دين الإنسانية، ونظامها الشامل لهذه الحياة، شمولاً يربط كلّ جوانب الحياة بعضها ببعض ربطاً عضوياً منطقياً ينطلق من واقع الحياة الإنسانية، ومكوّناتها الأساسية، وحاجاتها الحقيقيّة، بشتى مستوياتها، وبما يتناسب مع تطلعات الإنسان في هذه الحياة وسواها من مراحل الحياة الأخرى.
ونظراً إلى الكينونة الاجتماعية التي ينطوي عليها الإنسان منذ أن فطره الله وبرأه، ونظراً إلى أنه يولد اجتماعياً، كان الإسلام دين المجتمع كما هو دين الفرد، وكان القرآن كتاب المجتمع الإنساني كما هو كتاب كلّ فرد من أفراد هذا المجتمع بلا استثناء.
والمصطلحات الاجتماعية التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، وهكذا الظواهر الاجتماعية، والرؤية الاجتماعية لكلّ مرافق الحياة، والمذهب الاجتماعي، وتاريخ المجتمعات، ومستقبل المجتمع الإنساني، كلها مظاهر مؤكِّدة للنهج الاجتماعي والاتّجاه الاجتماعي الذي سلكه القرآن الكريم في سوره وآياته، رغم تعرّضه لخصائص الفرد وذاتياته التي يتميز بها كلّ واحد منّا.
ومن هنا كان القرآن الكريم أول مصدر إسلامي يتصدى لبناء مجتمع إنساني على أسس علمية، وقيم رسالية، ونظرية واقعية أرسيت قواعدها ومعالمها في آيات الكتاب الإلهي الخالد، وإنْ كانت هذه النظرية بحاجة إلى استخراج واستخلاص، كما هو دأب القرآن الكريم في عرضه لرؤيته ومنهجه في كلّ مرافق الحياة وشؤونها.
2ـ المنهج القرآني في عرض مفاهيم الإسلام ونظرياته ــــــ
لقد جاء القرآن الكريم لهداية الناس جميعاً، وتربيتهم، وتثقيفهم، وتعاملهم في ظلّ بناء مجتمع إنساني متميز بالحيوية والإبداع والسمو المستمر في طريق الكمال الإنساني المنشود.
ولم تنزل آياته دفعة واحدة، بل نزلت متدرجة، وانتظمت في سور بلغت المائة والأربع عشرة. وقد تضمنت السور والآيات مبادئ القرآن، وأصوله، ومفاهيمه، ونظرياته، ونظامه.
وفي الوقت الذي تكون آياته بينات، ومبينات، وتبياناً لكلّ شيء، وفرقاناً للحقّ من الباطل، تجدها تتضمَّن المحكم والمتشابه أيضاً.
وهي مفرّقة بشكل خاص يتناسب مع منهجه في هداية الإنسان إلى بناء المجتمع الإنساني الإسلامي المنشود، الذي حثّ القرآن على إيجاده، وعنونه بالأمة الوسط، وبمجتمع المتقين العابدين، ووعد الأمم كلّها بتحقُّقه في نهاية المطاف.
ومن هنا كانت الحاجة ماسّة لفهم المنهج القرآني في عرض مبادئ الإسلام، ومفاهيمه، وقيمه، ونظرياته.
كما تكون الحاجة ماسّة إلى معرفة المنهج الصحيح للوصول إلى نظريات القرآن، ونظمه التي تميز بها، وشكل بذلك منعطفاً مهمّاً في رسالات السماء، وفي ما جعله القرآن في عهدة الرسول الخاتم وآله الأصفياء الأمناء على وحيه ورسالته.
3ـ أهل بيت الرسالة وبناء المجتمع الإنساني النموذجي ــــــ
إن الرسول الأعظم هو زعيم أهل بيت الرسالة وسيدهم وكبيرهم، الذي تلقّى القرآن الكريم من لدن حكيم عزيز حميد، ووعاه وعياً تامّاً، ونقله إلى حيز التنفيذ، فبنى على نظريته وأسسه معالم المجتمع الإنساني النموذجي، وأخذ يتدرج في إعداد تفاصيله، ويبثّ فيه روح الوحي الرسالي، ويؤصّل فيه القيم الرسالية، التي تجعله مجتمعاً متميِّزاً فريداً من نوعه، متّجهاً نحو الكمال المطلوب له.
قال الله سبحانه وتعالى، مبيِّناً هذا الاتّجاه نحو الكمال المطلوب: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾ (البقرة: 143).
وقد أوكل الرسول الأعظم ـ بأمر من الله تعالى ـ مهمة إكمال بنائه إلى سائر القادة الهداة من أهل البيت، الذين استأمنهم على رسالته وأمته ودولته([1])، فقاموا بتبيين هذه النظرية القرآنية وتفسيرها ورسم تفاصيلها([2])، كما قاموا بالممارسة الميدانية الصعبة، رغم حراجة الظروف ومعاكستها للاتّجاه الذي أرسى الرسول الأعظم قواعده ومنهجه، فكان تراثهم غنياً، وكانت سيرتهم تحتلّ الموقع الأول، وتمثّل الريادة الكاملة في هذا المضمار([3]).
ويكفينا للاستشهاد على هذه الدعوى مطالعة ما حبّرته يراعة العالم الفذّ الشهيد السيد محمد باقر الصدر& في كتبه القيمة التالية: (الإسلام يقود الحياة)، (المدرسة القرآنية)، (المدرسة الإسلامية)، ومجموعة محاضراته حول أهل البيت، وكذلك ما كتبه تلميذه، الذي سار على منهجه العلمي والقرآني السيد الشهيد محمد باقر الحكيم& في كتابيه الجليلين: (المجتمع الإنساني في القرآن الكريم)، و(دور أهل البيت في بناء الجماعة الصالحة)، حيث تكشف هذه الكتب عن الاتّجاه الذي سلكه أهل البيت^ في مجال تطبيق النظرية القرآنية بشكل كامل ودقيق، والسعي الحثيث لتنفيذها وتحقيقها تحت رعايتهم المباركة.
4 ـ عقبات في طريق البناء الاجتماعي المنشود ــــــ
لقد كان طبيعياً جداً أن تبقى ترسّبات الثقافة الجاهلية عالقة في أذهان جملة ممَّن اختار الإسلام ديناً ومنهجاً للحياة بعد أن عاش ردحاً من الزمن في أحضان الجاهلية وبراثن الشرك.
كما كان تحرير المجتمع الإسلامي الأوّل الفتيّ من هذه الرواسب الجاهلية يتطلّب زمناً طويلاً نسبياً، كما يتطلّب قيادة ميدانية مشبعة بقيم الرسالة الربانية، الخاتمة لما سبق، والفاتحة لما استقبل من عصر جديد، وأجيال جديدة تريد تحرير العالم الإنساني من براثن الجهل والكفر والنفاق.
غير أن تهميش القيادة الرائدة الرشيدة، التي تركها الرسول الأعظم ذخراً زاخراً ونبعاً صافياً للأمة من بعده، والمتمثّلة في أئمّة أهل البيت، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، قد أدى إلى افتقاد أهم شرط لإزالة هذه الرواسب الثقافية؛ لأنهم حينئذ كانوا قد افتقدوا الموقع الطبيعي الذي يمكِّنهم من إيصال ثقافتهم ووعيهم إلى العالم الإسلامي أجمع، بشكل طبيعي، وبدون صعوبات وقلق وتوتّر.
فكانت الخطى بطيئة ومتعثّرة؛ بسبب الموانع التي استحدثت في عصر الخلفاء والحكّام الذين أمسكوا بالسلطة، وكانوا يحملون معهم الغثّ والسمين من رواسب الماضي، إلى جانب ثقافة الدين الجديد. فكان ما يتعرّف عليه الناس باسم الدين خليطاً غير منسجم وغير مثمر على المدى البعيد، ولاسيما إذا لاحظنا الضغوط التي مارسها الحكام في حقّ أهل بيت الرسالة الذين تلألأ نورهم وصفاؤهم، وغطّى واقعهم كلّ واقع، وموقعهم الرسالي كلّ موقع احتلّه مناوئوهم، ومَنْ لم يحبّ أن يسير في ركبهم، ويركب سفينتهم، التي وصفها الرسول الأعظم بأنها كسفينة نوح([4]).
وقد رافق كلّ ذلك ورود ثقافات شتّى من شرق الأرض وغربها إلى الحاضرة الإسلامية، والاختراق أو الاختلاط الخطير بها، قبل أن تترسخ مفاهيم القرآن والرسالة الجديدة، وتتجذّر بشكل يمنع من المضاعفات الناشئة من هذا الاختراق.
أضِفْ إلى كلّ ذلك ممارسات مَنْ لم يرُق له أن يعلو شأو الإسلام من داخل الحاضرة الإسلامية وخارجها، ممَّنْ ضُرِبت مصالحهم بتأسيس الدولة النبوية، وافتقدوا أهمّ المواقع السياسية والاجتماعية التي كانوا يفكرون في الوصول إليها، ولم يستطيعوا الحصول على الموقع المطلوب ضمن الصياغة الجديدة للمجتمع الإنساني الإسلامي.
وهكذا أخذ المجتمع الإسلامي يتدحرج بالتدريج، وبشكل تنازلي، حتى بان الانهيار على الدولة التي كانت تحكم باسم الرسول،وخضعت بالتدريج للتفتيت، الذي جرّه إليها التمادي في الممارسات الظالمة([5]).
نعم، هكذا تمهّد الطريق للمستعمر الكافر ليغزو بكلّ ما أوتي من حول وقوة بلاد المسلمين، ويسرح فيها ويمرح، ويوظّف كلّ الطاقات ويسخّرها لخدمته، ويعمل بكلّ جدّ على تجريد المسلمين من هويتهم، والمجتمع الإسلامي من استقلاله وأصالته.
وفي هذا الظرف بالذات برز رجال من أعلام المسلمين ليقودوا حركة المقاومة ضد الانهيار والانبهار بالآخر في كلّ حقولها. فكان السيد جمال الدين الأسدآبادي، المعروف بالأفغاني، والشيخ محمد عبده، وعبدالرحمن الكواكبي، وعمر المختار، والميرزا حسن الشيرازي، والآخوند الخراساني، والميرزا حسين النائيني، والسيد عبد الحسين شرف الدين، والسيد محسن الأمين، والشيخ محمد جواد البلاغي([6])، والإمام روح الله الخميني، وتلامذته، والعلامة الطباطبائي، وتلامذته، والشهيد السيد محمد باقر الصدر، وتلامذته، الذين تصّدوا ـ ضمن شريحة كبيرة من علماء مدرسة أهل البيت ـ للتيارات الفكرية المدمّرة، وناجزوا السياسة الاستعمارية المتغطرسة، ولا زالوا يكافحون؛ من أجل أن تستردّ الأمة هويتها، ويستردّ العالم الإسلامي الهوية الحقيقية له، تلك الهوية التي تميزه ممَّنْ سواه.
5 ـ المجتمع الإسلامي المنشود ــــــ
1ـ ما هو المجتمع الذي يريده الإسلام للإنسان؟
2ـ وما هي الأسس النظرية التي يرتكز عليها هذا المجتمع الرائد؟
3ـ وما هي معالمه، وخصائصه، وآفاقه؟
4ـ وما هي الخطوات العلمية والعملية التي ينبغي اجتيازها للوصول إليه؟
هذه هي الأسئلة الأساسية التي لا بدّ من الإجابة عنها؛ للوصول إلى (مجتمعنا)، المجتمع الإسلامي المنشود، بعد اختيار المنهج الصحيح لاكتشاف النظرية الاجتماعية، ثم النظام الاجتماعي، من نصوص القرآن الكريم.
إن النقطة الأهم، والتي تشكل البنية التحتية للبحث الاجتماعي هي: النظرية الاجتماعية القرآنية.
ويترتب عليها صرح البنية الفوقي وهو: النظام الاجتماعي الإسلامي كما رسمه القرآن الكريم.
ولا بدّ للبحث عن كلّ منهما من منهج يتناسب مع طبيعة المهمة؛ لاكتشاف (النظرية)، واكتشاف (النظام). كما لا بدّ من تحديد المفاهيم ذات العلاقة، وفرز النصوص القرآنية ذات العلاقة بكلّ بحث، والمصادر التي اهتمّت بهذين الأمرين الحيويين.
6ـ النظرية الاجتماعية القرآنية لدى الشهيد الصدر ــــــ
وتتلخص النظرية الاجتماعية التي عرضها القرآن الكريم، وبنى عليها نظامه الاجتماعي للإنسان، بنظرية الاستخلاف، التي لخّصها السيد محمد باقر الصدر في ما عنونه بـ «خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء»([7]).
وهي نظرية الخلافة الإلهية، أو نظرية استخلاف الله للإنسان تحت رعاية الأنبياء المعصومين والقادة الهداة المنتجبين، وهي نظرية اجتماعية تتقاطع مع النظريات الأخرى التي تعطي للإنسان الأصالة، والاستقلال عن خالقه وباعثه ومربّيه ومدبّر أموره ورازقه والمنعم عليه بكلّ شيء.
والغور إلى أعماق هذه النظرية وأبعادها وآثارها وأدلتها يتطلّب البحث عن:
1ـ حقيقة المجتمع وظاهرة الاجتماع الإنساني.
2ـ عناصر المجتمع.
3ـ العلاقات في ما بين هذه العناصر، وما يترتّب على ذلك من أوضاع وأحوال وخصائص تتطلّب مجموعة من القوانين والضوابط، التي تقوم بترشيد هذه العلاقات وتوجيهها، لبلوغ المجتمع الإنساني الأهداف المنشودة من تكوينه بشكل خاصّ، وتكوين الإنسان بشكل عام.
ومن كلّ هذه القوانين والضوابط العامّة التي تغطي كلّ مرافق الحياة الإنسانية يتألف النظام الاجتماعي الإسلامي الإنساني، مرتكزاً على نظرية الخلافة، محققاً أهدافها، ومتطلّعاً إلى مستقبل الإنسانية الرحب، ومستثمراً كلّ طاقات المجتمع الإنساني وقابلياته الفريدة، التي تتفجر باستمرار من خلال تكريم الإنسان وتهذيبه وتربيته المتكاملة.
7ـ كيفية اكتشاف النظرية القرآنية عند السيّد الصدر ـــــ
إنّ الخطوات التي اتبعت لاكتشاف النظرية القرآنية حسب ما استفدناه من نصوص الشهيد الصدر هي كما يلي:
1ـ تحديد الموضوع الذي يراد اكتشاف رأي القرآن فيه، ومعرفة عناصره وأجزائه وخصائصه الواقعية.
2ـ تحديد الأسئلة التي ينبغي الإجابة عنها من خلال النصوص القرآنية؛ من أجل محاورة النصوص واستنطاقها من خلال هذه الأسئلة.
3ـ جمع كلّ النصوص ذات العلاقة بالموضوع المحدّد، سواء كانت متضمّنة لاسم الموضوع أو لمفهومه أو لعناصره أو لسمة من سماته وخصائصه أو لكلّ ما يستلزمه ويرتبط به، بحيث تستطيع أن تلقي الضوء على بيان موقف القرآن من الموضوع، أو الأسئلة التي أثيرت حول الموضوع.
4ـ محاولة كشف علاقة كلّ مدلول تفصيلي للآيات والنصوص المجتمعة بالمداليل الأخرى؛ لتوحيد هذه المدلولات جميعاً.
5ـ محاولة تركيب المداليل وتنظيمها جميعاً في مركّب نظري واحد شامل، حيث يحتل كلّ واحد من المداليل موقعه المناسب في هذا المركب النظري، واستخراج المفهوم القرآني الذي يمكن أن يحدِّد موقف القرآن تجاه هذا الموضوع المحدَّد.
فالتفسير الموضوعي عند الشهيد الصدر هو محاولة اكتشاف نظرية قرآنية شاملة بالنسبة إلى الموضوع المعين.
والتجربة البشرية تغني التفسير الموضوعي باستمرار، بما تقدمه من مواد تطرحها بين يدي القرآن الكريم؛ ليستحصل المفسِّر على الأجوبة عنها من القرآن. وهذا هو الطريق للحصول على النظريات الأساسية للقرآن تجاه موضوعات الحياة المختلفة([8]).
وحين تتبّعنا منهج الشهيد الصدر ـ ذا الخطوات الخمس ـ لاكتشاف النظرية الاجتماعية من خلال القرآن الكريم وجدنا أن المناسب تفصيله في نقاط عشر:
1ـ تحديد عناصر المجتمع ومقوّماته.
2ـ دراسة طبيعة كلّ عنصر، وخصائصه.
3ـ دراسة أنواع العلاقة بين كلًّ من هذه العناصر والمقوّمات للمجتمع.
4ـ دراسة مجموعة العوامل المتحكمة في هذا المركب الاجتماعي وعناصره.
5ـ جمع النصوص ذات العلاقة بالمركَّب الاجتماعي وعناصره.
6ـ استنطاق النصوص.
7ـ كشف العلاقة بين مدلولاتها.
8ـ تنظيم المداليل، وتوحيدها.
9ـ استخراج النقطة الجوهرية في النظرية.
10ـ عرض النظرية بشكلها الفني ضمن خطوط عريضة منسجمة.
والتوفيق بين هذه النقاط العشر والخطوات الخمس حسب ما نقلناه عن الشهيد الصدر كما يلي:
1ـ إنّ الأسئلة الأساسية عنده، التي كان ينبغي إثارتها بعد تحديد الموضوع، هي:
1ـ ما هي عناصر المجتمع البشري؟
2ـ ما هي أدوار كلّ واحد من هذه العناصر في الحياة؟
3ـ ما هي العلاقة القائمة بين الخطين المزدوجين لعناصر المجتمع الإنساني، أي خط علاقة الإنسان بالإنسان وخط علاقة الإنسان بالطبيعة؟
4ـ ما هو دور الإنسان في المسيرة الاجتماعية وحركة التاريخ البشري؟
5ـ ما هو دور الدين في المسيرة الاجتماعية؟
وقد طرح هذه الأسئلة في محاضراته القيمة التي نشرت تحت عنوان (المدرسة القرآنية). وبهذا حقق الخطوتين الأوليين من الخطوات الخمس.
والخطوة الثالثة هي جمع النصوص واستنطاقها؛ للإجابة عن الأسئلة الخمسة. ونجدها في ما جمعه من نصوص قرآنية متنوّعة([9]).
وفي الخطوة الرابعة ربط مداليلها في مركَّب نظريّ واحد منسجم([10]).
وكانت الخطوة الخامسة النتائج المترتِّبة على هذه النظرية، المستخلصة من النصوص المتنوعّة ودورها في فهم طبيعة التشريع الإسلامي للحياة. وهذا التشريع الإلهي يمثّل النظام الاجتماعي الإسلامي للإنسان. وهنا يجدر بيان علاقة النظرية الاجتماعية بالخطوط العامة للنظام الاجتماعي.
أما النظام الاجتماعي الإسلامي فهو النظام العادل الذي يأخذ الواقع كله بنظر الاعتبار، وتبعاً لطبيعة العلاقة المزدوجة بين الخطين يكون متكوّناً من بعدين: ثابت؛ ومتحرّك.
كما أنه استخلص أنّ مجتمع الخلافة الربانية هو مجتمع المَثَل الأعلى المطلق، وأن الدور الفاعل هو للإنسان حرّ الإرادة أولاً، وللدين أيضاً الدور الأكبر، حيث يقدّم بحقّ للإنسان مثله الأعلى المطلق، ويهديه إلى الحقّ الحقيق بالاتّباع كما ينبغي ويستحقّ.
8ـ أطروحة (مجتمعنا) في تراث الصدر ـــــــ
لقد صرّح الشهيد الصدر بأطروحته لكتابٍ يحمل عنوان (مجتمعنا) في كتابه النفيس (فلسفتنا) ـ الذي عُرف به وذاع صيته من خلاله ـ، قبل أن يذكرها في أيّ كتاب آخر. وإليك نماذج من نصوصه وكلماته، التي زخرت بها كتبه عن أطروحة «مجتمعنا»، وما تتضمن من بحوث وأفكار:
1ـ قال في مقدمة «اقتصادنا»: «إن فلسفتنا هي الحلقة الأولى من دراساتنا الإسلامية، بوصفها دراسة تعالج الصرح الإسلامي الشامخ، الصرح العقائدي للتوحيد، وتتلوها بعد ذلك الدراسات التي تتعلق بالبنيات الفوقية في ذلك الصرح الإسلامي؛ لتكتمل لنا في نهاية المطاف صورة ذهنية كاملة عن الإسلام، بوصفه عقيدة حية في الأعماق، ونظاماً كاملاً للحياة، ومنهجاً في التربية والتفكير.
قلنا هذا في مقدمة «فلسفتنا»، وكنّا نقدّر أن يكون «مجتمعنا» هو الدراسة الثانية في بحوثنا، نتناول فيها أفكار الإسلام عن الإنسان وحياته الاجتماعية، وطريقته في تحليل المركب الاجتماعي وتفسيره، لننتهي من ذلك إلى المرحلة الثالثة، إلى النظم الإسلامية للحياة، التي تتصل بأفكار الإسلام الاجتماعية، وترتكز على صرحه العقائدي الثابت([11]).
2ـ وفي مقدمة «فلسفتنا»، التي خصَّصها للبحث عن المشكلة الاجتماعية، التي تعتبر مشكلة العالم الإنساني اليوم، وتمس واقعه في الصميم، وقد اعتبرها مشكلة النظام الاجتماعي الذي تصلح به الإنسانية، تعرَّض إلى ثلاثة أمور:
أـ تأريخ المشكلة الاجتماعية.
ب ـ كيفية مواجهة الإنسانية للمشكلة الاجتماعية.
ج ـ الحلول المقترحة لها، ومناقشتها.
3ـ وقال في خاتمة «فلسفتنا»: «…فالحياة الاجتماعية والظروف المادية إذاً لا تحدّد أفكار الناس ومشاعرهم بصورة آلية عن طريق المنبهات الخارجية.
نعم، إن الإنسان قد يكيِّف أفكاره تكييفاً اختيارياً بالبيئة والمحيط…، لكن يجب أن نعلم أولاً: إن هذا التكيف يوجد في الأفكار العملية التي وظيفتها تنظيم الحياة الخارجية، ولا يمكن أن يوجد في الأفكار التأملية التي وظيفتها الكشف عن الواقع.
وثانياً: إن تكيف الأفكار العملية بمقتضيات البيئة… هو تكيف اختياري، ينشأ من دوافع إرادية في الإنسان، تسوقه إلى جعل النظام المنسجم مع محيطه وبيئته… وسوف ندرس في «مجتمعنا» طبيعة هذا التكيّف وحدوده في ضوء مفاهيم الإسلام عن المجتمع والدولة؛ لأنه من القضايا الرئيسية في دراسة المجتمع وتحليله»([12]).
4ـ وقد أشار في خاتمة «فلسفتنا» إلى ما ينبغي بحثه في النظرية الاجتماعية الإسلامية من موضوعات. والمهم أنه عالج هذه النقطة في ما عرضه في أواخر أيام حياته المباركة ضمن محاضرات قيمة سُمِّيت بـ (المدرسة القرآنية)، والتي تضمَّنت بحثين مهمين: ثانيهما: بحث عناصر المجتمع؛ وأوّلهما: بحث السنن التاريخية أو السنن الاجتماعية.
5ـ وقد أضاف إلى ما جاء في مقدمة «فلسفتنا» جملة من البحوث الاجتماعية في ما نشره بعد صدور «فلسفتنا» تحت عنوان: «المدرسة الإسلامية (1)»، وحمل عنوان «الإنسان المعاصر والمشكلة الاجتماعية»، و«المدرسة الإسلامية (2)»، الذي حمل عنوان: «ماذا تعرف عن الاقتصاد الإسلامي؟».
6ـ وقد أكمل رؤيته الاجتماعية، وقدم جملة من النظم الإسلامية للحياة، من خلال السلسلة التي كتبها إبّان انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني، وصدرت تحت عنوان «الإسلام يقود الحياة».
وسلسلة «الإسلام يقود الحياة» هي عبارة عن مجموعة بحوث ذات أجزاء ستة:
الأول: يتضمن لمحة فقهية عن مشروع دستور الجمهورية الإسلامية. وهي محاولة لبيان نظام الحكم الإسلامي في خطوطه العريضة في عصر الغيبة.
والثاني والثالث: احتويا على خطوط عريضة وخطوط تفصيلية لاقتصاد المجتمع الإسلامي، بعد بيان روح النظرية الاجتماعية للإسلام، وأن المجتمع الإنساني هو مجتمع الخلافة الربانية ذات المداليل الإنسانية الفريدة.
والرابع: اختص ببيان الخطوط العريضة للنظام الاجتماعي الإسلامي، والنظرية السياسية في هذا النظام، مركِّزاً على «نظرية خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء»، مع بيان أدلتها، وفلسفتها، والصورة الواقعية لتنفيذها.
الخامس: اهتم ببيان منابع القدرة في الدولة الإسلامية، وهي مجموعة قدرات هائلة تتميز بها الدولة الإسلامية في مجال التطوير الحضاري للأمة، والقضاء على التخلف في الواقع المعاش.
السادس: بحث الأسس العامة لإنشاء بنك إسلامي في المجتمع الإسلامي.
7ـ وقد اهتم أيضاً ببيان مجموعة من الرؤى الاجتماعية للإسلام ضمن كتابه القيم «اقتصادنا»، حين ناقش فيه النظريات والنظم الاقتصادية الرأسمالية، والاشتراكية، والشيوعية. واهتم فيه ببيان الأرضية الثقافية والاجتماعية لاقتصاد المجتمع الإسلامي([13]).
8 ـ وفي مقدمة «الفتاوى الواضحة»، في بحث «الرسالة»، نلاحظ رؤيته الاجتماعية للإسلام ناصعة وواضحة.
9ـ وفي خاتمة «الفتاوى الواضحة» نقف على ضرورة ارتباط الإنسان بالمطلق، ودور الدين في تحقيق ذلك، وبيان قدرته على حلّ المشكلة الاجتماعية.
10ـ وقد قدَّم لنا الشهيد الصدر صورة عن مجتمع الرسول الأعظم في كتبه ومقالاته التالية: بحث حول الولاية؛ فدك في التاريخ؛ أهل البيت: تنوع أدوار ووحدة هدف؛ مقدمته للصحيفة السجادية. وفيها جميعاً إضاءات على رؤيته الاجتماعية عن الإسلام، وكيفية تطبيق النظام الإسلامي في واقع الحياة العملية في عصر الرسول وبعده. كما نجد مجموعة إضاءات مهمة حول مجتمع الرسول في بحث «منابع القدرة في الدولة الإسلامية» من سلسلة «الإسلام يقود الحياة».
11ـ وفي كتابه الفريد «بحث حول المهدي» تقف على الرؤية المستقبلية للمجتمع الإسلامي في عصر ظهور الإمام المهدي# وتأسيس دولة العدل الشامل إن شاء الله تعالى.
9 ـ الخطوط العامّة لأطروحة (مجتمعنا) في تراث الشهيد الصدر ــــــ
وهكذا نلاحظ أن أستاذنا الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر قد حمل معه هموم البحث عن المجتمع الإسلامي طوال ثلاثة عقود أو أكثر من عمره المبارك. وقد ركز في كلّ نشاطاته العلمية: التأريخية، والفلسفية، والاقتصادية، والفقهية، على بلورة ما يلي:
1ـ المشكلة الاجتماعية المعاصرة.
2ـ أسباب وجذور المشكلة الاجتماعية في أعماقها البعيدة.
3ـ النظرية الاجتماعية الإسلامية، وعرضها، من خلال القرآن الكريم.
4ـ النظام الاجتماعي الإسلامي.
وقد حاولنا في كتاب «(مجتمعنا) في فكر وتراث الشهيد السيد محمد باقر الصدر» عرضها وبلورتها بنصوص الشهيد الصدر المتناثرة في كتبه وتراثه، تاركين البحث عن (مجتمعنا) في مدرسته إلى فرص لاحقة إن شاء الله تعالى.
10 ـ فصول الكتاب ومنهجه ــــــ
يتصدّر الكتاب بحثان تمهيديان عن أبعاد شخصية الشهيد الصدر لتلميذين من تلامذته: أوّلهما: الشيخ محمد على التسخيري؛ والآخر: كاتب هذه السطور.
ثم يتكفَّل المدخل ببيان رسالة الكتاب، وأطروحة (مجتمعنا) في تراث الشهيد الصدر.
ثم يبدأ الفصل الأوّل ببيان المصطلحات ذات العلاقة بالبحث، وتحديد مفاهيمها، مثل: المجتمع، وعلم الاجتماع، والنظام الاجتماعي، والنظرية الاجتماعية، وموقف الشهيد الصدر منها، وضرورة ومنهج اكتشاف النظرية الاجتماعية من القرآن الكريم لدى الشهيد الصدر، ثم الخطوط العريضة لأطروحة (مجتمعنا).
وأما الفصل الثاني فتكفّل ببيان المشكلة الاجتماعية للإنسان، متصدّياً لبيان الأسباب والحلول المقترحة في تراث السيد الصدر، وهي: العلم، والنظام الرأسمالي، والماركسية، والإسلام، ثم تقييم هذه الحلول بشكل تفصيلي.
وتكفّل الفصل الثالث ببيان أسس النظرية الاجتماعية القرآنية عند الشهيد الصدر، من خلال الحاجة الفطرية والاجتماعية للدين منذ نشأة المجتمع البشري، وعبر عملية التغيير الاجتماعية، والوقوف عند سنّة الاستخلاف الموضوعية ـ حسب تعبير الصدر ـ، وفهمه الخاص للسنن الاجتماعية، وانتهاءً ببيان أنواع العلاقة بين عناصر المجتمع البشري، ودور فهم هذه العلاقة في فهم أسس النظرية الاجتماعية، والتأسيس لنظرية إسلامية قرآنية متكاملة، تتقوّم بالمثل الأعلى المطلق للإنسان، وهو الله الواحد الأحد في هذه الحياة.
وفي الفصل الرابع تناولنا بشيء من التفصيل مبدأ السنن الاجتماعية، ودورها في تطوّر المجتمع، وإنجازات السيد الصدر المتميزة في هذا الحقل. وفصّلنا الكلام عن ضرورة الاستهداء بمنظومة السنن الاجتماعية في القرآن، وقسّمناها ـ تقسيماً جديداً ـ إلى: سنن الاهتداء؛ وسنن الانحراف؛ وسنن التغيير؛ وسنن الانهيار الاجتماعي.
وأما الفصل الخامس فتكفّل بالبيان التفصيلي المتميز للسيد الصدر في النفوذ إلى أعماق المشكلة الاجتماعية، والوقوف بتأمل عند الحلول القرآنية المستفادة من تراث السيد الصدر. وانتهينا إلى عشرة أدوار للدين الحق، بإمكانها أن تقوم بتطوير الإنسان الفرد والمجتمع الإنساني في هذه الحياة.
وبعد هذه الجولة التفصيلية في الجذور والأعماق اختصّ الفصل السادس ببيان مضمون النظرية الاجتماعية في القرآن، وأبعادها، ومداليلها، ومسار خطّيْ الخلافة والشهادة على الأرض، ثم المنجزات والنتائج، متمثّلة في أبعاد التغيير الذي أحدثه الإسلام والقرآن في المجتمع الإنساني، ثم الانتهاء إلى ضرورة ابتناء كل رؤية فقهية للإسلام على هذه النظرية الاجتماعية القرآنية، وبالتالي التطّلع إلى مستقبل هذه الرؤية والواقع المبتني عليها، ودور الجمهورية الإسلامية الطليعي والتمهيدي لدولة الحق والعدل المرتقبة بقيادة الإمام المعصوم المنتظر. ومن هنا، وبعد تطواف طويل، لزم أن نقف عند أهم نتائج هذه الأطروحة الصدرية المتميزة، وهي:
نتائج ورؤى ـــــ
1ـ لقد كان الهدف من «مجتمعنا في تراث الشهيد الصدر» الإلمام بنصوصه التي وجدناها في تراثه، والتي كان يمكن توظيفها لفهم النظرية الاجتماعية عند الشهيد الصدر، والتي استنتجها واستنبطها من خلال نصوص القرآن الكريم. فهي نظرية اجتماعية قرآنية.
2ـ وهذه النظرية ذات جذور عميقة في واقع الوجود الإنساني، ومرتكزة على النظام التكويني للخالق الحكيم. فهي النظرية الوحيدة التي تنسجم مع النظام الكوني وطبيعة الإنسان الاجتماعية من جهة، ومع هوية الكون وهوية الإنسان التي تتجلى فيها الإرادة الإلهية من جهة أخرى.
3ـ وكلّ نظرية سواها تتصف بالابتعاد عن الواقع، وعدم ملاحظة كلّ أبعاد الواقع أو إغفالها، ممّا يسبب الانفصام بين النظام الاجتماعي المترتّب على هذه النظرية وبين الواقع الاجتماعي للإنسان.
4ـ إن نظرية الاستخلاف الإلهي للإنسان، التي عرضها الشهيد الصدر تحت عنوان «خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء»، بالرغم من تأكيدها على الاستخلاف يمكن تقديم عدّة صور لها.
والصورة التي قدمها أستاذنا السيد الصدر قد أخذ فيها كلّ نصوص القرآن بنظر الاعتبار، فجمع بين الاستخلاف العام وبين الاستخلاف الخاص، الذي عبّر عنه بشهادة الأنبياء، ورتّب على ذلك موقعاً طبيعياً للخلافة العامة، وأعطى بموجبها دوراً حقيقياً للإنسان غير المعصوم، كما أعطى للمعصوم أو نائبه دوراً حقيقياً أيضاً في النظام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي الإسلامي.
5ـ أما دستور الجمهورية الإسلامية، الذي أعطيت فيه القيادة العامة للولي الفقيه في عصر غيبة الإمام المعصوم؛صوناً لحركة الأمة من سيطرة الاستغلال والاستبداد عليها، فهو صورة مقترحة راقية لتطبيق النظرية ضمن نظام قابل للتنفيذ، ومنسجم مع طبيعة العصر الذي ترتفع فيه الأعلام وشعارات الديمقراطية. وقد فتحت الجمهورية الإسلامية أوسع أبواب الحرية في وجه شعبها، وأعطته المجال الواسع لممارسة الخلافة بشكل لم نجد له مثيلاً في سائر الأنظمة الديمقراطية.
6ـ لقد دخل الإسلام ـ بعد التقنين والممارسة الميدانية لأحكامه ونظمه في دولة مستقلة ـ حلبة الصراع الدولي والعالمي، سياسياً، وثقافياً، وأصبح محوراً أساسياً للحركة الثقافية والسياسية للعالم الإنساني، وأخذت خطى الشعوب الواعية تقترب لإحلال العدالة الاجتماعية في العالم، ولملمة بساط الظلم والجور، وتهيئة الأجواء العالمية لثورة عارمة ضد الظلم والظالمين والطغيان والطغاة. ونحن على أعتاب فتح عالمي كبير.
7ـ تأتي مرحلة الفتح الشامل والانتصار الكامل للنظرية الاجتماعية الإسلامية والنظام الاجتماعي الشامل حين يستقرّ العدل في كلّ جوانب الحياة الإنسانية، وينحسر الظلم من كلّ أبعاد الحياة الإنسانية، فردية واجتماعية. وهذه هي المرحلة التي بشّر بها رسول الله للإنسانية، حين بزغت شمس الإسلام في دياجير الظلم والشرك، في قوله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾.
الهوامش:
(*) أستاذ الدراسات العليا في جامعة المصطفى| العالمية.
(**) ماجستير فرع الاجتماع في جامعة طهران، وطالبة دكتوراه.
([1]) انظر: السيد الصدر مجموعة محاضرات (أهل البيت، تنوع أدوار ووحدة هدف).
([2]) انظر للتفصيل: السيد محمد باقر الحكيم، دور أهل البيت في بناء الجماعة الصالحة.
([3]) انظر تفاصيل هذه الظروف الصعبة، والإنجازات الكبيرة، في الدراسة الميدانية التاريخية التي طبعت تحت عنوان (موسوعة أعلام الهداية)، في (14) مجلداً، للسيد منذر الحكيم، نشر المجمع العالمي لأهل البيت.
([4]) فقد صحّ عن رسول الله قوله عن أهل بيت الرسالة أنّ مثلهم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق (انظر: مصادر ونصوص الحديث في الصحاح والمسانيد، وانظر: مستدرك الحاكم على الصحيحين 4 : 132 ـ 133، ح 4747؛ والمعجم الأوسط للطبراني 6: 406، ح 5866.
([5]) كما هي سنّة الله في الحياة، قال تعالى: ﴿وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء﴾ (إبراهيم: 27) ﴿وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّاً مُّرْشِداً﴾ (الكهف: 17). وانظر: أهل البيت، تنوّع أدوار ووحدة هدف.
([6]) انظر: السيد منذر الحكيم، عصر الإمام شرف الدين وعصر الإمام البلاغي.
([7]) انظر: السيد الصدر، سلسلة (الإسلام يقود الحياة)، التي كتبها وأصدرها في إبّان نجاح الثورة الإسلامية في إيران.
([8]) انظر: المدرسة القرآنية: 41 ـ 42، الدرس الثاني.
([9]) كما في الدرسين 8 و13 من المدرسة القرآنية.
([10]) كما في الدرسين 12 و13 من المدرسة القرآنية.
([11]) اقتصادنا: 35، طبعة المؤتمر.
([12]) فلسفتنا: 435 ـ 436، طبعة المؤتمر.
([13]) بل إن القراءة الفاحصة قد تفيد الباحث بأن البنية التحتية لكتاب (اقتصادنا) هي الرؤية الاجتماعية. والأفكار التي كان يختزنها الشهيد الصدر عن (مجتمعنا) الذي تكلّم عنه في مطلع وفي خاتمة (فلسفتنا) كانت جاهزة، ولكنه قد وظّفها لكتاب (اقتصادنا). ومن هنا يمكن إعادة بناء كتاب (مجتمعنا) في فكره وتراثه من خلال كتاب (اقتصادنا)، ولا سيما الجزء الأول منه، فإنه حافل برؤاه وأفكاره عن البنية التحتية لأطروحة (مجتمعنا) لديه.