أحدث المقالات

قراءة للمناشئ والتبعات الاجتماعية

ترجمة: محمد عبد الرزاق

تمهيد ــــــ

تعد مهمة تطهير المجتمع من المعتقدات الباطلة من أحمز وأصعب المهام التبليغية الملقاة على عاتق الأنبياء. فمن المعلوم أن استئصال الخرافة المترسِّخة في أذهان الناس لأزمان متمادية والمتأطرة في إطار المعتقد يتطلب جهداً شاقاً إلى أبعد الحدود، لكنه في الوقت ذاته يبقى أمراً ممكناً أيضاً. أما صعوبته ومشقته القصوى فلما يحمل الأفراد من تزمُّت تجاه معتقداتهم، الأمر الذي سيشكل عائقاً أمام فهم الرأي الآخر. وعليه باتت هذه المهمة تتطلب تحمُّلاً وصبراً من أجل محاربة الخرافات المستشرية في الأذهان.

وأما الإمكانية والتحقق فذلك نابع من كون الإنسان كائناً حرَّ الإرادة وله قدراته على التفكير، فإذا ما حاول إعادة النظر في آرائه ومعتقداته، ومحّصها وفقاً لمعايير صحيحة، فسيكون هناك أمل برفضها والإعراض عنها([1]) .

لا يختلف اثنان في الإقرار بضرورة محاربة الخرافات في عصرنا الحاضر، ولاسيما إذا كان الموضوع يتعلق بالثوابت الدينية العقدية، من قبيل: العقيدة المهدوية. فعلى الرغم من أنها بمثابة الماء الطهور، الذي أينما سال أحيا الأرض، فتتفتَّق فيها البراعم والزهور، إلا أنها إذا تعرَّضت إلى أجواء موبوءة وأيدٍ خبيثة ستبدأ بافتقاد رونقها السابق وصفائها الذاتي. إذاً فالخرافات هي من أخطر العناصر التي تهدد العقيدة المهدوية.

وتكمن الصعوبة في مجابهة الخرافة في أن حياة الإنسان على ارتباط وثيق جداً بالخرافات بشكل عام، لذا فهو يلجأ إليها بحثاً عن الراحة والطمأنينة وحماية نفسه من المخاطر المحدقة به، وجلباً للمنافع الشخصية وما إلى ذلك. ومن جهة أخرى فإننا كلما أصّلنا التعاليم الدينية والعقائد ـ ولا سيما المهدوية ـ داخل المجتمع كلما ساعد ذلك على إلغاء موجبات ظهور الخرافات فيه، والحدّ من آثارها السلبية؛ كما نبقى نسير في الاتجاه الصحيح نحو المدينة المهدوية الفاضلة.

 

الخرافة في الدلالة اللغوية والاصطلاحية ــــــ

تطلق الخرافة (Abengloabe) وقيل: إنه يراد بها الحكاية الممتعة والمفتعلة([2]).

للخرافات([3]) والخرافة معنيان، هما: الاعتباط؛ والأساطير. أما في اللغة العربية فإن «خرافة» هو اسم لرجل من قبيلة «بني عذرة» أو «جهينة»، اختطفته العفاريت لمدة، ثم حين عاد إلى قومه أخذ يقصّ عليهم قصصاً عجيبة تثير لديهم الدهشة، فكذَّبوه، فبات يقال: «كلام خرافة». وبعد ذلك استخدمت اللفظة من قبلهم في كل حديث كاذب أو كلّ كلام ممتع ومثير للدهشة. ولعل السبب في تسمية هذا النوع من الحكايا بالخرافة كون مادة الخرف بمعنى زوال العقل في الشيخوخة.

أما في الاصطلاح فللخرافة معانٍ، منها([4]):

1ـ الإيمان بأن بعض الأفعال أو الكلمات أو الأعداد أو بعض المدركات الحسية هي التي تقف وراء سعادة الأفراد أو شقائهم.

2ـ كل عقيدة باطلة، أو ضعيفة.

3ـ كل عقيدة أو دين يتعدى الحدود الطبيعية، فيبالغ في تصوُّر عناصره.

والخرافة في الدين([5]) تعني ابتعاد الوعي الديني عن هدفه، فيعتمد الفرد على جملة من الممارسات؛ إيماناً منه بدورها الفاعل في رسم أطر سعادته.

وتطلق المعتقدات الخرافية (superstition)([6]) على الأفكار القديمة، المفتقدة للأدلة الملموسة.

ويذهب بعض الفلاسفة ـ في هذا السياق ـ إلى أن العقيدة الدينية إذا لم تؤسَّس على العقل فإنها لن تتعدى حدود الخرافة، وأن العقل الخرافي هو ضدّ العقل العلمي. أما العقل الأسطوري فهو العقل الصانع للخرافة والملفِّق للأسطورة، الذي يحيل افتعالات الخيال الواهمة إلى حقائق واقعية([7]).

 

أنواع الخرافة ــــــ

تصنّف أنواع الخرافات حسب المجالات التي تشهد انتشار الأفكار الباطلة فيها، من قبيل: مجالات التاريخ، والمعتقدات الدينية، والمجالات العملية، والاجتماعية، والأدبية، و… يقول (ويل ديورانت) في هذه الصدد: «ليس ثمة خرافة من خرافات العهود القديمة إلا وقد تركت بصمتها على الحياة في الوقت الحاضر». وهذا الكلام مؤيِّد لنظرية تفيد بأن الخرافات لا تحدّ بزمان أو مكان([8]).

كما تقسم الخرافات من حيث الطابع الفردي والجماعي إلى ثلاثة أقسام:

أـ الخرافات ذات الطابع الفردي، والخرافات الشخصية. وتشمل العقائد والعادات التي يبتدعها الفرد بنفسه من أجل تحديد نحسه وسعده، دون أن يطرحها على الآخرين ويكشف عنها. فمن الناس مَنْ يحمل إيماناً وعقيدة راسخة بطقوسه وتنبؤاته الخاصة، ولا يفصح عنها للآخرين([9]).

ب ـ الخرافات التابعة لجماعة ما([10]). وتشمل المعتقدات الباطلة التي تنفرد بها مجموعة من الناس أو أقلية من المجتمع العام. ولا شك أن أخطار هكذا نوع من التخلف السلوكي وما تتركه من تبعات ستضر بصورة مباشرة بأصحابها، كما ستضر أيضاً بأفراد المجتمع ككُلٍّ بصورة غير مباشرة. وهذا نموذجٌ من هذه الخرافات الشائعة بين العوام في ما يخص العقيدة المهدوية: حصل ذات مرة، وقبل بضع سنوات، أن شهد مسجد جمكران المقدسة في مدينة قم بعض التعديلات المعمارية على جنبات محرابه، بزخارف شبكية رائعة، فخيل لجملة من الزائرين أن هذه البقعة بالتحديد هي موضع صلاة الإمام الحجة# التي يصلي فيها دائماً، فتجمعوا حولها بالتبتل والأذكار وتقديم النذور والهدايا. وقد تحول هذا التصور إلى خرافة اجتماعية تصدى لها العلماء الأعلام؛ الأمر الذي يكشف لنا عن مدى أهمية دور النخب الدينية في طرد الخرافات ومحاربتها.

ج ـ الخرافات ذات الطابع الاجتماعي والسياسي. ويراد بها تلك الأفكار الواهمة والعاطفية التي لا تستند إلى الواقع، ثم تأخذ منحى المبادئ القومية وشبه الدينية؛ فيؤمن بها معظم أفراد المجتمع، ويتمسكون بها، ويغرمون بها إلى حدّ أنهم مستعدّون للتضحية بأموالهم وأنفسهم من أجل الحفاظ على كيانها واستمرارية بقائها، أمثال: مذاهب الطوطمية، والإحيائية، والوثنية، و…([11]).

وهذا النوع من الخرافات يتجلّى لا محالة في السلوك، ولهذا يسهل التعرُّف عليه([12]).

ليست الخرافات عاملاً في تلاقي الأفراد في المعتقدات المشتركة فحسب، بل من شأنها إقامة العلاقات الاجتماعية فيما بينهم، وتوحيدهم بغية تحقيق الأهداف من وراء العقائد المشتركة([13]). ومثال ذلك: ما يُزعم في مجالس العزاء النسوية والأمسيات الدُّعائية من اتصال البعض بالإمام الحجة#، حيث أخذت هذه الفكرة بالانتشار السريع داخل المجتمع، وبدأت تخلِّف تبعات متعددة فيه، بحيث باتت رؤية الإمام واللقاء به أمراً في متناول الجميع، أي إنه بإمكان كل شخص ـ أيّاً كانت سلوكياته ـ ادّعاء لقاء الإمام، حتى وإن كان مخالفاً وغير ملتزم بالقيم والتعاليم الدينية. وبالتالي فإن ذلك يؤدّي إلى إلغاء قدسية هذا النوع من اللقاء. وقد نتج عن انتشار هذه الفكرة بين الناس تراجع مصداقية شواخص المهدوية الطبيعية.

أما بالنسبة للخرافات السياسية فهي تشمل الأفكار المضلِّلة والمنحطة التي تستغلها بعض الجماعات المتشدِّدة أو بعض الأحزاب خاصة ـ من قبيل: رابطة الحجّتية في إيران ـ، والأجهزة الحاكمة، والمستبدون من زعامات السياسية الصهيونية؛ إشباعاً لرغبات حب السلطة والاستكبار، فيعمد كل واحد منهم إلى نيل مبتغياته عبر اللعب على وتر المشاعر المقدسة ـ في الظاهر ـ لدى القوميات والقبائل وغيرهم([14]).

فمما ينطبق على هذا النوع من الخرافات في مجال المهدوية الخرافاتُ الصهيونية على صعيد الأفلام السينمائية، من قبيل: «أسطورة آخر الزمان»، وما يرتبط بها من نبوءات وردت في أفلام «نوستراداموس»، و«آرماغدون»، و«يوم الاستقلال». وتفيد هذه الخرافة والأسطورة بأن ثمة كارثة عظمى تهدِّد حياة البشر، وأن رحى الحرب بين الخير والشر ستدور في بقعة خاصة من الكرة الأرضية، لكن اتّساعها سيعمّ العالم بأسره، فتلجأ الشعوب المحبطة ـ في القضاء على الشيطان ـ إلى البحث عن النوابغ في العالم، أي الأمريكيين من أجل إنقاذ البشر([15]).

ومن الخرافات التي استغل فيها عنصر المشاعر الدينية موضوعة ظهور المنجي والسفر إلى الموطن الموعود. فقد حظيت هذه المسألة بحضور واهتمام خاص؛ نظراً لكون فكرة نهاية العالم وظهور الرجل المنقذ حاضرة في جميع الأفكار والأديان تقريباً. وقد عمدت الصهيونية العالمية إلى تحريف الفكرة ومصادرتها من خلال بثّ الخرافات ونشرها بشتى الطرق، من قبيل: ما حصل في بعض الأفلام، أمثال: «عالم الماء»، و«عناقيد الغضب»، والفيلم الشهير «ماتريكس»([16])؛ حيث تمّ تناول أساطير اليهود القديمة بنوع من الرمزية، وطرح قصة ظهور المنجي والسفر إلى مدينة اليهود الفاضلة زايان([17])، وتصوير مشاهدها([18]).

لقد مارست الصهيونية العالمية نوعاً من العولمة الأسطورية، من خلال بثّ الخرافات عن طريق الأفلام السينمائية؛ بهدف تلقين معتقداتهم الخرافية في موضوعات «نهاية العالم»، و«ظهور المنجي»، وغيرها، إلى كافة الشعوب والأديان الأخرى.

 

الخرافة ومناشئها ــــــ

نظراً لكون الخرافات ذات طبيعة غير اعتيادية وسرية ـ نوعاً ما ـ فإن الدراسات في مجالها نادرة أيضاً. ومناشئ الخرافة إما داخلية؛ أو خارجية:

 

1 ـ المناشئ الداخلية ــــــ

تعد قوة التخيُّل لدى الإنسان من عوامل تبلور الخرافة؛ بحيث إنها تجعل الأوهام والخيالات الذهنية محلّ الواقعيات. ويرى بعضهم أن حب الخرافة من ذاتيات الإنسان، وهي تستمد وجودها من قدرته على التخيل وخصوبتها. لذا يشهد كل عصر خرافات جديدة، كما أن الخرافات القديمة باقية أيضاً، وتتغير أشكالها بمرور الزمن([19]).

ويرى العلامة الطباطبائي في هذه الصدد أن الإنسان في آرائه يصدر عن مقتضى فطرته الاستطلاعية الباحثة عن الكمالات، لذا فهو غير مستعد أبداً للإذعان بالآراء الخرافية والانقياد إليها بطريقة عمياء، إلا أن أحاسيسه الباطنية المفعمة بالخوف والرجاء هي التي تجره في أغلب الأحيان إلى الاستجابة في تصوراته إلى بعض الخرافات. وهذه العواطف والأحاسيس هي الدافع وراء الإيمان بالخرافة؛ لأن خيال الإنسان سيخلق في ذهنه صوراً مقلقة أو مطمئنة. هنا يقوم الخيال بإثارة الحالة الدفاعية عند الإنسان لكي يكون بصدد اتخاذ الحلول المجدية في دفع خطر الموجودات المفترضة، بل قد يؤثِّر على الآخرين أيضاً، ويرغمهم على اتخاذ التدابير؛ تجنباً لما وقع هو فيه من خطر. ولهذا تشيع الخرافة وتنتشر([20]).

وهكذا الحال على صعيد العقيدة المهدوية، حيث يستبدل البعض الأفكار والأوهام الخيالية فيحلها محل مبادئ المهدوية، ويعمل على نشرها، ثم يأتي دور الآخرين، فيقودهم عدم تسلُّحهم بالمعرفة المطلوبة لمبادئ المهدوية، وتخوفهم من احتمال مخالفة السياقات الدينية، إلى الانصياع للعقائد الباطلة والخرافية. وبهذا تأخذ الخرافة بالتوسُّع والانتشار. وعليه فإن للخرافة في المهدوية منشأً داخلياً يؤدي إلى زلزلة الإيمان بوجود المهدي# داخل المجتمع، وتقليص حضور القيم الدينية فيه، وضياع الأفراد.

 

2ـ المناشئ الخارجية ــــــ

وفقاً لهذه النظرية فإن مسارات التاريخ الاجتماعي هي عبارة عن ردود أفعال في مقابل الظواهر الخارجية، وتأثيرها على العقل. لذا فهي تفسِّر الظواهر الاجتماعية من خلال الرجوع إلى العوامل الطبيعية([21]). وبالتالي فإن ولادة الخرافة هي نتيجة للاصطدام بالطبيعة (العالم الخارجي). وتشكل العوامل الجغرافية الأرضية الملائمة في ظهور الخرافات. إذاً فالخرافة ـ في الواقع ـ هي عبارة عن ردة فعل غامضة من قبل الإنسان إزاء البيئة المحيطة به([22]).

وتقسَّم العوامل المساعدة على شيوع الخرافة إلى نوعين:

 

أـ العوامل الفردية ــــــ

يعتقد العلامة النوري ـ في كتابه «الإسلام ومعتقدات الإنسان [إسلام وعقائد وآراء بشري]» ـ بأن السرّ وراء بقاء أو تجدُّد الخرافات يكمن في تقهقر نشر نور العلم والقصور عن بلوغ الحقائق([23]). أي إن خطر الخرافات في المجتمع ينتشر بسبب غياب دور العلم وسيادة الجهل فيه. وبما أن الناس منقادون إلى مشاعرهم وعواطفهم، وليس إلى الحقائق والبراهين، لذا فإن ذلك سيساعد كثيراً على انتشار حبّ الخرافة بينهم.

ومن الأسباب والعوامل الفردية الأخرى المسهمة في تبلور الخرافة في المجتمع هو التعلق المفرط وغير المنطقي بعقيدةٍ أو شخصٍ ما، فإن الحب الزائد والمفتقد للمسوغات العقلية والشرعية سيتسبب في انقياد الإنسان ـ بلا وعي ـ وراء الآخرين، وتقبل كل ما يصله دون تفكير واستدلال: «حب الشيء يعمي ويصم». وهكذا بالنسبة للاحتياط الفردي المفرط؛ فإن خشية الإنسان من أوضاعه المادية والمعنوية، وبعبارة أخرى: إن ردود أفعاله الاحتياطية ستقوده إلى هاوية التذبذب والتشكيك، فتوحي له بأن إهمال هذه القضية قد يؤدي به إلى إنكار عقيدة مقدسة. وهذا ما يحصل مع البعض في خصوص المهدوية؛ حيث يقودهم الشك إلى الاعتقاد والإيمان ببعض الأمور؛ مما يتسبب في انتشار حب الخرافة في المجتمع([24]).

 

ب ـ العوامل الاجتماعية ــــــ

يقول (عبد القادر سواري) في العوامل الاجتماعية المؤثرة في بروز التحولات الاجتماعية: «يمتلك العامل الاجتماعي دوراً فعّالاً في تغيير مجريات الأحداث وواقع المجتمعات من حالة إلى أخرى»، وكذلك في تعميم بعض الظواهر التي تكون في مجموعها كتلة مترابطة([25]).

إن لمناشئ الخرافة الاجتماعية أشكالاً متنوعة ـ ولا سيما في بحث المهدوية ـ، من قبيل: المنشأ البيئي، والثقافي، ومنشأ تركيبة المجتمع الخاصة، وغير ذلك. وهنا سنعرض لبعضٍ منها:

 

أولاً: البيئة ــــــ

يؤكِّد بعض العلماء على أن عنصر البيئة يمثِّل المحور الأساسي في تعاملات الفرد وسلوكياته، وهو المفصل الذي يتأثر به ويؤثر فيه. ومن هنا يتبلور السلوك الفردي. لذا فإن للبيئة دوراً أساسياً في تكوين شخصية الفرد([26]).

إن للبيئة الاجتماعية تأثيراً مباشراً في إيجاد الخرافة وتنشئتها. وإن أول بيئة يتصل الإنسان بها ويأخذ عنها العادات والتقاليد الاجتماعية هي الأسرة. ويبدو أن البيئة الأسرية باستطاعتها فرض بعض التوجُّهات من أجل تقبيل الخرافات بنحو تعسُّفي وتعاقدي مفروض([27]). إذا فرضنا أن هناك أسرة تعمل بالخرافة، وتستخدم أساليب مرفوضة، من قبيل: إجبار الأفراد على الإيمان بالمهدوية، فإن هذا التعسُّف والقهر هو الذي سينتج لنا ميولات خرافية، وإعراضاً عن أساس المهدوية.

ومن جهة أخرى لا شك أن الإنسان في بيئته الاجتماعية يحرص دوماً على رصد ردود أفعال الآخرين، وما تحمله المنظومة القيمية فيها؛ بغية أن يكون مسايراً للمجتمع، لذا فهو مضطرٌّ للقبول بتقاليد المجتمع وآدابه ـ حتى وإن كانت ضرباً من الخرافة ـ إذا كانت شائعة ومقبولة عند الجميع؛ بغية الانخراط في المكّون الاجتماعي، والابتعاد عن الشبهات والتهم.

ينبغي أن تصنف المعتقدات الخرافية ضمن مؤشِّرات التناحر والصدام الاجتماعي؛ لأن ولادة المآسي والمحن في المجتمع على صلة دائمة بالصراعات الدائرة بين الأفراد([28]).

ووفقاً لهذا المبدأ فإن تقييم الحركات التحررية كثورة المهدي العالمية سيتم في هذا الإطار تحديداً، وإن انتشار ونشر الخرافة في العقيدة المهدوية سيكون خاضعاً أيضاً لدور البيئة الاجتماعية وتأثيراتها، فإذا كانت بيئة المجتمع حبلى بالخرافات فستقود أفراده نحو خرافة الفكر أيضاً.

 

ثانياً: العوز الثقافي ـــــ

يتحمل العامل العقائدي والثقافي مسؤولية كبرى في السيطرة على المجتمعات على مرّ العصور، وتحديد بوصلتها، وهو الكاشف عن الحالة التي تحفّز الإنسان وتحركه، وهو بنفسه دافع نحو العمل بالواجبات، وإيجاد التغيير والتحول([29]).

لو كان البشر يمتلكون قوانين محدَّدة في إدارة جميع شؤون الحياة، وكانوا مسلحين من الناحية الفكرية، فإنهم لن يجنحوا إلى الخرافات أبداً([30]).

بما أن الرموز الفكرية هي التي توجِّه وتهدر تفاعلات الإنسان والمؤسسة الاجتماعية؛ فإن للإصلاح في تلك الرموز تأثيراً بالغاً على مسار العلاقات والبيئة الاجتماعية([31]).

وهكذا بالنسبة لموضوع المهدوية ـ فإذا لم يؤسَّس للرموز والثوابت المهدوية في المجتمع، وتتم بلورتها في إطار الثقافة والفكر وعدم وضع رموز خالية من العقلانية والمعرفة، وتم الاكتفاء فقط بالظواهر والعواطف، فإن ذلك سيزيد من احتمال ترعرع الخرافات على تربتها.

إن من جملة القضايا المساعدة على تكوُّن الخرافات في العقيدة المهدوية هو عدم توفُّر المعرفة اللازمة بأصول هذه العقيدة، وذلك يعود تارةً إلى انعدام الفهم الصحيح لروايات آخر الزمان، وتصوُّر أن الإمام# سيمارس الإكراه، ويقدِّم المعاجز في تأدية المهام وسير الأعمال، وأن للجميع النصيب في الحضور جسدياً معه، وتمثيله، حتى وإنْ كان الفرد غير ملتزم دينياً. ومن جهة أخرى هناك بعض المجموعات ـ كالمبلغين والدعاة ووسائل الإعلام ـ يعملون بمبدأ الغاية تبرّر الوسيلة، فيستخدمون جميع الوسائل المتاحة في تبليغ الرسالة المهدوية، حتى وإنْ كانت الوسيلة غير ثابتة، ولا موثَّقة، من قبيل: الرؤيا، والتصورات، والأوهام. هنا ستنتاب الناس حيرة، فلا يفكرون سوى بالهدف ـ أي جلب انتباه الإمام# ـ، فيغفلون عن السبل المشروعة، الأمر الذي سيكون مدعاة لانتشار الخرافات في الفكر المهدوي مرةً أخرى.

ثالثاً: هزالة «الضبط الاجتماعي»([32]) ــــــ

يراد من الضبط الاجتماعي مجموعة الأساليب والسبل التي يوظفها المجتمع أو جماعة ما من أجل تحقيق الأهداف، وإرشاد الأفراد إلى الالتزام بالأعراف والتقاليد والشعائر وجميع الضوابط المتفق عليها([33]). ويتم الضبط الاجتماعي إما عن طريق الضغط، أو عن طريق الإقناع([34]) والتوغل إلى أعماق إيمان الإنسان. لذا فكلّما قلّت الرقابة وضبط البيئة الاجتماعية كلما زاد التعامل مع الخرافات([35]).

ومسألة الضبط الاجتماعي هي امتداد لعملية التعايش وحبّ المجتمع، فهي تدعو الفرد ـ عن طريق رغبته الجامحة في التكتلات الاجتماعية ـ إلى اتباع قيم المجتمع وثوابته. لكنّ عملية التعايش وحبّ المجتمع هي في الأصل عبارة عن مؤازرة طوعية، فإذا لم تتم تلك المؤازرة تتفعل آليات الضبط الاجتماعي للعمل على تداول وفرض الضوابط وتطبيقها تلبية للتوقُّعات([36]). وتكون هذه الآليات الضابطة رسمية تارةً، فتحظى بدعم قانوني وتعهُّد من قبل الدولة بتنفيذها؛ وغير رسمية تارةً أخرى، فتكون دعامتها العرف والناس.

أما بالنسبة للضبط الاجتماعي الرسمي فله عقوبات موضوعة ومسجَّلة، وتحدَّد فيه حدود القانون المحرَّمة، وعقوبة التعدّي عليها، في حين تكون العقوبة في الضبط الاجتماعي غير الرسمي خاضعةً لأعراف المجتمع وتقاليده. وهنا يمكن القول: بالنسبة لموضوع العقيدة المهدوية والاحتكاك المباشر بالإمام المهدي# فإن الضبط الاجتماعي منعدم أو ضعيف جدّاً.

وتدأب المجتمعات في الوقت الحاضر على وضع قوانين خاصة تسيّر شؤونها في الحياة الاجتماعية، فتطبق ـ وفقاً للأولويات ـ الضبط بطرق ظاهرة، وأخرى خفية، في حين لا تزال مسألة المهدوية ـ وعلى الرغم من أهميتها القصوى ـ تفتقد إلى مراكز تثقيفية وحوزوية، وتفتقد أيضاً إلى مراكز قضائية. لذا بات المجتمع بلا رقابة وضبط ومتابعة للمنتحلين؛ وذلك لأسباب متعددة، كالعوز الثقافي لدى القضاة في ما يرتبط بشأن المهدوية، وانعدام القانون الحازم، وعدم وضع أسس لثقافة المهدوية، وانعدام تعايش اجتماعي في هذا المجال بالتحديد. وهذه كلها عوامل مساعدة على تنامي الخرافات في المهدوية.

 

رابعاً: التقاطع بين تركيبة المجتمع وثقافة المهدوية ــــــ

إذا اتسعت رقعة التغييرات في البنى الاجتماعية من ضوابط وعقائد فقد يؤدي ذلك إلى التلاعب بالقيم والمعايير الصحيحة، واستبدالها بقيم خاطئة، مما يخلق مناخاً لظهور الخرافة وانتشارها؛ لأن معظم أشكال العلاقات الاجتماعية في بيئتها عرضة للتحول والتغيّر([37]).

فكلما افتقد الفرد إلى هذه السبل والأنماط السلوكية المحدَّدة كلما ازداد من احتمال الانجرار وراء السلوك المحرفة وتبنّي الخرافات، مما سيؤدي بالتالي إلى تلاشٍ لحصة المجتمع([38]). إذاً فالخرافة التي هي انحراف في الدين هي أيضاً نتيجة للعجز الحاصل في الفكر المهدوي والبنية الاجتماعية، فامتلاك المجتمع لجملة من الأهداف المشروعة لا ينحصر بالناحية الثقافية فقط؛ إذ بالإضافة إلى ذلك لابد أن يمتلك من الناحية الاجتماعية وسائل مشروعة من أجل بلوغ تلك الأهداف والغايات.

نظراً لكون المساعي في كل مجتمع منصبّة على خلق عناصر المؤازرة وتدعيم الانتظام والاستقرار ـ وخصوصاً بالنسبة لموضوع المهدوية، فإن الحاجة ملحّة إلى وجود أطر محدَّدة لأنماط السلوك وترسيم مدياته. فإذا كانت الأنماط وقصص مزاعم الاتصال بالإمام# غير متناسقة وهزيلة فإن ذلك سيؤدي إلى ظهور بعض التيارات، كالبابية والبهائية، ممَّنْ يبحث عن مصالحه الشخصية، فيستخدم وسائل مغلوطة، كالأحلام والأوهام، ويطبّل لها، فيخالف في سلوكه الفردي والاجتماعي جميع الضوابط والقيم المهدوية. ومن جهة أخرى لم يكن الفكر المهدوي آنذاك متأصِّلاً بالشكل المطلوب، وكان التعايش المهدوي هزيلاً. ففي مثل هذه الأجواء تهيأت الظروف المؤاتية للتمترس خلف الخرافة، وانتعش سوقها. في هذه المرحلة بالذات أخذت هذه الفرق المنحرفة بالاتساع، اعتماداً على الخرافات، وبالاستعانة بقوى الاستكبار العالمي. إذاً فكلما مثّلت الفرق الفعّالة ـ كالبابية والبهائية ـ الأنماط السلوكية في المهدوية كلما ساعد ذلك على اتساع سطوة الخرافات في المجتمع.

تبعات الخرافة وتأثيراتها ــــــ

تلعب الأفكار والمعتقدات دوراً كبيراً في تعيين وجهة مسارات حياة الإنسان ورسم أهدافه، فكلما كانت العقائد والآراء صحيحة ومنسجمة مع الواقع، وكذلك منزهة عن الخرافات، كلما كانت أهداف الإنسان وسلوكياته نزيهة ومجدية، أما إذا كانت العقائد والسلوكيات مشوّهة وخرافية فسيكون ثأثيرها على السلوك الإنساني أكثر مأساوية ودماراً.

لاشك أن تبعات الخرافة ومخاطرها كثيرة ومتنوعة. لذا سنشير هنا إلى بعضٍ منها:

 

1 ـ تشويش المبادئ (المنتظرون وأزمة الانتماء) ــــــ

إذا ما تعرضت العقيدة المهدوية إلى مخاطر الخرافات فسيكون من الصعب على الناس معرفة وتمييز السلوك المحبّب للإمام#؛ لذا سيعتريهم التذبذب والتشويش، فيدخلون في أزمة حقيقية على صعيد الهوية والانتماء إلى الثقافة المهدوية. وبذلك سيتخلون عن ركب المنتظرين، ويحومون في حلقات مفرغة. فنظراً إلى عدم التأصيل للمعرفة الدينية في الفكر المهدوي بين الناس، وتدنّي مستويات طرح الأفكار والثوابث، فإنهم سيعيشون تذبذباً في اتخاذ القرارات الحاسمة؛ خشية أن تكون معارضةً لفكرة ما ـ مما يطرح من مزاعم حول المهدوية ـ، ومثاراً لسخط الإمام# مثلاً. ولهذا لا نجدهم يتخذون مواقف صارمة تجاه بعض الخرافات، الأمر الذي يصعّب من مهمة تمييز الحق من الباطل، والدخول في دوامة أزمة الانتماء.

 

2 ـ انعدام الثقة بطروحات المنتظرين ــــــ

لاشك في أن تبلور العلاقات الاجتماعية واستحكام ركائزها بين الأفراد يعتمد بالدرجة الأولى على افتراض أن الجميع ملتزم بالسير على أساس المعايير والضوابط المتفق عليها([39]).

إن من تبعات شيوع الخرافة في الفكر المهدوي هو سحب الثقة عن الشركاء (المنتظرين). فمن المفترض أن يمارس منتظرو الإمام# دورهم في ظل قيم المهدوية السامية كنجوم ساطعة في سماء المجتمع، مع نيل الثقة والأمان بوصفهم «المصادر» لجميع القضايا الفكرية والاجتماعية. لكن مع تغلغل الخرافة في كيان العقيدة المهدوية وهيمنة المتظاهرين بالاتصال بالإمام، والتمرد على الضوابط والقيم الحقة، ستُسلب ـ لا محالة ـ الثقة العامة بالمنتظرين ومبادئهم المثالية. وبذلك يتضاءل دورهم الريادي في المجتمع وينحسر. وبالتالي لا يتحقق التأصيل للثقافة المهدوية في المجتمع.

وعلى صعيد آخر سيقضي التبليغ السياسي للخرافة في موضوع المهدوية ـ المتمثل في بعض الأفلام الخاصة ـ على جذور الثقة بالنفس لدى المتلقّين، ويدعو ـ في الوقت ذاته ـ إلى الانقياد والتبعية للقوى العظمى في العالم([40]) .

 

3ـ انهيار النظام الاجتماعي ــــــ

تعمل الخرافة على كسر شوكة أبرز الثوابت الاجتماعية، وخصوصاً الفكر المهدوي الأصيل، فتتسبَّب بزعزعة استقرار الحياة الاجتماعية، وتخلق نوعاً من التجاذب والصراع ما يؤدي إلى انهيار النظم الاجتماعي الديني([41]).

تمثِّل الخرافة آفةً في جسد المجتمع الديني، وخطراً يهدِّد سلامته؛ حيث تؤدي إلى تجميد قواه، والحدّ من تنامي الثقافة المهدوية فيه. ولهذا سيقاد مستقبل الدين الاجتماعي إلى مصير مجهول، وتبيت القدرات الفكرية في المجتمع الديني عرضة للتلاعب والتغيير.

ويفسح المجال أما الإفراط والتفريط، فتنسب للإمام# صوراً من الحرب، وصوراً من السلام، فيروّج للآمال الكاذبة تارةً، واليأس والإحباط تارة أخرى([42]).

 

4 ـ المساس بالتربية الدينية ــــــ

تبدأ معالم الخرافة تتجلى في صميم التربية الدينية حين تكون الحقائق الغيبية عرضةً للسطحية والاجتهادات([43]). وهذا ما يحدث تماماً على صعيد العقيدة المهدوية، حين تتسبَّب الخرافات في تشويه صورة المعايير الصحّية، فيصعب تمييز الغثّ من السمين: «بدأ الإسلام ـ صاحب أعظم ثورة في التاريخ ـ مسيرته بالفكر والتعقُّل، وعمد ـ في الدرجة الأولى ـ إلى تقديم العقائد والأفكار ضمن أطر الهداية، فكان أن بدأ من ثورة العقائد وتهذيب الأفكار وتنشئتها، كما اتخذ من الحالة الفكرية والتطور العقلي ونية العامل ملاكاً في تقييم الأعمال، واشترط خلوص النية في قبول الطاعة والعبادة»([44]).

وكما يقول الإمام الخميني فإن جُلّ اهتمام الإسلام انصب على الفكر والوعي، فدعا الإنسان إلى نبذ الخرافات، وعدم الانقياد إلى القوى الرجعية المعادية للإنسانية: «…يجب أن نعمل على تدمير أسوار الجهل والخرافة؛ كي نبلغ ينابيع الإسلام المحمدي الصافية»([45]).

وقد وصف القرآن الكريم حقيقة الإسلام في قوله تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} (الأعراف: 157).

«لاشك أن هذه الأغلال والقيود كانت عبارة عن خرافات وأوهام تعيق عملية تطور الفكر وتنوير العقل. لذا فهي السبب في صدّهم عن السير نحو الكمال والسعادة، ومدعاة للضلال والانحلال. من هنا يعد القرآن محاربة الخرافة والأوهام من أسمى الأدوار التي يقوم بها الرسول‘، فكان‘ يحرص على تربية المجتمع على اتّباع المنطق والبرهان، وليس القصص والخرافات»([46]).

يقول الإمام× في وصف الرسول الأكرم‘: «طبيب دوّار بطبه، قد أحكم مراهمه، وأحصى مواسمه…، يضع ذلك حيث الحاجة إليه، من قلوب عمي، وآذان صم، وألسنة بكم…»([47]).

ويؤكد× أيضاً على توظيف هذه السبل، فقد جاء من أجل توعية الناس وإرشادهم: «متتبِّع بدوائه مواضع الغفلة ومواطن الحيرة».

يُروى أن السماء كُسفت شمسها يوم وفاة نجل النبي‘ إبراهيم ـ ابن الثمانية عشر شهراً لمارية القبطية ـ فكانت هذه المصادفة سبباً في تعزيز عقيدة الناس بالرسول‘، لكن رسول الوعي والهداية رفض هداية الناس عن طريق نقاط ضعفهم، وأصرّ على احترام مكانة العلم والمعرفة وتنمية عقول الناس؛ عملاً بقوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل: 125)، ولذا ارتقى المنبر يومها معلناً أن الكسوف لم يكن كرامة لولده. نعم، كان محمد ذلك الرجل الذي لا يستغلّ حتى السكوت؛ لأن الإسلام في غنى عن مثل هذه الأمور، من جهة كون صورته الحقّة بيِّنة المعالم، ومن جهة أخرى لأن مَنْ يعمل بهذه الطرق الملتوية (الخرافات) هو في النهاية ليس على صواب أو حق.

من هنا قيل في الأمثال: «لا يمكن أن يبقى الجميع على جهل». ففضلاً عن رفض المشيئة الإلهية لذلك لابد من توظيف الحقّ لمعرفة الحق([48]).

لقد دأب النبي‘ على حثّ أصحابه على التعقُّل والتفكر في الأمور، وتجنب التقليد الأعمى واعتناق الخرافات؛ كونها صوراً للشرك والضلالة([49]). كما أن الأحاديث الإسلامية قد وصفت الممارسات الخرافية وغير المنطقية بـ «خطوات الشيطان»، فقد روي أن رجلاً أقسم على نفسه أن يذبح ولده قرباناً لوجه الله فرد عليه الإمام الصادق: «ذلك من خطوات الشيطان»([50]).

لقد تبنى الإسلام مقارعة شتى الخرافات على كافة الصعد من خلال المنطق والتعقل، وهذا ما أمر به القرآن أيضاً باتباع ما أنزل الله ـ عزّ وجل ـ واجتناب الحديث عن غير علم ودراية.

أما على صعيد الأعمال والأداء فقد أمر أيضاً كلّ مَنْ يريد أن يعمل عملاً أن يعمله من أجل نيل الجزاء والثواب من قبل الخالق؛ فإذا كان ما يقوم به مطابقاً لميله الخاص فقد أحرز بذلك سعادة الدنيا والآخرة معاً، وإن لم يكن مطابقاً لميله ورغبته بأن يكون سبباً في حرمانه من اللذائذ، فإن أجره أعظم عند الله، وما عند الله خير وأبقى([51]).

ثم إن لمحاربة الخرافة في الإسلام طرقاً عديدة، أبرزها محاربة التقاليد والعادات الباطلة، وأحياناً يرد التأكيد على ترجيح الوقاية على العلاج وقد دعا الإسلام أيضاً إلى التعقل والتفكر واتباع الحق استكمالاً لآليات مجابهة الخرافات والقضاء على العادات السيئة في المجتمع([52]).

فلا شك أن الإنسان إذا عمل بفطرة البحث عن الكمالات وغريزة حب الاستطلاع، والتزم بتعاليم الإسلام أيضاً، فلن يكون مستعداً أبداً للإذعان بالخرافات واللجوء إلى التقليد الأعمى في الأمور.

أما على المستوى العام في المجتمع فقد نظّر الإسلام لسبل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ من أجل عقد ميثاق اجتماعي وعقد الإرادة على نبذ كل أشكال الخرافة ومحاربتها.

 

الهوامش

([1]) غلام علي عزيزي كيا، آثار اجتماعي دين أز ديدﮔـاه قرآن (رسالة تخريج): 53، شهر خرداد من سنة 1373هـ. ش.

([2]) جميل صليبا، واژه نامه فلسفه وعلوم اجتماعي: 200، ترجمة: يرگ نيسي وصادق سجادي، الطبعة الأولى، منشورات الشركة العامة للنشر، 1370 هـ .ش

([3]) محمد معين، فرهنگ فارسي معين 1: 1405، الطبعة 11، منشورات أمير كبير، طهران 1376هـ ش.

([4]) انظر: واژه نامه فلسفة وعلوم اجتماعي: 200.

([5]) المصدر السابق.

([6]) باقر ساروخاني، دائرة المعارف علوم اجتماعي: 803، الطبعة الأولى، منشورات كيهان، طهران، 1370هـ ش.

([7]) واژه نامه فلسفه وعلوم اجتماعي: 33 ـ 34.

([8]) محمد حسن باكدامن، جامعه در قبال خرافات: 46، منشورات مرنديز، مشهد، 1378هـ ش.

([9]) غوستا وجاهودا، روان شناسي خرافات: 27، ترجمة محمد تقي براهتي، الطبعة الثالثة، منشورات البرز، طهران 1371هـ ش.

([10]) انظر: جامعه در قبال خرافات: 53.

([11]) المصدر السابق: 54.

([12]) انظر: روان شناسي خرافات: 31.

([13]) انظر: المصدر السابق: 23.

([14]) انظر: جامعه در قبال خرافات: 55.

([15]) انظر: مجيد شاه حسيني، سينما وصهيونيسم: 16، منشورات القسم الثقافي في الجيش، طهران، نقلاً عن: برنامج كمبيوتري بعنوان يهود پژوهي، إعداد مؤسسة اللوح والقلم الثقافية، قم.

([16]) يحكي فيلم «ماتريكس» عن أحداث عالم مظلم لا يقاومه إلا عدد قليل في غواصة مائية عجيبة تمتد جذورها إلى سفينة نوح، تنوي الإبحار نحو مدينة اليهود (زايان)، والتي لا يعرف طريقها سوى القبطان وزعيم المجموعة «الكابتن مورفي»، وليس باستطاعة الأخير التفوق على إمبراطورية ماتريكس إلا بمعونة المنجي، وهو هنا مبرمج ضالع في علوم الحاسوب. ثم يبدأ مور في تعليم نبيه الجديد فنون الحرب الصعبة في لعبة ماتريكس، فيصنع منه آلة للإبادة الجماعية، وفي النهاية يقع مور في قبضة اسميث ـ نموذج الشيطان الحديث ـ ويلاقي أشد العذاب، فيأتي المنجي مستعيناً بامرأة ويقضي على الماتريكس تماماً.

([17]) ZAYAN.

([18]) «زايان» أو «صهيون» اسم لجبل مقدس يقع على أطراف أورشليم، وهو الاسم الذي أطلقه اليهود على ديانتهم.

([19]) انظر: جامعة در قبال خرافات: 41.

([20]) انظر: محمد حسين الطباطبائي، تفسير الميزان 1: 637 (بتصرف)، ترجمة: السيد محمد باقر الموسوي الهمداني، ج1، ص 637 (بتصرف) ، المنشورات الإسلامية، قم، 1363هـ ش.

([21]) انظر: محمد أمزيان، روش تحقيق در علوم اجتماعي أز إثبات گرائي تا هنجارگرائي: 365، ترجمة: عبدالقادر سواري، منشورات مركز دراسات الحوزة والجامعة، قم، 1380هـ ش.

([22]) انظر: جامعة در قبال خرافات: 43.

([23]) انظر: المصدر السابق: 44.

([24]) المصدر السابق: 371.

([25]) روش تحقيق در علوم اجتماعي…: 373.

([26]) المصدر السابق: 365.

([27]) انظر: روان شناسي خرافات: 238.

([28]) انظر: المصدر السابق: 165.

([29]) انظر: روش تحقيق در علوم اجتماعي…: 378.

([30]) انظر: روان شناسي خرافات: 217.

([31]) جاناتان. اچ. ترمز، مفاهيم وكاربردهاي جامعه شناسي: 374، ترجمة: محمد عزيز بختياري ومحمد فولادي، منشورات مؤسسة الإمام الخميني للدراسة والتحقيق، قم، 1378هـ ش.

([32]) Social control .

([33]) انظر: دائرة المعارف علوم اجتماعي: 698.

([34])  .Persuesion

([35]) انظر: روان شناسي خرافات: 221.

([36]) انظر: مرتضى، داوود بور، «نقش انتظار در كاهش ناهنجاري هاي اجتماعي» مؤتمر النظرية المهدوية: 295 ـ 296، منشورات مؤسسة آينده روشن، 1385.

([37]) انظر: مفاهيم وكاربردهاي جامعه شناسي: 375 ـ 376.

([38]) انظر: «نقش انتظار در كاهش ناهنجاري هاي اجتماعي»: 303.

([39]) انظر: المصدر السابق: 290.

([40]) انظر: سينما وصهيونيسم: 12.

([41]) المراد من «النظم الاجتماعي الديني» هو النظام المتبلور على أساس التعاليم الدينية في المجتمع؛ أي وفقاً للمعتقدات والمعايير الدينية في بنية المجتمع، وبما أن الخرافة تخل بالأفكار الدينية إذاً ستحدث تزعزعاً فيه أيضاً.

([42]) انظر: «نقش انتظاردر كاهش ناهنجاري هاي اجتماعي».

([43]) خسرو باقري، «آسيب شناسي تربيتي مهدوية»، مجلة انتظار، العدد 1.

([44]) لطف الله صافي كلبايكاني، إمامه ومهدويه: 2 (عقيدة نجاة بخش): 13، منشورات الآستانة، قم 1380هـ ش.

([45]) صحيفة النور 5: 407، نقلاً عن لوح مدمج بعنوان [روح الله2].

([46]) مدير موقع، «شناخت مرز خرافة ومعنوية»، موقع رسانيوز (NEWS RASA) 3/11/1384هـ ش.

([47]) نهج البلاغة: 321، الخطبة 107، ترجمة وشرح: فيض الإسلام.

([48]) انظر: مرتضى مطهري، سيري در سيرة نبوي: 136، الطبعة السادسة، منشورات صدرا، طهران، 1368هـ ش.

([49]) انظر: حسين رزم جو، «راه هاي مبارزة با خرافات در إسلام»، مجلة مشكاة، العدد 31، سنة 1370هـ ش.

([50]) انظر: ناصر مكارم شيرازي، تفسير نمونه 1: 572، منشورات دار الكتب الإسلامية، طهران، 1372هـ ش.

([51]) انظر: تفسير الميزان 1: 637.

([52]) انظر: جامعة در قبال خرافات: 197.

 

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً