أحدث المقالات
ترجمة: أحمد فاضل السعدي

تتكوّن الأديان والمذاهب من أصول وأحكام يعتبر قبولها والإيمان بها اعتناقاً للدين، والعكس صحيح؛ فإن انكار أصل منها بمنزلة الارتداد عن الدين، ومن الضروري تحديد أصول الدين وتوضيحها؛ إذ عدم تحديد معناها من قبل الشارع والنبيّ ربما يؤدي إلى نقصانها أو زيادتها نتيجة لتصوّرات مختلفة، ويدفع كلّ مذهب إلى القول بأنه الدين الخالص، مع اتهام غيره بالعدول عن الأصول، والتحذير من تغلغل الباطل إلى الدين، وتظهر حالة تكفير الآخر، مما ينتهي إلى زعزعة الدين وإثارة المناقشات الداخلية؛ من هنا تتضح أهمية البحث في تحديد أصول الدين والكشف عنها، الأمر الذي لا يختصّ بالإسلام، بل يسري إلى الأديان والفرق جميعها، وخير شاهد على ذلك ظهور الفرق والمذاهب في الأديان الأخرى كالمسيحية.

يتعرّض هذا المقال إلى تحليل مبدأ الإمامة في الإسلام ودراسته، لكن لا بد ــ بدايةً ــ من بيان أصول الدين بصورة موجزة.

تعريف أصول الدين وأركانه ــــــــــ

كان الاعتقاد بأصلي التوحيد والنبوة ــ وبتبعهما المعاد ــ شرط لتحقق الإسلام في عهد الرسالة المحمدية، ورغم وجود مجموعة تعاليم عقدية وعملية في الإسلام يعتبر التصديق بها من واجبات الدين وضرورياته إلا أنها تتفرّع عن الأصلين المذكورين، فالاعتقاد بالصفات الثبوتية الإلهية كالعدل والحكمة، والإيمان بالمعاد، والأحكام العملية الفقهية كالصلاة والصوم مثلاً تعدّ من لوازم التوحيد والرسالة، فإنكارها إنكار لهما.

مع ذلك، ذهب متكلمو بعض الفرق والمذاهب إلى وجود أصول أخرى، فها هم المعتزلة يقولون بخمسة هي: 1 ــ التوحيد. 2 ــ العدل. 3 ــ الوعد والوعيد. 4 ــ المنزلة بين المنزلتين. 5 ــ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر([1])، دون أن يتطرقوا إلى النبوة بوصفها من أصول الدين؛ لأنهم يعتقدون بدخولها تحت عنوان العدل، كما هو الحال بالنسبة إلى الأعواض فإنها من الألطاف الإلهية عندهم؛ فلا حاجة لذكرها بصورةٍ مستقلة.

أمّا الأشاعرة فاكتفوا بأصلين هما: التوحيد والنبوة([2])، فيما اختلف الإمامية في عدد أصول الدين؛ فذهب المشهور إلى أنها خمسة: 1 ــ التوحيد. 2 ــ العدل.
3 ــ النبوة. 4 ــ الإمامة. 5 ــ المعاد.

لكن هذا الاستقراء لا يـخلو عن مناقشة؛ ذلك أن ثلاثةً منها (العدل والإمامة والمعاد) ليست من الشروط المستقلّة للإسلام، بل ترجع إلى الأصلين الآخرين، وأرى من الضروري توضيح ذلك ــ ولو بشكلٍ مختصر ـ: فإذا كان المقصود من الأصول ما يشترط في اعتناق الإسلام بحيث يؤدّي الترديد به والإشكال عليه إلى التشكيك بإسلام الفرد المتردّد، فالاستقراء المذكور غير مانع؛ إذ الأصول الثلاثة لا تعتبر شرطاً لقبول الإسلام بشكل مستقلّ؛ بل تتفرّع عن التوحيد والنبوة؛ فاشتراطها محلّ خلاف. وأما إذا أريد منها غير ذلك، كما لو أريد تلك الأصول التي يعدّ الاعتقاد بها أمراً واجباً من منظار إسلامي، باعتبارها تعاليم دينية، فالاستقراء غير جامع؛ لأن عقائد من قبيل الإيمان بالغيب وصفات الله الثبوتية كالحكمة والرحمة ينطبق عليها المعيار المذكور دون أن تدخل في هذا الاستقراء.

ويعرّف العلامة الطباطبائي أصول الدين بأنها التعاليم الإساسية العقدية، مقابل الأحكام العملية (الأخلاق)، ويقول في بيان عددها: القسم العقائدي: مجموعة عقائد أساسية وحقائق يجب على الإنسان أن يبني حياته على أساسها، وهي الأصول الثلاثة العامة: التوحيد والنبوة والمعاد، وعند اختلال أحدها لن يتحقق مفهوم اتّباع الدين([3]).

ويؤكّد المفكر الشهيد المطهري أن الأصول الخمسة إنما هي أصولٌ للمذهب الشيعي للدين، ويذكر ــ بعد الإشارة إلى أشكال عدم جامعية الاستقراء المذكور ومانعيّته ــ قائلاً: الحقيقة أن الأصول الخمسة المذكورة قد اختيرت بهذه الصورة؛ لأنها تحدّد الأصول التي يجب الاعتقاد بها والإيمان من منظار إسلامي من جهة، ولكونها توضّح الدين وتحدّده من جهة أخرى، ويمتاز أصل الإمامة ــ من وجهة نظر شيعية ــ بالجهتين معاً؛ أي أنه داخل في نطاق الدين وموضح للدين ومحدّد له([4]).

ويقول في موضع آخر: إن العدل والإمامة معاً علامة التشيّع، من هنا يقال: إن أصول الدين الإسلامي ثلاثة، فيما أصول المذهب الشيعي اثنان، وهما: العدل والإمامة([5]).

وقد شهد البحث في أصلي العدل والمعاد نقاشات حادّة إذا ما قيسا إلى أصل الإمامة، ذلك لأنهما من العقائد التي قالت بها الفرق والمذاهب الإسلامية جميعها، فلا نجد مذهباً ينكر المعاد والعدل الإلهي، وإن كان هناك اختلاف في تفسير العدل نفسه؛ من هنا لم يذكرهما بعض أعاظم الإمامية ضمن أصول الدين؛ فقد ذكر المحقق الطوسي نظرية الأشاعرة والمعتزلة ــ دون أن يتطرّق إلى المعاد ــ ضمن أصول الدين، وقال: والشيعة يقولون بالإيمان بالله وتوحيده وعدله، وبالنبوة والإمامة([6]).

الإمامة ركن الإسلام ــــــــــ

أثار أصل الإمامة جدلاً محتدماً وخطيراً بين المسمين([7])، فقد كفّرت كلّ فرقة الأخرى بسببه، واعتبرت غيرها محروماً من النجاة والسعادة الأخروية، بل لطالما حكمت عليه بالنجاسة؛ فها هو أبو الفتح الأسروشي (632هـ) مثلاً، والذي يعدّ من متكلّمي أهل السنة، يعتقد بكفر منكري أمامة أبي بكر([8])، كما يذهب بعض متكلّمي الإمامية إلى القول بأن منكر إمامة الإمام عليّ كافر حقيقةً وإن كان مسلماً في الظاهر؛ ولذا خضع هذا الأصل لاستئثارٍ مذهبي، وشكّل مانعاً أساسياً عن الحقيقة بالنسبة إلى المذاهب والفرق المختلفة (التعددية المذهبية)، وعلى هذا الأساس، ونظراً للأهمية الكبرى لمقولة الإمامة.. نتناول هذه القضية بالبحث والدراسة: هل الإمامة من أركان الدين وأصوله أو لا؟ فإذا كانت كذلك لزم الحكم بالكفر الحقيقي على سائر الفرق الإسلامية، وإن لم تكن كذلك تدخل التعددية المذهبية ومخالفو الإمامية تحت مظلّة الإسلام الحقيقيّ.

موقف أهل السنة (الإمامة مسألةٌ فقهية) ــــــــــ

هل الإمامة واختيار الإمام بعد رحيل النبي من الشؤون الإلهية أم الوظائف البشرية؟ وهل عيّن الخالق سبحانه خليفةً ووليّاً وقائداً للمسلمين بعد النبي أم ترك ذلك للناس؟ وبعبارة أخرى: هل أن تعيين الإمام من الأفعال الإلهية، فتغدو مسألة كلاميةً أم من أفعال المجتمع والمكلّفين مما يصيّرها مسألةً فقهية فرعية؟ ويتفرّع هذا السؤال والجواب عنه على نمط فهمنا للإمامة وتعريفنا لها.

يعرّف أهل السنة ــ عموماً ــ الإمامة ويقسّمونها انطلاقاً من منظار الرئاسة والنظام الدنيوي، ولذا يوكلون مهمّة نصب الإمام وتكوين الحكومة إلى الناس وأهل الحلّ والعقد، من هنا كانت الإمامة عندهم موضوعاً فقهياً لا كلامياً.

ونشير هنا إلى بعض آراء الإشاعرة، يقول أبو حامد الغزالي: إعلم أن النظر في الإمامة أيضاً ليس من المهمّات، وليس أيضاً من فنّ المعقولات، بل من الفقهيات([9])، ويقول سيف الدين الآمدي: واعلم أن الكلام في الإمامة ليس من أصول الديانات ولا من الأمور اللابدّيات بحيث لا يسع المكلّف الإعراض عنها والجهل بها، بل لعمري إن المعرض عنها لأرجى من الواغل فيها([10])، ويقول التفتازاني: لا نزاع في أن مباحث الإمامة بعلم الفروع أليق؛ لرجوعها إلى أن القيام بالإمامة ونصب الإمام الموصوف بالصفات المخصوصة من فروض الكفايات([11])، ويقول القاضي الإيجي: الإمامة عندنا من الفروع، وإنما ذكرناها في علم الكلام تأسّياً بمن قبلنا([12])، ويقول المحقق الجرجاني: ليست من أصول الديانات والعقائد ــ خلافاً للشيعة ــ بل هي عندنا من الفروع المعلّقة بأفعال المكلّفين؛ إذاً نصب الإمام عندنا واجبٌ على الأمة سمعاً([13]).

وقد ذكر سائر علماء الأشاعرة أيضاً أن الإمامة من الفروع الفقهية وتفصيل ذلك في مظانه([14])، وعلى هذا الأساس، فإن نظرة الأشاعرة إلى أصل الإمامة نظرةٌ فقهية، ولذا يتمّ عندهم التعاطي مع القضية بمستوى فرع فقهي، وليس بالإمكان أن يكون للأحكام الفرعية دوراً في أصول الدين، إلا إذا كان إنكارها إنكاراً للأصول.

نظرية الإمامية (الإمامة مسألة كلامية) ــــــــــ

يعتبر الإمامية ــ وخلافاً لأهل السنّة ــ الإمامَ حافظاً للشريعة ومقوّماً للدين ومكمّلاً للنبوة، ويذهبون إلى أن تعيينه من الشؤون الإلهية ومن وظائف منصب النبوّة، من هنا كانت الإمامة من المسائل العقائدية والكلامية الأصيلة في التشيّع، وإذا كان هناك اختلاف بين علماء الإمامية في أن الإمامة من أصول الدين أو المذهب، فلا خلاف بينهم في أنها مسألة كلامية، بل قد تسالمت على ذلك كلمتهم.

نظرية ركنية الإمامة للدين ــــــــــ

يعتقد أكثر العلماء والمفكّرين أن الإمامة من أصول الدين، وقد ادعى بعضهم الإجماع على ذلك، وسيأتي الحدث عنه، ويترتب على هذا الرأي:

أ ــ إن منكر الإمامة خارجٌ عن الدين وداخل في دائرة الكفر الحقيقي، ويصرّح أصحاب هذا الرأي بكفر مخالفي الإمامة حقيقة وحرمانهم من النجاة والسعادة يوم القيامة.

ب ــ الحكم بنجاسة المخالفين في المذهب ولزوم الاجتناب عنهم.

ويدّعي البحراني (1186هـ) صاحب كتاب الحدائق أن أكثر القدماء يذهبون إلى نجاسة المخالفين (أهل السنّة) ([15])، لكن تقصّي آراء الفقهاء يدحض هذه الدعوى، فقد حكموا بطهارتهم؛ مستدلين على ذلك بأمورٍ من قبيل: إسلامهم الظاهري والعفو عن نجاستهم والتقية و… ولسنا بصدد الخوض في جزئيات المسألة، وإنما نكتفي بالإشارة إلى بعض آراء القائلين بأن الإمامة من أصول الدين، وأن المخالفين كفّار، أعمالُهم باطلة، ويستحقون العذاب الأخروي، وهذا رصد جزئي للمشهد، إذ يقول الشيخ الصدوق: يجب أن يعتقد أن المنكر للإمام كالمنكر للنبوة، والمنكر للنبوة كالمنكر للتوحيد([16])، ويقول الشيخ المفيد: إن بمعرفتهم وولايتهم تُقبل الأعمال، وبعدواتهم والجهل بهم يستحقّ النار([17])، وفي موضع آخر: واتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد الائمة وجحد ما أوجبه الله تعالى من فرض الطاعة فهو كافر ضالّ، مستحقّ للخلود في النار([18])، وينصّ الشريف الرضي: النبوة والإمامة هي واجبة عندنا ومن كبار الأصول([19])، كما يقول ابن نوبخت: دافعو النصّ كفرة عند جمهور أصحابنا([20]).

أمّا العلامة الحلي فيقول: فقد ذهب أكثر أصحابنا إلى تكفيرهم؛ لأن النص معلوم بالتواتر من دين محمد فيكون ضرورياً، أي معلوم من دينه ضرورةً؛ فجاحده يكون كمن يجحد وجوب الصلاة([21])، وقبله ذكر الشيخ الطوسي: إن المخالف لأهل الحق كافر؛ فيجب أن يكون حكمه حكم الكفار([22])، كما يقول: دفع الإمامة كفر، كما أن دفع النبوة كفر؛ لأن الجهل بهما على حدّ واحد([23])، ويقول ابن إدريس: والمخالف لأهل الحقّ كافر عندنا، بلا خلاف بيننا([24]).

وفي المتأخرين يقول صاحب الجواهر: الأقوى طهارتهم في مثل هذه الأعصار وإن كان عند ظهور صاحب الأمر (عج) ــ بأبي وأمي ــ يعاملهم معاملة الكفار، كما أن الله تعالى شأنه يعاملهم كذلك بعد مفارقة أرواحهم أبدانهم([25])، ويقول العلامة المجلسي: لا ريب في أن الولاية والاعتقاد بإمامة الأئمة والاذعان بها من جملة أصول الدين([26]).

وقد ذهب بعض المتأخرين إلى القول بالكفر الحقيقي للمخالفين، كالسيد نور الله التستري([27])، والمحقق اللاهيجي([28])، وملا صالح المازندراني([29])، والشيخ الأنصاري([30])، وصاحب الحدائق([31])، وآغا رضا الهمداني([32])، والملا السبزواري([33])، ووافقهم على ذلك جمع من المعاصرين، رغم اعتقاد بعضهم بأنهم مسلمون ظاهراً، ولكن إنكار أصل الإمامة دفع إل القول بكفرهم الحقيقي، ومن هذا الفريق: السيد الخوئي([34])، ومحمّد حسن المظفر([35])، ومحمد رضا المظفر([36])، وهاشم الحسيني الطهراني([37])، وباقر النجفي([38])، والمرعشي النجفي([39]).

أدلّة الاعتقاد بأن الإمامة من أصول الدين وتكفير المخالفين ــــــــــ

أهمّ أدلة أصحاب هذا القول الرواياتُ، ودعوى الضرورة والإجماع، ونتعرّض هنا لدراستها وتقويمها:

1 ــ الروايات: يعتقد هؤلاء بأن هذا الرأي يمكن استنتاجه من الروايات التالية:

1 ــ 1. كفر المخالفين: جاء في روايات مختلفة أن المنكر والمخالف لأحد الأئمة أو الجاهل به كافر؛ فعن رسول الله 3: من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهلية([40])، وعن الإمام الباقر %: إنما يعرف الله عزوجل ويعبده من عرف إمامه منّا أهل البيت ومن لا يعرف الله عزوجل ولا يعرف منا أهل البيت فإنما يعرف ويعبد غير الله هكذا والله ضلالاً([41])، وعنه %: من أصبح من هذه الأمة لا إمام له من الله عزوجل ظاهر عادل أصبح ضالاً تائهاً، وإن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر ونفاق([42])، وورد عنه %: إن علياً % باب فتحه الله؛ فمن دخله كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً([43])، وفي جواب الإمام الصادق % لذريح حول الأئمة بعد النبي: من أنكر ذلك كان كمن أنكر معرفة الله تبارك وتعالى ومعرفة رسوله 3([44]).

2 ــ 1. الإمامة أساس الدين لقد أكّدت بعض الروايات أن ولاية الأئمة الأطهار وإمامتهم أساس من أسس الإسلام، يقول الإمام الرضا %: إن الإمامة أسّ الإسلام النامي وفرعه السامي([45])، وعن الباقر %: بني الإسلام على خمس: على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية، ولم ينادَ بشيء كما نودي بالولاية، وقد وردت هذه الرواية عن الإمام الصادق % أيضاً، وفيها يبيّن الإمام لزرارة أهمّ هذه الأركان قائلاً: الولاية أفضل؛ لأنها مفتاحهن، والوالي هو الدليل عليهن([46]).

وقد استدلّ آية الله الخوئي من المعاصرين بهذه الروايات قائلاً: الإسلام بني على الولاية، وقد ورد في جملة من الأخبار أن الإسلام بني على خمس، وعدّ منها الولاية، فبانتفاء الولاية ينتفي الإسلام واقعاً([47]).

3 ــ 1. ارتداد المخالفين: جاء في بعض الروايات أن الناس قد ارتدوا بعد رحيل النبيّ؛ لعدم قبولهم إمامة الإمام علي %، ويدل الارتداد بصراحة على أخذ الإمامة في حقيقة الإسلام، حيث إن منكري الإمامة كفار ومرتدون وإن اعتقدوا بالتوحيد والنبوة، فعن الإمام الباقر %: bارتدّ الناس إلا ثلاثة نفرات: سلمان وأبو ذر والمقدادv، ثم أضاف أسماء أبي ساسان الأنصاري وأبي عمرة وشتيرة([48])، واعتبر الإمام الباقر في روايات أخرى الصحابة الذين غصبوا منصب الإمامة([49]) موضعَ خطاب الآية الشريفة: >من يرتدّ منكم عن دينه< المائدة: 54.

وهناك روايات مشابهة في هذا المجال نكتفي بهذا المقدار، وقد اعتمد بعض المعاصرين عليها من قبيل محمد حسن المظفر([50])، والسيد هاشم الحسيني الطهراني([51])، وآية الله المرعشي([52]).

2 ــ الإمامة من ضروريات الدين

الدليل الثاني من أدلّة مدّعي كفر المخالفين دعوى كون الإمامة من ضروريات الإسلام، وإنكارها يؤدي إلى إنكار الدين والكفر.

يعتقد الإمامية أن النبي 3 أدى إمامة الإمام علي بعده بلا فصل بأمر الله في مناسبات مختلفة وبأشكال شتى كغدير خم، معتبراً إمامته إكمالاً للدين، وقد بلغ ذلك حدّ الضرورة؛ فمنكرها في الحقيقة منكر لأصل ضروري وهو ما يردي إلى الكفر، وقد استدل العلامة الحلي بهذا الدليل لإثبات كفر المخالفين كما مرّ كلامه([53])، واستدلّ آخرون ــ مثل صاحب الحدائق والمظفر والسيد هاشم الطهراني ــ به أيضاً، ونترك ذكر أقوالهم؛ رعايةً للاختصار([54]).

3 ــ الإجماع

استدلّ القائلون بأن الإمامة من أصول الدين بالإجماع؛ فقد اعتمد الشيخ المفيد([55])، والسيد المرتضى([56])، والشيخ الطوسي([57]) الإجماعَ واتفاق الإمامية على كفر المخالفين.

4 ــ قوام الدين بالإمامة

الدليل الرابع على أن الإمامة من أصول الدين حكمُ العقل بوجود إمام بعد النبيّ ليكون حافظاً للشريعة، شأنه في ذلك شأن النبي، وبعبارةٍ أخرى: إن أدلة ضرورة وجود النبي تقتضي بنفسها ضرورة الإمامة، وقد كانت قاعدة اللطف أكثر الأدلّة التي اعتمدها المتكلمون هنا، يقول المحقق اللاهيجي: إن جمهور الإمامية يعتبرون الإمامة من أصول الدين، فبقاء الدين والشريعة يتوقف على وجود الإمامة([58]).

نقد أدلّة ركنية الإمامة ــــــــــ

تعرّضنا ــ إلى الآن ــ لدراسة القول بأن الأمامة من أصول الدين وأن المخالفين كفار، ونحاول الآن تقويم هذه الأدلة:

1 ــ تحليل روايات كفر المخالفين

إن دراسة الروايات المذكورة يتطلّب التأمل في النقاط التالية:

1 ــ 1. التوحيد والنبوة حقيقة الإسلام: ذكرنا سابقاً أن بعض علماء الإمامية يُخالف اعتبار الإمامة من أصول الدين، ويراها من أصول المذهب، وقد تمسّك أصحاب هذه النظرية ــ لإثبات دعواهم ــ بتفسير معنى الكفر والإسلام، والقول بوجود مراتب مختلفة لهما، وذلك لأن حقيقة الإسلام ــ والتي تمثل شرطاً للفلاح والنجاة ــ إنما هي الشهادة بالربوبية والتصديق بنبيّ الإسلام، فمن تحققت له هذه الجوهرة عن اعتقاد لا عن نفاق فآمن بالله والنبي كان مسلماً حقيقية، ودليل هذا القول إطلاق الآيات وبعض الروايات والتي تُؤكد أن الفلاح والإسلام الحقيقي هو التصديق بالله وبالرسول والاعتقاد بالمعاد.

ونكتفي هنا بذكر روايتين عن رسول الله 3: إن لكلّ دين أصلاً ودُعامة وفرعاً وبنياناً، وإن أصل الدين أو دعامته قول: لا إله إلا الله، وإن فرعه وبنيانه محبتكم ومولاتكم فيها([59]).

ويقول الإمام علي في بيان الإسلام الحقيقي: فأما من تمسّك بالتوحيد والإقرار بمحمد والإسلام ولم يخرج من الملة، ولم يظاهر علينا الظلمة، ولم ينصب لنا العداوة، وشك في الخلافة ولم يعرف أهلها وولاتها، ولم يعرف لنا ولاية ولم ينصب لنا عداوة، فإن ذلك مسلم مستضعف يرجى له رحمة الله، يتخوف عليه ذنوبه([60]).

وهذه الرواية الشريفة تفسيرٌ لرواية من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتةً جاهلية؛ حيث يحكم الإمام علي بإسلام الشاك والجاهل بمقام الإمامة، أما الاعتقاد بالامامة ــ وهي محور النقاشات ــ فهو خارج عن أصول الدين، فعدم الاعتقاد بها أو الجهل لا يؤثران على إسلام الفرد، وببيان آخر: ليست الإمامة من أصول الدين بل من أصول المذهب، والاعتقاد بها يؤدي إلى كمال الإسلام والإيمان، من هنا يتّضح الفرق بين الإسلام والإيمان؛ حيث يتطلّب الإيمان شروطاً إضافيةً على الاعتقاد بالتوحيد والنبوة، كما يؤدي الاعتقاد بها إلى الأفضلية، وزيادة القرب من الحقّ سبحانه.

يقول كاشف الغطاء: الإسلام والإيمان مترادفان، ويطلقان على معنى أعمّ، يعتمد على ثلاثة أركان: التوحيد والنبوة والمعاد… ولكن الشيعة الإمامية زادوا الاعتقاد بالإمامة، فمن اعتقد بالإمامة ــ بالمعنى الذي ذكرناه ــ فهو عندهم مؤمن بالمعنى الأخص، لا أنه بعدم الاعتقاد بالإمامة يخرج عن كونه مسلماً معاذ الله([61])، ويقول السيد الحكيم: وأما النصوص، فالذي يظهر منها أنها في مقام إثبات الكفر للمخالفين بالمعنى المقابل للإيمان، كما يظهر من المقابلة فيها بين الكافر والمؤمن([62]).

وقد بحث الإمام الخميني هذه المسألة في كتاب الطهارة بصورة تفصيلية واستدلالية فذكر أن حقيقة الإسلام إنما هي التوحيد والنبوة، قائلاً: ماهية الإسلام ليس إلا الشهادة بالوحدانية والرسالة والاعتقاد بالمعاد ولا يعتبر فيها سوى ذلك،سواء فيه الاعتقاد بالولاية وغيرها؛ فالإمامة من أصول المذهب لا الدين، وأما الاعتقاد بالولاية فلا شبهة في عدم اعتباره، وينبغي أن يعدّ ذلك من الواضحات لدى كافّة الطائفة الحقة([63]).

كما يذهب الشهيد المطهري الى إسلام المخالفين حقيقةً، وقد مرّت عبارته.

2 ــ 1. الكفر المقابل للإسلام والإيمان: يمكن القول ــ في ردّ الروايات الدالّة على كفر المخالفين ـ: إن المراد من هذا القسم إنما هو الكفر المقابل للإيمان، أي أنهم يفقدون الإيمان ــ الذي يعدّ مرتبةً أعلى من الإسلام ــ لا الإسلام، وشاهد هذه الدعوى الروايات التي لم تطلق لفظ المسلم على العارف بمقام الإمامة، وإنما استخدمت كلمة المؤمن في حقه غالباً.

يقول آية الله الحكيم: وأما النصوص، فالذي يظهر منها أنها في مقام إثبات الكفر للمخالفين بالمعنى المقابل للإيمان، كما يظهرمن المقابلة بين الكافر والمؤمن([64])، ويقول الإمام الخميني ــ مؤكّداً على هذه النقطة: وأما الأخبار المتقدمة ونظائرها فمحمولةٌ على بعض مراتب الكفر؛ فإن الإسلام والإيمان والشرك أطلق في الكتاب والسنة بمعانٍ مختلفة، ولها مراتب متفاوتة ومدارج متكثرة، ويقول في ردّه على صاحب الحدائق الذي استدل بالروايات لإثبات دعواه: فهلا تنبّه بأن الروايات التي تشبّث بها لم يرد في واحدة منها أن من عرف علياً فهو مسلم ومن جهله فهو كافر، بل قابل في جميعها بين المؤمن والكافر، والكافر المقابل للمسلم غير المقابل للمؤمن، والإنصاف أن سنخ هذه الروايات الواردة في المعارف غير سنخ ما وردت في الفقه، والخلط بين المقامين أوقعه فيما أوقعه([65]).

وأجاب بعض الفقهاء البارزين ــ كصاحب الجواهر ــ عن هذه الروايات قائلاً: فلعلّ ما ورد في الأخبار الكثيرة من تكفير منكر علي % محمول على إرادة الكافر في مقابل الإيمان([66]).

3 ــ 1. الروايات المعارضة: سلّمنا دلالة الروايات على الكفر الحقيقي للمخالفين، ولكن في دلالتها على الدعوى نظرٌ؛ وذلك لوجود روايات معارضة دالّة على إسلام المخالفين حقيقةً، ويمكن أن تكون حاكمةً ومفسّرة للروايات السابقة وسنشير إليها لاحقاً، وقد أشار لها أيضاً الإمام الخميني.

4 ــ 1. الرجوع إلى عمومات الإسلام: إذا لم يتمّ ترجيح الروايات الدالّة على إسلام المخالفين سيقع التعارض بينها وبين ما دلّ على كفرهم، وبعد تساقط كلتا الطائفتين من الروايات فالـمَرجع عمومات آيات القرآن المجيد، والتي دلت على كفاية التوحيد والنبوة، وسيأتي الحديث عنها.

5 ــ 1. عدم كفر الجاهل: إن ملاك الكفر الحقيقي والعذاب الأخروي إنما هو إنكار وتكذيب مقام الرسالة أو الإمامة، وهو متفرّع على معرفة إمامة الإمام علي % والاعتقاد بها، ومجرّد الجهل وعدم المعرفةِ لا يؤدي إلى الكفر، من هنا عُلّق كفر المخالفين على الإنكار، كما ورد في روايات عديدة.

من جانب آخر، وإذا استثنينا العهد الإسلامي الأول، وجدنا المخالفين لإمامة الإمام علي بعد النبي مباشرةً من العوام وحتّى الخواص، لم يكونوا على يقين من ذلك، بل ربما كانوا معتقدين أن نظريّتهم الخاصة تُطابق الحقيقة، ويستشهدون لها بالقرآن والأحاديث النبوية، فمخالفتهم لما يدّعيه الإمامية ليس عن عناد ومعرفة، وإنما هو ناشيء عن جهل؛ فلا يتحقق الكفر، وهذا ما نبّه عليه بعض علماء الإمامية كالإمام الخميني([67]).

2 ــ تحليل روايات ركنية الإمامة

إن تحليل الروايات المذكورة يتطلب الإشارة إلى أمور:

1 ــ 2. تفسير مفهومي الركن والإسلام: اتضح مما مرّ جواب الروايات التي اعتبرت الولاية والإمامة ركناً من أركان الإسلام، وحيث إن المقصود من الإسلام ليس ماهيته بل الإيمان والإسلام الكامل والشامل، أو المراد من كون الإمامةِ ركناً من أركان الدين ليس معناه الحقيقي بحيث يُعدَم أصل الدين وأساسه في صورة عدم وجود ذلك، وإنما المراد من الركن بيان اهتمام الشارع الخاصّ به.

ويدلّ على ذلك الروايات التي تناولت الأحكام الفرعية ــ إلى جانب الإمامة باعتبارها ركناً وأساساً من أركان الإسلام ــ هذا في وقتٍ لا يشك أحدٌ في عدم ركنيتها، وبعبارة أخرى: إذا كان من المقرّر أن تكون الإمامة ركناً، وأصلاً من أصول الدين وفقاً لهذه الروايات، فمن اللازم أيضاً القول بأن الأحكام الفرعية من أصول الدين كما عبّرت بعض الروايات، وتأكيد الشارع على الإمامة لا يؤدي إلى صيرورتها إصلاً، وإنما يدلّ على مضاعفة الاهتمام بها وحسب، من هنا لم يعتبر الشيخ الأنصاري الاستدلال بالروايات السابقة تاماً، بل ذهب إلى دلالتها على مجرّد اهتمام الشارع بالولاية لا كونها أصلاً ضرورياً، رغم إيمانه بأن الإمامة جزءٌ من أصول الدين حيث يقول: لا يُستفاد ذلك من تلك الأخبار الدالّة على أنه بُني الإسلام على خمس، ولا يلزم من أهميتها في نظر الشارع صيرورتها ضروريةً([68]).

ويؤيد الدعوى المذكورة تعدّد أركان الإسلام التي ذكرتها الروايات واختلافها، ففي رواية تم تقليل أسس الإسلام إلى ثلاثة: أثاف الإسلام ثلاثة: الصلاة والزكاة والولاية، لا تصحّ واحدة منهنّ إلا بصاحبتيها([69]).

ومن الواضح أن الحج والصوم من الركائز الأساسية للإسلام أيضاً، فلا وجه لعدم ذكرهما، كما ذكرت بعض الروايات الزكاة بوصفها فرعاً من فروع الدين، يقول الإمام الباقر %: ألا أخبرك بأصل الإسلام وفرعه وذروة سنامه، قلت: بلى جعلت فداك، قال: أما أصله الصلاة، وفرعه الزكاة، وذروة سنامه الجهاد([70]).

لقد اقتصر الحديث على الصلاة أصلاً من أصول الإسلام، ولم يتعرّض للأصول الأربعة الأخرى كالإمامة، وقد عبّرت بعض الروايات المعروفة عن الصلاة بعمود الدين([71])، كما جاء في روايات أخرى: الدعاء عمود الدين([72])، بل لقد بلغت أركان الإسلام في بعض الروايات العشرة دون أن تذكر الإمامة([73])، وفي بعضها: إن أساس الإسلام حبّ أهل البيت ومودّتهم([74])، وهذا أمر آخر غير الإمامة، وفي رواية عن النبي: كان الله تعالى بنى الإسلام على النظافة، وفي أخرى: بني الإسلام على النظافة، كما ذكرت بعض الروايات أن أساس الدين الفقه أو الروح أو اليقين، وقد جاء في بعضها أن فاقد الورع والعهد والمروّة والعقل لا دين له([75]).

والنتيجة: إن بالإمكان تفسير bالأصلv وbالأساسv وشبههما وbبنيv وbالإسلامv في الروايات بملاحظةالشواهد المذكورة، فليس المراد من البناء والأساس المعنى الحقيقي بحيث ينهدم أساس الدين عند انعدمه، كما لا يراد من الإسلام حقيقته، بل المراتب العليا التي لا تتحقق بفقدان بعض الأركان.

2 ــ 2 ــ تفسير الإمامة والولاية: إذا لم نمارس التأويل في تفسير الركن والبناء والإسلام فإن سؤالاً سيثار أمامنا: ما هو معنى الإمامة التي جعلت ركناً أساسياً في حقيقة الإسلام؟ وقبل الجواب ينبغي الإشارة إلى شؤون النبوّة والنبي 3.

يقوم النبي بأعباء مهامّ ثلاث: أ ــ تلقي الوحي الإلهي. ب ــ تبليغ الرسالة الإلهية، والمرجعية الدينية، بمعنى أن كلامه حجّة في مقام تفسير التعاليم الدينية، بل هو الدين عينه. ج ــ الإدارة وتعني التصدّي لمقام القضاء وتكوين الحكومة وقيادتها، ولم يشر مخالفو الإمامة إلى الصورة الأخيرة لإثبات دعواهم أو نفيها.

وظاهر كلام الفريقين الاختلاف في دعوى انتقال المنصبين الآخرين للنبي عن طريق الوحي إلى الإمام علي %، ولعلّ النقطة الأساسية في هذا المجال والتي تبدو من خلال التعرّف على آراء المتكلّمين المسلمين إنما هي انتقال المنصب التنفيذي والحكومي للنبي، وقد حاول متكلّمو الإمامية إثبات ذلك بصورة مستقلة، ولكن المناسب التأمل ثانيةً في تفسير الإمامة.

توضيح ذلك: هل تعني الإمامة ــ المعبّر عنها بالأساس الحقيقي للدين ــ الحكومة وإدارة المجتمع الإسلامي ولو بالشكل المطلوب إلهياً والتي يؤدي فقدانها إلى زعزة أصل الدين؟

إن الجواب الإيجابي على ذلك أمرٌ مشكل؛ لأن لازمه فقدان الإسلام ركناً أساسياً من أركانه بعد رحيل النبي، وبالنتيجة فإن حكومة الإمام علي كانت تتسم بوجود أصل الإمامة، وأما في بقية الأعصار وحتى في عصر الأئمة المعصومين فقد زال هذا الركن الأساسي، ولكننا نعلم أن الأمر ليس كذلك، فالإسلام الأصيل استطاع أن يطوي حركة تكاملية على مرور الأيام، وأن يفتح البقاع العقيدية والجغرافية في فترة قصيرة، ليصبح ثاني ديانةٍ في العالم من حيث الأتباع بعد مضي أربعة عشر قرناً، وأخلص دين على المستوى العقدي، من هنا لا يمكن الالتزام بأن أساس الدين هو الإمامة بمعنى الحكومة.

أمّا الإمامة التي تعني وجود الإمام المعصوم والمفسّر والمرجع العلمي والديني بعد النبي لاستمرار الدين وصيانته، أمر ضروري، وهي المقصود من نصب النبي ومن كونها جزءاً من أصول الدين.

هذه القراءة للإمامة وإن كانت على خلاف ما هو المشهور بين الإمامية إلا أن التفسير المعروف لها ليس من الضروريات، وإذا كان هناك ما هو ضروري فهو أصل الإمامة ومبدئها، كما تدلّنا الأدلة النقلية، فقد فسّر بعض الأعاظم كالشيخ الأنصاري الولاية بمحبة الأئمة وعدم عداوتهم، وسوف يأتي بيان ذلك، ويمكن الاشارة هنا إلى القراءة الخاصّة للمرحوم الشاه آبادي أستاذ الإمام الخميني في العرفان، فقد قرأ الولاية: في رواية bبنيv بفتح الواو، معتقداً أن المقصود محبة أهل البيت([76])، الأمر الذي يقبله أكثر أهل السنّة، بل يصفون الإمام علياً % في بعض الروايات بمعيار الحق.

من هنا، فأساس الدين هو الإمامة بمعنى المرجعية العلمية والدينية، ومحبة آل البيت وعدم معاداتهم، فهذا هو ركن الغسلام الحقيقي،جدير ذكره أن أكثر أهل السنة لا ينكرون هذا المعنى، بل يقصدون زيارة المراقد المشرّفة من القريب والبعيد.

3 ــ تحليل روايات الارتداد

أما الردّ على روايات الارتداد فيتطلب التركيز على نقاط:

1 ــ 3. الارتداد عن ميثاق ولاية علي %: المقصود من الارتداد عدم الالتزام ولا الوفاء بإمامة الإمام علي %، فلقد عاهده أكثر المسلمين في مواطن مختلفة ــ منها غدير خم ــ على أن يُبايعوه بعد النبي؛ فلم يف بالوعد سوى ثلاثة أو سبعة منهم كما تُبين بعض الروايات.

فمثلاً بايع أربعون صحابياً الإمام علياً ووعدوه بالوفاء حتى الموت، فطلب منهم الثورة في اليوم الثاني فلم يحضر إلا ثلاثة، وجاء في روايات أخرى أن بعض الصحابة وعدوا الإمام علياً والسيدة الزهراء بالثورة ولم يحضروا في الموعد المقرّر، من هنا يتضح معنى إرتداد الناس إلى حدّ ما.

يقول الإمام الخميني: ويُحتمل أن يكون المراد من ارتداد الناس نكث عهد الولاية ــ ولو ظاهراً وتقية ــ لا الارتداد على الإسلام، وهو أقرب([77]).

ولا يخفى على أرباب المعرفة أن الإمام الخميني يتحدّث هنا عن الارتداد ونقض عهد الإمامة تقيةً وظاهراً، لا الارتداد الحقيقي، وقد أشارت بعض الروايات أيضاً إلى نقض العهد هذا، فمثلاً ورد في رواية: إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواريي محمد بن عبدالله رسول الله الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه، فيقوم سلمان والمقداد وأبوذر([78]).

وبعبارةٍ أخرى: المراد من الارتداد حدوث الشبهة وتزلزل الإيمان القلبي الكامل للصحابة بالنسبة إلى قضايا الإسلام الأساسية، بحيث لا يسلم من هذا الهجوم سوى نماذج بارزة ومحدّدة، ومع ذلك فهم مختلفون في مستوى الإيمان والاعتقاد؛ ولذا صرّحت بعض الروايات بهجوم الشبهات على الصحابة جميعهم، دون أن يستثنى من ذلك سوى المقداد، وقد وصف إيمانه القلبي بـb(زبر الحديدv: bما بقي أحد بعد ما قبض رسول الله، إلا وقد جال جولةً، إلا المقداد؛ فإن قلبه مثل زبر الحديدv ([79]).

وجاء وصف هذه الشخصيات في رواية أخرى بالأركان، ويستفاد من هذا الإطلاق أن البقية ليسوا كفاراً ولا مرتدين، بل مسلمون غاية الأمر أنهم لم يكونوا بمستوى الأوتاد والأركان: bالأركان الأربعة: سلمان الفارسي والمقداد وأبو ذر وعمار، هؤلاء (من) الصحابةv ([80]).

2 ــ 3. تقييد الارتداد بالعناد والقصد: إذا لم نأخذ الاحتمال المذكور بنظر الاعتبار وفسّرنا الارتداد بالارتداد عن أصل الإسلام، كان من اللازم التفرقة بين المعاندين وغاصبي حقّ الإمامة وبين عامّة الناس، وبعبارة ثانية الارتداد صفة لأولئك الذين كانوا يعلمون ويجزمون بخلافة الإمام علي بعد النبي مباشرةً، ورغم ذلك حالوا دون ذلك، وغيّروا مسار السياسة؛ ليُحرم الإمام من حقه ويتسنّم الخلافة من لا حق له. لقد أعرض هؤلاء عن الإمامة وبذلك أداروا ظهراً للإسلام، وممّا يؤيد هذا الاحتمال روايات عدّة دلّت على غصب الإمامة، فقد علّل الإمام الباقر الارتداد بغصب حق آل محمد، وذلك لدى تفسيره % للآية: >من يرتدّ منكم عن دينه< المائدة: 54، قال %: هو مخاطبة لأصحاب رسول الله الذين غصبوا آل محمّد حقهم، وارتدوا عن دين الله([81]).

ومن الواضح أن عامة الناس لم يكن لهم دور في تعيين الخلافة، وبتبعها غصب حقوق آل محمد؛ ليحكم عليهم بالارتداد،ويبين الإمام الخميني احتمال عدم إرادة ارتداد الناس كافة في الروايات بقوله: والظاهر عدم إرادة ارتداد جميع الناس، سواء كانوا حاضرين في بلد الوحي أو لا([82]).

وببيان آخر: إذا كان أهل المدينة كافّة والمدن المهمّة الأخرى كمكّة قد شهدوا أحداث الخلافة وألاعيبها السياسية، فاختاروا الصمت وما يستبطن من رضاً بسلب حقوق الأئمة فحكم عليهم بالارتداد، فلماذا يُحكم بالارتداد على أولئك الذين كانوا يقطنون القرى والأطراف البعيدة، ويعيشون بمنأى عن قضايا الخلافة والسياسة الصغيرة والكبيرة، بعد أن لم يكن لديهم اطّلاع كافٍ أو لم يكونوا يملكون القدرة على تحليل الأمور والأوضاع، حتى صاروا في عداد المستضعفين ممن لا وزر عليهم كما دلّت الآيات والروايات؟! هذا بالإضافة إلى أن المخالفين في العصور الأخرى ــ وكما مرّ ــ لا علم لهم بإمامة عليّ بعد النبي مباشرةً بل يعلمون خلاف ذلك، من هنا لا يمكن الحكم بكفر أهل السنّة جميعهم على مدى الأعصار المختلفة؛ اعتماداً على روايات الارتداد.

4 ــ نقد نظرية ضرورية الإمامة

ونركّز هنا ــ أيضاً ــ على نقاط:

1 ــ 4. التفكيك بين الخلافة وبين المحبة وعدم البغض: إذا ثبتت هذه الدعوى (الإمامة من أصول الدين) فستكون دليلاً محكماً لإثبات كفر المخالفين واعتبار الإمامة من أصول الدين، ونقطة القوّة في هذا الدليل عدم الشك في إثبات كفر المخالفين حتى مع الاعتقاد بعدم كون الإمامة من أصول الدين؛ وذلك لأن هذا الدليل سببٌ مستقل للحكم بالكفر، فكلّ مؤمن انكر أصلاً ضرورياً من الدين وأدى إلى إنكار التوحيد أو النبوة فقد أنكر التوحيد في الحقيقة، وحُكم عليه بالكفر، لكن الإشكال في إثبات ضرورة الإمامة في الإسلام، وهو الذي عليه أكثر الإمامية، فيما يخالف في ذلك جملة أهل السنة، فما لم يثبت كون الإمامة من ضروريات الدين لا المذهب لا يمكن الحكم على المخالف بإنكار ضروريّ من ضروريات الدين أو الكفر.

وبعبارة أخرى، إن الضروري في ولاية الإمام علي % إنما هو الولاية بمعنى المحبّة القلبية وعدم العداوة، أما الولاية بمعنى الخلافة للنبوّة فهو أمر ضروريّ لدى الإمامية دون غيرهم، فها هو الشهيد الثاني يعتبر الإمامة من ضروريات التشيع، وقد مرّت عبارته سابقاً، ويقول صاحب الجواهر في ردّه على ابن نوبخت ومن ادعى الضرورة: فكيف يدّعى دخول دافع النص من غير الطبقة الأولى ونحوهم تحت منكر الضرورة، على أنهم أنكروا قول النبي به فيلزمه عدم الإمامة، لا أنهم أنكروا الإمامة المعلوم ثبوتها ضرورة([83])، ويذكر الشيخ الأنصاري ثلاثة احتمالات في المسألة: 1 ــ محبة الإمام علي %. 2 ــ عدم العداوة. 3 ــ الاعتقاد بأصل إمامته وخلافته، ويرجّح أن ضروريّ الإسلام إنما هو عدم العداوة حيث يقول: إن المسلّم أن عداوة أميرالمؤمنين أو أحد الائمة مخالفٌ لضروريّ الدين، وأما ولايتهم فدعوى ضروريّتها ترجع إلى الدعوى الثانية من دعوى صاحب الحدائق، ويرد عليها إمكان منع أن الولاية من ضرورة الدين مطلقاً([84]).

ويقول آية الله الحكيم فيما يرتبط بضرورة الإمامة: وضوح منعه، نعم هو من إنكار ضروري المذهب([85])، ويوافق السيد الخوئي الشيخَ الأنصاري في أن الضروري هو محبّة الأئمة وعدم عداوتهم لا مخالفة إمامتهم وخلافتهم([86])، كما ينفي الإمام الخميني ــ في البداية ــ أصل ضرورة الإمامة حيث يقول: وفيه أولاً: إن الإمامة بالمعنى الذي عند الإمامية ليست من ضروريات الدين؛ فإنها عبارة عن أمور واضحة بديهية عند جميع طبقات المسلمين، ولعلّ الضرورة عند كثير على خلافها، فضلاً عن كونها ضرورة، نعم هي من أصول المذهب ومنكرها خارج عنه لا عن الإسلام([87]).

2 ــ 4. اختصاص الضرورة بالعهد الإسلامي الأوّل: الجواب الآخر أن ضرورة الإمامة تختصّ بالعهد الإسلامي الأول ولا تشمل بقية الأعصار، الأمر الذي يُستفاد من عبارات الفقهاء الواردة في الجواب الأول، يقول الإمام الخميني أيضاً: ويمكن أن يقال إن أصل الإمامة كان في الصدر الأول من ضروريات الإسلام، ثم وقعت الشبهة للطبقات المتأخرة([88]).

5 ــ تقويم مقولة الإجماع

ونقف لنقد هذه المقولة وقفات:

1 ــ 5. إشكال الدور: إن دعوى الإجماع لإثبات كفر المخالفين وأن الإمامة من أصول الدين تستلزم الدور؛ لأن حجية الإجماع لدى الإمامية ليست ناشئةً من نفسها ومن اتفاق العلماء بل لملازمتها قولَ المعصوم، ففي الإجماع لا بدّ من وجود إمامٍ معصوم أولاً لتثبت حجية قوله، وهذا الفرض نفسه لا يخلو من كلام، فالمخالف لا يعتدّ بحجية قوله بل ينكر وجود مثل هذا الإمام، فالاحتجاج بالإجماع في الحقيقة إثبات لأصل الإمامة بقول الإمام، وهو غير مقبول بالنسبة إلى الطرف الآخر على الأقل، بل يتضمّن دوراً.

2 ــ 5. عدم حصول الإجماع: من الممكن الادعاء أن مقصود أتباع الإجماع ليس قول المعصوم، بل اتفاق العلماء، إلا أنّ هذا الاتفاق لا يمكن إثباته أيضاً؛ وذلك لأن حقيقة الأمر تثبت خلاف ذلك؛ إذ ينكر أكثر العلماء ــ وهم من أهل السنّة ــ هذا الإجماع، بل يُجمعون على خلافه.

3 ــ 5. أخصية الدليل من المدعى: إن أقصى ما يثبته الإجماع المذكور ــ باعتباره إجماع علماء الإمامية ــ أن هذا الأصل من أصول المذهب لا الدين، وإلا لزم كون الدليل أخصّ من المدّعى.

4 ــ 5. عدم اعتبار الإجماع في أصول الدين: إن قبول حجية الإجماع لإثبات أصلٍ عقائدي لا يخلو من إشكال؛ وذلك لأن أصول الدين لا بد من إثباتها عبر الدين نفسه (الكتاب والسنة) أو العقل، ولا مجال للتقليد فيها.

5 ــ 5. القدر المتيقن كفر النواصب والخوارج: إن القدر المتيقن من الإجماع دلالته على كفر النواصب والخوارج لا مطلق المخالفين، يقول الإمام الخميني في هذا الصدد: إن المتيقن من الإجماع هو كفر النواصب والخوارج([89]).

6 ــ قراءة نقدية لدليل العقل

يتضح مما مضى أن أقصى ما يدلّ عليه العقل أن المقصود من ضرورة الإمامة المرجعية العلمية الدينية، وأن اللطف وقوام الشريعة يتحققان بناء على هذا المعنى دون حاجة إلى حاكمية الإمام المعصوم، رغم عدم إمكان إنكار دورها في ازدهار الدين كمّاً وكيفاً، والشاهد على ذلك حفظ أصل الدين الإسلامي وجعله ثاني أديان العالم رغم عدم كون الحكومة دينيةً بالمعنى الحقيقي([90]).

نظرية ركنية الإمامة للمذهب ــــــــــ

تعرّفنا حتى الآن على الرأي المشهور في اعتبار الإمامة أصلاً من أصول الدين، إلا أن هناك قراءةً أخرى ترى أن الإمامة أصل من أصول مذهب التشيّع، وأن المخالفين يتصفون بالإسلام الحقيقي، كما أن منكري الإمامة عن علمٍ ودراية يلحقون الضرر بإيمانهم الشخصي؛ لأن الشرط الحقيقي للإسلام هو الاعتقاد بالتوحيد والنبوّة.

وقد مرّ بيان رأي الإمام الخميني والشهيد المطهري، ونكتفي هنا برأي العلامة الطباطبائي حيث يقول: bإن على العامة أن يتذكّروا دائماً أن اختلاف الفرقتين في الفروع، وأما في الأصول فلا اختلاف بينهم، بل هناك اتفاق بينهم في الفروع الضرورية كالصلاة والصوم والحج وغيرهاv.

أدلّة النظرية: ــــــــــ

تستدعي القاعدة أن يكون كلّ من اعتقد بالتوحيد والنبوة والمعاد مسلماً حقيقياً، وأما توقّف صدق الإسلام على قيدٍ آخر فيحتاج إلى برهان ودليل مخصّص، وبعبارة أخرى: الحكم بالإسلام الحقيقي على المخالفين مطابق للأصل، ولا يحتاج إلى دليل إلا إذا ثبت خلافه، وقد اتضح سابقاً أن أدلة مدّعي التكفير لا تثبت المطلوب، ومع ذلك يمكن إثبات إسلام المخالفين ــ حقيقةً ــ بالأدلة والمؤيّدات التالية:

1 ــ عمومات الآيات القرآنية ومطلقاتها: يتبين من خلال القرآن الكريم أن شرط الإسلام والهداية إنما هو الاعتقاد بالله والنبوّة والمعاد.

2 ــ الحكم بإسلام غير المعاند: يقول الإمام علي % ــ في ردّه على الأشعث حول هلاك غير الشيعة من الأمة ـ: وما هلك من الأمّة إلا الناصبين والمكاثرين (المكابرين) والجاحدين والمعاندين، فأما من تمسّك بالتوحيد والإقرار بمحمدٍ والإسلام، ولم يخرج من الملّة ولم يظاهر علينا الظلمة ولم ينصب لنا العداوة، وشك في الخلافة ولم يعرف أهلها وولاتها، ولم يعرف لنا ولاية ولم ينصب لنا عداوة، فإنه مسلم مستضعف، يرجى له رحمة الله ويتخوّف عليه ذنوبه([91]).

3 ــ النهي عن تكفير المخالفين: يبدو ــ من خلال مراجعة كتب الروايات ــ أن الكلام في هذه المسألة كان قائماً في عهد الأئمة بين أصحابهم، ففي اجتماعٍ ضمّ هاشم صاحب البريد ــ أحد أصحاب الإمام الصادق % ــ وأبا الخطاب ومحمد بن مسلم دار حديث حول من لا يعرف أمر الإمامة، فهبّ هاشم إلى أن جاهلي الإمامة ومنكريها كفّار، وقال أبو الخطاب بكفرهم إذا قامت عليهم الحجة، واختار محمد بن مسلم القول بكفرهم إذا تمّت الحجة وتحقّق الإنكار والجحود، مؤكّداً عدم إمكان الحكم بكفر المخالف إذا لم تقم الحجّة ولم يحصل العلم والمعرفة، ثم ــ وفي موسم الحج ــ التقى محمد بن مسلم بالإمام الصادق، وأخبره بما دار بينهم، فطلب الإمام % حضورهم جميعاً، وفي كلامه معهم حول المخالفين قال%: bأليس يصلّون ويصومون ويحجّون؟! أليس يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟!v، وأخذ الإمام يكرّر كلمة: سبحان الله، محذّراً هاشم وأبا الخطاب من أن التكفير قول الخوارج([92]).

4 ــ ارتهان مقولة الكفر بالجحود: يرهن الإمام الصادق % ــ في روايةٍ ــ تكفير المخالفين بالمعرفة والإنكار والجحود، حيث يقول %: لو أنّ العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا لم يكفروا([93])، ويفرّق الإمام الباقر % بين منكر الإمامة والجاهل بها قائلاً: فمن عرفه كان مؤمناً، ومن أنكره كان كافراً، ومن جهله كان ضالاً([94]).

5 ــ مبدأ امتياز الشك عن الكفر: لم تعتبر الكثير من الروايات مجرّد الشك في مقام الألوهية والنبوّة علامةً على الكفر، بل قيدته بالجحود والعناد، يقول الإمام الصادق في سؤال حول الشك في الله والنبيّ: إنما يكفر إذا جحد([95])، وبذلك يتبين حال الشك في قضية الإمامة.

وهناك روايات كثيرة في هذا الموضوع، اقتصرنا على بعضها؛ رعايةً لضيق المجال، تاركين تحليلها للقارئ اللبيب.

*    *     *

الهوامش



(*) أستاذ في مركز الدراسات الثقافية الإسلامية، ومن أبرز المهتمين بعلم الكلام المدرسي في إيران.



[1] ــــ من أبرز أساتذة الفلسفة في إيران، رئيس مؤسسة الإمام الخميني للبحوث والدراسات، وعضو في مجلس خبراء القيادة، اشتهر بمناهضته الشديدة لمقولات الفكر الإصلاحي الاخير في إيران، له مؤلفات عديدة قيّمة.

[2] ــــ ذكرت بعض كتب الأشاعرة عدداً من فروع الدين ضمن أركان الإسلام، لمزيد من الاطلاع راجع: البغدادي، عبدالقاهر، الفرق بين الفرق: 267، دار الكتب العلمية، بيروت.

[3] ــــ القرآن في الإٍسلام: 137.

[4] ــــ مرتضى المطهري، آشنائي با علوم إسلامي، علم كلام، درس 8: 9، انتشارات اسلامي، قم، 1362ش/ 1983م.

[5] ــــ مرتضى المطهري، العدل الإلهي: 56، انتشارات إسلامي، قم 1361ش/ 1982م، والنبوة: 35.

[6] ــــ خواجه نصير الدين الطوسي، تلخيص المحصل: 405، وقواعد العقائد: 145، مركز مديريت حوزة علمية، قم.

[7] ــــ لمزيد من الاطلاع حول عدد الشهداء الذين قدّمهم التشيع في هذا الطريق راجع: العلامة الأميني، شهداء الفضيلة.

[8] ــــ أبو الفتح الاسروشني، فصول الاسروشني، مبحث الإمامة، نقلا عن إحقاق الحق 2: 307.

[9] ــــ محمد الغزالي، الاقتصاد في الاعتقادات: 234.

[10] ــــ سيف الدين الآمدي، غاية المرام في علم الكلام: 363.

[11] ــــ سعد الدين التفتازاني، شرح المقاصد 5: 232، انتشارات الشريف الرضي، قم، بلا تاريخ.

[12] ــــ عضد الدين الإيجي، المواقف 8: 334، المطبوع مع شرح الجرجاني.

[13] ــــ المحقق الجرجاني، شرح المواقف 8: 334.

[14] ــــ الفخر الرازي، المباحث المشرقية والمطالب العالية، بحث الإمامة؛ والعقائد النسفية: 177؛ روزبهان، دلائل الصدق 2: 4؛ وعبدالكريم الخطيب، الخلافة والإمامة: 247.

[15] ــــ الشيخ يوسف البحراني، الحدائق الناضرة 5: 175، دار الكتب الإسلامية.

[16] ــــ الشيخ الصدوق، الهداية: 6 ــ 7، مكتبة إسلامية، طهران، 1377هـ.

[17] ــــ الشيخ المفيد، المقنعة: 32، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، 1410هـ.

[18] ــــ المفيد، أوائل المقالات: 7، جامعة طهران، تحقيق مهدي المحقق، 1372ش/1993م.

[19] ــــ الشريف الرضي، الرسائل 1: 166.

[20] ــــ أبو إسحاق ابن نوبخت، فصّ الياقوت، نقلاً عن الحدائق 5: 175.

[21] ــــ العلامة الحلي، شرح فصّ الياقوت، ويقول في المنتهى، كتاب الزكاة، مسألة اشتراط وصف مستحقي الزكاة: bإن الإمامة من أركان الدين وأصوله وقد علم ثبوتها من النبي 3 ضرورةً، والجاحد لها لا يكون مصدّقاً للرسول في جميع ما جاء به، فيكون كافراًv، نقلاً عن الحدائق 5: 175 وما بعد.

[22] ــــ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام، نقلاً عن المصدر السابق.

[23] ــــ الشيخ الطوسي، تلخيص الشافي 4: 131.

[24] ــــ ابن إدريس، السرائر، نقلاً عن الحدائق 5: 175 وما بعد.

[25] ــــ محمد حسن النجفي، جواهر الكلام 6: 56، دار الكتب الإسلامية، طهران، 1367ش/1988م.

[26] ــــ العلامة المجلسي، بحار الأنوار 68: 334.

[27] ــــ إحقاق الحق وإزهاق الباطل 2: 286، 294.

[28] ــــ كوهر مراد: 467، منظمة طبع وانتشارات وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي، طهران، 1372ش/1993م.

[29] ــــ شرح أصول الكافي، نقلاً عن الحدائق 5: 176 وما بعد.

[30] ــــ كتاب الطهارة: 330، طبعة حجرية.

[31] ــــ الحدائق 5: 157 وما بعد.

[32] ــــ كتاب الطهارة: 564، طبعة حجرية، مطبعة صدري، 1386هـ.

[33] ــــ مجموعة رسائل: 266.

[34] ــــ التنقيح في شرح العروة الوثقى، كتاب الطهارة 2: 84 ــ 87، دار الهادي للمطبوعات، قم، 1400هـ.

[35] ــــ دلائل الصدق 2: 10، مكتبة بصيرتي، قم.

[36] ــــ مسائل اعتقادي از ديدكاه تشيع: 80، ترجمة محمد محمدي اشتهاردي.

[37] ــــ تعليقة على شرح التجريد، الاعتقادات 2: 673، مطبعة تبريز، 1387هـ.

[38] ــــ أنوار الهداية في الإمامة والولاية: 26، 39، مطبعة جامعة فردوسي، مشهد.

[39] ــــ التعليقات على إحقاق الحق 2: 494.

[40] ــــ بحار الأنوار 23: 77، 92؛ والغدير 10: 360، واستدلّ المحقق اللاهيجي بهذه الروايات في كوهر مراد: 468.

[41] ــــ الكافي 1: 180، ح4، كتاب الحجة، باب معرفة الإمام والردّ عليه.

[42] ــــ المصدر نفسه، ح8.

[43] ــــ المصدر نفسه: 436، ح8، باب نتف وجوامع من الرواية في الولاية.

[44] ــــ المصدر نفسه: 182، ح5، باب معرفة الإمام والردّ عليه.

[45] ــــ المصدر نفسه: 200، ح1، باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته.

[46] ــــ المصدر نفسه 2: 19، ح5، باب دعائم الإسلام؛ والبحار 68: 331، 367، 329، باب دعائم الإسلام.

[47] ــــ التنقيح 2: 85.

[48] ــــ بحار الأنوار 28: 239.

[49] ــــ المصدر نفسه 31: 577، ولمزيد من الاطلاع راجع: 28: 238، 259، 264، و34: 274، و23: 375، و22: 352، 440.

[50] ــــ دلائل الصدق 2: 5.

[51] ــــ تعليقة شرح تجريد الاعتقادات 2: 673.

[52] ــــ تعليقات على إحقاق الحق وإزهاق الباطل 2: 294 وما بعد.

[53] ــــ عبدالرزاق اللاهيجي، كوهر مراد: 467، 468.

[54] ــــ الحدائق 4: 157 وما بعد؛ ودلائل الصدق 2: 5 وما بعد؛ وتعليقة على شرح التجريد: 673.

[55] ــــ أوائل المقالات: 7.

[56] ــــ الانتصار: 231 ــ 233.

[57] ــــ تلخيص الشافي 4: 131؛ جدير ذكره أننا تطرّقنا هنا إلى تحليل بعض أدلّة المخالفين. كما أن المخالفين لنظرية التفكيك ذكروا أدلة أخرى كآية الإكمال (المائدة: 3)، وآية التبليغ (المائدة: 67)، والسؤال عن الإمامة في القبر.. لم نتعرّض لها؛ لخروجها عن مجال البحث، راجع ــ لمزيد من الاطلاع: تعليقات آية الله المرعشي في إحقاق الحق وإزهاق الباطل 2: 394 وما بعد.

[58] ــــ كوهر مراد: 467، 468.

[59] ــــ بحار الأنوار 23: 247.

[60] ــــ المصدر نفسه 29: 471.

[61] ــــ أصل الشيعة وأصولها: 101 ــ 104، دار البحار، بيروت، 1979م.

[62] ــــ مستمسك العروة الوثقى 1: 394.

[63] ــــ كتاب الطهارة 3: 322، 323، مطبعة الآداب، النجف.

[64] ــــ المستمسك 1: 394.

[65] ــــ كتاب الطهارة 3 :320.

[66] ــــ الجواهر 6: 60، ومقصوده من إسلام المخالفين: الإسلام الظاهري والدنيوي.

[67] ــــ كتاب الطهارة 3: 321 ــ 323.

[68] ــــ كتاب الطهارة: 229 ــ 230.

[69] ــــ بحار الأنوار 68: 330.

[70] ــــ المصدر نفسه: 331.

[71] ــــ bالصلاة عمود الدين، مثلها كمثل عمود الفسطاط؛ إذا العمود ثبت ثبتت الأوتاد والأطناب، وإذا مال العمود وانكسر لم يثبت وَتَد ولا طنبv، ميزان الحكمة 5: 369.

[72] ــــ bالدعاء سلام المؤمن وعمود الدينv، أصول الكافي 2: 468؛ وبحار الأنوار 93: 294؛ وميزان الحكمة 3: 245.

[73] ــــ بحار الأنوار 68: 380.

[74] ــــ المصدر نفسه: 343.

[75] ــــ bلكلّ شيء عماد، وعماد الدين الفقهv، bالروح عماد الدينv، bاليقين عماد الدينv، bلا دين لمن لا ورع لهv، bلا دين لمن لا عهد لهv، bلا دين لمن لا مروّة لهv، bلا دين لمن لا عقل لهv، ميزان الحكمة 3: 374 وما بعد، كلمة: دين؛ وبحار الأنوار 39: 379.

[76] ــــ راجع: الإمام الخميني، التعليقات على شرح فصوص الحكم: 65.

[77] ــــ كتاب الطهارة: 329.

[78] ــــ بحار الأنوار 34: 275.

[79] ــــ المصدر نفسه.

[80] ــــ المصدر نفسه: 274.

[81] ــــ بحار الأنوار 1: 577، ح7، كتاب الفتن والمحن، باب لعن المرتدّين.

[82] ــــ كتاب الطهارة: 329.

[83] ــــ جواهر الكلام 6: 62.

[84] ــــ كتاب الطهارة: 329، 330.

[85] ــــ مستمسك العروة الوثقى 1: 395.

[86] ــــ التنقيح 2: 86.

[87] ــــ كتاب الطهارة 3: 325.

[88] ــــ المصدر نفسه: 329.

[89] ــــ المستفاد من عمومات الآيات ومطلقاتها أن الاعتقاد بالله والنبوّة والمعاد شرط في الإسلام والهداية.

[90] ــــ كتاب الطهارة 3: 329.

[91] ــــ بحار الأنوار 29: 471.

[92] ــــ أصول الكافي 4: 120، ح1، كتاب الإيمان والكفر، باب الضلال.

[93] ــــ المصدر نفسه: 101؛ ووسائل الشيعة 1: 21.

[94] ــــ أصول الكافي 4: 101.

[95] ــــ المصدر نفسه: 118.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً