أحدث المقالات

كتب الدكتور رضوان السيد مقالة في الرؤية الأربعاء الماضي 23 نوفمبر 2011 تحت عنوان ميقاتي والأسد والأزمة السورية"

ولدي هنا عدد من الملاحظات والوقفات في بنية المقال وتركيبته ومضمونه ، وعلى مجمل ما يكتبه الكاتب هذه الأيام:
 
  • من الملاحظات البارزة جدا في كتابات السيد أن بغضه وعداءه للمقاومة في لبنان وتحديدا لحزب الله وصل حدا لا يستطيع معه الفكاك من إظهار هذا العداء المتنامي ، بحيث لا تخلو معظم مقالاته إلا وينفس فيها عما يعتلج داخله من غضب على المقاومة ورجالها ، فضلا عن افتعاله لقضايا وأمور وأفكار لمجرد ربطها بحزب الله – وبإيران تبعا له – لنقده والنيل منه دون مبرر غير عداء غير خاف في معظم مقالاته.
  • من الواضح أيضا أن هذا العداء للمقاومة ، يستلزمه أمران ، الأول عداء لكل من يقف معها ، فيضرب بقلمه كل التيارات والتوجهات والأفكار التي تقف مع هذه المقاومة وترى فيها أملا للنصر أومشروعا للنجاح سواء في لبنان أو خارجها من خلال النهج الذي تطرحه ، الثاني حب ومديح زائد ومفرط للخط المعاكس للمقاومة ، وهنا يتمثل في قوى 14 آذار المحتضرة ، ومن يقف وراءها من دول اوربية وامريكا وبعض الدول العربية التي لا يخفي سعد الحريري ارتباطه بها.
  • الواضح الأبرز في كتابات السيد أن النقد والتجريح الذي يمارسه ضد المقاومة ، يغيب تماما حين الحديث عن العدو الحقيقي ، وأعني به الدولة الصهيونية المغتصبة ، والتي تمارس أبشع أنواع الجرائم ضد كل الشعوب العربية والمسلمة ، وإذا كان هناك حديث سلبي يبرز في كتاباته ، فهو حديث خجول لا يصل الى عشر ما يمارسه ضد المقاومة وحلفائها .
  • أيضا من الملاحظ – وهي نتيجة طبيعية لهذا الغل الداخلي – أن معظم كتاباته فيها تخبط كبير ، بحيث يفقد المقال بوصلته ، ويفقد ترابطه ، ويفقد موضوعيته ، وتأتي الأمثلة فيه مشوهة وبها كثير من التأويل والإستنتاجات غير المتماسكة ، فضلا عن أن بها إنتقاء للمواقف والأحاديث ، ناهيك عن عدم توثيق ما ينقل إستغباء للقاريء أو إستخفافا بمعلوماته ومتابعاته ، فتأتي كتاباته هزيلة لا ترقى لما عهدناه حينما كان يكتب في الفكر الإسلامي في الثمانينات والتسعينات ، وكأنه يذكرنا بقول الشاعر –والأمثلة تضرب ولا تقاس- وإن سفاه الشيخ لا حلم بعده                        وإن الفتى بعد السفاهة يحلم
هذه الملاحظات وغيرها لاحظتها وغيري على كتابات السيد الأخيرة ، والمقال الأخير بالرؤية مثال صارخ وواضح جدا على ما نقول.
رضوان السيد تجاهل تماما أي إنجاز للمقاومة ، وتجاهل أي تضحية قدمها أبطالها لبلدهم لبنان أمام قوة غاصبة كنا نظنها –متوهمين- أنها لا يمكن قهرها ، قوة لا تريد الخير لعربي ولا لمسلم.
كما إنه أعطى للجامعة العربية دورا ووجودا وتفعيلا حتى القادة العرب لا يقرون به ، فأين كانت هذه الجامعة حينما كانت لبنان تدمر بالقنابل الإسرائيلية والصواريخ الأمريكية؟ ولماذا على لبنان الذي يتعرض لعدوان مستمر من الصهاينة ، ومن أمريكا (للتذكير بعمليات التجسس الأخيرة) ، أن يقف مع الجامعة العربية التي خذلته في أشرس عدوان تعرض له ، وفي أنبل معركة خاضها بمقاومته وشعبه؟
ومنذ متى كان لمواقف الجامعة وإجماعاتها أهمية تذكر حتى يكون قرارها ضد سوريا –تحديدا- مهما وفاعلا؟
إجماع واحد لو تذكره السيد لأحنى رأسه خجلا من مواقف الجامعة ، ألم يكن هناك إجماع عربي على طرد مصر من الجامعة العربية إبان زيارة أنور السادات للقدس المحتلة؟ ألم يتم نقل مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى تونس وقتها مباشرة؟ أين ذهب هذا الإجماع ؟ وما كان مصيره؟
المواطن العربي بدأ يشمئز من قرارات الجامعة العربية وإجماعاتها ، وأصبح واضحا لديه أن الجامعة أضاعت بوصلتها منذ زمن بعيد – حالها في هذا حال مقالات السيد – بل لم تعد الشعوب العربية ترى قيمة كبيرة في قرارات الجامعة العربية إلا قيمة ما تدفعه هذه الشعوب من تكاليف سفر المسؤولين وإقامتهم في أفخم الفنادق.
