أحدث المقالات

حيدر حب الله[1]
 

سماحة المرجع الديني العلامة السيد محمود الهاشمي حفظه الله تعالى..

الإخوة المؤمنون، الحفل الكريم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وأهلا وسهلاً بكم في حرمكم العلمي هذا، مؤسّسة دائرة معارف الفقه الإسلامي، التي ترحّب بقدومكم وتتمنّى المزيد من التواصل والتعاون بينها وبينكم إن شاء الله تعالى.

إخوتي الأعزاء، أساتذتي الكرام.. كلّنا يعلم حجم التحدّيات التي تمرّ بها أمّتنا الإسلامية، وندرك جيداً أنّ الحقل العلمي والثقافي لا تقل تحدّياته عن المجالات السياسية والعسكريّة والأمنية، وإذا أرادت الأمّة الإسلامية أن تملك موقعها السياسي الرائد في عالم اليوم فلابد أن يكون لديها رصيدٌ علمي ومعرفي وثقافي يخوّلها التقدّم وتقديم النماذج الحسنة القادرة على وضع حلول جديرة لمشكلات الإنسان المعاصر.

وإذا كانت كنوز الثقافة الإسلامية ومخازن موروثنا الديني والعلمي قد استطاعا دفع مسيرة الأمّة في أزمنتها الرائدة فإنّ ذلك لا يمنع من الحاجة إلى تطويرٍ متواصل للذات قادر على تحقيق عنصر المواكبة مقدّمة لتحقيق التقدّم على الآخرين.

من هنا، جاء قانون الأخذ بالأسباب وعدم التعالي عليها وعدم معاندة قوانين الواقع الذي لا يعرف مجاملةً ولا رحمة، ولهذا كان من الضروري الإقدام على خطوات عملانية يمكنها تقديم إضافة نوعية لما نملكه من رصيد ثقافي وعلمي وفقهي.. فكان السعي لصبّ معارفنا وعلومنا في قوالب العصر الجديد، عصر التقنيات والمعلوماتية، الذي يتميّز بقدرةٍ فائقة على إيصال الأفكار للآخرين بطرق متعدّدة متنوّعة.

في هذا السياق، جاءت مؤسّسة دائرة معارف الفقه الإسلامي لتساهم في عصرنة الفقه وإثبات قدرته على المواكبة والمرونة، إنّ دينامية الفقه الإسلامي تظهر أكثر فأكثر عندما يبدي قدرةً على التكيّف مع المتغيّرات دون أن يفرض ذلك مناقضة ذاته أو التخلّي عن مبادئه الكبرى.

 
1 ـ مشروع موسوعة الفقه الإسلامي طبقاً لمذهب أهل البيت(

بهذه الذهنية انطلقت موسوعة الفقه الإسلامي طبقاً لمذهب أهل البيت(؛ لتقدّم الفقه للحوزات والجامعات، للفقهاء والقانونيين والحقوقيين بشكل قادرٍ على إيصال الفقه الإمامي إلى أبعد نقطة ممكنة. إنّ قيام هذه الموسوعة بعرض الفقه بأسلوب عصري ضمن مصطلحات هذا الزمان وتنظيمٍ حديث من خلال نخب من أساتذة الفقه والشريعة، وتحت إشراف مباشر جداً بل ومساهمة فاعلة لمرجع ديني عرفته الحوزات العلمية العريقة في النجف الأشرف وقم المقدّسة وعرفت عنه عراقته في البحث الفقهي، لاسيما في القضايا المستجدّة والنوازل الحادثة.. ستكون له آثاره الخيّرة إن شاء الله تعالى على مجمل الحركة العلمية للفقه الإسلامي…

إنّ تفكيك الفقه في هذه الموسوعة إلى أكثر من أربعة آلاف مصطلح وعنوان ومفهوم، ورصد هذه العناوين بكلّ امتداداتها وتمظهراتها في التراث الفقهي الإمامي، واكتشاف شبكات العلاقات بين المصطلحات والمفاهيم المتداخلة لهو عملية مضنية تحتاج إلى الكثير من الجهد، وإلى خبروية فقهاء كبار كسماحة السيد الأستاذ الهاشمي.

وقد وفّق الله سبحانه وتعالى لإصدار عشرين مجلّداً ضخماً من هذه الموسوعة، فيما سلك المجلد الواحد والعشرون طريقه إلى المطبعة.

 
2 ـ موسوعة الفقه المقارن

وإذا كانت هناك هذه الضرورة لإعادة عرض الفقه الإمامي بأشكال مختلفة ومتنوّعة، فإنّ تدوين موسوعةٍ فقهية مقارنة مع سائر المذاهب الفقهية الإسلامية هو ما سيعطي الفقه الإمامي مكانته الحقيقية بالنسبة لسائر مدارس الاجتهاد الإسلامي، ويلغي القطيعة المعرفية بين المذاهب والتي كان لها آثار سلبية واضحة، من هنا فكّرت المؤسّسة بشخص رئيسها ـ حفظه الله ـ في الموسوعة المقارنة التي صدر منها حتى الآن مجلّدٌ واحد من القطع الرحلي، وهي تمتاز بالموضوعية والمقارنة وأخلاقية البحث العلمي الهادئ دون تشنجّ أو تعصّب طائفي أو مذهبي.

 
3 ـ المجلّة الفقهيّة المتخصّصة

وإيماناً بضرورة المشاريع البحثيّة الأخرى ذات الصلة بالفقه الإسلامي، كانت مجلّة فقه أهل البيت(، باللغتين العربية والفارسية، من المجلات الأكثر وزناً في العالم الإسلامي على صعيد تقديم الفقه الإمامي بلغةٍ عصرية واهتمامات حديثة، وقد صدر من هذه المجلة حتى الآن 58 عدداً، لتضاف إلى رصيد هذه المؤسّسة المباركة.

 
4 ـ مركز الغدير للدراسات والنشر والتوزيع

ولكي لا نقف عند الإنتاج بل نشتغل على التوزيع؛ لأنّ معركة العصر هي في تسويق الأفكار أكثر من إنتاجها، كان من الضروري الانفتاح على العالم العربي من خلال مركز الغدير للدراسات والنشر والتوزيع، والذي يتولّى طباعة عشرات الكتب في المجالات الإسلامية المتنوّعة، وتصدر عنه مجلّة المنهاج الموقّرة برصيدٍ يزيد عن ستين عدداً، يتناول مئات الدراسات والأبحاث الجديدة.

إنها تجربة تستحقّ منّا حمداً لله تعالى، وشكراً لكلّ من ساهم ويساهم ـ ولو بالكلمة الطيّبة ـ في دعم مثل هذه المشاريع الجادّة..

أشكركم مجدّداً على تشريفكم وحضوركم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 


[1] ـ نصّ الكلمة التي ألقيت في اللقاء العام بأساتذة الجامعات العراقيّة في قاعة المؤتمرات في مؤسسّة دائرة معارف الفقه الإسلامي في مدينة قم في إيران، يوم الخميس 5 ـ 5 ـ 2011م، بحضور السيد محمود الهاشمي الشاهرودي.

 

Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً