د. عصري الباني([1])
التصوُّر الخاطئ حول الانتخابات
من أهم الأهداف التي جاء بها ديننا الحنيف هو تخليص البشرية من العبودية للطواغيت ـ التي كانت تحكم العالم ـ آنذاك وإعطائهم الحرية لاختيار مصائرهم وإدارة مقدراتهم. ومن أجل ذلك وجدنا أن كل قوى الشر ـ التي كانت متسلطة على العالم ـ اتحدت لمواجهة هذا المنهج الجديد. ولكن هناك تصور واجهته أثناء تدريسي لطلاب الدراسات العليا وطرحي لهذا الموضوع يقول: إن الانتخابات هو مفهوم ليبرالي جديد جاءتنا به الحضارة الغربية التي قامت بعد الثورة الصناعية، وإن الإسلام ليس فيه شيء اسمه انتخابات، وإن الحكم للإمام المعصوم المنصب من الله والرسول أو نائبه وإنه من حقّه ولا حاجة حينئذ للانتخابات.
إن هذا التصور الخاطئ ناشئٌ من الخلط بين مفهومي (الحكم) و(الإمامة)، فالإمامة تكون بالتنصيب ـ كما هو الحال في الأنبياء ـ لأن الله تعالى هو الذي يعرف المعصوم الذي يبلغ أحكام دينه ويطبقها بلا زيادة أو نقصان أو تحريف، وأما الحكومة فلا بُدّ أن تكون بالانتخابات الحرة فيحصل تعاقد بين الإمام والأمة ينص على أن الإمام يقوم بواجباته تجاه الأمة والأمة تتعهد بالالتزام بتعهداتها تجاه الإمام.
إن الانتخابات الشرعية في الإسلام إذا أقيمت على أساس الاقتراع المباشر الحرّ بلا ترغيب ولا ترهيب هي التي تجعل للحاكم حقوقاً على الناس في أن يطيعوه إذا أمرهم. وتجعل لهم حقوقاً عليه وهو ما أشار إليه الإمام أمير المؤمنين(ع) بقوله: (أيها الناس إن لي عليكم حقاً ولكم علي حق. فأما حقكم علي فالنصيحة لكم. وتوفير فيئكم عليكم وتعليمكم كيلا تجهلوا وتأديبكم كيما تعلموا. وأما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة والنصيحة في المشهد والمغيب. والإجابة حين أدعوكم. والطاعة حين آمركم)([2]).
فالحقوق متبادلة بين الراعي والرعية، وهذا التبادل طبيعي يرتبط بشخصية الاثنين تماما، وأشار الإمام إلى حق الرعية عليه وهي:
1ـ الإخلاص والصدق في القول والعمل.
2ـ العدل والإنصاف في الحكم والتوزيع.
3ـ الحرص على بيت المال وتنميته، وسد حاجة ذوي الحاجات.
4ـ الإرشاد إلى كتاب الله وسنّة نبيه الصحيحة، لأن جهلهم بدين الحق يبتعد بهم عن مكارم الدنيا وحسناتها، ويغريهم بأقذارها وسيئاتها.
5ـ التأديب بالعقوبة من خلال إقامة حدود الله سبحانه.
واما حق الراعي على الرعية فهي:
1ـ الوفاء بالبيعة التي هي عقد توثيق بين الحاكم والمحكوم على أن يدبر الحاكم أمور المحكوم على أساس المصلحة، ويحفظ الأمن والنظام، ويقيم الحدود وينفذ الأحكام، وعلى كل من الطرفين أن يفي بهذا العقد، ولا يجوز فسخه بحال.
2ـ النصيحة وهي الإخلاص للحاكم، والصدق في القول والعمل إمامه وفي غيابه، لا كما يفعل أرباب الطمع والتصنع، إن حضروا عنده فملائكة، وإن غابوا عنه فشياطين.
3ـ الإجابة حين يدعوهم إلى العمل من أجل حياة أفضل.
4ـ الطاعة حين يأمرهم والاستمرار فيها، والثبات عليها.
وفي غير هذه الحالة فلا شرعية للحكم ولا للحاكم. فالحكم إذا جاء من خلال الرشوة وإعطاء الوعود الفارغة واستغلال الحالة الطائفية والعشائرية وغيرها من الأساليب، أو تحت حراب احتلال غاشم ظالم حاقد على الإسلام والمسلمين فلا شرعية للحكم ولا للحاكم. وعلى هذا قامت سيرة النبي(ص) وتابعه في ذلك أمير المؤمنين(ع) وابناؤه المعصومين، وهو ما سنتناوله من خلال هذا البحث حول منهج الإمام امير المؤمنين(ع) في هذا الموضوع.
النبيّ (صلى الله عليه وآله) والانتخابات، البيعة قبل الهجرة والمشورة قبل المعركة
عند الرجوع إلى سيرة النبي الأعظم(ص) نجد أنه بقي في مكة 13 سنة يدعو الناس بالوسائل السلمية، وكان يواجه بأقسى اساليب القمع والإرهاب فكان يحتمي بعشيرته وعلى رأسهم سيدنا أبو طالب(ع)، وهو ما أشار إليه ابن أبي الحديد بقوله: “ولم أستجز أن أقعد عن تعظيم أبي طالب، فإني أعلم أنه لولاه لما قامت للإسلام دعامة. واعلم أن حقه واجب على كلّ مسلم في الدنيا إلى أن تقوم الساعة، فكتبت على ظاهر المجلد:
ولولا أبو طالب وابنه * لما مثل الدين شخصاً فقاما
فذاك بمكة آوى وحامى * وهذا بيثرب جس الحماما”([3])
وعند وفاة أبي طالب(ع) اضطر للبحث عن مكان آخر آمن يبلغ فيه رسالته من دون مضايقات، فعن جابر بن عبد الله قال: “كان النبي(ص) يعرض نفسه على الناس بالموقف بل كان يعرض نفسه على القبائل فيقول: (هل من رجل يحملني إلى قومه فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربّي عزَّ وجلَّ”([4]).
ثم ذهب للطائف ليدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة فواجهوه بالاستهزاء ورجموه بالحجارة قال الطبري: “ولما هلك أبو طالب خرج رسول الله(ص) إلى الطائف يلتمس من ثقيف النصر والمنعة من قومه… فجلس إليهم فدعاهم إلى الله وكلمهم بما جاء لهم من نصرته على الإسلام والقيام معه على من خالفه من قومه… وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبّونه ويصيحون به حتى اجتمع عليه الناس وألجؤوه إلى حائط لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة…”([5]).
ولم يشكل عصابة ويهجم بها على قرية أو قبيلة ويستولي عليها باعتبار أنه نبي ومن حقه الحكم من دون انتخاب.
وبقي(ص) ينتظر الفرصة إلى أن جاء أهل يثرب وهنا النبي(ص) اشترط عليهم أن تكون هناك انتخابات (بيعة) تبين أن أغلب أهل يثرب راضين مقتنعين فبعث اليهم مصعب بن عمير(رض) ليعلمهم القران ويوضح لهم مبادئ الإسلام فإن حصل القبول منهم (الانتخاب) فإنه سيهاجر لهم وإن لم يحصل ذلك فإنه سيبقى في مكة، ولم يبادر إلى الهجرة بمجرد الدعوة باعتبار أنه نبي ومن حقه الحكم.
قال ابن سعد: “وكتبت الأوس والخزرج إلى رسول الله(ص) ابعث إلينا مقرئاً يقرئنا القرآن فبعث إليهم مصعب بن عمير العبدري فنزل على أسعد بن زرارة فكان يقرئهم القرآن فروى بعضهم أن مصعباً كان يجمع بهم ثم خرج مع السبعين حتى وافوا الموسم مع رسول الله(ص)…و لما حضر الحج مشى أصحاب رسول الله(ص) الذين أسلموا بعضهم إلى بعض يتواعدون المسير إلى الحج وموافاة رسول الله(ص) والإسلام يومئذٍ فاشٍ بالمدينة فخرجوا وهم سبعون يزيدون رجلاً أو رجلين في خمر الأوس والخزرج وهم خمسمائة حتى قدموا على رسول الله(ص) مكة…”([6]).
انظر إلى عبارة “والإسلام يومئذٍ فاش بالمدينة” يعني الأغلبية في زماننا الحاضر. وبعد أن تأكد وأخذ منهم البيعة هاجر إلى يثرب.
وهكذا كانت حاله في القرارات المصيرية فإذا لم تتحقق الأغلبية لا يقدم على أي من الخطوات سواء كانت حرب أو صلح وغيرها من القرارات، امتثالاً لقوله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ([7]))، فنراه يجمع المسلمين ليستشيرهم في الخروج لبدر فلما تحققت الأغلبية خرج([8])، وكان رأيه أن يبقى في المدينة ولا يخرج لقتال المشركين في أُحُد وكانت الأغلبية مع الخروج فخرج متبعاً للأغلبية بعد أن حذرهم من مغبة هذا الأمر([9])، وهكذا.
الغياب القسريّ للانتخابات في عصر الخلفاء بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله)
بعد وفاة النبي(ص) تغيرت الأوضاع ولم تحترم إرادة المسلمين في مقدراتهم بل اقتصر الأمر على مجموعة صغيرة تسمى بـ (أهل الحل والعقد) وهي بدعة تخالف روح الإسلام وأساسه الذي بيناه آنفاً، ولذلك وجدنا أن الإمام علي(ع) وقف موقفا صلباً أمام هذا الأمر واعتبره الإمام علي(ع) ارتداداً عن الإسلام، فقال: “حَتَّى إذا قَبَضَ اللهُ رَسُولَهُ(ص) رَجَعَ قَوْمٌ عَلَى الأَعْقَابِ وَغَالَتْهُمُ([10]) السُّبُلُ([11]) وَاتَّكَلُوا([12]) عَلَى الْوَلائِجِ([13]) وَوَصَلُوا غَيْرَ الرَّحِمِ وَهَجَرُوا السَّبَبَ الَّذِي أُمِرُوا بِمَوَدَّتِهِ وَنَقَلُوا الْبِنَاءَ عَنْ رَصِّ([14]) أَسَاسِهِ فَبَنَوْهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ مَعَادِنُ كُلِّ خَطِيئَةٍ وَأَبْوَابُ كُلِّ ضَارِبٍ فِي غَمْرَةٍ قَدْ مَارُوا([15]) فِي الْحَيْرَةِ([16]) وَذَهَلُوا([17]) فِي السَّكْرَةِ([18]) عَلَى سُنَّةٍ([19]) مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ مِنْ مُنْقَطِعٍ إلى الدُّنْيَا رَاكِنٍ([20]) أو مُفَارِقٍ لِلدِّينِ مُبَايِنٍ([21])“([22]).
ذكر حال الصحابة بعد وفاة رسول الله(ص) وأن قوماً منهم غيروا وبدلوا وارتدوا وقد ذكر بعض ما فعلوا في ضمن أمور:
1ـ عادوا إلى جاهليتهم كما قال تعالى: (وَ ما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أو قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ومَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً)([23])، فارتدوا عن روح الإسلام المخالف للكسروية والهرقلية التي تقوم على القهر وسلب الشعوب إرادتها.
2ـ أهلكتهم الآراء التي اعتمدوها وذهبوا إليها لأنها لم تستند إلى كتاب الله أو سنّة رسول الله(ص).
3ـ اعتمدوا في أخذ قراراتهم على بطانتهم التي هي أقاربهم وخواصّهم ومن ينتفع بوجودهم وهذه البطانة أفسدت وما أصلحت وضلت وأضلت.
4ـ إنهم أمروا بأن يوصلوا رحم رسول الله وهم أهل بيته فقطعوها ووصلوا غيرها ممن لا تستحق الصلة.
5ـ وهجروا السبب الذي أمروا بمودته وهم آل رسول الله(ص) فعن أبي سعيد قال: قال رسول الله(ص): “إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود من المساء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وانهما لن يفترقا حتّى يردا على الحوض”([24]). وقد أمر الله الأمة بمودة أهل البيت(عم) حيث قال تعالى: (قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)([25]). خطب الحسن بن علي الناس حين قتل علي فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (…أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي وأنا ابن النبي وأنا ابن الوصي وأنا ابن البشير وأنا ابن النذير وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنه وأنا ابن السراج المنير وأنا من أهل البيت الذي كان جبريل ينزل إلينا ويصعد من عندنا وأنا من أهل البيت الذي أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً وأنا من أهل البيت الذي افترض الله مودتهم على كل مسلم فقال تبارك وتعالى لنبيه(ص): (قل لا أسئلكم عليه أجراً إلاَّ المودة في القربى ومَنْ يقترف حسنة نزد له فيها حسناً)، فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت. قال الحاكم: “هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه”([26]).
6ـ إن الإسلام كلّ لا يتجزأ وكل حكم في موقعه تناول أعظم أمور الأمة من الإمامة والولاية إلى أصغرها وأحقرها لا تجد فيه زيادة ولا نقيصة أكمله الله وأتمه وهؤلاء قد نقضوا هذا البناء المحكم المرصوص المتصل المتكامل وغيّروا أحكام الله في طريقة انتخاب الحاكم وسلبوه فهو بناء في غير موضعه فمن نقله مجرم ومن أخذه أشد إجراماً.
7ـ إن كل خطيئة تستند إليهم وكل ضال يعتمد عليهم، باغتصابهم الخلافة فلولاهم لم يستطع أحد أن يجرأ على سلب الناس إرادتهم والقفز على الحكم، إنهم أسسوا أساس الظلم وشيدوا بناءه ولا يزال أبناؤهم حتى اليوم يحتجون بأفعالهم.
8ـ إن كل ضال ومنحرف يتخرج عن أيديهم ويخرج من أبوابهم لأنهم أساس الضلال وأساتذته.
9ـ انهم حائرون في تردّدهم لا يهتدون إلى الحقّ سبيلاً لأنهم بعد أن تركوا أعلام الهدى وأئمة التقى ضلّوا وتحيروا ولم يهتدوا.
10ـ غابت أفكارهم في سكرة الجهل، وللجهل سكرة منكرة.
11ـ إنهم على سنّةٍ من آل فرعون سنة الضلال والانحراف القائمة على سلب الأمم إرادتها والحكم المطلق غير المستند على الإرادة الشعبية فهم بين رجلين بين رجل انقطع إلى الدنيا فهي عنده كل شيء ولا شيء بعدها قد أخلد إليها وسعى من أجلها وعمل كل شائنة للحصول عليها لا يمنعه دين أو يردعه ضمير أو خلق قويم وبين رجل مفارق للدين مجانب له يحاربه ويحارب من يحمله أو يتدين به([27]).
فلم يكن اعتراض الإمام(ع) من جهة أنه منصوص عليه فقط، بل من جهة المخالفة للقانون الإسلامي في اختيار الحاكم والذي يقوم على الانتخاب الحرّ المباشر بلا ترغيب ولا ترهيب.
ومن هنا روي له شعر في هذا المعنى:
فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم * فكيف بهذا والمشيرون غيب
وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم * فغيرك أولى بالنبي وأقرب([28])
فالإمام يطعن بهذه الشورى ويقول: كيف تكون شورى والمشيرون غيب عن بيعة السقيفة، وهم معظم الصحابة، والحاضرون منهم عند البيعة اختلفوا فيما بينهم، وبعضهم شهر سيفه على من بايع.
