أحدث المقالات

الشيخ محمد عباس دهيني(*)

تمهيدٌ

نال الحديث النبويّ الشريف حظّاً وافراً من اهتمام المسلمين على اختلاف مذاهبهم منذ العصر الأوّل لظهور الرسالة الإسلاميّة وإلى يومنا هذا؛ وذلك لكونه حاكياً عن السنّة النبويّة الشريفة([1])، التي تمثِّل بنظر المسلمين جميعاً المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلاميّ.

فالسنّة النبويّة الشريفة صِنْو القرآن الكريم في التشريع الإسلاميّ، بحيث لا يمكن للمسلم أن يستغني عن أحدهما إذا ما أراد أن يطَّلع على عقيدة الإسلام الحقّة، ويعرف أحكامَ دينه، وتكاليفَه في هذه الحياة.

وهذا ما أكَّدَتْه آياتٌ متعدِّدةٌ من القرآن الكريم، منها: ﴿وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾ (التغابن: 12)؛ ومنها: ﴿وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ (الحشر: 7).

وقد أَوْلى أتباع مذهب أهل البيت^ من المسلمين الحديث الوَلَويّ([2]) الاهتمام نفسه، حيث رأَوْا أنّ ما يصدر عن أئمّة أهل البيت^، من القول أو الفعل أو التقرير، له من الحجِّيّة ما لسنّة النبيّ| بلا أدنى اختلافٍ.

وعليه فسنّة النبيّ| والأئمّة^ هي ـ بنظر هؤلاء ـ صنو القرآن الكريم في التشريع الإسلاميّ.

وقد استدلّوا لمذهبهم بالآية الكريمة: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ (النساء: 59).

وبالحديث المتواتر معنىً بين المسلمين([3])، «…عن النبيّ| أنّه قال: إنّي تاركٌ فيكم الثقلين، ما إنْ تمسّكتم بهما لن تضلّوا: كتاب الله؛ وعترتي أهل بيتي، وإنّهما لن يفترقا حتّى يَرِدا عليَّ الحوض»([4]).

وعلى أيّ حالٍ فقد حظي الحديث النبويّ والوَلَويّ باهتمامٍ بالغٍ من المسلمين على مرّ العصور، متمثِّلاً بحفظه، وروايته، وتعليمه، وكتابته، وتدوينه، وشرحه.

وكيف لا يحظى بمثل هذا الاهتمام وقد وردَتْ في فضل حفظ الحديث وروايته وتعليمه أخبارٌ كثيرةٌ([5])، كما حثَّتْ الأخبار المستفيضة عن النبيّ| وأهل بيته^ على كتابة الحديث وتدوينه أيضاً([6])؟!

ولئن نوقش في بعض تلك الأحاديث، بأنّها تدلّ على ضرورة الكتابة لأجل الحفظ، لا أنّها تحثّ على كتابة الحديث وتدوينه لتستفيد منه الأجيال اللاحقة، فلا يمكن المناقشة في دلالة بقيّة الأحاديث على ذلك.

متى بدأ تدوين الحديث؟‌ وهل نهى النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن تدوين الحديث؟

دعوى صدور النهي من النبيّ (صلى الله عليه وآله)

ذهب بعضُ الباحثين إلى أنّه «قد جاءت أحاديثُ صحيحةٌ وآثارٌ ثابتةٌ تنهى كلّها عن كتابة أحاديث النبيّ|، [فقد] روى أحمد، ومسلم، والدارِميّ، والترمذيّ، والنسائيّ، عن أبي سعيد الخدريّ، قال: «قال رسول الله|: لا تكتبوا عنّي شيئاً إلاّ القرآن، فمَنْ كتب عنّي شيئاً غير القرآن فلْيَمْحُهُ»([7]).

وأخرج الدارِميّ عن أبي سعيد الخدريّ: أنّهم استأذنوا النبيّ| في أن يكتبوا عنه فلم يأذَنْ لهم([8]).

وروى الترمذيّ عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد قال: «استأذنّا النبيّ| في الكتابة فلم يأذَنْ لنا»([9])»([10]).

ثمّ قال: «ولئن كان هناك بعض أحاديث رُويَتْ في الرخصة بكتابة الأحاديث إنّ أحاديث النهي أصحُّ وأقوى»([11]).

وهكذا خَلَص إلى القول: «إنّ النبيّ صلوات الله عليه لم يجعل لحديثه كتّاباً يكتبونه عندما كان ينطق به كما جعل للقرآن الحكيم، وتركه ينطلق من غير قيدٍ إلى أذهان السامعين، تخضعه الذاكرة لحكمها القاهر، الذي لا يستطيع إنسانٌ مهما كان أن ينكره أو ينازع فيه، من سَهْوٍ أو وَهْمٍ، أو غَلَطٍ أو نسيانٍ، وبذلك تفكَّك نظم ألفاظه، وتمزَّق سياق معانيه، ولم يدَعْ صلوات الله عليه الأمر على ذلك فحَسْب، بل نهى عن كتابته… وقد استجاب أصحابُه لهذا النهي، فلم يكتبوا عنه غير القرآن، ولم يقِفْ الأمر بهم عند ذلك، بل ثبت عنهم أنّهم كانوا يرغبون عن رواية الحديث، وينهَوْن الناس عنها، ويتشدَّدون في ما يُروى لهم منها. وقد كان أبو بكر وعمر لا يقبلان الحديث من الصحابيّ، مهما بلغت منزلته عندهما، إلاّ إذا جاء عليه بشاهدٍ يشهد معه أنّه قد سمعه من النبيّ، وكان عليٌّ يستحلف الصحابيّ على ما يرويه له، رضي الله عنهم جميعاً»([12]).

الردّ على هذه الدعوى

ويرِدُ على ما ادّعاه:

أوّلاً: «إنّ جميع ما رُوي من أحاديث في المنع من تدوين الحديث فاقدٌ للاعتبار؛ فإنّ المحقِّقين من علماء السنّة لا يتردَّدون في ضعف هذه الأحاديث، سوى حديثٍ رواه أبو سعيد الخدريّ»([13]).

«يقول الدكتور مصطفى الأعظميّ: وليس هناك حديثٌ واحدٌ صحيحٌ في كراهية الكتاب، اللهمّ إلاّ رواية أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه، مع ما فيها من خلافٍ في وقفها ورفعها، وكذلك المعنى المراد منها»([14]).

«وهذا الحديث هو: «قال رسول الله|: لا تكتبوا عنّي شيئاً إلاّ القرآن، فمَنْ كتب عنّي شيئاً غير القرآن فلْيَمْحُهُ»([15]). وقد رُوي هذا الحديث بألفاظ مختلفة. وهذا الاختلاف في النقل يدلّ على عدم الدقّة في ضبط الحديث المذكور»([16]).

«وقد وقع الاختلاف بين المحدِّثين في أنّ الحديث المذكور موقوفٌ، بمعنى أنّه منسوبٌ إلى أبي سعيد الخدريّ، لا إلى النبيّ|، أو مرفوعٌ، بمعنى أنّه منسوبٌ إلى النبيّ|. ولهذا الاختلاف تاريخٌ قديمٌ»([17]).

«يقول الشيخ محمّد أبو زهو: على أنّ بعض العلماء يرى أنّ حديث أبي سعيد هذا موقوفٌ عليه، وليس من كلام النبيّ|، قال ذلك البخاريّ»([18]).

«ونسب ابنُ حجر العسقلانيّ أيضاً إلى بعض متقدِّمي المحدِّثين أنّ حديث أبي سعيد هذا موقوفٌ، سيَّما إذا قارنّاه مع الأحاديث التي أسندت إلى رسول الله| الكتابة ورغّبت فيها، ثمّ قال: إنّ حديث أبي سعيد هذا موقوفٌ ‌عليه، فلا يصحّ الاحتجاج به»([19]).

وثانياً: «لو سلَّمنا صدور مثل هذا الحديث فهل يمكن أن يكون الغرض منه المنع من تدوين الحديث؟

إنّ أوّل ما يبعث على التشكيك في ذلك هو أنّ أبا سعيد نفسه لمّا سُئل عن سبب عدم التدوين قال: «لا نكتبكم، ولا نجعلها مصاحف»([20])، ولم يستدلّ في مقام الجواب بحديث رسول الله|.

ومن هنا فقد ذهب جماعةٌ من المحدِّثين إلى القول بأنّ النهي الوارد في حديث أبي سعيد الخدريّ كان نهياً عن كتابته مع القرآن في صفحةٍ واحدة»([21]).

وثالثاً: قال نفسُ ذلك الباحث في موضعٍ آخر: «وروى حافظُ المغرب ابنُ عبد البرّ، والبيهقيّ في «المدخل»، عن عروة: أنّ عمر أراد أن يكتب السنن، فاستفتى أصحاب رسول الله في ذلك ـ ورواية البيهقيّ: فاستشار ـ، فأشاروا عليه أن يكتبها، فطفق عمر يستخير الله شهراً، ثمّ أصبح يوماً وقد عزم الله له، فقال: إنّي كنتُ أريد أن أكتب السنن، وإنّي ذكرتُ قوماً كانوا قبلكم كتبوا كتباً، فأكبّوا عليها، وتركوا كتاب الله، وإنّي والله لا أشوب كتاب الله بشيءٍ أبداً ـ ورواية البيهقيّ: لا ألبس كتاب الله بشيءٍ أبداً ـ.

وعن يحيى بن جعدة: أنّ عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنّة، ثمّ بدا له أن لا يكتبها، ثمّ كتب في الأمصار: مَنْ كان عنده شيء فليَمْحُهُ.

وروى ابنُ سعد «عن عبد الله بن العلاء قال: سألتُ القاسم بن محمّد أن يُملي عليَّ أحاديث، فقال: إنّ الأحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطاب، فأنشد الناس أن يأتوه بها، فلمّا أتَوْه بها أمر بتحريقها، ثمّ قال: مثناة كمثناة أهل الكتاب، قال: فمنعني الناس القاسم بن محمّد يومئذٍ أن أكتب حديثاً»([22])»([23]).

فكيف يُفتي، أو يُشير، الصحابةُ بكتابة السنن مع نهي النبيّ| عن كتابة حديثه؟!، بل كيف يبدو لعمر أن يكتبها مع علمه بنهي النبيّ| عن كتابتها؟!، بل كيف كثُرت الأحاديث ـ والمقصود كتابتها في قراطيس؛ لقوله بعد ذلك: «فأنشد الناس أن يأتوه بها، فلمّا أتَوْه بها أمر بتحريقها» ـ على عهد عمر مع كون النبيّ| قد نهى عن كتابتها، مع العلم أنّ الصحابة كانوا يلتزمون عموماً بنواهي رسول الله|، وفي حديث تحريم الخمر([24]) ما يدلّ على ذلك؟!

بل في «تذكرة الحفّاظ»: «قالت عائشة: جمع أبي الحديث عن رسول الله|، وكانت خمسمائة حديثٍ، فبات ليلته يتقلَّب كثيراً، قالت: فغمَّني، فقلتُ: أتتقلَّب لشكوىً، أو لشيءٍ بلغك؟ فلمّا أصبح قال: أي بُنيّة، هلمّي الأحاديث التي عندك، فجئتُه بها، فدعا بنار فحرَّقها، فقلتُ: لِمَ أحرقْتَها؟ قال: خشيتُ أن أموت وهي عندي، فيكون فيها أحاديث عن رجلٍ قد ائتمنتُه ووثقتُ [به] ولم يكن كما حدَّثني، فأكون قد نقلتُ ذاك»([25]).

إذن «فقد جمع الخليفة الأوّل خمسمائة حديثٍ، وهذا دليلٌ كافٍ على عدم ورود نهيٍ منه| فيه؛ إذ لو كان قد صدر نهيٌ سابق لما دوَّن الخليفة ما دوَّن من أحاديث.

ولو تنزَّلنا وقلنا بورود المنع عن التدوين عموماً، وعن السنّة خصوصاً، فما معنى ما صحّ عنه| من أنّه أمر المسلمين بكتابة الأحكام التي قالها يوم فتح مكّة[؟!]([26])، أو أنّه بعد هجرته من المدينة أمر بكتابة أحكام الزكاة ومقاديرها، فكُتب في صحيفتَيْن، وبقيتا محفوظتَيْن في بيت أبي بكر الصدّيق وأبي بكر بن عمرو بن حزم[؟!]([27])، وما معنى ما ثبت من قوله|: «اكتبوا ولا حَرَج»([28])، وقوله: «قيِّدوا»([29])، وقوله: «اكتبْ فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلاّ حقٌّ»([30])، وقوله: «استعِنْ على حفظك بيمينك»([31])[؟!]»([32]).

ومن هنا فنحن قد نوافقه في «أنّ النبيّ صلوات الله عليه لم يجعل لحديثه كتّاباً كما جعل للقرآن الحكيم»([33])، مع الإشارة إلى أنّه| أمر أمير المؤمنين عليّاً× بكتابة ما يُمليه عليه([34]).

غير أنّنا نشكّ في كون أحاديث النهي هي الأصحّ والأقوى، ونميل إلى أنّ أحاديث الحثّ على كتابة أقواله| هي التي عوَّل عليها الصحابة في سلوكهم، ونظروا إلى روايات النهي ـ على فرض صدورها ـ على أنّها خاصّةٌ بمواردها([35]).

ولو اعتقدنا بأنّ الصحابة يعوِّلون على روايات النهي عن كتابة الحديث، مضافاً إلى سلوكهم في عدم رغبتهم في التحديث، بل في رغبتهم عنه، بل في نَهْيهم عنه؛ اعتماداً على ذلك النهي، لترجَّح من ذلك، كما يقول محمّد رشيد رضا، «كونهم لم يريدوا أن يجعلوا الأحاديث كلّها دِيناً عامّاً دائماً كالقرآن، ولو كانوا فهموا عن النبيّ| أنّه يريد ذلك لكتبوا، ولأمروا بالكتابة، ولجمع الراشدون ما كُتب، وضبطوا ما وثقوا به، وأرسلوه إلى عمّالهم ليبلّغوه، ويعملوا به»([36]).

وهنا نسأل: هل صحيحٌ أنّ النبيّ| لم يُرِدْ أن يجعل أحاديثه كلّها ديناً عامّاً دائماً كالقرآن؟!

وهل يمكن لمسلمٍ أن يعتقد بذلك بعد ورود الآيات الكثيرة الآمرة بإطاعة الله وإطاعة الرسول|([37])، والموجبة للأخذ بما آتانا الرسول|([38])، والآمرة بالردّ إلى الرسول| عند التنازع([39])، إلخ؟!

وما أحسن ما قاله الشيخ محمّد أبو زهو في هذا المجال، حيث قال: «إنّ امتناع بعض الصحابة عن كتابة الحديث، ومنعهم منها، لم يكن سببه نهي النبيّ| عن كتابة الحديث؛ بدليل أنّ الآثار الواردة عنهم في المنع، أو الامتناع، من كتابة الحديث لم يُنقل فيها التعليل بذلك، وإنّما كانوا يعلِّلون بمخافة أن تشتغل الناس بها عن كتاب الله، أو غير ذلك من الأغراض»([40]).

خلاصة القول

«إنّ نسبة منع التدوين والتحديث إلى رسول الله ما هو إلاّ مغالطةٌ يهدف منها تصوير الإسلام بصورةٍ مشوَّهة»([41]).

وعليه فنحن نعتقد بأنّه| قد حثّ المسلمين على كتابة الحديث، ولم يَنْهَ عنها، وإنْ كان قد صدر منه| نهيٌ فهو خاصٌ بمورده، ولا يتعدّاه إلى غيره.

بداية مرحلة منع تدوين الحديث

أـ نهج الخلفاء

قد عرفنا أنّ جملةً من أصحاب رسول الله| كانوا قد كتبوا حديثه في حياته، أو عقب وفاته، ولم يرَوْا في ذلك ضَيْراً أو مخالفةً لنهيه| إنْ كان نهيٌ، وما ذلك إلاّ اهتماماً منهم بحديث رسول الله|، الذي كانوا يعدّونه مصدراً من مصادر التشريع الإسلاميّ.

غير أنّ الخلفاء من بعده كان لهم رأيٌ آخر:

فها هو الخليفة الأول أبو بكر ينهى الناس عن التحديث عن رسول الله|([42]).

وها هو الخليفة الثاني عمر بن الخطّاب يأمر الناس أن يأتوه بتلك المدوَّنات، ثمّ يأمر بتحريقها، فتُحْرَق([43])، ويفقد المسلمون بذلك ثروةً عظيمةً على مستوى التشريعات الإلهيّة.

وهكذا يتَّضح لنا أنّ المسلمين مُنعوا بعد وفاة رسول الله| من نقل الحديث، ومن تدوينه.

وقد عُلِّل هذا المنع بأسبابٍ عديدة([44])، نترك الخوض في مناقشتها إلى دراسةٍ أخرى.

وعلى أيّ حالٍ «ظاهرُ الأمر أنّ الخليفة الأوّل دوَّن الحديث، ثمّ حَظَر التحديث أوّلاً، وبعد أن منع التحديث تضاعفت الحاجة لتدوين الآثار النبويّة، ممّا اضطرّ بعض الصحابة إلى أن يدوِّنوا مسموعاتهم، ويحتفظوا بها للأجيال القادمة، ولذلك ثنّى الخليفة أبو بكر بمنع تدوين الحديث بعد منعه التحديث»([45]).

ونهج عمر، وعثمان، وأغلبُ خلفاء بني أميّة، نهجَ أبي بكر في منع التحديث والتدوين، وهكذا خرج تدوين الحديث من إطار السياسة الرسميّة للدولة الإسلاميّة، ولم يكن يجرؤ أيُّ أحدٍ على تدوين الأحاديث، وجَمْعها في صحفٍ خاصّةٍ بها.

غير أنّ محاولاتهم تلك لم تَلْقَ النجاح الذي كانوا يطلبونه، فقد «نجحوا في منع التدوين نجاحاً كبيراً، ولكنّهم لم يُلاقوا مثل هذا النجاح في منع التحديث، فالصحابةُ، والتابعون، وتابعو التابعين، لم يلتزموا بحَظْر التحديث، وإنْ كانوا قد تظاهروا بالانصراف عن التدوين»([46]).

وهذا ما يؤكِّده حبسُ عمر لعددٍ من الصحابة؛ بحجّة أنّهم يُكثرون الحديث عن رسول الله|([47]).

ب ـ نهج بعض الصحابة

وهكذا يتَّضح أنّ المسلمين كانوا يتناقلون الحديث شفاهاً وروايةً، غير آبهين بنهي أبي بكر وعمر عن التحديث.

وكأنّ بعضَ الصحابة لم يُسلِّم عمر ما لديه من المدوَّنات، أو أنّه قد عاد ـ سرّاً ـ فدوَّنها من حفظه، واحتفظ بها لمَنْ سيأتي بعده من المسلمين.

وبعضُ الصحابة، والتابعين، وتابعيهم، عمدوا سرّاً إلى تدوين الأحاديث التي كان يُلقيها إليهم أصحاب رسول الله|.

فظهرت بسبب ذلك كلِّه مجموعةٌ من المدوَّنات الحديثيّة لأصحاب رسول الله|، والتابعين، وتابعيهم.

«وفي طليعة أولئك الصحابة الإمام [أمير المؤمنين] عليّ×، حيث إنّه وعى وحفظ كلّ ما قاله الرسول| له، وكان أوّل مَنْ صنَّف في أحاديث الرسول|»([48]).

وقد كتب× أحاديث النبيّ| كلَّها في صحيفةٍ كبيرةٍ، طُولُها سبعون ذراعاً، بخطِّه× وإملاءِ رسول الله|، وكانت تُعرَف عند أهل البيت^ بالجامعة([49]).

«وللإمام عليّ× كتابٌ آخر في الديات، سمّاه «الصحيفة»، كان يعلِّقه× بقراب سيفه، وقد روى البخاريُّ في «صحيحه» عن هذه الصحيفة([50])»([51]).

«وممَّنْ جدَّ في كتابة الحديث فاطمة الزهراء سلام الله عليها، وكتابها يُسمّى «مصحف فاطمة»»([52]).

«وبعد أمير المؤمنين جاء أبو رافع، مولى رسول الله|، وصنَّف في الأحكام والسنن([53]).

ومن المصنِّفين الأوائل أبو عبد الله سلمان الفارسيّ المحمّديّ[32هـ]، صنَّف كتاب حديث الجاثليق الروميّ الذي بعثه ملك الروم إلى النبيّ([54])»([55]).

ومنهم: معاذ بن جبل(18هـ)([56])، أبيّ بن كعب الأنصاريّ(22هـ)([57])، عبد الله بن مسعود الهذليّ(32هـ)([58])، زيد بن ثابت(45هـ)([59])، أبو هريرة الدوسيّ(59هـ)([60])، عبد الله بن عمرو بن العاص(65هـ)([61])، زيد بن أرقم(68هـ)([62])، عبد الله بن عبّاس(68هـ)([63])، عبد الله بن عمر بن الخطّاب(74هـ)([64])، وجابر بن عبد الله الأنصاريّ(78هـ)([65]).

ويظهر للمتأمِّل في حال هؤلاء الصحابة والتابعين أنّهم لم يكونوا جميعاً من شيعة الإمام عليّ×، ومن هنا لم يكن من الإنصاف أن يُتَّهَم أتباع الخلفاء بالتوقُّف عن التدوين، ويُنسب إلى أتباع الإمام عليّ× استمرارهم في تدوين حديث رسول الله|.

النتيجة

فالصحيحُ أنّ كثيراً من الصحابة لم يرَوْا أنّ نهيَ رسول الله| عن كتابة حديثه ـ إنْ كان نهيٌ ـ نهيٌ عامٌّ، بل رأَوْا فيه نهياً خاصّاً في ظروفٍ خاصّة، وعليه فقد دوَّنوا حديثه في صحفٍ خاصّةٍ، احتفظوا بها لأنفسهم، التي لم تسمح بهذه المدوَّنات حتّى للخليفة الثاني حين أمر أصحابها بأن يأتوه بها.

سبب قلّة المدوَّنات الحديثيّة عند العامّة، خلافاً للشيعة

ولئن قلَّت المدوَّنات الحديثيّة لأتباع الخلفاء طيلة مرحلة منع التدوين رسميّاً بالنسبة للمدوَّنات الحديثيّة لأتباع أهل البيت^ فما ذلك إلاّ لأنّ أتباع الخلفاء كانوا يرَوْن الحجِّيّة لحديث رسول الله| فقط، فكانوا يهتمّون بتدوينه خاصّةً، وكان الكثيرون منهم «يعتقدون بأنّ رسول الله| يخطئ ويصيب، وقد يتكلَّم في الغضب ما لا يتكلَّمه في حالة الرضا([66])»([67]).

بينما كان أتباع أهل البيت^ يرَوْن في رسول الله| الإنسان الذي لا يقول إلاّ الحقّ، كما جاء بذلك التنزيل: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾ (النجم: 3 ـ 4)، وكانوا يرَوْن ذلك أيضاً في الأئمّة الاثني عشر^ من بعده، وهكذا تلقَّوْا أحاديثهم بنفس الاهتمام الذي تلقَّوْا به أحاديث رسول الله|، فدوَّنوا أحاديثهم^ كما دوَّنوا أحاديثه|، فاجتمع لهم بذلك تراثٌ حديثيٌّ كبيرٌ، بالقياس إلى مدوَّنات أتباع الخلفاء في الحديث.

ومن أتباع أهل البيت^ الذين دوَّنوا أحاديث الأئمّة^ في فترة منع التدوين: الأَصبغ بن نُباتة([68])، عبيد الله بن أبي رافع([69])، عليّ بن أبي رافع([70])، ربيعة بن سُميع([71])، وسُليم بن قيس([72]).

وغيرُهم كثيرٌ جدّاً، حتّى لقد صُنِّف عن الإمام الصادق× فقط «أربعمائة كتاب، عُرفَتْ عند الشيعة بـ (الأصول الأربعمائة)»([73]).

خلاصة القول

إنّ تدوين المسلمين للحديث بدأ منذ صدر الإسلام، أي في عهد رسول الله|، واستمرّ دون انقطاعٍ إلى يومنا هذا. غير أنّ حكّام الدولة الإسلاميّة في حِقْبة طويلةٍ من حِقَبها منعوا التحديث وتدوين الأحاديث، بحيث غدا التدوين مخالِفاً لسياسة الدولة الرسميّة. ولكنَّ هذا المنع الرسميّ لم يمنع الكثير من الصحابة والتابعين وتابعيهم من تدوين الحديث النبويّ والولويّ في صحفٍ خاصّةٍ، تناقلتها الأجيال فيما بعد، واعتمدتها كمراجع مهمّةٍ في معرفة ما جاء به النبيّ| من التشريع الإسلاميّ.

مراحل تدوين الحديث عند العامّة

1ـ عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله)

عرفنا أنّ عمليّة تدوين الحديث قد بدأت في عهد رسول الله|، وأنّ كثيراً من الصحابة قد كتب ما سمعه منه| في صحفٍ؛ لتكون مرجعاً له فيما بعد.

2ـ عهد الخلفاء الراشدين

بعد وفاة رسول الله| منع الخلفاءُ الثلاثةُ نقل حديثه| وتدوينه، إلاّ أنّ بعض الصحابة احتفظوا لأنفسهم بما كتبوه، وخالف بعضُهم أوامر الخليفة، فكتبوا سرّاً بعض الحديث النبويّ، غير أنّ ذلك التدوين بقي في إطار محاولاتٍ قليلة وسرّيّة لتدوين الحديث النبويّ.

3ـ عهد بني أميّة

نهج خلفاءُ بني أميّة نهجَ أسلافهم في منع تدوين الحديث النبويّ، «واستمرّت سياسةُ المنع الرسميّ قائمةً حتّى نهاية القرن الأوّل الهجريّ، وبالتحديد إلى زمن عمر بن عبد العزيز»([74])، «الذي أمر بجمع الحديث وتدوينه رسميّاً، وأصدر أمره بذلك لابن حزم الأنصاريّ»([75]).

يقول السيوطيّ: «وأمّا ابتداء تدوين الحديث فإنّه وقع في رأس المائة، في خلافة عمر بن عبد العزيز بأمره»([76]).

«وقال مالك في «الموطّأ»([77])، رواية محمّد بن الحسن: إنّ عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن حزم أن انظر ما كان من حديث رسول الله، أو سننه، فاكتبه لي؛ فإنّي خفْتُ دروس العلم وذهاب العلماء، وأوصاه أن يكتب له ما عند عمرة بنت عبد الرحمن الأنصاريّة ـ وكانت تلميذة عائشة رضي الله عنها ـ والقاسم بن محمد بن أبي بكر»([78]).

«وقد توفّي ابنُ عبد العزيز وقد كتب ابن حزم كتباً ولم يبعث بها إليه بعدُ»([79]).

«ويبدو أنّه لمّا عاجلت المنيّة عمر بن عبد العزيز انصرف ابن حزم عن كتابة الحديث، وبخاصّة لمّا عزله يزيد بن عبد الملك عندما تولّى بعد عمر بن عبد العزيز سنة 101هـ، وكذلك انصرف كلُّ مَنْ كانوا يكتبون مع أبي بكر. وفترت حركة التدوين، إلى أن تولّى هشام بن عبد الملك سنة 105هـ،‍ فجدَّ في هذا الأمر ابن شهاب الزهريّ»([80]).

وقد حدّث «معمر، عن الزهريّ قال: كنّا نكره كتّاب العلم، حتّى أكرهنا عليه هؤلاء الأمراء، فرأينا أن لا يمنعه أحدٌ من المسلمين»([81]).

وقال الزهريّ أيضاً: «استكتبني الملوك فأكتبتُهم، فاستحييتُ الله إذ كتبها الملوك أن لا أكتبَها لغيرهم»([82]).

غير أنّه «لم يصلنا من هذا التدوين السلطانيّ أثرٌ مكتوبٌ»([83])، الأمر الذي دفع ببعض المحقِّقين إلى التشكيك في امتثال أمر عمر بن عبد العزيز بتدوين الحديث، بل أنكر حصول التدوين قبل نهاية العصر الأمويّ([84]).

والإنصاف أنّ كتابة الحديث بدأَتْ فعلاً منذ زمن هشام بن عبد الملك، وعلى يد ابن شهاب الزهريّ، الذي أقرّ هو نفسه بكتابة الحديث، حيث يقول: «استكتبني الملوك فأكتبتُهم، فاستحييتُ الله إذ كتبها الملوك أن لا أكتبَها لغيرهم»([85]).

ولكنّ الظاهر أنّ كتابة الحديث بقيت محصورةً بمَنْ ينتدبهم الخليفة لكتابته، وبقي كثيرٌ من الناس يتحرَّزون عن كتابته؛ لاعتيادهم على عدمها، لا لمنعٍ رسميٍّ من قِبَل الخليفة.

وبعبارةٍ أخرى: لم يستطع أمرُ الخليفة بكتابة الحديث أن يُحدث منعطفاً مهمّاً في هذه المسألة، وإنّما أخذ بعض الناس ـ دون حَذَرٍ ولا خَوْفٍ ـ بكتابة الحديث في مدوَّناتهم، التي «لا تحمل علماً واحداً، وإنّما كانت تضمّ الحديث، والفقه، والنحو، واللغة، والخبر، وما إلى ذلك»([86]).

وعلى أيّ حالٍ لم يصلنا من كتب الحديث في تلك المرحلة ـ إلى نهاية العصر الأمويّ ـ أيُّ كتابٍ.

ولعلّ هذا الأمر هو الذي أَوْهم بعضاً بعدم وقوع التدوين فعلاً قبل نهاية العصر الأمويّ.

4ـ عهد بني العبّاس

قال السكندريّ: «هبّ العلماء في العصر العباسيّ إلى تهذيب ما كتب في الصحف، وتدوين ما حفظ في الصدور، ورتَّبوه، وبوَّبوه، وصنَّفوه كتباً. وكان من أقوى الأسباب في إقبال العلماء على التصنيف في هذا العصر حثّ الخليفة أبي جعفر المنصور عليه، وحمله الأئمّة الفقهاء على جمع الحديث، والفقه»([87]).

«وهو الذي أشار على مالك بن أنس أن يضع كتاب «الموطّأ» في بعض الروايات»([88]).

و«قال الذهبيّ: وفي هذا العصر (سنة 143هـ) شرع علماء الإسلام في تدوين الحديث، والفقه، والتفسير، فصنَّف ابن جُرَيج التصانيف بمكّة (مات سنة 150هـ)؛ وصنَّف سعيد بن أبي عروبة (مات سنة 156)، وحمّاد بن سلمة (مات سنة 167)، وغيرهما، بالبصرة؛ وصنَّف أبو حنيفة الفقه والرأي بالكوفة (مات سنة 150)؛ وصنَّف الأوزاعيّ بالشام (مات سنة 156 أو 157)؛ وصنَّف مالك «الموطّأ» بالمدينة (مات سنة 179)؛ وصنَّف ابن إسحاق «المغازي» (مات سنة 151)؛ وصنَّف معمر باليمن (مات سنة 153)؛ وصنَّف سفيان الثوريّ كتاب «الجامع» بالكوفة (مات سنة 161)؛ ثمّ بعد يسيرٍ صنَّف هشام([89]) كتبه (مات سنة 188)؛ وصنَّف الليث بن سعد (مات سنة 175)، وعبد الله بن لهيعة (مات سنة 174)، ثمّ ابن المبارك (مات سنة 181)، والقاضي أبو يوسف يعقوب (مات سنة 182)، وابن وهب (مات سنة 197). وكثر تبويب العلم وتدوينه، ورتِّبت ودوِّنت كتب العربيّة واللغة والتاريخ وأيّام الناس. وقبل هذا العصر كان سائر العلماء يتكلَّمون عن حفظهم، ويروون العلم عن صحفٍ صحيحة غير مرتَّبة، فسهُل ـ ولله الحمد ـ تناول العلم، فأخذ الحفظ يتناقص»([90]).

ثمّ «تلا [هؤلاء] كثيرٌ من أهل عصرهم في النسج على منوالهم، إلى أن رأى بعض الأئمّة منهم أن يفرد حديث النبيّﷺ خاصّةً، وذلك على رأس المائتين»([91]).

«ولم يصل إلينا من هذه المجموعات إلاّ «موطّأ مالك»»([92]).

وعلى أيّ حالٍ «كان التدوين في هذا العصر يمزج الحديث بأقوال الصحابة، وفتاوى التابعين ومَنْ بعدهم، كما قال ابن حجر([93])، وظلّ على ذلك إلى تمام المائتين»([94]).

5ـ بعد المئتين

«اتّخذت طريقة تدوين الحديث بعد القرن الثاني صورةً أخرى، تُعتبر متطوِّرة عمّا سبقتها، وذلك بإفرادها الحديث النبويّ خاصّةً، بدون أن يلبسه شيءٌ من فتاوى الصحابة، أو غيرها.

فصنَّف جماعةٌ في ذلك، ومن كتبهم:

1ـ جامع عبد الله بن وهب(197هـ).

2ـ مسند الطيالسي(204هـ).

3ـ مسند عبيد الله بن موسى العبسيّ الكوفي(213هـ).

4ـ مسند عبد الله بن الزبير الحميديّ(219هـ).

5ـ مسند مسدّد بن مسرهد(228هـ).

6ـ مصنَّف ابن أبي شيبة(235هـ).

7ـ مسند إسحاق بن راهويه(238هـ).

8ـ مسند أحمد بن حنبل(241هـ).

9ـ مسند عبد الله بن عبد الرحمن الدارِميّ(255هـ)»([95]).

«ولئن كانت هذه المسانيد والمصنَّفات قد أُفْرِدَتْ للحديث النبويّ فقط، ولم تخلط به أقوال الصحابة، ولكنّها كانت تجمع بين الصحيح والضعيف والموضوع من الحديث.

واستمرّ التأليف على هذا النمط إلى أن ظهرت طبقة البخاريّ، فدخل التدوين حينئذٍ مرحلةً جديدة، وخطا خطوةً نحو الأمام. ويمكن أن نسمّي هذا الدَّوْر «دَوْر التنقيح والاختيار».

وفي هذه الفترة أُلِّفت عند الجمهور الكتب الستّة، المعروفة باسم (الصحاح الستّة)، وهي:

أـ صحيح البخاريّ، تأليف: محمّد بن إسماعيل(256هـ).

ب ـ صحيح مسلم، تأليف: مسلم بن الحجّاج النيسابوريّ(261هـ).

ج ـ سنن ابن ماجة، تأليف: محمّد بن يزيد القزوينيّ(273هـ).

د ـ سنن أبي داوود، تأليف: سليمان بن الأشعث السجستانيّ(275هـ).

هـ ـ سنن الترمذيّ، تأليف: محمّد بن عيسى الترمذيّ(279هـ).

و ـ سنن النسائيّ، تأليف: أحمد بن شعيب النسائيّ(303هـ).

وبعضهم يستبدل الأخير بـ «سنن الدارِميّ»، تأليف: عبد الله بن عبد الرحمن(255هـ)»([96]).

خلاصة القول

«إنّ التدوين [الرسميّ] لم ينشأ إلاّ في القرن الثاني للهجرة في أواخر عهد بني أميّة، وإنّه لم يتّخذ طريقاً واحداً، بل تقلَّب في أطوار مختلفةٍ.

فكان في أوّل أمره جَمْعاً من رواية الرواة ممّا وَعَتْ الذاكرة من أحاديث رسول الله، وكان ذلك في صحف لا يضمّها مصنَّف جامع مبوَّب، وهذا هو «الطور الأوّل» من التدوين، ولم يصِلْ إلينا منه شيءٌ في كتابٍ خاصّ جامع.

ثمّ أخذ التدوين «طوره الثاني» في عصر العبّاسيّين، فهذَّب العلماء ما في هذه الصحف ورتَّبوه، بعد أن ضمُّوا إليه ما زادَتْه الرواية في هذا العصر، وصنَّفوا من كلّ ذلك كتباً، كسروها على الحديث وما يتّصل به، من أقوال الصحابة وفتاوى التابعين، ولم يُدخلوا فيها أدباً ولا شعراً…

وظلّ التأليف يجرى على هذا السنن إلى آخر المائة الثانية، ولم يصِلْ إلينا من الكتب المبوَّبة في هذا الطَّوْر إلاّ «موطّأ مالك&».

وبعد المائة الثانية أخذ التدوين يسير في طريقٍ أخرى، دخل بها في «الطور الثالث»، فأنشأ العلماء يفردون كلّ ما رُوي من الأحاديث في عهدهم بالتدوين… وصُنِّفت في ذلك مسانيد كثيرة، أشهرها: «مسند أحمد»، وهو لا يزال موجوداً بيننا… ولقد كانت هذه المسانيد تحمل الأحاديث الصحيحة والموضوعة.

وجرى العمل على هذا النهج حتّى ظهر البخاريّ وطبقته، فانتقل التدوين إلى «الطور الرابع»، وهو طور «التنقيح والاختيار»، فوضعوا كتباً مختصرةً في الحديث، اختاروا فيها ما رأوا أنّه من الصحيح على طريقتهم في البحث، كما فعل البخاريّ، ومسلم، ومَنْ تبعهما…

وهذا الطور من التصنيف هو الأخير؛ إذ أصبحت هذه الكتب هي المعتمدة عند أهل السنّة، أمّا الشيعة فلهم كتبٌ في الحديث يعتمدون عليها، ولا يثقون إلاّ بها، ولكلّ قومٍ سنّةٌ وإمامها.

وبهذا يخلص لك أنّ التدوين المعتمد لدى الجمهور لم يقَعْ إلاّ حوالي منتصف القرن الثالث إلى القرن الرابع»([97]).

مراحل تدوين الحديث عند الشيعة

1ـ عصر الأئمّة (عليهم السلام)

وأمّا عند الخاصّة، أعني شيعة أهل البيت^، فإنّ «من الثابت المتواتر أنّ أهل البيت قد أباحوا التدوين؛ إذ كتب الإمام عليّ صحيفةً عن رسول الله، طولُها سبعون ذراعاً، بخطِّه وإملاءِ رسول الله»([98]).

«وقد كانت الصحيفة عند الأئمّة من وُلد عليٍّ، يتوارثونها، ويحرصون عليها غاية الحرص، فعن الحسن بن عليّ: «وإنّ العلم فينا، ونحن أهله، وهو عندنا مجموعٌ كلُّه بحذافيره، وإنّه لا يحدث شيءٌ إلى يوم القيامة، حتّى أَرْش الخَدْش، إلاّ وهو عندنا مكتوبٌ، بإملاءِ رسول اللهﷺ وبخطِّ عليٍّ× بيده»([99])»([100]).

وفي فترة منع التحدث والتدوين كان أئمّة أهل البيت^ يتابعون مسيرة رسول الله |، في إرشاد الناس إلى العقيدة الحقّة، وتعليمهم أحكام دينهم.

وكان أصحابُهم، الذين لم يُبالُوا بأمر المنع، يكتبون ما يُلقونه إليهم من حديثٍ.

وكانوا يعتقدون بأنّ ما يخرج منهم^ هو عين ما خرج من رسول الله| إلى عليّ×، وورثه الأئمّة كابراً عن كابرٍ([101]).

وبعبارةٍ أخرى: إنّ شيعة أهل البيت^ خرقوا قرار حَظْر التدوين، فمارسوا كتابة الحديث النبويّ، كما كتبوا حديث أئمّة أهل البيت^، الذين كانوا ينقلون علم رسول الله| ـ وهم ورثتُه ـ إلى الناس.

وعلى أيّ حالٍ «فنهج التدوين والمحافظة على المدوَّنات كان ديدن أهل البيت وأتباعهم، مقابل الإحراق والإتلاف ومنع التحديث والتدوين الذي دأب عليه أصحاب مدرسة الاجتهاد والرأي»([102]).

«واستمرّ أمر الشيعة على إباحة التدوين حتّى جاء عصر الإمام الصادق×، فقد ألقَتْ إليه الأمّة المسلمة بأفذاذ أكبادها؛ ليرتووا من معين علمه، وبلغ عدد طلاّب مدرسته أكثر من أربعة آلاف شخص… وكتبوا من حديث جدِّه رسول الله| أربعمائة كتابٍ، عُرفَتْ عند الشيعة بـ (الأصول الأربعمائة)، وقد تضمَّنتها الموسوعات الحديثيّة المؤلَّفة بعد هذه الفترة، وبقيت جملةٌ منها إلى هذا الزمان.

وفي عصر الإمام الكاظم× كان جماعةٌ من أصحابه وشيعته يحضرون مجلسه وفي أكمامهم ألواحُ آبنوس لطافٌ وأميالٌ، فإذا نطق أبو الحسن الكاظم× بكلمةٍ، أو أفتى في نازلةٍ، دوَّنوها.

وقد بلغ ما دوَّنته الشيعة من الحديث الشريف منذ عهد أمير المؤمنين× إلى عهد الحسن العسكريّ× ستّة آلاف كتابٍ»([103]).

2ـ عصر الغَيْبة

«وفي عصر الغَيْبة بدأ علماء الشيعة المدوَّنات الحديثيّة الجامعة، التي حَوَتْ تلك الكتب بأجمعها.

ولم يُطلق علماء الشيعة على كتبهم اسم «الصحاح» كما فعل العامّة([104])، فهُمْ لا يرَوْن صحّة جميع ما جاء فيها، بل يعتبرون أنّ غايةَ ما فعلوه هو أنّهم جمعوا الحديث المنسوب إلى النبيّ|، والأئمّة^، فحفظوه بذلك من الضياع والاندثار، وأمّا هل هذه النسبة صحيحةٌ أو لا؟ فهذا أمرٌ يختلف فيه العلماء باختلاف مبانيهم.

ومن أبرز هذه الموسوعات الحديثيّة ـ عند الشيعة ـ ما عُرف بـ (الكتب الأربعة)، وهي:

1ـ «الكافي»، للشيخ محمّد بن يعقوب الكُلَيْنيّ(328 أو 329هـ).

2ـ «مَنْ لا يحضره الفقيه»، للشيخ محمّد بن عليّ الصدوق(381هـ).

3ـ «تهذيب الأحكام»، للشيخ محمّد بن الحسن الطوسيّ(460هـ).

4ـ «الاستبصار في ما اختَلَف من الأخبار»، للشيخ محمّد بن الحسن الطوسيّ(460هـ)»([105]).

«وهؤلاء المشايخ الثلاثة ينقلون مرويّاتهم عن الأصول الأربعمائة، وأولئك قد دوَّنوا أصولهم عن أئمّة أهل البيت، والأئمّةُ نقلوا الأخبار عن كتاب عليٍّ، وكتاب عليٍّ هو إملاءُ رسول الله ونهج عليٍّ.

إذن نهج التدوين والتحديث مترابطٌ عند الشيعة لا خَدْش فيه، وهذا ما يؤكِّد أصالته»([106]).

ولا تزال هذه الكتب الأربعة هي العُمْدة في الحديث عند الشيعة. غير أنّ هذه الكتب خاصّةٌ بالأحكام الشرعيّة عموماً، كما أنّ أصحابها لم يدوِّنوا فيها إلاّ ما صحّ عندهم من أحاديث الأصول وغيرها، وهكذا كانت الحاجة للمجاميع الحديثيّة التي تحوي أغلب أحاديث أهل البيت^.

3ـ في القرن الحادي عشر

«وفي القرن الحادي عشر برزت مجاميعُ حديثيّةٌ ضخمةٌ، لها أهمِّيتُها الخاصّة، ومكانُها المتميِّز، وهي:

1ـ «الوافي»، للمولى محمّد بن مرتضى القاسانيّ، المدعُوّ بالمحسن، والمُشتهِر بالفيض الكاشانيّ(1091هـ).

2ـ «بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار»، للعلاّمة محمّد باقر المجلِسِيّ(1111هـ)»([107]).

3ـ «تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة»، للشيخ الجليل محمّد بن الحسن الحُرّ العامليّ(1104هـ).

وقد نال هذا الكتاب من الشهرة بين العلماء، والمرجعيّة في البحوث الفقهيّة، ما لم ينَلْه غيرُه من الكتب الحديثيّة الأخرى.

الهوامش

(*) باحثٌ وأستاذٌ في الحوزة العلميّة. من لبنان.

([1]) نسب بعضُ الباحثين إلى العلماء تعريفهم السُّنّة بأنّها «ما نطق به رسول الله| من أقوال، وما صدر عنه من أفعال». (راجِعْ: صحيح البخاريّ، المقدّمة (بقلم: الشيخ محمّد عليّ القطب): 5).

ونسب آخرُ إليهم القول بأنّ «السُّنّة تُطلق في الأكثر على ما أُضيف إلى النبيّ، من قولٍ أو فعلٍ أو تقرير». (راجِعْ: محمود أبو رَيَّه، أضواء على السنّة المحمّديّة أو دفاعٌ عن الحديث: 39).

وقال البهائيّ: «ولو قيل: الحديث قول المعصوم×، أو حكاية قوله أو فعله أو تقريره، لم يكن بعيداً، وأمّا نفس الفعل والتقرير فيُطلق عليهما اسم السُّنّة، لا الحديث، فهي أعمّ منه مطلقاً». (راجِعْ: بهاء الدين العامليّ، الوجيزة في الدراية: 3).

وقال المظفَّر: «السُّنّة في اصطلاح الفقهاء: قول النبي أو فعله أو تقريره. ومنشأُ هذا الاصطلاح أمر النبيّ| باتّباع سنّته…، أمّا فقهاء الإماميّة بالخصوص فلمّا ثبت لديهم أنّ المعصوم من آل البيت يجري قوله مجرى قول النبيّ، من كونه حجّةً على العباد، واجب الاتّباع، فقد توسَّعوا في اصطلاح السُّنّة إلى ما يشمل قول كلّ واحد من المعصومين أو فعله أو تقريره، فكانت السُّنّة باصطلاحهم: قول المعصوم أو فعله أو تقريره». (راجِعْ: محمّد رضا المظفَّر، أصول الفقه 2: 57).

إذن فالسُّنّة هي نفس القول والفعل والتقرير، وأمّا الحديث فهو حاكٍ عن السُّنّة.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ بعض الباحثين لم يرتَضِ هذا التفسير للسُّنّة، فعرَّفَها بأنَّها «ما أُثر عن الرسول من فعلٍ أو قول أو تقرير». (راجِعْ: محمّد عجّاج الخطيب، أصول الحديث، علومه ومصطلحه: 19).

([2]) المنسوب لأولي الأمر، وهم ـ بنظر أتباع أهل البيت^ ـ الأئمّةُ الاثنا عشر، الذين أوَّلُهم عليّ بن أبي طالب×، وآخرُهم المهديّ المنتظر#.

([3]) أشار إلى تواتر هذا الحديث بين المسلمين كلٌّ من: يحيى بن سعيد الحلّي، الجامع للشرائع: 4؛ الحُرّ العامليّ، تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة 27: 33؛ البحراني، الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة 1: 29؛ 9: 360؛ الوحيد البهبهانيّ، الرسائل الفقهيّة: 210.

وقد رواه:

1ـ أحمد بن حنبل في المسند 3: 14، بما نصّه: «إنّي تاركٌ فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله، حبلٌ ممدودٌ من السماء إلى الأرض؛ وعترتي أهل بيتي، وإنّهما لن يفترقا حتّى يَرِدا عليَّ الحوض».

وأيضاً في المسند 3: 17، بما نصّه: «إنّي أوشك أن أُدعى فأُجيب، وإنّي تاركٌ فيكم الثقلين: كتاب الله عزَّ وجلَّ؛ وعترتي، كتاب الله حبلٌ ممدودٌ من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنّ اللطيف الخبير أخبرني أنّهما لن يفترقا حتّى يَرِدا عليَّ الحوض، فانظروني بمَ تخلفوني فيهما».

2ـ محمّد بن عيسى الترمذيّ في السنن 5: 329، بما نصّه: «إنّي تاركٌ فيكم ما إنْ تمسَّكتُم به لن تضلّوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله، حبلٌ ممدودٌ من السماء إلى الأرض؛ وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرَّقا حتّى يَرِدا عليَّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما».

ثمّ قال: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ.

3ـ الحاكم النيسابوريّ في المستدرك على الصحيحين 3: 148، بما نصّه: «إنّي تاركٌ فيكم الثقلين: كتاب الله؛ وأهل بيتي، وإنّهما لن يتفرّقا حتّى يَرِدا عليَّ الحوض».

ثمّ قال: هذا حديثٌ صحيحُ الإسناد على شرط الشيخين، ولم يخرِّجاه.

وقد علَّق سيدي عبد الوهّاب الشعرانيّ في «لواقح الأنوار القدسيّة في بيان العهود المحمّديّة»: 635، على هذا الحديث بقوله: «والمرادُ بأهل بيته العلماء منهم، كعليّ، وابن العبّاس، والحسن، والحسين، والله أعلم».

وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ الإمام مالك روى الحديثَ بلاغاً في «الموطّأ» على هذا النحو: «تركتُ فيكم أمرين لن تضلّوا ما مسكتم بهما: كتاب الله؛ وسنّة نبيِّه». (راجِعْ: مالك بن أنس، الموطّأ 2: 899).

([4]) وسائل الشيعة 27: 33.

وقد ذكر هذا الحديثَ معظمُ كتب الحديث عند العامّة والخاصّة، على اختلاف بينها في بعض ألفاظه، دون أن يضرّ ذلك بالمعنى مطلقاً، وقد تقدَّم ذكرُ ما جاء في بعض تلك الكتب.

([5]) للاطّلاع على بعض تلك الأخبار راجِعْ على سبيل المثال، لا الحصر:

1ـ الحسن بن عبد الرحمن الرامَهُرْمُزيّ، الحدّ الفاصل بين الراوي والواعي: 163، وفيه: «…عن ابن عبّاس، قال: سمعتُ عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: خرج علينا رسول الله|، فقال: اللهمّ ارحَمْ خلفائي، قلنا: يا رسول الله مَنْ خلفاؤك؟، قال: الذين يروون أحاديثي وسنّتي، ويعلّمونها للناس».

وأيضاً الحدّ الفاصل: 164، وفيه: «…عن زيد بن ثابت أنّ النبيّ| قال: نضّر الله امرأً سمع منّا حديثاً فبلَّغه غيره، فرُبَّ حامل فقهٍ غير فقيهٍ، ورُبَّ حامل فقهٍ إلى مَنْ هو أفقه منه».

2ـ الصدوق، الخصال: 541، وفيه: «…عن أبي الحسن×، قال: قال رسول الله|: مَنْ حفظ من أمّتي أربعين حديثاً ممّا يحتاجون إليه من أمر دينهم بعثه الله يوم القيامة فقيهاً عالماً».

3ـ الصدوق، معاني الأخبار: 374 ـ 375، وفيه: «…عن عليّ [بن أبي طالب]×، قال: قال رسول الله|: اللهمّ ارحَمْ خلفائي، اللهمّ ارحَمْ خلفائي، اللهمّ ارحَمْ خلفائي، قيل له: يا رسول الله، ومَنْ خلفاؤك؟، قال: الذين يأتون من بعدي، يروون حديثي وسُنَّتي».

4ـ الصدوق، الأمالي: 247، وفيه: «…عن عليّ×، قال: قال رسول الله|: اللهمّ ارحَمْ خلفائي ثلاثاً، قيل: يا رسول الله، ومَنْ خلفاؤك؟، قال: الذين يبلِّغون حديثي وسُنَّتي، ثمّ يعلِّمونها أمّتي».

5ـ محمّد باقر المجلسيّ، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار 2: 144، وفيه: ـ نقلاً عن «الأمالي»، للصدوق ـ: «…عن عليٍّ×، قال: قال رسول الله|: اللهمّ ارحَمْ خلفائي ـ ثلاثاً ـ، قيل: يا رسول الله، ومَنْ خلفاؤك؟، قال: الذين يتَّبعون حديثي وسُنَّتي، ثمّ يعلِّمونها أمّتي».

([6]) للاطّلاع على بعض تلك الأخبار راجِعْ على سبيل المثال، لا الحصر:

1ـ سنن الدارِميّ 1: 130، وفيه: «…عن شرحبيل بن سعيد، قال: دعا الحسن بنيه وبني أخيه، فقال: يا بَنيّ وبَني أخي، إنّكم صغار قومٍ، [و]يوشك أن تكونوا كبار آخرين، فتعلَّموا العلم، فمَنْ لم يستطع منكم أن يرويه ــ أو قال: يحفظه ــ فليكتبْه، وليضعْه في بيته».

2ـ ورواه أيضاً: عليّ المتّقي الهنديّ، كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال 10: 257.

3ـ سنن الترمذيّ 4: 145 ـ 146، وفيه: «…عن أبي هريرة، قال: كان رجلٌ من الأنصار يجلس إلى رسول الله|، فيسمع من النبيّ| الحديث، فيعجبه ولا يحفظه، فشكى ذلك إلى رسول الله|، فقال: يا رسول الله، إنّي لأسمع منك الحديث فيعجبني ولا أحفظه، فقال رسول الله|: استعِنْ بيمينك، وأومأ بيده، أي خُطَّ».

4ـ الحاكم النيسابوريّ، المستدرك على الصحيحين 1: 106، وفيه: «…عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله |: قيِّدوا العلم، قلتُ: وما تقييده؟، قال: كتابتُه».

5ـ السيوطيّ، تاريخ الخلفاء: 85، وفيه: [أخرج الحاكم في «التاريخ» بالإسناد إلى أبي بكر، عن رسول الله|] «قال: مَنْ كتب عنّي علماً أو حديثاً لم يَزَلْ يُكتب له الأجر ما بقي ذلك العلم أو الحديث».

6ـ الكلينيّ، الكافي 1: 52، كتاب فضل العلم، باب رواية الكتب والحديث وفضل الكتابة والتمسّك بالكتب، ح9، وفيه: «…عن أبي بصير، قال: سمعتُ أبا عبد الله× يقول: اكتبوا؛ فإنّكم لا تحفظون حتّى تكتبوا».

وأيضاً الكافي 1: 52، كتاب فضل العلم، باب رواية الكتب والحديث وفضل الكتابة والتمسّك بالكتب، ح11، وفيه: «…عن المفضَّل بن عمر، قال: قال لي أبو عبد الله×: اكتبْ، وبُثَّ علمك في إخوانك، فإنْ متَّ فأَورِثْ كتبَك بنيك؛ فإنّه يأتي على الناس زمان هرج، لا يأنسون فيه إلاّ بكتبهم».

([7]) راجِعْ: مسند الإمام أحمد بن حنبل 3: 21؛ 3: 12؛ سنن الدارِميّ 1: 119؛ صحيح مسلم 8: 229؛ سنن النسائيّ 5: 10؛ ولم نعثَرْ على هذا الحديث في «سنن الترمذيّ».

وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ هذا الحديث قد ذُكر بصيغٍ متعدِّدةٍ، إلاّ أنّها جميعاً تتّفق في المعنى.

([8]) سنن الدارِميّ 1: 119.

([9]) سنن الترمذيّ 4: 145.

([10]) أبو رَيَّه، أضواء على السنّة المحمّديّة: 46.

([11]) أبو رَيَّه، أضواء على السنّة المحمّديّة: 48.

([12]) أبو رَيَّه، أضواء على السنّة المحمّديّة: 20 ـ 21.

([13]) محمّد عليّ مهدوي راد، تدوين الحديث: 64.

([14]) مهدوي راد، تدوين الحديث: 65، نقلاً عن: كتاب «دراسات في الحديث النبويّ وتاريخ تدوينه»، للدكتور مصطفى الأعظميّ.

([15]) راجِعْ: مسند الإمام أحمد بن حنبل 3: 21؛ 3: 12؛ سنن الدارِميّ 1: 119؛ صحيح مسلم 8: 229؛ سنن النسائيّ 5: 10؛ ولم نعثَرْ على هذا الحديث في «سنن الترمذيّ».

([16]) مهدوي راد، تدوين الحديث: 65 (بتصرُّف).

([17]) مهدوي راد، تدوين الحديث: 66 (بتصرُّف).

([18]) مهدوي راد، تدوين الحديث: 66، نقلاً عن: كتاب «الحديث والمحدِّثون»، للشيخ محمّد أبو زهو.

([19]) مهدوي راد، تدوين الحديث: 66 ـ 67، نقلاً عن: كتاب «الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار»، لابن حجر العسقلانيّ.

([20]) مهدوي راد، تدوين الحديث: 67، نقلاً عن: كتاب «تقييد العلم»، للخطيب البغداديّ.

([21]) مهدوي راد، تدوين الحديث: 67 (بتصرُّفٍ).

([22]) محمّد بن سعد، الطبقات الكبرى 5: 188، وفيه: «قال: فمنعني القاسم يومئذٍ أن أكتب حديثاً».

([23]) أبو رَيَّه، أضواء على السنّة المحمّديّة: 46 ـ 47.

([24]) محمّد بن جرير بن يزيد الطبريّ، جامع البيان عن تأويل آي القرآن 7: 50، وفيه: «…عن أنس بن مالك، قال: «بينا أنا أدير الكأس على أبي طلحة وأبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل وسهيل ابن بيضاء وأبي دجانة، حتّى مالت رؤوسهم من خليط بسر وتمر، فسمعنا منادياً ينادي: ألا إنّ الخمر قد حُرِّمَتْ، قال: فما دخل علينا داخلٌ، ولا خرج منا خارجٌ، حتّى أهرَقْنا الشراب، وكسرنا القلال، وتوضَّأ بعضُنا، واغتسل بعضُنا، فأصَبْنا من طيب أمّ سليم، ثمّ خرجنا إلى المسجد، وإذا رسول الله| يقرأ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ إلى قوله: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ﴾، فقال رجلٌ: يا رسول الله، فما منـزلة مَنْ مات منّا وهو يشربها؟ فأنزل الله تعالى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِي مَا طَعِمُوا﴾ الآية».

([25]) الذهبيّ، تذكرة الحفّاظ 1: 5.

([26]) صحيح البخاريّ 1: 36، وفيه: «…عن أبي هريرة أنّ خزاعة قتلوا رجلاً من بني ليث عام فتح مكّة بقتيل منهم قتلوه، فأخبر بذلك النبيّ|، فركب راحلته، فخطب، فقال: إنّ الله حبس عن مكّة القتل أو الفيل، شكّ أبو عبد الله، وسلَّط عليهم رسول الله| والمؤمنون، ألا وإنّها لم تحلّ لأحدٍ قبلي، ولا تحلّ لأحدٍ بعدي، ألا وإنّها أُحلَّت لي ساعةً من نهار، ألا وإنّها ساعتي هذه حرامٌ، لا يختلى شوكها، ولا يعضد شجرها، ولا تلتقط ساقطتها، إلاّ لمنشدٍ، فمَنْ قتل له قتيلٌ فهو بخير النظرَيْن؛ إمّا أن يعقل؛ وإمّا أن يُقاد أهل القتيل، فجاء رجلٌ من أهل اليمن، فقال: اكتب لي يا رسول الله، فقال: اكتبوا لأبي فلان…».

([27]) محمّد يوسف موسى، محاضرات في تاريخ الفقه الإسلاميّ، عصر نشأة المذاهب 2: 49؛ وراجِعْ: سنن الدارقطنيّ 2: 101.

([28]) الطبرانيّ، المعجم الكبير 4: 276، وفيه: «…عن رافع بن خديج، قال: خرج علينا رسول الله|، فقال: تحدَّثوا، وليتبوَّأ مَنْ كذب عليَّ مقعده من جهنّم، قلتُ: يا رسول الله، إنّا نسمع منك أشياء فنكتبها؟ فقال: اكتبوا، ولا حَرَج».

([29]) الحاكم النيسابوريّ: المستدرك على الصحيحين 1: 106، وفيه: «…عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله|: قيِّدوا العلم، قلتُ: وما تقييده؟ قال: كتابتُه».

([30]) مسند الإمام أحمد بن حنبل 2: 192، وفيه: «…عن عبد الله بن عمرو، قال: كنتُ أكتب كلَّ شيءٍ أسمعه من رسول الله|، أريد حفظه، فنهَتْني قريش عن ذلك، وقالوا: تكتبُ ورسول الله| يقول في الغضب والرضا، فأمسكتُ، حتّى ذكرتُ ذلك لرسول الله|، فقال: اكتبْ، فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلاّ حقٌّ».

([31]) الهيثميّ، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 1: 152، وفيه: «…عن أبي هريرة أنّ رجلاً شكا إلى رسول الله| سوء الحفظ، فقال: استعِنْ بيمينك على حفظك».

([32]) عليّ الشهرستانيّ، منع تدوين الحديث، أسباب ونتائج: 19 ـ 22.

([33]) أبو رَيَّه، أضواء على السنّة المحمّديّة: 20.

([34]) قد ورد أنّ رسول الله| قال لأمير المؤمنين×: «اكتبْ ما أُملي عليك، قال: يا نبيّ الله أَوَتخافُ عليَّ النسيان؟ فقال: لستُ أخاف عليك النسيان، وقد دعوتُ الله لك أن يحفظك، ولا يُنسيك، ولكنْ اكتبْ لشركائك، قال: فقلتُ: ومَنْ شركائي يا نبيَّ الله؟ قال: الأئمّة من ولدك». (راجِعْ: الصدوق، علل الشرائع 1: 208).

([35]) ويؤيِّد مذهبَنا ما ذكره ابنُ قتيبة في محاولةٍ للجمع بين روايات المنع عن كتابة العلم وروايات إباحتها، وبيان عدم التناقض بينها، حيث قال: «ونحن نقول: إنّ في هذا معنيين:

أحدهما: أن يكون من منسوخ السُّنّة بالسُّنّة، كأنّه نهى في أوّل الأمر عن أن يكتب قوله، ثمّ رأى بعدُ، لمّا علم أنّ السُّنَن تكثر وتفوت الحفظ، أن تكتب وتقيَّد.

والمعنى الآخر: أن يكون خصّ بهذا عبد الله بن عمرو؛ لأنّه كان قارئاً للكتب المتقدِّمة، ويكتب بالسريانيّة والعربيّة، وكان غيرُه من الصحابة أمّيّين، لا يكتب منهم إلاّ الواحد والاثنان، وإذا كتب لم يُتقِنْ ولم يُصِب التهجّي، فلمّا خشي عليهم الغلط فيما يكتبون نهاهم، ولمّا أمن على عبد الله بن عمرو ذلك أذن له». (راجِعْ: ابن قتيبة، تأويل مختلف الحديث: 266).

([36]) أبو رَيَّه، أضواء على السنّة المحمّديّة: 48 ـ 49، نقلاً عن: «المنار» (لمحمّد رشيد رضا) 10: 766؛ 19: 511.

([37]) المائدة: 92: ﴿وَأَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾.

([38]) الحشر: 7: ﴿وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾.

([39]) النساء: 59: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ﴾.

([40]) محمّد أبو زهو، الحديث والمحدِّثون، أو عناية الأمّة الإسلاميّة بالسنّة النبويّة: 233 ـ 234.

([41]) الشهرستانيّ، منع تدوين الحديث، أسباب ونتائج: 22.

([42]) الذهبيّ، تذكرة الحفّاظ 1: 2 ـ 3، وفيه: «ومن مراسيل ابن أبي مليكة: أنّ الصدّيق جمع الناس بعد وفاة نبيّهم، فقال: إنكم تحدِّثون عن رسول الله| أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشدّ اختلافاً، فلا تحدِّثوا عن رسول الله شيئاً، فمَنْ سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلّوا حلاله، وحرِّموا حرامه».

([43]) ابن سعد، الطبقات الكبرى 5: 188، وفيه: «…عن عبد الله بن العلاء، قال: سألتُ القاسم يُملي عليَّ أحاديث، فقال: إنّ الأحاديث كثرت على عهد عمر بن الخطّاب، فأنشد الناس أن يأتوه بها، فلمّا أتوه بها أمر بتحريقها، ثمّ قال: مثناة كمثناة أهل الكتاب، قال: فمنعني القاسم يومئذٍ أن أكتب حديثاً».

([44]) الشهرستانيّ، منع تدوين الحديث، أسباب ونتائج: 17 ـ 36 ـ 41 ـ 45 ـ 51 ـ 55 ـ 57، حيث ذكر المؤلِّف أنّ من أسباب منع التدوين «ما طرحه الخليفة الأوّل أبو بكر، وهو [أن ينقل اشتباهاً ما لم يقُلْه رسول الله|، ومنع الاختلاف بين المسلمين].

وما طرحه الخليفة الثاني عمر، من الخوف من ترك القرآن والاشتغال بغيره، والخوف من اختلاط الحديث بالقرآن.

وما ذهب إليه ابن قتيبة، وابن حجر، وغيرهما، من أنّ النهي عن التدوين جاء لجهل الصحابة بالكتابة.

وما نقله الأستاذ أبو زهو، والشيخ عبد الغنيّ، من أنّه | نهاهم عن كتابة الحديث للمحافظة على مَلَكة الحفظ التي امتازوا بها.

وما ذهب إليه الخطيب البغداديّ، وابن عبد البرّ، من أنّ نهي عمر عن كتابة الحديث إنّما كان احتياطاً للدين، وحسن نظر للمسلمين؛ لأنّه خاف أن ينكلوا عن الأعمال، ويتَّكلوا على ظاهر الأخبار.

وما ذهب إليه بعضُ المستشرقين، من أنّ عمر سعى للحفاظ على شجاعة العرب البَدْو وإيمانهم الدينيّ القويّ؛ ليجعلهم حكّاماً للعالَم، والكتابة واتّساع المعرفة لا تتناسب مع الهدف الذي سعى من أجله.

وما ذهب إليه غالبُ كُتّاب الشيعة، ويتلخَّص ذلك في أنّ النهي جاء للحدّ من نشر فضائل أهل البيت، وتخوُّفاً من اشتهار أحاديث الرسول في فضل عليٍّ وأبنائه، وما دلّ على إمامتهم، وقد اشتدّ هذا الأمر في عهد معاوية، الذي كان يأمر الناس بلعن الإمام عليّ في خطب الجمعة على منابر المسلمين».

ثمّ ردّ المؤلِّف على هذه الأسباب جميعاً بما فيه الكفاية للمراجِع، وخَلَص إلى «أنّ السبب الحقيقيّ الكامن وراء منع التدوين… هو خلق جوٍّ فقهيّ جديد، يستطيع الخليفة من خلاله أن يتكيَّف لسدّ العجز الفقهيّ الذي يجده». (راجِعْ: الشهرستانيّ، منع تدوين الحديث، أسباب ونتائج: 357).

وراجِعْ: مهدوي راد، تدوين الحديث: 115 ـ 119 ـ 126 ـ 131 ـ 140 ـ 150، حيث ذكر المؤلِّف بعضَ الأسباب التي ذُكرت كتبريرٍ للمنع من التدوين، وهي:

1ـ اختلاط الصحيح من الحديث بالسقيم.

2ـ‌ الخوف من ترك القرآن والاشتغال بغيره.

3ـ الخوف من التباس القرآن بالحديث.

4ـ عدم معرفة الناس بالكتابة، وإذا كتبوا لم يُتقنوا ذلك.

5ـ‌ الإبقاء على قوّة الحافظة عند العرب.

6ـ الاحتياط في الدين.

ثمّ ردّ المؤلِّف هذه الأسبابَ جميعَها، وخَلَص إلى أنّ السبب الحقيقيّ للمنع من التدوين هو التحوُّل السياسيّ بعد وفاة رسول الله|، حيث شهد المجتمع الإسلاميّ حكّاماً حكموا الناس بالقوّة والظلم والغصب، من دون أن يفارقهم الخوف من تزلزل الحكومة وعدم استحكام أسس الخلافة.

ثمّ اعتبر المؤلِّف أنّ هذا السبب قد تخفّى تحت عناوين مختلفةٍ، منها:

1ـ المنع من نشر فضائل عليّ وأهل بيته^.

2ـ عدم المصلحة في كشف الأسرار (أحاديث ذمّ بعض الصحابة ولعنهم).

3ـ تثبيت العمل بالرأي وإزالة العقبات من أمامه. (راجِعْ: مهدوي راد، تدوين الحديث: 157 إلى 188).

([45]) الشهرستانيّ، منع تدوين الحديث، أسباب ونتائج: 31 ـ 32.

([46]) الشهرستانيّ، منع تدوين الحديث، أسباب ونتائج: 32.

([47]) راجِعْ: الحاكم النيسابوريّ، المستدرك على الصحيحين 1: 110، وفيه: «إنّ عمر بن الخطّاب قال لابن مسعود، ولأبي الدرداء، ولأبي ذرٍّ: ما هذا الحديث عن رسول الله|[؟!]، وأحسبه حبسهم بالمدينة حتّى أُصيب».

وراجِعْ: ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية مَنْ حلّها من الأماثل أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها 40: 500 ـ 501، وفيه: «إنّ عبد الرحمن بن عوف قال: والله ما مات عمر بن الخطّاب حتّى بعث إلى أصحاب رسول الله| فجمعهم من الآفاق، عبد الله، وحذيفة، وأبي الدرداء، وأبي ذرٍّ، وعقبة بن عامر، فقال: ما هذه الأحاديث التي قد أفشيتم عن رسول الله| في الآفاق[؟!]، فقالوا: أتنهانا[؟!]، قال: لا، أقيموا عندي، لا والله لا تفارقوني ما عشْتُ، فنحن أعلم ما نأخذ ونردّ عليكم، فما فارقوه حتّى مات».

وراجِعْ: الذهبيّ، تذكرة الحفّاظ 1: 7، وفيه: «إنّ عمر حبس ثلاثةً، ابن مسعود وأبا الدرداء وأبا مسعود الأنصاريّ، فقال: قد أكثَرْتُم الحديث عن رسول الله|».

([48]) عبد الرسول الغفّار، الكلينيّ والكافي: 24، مؤسّسة النشر الإسلاميّ، قم، الطبعة الأولى، 1416هـ.

([49]) الكافي 1: 239، وفيه: «عن أبي بصير، عن أبي عبد الله× ـ في حديثٍ، قال: يا أبا محمّد، وإنّ عندنا الجامعة، وما يُدريهم ما الجامعة؟ قال: قلتُ: جُعلت فداك وما الجامعة؟ قال: صحيفةٌ طولُها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله| وإملائه من فلق فيه، وخطِّ عليٍّ بيمينه، فيها كلُّ حلالٍ وحرامٍ، وكلُّ شيءٍ يحتاج الناس إليه، حتّى الأرش في الخدش».

([50]) صحيح البخاري 1: 36، وفيه: «عن أبي جحيفة، قال: قلتُ لعليٍّ: هل عندكم كتاب؟ قال: لا، إلاّ كتاب الله، أو فهم أعطيه رجلٌ مسلم، أو ما في هذه الصحيفة، قال: قلتُ: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، ولا يُقتل مسلمٌ بكافرٍ».

وراجِعْ أيضاً: صحيح البخاري 8: 10، وفيه: «عن إبراهيم التيميّ، عن أبيه، قال: قال عليٌّ رضي الله عنه: ما عندنا كتاب نقرؤه إلاّ كتاب الله، غير هذه الصحيفة، قال: فأخرجها، فإذا فيها أشياء من الجراحات، وأسنان الإبل. قال: وفيها: المدينةُ حرمٌ ما بين عير إلى ثور، فمَنْ أحدث فيها حَدَثاً أو آوى مُحدِثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة صرفٌ ولا عدل. ومَنْ والى قوماً بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة صرفٌ ولا عدل. وذمّةُ المسلمين واحدةٌ، يسعى بها أدناهم، فمَنْ أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه يوم القيامة صرفٌ ولا عدل».

([51]) الكلينيّ والكافي: 25؛ مجيد معارف، پژوهشي در تاريخ حديث شيعه: 36.

([52]) الكلينيّ والكافي: 26؛ معارف، پژوهشي در تاريخ حديث شيعه: 36.

ولكنْ في بعض الروايات عن أهل البيت^ أنّ مصحف فاطمة «مصحفٌ فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرّات، والله ما فيه من قرآنكم حرفٌ واحدٌ». [الكافي 1: 239].

وفي بعضها: «إنّ الله تعالى لمّا قبض نبيَّه| دخل على فاطمة÷ من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلاّ اللهُ عزَّ وجلَّ، فأرسل الله إليها ملكاً، يسلّي غمَّها، ويحدِّثها، فشكَتْ ذلك إلى أمير المؤمنين× فقال: إذا أحسَسْتِ بذلك، وسمعتِ الصوت، قولي لي، فأعلمَتْه بذلك، فجعل أمير المؤمنين× يكتب كلَّ ما سمع، حتّى أثبت من ذلك مصحفاً، قال: ثمّ قال: أما إنّه ليس فيه شيء من الحلال والحرام، ولكنْ فيه علمُ ما يكون». [الكافي 1: 240].

وفي بعضها: «إنّ فاطمة مكثت بعد رسول الله| خمسة وسبعين يوماً، وكان دخلها حزنٌ شديد على أبيها، وكان جبرئيل× يأتيها، فيحسن عزاءها على أبيها، ويطيِّب نفسها، ويخبرها عن أبيها ومكانه، ويخبرها بما يكون بعدها في ذرِّيّتها، وكان عليٌّ× يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة÷». [الكافي 1: 241].

وفي بعضها: «عن أبي عبد الله×: كنتُ أنظر في كتاب فاطمة÷، ليس من ملكٍ يملك الأرض إلاّ وهو مكتوبٌ فيه، باسمه واسم أبيه، وما وجدتُ لوُلد الحَسَن فيه شيئاً». [الكافي 1: 242].

وفي بعضها: «عن أبي جعفر×: أُنزل عليها بعد موت أبيها…، فلمّا أراد الله عزَّ وجلَّ أن يُنـزله عليها، أمر جبرئيل وميكائيل وإسرافيل أن يحملوا المصحف، فينـزلوا به عليها، وذلك في ليلة الجمعة من الثلث الثاني من الليل، هبطوا به عليها وهي قائمةٌ تصلّي، فما زالوا قياماً حتّى قعدت، فلمّا فرغت من صلاتها سلَّموا عليها، وقالوا لها: السلام يُقرئكِ السلام، ووضعوا المصحف في حجرها، فقالت لهم: الله السلام، ومنه السلام، وإليه السلام، وعليكم يا رسل الله السلام، ثمّ عرجوا إلى السماء، فما زالت من بعد صلاة الفجر إلى زوال الشمس تقرؤه، حتّى أتَتْ على آخره». [محمّد بن جرير بن رستم الطبريّ، دلائل الإمامة: 105 ـ 106، مؤسّسة البعثة، قم، الطبعة الأولى، 1413هـ].

ومن مجموع هذه الروايات يُستفاد أنّ مصحف فاطمة÷ ليس من المدوَّنات الحديثيّة عن رسول الله|، وبالتالي لا يكون مصحف فاطمة دليلاً على أنّها ممَّنْ صنَّف في الحديث.

نعم، قد ثبت أنّها÷ كانت تكتب أحاديث رسول الله|، ففي دلائل الإمامة: «عن ابن مسعود، قال: جاء رجلٌ إلى فاطمة÷، فقال: يا ابنة رسول الله، هل ترك رسول الله| عندك شيئاً تطرفينيه؟ فقالت: يا جارية، هاتِ تلك الحريرة، فطلبَتْها، فلم تجِدْها، فقالت: ويحك اطلبيها، فإنّها تعدل عندي حسناً وحسيناً، فطلبَتْها، فإذا هي قد قمَّمَتْها في قمامتها، فإذا فيها: قال محمّد النبيّ|: ليس من المؤمنين مَنْ لم يأمن جارُه بوائقَه، ومَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره، ومَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقُلْ خيراً أو يسكت. إنّ الله يحبّ الخيِّر الحليم المتعفِّف، ويبغض الفاحش الضنين السئّآل [الصحيح: السأّآل] الملحف. إنّ الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنّة، وإنّ الفحش من البذاء، والبذاء في النار». [راجِعْ: دلائل الإمامة: 65 ـ 66].

ونقل الخرائطيّ عن مجاهد قوله: «دخل أبيّ بن كعب على فاطمة رضي الله عنها ابنة محمّد، فأخرجت إليه كربةً فيها كتاب: مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُحسن إلى جاره». [راجِعْ: منع تدوين الحديث، أسبابٌ ونتائج: 405، نقلاً عن: «مكارم الأخلاق» (للخرائطي): 43، رقم 317، مكتبة السلام، طبعة القاهرة].

([53]) رجال النجاشيّ: 6، مؤسّسة النشر الإسلاميّ التابعة لجماعة المدرِّسين، قم، الطبعة الخامسة، 1416هـ، وفيه: «ولأبي رافع كتاب السنن والأحكام والقضايا».

([54]) الطوسيّ، الفهرست: 142، مؤسّسة نشر الفقاهة، الطبعة الأولى، 1417هـ، وفيه: «سلمان الفارسيّ&، روى حديث الجاثليق الروميّ الذي بعثه ملك الروم بعد النبيّ|.

ابن شهر آشوب، معالم العلماء: 92، قم، وفيه: «سلمان الفارسيّ&، روى خبر الجائليق».

([55]) الكلينيّ والكافي: 26 ـ 27.

ولكنّ قضيّة الجاثليق كانت بعد وفاة رسول الله|، سواءً قصد ملك الروم أن تكون المناظرة مع رسول الله|، ففاتهم رسول الله|، كما في نهج الإيمان؛ أو قصد أن تكون المناظرة مع الخليفة من بعده، كما في إرشاد القلوب. (راجِعْ: زين الدين عليّ بن يوسف بن جبير، نهج الإيمان: 361، مجتمع إمام هادي×، مشهد، الطبعة الأولى، 1418هـ؛ الديلميّ، إرشاد القلوب المنجي مَنْ عمل به من أليم العقاب 2: 148 ـ 149، دار الأُسوة، طهران، الطبعة الأولى، 1375هش ـ 1417هـ).

وعليه فإنّ ما رواه سلمان الفارسيّ ليس حديث رسول الله|، وإنّما هو خبرٌ عن حادثةٍ جرت بعده|، فهل يمكن عدُّه ممَّنْ صنَّف في الحديث؟!.

([56]) راجِعْ: عبد الملك بن هشام، سيرة النبيّ| 4: 1010 ـ 1011، مكتبة محمّد عليّ صبيح وأولاده، مصر، 1383هـ ـ 1963م، وفيه (بتصرُّف): «أرسل رسول الله معاذ بن جبل إلى اليمن، وكتب معه كتاباً في الصدقات فيه أحاديث».

وفي مسند الإمام أحمد بن حنبل 5: 228: «عن موسى بن طلحة، قال: عندنا كتاب معاذ عن النبيّ| أنّه إنّما أخذ الصدقة من الحنطة والشعير والزبيب والتمر».

وهذا يدلّ على أنّه كان عند موسى بن طلحة إمّا كتاب معاذ أو نسخة منه.

«وهذا يدلّ على تدوين معاذ، ووجود مدوَّناته وبقائها رغم إحراق الخليفة، ومنعه، وتهديده». (راجِعْ: منع تدوين الحديث، أسبابٌ ونتائج: 179).

([57]) محمّد حسين الذهبيّ، التفسير والمفسِّرون 1: 93، وفيه: «وقد ورد عنه [أي أُبيّ بن كعب الأنصاريّ] نسخةٌ كبيرةٌ في التفسير».

([58]) القرطبيّ، جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي روايته وحمله: 91، دار الكتب الحديثة، وفيه: «عن معن، قال: أخرج لي عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود كتاباً، وحلف لي أنّه خطُّ أبيه بيده».

([59]) تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلّها من الأماثل أو اجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها 19: 322، وفيه: «عن جعفر بن برقان، قال: سمعتُ الزهريّ يقول: لولا أنّ زيد بن ثابت كتب الفرائض لرأيتُ أنّها ستذهب من الناس».

([60]) المستدرك على الصحيحين 3: 511، وفيه: «عن الحسن بن عمرو بن أميّة الضمريّ، قال: حَدَّثتُ عن أبي هُريرة بحديثٍ، فأنكره، فقلتُ: إنّي قد سمعتُه منك، قال: إنْ كنتَ سمعْتَه منّي فإنّه مكتوبٌ عندي، فأخذ بيدي إلى بيته، فأراني كتاباً من كتبه من حديث رسول الله|، فوجد ذلك الحديث، فقال: قد أخبرتُك أنّي إنْ كنتُ حَدَّثتُك به فهو مكتوبٌ عندي».

([61]) سنن الدارِميّ 1: 127، وفيه: «عن عبد الله بن عمرو، قال: ما يُرغِّبني في الحياة إلاّ الصادقة والوهظ؛ فأمّا الصادقة فصحيفةٌ كتبتُها من رسول الله|؛ وأمّا الوهظ فأرضٌ تصدَّق بها عمرو بن العاص كان قوم عليها».

([62]) مسند الإمام أحمد بن حنبل 4: 370، وفيه: «عن النضر بن أنس أنّ زيد بن أرقم كتب إلى أنس بن مالك زمن الحرّة يعزِّيه في مَنْ قُتل من ولده وقومه، وقال: أبشِّرك ببشرى من الله عزَّ وجلَّ، سمعتُ رسول الله| يقول: اللهمّ اغفِرْ للأنصار، ولأبناء الأنصار، ولأبناء أبناء الأنصار، واغفِرْ لنساء الأنصار، ولنساء أبناء الأنصار، ولنساء أبناء أبناء الأنصار».

وفي سنن الترمذيّ 5: 372: «عن النضر بن أنس، عن زيد بن أرقم أنّه كتب إلى أنس بن مالك يعزِّيه في مَنْ أُصيب من أهله وبني عمّه يوم الحرّة، فكتب إليه: إنّي أبشِّرك ببشرى من الله، إنّي سمعتُ رسول الله|، قال: اللهمّ اغفِرْ للأنصار، ولذراري الأنصار، ولذراري ذراريهم».

([63]) ابن سعد، الطبقات الكبرى 2: 371، وفيه: «أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني فائد، مولى عبيد الله بن عليّ، عن عبيد الله بن عليّ، عن جدّته سلمى، قالت: رأيتُ عبد الله بن عبّاس معه ألواحٌ يكتب عليها عن أبي رافع شيئاً من فعل رسول الله|».

وأيضاً الطبقات الكبرى 5: 293، وفيه: «عن موسى بن عقبة، قال: وضع عندنا كريب حمل بعير، أو عدل بعير، من كتب ابن عبّاس، قال: فكان عليّ بن عبد الله بن عبّاس إذا أراد الكتاب كتب إليه: ابعث إليَّ بصحيفة كذا وكذا، قال: فينسخها، فيبعث إليه بإحداهما».

([64]) الذهبيّ، سير أعلام النبلاء 3: 238، مؤسّسة الرسالة، بيروت، الطبعة التاسعة، 1413هـ ـ 1993م، وفيه: «عن نافع أنّ ابن عمر كان له كتبٌ ينظر فيها قبل أن يخرج إلى الناس».

([65]) ابن سعد، الطبقات الكبرى 5: 467، وفيه: «قال: أخبرنا أبو بكر بن عيّاش، قال: قلتُ للأعمش: ما لهم يتَّقون تفسير مجاهد؟! قال: كانوا يرَوْن أنّه يسأل أهل الكتاب، قال: وقال غيرُ أبي بكر: كانوا يرَوْن أنّ مجاهداً يحدِّث عن صحيفة جابر».

وأيضاً الطبقات الكبرى 7: 253، وفيه: «قال سليمان: أخذ فلانٌ وفلانٌ صحيفة جابر، فقالوا: خُذْها، فقلتُ: لا».

([66]) راجِعْ: مسند الإمام أحمد بن حنبل 2: 162، وفيه: «…عن عبد الله بن عمرو، قال: كنتُ أكتب كلّ شيءٍ أسمعه من رسول الله|، أريد حفظه، فنهَتْني قريش، فقالوا: إنّك تكتب كلّ شيءٍ تسمعه من رسول الله|، ورسول الله| بشرٌ يتكلَّم في الغضب والرضا، فأمسكتُ عن الكتاب، فذكرتُ ذلك لرسول الله|، فقال: اكتبْ، فوالذي نفسي بيده ما خرج منّي إلاّ حقٌّ».

وراجِعْ: الرامَهُرْمُزيّ، الحدّ الفاصل: 365، وفيه: «…عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، قال: قلتُ: يا رسول الله، إنّي أسمع منك الشيء، أفأكتبه؟ قال: نعم، فاكتبه، قلتُ: إنّك تغضب وترضى، قال: إنّي لا أقول في الرضا والغضب إلاّ حقّاً».

وراجِعْ: الحاكم النيسابوريّ: المستدرك على الصحيحين 1: 105 ـ 106، وفيه: «اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج منه إلاّ حقٌّ، وأشار بيده إلى فيه».

([67]) الشهرستانيّ، منع تدوين الحديث، أسباب ونتائج: 440 ـ 441.

([68]) رجال النجاشيّ: 8؛ وفي الفهرست (للطوسيّ): 85: «كان الأصبغ من خاصّة أمير المؤمنين×، وعمّر بعده، روى عهد مالك الأشتر، الذي عهده إليه أمير المؤمنين× لمّا ولاّه مصر، وروى وصيّة أمير المؤمنين× إلى ابنه محمّد بن الحنفيّة».

([69]) الفهرست: 174 ـ 175، وفيه: «عبيد الله بن أبي رافع رضي الله عنه كاتب أمير المؤمنين×، له كتاب «قضايا أمير المؤمنين×»».

([70]) رجال النجاشيّ: 6، وفيه: «عليّ بن أبي رافع تابعيٌّ من خيار الشيعة، كانت له صحبة من أمير المؤمنين×، وكان كاتباً له، وحفظ كثيراً، وجمع كتاباً في فنون من الفقه؛ الوضوء، والصلاة، وسائر الأبواب».

([71]) رجال النجاشيّ: 7، وفيه: «ربيعة بن سميع، له [عن أمير المؤمنين×] كتابٌ في زكوات النعم».

([72]) محمّد بن إبراهيم النعمانيّ، الغَيْبة: 101 ـ 102، مكتبة الصدوق، طهران، وفيه: «وليس بين جميع الشيعة ممَّنْ حمل العلم ورواه عن الأئمّة^ خلافٌ في أنّ كتاب سُليم بن قيس الهلاليّ أصلٌ من أكبر كتب الأصول التي رواها أهل العلم من حَمَلة حديث أهل البيت^، وأقدمها».

([73]) وسائل الشيعة، مقدّمة التحقيق (بقلم: السيّد جواد الشهرستانيّ) 1: 63.

([74]) منع تدوين الحديث، أسبابٌ ونتائج: 32 ـ 387.

([75]) وسائل الشيعة، مقدّمة التحقيق (بقلم: السيّد جواد الشهرستانيّ) 1: 49.

([76]) الكلينيّ والكافي: 31، نقلاً عن: «تدريب الراوي» (للسيوطيّ)، الطبعة الثانية، بيروت، 1979م.

([77]) الموطّأ 1: 26.

([78]) أضواء على السنّة المحمّديّة أو دفاعٌ عن الحديث: 260.

([79]) محاضرات في تاريخ الفقه الإسلاميّ، عصر نشأة المذاهب 2: 53.

([80]) أضواء على السنّة المحمّديّة أو دفاعٌ عن الحديث: 260.

([81]) الطبقات الكبرى 2: 389؛ منع تدوين الحديث، أسبابٌ ونتائج: 387، نقلاً عن: «تقييد العلم» (للخطيب البغداديّ): 107، دار إحياء السنّة، 1395هـ؛ إسماعيل بن كثير الدمشقيّ، البداية والنهاية 9: 373 ـ 374، دار إحياء التراث العربيّ، بيروت، الطبعة الأولى، 1408هـ ـ 1988م؛ جامع بيان العلم وفضله: 98 ـ 99، وفي الأخيرَيْن: «فرأينا أن لا نمنعه أحداً من المسلمين».

([82]) جامع بيان العلم وفضله: 99.

([83]) وسائل الشيعة، مقدّمة التحقيق (بقلم: السيّد جواد الشهرستانيّ) 1: 49.

([84]) الكلينيّ والكافي: 31 ـ 32، نقلاً عن: «تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام» (للسيّد حسن الصدر): 279، بغداد 1951، ومنشورات الأعلمي، طهران، وفيه: «كانت خلافة عمر بن عبد العزيز سنتين وخمسة أشهر، مبدؤها عاشر صفر سنة ثمان أو تسع وتسعين، ومات سنة إحدى ومائة، ولم يؤرَّخ زمانُ أمره، ولا نقل ناقلٌ امتثال أمره بتدوين الحديث في زمانه، والذي ذكره الحافظ ابن حجر من باب الحدس والاعتبار، لا عن نقل العمل بأمره بالعيان، ولو كان له عند أهل العلم بالحديث أثر بالعيان لما نصّوا على أنّ الإفراد لحديث رسول الله| كان على رأس المائتين، كما اعترف به شيخ الإسلام وغيره، قال: فأوّل مَنْ جمع الآثار ابن جريح [والصحيح: جُرِيج] بمكّة،….

[ثمّ قال:] ألا تراه لم يذكر تدوين أحد قبل ابن جريح [والصحيح: جُرِيج].

وكذلك الحافظ الذهبيّ في «تذكرة الحفاظ» نصّ «أنّ أوّل زمن التصنيف وتدوين السنن وتأليف الفروع بعد انقراض دولة بني أميّة وتحوُّل الدولة إلى بني العباس، قال: ثمّ كثُر ذلك في أيّام الرشيد، وكثرت التصانيف، وأخذ حفظ العلماء ينقص، فلمّا دُوِّنت الكتب اتُّكل عليها، وإنّما كان قبل ذلك علم الصحابة والتابعين في الصدور» (راجِعْ: تذكرة الحفّاظ 1: 160)».

([85]) جامع بيان العلم وفضله: 99.

([86]) أضواء على السنّة المحمّديّة أو دفاعٌ عن الحديث: 262.

([87]) أحمد السكندريّ، تاريخ آداب اللغة العربيّة في العصر العبّاسيّ: 72، مطبعة السعادة، مصر، 1330هـ.

([88]) أضواء على السنّة المحمّديّة أو دفاعٌ عن الحديث: 264؛ محاضرات في تاريخ الفقه الإسلاميّ، عصر نشأة المذاهب 2: 53.

([89]) والصحيح: هشيم.

([90]) راجِعْ: يوسف بن تغري بردي الأتابكيّ، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة 1: 351، دار الكتب المصريّة، (1383هـ ـ 1963م)؛ تاريخ الخلفاء: 230.

وراجِعْ: وسائل الشيعة، مقدّمة التحقيق (بقلم: السيّد جواد الشهرستانيّ) 1: 49 ـ 50، وفيه: «قد وصلَتْنا أسماء جماعة ممَّنْ دوَّن الحديث في القرن الثاني، نذكر جملةً منهم:

1ـ أبو محمّد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح [والصحيح: جُرَيج]، توفّي سنة 150هـ، بمكّة.

2ـ محمّد بن إسحاق، توفّي سنة 151هـ‍، بالمدينة.

3ـ معمر بن راشد، توفّي سنة 153هـ،‍ باليمن.

4ـ سعيد بن أبي عروة، توفّي سنة 156هـ،‍ بالمدينة.

5ـ أبو عمرو عبد الرحمن بن عمر الأوزاعيّ، توفّي سنة 156هـ، في بيروت من بلاد الشام.

6ـ محمّد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، توفّي سنة 158هـ،‍ بالمدينة.

7ـ الربيع بن صبيح، توفّي سنة 160هـ، بالمدينة.

8ـ شعبة بن الحجّاج، توفّي سنة 160هـ‍، بالبصرة.

9ـ أبو عبد الله سفيان بن سعيد الثوريّ، توفّي سنة 161هـ‍، بالكوفة.

10ـ الليث بن سعد، توفّي سنة 172هـ،‍ بمصر.

11ـ أبو سلمة حمّاد بن سلمة بن دينار، توفّي سنة 176هـ، بالبصرة.

12ـ الإمام مالك بن أنس، توفّي سنة 179هـ‍، بالمدينة.

13ـ عبد الله بن المبارك، توفّي سنة 181هـ، بخراسان.

14ـ هشيم بن بشير، توفّي سنة 188هـ،‍ بواسط.

15ـ جرير بن عبد الحميد الضبّيّ، توفّي سنة 188هـ، بالريّ.

16ـ سفيان بن عيينة، توفّي سنة 198هـ، بمكّة.

([91]) ابن حجر العسقلانيّ، هدي الساري لفتح الباري بشرح صحيح البخاريّ: 4 ـ 5، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية.

([92]) أضواء على السنّة المحمّديّة أو دفاعٌ عن الحديث: 265.

([93]) هدي الساري لفتح الباري بشرح صحيح البخاريّ: 4 ـ 5.

([94]) أضواء على السنّة المحمّديّة أو دفاعٌ عن الحديث: 266.

([95]) وسائل الشيعة، مقدّمة التحقيق (بقلم: السيّد جواد الشهرستانيّ) 1: 53.

([96]) وسائل الشيعة، مقدّمة التحقيق (بقلم: السيّد جواد الشهرستانيّ) 1: 53 ـ 54.

([97]) أضواء على السنّة المحمّديّة أو دفاعٌ عن الحديث: 267 ـ 268.

([98]) محسن الأمين، أعيان الشيعة 1: 131، دار التعارف للمطبوعات، بيروت، الطبعة الخامسة، 1418هـ ـ 1998م؛ وراجِعْ: الكافي 1: 239.

([99]) الطبرسيّ، الاحتجاج 2: 6 ـ 7، دار النعمان، 1386هـ ـ 1966م.

([100]) منع تدوين الحديث، أسبابٌ ونتائج: 397.

([101]) راجِعْ: رجال النجاشيّ: 360، وفيه: «عن عذافر الصيرفيّ، قال: كنتُ مع الحَكَم بن عتيبة عند أبي جعفر× فجعل يسأله، وكان أبو جعفر[×] له مُكرِماً، فاختلفا في شيء، فقال أبو جعفر [×]: يا بنيّ، قُمْ، فأخرجْ كتاب عليّ، فأخرج كتاباً مدروجاً عظيماً، وفتحه (ففتحه)، وجعل ينظر، حتّى أخرج المسألة، فقال له أبو جعفر [×]: هذا خطّ عليٍّ× وإملاء رسول الله|، وأقبل على الحَكَم، وقال: يا أبا محمّد، اذهب أنت وسلمة وأبو المقدام حيث شئتم يميناً وشمالاً، فوالله لا تجدون العلم أوثق منه عند قوم كان ينـزل عليهم جبرئيل×».

([102]) منع تدوين الحديث، أسبابٌ ونتائج: 399.

([103]) وسائل الشيعة، مقدّمة التحقيق (بقلم: السيّد جواد الشهرستانيّ) 1: 63 ـ 64.

([104]) وسائل الشيعة، مقدّمة التحقيق (بقلم: السيّد جواد الشهرستانيّ) 1: 64 (بتصرُّف).

([105]) وسائل الشيعة، مقدّمة التحقيق (بقلم: السيّد جواد الشهرستانيّ) 1: 64 ـ 67 (بتصرُّف).

([106]) منع تدوين الحديث، أسبابٌ ونتائج: 458.

([107]) وسائل الشيعة، مقدّمة التحقيق (بقلم: السيّد جواد الشهرستانيّ) 1: 68 ـ 72 (بتصرُّف).

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً