عرضنا في المقال السابق العقائد التي ذكرها الشيخ محمد رضا المظفر(ر) في كتابه عقائد الامامية على القران والعترة وهذا المقال استمرار لهذا العرض وسنتناول هذا الموضوع من خلال مبحثين:
المبحث الأول: أصول الدين
قسم الشيخ المظفر(ر) اصول الدين الى خمسة اقسام: التوحيد، والعدل، والنبوة، والامامة، والمعاد([1])، ولكننا عندما نرجع الى الكتاب والعترة نجد أصول الدين بعيدة عما ذكره، وأنّ لهذا الدين أصلٌ واحد وهو الإمام، والحديث ليس عن مُفردات العقيدة، فمُفردة التوحيد، ومُفردةُ العدل، ومُفردةُ النبوّة، ومُفردةُ الإمامة، ومُفردةُ المعاد، هذه المفردات مفردات واضحة وصريحة في معارف الكتاب والعترة، بل عن المنظومة العقائدية مَن أنّ أصول الدين خمسة اذ لا نجد ذلك في أية وفي رواية تشير إلى هذا التقسيم بل هي منظومة وفقت ما بين الفِكر الأشعري والمُعتزلي وأُضِيف إليها ما أُضِيف مِن فِكْر أهل البيت (صلوات الله عليهم)، وسنعرض الأدلّة عليها من الكتاب والعترة من خلال مطلبين:
المطلب الأول: القران الكريم
1ـ قوله تعالى: {ولله المشرقُ والمغرب فأينما تولّوا فثمَّ وجه الله إنّ الله واسعٌ عليم([2])}.
المراد من (فثم) يعني: فهناك وجه لله سواء كان في الاتجاه المادي أو في الاتجاه المعنوي، وسواء كان فيما هو في دواخل النفوس أو خارجها، في عوالم الطبيعة أو في عوالم الغيب والمعنى، وقد اخبرنا اهل البيت(عليهم السلام) بهذا الوجه في مجموعة من الروايات:
ـ قال علي(ع): (الذي تنزل به الملائكة في الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم: من خلق ورزق، وأجل وعمل، وحياة وموت، وعلم غيب السماوات والارض، والمعجزات التي لا تنبغي إلا لله وأصفيائه والسفرة بينه وبين خلقه، وهم وجه الله الذي قال: (فأينما تولوا فثم وجه الله)، هم بقية الله، يعني المهدي يأتي عند انقضاء هذه النظرة، فيملا الارض قسطا وعدلا، كما ملئت ظلما وجورا ([3])).
ـ عن علي(ع) حديث طويل فيه قال السائل: من هؤلاء الحجج؟ قال: (هم رسول الله ومن حل محله من أصفياء الله الذين قال الله: (فاينما تولوا فثم وجه الله) الذين قرنهم الله نفسه وبرسوله، وفرض على العباد من طاعتهم مثل الذين فرض عليهم منها لنفسه([4])).
ـ عن الرضا(ع)، قوله تعالى (فاينما تولوا فثم وجه الله) قال: علي(ع). ([5])
ـ فـي دعاء الندبة نخاطب الامام المهدي (عجل الله فرجه) بانه وجه الله فنقول: (أين وجه الله الذي إليه يتوجّه الأولياء([6]))، وهذا هو الوجه المُتسع الواسع من الدين.
2ـ قوله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرين([7])}.
تشير الاية المباركة الى مجموعة من الامور:
ا ـ قوله تعالى: {يا أيها الرسول} هو حديث عن الرسالة بكل تفاصيلها، تتحدث عن الدين بكل شؤونه والقرآن جزء من هذه الرسالة {وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} الحديث هنا عن بيعة الغدير([8])، وبيعة الغدير هي شأن من شؤونات ولاية علي(ع)، فالولاية والإمامة هي أصل الأصول، ولذلك فإن الذي ينكرها كافر.
ب ـ ان الخطاب في الآية هو للأمة لا للنبي لأنه (صلى الله عليه واله) ليس محتاجا أن يخاطب بهذا الخطاب فهو أعلى شأنا من أن يخاطب بهذا الخطاب، فهذا الخطاب حين يوجه للنبي (صلى الله عليه واله) فإن الحجة ستكون أقوى وأثبت على هذه الأمة.
ت ـ ان الإمامة هي أصل الدين وهي أصل متسع بحيث أن الرسالة بكل تفاصيلها تنطوي في فنائها، فالآية صريحة في أن أصل الدين الإمامة، وأن منكرها بحسب فتوى الله في الآية كافر وهو قوله: {والله لا يهدي القوم الكافرين}.
3ـ قوله تعالى: { وإنّي لَغفّارٌ لِمَن تاب وآمن وعمل صالحاً ثُمّ اهتدى([9])}.
ومن المعلوم ان الذي يتوب لابد أن يكون مؤمنا معتقدا ولكنه ابتعد عن الطريق ثم تاب، وبعد أن تاب آمن أي ازداد إيمانا، وبعد أن آمن عمل صالحا، ثم تقول الآية: {ثم اهتدى}، فالمغفرة تكون للتائب وللمؤمن وللذي يعمل صالحا ولكن بهذا الشرط {ثم اهتدى}، والهداية هنا تبينها مجموعة من الروايات نذكر منها:
أـ عن ابي جعفر(ع) في قول الله: (وإنّي لغفارٌ لمَن تابَ وآمن وعمل صالحاً ثمّ اهتدى)، قال: (ألا ترى كيف اشترط ولم ينفعه التوبة والايمان والعمل الصالح حتى اهتدى والله لو جهد ان يعمل بعمل ما قبل منه حتى يهتدي، قلت: إلى من؟ جعلني الله فداك قال الينا([10])).
ب ـ عن الإمام الهادي(عليه السلام) ـ في زيارة زار بها في يوم الغدير في السنة التي أشخصه المعتصم وسندها قوی ومعتبر([11]) قال تقف عليه (صلوات اللَّه عليه) وتقول: (…وأنّه ـ أي رسول الله ـ القائلُ لكَ: والذي بعثني بالحق نبياً ما آمن بي من كفر بك، ولا أقرّ بالله مَن جحدك، وقد ضلّ من صدَّ عنك ولم يهتد إلى الله ولا إلي من لا يهتدي بك، وهو قول ربّي (عزّ وجل): (وإنّي لغفارٌ لمَن تابَ وآمن وعمل صالحاً ثمّ اهتدى) إلى ولايتك مولاي فضلك لا يخفى، ونورك لا يطفى، وان من جحدك الظلوم الأشقى، مولاي أنت الحجة على العباد، والهادي إلى الرشاد، والعدة للمعاد.مولاي لقد رفع الله في الأولى منزلتك، واعلى في الآخرة درجتك، وبصرك ما عمي على من خالفك، وحال بينك وبين مواهب الله لك ([12])).
فهنا نلاحظ أنّ ايات القران الكريم تصب في هذا الاتجاه فهذا هو الأصل المُتسع، ومنظومة العقيدة ان الدين له أصل واحد وهو الإمامة وان الانسان يسال عن أصل واحد في يوم القيامة.
المطلب الثاني: العترة
عند الرجوع الى حديث اهل البيت(عم) وهي العدل الثاني الذي امرنا باتباعه لفهم الدين([13]) نجد الروايات تؤكد على ان للدين اصل واحد وهو الامامة نشير الى بعضها:
1ـ صحيحة([14]) زرارة عن أبي جعفر(ع) قال: (ذروة الامر وسنامه ومفتاحه وباب الاشياء ورضا الرحمن تبارك وتعالى الطاعة للامام بعد معرفته، ثم قال: إن الله تبارك وتعالى يقول: (من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا([15]))([16])).
فطاعة الإمام عبارة عن التصديق بإمامته والإذعان بولايته والإقرار بتقدمه على جميع الخلق بأمره تعالى، والمتابعة لأمره ونهيه ووعظه ونصيحته، ظهر وجه المصلحة أم لم يظهر، وهي ذروة أمر الإيمان من حيث أنها أعظم أركانه وأعلاها وأشرفها وأسناها وسنامه من حيث شرفها وعلوها بالنسبة إلى سائر أركان الإيمان مع ملاحظة أنها بمنزلة المركب يوصل راكبها إلى سائر منازل العرفان، ومفتاحه من حيث أنه ينفتح بها أقفال أبواب العدل والإحسان وباب الأشياء والشرائع النبوية والأسرار الإلهية من حيث أنه لا يجوز لأحد الدخول في الدين ومشاهدة ما فيه بعين اليقين إلا بالوصول الى سدنتها والعكوف على عتبتها، ورضاء الرحمن تبارك وتعالى من حيث أنها توجب القرب إليه والزلفى لديه والاستحقاق لما وعده للمطيع من الأجر الجميل والثواب الجزيل، وكل هذا على سبيل الاستعارة والتشبيه الذي لا يخفى على العارف بالعربية حسن موقعه ولطافة موضعه، وإنما قال ” بعد معرفته ” للتنبيه على أن أصل معرفته تعالى أفضل منها، كيف لا وهي أصل لها؟ وإن كان كمال المعرفة إنما يحصل بها، وبالجملة نظام الطاعة موقوف على أصل المعرفة وكمال المعرفة موقوف على نظام الطاعة.
(ثم قال: إن الله تبارك وتعالى يقول) هذا بمنزلة التأييد لما مر والدليل عليه حيث عد طاعة الرسول نفس طاعته تعالى ومن البين أن طاعة الإمام نفس طاعة الرسول لقوله تعالى: (ياأَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ([17])) فطاعة الإمام نفس طاعة الله تعالى، ومن هنا ظهر أيضا تقدم معرفته على طاعة الإمام.
قوله: (حفيظا) أي حافظا لهم عن التولي والإعراض وإنما عليك البلاغ([18]).
2ـ قول الامام الرضا(ع) وهو يتحدّث عن منزلة الإمامة: (إن الامامة زمام الدين، ونظام المسلمين، وصلاح الدنيا وعز المؤمنين، إن الامامة أس الاسلام النامي، وفرعه السامي، بالامام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد…الخبر([19])).
فالإمام الرضا(ع) يحدثنا عن الإمامة التي هي من شؤون الإمام: (إن الإمامة زمام الدين)؛ هذا التعبير يشير إلى نفس المضمون الذي تحدثت الآيات والروايات والزيارات السابقة من أن الإمامة هي من شؤون الإمام، فأصل الأصول هو الإمام، وإمامته هي زمام الدين وهي الأصول وهي الفروع، فالإمام أعظم شأنا من الإمامة هذه، لأن الإمامة هذه التي يتحدث عنها الإمام الرضا(ع) هي التي يستمر حديثه فيها فيقول: (بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وتوفير الفيء والصدقات وإمضاء الحدود والأحكام ومنع الثغور والأطراف).
3ـ عن المفضل انه كتب إلى أبى عبد الله(ع) فجائه هذا الجواب من أبى عبد الله(ع): (اما بعد…ثمّ إنّي أُخبركَ أنّ الدين وأصل الدين هو رجل وذلك الرجل هو اليقين وهو الإيمان وهو إمامُ أُمّتهِ وأهل زمانه، فمَن عرفهُ عرف الله ومن أنكرهُ أنكر الله ودينه، ومن جهلهُ جهل الله ودينه وحدوده وشرائعه…([20])).
فأصل الدين هو الإمام، وهذا هو منطق قوله تعالى: (وإنْ لم تفعل فما بلّغت رسالته([21])).
4ـ عن أبي حمزة الثمالي قال سمعت أبا جعفر(ع) يقول: (دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بطهور فلما فرغ اخذ بيد على فالزمها يده ثم قال (إنما أنت منذر) ثم ضم يده إلى صدره قال (ولكل قوم هاد([22])) ثم قال يا علي أنت أصل الدين ومنار الايمان وغاية الهدى وقائد الغرالمحجلين اشهد لك بذلك ([23])).
5ـ عن جابر بن عبد الله، قال: لما قدم علي(ع) على رسول الله(ص) بفتح خيبر، قال له رسول الله(ص): (…لولا أنت لم يعرف المؤمنون بعدي([24])).
قال إبراهيم بن محمد الثقفي الكوفي: ” وهذا الخبر بما تضمنه من مناقب أمير المؤمنين(ع) لو قسم على الخلائق كلهم من أول الدهر إلى آخره لاكتفوا به شرفا ومكرمة وفخرا ([25])“.
فرسول الله يقول بشكلٍ واضح ان الامام هو أصلُ الدين فكيف نقسم بعدها الاصول الى خمسة؟!.
6ـ عن الفضل بن شاذان، بإسناده عن أبي عبدالله(ع) أنه قال: (نحن أصل كل بر، ومن فروعنا كل بر ومن البر التوحيد، والصلاة، والصيام، وكظم الغيظ، والعفو عن المسيء، ورحمة الفقير، وتعاهد الجار، والإقرار بالفضل لأهله ([26])).
فالامام هو الأصل واما التوحيد والعدل والنبوة والمعاد فهي من فروعها.
7ـ عن أبي عبد الله(ع) قال: (خرج الحسين بن علي(عما) على أصحابه فقال: أيها الناس ان الله (جل ذكره) ما خلق العباد إلا ليعرفوه فإذا عرفوه عبدوه فإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه، فقال له رجل: يا بن رسول الله بأبي أنت وأمي فما معرفة الله؟ قال معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي يجب عليهم طاعته([27])).
8ـ في خُطبة الزهراء(عا)، في هذا المقطع حين تقول: (فجعل الله الإيمان تطهيراً لكم مِن الشِرك، والصلاة تنزيهاً لكم عن الكِبْر… وطاعتنا نظاماً للملّة وإمامتنا أماناً من الفرقة([28])).
وهذه الحقيقة كانت واضحة جلية فالمراد من الملّة هي العقيدة، والمُراد مِن الفرقة هي الفرقة العقائدية، فإنّ الأُمةّ ستفترق بعد النبي إلى 73 فرقة، وهذا الافتراق افتراقٌ في العقيدة فعن علي(ع) قال: (قال رسول الله(ص): ستفترق أمتي على ثلاثة وسبعين فرقة، منها فرقة ناجية والباقون هالكون، فالناجون الذين يتمسكون بولايتكم ويقتبسون من علمكم، ولا يعملون برأيهم فأولئك ما عليهم من سبيل، فسألت عن الأئمة فقال: عدد نقباء بني إسرائيل([29])).
9ـ في دعاء الاعتقاد عن الكاظم(ع) قال: (إلهي إنَّ ذُنوبي وكثرتها قد غيرت وجهي عندك، وحجبتني عنْ استئهال رحمتك، وباعدتني عن استيجاب مغفرتك، ولولا تعلُّقي بآلائك وتمسُّكي بالرجاء لِمَا وعدت أمثالي مِن المُسرفين وأشباهي مِن الخاطئين بقولك: { قُلْ ياعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ([30])} وحذّرت القانطين مِنْ رحمتك فقلت: {و مَن يقنَطُ مِن رحمة ربّه إلّا الضالّون([31])} ثُمّ نَدبتنا برحمتك إلى دُعائك فقلت: {ادعوني أستجبْ لكم إنَّ الذين يستكبرونَ عن عِبادتي سيدخلون جهنَّم داخرين([32])} إلهي لقد كانَ ذُلُّ الأياس علي مُشتملا، والقنوط منْ رحمتك بي مُلتحفا. إلهي وقد وعدت المُحسن ظنّهُ بكَ ثوابا، وأوعدت المُسيئ ظنّهُ بكَ عقابا. إلهي وقد أمسكَ رمقي حُسن الظّن بك في عتق رقبتي منْ النار، وتغمُّد زَلَلي وإقالة عثرتي، وقُلت وقولكَ الحقّ الذي لا خُلْف لهُ ولا تبديل: {يوم نَدعو كُلَّ أُناسٍ بِإِمامهِم([33])}، ذلكَ يوم النشور إذا نُفخ في الصور وبعثرت القبور. الّلهُمّ إنّي أقِرُّ وأشهدُ وأعترفُ ولا أجحدُ، وأُسِرُّ وأظهرُ وأعلنُ وأُبطن بأنّك أنت الله الّذي لا إله إلاَّ أنت وحدكَ لا شريك لك، وأنَّ مُحمّداً(ص) عبدكَ ورسولك، وأنَّ علياً أمير المؤمنين وسيد الوصيين ووارث عِلم النبيين وقاتل المُشركين وإمام المُتقين ومُبير المنافقين ومُجاهد الناكثين والقاسطين والمارقين إمامي وحُجّتي وعُروتي وصِراطي ودَليلي ومحجّتي، ومَنْ لا أثق بالأعمال وإنْ زكت ولا أراها مُنجيةً لي وإنْ صَلُحت إلّا بولايتهِ والإئتمام بهِ والإقرار بفضائلهِ، والقبول مِنْ حَمَلَتها والتسليم لرُواتها اللهُمّ وأقرُّ بأوصيائهِ منْ أبنائهِ أئمةً وحُججاً وأدلةً وسُرُجاً وأعلاماً ومناراً وسادةً وأبراراً وأدينُ بسرّهم وجهرهم وظاهرهم وباطنهم وحيهم وميتهم وشاهدهم وغائبهم، لا شكّ في ذلكَ ولا ارتياب يحولني عنه ولا انقلاب. اللهُمّ فادعني يوم حشري وحينَ نشري بإمامتهم، واحشرني في زُمرتهم واكتبني في أصحابهم، واجعلني مِنْ إخوانهم، وأنقذني بهِم يا مولاي مِنْ حرّ النيران، وإن ترزقني رَوحَ الجنان، فإنَّك إنْ اعتقتني منْ النار كنت مِن الفائزين. اللهُمّ وقدْ أصبحت في يومي هذا لا ثقةَ لي ولا رجاء ولا مَفزع ولا ملجأ ولا مُلتجأ غير منْ توسلت بهم إليك، وهم رسولك وآله: علي أمير المؤمنين وسيدتي فاطمة الزهراء سيدةُ النساء والحسن والحسين وعلي ومُحمّد وجعفرٌ وموسى وعلي ومُحمّد وعلي والحسن ومُقيم المَحجّة منْ بعدهم الحُجّة المستورة منْ ولدهم والمرجو للأمّة منْ ذريتهم وخيرتكَ عليهِ وعليهم السلام. الّلهم فاجعلهم في هذا اليوم وما بعده حصني مِنْ المكاره، ومَعقلي منْ المخاوف، ونجّني بهم منْ كُلّ عدو وطاغٍ وفاسقٍ وباغٍ ومنْ شرّ ما أعرفُ وما أُنكِر وما استتر علي وما أبصر، ومنْ شرّ كلّ دابةٍ ربّي آخذٌ بناصيتها إنّ ربي على صراطٍ مُستقيم. الّلهُمّ فبتوسّلُي إليك بهم، وتقرُبي بمحبّتهم وتمسُّكي بإمامتهم، افتح علي في هذا اليوم أبواب رزقك، وانشر علي رحمتكَ ومغفرتك، وحبّبني إلى خلقك، وجنبني عداوتهم وبُغضهم، إنّك على كلّ شيء قدير. الّلهُمّ ولكلّ مُتوسلٍ ثواب، ولكلّ ذي شفاعةٍ حقّ، فأسألكَ بمَن جعلتهُ إليكَ سَبَبي، وقدّمته أمام طلبتي أن تعرّفني بركة يومي هذا وشهري هذا وعامي هذا، الّلهُمّ فهم مَفزعي ومُعوّلي في شدّتي ورخائي، وعافيتي وبلائي، ونومي ويقْظتي، وظَعْني وإقامتي، وعُسْري ويسْري، وعَلانيتي وسِرّي، وصباحي ومسائي، ومُنقلبي ومَثواي. الّلهُمّ فلا تخيبني بهم منْ نائلك ولا تقطع رجائي مِن رحمتك، ولا تخلني بهم مِن نِعمتكَ، ولا تؤيسني منْ رَوحك، ولا تفتنّي بانغلاق أبواب الأرزاق وانسداد مسالكها وارتتاج مذاهبها، وافتح لي من لدنك فتحاً يسيراً ورزقاً واسعاً، واجعل لي منْ كلّ ضَنَكٍ مَخرجاً وإلى كلّ سِعةٍ مَنهجاً برحمتكَ يا أرحم الراحمين. الّلهُمَّ واجعلْ الّليل والنهار مُختلِفَينِ علي برحمتك ومُعافاتك ومنّكَ وفضلكَ، ولا تفْقرني إلى أحدٍ مِن خَلقكَ برحمتك يا أرحم الراحمين، إنّك على كلّ شيء قدير وبكلّ شيءٍ مُحيط وحسبنا اللٰه ونعم الوكيل وصلّى الله على محمّدٍ وآله الطييبين الطاهرين([34])).
فالإمام الكاظم(ع) في هذا الدعاء يقول: (اللهُمّ فادعني يوم حشري وحينَ نشري بإمامتهم) لأنّ الإمام هو أصل الدين وهو ما اشارت له مجموعة من الروايات نشير الى بعضها:
1ـ صحيحة([35]) جابر، عن أبي جعفر(ع) قال: قال: (لما نزلت هذه الآية: (يوم ندعو كل أناس بإمامهم([36])) قال المسلمون: يا رسول الله ألست إمام الناس كلهم أجمعين؟ قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا رسول الله إلى الناس أجمعين ولكن سيكون من بعدي أئمة على الناس من الله من أهل بيتي، يقومون في الناس فيكذبون، ويظلمهم أئمة الكفر والضلال وأشياعهم، فمن والاهم، واتبعهم وصدقهم فهو مني ومعي وسيلقاني، ألا ومن ظلمهم وكذبهم فليس مني ولا معي وأنا منه برئ([37])).
2ـ صحيحة([38]) عبد الاعلى قال: سمعت أبا عبد الله(ع) يقول: (السمع والطاعة أبواب الخير، السامع المطيع لا حجة عليه، والسامع العاصي لا حجة له، وإمام المسلمين تمت حجته واحتجاجه يوم يلقى الله عز وجل ثم قال: يقول الله تبارك وتعالى: (يوم ندعو كل أناس بإمامهم ([39])) ([40]).
3ـ عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله(ع) عن قول الله تبارك وتعالى: (يوم ندعو كل أناس بإمامهم ([41])) ” فقال: (يا فضيل اعرف إمامك، فإنك إذا عرفت إمامك لم يضرك، تقدم هذا الامر أو تأخر، ومن عرف إمامه ثم مات قبل ان يقوم صاحب هذا الامر، كان بمنزلة من كان قاعدا في عسكره، لا بل بمنزلة من قعد تحت لوائه، قال: وقال بعض أصحابه: بمنزلة من استشهد مع رسول الله(ص)([42])).
ففي (دعاء الاعتقاد) لا نلاحظ فيه شيئاً غير ذِكر الإمامة وأنّها الأصل في كُلّ شيء، فهذا الدعاء مَداره الإمام علماً أنّ المضامين الموجودة في هذا الدعاء هي نفسها الموجودة في الزيارة الجامعة الكبيرة حين تقول على سبيل المِثال: (بأبي أنتم وأمي ونفسي وأهلي ومالي وأُسرتي، أُشهِدُ الله وأشهدكم أنّي مُؤمنٌ بكم وبما آمنتم بهِ كافرٌ بعدوّكم وبما كفرتم به، مُستبصرٌ بشأنكم وبضلالةِ مَن خالفكم، مُوالٍ لكم ولأوليائكم مُبغض لأعدائكم ومُعادٍ لهم، سِلْمٌ لِمَن سالمكم وحربٌ لِمَن حاربكم مُحقّقٌ لِمَا حققتم، مُبطلٌ لِمّا أبطلتم، مُطيعٌ لكم عارف بحقّكم مُقرٌ بفضلكم مُحتملٌ لعلمكم، محتجب بذمّتكم مُعترفٌ بكم مُؤمنٌ بإيابكم مُصدّق برجعتكم مُنتظرٌ لأمركم مُرتقبٌ لدولتكم آخذٌ بقولكم عاملٌ بأمركم مُستجيرٌ بكم زائرٌ لكم عائذ عائذٌ بقبوركم مُستشفعٌ إلى الله عزّ وجلّ بكم ومُتقرّبٌ بكم إليه ومُقدّمكم أمام طَلِبَتي وحوائجي وإرادتي في كلّ أحوالي وأُموري مُؤمنٌ بسرّكم وعلانيتكم وشاهدكم وغائبكم وأوّلكم وآخركم ومُفوّضٌ في ذلك كلّه إليكم ومُسلّم فيه معكم وقلبي لكم مُسلّم ورأيي لكم تبَع ونُصرتي لكم مُعدّة حتى يحيي الله تعالى دينه بكم ويردكم في أيامه ويظهركم لعدله ويمكّنكم في أرضهِ فمعكم معكم لا مع عدوّكم…([43])).
10ـ اشتراط قبول الأعمال بولاية الأئمة (صلوات الله عليهم)
جاءت الروايات متواترة في اشتراط قبول الأعمال بولاية الأئمة (صلوات الله عليهم) مَن اطّلع عليها لن يخرجَ إلاّ بهذهِ النتيجة: أنّ لِهذا الدين أصلٌ واحد هو الإمام المعصوم، ومن ذلك:
1ـ صحيحة([44]) زرارة، عن أبي جعفر(ع) ـ في حديث ـ قال: (ذروة الأمر وسنامه، ومفتاحه، وباب الأشياء ورضى الرحمن، الطاعة للإمام بعد معرفته، أما لو أن رجلا قام ليله، وصام نهاره، وتصدق بجميع ماله وحج جميع دهره، ولم يعرف ولاية ولي الله فيواليه، ويكون جميع أعماله بدلالته إليه، ما كان له على الله حق في ثوابه، ولا كان من أهل الإيمان ([45])).
2ـ صحيحة([46]) محمد بن مسلم، قال:سمعت أبا جعفر(ع) يقول: (كل من دان الله (عز وجل) بعبادة يجهد فيها نفسه، ولا إمام له من الله، فسعيه غير مقبول، وهو ضال متحير، والله شانئ لأعماله ـ إلى أن قال ـ وإن مات على هذه الحال مات ميتة كفر ونفاق، واعلم يا محمد أن أئمة الجور وأتباعهم لمعزولون عن دين الله، قد ضلوا وأضلوا، فأعمالهم التي يعملونها كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف، لا يقدرون مما كسبوا على شئ ذلك هو الضلال البعيد([47])).
3ـ صحيحة ([48]) مُيسِّرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(ع) فِي حَدِيثٍ قَالَ: (إِنَّ أَفْضَلَ الْبِقَاعِ مَا بَينَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ والْمَقَامِ وبَابِ الْكَعْبَةِ وذَاكَ حَطِيمُ إِسْمَاعِيلَ ووَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ عَبْداً صَفَّ قَدَمَيهِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ وقَامَ اللَّيلَ مُصَلِّياً حَتى يجِيئَهُ النَّهَارُ وصَامَ النَّهَارَ حَتى يجِيئَهُ اللَّيلُ ولَمْ يعْرِفْ حَقَّنَا وحُرْمَتنَا أَهْلَ الْبَيت لَمْ يقْبَلِ اللَّهُ مِنْهُ شَيئاً أَبَداً([49])).
4ـ صحيحة([50]) أبي حمزة الثمالي قال: ” قال لنا علي بن الحسين(عما): أي البقاع أفضل؟ فقلنا: الله ورسوله وابن رسوله أعلم، فقال: أما أفضل البقاع ما بين الركن والمقام، ولو أن رجلا عمر ما عمر نوح(ع) في قومه ـ ألف سنة إلا خمسين عاما ـ يصوم النهار ويقوم الليل في ذلك المكان ثم لقي الله عز وجل بغير ولايتنا لم ينفعه ذلك شيئا “([51]).
5ـ صحيحة([52]) عبدالحميد بن أبي العلاء قال: دخلت المسجد الحرام فرأيت مولى لابي عبدالله(ع) فملت إليه لاسأله عن أبي عبدالله(ع) فإذا أنا بأبي عبدالله(ع)ساجدا فانتظرته طويلا فطال سجوده علي، فقمت وصليت ركعات وانصرفت وهو بعد ساجد فسألت مولاه متى سجد؟ فقال: قبل أن تاتينا فلما سمع، كلامي رفع رأسه ثم قال: ابا محمد! ادن مني فدنوت منه فسلمت عليه فسمع صوتا خلفه فقال: ما هذه الاصوات المرتفعة؟ فقلت: هؤلاء قوم من المرجئة والقدرية والمعتزلة، فقال: إن القوم يريدوني فقم بنا، فقمت معه فلما أن رأوه نهضوا نحوه فقال لهم: كفوا أنفسكم عني ولا تؤذوني وتعرضوني للسلطان فإني لست بمفت لكم ثم أخذ بيدي وتركهم ومضى فلما خرج من المسجد قال: لي يا أبا محمد واللَّهِ لَوْ أَنَّ إِبْلِيسَ سَجَدَ لِلَّهِ بَعْدَ الْمَعْصِيةِ والتكَبُّرِ عُمُرَ الدُّنْيا مَا نَفَعَهُ ذَلِكَ ولَا قَبِلَهُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ مَا لَمْ يسْجُدْ لآِدَمَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ (عَزَّ وجَلَّ) أَنْ يسْجُدَ لَهُ وكَذَلِكَ هَذِهِ الْأُمَّةُ الْعَاصِيةُ الْمَفْتونَةُ بَعْدَ نَبِيهَا (صلى الله عليه وآله) وبَعْدَ ترْكِهِمُ الْإِمَامَ الَّذِي نَصَبَهُ نَبِيهُمْ (صلى الله عليه وآله) لَهُمْ فَلَنْ يقْبَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَمَلًا ولَنْ يرْفَعَ لَهُمْ حَسَنَةً حَتى يأْتوا اللَّهَ مِنْ حَيثُ أَمَرَهُمْ ويتوَلَّوُا الْإِمَامَ الَّذِي أُمِرُوا بِوَلَايتهِ ويدْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الَّذِي فَتحَهُ اللَّهُ ورَسُولُهُ لَهُمْ([53])).
فالتوحيد والاعتقاده بنبوّة نبينا ـ بحسب ظواهر الدنيا ـ لم يسمَح للانسان بدخول الجنة والوسيلة الرافعة هي ولاؤه لعلي والأئمة(عليهم السلام) لان أصل الدين هو الإمام المعصوم (صلوات الله عليه)، فمضامين كلامهم(عم) واحدة، تؤكّد أنّ المنظومة العقائدية لمدرسة اهل البيت(عم) تعود إلى أصلٍ واحد هو الإمام(ع)، والأحاديثُ والخُطَب والآيات والروايات مُتكاثرةٌ في بيان هذه الحقيقة، وكُلّ هذا يشير إلى هذه الحقيقة أنّ المنظومة العقائدية عند أهل البيت تستند إلى أصلٍ واحد هو الإمام المعصوم (صلوات الله عليه).
اصل نظرية ان أُصول الدين خمسة
فهذه المنظومة العقائدية التي تقول أنّ أُصول الدين خمسة وأنّ فروع الدين عشرة، لا ذِكر لها في حديث أهل البيت(عم)لا مِن قريب ولا مِن بعيد، فهذهِ عقيدةٌ مَزَج فيها الشيخ المظفر بين فِكر العامة وبين فِكر أهل البيت(عليهم السلام).
فعقيدة الأشاعرة تبتني على أصول ثلاثة: (التوحيد ـ النبوّة ـ والمعاد) واما أصل (العدل) فهو مِن المُعتزلة الذين اختلفوا مع الأشاعرة في مسألة (العدل الإلهي) فأضافوا (العدل) أصلاً رابعاًوهذا يخالف بالاجمال والتفصيل منهج الكتاب والعترة بالمُطلق.
واذا رجعنا الى كتاب الاعتقادات للشيخ الصدوق(ر) سنجد أنَّ العناوين المذكورة في الكتاب ليس فيها التبويب الخماسي: (التوحيد العدل النبوّة والإمامة والمعاد) وما نجده انه جمع العديد مِن مفردات العقائد الشيعية، وهذا الأمر نفسه عند الشيخ المُفيد(ر) فلا يوجد هذا التقسيم لأصول الدين بأنّها خمسة في كتاب الشيخ المفيد [أوائل المقالات] وكذلك ليس موجوداً في كتابه [تصحيح الاعتقاد] ولا في سائر الكتب القديمة لِعلماء الشيعة الأوائل.
و هذا لا يعني أنّ عقائد الصدوق(ر) والمفيد(ر) ليست مُشتملة على هذهِ المُفردات فهي من منظومتنا العقائدية فالتوحيد مِن مفردات منظومتنا العقائدية في منهج الكتاب والعِترة، وكذلك العدل، ولكن العدل ليس عنواناً قائماً برأسه، ولكنّنا يمكن أن ندرسهُ بشكلٍ مُستقل كما ندرس (الرحمة) فالعدل صِفة من صفات الله، أمّا حِينما نجعل التوحيد أصلاً بِمفرده، والعدل أصلاً بِمفرده، فهذا التقسيم خاطىء؛ لأنّه يكون حينئذٍ التوحيد مِن دون عدل!.
واما التقسيم الخُماسي لأصول الدين فقد ذكره الشيخ الطوسي(ر) فقد قسّم المباحث العقائدية هذا التقسيم قال: ” فيما يلزم المكلف: الذي يلزم المكلف أمران: علم، وعمل. فالعمل تابع للعلم ومبني عليه.والذي يلزم العلم به أمران: التوحيد، والعدل.فالعلم بالتوحيد لا يتكامل إلا بمعرفة خمسة أشياء: أحدها معرفة ما توصل به إلى معرفة الله تعالى، والثاني معرفة الله على جميع صفاته، والثالث معرفة كيفية استحقاقه لتلك الصفات، الرابع معرفة ما يجوز عليه وما لا يجوز، الخامس معرفته بأنه واحد لا ثاني له في القدم.والعدل لا يتم العلم به إلا بعد العلم بأن أفعاله كلها حكمة وصواب، وأنه ليس في أفعاله قبيح ولا إخلال بواجب. ويتفرع من ذلك وجوب معرفة خمس أشياء: أحدها معرفة حسن التكليف وبيان شروطه وما يتعلق به، والثاني معرفة النبوة وبيان شروطها، والثالث معرفة الوعد والوعيد وما يتعلق بهما، والرابع معرفة الإمامة وشروطها، والخامس معرفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر([54])“.
من هنا بدأت أصول الدين الخمسة فقد جاء بها الشيخ الطوسي(ر) وتسالم العلماء عليها فصار تقسيمها إلى أصول الدين وأصول المذهب!، قال الشيخ جعفر كاشف الغطاء: “وهذه المعارف الثلاث أُصول الإسلام، فمن أنكر منها واحداً عرف بالكفر بين الأنام. ولا فرق بين إنكارها من أصلها، وبين عدم معرفتها وجهلها.نعم يحصل الاختلاف في بعض شعوبها وأقسامها وضروبها.فإنّ منها: ما يكون عدم العلم به مكفّراً، من دون فرق بين الإنكار والشكّ والذهول تساهلًا. ومنها: ما يكون كذلك بشرط الإنكار والجحود.ومنها: ما يكون فيه ذلك مع الإنكار والشكّ فقط.وبعضها يلزم منها العصيان دون الكفر، وهو منقسم إلى تلك الأقسام([55])“.
المبحث الثاني: العقيدة في الدعوة إلى الوحدة الإسلامية
قال الشيخ المظفر(ر): (وينجلي لنا حرص آل البيت(عم) على بقاء عز الإسلام وإن كان ذو السلطة من ألد أعدائهم، في موقف الإمام زين العابدين(ع) من ملوك بني أمية، وهو الموتور لهم، والمنتهكة في عهدهم حرمته وحرمه، والمحزون على ما صنعوا مع أبيه وأهل بيته في واقعة كربلا، فإنه ـ مع كل ذلك ـ كان يدعو في سره لجيوش المسلمين بالنصر وللاسلام بالعز وللمسلمين بالدعة والسلامة، وقد تقدم أنه كان سلاحه الوحيد في نشر المعرفة هو الدعاء، فعلم شيعته كيف يدعون للجيوش الإسلامية والمسلمين، كدعائه المعروف ب (دعاء أهل الثغور) الذي يقول فيه: (اللهم صل على محمد وآل محمد، وكثر عددهم،واشحذ أسلحتهم، واحرس حوزتهم، وامنع حومتهم، وألف جمعهم ودبر أمرهم، وواتر بين ميرهم، وتوحد بكفاية مؤنهم، واعضدهم بالنصر، وأعنهم بالصبر، والطف لهم في المكر) إلى أن يقول ـ بعد أن يدعو على الكافرين ـ: (اللهم وقو ـ بذلك محال أهل الإسلام،وحصن به ديارهم، وثمر به أموالهم، وفرغهم عن محاربتهم لعبادتك،وعن منابذتهم للخلوة بك، حتى لا يعبد في بقاع الأرض غيرك، ولا تعفر لأحد منهم جبهة دونك) وهكذا يمضي في دعائه البليغ ـ وهو من أطول أدعيته ـ في توجيه الجيوش المسلمة إلى ما ينبغي لها من مكارم الأخلاق وأخذ العدة للأعداء، وهو يجمع إلى التعاليم الحربية للجهاد الاسلامي بيان الغاية منه وفائدته، كما ينبه المسلمين إلى نوع الحذر من أعدائهم وما يجب أن يتخذوه في معاملتهم ومكافحتهم، وما يجب عليهم من الانقطاع إلى الله تعالى والانتهاء عن محارمه، والاخلاص لوجهه الكريم في جهادهم.وكذلك باقي الأئمة عليهم السلام في مواقفهم مع ملوك عصرهم،وإن لاقوا منهم أنواع الضغط والتنكيل بكل قساوة وشدة، فإنهم لما علموا أن دولة الحق لا تعود إليهم نصرفوا إلى تعليم الناس معالم دينهم وتوجيه أتباعهم التوجيه الديني العالي. وكل الثورات التي حدثت في عصرهم من العلويين وغيرهم لم تكن عن إشارتهم ورغبتهم،بل كانت كلها مخالفة صريحة لأوامرهم وتشديداتهم، فإنهم كانوا أحرص على كيان الدولة الإسلامية من كل أحد حتى من خلفاء بني العباس أنفسهم.وكفى أن نقرأ وصية الإمام موسى بن جعفر(ع) لشيعته: (لا تذلوا رقابكم بترك طاعة سلطانكم، فإن كان عادلا فاسألوا الله بقاه، وإن كان جائرا فاسألوا الله إصلاحه، فإن صلاحكم في صلاح سلطانكم، وإن السلطان العادل بمنزلة الوالد الرحيم فأحبوا له ما تحبون لأنفسكم، وأكرهوا له ما تكرهون لأنفسكم) وهذا غاية ما يوصف في محافظة الرعية على سلامة السلطان أن يحبوا له ما يحبون لأنفسهم، ويكرهوا له ما يكرهون لها ([56])“.
والرد على ما ذكره الشيخ المظفر يكون من خلال مجموعة من المطالب:
المطلب الاول: دعاء اهل الثغور
ان ما ذكره الشيخ المظفر(ر) حول دعاء اهل الثغور غير صحيح وذلك لامور:
الاول: قولهِ: (فإنّه ـ مع كلّ ذلك ـ كان يدعو في سرّه لجيوش المُسلمين) هنا نسال الشيخ المُظفّر(ر): مِن أين علمت أنّ الإمام زين العابدين(ع) كان يدعو في سِرّه..؟! هل أنت مُطّلعٌ على سِرّ الإمام؟! أم أنَّ الإمام أخبرك؟! أم أنَّ الأئمة(ع) مِن بعد إمامنا زين العابدين(ع) أخبرونا بذلك؟! هل هناك روايةٌ في ذلك..؟!، وعند تتبعنا لا نجد هكذا رواية تخبر عن الشيء الذي ذكره.
الثاني: قولهِ: (فعلّم شيعتهُ كيف يدعون للجيوش الإسلامية والمُسلمين) لا نجد في أي رواية ان الإمامُ زين العابدين(ع) علّم شيعتهُ وأصحابه كيف يدعون للجيوش الإسلامية وللمُسلمين.
السادس: اننا اذا رجعنا إلى منطق القرآن الكريم نجده في سُورة الفاتحة يقسّم سُورة الفاتحة الناس إلى ثلاثة أقسام:
* قسم الذين أنعمت عليهم.
* قسم الذين غضِبَ الله عليهم.
* قسم الضالين.. الذين ضلّوا.
هنا نسأل الشيخ المظفر: هل ان هؤلاء الذين يقفون على ثغور بني أُمية مِن أي مجموعةٍ مِن هذهِ المجموعات؟!
فإذا لم يكونوا من مجموعة الذين أنعم الله عليهم، أفلسنا نتبرّأ منهم كُلّما قرأنا سُورة الفاتحة؟!، فإذا كُنّا نتبرأ منهم في صلاواتنا يومياً مِن صلاة الفجر إلى صلاة العشاء، فكيف نأتي بعد ذلك وندعو لهم.؟! وكيف يأتي إمامُنا زين العابدين ويعلّم الشيعة الدعاء لهم.
الثالث: اننا اذا رجعنا إلى منطق القرآن الكريم نجده يقول: (وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيا الَّتي أَرَينَاكَ إِلَّا فِتنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآَنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيانًا كَبِيرًا([57])).
جاء في أحاديثنا أنّ الشجرة الملعونة هُم بنو أُمية نشير الى بعضها:
ـ قال الامام علي(ع) يصف معاوية بقوله: (ولعمر والله ما ألب على عثمان ولا جمع الناس على قتله إلا هو وأشباهه من أهل بيته أغصان الشجرة الملعونة في القرآن، فلما لم أجب إلى ما اشترط من ذلك كر مستعليا في نفسه بطغيانه وبغيه بحمير لا عقول لهم ولا بصائر، فموه لهم أمرا فاتبعوه، وأعطاهم من الدنيا ما أمالهم به إليه([58])).
ـ روى مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد(ع) يقول: (خطب أمير المؤمنين(ع) الناس بالكوفة، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (…وبحق أقول ليضعفن عليكم التيه من بعدي ـ باضطهادكم ولدي ـ ضعف ما تاهت بنو إسرائيل، فلو قد استكملتم نهلا وامتلأتم عللا من سلطان الشجرة الملعونة في القرآن…الخبر([59])).
ـ عن أبي حمزة، قال: دخل سعد بن عبد الملك وكان أبو جعفر(ع) يسميه سعد الخير وهو من ولد عبد العزيز بن مروان على أبي جعفر(ع) فبينا ينشج كما تنشج النساء قال: فقال له أبو جعفر(ع): ما يبكيك يا سعد؟ قال وكيف لا أبكي وأنا من الشجرة الملعونة في القرآن، فقال له: لست منهم أنت أموي منا أهل البيت أما سمعت قول الله عز وجل يحكي عن إبراهيم: (فمن تبعني فإنه مني([60])) ([61]).
ـ قال الامام الحسن(ع) مخاطبا مروان بن الحكم: (…وصدق الله وصدق رسوله يقول الله تبارك وتعالى: (والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا) وأنت يا مروان وذريتك الشجرة الملعونة في القرآن، وذلك عن رسول الله(ص) عن جبرئيل عن الله عز وجل…الخبر([62])).
وكذلك في أحاديث العامة:
ـ عن مولى عبد الرحمن بن عوف: أن عائشة رضي الله عنها، قالت لمروان: ” أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول لك ولأبيك ولجدك: إنكم الشجرة الملعونة في القرآن”.
ـ عن ابن أبي حاتم من حديث عبد الله بن عمرو: ” أن الشجرة الملعونة في القرآن الحكم بن أبي العاص وولده([63]) “.
والحديثُ ليس حديثاً عن قبيلةٍ أو عن أُسرةٍ، وإنّما الحديثُ عن دولتهم، فإنَّ النبي (صلّى الله عليه وآله) رأى في الرُؤيا قِردةً تنزو على مِنبره، إنّها الخلافةُ والسلطنةُ السياسية وليس الإمامة الإلهية الكُبرى فهم منظومةٌ عقائديةٌ دينيةٌ سياسية شيطانية، إنّهُ دينٌ جديد في مُواجهة دين مُحمّدٍ (ص)، فلا يمكن أن يقومَ الإمام زين العابدين(ع) برعايةِ هذهِ الشجرة الملعونة وبحفظها وحراستها.. إنّها شجرةٌ ملعونة.. ونحنُ حين نلعنُ بني أُمية قاطبة إنّنا لا نلعنُ الأفراد والأُسرة، إنّنا نلعنُ المنهج بكُلّ ما يرتبطُ بهِ مِن أُسرةٍ وأفراد ودين وتفاصيل ومُصطلحات إلى كُلّ ما يرتبطُ بهم.
ونلاحظ في مُصطلح “الشجرة الملعونة” هناك ألف ولام، يعني أنّها ملعونة بكُلّ حقيقتها وبكُلّ ارتباطاتها وبكُلّ انتماءاتها وبكُلّ ما يتعلّق بها، فإنّ الّلعنة الكاملةُ تحفّها من جميع الاتجاهات، فلا يمكن أنّ نتصوَّر أنّ الإمام زين العابدين(ع) يدعو بدعاءٍ عالي القيمة لأعوان بني أمية.
الرابع: قال علقمة بن محمد الحضرمي: قلت لأبي جعفر(ع): علمني دعاء أدعو به في ذلك اليوم إذا انا زرته من قريب، ودعاء أدعو به إذا لم إزره من قريب وأومأت إليه من بعد البلاد ومن داري، قال: فقال:…قل: (…يا سيدي يا أبا عبد الله اني أتقرب إلى الله والى رسوله والىأمير المؤمنين والى فاطمة والى الحسن واليك صلى الله عليك وعليهم، بموالاتك والبراءة من أعدائك وممن قاتلك، ونصب لك الحرب، ومن جميع أعدائكم، وبالبراءة ممن أسس الجور وبنى عليه بنيانه، واجري ظلمه وجوره عليكم وعلى أشياعكم. برئت إلى الله واليكم منهم، وأتقرب إلى الله ثم إليكم بموالاتكم وموالاة وليكم، والبرأة من أعدائكم ومن الناصبين لكم الحرب،والبرأة من أشياعهم واتباعهم…([64])). فقوله(ع): (وبالبرائةِ مِمّن قاتلكَ ونَصَب لكَ الحرب…) إنّ البراءةُ هنا هي البراءةُ الفِكريةٌ، والقوليةٌ،و العاطفيةٌ،و الفِعليةٌ، ومن هنا فلا يمكن للإمام زين العابدين(ع) أن يقوم بهذا الأمر في الوقت يربّوننا بهذه الطريقة.
الخامس: روي بسند صحيح عن موسى بن عبد الله النخعي قال: قلت لعلي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عم) علمني يا ابن رسول الله قولا أقوله، بليغا كاملا إذا زرت واحدا منكم، فقال: (…قل…فمعكم معكم لا مع عدوكم آمنت بكم، وتوليت آخركم بما توليت به أولكم، وبرئت إلى الله عز وجل من أعدائكم، ومن الجبت والطاغوت، والشياطين وحزبهم الظالمين لكم، والجاحدين لحقكم، المارقين من ولايتكم، والغاصبين لارثكم الشاكين فيكم، المنحرفين عنكم، ومن كل وليجة دونكم، وكل مطاع سواكم، ومن الأئمة الذين يدعون إلى النار…([65])).
فقوله(ع): (وبرئت إلى الله عزَّ وجلَّ مِن أعدائكم) يعني برئت من الشجرة الملعونة بكُلّ تفاصيلها مِن جُذورها، وظِلالها، وترابها، وأوراقها، وأغصانها….
السابع: عند تصفّح دعاء أهل الثغور نجده(ع) يقول:
ـ (اللهمّ صلّ على مُحمّدٍ وآلهِ، وعرّفهم ما يجهلون، وعلّمهم ما لا يعلمون، وبصّرهُم ما لا يبصرون. الّلهُمّ صل على مُحمّدٍ وآله، وأنسِهم عند لقائهم العدوّ ذِكْر دُنياهم الخدّاعة الغَرور، وامحُ عن قُلوبهم خطرات المال الفتون، واجعلْ الجنّة نصب أعينهم، ولوّح منها لأبصارهم ما أعددت فيها مِن مساكن الخُلد ومنازل الكرامة…).
هنا نسال: هل هذا الكلام يكونُ مناسباً في دُعاءٍ لأراذل جيوش بني امية فيأتي الإمام زين العابدين ليدعو لهؤلاء بهذه العبائر العالية؟!!
ـ (…ولوّح منها لأبصارهم ما أعددت فيها مِن مساكن الخُلد ومنازل الكرامة…) يعني أظهر الجنّة لهم، فالقضية ليست في مقام الموعظةِ ورسم صُورةٍ في الخيال إنّما تظهرُ لهم الجنان، فهل هذا المنطق ينسجم مع أعوان بني أُمية؟!.
وفي كُلّ تأريخنا الإسلامي لا نجد هذا المعنى إلّا ما كان في ليلةِ عاشوراء، فإنَّ الامام الحُسين(ع) أظهر لِصحبهِ ما أظهر من منازلهم ومراتبهم الجنانية.
ـ (وبصّرهُم ما لا يبصرون) يعني اكشف لهم الحقائق، فالإمام يتحدّث هنا عن البصائر وليس عن البصر، وهذا جاء بعد العِلْم والمعرفة، وهل يعقل أن ينسب هذا المعنى لاتباع بني أُمية وجيوشهم.!
ـ (الَّلهمَّ وأيما غازٍ غزاهم مِن أهل مِلّتك، أو مُجاهدٍ جاهدهم مِن أتباع سُنّتك ليكونَ دينكَ الأعلى وحِزبكَ الأقوى وحظُّك الأوفى فلقّهِ اليسْر، وهيئ لهُ الأمر، وتولّه بالنُجح، وتخير لهُ الأصحاب)
كيف يمكن الاقناع أنّ هذه الأوصاف يوجّهها الإمام زين العابدين(ع) لجيوش بني أُمية مِن حُرّاس الحدود..!
ـ (وأيدهُ بالنُصرة، وعلّمه السير والسنن، وسدّده في الحكم، واعزلْ عنه الرياء، وخلّصه من السُمعة، واجعلْ فِكْرهُ وذِكْرهُ وظَعْنَهُ وإقامتهُ فيك ولك) هذه الجُمَل لا يمكن أن تطلَق على الأفراد الصِغار، فهل يدعو الإمام زين العابدين(ع) لكلّ حرسي من حُراس الحدود أن يؤيدهُ بالنُصْرة، وأن يسدّد في الحُكْم هؤلاء الحَرَس؟! هل كُلُّ حرسي من هؤلاء الحَرَس على ثغور بني أُمية يستحق أن يتحدّث عنهُ الإمام زين العابدين بهذه الأوصاف؟! إنّهذهِ أوصاف عالية جدّاً.
فهذهِ الأمثلة من هذا الدعاء لا يمكن أن تنسجم مع الواقع الذي افترضهُ الشيخ المظفر(ر) من أنّ الإمام زين العابدين كان يدعو في سِرّه بهذه المضامين العالية لجيوش بني أُمية.
الثامن: إذا أردنا أن نعود إلى آيات القُرآن وفقاً لمذاقِ اهل البيت(عم) وأردنا أن نعودَ إلى حديثهم فيما يرتبطُ بمنظومة الدُعاء وقوانين الدعاء، هُناك مجموعةٌ مِن يطلقَ عليها: (مجموعةُ قوانين حكمة الدعاء) فالدُعاء تحكمهُ حكمةٌ خاصّة، والدعاء يكونُ مُشتملاً في مضمونهِ على حكمةٍ بِحَسَب نوع الدعاء، بِحَسَب موضوع الدعاء.
ومِن (قوانين حكمة الدعاء) عندنا هذه الأقسام من الدعاء:
1ـ الدعاء المُستجاب: هو الدعاء الذي تتوفّر فيه شُروط الإستجابة، الإنسان يدعو وقد توفّرت فيه شخصياً وفي دُعائهِ شُروط الإستجابة فيستجابُ دُعاءَه وينالُ مُراده، وقد يقعُ تحت هذا العنوان بعضُ الأدعية التي تستجاب ولم تكن قد توفّرت فيها شُروط الإستجابة وهذا الأمر راجعٌ إلى لُطفِ الإمام (عج)، ومن ذلك ما رواه عن السجاد في حديث طويل، قال: قلت لأبي عبد الله(ع): جعلت فداك هذا رجب علمني فيه دعاء ينفعني الله به، قال: فقال لي أبو عبد الله(ع): (اكتب…يا مَن يعطي مَن سأَلهُ، يا مَن يعطي مَن لم يسألهُ ومَن لم يعرفهُ تحنّناً منه ورحمة…الخبر([66]))،فأنّ الدُعاء يمكن أن يستجاب وإنْ لم تتوفّر شروطه. الدُعاء المُستجاب منه ما هو كسبي ومنه ما هو وهبي، والوهبي منهُ قليلٌ، وهو عائدٌ إلى عنايةٍ خاصّةٍ مِن إمام زماننا، فإنَّ الدُعاء لا يستجابُ إلّا بإجازته (عج).
2ـ الدعاء المُجهِد: وهذا الدعاء يستجابُ أيضاً إذا ما توفّرت فيه الشُروط ومن الامثلة على ذلك ما روي عن الامام الرضا(ع) قال: مر علي بن الحسين (عليهما السلام) برجل وهو يدعو الله أن يرزقه الصبر، فقال: ألا لا تقل هذا! ولكن سل الله العافية والشكر على العافية، فإن الشكر على العافية خير من الصبر على البلاء، كان دعاء النبي(ص): (اللهم إني أسألك العافية والشكر على العافية وتمام العافية في الدنيا والآخرة([67])). فالذي لا يعرف أسرار الدعاء وكيف يدعو فلربّما يدعو بدعاءٍ مُجهِد، وقد يستجابُ له بسبب صفاء باطنه، فهو يطلبُ هذا المعنى فيعطى له بِحَسَب دعائه، وبعد ذلك يترتب على ذلك العطاء ما يترتب بِحَسَب قواعد الحكمة.
3ـ الدعاء الملحون: هو الدعاء الذي يشتمل على خطأ مِن جهة البُنية الّلغوية، أو مِن جهة البُنية النحوية، أو مِن جهة البُنية الّلفظية أو مِن جهة البُنية المعنوية. فهذا الدعاء لا يمكن أن يصل بنقصهِ إلى عالم العرش، لابدَّ من تكميلهِ، والإمام المعصوم يتدخّل في تصحيح هذا الخطأ وإكمال النقص، وهو ما جاء في روايايات متعددة منها ما روي عن إسحاق بن عمار قال سمعت أبا عبد الله(ع) يقول: (إن الأرض لن تخلو الا وفيها عالم كلما زاد المؤمنون شيئا ردهم إلى الحق وان نقصوا شيئا أتمه لهم([68])).
4ـ الدعاء المُعلّق: فالأمر الذي يطلبهُ الداعي هو مرتبطٌ بالداعي نفسه، وله أمثلةٌ ذكرتها الروايات، على سبيل المِثال: قال الصادق(ع): (أربع لا يستجاب لهم دعاء:) الرجل جالس في بيته يقول يا رب ارزقني فيقول له: ألم آمرك بالطلب؟ ورجل كانت له امرأة فدعا عليها فيقول به ألم أجعل أمرها بيدك؟ ورجل كان له مال فأفسده فيقول: يا رب ارزقني. فيقول له: ألم آمرك بالاقتصاد، ألم آمرك بالاصلاح؟ ثم قرأ (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) ورجل كان له مال فأدانه بغير بينة فيقول له: ألم آمرك بالشهادة([69]))([70]).
5ـ الدعاء المُعطّل: وهو ما جاء عن رسول الله حين قال: (يا أبا ذر، مثل الذي يدعو بغير عمل، كمثل الذي يرمي بغير وتر([71]))، هناك الكثير من الأدعية التي ندعو بها لن تستجاب، لأنَّهُ يشترطُ في استجابتها أن نكون قد تحرّكنا، قد قُمنا بِعَمَل، على سبيل المِثال: ندعو بتعجيل فرجِ إمام زماننا(عج)، ولكنّنا لا نقومُ بأي عملٍ في هذا الاتجاه.. فكيف يستجابُ دعاؤنا؟!.
6ـ الدعاء الأخرق: وهو أن يدعو الداعي بشيءٍ يتعارض “مع قانون الفيض أو قانون العطاء” والذي يتلخّص في هذه العبارة: “العطاءُ بقدْر القابل” أي بِحَسَب الإستعداد الموجود عند القابل وإلّا سيتحوّل العطاء إلى عطاء أخرق، مثاله: طفل صغير أن يمتلك سيارة صغيرة لُعبة، فيشتري له والده سيارة حقيقية غالية الثمن..!! هذا الموقف موقف أخرق، لأنَّ العطاء يكون بِحَسَب القابل، هذا العطاء عطاءٌ أخرق لم يكن مُنسجماً مع قانون العطاء، وأنَّ الإنسان في بعض الأحيان يطلبُ شيئاً هو ليس مُستعدّاً لقبول العطاء بِخُصوصهِ.. مثلاً:شخصٌ ليس مُتزوّجاً، وقد قطع عهداً على نفسهِ ألّا يتزوّج، وفي نفس الوقت يلحُّ أن يرزقه الله سُبحانه وتعالى ولداً صالحاً فهذا دعاءٌ أخرق، لأنّهُ إذا أراد أن يستجاب دُعاؤه فعليه أن يتزوّج امرأةً يتوقّعُ منها الإنجاب، ويتوقّع منها بِحَسَب تربيتها وأُسرتها أن تنجبَ لهُ ولداً صالحاً، لابُدَّ من هذه المُقدّمات وبعد ذلك الدُعاء.
وبِحَسَب فرضية الشيخ المظفر(ر) من أنَّ الإمام زين العابدين يدعو بدعاء أهل الثغور لجيوش بني أُمية، فإنَّ هذا يندرج تحت بند الدعاء أخرق في حقّ بني أُمية واتباعهم إذْ كيف لهؤلاء حُرّاس الحدود ـ الذين هم مِن أراذل الخَلْق الذين يحرسون الأراذل والأنجاس من بني أُمية ـ، أن يكونوا محلّاً قابلاً لهذا العطاء؟!. فكلامكه بالدلالة الإلتزامية إنّن يصِف الإمام زين العابدين(ع)بهذه الأوصاف حاشاه.
ان ما جاء في دعاء أهل الثغور ينطبق على ما جاء في زيارة الناحية المُقدّسة للشهداء ممّا جاء في آخر الزيارة والخُطاب لأنصار الحُسين(ع): (السلامُ عليكم يا خيرَ أنصار، السلامُ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، بوَّأكم اللهُ مُبوّأ الأبرار، أشهدُ لقد كشَفَ اللهُ لكم الغِطاء، ومهَّد لكم الوطاء، وأجزلَ لكم العطاء([72])).
فقوله (عج): (أشهدُ لقد كشَفَ اللهُ لكم الغِطاء) إنّهُ يتحدّثُ عمّا جرى في ليلة عاشوراء، فقد كُشِف لهم الغطاء واطّلعوا على ما وراء هذا العالم الترابي، يعني أنّ القضية تكون مشمومةً ومسموعةً ومحسوسةً ومرئيةً وملموسةً ومُخالطةً لعقولهم وقلوبهم وأبدانهم، هذهِ إشارات، فنحنُ لا نعرف ما الذي كُشِف لأنصار الحُسين(ع)، والعبارة هُنا حقيقية وليست مجازية بقرينة ما بعدها حين يقول الدُعاء: (ولوّح منها لأبصارهم ما أعددت فيها مِن مساكن الخُلد ومنازل الكرامة)، وكشْفُ الغطاء كُلٌّ بِحَسَبه، ويجب عدم الخلط بين هذا الكلام وبين كلام امير المؤمنين(ع): (لو كُشِفَ لي الغطاء ما ازددت يقيناً([73])) ذلك شيءٌ عن علي(ع) لا شأن لنا به، وهذا شيءٌ عن شيعةِ الحسين(ع).
وعليه فلو فرضنا جدلا أنّ الإمام زين العابدين كان يدعو لحُرّاس الثُغور في دولة بني أُمية، فمِن المُستحيل أن يدعو لهم بهذا الدُعاء، بل يدعو لهم بدُعاءٍ آخر ليس بمرتبة دُعاء أهل الثغور.
العاشر: ان الثابت ان الإمام زين العابدين(ع) كان يدعو على بني امية وجيوشهم في قنوت صلاتهِ يقول الإمام(ع): (الّلهمَّ وإنّك قد أوسعت خلقكَ رحمةً وحلماً، وقد بُدّلت أحكامك، وغيرت سنن نبيك وتمرد الظالمون على خلصائك، واستباحوا حريمك، وركبوا مراكبَ الاستمرار على الجرأة عليك، اللهم فبادرهم بقواصف سَخَطِك، وعواصف تنكيلاتك واجتثاث غضبك، وطهّر البلاد منهم، وعُفّ عنها آثارهم ـ أي أزلهم ولا تبقي لهم أثراً ـ واحطط من قاعاتها ومظانّها منارهم، واصطلمهم ببوارك ـ عذابك ـ حتى لا تبقي منهم دعامة لناجم، ولا علماً لآم ولا مناصاً لقاصد، ولا رائداً لمرتاد. الّلهمَّ امح آثارهم، واطمس على أموالهم وديارهم، وامحقْ أعقابهم، وافكُك أصلابهم، وعجّل إلى عذابك السرمد انقلابهم، وأقم للحقّ مناصبه، واقدح للرشادِ زناده، وأثرْ للثارِ مُثيره، وأيد بالعَون مُرتاده، ووفّر مِن النصْر زاده، حتى يعود الحقُّ بحدبه، وتنيرَ معالمَ مقاصده، ويسلك أهلهُ بالأمنةِ حقَّ سُلوكه، إنّك على كل شيء قدير([74])).
الحادي عشر: ان الصحيفةُ زين العابدينية كتابٌ كَتبهُ الإمام زين العابدين بنفسهِ لِمُجتمعٍ شيعي يفترضُ أن يكون في عصْر الغَيبة، وتحديداً في عصْر الغَيبة الكُبرى، لأنّ عصْر الغَيبة الصُغرى له مِن الخُصوصيات ما له، فهذه الأدعية لا تتناسب مع عصر الإمام زين العابدين(ع)والدليل على ذلك امور:
ـ ان هذهِ الأدعية ليست أدعية للإمام زين العابدين(ع) حتى بهذا المنطق (حَسَنات الأبرار سيئات المُقرّبين) لأنّ ألفاظ الدعاء لا تنسجم مع هذا المنطق، فهناك ادعية يتحدّث عن حالات وأوصافٍ في غايةِ السُوء، لا يمكن أن يتصِف بها الإمام المعصوم بأي حالٍ من الأحوال لأنّنا لو نسبناها إلى الإمام زين العابدين(ع) فهذا نقضٌ لعهد الإمامة، وإنكارٌ للعصمة، وإسقاطٌ لِحُجية الإمام، كما جاء تحت عنوان (وكان مِن دعائه(ع) لأبويه عليهما السلام) فإنّ مضامين هذا الدُعاء لا تتناسب مع الإمام زين العابدين، ولا تتناسب مع سيد الشُهداء، ولا تتناسب حتى مع والدة الإمام زين العابدين الطاهرةِ المُطهّرة.
ـ بالتأمّل في دُعاء يوم عرفة الوارد في الصحيفة يقول الإمام زين العابدين(ع): (الّلهم فأوزعْ لوليك شُكْر ما أنعمت بهِ عليه، وأوزعنا مِثلهُ فيه، وآتهِ مِن لدنكَ سُلطانا نصيرا، وافتح لهُ فتحاً يسيرا، وأعنهُ بركنكَ الأعز، واشددْ أزره، وقوّ عَضُدَه، وراعهِ بعينك، واحمه بحفظك وانصرهُ بملائكتك، وامددهُ بجندك الأغلب، وأقمْ به كتابكَ وحُدودك وشرائعكَ وسنن رسولك صلواتكَ الَّلهم عليهِ وآله، وأحي به ما أماتهُ الظالمون مِن معالم دينك، واجلُ به صدأ الجور عن طريقتك، وأبنْ به الضرّاء مِن سبيلك، وأزلْ بهِ الناكبين عن صراطك، وامحقْ به بُغاةَ قَصدكَ عِوَجاً، وألنْ جانبهُ لأوليائك، وابسط يدهُ على أعدائك، وهبْ لنا رأفتهُ ورحمتهُ وتعطّفهُ وتحنُّنهُ، واجعلنا لهُ سامعين مطيعين، وفي رضاه ساعين، وإلى نُصرته والمدافعةِ عنه مكنفين، وإليكَ وإلى رسولك صلواتكَ الَّلهم عليهِ وآله بذلك مُتقرّبين([75])).فهذا المقطع من الدعاء يتحدّث عن الإمام المهدي (عج) فإنَّ نفس الّلحن ونفس الألفاظ ونفس الكلمات التي نقرؤُها في أدعية الفرج في عصْر الغَيبةِ الكُبرى. لكن هذا المُجتمع الشيعي الذي كان يفترض أن يكون في عصْر الغَيبة الكُبرى لم يتحّقق، واتي جائت أوصافهُ في رواية أبي خالدٍ الكابلي وهو يتحدَّث عن أوصاف المُنتظرين في زمان الغَيبة.. يقول: (يا أبا خالد: إنّ أهل زمان غيبتهِ القائلين بإمامته والمُنتظرين لظُهوره أفضلُ أهل كلّ زمان؛ لأنّ الله تعالى ذكره أعطاهم مِن العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغَيبةُ عندهم بمنزلة المُشاهدة، وجعلهم في ذلك الزمان بمَنزلة المُجاهدين بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بالسيف، أولئكَ المُخلصون حقّاً وشيعتنا صِدْقاً والدُعاة الى دين الله سرّاً وجهراً([76])).
المطلب الثاني: موقف الائمة(ع) من السلطان
قال الشيخ المظفر(ر): (وكذلكَ باقي الأئمة في مواقفهم مع ملوك عصرهم…([77])) ثم أوردَ أحاديث استدل بهذ على صحة قوله.
وفي معرض الجواب على ما ذكره نقول:
اولاً: ان ما أُورده عن الإمام الكاظم(ع) هو في باب التقية والدليل على ذلك ان الحر العاملي اورده في وسائل الشيعة في كتابُ الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر، وعنونه: باب وجوب طاعة السُلطان للتقية([78]).
ثانيا: ان الأبواب السابقة لهذا الباب والأبواب الّلاحقة هي في باب التقية، والشيخ المُظفّر(ر) ينتخب منها روايةً ويوهِمُ القارئ أنّها صدرت عن الإمام الكاظم(ع) لعموم شِيعتهِ يوصيهم فيها بطاعةِ السُلطان.!
ثالثا: ان الامام ذكر بنفسه ان هذه الرواية من روايات تقية، يقول الإمام الكاظم(ع) مِن حديثٍ طويل: (لولا أنّي سمعت في خبرٍ عن جدّي رسول الله(ص) أنَّ طاعةَ السلطانِ للتقية واجبة إذاً ما أجبت). وقد علق الشيح الحر العاملي بعد ارادها بقوله: “أقول: وتقدم ما يدل على ذلك، ويأتي ما يدل عليه ([79])“.
________________________
([1]) عقائد الإمامية، محمد رضا المظفر، ص37 ـ 126، الوفاة: 1383، تقديم: الدكتور حامد حفني داود، الناشر: انتشارات أنصاريان ـ قم ـ ايران.
([3]) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، الناشر: مؤسسة الوفاء ـ بيروت ـ لبنان، ج90 ص118.
([4]) الاحتجاج، الشيخ الطبرسي، ج 1 ص357، الوفاة: 548هـ،تعليق وملاحظات: السيد محمد باقر الخرسان، سنة الطبع: 1386 ـ 1966 م، الناشر: دار النعمان للطباعة والنشر ـ النجف الأشرف
([5]) تفسير نور الثقلين، الحويزي، الوفاة: 1112، تصحيح وتعليق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي، الطبعة: الرابعة، سنة الطبع: 1412 ـ 1370 ش، المطبعة: مؤسسة إسماعيليان، الناشر: مؤسسة إسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع ـ قم، ج1 ص118.
([6]) المزار، محمد بن جعفر المشهدي،، ص579.
([8]) حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَنَزَلْنَا بِغَدِيرِ خُمٍّ، فَنُودِيَ فِينَا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، وَكُسِحَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ شَجَرَتَيْنِ، فَصَلَّى الظُّهْرَ، وَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَقَالَ: ” أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؟ ” قَالُوا: بَلَى، قَالَ: ” أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ؟ ” قَالُوا: بَلَى، قَالَ: فَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ، فَقَالَ: ” مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ، فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ، وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ ” قَالَ: فَلَقِيَهُ عُمَرُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَالَ: ” لَهُ هَنِيئًا يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ، أَصْبَحْتَ وَأَمْسَيْتَ مَوْلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ، وَمُؤْمِنَةٍ “. مسند الإمام أحمد بن حنبل، المؤلف: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني (المتوفى: 241هـ، المحقق: شعيب الأرنؤوط ـ عادل مرشد، وآخرون، إشراف: د عبد الله بن عبد المحسن التركي، الناشر: مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى، 1421 هـ ـ 2001 م، ج30 ص 430.
([10]) تفسير القمي، علي بن إبراهيم القمي، الوفاة: نحو 329، تصحيح وتعليق وتقديم: السيد طيب الموسوي الجزائري، الطبعة: الثالثة، سنة الطبع: صفر 1404، الناشر: مؤسسة دار الكتاب للطباعة والنشر ـ قم ـ ايران، ج2 ص61.
([11]) أَخْبَرَنِي الْفَقِيهُ الْأَجَلُّ أَبُو الْفَضْلِ شَاذَانُ بْنُ جَبْرَئِيلَ الْقُمِّيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ(امامي ثقة)، عَنِ الْفَقِيهِ الْعِمَادِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْقَاسِمِ الطَّبَرِيِّ(امامي ثقة)، عَنْ أَبِي عَلِيٍّ(امامي ثقة)، عَنْ وَالِدِهِ(امامي ثقة)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ(امامي ثقة)، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ جَعْفَرِ بْنِ قُولَوَيْهِ(امامي ثقة)، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيِّ(امامي ثقة)، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ(امامي ثقة)، عَنْ أَبِيهِ(امامي ثقة)، عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ رُوحٍ (امامي ثقة)وَ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ الْعَمْرِيِّ(امامي ثقة)، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْعَسْكَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا، وذَكَرَ أَنَّهُ(ع) زَارَ بِهَا فِي يَوْمِ الْغَدِيرِ فِي السَّنَةِ الَّتِي أَشْخَصَهُالْمُعْتَصِمُ.
([12]) المزار، محمد بن جعفر المشهدي، تحقيق: جواد القيومي الاصفهاني، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: رمضان المبارك 1419، المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي، الناشر: نشر القيوم ـ قم ـ ايران، ص269.
([13]) حدثنا علي بن المنذر كوفي حدثنا محمد بن فضيل قال حدثنا الأعمش عن عطية عن أبي سعيد والأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن زيد بن أرقم رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما.
قال الترمذي: وهذا حديث حسن غريب
قال الشيخ الألباني: صحيح، الجامع الصحيح سنن الترمذي، المؤلف: محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي، الناشر: دار إحياء التراث العربي ـ بيروت، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون، الأحاديث مذيلة بأحكام الألباني عليها، ج5 ص663.
([14]) علي بن إبراهيم (امامي ثقة) عن أبيه (امامي ثقة)عن حماد بن عيسى (امامي ثقة)عن حريز (امامي ثقة)عن زرارة(امامي ثقة).
([16]) الكافي،الشيخ الكليني، الوفاة: 329، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، الطبعة: الخامسة، سنة الطبع: 1363 ش، المطبعة: حيدري، الناشر: دار الكتب الإسلامية ـ طهران، ج1 ص185 ـ 186.
([18]) شرح أصول الكافي، محمد صالح المازندراني، الوفاة: 1081، مع تعليقات: الميرزا أبو الحسن الشعراني / ضبط وتصحيح: السيد علي عاشور، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1421 ـ 2000 م، المطبعة: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع، الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع ـ بيروت ـ لبنان، ج8 ص245.
([19]) الكافي،الشيخ الكليني، ج1 ص201.
([20]) بصائر الدرجات، محمد بن الحسن بن فروخ (الصفار)، الوفاة: 290، تصحيح وتعليق وتقديم: الحاج ميرزا حسن كوچه باغي، سنة الطبع: 1404 ـ 1362 ش، المطبعة: مطبعة الأحمدي ـ طهران، الناشر: منشورات الأعلمي ـ طهران، ص546.
([23]) بصائر الدرجات، محمد بن الحسن بن فروخ (الصفار)، ص51.
([24]) الأمالي، الشيخ الصدوق، الوفاة: 381، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية ـ مؤسسة البعثة ـ قم، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1417،
الناشر: مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة، ص157.
([25]) الغارات، المؤلف: إبراهيم بن محمد الثقفي الكوفي، الوفاة: 283، تحقيق: السيد جلال الدين الحسيني الأرموي المحدث، ج1 ص63.
([26]) البرهان في تفسير القرآن، السيد هاشم البحراني، الوفاة: 1107، تحقيق: قسم الدراسات الاسلامية / مؤسسة البعثة ـ قم، ج1 ص53.
([27]) علل الشرائع، الشيخ الصدوق، الوفاة: 381، تقديم: السيد محمد صادق بحر العلوم، سنة الطبع: 1385 ـ 1966 م، الناشر: منشورات المكتبة الحيدرية ومطبعتها ـ النجف الأشرف، ج1 ص9.
([28]) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، الوفاة: 1111، تحقيق: الشيخ عبد الزهراء العلوي، سنة الطبع: 1403 ـ 1983 م، الناشر: دار الرضا ـ بيروت ـ لبنان، ج29 ص223.
([29]) المصدر السابق، ج 36 ص336.
([34]) المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج91 ص182.
([35]) محمد بن يحيى (امامي ثقة)، عن أحمد بن محمد (امامي ثقة)، عن الحسن بن محبوب (امامي ثقة)، عن عبد الله بن غالب (امامي ثقة)، عن جابر(امامي ثقة).
([37]) الكليني، الكافي، ج1 ص215.
([38]) علي بن إبراهيم (امامي ثقة)، عن محمد بن عيسى (امامي ثقة)، عن يونس بن عبد الرحمن (امامي ثقة)عن حماد (امامي ثقة)، عن عبد الاعلى(امامي ثقة).
([40]) الكليني، الكافي، ج1 ص190.
([42]) الكليني، الكافي، ج1 ص371.
([43]) الطوسي، مصباح المتهجد، الوفاة: 460، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1411 ـ 1991 م، الناشر: مؤسسة فقه الشيعة ـ بيروت ـ لبنان، ص289.
([44]) علي بن إبراهيم (امامي ثقة)، عن أبيه (امامي ثقة)، وعن عبد الله بن الصلت (امامي ثقة) جميعا عن حماد بن عيسى (امامي ثقة)، عن حريز بن عبد الله (امامي ثقة)، عن زرارة (امامي ثقة).
([45]) الكليني، الكافي، ج2 ص19.
([46]) محمد بن يعقوب (امامي ثقة)، عن محمد بن يحيى (امامي ثقة)، عن محمد بن الحسين (امامي ثقة)، عن صفوان بن يحيى (امامي ثقة)، عن العلاء بن رزين (امامي ثقة)، عن محمد بن مسلم (امامي ثقة).
([47]) الكليني، الكافي، ج1 ص184.
([48]) عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ (امامي ثقة)عَنِ الصَّفَّارِ (امامي ثقة) عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ(امامي ثقة) عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ (امامي ثقة)عَنْ عَلِيِّ بْنِ عُقْبَةَ (امامي ثقة) عَنْ أَبِيهِ عُقْبَةَ بْنِ خَالِدٍ(امامي ثقة) عَنْ مُيَسِّرٍ(امامي ثقة).
([49]) الحر العاملي، وسائل الشيعة (آل البيت)، الوفاة: 1104، تحقيق: مؤسسة آل البيت(ع) لإحياء التراث، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1414، المطبعة: مهر ـ قم، الناشر: مؤسسة آل البيت(ع) لإحياء التراث بقم المشرفة، ج 1 ص 123.
([50]) محمد بن علي (امامي ثقة)، عن ابن أبي نجران (امامي ثقة)، عن عاصم (امامي ثقة)، عن أبي حمزة(امامي ثقة).
([51]) الصدوق، من لا يحضره الفقيه،الوفاة: 381، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، ج2 ص245.
([52]) مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى(امامي ثقة) عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ(امامي ثقة) وعَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا (امامية ثقات)عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ (امامي ثقة)جَمِيعاً عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ (امامي ثقة)عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ (امامي ثقة)عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ أَبِي الْعَلَاءِ(امامي ثقة).
([53]) ابن محبوب (امامي ثقة)عن هشام بن سالم(امامي ثقة)، عن عبدالحميد بن أبي العلاء(امامي ثقة).
([54]) الاقتصاد، الشيخ الطوسي، ص6، الوفاة: 460هـ، سنة الطبع: 1400، المطبعة: مطبعة الخيام ـ قم، الناشر: منشورات مكتبة جامع چهلستون ـ طهران.
([55]) كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء (ط.ج)، الشيخ جعفر كاشف الغطاء، ج 1 ص61، الوفاة: 1228، تحقيق: مكتب الإعلام الإسلامي ـ فرع خراسان ـ المحققون: عباس التبريزيان، محمد رضا الذاكري (طاهريان) وعبد الحليم الحلي، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1422 ـ 1380 ش، المطبعة: مطبعة مكتب الإعلام الإسلامي، الناشر: مركز انتشارات دفتر تبليغات اسلامى (مركز النشر التابع لمكتب الإعلام الإسلامي).
([56]) عقائد الإمامية، محمد رضا المظفر، 117 ـ 119.
([58]) الخصال، الشيخ الصدوق، ص: 379، الوفاة: 381هـ، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، سنة الطبع: 18 ذي القعدة الحرام 1403 ـ 1362 ش، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
([59]) الإرشاد، الشيخ المفيد، ج 1 ص291، الوفاة: 413هـ، تحقيق: مؤسسة آل البيت(ع) لتحقيق التراث، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1414 ـ 1993 م، الناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع ـ بيروت ـ لبنان.
([61]) الاختصاص، الشيخ المفيد، ص: 58، الوفاة: 413هـ، تحقيق: علي أكبر الغفاري، السيد محمود الزرندي، الطبعة: الثانية، سنة الطبع: 1414 ـ 1993 م، الناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع ـ بيروت ـ لبنان.
([62]) الاحتجاج، الشيخ الطبرسي، ج 1 ص416.
([63]) عمدة القاري،العيني، ج 19 ص30، الوفاة: 855هـ، المطبعة: بيروت ـ دار إحياء التراث العربي، الناشر: دار إحياء التراث العربي.
([64]) كامل الزيارات، جعفر بن محمد بن قولويه، ص: 330، الوفاة: 367هـ، تحقيق: الشيخ جواد القيومي، لجنة التحقيق، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: عيد الغدير 1417هـ، المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي، الناشر: مؤسسة نشر الفقاهة.
([65]) من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج2 ص906، الوفاة: 381هـ، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
([66]) إقبال الأعمال، السيد ابن طاووس، ج 3 ص211، الوفاة: 664هـ، تحقيق: جواد القيومي الاصفهاني، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: محرم الحرام 1416، المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي، الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
([67]) مشكاة الأنوار في غرر الأخبار،علي الطبرسي، ص: 450، الوفاة: ق 7، تحقيق: مهدي هوشمند، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1418، المطبعة: دار الحديث، الناشر: دار الحديث.
([68]) بصائر الدرجات،محمد بن الحسن بن فروخ (الصفار)، ص: 352، الوفاة: 290هـ، تصحيح وتعليق وتقديم: الحاج ميرزا حسن كوچه باغي، سنة الطبع: 1404 ـ 1362 ش، المطبعة: مطبعة الأحمدي ـ طهران، الناشر: منشورات الأعلمي ـ طهران.
([70]) الدعوات (سلوة الحزين)، قطب الدين الراوندي، ص: 34، الوفاة: 573هـ،تحقيق: مدرسة الإمام المهدي(ع)، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1407،المطبعة: أمير ـ قم، الناشر: مدرسة الإمام المهدي(ع) ـ قم.
([71]) الأمالي، الشيخ الطوسي، الوفاة: 460هـ، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية ـ مؤسسة البعثة، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1414، الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزيع ـ قم.
([72]) المزار، محمد بن جعفر المشهدي، ص: 495، الوفاة: ق 6، تحقيق: جواد القيومي الاصفهاني، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: رمضان المبارك 1419، المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي،الناشر: نشر القيوم ـ قم ـ ايران.
([73]) الفوائد الطوسية، الحر العاملي، ص: 538، الوفاة: 1104هـ، علق عليه وصححه: السيد مهدي اللازوردي والشيخ محمد درودي، سنة الطبع: شعبان 1403، المطبعة: المطبعة العلمية ـ قم.
([74]) مهج الدعوات ومنهج العبادات، السيد ابن طاووس، ص50، الوفاة: 664هـ، الناشر: كتابخانه سنائى.
([75]) الصحيفة السجادية، الإمام زين العابدين(ع)، ص: 220، الوفاة: 94هـ، الطبعة: الأولى، سنة الطبع: 1418، الناشر: دفتر نشر الهادي(ع)، قم ـ ايران.
([76]) الاحتجاج، الشيخ الطبرسي، ج 2 ص50.
([77]) عقائد الإمامية، الشيخ محمد رضا المظفر، ص118.