ـ القسم الثاني ـ
د. الشيخ خالد الغفوري(*)
البحث الثالث: في نصّ حديث نفي الإرث
لقد ورد الحديث بصيغٍ مختلفة، وإنْ تشابهت أو اتَّحدت من حيث المضمون. وكثرة الصيغ واختلافها الكبير يمكن عدّه من القرائن على كون الحديث منقولاً بالمعنى، سواء أكان من الراوي المباشر أو سلسلة الرواة الناقلين عنه. حتّى أنّ المتتبّع يرى التساهل في كيفية نقل الحديث والتسامح في إضافة ألفاظ وكلمات إليه، ممّا يدلّ على شدّة الارتباك والفوضى في نقل الحديث. ومهما يكن فإنّ العمدة نقلان:
النقل الأوّل: وقد ورد مشتملاً على فقرة واحدة فقط، وأيضاً ورد مشتملاً على فقرتين، وهما:
الفقرة الأولى منه وردت بالصِّيَغ التالية:
1ـ «لا نورث»([1])، غير مسبوقة بشيء.
2ـ «إنّا لا نورث»([2]).
3ـ «إنّا معشر الأنبياء لا نورث»([3]).
4ـ «إنّا معاشر الأنبياء لا نورث»([4]).
5ـ «نحن معاشر الأنبياء لا نورث»([5]).
6ـ «إنّ الأنبياء لا يورثون»([6]).
7ـ «نحن معاشر الأنبياء نرث، ولا نورِّث»([7]).
8ـ «إنّ النبيّ لا يورث»([8])، بصيغة الإفراد.
9ـ «إنّي لا أورث»([9])، بصيغة الإفراد.
والصيغتان الأوليان هما الأكثر وروداً في النقل.
أقول: لقد ورد في بعض النقول للحديث وجود زيادة فيه: «إنّا معاشر الأنبياء لا نورث ذهباً ولا فضّة، ولا أرضاً ولا عقاراً ولا داراً، ولكنَّا نورث الإيمان والحكمة والعلم والسنّة»([10]).
والفقرة الثانية منه وردت بالصيغ التالية:
1ـ «ما تركنا صدقة»([11]).
2ـ «وإنّ ما تركنا صدقة»([12]). ومن الواضح عدم كون هذه العبارة منقولة بالنصّ، بل بالمضمون.
3ـ «ما تركناه صدقة»([13]).
4ـ «ما تركنا فهو صدقةٌ»([14]).
5ـ «ما تركناه فهو صدقة»([15]).
وكلمة (صدقة) في الصيغ الثلاث ـ الأولى والثانية والثالثة ـ تحتمل الرفع والنصب، وأمّا في الصيغتين الأخيرتين ـ الرابعة والخامسة ـ فإنّ كلمة (صدقة) تكون مرفوعة.
النقل الثاني: وقد ورد مشتملاً على ثلاث فقرات، وهي:
الفقرة الأولى منه وردت بالصيغ التالية:
1ـ «لا يقتسم ورثتي دنانير»([16]).
2ـ «لا تقتسم ورثتي دنانير»([17]).
3ـ «لا تقتسم ذرِّيتي دنانير»([18]).
4ـ «لا يقسم ورثتي دنانير»([19]).
5ـ «لا تقسم ورثتي دنانير»([20]).
وفي هذه النقول المتقدّمة كلّها وردت كلمة «دنانير» بصيغة الجمع، وهو المثبت في النسخة المصرية([21]).
6ـ «لا يقسم ورثتي ديناراً»([22]).
7ـ «لا يقتسمنّ ورثتي ديناراً»([23]).
8ـ «لا يقتسم ورثتي ديناراً»([24]).
9ـ «لا يقتسم ورثتي ديناراً، ولا درهماً»([25]).
وفي هذه النقول الأربعة الأخيرة كلّها وردت كلمة «دينار» بصيغة الإفراد. وهو المثبت في النسخة الهندية. وقال المناوي: هو المحفوظ. ورجَّحه أبو زرعة، واعتبره هو الصواب([26]).
10ـ «لا يقتسم ورثتي شيئاً»([27]).
11ـ «لا يقتسم ورثتي شيئاً ممّا تركت»([28]).
وتبديل لفظ «دنانير أو دينار» بلفظ «شيئاً»، لوحدها، أو مع وصلها بلفظٍ آخر، أو إضافة لفظ «ولا درهماً»، كلُّ ذلك يشير إلى عدم تحرِّي نقل الحديث بلفظه.
12ـ «واللهِ، لا يقتسم ورثتي»([29]).
13ـ «والذي نفسي بيده، لا يقتسم ورثتي»([30]).
وقد اشتمل هذان النقلان الأخيران على القَسَم.
والفقرة الأخيرة منه وردت بالصِّيَغ التالية:
1ـ «ما تركت… صدقة»([31]).
2ـ «ما تركت… فهو صدقة»([32]).
3ـ «ما تركت… فإنّه صدقة»([33]).
4ـ «ما تركت… فإنّها صدقة»([34]).
5ـ «ما تركته… فهو صدقة»([35]).
6ـ «ما تركنا… صدقة»([36]).
وكلمة (صدقة) في الصيغتين الأولى والأخيرة ـ وهي السادسة ـ تحتمل الرفع والنصب، وأمّا في الصيغ الأربع المتوسِّطة ـ وهي الثانية والثالثة والرابعة والخامسة ـ فإنّ كلمة (صدقة) تكون مرفوعة.
والفقرة المتوسّطة منه وردت بصيغتين:
1ـ «بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي»([37]). وهي الصيغة المعروفة.
2ـ «بعد نفقة نسائي ومؤونة عيالي»([38]).
3ـ لم ترِد هذه الفقرة بجميع ألفاظها في بعض النقول([39]).
4ـ وفي بعض النقول ورد المقطع الأوّل منها فقط، وهو قوله: «بعد نفقة نسائي»([40]).
البحث الرابع: في دلالة الحديث ومفاده
في البدء ينبغي الإشارة إلى أمرين:
الأمر الأوّل: أنّ الألفاظ بلحاظ نوع دلالتها على المعاني على ثلاثة أنواع:
الأوّل: النصّ. وهو في ما تكون دلالة اللفظ على المعنى قطعية، ولا يُحتمل فيها معنى آخر.
الثاني: الظاهر. وهو في ما تكون دلالة اللفظ على المعنى ظنِّية وراجحة، وفي الوقت نفسه يُحتَمَل فيها غيره.
الثالث: المجمل. وهو في ما تكون دلالة اللفظ على أكثر من معنىً من دون ترجيحٍ لأحدها.
الأمر الثاني: إنّ الألفاظ تارةً تكون مستعملة في معناها الذي وُضعت له، فيكون الاستعمال حقيقياً؛ وأخرى تكون مستعملة في غير المعنى الذي وُضعت له، فيكون استعمالها مجازياً.
إذا اتَّضح ذلك فهنا لا بُدَّ من دراسة حديث نفي توريث الأنبياء^ من كلتا الجهتين، أي فلْنَرَ أوّلاً ما هو نوع دلالة الحديث؟ هل هي بالنصّ أو بالظهور أو أنّه مجملٌ؟
ولْنَرَ ثانياً ما هو نوع استعمال الألفاظ التي وردت في الحديث؟ هل هو استعمال حقيقيّ أو مجازيّ؟
وحيث إنّه ورد فيه نقلان فسنفرد كلاًّ منهما بالبحث:
النقل الأوّل
وفيه عدّة مطالب:
المطلب الأول: لقد أفاد الكاندهلوي في بيان قوله|: «لا نورث» من الناحية اللغوية، قال: «لا نُوْرَث» بضمّ النون وفتح الراء مخفَّفة بناء المجهول. قال الطيّبي: أي لا يُورَث منّا، فحذف الجارّ، فاستمرّ ضمير الجمع في الفعل، فانقلب الفعل عن الغائب إلى المتكلّم. قال القاري: هذا بناءً على أنّه لا يتعدّى بنفسه، وجعله بعض اللغويين متعدّياً بنفسه، وبـ (مِن)([41]).
أقول: يمكن قراءة النصّ بنحوين: الأوّل: بصيغة البناء للمجهول «لا نُورَث»، والثاني: بصيغة البناء للمعلوم مع التشديد «لا نُوَرِّث»؛ إذ إنّ كلتا القراءتين مقبولةٌ من ناحية اللغة. ولا داعي للإصرار على القراءة الأولى؛ إذ لا دليل على رجحانها، بل لا يبعد القول برجحان القراءة الأخيرة، ولا سيَّما بناءً على بعض صيغ الحديث.
المطلب الثاني: المراد بـ «ما» ـ في قوله|: «ما تركنا» ـ فيه احتمالان:
الأوّل: إنّها موصولة. وهو الظاهر.
الثاني: إنّها نافية، وإنّ «صدقة» مفعول «تركنا».
ونوقش بأنّه يردّه:
1ـ وجود الضمير في «تركناه» في أكثر الروايات.
2ـ وجود «فهو صدقة» في بعضها.
3ـ صريح الأحاديث الأخر، كقوله: «إنّا معاشر الأنبياء لا نورث»؛ لما يلزم من التناقض بين السابق واللاحق([42]).
