دراسة في الإمكان والمشروعية
د. علي علي آبادي(*)
مقدمة
إنّ تشريع المهر، بوصفه أحد سمات النظام التشريعي في الإسلام، كان ولا يزال هدفاً للهجمات والشبهات المتعددة المثارة من قبل المنتقدين، وأحياناً أهل الخبرة الجاهلين بأبعاد الموضوع في سائر الأنظمة الحقوقية. وقد اقتضى ذلك بذل المؤمنين بالنظام الحقوقي الإسلامي لمساعٍ حثيثة في اتجاهين: دحض الاتهامات المطروحة؛ وتقديم الأدلة التي تُبرز أرجحية حفظ هذا التشريع الإسلامي. وكان الأمل في أن تتمكّن هذه الجهود من تبيين حقيقة المهر، وتوضيح أهمّيته ومكانته في النظام الحقوقي الإسلامي، بعد الردّ على بعض الانتقادات، من قبيل: إنّ المهر هو ثمن أنثوية المرأة، وذلك عبر الاستفادة من الإمكانات التي تتيحها وسائل الإعلام.
وفي غضون ذلك تحوّل تشريع المهر في البلدان الإسلامية، ومنها النظام الإسلامي الإيراني، في السنوات الأخيرة إلى ظاهرة غير صحيّة، ربما وقفت عائقاً في طريق زواج الشباب، أو على الأقل صعوبته، ليصبح (المهر) عملاً غير عقلائي، يتسبّب في انخفاض شديد في معدلات الزواج أكثر من أيّ وقت مضى، وذلك في ضوء غياب العوامل التي تحدّ من تفشي هذه الظاهرة المرضية واتّساعها.
هذه الحالة المرضية ناجمة عن ظاهرة جديدة تمثّلت في شيوع غلاء المهور الخارجة عن دائرة الاستطاعة، وهذه بدورها جاءت نتيجة لعوامل عدّة، مثل: انعدام عنصر القناعة لدى العديد من الأسر؛ التـنافس العشوائي؛ الالتزام الأحادي الجانب؛ غياب نصاب ومعيار رادع لجشع الطالب، وبالتالي إطلاق يده دون قيد أو شرط. لقد مهّدت هذه الحالة الأرضية لإطفاء رغبة الرجال في النكاح، بل استحالته على الشباب منهم. وبقدر اتّساع ظاهرة المهور المرتفعة، التي تشهد انتشاراً وتـنامياً لتصبح ظاهرة شاملة، يتّسع نطاق المعضلات الاجتماعية كذلك، بشكل ينذر بتلاشي الزيجات. لذا كان لا مناص من البحث عن وسيلة ناجعة لمعالجة هذه الحالة.
وهذه المقالة استكشاف وسبر لأصول وأحكام المهر؛ بغية الحصول على جواب للسؤال التالي، وهو: هل يوجد في الفقه الإسلامي نصاب أو حدّ للمهر يستطيع منع النمو المطّرد له؟ وفي حال كان الجواب بالإيجاب فما هو ذلك النصاب؟ وعلى فرض كانت الإجابة بالنفي فهل للأدلة الفقهية القدرة على وضع ضابطة لتحديد الإرادات باتجاه رعاية التـناسب بين مقدار المهر واستطاعة المتعهِّد على التأدية والتسديد أو أنّ الشريعة الإسلامية المقدّسة عاجزة عن وضع مثل هذه الضابطة؟
وفي هذه المقالة؛ وبهدف لفت الأنظار إلى مكانة الإنسان عند الشارع المقدّس، نلقي في البداية لمحة سريعة على قيمة الإنسان ومكانته من وجهة نظر الإسلام. وبعد ذلك؛ وبالنظر إلى أهمية النكاح وتشكيل الأسرة واستمرارها لأسباب من قبيل أنّها العلّة المحدثة والمبقية للإنسان، القاعدة الأولى والأكثر استحكاماً والأقدم وأكثرها طبيعية من حيث التكاثر، التربية، التزكية، وباختصار تـنشئة الإنسان الصالح المنشود من قبل الخالق والمخلوق، سنتطرّق إلى المهر بوصفه تشريعاً موجداً وشاملاً. وقبل الولوج في صلب البحث سوف نتـناول المسألة بالاستدلال من أجل دحض الالتباسات المحتملة، متوخّين الحيادية. وبعد ذلك ـ ومن خلال تبيين حقيقة المهر وفلسفة تشريعه ـ سنناقش ظاهرة غلاء المهور وآثارها من نواحٍ مختلفة، ثمّ ننتقل إلى استعراض عدّة نماذج سابقة، والإشارة إلى عدم تكلّل الجهود بالنجاح باتجاه تعديل المهر، وهي بطبيعة الحال تعبّر عن وجهة نظر المدافعين عن فكرة إطلاق المهر. ثم نختم البحث بإبراز نتائج النقاش بخصوص إيجابية أو سلبية تحديد سقف للمهور.
هدف هذه الدراسة
قبل استعراض الآثار المترتّبة على المهور المرتفعة ثمّة نقطة في غاية الأهمية ينبغي الوقوف عندها قليلاً، وهي أنّ هذه المقالة لا تلحظ مصلحة النساء أو الرجال بشكل مستقلّ، بل تأخذ بنظر الاعتبار مصلحة الإنسان بما هو إنسان، ومصلحة المجتمعات الإنسانية دون الاهتمام بالجنس، حيث تمثّل الأسرة هنا تجسيداً لها؛ لأنّ مصلحة النساء والرجال هي مصلحة مشتركة، وإنّ أولئك الذين يهتمّون بالرجال أو النساء بشكل مستقلّ يرتكبون خطأً، وهم؛ بسبب نمط تفكيرهم هذا، يتسبّبون في آلام جمّة للمجتمع. والمسألة واضحة على ما نعتقد؛ إذ كيف يمكن لأيّ رجل أن يشعر بالسعادة وهو يلمس ويشاهد تعاسة أمّه، أو أخواته، أو بناته، أو زوجته، أو سائر الأقارب ـ نَسَبياً وسببيّاً ـ من الإناث، وأنّى للمرأة أن تهنأ وشبح التعاسة يسيطر على أبيها، أو أخيها، أو ابنها، أو زوجها، أو بقية أقاربها ـ نَسَبيّاً وسببيّاًـ من الذكور، وما نريد قوله هو أنّنا وبقليل من التأمّل سنلاحظ أنّ كلّ واحد من خاصّة الرجل والمرأة على السّواء محاط بمجموعة من أفراد الجنس الآخر، الذين يهمّه وجودهم ومصيرهم. وبشكل عام فإنّ ثمّة علاقة تأثّر متبادلة بين المرء والأفراد المحيطين به، فهم يسعدون لسعادة بعضهم البعض ويشقون لشقائهم.
ولا يمكن لإنسان عاقل أن يحبّ ابنته، ويكره ابنه؛ لمجرّد عامل الجنس، فنحن في مجموعنا نشكّل آباء أو أمهّات، أبناء أو بنات، هذا المجتمع. وعلى الإنسان من خلال إمعان النظر أكثر ـ وعلى الأقل بالقدر الذي نستطيع فيه فهم ما يدور حولنا، ونميّز السليم من السقيم من الأمور ـ المساهمة في توفير الرفاهية لكلّ أفراد المجتمع؛ لأنّ من يغضّ الطرف عن سعادة الإنسان فقد غضّ الطرف عن سعادته هو. وعلى ضوء ذلك فإنّ المقصود من المصلحة في هذه المقالة هو مصلحة الجنس البشري، لا نوع خاص منه، سواءٌ أكان خصيصة ذلك النوع هو جنسه أم حقيقة منفصلة عنه.
ماهيّة المهر
ينصّ القانون المدني، من دون تقديم تعريف للمهر، في مادّته 1078 على أنّ: «كلّ ما له ماليّة، ويكون قابلاً للتملّك، يمكن جعله مهراً». وعليه؛ بالنظر إلى قوانين المهر المطبّقة حالياً، يمكن القول بأنّ المهر أو الصداق هو المال الذي يصبح بحسب المورد ـ وتبعاً لعقد النكاح أو على أثر المواقعة ـ بالضرورة ملكاً للمرأة، أو حقّاً من حقوقها. ولو وقفنا عند هذا التعريف وتأمّلناه قليلاً سنتبيّن النقاط أدناه:
1ـ يجب أن يكون للمهر مالية، وبناءً عليه لا تمتلك الأشياء الفاقدة للوصف المذكور صلاحية أن تكون مهراً، ونحن نعلم أنّ للمال قيمة اقتصادية، وهو يتوفّر على مفهوم الاجتماع والنسبية.
2ـ يمكن تحديد المهر ضمن اتفاق يكون تابعاً لعقد النكاح عن طريق توافق طرفي العقد، أو إرادة بديلة، وفي بعض الحالات يمكن تحديده من خلال إلزام تابع. وعليه إذا لم يتمّ النكاح أو المواقعة فلا يمكن أن يتحقّق المهر؛ لأنّ ذلك سيكون تابعاً من دون متبوع، كما لا يمكن أن يتحقّق المعلول دون علّة.
3ـ إنّ زمان تحديد المهر والمال الذي وقع مهراً وماهية المهر يشكلان المعبر الذي تتحقق من خلاله ملكية المهر، لأنّه إذا تمّ تحديد المهر في العقد، وكانت العين محدّدة، يصبح مال المهر ملكاً للزوجة عن طريق عقد النكاح، وسيصدق على المعقود عليها حينئذٍ وصفي الزوجة والمالكة للمهر؛ بينما لا يمكن أن تـنتقل إلى الزوجة ـ حين انعقاد النكاح ـ ملكية المهر الذي لا يكون عيناً محدّدة، أو المهر الذي لم يتمّ تحديده إلى حين لحظة انعقاد النكاح؛ لأنّ هذا الانتقال متوقّف على التحديد في كل واحد من أشكاله، بيد أنّ استقرار مال المهر أو المهر نفسه بعهدة الطرف المقابل هو أمرٌ بديهي.
4ـ باستطاعة صفة المالية المذكورة في التعريف تحديد الحدّ الأدنى للمهر، حتى لو كان قليلاً جداً، بيد أنّه لم يتمّ تحديد حدّ أعلى له، فمقداره يخضع للإرادات أو العرف والأوضاع والأحوال. وهذه الخصوصيّة، أي عدم امتلاك حدّ أعلى، أدّت إلى بروز ظاهرة ارتفاع المهور، التي نحن بصدد مناقشتها.
5ـ هناك خصوصيّة أخرى للتعريف، وهي عدم وجوب تزامن تحديد المهر مع النكاح، والتي أفضت إلى ظهور مهر المثل في حالات الزوجة مفوّضة المهر، أو مفوّضة البضع، وبطلان المهر، ووقوع الوطء، والوطء بالشبهة والإكراه، وفي حالة الطلاق قبل الدخول، على عكس الفسخ والانفساخ قبل الدخول، الذي يؤدّي إلى تحديد مهر المتعة على الرجل، وإلزامه بدفعه.
الهدف من تشريع المهر
بعد أن توضّحت بشكل نسبي ماهيّة المهر فإنّ نظرة إجمالية على أسبابه يمكن أن تبيّن لنا موقع وأهمية المسألة التي نناقشها بشكل أكبر. وهنا نسعى للإجابة عن السؤال التالي: في ضوء أهميّة النكاح بالنسبة للمرأة والرجل لماذا يتوجّب على الرجل وحده دفع مبلغ يعتدّ به تحت عنوان المهر إلى الزوجة التي تصل هي أيضاً في هذا التشريع إلى مطلوبها؟
إنّ إبداء الرأي حول أيّ تشريع حقوقي يمكن أن يكون واقعياً عندما يأخذ بعين الاعتبار النظام بجميع عناصره المؤثرة. ومن هذا المنطلق لا ينبغي النظر إلى التشريع الحقوقي للنكاح بمعزل عن النظام الحقوقي الإسلامي، كما لا ينبغي أن نتجاهل القيود الناجمة عن النكاح، أو نتجاهل موقع طرفي عقد النكاح في الحقوق الإسلامية، حيث يتطلّب التطرّق إليها فرصة ومجالاً أوسع. وعلى سبيل المثال: يجب الانتباه إلى أنّ البيت والأسرة في النظام الإسلامي يعودان إلى الزوج، وأنّ دور الزوجة هو إدارة شؤون الأسرة، غير أن مصاديق التشريع بالخصوصية المذكورة تميل إلى الصفر، ويُستبعد أن يكون لهما مصداقٌ، إلاّ أنّ آثار ذلك ماثلة. ومن هذه الزاوية نقوم باستعراض بعض الآراء، ومجمل ما سيتمّ طرحه:
1ـ بالنظر إلى أنّ إرث المرأة أقلّ من إرث الرجل فإنّ المهر ـ علاوة على التعويض عن ذلك ـ يحمل في طيّاته نوعاً من خصوصية التقسيم وتوزيع الثروة؛ لأنّ الثروة تتحرّك من أسرة إلى أسرة أخرى.
ومن أجل فهمٍ أفضل لهذا الرأي لا بدّ من الانتباه إلى أنّ البنت تحصل من أبيها على إرث أقلّ مقارنة بإخوتها، إلاّ أنّ المهر يدفعه الزوج، حيث لا يمكن تحميل الزوج مسؤولية الأب، وأنّ الزوجة والزوج يرث أحدهما الآخر أيضاً بنسبة واحد إلى اثنين، ولأنّ الإرث يشكّل الثروة في لحظة الموت، وبغضّ النظر عن مجهولية الوارث والموروث عند انعقاد النكاح، فإنّ المالية أيضاً مجهولة، وإنّ الأمور الغامضة الكثيرة المحيطة بالتشريع المشار إليه مانعة عن إبداء الرأي بشكل قطعي، إلا إذا كان المعيار هو المصلحة النوعية لا المصلحة الشخصية، ومع ذلك ونظراً للاحترام الذي يعيره الإسلام للملكية لا بدّ من التريّث، دون قدح في البعد التعبّدي له.
أضِفْ إلى ذلك أنّ القيود التي تفرض على الزوجة جرّاء النكاح أكبر مقارنة بتلك المفروضة على الزوج. كما يجب الالتفات إلى أنّ نفقات الأسرة كافة تقع على عاتق الرجل، وأنّ المرأة متحرّرة من هذا القيد بشكل كامل.
2ـ إنّ المهر مؤشّر على التكريم والاحترام الذي يكنّه الزوج لزوجته، وإن كان هذا الاحترام موضع تأمّل؛ لكونه إجبارياً، وكذلك النِّحلة موضوع المذكرة الإيضاحية (6) من قانون تعديل قوانين الطلاق، بيد أنّ مقداره هو أمر مغاير لصفة الإجبار.
3ـ المهر دليل على التزام الرجل بالنكاح؛ لأنّه إذا لم يكن كذلك فما حاجة الرجل إلى التعهّد بدفع مبلغ يعتدّ به، كما هو الحال في التعهّد الأكبر…، ولكن ألا ينبغي للمرأة أيضاً أن تُظهر هي الأخرى تعهّدها؟ وإذا كان المهر شرطاً للتعهّد فهل يكون هذا التعهّد ملزماً لطرف واحد دون الآخر، وبإلزام القانون؟ طبعاً يمكن لهذه القضية أن تجد لها ارتباطاً بحقّ الرجل بالطلاق وتعدّد الزوجات، لكنّ هذين الاثنين قد تمّ نقضهما و….
4ـ يكون المهر على شكل تعهّد أو اتفاق تابع للنكاح، ولكن في ضوء جعل خيار زمان التأدية والتسديد (وهو عند المطالبة) بيد الزوجة، حيث تطالب به عند الانفصال عادةً، فقد أوحى ذلك بأنّ دفع المهر هو نتيجة حتمية لوقوع الطلاق. وعلى هذا الأساس يصبح العبء الثقيل المترتّب على دفع المهر مانعاً أمام الطلاق أحياناً، وهو مراد الشارع والعرف معاً.
5ـ في تفسر الآية الرابعة من سورة النساء اعتبر بعض المفسِّرين في بحث (النِّحلة)، التي وردت للإشارة إلى المهر، أنّ المهر؛ بدليل كونه هدية من الله سبحانه وتعالى للزوجة، يتوافر على عنوان (النِّحلة). وبعبارة أوضح: اعتبر هؤلاء أنّ المهر هدية من عند الله للزوجة([1]).
6ـ إنّ عنوان صدقة (وصداق) كناية عن سلامة نية وصدق الزوج، ودليلاً على رغبته ومحبتة للزوجة، لتشكيل الأسرة([2]). كما كتبوا: «الصَّداق ـ بفتح الصاد وكسرها ـ سُمِّي به لإشعاره بصدق رغبة باذله في النكاح»([3]).
7ـ اعتبر بعض المفسرين كذلك أنّ المهر عامل إعزاز للمرأة وتثبيت واستمرار للنكاح في وقت واحد([4]).
8ـ بما أنّ الإسلام يحثّ الزوجة على البقاء في البيت؛ لغرض إدارة شؤون الأسرة على أكمل وجه، ولأنّ النساء لا يمتلكن عملاً يدرّ عليهنّ دخلاً معيناً، يمكن للمهر أن يمنع إلى حين الضائقة المالية الناجمة عن الانفصال، بيد أنّ هذا الأمر هو في طور الأفول في العصر الحالي؛ نظراً لانخراط معظم النساء المسلمات في العمل، بالإضافة إلى الشرط القائل بتقاسم الزوجين للثروة الحاصلة بعد الزواج، وكذلك التعويض المنصوص عليه في المذكرة الإيضاحية رقم (6) من قانون الطلاق المعدّل، وكذلك التحسّن المطّرد للأوضاع الاقتصادية للنساء، وشمولهنّ بقوانين مؤسسات الضمان الاجتماعي. ربما أدت هذه الحقائق إلى اكتفاء العديد من النساء المتعلّمات بمهر رمزي للتأسّي بأمر الشارع المقدس، ويتمثّل في هدية من المصحف الشريف ومرآة وشمعدان وعدد من باقات الزهور، والرفض التامّ لأي مبلغ نقدي بعنوان المهر، ولكن لا تزال الأكثرية العظمى من الفتيات يطالبن بمهر مرتفع، وأكثر أشكال المهر تداولاً في الوقت الحاضر عبارة عن مسكوكات ذهبية بعدد سنة ولادة الفتاة، أي لو وافقت فتاة من مواليد 1989 على الزواج فسيكون مهرها 1989 مسكوكة ذهبية، ومبلغ هذا العدد من المسكوكات يعادل في الوقت الحاضر 437580 ألف دولار.
ثمّة نقطة نرى من الضروري الإشارة إليها وهي أنّ ما تمّ استعراضه حتى الآن هو ما درجت عليه العادات والتقاليد، إلاّ أنّه توجد طرق أخرى لحساب المهر بالتاريخ الهجري الشمسي، ما يقرّب مبلغ المهر إلى رقم نصف مليار تومان. إلاّ أنّ ذلك لا يعني عدم وجود مهور مناسبة هنا وهناك.
الآثار السلبية للمهور المرتفعة
المقصود من المهر المرتفع في هذه المقالة هو الارتفاع الفاحش الذي لا يمكن التغاضي عنه، وفي بعض الحالات يصل هذا الارتفاع حداً يلغي معه أيّ يقين أو أمل بالتسديد، ويتضمّن آثاراً سلبية كثيرة، بحيث يكون في بعض الحالات؛ واستـناداً إلى القواعد العامة للعقود، باطلاً وفاقداً للمسوّغ الشرعي أو القانوني. وعلى هذا الأساس نسعى هنا إلى الإشارة إلى عدد من النتائج الوخيمة لهذا النوع من المهور.
إنّ أسوأ أثر للمهور المرتفعة يكمن في مواجهتها لنفس النكاح، الأمر الذي لا يمكن التغاضي عنه في نظر الشارع المقدس. حيث يعزف الشاب المؤهّل للنكاح عن الزواج؛ لعدم إمكان الوفاء بالمهر المطلوب، ومن خلال ترجيح العزوبية على الزواج يحمّل نفسه والمجتمع آثاراً روحية ونفسية واجتماعية واقتصادية و… كثيرة.
وقد ترك ارتفاع المهور المتداولة أثره ـ إلى جانب سائر المشكلات ـ على قدرة الشباب في اتّخاذ قرار الزواج، حيث رفعت فترة الترديد بالقدرة على الزواج، مع أنّها تشكّل أكثر فترات الغريزة الجنسية حساسية، وهي ليست بالقصيرة، ولا يمكن تجاوزها بسهولة، رفعت من سنّ الزواج، وفرضت هذه المرحلة المصحوبة بنوع من الإحباط في إمكانية الزواج سلوكيات منحرفة كثيرة على المجتمع.
ومن الآثار المشؤومة لهذا النوع من المهور ظهور ما يعرف بالزواج الصوري، الذي تلجأ إليه فئة قليلة من الفتيات بهدف استغلال المادة (1092) من القانون المدني، وثمّة مخاوف من تفشيه، وهو ما يثير القلق.
المادة (1092) من القانون المدني تـنصّ على أنّه: «إذا طلّق الزوج زوجته قبل الدخول فللزوجة نصف المهر، ولو كان الزوج قد دفع قبل ذلك أكثر من نصف المهر يحقّ له استرداد ما زاد على النصف، عيناً، أو مثلاً أو قيمة». وقد دخلت هذه المادة من الحقوق إلى الفقه([5]).
وفي إحدى الحالات التي تمّ الكشف عنها حصلت فتاة على حوالي (12 ألف مسكوكة ذهبية)، في مناورات مزيفة (عملية نصب واحتيال)، بعد أن تمّ عقد قرانها لثلاث مرات، ثم طُلِّقت في كل مرّة قبل الدخول، بحجج واهية، وحصلت بذلك على نصف المهر. إنّ بداهة وتعدّد النتائج الوخيمة لهذا العمل الشائن تلغي الحاجة إلى الإسهاب في الحديث عنه، لكن يجب التـنويه إلى أنّ التلاعب بقدسية الزواج([6]) وزوال قبح الطلاق أيضاً هما من النتائج الأخرى لهذه الظاهرة.
إنّ الموارد المذكورة هي من الآثار المؤكّدة للمهور المرتفعة، والتي ـ إلى جانب باقي آثارها السلبية ـ تعد مانعاً للنكاح أيضاً. ومع أنّ هذه الخصوصية كافية للاستـنتاج، إلاّ أنّه؛ لمنع التكرار، يبدو ضرورياً أن يقوم المرء باستذكار إجمالي لمصير أولئك الذين رضخوا لقبول مثل هذه المهور ليقف على فظاعة المسألة.
تلجأ فئة أخرى من الشباب إلى المهور المرتفعة في ضوء أوضاعها، أملاً بالحصول على المال في المستقبل، وهؤلاء هم أحد ثلاثة أصناف:
1ـ شباب حديثو السن يمتلكون أموالاً كافية حصلوا عليها بطرق عدّة، مثل: الدعم المالي للوالدين، الإرث، و…، ويقوم هؤلاء باللجوء إلى المهور المرتفعة. وعلى الرغم من أنّهم يمارسون هذا العمل في نطاق حاكمية الإرادة، غير أنّ تكرار هذا العمل لا يخلو من لبس؛ لأنّه أولاً ابتعادٌ عن السنّة، فالمهر القليل مستحبّ والمهر المرتفع شؤم([7])، علاوة على أنّ النكاح المذكور يؤسّس لسنّة سيئة بالنسبة لسائر الفتيات، من خلال محاكاتهنّ ومقايستهنّ لأنفسهنّ مع باقي بنات جنسهنّ([8])، حيث إنّ هؤلاء ـ استـناداً إلى الحديث النبوي الشريف ـ يتحمّلون وزر سنّهم لهذه السنّة ووزر من يعمل بها. ومن الناحية الوضعية أيضاً سوف يكون الأبناء، والأجيال القادمة عموماً، في معرض هذا الخطر، حيث لا يعتبر ذلك نتيجة مطلوبة. أضِفْ إلى ذلك أنّ العقد المذكور يعدّ من باب السفه، وهو ما يستلزم التأمّل والتدبّر.
2ـ من لا يملكون مالاً وثروة كافية، إلاّ أنّهم يقبلون تحت وطأة الإيحاءات المتفائلة. ويمكن تقسيم هؤلاء إلى مجموعتين:
المجموعة الأولى: التي ستواجه عاجلاً أم آجلاً مشكلة في هذا السياق، وسيؤدّي بها الأمر إلى خلف القضبان بعد تطبيق القوانين بحقّهم. وعلى الرغم من وجود عدد لا يستهان به من هؤلاء إلاّ أنّه بسبب وعي المجتمع نتجنّب الدخول في حيثيات الموضوع. ولا بدّ لنا أن نعلم أنّ هذه المجموعة تشترك مع المجموعة السابقة في خلق النتائج المذكورة، ولو أنّه يمكن أخذ العبر بالتعمّق في مصير هؤلاء.
المجموعة الثانية: وتتمثّل في الأكثرية العظمى من المتزوجين، وتشكل شريحة قبلت مهراً يفوق طاقاتها المادية، وترى أنّها حقّقت هدفها في الزواج المنشود، وتواصل حياتها العادية. في حين تظهر حقيقة وباطن الأمر شيئاً آخر. وعليه، للاقتراب أكثر من حياة هذه المجموعة، وإيضاح المسألة بشكل أفضل، فإنّ دراسة وضع هؤلاء يعدّ أمراً ضروريّاً. وبناء على هذا، وبعد الأخذ بعين الاعتبار الإشكالات المذكورة آنفاً، والدخول إلى الدائرة الضيقة في حياة هذه المجموعة، نستعرض عدّة ضوابط يمكن لكلٍّ منها أن تعرض قسماً من طرف معادلة غير متكافئة أحد طرفيها الدخل والطرف الآخر هو المهر موضع تعهّد الأفراد المشار إليهم.
لو وضعنا قيمة أكثر المهور الحالية شيوعاً، والذي يشكل جزءاً من النفقات التمهيدية للحياة المشتركة، في أحد طرفي المعادلة، والبالغ مليارين وسبعمائة وأربعة وثلاثين ألف تومان، وفي الطرف الآخر من المعادلة الرقم الذي يمثّل دخل الفرد المتعهّد، حيث إنّ الحدّ الأدنى لرواتب موظفي دائرة الضمان الاجتماعي أقلّ من (220000تومان) شهرياً، والحدّ الأعلى للرواتب الشهرية لصغار الموظفين المشمولين بقانون التوظيف الحكومي أقل من (200000تومان). ولو افترضنا أنّ المتوسط العام للرواتب هو (500000تومان) شهرياً، أي ضعفين ونصف الضعف لدخل ذوي الحدّ الأدنى من الرواتب، فسوف نحصل على الجدول التالي:
عدد مسكوكات المهر× ثمن المسكوكة بالتومان = مبلغ المهر > متوسط الراتب (بالتومان) × الحد الأعلى لأشهر العزوبية = مجموع المبلغ المستحق دفعه.
وبالأرقام: (1387 ـ 20 سنة) × 200000تومان = 2734000000 > 500000 × 12 × 30 = 180000000.
هذا الجدول غير متكافئ بالقدر الذي تضيع فيه كل الحياة، ومن الطبيعي أنّ أيّة حياة متواضعة شائعة يمكنها أن تستهلك جميع مبلغ الدخل، وأن تجعل معدل الأمل في تسديد المهر صفراً.
إنّ عدم منطقية التعهّد المذكور يمكن إثباتها أيضاً عن طريق عرض الزمان اللازم لنيل استحقاق مبلغ المهر، لأنّه لأجل تحقّق مثل هذا الاستحقاق يلزم قضاء وقت يعادل:
(12 × 500000 ÷ 2724000000) أكثر من (455) سنة، حيث يمثل هذا الرقم بحساب العمر قبل الزواج، أكثر من مجموع الأمل بالحياة (6 = 70 ÷ 455) لسبعة أجيال، ولا يتوقّع أيّ إنسان تحقّق ذلك.
وثمّة حقيقة تؤخذ بنظر الاعتبار، وهي أنّه يضاف سنوياً مبلغ إلى رواتب الموظفين مقدار تضخّم هذه الرواتب، إلاّ أنّ التضخّم يضاف تلقائياً إلى مبلغ المهر الذي هو من الذهب، وإذا لم يكن ذهباً تطبّق المذكرة الإيضاحية للمادة (1082) من القانون المدني التي تـنصّ على: «لو كان المهر نقداً متداولاً فإنّه سوف يُحسب ويدفع متـناسباً مع تغيّر القيمة السنوي في زمان التسديد بالنسبة لسنة تـنفيذ العقد الذي يحدده البنك المركزي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إلاّ أن يكون الزوجان قد تراضيا على نحو آخر في زمان تـنفيذ العقد…».
من هذا المنطلق يجب الإذعان أنّ المجموعة الأخيرة، على الرغم من أنه يمكن أن لا تدخل ـ إلى آخر العمر ـ السجن؛ بسبب عدم قدرتها على دفع المهر، وأن تواصل حياتها المشتركة؛ إلاّ أنّها ستكون فاقدة للملكية، بالمعنى العرفي لها([9])، بل أنّه ينطبق عليها حيازتها لملكية سلبيّة، بحيث إنّ ثمن الكفن الذي سيلفّون به وهم بين يدي الله سيكون من مال الآخرين، طبعاً إذا أجازوا له ذلك و… كما أنّ قسماً من هؤلاء يقضون عمرهم تحت ضغوط زوجاتهم غير الصائبة. وهم، وإنْ كانوا لا يدخلون السجن؛ للسبب المتقدّم، إلاّ أنّهم في شجارات عائلية ومشاحنات مستمرّة تهدّد أركان أسرهم، حيث لا يمكن إنكار الآثار السيئة لذلك. وهناك مجموعة أيضاً يمكن الإشارة إليها تحت مسمّى ذوي الأعمال الحرّة حيث يتمكّن هؤلاء على مدى حياتهم من جمع مبلغ المهر، ويمكننا أن نتسامح في إلحاقهم بالمجموعة الأولى.
والخلاصة هي: بما أنّ آثار المهور المرتفعة أكثر من أن يكون بالإمكان تسطيرها جميعاً بالقلم لذا فإنّنا نكتفي بهذا القدر منها كأمثلة.
الحكم التكليفي للمهور المرتفعة
النقطة الهامة التي ينبغي الالتفات إليها هنا هي أنّ البحث لا يتركّز على قلّة أو كثرة المهر بشكله المتقدّم، حتى نلجأ إلى الاستدلالات أو المستـندات السابقة. إنّ الاهتمام في هذه المقالة يدور حول الوضع الراهن، حيث إنّه؛ بسبب الارتفاع غير المنضبط للمهور، وصل إلى حدّ يتوقّع معه أن يُقضى على النكاح، وأن يتحوّل إلى شيء وجوده مستلزم لعدمه([10])؛ لأنّه حين لا يقع النكاح فإنّ المهر الذي هو تابع للنكاح يفقد معناه، ولا يؤيّد أي عقل مثل هذه الظاهرة. كما لابد من معالجة العضو المصاب الذي يمكن انتقال إصابته إلى سائر أعضاء جسم الإنسان. وتأسيساً على ذلك يجب الإذعان بأنه:
1ـ قد تحوّلت المهور الغالية الخارجة عن حدّ الاستطاعة إلى شيء يستلزم وجوده عدمَه، ومثل هذا الأمر خلاف وبعيد عن العقل والمنطق، ولا بدّ من إلغائه اضطراراً([11]).
2ـ قد اعتبرت المهور المرتفعة عملاً عبثياً، لأنّه لا يمكن تأديتها، وحرمة العمل العبث في الإسلام أمرٌ مفروغ منه. وبالنظر إلى المحاسبة المجملة المقدمة تحتاج تأدية مثل هذه المهور إلى معجزة، حادث، أو…، والتعهد الذي لا يمكن تأديته ـ علاوة على البطلان ـ هو عبث مذموم وحرام على الشرح التالي:
3ـ مغايرتها للكتاب والسنّة؛ بسبب معارضتها للنكاح، والتي تؤدّي إلى معارضتها للإنسان. وفي هذا القسم من البحث يمكن الاستـناد ـ إضافة إلى العقل المستقل ـ إلى الأصول والقواعد المعروفة، مثل: وجوب مقدمة الواجب([12])، سدّ الذرائع([13])، ولوازم الحرام([14])، وكذلك بالعقل المستلزم.
وعلى الرغم من أنّ الحكم الوضعي للمهر المرتفع ـ لتلك المجموعة الكبيرة التي لا ترى نفسها أبداً قادرة على دفعه ـ هو البطلان يمكن الاستدلال على شرعية التحريم من جهتين: الحجية الذاتية للقطع؛ وقاعدة ملازمة الشرع والعمل. بيد أنّ وضع حدّ للمهر ـ مثل الموسيقى، وحدّ الحجاب، و… ـ يحتاج إلى دقّة إضافية نضطرّ معها إلى عدم الولوج في الأبحاث قبل الابتلاء الحالي حتى نحصل على النقطة المطلوبة لتحديد مستوى الاحتياط بين جهتي الخفض والرفع ليتبدّل الترديد إلى قرار.
وفي هذا الخصوص نرجع إلى ملاحظات الشهيدين الأول والثاني، حيث أنّ الشهيد الأول يحكم باستحباب النكاح المؤكّد([15])، ويوافق الشهيد الثاني على هذا الحكم بشرطين، هما: قدرة المكلف على القيام به. ومن الطبيعي أنّه يمكن النظر إلى هذه الاستطاعة من نواح مختلفة، لكن في كلتا الحالتين القدرة على القيام بالالتزام والتعهدات الناجمة عنه تقع في نفس هذه الدائرة، والمهور الموجودة قد سلبت هذه القدرة من قسم كبير من الشباب المؤهل للزواج، ومن الطبيعي أنّها تستلزم التفكير بحلّ لها؛ والشرط الثاني للحكم المستحبّ المؤكّد هو ألا يرتكب المكلَّف الحرام بسبب ترك الزواج، وإلاّ أصبح الزواج واجباً. وعليه فإنّ الزواج إمّا مستحبّ مؤكّد أو واجب. ومن ثمّ يستعرض الشهيد الثاني أدلة وجوب واستحباب الزواج على أثر كلام الشهيد الأول، وهو أنّ فضيلة النكاح أمر مشهور، ومحقّق وثابت، وإنّ فضيلته على درجة يحرز المكلّف به نصف دينه، وفي رواية أخرى: ثلثي دينه. ويكتب الشهيد الثاني أنّ فضيلة النكاح كانت مشهورة وشائعة بين المسلمين، وهي أمر ثابت ومسلّم به في شريعتهم وتعاليمهم. وفي الختام يتحدّث بكلام دالّ على أنّ النكاح بعد الإسلام تضمّن أعظم الفوائد([16]). وإنّ لباقي الفقهاء آراء مماثلة لما نقل أيضاً([17]). وقد اعتبر هؤلاء ـ عموماً ـ أنّ قلّة المهر من الأوصاف الحسنة للمرأة([18]). والخلاصة: إنّ مسائل مثل: كرامة الإنسان، تساوي البشر بين يدي الله سبحانه وتعالى، استحباب النكاح، وجوب المهر، استحسان قلّة المهر، وكراهة كثرته…، هي من الأمور التي تدلّ عليها أدلة كثيرة. ويمكن القول بأنّها من الأمور التي تجمع عليها كافة المذاهب الإسلامية، ولا يقبل أيٌّ منها اللبس. ومن الناحية الاجتماعية أيضاً، لأنّ المهر المرتفع يعتبر مانعاً للزواج فإنّه بلا شك مخلٌّ بالنظام ومُدانٌ. وبطبيعة الحال فإنّه ـ كما المعضلات الأخرى التي تسعى الحكومة إلى إزالتها، لا بدّ أن تهتمّ بإزالة المعضل الناشئ عن شيوع المهور المرتفعة.
وفي ضوء ذلك فإنّ تـنظيم أمر المهور يحتلّ أهمية وحساسية أكبر من الناحية المذهبية ـ الدينية، وستتمّ الإشارة إلى ذلك في قسم الحكم الوضعي. والمهور المرتفعة ـ كما كان يقول كبار علماء الفقه ـ محكومة بالكراهة ما دامت تشكّل مانعاً للزواج، وهي في الوقت الحاضر تتحرّك باتجاه أن تكون حائلاً دونه، من هنا نستـنتج حرمتها الأكيدة. كما أنّها كانت حراماً في الماضي عندما كانت مانعاً لزواج من وجب عليه الزواج، وربما أصدر بعض الفقهاء الحكم بحرمتها بسبب هذه الملاحظات([19]).
الحكم الوضعي للمهور المرتفعة
الحكم بصحة التعهّد بوصفه عملاً حقوقياً يستلزم شروطاً متعددة، ومن جملتها إمكانية تأديته. وهذه حقيقة مقبولة ومعمولٌ بها في جميع الأنظمة الحقوقية الدينية والعلمانية على حدّ سواء، بل لا بدّ من القول: إنّ جميع أسس ومواد اتفاقية البيع الدولية تتّصل بكيفية التسليم والتسلّم، أي التأدية ذاتها. إنّ هذا أمرٌ طبيعي؛ لأنّ التعهّد يتمّ أساساً بالاستـناد إلى إمكانية التأدية، وإلاّ فسوف يصبح ذات العمل أمراً عبثياً. ولهذا السبب تعتبر المعاملة باطلة في الحقوق والفقه إذا لم يكن إمكان للتسليم والتسلّم، وإذا انتفى تكون المعاملة قابلة للفسخ([20]). وعليه يجب التسليم بأنّ صحّة المهور المقصودة ـ التي هي بلا أدنى شك فوق استطاعة المتعهّد ـ موضعُ شكّ وترديد، بالإضافة إلى أنّها من الناحية السلوكية عبارة عن فرض أحد الطرفين أمراً لا يطاق على الطرف الثاني، وإعطاء الطرف المقابل وعداً بالتسديد، مع أنه ليس لديه أدنى أمل في ذلك، أي تـنشأ علاقة أحد طرفيها فرض بالقوة، والآخر عدم الصدق. وهذه الظاهرة التي تتشكّل متقارنة مع النكاح لا يمكن أن يكون لها نتائج طيبة في الحياة. إنّ لحاظ هذه الخصوصيات يجب أن يعتبر أساساً في استـنباط الرأي الفقهي الذي يصرّح بأنّ المتعهِّد بمثل هذه المهور فاقد للقصد الجدّي على الدفع، وبالأخصّ إذا كان المتعهَّد له لا يتمتّع بالحلم وسعة الصدر، فإنّه يستطيع عبر الاستفادة من لوازم التعهّد أن يحوِّل المتعهّد إلى آلة مسلوبة الإرادة، ولن يكون ذلك عملاً محبَّذاً، ولا يمكن أن يستمر، ولا يمكن أن يعتبر دليلاً على العلاقة الحميمة بين الزوج وزوجته، ولا… ولعل هذه المفاسد في المهور الباهظة والمصالح المستترة في المهور المناسبة هي ما كان يرمي إليه الشارع المقدّس حين أشار في مناسبات مختلفة إلى كراهة المهر المرتفع، واستحباب المهر القليل. قال تعالى في الآية (236) من سورة البقرة: {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى المُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى المُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى المُحْسِنِينَ}.
وهذه الآية ترتبط بمهر المتعة، إلاّ أنّ معيارها عام، ولا تختصّ بمهر المتعة. وبالنظر إلى الإسناد العقلي لهذه الآية فإنّ الحكم هو حكم إرشادي؛ لأنّه لا يمكن القول: إنّ على الفرد أن يتعهّد بما هو فوق طاقته. فالعقل يحكم بتـناسب السعة والتعهّد، وأن لا يصبح ذلك، تكليفاً بما لا يطاق، وتعهداً غير قابل للتسليم؛ فإن هذا عمل مذموم وباطل.
ونحن نتجنّب نقل الروايات؛ لكثرتها، ونكتفي بالتذكير أنّ الشيخ الحرّ العاملي، مؤلف واحدة من المجموعات الحديثية الشيعية، خصّص الباب الرابع من كتاب «وسائل الشيعة» لاستحباب مهر السنّة، وجمع (11) حديثاً في هامشها، وخصَّص الباب الخامس منه لكراهة المهر المرتفع واستحباب المهرالقليل، وجمع فيه أيضاً (12) حديثاً آخر([21]). وبالنظر إلى أنّ مهر السنّة، أي المهر الذي جعله النبي الكريم‘ لزوجاته وابنته السيدة الزهراء÷ هو (500) درهم، ويعادل (262.5) مثقال من الفضة المسكوكة([22])، يبدو من المناسب أن يكون معياراً للمهر في الفقه ومصادره. وما يؤيّد هذا الرأي هو أنّه لدينا في واحدة من المجموعات الحديثية فقط (23) حديثاً في موضوع استحباب المهر القليل ومطلوبية مهر السنة. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ الذمّ يختصّ بالمهور التي باستطاعة المتعهد تأديتها، وإلاّ فإن المهور الخارجة عن الوسع محرّمة وباطلة.
الهدف المرجوّ
من مجموع النقاط المذكورة يتبادر إلى الذهن السؤال التالي: أليست الدولة الإسلامية، وفي ضوء استحباب المهر القليل، وحرمة المهر المرتفع، حيث يستدلّ من هذين الحكمين على المطلوبية الشرعية للعمل، والذمّ العقلي للمهر المرتفع، وكذلك بطلانه من الناحية الحقوقية، وانتفاء الناقل الشرعي للمهر على أثر البطلان، وفي النهاية أكل مال الغير بالباطل، والقبح الأخلاقي لهذا النوع من المهور، ومانعيّته للنكاح، وتمهيده لفرص تفكّك الأسر، و…، أقول: أليست الدولة الإسلامية في ضوء كل هذه الأسباب مكلّفة بالعمل على إزالة هذا المعضل؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب فما هو الإجراء المتيسِّر؟ إنّ ما هو مؤكّد وظاهر من هذه المقالة أنّ الوضع الموجود يسير على غير هدىً، ولا بدّ من التفكير بإجراء مناسب من أجل تعديله، حيث يتطلّب هذا الأمر بدوره دراسة للخلفية التاريخية. وعلى أيّة حال فإنّ ما يؤرّق الذهن التساؤل التالي: في ضوء وضع المسؤولين ثمناً لكلّ شيء، حتى حياة البشر، فلماذا يحجمون عن وضع حدٍّ أعلى للمهر؟
وينبغي هاهنا الالتفات إلى أنّ إجراءاتٍ مثل فرض ضريبة على المهر هو نوع من الاعتراف بالارتفاع الفاحش للمهور، وسبب ارتفاعها. وعليه يبدو أنّه لا مناص من تحديد الإرادات التي تتحكّم بهذا الموضوع.
سابقة تعديل المهر، تجارب تاريخية
يتحدّث لنا التاريخ عن مسعيين متباينين وبارزين؛ بُذل الأول منهما باتجاه التعديل؛ والثاني باتجاه إزالة المعضل الموجود الذي ألمّ بالمجتمع. ولأنّ الثاني يرجع بشكل من الأشكال إلى زمان التأدية نتطرق بدايةً إلى هذا الزمان.
المواعد مشتقة من الوعد بين طرفي العقد، وتتلخّص في الأشكال الأربعة التالية:
1ـ التعجيل، أي المال النقد بكلّ أقسامه، طبعاً الإطلاق أيضاً ينصرف إلى هذا المورد، ومتى ما قدّم تبيين في هذا الخصوص فهو بمثابة تأكيد صرف.
2ـ النسيئة أو الآجل، أعمّ من أن يكون كلّ التعهّد مؤجّلاً أو بعضه مؤجلاً والبعض الآخر معجَّلاً. والخلاصة أنّ جميع أقسام المدة التي يقصدها الطرفان تتضمّنها هذه المقولة. ومن الطبيعي أن يكون كلٌّ من النقد والنسيئة تابعاً لحكمه.
3ـ في الشكل الثالث يمكن أن يكون تحديد مدّة للتأدية والتسديد من صلاحيات المتعهد له، حيث إنّه في الوقت الحاضر تتوافر المهور على هذه الخصوصية عادةً، أي عند المطالبة يتحقّق التعهد، وتكون مطالبة المرأة باعتبارها متعهَّداً لها مقدمةً للإجراءات اللاحقة.
4ـ النوع الرابع الذي لا يعتبره البعض تعهداً أساساً هو أن يكون تحديد فترة للتسديد بيد المتعهد، حيث إنّ هذا العنصر يحذف إمكانية المطالبة بالتعهُّد، وكما هو معروف فإنّ التعهد غير القابل للمطالبة هو موضع تساؤل([23]).
لقد أصدرت مديرية التسجيل العقاري تعميماً ـ ليس من اختصاصها أو صلاحياتها، وينطوي على نقض للقانون ـ أمرت بموجبه تبديل عبارة التسديد «عند المطالبة» بـ«عند الاستطاعة»، الذي هو بنحو وضع موعد التسديد تحت تصرّف المتعهِّد؛ لأنّ جهد المتعهِّد وحده يمكن أن يجعله مستطيعاً التسديد، وعدم نشاطه وتحركه أو نشاطه القليل يجعل التسديد أمراً محالاً. وهذه النتيجة ليست بعيدة عن التصوّر كثيراً بالنظر لاستغراق الجهد في ضخامة الدين. ومن هنا ينبغي توقّع حدوث إشكالين مهمين: الأول: ضعف واندثار هذا التشريع الإسلامي (المهر)، أو تفاقم هذا المعضل؛ بسبب انعدام ضمانة التـنفيذ الحقوقي لتأدية المهر، وبالتالي سهولة التعهد به؛ والثاني: القصور في العمل الناجم عن انعدام الحافز لدى المتعهد الذي يجب عليه أن يعمل ويضع نتيجة عمله تحت تصرّف الغير، علماً أنّ ذمّته تفرغ من خلال هذه التأدية، إلاّ أنّ هذا يحتاج إلى إيمان قوي، ولا يمكن السيطرة عليه بشكل جيد. وعليه لا يمكن أن يكون هذا الأسلوب مطلوباً، وفشله؛ بسبب فرض الطرف المقابل لإرادته، مؤكّد سلفاً.
وأما المورد الأول فهو مسعى الخليفة الثاني في صدر الإسلام لتعديل المهر، ففي خطبة له أمر بمنع المهر الذي يزيد عن (400) درهم، ونقل ما زاد عن هذا المبلغ إلى بيت المال، لكنّه اقتـنع في النهاية باستدلال امرأة من قريش بالآية 20 من سورة النساء التي يقول فيها تعالى: {وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلا تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً}، فصعد المنبر، وقام بإصلاح رأيه في خطبة ثانية([24]). والتمعّن قليلاً في الآية يبيّن أنّ الآية المذكورة تعود على تـنفيذ الالتزام وليس إنشائه، وطبيعي أن كل متعهد يتحمّل تبعات تعهده، إلاّ أنّ الآية (236) من سورة البقرة وضعت أمامنا معيار وضوابط إنشاء التعهد، وشرط إمكان تأديته عن طريق تـناسب المقدرة والتعهد، وهي أقرب إلى البحث. إنّ استدلال المرأة القرشية بالآية 20 من سورة النساء ليس أساساً صحيحاً لتحديد المهر، ولا سيما في ضوء الآثار المترتّبة على الرأي المقابل، والأحاديث المستفيضة الموجودة بهذا الشأن، فإنّ هذا الأساس يتمتّع بقوّة أكثر، ولا سيّما في الوضع الموجود، حيث بلغ الارتفاع غير المتوقّع للمهر حدّاً انجرّ الحديث من قلّة وكثرة المهر إلى الحديث عن بقاء أو عدم بقاء النكاح، وبهذا تحوّل المهر إلى شيء يستلزم وجودُه عدمَه، وعليه تُحذف جميع الاستدلالات المؤيّدة على فرض عدم إخلال طرحها بأصل النكاح، وتثبت حرمة أمور كهذه وبطلان الاستدلالات السابقة، والنتيجة واضحة.
استنتاج
من كل ما تقدّم، وفي ضوء الاعتبارات التالية:
1ـ لقد أصبح المهر المرتفع سبباً في تقليل رغبة الشباب في الزواج. وفي موارد هامة أخرج إمكانية الزواج عن نطاق قدرتهم. ومن ناحية أخرى صار سبباً في بروز العديد من المشاكل العائلية. وفي حالات كثيرة قضى على حسن المعاشرة والتعاون بين الطرفين المكلفين بها([25])، وصار سبباً لآثار سلبية جمّة، وعلى رأسها اختلال النظام.
2ـ النتيجة الاجتماعية غير الإنسانية للمهور الباهظة التي ليس لها حدّ تقف عنده أنّها أدّت إلى ازدياد عدد نزلاء السجون ممّن لا يقدرون على دفع هذه المهور التي تطالب بها زوجاتهم، طبقاً لعقد الزواج، وحضور نساء شابات متزوجات خارج دائرة الإحصان في المجتمع، وازدياد وفور الطلاق والمطلَّقات وأطفال الطلاق الحيارى بين الوالدين أو المشمولين بحضانة أحدهما والحرمان من الآخر، وبالتالي حلول أحد الأقرباء محل الأب أو الأم للقيام بمهمّة حضانتهم ورعايتهم، حسب الحالة، حيث يعيش عادةً هؤلاء الأقرباء في وادٍ والعائلة المنكوبة في وادٍ آخر، ولهم مقتضياتهم الخاصّة. وفي جميع الأحوال تسفر هذه الظاهرة عن نتائج وخيمة.
3ـ الابتعاد عن مطلوب الشارع الظاهر من الأحاديث الكثيرة التي تتـناقل محاسن المهر القليل وإيجابياته، حيث حُمل ذلك على الاستحباب.
4ـ إن ارتفاع المهور ممّا يعرّض مرتكبيها لسخط الشارع؛ استـناداً إلى الأحاديث التي اعتبرت أنّ المهر المرتفع مكروه، حيث يمكن القول: إنّه في الوقت الحاضر، وبالنظر إلى آثار هذا النوع من المهور، فإنّ مفاد هذه المجموعة من الأحاديث قد تمّ إثباته بالتجربة أيضاً، والوضع الموجود يستلزم التحريم المؤكّد لهذه المهور على مستوى التداول الحالي.
5ـ الخطوة التي قام بها المسؤولون لتحديد المهر من خلال التأثير على الإرادات، ومن أجل الحدّ من تدنّي المهر عبر إلحاق مذكرة إيضاحية بالمادة (1082)، وترك تحديد سقف أعلى للمهر، حيث يمكن أن يعتبر هذا نوعاً من التشجيع على رفعه.
6ـ بطلان المهور الخارجة عن الوسع بشكل مؤكَّد، حتى أنّ أيّاً من الجوائز المتداولة في البلاد غير قادرة على تأديتها (المقصود الجوائز التي تضعها بعض البنوك والمؤسسات)، والحاجة إلى فرض ضمانة للتـنفيذ، ولا سيّما بالنظر إلى تـنظيم الوثيقة الرسمية للزواج من قبل الدولة، ومسؤولية الدولة في منع القيام بالأمور الباطلة.
7ـ ضرورة الاهتمام بآراء علماء كبار في الفقه الشيعي الذين اختاروا بشكل قاطع سقف مهر السنّة للمهر. ويمكن بهذا الخصوص الإشارة إلى رأي الشيخ الصدوق الذي كان قد نقل ضمن تحرير محاسن الزواج، والتأكيد الشرعي عليه، والآداب الأخرى، وشروطه وموانعه، مطالب عن المهر قريبة من هذا المضمون، وهي ضرورة التقيّد عند الزواج بعدم تحديد مهر يربو على مهر زوجات وبنات النبي الأكرم‘، والذي عرف بواسطة العمل (المكرَّر) لرسول الله‘ بمهر السنّة، وقدره (500) درهم؛ لأنّه…([26]). كذلك يعتقد الشريف المرتضى بأنّ: «مما انفردت به الإمامية أنّه لا يتجاوز بالمهر خمسمئة درهم جياداً، قيمتها خمسون ديناراً، فما زاد على ذلك ردّ إلى هذه السنّة، وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك»([27]).
إنّ المهم في هذا الخصوص هو أنّ الشيخ الصدوق يوصي بالاحتراس من تجاوز المهر لـ (500) درهم، والشريف المرتضى يستـند إلى إجماع المذهب لإثبات عدم حيازة ما زاد عن (500) درهم، وهذا يكشف عن شيوع مهر السنّة في صدر الإسلام، ومن المؤكّد أنّ القدر المتيقّن من السنّة النبوية الشريفة يمكن أن يكون موضع إجماع الشيعة والسنّة، والتي تحوّلت في الوقت الحاضر إلى استحباب المهر القليل وكراهة المهر المرتفع([28]).
8ـ حرمة الفعل العبث في الإسلام، وعبثية المهر الباهظ؛ بدليل عدم إمكان التأدية من قبل الزوج وعدم الاستلام من جانب الزوجة، وعدم تصوّر فائدة أخرى مترتّبة عليه([29]).
9ـ وجود حالات تمّ فيها تحديد سقف للمهر في الفقه أو القانون، ومن جملتها ـ علاوة على آراء الشيخ الصدوق وعلم الهدى المنقولة في ما تقدّم ـ يمكن الإشارة إلى حقّ المرأة في تحديد المهر، حيث أنّ لها الحدّ الأعلى لمهر المثل بحسب المادة (1090) من القانون المدني، وسقف مهر السنّة بحسب الرأي الفقهي المشهور([30])، أو مهر المتعة الذي له سقف مهر المثل([31]). وكثيرون هم الفقهاء الذين حدّدوا مهر المثل حداً أعلى معادلاً لمهر السنّة، أي (500) درهم([32]). والبعض من هؤلاء الفقهاء الكبار نقلوا الأحاديث التي استـندوا إليها في استـنباط فتاواهم. واعتبر البعض أيضاً؛ استـناداً إلى نصوص الأحاديث، أنّ أفضل المهر أسهله (أقلّه)، وجعلوا مهر السنّة هو الأساس.
وفي الختام نقول: إنّ جعل الحدّ الأعلى لمهر المثل مهر السنّة هو الرأي الفقهي المشهور ظاهراً. وعلى ضوء المشكلات الناجمة عن المهور الباهظة، والاتجاه العام للسنّة في ما يتعلّق بالمهر، وموقع الحاكمية في الإسلام، و…، يبدو أنّ جعل حدّ أعلى مناسب للمهر، يستطيع الزوجان خلاله فرض إرادتيهما في المسافة بين أقلّ المال؛ لإضفاء الصبغة الشرعية على ارتباطهما، والمستوى المنشود؛ للمحافظة والقيام بالواجبات الشرعية، وصون أنفسهم والمجتمع من مضارّ هذه الظاهرة السلبية، أضحى اليوم ضرورة لا ريب فيها.
الهوامش
(*) أستاذ مساعد في جامعة طهران والجامعة الإسلامية الحرّة، من إيران.
([1]) انظر: الشيخ الطوسي، التبيان في تفسير القرآن 13: 109؛ الطبرسي، تفسير جوامع الجامع 1: 236؛ مير شمسي، مباني حقوق وتكاليف زن در ازدواج از ديدگاه فقه إماميه: 26.
([2]) انظر: مير شمسي، المصدر السابق: 25.
([3]) الشهيد الثاني، مسالك الأفهام في شرح شرائع الإسلام 1: 533.
([4]) انظر: شيخ الإسلامي، الأحوال الشخصية: 127 ـ 137.
([5]) انظر: الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته 9: 6795 ـ 6806؛ النجفي، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام 13: 80 ـ 90.
([6]) انظر: الفيض الكاشاني، مفاتيح الشرائع 2: 312، مفتاح 777.
([7]) انظر: النجفي، بلا تاريخ، 31: 47 ـ 48؛ الزحيلي 8: 14، 19، 6762 ـ 6766.
([8]) انظر: علي رضا فيض، مبادئ الفقه والأصول: 41.
([9]) انظر: صفائي وقاسم زاده، حقوق مدنى أشخاص ومحجورين: 13.
([10]) انظر: الإمام الخوئي، مصباح الفقاهة 1: 192.
([11]) موسو ي بجنوردي، القواعد الفقهية 1: 227.
([12]) انظر: الكاظمي الخراساني 2: 261.
([13]) انظر: جعفري لنگرودي، مبسوط در ترمينولوژى حقوق 3: 1214؛ محمدي، مباني استـنباط حقوق إسلامي: 225 ـ 226.
([14]) انظر: جعفري لنگرودي، مبسوط در ترمينولوژى حقوق: 678 ـ 679.
([15]) انظر: اللمعة الدمشقية: 159.
([16]) انظر: الروضة البهية 5: 85 ـ 86.
([17]) انظر: ابن قدامة، المغني 7: 333 ـ 337؛ الطوسي، النهاية في مجرد الفقه والفتاوى 2: 314.
([18]) انظر: ابن قدامة، المغني 8: 6؛ الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته 9: 6763؛ الشيخ الطوسي، النهاية في مجرد الفقه والفتاوى 2: 319 ـ 323؛ الفيض الكاشاني، مفاتيح الشرائع 2: 273؛ النجفي، جواهر الكلام 31: 47 ـ 48.
([19]) انظر: الشيخ الصدوق، المقنع في الفقه (ضمن سلسلة الينابيع الفقهية): 8: 12؛ علم الهدى، الانتصار (ضمن سلسلة الينابيع الفقهية) 18: 65.
([20]) انظر: الإمام الخميني، البيع 3: 21 ـ 227؛ الإمام الخميني، تحرير الوسيلة 2: 27؛ إمامي، حقوق مدني 1: 211؛ شهيدي، تشكيل قراردادها وتعهدات: 307 ـ 314؛ علي آبادي، إيجاد وسقوط تعهدات ناشي از عقد در حقوق إسلامي، كليات حقوق اسلامي: 79؛ عدل، حقوق مدني: 130؛ كاتوزيان، حقوق مدني ـ قواعد عمومي قراردادها 2: 187 ـ 201؛ الامام الخوئي، مصباح الفقاهة 5: 236 ـ 263.
([21]) انظر: وسائل الشيعة 15: 5 ـ 11.
([22]) انظر: الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته 9: 6765 ـ 6766؛ شاهباغ، شرح قانون مدني 7: 134 ـ 135؛ صفائي وإمامي، حقوق خانواده 1: 170؛ النجفي، جواهر الكلام 31: 15 ـ 21.
([23]) انظر: إمامي، حقوق مدني 1: 237.
([24]) انظر: الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته 9: 6763؛ النجفي، جواهر الكلام 31: 14؛ الراوندي، فقه القرآن (ضمن سلسلة الينابيع الفقهية) 18: 237، ابن قدامة، المغني: 618.
([25]) انظر: المواد (1103) و(1104) من القانون المدني.
([26]) انظر: المقنع في الفقه 18: 12.
([27]) انظر: علم الهدى، الانتصار 18: 651.
([28]) انظر: الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته 9: 6763؛ النجفي، جواهر الكلام 31: 47.
([29]) انظر: دهخدا، 1341، ذيل المادة: مهر؛ ابن منظور، لسان العرب 9: 8 ـ 9؛ الراغب الإصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن: 330.
([30]) انظر: صفائي وإمامي، مختصر حقوق خانواده: 165.
([31]) انظر: جعفري لنگرودي، مبسوط در ترمينولوژي حقوق: 147.
([32]) انظر: ابن حمزة، الوسيلة إلى نيل الفضيلة (ضمن سلسلة الينابيع الفقهية) 18: 296؛ الحلبي، الكافي في الفقه (ضمن سلسلة الينابيع الفقهية) 18: 86؛ الراوندي، فقه القرآن 18: 235 ـ 236؛ الطرابلسي، المهذَّب 18: 168 ـ 169؛ النجفي، جواهر الكلام 31: 52 ـ 54.