د. رشيد ركابيان(*)
د. حسن علي ياري(**)
1ـ ماهية البراغماتية([1])
إن البراغماتية أو العملانية تعادل الـ «pragmatism» في اللغة الإنجليزية، وهي مأخوذةٌ من المفردة اليونانية «pragma»، بمعنى الفعل أو العمل([2]). تندرج البراغماتية في مقابل مفردة الـ «Intellectualism» أو المذهب الفكري والعقلاني([3]). إن البراغماتية عبارةٌ عن فلسفة أمريكية يتمّ وصفها بأنها فلسفةٌ تجريبية، وهي بحَسَب المصطلح: فلسفة تنظر إلى الأفعال والأعمال، بمعنى أن الأمور إذا كانت منتجةً، وتشتمل على مصلحةٍ، فهي أمورٌ حقيقية، وتستحقّ أن يستمرّ العمل في ضوئها. فهي نظرية تجعل من النفعية والجدوائية معياراً لصحّة القضايا، بمعنى أن القضية إنما تكون صحيحةً إذا كانت قابلةً للتطبيق، وكانت ناجعةً في حلّ المشاكل، وإنما تنظر إلى المنفعة العملية للسلوك والعمل، ولا تقيم قواعدها السلوكية عل معيار الحقّ والباطل أبداً.
كان (شارل ساندرز بيرس)([4]) هو أوّل مَنْ جاء بالنظرية البراغماتية. وعمل (وليم جيمس)([5]) على منحها الاعتبار، من خلال بيانها بشكلٍ واضح ودقيق. ثمّ جاء (جون ديوي)([6]) ليقيم فلسفته على أساسها. وخلاصة هذه الفلسفة هي أن الاختبار النهائي لكلّ مفهوم، أو مساره الناجع والمفيد، رهنٌ بالعمل. ومن هنا تُعَدّ البراغماتية نتيجةً لتجديد البناء في الفلسفة([7]). تؤكِّد الفلسفة البراغماتية على التجربة، والتحقيق التجريبي، والحقيقة من حيث إنها تشتمل على نتائج مقنعة. إن التأكيد الرئيس لها إنما يقوم على الأسلوب والنظر، ولذلك فإن الفهم الأوّلي لها ليس نظاماً منسجماً ومنظماً. ومن هنا كان (جون ديوي) يؤثر استخدام مفردة الـ «instrumentalism» (الذرائعية)([8])، بَدَلاً من البراغماتية([9]). وقال الشاب البراغماتي الإيطالي (جيوفاني بابيني): إن البراغماتية تقع في منتصف نظرياتنا، مثل: مجاز في فندق تنفتح عليه الكثير من الأبواب([10]). ومن بين مشاهير هذه المدرسة: (جون ديوي)، و(فرديناند شيللر)([11])، و(هانس فاينجر)([12])، حيث عمدوا إلى تقديم رؤى متعدِّدة للبراغماتية.
وقد ذهب (كابلستون) إلى اعتبار البراغماتية ثمرةً لجهود ثلاثة من مشاهير المفكِّرين، وهم كلٌّ من: (شارل ساندرز بيرس)، و(وليم جيمس)، و(جون ديوي)([13]). وتواصلت الأفكار البراغماتية في القرن العشرين الميلادي تحت عنوان «النيوبراغماتية» [أو (البراغماتية الحديثة)]، على يد كلٍّ من: (ريتشارد رورتي)([14])، و(هيلاري بوتنام)([15])، و(دونالد ديفدسن)([16])، و(ستانلي فيش)([17]) وآخرين. هناك اختلافان كبيران بين البراغماتية التقليدية والبراغماتية الجديدة، وهما:
الأوّل: الاختلاف بين الحديث عن «التجربة»، كما تحدَّث وليم جيمس وجون ديوي، وعن «اللغة»، كما تحدَّث ويلارد كواين([18]) وهربرت ديفدسون.
الثاني: الاختلاف بين القول بوجود شيءٍ باسم «المنهج العلمي» الذي يرفع تطبيقه من احتمال صدق عقائد الفرد([19]).
تختلف البراغماتية الجديدة عن البراغماتية القديمة ـ من وجهة نظر رورتي ـ من ناحيتين: الأولى: إن البراغماتية الجديدة أخذت تتحدّث عن اللغة، خلافاً للبراغماتية القديمة التي كانت تتحدَّث عن التجربة والذهن أو الوجدان؛ والثانية: إن البراغماتية الجديدة أخذت تشكِّك في «المنهجية العلمية».
وقد ذهب رورتي إلى الاعتقاد بأن البراغماتية تنطوي على ثلاث خصائص، وهي:
1ـ ضدّ النزعة الذاتية.
2ـ عدم الاختلاف الأبستيمولوجي بين الحقيقة المرتبطة بما يجب أن يكون والحقيقة المرتبطة بما هو كائنٌ.
3ـ لا يوجد هناك أيّ إلزامٍ أو قيد غير القيود المرتبطة بالحوار، حيث تنشأ من ماهية الأشياء أو الذهن أو اللغة([20]).
2ـ الأسس والخصائص المحورية للبراغماتية
إن البراغماتية في نظرتها إلى الوجود ترى في الإنسان كائناً اجتماعياً يستطيع من خلال التربية والتعليم الوصول إلى حقيقة الوجود المتمثِّلة في التجربة غير الثابتة وغير المحدّدة. إن القائلين بالفلسفة البراغماتية لا يرَوْن الإنسان صاحب إرادةٍ حرّة، ويعملون على تصوير حرّية الإنسان في إطار الآمال والتمنّيات؛ إذ يقولون: إن الإنسان كلّما بسط سلطته على الطبيعة المحيطة به بواسطة العلم والتقنية تحقَّقت آماله وتمنّياته بالحرّية. إن أصحاب هذه الفلسفة لم يقيموا آراءهم على أساس المفاهيم المقدّمة على التجربة، وإنما على التجربة الحيّة، ولذلك حيث تدور الأمور على محور التجربة، وحيث كان الإنسان جزءاً منها، فإن كلّ شخصٍ يحظى ـ بالنظر إلى قابليّاته ـ بفرصته في التكامل والوصول إلى الغاية. وفي هذه الرؤية، حيث يتمّ التركيز على مجرّد التجارب البشرية، لا يبقى هناك هامشٌ للكائنات المجرّدة وما فوق الطبيعية والعقلانية.
يمكن تسمية أهمّ أصل في الأنطولوجيا البراغماتية بـ «أصل التغيير»؛ إذ ليس هناك من وجهة نظرهم شخصٌ يسبح مرّتين في نهرٍ واحد. «تذهب السيدة (جوديث باتلر)([21]) إلى الاعتقاد بأن أصحاب الفلسفة البراغماتية يعتبرون العالم تيّاراً متغيّراً وناقصاً ومتكثّراً وغير محدّد، وهو لا يتّفق مع رغبة الإنسان دائماً، ولا يوجد فيه شيءٌ ثابت، ولا يضمن التطوُّر. وعلى هذا الأساس؛ حيث يكون كلّ شيء في حالة تغيُّر، يكون العالم غير آمن، أو أنه ينطوي على حالةٍ مجهولة، وإن كلّ شيء يكون رَهْناً بالمستقبل، ويحمل غايته في ذاته. وهي تقول: إنهم يرَوْن أنْ لا وجود للحقيقة وراء التجربة، وإن ما هو موجودٌ إنما يظهر بالتجربة»([22]).
إن أصحاب الفلسفة البراغماتية يواجهون عالماً واسعاً ومتعدّداً، بحيث لا يمكن إخضاعه للبحث والدراسة بجميع أبعاده مرّةً واحدة. ولذلك؛ حيث كان العالم عبارة عن تيّارٍ متغيِّر وناقص ومتعدّد وغير متعيّن، يجب دراسته بشكلٍ مخبري وتجريبي كما يبدو آخذاً في التوسّع والتحوّل. وكما يتَّجه مسار وتحوّل الطبيعة يجب أن يكون فهمنا لها في حالة من التطوّر والنموّ والتحوّل أيضاً.
يرى ريتشارد رورتي أن البراغماتية تأتي كاستجابةٍ وتلبية للتشكيك الأبستيمولوجي للميتافيزيق الغربي([23]). إن المذهب البراغماتي يعتبر المعرفة أساساً لإدراك الوجود، حيث يمكن الوصول إليه من خلال إصلاح التجارب. يذهب علماء هذا المذهب إلى الاعتقاد بقدرة الإنسان على فهم الحقائق، مع توضيح أن معرفتنا ـ بسبب التغيّر والتحوّل المستمرّ للعالم والإنسان في إطار النزعة العملانية ـ محدودة ونسبية أبداً، وأن الحقيقة المرتبطة بهذا المكان آنيّة ورَهْنٌ بواقع الفرد وحالته الراهنة. إن المعرفة في هذا النوع من الرؤية نتاجُ تعاطي الذهن مع المحيط والبيئة، ببيان أن الحقائق المنشودة لهم ستكون حقائق نسبية وغير مطلقة.
إن البراغماتية تشتمل على خصيصتين ومفهومين محوريين، يستوعبان في العادة جميع أفكارهم وذهنياتهم. إن هذين المفهومين عبارةٌ عن: «إنكار الحقيقة؛ ومناهضة العقل». فهؤلاء ينكرون فكرة اكتشاف الحقيقة المطلقة، سواء بواسطة التحليل المنطقي أو من خلال الكشف والشهود، وبَدَلاً من ذلك يميلون إلى المعرفة الحاصلة من طريق التجارب المعاشة، ويرَوْن أن الحقيقة نسبيةٌ، وينظرون إليها من زاويةٍ إنسوية. كما أنهم يعتبرون التفكير والنظر تابعاً للعمل، ويهاجمون النزعة العقلانية.
إن الفلاسفة البراغماتيين يتَّخذون في الغالب موقفاً انتقادياً من الحقيقة. يرى ساندرز بيرس أن الملاك في حقيقة قضيّة ما هو عدم بطلانها عند التجربة، بشرط أن تكون قابلةً للتجربة. ويرى (بيرتراند راسل)([24]) أن جون ديوي من الناقدين للحقيقة، وقال في هذا الشأن: إن أهمّ وعمدة ما قام به ديوي هو انتقاده لمفهوم «الحقيقة»([25])، وقد تمّ بيان هذا النقد في النظرية التي أطلق عليها مصطلح الـ «الذرائعية»([26]). يرى شيللر وديوي أن الحقيقة هي بالمعنى الموجود في العلم، ويقولان: إن معناهما لا يتجاوز هذا الأمر. كما ينفق جيمس الجانب الرئيس من اهتمامه على المسائل المتعلقة بالحقيقة. وهو يذهب إلى الاعتقاد بأن الحقيقة تمثِّل نوعاً من المصلحة والنفع. وهو يرى أن البراغماتية ترتبط بالأمور الواقعية والعينيّة، وتشاهد الحقيقة أثناء العمل بها في الموارد الخاصة، ويعمل على تعميمها. وبالنسبة له إن الحقيقة اسمٌ لطبقةٍ من جميع أنواع القِيَم المُعِينة والمُجْدِية في التجربة، وإن التصوّرات إنما تصحّ حيث تستطيع مساعدتنا على إقامة العلاقات الطبيعية مع سائر أجزاء تجربتنا([27]). تذهب البراغماتية إلى الاعتقاد بأن الحقيقة في حالة تبلور، وهي في انتظار تحقُّق جزءٍ من كمالها في المستقبل([28]).
يذهب جيمس إلى الاعتقاد بأن جميع حقائقنا عبارةٌ عن عقائد بشأن «الواقعية»([29])، وإن الواقعية في كلّ عقيدةٍ تعمل بوصفها شيئاً مستقلاًّ وغير مصنَّع. إن الواقعية بشكلٍ عامّ شيءٌ تضطرّ الحقائق إلى أخذها بنظر الاعتبار، ولذلك فإن فهم الإنسان للحقيقة رهنٌ بالارتباط القائم بين الذهن والواقعية، بمعنى أنها في نهاية المطاف رهنٌ بالنتيجة النافعة للأمور والأشياء. إن الحقيقة تربط نفسها بالحقيقة السابقة عليها، وتعمل على إصلاحها، كما يعمل مصطلحٌ على ربط نفسه بمصطلحٍ سابق، ويعمل قانونٌ على ربط نفسه بقانونٍ آخر، وإن القوانين واللغات هي ـ على كلّ حال ـ أشياء من صنع البشر.
كما يُعَدّ إنكار الحقيقة من مباني البراغماتية الجديدة لرورتي. وهو، على غرار جيمس وديوي، يذهب إلى نفي الحقيقة، ويقول: إن المخالفين يقولون: إن نظرية تناظر الصدق (الحقيقة) من الوضوح والبداهة بحيث إن السؤال عنها يمثِّل مجرّد شَطَط، ونحن نقول: إن هذه النظرية غير مفهومة أصلاً، ولا تحتوي على أهمّية خاصة، وهي، قبل أن تكون نظريةً، ليست سوى شعرٍ أخذنا نتغنّى به على مدى قرون بشكلٍ ساذج ومغفّل([30]). إن رورتي، بَدَلاً من الحقيقة ـ التي تُعَدّ محور الفلسفة والأبستيمولوجيا الحديثة ـ، كان يقول بالاتفاق الذهني بين أفراد المجتمع الواحد. إن الواقعية ـ طبقاً للنموذج البراغماتي ـ ليست أمراً ثابتاً، بل هي تيّارٌ في حالةٍ متواصلة من التغيير والتحوُّل. يرى المفكِّرون البراغماتيون أن الفهم المتوفِّر عن الحقيقة فهم «إنسوي»، بمعنى أن الإنسان هو الذي يصنع الحقيقة في كلّ زمانٍ، لا أن هناك حقيقةً مطلقة موجودة في جميع الأزمنة.
إن علماء هذه الفلسفة يميلون إلى المعرفة الحاصلة من التجارب البشرية، وفي المقابل يرفضون فكرة كشف الحقيقة المطلقة، سواء عبر الكشف والشهود أو من طريق التحليل المنطقي. يذهب البراغماتيون إلى الاعتقاد بأن الأفكار والعقائد أدوات لحلّ مشاكلنا، وأنها ما دامت تشتمل على أثرٍ نافع تكون صحيحةً وحقيقية، وإلاّ لن تكون حقيقيةً. وعليه يمكن لعقيدةٍ أن تكون نافعةً ومؤثِّرة لبعض الوقت، ومن هنا تكون حقيقيةً في الوقت الراهن. ولكنْ قد لا تنطوي ذات هذه العقيدة على نتائج مرضية، فتتحوَّل إلى نظريةٍ باطلة وخاطئة. وعليه لا تكون الحقيقة من وجهة نظر البراغماتيين ثابتةً ولا تقبل التغيير، بل إن جميع الأمور تابعةٌ للنتائج، وإن الحقيقة أمرٌ نسبي وتابعٌ للزمان والمكان. وعليه فإننا لن نستطيع بلوغ الحقيقة المطلقة أبداً، وهذا الأمر لا يتطابق مع التعاليم الدينية.
وفي خصوص المفهوم المحوري الثاني للبراغماتية، أي مناهضة النزعة العقلانية، هناك اتّفاقٌ من قِبل جميع المفكِّرين البراغماتيين. وفي هذا الشأن يذهب رورتي إلى الاعتقاد بوجوب التخلّي عن العقل الساعي إلى الحقيقة ما فوق التاريخية وغير البشرية. إن البراغماتية تتناغم مع الكثير من الاتجاهات الفلسفية القديمة، ومن ذلك أنها تنسجم ـ على سبيل المثال ـ مع أصالة التسمية؛ لاهتمامها الدائم بالأمور الخاصة؛ ومع النزعة النَّفْعية؛ بسبب تأكيدها على الجوانب العملية؛ ومع النَّزْعة الإيجابية؛ بسبب احتقارها للحلول اللفظية والأسئلة غير المجدية والتجارب الميتافيزيقية. إن جميع هذه الاتجاهات مخالفةٌ للعقل. وفي مقابل النزعة العقلانية ـ بوصفها مدّّعى أو منهج ـ نجد البراغماتية مدجَّجة بالسلاح، وتنزع إلى المواجهة، ولكنها في الحدّ الأدنى لا تتوقَّع نتائج خاصّة في بداية الأمر. فالبراغماتية لا تتبنّى عقائد حتمية، ولا أصول اعتقادية خاصّة، وإنما تكتفي بتطبيق منهجيتها الخاصّة([31]). كما يذهب رورتي، من خلال الاتجاه المناهض للعقل، إلى الاعتقاد بوجوب التخلّي عن العقل الساعي وراء الحقيقة ما وراء التاريخية وغير البشرية، ويرى أن مفهوم العقل البشري إنما يكون مقبولاً إذا تمّ مسح هذا التصوُّر القائل بأن العقل هو القوّة التي تسعى إلى اقتفاء أثر الحقيقة([32]).
3ـ خلفيّات ظهور وتبلور البراغماتية
إن جوهر العملانية أمرٌ يتعلَّق بشكلٍ خاصّ بالأمريكيين، فهي تعود بجذورها إلى ماضيهم وظروفهم الاجتماعية الخاصّة. لقد تبلورت البراغماتية في الواقع كنتيجةٍ للحروب الأهلية الأمريكية «بين الشمال والجنوب»([33])، وقد ترك ذلك تأثيراً كبيراً على التفكير العقلي في هذه البقعة من العالم. وكان لمدى البراغماتية انعكاسات وتداعيات اجتماعية ومعنوية كبرى في الولايات المتّحدة الأمريكية في مرحلةٍ أطلق عليها (ماكس هربرت فيش) مصطلح الـ «المرحلة الكلاسيكية»، وتبدأ هذه المرحلة من نهاية الحرب الأهلية إلى بداية الحرب العالمية الثانية، وهذه متغيّرات لعبت دَوْراً محورياً في إيجادها. ويمكن بيان رؤوس أقلام هذه المتغيّرات على النحو التالي: تحوّل الولايات المتحدة إلى المرحلة الصناعية، وانتشار ظاهرة المدن، واستثمار المصادر الطبيعية، وتوسيع ودمج سكك الحديد وسائر المواصلات الأخرى، وغيرها، إلى الحدّ الذي قال معه (جون ديوي)، في مقالٍ له حول سيرته الذاتية: إنه قد تأثَّر بالأشخاص والأحداث أكثر من تأثُّره بالكتب. وعلى هذا الأساس فإن المتغيِّرات التي تحقَّقت بواسطة العلم ليست مجرَّد متغيِّرات اجتماعية، بل كانت معنويةً، بحيث إن الدين التقليدي يتحدّى المفاهيم التقليدية للحياة الشخصية والأخلاقية([34]).
وكانت نظرية التكامل التي صدع بها دارْوِن من أكثر النظريات تأثيراً في هذا الشأن، حيث مهَّدت الأرضية لتبلور المدرسة البراغماتية، ودفعت بالجميع إلى اتّخاذ رؤية أحيائية بشأن الشعور الإنساني أيضاً. يبدأ البراغماتيون برؤيةٍ دارْوِينية من الإنسان بوصفه حيواناً ليس له من هَمٍّ سوى التأقلم مع بيئته التي يعيش فيها، فيبذل كلّ ما بوسعه من أجل صناعة الأدوات التي تمكِّنه أن يقاسي الحدّ الأدنى من الألم من أجل الحصول على الحدّ الأقصى من السعادة. وفي دائرة الصراع من أجل البقاء يجب القضاء على الضعيف. وهكذا الأمر بالنسبة إلى البراغماتية، فهي نظريّةٌ تقضي بوجوب التخلّي عن الأفكار الضعيفة وغير العقلانية، التي لا تستطيع التطابق مع الواقع العملي، ولا يكون البقاء إلاّ للأفكار التي يمكن تطبيقها من الناحية العملية. ولذلك، كما تبلورت نظرية التكامل الداروينية على أساس «البقاء للأصلح»، فإن الفلسفة البراغماتية قد تبلورت على أساس التأثُّر بهذه النظرية. لقد كانت البراغماتية متأثِّرةً إلى حدٍّ ما بهذه الأجواء والأوضاع. وعلى هذا الأساس عمد (ساندر بيرس) إلى طرح مفهوم «المنهج المنطقي»، و(ويليام جيمز) مفهوم «التجربة»، و(جورج هربرت ميد)([35]) مفهوم «المثال»، و(جون ديوي) نظرية «الذكاء». وعلى هذا الأساس «كان لنظرية التكامل والمناهج الحديثة للاستدلال التأثير الأكبر على الفلسفة البراغماتية»([36]).
وبالالتفات إلى أن البراغماتيين ينكرون فكرة اكتشاف الحقيقة المطلقة ـ سواء من طريق التحليل المنطقي أو من طريق الكشف والشهود ـ فقد أدّى ذلك إلى أن تبدو الأفكار البراغماتية شديدة القرب من الأفكار السفسطائية في اليونان القديمة. وعلى هذا الأساس فإن البراغماتية بوصفها فلسفةً تجريبية تعود بجذورها إلى أفكار الفلاسفة الإغريق، من أمثال: (أبيقور)([37])، والمفكِّرين الجُدُد، من أمثال: (فرانسيس بيكون)([38])، و(رينيه ديكارت)([39])، و(إيمانوئيل كانت)([40])، و(ديفد هيوم)([41])، و(جون ستيوارت ميل)([42])، و(فريدريش هيجل)([43])، و(كارل ماركس)([44])، و(آرثور شوبنهاور)([45])، وبعض الفلاسفة الآخرين. وكان لـ (فرانسيس بيكون) و(رينيه ديكارت) بعد عصر النهضة تأثيرٌ أكبر من غيرهما في الأفكار الحديثة. إن لبيكون مكانةً خاصّة في الردّ على الأفكار المثالية بشأن الحقيقة، وقد كان في طليعة التفكير البراغماتي في المرحلة الجديدة. وفي الأساس إن رؤية بيكون تتَّجه إلى العمل؛ إذ يرى أن النتائج العملية من أوثق الأدلة والمؤشّرات على اعتبار الفلسفات ومكانتها، ويرى للأعمال قيمةً كبيرة؛ لأنها توفِّر أسباب الراحة والسعادة للإنسان في حياته([46]).
لقد أمكن لهذا النوع من التفكير أن يؤسِّس للتفكير البراغماتي. وقد أدّى ديكارت، من خلال طرح مسألة الوضوح والتمايز، إلى التشكيك الكانتي، ورؤية كانت للأشياء الخارجية، واستطاع أن يكون مؤثِّراً في الفلسفة البراغماتية.
وفي ما يتعلَّق بالجذور الفلسفية للبراغماتية تحدَّث مؤسِّسها (تشارلز بيرس) ـ ضمن إشارته إلى النمط الإنجليزي لأفكاره ـ قائلاً: إنه قد بلغ أعتاب الفلسفة بواسطة إيمانوئيل كانت. إن فلسفة كانت لا تمثِّل نقطة انطلاق البراغماتية فحَسْب، بل تمثِّل انطلاقةً لتيارات فلسفية أخرى أيضاً([47]). إن البراغماتية ـ لا بوصفها منهجاً أو فلسفة، وإنما بوصفها قواعد تقوم على التجربة في مجال الأخلاق العملية ـ قد تمّ توظيفها من قبل إيمانوئيل كانت. إن الاهتمام بغاية الفعل في هذا النوع من القواعد أدّى بـ (كانت) إلى اعتبارها من الأمور البراغماتية([48]).
يذهب إيمانوئيل كانت إلى الاعتقاد بأننا لا نستطيع أن ندرك عالم الأشياء كما هي في واقعها، وفي حدّ نفسها؛ إذ لو أردنا أن ندركها ونفهمها وجب أن ندخلها في قوالبنا الذهنية. وعليه فإن عقلنا النظري لا يستطيع التعرُّف على العالم، وإن الذي نعرفه هو عالم تجربتنا. وبعد الضربات القاضية التي انهال بها كلٌّ من: (ديفد هيوم) و(إيمانوئيل كانت) على مقاتل الميتافيزيقا، وإعلان كانت عن إغلاق صفحة الميتافيزيقا، كان الوقت قد أزف لإعادة صياغة الفلسفة. وفي هذه الثورة الفلسفية لم تكن الفلسفة البراغماتية وحدها هي المنهج الفلسفي، بل كانت هناك الفلسفة الوجودية والفلسفة التحليلية، بوصفهما من الفلسفات الكبرى المعاصرة أيضاً. وقد أدرك أصحاب أصالة العمل أنه يمكن لنظريتهم أن تكون مُجْديةً في حلّ المسائل العقلية، والدفع بمسيرة الإنسان قُدُماً نحو الترقّي والازدهار. وبذلك يمكن اعتبار البراغماتية جزءاً من نقدٍ أوسع لنموذجٍ مقبول للحداثة، وردّة فعلٍ على الفلسفات العامة، التي لم تكن تولي اهتماماً بالحياة اليومية والمشاكل الجزئية والتفصيلية([49]).
إن جون لوك([50]) والفلاسفة من أصحاب النزعة التجريبية في إنجلترا أكثر قرباً من أصحاب النزعة العقلية إلى الفلسفة البراغماتية؛ لكونهم متّفقين في الأسلوب([51]). يعمد كلٌّ من: جون لوك وديفد هيوم([52]) إلى نقد الجوهر الروحي بطريقةٍ براغماتية؛ حيث يعمل جون لوك على بيان الهوية الشخصية على أساس قِيَمه البراغماتية بحَسَب التجربة، إذ يقول: لنفترض أن الله قد سلبنا شعورنا هل سوف يكون وضعنا أفضل؛ بسبب امتلاكنا للأصل النفساني؟ يرى جون لوك أن هويتنا الشخصية تشتمل بشكلٍ حصريّ على خصائص لا يمكن تعريفها إلاّ من الناحية البراغماتية. وإن القول بأن هذه الهوية موجودةٌ حتّى في أصلٍ روحيّ غير هذه الواقعيات القابلة للتحقيق ليس سوى مجرّد وَهْمٍ وخيال غريب([53]).
كما كان هناك تأثيرٌ لكلٍّ من: كارل ماركس وشوبنهاور في تبلور الفلسفة البراغماتية أيضاً؛ فإن ماركس يعتبر الأيديولوجيا والتفكير أداتين لتلبية الاحتياجات الأوّلية، من قبيل: العمل والإنتاج، ويقترب من الآراء البراغماتية إلى حدٍّ كبير جدّاً. كما كان تعريف شوبنهاور للتفكير بوصفه أداةً مؤثِّراً في التفكير البراغماتي. وإن ويليام جيمس كان في هذه النقطة الوريث الشرعي لشوبنهاور. وفي ما يتعلَّق بالعلماء الآخرين، الذين تركوا تأثيرهم على البراغماتية، يمكن الإشارة إلى النظرية التشكيكية لديفد هيوم، والرؤية النفعية لجون ستيوارت ميل، والقول بالتغيير الجَذْري للناس والأمثلة والأفكار في المسار التاريخي لهيجل، وفي نهاية المطاف نفي الحقيقة عند نيتشه([54]).
وقد نظر البروفيسور تشيلدز ـ من أساتذة جامعة كولومبيا ـ إلى العناصر والجذور البراغماتية من الزاوية الثقافية، ويرى أن الجذور الثقافية للبراغماتية عبارةٌ عن:
1ـ سعي المهاجرين الأوروبيين إلى بناء مجتمعٍ جديد مجرَّد من التاريخ، أو في الحدّ الأدنى مهملٍ للتاريخ المنصرم على المستوى الفردي.
2ـ حركية الحياة الجماعية الأمريكية.
3ـ الاهتمام بالمستقبل.
4ـ رؤية المهاجرين بشأن الأشخاص والمعتقدات.
5ـ الاعتقاد بالديمقراطية، والاهتمام بتأثير العلوم والتقنية في تحسين ظروف الحياة([55]).
تسعى الفلسفة البراغماتية إلى تقديم تفسيرٍ جامع لحياة الإنسان. وقد ظهرت هذه الفلسفة إلى الوجود في فترةٍ شهد فيها العالم ظهور العديد من المدارس المتعارضة، ومن ذلك ـ مثلاً ـ: العلم في مواجهة الدين، والفلسفة الوضعية([56]) في مقابل المذهب الحسّي([57])، والمدركات الشهودية في مقابل التجارب الحسّية. وقد جاءت هذه الحركة في سياق التوحيد بين جميع هذه المدارس والمذاهب الفلسفية. إن هذه الرؤية ضمن تأثيرها على مختلف نواحي الحياة الاجتماعية للغرب، ولا سيَّما الولايات المتحدة الأمريكية، كان لها تأثيراتٌ غيرُ قابلةٍ للإنكار في الآراء السياسية لسكّان تلك المناطق أحياناً.
4ـ البراغماتية والنفعية([58]) والوجودية
يذهب المثاليون إلى الاعتقاد بأن الاتّفاق إنما ينتظم بشكلٍ صحيح، ويكون بالتالي عادلاً، إذا تمّ تنظيم المؤسّسات العامّة بحيث يحصل فيه المجتمع والأفراد على الحدّ الأقصى من السعادة. وإن مذهب المنفعة لا ينظر إلى أيّ معيار غير ارتفاع منسوب الرضا والسعادة في المجتمع. ولا يحدِّد لنا أحد الخيارات التي تعمل بأجمعها على زيادة هذا الرضا، وسبب ترجيحه على الخيارات الأخرى. وإن أصحاب المذهب النفعي لا يعترفون إلاّ بأصلٍ أخلاقيّ واحد، وهو أصل المنفعة، ويؤكِّدون على أصلٍ أخلاقيّ واحد فقط. وإن شعارهم المحوري هو توفير أكبر مقدارٍ من النفع لأكبر عددٍ من أفراد المجتمع.
هناك في البراغماتية نوعٌ من الرؤية النفعية الإنجليزية، التي تمّ تقديمها من قِبَل ويليام جيمز وجون ديوي بوصفها رؤيةً شاملة وأساسية. إن أصحاب النظرة البراغماتية يعملون على إبراز النفعية سواء في دائرة الأفكار العقلانية أو المجالات العلمية، ويرَوْن أن هذه الرؤية تساعد الناس في مواجهة البيئة، وبالتالي حلّ المشاكل وبناء عالمٍ أفضل. يذهب جون ديوي إلى الاعتقاد بأنه لا يمكن غضّ الطرف عن جميع الأبحاث التي لا تنطوي على فائدةٍ علمية، ومن الضروري أحياناً أن يقترن النظر مع العمل.
وفي ما يتعلَّق بالمشتركات بين الوجودية والبراغماتية يمكن الإشارة إلى مخالفة الأبحاث الميتافيزيقية والدينية ومسائل من قبيل: الفصل بين الموضوع الخارجي والموضوع الذهني، والحقيقة والماهية، وانتشار الثقافة العلمانية في الحياة السياسية والاجتماعية. لقد كان البراغماتيون ـ على غرار العلماء الوجوديين ـ يخالفون سلطة الدين والكنيسة. وفي ما يلي نشير إلى اتجاهات هذه المدارس الثلاثة في بعض العناصر.
جدول مقارن بين المدارس البراغماتية والوجودية والنفعية
5ـ البراغماتية وفهم السياسة
إن السياسة في التفكير البراغماتي، بَدَلاً من النزعة الذهنية والمثالية، تجنح باهتمامها في الغالب نحو الأمور الواقعية والعملية. إن البراغماتية، بَدَلاً من البحث حول صوابية أو عدم صوابية سياسة الحكومة وآلياتها، تهتمّ بالنتائج العملية المترتِّبة عليها، وتأخذ عدم القطع واليقين أمراً مسلَّماً، وتقنع بالخوض في المسائل اليومية كما تبدو. ولذلك فإن الساسة الذين يتّبعون هذا الأسلوب يقدّمون الإمكانات العملية والمصالح اليومية على معتقداتهم. إنهم لا يفصلون بين الفرد والمجتمع، ويرَوْن أن الأفراد في المجتمع إنما يتمّ تشكيلهم من قِبَل المجتمع نفسه، ولكنْ في الوقت نفسه فإن الإنسان المُبْدِع يعمل على صنع العمل الفردي والاجتماعي كما هو.
يذهب أصحاب الرؤية البراغماتية إلى القول بأنه قد تمَّتْ تجربة كافّة الأنظمة السياسية، ومن هنا فإنهم يرَوْن ضرورة وكفاية تجاربهم وتجارب الآخرين لاختيار نوع الأنظمة السياسية. يرى أصحاب هذه المدرسة أن النظام الديمقراطي هو النظام الوحيد الذي تتوفَّر فيه إمكانية التجربة من بين الأنظمة السياسية المتنوِّعة، وينطوي على نتائج أفضل بالقياس إلى سائر الأنظمة السياسية الأخرى. يذهب (ماكفرسون) إلى الاعتقاد بأن الديمقراطيات هي الأنظمة السياسية الوحيدة التي توفِّر الظروف لنموّ وتكامل الطاقات والمواهب الذاتية لجميع أفراد المجتمع بالتساوي([59]). كما يذهب ريتشارد رورتي، من خلال الثناء على الديمقراطية، إلى الاعتقاد بأن قيمة الديمقراطية لا تكمن في إمكانية إثبات «صدقها» و«حقيقتها» أو أفضليّتها على سائر الأنظمة السياسية الأخرى. إن إثبات هذا الأمر ليس نظرياً، بل هو ناشئٌ من مجرّد التجربة العملية. يرى رورتي أن الحرّية هي الأصل المقدَّم، ويقول: إن الحرّية من النوع الموجود في الأنظمة الديمقراطية خير طريق لضمان الاتّحاد ونشر العدالة في المجتمع([60]).
هناك علاقةٌ وثيقة بين الديمقراطية والتربية والتعليم عند رورتي؛ إذ إن كلّ واحدٍ منهما يهدف إلى الازدهار والتقدُّم. ومن هنا فإن الإيمان بالديمقراطية يعني الإيمان بالتربية والتعليم. وعلى هذا الأساس إن الديمقراطية من وجهة نظره ليست أسلوب حكمٍ، وإنما هي أسلوب حياةٍ مشتركة، يكون فيها للتعاون والسعي المشترك كلمة الفصل. يرى رورتي أن واجب السياسة يكمن في توفير النفع الأكبر لأكثر عددٍ من الأفراد. وقد أثبتت تجربة الأنظمة الديمقراطية أنها ـ بالقياس إلى الأنظمة الأخرى ـ تشتمل على نسبةٍ أكبر من إرضاء عامّة الناس، وأن حجم الأضرار التي تصيبهم من قِبَل الحكومة فيها أقلّ من الأنظمة الاستبدادية والدكتاتورية. إن جون ديوي بدَوْره منظِّرٌ ديمقراطي، يدعو إلى مشاركة الجميع، ويعتقد بالأساليب الديمقراطية في جميع العلاقات الاجتماعية.
لقد قام جيمس، بالالتفات إلى اعتبار أن أساس الحقيقة يكمن في نفعها، «بالدفاع عن الديمقراطية. فهو يرى أن الفرد يمكنه أن يعتنق أيّ عقيدةٍ في إطار حلّ مشاكله، وأن الملاك الوحيد لكون تلك العقيدة حقيقيةً هو اشتمالها على النفع»([61]). وقد تحدَّث جون ديوي في بيان أهمّية الطريقة الديمقراطية قائلاً: «لقد أكّدت على أهمّية التحرُّر والتأثير والعقل المرتبط بالتجربة الشخصية في الطريقة الديمقراطية للحياة… وإنما يتمّ التأكيد على حرّية التعبير والمعتقد وحرّية العقيدة والوجدان وما إلى ذلك؛ من حيث إن الإنسان من دونها لا يمتلك حرّية تطوير ذاته»([62]).
يذهب جون ديوي من خلال الاعتقاد بالحكم الديمقراطي إلى القول بأن تجربته الشاملة أهمّ من أيّ نتيجةٍ أخرى؛ حيث إن مسار التجربة يمكن أن يكون مساراً تعليمياً. فهو يرى أن الاعتقاد بالديمقراطية هو الاعتقاد بالتجربة والتعليم. فهو يرى أن الديمقراطية تمثِّل سَعْياً في إطار ردّة الفعل تجاه الاحتياجات المعاصرة، والعمل على تنظيم الحياة في إطار التطابق مع الحقيقة الراهنة. إن المجتمع الديمقراطي بحيث يتحرَّر الفرد من قيود الأعراف والتقاليد والإلزامات الاجتماعية العنيفة، ويتناغم مع الموازين الاجتماعية بشكلٍ إراديّ، ويحصل الفرد على فرصةٍ لتحقيق إمكاناته وطاقاته.
6ـ أهمّ خصائص البراغماتية السياسية
1ـ عدم التمسّك بالأخلاق: في البراغماتية السياسية يتمّ رفض جميع الأُطُر التي تحدِّد السلوكيات والأفعال بالفضائل الإنسانية. ومن هنا فإن مسائل، من قبيل: الصدق واجتناب الكذب وما إلى ذلك، إنما تكون مقبولةً إذا لم تشكِّل عقبةً دون الوصول إلى أهدافنا.
2ـ تجاهل جميع أنواع الأصولية: حيث يكون الالتزام بأيّ إطارٍ محدّد شكلاً من التقييد، وحيث إن التقيُّد يستوجب الالتزام بأصلٍ، ويسلب الإنسان عنصر المرونة، فإن ذلك سيؤدّي إلى نقض الغرض. ومن هنا فإن البراغماتية السياسية تخالف جميع أنواع القواعد الثابتة، وإن الساحة العملية هي التي تحدِّد ما هو صالح أو غير صالح.
3ـ عدم الإيمان بالمجتمع الإنساني، والقول بتأصيل الفرد: في هذه الرؤية لا يوجد في الحقيقة شيءٌ اسمه المجتمع أو المصالح الاجتماعية، بل الأفراد وتناغم مصالحهم هي التي تعمل على تحديد كلّ شيءٍ. وعلى هذا الأساس إذا أمكن لفردٍ أن يستفيد من التفكير البراغماتي فسوف يحصل على أكبر المنافع، وإن القوّة والسلطة سوف تسير في إطار مصالحه ومنافعه.
4ـ أصالة الطبيعة، وتجاهل جميع الأيديولوجيات: طبقاً لهذا الأصل يتمّ إنكار جميع الأمور ما وراء الطبيعية، أو تدخّل وتأثير القوى ما فوق الطبيعية، وتصبح الطبيعة مرادفةً للوجود؛ لأن الطبيعة هي مسرح التجربة. إن البراغماتية السياسية تنفي التفكير ضمن جميع القوالب الدينية وغير الدينية. ومن هنا؛ حيث لا يكون هناك إيمان بأيديولوجية محدّدة، لا يكون هناك إمكانٌ لتصوُّر نظامٍ سياسي مثالي؛ وذلك لاعتقادهم أن ذلك قد يمثِّل فرضاً لأيديولوجيةٍ خاصّة أو نظامٍ خاصّ، فيشكِّل ذلك خطراً على الحرّية. ولكنهم مع ذلك يرَوْن أن وجود الديمقراطية من لوازم تحقُّق الأهداف المتعالية؛ حيث ثبت من خلال التجربة أنها تمثِّل الآن أفضل أنواع الحكم.
5ـ الواقعية البَحْتة: إن البراغماتية السياسية إنما ترصد الواقعيات فقط، وتتجاهل المثاليات وتوظيفها، وتُعَدّ نوعاً من البراغماتية الارتدادية في مقابل المثالية.
6ـ أصالة المنفعة: طبقاً لهذا الأصل لا توجد هناك حقيقةٌ ثابتة، ويجب لحاظ النتيجة أو المنفعة المترتِّبة على نهاية العمل. فليس الأمر بأن نعمل أوّلاً على وضع بعض المقدّمات على أساس قواعد الحقيقة، ثمّ نستنتج منها ضرورةً منطقية، فإذا أحرزنا صحّة المقدّمات تكون النتيجة صادقةً وحقيقية، بل الأمر على العكس من ذلك تماماً.
7ـ العلمانية: إن هذا الأصل ينطوي بدَوْره على دلالةٍ إنسوية، ويعني أن الأسلوب العلمي يقع بوصفه أساساً للعمل. إن المنهج العلمي والاستناد إلى العلم يضع الأثر البشري المتمثِّل بالعلم في مقابل الأثر الإلهي المتمثِّل بالوحي. لقد كان جون ديوي ـ وهو من علماء هذه الفلسفة ـ يذهب من منطلق الرؤية العلمية إلى الإيمان بأصالة التكامل الدارْوِينية، ويؤكِّد على التطوُّر التدريجي في المجتمع.
8ـ الذرائعية: إن هذا المصطلح مورد قبول جميع البراغماتيين، باستثناء (شارل ساندرز بيرس). وفي هذه الرؤية تعمل الغاية على تبرير الوسيلة. يرى جون ديوي أن الذرائعية ثلاثية الأبعاد، ويمكن بيان هذه الأبعاد الثلاثة على النحو التالي:
1ـ البُعْد الزمني، الذي يعمل على تكامل وتطوُّر الإنسان والمعارف المرتبطة به.
2ـ بُعْد الرؤية المستقبلية واستشراف المستقبل.
3ـ بُعْد التفاؤل.
إن جميع هذه الأبعاد الذرائعية الثلاثة متقوِّمةٌ بالإنسان.
7ـ البراغماتية وفهم الدين
إن نظرة المفكِّرين البراغماتيين إلى الدين شديدة التنوُّع، ويعملون على تفسيره بالالتفات إلى تطبيقاته، التي يمكن أن تشتمل على فوائد أخلاقية واجتماعية للإنسان. وعلى هذا الأساس يمكن للدين أن يشتمل على نتائج، من قبيل: النسبية الدينية، والتسامح الديني، والاتجاهات النفسية والعملانية. إن المدخل الأساسي للبراغماتية في ما يتعلَّق بالدين ليس شيئاً مغايراً لحالته الشخصية والإنسوية. «بعد ظهور عصر النهضة والحركة البروتستانتية والتأكيدات العملانية الكثيرة، أدَّت النواحي الفردية من الدين إلى عزلة التعاليم الدينية»([63]). وعلى هذا الأساس فإن البراغماتيين لا يرتضون التفسير التقليدي للدين، ويرفضونه. ومن ذلك مثلاً أن بعضهم، كويليام جيمس، يتبنّى التعريف الإنسوي للدين؛ وذهب بعضٌ آخر إلى الاستفادة من مصطلح (الطريقة الإنسوية للحياة)، بَدَلاً من مصطلح الدين. يرى الإنسويون أن الاعتقاد بالكائنات ما وراء الطبيعية ليس سوى توهُّمٍ، وينكرون جميع المناشئ ما فوق الطبيعية في العالم.
وكنموذجٍ فإن جون ديوي ـ من علماء هذه المدرسة ـ يُعَدّ إنسوياً، وبذلك فإنه يُنْكِر الدين بمعنى العقائد والأعمال والمفاهيم الناشئة عنه، ويرفض حتّى استعمال كلمة «الله» بوصفه موجوداً إلهياً يفوق الطبيعة. فهو يرى أن مسار الحركة نحو المستقبل لا يكون ممكناً من خلال الرؤية الدينية، بل من طريق العلم التجريبي والتعقُّل والتربية والتعليم. إن جون ديوي يرصد نوعاً من المنهجية الحسّية لمعرفة الله، فهو يقبل الصفة الدينية لاشتمالها على كيفيةٍ تجريبية. يرى جون ديوي أن التجربة الدينية تمثِّل شعوراً وحدوياً مع عالم الطبيعة. خلافاً لشارل ساندرز بيرس وجيمس، اللذَيْن يؤمنان بالله، ويعتبرانه حقيقة، رغم أن رؤية جيمس إلى الدين تقوم على أساس أصل التجربة الشخصية للمنفعة، فقد كان ويليام جيمس شخصاً متديِّناً، حيث تحدّث عن نفسه قائلاً: إن طينتي تميل بالكامل إلى الدين والاستمتاع الروحاني([64])، وكان متعلِّقاً بالدين بوصفه ظاهرةً إنسانية، ولكنه لم يكن يبدي مَيْلاً إلى الدين في ما يتعلَّق بالمسائل التي يفكِّر فيها([65]).
هناك ناحيتان في التعلُّق الفلسفي لدى جيمس: إحداهما: علمية؛ والأخرى: دينية. ومن الناحية العلمية دفعت به دراسته لعلم الطبّ ليجنح نحو المادّية، بَيْدَ أن مشاعره الدينية كانت تكبح هذا الجنوح. وأما الشعور الديني لدى جيمس فقد كان شديد البروتستانتية والديمقراطية وزاخراً بالدفء ومفعماً بالعاطفة([66]). لو أمكن للأفكار الكلامية أن تثبت أنها ذات قيمةٍ بالنسبة إلى حياتنا العينية والواقعية فإنها ستكون صحيحةً من وجهة نظر البراغماتيين، بمعنى أنها ستكون نافعةً بهذا المقدار؛ لأن المقدار الأكبر لصحّتها رهنٌ بارتباطه مع سائر الحقائق التي يجب التصديق بها([67]).
يقول وليم جيمس في هذا الشأن: لا يمكن إبداء الرأي حول المعتقد الديني بشكلٍ حياديّ، بل يجب التماهي والتعايش معه على أمل أن يثبت نفسه من خلال التجربة، بحيث حتّى المعيار في أحقّية رأي والاعتقاد به يجب أن يكون مفيداً ونافعاً من الناحية العملية([68]).
يذهب جيمس إلى الاعتقاد بأننا لا نستطيع رفض أيّ فرضيةٍ تترتَّب عليها نتائج مفيدة في الحياة. وفي فرضية الله إذا عملت بشكلٍ مُرْضٍ على نطاقٍ واسع تكون صحيحةً. استناداً إلى الأدلة التي تفرزها التجربة الدينية يمكن لنا الاعتقاد بوجود قوىً أسمى، وأنها تعمل ـ طبقاً لمشيئاتٍ كاملة ومطلوبة، مثل مشيئاتنا ـ على إنقاذ العالم([69]). إن البراغماتية من وجهة نظر جيمس تعمل ـ قبل كلّ شيءٍ ـ على حلّ النزاعات الميتافيزيقية. إنه يسعى إلى حلّ النزاعات والمجادلات الدينية والميتافيزيقية على طبق المنهجية البراغماتية. إن هذه الطريقة في التعاطي مع الدين ناشئةٌ من تفسيره لحقيقته ومعانيه المعرفية.
لقد عمد جيمس إلى تقسيم الدين إلى قسمين، وهما: دين الفرد؛ ودين المؤسّسة. وقد تحدَّث عن الدين الفردي بوصفه الدين الخالص والبسيط والشخصي، ويجعل من الدين الشخصي محور نشاطه، ويعتبره أكثر تجذُّراً من دين المؤسّسة (الدين اللاهوتي أو الكنسي)؛ وذلك لأن الكنائس منذ تأسيسها كانت تستند إلى السنن والتقاليد، أما المؤسِّسون للكنيسة فقد اعتبروا أنفسهم في الأصل مدينين بسلطتهم إلى الارتباط الفردي والشخصي المباشر مع الله. ولا يندرج ضمن هذه الدائرة المؤسِّسون الاستثنائيون، من أمثال: السيد المسيح وبوذا ومحمد| فقط، بل جميع المؤسِّسين للفِرَق المسيحية يندرجون ضمن هذه الحلقة أيضاً. وعلى هذا الأساس فإن الدين الفردي والشخصي لا يزال يبدو هو الأمر الأهمّ في البين([70]). إن حقيقة الدين ـ من وجهة نظر جيمس ـ عبارةٌ عن أنه ظاهرةٌ فرديّة وخاصّة، وترتبط بنفس الإنسان فقط، وليست ظاهرةً اجتماعية وعامّة، ولذلك لا يجب عدّ أيّ واحدٍ من المظاهر الخارجية للدين، من قبيل: المناسك والشعائر العامّة جزءاً من حقيقة الدين. وهو يذهب إلى الاعتقاد بأن الدين لا يرتبط بالدائرة المعرفية والعقائدية، بل الدين ظاهرةٌ مرتبطة بالدائرة العاطفية والحماسية لدى الإنسان. وإن حقيقة الدين هي الشعور والحالة الدينية.
النموذج السلوكي للدين الشخصي والمؤسساتي من وجة نظر جيمس
إن البراغماتية تطالب بالحفاظ على كلّ شيءٍ، فهي تطالب بالحفاظ على التَّبَعية للمنطق، والحواسّ، وأخذ أكثر التجارب الشخصية تواضعاً بنظر الاعتبار أيضاً. إنها تأخذ التجارب العرفانية والمحفوفة بالأسرار بنظر الاعتبار إذا انطوَتْ على نتائج عمليّة، وهي تقبل بالإله الذي يمكن أن يوجد في أبسط واقعية في الحياة الخاصّة إنْ أمكن لمثل هذا المكان أن يوجد على نحو الاحتمال. ترى البراغماتية أن الاختبار الوحيد للحقيقة المحتملة هو وجوب أن يكون هناك شيءٌ يعمل على هدايتنا بشكلٍ أفضل، وهو الشيء الذي يمكنه التناغم بشكلٍ أفضل من غيره مع أيّ جزءٍ من أجزاء الحياة، وأن يندمج مع مجموعة مقتضيات التجربة، دون حذف شيءٍ منها. وإذا أمكن للتصوُّر اللاهوتي أن يقوم بهذا الأمر، ولا سيَّما إذا أمكن لمفهوم الإله أن يتولّى القيام بهذا الأمر، فكيف يمكن للبراغماتية أن تنكر وجود الله؟! إن جيمس يرى أن «عدم حقيقة» المفهوم الذي حقّق ـ من وجهة نظر براغماتية ـ مثل هذا النجاح لا معنى لها([71]). إن الإنسان المتديِّن لا يحتاج إلى المعرفة الإلهية أبداً؛ إذ إن المعرفة لن تكون عملاً دينياً. إنه يضع البُعْد المعرفي في الدرجة الثانية من الأهمّية، ويرى لها دَوْراً بنائياً، ويرى أن حقيقة الدين شيءٌ آخر غير العقائد والمعرفة، وإن الذي يحظى بالأهمّية هو الشعور الديني([72]). إن الحقيقة والشعور الديني هو ذات الشعور والإحساس بالولادة الجديدة. وعلى هذا الأساس فإنه يقسم الناس إلى جماعتين، وهما: المرضى فكرياً؛ والسالمين فكرياً. ويعمل في البداية على التفريق بين مجموعتي «السالمين فكرياً» و«المرضى روحياً». إن السالمين فكرياً هم الذين يمتلكون شعوراً بأن كلّ شيءٍ في العالم على خير ما يُرام، أو الذين يقفون إلى يمين الله، وبعبارةٍ أخرى: إنهم أهل الفلاح والنجاة والسعادة. وإنهم الجماعة التي لا ترى الشرور في العالم، وتنظر إلى ما حولها بتفاؤلٍ كبير. يذهب جيمس إلى الاعتقاد بأن نفوذ الليبرالية في المسيحية في بداية القرن التاسع عشر الميلادي قد أدّى إلى نضج وازدهار الرؤية السليمة فكرياً. إن المولودين مجدّداً؛ بسبب ابتلائهم بأنواع المصائب، يمتلكون ثلاثة أنواع من الوعي والإدراك:
1ـ إدراك فقدان المعنى عن العالم والحياة.
2ـ إدراك الشرور الموجودة في العالم والحياة.
3ـ الإدراك العميق للشعور الكبير بالإثم.
إن المولودين مجدّداً هم الذين يمتلكون مزاجاً مخالفاً لمزاج الجماعة الأولى؛ إذ يؤكِّدون على الأبعاد المظلمة من العالم، وبعبارةٍ أخرى: لا يغضّون الطرف عن الألم والفقدان والخسارة والفشل والشرّ والحزن. يرى جيمس أن التديُّن متعلّق بالمولودين مجدّداً، ويراهم مستعدّين لتقبُّل نوعٍ من التجربة الدينية التي تؤدّي إلى الإيمان([73]).
إن الصورة الضيّقة المناسبة للعقيدة الدينية لا يجب أن تفرض غير القضية التي يختارها الفرد، وليس العقائد العلمية للفرد، ولا الخيارات الأخلاقية لكلّ شخصٍ. إن هذا الشكل من الاعتقاد يجب أن يتمكَّن من تلبية الحاجة، دون أن يشكِّل تهديداً من خلال إيجاد عقبةٍ أمام حاجات كلّ شخصٍ([74]). إن الحقيقة من صنع الإنسان؛ وذلك لأن الإنسان هو خالق اللغات، حيث لا وجود لوَعْيٍ وإدراك سابق للغة. إذن كلّ ما هو موجودٌ إنما يكتسب معناه وحقيقته في صلب التاريخ واللغة، فلو رفضت الفلسفة التقليدية الدخول في الدائرة العامة لن يترتَّب على ذلك مشكلةٌ كبيرة. وإنما تظهر المشكلة عندما تشكِّل الحقيقة والعقلانية الفلسفة التقليدية مبنىً للتلاحم في الساحة العامّة، أو يتمّ تصوُّرها كذلك في الواقع([75]).
8ـ البراغماتية ودراسة العلاقة بين الدين والسياسة
إن العلماء البراغماتيون ـ كما سبق أن أشَرْنا ـ هم إنسويون. ويذهب الإنسويون إلى الاعتقاد بأن الإيمان بالكائنات ما وراء الطبيعة ليس سوى وَهْمٍ. فالإنسان هو منشأ القِيَم والحقيقة، وإن قِيَم الحياة نتاج العلاقات البشرية. إن مهمّة الإنسان تكمن في الاستفادة من الأدوات التي يضعها العلم تحت تصرُّف البشر؛ كي يعملوا من خلالها على بناء حياةٍ أفضل؛ ومن ناحيةٍ أخرى يذهب البراغماتيون إلى الاعتقاد بأن الحقيقة تابعةٌ للمجتمع الذي نعيش فيه، وأن الحقيقة إنما هي من صنع المجتمع، وهذا يعني أن الحقيقة متكثّرة ونسبية. إن هذه الكثرة وقابلية الحقائق على التغيُّر هو الذي يبرِّر أصل التسامح. وهذا أهمّ أصلٍ في التفكير الليبرالي، وهو لا ينسجم مع أصل الدين، ولا سيَّما الدين الإسلامي.
على الرغم من البراغماتية في أوّل الأمر بوصفها رؤيةً فلسفية وتربوية، ولكنها اشتملت على الكثير من التداعيات السياسية والاجتماعية، وهي من حيث دلالاتها واستلزامتها إنسوية، إلى الحدّ الذي يذهب معه شيللر، وهو من مفكِّري هذه المدرسة إلى ترجيح مصطلح البراغماتية على الإنسوية. وهو يرى أن مهمّة الفلسفة والبراغماتية تكمن في دراسة الحقائق المرتبطة بالإنسان. وحيث ينظر ديوي إلى الإنسان بوصفه وسيلةً فإنه يذهب إلى الاعتقاد بأن العالم هو الذي يجرِّبه الإنسان، ويرى الإنسان معياراً لكلّ شيءٍ. وهو يرى أن الإنسان ليس معياراً للعالم فقط، بل هو معيارٌ لله والحقيقة أيضاً. وعلى هذا الأساس فإنه بدَوْره يقدِّم عن البراغماتية قراءة إنسوية كاملة. في النزعة الإنسوية تزول جميع التمايزات بين الأمور المقدّسة والأمور غير المقدّسة؛ لأن الحكم النهائي فيها هو الإنسان والتجارب الحاسمة. وعليه فإن المعرفة التي تحصل من طريق التجربة لا تحتاج إلى حكمٍ أبعد من التجربة، وإن أموراً من قبيل: الكشف والشهود والوحي والأبحاث اللاهوتي لا مكان لها، فهي مجرَّد أمور وَهْمية لا أكثر. وعليه فإن الإنسان هو الذي يكوِّن ماهية وشكل الدين، ويبلور مثالياته وطموحاته العملية. وعلى هذا الأساس فإن البحث عن الدين ـ من وجهة نظر المفكِّرين البراغماتيين ـ إنما هو بحث عن التديُّن، وليس أصل وحقيقة الدين.
إن البراغماتيين، بَدَلاً من الاهتمام بالفلسفات النظرية والدينية والميتافيزقية، يميلون إلى الحصول على الحقيقة من خلال توظيف أصل النزعة النفعية وارتباط العقيدة بالعمل. ولذلك فإن الحقيقة من وجهة نظرهم أمرٌ نسبيّ وتابعٌ لأوضاع وأحوال المجتمع، حيث تتغيَّر بتغيُّر السياسة والمجتمع، ويمكنها أن توصل الإنسان إلى غايته على أفضل وجهٍ، وثبت بالتجربة أنها الأوفق بحاجة الإنسان. إن هذا النوع من تحصيل الحقيقة لا يتطابق مع الموازين الدينية؛ وذلك لأن الحقيقة من وجهة نظر الدين غير تابعة لمصرٍ أو عصرٍ خاصّ، وهي قابلةٌ للانطباق دائماً على جميع المجتمعات. إن المنهج العملي للساسة، والقائم على الفكر البراغماتي، يمكن بيانه في إطار الاتّجاه إلى الاكتساب والحفاظ على السلطة والعملانية والمصلحة والمنفعة والمحافظة؛ وذلك لأن هذا الأمر يؤدّي إلى تهميش الدوافع الدينية والعقائدية بشكلٍ كامل؛ لأن المحور الرئيس لهذه الرؤية يميل إلى الحصول على الربح والمنفعة، وقلَّما تلتفت إلى المباني والأسس الضروريّة قبل كلّ شيءٍ لاكتساب المشروعية.
وحيث ظهرت البراغماتية إلى الوجود في إطار المواجهة مع الاتجاهات الفلسفية والميتافيزيقية، فإنها تقوم على أسسٍ تركت بتأثيرها على الأبحاث السياسية. إن السياسة في الرؤية البراغماتية لا تشتمل على رسالةٍ مثالية واستعلائية، وإنما ينظر إليها بوصفها مجرّد فلسفةٍ عملانية. إن البراغماتيين، بعد إنكارهم للمبدأ الغيبي، عمدوا إلى تقليص الدين إلى أدنى وظائفه، وتنزَّلوا به إلى حدود الوسائل والأدوات الاستهلاكية. إن هذا الاتجاه سيؤدّي إلى تصوُّرات خاطئة عن الدين. وفي ما يلي نشير إلى بعضها:
1ـ يعمل البراغماتيّون عادةً على تسرية فهمهم لدينٍ خاصّ إلى جميع الأديان الأخرى.
2ـ إن البراغماتيّين لا يستطيعون تقديم تعريفٍ دقيق للدين، ويعملون على إخضاع كلّ ظاهرةٍ دينية أو شبه دينية للاهتمام في إطار الدين. «وبذلك فإن اتّساع دائرة تعريف الدين، ومساحته المبالغ بها، تحمل في صلبها خطر اضمحلال وزوال موضوعها»([76]).
3ـ إن اعتبار الدين وسيلة ومادّة استهلاكية مسارٌ يعمل على تهميش جميع الأبحاث الكلامية بشأن حقيقة الدين وحقّانيته، وإلغاء كافّة الأبحاث الفلسفية والتاريخية حول منشأ الدين وتاريخ الأديان، ونبذ التأمُّلات التفسيرية والإدراكية لكشف الجوهر والخطاب الأساسي للدين والتجربة الدينية، ويُكتفى بالاهتمام بالآثار والتجليات الخارجية، والاحتياجات والمسائل الضرورية التي يعمل على تلبيتها فقط([77]).
4ـ إن مدّعى الذين يرومون بيان وتفسير الدين على أساس أدائه إنما يصحّ إذا أمكنهم أن يُثبتوا أن هذا الأداء ضروريٌّ وشامل؛ وهو الأمر الذي يعترف البراغماتيون باستحالته([78]).
5ـ إن المدخل البراغماتي بصبغته النفعية يخفض حقيقة الدين وحقّانيته إلى تقبّل الأدوار الدنيوية، وبذلك فإنه يفتح طريق التفكير بالبدائل أمام الإنسان والمجتمعات بعده([79]).
6ـ إن الرؤية التطبيقية والنفعية للدين تؤدّي إلى عدم تأصيل الدين. وإن تجريد الدين من أصالته يُشير إلى مسارٍ تنقطع فيه الأديان التاريخية وذات السنن التعليمية والشعائر الواسعة والمستندة إلى المؤسّسات الثابتة عن ماضيها([80]).
7ـ لو عمدنا إلى تعريف الدين بأدائه سوف يترتَّب على ذلك دَوْرٌ منطقيّ؛ والدَّوْر باطلٌ. إن البراغماتيين في تعريف آليات الدين يعتزمون التعرُّف على الدين من زاوية أدائه وتداعياته، وهذا يستلزم العمل قبل كلّ شيء على فصل مصاديق الدين عن سائر المؤسّسات الأخرى. وهذا يعني بدَوْره وجوب التعرُّف على الدين قبل الخوض في أدائه، ويتعيَّن على البراغماتيين الإجابة عن هذا السؤال القائل: كيف يمكن التعرّف على الدين قبل معرفة أدائه؟ فلو قالوا: إننا نتعرّف على الدين من طريق هذا الأداء قلنا لهم: إن هذا سوف يلزم منه الدَّوْر، والدَّوْر محالٌ وباطل؛ ولذلك فإنهم سيضطرون إلى بيان مناطٍ ومعيارٍ آخر لمعرفة الدين غير أدائه، وبذلك سيخرج البحث عن محلّ النزاع. وهذا يمثِّل إقراراً واعترافاً منهم بعجز الدين في ما يتعلَّق بناحية الأداء([81]).
8ـ بهذه الرؤية يستند البراغماتيون إلى أفكار داخلية ونفعية، ويتجاهلون التعاليم والمفاهيم الإلهيّة العريقة. وهذا الأمر يؤدّي إلى عجزهم عن تقديم تعريفٍ صحيح للدين.
9ـ في الرؤية التطبيقية للدين يؤدّي الأمر إلى قدرة المتصدّين الآخرين بالقيام بتلك الأدوار، وبالتالي لن يبقى من دَوْرٍ للدين، وهذا يؤدّي إلى تعطيل الدين وزواله في نهاية المطاف. فمثلاً: «كانت الأديان على اختلافها تمارس الكثير من الأمور الاجتماعية والسياسية والقضائية بشكلٍ تقليدي، إلاّ أن هذه الأمور أُلقِيَتْ اليوم على عاتق المؤسّسات الموازية في المجتمعات الحديثة وشبه الحديثة»([82]).
إن البراغماتية بما تنطوي عليه من التفسير الإنسوي للدين لا تمتلك طريقاً إلى أمرٍ حقيقي وثابت، مثل: الدين السماوي. وعليه مع غياب مثل هذا الحبل فإن الشيء الوحيد الذي يتجلّى هو مجرّد المحيط والبيئات المتعدّدة. وهذه البيئات؛ بسبب الافتقار إلى الحقيقة الواحدة، ستكون متكثّرة في ذاتها، وتعمل على محور التجارب المتكثّرة والإنسوية المتناغمة. فهؤلاء يقولون: «لو أمكن لدينٍ أن يعيد إلى المجتمع شخصاً كان منفصلاً عنه كان هذا الدين حقّاً، سواء أكان وثنياً أو سماوياً، والمهمّ في البين هو الشخص وبناء الانسجام والتماهي الاجتماعي والمحافظة عليه من الانهيار»([83]).
إن البراغماتيين ـ كما سبق أن ذكرنا ـ، بَدَلاً من الاهتمام بالمفاهيم الدينية، يتوصَّلون إلى الحقيقة من خلال توظيف أصل المنفعة وارتباط العقيدة بالعمل، ولذلك فإنهم يعتبرون الحقيقة أمراً نسبياً وتابعاً لأوضاع وأحوال المجتمع، حيث تتغيَّر بتغيُّر السياسة والمجتمع. في حين أن هذا النوع من الفهم للحقيقة لا ينسجم مع المعايير الدينية. والحقيقة من وجهة نظر الدين غير تابعةٍ لمكانٍ أو زمانٍ خاصّ، وهي قابلةٌ للانطباق دائماً على جميع المجتمعات. وعلى هذا الأساس، رغم أن الاهتمام بالنتائج المربحة والعملية للسياسات واجبةٌ وضروريةٌ من الناحية العقلية دائماً، إلاّ أن هذا الأمر؛ بالالتفات إلى أنه يؤدّي إلى تجاهل المباني والأصول الدينية، وعدم الالتزام بالقِيَم والأبحاث الميتافيزيقية، وتقديم المنافع والمصالح على القِيَم والتعاليم الدينية، لا يُعَدّ كافياً.
إن أصل النفعية والعملانية قد أدّى بهذا الاتّجاه إلى اعتبار النظام السياسي الديمقراطي من أفضل الأنظمة في الوقت الراهن؛ إذ يرى أن الديمقراطية هي النظام الأجدى بالقياس إلى الأنظمة الأخرى. وعليه فقد كانت البراغماتية مؤثِّرةً في إنكار الدين ونشر الثقافة العلمانية، وعملت على مواجهة الدين بوصفه مرسوماً لاهوتياً. وعلى هذا الأساس لا يمكن لهذا الاتّجاه أن ينسجم ويتناغم مع التعاليم الدينية، أو يكون مناسباً للشعوب ذات القِيَم الإلهية؛ إذ في التعاليم الدينية / الإلهية لا يمكن للإنسان ـ على الرغم من امتلاكه لقوّة العقل ـ أن ينفصل عن مبدأ الوجود، ولا يمكن له ان يستغني عنه أبداً.
إن علماء هذه المدرسة إنما يؤمنون بالديمقراطية فقط من بين أنواع الأنظمة السياسية؛ لاعتقادهم بأنه النظام الوحيد المناسب لتحقيق الحرّية، وإجراء الانتخابات، وبناء المجتمع المدني، والقابلية على الاختبار المتواصل، على المستوى العملي. في حين أنه في الأنظمة الدينية وغير الديمقراطية ـ حيث يكون باب الحرّية والتجربة موصداً ـ ليست هناك إمكانية للتجارب الحرّة والدائمة، وتؤدّي إلى العنف والقمع. إن هذا النوع من الاتجاه ناشئٌ من أن أساس السلطة في الأديان السماوية ـ ولا سيَّما الدين الإسلامي الحنيف ـ يقوم على اكتساب المشروعية الإلهية، حيث يمكن للحكومات على أساس ذلك أن تمتلك صلاحية توظيف السلطة واستعمالها بشكلٍ مشروع. وحيث تبلورت البراغماتية على محور النزعة الإنسوية فإن السيادة تكتسب مشروعيتها لا من الله، بل من المقدار الأكبر لرضا المجتمع الإنساني. ومن هنا فإنها، بَدَلاً من الموازين الاعتقادية والإلهية التي تقيم المشروعية على أساسٍ ديني، تسعى إلى الاهتمام في الدرجة الأولى بجدوائية النظام الحاكم فقط.
إن النظام السياسي الديمقراطي يُعتبر ـ من وجهة نظر البراغماتية ـ أفضل طرق الحصول على الجدوائية، وبالتالي فإن الحقيقة ـ خلافاً للمعايير الدينية القائلة بوجود حقيقةٍ واحدة ـ إنما تتبلور في ظلّ حوار العقلانية ما بين الأذهانية، وليس ذلك سوى التوافق بين أفراد المجتمع؛ من أجل الحصول على المزيد من السعادة، وحلّ المعضلات الحقيقية. وعلى هذا الأساس فإن الحقيقة ليست مطلقةً، ولا دائمة، بل ستكون لها حالةٌ نسبية ومؤقَّتة، تظهر نفسها في العمل والحوار بين أفراد الإنسانية. وعلى هذا الأساس فإن البراغماتيين يعتقدون ـ كما يرى ريتشارد رورتي ـ أن ماهية الحياة السياسية والاجتماعية شيءٌ شبيه بالحوار الذي يتمّ فيه القبول بأفضل تبريرٍ علميّ، وهو ما يجب أن يتمّ قبوله.
يذهب البراغماتيون إلى الاعتقاد بأن آراءهم وتصوُّراتهم ومفاهيمهم وأحكامهم إنما تُعَدّ مجرّد قواعد لـ «سلوكياتهم»، بحيث إن حقيقة هذه الأمور إنما تكمن في فائدتها العملية للحياة، ويقولون بأن الحقيقة ليست أمراً منفصلاً عن الإنسان. وعلى هذا الأساس فإن مصطلح رجال الدولة والساسة «البراغماتيين» إنما يطلق على أولئك الذين يقدِّمون الإمكانات العملية والمصلحة الآنية على معتقداتهم. ومن هنا فإن هؤلاء لا يعتبرون الدين أمراً ثابتاً ومطلقاً، بل الدين ظاهرةٌ شخصية وتجريبية، تتبلور ضمن أفعال الإنسان، ويرَوْن أن الأفكار الدينية والكلامية إذا أثبتت أنها ذات قيمةٍ في حياتنا العينية فإنها ستكون صحيحةً من وجهة نظر البراغماتيين، بمعنى أنها نافعةٌ بهذا المقدار؛ لأن معيار صحّة أكثرها رهنٌ بارتباطها بسائر الحقائق، حيث يجب تصديقها. وعلى الرغم من ذلك كلِّه لا يمكن تحديد علاقة ثابتة ودائمة ومعيَّنة مسبقاً بين الدين والسياسة؛ لأن الدين من وجهة نظر علماء هذه الفلسفة إنما يتنزّل إلى البُعْد الخاصّ والشخصي، وإنما يُعَدّ مجرّد أمر متحوِّل ضمن التحوُّلات والمتغيِّرات الزمنية للأفراد، ولا يمكن أن يُعتبر مفهوماً ثابتاً وكاشفاً عن حقيقةٍ واحدة.
النتيجة
كان الكاتب يسعى في هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على الدين ولوازمه السياسية في الفلسفة البراغماتية، ولذلك كان من الضروري أن يبحث الماهية البراغماتية من أجل الوصول إلى هذه المهمّة. وقد ذكرنا على هذا الأساس أن البراغماتية فلسفةٌ أمريكية تفكِّر بالسلوك والعمل، وتؤكِّد على التجربة، حيث تنطوي على نتائج مقنعة، وتنكر الحقيقة وتناهض العقلانية، وتذهب إلى الاعتقاد بوجوب التخلّي عن العقل الذي يبحث عن الحقيقة غير البشرية وما فوق التاريخية. كما أشَرْنا إلى أن هذه الفلسفة تشتمل على خصائص، من قبيل: مخالفة الأخلاق، وإهمال جميع أنواع النزعة الأصولية والأيديولوجية والمثالية، والقول بأصالة الطبيعة، وأصالة المنفعة، والعملانية، والذرائعية، وما إلى ذلك. وللوصول إلى هذه الغاية الرئيسة كان لا بُدَّ من ملاحظة اتجاه هذه الفلسفة في خصوص السياسة والدين أيضاً. وعلى أساس هذا المبنى فإن المراد من السياسة في هذه الفلسفة هو أن هذه السياسة لا تنطوي على رسالةٍ مثالية، وإنما ينظر إليها بوصفها مجرّد فلسفةٍ عملانية. كما أن المدخل الرئيس للبراغماتية في ما يتعلَّق بالدين هو أنه ليس سوى حالةٍ شخصية وإنسوية لا أكثر. وإن علماء هذه الفلسفة لم يهتمّوا بالتفسير التقليدي والسماوي للدين الذي يمكنه أن يكون كاشفاً عن الحقيقة المطلقة، واعتبروه أمراً مرفوضاً، ولا يسمحون له بالتدخُّل في الأمور السياسية. ومن خلال هذا التوضيح وصلنا إلى نتيجةٍ مفادها أن لهذه الفلسفة رؤيةً عملانية واستهلاكية وذرائعية وشخصية للدين، ويعتبرون القِيَم الدينية متغيِّرةً ونسبية وتابعة للظروف والمجتمع، وإذا اشتمل على مصلحة إنسانية يكون مقبولاً. ولا يرَوْن فرقاً بين الأديان السماوية والبشرية. ويتمّ إخضاع كلّ سلوكٍ باسم الدين للاهتمام. وبَدَلاً من الاهتمام بجوهر وذات ومنشأ الدين ورسالته الأساسية، يتمّ الخوض في معطياته الملموسة، وتجلِّياته الخارجية، وضروراته. في حين أن هذه الأفكار العملانية والنفعية تتعارض مع الأفكار التكليفية للأديان، ولا سيَّما الدين الإسلامي. وحيث إن هذه الفلسفة تؤكِّد بشكلٍ صرف على التجربة، ومن جهةٍ أخرى تنكر الحقيقة الواحدة، وتعارض النزعة العقلانية، فإنها، سواء في مواجهة المجتمع أو في تحديد الاستراتيجية السياسية، سوف تعارض أيّ فلسفةٍ متعالية ودينية؛ إذ إنها بما تشتمل عليه من الخصائص لا تسمح للدين بخَوْض المعركة السياسية والاجتماعية أبداً.
الهوامش
(*) أستاذٌ مساعِدٌ في قسم العلوم السياسيّة في جامعة السيّد البروجردي.
(**) أستاذٌ مساعِدٌ في قسم المعارف الدينيّة في جامعة پيام نور في طهران.
([1]) البراغماتية أو العملانية (pragmatism): فلسفة الذرائع. فلسفة أميركية تتّخذ من النتائج العملية مقياساً لتحديد قيمة الفكرات الفلسفية وصدقها. المعرِّب، نقلاً عن: منير البعلبكي، المورد (قاموس إنجليزي / عربي)، دار العلوم للملايين، ط39، بيروت، 2005م.
([2]) انظر: آيت قنبري، نقدي بر أومانيسم وليبراليسم (نقد الإنسوية والليبرالية): 41، فراز أنديشه، قم، 1383هـ.ش. (مصدر فارسي).
([3]) انظر: عبد الله صالح، براگماتيسم در إسلام (البراغماتية في الإسلام): 4، نشر علمي، ط3، طهران. (مصدر فارسي).
([4]) شارل ساندرز بيرس (1839 ـ 1914م): سيميائي وفيلسوف أمريكي. يُعَدّ مؤسِّس الفعلانية أو العملانية مع (وليم جيمس). كما يعتبر إلى جانب (فرديناند دي سوسير) أحد مؤسِّسي السيميائيات المعاصرة. المعرِّب.
([5]) ويليام جيمس (1842 ـ 1910م): فيلسوفٌ أمريكي من روّاد علم النفس الحديث. ألَّف كتباً مؤثِّرة في علم النفس الحديث، وعلم النفس التربوي، وعلم النفس الديني، والتصوُّف، والفلسفة البراغماتية. المعرِّب.
([6]) جون ديوي (1859 ـ 1952م): فيلسوفٌ وعالم نفس أمريكي وزعيم من زعماء الفلسفة البرغماتية. المعرِّب.
([7]) انظر: علي أكبر شعاري نجاد، فلسفه آموزش وپرورش (فلسفة التربية والتعليم): 331، أمير كبير، طهران، 1370هـ.ش.
([8]) الذرائعية: ذهب يقول بأن الفكرات وسائل للعمل، وإن فائدتها هي التي تقرِّر قيمتها. المعرِّب، نقلاً عن: منير البعلبكي، المورد (قاموس إنجليزي / عربي)، دار العلم للملايين، ط39، بيروت، 2005م.
([9]) انظر: محمود خاتمي، ملاحظاتي در باب مدرنيته وپست مدرنيسم، رهيافت هاي فكري ـ فلسفي معاصر در غرب (ملاحظات في باب الحداثة وما بعد الحداثة، مدخل فكري ـ فلسفي معاصر في الغرب) 4: 96 ـ 97، پژوهشگاه علوم إنساني ومطالعات فرهنگي، طهران، 1387هـ.ش.
([10]) انظر: جيمز، ويليام، پراگماتيسم (البراغماتية): 45، ترجمه إلى اللغة الفارسية: عبد الكريم رشيديان، نشر علمي فرهنگي، طهران، 1370هـ.ش.
([11]) فرديناند كانينج سكوت شيللر (1864 ـ 1937م): فيلسوفٌ ألماني ـ بريطاني. أستاذٌ في جامعة أوكسفورد، وصاحب المذهب الإنساني (Humanism)، الذي عرضه في كتابه (دراسات في المذهب الإنساني). المعرِّب.
([12]) هانس فاينجر (1852 ـ 1933م): فيلسوفٌ ألماني. صاحب نظرية (كأن). كان جمّ النشاط، بَيْدَ أن بصره الكليل أقعده عن همّته، وأكرهه على اعتزال التدريس الجامعي، وجاءت فلسفته وليدة ظروفه الخاصّة، وقد أطلق عليها اسم (الاختلاقية)، وشرحها في كتابه الرئيس (فلسفة كأن). المعرِّب.
([13]) انظر: فريدريك كابلستون، تاريخ فلسفه أز بنتام تا راسل (تاريخ الفلسفة من بونتام إلى راسل) 8: 334، ترجمه إلى اللغة الفارسية: بهاء الدين خرمشاهي، انتشارات سروش، طهران، 1382هـ.ش.
([14]) ريتشارد رورتي (1931 ـ 2007م): فيلسوفٌ أمريكي. يُعَدّ ـ إلى جانب (هيلاري بوتنام) ـ من أبرز ممثِّلي العملانية. انتمى في البداية إلى تيار الفلسفة التحليلية، ثم نبذه فيما بعد. المعرِّب.
([15]) هيلاري بوتنام (1926 ـ 2016م): فيلسوفٌ ورياضياتي أمريكي. يُعَدّ أحد أبرز الفلاسفة في الفلسفة الغربية المعاصرة منذ الستينات من القرن العشرين. تتعلَّق أعماله بفلسفة الذهن وفلسفة اللغة وفلسفة العلوم. وكان حازماً حتّى في التعاطي مع أفكاره. المعرِّب.
([16]) هربرت دونالد ديفدسون (1917 ـ 2003م): فيلسوفٌ أمريكي. كان لأعماله تأثيرٌ كبير في الكثير من الفلسفات، ولا سيَّما منها: فلسفة العقل، وفلسفة اللغة، ونظرية العمل. المعرِّب.
([17]) ستانلي يوجين فيش (1938 ـ ؟م): فيلسوفٌ ومنظِّر أمريكي. من أعماله (سلطة المؤوّل)، و(كيف تكتب جملة؟ وكيف تقرأها؟). المعرِّب.
([18]) ويلارد فان أورمان كواين (1908 ـ 2000م): فيلسوفٌ وعالم منطق أمريكي. يُعَدّ واحداً من أكثر الفلاسفة تأثيراً في القرن العشرين. وكان يؤمن بأن الفلسفة ليست تحليلاً مفاهيمياً، وإنما هي الفرع المجرّد للعلوم التجريبية، ويعتبر لذلك من أهمّ ممثِّلي تيار الفلسفة التحليلية. المعرِّب.
([19]) انظر: رورتي، ريتشارد، فلسفه أميد اجتماعي (فلسفة الأمل الاجتماعي) : 82، ترجمه إلى اللغة الفارسية: عبد الحسين آذرنگ ونگار نادري، نشر ني، طهران، 1384هـ.ش.
([20]) انظر: ريتشارد رورتي، پراگماتيسم، نسبي گرائي وضديت با عقل گرائي (البراغماتية، النسبية ومعارضة العقلانية): 69 ـ 74، ترجمه إلى اللغة الفارسية: سعيدة كوكب، كتاب ماه فلسفة، العدد 6، 1386هـ.ش.
([21]) جوديث باتلر (1956 ـ ؟م): فيلسوفةٌ أمريكية يهودية مناهضة للصهيونية وناقدة للسياسة الإسرائيلية. لها إسهامات في مجالات الفلسفة النسوية، والفلسفة السياسية والأخلاق. المعرِّب.
([22]) علي شريعتمداري، أصول وفلسفه تعليم وتربيت (أصول وفلسفة التربية والتعليم): 371 ـ 374، انتشارات أمير كبير، طهران، 1371هـ.ش. (مصدر فارسي).
([23]) انظر: محمد أصغري، نگاهي به فلسفه ريچارد رورتي (قراءة لفلسفة ريتشارد رورتي): 158، نشر علم، طهران، 1389هـ.ش. (مصدر فارسي).
([24]) بيرتراند أرثور ويليام راسل (1872 ـ 1970م): فيلسوفٌ وعالم منطق ورياضيات ومؤرِّخ وناقد اجتماعي بريطاني. قاد الثورة البريطانية ضدّ المثالية. يُعَدّ أحد مؤسِّسي الفلسفة التحليلية إلى جانب سلفه (كوتلب فريج) وتلميذه (لودفيغ فتغنشتاين). كما يعتبر من أهمّ علماء المنطق في القرن العشرين. المعرِّب.
انظر: راسل، برتراند، تاريخ فلسفه غرب (تاريخ فلسفة الغرب): 1117، ترجمه إلى اللغة الفارسية: نجف دريابندري، نشر برواز، طهران، 1373هـ.ش
([27]) انظر: ويليام جيمز، پراگماتيسم (البراغماتية): 54 ـ 47، ترجمه إلى اللغة الفارسية: عبد الكريم رشيديان، 1370هـ.ش.
([28]) انظر: المصدر السابق: 168.
([30]) انظر: ريتشارد رورتي، فلسفه أميد اجتماعي (فلسفة الأمل الاجتماعي): 21، ترجمه إلى اللغة الفارسية: عبد الحسين آذرنگ ونگار نادري.
([31]) انظر: ويليام جيمز، پراگماتيسم (البراغماتية): 45، ترجمه إلى اللغة الفارسية: عبد الكريم رشيديان، 1370هـ.ش.
([32]) انظر: محمد أصغري، نگاهي به فلسفه ريچارد رورتي (قراءةٌ لفلسفة ريتشارد رورتي): 63 ـ 64، 1389هـ.ش. (مصدر فارسي).
([33]) وقعت هذه الحروب ما بين عامي 1861 ـ 1865م بين الولايات الأمريكية الشمالية بقيادة (إبراهام لنكولن) من الحزب الجمهوري وإحدى عشرة ولاية من ولايات الجنوب بقيادة (ديويس جفرسون) رئيس جمهورية الاتحاد الكنفدرالي للبلدان الأمريكية.
([34]) انظر: إسرائيل سكفلر، چهار پراگماتيسم (البراغماتيون الأربعة): 7 ـ 10، ترجمه إلى اللغة الفارسية: محسن حكيمي، نشر مركز، طهران، 1366هـ.ش.
([35]) جورج هربرت ميد (1863 ـ 1931م): فيلسوفٌ وعالم اجتماع وعالم نفس أمريكي. يعتبر واحداً من مؤسِّسي التعاونية الرمزية التي يُشار إليها بـ (التقليد الاجتماعي) في شيكاغو. المعرِّب.
([36]) انظر: إسرائيل سكفلر، چهار پراگماتيسم (البراغماتيون الأربعة): 6، ترجمه إلى اللغة الفارسية: محسن حكيمي.
([37]) إبيقور (عاش في الفترة ما بين 341 ـ 270 ق.م): فيلسوفٌ يوناني قديم. أسَّس لمدرسة فلسفية سُمّيت باسمه (الإبيقورية). قام بالكثير من الأعمال، ولكنْ لم يصلنا منها إلاّ تلك النصوص التي حفظها (ديوجينس اللاريسي). المعرِّب.
([38]) فرانسيس بيكون (1561 ـ 1626م): فيلسوفٌ ورجل دولة وكاتب إنجليزي. معروفٌ بقيادته للثورة العلمية عن طريق فلسفته الجديدة القائمة على (الملاحظة والتجريب). من الرواد الذين انتبهوا إلى غياب جدوى المنطق الأرسطي الذي يعتمد على القياس. المعرِّب.
([39]) رينيه ديكارت (1596 ـ 1650م): فيلسوف ورياضي وفيزيائي فرنسي، يُلقَّب بـ (أبي الفلسفة الحديثة)، وكثير من الأطروحات الفلسفية الغربية التي جاءت بعده هي انعكاسات لأطروحاته. المعرِّب.
([40]) إيمانوئيل كانت (1724 ـ 1804م): فيلسوفٌ ألماني. يعتبر آخر الفلاسفة المؤثِّرين في الثقافة الأوروبية الحديثة، وأحد أهمّ الفلاسفة الذين كتبوا في نظرية المعرفة الكلاسيكية، وهو آخر فلاسفة عصر التنوير في أوروبا، والذي بدأ بجون لوك وجورج بيركلي وديفد هيوم. من أشهر أعماله: (نقد العقل المجرّد)، و(نقد العقل العملي). المعرِّب.
([41]) ديفد هيوم (1711 ـ 1779م): فيلسوفٌ واقتصادي ومؤرِّخ اسكتلندي. يعتبر شخصيّةً هامة في الفلسفة الغربية وتاريخ التنوير الإسكتلندي. المعرِّب.
([42]) جون ستيوارت ميل (1806 ـ 1873م): فيلسوفٌ واقتصادي بريطاني. أولاه والده رعايةً علمية خاصّة. وقف مع بنثام ضد النـزعة اليقينية وكلّ ما كان يقاوم مسيرة العقل والتحليل والعلم التجريبي، وكان يمقت ضيق الأفق وسحق الأفراد من قبل السلطة أو العادة أو الرأي العام. المعرِّب.
([43]) جورج فيلهلم فريدريتش هيجل (1770 ـ 1831م): فيلسوفٌ ألماني. يعتبر مؤسِّس المثالية الألمانية في الفلسفة في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي. طوَّر المنهج الجدلي الذي أثبت من خلاله أن مسار التاريخ والأفكار يتمّ من خلال الطريحة والنقيضة ثمّ التوليف بينهما. وكان لفلسفة هيجل أثرٌ عميق في معظم الفلسفات المعاصرة. المعرِّب.
([44]) كارل هانريك ماركس (1818 ـ 1883م): فيلسوفٌ واقتصادي وعالم اجتماع ومؤرّخ وصحفي واشتراكي ثوري ألماني. لعبت أفكاره دَوْراً هامّاً في تأسيس علم الاجتماع وفي تطوير الحركات الاشتراكية. المعرِّب.
([45]) آرثور شوبنهاور (1788 ـ 1860م): فيلسوفٌ ألماني ملحد، معروف بفلسفته التشاؤمية، فما يراه في الحياة ما هو إلاّ شرٌّ مطلق. تأثَّر بـ (إيمانوئيل كانت) و(إفلاطون)، وأثَّر في (فريدريك نيتشه). المعرِّب.
([46]) انظر: محسن جهانگيري، شرح أحوال آثار وآراء فرانسيس بيكن (فرانسيس بيكون؛ السيرة والآثار والآراء): 178 ـ 190، نشر علمي وفرهنگي، طهران، 1376هـ.ش. (مصدر فارسي).
([47]) انظر: إسرائيل سكفلر، چهار پراگماتيسم (البراغماتيون الأربعة): 12 ـ 13، ترجمه إلى اللغة الفارسية: محسن حكيمي.
([48]) انظر: محمود خاتمي، ملاحظاتي در باب مدرنيته وپست مدرنيسم، رهيافت هاي فكري ـ فلسفي معاصر در غرب (ملاحظات في باب الحداثة وما بعد الحداثة، مدخلٌ فكري ـ فلسفي معاصر في الغرب) 4: 96.
([49]) سيمور مارتين ليبست، دائرة المعارف دموكراسي (الموسوعة الديمقراطية): 429، ترجمه إلى اللغة الفارسية: كامران فاني ونور الله مرادي، نشر وزارة الخارجية، طهران، 1385هـ.ش.
([50]) جون لوك (1632 ـ 1704م): فيلسوفٌ وطبيب تجريبي ومفكِّر سياسي إنجليزي. تولّى العديد من المناصب الحكومية. المعرِّب.
([51]) انظر: علي أصغر صنمي، پراگماتيسم (البراغماتية)، مجلة حوزه، العدد 109 ـ 110: 300، 1381هـ.ش.
([52]) ديفد هيوم (1711 ـ 1779م): فيلسوفٌ واقتصادي ومؤرِّخ اسكتلندي. يعتبر شخصيّةً هامة في الفلسفة الغربية وتاريخ التنوير الإسكتلندي. المعرِّب.
([53]) انظر: ويليام جيمز، پراگماتيسم (البراغماتية): 66 ـ 67، ترجمه إلى اللغة الفارسية: عبد الكريم رشيديان، نشر علمي فرهنگي، طهران، 1370هـ.ش.
([54]) فريدريك فيلهيلم نيتشه (1844 ـ 1900م): فيلسوفٌ ألماني وناقدٌ ثقافي وشاعر وملحن ولغوي وباحث في اللاتينية واليونانية. في سنّ الرابعة والأربعين عانى من انهيار وفقدان لكامل قواه العقلية، حتّى توفي سنة 1900 م. كان لأعماله تأثيرٌ عميق على الفلسفة الغربية وتاريخ الفكر الحديث. من أعماله: (هكذا تكلَّم زرادشت)، و(ما وراء الخير والشر)، و(أفول الأصنام). المعرِّب.
([55]) علي شريعتمداري، أصول وفلسفه تعليم وتربيت (أصول وفلسفة التربية والتعليم): 199 ـ 201، 1371هـ.ش. (مصدر فارسي).
([56]) الفلسفة الوضعية: فلسفة أوجست كونت التي تُعْنَى بالظواهر والوقائع اليقينية فحَسْب، مهملة كلّ تفكير تجريدي في الأسباب المطلقة. المعرِّب، نقلاً عن: منير البعلبكي، المورد قاموس إنجليزي / عربي.
([57]) المذهب الحسّي: القول بأن جميع الفكرات مستمدّة من الإحساس وحده، والقول بأن إشباع الحواس هو الخير الأسمى. المعرِّب، عن المصدر السابق.
([58]) مذهب المنفعة (utilitarianism): مذهبٌ يقول بأن تحقيق أعظم الخير لأكبر عددٍ من الناس يجب أن يكون هدف السلوك البشري. المعرِّب، عن المصدر السابق.
([59]) انظر: مكفرسون، جهان واقعي دموكراسي (العالم الواقعي للديمقراطية)، ترجمه إلى اللغة الفارسية: مجيد مددي، نشر البرز، طهران، 1369هـ.ش.
([60]) انظر: ريتشارد رورتي، أولويت دموكراسي بر فلسفه (أولوية الديمقراطية على الفلسفة): 12، ترجمه إلى اللغة الفارسية: خشايار ديهيمي، نشر طرح نو، ط2، طهران، 1385هـ.ش.
([61]) انظر: حسين بشيريه، آموزش دانش سياسي (دراسة العلم السياسي): 297، مؤسّسه پژوهشي نگاه معاصر، طهران، 1382هـ.ش.
([62]) لين لانكستر، خداوند أنديشه سياسي (إله التفكير السياسي): 1596، ترجمه إلى اللغة الفارسية: علي رامين، نشر علمي وفرهنگي، 1376هـ.ش.
([63]) روبرت ويلسون، دين وجامعه إمروزي (الدين والمجتمع المعاصر): 73، ترجمه إلى اللغة الفارسية: محمد إخواني، مؤسسه مطالعات وتحقيقات فرهنگي، طهران، 1376هـ.ش.
([64]) وليم جيمس، تنوّع تجربة ديني (تنوّع التجربة الدينية): 50، ترجمه إلى اللغة الفارسية: حسين كياني، نشر حكمت، طهران، 1391هـ.ش.
([65]) برتراند راسل، تاريخ فلسفه غرب (تاريخ فلسفة الغرب): 1114، ترجمه إلى اللغة الفارسية: نجف دريابندي، پرواز، طهران، 1373هـ.ش.
([67]) انظر: وليم جيمس، پراگماتيسم (البراغماتية): 57، ترجمه إلى اللغة الفارسية: عبد الكريم رشيديان، نشر علمي وفرهنگي، طهران، 1370هـ.ش.
([68]) انظر: محمد محمد رضائي وعظيم عابديني، نقد نگرش پراگماتيسم در تبيين ضرورت دين (نقد الرؤية البراغماتية في بيان ضرورة الدين): 53، مجلة قبسات، السنة الثامنة عشرة، ربيع عام 1392هـ.ش. (مصدر فارسي).
([69]) انظر: برتراند راسل، تاريخ فلسفه غرب (تاريخ فلسفة الغرب): 112 ـ 113، ترجمه إلى اللغة الفارسية: نجف دريابندي، پرواز، طهران، 1373هـ.ش.
([70]) وليم جيمس، تنوّع تجربة ديني (تنوّع التجربة الدينية): 49، ترجمه إلى اللغة الفارسية: حسين كياني، 1391هـ.ش.
([71]) انظر: وليم جيمس، پراگماتيسم (البراغماتية): 61، ترجمه إلى اللغة الفارسية: عبد الكريم رشيديان، 1370هـ.ش.
([72]) انظر: وليم جيمس، دين وروان (الدين والنفس): 191، ترجمه إلى اللغة الفارسية: مهدي قائني، شركة نشر سهامي انتشار، طهران، 1372هـ.ش.
([73]) وليم جيمس، تنوّع تجربة ديني (تنوّع التجربة الدينية)، ترجمه إلى اللغة الفارسية: حسين كياني، 1391هـ.ش.
([74]) انظر: ريتشارد رورتي، فلسفه أميد اجتماعي (فلسفة الأمل الاجتماعي): 211، ترجمه إلى اللغة الفارسية: عبد الحسين آذرنگ ونگار نادري، 1384هـ.ش.
([75]) انظر: ريتشارد رورتي، أولويت دموكراسي بر فلسفه (أولوية الديمقراطية على الفلسفة)، ترجمه إلى اللغة الفارسية: خشايار ديهيمي، 1385هـ.ش.
([76]) جان پول وليم، جامعه شناسي أديان (علم اجتماع الأديان): 169، ترجمه إلى اللغة الفارسية: عبد الرحيم گواهي، نشر تبيان، طهران، 1377هـ.ش.
([77]) انظر: علي رضا شجاعي زند، عرفي شدن در تجربه مسيحي وإسلامي (العلمنة في التجربة المسيحية والإسلامية): 63، مركز بازشناسي إسلام وإيران، طهران، 1381هـ.ش.
([78]) انظر: محمد محمد رضائي وعظيم عابديني، نقد نگرش پراگماتيسم در تبيين ضرورت دين (نقد الرؤية البراغماتية في بيان ضرورة الدين): 20، مجلة قبسات، السنة الثامنة عشرة، ربيع عام 1392هـ.ش. (مصدر فارسي).
([79]) انظر: علي رضا شجاعي زند، عرفي شدن در تجربه مسيحي وإسلامي (العلمنة في التجربة المسيحية والإسلامية): 86، 1381هـ.ش.
([80]) روبرت ويلسون، دين وجامعه إمروزي (الدين والمجتمع المعاصر): 97، ترجمه إلى اللغة الفارسية: محمد اخواني، 1376هـ.ش.
([81]) انظر: ألستر مكلين، در آمدي به دين (مدخل إلى الدين): 74، ترجمه إلى اللغة الفارسية: سعيد مهام، نشر بيدار، قم، 1382هـ.ش.
([83]) ملكم هميلتون، جامعه شناسي دين (علم الاجتماع الديني): 199، ترجمه إلى اللغة الفارسية: محسن ثلاثي، نشر تبيان، طهران، 1377هـ.ش.