أقول: لم أعثر على مَنْ صرّح بهذا الاحتمال، سوى ما ذكره الكاندهلوي ـ من دون ذكر أيِّ مصدر ـ من أنّه قول الشيعة، ورماه بأنّه بهتانٌ وزور. وظاهر كلامه أنّه قول جميع الشيعة أو أكثرهم.
ولا يكاد ينقضي عجبي منه! فإنّ كتب الشيعة المعروفة خالية منه، فكيف يُلقي هذا الكلام على عواهنه، فينسب ذلك إلى طائفةٍ كبيرة من المسلمين دون تثبُّت؟! والأعجب أنّه قد نقل في الصفحة اللاحقة عن الشيخ المفيد ـ الذي نعته بأنّه إمام الإمامية ـ أنّه جعل «صدقة» منصوبة على الحالية، وليس على المفعولية، وأيضاً لم ينقل عنه أنّ «ما» نافية!
ثمّ إنّنا نقبل كون «ما» موصولة، وليست نافية، والدليل هو ظهور الحديث في ذلك، لكنّ الوجوه التي ذكرها الكاندهلوي غير صحيحة؛ وذلك:
1ـ لخلوّ أكثر الروايات والطرق والمواضع المتعدِّدة ـ في الكتب الحديثية، ومنها: البخاري ـ من الضمير (الهاء) في «تركناه»، بل ورد الضمير في الموارد التالية:
أـ عن أحمد في موضعٍ واحد فقط([43]).
ب ـ وعن مسلم في رواية مالك بن أوس بن الحدثان في موضعٍ واحد، بل في جملة واحدة فقط، مع تكرُّره في هذه الرواية نفسها من دون (هاء)([44]).
ج ـ وعن الترمذي في موضعٍ واحد فقط([45])، علماً بأنّ رواية ابن أوس مروية عن مالك بن أنس، الذي خلَتْ روايته في الموطّأ عن الضمير.
فكيف يدّعي الكاندهلوي وروده في أكثر الروايات؟!
2ـ وأمّا عبارة «فهو صدقة» فقد وردت بحسب الظاهر في خمسة موارد([46])، وفي مورد سادس مرويّ عن مالك، الذي خلا موطّأه منها([47]).
ومن الجدير بالذكر أنّ البخاري جعل عنوان الباب [باب قول النبيّ: «لا نورث ما تركنا صدقة»] من دون (فاء)، وكلّ الأحاديث التي أوردها خالية من (الفاء).
3ـ وأمّا عبارة «إنّا معاشر الأنبياء لا نورث» فلم ترِدْ في كتب الحديث الأوّلية، وإنّما وردت في بعض المصادر المتأخِّرة، وفي بعض الشروح والكتب الفقهية والتاريخية([48]) الناقلة عن المصادر الأوّلية، علماً بأنّ هذه النقول ـ كلاًّ أو جلاًّ ـ ليست منقولة بالألفاظ نصّاً، بل منقولة بالمعنى، وستأتي الإشارة إلى ذلك. وليس النقل بالمعنى بعزيز، ولا التسامح في النقل بنادرٍ، ولا سيَّما لدى المتأخِّرين.
المطلب الثالث: في بيان المراد من فقرة «ما تركنا صدقةٌ» الواردة في الحديث عدّة احتمالات، علماً بأنّ المراد بالصدقة هنا المعنى الواسع، الشامل للصدقة بالمعنى الأخصّ وللوقف ونحوهما:
الاحتمال الأول: أن تكون كلمة «صدقةٌ» بالرفع على أنّها خبرٌ للمبتدأ «ما» الموصولة، ويكون الكلام مؤلَّفاً من جملتين:
الأولى: إنّا لا نورث.
الثانية: ما تركنا صدقةٌ.
وقال أصحاب نظرية استثناء النبيّ| من الإرث: إنّه بناءً على الرفع يكون الحديث دالاًّ على نفي الارث، أي إنّ ما كان يملكه إلى حين وفاته وتركه بعده لا ينتقل إلى ورثته، بل يصبح صدقةً حين موته.
ودُعم هذا الاحتمال بدعوى الإجماع عليه([49])، كما تقدَّم ويأتي.
مناقشة الاحتمال الأوّل
ونحن لو جرَّدنا أذهاننا عن الجدل المثار حول الحديث لرأينا أنّ فقرة «ما تركنا صدقة» ونحوها من الصيغ الواردة ـ في النقلين الأوّل أو الثاني ـ تحتمل عدَّة تفسيرات:
التفسير الأول: كون المراد مجرّد الإخبار، فيكون المعنى: إنّ كلّ ما نملكه نتصدّق به قبل الموت، فلا يبقى شيءٌ حتّى نورثه. ويكون الحديث دالاًّ على نفي الإرث، لكنْ بمعنى أنّ كلّ ما تركه من أموال إنّما هو من الصدقات والأوقاف([50]). فنفي الإرث من باب السالبة بانتفاء الموضوع، كما يُقال.
ولا مشكلة في هذا التفسير من ناحية عدم معارضته مع أدلّة الإرث، وموافقته للعمومات، كتاباً وسنّة، كما هو واضحٌ.
التفسير الثاني: كون المراد مجرَّد الإخبار كالأوّل، ويكون المعنى: إنّ جلّ ما نملكه نتصدَّق به قبل الموت، فلا يبقى شيءٌ ذو بال حتى نورِّثه. فوجود المال اليسير جدّاً كعدمه. وعليه يكون الحديث دالاًّ على نفي الارث، لكنْ بمعنى أنّ جلّ ما تركه من أموال إنّما هو من الصدقات والأوقاف([51])، فنفي الارث كأنّه من باب السالبة بانتفاء الموضوع تسامحاً، وليس على نحو الدقّة.
وهذا التفسير وإنْ كان لا يتعارض مع أدلّة الإرث، وموافقاً للعمومات، إلاّ أنّ إرادة المعنى المسامحي خلاف الظاهر، وتعيّنه بحاجةٍ إلى قرينة؛ فإنْ قامت القرينة فلا مانع من إرادته.
التفسير الثالث: كون المراد الإخبار أيضاً، لكنْ بمعنى: إنّ كلّ ما نملكه نوصي بجعله صدقة بعد الموت. وحيث إنّ الوصية لا تستغرق جميع التركة، وإنّما تكون في حدود الثلث؛ وبقرينة قوله|: «إنّا لا نورث»، يكون حاصل المعنى: إنّا لا نورث جميع ما نملك، بل نترك صدقات أيضاً.
وهذا التفسير خلاف الظاهر جدّاً، بل هو مستهجنٌ عرفاً.
التفسير الرابع: كون المراد الإخبار أيضاً، لكنْ بمعنى: إنّ كلّ ما نملكه نصيِّره صدقة، سواء قبل أو بعد الموت.
وحيث إنّ هذا التفسير ليس إلاّ جَمْعاً بين التفسيرات السابقة للحديث فيظهر الموقف تجاهه ممّا تقدَّم من المناقشة فيها.
التفسير الخامس: وهو ما ذكره المفيد في رسالته، من كون المراد أنّ الذي تركناه من حقوقتا وديوننا [فلم نطالب في حياتنا، ونستنجزه قبل مماتنا] فهو صدقةٌ على مَنْ هو في يده من بعد موتنا، وليس يجوز لورثتنا أن يتعرَّضوا لتمليكه، فإنّا قد عفونا لمَنْ هو في يده عنه، بتركنا قبضه منه في حياتنا. وليس معناه ما تأوَّله الخصوم.
والدليل على ذلك أنّ الذي ذكرناه فيه موافقٌ لعموم القرآن وظاهره. وما ادّعاه المخالف دافعٌ لعموم القرآن، ومخالفٌ لظاهره. وحمل السنّة على وفاق العموم أَوْلى من حمله على خلاف ذلك([52]).
أقول: وهذا التفسير الذي ذكره المفيد وإنْ كان تأويلاً بعيداً، إلاّ أنّه أرجح من تفسيره بما يخالف القرآن والسنّة.
التفسير السادس: كون المراد الإنشاء، فيكون المعنى: إنّ كلّ ما نملكه يصير صدقة بمجرَّد الموت.
أقول: وتتحقّق المعارضة بين الحديث وبين عمومات الإرث، بناءً على هذا التفسير الأخير فحَسْب. إلاّ أنّه لا معيِّن له، بل الأمر يدور بينه وبين التفسير الأول. مضافاً إلى أنّ هذا البحث أساساً وفروعاً مبنيٌّ على قراءة الرفع، وهو مجرَّد احتمال بحاجة إلى ما يدعمه ويرجِّحه على غيره، بل هو مرجوحٌ؛ بمخالفته للعمومات والمطلقات، كتاباً وسنّة.
الاحتمال الثاني: أن تكون كلمة «صدقةً» منصوبة، أي تكون «ما» الموصولة في محلّ نصب على المفعولية لـ «تركنا»، باعتبارها مفعولاً ثانياً، والمفعول الأوّل محذوف، وتكون «صدقة» حالاً من «ما»، فيكون الكلام جملةً واحدة، أي إنّا لا نورث الذي تركنا صدقةً. والصدقة هنا بالمعنى الواسع الذي يشمل الوقف ونحوه.
وهذا التفسير للحديث حكاه السرخسي عن بعض مشايخه. قال: معناه: ما تركنا صدقة لا يورث ذلك عنّا. وليس المراد أنّ أموال الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ لا تورث، فقد قال الله تعالى: ﴿وَوَرِثَ سُلَيَْمانُ دَاوُودَ﴾ (النمل: 16)، وقال تعالى: ﴿فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾ (مريم: 5 ـ 6)، فحاشا أن يتكلَّم رسول الله بخلاف المُنْزَل([53]).
قيل: وهو احتمالٌ قوي؛ لانسجام قراءة النصب مع عمومات ومطلقات الكتاب والسنّة؛ ولوجود القرينة الحالية فيه، وهي أنّ الأنبياء^، ولا سيَّما رسول الله|، كانوا يعملون بمبدأ الوقف في الكثير من أموالهم. فالصدقة والوقف يبقيان على ما هما عليه لا يورثان، والورثة إنّما يورَّثون غير الصدقات من الأموال([54]). وهذا حكم عامّ لا خصوصية للنبيّ| فيه، ومتطابق مع سائر القواعد والأحكام الشرعية.
مناقشةٌ وردّ
ولقد أورد الشيخ أبو عبد الله بن المعلّم، المعروف بالمفيد، في رسالته إشكالاً على هذا الاحتمال في تفسير الحديث، ثمّ ناقشه بإسهابٍ، قال: فإنْ قالوا: هذا لا يصحّ؛ وذلك لأنّ كلّ شيء تركه الخلق بأجمعهم صدقة، وكان من صدقاتهم، لم يورث، ولم يصحّ ميراثه، فلا يكون حينئذٍ لتخصيص الأنبياء^ بذكره فائدة معقولة.
قيل لهم: ليس الأمر كما ذكرتم؛ وذلك أنّ الشيء قد يعمّ بتخصيص البعض للتحقيق به أنّهم أولى الناس بالعمل بمعناه، وألزم الخلق له، وإنْ كان ديناً لمَنْ سواهم من المكلَّفين، قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا﴾ (النازعات: 45)، وإن كان منذراً لجميع العقلاء. وقال: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ﴾ (التوبة: 18)، وإنْ كان قد يعمرها الكفّار ومَنْ هو بخلاف هذه الصفة. وقال: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ (الأنفال: 2)، وإنْ كان في الكفّار مَنْ إذا ذكر الله وجل قلبه وخاف، وفي المؤمنين مَنْ يسمع ذكر الله وهو مسرورٌ بنعم الله أو مشغولٌ بضرب من المباح، فلا يلحقه في الحال وَجَلٌ، ولا يعتريه خوف. وهذا محسوسٌ معروف بالعادات.
وهو كقول القائل: نحن معاشر المسلمين لا نقرّ على منكر، وإنْ كان أهل الملل من غيرهم لا يقرُّون على ما يرَوْنه من المنكرات، وفي المسلمين مَنْ يقرّ على منكرٍ يعتقد صوابه بالشبهات.
وكقول فقيهٍ من الفقهاء: نحن معاشر الفقهاء لا نرى قبول شهادة الفاسقين، وقد ترى ذلك [من] جماعةٍ ممَّنْ ليس من الفقهاء.
وكقول القائل: نحن معاشر القرّاء لا نستجيز [= لا نستحلّ] خيانة الظالمين، وقد يدخل معهم مَنْ يحرّم ذلك من غير القرّاء من العدول والفاسقين.
وأمثال هذا في القول المعتاد كثير.
وإنّما المعنى في التخصيص به التحقيق بمعناه، والتقدّم فيه، وأنّهم قدوةٌ لمَنْ سواهم وأئمّتهم في العمل نحو ما ذكرناه.
ووجه آخر: وهو أنه يحتمل أن يكون قوله(عليه وآله السلام) ـ إنْ صحَّ عنه ـ أنّه قال: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة [لا يورث]([55])»، أي لا يستحقّه أحد من أولادنا وأقربائنا وإنْ صاروا إلى حال الفقراء التي مَنْ صار إليها من غيرهم حلَّتْ لهم صدقات أهليهم؛ لأنّ الله تعالى حرَّم الصدقة على أولاد الأنبياء وأقاربهم؛ تعظيماً لهم، ورفعاً لأقدارهم عن الأدناس([56]). وليس ذلك في مَنْ سواهم من الناس؛ لأنّ غير الأنبياء^ إذا تركوا صدقات ووقوفاً ووصايا للفقراء من سائر الناس فصار أولادهم وأقاربهم من بعدهم إلى حال الفقر كان لهم فيها حقوق أَوْكد من حقوق غيرهم من الأباعد.
فمنع رسول الله| ذرِّيته وأهل بيته من نيل ما تركه من صدقاته وإنْ افتقروا وخرجوا من حال الغنى، وكان المعنى في قوله: «لا نورث» أي لا يصير من بعدنا إلى ورثتنا على حالٍ. وهذا معروفٌ في انتقال الأشياء من الأموات إلى الأحياء.
والوصف له بأنّه ميراث وإنْ [لم] يوجد من جهة الإرث، قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ﴾ (الأحزاب: 27)([57]).
النتيجة
1ـ بناءً على الاحتمال الثاني لا دلالة في الحديث على عدم توريث النبي|، واستثنائه من أحكام الإرث. ونظراً لوجود القرينة، مضافاً إلى موافقة الكتاب، يرجَّح على الأول.
2ـ وعلى فرض عدم قبول ذلك فلا معيِّن لأحد الاحتمالين دون الآخر. وبعبارة أخرى: تكون الرواية مجملة، فلا يمكن العمل بها حينئذٍ. فلا بُدَّ من الرجوع إلى العمومات والإطلاقات اللفظية الفوقانية من الكتاب والسنّة، وهي تقتضي الإرث.
أقول: لقد اتَّضح من خلال بحثنا للاحتمال الأوّل ـ وهو قراءة الرفع ـ أنّه كالاحتمال الثاني في عدم ظهور الحديث في الحكم بعدم إرث النبيّ|.
ومن هنا يتّضح عدم الجدوى في إصرار البعض على ترجيح قراءة الرفع، والاستماتة في الدفاع عنها، حيث ذهب إلى أنّ الرجحان لقراءة الرفع؛ لأنّها مدعومة بمؤيِّدات، وهي: ما فهمته السيدة فاطمة الزهراء÷، التي هي من أفصح العرب، ومن أعلمهم بالفرق بين قوله|: «ما تركنا صدقة» بالنصب وبين قوله|: «ما تركنا صدقة» بالرفع، حيث إنّها فهمت منه الرفع، وكذلك ما فهمه أبو بكر الذي احتجّ بالحديث وتعلَّق به، وأيضاً ما فهمه كلٌّ من: عليّ بن أبي طالب× ـ الذي كان من أفصح قريش وأعلمهم بذلك ـ والعباس بن عبد المطّلب، اللذين لم يعترضا بهذا الاعتراض([58]).
فإنّه ـ مضافاً إلى ما ذكرنا ـ يُقال: إنّ ما ادّعاه أبو بكر من نفي إرث النبي| يتمّ على كلا القراءتين، الرفع والنصب، أي سواء أكان عدم ثبوت الوراثة للنبي سببه وجود دليل شرعي على استثاء النبي| وعدم ثبوت المحمول أم كان سببه عدم وجود تركة للنبي| حتّى تورث. أي إنّ انتفاء الإرث تارةً يكون بسبب انتفاء الحكم؛ وأخرى بسبب انتفاء الموضوع. والنتيجة العملية في الحالتين عدم حصول الورثة على شيء. وبذلك يتمّ لأبي بكر ما أراد، ولم يتمّ للمدَّعين للإرث ما أرادوا.
وعليه فهذه الإثارة لا تصلح مؤيِّداً لقراءة الرفع، ولا مبعِّداً لقراءة النصب، كما تشبَّث به البعض.
وأيضاً يتّضح عدم جدوى ما أفاده الكاندهلوي من أنّ لفظ «فهو صدقة» ـ في حديث أبي الزناد ـ يردّ تأويل الشيعة أنّها بالنصب([59]).
المطلب الرابع: لقد وردت زيادةٌ في إحدى الصيغ المنقولة للحديث، وهي: «إنّا معاشر الأنبياء لا نورث ذهباً ولا فضّة، ولا أرضاً ولا عقاراً ولا داراً، ولكنّا نورث الإيمان والحكمة والعلم والسنّة»([60]). ويحتمل فيه حينئذٍ عدّة احتمالات:
الأوّل: أن يكون الحديث بصدد تشريع نفي الإرث عن الانبياء^.
الثاني: أن يكون الحديث بصدد بيان أمر معنوي، وهو كون الأنبياء^ زهّاداً، ليس همُّهم الدنيا وما فيها من متاعٍ، وليس بصدد التشريع.
والقرينة الداعمة لهذا الاحتمال هو ما ذُكر من أنّهم يورّثون الإيمان والحكمة والعلم والسنّة. ومن الواضح أنّ لسان هذه الفقرة الأخيرة ليس لسان تشريع، بل يُراد بها أنّ الأنبياء يخلدون برسالاتهم الباقية، لا بأمولهم، كالملوك والأمراء. فيحمل صدر الحديث على ذلك([61]). ولو كان الحديث في مقام بيان حكم شرعي مخصّص لحكم الإرث لجاء التعبير نحو: «نحن معاشر الانبياء لا نورّث شيئاً»؛ كي يعمّ النفي كلّ أنواع الميراث. وتوجد في هذه الفقرة احتمالاتٌ أخرى أيضاً([62]).
وممّا يزيد في رجحان هذا الاحتمال هو وجود بعض الزيادات في الحديث في بعض طرقه، من قبيل: قوله: «وإنّما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمَنْ أخذ بشيءٍ منها فقد أخذ حظّاً وافراً، فانظروا علمكم هذا عمَّنْ تأخذونه»([63]). وفي بعضها إضافة: «فإنّ فينا أهل البيت في كلِّ خَلَف عدولاً ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين»([64])؛ إذ من الواضح أنّ النظر في ذلك إلى أنّ للأنبياء^ شأناً يختلف عن الزعماء الدنيويين، فإنَّهم يتركون العلم والهدى للناس.
النقل الثاني: «لا يقتسم ورثتي دنانير. ما تركتُ، بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي، فهو صدقةٌ». ونحوها من الصيغ.
وفيه عدّة مطالب:
المطلب الأول: في بيان الفقرة الأولى من الحديث، وهي قوله|: «لا يقتسم ورثتي دنانير»:
1ـ وفي معنى «لا يقتسم» احتمالات:
الأوّل: الرفع على أنّه خبر، لا إنشاء. والمعنى: ليس يقسم. فيكون بصدد مجرّد الإخبار.
الثاني: الرفع على أنّه خبر، لكن بمعنى الإنشاء.
الثالث: الجزم. والمعنى: نهي ورثته إنْ خلّف شيئاً عن أن يقتسموه بعده([65]).
المناقشة
ومن المستبعَد جدّاً إرادة الأوّل، ولا سيَّما مع لحاظ قوله بعد ذلك: «بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي» الظاهر في الإنشاء. وعليه يدور الأمر بين الاحتمالين الثاني والثالث.
2ـ في بيان القَسََم:
إنّه بناءً على بعض النقول تصدَّر الحديث بالقَسَم. وفيه:
أـ لا تناسب بين القَسَم وبين الاحتمالين الثاني والثالث؛ لكون المراد بهما الإنشاء والتشريع. وهذا لا يحتاج إلى القَسَم.
ب ـ وأمّا مع الاحتمال الأوّل فيبدو أنّه لا مانع من تأكيد المعنى الخبري بالقَسَم إجمالاً. فالمُراد الإخبار بأنّه| ليس كالملوك الذين همُّهم الدنيا، يجمعون الأموال ويتركونها لورثتهم.
لكنْ تقدَّم أنّ أصل إرادة المعنى الخبري غير صحيح.
والظاهر أنّ القَسَم من ناقل الحديث وراويه؛ من أجل تثبيت المعنى الذي يريد إلقاءه على السامع؛ بسبب كون المنقول لا يُصدَّق بسرعةٍ، أو أنّ في النقل تقديماً وتأخيراً. وبحسب الاصطلاح يُسمَّى ذلك بالحديث المُدْرَج، وهو الحديث الذي أدرج فيه كلام بعض الرواة، فيُظَنّ أنّه منه، أو يكون عنده متنان بإسنادين فيُدرجهما في أحدهما([66]).
3ـ في معنى «ورثتي» احتمالان:
الأوّل: المراد ورثتي بالقوّة، أي لو كنت ممَّنْ يورث.
الثاني: المراد لا يقسم مال تركه| لجهة الإرث، فأتى بلفظ «ورثتي» ليكون الحكم معلَّلاً به الاشتقاق، وهو الإرث. فالمنفيّ اقتسامهم بالإرث منه([67]).
المناقشة: لا يتّجه التعبير بالورثة إلاّ بناءً على إرادة انتفاء الإرث من باب السالبة بانتفاء الموضوع. أي إنّ المراد: لا يقتسم الورثة شيئاً؛ لأنّ كلّ ما من شأنه أن يكون تركة قد جعلته صدقة.
4ـ أجل، إنّه بناءً على بعض النسخ من ورود لفظ «ذرِّيتي» لا يرِدُ عليه ما تقدَّم، إلاّ أنّه يختصّ الاستثناء حينئذٍ بالذرّية، دون غيرهم. فلا يبقى دليلٌ على عدم إرث أزواجه|.
أقول: الظاهر أنّ تبديل لفظ «ورثتي» بـ «ذرِّيتي» تدليسٌ من الراوي؛ فإنّه أحسّ بشيءٍ من التهافت في الحديث، من ناحية استئثار أزواجه| بالنفقة، مع سبقه بالتصريح بحرمانهنَّ من أخذ شيءٍ ممّا ترك|، فأراد الراوي حصر الحرمان بالذرِّية.
5ـ قوله|: «دنانير». وقد تقدَّم أنّ في لفظه روايتين:
الأولى: بصيغة الجمع.
الثانية: بصيغة الإفراد، أي «ديناراً».
كما تقدّم أنّه قد رجّح غير واحد صيغة الإفراد. وقد تصدّى بعضهم لبيان وجهه وتفسيره:
1ـ قال أبو زرعة: لأنّ الواحد في هذا الموضع أعمّ([68]).
2ـ قال الباجي: نصّ على الدينار لقلّته. ونبّه| بما زاد على الدينار، كقول الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ﴾ (آل عمران: 75)، وقال تبارك وتعالى: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه﴾ (الزلزلة: 8)، على معنى التنبيه([69]).
3ـ قال الحافظ: فقيل: هو تنبيهٌ بالأدنى على الأعلى([70]).
المناقشة: بناءً على القراءتين لا ظهور لهذه الفقرة في نفي الإرث، بل هي ظاهرة في عدم ترك النبي| الأموال المكدّسة، أو عدم ادّخاره الدنانير أو الدراهم، حتّى يقتسمها الورثة.
وكأنّ بعض الرواة التفت إلى هذه النكتة، فدلَّس الحديث، فأضاف بعضهم لفظ: «ولا درهماً»، وإنْ كان لا يرفع الغائلة، وبدَّل آخر لفظ: «دنانير أو دينار» بـ «شيئاً أو شيئاً ممّا تركتُ». وهذا التعبير الأخير أدلّ على نفي الإرث، لكنْ لا قيمة له بعد تدليسه.
المطلب الثاني: في بيان الفقرة الثالثة من الحديث، وهي قوله|: «ما تركت… فهو صدقة»:
1ـ «ما»: موصولة، مبتدأ.
2ـ «تركتُ» بالضمّ([71]).
3ـ «فهو»: أي المتروك بعد ما ذكر، أي بعد استثاء نفقة نسائه| ومؤنة عامله|. وهو مبتدأ أوّل.
4ـ «صدقة» بالرفع([72]) على أنّه خبرٌ للمبتدأ الثاني «هو»، والجملة الاسمية من المبتدأ والخبر «هو صدقة» تكون خبراً للمبتدأ الأوّل «ما».
هذا، وقال الكاندهلوي في المقام ـ بعد قوله|: «فهو صدقة» ـ: وهذا اللفظ أيضاً يردّ تأويل الشيعة في قوله|: «لا نورث ما تركنا صدقة» بالنصب([73]).
أقول: 1ـ قد تقدَّم البحث في هذه الفقرة، وما هو المراد بها، لدى البحث في النقل الأوّل للحديث بما لا مزيد عليه. وذكرنا ثمّة أنّ إثبات نظرية الشيعة لا تتوقَّف على قراءة الرفع، فراجِعْ.
2ـ من المستبعَد جدّاً قراءة النصب بحسب هذا النقل؛ لتعيُّن قراءة الرفع؛ فإنّ الجملة هنا استئنافية.
3ـ إنّ الظاهر من التركيب الخاصّ لهذه الفقرة إرادة الإنشاء، لا الإخبار؛ بقرينة قوله: «بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي».
إلاّ أنّ هذا التفسير يصطدم بمشكلةٍ أخرى، ستأتي عند شرحها.
المطلب الثالث: في بيان الفقرة الوسطى من الحديث، وهي قوله|: «بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي»:
1ـ قوله|: «بعد نفقة نسائي»:
قيل: يدخل في لفظ (النفقة) كسوتهنّ وسائر اللوازم([74])، ومنها: سكنى البيوت، وسنُفرد البيوت ببحثٍ مستقلّ.
وقد حاول البعض أن يقدّم تفسيراً وتحليلاً لاستثناء نفقة نساء النبي|، وما هو عنوانها الشرعي؟ وما هو تخريجها الفقهي؟ قال الكرماني: ليس معنى «نفقة نسائي»: إرثهنّ منه، بل لكونهنّ محبوساتٍ عن الأزواج؛ بسببه، فهنَّ في حكم المعتدّات ما دام حياتهنّ، أو لعظم حقوقهنّ وقدم هجرتهنّ وكونهنّ أمّهات المؤمنين، ولذلك اختصصن بمساكنهنّ، ولم يرثها ورثتهنّ.
ثمّ قال: وقيل: لا عِدَّة على أزواجه|؛ لأنّه| حيٌّ في قبره، وكذا سائر الأنبياء^. وفي (شرح السنّة): قال سفيان بن عيينة: كان أزواج النبي| في معنى المعتدّات؛ إذ كنَّ لا يجوز أن ينكحن أبداً، فجَرَتْ لهنّ النفقة([75]).
المناقشة
1ـ لا ملازمة بين الحكم بحرمة التزويج وبين بقاء حكم العدّة؛ فإنّ كلاًّ منهما حكمٌ تعبُّدي ثبت بدليله الخاصّ. فقد صرّح القرآن الكريم بحرمة التزويج على أزواجه|، قال تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أمَّهَاتُهُمْ﴾ (الأحزاب: 6)، وقال أيضاً: ﴿وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلاَ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً﴾ (الأحزاب: 53)، فكان هذا الحكم حكماً خاصّاً بهنّ فقط وفقط، دون غيرهنّ؛ فإنّ المرأة الممنوعة من التزويج ولو من شخصٍ معيَّن منعاً دائماً ـ بسبب من الأسباب ـ لا يجعلها كالمعتدّة من ناحيته، إذ إنّ حرمة التزويج حكمٌ، والعدّة حكمٌ آخر.
2ـ إنّ العدّة محدَّدة بوقتٍ معيّن، فإنّ عدّة الوفاة أجلها أربعة أشهر وعشرة أيّام، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً﴾ (البقرة: 233)، ولا توجد في شريعتنا عدّةٌ غير محدَّدة بأجلٍ.
3ـ ثمّ أيّ ملازمة بين العدّة وبين النفقة؛ فإنّ النفقة تثبت للمعتدّة الرجعية، دون البائن، ودون المتوفَّى عنها زوجها؟!
4ـ قد يُقال بأنّ المراد الشبه في الجملة، لا من جميع الجهات.
لكنْ مضافاً إلى كون ذلك خلاف ظاهر العبارة وأمثالها؛ لكونها بصدد إيجاد تخريج فقهي لهذا الحكم، فإنّه يكون حينئذٍ كلاماً خطابياً، الغرض من إيراده دفع الاستيحاش والاستغراب. ولكنْ ليس ثمّة استغراب في البين حتّى يتطلَّب كلّ هذه التكهُّنات. فلو ثبت حكمٌ خاصّ لأزواجه| بعد رحلته، كوجوب نفقتهنّ، فيجب التسليم به حينئذٍ. إذن فدفع الاستيحاش كان بسبب عدم وجود دليلٍ للحكم.
5ـ وأمّا احتمال كون ذلك لعظم حقوقهنّ وقدم هجرتهنّ فهو أغرب من سابقه؛ إذ إنّه لا ملازمة بين الأمور المعنوية وإعطاء الامتيازات المادّية والاقتصادية، مضافاً إلى أنّ بعض أمَّهات المؤمنين لا سابقة لهنَّ في الهجرة.
6ـ وما أدري ما حال مَنْ طلّقها النبي| في حياته؟ هل شملها الحكم أو لا، مع كونها يحرم عليها الزواج من غير النبي|؟!
7ـ وأمّا كونه| حيّاً في قبره فهو من أطرف ما قرأتُ؛ فإنّه من الواضح أنّ المراد بحياته| في قبره ليست هي الحياة المتعارفة، بل هي حياةٌ خاصّة علمها عند ربّي، وإلاّ لو كان المراد الحياة الاعتيادية فمعنى هذا أنّه| لم يمُتْ أصلاً، ولم يكن بحاجةٍ إلى إجراء أحكام الميت عليه، من تجهيز وصلاة ودفن، ولم يكن أيُّ داعٍ لخلافته|. وماذا نصنع بقوله تعالى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ (الزمر: 30)؟! إلى غير ذلك من اللوازم العجيبة.
2ـ قوله|: «ومؤونة عاملي»:
1ـ المؤونة: من مأن القوم: احتمل مؤونتهم، أي قوتهم وقام عليهم، والاسم المائنة([76]). والمؤونة فعولة([77]). وقال الجوهري: المؤونة تهمز ولا تهمز… وقال الفرّاء: مفعلة من الأين، وهو التعب والشدّة. وقيل مفعلة من الأون، وهي [= جانب] الخرج والعدل؛ لأنّها تثقل على الإنسان([78]).
2ـ وأمّا المضاف إليه فبحسب النقل المتعارف هو «عاملي». لكنْ ورد في بعض النقول «عيالي»([79]). ومن الواضح أنّ عنوان (العيال) أوسع من عنوان (الأزواج)، فيشمل الأزواج والعبيد والخدم، وربما الضيف.
3ـ وأمّا كلمة (العامل) فقد اختلف في المراد بها على أقوال:
القول الأوّل: الخليفة بعد النبيّ|. واختاره الحافظ، وأفاد بأنّه القول المعتمد. وهو الذي يوافق حديث عمر في منازعة عليٍّ× وعباس.
المناقشة: 1ـ إنّه لا يعبَّر عن الخليفة الحاكم على جميع المسلمين بأنّه (عامل).
2ـ عدم صحّة إضافة لفظ (العامل) إليه|؛ فإنّها إنّما تصحّ لو كان الشخص منصوباً من قِبَله| حال حياته، ولا تصحّ فيما لو كان النصب من قِبَل غيره|.
3ـ إنّ المعروف من سيرة الحكّام والخلفاء على طول التاريخ أنّهم يأخذون عطاءهم من بيت المال، وليس من الصدقات.
القول الثاني: العامل على النخل. وبه جزم الطبري وابن بطّال.
المناقشة: 1ـ إنّه لا يُطلق عليه (العامل)، بل يُطلق عليه الأجير ونحوه. وتوهُّمُ كون هذا الإطلاق متعارفاً ناشئٌ من إطلاقه في زماننا الحاضر، فهو من الاستعمالات الجديدة.
2ـ إنّ عمل العامل يُقابل عادة بالأجرة، لا بالمؤونة.
3ـ ثمّ لِمَ استُخدمت صيغة المفرد؟!
القول الثالث: حافر قبره|.
المناقشة: 1ـ لم يُنقل عنه| أنّه كان قد عيَّن حافراً لقبره|، ولم يكن| بحاجة إلى ذلك، مع قيام المسلمين به.
2ـ أيّ خصوصية لحفر القبر؟! فلِمَ لم يرِدْ أيُّ ذكرٍ للغاسل والدافن والمكفِّن؟!
3ـ لم يكن المسلمون يحفرون القبر بأجرةٍ، فكيف له|؟!([80]).
القول الرابع: خادمه|.
المناقشة: 1ـ لم يُعهد في تاريخ المسلمين إعطاء أيّ امتياز لخادم النبي| بعنوان أنّه خادمه|.
2ـ ثمّ إنْ كان خادمه| حُرّاً فحاله حال سائر المسلمين، وإنْ كان عبداً فإن انتقل إلى ورثته| فعليهم نفقته، وإنْ بقي بلا مالكٍ فما معنى بقاء الرقّية في عنقه ولا مالك له؟! ولمَنْ تقع منافعه؟! إلى غير ذلك من التساؤلات التي لا ينسجم شيءٌ منها مع الواقع التاريخي البتّة.
3ـ مضافاً إلى أنّ المتعارف إعطاء الخادم النفقة، لا المؤونة.
القول الخامس: العامل على الصدقة([81]).
المناقشة: 1ـ يرد عليه ما أوردناه على القول الثاني.
2ـ إنّه بناءً على إرادته في الحديث سوف يكون من باب التأكيد؛ لأنّ العاملين على الصدقات هم من جملة مصارفها، وحالهم حال غيرهم، كالفقراء والمساكين وأبناء السبيل وغيرهم، فلا تظهر النكتة لاستثنائهم وذكرهم على الخصوص، دون غيرهم.
القول السادس: الصانع.
المناقشة: 1ـ يرد عليه ما تقدَّم في مناقشة القول الأوّل.
2ـ ثمّ إنّه لم يظهر لي معنى معقولاً لاستخدام الصانع بعد وفاته|، ولأيّ شيءٍ كان؟!
القول السابع: الناظر. ويظهر من البخاري ترجيحه، كما قيل([82]).
المناقشة: 1ـ إنّ النظارة إنْ كانت بوصيّةٍ منه| فهذا ممّا لم يُنقَل لنا في الأخبار، وإنْ كانت بغير ذلك فلا تصحّ الإضافة إليه|، بل يُقال: الناظر على المال.
القول الثامن: العامل على أرضه|. واختاره أحمد، ونسبه ابن بطّال إلى البخاري([83]).
المناقشة: وممّا تقدّم يظهر وجه المناقشة فيه.
الحاصل
وبعد هذه المتعبة التي لا طائل تحتها ننبِّه إلى ما يلي:
1ـ إنّ هذه الأقوال الثمانية المتقدِّمة لا دليل ولا شاهد على شيءٍ منها إطلاقاً، وإنّما هي افتراضات تبرُّعية، وتخبُّطات في تفسير النصّ. مضافاً إلى عدم تمامية واحدٍ منها.
2ـ إنّ هذه الفوضى في فهم النصّ لتكشف عن وجود خللٍ ما في النصّ؛ إمّا لكونه منقولاً بالمعنى؛ أو لحدوث تصحيف، كما يؤيّده بعض النقول المتقدّمة التي ورد فيها لفظ (عيالي) بدل (عاملي)؛ أو لغير ذلك من الاحتمالات.
3ـ عدم التناسب بين استثناء الأزواج وبين استثناء العامل، كما سيأتي توضيحه.
4ـ ما تقدَّم عند البحث في وحدة هذه الأحاديث بكلِّ صيغها مضموناً وطريقاً، وما مرّ عليك من اضطراب في هذا الحديث، يؤكِّد هذه الحقيقة أيضاً.
5ـ لِمَ خصّ النساء بالنفقة، والمؤونة بالعامل؟! وهل بينهما فرق؟!
أجاب عنه السبكي بقوله: إنّ المؤونة في اللغة: القيام بالكفاية، والإنفاق: بذل القوت. وهذا يقتضي أنّ النفقة دون المؤونة.
ثمّ قال: والسرُّ في التخصيص المذكور الإشارة إلى أنّ أزواجه| لمّا اخترْنَ الله ورسوله والدار الآخرة كان لا بُدَّ لهنّ من القوت، فاقتصر على ما يدلّ عليه. والعامل لمّا كان في صورة الأجير، فيحتاج إلى ما يكفيه، اقتصر على ما يدلّ عليه.
ثمّ قال: ولا يعترض عليه بأنّ عمر كان فضَّل عائشة في العطاء؛ لأنّه علّل ذلك بمزيد حبِّه| إيّاها.
قال الحافظ: وهذا ليس بما بدأ به؛ لأنّ قسمة عمر كانت من الفتوح، وأمّا ما يتعلَّق بحديث الباب ففي ما يتعلّق بما خلَّفه النبي|، وأنّه يبدأ منه بما ذكر.
المناقشة
1ـ لست أدري من أين اكتشف السبكي هذا السرّ المكنون في الفرق بينهما؟! وما هو الدليل أو الشاهد لما ذكر؟!
فهل اختيارهنّ لله ورسوله| سببٌ لإعطائهنّ القوت فحَسْب، دون الكسوة وسائر الاحتياجات الطبيعيّة؟! وماذا يقول السبكي بشأن السكنى؟! ألهنَّ حقٌّ في ذلك أم لا؟!
وهل الأجير يستحقّ المؤونة أم الأجرة؟!
2ـ ثمّ ما هو المسوِّغ الشرعي لتفضيل بعض أزواجه| على بعضٍ آخر؟! فهل زيادة حبِّه لذلك البعض يُبيح زيادة الحقّ والامتياز المالي، بحسب مقاييس الشرع الحنيف؟!
3ـ ثمّ إنّ شدّة حبّ النبي| لبعض أزواجه| مسألةٌ شخصية، تخصّه دون غيره، وتقع في دائرة الحريم الخاصّ. فذكر ذلك على الملأ سوء أدبٍ معه|.
4ـ إنّ المعهود في سلوك النبي| وأخلاقيته العدل والمساواة بين أزواجه، وعدم إثارة التفرقة بينهنّ. وقد كان يحرص حرصاً شديداً على إرضائهنّ. ونزل في ذلك قرآنٌ يُعاتبه على إتعاب نفسه من أجل إرضاء أمّ المؤمنين حفصة. ألم يكن من الأنسب استمرار هذا التصرُّف النبوي من عدم إثارة الحزازة بينهنّ بعد وفاته|؟!
والقول بأنّ مصدر المال الإضافي المدفوع كان هو الفتوح لا يدفع الغائلة.
5ـ ولستُ أدري ما تصنع أمّ المؤمنين عائشة بالمال وقد اختارَتْ الله ورسوله| والدار الآخرة؟!
مناقشاتٌ أساسية
1ـ إنّ هذه الفقرة من الحديث تدلّ على دعوىً في منتهى الغرابة، ألا وهي تخصيص أمّهات المؤمنين بشيءٍ من الصدقات؛ وذلك من وجوهٍ عديدة:
منها: إنّ الصدقات للفقراء والمساكين وسائر مَنْ ذكرتهم الآية، ولا ينطبق شيءٌ من تلك العناوين على أمّهات المؤمنين، كلاًّ أو جلاًّ، ولا سيَّما مع وجود عوائلهنّ وعشائرهنّ.
ومنها: ثمّة قولٌ لدى أهل السنّة يرى تحريم الصدقات على أزواج النبي|. وهذا ما لا يتلاءم مع إعطائهنّ من الصدقة.
ومنها: لم يتّضح المراد بهذه الفقرة. فهل يُراد بها الوصية لأزواجه|، أو يُراد بها حكمٌ استثنائي لا يُعرف وجهه؟!
فإنْ كان المراد الأوّل فأين الوصيّ؟ وأين الوصيّة؟ وأين الشهود عليها أو السامعون لها؟ ولماذا لا تنطبق عليها أحكام الوصيّة، كالخروج من الثلث؟! ولماذا لم يُطلع النبي| أزواجه على ذلك الأمر، وأنّ رزقهنّ مضمون لهنّ طوال حياتهنّ؟! وما الداعي لإخفاء هذا الأمر عليهنّ؟! وما هو المبرِّر العقلائي لهذا؟!
وإنْ كان المراد الثاني فهذا ما لم يدَّعه أحدٌ من علماء الإسلام.
ومنها: إنّ الظاهر من نصّ الحديث أنّ ما يُعطى لأمَّهات المؤمنين، وأيضاً ما يُعطى للعامل، قبل جعل المال صدقة؛ فإنّ ما يبقى بعد ذلك يكون صدقةً، وهذا من أعجب العجائب!! لأنّ المال المقتطع مجهول المقدار لا يتعيَّن إلاّ بموت المُعطى، فلا يمكن العمل بمقتضى هذا الحديث إطلاقاً.
ومنها: إنّ هذا المال المُعطى بعنوان النفقة لا شكّ بأنّه يفوق حصص الإرث، فما هو الوجه حينئذٍ في الحرمان من الإرث، والإنفاق مرّة أخرى من التركة؟! فما هذا إلاّ نوع من الالتفاف على الحكم الشرعي؟!
أقول: وكأنّ نَقَلة حديث نفي الإرث استصعبوا تضييع زوجات النبي|، وتركهنّ كالمشرّدات بعد وفاته|، من دون تغطية لنفقاتهنّ، فحاولوا تدارك ذلك الشَّيْن الذي لا يتحمَّله أيُّ مسلمٍ غيور، وجبران ذلك بإضافة هذه الفقرة إلى الحديث.
وهي فقرة محوَّرة من كلام لأبي بكر، وليست من كلام النبي|. فقد روى أحمد، وصحّحه الترمذي، عن أبي هريرة، قال: إنّ فاطمة(رضا) قالت لأبي بكر: مَنْ يرثك إذا متّ؟ قال: ولدي وأهلي، قالت: فما لنا لا نرث النبي|؟ قال: سمعت النبي| يقول: «إنّ النبي لا يورث»، ولكنّي أعول مَنْ كان رسول الله| يعول، وأنفق على مَنْ كان رسول الله| ينفق [عليه]([84]). فلاحِظْ فقرة «أعول مَنْ كان رسول الله| يعول، وأنفق على مَنْ كان رسول الله| ينفق عليه»، وقارِنْ بينها وبين المنسوب إلى النبي| في حديث أبي الزناد تجد المفاد واحداً.
بل إنّك إذا دقَّقت في صدر الحديث ـ وسمعت النبي| يقول: «إنّ النبي لا يورث» ـ يقوى الاحتمال الذي أبداه البعض، كالجوهري، من أنّ أصل حديث نفي الإرث لم يكن سمعه أبو بكر من النبي| بهذا اللفظ، وإنّما هو حديثٌ مستنبط من حديث آخر، وهو حديث أبي الطفيل، قال: أرسلت فاطمة إلى أبي بكر: أنت ورثت رسول الله| أم أهله؟ قال: بل أهله، قالت: فما بال سهم رسول الله|؟ قال: إنّي سمعت رسول الله يقول: إنّ الله أطعم نبيَّه طعمةً، ثمّ قبضه إليه، وجعله للذي يقوم بعده. فوليت أنا بعده [على] أن أردَّه على المسلمين، قالت: أنتَ وما سمعت من رسول الله| أعلم([85]). وسيأتي له مزيدُ بيانٍ.
ـ يتبع ـ
الهوامش
_____________________
(*) باحثٌ وأستاذ في الحوزة العلمية، وعضو الهيئة العلميّة لجامعة المصطفى| العالميّة، ورئيس تحرير مجلّة فقه أهل البيت^. من العراق.
([1]) مسند أحمد 1: 4، 6، 9، 10، 25، 47، 48، 49، 60، 162، 179، 191، 208، 208، و2: 463، و6: 145، 262؛ صحيح البخاري 4: 42، 43، 44، 210، و5: 23، 24، 25، 25، 82، و6: 190، و8: 3، 3، 3، 4، 5، 146؛ صحيح مسلم 5: 152، 152، 153، 153، 155، 156، وغيرها.
([2]) مسند أحمد 1: 25، 48، 162؛ سنن أبي داوود 2: 25، ح2975، وغيرها.
([3]) مسند أحمد 2: 463؛ صحيح البخاري 4: 42، 43، 44، 210، و5: 23، 24، 25، 25، 82، و6: 190، و8: 3، 3، 3، 4، 5، 146؛ صحيح مسلم 5: 152، 152، 153،
153، 155، 156، وغيرها.
([4]) ابن حجر، فتح الباري 12: 6؛ العيني، عمدة القاري 11: 67، 67، و14: 163؛ الجوهري، السقيفة وفدك: 103، 115، وقد رواه الجوهري، في صفحة 116، بلفظ: «إنّا لا نورث معاشر الأنبياء».
([5]) عمدة القاري 14: 163، و15: 20، 24، وغيرها. وقد صرّح بعض المحقِّقين بعدم ثبوت النقل بهذه الصيغة.
([6]) سنن الدارقطني 1: 231، ح34؛ السقيفة وفدك: 105.
([7]) البكري الدمياطي، حاشية إعانة الطالبين 3: 262.
أقول: لا أظنّه وقع سهواً، بل على الأرجح أنّه اعتمد على بعض النسخ التي كانت متوفّرة عنده ومعتبرة لديه؛ وذلك: أوّلاً: بقرينة ما رتّب عليه من استنباطه لحكم شرعي وقاعدة شرعية من تقسيم الورّاث إلى أربعة أقسام: أحدها مَنْ يرث ولا يورث، وجعل مثاله الأنبياء. وثانياً: لقد ذكر كثيرٌ من الفقهاء هذا التقسيم، وأوردوا المثال بعينه، فهؤلاء وإنْ لم يذكروا الحديث باللفظ الذي نقله الدمياطي، إلاّ أنّ القاعدة التي ذكروها في تقسيم الورثة، والمثال الذي أوردوه، يعتبر دليلاً على رجحان نقل الدمياطي، بل ويعتبر دليلاً على وقوع خطأ أو تصحيف في النسخ التي اعتمدوها، وإلا فسيُبتلى كلامهم بالتهافت. ولن يكون الحديث دالاًّ على تمام المدّعى، والله العالم بحقائق الأمور. (انظر: الشربيني، الإقناع في حلّ ألفاظ أبي شجاع 2: 50).
([8]) مسند أحمد 1: 10، 13؛ البيهقي، السنن الكبرى 6: 302.
([9]) مسند أحمد 1: 13، و2: 353.
([10]) ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة 16: 214.
([11]) مسند أحمد 1: 4، 6، 9، 10، 25، 47، 48، 49، 60، 162، 164، 179، 191، 208، 208؛ صحيح البخاري 4: 42، 43، 44، و5: 23، 24، 25، 25، 82، و6: 190، و8: 3، 3، 3، 4، 5، 146؛ صحيح مسلم 5: 152، 152، 153، 153، 155، 156؛ سنن أبي داوود 2: 21، 21، 21، 22، 23، 23، 25؛ النسائي، السنن الكبری 7: 136؛ البيهقي، السنن الكبرى 6: 298، 298، 299، 299، 299، 299، 300، 301، 301، 302، 302، و10: 143، وغيرها.
([12]) البيهقي، السنن الكبرى 6: 297، 297.
([13]) صحيح مسلم 5: 152؛ سنن الترمذي 3: 82، 82؛ البيهقي، السنن الكبرى 6: 298، 300، و7: 59، 65.
([14]) مالك بن أنس، الموطّأ 2: 993، 27؛ مسند أحمد 6: 145؛ صحيح البخاري 4: 210؛ صحيح مسلم 5: 153؛ سنن أبي داوود 2: 25.
([16]) الموطّأ 2: 993. وهذا اللفظ هو المطابق مع صحيح البخاري. قال الحافظ: كذا لأبي ذرّ عن غير الكشميني، والباقين «لا يقسم» بحذف التاء الثانية. (انظر: الكاندهلوي، أوجز المسالك إلى موطّأ مالك 15: 327).
([17]) حكي هذا اللفظ عن الزرقاني. قال: بفوقية أوّله وتحتيته روايتان، وفي رواية بتاء بعد القاف، وأخرى بحذفها. (انظر: أوجز المسالك إلى موطّأ مالك 15: 327).
([18]) انظر: ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق 4: 115.
([19]) حكي هذا اللفظ عن نسخة. (انظر: أوجز المسالك إلى موطّأ مالك 15: 326).
([20]) حكي هذا اللفظ عن الزرقاني. (انظر: أوجز المسالك إلى موطّأ مالك 15: 327).
([21]) انظر: أوجز المسالك إلى موطّأ مالك 15: 327.
([22]) حُكي عن أحمد (انظر: عمدة القاري 23: 234).
([23]) الشافعي، كتاب المسند: 323.
([24]) صحيح البخاري 3: 197، و4: 45، و8: 4؛ صحيح مسلم 5: 156؛ مسند أحمد 2: 376؛ البيهقي، السنن الكبری 6: 302، و7: 65.
([25]) وبهذا اللفظ أخرجه مسلم من رواية سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد. وتابعه عليها الثوري عن أبي الزناد عند الترمذي في الشمائل المحمّدية: 210، ح386. وحكي عن أحمد. (انظر: الشوكاني، نيل الأوطار 6: 196).
([26]) انظر: أوجز المسالك إلى موطّأ مالك 15: 327.
([27]) صحيح البخاري 3: 197، و4: 45، و8: 4؛ صحيح مسلم 5: 156؛ مسند أحمد 2: 376؛ البيهقي، السنن الكبرى 6: 299، 302، و7: 65؛ البغدادي، تركة النبي|: 85؛ الطبراني، مسند الشاميين 4: 200، ح 3098.
([28]) انظر: النميري، تاريخ المدينة المنوّرة 1: 202؛ الذهبي، تاريخ الإسلام 3: 27.
([29]) انظر: تاريخ مدينة دمشق 4: 114؛ الصالحي، سبيل الهدى والرشاد 12: 369.
([30]) انظر: البيهقي، السنن الكبرى 6: 299؛ تركة النبي|: 85؛ مسند الشاميين 4: 200، ح3098.
([31]) مسند أحمد 2: 463؛ السقيفة وفدك: 111.
([32]) الموطّأ 2: 993، 28؛ مسند أحمد 2: 376؛ صحيح البخاري 3: 197، 4: 45، 8: 4؛ صحيح مسلم 5: 156؛ سنن أبي داوود 2: 25؛ البيهقي، السنن الكبرى 6: 302، و7: 65؛ الشافعي، كتاب المسند: 323.
([33]) مسند أحمد 2: 464؛ تاريخ مدينة دمشق 4: 115.
([34]) انظر: سبيل الهدى والرشاد 10: 442.
([35]) مسند أحمد 2: 376؛ تاريخ المدينة المنوّرة 1: 202.
([36]) البيهقي، السنن الكبرى 6: 299؛ تاريخ الإسلام 3: 27.
([37]) الموطّأ 2: 993؛ مسند أحمد 2: 242، 376، 464؛ صحيح البخاري 3: 197، و4: 45، و8: 4؛ صحيح مسلم 5: 156؛ سنن أبي داوود 2: 25؛ البيهقي، السنن الكبرى 6: 302، و7: 65.
([38]) السقيفة وفدك: 111؛ الحطاب الرعيني، مواهب الجليل 5: 12.
([39]) انظر: البيهقي، السنن الكبرى 6: 299؛ تاريخ المدينة المنوّرة 1: 202؛ تاريخ الإسلام 3: 27.
([40]) انظر: عمدة القاري 12: 168.
([41]) أوجز المسالك إلى موطّأ مالك 15: 318.
([42]) أوجز المسالك إلى موطّأ مالك 15: 319 ـ 320.
([46]) مسند أحمد 6: 145، 262؛ صحيح البخاري 4: 210، باب مناقب المهاجرين وفضلهم؛ سنن أبي داوود 2: 25، ح2977؛ علل الدارقطني 1: 231، س (34).
([47]) سنن أبي داوود 2: 25، ح2976.
([48]) من قبيل: السقيفة وفدك: 103، 116. وفي صفحة 115 رواه عن مالك؛ الإقناع في حلّ ألفاظ أبي شجاع 2: 50؛ الشربيني، مغني المحتاج 3: 26؛ حاشية إعانة الطالبين 3: 262؛ السيوطي، تنوير الحوالك: 715؛ الدردير، الشرح الكبير 2: 214؛ السرخسي، المبسوط 12: 29؛ الكاساني، بدائع الصنائع 6: 219؛ المفيد، المسائل الصاغانية: 99؛ رسائل الشريف المرتضى 3: 146.
([49]) انظر: تنوير الحوالك: 715.
([50]) انظر: الصدر، فدك في التاريخ: 159.
([51]) انظر: فدك في التاريخ: 159.
([52]) المفيد، حديث نحن معاشر الأنبياء: 23 ـ 24.
([54]) انظر: فدك في التاريخ: 159.
([56]) قال الشيخ الطبرسي&: اختلف العلماء في كيفية صرف الخمس، ومَنْ يستحقه، على أقوال: أحدها: ما ذهب إليه أصحابنا، وهو أنّ الخمس يقسم على ستّة أسهم؛ فسهم لله؛ وسهم للرسول. وهذان السهمان مع سهم ذي القربى للإمام القائم مقام الرسول|؛ وسهمٌ ليتامى آل محمد؛ وسهم لمساكينهم؛ وسهم لأبناء سبيلهم، لا يشركهم في ذلك غيرهم؛ لأنّ الله سبحانه حرَّم عليهم الصدقات؛ لكونها أوساخ الناس، وعوّضهم من ذلك الخمس. (مجمع البيان 2: 543). وراجع: الحُرّ العاملي، وسائل الشيعة 6: 355 ـ 360، ففيه عدّة روايات في هذا الموضوع. وإليك بعضها:
1ـ عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين× يقول: «نحن والله الذين عنی الله بذي القربى، والذين قرنهم الله بنفسه وبنبيه، فقال: ﴿مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ﴾ منا خاصة، ولم يجعل لنا سهماً في الصدقة، أكرم الله نبيَّه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس». (وسائل الشيعة 6: 357).
2ـ عن العبد الصالح قال: «وإنّما جعل الله هذا الخمس لهم خاصة، دون مساكين الناس وأبناء سبيلهم؛ عوضاً لهم من صدقات الناس؛ تنـزيهاً من الله لهم؛ لقرابتهم برسول الله|؛ وكرامة من الله لهم عن أوساخ الناس». (وسائل الشيعة 6: 358).
ونقل السيوطي في الدرّ المنثور 3: 186 عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: سألتُ عليّاً× كيف كان صنع أبي بكر وعمر في الخمس نصيبكم…؟ ثم أنشأ علي× يحدِّث فقال: «إنّ الله حرَّم الصدقة على رسوله|، فعوَّضه سهماً من الخمس؛ عوضاً ممّا حرّم عليه، وحرّمها على أهل بيته خاصّة، دون أمّته، فضرب لهم مع رسول الله|؛ عوضاً ممّا حرّم عليهم».
وفي الدرّ المنثور 3: 186 رواية أخرى في هذا الموضوع أيضاً، فراجع.
([57]) المفيد، حديث نحن معاشر الأنبياء: 20 ـ 23.
([58]) انظر: الباجي، المنتقى شرح موطّأ مالك 9: 501؛ السيوطي، تنوير الحوالك شرح علی موطّأ مالك: 716 ـ 717؛ أوجز المسالك إلى موطّأ مالك 15: 320.
ومن الطريف ما حكاه الباجي عن شيخه، حيث قال: وقد أخبرني القاضي أبو جعفر السمناني أنّ أبا عليّ بن شاذان، وكان من أهل العلم بهذا الشأن، إلا أنّه لم يكن قرأ عربية، فناظر يوماً في هذه المسألة أبا عبد الله بن المعلّم ـ وكان إمام الإمامية ـ، وكان مع ذلك من أهل العلم بالعربية. فاستدلّ ابن شاذان على أنّ الأنبياء لا يورثون بحديث: «إنا معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة»، فقال له ابن المعلّم: أمّا ما ذكرت من هذا الحديث فإنّما هو صدقة نُصِب على الحال، فيقتضي ذلك أنّ ما تركه النبي| على وجه الصدقة لا يورث عنه. ونحن لا نمنع هذا، وإنّما نمنع ذلك في ما تركه على غير هذا الوجه ـ واعتمد هذه النكتة العربية لما علم أنّ ابن شاذان لا يعرف هذا الشأن، ولا يفرّق بين الحال وغيره ـ، فلمّا عاد الكلام إلى ابن شاذان قال له: ما ادَّعيت من قوله|: «لا نورث ما تركنا صدقة» إنّما هو صدقة منصوب على الحال، وأنت لا تمنع هذا الحكم في ما تركه الأنبياء على هذا الوجه، فإنّا لا نعلم فرقاً ما بين قوله: «ما تركنا صدقة» بالنصب وبين قوله: «ما تركنا صدقة» بالرفع، ولا أحتاج في هذه المسألة إلى معرفة ذلك؛ فإنّه لا شكّ عندي وعندك أنّ فاطمة(رضي الله عنها) من أفصح العرب، وأعلمهم بالفَرْق بين قوله: «ما تركنا صدقة» و«ما تركنا صدقة». وكذلك العباس بن عبد المطّلب(رضي الله عنه)، وهو ممَّنْ يستحق الميراث لو كان موروثاً. وكان علي بن أبي طالب× من أفصح قريش، وأعلمهم بذلك. وقد طلبت فاطمة(رضي الله عنها) ميراث أبيها، فأجابها أبو بكر الصديق(رضي الله عنه) بهذا اللفظ على وجهٍ فهمت منه أنّها لا شيء لها، فانصرفت عن الطلب. وفهم ذلك العباس(رضي الله عنه). وكذلك عليٌّ× وسائر الصحابة. ولم يتعرّض أحدٌ منهم لهذا الاعتراض. وكذلك أبو بكر الصديق المحتجّ به والمتعلّق به لا خلاف أنّه من فصحاء العرب، العالمين بذلك، لم يورد من هذا اللفظ إلاّ ما يقتضي المنع. ولو كان اللفظ لا يقتضي المنع ما أورده ولا تعلَّق به. فإن كان النصب يقتضي ما تقوله فادّعاؤك في ما قلت باطلٌ، وإنْ كان الرفع الذي يقتضيه فهو المرويّ، وادّعاء النصب فيه باطل. (المنتقی شرح موطّأ مالك 15: 500 ـ 501).
ونقل هذه المناظرة بعض مَنْ تأخَّر عنه، كالسيوطي في تنوير الحوالك شرح علی موطّأ مالك: 715 ـ 716؛ والكاندهلوي في أوجز المسالك إلی موطّأ مالك 15: 320.
أقول:
1ـ لِمَ لم ينقل الباجي وغيره رأي الشيخ المفيد من كتبه ورسائله العديدة والمتداولة، ولا سيَّما أنّ له رسالة خصّصها لبحث حديث «لا نورث». وإنْ لم يكن ذلك متيسِّراً لهم فلِمَ لم ينقلوا عنه بالواسطة من خلال كتب الإمامية، واكتفوا بنقل مناظرةٍ شفوية؟!
2ـ إنّ الذي طرحه الشيخ المفيد، في رسالته وغيرها، أنّ الحديث قد ورد بصيغتين؛ فإحداهما يحتمل فيها الرفع؛ والأخری يحتمل فيها النصب. وقد بحث الحديث بكلتا صيغتَيْه، وعلی كلا الاحتمالين. وذكر وجوهاً مفصَّلة وبياناً مسهباً. وقد أثبت رجحان ما ذهبت إليه الإمامية علی قراءة الرفع والنصب، ولم يصرّ علی قراءة النصب.
3ـ لقد أثبتنا في بحثنا وهن ما تمسَّك به علي بن شاذان؛ وذلك لأنّ ما يبغيه أبو بكر يتحقَّق سواء قلنا: إنّ انتفاء الموروثية للنبي| كان من باب انتفاء الحكم أم قلنا إنّه كان من باب انتفاء الموضوع. وعليه فتمسُّك أبي بكر بالحديث واحتجاجه به لا يكون مرجِّحاً لقراءة الرفع.
([59]) انظر: أوجز المسالك إلى موطّأ مالك 15: 329.
([60]) شرح نهج البلاغة 16: 214.
([61]) انظر: فدك في التاريخ: 153، 156 ـ 157.
([62]) انظر: فدك في التاريخ: 160.
([63]) وسائل الشيعة 27: 78، باب 8 من أبواب صفات القاضي، ح2؛ المجلسي، بحار الأنوار 2: 92، ح21.
([64]) الكليني، الكافي 1: 32، ح2.
([65]) انظر: أوجز المسالك إلى موطّأ مالك 15: 327.
([66]) انظر: الشهيد الثاني، الرعاية في علم الدراية: 104؛ السبحاني، أصول الحديث وأحكامه في علم الدراية: 72.
([67]) انظر: أوجز المسالك إلى موطّأ مالك 15: 327.
([69]) المنتقى شرح موطّأ مالك 9: 500.
([70]) انظر: أوجز المسالك إلى موطّأ مالك 15: 327.
([72]) انظر: المصدر السابق 15: 329.
([74]) انظر: المصدر السابق 15: 327.
([75]) انظر: المصدر السابق 15: 328.
([76]) انظر: الزبيدي، تاج العروس 18: 520 ـ 522.
([77]) الجوهري، الصحاح 6: 2198.
([79]) انظر: الحطّاب، مواهب الجليل 5: 12؛ السقيفة وفدك: 111.
([80]) انظر: عمدة القاري 14: 70.
([81]) انظر: ابن حجر، فتح الباري 6: 146.
([82]) انظر: أوجز المسالك إلى موطّأ مالك 15: 328.
([84]) انظر: مسند أحمد 1: 10؛ سنن الترمذي 3: 81 ـ 82، ح1658؛ نيل الأوطار 6: 196.
([85]) مسند أحمد 1: 4؛ البيهقي، السنن الكبرى 6: 303؛ سنن أبي داوود 2: 24، رقم (2953)؛ السقيفة وفدك: 109؛ شرح نهج البلاغة 15 ـ 16: 350.