الغريب في مقاله الأخير أنه يصوّر حزب الله وكأنه عائق كبير جدا في وجه الثورة السورية –على فرض صحة ما يصوره الإعلام عنها- أليس غريبا أن يتحول حزب صغير إلى عائق كبير في وجه الأنظمة العربية كلها؟ أليس هذا طعنا في الأنظمة العربية بدون أن يعي الكاتب هذا؟ ألم يقل الكاتب وبطريقة غير مباشرة بأن الأنظمة العربية فقدت قوتها ، بل أفقدت نفسها وبإرادتها عناصر القوة والإستعداد ، بحيث بات حزب صغير في أصغر دولة بعبعا يعيق الثورات والحكومات كلها من تغيير نظام ما.
كنا نتمنى من الكاتب أن ينتقد الجامعة العربية في عدم تعبيرها عن رأي شعوبها ، وفي ما يتعرض مواطنو هذه الجامعة من انتهاكات صارخة لحقوقه ، ومن عبث بأمواله ومقدراته ، ومن فساد يستشري بكل مفاصل دول هذه الجامعة ، ومن إنعدام للحياة السياسية الحرة والنظيفة.
يلاحظ على المقال أيضا أن فيه لكنة إزدراء حين الحديث عن الآخر الذي يختلف معه الكاتب –مع إن هذا غير موجود حين الحديث عن إسرائيل- بل ويمكن وبسهولة شم رائحة الطائفية النتنة من المقال بوضوح ، وكأن الكاتب يريد اللعب بهذه الورقة لجذب جماهير السنة كلها إلى صف فريقه ، الأمر الذي لم يتمكن فريقه من فعله لأن شرفاء لبنان تجمعهم قيم ومباديء حقة ، لا مذاهب وطوائف وأحزاب ، والغريب أن الكاتب يشرف على تحرير مجلة كانت تعرف بالتسامح ، وأصبحت تعرف بالتفاهم ، فيما مقاله وهو يتحدث مع من يختلف معهم خال تماما من التسامح والتفاهم ، كله إتهام وتجريح وافتراء .
أنا هنا لا أريد الدخول في تبرير موقف حزب الله من سوريا وما حدث فيها ، فحزب الله أعلن موقفه بوضوح ، ولا يحتاج إلى من يدافع عن هذا الموقف ، فقد أعلنها صراحة أن سوريا دولة ممانعة ، وبقاؤها هكذا من صالح الشعوب ، ومن صالح القضية العربية والإسلامية ، لأنها الشوكة الوحيدة الباقية من العرب والتي تؤرق نوم اليهود وأمريكا.
ولكني أحب أن انبه لأمر واضح جدا ، وهو تلاعب الإعلام العربي بما حدث في سوريا ، فكل من زار سوريا –وفيهم شهود عيان نعرفهم- رجعوا وهم يستغربون من تضخيم الإعلام لما يحدث هناك ، بل ومن تزوير واقع غير موجود ، وخلق صور وأفلام لم تحدث، هذه الضجة التي يتحدث عنها الإعلام لا واقع لها على أرض سوريا ، إنما هي مشاكل في بعض المناطق الحدودية ، وهو ما أثبتته كل المنظمات والجهات التي زارت سوريا ، ورأت أن الإعلام الغربي وتعبا له العربي ضخم الأمر ، وخلق من اللاشيء شيئا كبيرا ، لأن من مصلحة إسرائيل سقوط هذا النظام .
سوريا باتت تدفع ضريبة موقفها الممانع لإسرائيل ، والتطبيع معها ، والإعتراف بها ، ولولا هذا الموقف الممانع لكانت سوريا حصدت دعما عربيا وغربيا للقضاء على أي إضطراب داخلي ، والبحرين مثال واضح في هذا الإتجاه .
أنا أيضا لا أريد الدفاع عن موالاة ميقاتي للنظام السوري المستبد ، فهذا شأنه ، ولكن أي الأنظمة العربية غير مستبدة ؟ ولماذا يريد الكاتب من ميقاتي وغيره قطع علاقاتهم فقط مع نظام مستبد واحد ؟ لماذا لا تقطع لبنان علاقتها مع معظم الدول العربية والتي تمارس أبشع أنواع القتل بحق مواطنيها أمام الملأ ؟ أم أن هناك حسابات نفسية يريد الكاتب أن يصفيها مع سوريا وميقاتي نتيجة تعاملهم مع حزب الله ودعمهم لمواقفها  
ختاما كنا نتمنى من الكاتب أن يكون منصفا ، ومتسامحا حين كتابته عمن يختلف معهم ، ولكن يبدو أن الواقع اللبناني الذي تغير ، وأخرج فريقه من الحكم ، أخرجه من موضوعيته ، وأصبح همه الشاغل حزب الله والنيل منه ومن فريقه .
وأذكر الكاتب في نهاية مقالي أننا لكي نحصل على حقوقنا من عدونا الحقيقي الذي شخصناه بوضوح ، فإنه لا بد أن نقدم التضحيات ، ولا بد أن نقف كلنا ممانعين لأي لون من ألوان التطبيع ، ولا بد من مقاومة فاعلة مؤثرة ، ولابد أن نكون في خندق واحد متحدين يدا واحدة ، ولنتذكر ما قاله الشاعر:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى               حتى يراق على جوانبه الدم
 
 
Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً