قراءة جديدة للنصّ القرآنيّ
الشيخ خالد الغفوري(*)
مقدّمة
وهي تشتمل على أمرَيْن:
الأمر الأوّل: بيان الاتّجاهات والأقوال في المسألة ومسارها التاريخيّ
1ـ إنّ مسألة حكم إرث الزوجة من العقار من المسائل التي اختلفت فيها وجهات النظر بين المدرسة الإماميّة والمدرسة السنّيّة اختلافاً شديداً، وصل إلى حدّ النفي والإثبات.
والمعروف تاريخيّاً أنّ المدرسة السنّيّة لا تُفرِّق بين الزوج والزوجة في أنّهما يرثان بعضهما البعض من جميع ما ترك، بلا فرق بين العقار وغيره.
في حين اختار مشهور الإماميّة عدم التسوية بينهما. ويتلخّص موقفهم إجمالاً بأنّ الزوجة لا ترث من الأرضين بالمرّة، لا عيناً ولا قيمةً، وترث من البناء قيمةً، لا عيناً. وسوف يأتي مزيد تحقيق لهذه النقطة لاحقاً.
2ـ ثمّة تباين في وجهات النظر بين فقهاء الإماميّة في بعض القيود والتفاصيل والحالات، بل في أصل الحكم أيضاً. والآراء التي طُرحت من قِبل الإماميّة هي:
القول الأوّل: عدم حرمان الزوجة من إرث العقار، ولا فرق بينها وبين الزوج في ذلك. واختاره ابن الجنيد الإسكافي([1]).
القول الثاني: حرمان الزوجة من إرث أرض الدور والمساكن عيناً وقيمةً، وتوريثها من قيمة الأبنية، وأمّا في غير ذلك فترث من أعيانها، حتّى البساتين والضياع. وهذا ما اختاره الشيخ المفيد في (المقنعة)([2]).
القول الثالث: حرمان الزوجة من إرث العين، دون القيمة. واختاره السيد المرتضى([3])، وأبو الصلاح الحلبيّ([4])، وربما يُستفاد من الشيخ الصدوق أيضاً([5]).
القول الرابع: اختصاص الحكم بحرمان الزوجة من إرث العقار عيناً وقيمة، ومن البناء عيناً، لا قيمةً، بالزوجة التي ليس لها ولد من الزوج، وأمّا ذات الولد فلا تُحرم من شيء من التركة. واختاره الشيخ الطوسي([6])، وهو المشهور بعده([7]).
القول الخامس: الحكم بحرمان الزوجة من إرث العقار عيناً وقيمةً، ومن البناء عيناً، لا قيمةً، مطلقاً، ومن دون تخصيص بالزوجة التي ليس لها ولد من الزوج. واختاره الشيخ الطوسيّ([8])، وهو الأشهر بين متأخِّري المتأخِّرين([9]).
القول السادس: التفصيل بين ذات الولد فترث من العين، وغير ذات الولد فترث من القيمة. ويُمكن استفادته من الشيخ الصدوق أيضاً([10]).
3ـ وأخيراً ثار الجدل داخل المدرسة الإماميّة حول هذه المسألة من جديد، ودخلت دائرة التشكيك على أثر القانون الجديد الذي تمّ تصويبه في مجلس الشورى الإسلاميّ في إيران، وأحيي البحث فيها مرّة أخرى، وبدأ الحوار يدور في الأوساط العلميّة حول مدى وجاهة الرأي القائل بالفرق بين الزوج والزوجة في الإرث، وحرمان الزوجة من العقار.
4ـ لقد كان القانون المدنيّ الإيرانيّ تابعاً لرأي مشهور فقهاء الإماميّة، الذي يذهب إلى عدم ثبوت توريث الزوجة من جميع تركة زوجها، لكنّه قد تمّ أخيراً تصويب القانون التالي وبأكثريّةٍ ساحقة: «إنّ كلاًّ من الزوجين يرث من جميع أموال الآخر، وفي حالة عدم وجود وارثٍ آخر سوى الزوج أو الزوجة يرثُ كلٌّ منهما جميع ما ترك الآخر».
ثمّ إنّ المسألة لا تزال طريّة ولم تُحسم بعدُ، والدراسات الحديثة قليلةٌ جدّاً. وتأتي دراستنا هذه في إطار تفعيل الحوار النظريّ؛ من أجل الوصول إلى بلورة الموقف بإحكامٍ، لكنْ من خلال التركيز على النصّ القرآنيّ الشريف.
الأمر الثاني: البيان الإجماليّ للنصّ القرآنيّ
لم يَرِدْ في هذا الخصوص نصٌّ قرآنيّ صريحٌ، نفياً أو إثباتاً، إلاّ أنّه يمكننا أن نعود إلى النصّ الأوّل الذي شُرِّع فيه أصل إرث الأزواج، فنُفيد منه كمحورٍ ومرتكز في معالجة هذه المسألة.
والنصّ القرآنيّ المحوريّ هو قوله تعالى: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ… ﴾ (النساء: 12).
ومن المناسب أن نشرع ببيانٍ إجماليّ حول النصّ المزبور، وذكر بعض المعلومات العامّة قبل الخوض في صلب البحث:
1ـ لقد سمِّيت هذه الآية بآية الشتاء([11])؛ لنـزولها في الشتاء، حيث نزلت في بيان حكم الكلالة آيتان: أحدهما هذه؛ والثانية في آخر سورة النساء([12])، نزلت في الصيف، فسُمِّيت بآية الصيف([13]).
وهذه الآية تشتمل على مقطعين رئيسين: الأوّل: تناول أحكام الأزواج؛ والثاني: تناول أحكام كلالة الأمّ.
2ـ بعدما ذكر سبحانه وتعالى ـ في الآية السابقة([14]) لهذه الآية ـ الموجِب الأوّل للإرث، وهو النسب والقرابة، وبيَّن ما يتعلَّق بالطبقة الأولى، وهو سهام الأولاد والوالدَيْن وبعض الأحكام، كحجب الإخوة، بيَّن عزّ وجلّ في هذه الآية المباركة موجِباً آخر، وهو السبب؛ فذكر قسماً منه، وهي الزوجيّة، والآية تنصّ على أنّ كلّ واحد من الزوجين يرث من الآخر في جميع الحالات، ولكلٍّ منهما نصيبان: أعلى؛ وأدنى، فللزوج النصف والربع، وللزوجة الربع والثمن، ولا يحجبهما عن النصيب الأعلى ـ وهو النصف للزوج والربع للزوجة ـ إلاّ الولد.
فيتحصَّل أنّ مجموع صور إرث الزوجين أربعة، بيَّنتها هذه الآية مفصَّلاً، لكلّ واحدٍ منهما صورتان.
3ـ والزوجُ إنّما يرث من زوجته في الصورتين بعد وفاء الدَّيْن وإخراج الوصيّة التي توصي بها الزوجة، فإذا فضل بعد ذلك شيء يخرج منه السهام، ومنها سهم الزوج.
وكذا الزوجة إنّما ترث في الصورتين من تركة زوجها بعد وفاء الدَّيْن وإخراج الوصيّة التي أوصى بها الزوج([15]).
4ـ كما ذكرت الآية في باقي مقاطعها بعض الأحكام، وهي: أحكام الطبقة الثانية، وهم الإخوة والأجداد، والمراد في هذه الآية بيان حكم الإخوة والأخوات من الأمّ، أي كلالة الأمّ. كما ذكرت أنّ الوصية نافذةٌ ومقدَّمة على الإرث إذا لم تكن موجبةً لتضرُّر الورثة. كما يحتمل شمول هذا القيد للدَّيْن أيضاً، ولسائر موارد الإرث.
5ـ وتجدر الإشارة إلى أمرَيْن:
أوّلهما: إنّ هذه الآية قد ختمت بياناتها بالتأكيد على ما جاء فيها من الأحكام، فإنّها شرّعت من قِبل الله العليم بمصالح العباد والمطّلع على عباده ويعلم نيّاتهم.
ثانيهما: لقد تلا هذه الآية جملةٌ من الآيات المرتبطة بها ارتباطاً كاملاً، والتي حثّ فيها على امتثال أحكام الله وحدوده، وحذّر فيها من المخالفة والعصيان.
تفصيل البحث
إنّ ظاهر الآية ثبوت الربع والثمن للزوجة من كلّ شيء تركه زوجها، كالنصف والربع له ممّا تركت زوجته، من دون فرق بين نوع المال المتروك.
وهو موضع اتفاق بالنسبة إلى الزوج؛ فإنّه يرث من كلّ ما تركت زوجته، وأمّا بالنسبة إلى الزوجة فإنّ الأمر كذلك عند أهل السنّة، فالزوجة عندهم ترث من جميع تركة الزوج. وهذا هو المعروف بينهم.
إلاّ أنّه ورد في بعض النقول التاريخيّة غير المتداولة ما يؤكِّد ذهاب بعض أهل السنّة إلى خلاف ذلك، وموافقة الموقف المعروف لدى الإماميّة. فقد نقل ابن أبي الحديد المعتزليّ خبراً يدلّ على أنّه ذهب إلى ذلك عبد الملك بن مروان وابنه سليمان، قال: «دخل عمر بن عبد العزيز على سليمان بن عبد الملك وعنده أيّوب ابنه ـ وهو يومئذٍ وليّ عهده قد عقد له من بعده ـ فجاء إنسانٌ يطلب ميراثه من بعض نساء الخلفاء، فقال سليمان: ما أخال النساء يرثن من العقار شيئاً، فقال عمر بن عبد العزيز: سبحان الله، وأين كتاب الله؟! فقال سليمان: يا غلام، اذهب فَاْتِني بسجلّ عبد الملك الذي كتب في ذلك، فقال عمر: لكأنّك أرسلت إلى المصحف. فقال أيّوب بن سليمان: واللهِ، ليوشكنّ الرجل يتكلّم مثل هذا عند أمير المؤمنين فلا يشعر حتّى يفارقه رأسه، فقال عمر: إذا أفضى الأمر إليك وإلى أمثالك كان ما يدخل الإسلام أشدّ ممّا يخشى عليكم من هذا القول، ثمّ قام فخرج»([16]).
واستنتج بعض المحقِّقين من هذا الخبر وجود القول بعدم توريث الزوجة من العقار بين الصحابة والتابعين، حيث علَّق على هذا الخبر بقوله: «ومن الجدير بالذكر أنّ اختصاص عبد الملك وابنه سليمان بهذا الحكم، دون أن يشاركهما أحدٌ من الصحابة والتابعين، بعيدٌ جدّاً، فقد كاد يوجب اليقين بوجود هذا القول بين عدّة من الصحابة والتابعين، ولكنّهم انقرضوا؛ فإنّ عبد الملك لم يستفد هذا الحكم من أئمّة أهل البيت^؛ للمقاطعة الموجودة بين بني هاشم وبني أميّة. وذهب جمهور أهل السنّة إلى عدم حرمان الزوجة، وأنّها ترث من جميع تركة زوجها، ووافقهم من الإماميّة ابن الجنيد الإسكافي، ومال إليه بعض أعاظم العصر»([17]).
تعليق
إنّ تبدُّل الرأي الفقهيّ للفقيه الواحد أو للمدرسة كافّة ليس بالأمر المستحيل عقلاً، بل هو ممكن وواقع في بعض الحالات، إلا أنّه من المُستبعد جدّاً أن ينقرض الرأي بالمرّة، بحيث لا يُنسب إلى الصحابة، ولا في رواية واحدة، ولا في رأي فقهيّ. وعليه فيصعب التعويل على هذا الخبر حينئذٍ، وإنْ كنّا لا نقطع بعدم صحّته.
هذا وقد ذهب إلى عدم حرمان الزوجة من العقار من الإماميّة ـ مضافاً إلى ابن الجنيد الإسكافي([18]) ـ القاضى المغربيّ في (الدعائم)، الذي ادّعى إجماع الأمّة عليه([19]). وسكت بعضٌ آخر عن التعرُّض لهذا الحكم، فلم يذكروه، لا نفياً ولا إثباتاً، كعليّ بن بابويه، وابن أبي عقيل العمانيّ، وسلاّر، والمحقّق الطوسي في (الفرائض النصيريّة)، وغيرهم.
ومهما يكن من أمرٍ فإنّ المشهور لدى الإماميّة شهرة عظيمة ـ بل ادُّعي عليه الإجماع ـ هو حرمان الزوجة من العقار، وتخصيص آية الأزواج أو تقييدها بالنسبة إلى الزوجة بما ورد في السنّة بطرقهم من الأخبار([20]) الدالّة على حرمان الزوجة من الأرض والدور عيناً وقيمة، دون البناء وآلاته، فترث منها قيمةً، لا عيناً([21]). ولهم في ذلك تفصيلات وقيود وتفريعات كثيرةٌ. وبات ذلك موقفاً معروفاً للإماميّة ومن متفرّداتهم([22]).
ومن هنا انفتح البحث في كيفيّة تخريجهم هذه الفتوى في ضوء القرآن والسنّة.
ويُقال عادةً في هذا الشأن: إنّ آيات الإرث ـ كآية الأزواج ـ دالّة على توريث الزوجة من جميع التركة؛ وذلك للإطلاق، بيد أنّ هذه الإطلاق قابلٌ للتقييد، فلا مانع حينئذٍ من تقييده ببعض الروايات الواردة عن أئمّة أهل البيت^، والتي دلّت على حرمان الزوجة من بعض التركة، وما أكثر المقيِّدات والمخصِّصات للكتاب من السنّة.
ومن أجل تقويم هذا الاستدلال لابدّ من مراجعة الأدلّة، كتاباً وسنّةً، وتحليلها بدقّة.
ولا بحث في إطلاق آيات الإرث، بل وعمومها، وإنّما الإشكاليّة المهمّة هو ورود بعض الروايات الدالّة على حرمان الزوجة من بعض الإرث، كالعقار والأراضي ـ بل وفي بعضها السلاح والدوابّ ـ، على اختلاف في ألسنتها وفي اشتمالها على بعض البيانات الإضافيّة، كذكر تعليل الحكم وبيان وجه الحكمة فيه، من قبيل:
1ـ ما رواه ميسر بيّاع الزطّي، عن أبي عبد الله الصادق×، قال: سألتُه عن النساء ما لهنّ من الميراث؟ قال: «لهنّ قيمة الطوب والبناء والخشب والقصب، فأمّا الأرض والعقارات فلا ميراث لهنّ فيه…»([23]).
2ـ ما روي عن أبي جعفر الباقر×، قال: «النساء لا يرثن من الأرض، ولا من العقار شيئاً»([24]).
3ـ ما رواه محمّد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله×: «ترث المرأة الطوب([25])، ولا ترث من الرباع شيئاً». قال: قلتُ: كيف ترث من الفرع، ولا ترث من الرباع شيئاً؟ فقال: «ليس لها منه نسب ترث به، وإنّما هي دخيلٌ عليهم، فترث من الفرع، ولا ترث من الأصل، ولا يدخل عليهم داخل بسببها»([26]).
أقول: لقد اشتملت هذه الرواية في آخرها على بيان علّة الحكم بعدم توريث الزوجة من العقار أو بيان حكمته، وهي: لكي لا تتزوَّج الزوجة بزوجٍ آخر، وتسكن في حصّتها من العقار مع سائر الورثة من أقارب الزوج، وهو أمرٌ يثقل على أهل الزوج، ولا سيّما في البيئة العربيّة آنذاك.
المناقشة
1ـ إنّ هذه الطائفة من الروايات معارَضة بطائفةٍ أخرى، وهي الروايات الدالّة على إرثها من جميع تركة الزوج بالإطلاق أو الصراحة ـ وفي بعضها التفصيل بين ذات الولد وغيرها ـ، من قبيل:
1ـ معتبرة عبيد بن زرارة والفضل أبي العبّاس قالا: قلنا لأبي عبد الله×: ما تقول في رجل تزوّج امرأة ثمّ مات عنها وقد فرض الصداق؟ قال: «لها نصف الصداق، وترثه من كلّ شيء، وإنْ ماتت فهو كذلك»([27]).
2ـ موثّقة الفضل بن عبد الملك وابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله×، قال: سألتُه عن الرجل هل يرث من دار امرأته أو أرضها من التربة شيئاً أو يكون في ذلك بمنزلة المرأة، فلا يرث من ذلك شيئاً؟ فقال: «يرثها وترثه من كلّ شيء ترك وتركت»([28]).
3ـ عن ابن أُذينة: «في النساء إذا كان لهنّ ولد أعطين من الرباع»([29]).
2ـ والأهمّ من ذلك كلّه هو معارضتها مع الكتاب في مواضع، وهي:
1ـ قوله تعالى في الآية محلّ البحث: ﴿وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾.
2ـ قوله تعالى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً﴾ (النساء: 7).
3ـ قوله تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ (النساء: 33). ويتمّ الاستدلال بالفقرة الأولى أو بالفقرة الأخيرة بناءً على بعض الوجوه في تفسيرها فتكون الآية شاملة للأزواج.
الموقف الأصوليّ من إشكاليّة المعارضة مع الكتاب
أـ اعلم أنّه لا خلاف بين المسلمين في تخصيص عموم الكتاب بالخبر المتواتر؛ نظراً لكون أحد مجالات السنّة هو تصدّيها لشرح وبيان الكتاب وتفصيل ما جاء به من تشريعات وأحكام. وليس هناك ما يمنع من تخصيص الكتاب بها ما دام المخصّص بمنزلة القرينة الكاشفة عن المراد من العامّ. والظاهر أنّه بهذا المقدار موضع اتفاق المسلمين. ولذلك أرسلوا إرسال المسلّمات إمكان تخصيص الكتاب بما تواتر من السنّة.
ولكنّ موضع الخلاف في السنّة التي تثبت بخبر الواحد. والمعروف أنّ هناك ثلاثة آراء:
الرأي الأوّل: عدم جواز ذلك مطلقاً، مهما كانت درجة الصحّة في الخبر؛ لأنّ الكتاب قطعيّ وخبر الواحد ظنّيّ.
الرأي الثاني: جواز ذلك مطلقاً، وأنّ خبر الواحد يخصّص عامّ الكتاب كما يخصّصه المتواتر. وهذا ما عليه الجمهور([30]).
الرأي الثالث: التفصيل بين أن يكون العامّ الكتابيّ قد خُصّص من قبلُ بقطعيّ، حتّى صار بذلك التخصيص ظنّيّاً، فيجوز تخصيصه بخبر الواحد، وبين ما لم يخصَّص فلا يصحّ. وهذا ما اختاره الحنفيّة([31]).
وما يُقال عن التخصيص يُقال عن التقييد بأخبار الآحاد لمطلقات الكتاب. والحديث فيهما واحد.
ومن هنا اتَّضح الموقف تجاه الأحاديث النافية لإرث الزوجة من العقار:
فبناءً على الرأي الأوّل لا يصحّ أن تكون مخصِّصة لآيات الإرث؛ لعدم كونها قطعيّة الصدور.
وعليه فلا يمكن الجمع بينها وبين آيات الإرث. ويقع التعارض حينئذٍ، ويكون التقديم للكتاب؛ لكونه قطعيّاً، على تلك الأحاديث؛ لكونها ظنّيّة.
وأمّا بناءً على الرأي الثالث ـ وهو مختار الحنفيّة ـ فحيث إنّ العامّ الكتابيّ لم يخصّص من قبل بقطعيّ فكذلك لا يصحّ أن تكون تلك الأحاديث مخصّصة لآيات الإرث، بل سيأتي بيان أنّ لسان آيات الإرث لسانٌ حاسمٌ وقاطعٌ.
وأمّا بناءً على الرأي الثاني فقد يُقال بأنّه يمكن قبول دعوى التخصيص.
إلاّ أنّ ذلك لا يصحّ؛ وذلك لكون دعوى التخصيص إنّما تكون مقبولة فيما لو كانت دلالة الدليل العامّ القرآنيّ من باب الظهور، لا فيما إذا كانت دلالة الدليل القرآنيّ نصّاً في الحكم. ففي مثل هذه الحالة لا شكّ في أنّ العموم الكتابيّ ممّا لا يقبل التخصيص ـ لكونه نصّاً في مدلوله لا يحتمل الخلاف ولا يتقبَّل قرينة عليه ـ، فيتعيَّن القول بإسقاط الخبر وتكذيبه؛ لاستحالة صدور التناقض من الشارع، وحيث إنّ الكتاب مقطوع الصدور ومقطوع الدلالة فلابدّ أن يكون الكذب منسوباً إلى الخبر، ويتعيَّن لذلك طرحه.
بيان وجه المعارضة
ويمكن توضيح وجه المعارضة بعدّة بيانات، أهمّها:
البيان الأوّل
إنّ هذه المعارضة بين الروايات النافية لإرث الزوجة من العقار وبين آية الأزواج ـ الآية الأولى ـ ليست بمستوى التخصيص والتقييد، ليُقال بأنّه لا محذور فيه؛ إذ يمكن تقييد أو تخصيص عمومات الكتاب الكريم بالخبر الصحيح، كيف ومجموع هذه الأخبار قد يبلغ حدّ الاستفاضة؟! بل إنّ هذه المعارضة بمستوى المخالفة لظهور قويّ كالصريح؛ لأنّ الزوجة إذا كانت لا ترث من العقار شيئاً فلا محالة سوف يقلّ سهمها عن الربع والثمن للتركة، وتقييد ذلك بالربع والثمن ممّا ترث منه من التركة، لا كلّ التركة، وإنْ كان يحفظ عنوان الربع والثمن، إلاّ أنّ هذا عندئذٍ يكون خلاف مقام التحديد وتعيين السهام بالنسب والفروض، أي يوجب اختلال الميزان للفرائض والسهام، ويكون أشبه بالألغاز والتعمية حينئذٍ، وليس بابه باب التقييد والتخصيص.
فكم فرقٌ بين أن يقول أحدٌ: «أكرم العالم»، ثمّ يُبيّن في دليل منفصل أنّ مقصوده غير الفاسق من العلماء، وبين أن يقول: «اجعلوا أموالي نصفَيْن: نصفها لزيدٍٍ؛ ونصفها لعمرو»، ثمّ يُبيّن في دليل منفصل أنّ مقصوده من «نصفها لزيد» نصف مالي المنقول فقط، لا كلّ أموالي؛ فإنّ هذا يوجب إلغاء التحديد بالتنصيف البيِّن أوّلاً عُرْفاً، لا التقييد والتخصيص([32]).
أقول: ويتصاعد دخان المخالفة للكتاب العزيز فيما لو شكّل العقار نسبةً عالية من التركة، أو فيما لو انحصرت التركة به فقط.
البيان الثاني
1ـ إنّ المعارضة بين تلك الروايات وبين الآية الثانية معارضة مستقرّة؛ لكون الآية صريحة في استحقاق النساء للتركة، وقد اشتملت الآية على جملة من التأكيدات الملفتة للنظر، وقد توزّعت هذه التأكيدات على الفقرات الأربعة من الآية:
أـ أمّا الفقرة الأولى فإنّها تكرار للثانية، فإنّ الجملة التي بيّنت إرث الرجال بعينها، بتركيبها وألفاظها، قد تكرَّرت في حقّ النساء، ممّا يدلّ على أنّ التوريث يثبت للرجال والنساء بنحوٍ واحد، قال تعالى: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ﴾.
فمَنْ يُعطي قرصاً من الخبز لأولاده، فتارةً يقول: «إنّ لجميع وُلْدي حقّاً في هذا القرص»، وأخرى يقول: «للكبير نصيب، وللأوسط نصيب، وللصغير نصيب»؛ فإنّ في هذين التعبيرين اشتراكاً واختلافاً، فالمعنى المشترك بينهما هو استحقاقهم للقرص، وأمّا الاختلاف بينهما فهو كون دلالة التعبير الأوّل مطلقة من حيث بيان وحدة الاستحقاق كمّاً وكيفاً، في حين أنّ دلالة التعبير الثاني مطلقة من حيث بيان وحدة الاستحقاق كمّاً، وصريحة في وحدة الاستحقاق كيفاً. وهذا الشقّ الأخير هو السبب في استحكام المعارضة.
ب ـ وأمّا الفقرة الثالثة فتدلّ على المبالغة في بيان استحقاق التوريث من جميع التركة، قال تعالى: ﴿مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ﴾، إذ إنّ العبارة الأولى كانت كافية لبيان الاستحقاق للرجال والنساء، لكن مع ذلك نرى أنّ القرآن لم يكتفِ بالعبارة المتقدّمة، فأتبعها بعبارةٍ أخرى، وما ذلك إلاّ لبيان أنّ استحقاق النساء كالرجال للتركة في كلّ جزء جزء منها، وليس هو استحقاق في الجملة، بل هو استحقاق للتركة بالجملة، فلا مجال للتقييد والتخصيص جزماً.
ج ـ وأمّا الفقرة الرابعة فهي ختم الآية وإقفالها بحتميّة هذا القانون وحدّيّته؛ فإنّ أنصبة الإرث أنصبة ثابتة قد تمّ تعيينها من قِبل الله جلّ وعلا، فلا تقبل التغيير والتبديل، قال تعالى: ﴿نَصِيباً مَفْرُوضاً﴾. وسيأتي لهذه النكتة مزيد بيان، فانتظر.
لا يُقال: إنّ الآية واردة في إرث الأنساب، لا إرث الأسباب، فلا تشمل الأزواج، سواء أكانوا رجالاً أم نساءً.
فإنّه يُقال: إنّ الآية جاءت في صدد الردّ على النظرة السائدة في المجتمع الجاهليّ من التمييز بين الذكور والإناث في الإنسانيّة، وفي الحقوق كافّةً، كما هو واضح تمام الوضوح. وهذا ما فهمه المفسِّرون، فإنّهم أهملوا حيثيّة النَّسَب، ولم يعتبروها قيداً في دلالة الآية على المساواة بين مطلق الذكور ومطلق الإناث من الورثة في استحقاق التركة، لا خصوص الورثة النسبيّين.
البيان الثالث
إنّ المعارَضة مستحكِمةٌ بين الروايات النافية لإرث الزوجة من العقار وبين الآية الثالثة، بناءً على الاستدلال بالفقرة الثانية من الآية وشموله للأزواج، وهو قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾؛ حيث إنّ الأمر ورد بدفع النصيب لصاحبه كملاً دون نقص، فمَنْ اقترض عشرة دنانير من شخص إذا أدّى إليه تسعة دنانير وثلاثة أرباع الدينار لا يصدق عليه أنّه أدّى ما عليه من قرضٍ. فالأداء ناقصاً ليس أداءً على نحو الحقيقة، نعم، هو أداءٌ مجازاً.
المناقشة
إنّه يَرِدُ على هذا البيان عدم تماميّة أصل دعوى شمول قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾ للأزواج. وتوضيح ذلك موكولٌ إلى محلّه.
البيان الرابع
ما تقدّم هو بيان المعارضة مع بعض الفقرات الواردة في بعض آيات الإرث، لكن في هذا البيان نقول بأنّه في خصوص المقام ليست المعارَضة بين حديث وآية حتّى تحلّ المشكلة من خلال اللجوء إلى قاعدة تخصيص العامّ أو قاعدة تقييد المطلق، بل المعارَضة هنا مع عدّة آيات تشتمل على أحكامٍ كثيرة جدّاً، مضافاً إلى المعارضة مع السنّة.
فإذا دار الأمر بين التخصيص لجميع الأدلّة وبين عدم تخصيص شيءٍ منها فلا ريب حينئذٍ من تقديم الثاني، وعدم ارتكاب التخصيص بالمرّة.
وما نحن فيه من هذا القبيل، حيث إنّ نفي إرث الزوجة من العقار يستلزم ارتكاب التخصيص للعديد من أدلّة الإرث، كتاباً وسنّةً، وإثباته لا يستلزم ارتكاب التخصيص لدليلٍ واحد.
البيان الخامس
إنّ البيانات المتقدِّمة لتقريب المعارَضة اعتمدت على إثبات تنافٍ بين الدلالات الخاصّة لتلك الأحاديث وبين الدلالات الخاصّة لبعض آيات الإرث. لكنْ سنحاول هنا الإفادة من إثبات التنافي مع الدلالة المجموعيّة المستفادة من مجموع آيات الإرث، وليس من خلال أخذها آية آية. ولقد تنوّعت آيات الإرث في كيفيّة الدلالة على ما تضمَّنته من أحكام. وإليك هذه الآيات:
فبعضها دلّ على الحكم بدلالة العموم، من قبيل: قوله تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ…﴾ (النساء: 33)؛ فإنّ (كلّ) من أدوات العموم؛ وقوله تعالى: ﴿لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ…﴾ (النساء: 7)؛ فإنّ المعروف أنّ الجمع المحلّى بالألف واللام يدلّ على العموم؛ وكذلك قوله: ﴿وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ﴾ (الأحزاب: 6)؛ وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلاَيَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا… * وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ… وَأُوْلُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ (الأنفال: 72 ـ 75).
وبعض الآيات دلّ على الحكم بدلالة الإطلاق، من قبيل: قوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ…﴾ (النساء: 11)، وقوله: ﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ… وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ… وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ…﴾ (النساء: 12)، وقوله: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ﴾ (النساء: 176).
إنّ لسان بعض آيات الارث ـ بل كلّها ـ ليس فقط لسان بيان للحكم الشرعيّ، بل ورد فيه بعض الخصوصيّات التي تجعلنا لا نتقبَّل الاستثناءات أو التخصيصات بسرعة، ومنها:
1ـ البيان التامّ للحكم من خلال التصريح به والتنصيص عليه وذكره مفصَّلاً، وعدم الاكتفاء بالتعويل على ظهور اللفظ، من قبيل: قوله تعالى: ﴿لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً﴾ (النساء: 7).
ففي هذه الآية نرى أنّ القرآن الكريم لم يكتفِ ببيان أنّ لكلٍّ من الرجال والنساء نصيبٌ من التركة، بل فصَّل وبيَّن حكم كلٍّ من صنفَيْ الورثة كلاًّ على حدة، وهم الرجال والنساء، فقال: ﴿لِلرِّجَالِ نَصيِبٌ… وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ﴾. هذا أوّلاً.
وثانياً: إنّ المراد من ذكر الرجال والنساء الذكور والإناث، فيكون تشريع الإرث شاملاً للجميع، وأنّه قانون للتوريث يعمّ الورثة كافّة، كقوله تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ﴾ (النساء: 33). والفرق بينهما هو بالإجمال والتفصيل. ومن أجل قطع دابر الشكّ لم يقتصر الشارع على البيان العامّ، فأردفه بهذا التفصيل.
وثالثاً: كرَّر ذكر المورّث والموروث، ولم يكتفِ ببيانه في الجملة الأولى، فأعاد فقرة مرّتين، فقال: ﴿مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ… مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ﴾.
ورابعاً: أتبع ذاك البيان بالتصريح بشمول الحكم لكلّ مالٍ متروك، سواء أكان قليلاً أم كثيراً: ﴿مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ﴾.
وخامساً: التأكيد على أنّ لكلّ وارث من هؤلاء نصيباً معيَّناً لا يمكن التلاعب فيه. ومن الواضح أنّ هذا التعيين هو من قِبل الله تعالى: ﴿نَصِيباً مَّفْرُوضاً﴾.
وهكذا الحال بالنسبة إلى سائر الآيات؛ فإنّ كلّ واحدةٍ منها اشتملت على بعض الخصائص البيانيّة التي تنمّ عن ثبات أحكام الإرث، وكونها من الأحكام المهمّة جدّاً بنظر الشارع، وأنّها من الأحكام الشاملة للجميع دون استثناء.
2ـ الاعتناء بشأن أحكام الإرث من حيث عدم الاكتفاء ببيانها على الإجمال، بل ذكرها بصورة تفصيليّة، فبيَّن مقادير السهام وأصحابها وحالاتهم المختلفة: كحالات الأب مع الولد، ومع عدمه، وحالات الأمّ مع الولد، ومع عدمه، ومع الإخوة، ومع عدمهم، وحالات الإخوة من كونهم للأب، أو للأمّ، وحالات الورثة من ناحية الانفراد والتعدّد، إلى غير ذلك من التفاصيل التي لم تَرِدْ في أيّ حكم آخر سوى الإرث، ممّا يدعو إلى استبعاد التخصيصات والتقييدات أو محدوديّتها جدّاً، بخلاف غير الإرث من الأحكام الحافلة بورودها عليها، بل لولاها لما أمكن الاكتفاء بالعمومات والمطلقات، كما هو الحال بالنسبة إلى الصلاة أو الزكاة، التي لم يفصِّل القرآن في بيان أحكامهما.
3ـ تصدّي القرآن لبيان أحكام الإرث والتصريح بأنّها مشرَّعة من قبل الله سبحانه. فعلى الرغم من أنّ جميع الأحكام الشرعيّة هي أحكام إلهيّة، سواء أكانت مبيَّنة في الكتاب العزيز أو السنّة الشريفة، إلا أنّنا نجد في هذه الآية التأكيد على أنّ أحكام الإرث هذه صادرة ومبيَّنة مِن قِبل الله تعالى، وأنّها مثبتة عند الله، كما نرى ذلك في التعابير التالية: ﴿نَصِيباً مَّفْرُوضاً﴾ (النساء: 7)، و﴿يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ… فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً﴾ (النساء: 11)، و﴿كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً﴾ (النساء: 6)، و﴿فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ﴾ (النساء: 75)، و﴿وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ… وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾ (النساء: 12).
بل تأمّل قوله تعالى: ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلاَلَةِ… يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (النساء: 176)، حيث كان السؤال موجَّهاً للنبيّ|، إلاّ أنّ الحقّ جلّ وعلا تصدّى للإجابة، ولم يكتفِ بذلك، بل صرّح بأنّ الله هو الذي يبيِّن ذلك بأقصى درجات البيان والتوضيح؛ كي لا يُبتلى المكلَّفون بأيّ غموض وتخبُّط.
4ـ التأكيد على تطبيق أحكام الإرث والترغيب في ذلك، والتحذير والتهديد من عدم إجرائها، لاحظ قوله تعالى: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ (النساء: 13 ـ 14)، وقوله: ﴿... فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْء شَهِيداً﴾ (النساء: 33).
فأنت إذا لاحظتَ هذه الآيات بدقّة، وأنعمت النظر فيها، تجدها دالّةً بوضوح، من خلال تعابيرها المختلفة، على أنّ هذه الأحكام ثابتة في كتاب الله، لا تتغيّر بنسخ أو تخصيص أو تقييد؛ حيث إنّ وصف أحكام الإرث بأنّها في كتاب الله، وأنّها مسطورة فيه، وأنّها فريضة من الله، وترغيب الممتثل لها بالجنّة، وتهديد المخالف لها بالعذاب، كلّ ذلك يدلّ على ثبات أحكام الإرث وعدم تغيُّرها بأيّ نحو من أنحاء التغيير.
إشكال
إنّ هذه الدعوى تتنافى مع ما ورد من بعض التقييدات لآيات الإرث، من قبيل: ما دلّ على موانع الإرث، وهي: الكفر؛ والقتل؛ والرقّ.
الجواب
1ـ إنّ ما ذُكر يختلف حاله عن محلّ البحث؛ وذلك لأنّ الموانع محلّ وفاق بين الإماميّة، بل بين جميع المذاهب فتوىً ورواية. مضافاً إلى أنّ النبيّ| قد تصدّى لبيان هذا الحكم. في حين لا نجد ذلك في مسألة حرمان الزوجة من العقار([33]).
2ـ إنّ نسبة أدلّة الموانع الى أدلّة الإرث ليست هي التخصيص أو التقييد، بل هي من باب الورود؛ فإنّ الممنوع خارجٌ تخصُّصاً، كما هو واضح. وليس كذلك أدلّة حرمان الزوجة لو تمّت في نفسها.
وحال أدلّة الموانع حال أدلّة استثناء الدَّيْن والوصيّة من التركة؛ فإنّها ليست من باب التخصيص، كما توهَّمه بعضٌ.
محاولة لحلّ هذا التعارض
إنّه بعد إثبات عدم إمكان الجمع العُرْفيّ بين الأحاديث النافية لإرث الزوجة من العقار وبين آيات الإرث بالتخصيص أو التقييد لابدّ من التفكير في حلٍّ فنّي للخروج من هذا المأزق، والمحاولة المقترَحة هنا هي ما أبداه السيد المرتضى، وعمّقه السيد محمود الهاشميّ.
وحاصلها هو حمل الروايات النافية لإرث الزوجة من العقار على عدم الإرث من العين، وإنّما ترث من القيمة. ولا يلزم من ذلك المحذور المتقدِّم، وهو اختلال السهام والفرائض، وإنّما يوجب هذا النحو من الجمع مجرَّد مخالفة ظهور الخطاب ـ في آية الأزواج ـ في كون السهم بنحو الإشاعة من العين. فهو على حدّ التقييد. ولعلّه من هنا صعب على السيد المرتضى القبول بمخالفة القرآن الكريم بالمستوى الأوّل، رغم إقراره بصدور الروايات، بل وإجماع الطائفة، على ثبوت حرمان الزوجة من العقار إجمالاً، فجمع بين الروايات وإجماع الطائفة وظاهر الآيات بما ذُكر، واعتبره عملاً بهما معاً، وجمعاً بين الدليلين القطعيَّيْن سنداً.
وبعبارةٍ أخرى: إنّ روايات حرمان المرأة من العقار صريحةٌ في عدم إرثها من عين الأرض، أمّا عدم إرثها من قيمتها أيضاً فهي ظاهرة في ذلك، وليست صريحةً فيه. والتعبير بقوله: «لا ترثُ من الأرض شيئاً» أيضاً قابل للحمل على عدم إرث شيء من أعيان الأرض وتربتها، فلا ينافي إرثها من قيمتها إذا كان هناك ظهورٌ أقوى يقتضي ذلك، وهو صراحة الربع والثمن ممّا تركتم في الآية الشريفة، فيرفع اليد عن ظهور كلٍّ من دلالتَيْ الآية والروايات بصراحة الآخر.
ودعوى أنّ التفكيك بين العين والماليّة في تخصيص أو تقييد الكتاب وأدلّة التوريث، بإخراج العين وإبقاء الماليّة تحتها، أمرٌ غير عُرْفيّ مدفوعةٌ بأنّه عُرْفـيٌّ في باب الأموال والحقوق. ويشهد له نفس روايات الحرمان في البناء والطوب والخشب، حيث فصّلت بين العين والماليّة في إرث الزوجة منها.
ودعوى أنّ تصريح روايات الحرمان بإعطائها من قيمة البناء، وعدم إعطائها من الأرض، يجعلها كالصريح في حرمانها من قيمة الأرض أيضاً، وإلاّ لكان يذكرها مع قيمة البناء، يدفعها أنّ ذكر إعطائها من قيمة البناء في الروايات ليس في قبال عدم إعطائها من قيمة الأرض، بل في قبال عدم إعطائها من أعيان أصول العقار والدور، فيمكن إعطاؤها من قيمتها. ولهذا جاء ذلك بلسان الاستثناء عن عدم إعطائها من العقار. فليست روايات التفصيل صريحةً في عدم إعطائها قيمة العقار؛ لكي يُقال بعدم صحّة هذا الجمع، بل سوف يأتي أنّ الروايات المفصِّلة فيها قرائن تدلّ على عدم حرمانها من قيمة العقار.
وهذا أسلوب من أساليب الجمع العُرْفـيّ، وهو حمل الظاهر على الصريح أو الأظهر عند التعارض. ولا ينافي هذا الجمع كون الروايات أخصّ موضوعاً؛ لكونها واردة في خصوص الأرض والعقار من التركة. فيكون مقتضى الصناعة التخصيص، لا التصرّف في ظهور حكم الخاصّ؛ فإنّ هذا إنّما يصحّ إذا لم يلزم من تقديم الخاصّ سوى التقييد والتخصيص للعامّ، لا إلغاء عنوان الربع والثمن والخلل فيه، والذي تكون مخالفته شديدة جدّاً عُرْفاً، وإلاّ كان العكس هو الأوفق بقواعد الجمع العُرْفـيّ.
وممّا قد يشهد على صحة هذا الجمع ما ورد في الروايات المانعة مـن التـعليل بأنّ ذلك لئلاّ تُدخِل الزوجة على الورثة مَنْ يفسد عليهم مواريثهم؛ فإنّ ظاهر هذا التعليل أنّ مواريثهم نفس المواريث والنسب، لا أنّه تزداد مواريثهم ويقلّ ميراثها من التركة، وإلاّ كان ينبغي أن يقول: ليس لها الحقّ فيها، وأنّها ميراثهم، لا ميراثها.
فالمقصود حفظ نفس مواريثهم المفروضة لهم من استئثار الزوج الجديد بها، سواء في ذلك البناء أو الأرض. وهذا يناسب حرمانها من العين فقط، وإرثها من القيمة في البناء والأرض معاً. فهذا النحو من الجمع الذي صنعه السيد المرتضى متينٌ ومتناسبٌ مع التعليل الوارد في أكثر هذه الروايات.
فيثبت مذهب السيد المرتضى& من حرمان الزوجة من عين العقار، دون القيمة، إمّا مطلقاً أو في خصوص غير ذات الولد، بناءً على العمل بصحيح ابن أذينة القادم بحثه، كما هو المشهور([34]).
مناقشة
ويُلاحَظ على هذه المحاولة: إنّ هذه المحاولة منطلقةٌ على أساس البيان الأوّل المتقدّم في تقريب وجه المعارَضة، وهو كون الآية ظاهرةً في الإرث من العين. وليس في هذا الجمع محذورٌ سوى مخالفة هذا الظاهر. وهذه ليست مشكلةً مستعصيةً، بل يمكن تجاوزها، ولا تشكِّل عقبةً كؤوداً أمامنا.
في حين أنّه لو تمّ لحاظ البيانات الأربعة الأخرى، من كون المعارضة مع الآيات والمخالفة معها ليست بمستوى مخالفة الظهور حتّى يمكن تجاوزها، بل إنّها بمستوى المخالفة مع صراحة الآيات، بل إنّ الآيات محفوفة بتحصينات قويّة تمنع من المسّ بها تحت أيّ عنوان كان، تخصيصاً أو تقييداً أو نسخاً، فعندئذٍ لا يبقى أيّ مجال للقبول بهذه المحاولة قطعاً؛ بسبب استحكام التعارض واستقراره.
أقول: ويظهر أيضاً أنّه بناءً على تلك التقريبات التي ذكرناها عدم قبول آيات الإرث للنسخ، حتّى بالكتاب نفسه، فضلاً عن النسخ بالسنّة.
هذا وقد ذكر السيد محمّد حسين فضل الله& بعض المبعِّدات للحكم بحرمان الزوجة من إرث العقار، فقال: «ثمّ إنّ المسألة محلّ ابتلاء كلّ مسلم، والمفروض أنّ مثلها لابدّ أن تكون ممّا يبيَّن حكمها بوضوح زمن الرسول|. فقد كان المسلمون يملكون دوراً وعقارات وأراضي، والواضح من القرآن أنّ حكم هذه الممتلكات حكم غيرها من ممتلكات الميت، تدخل جميعاً في التركة، ويستحقّها الورثة على وزان استحقاق غيرها. فلو كان لها حكم مغايرٌ لحكم غيرها لكان حكماً على خلاف ظاهر القرآن، ولوجب على النبيّ| بيانه، وإلاّ كان تأخيراً للبيان عن وقت الحاجة، وهو يقتضي إيقاع الناس في الحرام، بإعطاء الزوجة ما لا تستحقّ من تركة زوجها، وحرمان غيرها من حقّهم فيها»([35]).
نتيجة البحث
إنّه بعد انسداد كلّ طرق المصالحة الفنّيّة بين الروايات النافية لإرث الزوجة من العقار وبين آيات الإرث لا محيص من الإغضاء عن هذه الروايات، ولا سيّما مع عدم قطعيّة أسانيدها، وابتلائها بمعارضة أخبار أخرى.
وهي نتيجةٌ بحثيّة، لا فتوائيّةٌ، تنتظر النقد أو التأييد أو التكميل والتطوير، وإنْ كان يثقل على النفس القبول بها بدواً؛ بسبب حداثتها ومخالفتها للشهرة القويّة.
نعم، نُقل عن بعض مَنْ قارب عصرنا القول بعدم حرمان الزوجة من العقار أصلاً، لا عيناً ولا قيمة؛ عملاً بصحيح ابن أبي يعفور؛ لكونه موافقاً للكتاب([36]). وأيضاً اختاره بعض المعاصرين([37]).
الهوامش:
(*) أستاذٌ في الحوزة العلميّة، ورئيس تحرير مجلّة فقه أهل البيت^، من العراق.
([1]) العلامة الحلّي، مختلف الشيعة 9: 34.
([4]) أبو الصلاح الحلبيّ، الكافي: 374.
([5]) الصدوق، مَنْ لا يحضره الفقيه 4: 252.
([6]) الطوسيّ، النهاية: 642؛ المبسوط 4: 126.
([7]) ابن البرّاج، المهذّب 2: 140 ـ 141؛ ابن حمزة، الوسيلة: 391؛ المحقّق الحلّي، شرائع الإسلام 4: 835؛ العلامة الحلّي، قواعد الأحكام 3: 376؛ إرشاد الأذهان 2: 125.
([8]) النهاية: 642؛ المبسوط 4: 126.
([9]) ابن إدريس، السرائر 3: 259.
([10]) مَنْ لا يحضره الفقيه 4: 252.
([11]) وليُعلم أنّ هذه التسمية أو الوصف للآية بلحاظ أمرٍ مهمّ فيها، وهو حكم كلالة الأمّ، الذي تضمَّنه المقطع الثاني فيها.
وتمام النصّ: ﴿وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ﴾.
([13]) القرطبي، الجامع لأحكام القرآن 6: 29؛ السبزواريّ، مواهب الرحمن 7: 242 ـ 243.
([15]) مواهب الرحمن 7: 290 ـ 291.
([16]) ابن أبي الحديد المعتزليّ، شرح نهج البلاغة 18: 144.
([17]) انظر: رضا الصدر، رسالة الاختلاف في إرث الزوجة.
([18]) انظر: مختلف الشيعة 9: 34.
([19]) انظر: القاضي النعمان، دعائم الإسلام 2: 392 ـ 393، ح1389.
([20]) انظر: الحرّ العامليّ، وسائل الشيعة 26: 205 ـ 211، باب 6 من ميراث الأزواج.
([21]) انظر: مواهب الرحمن 7: 307؛ الجزائري، قلائد الدرر: 349.
([22]) لمزيد من الاطلاع راجع: النجفيّ، جواهر الكلام 39: 207 ـ 217؛ النراقي، مستند الشيعة 19: 359 ـ 388. وانظر أيضاً: مجلّة فقه أهل البيت^، الأعداد: 45، 46، 47، 48؛ وغيرها من مصادر فقه الإماميّة.
([23]) وسائل الشيعة 26: 206 ـ 207، باب 5 من ميراث الأزواج، ح3.
([24]) وسائل الشيعة 26: 207، باب 5 من ميراث الأزواج، ح4.
([26]) وسائل الشيعة 26: 206، باب 6 من ميراث الأزواج، ح2.
([27]) وسائل الشيعة 21: 329، باب 58 من المهور، ح9.
([28]) وسائل الشيعة 26: 212، باب 7 من ميراث الأزواج، ح1.
([29]) وسائل الشيعة 26: 213، باب 7 من ميراث الأزواج، ح2.
([30]) انظر: الخضري، أصول الفقه: 184.
([32]) مجلّة فقه أهل البيت^، العدد: 45، مقال (ميراث الزوجة من العقار / القسم 1 و2)، للسيد محمود الهاشمي.
([33]) انظر: جواهر الكلام 39: 15 ـ 48؛ الموسوعة الفقهيّة الكويتيّة 3: 22 ـ 25.
([34]) مجلّة فقه أهل البيت^، العدد: 45، مقال (ميراث الزوجة من العقار / القسم 1 و2)، للسيد محمود الهاشمي.
([35]) انظر: خنجر حميّة، فقه المواريث والفرائض (تقريراً لأبحاث السيّد فضل الله) 2: 261.
([36]) ألا وهو الشيخ الأرباب (انظر: د. حسين مهر پور، بررسي ميراث زوجه در حقوق إسلام وإيران: 132 [باللغة الفارسيّة].
([37]) انظر: فقه المواريث والفرائض (تقريراً لأبحاث السيّد فضل الله) 2: 253 ـ 284؛ الصادقي، الفرقان في تفسير القرآن 4 ـ 5: 301 ـ 309.