قال ابن أبي الحديد: “حديثه في النثر والنظم المذكورين مع أبي بكر وعمر، قال: أما النثر فالى عمر يوجهه، إن أبا بكر لما قال لعمر: امدد يدك أبايعك، قال له عمر: أنت صاحب رسول الله في المواطن كلها شدتها ورخائها، فامدد أنت يدك، فقال علي(ع): إذا احتججت لاستحقاقه الأمر بصحبته إياه في المواطن كلها فهلاّ سلمت الأمر إلى من شركه في ذلك وزاد عليه بالقرابة. وأما النظم فموجه لأبي بكر لأن أبا بكر حاج الانصار في السقيفة فقال: نحن عترة رسول الله(ص) وسلَّم وبيضته التي تفقأت عنه، فلما بويع احتج على الناس بالبيعة وأنها صدرت عن أهل الحل والعقد، فقال علي(ع): أما احتجاجك على الأنصار بأنك من بيضة رسول الله(ص) وسلَّم ومن قومه فغيرك أقرب نسباً منك إليه، وأما احتجاجك بالاختيار ورضا الجماعة بك فقد كان قومٌ من جملة الصحابة غائبين لم يحضروا العقد فكيف يثبت”([29]).
موقف عليٍّ (عليه السلام) من الشورى العُمَرية
ومن هذا المنطلق اعترض الإمام علي(ع) على الشورى العمرية لانها لا تمثل الإرادة الشعبية للامة فقال: “حَتَّى إذا مَضَى لِسَبِيلِهِ جَعَلَهَا فِي جَمَاعَةٍ زَعَمَ أَنِّي أَحَدُهُمْ فَيَا لَلَّهِ وَلِلشُّورَى مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الْأَوَّلِ مِنْهُمْ حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إلى هَذِهِ النَّظَائِرِ لَكِنِّي أَسْفَفْتُ إِذْ أَسَفُّوا وَطِرْتُ إِذْ طَارُوا فَصَغَا رَجُلٌ مِنْهُمْ لِضِغْنِهِ وَمَالَ الْآخَرُ لِصِهْرِهِ مَعَ هَنٍ وَهَنٍ“([30]).
رواه الشيخ الصدوق والشيخ المفيد والشيخ الطوسي والشيخ الطبرسي([31]).
يحكي الإمام ما جرى لعمر عندما ضربه أبو لؤلؤة، فإن عمر جعل الخلافة بين أيدي ستة من المسلمين وتجاهل بقية المسلمين مخالفاً لسيرة النبي(ص) وكان الإمام أحدهم وهم علي وعثمان وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف، ثم استغاث فقال يالله وللشورى التي وضعني عمر فيها وجعلني أحد أفرادها، وأي شورى مشوهة تلك التي ضمت علياً وقرنته إلى غيره ممن لا يقاربه، فكيف يسوى بين العالم والجاهل والعابد والفاسق والمؤمن والكافر، والمحق والمبطل والنور والظلمة. لقد كان علي(ع) أفضل من أبي بكر ولا يقبل أن يقارن به فكيف يقارن بهؤلاء ويساويهم؟!
ثم اعتذر عن نفسه في قبول هذا الوضع تمهيداً لما بعده ولما يأتي خلفه فيقول تصاغرت وتنازلت عن مقامي عندما أنزلوني عنه وتابعتهم عند ما أرادوا مني ذلك من أجل مصلحة الإسلام والمسلمين، ولكن أبَتْ الأحقاد والأضغان والانحراف والضلال إلا أن تجرّهم إلى هواهم وتقودهم إلى رداهم حيث اجتمع أصحاب الشورى العمرية لاختيار الخليفة، وكانت المظلمة الكبرى والانحراف العظيم والضلال البعيد عند ما مال رجل وهو سعد بن أبي وقاص إلى عثمان لحقده الذي يحمله على الإمام لأن أم سعد أموية والإمام هو قاتل الأمويين فمال سعد إلى أخواله الذين منهم عثمان حقداً على الإمام. ومال الآخر وهو عبد الرحمن بن عوف لصهره وهو عثمان لأن أخت عثمان كانت تحت عبد الرحمن بن عوف مع هذا الانحراف كان هناك معايب ومعايب غضّ عنها النظر.
الانتخابات (البيعة) في العهد العلويّ
من هذا المنطلق فان الناس عندما جاؤوا إلى الإمام علي(ع) بعد مقتل عثمان لم يتسلم الإمام مقاليد السلطة مباشرة باعتبار أنه إمام معصوم منصوص عليه بل قام بالإجراء القانوني المتقدم الذي يجعله حاكماً وهو الانتخابات الحرة النزيهة أو ما يعبر عنه بـ (البيعة) اتباعاً لسنة رسول الله(ص) المتقدّمة.
ونجد الإمام علي(ع) يؤكّد دائماً ـ قبل المطالبة بطاعته ـ على أن انتخابه كان شرعياً وعليه فعلى الأمة ان تطيعه لان البيعة والانتخابات تعاقد بين الحاكم والمحكوم فعلى الحاكم ان يقوم بواجباته اتجاه الأمة وعلى الأمة أن تطيع الحاكم في قراراته.
وقد بين الإمام(ع) الطريقة التي انتخب بها في مجموعة من النصوص نذكر بعضها:
1ـ قال في خطبة له(ع) ويصف فيها أصحابه بصفين حين طال منعهم له من قتال أهل الشام: “فَتَدَاكُّوا([32]) عَلَيَّ تَدَاكَّ الْإِبِلِ الْهِيمِ([33]) يَوْمَ وُرُوْدِهَا([34]) قَدْ أَرْسَلَهَا([35]) رَاعِيهَا([36]) وخُلِعَتْ مَثَانِيهَا([37]) حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُمْ قَاتِلِيَّ أو بَعْضُهُمْ قَاتِلُ بَعْضٍ لَدَيَّ“([38]).
فالإمام(ع) يامرهم بالقتال وهم يمتنعون هنا الإمام لم يقل لهم: أنا إمام معصوم ويجب طاعتي بل قام بتذكيرهم بـ (البيعة) التي هي عقد بين الحاكم والمحكوم فاذا أمرهم الحاكم المنتخب بطريقة صحيحة فهنا يجب عليهم الامتثال وإذا لم يفعلوا فهنا يتعرضون للخزي الدنيوي والعذاب الأخروي بسبب إخلالهم بشروط العقد.
فذكرهم كيف اجتمع الناس عليه وازدحموا لمبايعته بلا ترهيب ولا ترغيب وقد شبههم بالجمال التي حلّ راعيها عقالها وأرسلها نحو مشربها المعدّ لها فإن من رأى ذلك رأى شيئاً عجيباً في المسابقة والتدافع من أجل الوصول إلى الماء، وقد كان المسلمون بعد مقتل عثمان يتعطّشون لحكم الإمام(ع) وخلافته فلذا ازدحموا عليه يبايعونه ولم يتخلف منهم إلاّ بضع نفر أصحاب مصالح ومنافع أو كان في قلوبهم حقد وحسد على الإمام ويصف ذلك الازدحام بحيث بلغ مبلغاً ظنّ أنهم سيقتلونه أو يقتل بعضهم لبعض عنده وهو تصوير لمدى اندفاع الناس ومسارعتهم إلى بيعته.
ومن كانت بيعته كذلك فيجب طاعته وعدم مخالفته.
2ـ قوله(ع): “في جيش ما منهم رجل إلاّ وقد أعطاني الطاعة وسمح لي بالبيعة طائعاً غير مكره”([39]).
و الأصل فيه كتاب كتبه(ع) للناس ليقرأ عليهم لمّا سألوه عن الخلفاء الثلاثة الذين سبقوه بعد فتح معاوية لمصر، رواه الثقفي في (الغارات)([40])، وابن رستم الطبري في كتابه (المسترشد)([41]).
فكل أصحاب الجمل في جيش الناكثين كان قد بايع الإمام بيعة شرعية، أو رضي ببيعته، القائد منهم والمقود، طائعاً غير مكره حتّى مروان بن الحكم، وجيشهما وإن كان مقدار منهم من مكّة ومقدار منهم من البصرة، وهم لم يحضروا بيعته(ع)، إلاّ أنّ عمّاله(ع) كانوا أخذوا منهم البيعة. والغرض من كلامه إبطال توهّم كون بيعتهم على وجه الإكراه كما ادّعاه طلحة والزبير.
هنا ينبغي الالتفات إلى أنه يقول: إن قتالي لهم لا بعنوان أني إمام منصوص عليه بل بعنوان أنه الشخص المنتخب انتخاباً شرعياً (مباشراً حرّاً بلا ترغيب أو ترهيب) من قبل أغلبية المسلمين الساحقة وهو ما نبهنا عليه سابقاً من التفريق بين منصب الإمامة التي لا تكون إلاّ بالنص والحكومة التي لا تكون إلاّ من خلال الانتخابات.
3ـ من كلام له(ع) في وصف بيعته بالخلافة: “فَتَدَاكُّوا([42]) عَلَيَّ تَدَاكَّ الإِبِلِ الْهِيمِ([43]) يَوْمَ وُرُوْدِهَا([44]) قَدْ أَرْسَلَهَا([45]) رَاعِيهَا([46]) وخُلِعَتْ مَثَانِيهَا([47]) حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُمْ قَاتِلِيَّ أو بَعْضُهُمْ قَاتِلُ بَعْضٍ لَدَيَّ“([48]).
هذا الكلام منه(ع) في وصف بيعته يتوجه به إلى الناكثين كي يكفوا لأن من تمت له البيعة بهذه المثابة لم يكن لأحد أن يخرج عليه أو ينكث بيعته وقد بيّن أنه(ع) أخذوا يده فبسطوها للبيعة فكان يمتنع عنها وكانوا يمدونها وهو يقبضها كناية عن تمنعه وعدم رغبته بالخلافة لأنه يعلم ما سيجري ويحدث ولكنهم رغم امتناعه ورفضه ازدحموا عليه ازدحاماً شديداً يدفع بعضهم بعضاً وقد شبههم بما يرونه، شبههم بالإبل العطاش التي سرحت يوم شربها فإنها تزدحم ويدفع بعضها بعضاً كل واحد يريد الوصول إلى الماء والارتواء منه وأخذ نصيبه وهؤلاء قد اجتمعوا على الإمام كلّ يريد أن يصل إليه ليبايعه ويصفّق على يمينه حتى بلغ من شدة الإزدحام أن انقطع الحذاء لأن بعضهم يدوس على أرجل البعض وسقط الرداء بحيث اشتغل كل بنجاة نفسه من هذا الازدحام فأدى إلى سقوط الرداء وبلغ من اشتغال الناس وازدحامهم أنهم لم ينتبهوا إلى الضعيف فوطئ وديس وهذا لا يكون إلاّ عند الاضطرار وعدم الانتباه من أجل أمر مهمّ.
ثم أشار إلى أمور خارجة عن العادة وأن من لا يهمه ذلك ومن ليس من شأنه كالصغير فإنه فرح ببيعة الإمام وانشرح لها وتحرك نحوها الهرم الكبير الذي لا يستطيع المشي إليها إلاّ بمشقة لفرحه وسروره مشى متحملاً المشقة والتعب وحتى المريض تحامل على نفسه وتكلف المجيء للبيعة رغبة في إتمامها لأهلها.
وكذلك الصبايا اللاتي من شأنهن الستر والعفاف حسرن فرحاً بذلك ورغبن فيها وإذا كان كل هؤلاء قد أقدموا على البيعة وفرحوا بها فحق أن لا يخرج أحد عليها أو ينكثها ولكن القلوب المريضة مهما جئتها بألف آية وآية تبقى على مرضها ولن يشفيها إلاّ حدّ السيف.
4ـ ومن النصوص التي أكّد فيها الإمام على شرعية ومشروعية حكمه لانه جاء إلى الحكم من خلال انتخابات حرّة باقتراع مباشر بلا ترغيب ولا ترهيب قوله(ع): “لَمْ تَكُنْ بَيْعَتُكُمْ إِيَّايَ فَلْتَةً([49]) ولَيْسَ أَمْرِي وأَمْرُكُمْ وَاحِداً إِنِّي أُرِيدُكُمْ للهِ وأَنْتُمْ تُرِيدُونَنِي لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ أَعِينُونِي عَلَى أَنْفُسِكُمْ وأيْمُ اللهِ([50]) لأُنْصِفَنَّ الْمَظْلُومَ مِنْ ظَالِمِهِ ولأَقُودَنَّ الظَّالِمَ بِخِزَامَتِهِ([51]) حَتَّى أُورِدَهُ مَنْهَلَ([52]) الْحَقِّ وإِنْ كَانَ كَارِهاً“([53]).
و الأصل في هذا الكلام ما رواه الشيخ المفيد([54])، وما رواه الدينوري([55]).
وهذا الكلام منه(ع) رد على بعض أصحابه الذين يريدون أن يستفيدوا من خلافته وينتفعوا من وجوده فقال لهم: لم تكن بيعتكم لي فلتة أي في ساعة صعبة وبدون تفكير منكم وإدراك لما أتولاه وما أقوم به وما هو دوري فيها وعملي، بل كنتم بكامل قواكم العقلية وإدراكاتكم فلذا يجب أن تتحملوا ما أريد ولا أريد إلا الصالح العام.
و هذا الكلام منه تعريض ببيعة الخليفة الاول التي تمت في ظروف غير اعتيادية فاغتنمها لصالحه في غياب وعي المسلمين وعدم تماسكهم وعدم معرفتهم بما يخطط من بعض الناس للخلافة. وهو ما صرح به الخليفة الثاني بقوله: “كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمّت، ألا وإنها قد كانت كذلك ولكنّ الله وقى شرّها”([56]).
ثم أشار إلى المفارقة الصارخة بين ما يريد وما يريدون، اذ لا جامع مشترك بينه وبينهم بل فرّقت الأهداف بينهم فهو يريدهم لله في نياتهم وفي عملهم وفي كل حركات حياتهم وأما هم فيريدونه لأنفسهم، يريدونه لمصالحهم ومآربهم الشخصية، يريدونه من أجل منافعهم وما يعود عليهم بالفائدة، وشتان ما بين الإرادتين.
ثم خاطبهم وطلب معونتهم على أنفسهم بأن يلتزموا الحدود فيقيموا العدل والحق ويطبقوا الشريعة بحمل أنفسهم عليها. ثم أقسم بالله يميناً صادقة أنه سيأخذ الحق من الظالم للمظلوم قهراً عنه ومهما كان الظالم متعالياً وصاحب قوة فإنه سيذلّله بالحق الذي فرضه الله عليه ويقوده إليه حتى يورده إلى الحق والعدل وإن كان كارهاً للحق ورافضاً له.
5ـ ومن كلام له(ع) يعني به الزبير في حال اقتضت ذلك: “يَزْعُمُ([57]) أَنَّهُ قَدْ بَايَعَ بِيَدِهِ ولَمْ يُبَايِعْ بِقَلْبِهِ فَقَدْ أَقَرَّ بِالْبَيْعَةِ وادَّعَى الْوَلِيجَةَ([58]) فَلْيَأْتِ عَلَيْهَا بِأَمْرٍ يُعْرَفُ وإِلاَّ فَلْيَدْخُلْ فِيمَا خَرَجَ مِنْهُ“([59]).
بايع الزبير للإمام بيعة مكشوفة رآها العام والخاص دون إجبار ولا إكراه ولما عرف أنه لن ينال من خلافته شيئاً أراد أن يهرب منها ويتهرب مما أعطاه فادعى عندها أنه بايعه بيده ولم يعقد على البيعة قلبه ويصل هذا الكلام إلى الإمام فيرّد عليه مبطلاً دعواه مكذبا مدعاه بحجة عقلانية تبانى عليها كل الناس ومفادها ومضمونها: إن من أعطى أمراً ظاهراً من قول أو فعل يكون حجة له كما يكون حجة عليه ولا يمكن أن يخرج عنه أو يعتذر منه إلاّ إذا جاء بحجة أقوى ينفي ظهور ذلك الفعل أو القول وهذا ما احتج به الإمام فقد أقرّ بالبيعة حيث بايعه جهاراً نهاراً وإمام جمهور الناس فما يدعيه من أنه لم يكن من قلبه فهذه الدعوى تحتاج إلى إثبات وإثباتها متعذر مستحيل لا يمكن إدراكه أو تحقيقه فالناس لها علم ومعرفة بما يقع تحت نظرها وأما ما في القلوب فالله وحده العلاّم وإذا تعذّر ذلك فما على الزبير إلا الرجوع إلى البيعة وإبطال نقضها. فهو قد كان داخلاً في البيعة وقد خرج منها بنكثها فما عليه الآن بعد أن عجز عن إثبات ما يضمره إلاَّ أن يعود إلى البيعة التي خرج منها.
6ـ ومن كلام له(ع) كلّم به بعض العرب، وقد أرسله قوم من أهل البصرة، لما قرب(ع) منها، ليعلم لهم منه حقيقة حاله مع أصحاب الجمل لتزول الشبهة من نفوسهم، فبيّن له(ع) من أمره معهم ما علم به أنّه على الحقّ، ثمّ قال له: بايع، فقال: إنّي رسول قوم، ولا احدث حدثا حتى أرجع إليهم. فقال(ع): “أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ الَّذِينَ وَرَاءَكَ بَعَثُوكَ رَائِداً([60]) تَبْتَغِي لَهُمْ مَسَاقِطَ الْغَيْثِ فَرَجَعْتَ إِلَيْهِمْ وأَخْبَرْتَهُمْ عَنِ الْكَلأ ([61]) والْمَاءِ فَخَالَفُوا إلى الْمَعَاطِشِ([62]) والْمَجَادِبِ مَا كُنْتَ صَانِعاً؟” قَالَ: كُنْتُ تَارِكَهُمْ ومُخَالِفَهُمْ إلى الْكَلأ والْمَاءِ فَقَالَ(ع): “فَامْدُدْ إذاً يَدَكَ” فَقَالَ الرَّجُلُ: فَوَاللهِ مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَمْتَنِعَ عِنْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيَّ، فَبَايَعْتُهُ(ع) والرَّجُلُ يُعْرَفُ بِكُلَيْبٍ الْجَرْمِيِّ([63]).
والأصل فيه رواية الطبريّ([64]). وفي جمل المفيد([65]).
هذا الكلام منه(ع) يتضمن بياناً بوجوب اتباع الحق متى ظهرت معالمه ولا يجوز التسويف فيه أو التأخير إلى وقت آخر أو الرجوع إلى آخرين، وأيضاً ضرورة احترام إرادة الناس في انتخاب الحاكم لا ما تقوم به النظم الاستبدادية في إجبار الناس على البيعة.
فقد قام الإمام(ع) بإقناعه فقال: لو كنت سفيراً من قبل هؤلاء القوم الذين بعثوك لتبحث لهم عن مواطن العشب والماء وبعد تجوالك ودورانك رجعت إليهم وأخبرتهم بوجود مطلبهم في أماكن معينة ولكنهم عصوك وخالفوك ولم يقبلوا منك بل ذهبوا إلى الأماكن الجرداء القاحلة التي لا عشب فيها ولا ماء ما ذا كنت تفعل معهم أ تتركهم وتذهب حيث رأيت الكلأ والماء أو تذهب معهم مع علمك بخطئهم… فقال الرجل الذي يطلب الحق ويقول الصدق: نعم كنت أتركهم وأذهب إلى حيث الكلأ والماء. فقال(ع): إذا لزمتك الحجة وقد رأيت الحق فامدد يدك إليّ وبايع. فقال الرجل وهو يقسم بالله: إنه لم يستطع أن يمتنع عن طلب الإمام فبايعه بعد قيام الحجة عليه.
7ـ من كتاب له(ع) إلى طلحة والزبير مع عمران بن الحصين الخزاعيّ([66])، ذكره أبو جعفر الإسكافي([67])في كتاب (المقامات) في مناقب أمير المؤمنين(ع): “أَمَّا بَعْدُ فَقَدْ عَلِمْتُمَا وإِنْ كَتَمْتُمَا([68]) أَنِّي لَمْ أُرِدِ النَّاسَ حَتَّى أَرَادُونِي ولَمْ أُبَايِعْهُمْ حَتَّى بَايَعُونِي وإِنَّكُمَا مِمَّنْ أَرَادَنِي وبَايَعَنِي وإِنَّ الْعَامَّةَ([69]) لَمْ تُبَايِعْنِي لِسُلْطَانٍ غَالِبٍ ولا لِعَرَضٍ([70]) حَاضِرٍ فَإِنْ كُنْتُمَا بَايَعْتُمَانِي طَائِعَيْنِ فَارْجِعَا وتُوبَا إلى اللهِ مِنْ قَرِيبٍ وإِنْ كُنْتُمَا بَايَعْتُمَانِي كَارِهَيْنِ فَقَدْ جَعَلْتُمَا لِي عَلَيْكُمَا السَّبِيلَ([71]) بِإِظْهَارِكُمَا الطَّاعَةَ وإِسْرَارِكُمَا الْمَعْصِيَةَ ولَعَمْرِي مَا كُنْتُمَا بِأَحَقِّ الْمُهَاجِرِينَ بِالتَّقِيَّةِ والْكِتْمَانِ وإِنَّ دَفْعَكُمَا هَذَا الأَمْرَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَدْخُلا فِيهِ كَانَ أَوْسَعَ عَلَيْكُمَا مِنْ خُرُوجِكُمَا مِنْهُ بَعْدَ إِقْرَارِكُمَا بِهِ وقَدْ زَعَمْتُمَا أَنِّي قَتَلْتُ عُثْمَانَ فَبَيْنِي وبَيْنَكُمَا مَنْ تَخَلَّفَ([72]) عَنِّي وعَنْكُمَا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ يُلْزَمُ كُلُّ امْرِئٍ بِقَدْرِ مَا احْتَمَلَ فَارْجِعَا أَيُّهَا الشَّيْخَانِ عَنْ رَأْيِكُمَا فَإِنَّ الآنَ أَعْظَمُ أَمْرِكُمَا الْعَارُ([73]) مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَجَمَّعَ الْعَارُ والنَّارُ والسَّلامُ“([74]).
هذا الكتاب بعث به الإمام إلى طلحة والزبير يحتج به عليهما نكثهما للبيعة ومخالفتهما له وينصحهما بالعودة إلى الطاعة والتوبة. يخبرهما الإمام(ع) إنه لم يطلب من الناس البيعة بل أنه اعتزل بعد قتل عثمان وكف يده عند ما طلب الناس منه أن يبايعوه حتى ازدحموا عليه وأصروا على استخلافه، وعندما أصرّ الناس على بيعته وطلبوا منه أن يتولى الأمر أذعن واستجاب وقد بايعوه وكان ممن بايعه طلحة والزبير.
ثم برهن على صحة خلافته وأن عقد الخلافة له صحيح سليم وأن هذا الأمر يكون حجة عليهما وهو أن الناس وعامة المسلمين قد بايعته ولم تكن بيعتها له بالقهر والقوة والغلبة ويجمعها الترهيب كما لم تكن بيعتها للمغانم والمناصب والرشوة وغيرها ويجمعها الترغيب فإذا كانت بيعة الناس لي عن طواعية واختيار ولم تكن عن قهر واضطرار فهي بيعة صحيحة شرعية تلزم جميع الناس.
ثم احتجّ بحجة دامغة محكمة يقول لهما: لا يخلو أمركما إما أن تكونا قد بايعتما طائعين أو مكرهين إن بايعتما طائعين وعن اختيار فما على من فعل ذلك ثم تمرد وعصى إلاّ أن يتوب إلى الله عن هذه المعصية ويرجع إلى الله قبل أن يزداد إثماً ومعصية. وإن كنتما قد بايعتما مكرهين فقد جعلتما لي عليكما الحجة القاطعة والسبيل الواضح أمام الناس وأمام الله لأنكما أصبحتما منافقين مخادعين تظهران الطاعة من حيث تبايعان ظاهراً وتسران المعصية والتمرد والغدر باطناً.
ثم أراد الاحتجاج عليهما أيضاً بحجة أخرى وهو أنه إن قلتما: إنما خوفاً على أنفسنا بايعنا فإن هذا ليس بصحيح لأن المسلمين المهاجرين كانوا أحقّ بالتقية وحفظ أنفسهم لأنهم لم يكن لهم أتباع وحاشية وجماعة تمشي خلفهم ومع ذلك بايعوا وكانوا أحق بالتقية ولم يدّعها أحد فدعوتكما لها مع ما معكما غير صحيح.
ثمّ احتج عليهما بغباء الطريقة التي اختاراها فإن عدم بيعتكما لي من أول الأمر وعدم الدخول فيها من رأس أيسر وأسهل عليكما من هذا الخروج فكان ينبغي عليكما أن لا تدخلا ثمّ تحاولا الخروج لأن الخروج بعد الدخول صعب لا يقبل وليس له مبرِّر شرعي ولا عرفي.
و بعد أن أبطل دعوتهما التي تقول: إنهما بايعا مكرهين أراد أن يبطل دعواهما بأنه هو الذي قتل عثمان وقد أحال الأمر إلى من تخلف في المدينة ممن لم يخرج معه ولا معهما فإن هؤلاء المتخلفون في المدينة يعرفون القاتل ويحكمون عليه وعليهما ويجب أن يحمل كلّ منا ما يلزمه من هذا الأمر.
ثم وجه لهما نصيحة من القلب بالرجوع عن رأيهما في نكث البيعة وإعلان الحرب عليه فإن أعظم ما يتصوره الناس أن هذا من العار لأنهما أقدما على أمرٍ لايجوز وفي الرجوع أمر تأنف منه النفس وقد يعيّر به المرء ولكنه أفضل من الإصرار على المعصية وارتكاب الذنب. أفضل من إكمال الشوط الضالّ الذي لا يجوز فالاستمرار على التمرد معصيةٌ وعار فإذا أكملا المعصية فإنهما يجمعان العار في الدنيا والنار في الآخرة وكأنه(ع) يعلم مصيرهما المشؤوم ونهايتهما التعيسة وقد اجتمع لهما العار والنار. أما الزبير فقد رجع بعد اشتداد الحرب فقتله ابن جرموز بوادي السباع غيلةً فبعد أن سعّر الحرب فرّ من لظاها فتحمّل وزرها وتبعاتها في الآخرة وفرّ فرار الذلّ والعار في الدنيا. وأما طلحة فقد رماه مروان بن الحكم غيلةً بسهم فقتله فكان يقول: ما رأيت شيخاً أضيع دماً منّي فتأسَّف وحزن وكسب عاراً لا يمحى هذا عار الدنيا. أما نار الآخرة فلتمرّدهما ومعصيتهما وفكهما لعرى الوحدة ونزاعهما صاحب الحق في حقه حتى جرّأ كل منهما معاوية أن ينزع يد الطاعة ويفارق الجماعة ويعلن المعصية والعدوان.
8ـ قوله(ع): “فَمَا رَاعَنِي([75]) إِلاَّ والنَّاسُ كَعُرْفِ الضَّبُعِ([76]) إِلَيَّ يَنْثَالُونَ([77]) عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ حَتَّى لَقَدْ وُطِئَ([78]) الْحَسَنَانِ وشُقَّ عِطْفَايَ([79]) مُجْتَمِعِينَ حَوْلِي كَرَبِيضَةِ([80]) الْغَنَم“([81]).
يصف الإمام بيعته وكيف تمت، إنها بيعة أفزعته ولفتت ناظره لأنها على خلاف المتوقَّع إذ كان يتوقع من الناس أن ينكفئوا على أنفسهم ويبتعدوا عن الساحة فإذا بهم يزدحمون عليه ويتتابعون إليه بصورة غريبة إنهم أحاطوا به من كل جانب يريدون بيعته حتى من شدّة ازدحامهم عليه ورغبتهم فيه لم يلتفت أحد منهم إلى الحسن والحسين وأخذوهما في طريقهم ومن شدة الضغط عليه خدش جانباه مجتمعين حوله كالغنم عند ما تجتمع في مراحها فتزدحم على بعضها هكذا كانوا حوله وبهذا الشكل كانت رغبتهم به.
9ـ ومن النصوص التي دلت على عدم إجبار الناس على بيعته أنَّ الْحَارِثَ بْنَ حَوْطٍ أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ: أَتَرَانِي أَظُنُّ أَصْحَابَ الْجَمَلِ كَانُوا عَلَى ضَلَالَةٍ فَقَالَ(ع) : “يَا حَارِثُ إِنَّكَ نَظَرْتَ تَحْتَكَ ولَمْ تَنْظُرْ فَوْقَكَ فَحِرْتَ إِنَّكَ لَمْ تَعْرِفِ الْحَقَّ فَتَعْرِفَ مَنْ أَتَاهُ ولَمْ تَعْرِفِ الْبَاطِلَ فَتَعْرِفَ مَنْ أَتَاهُ“، فَقَالَ الْحَارِثُ: فَإِنِّي أَعْتَزِلُ مَعَ سَعْدِ بْنِ مَالِكٍ وعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ(ع): “إِنَّ سَعْداً وعَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ لَمْ يَنْصُرَا الْحَقَّ ولَمْ يَخْذُلا الْبَاطِلَ“([82]).
رواه البلاذري في (انساب الأشراف)([83]) واليعقوبي في (تاريخه)([84]).
هذه شبهة دخلت في ذهن هذا الرجل لبساطته وقلة معرفته وعدم إحاطته بالأمور فهو يستنكر أن يكون أصحاب الجمل على ضلالة وردّ الإمام(ع) عليه: إنك يا حارث قصير النظر عديم المعرفة لأنك رأيت أصحاب النبي وزوجته فقلت إذن الحق معهم وإلى جانبهم وهذا هو الخطأ فالحق لا يعرف بالرجال بل القضية بالعكس متى عرفت الحق والباطل عرفت الرجال وأنهم على الحق أو الباطل.
ثم أراد أن يتخلّص بأسلوب آخر فقال: إن سعيد بن مالك وعبد الله بن عمر اعتزلا القتال واجتنبا الفتنة وعملهما هذا جيّد مبرئ للذمة. فأجابه الإمام(ع) إنهما لم ينصرا الحقّ المتمثل بالخلافة الشرعية ولم يدافعا عن القيادة وأهدافها أو يبيِّنا للناس وجه الصواب، ولم يخذلا الباطل المتمثِّل بمعاوية وأصحابه والمسلم لا يعيش بهذه الصورة بل رسالته توجب عليه أن ينصر الحق ويدافع عنه ويخذل الباطل ويخزي النفاق فعمل الرجلين ليس شرعياً ولا صحيحاً فأنت لا يمكن أن تقتدي بهما.
الحسين (عليه السلام) على نهج جدِّه وأبيه
هناك تساؤلٌ لماذا اختار الإمام الكوفة ولم يختر مكاناً آخر رغم معايشته لتجربة أبيه وأخيه من قبل ورغم التحذيرات من قبل مجموعة كبيرة من الصحابة وأصحاب الرأي؟ والذي يزيد اللبس والتخبط الذين ينظرون لهذا الموقف فيذهبون يمنة ويسرة فيشتتون ذهن الناس عن الهدف والمبتغى والغرض الذي اراده الإمام الحسين(ع) من هذا الموقف.
ان الذي دعا الإمام الحسين(ع) للتوجه إلى الكوفة هو تقيده بالمنهج النبوي والعلوي الذي أقره الإسلام في الحكم وهو الإرادة الشعبية الحرة في انتخاب الحاكم بلا ترغيب ولا ترهيب وهو ما عبر عنه بقوله: “وإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب النجاح والصلاح في أمة جدي محمد (ص) أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدّي محمد(ص) وسيرة أبي علي بن أبي طالب”([85]).
فسيرة النبيّ(ص) كانت أنه بعث لاهل يثرب مصعب بن عمير ليعلمهم القرآن ويوضح لهم مبادئ الإسلام فإن حصل القبول منهم (الانتخاب) فانه سيهاجر لهم وإن لم يحصل ذلك فكان سيبقى في مكة، ولم يبادر إلى الهجرة بمجرد الدعوة باعتبار أنه نبي ومن حقّه الحكم.
وهكذا الإمام الحسين(ع) لم يبادر إلى الذهاب إلى الكوفة رغم وصول الكتب بل ارسل مسلم بن عقيل ليتأكد من الإجماع على بيعته وانتخابه انتخاباً حرّاً نزيهاً بلا ترغيب ولا ترهيب. قال البلاذري: “وكان مسلم بن عقيل أرجل ولد عقيل وأشجعها فقدّمه الحسين بن عليّ(ع) إلى الكوفة حين كاتبه أهلها ودعوه إليها وراسلوه في القدوم ووعدوه نصرهم ومناصحتهم وذلك بعد وفات الحسن بن عليّ، وموت معاوية بن أبي سفيان، وأمره أن يكتم أمره ويعرف طاعة الناس له”([86]).
وقال اليعقوبي: “فلما قدم مسلم الكوفة اجتمعوا إليه، فبايعوه وعاهدوه وعاقدوه، وأعطوه المواثيق على النصرة والمشايعة والوفاء”([87]).
ولذلك نجد الإمام الحسين(ع) يقول لابن عباس: “مسلم بن عقيل كتب إليّ باجتماع أهل المصر على بيعتي ونُصْرتي، وقد أجمعت على المسير إليهم”([88]).
انظر عبارة “ويعرف طاعة الناس له”، وعبارة “اجتماع أهل المصر على بيعتي ونُصْرتي”، أي إن هناك أغلبية تنتخبه في الكوفة ولم يتوجه بمجرّد دعوتهم له لأنه إمام منصوص عليه.
هذه هي سيرة جدّه وأبيه التي أراد أن يسير عليها في مقابل السيرة الكسروية والهرقلية والأموية والعباسية… وتابعهم عليها من تقوم على أساس القوة والعنف والتزوير والترغيب والترهيب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) أستاذ التاريخ في مجمع الإمام الخميني للدراسات العليا في قم.
([2]) نهج البلاغة، الخطبة: 34.
([3]) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد 14: 84، الوفاة: 656، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، مؤسسة إسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع.
([4]) مسند أحمد بن حنبل 3: 390؛ 3: 390، دار صادر، بيروت ـ لبنان.
([5]) السيرة النبوية، ابن هشام الحميري 2: 285، تحقيق وضبط وتعليق: محمد محيي الدين عبد الحميد، 1383 ـ 1963م، مكتبة محمد علي صبيح وأولاده، مصر.
([6])الطبقات الكبرى، ابن سعد 1: 220، 221، دار صادر، بيروت.
([8]) مجمع الزوائد، الهيثمي 6: 73، 1408 ـ 1988م، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان.
([9]) المغازي، الواقدي 1: 214، تحقيق: الدكتور مارسدن جونس، 1405هـ، نشر دانش إسلامي.
([10]) غالت فلاناً غول أي هلكة. لسان العرب، ابن منظور 11: 507، 1405هـ، نشر أدب الحوزة.
([11]) السبيل: الطريق، يذكر ويؤنث. قال الله تعالى: (قل هذه سبيلي). فأنَّث. وقال: (وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً) فذكّر. الصحاح، الجوهري 5: 1724، تحقيق: أحمد عبد الغفور العطّار، ط4، 1407هـ ـ 1987م، دار العلم للملايين، بيروت ـ لبنان.
([12]) اتكل على فلان في أمره إذا اعتمده. مختار الصحاح، محمد بن أبي بكر الرازي: 375، ضبط وتصحيح: أحمد شمس الدين، ط1، 1415هـ ـ 1994م، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان.
([13]) الوليجة: بطانة الرجل ودخلته. قال عز وجل: (ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة) التوبة: 16. كتاب العين، الخليل الفراهيدي 6: 182، تحقيق: الدكتور مهدي المخزومي والدكتور إبراهيم السامرائي، ط2، 1410هـ، مؤسسة دار الهجرة.
([14]) رصصت الشيء أرصّه رصاً، أي ألصقت بعضه ببعض ومنه بنيان مرصوص. الصحاح 3: 1041.
([15]) مار: جرى. لسان العرب 1: 169.
([16]) رجل حائر: إذا لم يتّجه لشيء. الصحاح 2: 641.
([17]) الذهل: تركك الشيء تناساه على عمد، أو يشغلك عنه شاغل. كتاب العين 4: 39.
([18]) سكرة الموت: غشيته. كتاب العين 5: 309.
([19]) السنّة: السيرة. الصحاح 5: 2139.
([20]) ركن إلى الدنيا: مال إليها واطمأن. كتاب العين 5: 354.
([21]) البين: الفرقة. كتاب العين 8: 380.
([22]) نهج البلاغة، الخطبة: 150.
([24]) مسند أحمد بن حنبل 3: 14.
([26]) المستدرك، الحاكم النيسابوري 3: 172، إشراف: يوسف عبد الرحمن المرعشلي.
([27]) انظر: شرح نهجالبلاغة، السيد عباس الموسوي 2: 465، دار الرسول الأكرم، بيروت.
([28]) خصائص الأئمة، الشريف الرضي،: : 111، تحقيق: محمد هادي الأميني، 1406هـ، مجمع البحوث الإسلامية ـ الآستانة الرضوية المقدسة، مشهد ـ إيران.
([29]) شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد 18: 416.
([31]) علل الشرائع 1: 150، الشيخ الصدوق، تقديم: السيد محمد صادق بحر العلوم، 1385هـ ـ 1966م، منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها، النجف الأشرف؛ معاني الاخبار، الشيخ الصدوق: 361، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، 1379 ـ 1338هـ.ش، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة؛ الإرشاد، الشيخ المفيد 1: 287، تحقيق: مؤسسة آل البيت(ع) لتحقيق التراث، ط2، 1414هـ ـ 1993م، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان؛ الأمالي، الشيخ الطوسي: 372، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية في مؤسسة البعثة، ط1، 1414هـ، دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزيع، قم؛ الاحتجاج، الشيخ الطبرسي 1: 282، تعليق وملاحظات: السيد محمد باقر الخرسان، 1386هـ ـ 1966م، دار النعمان للطباعة والنشر، النجف الأشرف.
([32]) تدكدكت الجبال، أي صارت دكاوات، وهي رواب من طين، واحدتها دكاء. الصحاح 4: 1584.
([33]) الهيمان: العطشان. كتاب العين 4: 101.
([34]) وردت الماء أرده وروداً، إذا حضرته لتشرب. النهاية في غريب الحديث، مجد الدين ابن الأثير 5: 173، تحقيق: طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي، ط4، سنة الطبع: 1364هـ.ش، مؤسسة إسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع، قم ـ إيران.
([35]) أرسل الشيء: أطلقه وأهمله. لسان العرب 11: 285.
([36]) رعى يرعى رعياً. والرعي: الكلأ. والراعي يرعاها رعاية إذا ساسها. كتاب العين 2: 240.
([37]) الثناء: ثني عقال البعير ونحوه إذا عقلته بحبل مثني، وكل واحد من ثنييه فهو ثناء. كتاب العين 8: 244.
([38]) نهج البلاغة، الخطبة: 54.
([39]) نهج البلاغة: الخطبة: 172.
([40]) الغارات، إبراهيم بن محمد الثقفي الكوفي 1: 310، تحقيق: السيد جلال الدين الحسيني الأرموي المحدث، طبع على طريقة أوفست في مطابع بهمن.
([41]) المسترشد محمد بن جرير الطبري (الشيعي)،: 420، تحقيق: الشيخ أحمد المحمودي، ط1 (المحقَّقة)، 1415هـ، مؤسسة الثقافة الإسلامية لكوشانبور.
([42]) تدكدكت الجبال، أي صارت دكاوات، وهي رواب من طين، واحدتها دكاء. الصحاح 4: 1584.
([43]) الهيمان: العطشان. كتاب العين 4: 101.
([44]) وردت الماء أرده وروداً، إذا حضرته لتشرب. النهاية في غريب الحديث 5: 173.
([45]) أرسل الشيء: أطلقه وأهمله. لسان العرب 11: 285.
([46]) رعى يرعى رعياً. والرعي: الكلأ. والراعي يرعاها رعاية إذا ساسها. كتاب العين 2: 240.
([47]) الثناء: ثني عقال البعير ونحوه إذا عقلته بحبل مثني، وكل واحد من ثنييه فهو ثناء. كتاب العين 8: 244.
([48]) نهج البلاغة، الخطبة: 54.
([49]) الفلتة: الأمر الذي يقع من غير أحكام، يقال: كان ذلك الأمر فلتة أي مفاجأة. كتاب العين 8: 122.
([50]) أيم الله من ألفاظ القسم، كقولك لعمر الله وعهد الله، وفيها لغات كثيرة. النهاية في غريب الحديث 1: 86.
([51]) الخزامة هي الحلقة التي تجعل في أنف البعير. غريب الحديث، ابن سلام 3: 213، تحقيق: محمد عبد المعيد خان، ط1، 1384، دار الكتاب العربي ـ بيروت.
([52]) المنهل: المورد حتى صارت منازل السفار على المياه مناهل. كتاب العين 4: 51.
([53]) نهج البلاغة، الخطبة: 136.
([55]) الأخبار الطوال، ابن قتيبة الدينوري،: 140، تحقيق: عبد المنعم عامر، مراجعة: الدكتور جمال الدين الشيال، ط1، 1960، دار إحياء الكتب العربي ـ عيسى البابي الحلبي وشركاه / منشورات الشريف الرضي.
([56]) صحيح البخاري 8: 26، 1401هـ ـ 1981م، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
([57]) زعم يزعم زعما وزعماً: إذا شك في قوله، فإذا قلت ذكر فهو أحرى إلى الصواب، وكذا تفسير هذه الآية (هذا لله بزعمهم)، ويقرأ بزعمهم، أي: بقولهم الكذب… كتاب العين 1: 364.
([58]) الوليجة: بطانة الرجل ودخلته. قال عزَّ وجلَّ: (ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة). كتاب العين 6: 182.
([59]) نهج البلاغة، الخطبة: 8.
([60]) الرائد: الذي يبعث به القوم يطلب لهم الكلأ ومساقط الغيث. غريب الحديث، ابن قتيبة الدينوري 1: 214، تحقيق: دكتور عبد الله الجبوري، ط1، 1408هـ، دار الكتب العلمية، قم.
([61]) الكلأ: العشب، رطبه ويبسه. كتاب العين 5: 408.
([62]) المعاطش: الأرضون التي لا ماء بها. الواحدة: معطشة. كتاب العين 1: 243.
([63]) نهج البلاغة، الخطبة: 170.
([65]) الجمل، الشيخ المفيد،: 157، مكتبة الداوري، قم ـ إيران.
([66]) عمران بن حصين بن عبيد، أبو نجيد الخزاعي: من علماء الصحابة. أسلم عام خيبر (سنة 7هـ) وكانت معه راية خزاعة يوم فتح مكة. وبعثه عمر إلى أهل البصرة ليفقههم. وولاه زياد قضاءها. وتوفي بها سنة 52هـ. وهو ممَّنْ اعتزل حرب صفين. تذكرة الحفاظ، الذهبي 1: 28، دار إحياء التراث العربي، بيروت ـ لبنان؛ تهذيب التهذيب، ابن حجر 8: 125، ط1، 1404هـ ـ 1984م، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان؛ صفة الصفوة، لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي 1: 283، ط1، 1412هـ، دار الفكر، بيروت؛ طبقات ابن سعد 7: 4.
([67]) محمد بن عبد الله، أبو جعفر الاسكافي: من متكلِّمي المعتزلة، وأحد أئمتهم. تنسب إليه الطائفة (الإسكافية) منهم. وهو بغدادي أصله من سمرقند. له مناظرات مع الكرابيسي وغيره. قال ابن النديم: كان المعتصم يعظمه جدّاً. له كتاب (نقض العثمانية) وهي للجاحظ، وفي (رسائل الجاحظ ـ) للسندوبي (خلاصة نقض العثمانية) توفي سنة 240هـ. لسان الميزان، ابن حجر 5: 221، ط2، 1390هـ ـ 1971م، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان.
([68]) الكتمان: نقيض الإعلان. وناقة كتوم، أي: لا ترغو إذا ركبت، قال: كتوم الهواجر ما تنبس.كتاب العين 5: 343.
([69]) العامة خلاف الخاصة. كتاب العين 1: 95.
([70]) العروض: الأمتعة التى لا يدخلها كيل ولا وزن، ولا يكون حيواناً ولا عقاراً. تقول: اشتريت المتاع بعرض، أي بمتاع مثله. الصحاح 3: 1083.
([71]) السبيل: الطريق، يذكر ويؤنث. قال الله تعالى: (قُلْ هذِهِ سَبِيلِي)(يوسف: 108). فأنّث. وقال: (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً)(الأعراف: 146). فذكّر. الصحاح 5: 1724.
([72]) تَخَلَّفَ: تأخر. القاموس المحيط، للفيروزآبادي 2: 212، منشورات دار الكتاب للجميع، بيروت.
([73]) العار: كل شيء لزم به سبة أو عيب. تقول: هو عليه عار وشنار. كتاب العين 2: 239.
([74]) نهج البلاغة، الکتاب: 54.
([75]) ارتاع منه وله وروعه فتروع أي تفزع. ورعت فلاناً وروعته فارتاع أي أفزعته ففزع. لسان العرب 8: 136.
([76]) العرف: شعر عنق الفرس، يقال: كثف والتف كأنه عرف الضبع. القاموس المحيط 3: 173 ـ 175.
([77]) انثال عليه التراب، أي انصب. يقال: انثال عليه الناس من كل وجه، أي انصبوا. الصحاح 4: 1649.
([78]) الوطئ،: بالقذم والقوائم، تقول: وطأته بقدمي. كتاب العين 7: 467.
([79]) عطفا الرجل: جانباه من لدن رأسه إلى إلى وركيه. الصحاح 4: 1405.
([80]) الربيضة تصغير رابضة وهو الذي يرعى الغنم. لسان العرب 7: 153.
([81]) الربيض: شاء برعاتها اجتمعت في مربضها. كتاب العين،ج 7: 36.
([82]) نهج البلاغة، الحکمة: 262.
([83]) أنساب الاشراف، أحمد بن يحيى بن جابر (البلاذري) 2: 274، تحقيق: الأستاذ الدكتور سهيل زكّار والدكتور رياض زركلي، ط1، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
([85]) الفتوح، أحمد بن أعثم الكوفي 5: 21.
([88]) مروج الذهب ومعادن الجوهر، المسعودي 3: 346، ط2، 1404هـ ـ 1363هـ.ش ـ 1984م، منشورات دار الهجرة، قم ـ إيران.