أحدث المقالات

مقدمات في التحقيق حول أسباب ضعف الرواية ومعايير تنقيحها وتصحيحها

ــ القسم الأول ــ

أ. عبد المهدي جلالي(*)

ترجمة: نظيرة غلاب

تمهيد في التعريف بالعلامة التستري

يُعتَبَر العلامة التستري ـ نسبة إلى قرية تستر (ششتر) ـ واحداً من رجال العلم والزهد والتقوى. وقد نذر حياته للعلم والبحث والتحقيق، وقضى عمره في محراب العبادة سالكاً متعبِّداً، لم يثنِه عن ذلك مالٌ ولا ولدٌ. فكانت حياته عبارة عن التنقل صعوداً بين مراتب التتلمذ والتدريس والتأليف. شرب من كأس العلم، فتذوَّق عذوبة طعمه، فلم يجِدْ بعد ذلك لذّة عيش، إلا بين الكتب والقرطاس والقلم. وحتى وهو في أشد الأوقات وأكثرها حساسية، أي في وقت مرضه الأخير الذي كان مقدّمة نحو سفره إلى الحق تعالى، لم تكن تلك الفاصلة من الزمن إلا كبقيتها؛ إما في الكتابة والنقد؛ أو العبادة والمناجاة «عدّ لوحده جبلاً من العلم شامخاً في تلك القرية النائية»([1]).

ولد العلامة محمد تقي التستري في سنة 1320هـ، في النجف الأشرف، وقضى فيها ثماني سنوات من طفولته، في وسط أسرة عرفت بالعلم والتقوى، وذلك في ظلّ والده العالم المتبحِّر الشيخ محمد كاظم التستري. وما أن أنهى والده دراسته، وحصل على درجة الاجتهاد، حتى ولّى عائداً إلى بلدته تستر، فاضطر شيخنا محمد تقي التستري أن يرجع بعد ذلك مع عائلته إلى تستر، لتكون تلك العودة بداية مشواره الطويل مع العلم والدرس. وقد استمر كذلك إلى حين حصوله على درجة الاجتهاد، المرتبة التي شهد له بها العديد من أعلام العلم والمعرفة، بدءاً من والده، وكذا السيد محمد تقي شيخ الإسلام، والسيد مهدي آل الطيب، وغيرهم من العلماء المرموقين.

ولما بدأ رضا شاه بهلوي في خطته لإبعاد إيران عن كلّ ما هو ديني، بدءاً بمحاربة كل المظاهر الدينية، وخاصة اللباس الشرعي للمرأة، غادر الشيخ محمد تقي التستري إيران متوجِّهاً إلى كربلاء المقدسة. وقد كانت المغادرة في مثل تلك الظروف من طرف العلماء تُعَدُّ موقفاً سياسيّاً، تعبيراً منهم عن الرفض لتلك السياسات، واستهجاناً منهم لشخصها، فكان هذا السفر فرصةً جديدة للتلمُّذ على الكثير من العلماء العظام، الذين كان من بينهم الشيخ آغا بزرگ الطهراني، حيث نال منه الإجازة في نقل الحديث.

وبعد عزل رضا شاه عاد محمد تقي إلى قريته تستر، ولم يغادرها بعد ذلك إلا إلى مثواه الأخير([2]). وقد قال فيه العلامة الطهراني&: «عالم رباني، ولد في النجف، ونشأ بها على حبّ العلم والفضيلة، اللذين ورثهما عن آبائه، وخاصّة عن جدّه الأكبر جعفر، الغني عن التعريف. اشتغل بالعلم على يدي أكابر العلماء وأفاضلهم، فكان مجدّاً مجتهداً تقيّاً ورعاً، حتى أصبح من المحقِّقين الأعلام، والمصنفين الكبار»([3]).

مؤلَّفاته

1ـ تحقيق المسائل: وهو شرح على كتاب «الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية»، حيث صنَّف عليه مجلدات عدّة. وقد تمّ طبعها.

2ـ الرسالة المبصرة في أحوال أبي بصير: تمّ طبعها في ملحق الجزء الحادي عشر من كتابه «قاموس الرجال».

3ـ شرح تنقيح المقال: وهو الكتاب الذي تمّ طبعه بعنوان «قاموس الرجال»، في أربعة عشر مجلداً.

4ـ قضاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب×: وقد ذكر فيه العديد من القضايا التي قضى فيها أمير المؤمنين× في مختلف المراحل، سواء في حياة النبي الأكرم‘ أو في فترة تعاقب الخلفاء الثلاثة عليها، وفي فترة تولّيه السلطة. وقد طبع الكتاب مرات عدّة. كما ترجم إلى اللغة الفارسية.

5ـ الأربعون حديثاً: وقد تم طبعه. وهو متوفِّرٌ في الأسواق.

6ـ جوامع أحوال الأئمة^: وقد طبع هو الآخر ضمن ملحق المجلَّد الحادي عشر من سلسلة «قاموس الرجال».

7ـ رسالة سهو النبي‘: وقد طبعت هي الأخرى في ملحق المجلد الحادي عشر من «قاموس الرجال».

8 ـ بهجة الصباغة في شرح نهج البلاغة: وهو عبارة عن شرح معمَّق لنهج البلاغة. طبع في أربعة عشر مجلَّداً.

9ـ الأوائل: وقد طبع في مجلَّد واحد. وقد تـناول فيه الكلام عن أوائل الأشياء وبداياتها.

10ـ البدائع: وموضوع الكتاب الحكايات العجيبة والقصص الغريبة، إلى جانب نكات أدبية، ولمع عربية.

11ـ آيات بيّنات في حقيقة بعض المنامات.

12ـ الأخبار الدخيلة: وقد طبع في أربعة مجلدات: المجلد الأول هو المجلد الأصل؛ والثلاثة الأخرى مستدركات على الأول. وقد حاز الكتاب الجائزة الأولى في «حفل انتخاب الكتاب الأول»، وذلك سنة 1405هـ.

لمحة موجزة في التعريف بكتاب «الأخبار الدخيلة»

وتجدر الإشارة إلى أنّ المعتمد في هذا البحث الكتاب الأول من «الأخبار الدخيلة»، وقليلة هي المرات التي يتمّ فيها التعريج إلى المجلدات الثلاثة الأخرى. لذا فكلّما أُرجع إلى الكتاب فليكن في ذهن القارئ أن المراد هو المجلَّد الأول، الذي حقَّقه وعلَّق عليه الأستاذ على أكبر غفاري، الطبعة الثانية، انتشارات الصدوق، طهران، 1401هـ.

قُسِّم الكتاب إلى ثلاثة أبواب، ولكل باب فصول، ويحمل كلّ باب وكلّ فصل عنواناً خاصّاً به. والأبواب مع فصولها هي على الشكل التالي:

1ـ الباب الأول: في الأحاديث المحرَّفة.

الفصل الأول: الأحاديث التي تتناقض وأصول المذهب الإمامي، فكان هذا التناقض دليلاً على تحريفها.

الفصل الثاني: الأحاديث التي تتناقض والحقائق التاريخية المجمع على صحتها، فكانت مخالفتها تلك دليلاً واضحاً على تحريفها وكذبها.

الفصل الثالث: الأحاديث التي رُكِّبت جملها وعباراتها بحيث كان ذلك دليلاً عن تحريفها، أي إنها حملت قرينة داخلية على أنها محرَّفة.

الفصل الرابع: الأحاديث التي تداخل بعضها ببعض، فكان ذلك تعبيراً عن إدانتها ورميها بالتحريف.

الفصل الخامس: الأحاديث التي عُدَّت من المحرَّفات لعلّة تشابه الخط فيها، وإسقاط شيء من سندها، أو متنها.

الفصل السادس: الأحاديث التي تناقض بعضها مع بعض، فكان هذا بيِّنة على تحريفها.

الفصل السابع: الأحاديث المحرّف سندها.

الفصل الثامن: الأحاديث التي حين تمّ نقلها بالمعنى تعرَّضت للتحريف.

الفصل التاسع: الأحاديث التي سقط جزءٌ منها، فكان ذلك علة في حسابها على الروايات المحرَّفة.

الفصل العاشر: الأحاديث التي عدّت محرَّفة بسبب عدم توخّي الدقة في نقل سندها، أو متـنها.

الفصل الحادي عشر: الأحاديث التي اختلط فيها كلام المعصوم بكلام الراوي، فاعتبرت بذلك محرَّفة.

2ـ الباب الثاني: الأحاديث الموضوعة.

الفصل الأول: روايات مَنْ ادّعى كذباً التشرُّف بملاقاة الإمام الحجة#.

الفصل الثاني: الروايات التي نسبت كذباً تفسيراً للإمام الحسن العسكري×.

الفصل الثالث: الروايات التي تمّت الزيادة أو النقصان فيها لنية خبيثة، أو عمد إلى تغيير مفرداتها.

الفصل الرابع: روايات متفرِّقة.

3ـ الباب الثالث: الأدعية الموضوعة، أو التي تعرضت للتحريف.

الفصل الأوّل: الأدعية التي لحقها التحريف.

الفصل الثاني: الأدعية الموضوعة.

وقد انتهى الشيخ التستري من كتابة الجزء الأول من كتاب «الأخبار الدخيلة» في سنة 1369هـ؛ ومن سنة 1390 إلى 1396هـ تمّ الانتهاء من المجلد الثاني، ومن نفس السنة إلى سنة 1401هـ تمّ الانتهاء من المجلد الثالث، كما تمّ بعد ذلك المجلد الرابع، الذي تمّ تدوينه بعد سنة 1401هـ.

 كما تم وبجهد من الأستاذ الباحث أكبر غفاري طبع ثلاثة مجلدات أخرى للكتاب في طهران([4]).  وطبع المجلد الأول من الكتاب في 276 صفحة.

الدوافع نحو نقد الروايات وتنقيحها والحاجة إليها

يقول السيد المرتضى&: «إن الحديث المرويّ في كتب الشيعة وكتب جميع مخالفينا يتضمن ضروب الخطأ وصنوف الباطل، من محال لا يجوز ولا يتصوَّر، ومن باطل قد دلّ الدليل على بطلانه وفساده… ولهذا وجب نقد الحديث»([5]).

 فالسبب في نقد علماء الحديث للحديث، ولجوئهم إلى تمحيصه وتنقيحه، سببٌ عقلائيٌّ. فمتى ما وجد دليلٌ علميٌّ على تحريف الأحاديث وجب عقلاً وشرعاً نقده، وتصحيح ما يمكن تصحيحه، أو رفض ما اعتبر موضوعاً ومكذوباً. هذا التحريف والوضع الذي ابتُليت به الأحاديث كان ـ أولاً ـ بسبب ما ابتُليت به الأمة من حكّام السوء، وتسلطهم على مقدراتها، ساعين بكل الوسائل إلى تثبيت مكانتهم؛ مرة بالقوة؛ ومرات عديدة بتحريف الروايات، ووضع أخرى؛ لإضفاء لباس الشرعية على تواجدها اللاشرعي([6])، ولإقصاء ذوي الحق الشرعي وتسويد وجوههم في قلب الأمة، فبدل أن تكون السلطة في خدمة أمن الأحاديث حصل العكس، فصارت الأحاديث في خدمة السلطة والسلطان. وثانياً: بسبب تواجد طابور المنافقين والحاقدين، واندساسهم بين صفوف الأمة في كل مراتبها، وسعيهم الحثيث في الانقضاض على ثوابت ورواسخ الأمة الدينية؛ من أجل القضاء عليها، أو خلق الفتنة في صفوفها. فكانت الأحاديث لقمتهم السائغة، وخصوصاً أنه قد وضعت عراقيل أمام حفظ الأحاديث من الضياع منذ الصدر الأول، وبعد وفاة النبي الأكرم‘ مباشرة، وذلك بتولي الأمر ممَّنْ ليس أهلاً له.

وإذا ما سعينا إلى تلخيص ما مرّ نقول: إن الآفات والمخاطر التي لحقت بالأحاديث تتلخَّص في ما تعارف عليه علماء مصطلح الحديث بالوضع والتحريف والتصحيف، وكلها من أنواع الحديث الضعيف، وإنْ اختلفت من حيث الشدة والضعف.

والتصحيف في قواميس اللغة مصدرٌ بمعنى الخطأ في الكتابة، وتغيير في رسم الكلمة، سواء بالزيادة فيها أو النقصان منها بإسقاط إحدى نقاطها أو أحد حروفها.

أما التحريف فمصدرٌ من انحرف، بمعنى مال إلى جانب دون آخر، وكذا بمعنى صيَّر الشيء غيره، ممّا يعني أن التحريف تغيير وتبديل في الكلام، بحيث يعطي معنى آخر مغايراً للأصل كليّاً.

إذاً فالمصحّف هو ما تعرَّض إلى تغيير في رسمه، وبالضبط في نقاط كلماته، كأن تكون الكلمة «عبد» فيزاد في نقاطها فتصبح «عيد»؛ وكأن تكون «حسين» فيسقط نقاطها فتصبح «حسن»؛ وهكذا. والمحرّف هو الخطاب أو الكلام الذي تعرَّض للتلاعب في معناه، وتغيير كلّيٍّ لمفرداته.

ولابد أن تكون للفقيه وعلماء الحديث دراية بالمحرّف والمصحّف، بل هي من ضروريات الفن. وبدونها لايمكن التمييز بين الأحاديث الضعيفة والصحيحة؛ وذلك بلحاظ كون الأحاديث الضعيفة تشغل حيِّزاً لا يستهان به بين الأحاديث، ولا يستطيع أحدٌ إنكار تواجد هذا الصنف من الأحاديث. فلو لم تكن لما تطرَّق إليها علماء المصطلح منذ المراحل الأولى لتدوين الأحاديث. فهذا النووي يقول: «الضعيف هو الحديث الذي افتقد إلى شروط الصحيح والحسن، وهو ـ أي الضعيف ـ أقسام كثيرة؛ فمنه: الموضوع؛ المقلوب؛ الشاذ؛ المنكر؛ المحلّل؛ والمضطرب»([7]).

 ولقد أشار النبي الأكرم‘ إلى تواجد الأحاديث الضعيفة، حين توعَّد الكذّابين بالنار، فقال: «من كذب عليّ متعمِّداً فليتبوّأ مقعده من النار»، وقال أمير المؤمنين×، حين دخل عليه سائل يسأله عن الأحاديث المبتدعة ـ ولعله يريد هنا الأحاديث المحرَّفة ـ، وأنه يتواجد في أيدي الناس أحاديث تغاير ما يصدر عن مقامه الشريف: «إن في أيدي الناس حقّاً وباطلاً، وصدقاً وكذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وعاماً وخاصاً، ومحكماً ومتشابهاً، وحفظاً ووهماً، ولقد كذب على رسول الله‘ على عهده، حتى قام خطيباً، فقال: مَنْ كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار»، وراح× بعد هذا يعدّ أصناف الرواة وأنواع الرواية، قائلاً: «إنما أتاك بالحديث أربعة رجال، ليس لهم خامس: رجل منافق، مظهر للإيمان، متصنِّع بالإسلام، ويتأثَّم ولا يتحرَّج، يكذب على رسول الله‘ متعمّداً، فلو علم الناس أنه منافق كاذب لم يقبلوا منه، ولم يصدّقوا قوله، ولكنهم قالوا: صاحب رسول الله‘، رآه، وسمع منه، ولقف عنه، فيأخذون بقوله، وقد أخبرك الله عن المنافقين بما أخبرك، ووصفهم بما وصفهم به لك، ثم بقوا بعده، فتقرَّبوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور والبهتان، فولّوهم الأعمال وجعلوهم حكاماً على رقاب الناس، فأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا، إلاّ من عصم الله، فهذا أحد الأربعة.

ورجل سمع من رسول الله‘ شيئاً لم يحفظه على وجهه، فوهم فيه، ولم يتعمَّد كذباً، فهو في يديه، ويرويه، ويعمل به، ويقول: أنا سمعته من رسول الله، فلو علم المسلمون أنه وهم فيه لم يقبلوه منه، ولو علم أنه كذلك لرفضه.

ورجل ثالث سمع من رسول الله‘ شيئاً يأمر به، ثم إنه نهى عنه وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شيء، ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ المنسوخ، ولم يحفظ الناسخ، فلو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.

وآخر ـ وهو الرابع ـ لم يكذب على الله، ولا على رسوله، مبغض للكذب؛ خوفاً من الله، وتعظيماً لرسول الله، ولم يوهم، بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به على ما سمعه، لم يزِدْ فيه، ولم ينقص منه، فهو حفظ الناسخ فعمل به، وحفظ المنسوخ فتجنَّب عنه، وعرف الخاص والعام فوضع كلّ شيء موضعه، وعرف المتشابه ومحكمه…» ([8]).

وقد بيَّنت هذه الخطبة بشكل مفصَّل ودقيق أنواع الرواة؛ فهناك المنافق الكاذب، وهو الطابور الخامس الذي استحوذ على المراكز الهامة في الدولة، فكانت منبراً له لكي ينفث سمومه من الأعلى؛ وهناك من ليس منافقاً، ولكنه افتقد إلى حاسّة الضبط، فنسي وتوهم، فكان يزيد أو ينقص، أي إنه وقع في التحريف من غير أن تكون له نية السوء. لكن رواية الحديث لا تستقيم بالنية الحسنة فقط، بل لابد إلى جانب الضبط والحفظ أن يكون له العلم بمراتب الأحاديث، ومعرفة ناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وعامّها وخاصّها.

في الداعي إلى كتابة «الأخبار الدخيلة»

قد يقال: إن مرحلة جمع الأحاديث قد تمَّت وانتهت، وإن كتب الأحاديث ومجامعه قد تعددت، وإن الكتب والمصادر الأم لا يمكن إلا أن تشمل ما صحّ عن النبيّ الأكرم وعن المعصومين، فما الداعي للرجوع إلى هكذا موضوع؟!

يقول العلامة التستري، موضِّحاً السبب الذي دفع به إلى تأليف هذا الكتاب، أنه في أثناء أبحاثه واشتغاله في مجال الحديث، ضمن سلسلة عريضة من المصنَّفات والمجامع، كثيراً ما كان يوقفه عدم الانسجام بين تلك الكتب والمجاميع، أمثال: وسائل الشيعة، من لا يحضره الفقيه، التهذيب، والاستبصار، في خصوص العديد من الأحاديث والروايات، فخلص إلى أن هذه الكتب تحتاج إلى مزيد من الدقة، ومزيد من العمل في تنقية وتنقيح الأحاديث وتصحيحها، فكان هذا دافعاً قوياً إلى الإسراع بكتابة الأخبار الدخيلة؛ ليبين أن هذه الرواية أو تلك قد تعرضت للتحريف أو التصحيف»([9]).

علاقة عنوان الكتاب «الأخبار الدخيلة» بمحتواه

جاء في المعجم الوسيط: إن الدخيل «من دخل في قوم، وانتسب إليهم، وليس منهم». وإن الدخيل من الكلام: كل كلمة أدخلت في كلام العرب، وليست منه([10]).

لهذا تكون نظرتنا للكتاب من خلال لحاظين اثنين: إذا نظرنا إليه من حيث أصل الرواية، أي الرواية في ذاتها، فسيكون المراد بالأخبار الدخيلة الأحاديث الموضوعة.

وإذا نظرنا إلى الرواية بلحاظ ما يعرض عليها من تحريف وتصحيف فعندها سيكون المراد بالأخبار الدخيلة الأحاديث المحرَّفة والمصحَّفة.

فالكتاب لابد وأن يكون متطرِّقاً لكلتا الروايتين: الموضوعة من جهة؛ والمحرَّفة والمصحَّفة من جهة ثانية.

وقد أُشكِل على العلامة التستري في هذا، وقيل له: ما دام الكتاب موجَّهاً من أجل الأحاديث الموضوعة فلماذا تمّ الاكتفاء بالمحرَّفة والمصحَّفة؟

أجاب العلامة قائلاً: إن الكتاب يحتوي على كلا النوعين، ولا تحتاج إلى جهد مضني لمعاينتها والحصول عليها. وقد سعيت إلى كتابة كلّ ملاحظاتي وإشكالاتي على الأحاديث التي تعاني من تلك الآفات. والكتاب ـ كما هو ملاحظ ـ في اثنا عشرة باباً، وهو ـ كما قاموس الرجال ـ يحتاج إلى مستدركات على متنه»([11]).

عرض لأبواب الكتاب

الباب الأول: في الأحاديث التي حُرِّفت. ويتكون من اثنا عشر فصلاً:

الفصل الأول: الأحاديث التي تتناقض وضروريات المذهب الإمامي، فكان هذا التناقض دليلاً على تحريفها، كالروايات التي جاءت في باب «ما جاء في الاثني عشر والنصّ عليهم» من كتاب الكافي:

1ـ روى بإسناده عن أبي سعيد، عن عمرو بن ثابت، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر× قال: قال رسول الله‘: «إني واثنا عشر إماماً من ولدي، وأنت يا عليّ، زرّ الأرض، يعني أوتادها وجبالها، بنا أوتد الله الأرض أن تسيخ بأهلها، فإذا ذهب الاثنا عشر من ولدي ساخت الأرض بأهلها، ولم ينظروا»([12]).

2ـ وبهذا الإسناد، عن أبي سعيد، رفعه، عن أبي جعفر× قال: «قال رسول الله‘: «من ولدي اثنا عشر نقباء نجباء محدَّثون مفهَّمون، آخرهم القائم بالحق، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً»([13]).

3ـ روى بإسناده عن محمد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر×، عن جابر الأنصاري، قال: «دخلت على فاطمة÷ وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء من ولدها، فعددت اثنا عشراً، آخرهم القائم، ثلاثةٌ منهم: محمد، وثلاثة منهم: علي»([14]).

وقد أورد الشيخ الصدوق في كتابه «عيون أخبار الرضا×» هذه الرواية، لكن بهذا الشكل «أربعة منهم باسم علي، وذكرتهم بالاسم: علي بن أبي طالب؛ علي السجاد؛ علي الرضا؛ وعلي الهادي، عليهم السلام جميعهم».

كما أن الشكل الصحيح للروايات الثلاثة نأخذه من رواية أبي سعيد العصفري. وأبو سعيد واحد من أصحاب الأصول الأربعمائة ـ والأصول الأربعمائة ـ هي روايات لأربعمائة راو لا يروون إلا عن المعصوم، ولا تحمل كتبهم سوى كلام المعصوم ـ، حيث إنه في جميع الروايات التي تتحدث عن عدد الأئمة كان يروي أحد عشر، بدل اثني عشر([15]). وهؤلاء الأحد عشر هم من ولد رسول الله‘ من فاطمة وعلي’.

الفصل الثاني: الأحاديث التي تناقض الوقائع التاريخية المجمع على صحتها:

1ـ في كتاب عيون أخبار الرضا×([16])، وفي رواية طويلة تتحدث عن ولادة الإمامين الحسن والحسين’، تذكر الرواية أن أسماء بنت عميس([17]) كانت قد حضرت هذا الحدث. وهو ما تنفيه الشواهد التاريخية، حيث ثبت أن أسماء بنت عميس قد رافقت زوجها جعفر في أثناء الهجرة إلى أرض الحبشة، وقد ولدت له هناك عبد الله، ولم يرجع جعفر من الحبشة إلا في السنة التي فتحت فيها خيبر، أي في السنة السابعة من الهجرة النبوية إلى المدينة، في حين أن ولادة السبطين الحسن والحسين’ كانت ـ مع اختلافٍ في الرواية ـ ما بين السنة الثانية والثالثة، أو ما بين السنة الثالثة والرابعة([18]).

2ـ ما جاء في كتاب «التهذيب»، للشيخ الطوسي، في باب «فرض الصيام»: «عن أبي سلمة، عن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، قال: قال رسول الله‘: «شهر رمضان، فرض الله ـ عز وجل ـ عليكم صيامه، فمَنْ صامه إيماناً واحتساباً خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه».

والشاهد عندنا في سند هذه الرواية هو وجود اسم عوف فيها. وقد ثبت تاريخياً أنه هلك في حرب الغميصاء في الجاهلية، فأنّى له أن يروي عن رسول الله‘، وقد جاء في السند الجد أولاً، ثم الأب ثانياً، ثم الحفيد أخيراً، لأن أبا سلمة هو ابن عبد الرحمن، وحفيد عوف([19])، بينما السند الصحيح هو: عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، فيكون عوف قد ذكر هنا بالعرض، بمعنى أنه ذكر في أثناء التعريف بأبي سلمة بذكر اسمه الثلاثي.

الفصل الثالث: الأحاديث التي رُكِّبت جملها وعباراتها بحيث كان ذلك دليلاً على تحريفها.

ومن بين هذه الروايات: ما جاء في كتاب «من لا يحضره الفقيه»، في آخر باب «المواضع التي تجوز فيها الصلاة والتي لا تجوز»: عن جميل، عن أبي عبد الله جعفر الصادق×: «لا بأس أن تصلّي المرأة بحذاء الرجل وهو يصلّي، فإن النبي‘ كان يصلي وعائشة مضطجعة بين يديه، وهي حائض، وكان إذا أراد أن يسجد غمز رجليها، فرفعت رجليها حتّى يسجد»([20]).

وقال الفيض الكاشاني في كتابه «الوافي»: إن عبارة «لا بأس أن تضطجع المرأة بحذاء الرجل» قد وقع لها تصحيف، بحيث إن الصحيح: «أن تصلّي المرأة»، أي إن كلمة «تصلّي» قد صحِّفت بحيث صارت «تضطجع»([21]).

ولو قبلنا بهذا القول من باب الفرض فإنه لا تناسق للقول: «لا بأس أن تصلي المرأة بحذاء الرجل وهو يصلي».

ثم ننتقل إلى القول: «فإن النبي كان يصلي وعائشة مضطجعة بين يديه، وهي حائض»!!

والنقطة المشكل في هذه الرواية هو تناقض القول. ففي الشقّ الأول قال: «لا بأس أن تصلي المرأة..»، وفي الشق الثاني من الرواية، حين أراد أن يأتي بالدليل، قال: «وهي حائض»، فكيف نجمع بين أن تصلي وبين أنها كانت حائضاً، والحائض لا صلاة عليها، فلم توجد أية علاقة بين الدالّ والمدلول.

ونفس هذه الرواية ذكرها ابن داوود في سننه، في باب «لا تقطع المرأة الصلاة»، والرواية هي: «لقد رأيت النبي‘ يصلي، وأنا معترضة بين يديه، فإذا أراد أن يسجد غمز رجلي، فضممتها إليّ، ثم يسجد»([22]). ولعله توجيهٌ معقولٌ لم يحمل في ثناياه ما ينقضه. ومن هنا يظهر أن الرواية قد تعرَّضت للتلاعب بعباراتها وجملها، بحيث لم ينتبه للتناسق فيما بينها، فكان هذا دليلاً على تحريفها.

الفصل الرابع: الروايات التي تداخل بعضها ببعض، فكان هذا التداخل دليلاً على تحريفها.

ومن الأمثلة على هذا: ما ذكره الشيخ الصدوق في «الخصال» في «أبواب الاثني عشر»، ضمن عنوان «الذين أنكروا على أبي بكر جلوسه في الخلافة»، وهي رواية مسندة عن زيد بن وهب، قال: «كان الذين أنكروا على أبي بكر جلوسه في الخلافة، وتقدّمه على علي بن أبي طالب×، اثني عشر رجلاً من المهاجرين والأنصار. وكان من المهاجرين: خالد بن سعيد بن العاص، والمقداد بن الأسود، وأبي بن كعب، وعمار بن ياسر، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، وعبد الله بن مسعود، وبريدة الأسلمي؛ وكان من الأنصار: خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وسهل بن حنيف، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو الهيثم بن التيهان، وغيرهم…».

وقد وقع في هذه الرواية خلط في ما يخصّ أبيّ بن كعب الخزرجي الأنصاري، حيث عدّه الراوي من المهاجرين. ونفس هذه الرواية ذكرها كلٌّ من البرقي في رجاله مرسلةً، والطبرسي في الاحتجاج مرفوعةً، عن أبان، عن الإمام الصادق×. ورواها أيضاً أحمد بن محمد الطبري، المعروف بـ «الخليلي»، وهو من أهل السنة. وقد صرَّحت الروايات الثلاث أن أبيّ بن كعب من الأنصار، ومن الاثني عشر، الذين كان منهم ستة من المهاجرين، وستة من الأنصار، في حين أن الرواية في «الخصال» قد ذكرت أن منهم ثمانية من الأنصار، وأربعة من المهاجرين، وأن أبيّ بن كعب كان من المهاجرين، وأضافت ابن مسعود، بينما لم يرِدْ اسم ابن مسعود في الرواية في المصادر الثلاثة الأخرى.

ومن التحريفات التي وقعت في هذه الرواية أنه قد تمّ حذف خطبة أبيّ بن كعب في المسجد عند احتجاجه على أبي بكر. كما أنها أوردت اسم الزبير، وجعلته ضمن الشرذمة التي ناصرت عمر، بينما كان الزبير في تلك الفترة مع علي بن أبي طالب×([23]).

وقد أوضح العلامة التستري، في معرض استقصاء التحريفات التي تلحق بالسند، أن هذا النوع من التحريفات تستدعي تأليف كتاب مستقلّ بها. وقد عمل الشهيد الثاني في كتابه «المنتقاة» إلى ذكر بعضها([24]). وقد حكى الشهيد الثاني الداعي الذي دفع به إلى كتابة هذا الكتاب، فقال: «إن ما دفع بي إلى هذا العمل المضني هو اللانظم الذي عمّ الروايات، والاشتباهات العميقة فيها. وكذا التحريفات والتصحيفات الكثيرة التي لحقت بها»([25]). ففي رواية الخصال ـ يريد نفس الرواية التي ذكرها العلامة التستري ـ قد جعلت سلمان الفارسي ضمن المهاجرين، بينما تؤكِّد الحقائق التاريخية أنّ سلمان لم يلتقِ بالنبي الأكرم‘ إلاّ في المدينة، أي بعد هجرته الشريفة من مكة إلى المدينة، فكيف يكون سلمان من المهاجرين؟!».

الفصل الخامس: الأحاديث التي عُدَّت محرَّفة لعلة تشابه الخط، أو إسقاط شيء من سندها، أو متـنها.

ومن الأمثلة على هذا النوع من التحريف:

1ـ ما روي عن الإمام الصادق×: «ما بدا لله كما بدا له في إسماعيل ابني». وروى أبو الحسن الأسدي: «ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل أبي»([26]).

ونظراً للاختلاف الموضوعي بين الروايتين فلابد أن تكون إحداهما قد حُرِّفت. فإسماعيل المراد في الرواية الأولى هو إسماعيل بن الإمام الصادق×. والبداء الذي بدا لله فيه هو أنه توفي في حياة والده، ووفاته في حياة الإمام دليل على أنه ليس الإمام بعد أبيه. وأما إسماعيل في الرواية الثانية فالمراد به إسماعيل النبيّ بن النبيّ إبراهيم؛ لتقييده في الرواية بـ «أبي». وما دام إسماعيل أبو النبي الأكرم محمد‘، وأبو العرب، فإنه بالملازمة أبٌ للإمام الصادق×؛ لأنه حفيد النبي الأكرم أولاً، ولأنّه عربيٌّ ثانياً. فكان القيد موجَّهاً ومقبولاً في هذه الرواية. وأما البداء الذي بدا لله في إسماعيل في الرواية الثانية فهو أن الله بعد أن أمر إبراهيم الخليل× بذبح إسماعيل فداه بذبح عظيم، وهو ما تؤكده رواية أخرى عن الإمام الصادق×: «ما بدا لله كما بدا له في إسماعيل أبي؛ إذ أمر أباه إبراهيم بذبحه، ثم فداه بذبح عظيم»([27]).

يقول العلامة التستري: إنه على فرض صحة الرواية الأولى فإن الرواية الثانية أصح منها. وقد كان عدم توخي الدقة والصحة في الرواية سبباً في انحراف بعض ضعاف القلوب، وأدّى بهم ذلك إلى سلوك طريق مناقض للحقيقة، فجعلوا إسماعيل ابن الإمام الذي توفّي في حياة أبيه إماماً معصوماً، ووارثاً لأبيه، فسمّوا بالإسماعيليين.

والإسماعيلية فرقة ضالّة، نصبت إسماعيل بن الإمام الصادق، وأكبر أبنائه، والذي توفي قبل أبيه، إماماً لها، ودعت له بالإمامة، خصوصاً وقد اشتهر أن الإمام الصادق كان يحبّه؛ لخصال كريمة كانت فيه. ومنهم: الفاطميون، الذين حكموا مصر. وقد سارت الانحرافات والتفرقة بهذه الفرقة لتخرج منها فرقٌ كل فرقة تتغنّى بليلاها، حيث تبدل عنصر الخلاف والاختلاف عندها من العقائدي إلى السياسي المحض، الذي سعى البعض منهم إليه كدليل وجودي له، فكذَّب خبر موت إسماعيل، واعتبره من باب التقية؛ حفظاً ـ كما سوَّلت له نفسه ـ لحياة إسماعيل من الأعداء، وهم الموسومون بالإسماعيليين الواقفين، فقالوا: إسماعيل هو إمام آخر الزمان، وعنده توقَّفت سلسلة الإمامة. وفرقة أخرى من الإسماعيلية قالت بوفاة إسماعيل، ولم تنكر ذلك، لكنّها قالت: إن إسماعيل قبل أن تتوفّاه المنية كان قد أوصى لابنه محمّد، وهو لا زال حيّاً يرزق، وموعود الأمة الغائب([28]).

البداء

دأبت جُلُّ كتب الحديث وجوامع الحديث على التحدث عن البداء وتخصيصه بالشرح، حتى كاد أن يكون موضوعاً شيعيّاً إماميّاً بامتياز، بل عُدَّ أحد أركان العقيدة عندهم، وبه تمحَّص الفرقة الناجية.

واتّباعاً لهذه السنة لابد وأن نتعرض للموضوع، ولو بشيء من الاختصار.

البداء في كتب اللغة:  بدواً، وبداً، وبداء، يقال: الرجل الحازم ذو بدوات،أي ذو آراء تظهر له، فيختار بعضها، ويسقط الأخرى. ويقال: بدا لي من أمرك بداء، أي ظهر لي. والبداء في تعريف علماء الكلام بمعنى استصواب شيء علم بعد أن لم يعلم. وفي روايات الشيعة الإمامية نسب البداء لله تعالى كثيراً، كما جاء في رواية الإمام الصادق السابقة. وليست هذه هي الرواية الوحيدة، فقد تعدَّدت الروايات في هذا الموضوع. ففي باب «البداء»، في كتاب التوحيد، للشيخ الصدوق، ذكر إحدى عشرة رواية. وفي الكافي للكليني ستّ عشرة رواية.

ويؤخذ البداء مرّةً بمعنى النسخ؛ ومرة ثانية بمعنى الإبداء، أي الظهور.

أـ البداء بمعنى النسخ

النسخ في اللغة إبطال شيء وإقامة آخر، كما في لسان العرب؛ ورفع شيء وإثبات غيره مكانه، كما في معجم مقاييس اللغة.

وقد فسَّر جمعٌ من علماء الشيعة البداء على أنه النسخ. ومن ذلك نسخ الشرائع ـ شرائع مَنْ قبلنا ـ. وإن تغيير القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المكرمة، ومدة عدة المرأة المتوفّى عنها زوجها، والاعتقاد بالبداء في هذه المواطن وغيرها، دليلٌ على الاعتقاد بحرية التصرف الإلهي في كونه وخلقه، بالإيجاد والإعدام، بالأمر والنهي، بالمحو والإثبات.

وهذا هو مذهب الشيخ المفيد في البداء، وهو ما جعله يصرح ضمن كتابه «أوائل المقالات» أن الاختلاف بين الشيعة والسنة في البداء مرجعه الاختلاف في الجانب اللغوي فحسب، فالسنّة يسمّونه نسخاً، والشيعة يسمّونه بداءً؛ لاتحاد الموضوع عندهما.

ب ـ البداء بمعنى الإبداء

و المراد به إظهار حكم أو أمر. ولأنه نسب إلى الله سبحانه وتعالى فيكون إظهار الله لأمر ـ غير خفي عليه بالضرورة ـ لأحد عباده أو لكل الناس بعد أن خفي عليهم. وهو ما أشارت إليه الرواية «ما بدا لله في شيء إلاّ كان في علمه قبل أن يبدو له»([29]).

يقول الملا صدر الدين الشيرازي: إن البداء هو تغيير في علم الله إلى شيء هو يعلمه، بحيث يبدي لأوليائه شيئاً قد خفي عنهم. والروايات التي تأتي في البداء بهذا المعنى تبحث موضوع لوح المحو والإثبات ـ وهو مرتبة من علم الله الفعلي ـ والقضاء المحتوم وغير المحتوم، باعتبار أن الإنسان مخيَّر، ويستطيع التغيير في قدره إلى قدر آخر هو ثابت في علم الله، وإلا فما هي الفائدة من الدعاء والتوسل؟ وما هي الفائدة من إرشاد الناس إلى ممارسة بعض السلوكيات الروحية والفعلية، إلا كونها تغيِّر في قضاء وقدر الأفراد؟ فالروايات الكثيرة تتحدث عن أن الصدقة تدفع سبعين نوعاً من البلاء، وتطيل في العمر، وتزيد في الرزق. ومادام الإنسان مخيَّراً في أفعاله فمتى ما قام بهذا العمل ـ وغيره كثير، كصلة الرحم ـ تحققت إرادة الله، وطال عمره إنْ أتى بها وفق شروطها. وهذا هو القضاء غير المحتوم الذي عُلِّق على شيء. فطول العمر ـ كما ذكرنا ـ معلَّق على الصدقة، وصلة الرحم. أما القضاء المحتوم، وهو الذي أبرم إبراماً، فهو قطعي، لا يردّ ولا يبدّل ولا يتغيَّر. وهذا لا يعني عدم قدرة الله على تغييره، وإنما اقتضت الحكمة الإلهية الأزلية أن يكون كذلك. فمن القضاء المحتوم أن الله كتب على نفسه أنه مَنْ آمن من عباده فسيدخل الجنة، وأن مَنْ كفر فسيدخل النار. وكذلك من القضاء المحتوم أن الله رحيمٌ، فلا يمكن أن يكون غير ذلك، وأنه عادل، ولا يمكن أن يكون غير ذلك. وهذا النوع من القضاء لا يتأثر بالصدقة أو صلة الرحم أو غيرها من الأعمال الصالحة أو الطالحة.

لم يكن إسماعيل× في علم الله الذاتي ليُذبح ـ وعلم الله الذاتي شأنه شأن قضائه المحتوم ثابت لا يتبدل ولا يتغير ـ لكن عدم ذبحه كان معلَّقاً في علم الله الفعلي بشيء خفيّ على إبراهيم×، فأراد الله؛ لحكمة، أن يأمره بذبح ابنه،ولكن الله أمر في نفس الوقت بأن يُفتدى إسماعيل بذبح عظيم، فينجو من الذبح، وتُذبح الفدية مكانه. وقد اختلفت آراء المفسرين في تشخيصها. فالذي تغيَّر هنا هو علم إبراهيم بعد أن كان ثابتاً، فقد كان يعلم من أمر إسماعيل شيئاً، وبعد أن فداه الله وكفّ يدي إبراهيم عنه صار إبراهيم يدرك ما خفي عنه، أي انكشف أمامه ما خفي عنه، والله أعلم.

وهذا ما عناه الشيخ الكراجكي في كتابه «كنز الفوائد»، حيث يقول: «المراد بالبداء هو أن يظهر للناس خلاف ما اعتقدوا باستمراره ودوامه»([30]).

فلسفة الاعتقاد بالبداء

يرى علماء الإمامية أن الاعتقاد بالبداء في حدوده المعقولة والصحيحة، كما فسَّرها أئمة أهل البيت^، له جنبتان:

الأولى: معرفة أن الله سبحانه وتعالى يملك القدرة المطلقة في فعله وإرادته .

 فعدم الإيمان بالبداء فيه تقييد للقدرة الإلهية وتحديدها. ولعل هذا ما ذهب إليه الفكر اليهودي، حين قال القرآن على لسانهم {وَقَالَتِ اليَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ}. فالله في اعتقادهم قد قدَّر وقضى، ولا يمكنه أن يغير من قدره وقضائه، بينما الإيمان بالبداء إيمانٌ بأن الله يملك القدرة المطلقة في ما خلق، فله أن يغيِّر ما يشاء، كما يشاء ويثبت. ولهذا يرى علماء الامامية أن الإيمان بالبداء هو عين التوحيد، ولا توحيد بدون بداء([31]).

الثانية: حرية الاختيار عند الإنسان.

إن القول بأن القضاء قد أبرم، والقدر قد انعقد، يعني أن لا دخل للإنسان في تحديد مصيره نحو ما يريد ويأمل، أي إن الإنسان مسلوب الإرادة، مسيَّر، ينتظر ما قُدِّر عليه، فلا نتيجة ترجى من أي عمل خلاف واقعه… وهو خلاف القول بأن الإنسان مخيَّر، ويملك زمام أمره، إن شاء أدخل نفسه الجنة، وإن شاء أدخلها النار.

يمنح البداء الاختيار البشري بُعْده الحقيقي. فسعادة الإنسان أو شقاءه، وحريته من الظلم ومن الاستعباد لغير الله، مرهون بمشيئة نفسه. ألم يقُلْ الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه: {إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}. قد يكون الإنسان في مكان ما تحت سلطة جائرة ظالمة ومستبدة، فهل هذا هو قدره، أم أن اختيار الإنسان يملي عليه أن يثور، ويقاوم هذا الظلم، ويسترجع حريته وكرامته؟ فالعلاقة تلازمية بين اعتقاد الإنسان وسلوكياته وبين واقعه الروحي والمادي. وهذا ما يفسِّر تأكيد أئمة أهل البيت^ على تصحيح الاعتقاد بالبداء، بل وردت روايات عدة في تعظيم الإيمان بالبداء، حتى اعتُبر أساساً في التوحيد، بل لا توحيد من دونه.

ومن بين هذه الروايات: «ما عبد الله عز وجل بشيء مثل البداء»؛  و«ما عظم الله عز وجل بمثل البداء»؛ و«لو علم الناس ما في القول بالبداء من الأجر ما فتروا عن الكلام فيه»([32]).

2ـ ومن الروايات التي كان تشابه الرسم فيها، أو إسقاط شيء منها، سبباً في عدّها من المحرَّفات: ما جاء في الخطبة 145 من نهج البلاغة: «إن عوازم الأمور أفضلها، وإن محدثاتها شرارها».

يرى العلامة التستري أن «عوازم» تحريف لـ «قدائم». واستدل بذكر كلمة «محدثات» في الشقّ المقابل، ولأن «العوازم» تأتي دائماً في مقابل الرخص، وليس المحدثات.

ولعل العلامة التستري لم يكن صائباً في وضعه للعزائم مقابل الرخص؛ وذلك لأن العزيمة تجمع على «عزائم»، وليس «عوازم». والعزائم هي التي تأتي في مقابل الرخص، وليس العوازم، أما العوازم فهي جمع عازم.

والرخص في الاصطلاح الشرعي هي ما جعل بغرض التخفيف ودفع المشقة عن المكلَّف، كصلاة السفر: «إن الله يحب أن يؤخذ برخصه كما يحب أن يؤتى بعزائمه»([33]). وعزائم الله الفرائض التي أوجبها على عباده([34]). والظاهر أن الذي روى الرواية كان يبحث عن كلمة على وزن قدائم، فبدل أن يضع عزائم، جمعاً للعزيمة، وضع عوازم، التي هي خلاف المقصود من الكلام في الرواية.

3ـ ما ورد في الخطبة 57 من نهج البلاغة، في رسالته× إلى أهل الكوفة، عند مسيره من مدينة البصرة: «أما بعد، فإني خرجت من حيي هذا»([35]). حيث حُرِّف «من مخرجي»، وجيء بـ«من حيي» بدلاً عنه. ودليل هذا القول كلام أبي مخنف، في معرض بيان مضمون رسالة الحسين للكوفيين، في تاريخ الطبري: «خرجت مخرجي هذا». كما أن نفس هذه الكلمة قد ذكرها الطبري حين نقل نفس الرسالة، فكان «مخرجي» بدل «حيي».

4ـ ما جاء في سنن أبي داود: عن هلال بن عمرو، قال: سمعت علياً ـ ونظر إلى ابنه الحسن ـ، فقال: «إن ابني هذا سيِّدٌ كما سمّاه النبي‘، وسيخرج من صلبه رجلٌ يسمى باسم نبيكم‘، يشبهه في الخلق…، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً…».

والشاهد في هذه الرواية هو «ابنه الحسن»، بينما الصحيح «ابنه الحسين»؛ فكثيراً ما يأتي الاشتباه بين اسمي الحسن والحسين؛ لتقارب رسمهما، فيقع إسقاط نقط الحسين، فيصبح الحسن، أو زيادة النقطتين، فيصبح الحسن الحسين. ولتفادى هذا الخطأ فقد دأب علماء الحديث على إضافة لقب أو كنية كلٍّ منهما’، حتّى يتمّ التمييز بينهما حتّى في حالة التصحيف. فالإمام الحسن يقال له: أبو محمد الحسن، وهي كنيته، ويقال للحسين: أبو عبد الله الحسين. أما الشيخ الطوسي فيعرِّفهما هكذا: «الحسن بن علي بن أبي طالب×، أبو محمد، ابن بنت رسول الله‘، مضى مسموماً، وقبره بالبقيع من المدينة، الحسين بن علي×، أبو عبد الله، الشهيد بكربلاء مقتولاً»([36]).

الفصل السادس: الروايات التي تشتمل على أمرين أو حكمين، وقد تم إبدال أحدهما بالآخر، أو وقع فيهما تقديم وتأخير:

أـ إبدال أحد الحكمين بالآخر: ومثاله: ما جاء في تفسير القمي، في رواية مرسلة عن الإمام الصادق×: «الحائض والجنب لا يدخلان المسجد إلا مجتازتين، ويضعان فيه الشيء، ولا يأخذان منه».

وقد سئل الإمام: لماذا يضعان في المسجد، ولا يأخذان؟ فأجاب: لأنهما بدون أن يدخلا يستطيعان أن يضعا فيه شيئاً؛ أما أخذهما للشيء فلا يتمّ إلا بدخولهما الفعلي.

وقد أورد الشيخ الصدوق الرواية في «علل الشرائع»، ولكن على عكس الرواية الأولى: «ويأخذان من المسجد، ولا يضعان فيه شيئاً»، قال زرارة: سألت الإمام×: لماذا يجوز لهما أن يأخذا منه، ولا يجوز لهما أن يضعا فيه شيئاً؟ قال الإمام× لأنهما لا يستطيعان أن يأخذا الشيء إلا بدخولهما، أما أن يضعا فيه شيئاً فيمكن أن يكلِّفا أيَّ شخص آخر، فيضع لهما ما يريدان، من غير أن يحتاجا للدخول.

إذا نظرنا إلى جواب الإمام في الرواية الأولى عن سؤال السائل عن علة الحكم نجده نفس جواب الإمام في الرواية الثانية عن سؤال زرارة، فيتضح أن الرواية الأولى قد وقع للراوي فيها خلطٌ فجعل حكم الأولى للثانية، وحكم الثانية للأولى. ويقول التستري: إن الشيخ القمي وقع له الخلط؛ لأنه اعتمد على الحفظ. وقد ذكر نفس هذه الرواية كلٌّ من: الشيخ الكليني في الكافي، والشيخ الطوسي في التهذيب. كما أوردها الشيخ الصدوق في علل الشرائع. بالإضافة إلى أن الفتوى المشهورة بين فقهاء الإمامية هو أنهما يأخذان من المسجد، ولا يضعان فيه شيئاً([37]).

ب ـ وقوع التقديم والتأخير في ألفاظ وكلمات الرواية: ومن ذلك: ما جاء في «المناقب» أن أعرابياً من سكّان الصحراء دخل المدينة، وهو يسأل عن أكرم أهلها وأجودهم، فدلَّه أهلها على الإمام الحسين×، فدخل عليه المسجد، وكان يصلي، فجلس بالقرب منه، وأخذ يقول: ما خاب من عقد آماله عليك، وكل من جعل نفسه عبداً لك كنت أنت الجواد والمعتمد، لقد كان ذاك النبي‘ ـ أبوك ـ من حارب فسق الفاسقين، وتسلطهم على أرزاق الناس، فحرموا الفقراء، وزادوا من ثروة الأغنياء. لو لم يكن ما كان للدين أن يوجد، ولكنّا من أصحاب النار الذين حقَّ عليهم العذاب. وما أن انتهى الإمام سلام الله عليه من صلاته حتى نادى على قنبر خادمه أن يأتيه بما بقي من سهم الإمام، الذي يتلقّاه من الحجاز، وقد كان بقي أربعة عشر ديناراً، فقال الحسين×: إن هاهنا مَنْ هو أحوج منا بها، ووضعها في يدي البدوي، وهو يقول:

خذها فإني إليك معتذر
لو كان في سيرنا الغداة عصا
لكن ريب الزمان ذو غير
واعلم بأني عليك ذو شفقة
أمست سمانا عليك مندفقة
والكفُّ مني قليلة النفقة

والشاهد عندنا هو عبارة: «لو كان في سيرنا الغداة عصا». فقد حُرِّفت هذه العبارة بتقديم «سير» و«غداة» على «العصا»، بحيث إن العبارة الصحيحة: «لو كان في عصانا الغداة سير»، فالعرب كانت تقول: «لو كان في العصا سير». والسير قطعة من الجلد مسطحة، كانوا يضعونها على رأس العصا التي يتكئون عليها في سفرهم الطويل، حتى إذا جاء أحدهم النعاس لم تكن لتسقط العصا من يده، وهو ضرب للمثل يقوله الرجل، يتمنى القوة على الأمر([38]). ويقوله في موقع التمني بعد أن لم يكن قادراً على تحقيق مناه. وإلى هذا ذهب الجاحظ في كتابه «البيان والتبيان»، حيث قال: «إن الإنسان عندما يفقد القدرة والاستطاعة على فعل شيء يقول مستشعراً الحسرة والعجز: لو كان في العصا سير، أي يا ليت لي القدرة والاستطاعة». وقد أنشد حبيب بن أوس قائلاً:

يا لك من همّة وعزم               لو أنه في عصاك سير

كما أن الصحيح أن الرواية رُويت عن أبي محمد الحسن بن علي×([39])، وليس الحسين×، وقد عُرِف الإمام الحسن المجتبى بالكرم والجود، وكثرة الصدقة، وإعانة البائس والمسكين. وتلك كانت سيرته×.

ـ يتبع ـ

الهوامش

_________________________________

(*) باحث في الحوزة العلمية.

([1]) حوار مع الشيخ التستري، رجال عظماء؛ كيهان فرهنگي، العدد 13، فروردين 64.

([2]) انظر: كتاب «بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة»، لمحمد تقي التستري، الطبعة الثانية، طهران، مؤسسة بنياد نهج البلاغة، 1368هـ.ش.

([3]) المصدر نفسه، نقلاً عن طبقات أعلام الشيعة 1: 6 ـ 7 (مقدّمة نجل المؤلف).

([4]) محمد تقي التستري، الأخبار الدخيلة: 276 (فهرس الكتاب)؛ كيهان فرهنگي: 20، فهرس آثار «رضا أستاذي».

([5]) كاظم مدير شانه چي، علم الحديث: 93، الطبعة الثالثة، قم، انتشارات إسلامي.

([6]) محمد عجاج الخطيب، أصول الحديث، علومه ومصطلحه: 416، بيروت، دار الفكر، 1409هـ.

([7]) انظر: محمد جمال الدين القاسمي، قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث: 111 ـ 155، تحقيق: محمد بهجت بيطار، الطبعة الأولى، بيروت، دار النفائس، 1407هـ؛ الشهيد الثاني، الرعاية في علم الدراية: 152، تحقيق: م. ع بقال، الطبعة الثانية، قم، مكتبة آية الله المرعشي، 1413هـ؛ حسين بن عبد الصمد العاملي، وصول الأخيار إلى أصول الأخبار: 110 ـ 119، تحقيق: عبد اللطيف كوه كمري، قم، مجمع الذخائر الإسلامية، 1401هـ؛ محمود أبو ريه، أضواء على السنة المحمدية: 119، قم، البطحاء.

([8]) نهج البلاغة: 337 ـ 339، الخطبة 210، تحقيق وضبط: السيد جعفر الحسيني، الطبعة الأولى، دار الثقلين، رجب 1419هـ.

([9]) كيهان فرهنگي، العدد 13: 5.

([10]) المعجم الوسيط، هامش «دخل»؛ معجم لاروس؛ ومعاجم أخرى.

([11]) كيهان فرهنگي، العدد 13: 9.

([12]) الأخبار الدخيلة: 1 ـ 2؛ أصول الكافي 1: 534، ح17، تصحيح وتعليق: علي أكبر غفاري الطبعة الرابعة، بيروت، دار الصعب ـ دار التعارف،1401هـ.

([13]) الأخبار الدخيلة: 2؛ الكافي 1: 534، ح18.

([14]) الأخبار الدخيلة: 2 ـ 3؛ الكافي 1: 532، ح9.

([15]) الأخبار الدخيلة: 2.

([16]) عيون أخبار الرضا: 195.

([17]) أسماء بنت عميس(40هـ) تزوَّجها أبو بكر بعد أن استشهد زوجها جعفر في غزوة مؤتة، وتزوجها أمير المؤمنين علي× بعد أن توفي عنها أبو بكر. وقد كان لها أولاد من أزواجها الثلاثة (غلام حسين مصاحب، دائرة المعارف الفارسية 1: 145). وكذلك يرجع إلى: محمد سعيد مبيض، موسوعة حياة الصحابيات: 40، سورية، مكتبة الغزالي، 1410هـ.

([18]) الأخبار الدخيلة: 13 ـ 14.

([19]) محمد تقي التستري، مستدرك الأخبار الدخيلة: 1، طهران، منشورات الصدوق، 1396هـ؛ الطوسي، تهذيب الأحكام: 152، ح3، تحقيق: حسن موسى خرسان، الطبعة الرابعة، طهران،  انتشارات إسلامي، 1365هـ.ش.

([20]) الأخبار الدخيلة: 17؛ من لا يحضره الفقيه 1: 159 ــ 160، ح24، تحقيق: حسن موسوي الخرسان، بيروت، دار الصعب ـ دار التعارف. 1401هـ.

([21]) من الأصح القول: هنا قد وقع تحريف، وليس تصحيفاً؛ لأن حروف الكلمة قد تغيَّرت كلها. فابن حجر يميِّز بين التصحيف والتحريف قائلاً: أينما وقع تغيير في مكان نقاط الحروف، بإعطائها للحروف الأخرى، فهذا تصحيفٌ والكلمة مصحفة؛ وأينما وقع تغيير في الحروف وبنية الكلمة فهذا تحريفٌ والكلمة محرَّفة (صبحي الصالح، علوم الحديث ومصطلحه: 273، الطبعة الخامسة، قم، منشورات الرضي، 1363هـ.

([22]) الأخبار الدخيلة: 17؛ سنن أبي داوود 2: 511.

([23]) الأخبار الدخيلة: 23؛ الخصال: 461، صحَّحه: علي أكبر غفاري، طهران، انتشارات الصدوق، 1389هـ.

([24]) الأخبار الدخيلة: 48.

([25]) الشهيد الثاني، منتقى الجمان في الأحاديث الصحاح والحسان 1: 2، صحَّحه: علي أكبر غفاري، قم، انتشارات إسلامي، 1407هـ.

([26]) كمال الدين وتمام النعمة: 69، صحَّحه: علي أكبر غفاري، قم، انتشارات إسلامي، 1405هـ.

([27]) انظر: الصدوق، التوحيد، باب البداء؛ أصول الكافي، كتاب التوحيد، باب البداء؛ الصافات: 102 ـ 107.

([28]) دائرة معارف التشيع، في هامش مدخل «إسماعيلية».

([29]) أصول الكافي، كتاب التوحيد، باب البداء، ح9.

([30]) كنـز الفوائد: 103 ـ 105.

([31]) التوحيد؛ الكافي (كتاب التوحيد، باب البداء).

([32]) المصدر نفسه؛ دائرة المعارف الشيعية، هامش مدخل «البداء».

([33]) الأخبار الدخيلة: 55.

([34]) فرهنگ لاروس؛ المعجم الوسيط، و…، هامش: «رخصة» و«عزيمة».

([35]) نهج البلاغة، شرح الشيخ عبده، ترجمة الشهيدي.

([36])الأخبار الدخيلة: 59؛ رجال الطوسي: 35، حقَّقه: جواد قيومي أصفهاني، الطبعة الأولى، قم، انتشارات إسلامي، 1415هـ.

([37]) الأخبار الدخيلة: 61 ـ 62؛ علل الشرائع: 288؛ الكافي 3: 51، ح 8؛ التهذيب 1: 125، ح9.

([38]) الأخبار الدخيلة: 62؛ ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب 4: 65 ـ 66، تصحيح: هاشم رسولي المحلاتي، قم، مطبعة العلامة؛ قاموس ثقافة لاروس، هامش كلمة «عصا»؛ المنجد في اللغة، هامش «السير»؛ تاج العروس 12: 117.

([39]) مناقب آل أبي طالب: 66.

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً