أحدث المقالات

التهويل الإعلامي على عملية الاستنساخ

من الواضح أنّ هناك تهويلاً إعلامياً بشأن هذه العملية التي لم تثبت نجاحاً على كثير من مستويات الكائن الحي وأصنافه، بل قد أثبتت عجزها لحد الآن على الأقل.

ولو رجعنا إلى خلفيات هذه الطريقة في التكاثر لوجدناها لم تأت بشيء جديد، بل كانت مشابهة إلى حد ما لـ:

1 ـ تكاثر الأميبا والبراميسيوم والكلاميدوموناس وغيرها من الأحياء المجهرية والأُحادية الخلية.

2 ـ التطعيم بالبرعم، وهي زراعة برعم من شجرة النارنج في غصن من شجرة البرتقال، ليقوم هذا الغصن بإنتاج ثمرة مشابهة لبرعم التطعيم، وإن كان هذا النوع مشابهاً إلى حد ما طريقة استنساخ الأعضاء.

3 ـ التكثير بالأقلام، وهي عملية قطع غصن بطريقة ما، ثم يغرس هذا الغصن في الأرض فتنتج عنه شجرة كالشجرة الأُم.

4 ـ تكثير النباتات الظلية بالترقيد، وهي عملية زرع غصن من أغصانها في الأرض ومن ثم يقطع عن الشجرة الأم أو يتلف الجزء المتصل بالشجرة الأم باليبوسة فينقطع تلقائياً.

نعم هذه العملية فيها مجهود إضافي، وهو نزع نواتي خليتين ثم زرع إحدى النواتين في إحدى الخليتين، وهذه العملية بحد ذاتها بالنسبة إلى الباحثين قد تكون طبيعية، بل شبه عادية، وإن كانت تأخذ وقتاً وتستخدم فيها أجهزة متطورة عن أجهزة مصنعة سابقاً. ولو رجعت إلى طريقة التكاثر التي هي من دون تلقيح لوجدتها تعرف في كتب الأحياء

بالطريقة البدائية. بل هنا أكثر بدائية؛ لأنّ الحيوان المجهري يقوم بهذه العملية بنفسه دون هذا الجهد المادي.

خلق النبي عيسى

وقد يشكل على خلق نبي الله تعالى عيسى على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام، قال الله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}([1])، وهذه طريقة أخرى للخلق، ولكن الله تعالى هنا هو المتحكم بهذه الخلقة، والمشابهة هنا من حيث النفخ، قال الله العزيز الحكيم في كتابه الكريم: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ}([2])، هذا بالنسبة للنبي آدم على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام، وأما بالنسبة إلى عيسى النبي على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام فقد قال تعالى: {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ}([3])، {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ}([4])، والملاحظ أنه إكرام له ولأُمّه، أما هو فقد علم لما اصطفاه الله تعالى كنبي من أنبياء أولي العزم، وأما هي فواضح من الآيات التي جاءت في القرآن الكريم أنها أحصنت نفسها وانقطعت إلى الله تعالى فكرمها الله بهذا المولود المعجزة.

خلق آدم النبي على نبينا وآله وعليه الصلاة والسلام:

في بحث التفسير([5]) بينت هناك أنّ الله تعالى لما خلق آدم على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة السلام من الطين، أنه تعالى قال: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ}([6])، وقال عز وجل: {بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ}([7])، فالتسوية هنا أي خلقه كاملاً بكل تفاصيله، بخلاياه، بشعره، ببنانه بحواجبه، بكروموسوماته، بنويات خلاياه، بخلايا دمه من الكريات الحمر والبيض والعناقيد الدموية، بعظامه ونخاعه، بأعصابه وغير ذلك، ثم نفخ فيه الروح، ولو لم يكن كذلك، أي لو كان قد خلقه على شكل دمية لما تميز هذا الفعل عن فعل أي نحات بارع، لذلك جاءت الآية الكريمة: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}([8])، تؤكد ما قد مر من المعنى.

ولا بد من المرور على ناقة صالح وحية موسى، وهناك مخلوقات أخرى لا تخطر على بال من يكذب بها، فلذلك لا أود ذكرها.

 

في لسان العرب تحت مادة >نسخ<: نسخ الشيءَ يَنْسَخُه نَسْخاً وانْتَسَخَه واستَنسَخَه: اكتتبه عن معارضه. التهذيب: النَّسْخ اكتتابك كتاباً عن كتاب حرفاً بحرف، والأَصل نُسخة، والمكتوب عنه نُسخة؛ لأَنه قام مقامه، والكاتب ناسخ ومنتسخ. والاستنساخ: كتب كتاب من كتاب.

الاستنساخ البشري

من خلال قراءاتي لما كتب من تعريف لهذه العملية([9])، لم أعثر ـ أنا([10]) ـ على ما يناسبها، ولكن أمكنني أن أعرف هذه العملية بما يلي:

هي عملية تخليق كائن حي أو أكثر بزرع نواة مأخوذة من خلية جذعية ـ أي غير جينية ـ في خلية جينية منزوعة النواة([11]).

ناتج الاستنساخ

كائن مطابق نسبياً للحيوان المأخوذة منه الخلية الجسمية بحسب الادعاء.

 

تتمثل هذه العملية بما يلي:

أولاً: تأخذ خلية جسمية من كائن حي، ثم تفرغ هذه الخلية ([12])من النواة المحتوية على المادة الجينية الكاملة أي (46) كروموسوماً. 

ثانياً: تؤخذ بويضة ـ خلية جينية ـ من أنثى ذلك الكائن الحي أو من نفس الأنثى التي أخذت منها تلك الخلية الجذعية وتفرغ من النواة.

ثالثاً: تزرع النواة (أ) داخل البويضة (ب)، فمعنى ذلك زرع نواة خلية جذعية (أ) في بويضة منزوعة النواة (ب). وبتعبير آخر نواة بلا خلية توضع في خلية بلا نواة، فتتكون خلية بنواة.

رابعاً: يتم تعريض هذه البويضة إلى شحنات كهربائية، ليُحدث ذلك انقساماً في نواة الخلية، وهذه العملية تشابه تلك التي في عملية التلقيح الطبيعي، ليتكون جنين جديد أو أكثر يكون نسخة طبق الأصل عن صاحب الخلية الجذعية (أ) من ناحية التكوين الجيني.

سبب انتزاع نواة البويضة

السبب واضح هو أنّ كلاً من الخليتين الذكرية والأنثوية تحمل(23) كروموسوماً وبعد الاتحاد تجتمع الكروموسومات من الخليتين فيكون الناتج (46) كروموسوماً، فيحمل الجنين صفات الأصلين، ولكن إذا أبقي على نواة البويضة فسوف يحصل الخلل أولاً بوجود نواتين، وهذا ليس صحيحاً، وباجتماع (69) كروموسوماً في خلية واحدة([13]). وأما إطلاق تسمية ـ بويضة ملقحة ـ على البويضة المنزوعة النواة بعد إدخال النواة التي انتزعت من الخلايا الجذعية ـ كما في الرسم ـ فهذا ليس صحيحاً؛ لأنها بعد انتزاع النواة تنتهي أغلب خواصها، فلا يصح الإطلاق حينئذ. والمخطط التالي فيه تصوير لعملية الاستنساخ:

مقدار الشبه

ليس صحيحاً أن يعتقد بأن الشبه يتحقق بنسبة 100%، إذ إن هناك مادة جينية موجودة في ميتوكوندريا بويضة الحاضن والتي قد تغير من تركيبة الكائن الجديد وتحدث اختلافاً فيه، وإن كان بسيطاً. وذكر بعض العلماء أنّ الطفل المستنسخ لا يصبح نسخة طبق الأصل للأصلين إذا ما كان البادل غير الحاضن.. حيث إنه في علم الجينات يتوقع أن يكون المتولد مشابهاً بنسبة تقرب من100 % للأصلين، وقد لا يكون نسخة مطابقة لما ذكر. فلا يمكن تجاهل العناصر البيئية المختلفة والنشأة في أجواء مختلفة عما فيه الأصلان، وهذا كله يؤثر في البناء الجيني للمتولد، وإلاّ لما اختلفنا عمن عاش عام (4000) قبل الهجرة. والغموض ما زال يكتنف كيفية انطباع التأثر على الجين الحالي، ثم يأخذ دوره في الجين التالي.. نعم قد يقال بالشبه إذا كان الباذل هو نفس الحاضن، ويبقى أثر البيئة له حسابه الخاص..

ونتعرض لبعض المصطلحات التي تهمنا لفهم الموضوع بشكل أتم. 

 

هي كتلة صغيرة من المادة الحية (بروتوبلازم Protoplasm)([14]) يحيط بها غشاء بلازمي في وسطها نواة. وهذا هو التعريف العام.

وقالوا فيها: إنها كتلة الجسم الأولية التي ينشأ منها مختلف أنواع الخلايا، والتي لديها قابلية التطور لتكوين أنسجة الجسم المختلفة، ويمكنها التحول إلى خلايا متخصصة(pecialized Cell) كـ(العضلات، الدم، الكبد، وغيرها). انظر إلى الشكلين التاليين لغرض التوضيح:

  
 
 
   

(1)نوية (2)نواة الخلية (3)جسيم ريبي (4)حويصل (5)شبكة بلاسمية داخلية خشنة (6)جهاز غولجي (7)هيكل خلوي (8) شبكة بلاسمية داخلية ناعمة (9)متقدرات (10)vacuole (11) هيولى (12)جسيم حال (13)جسيم مركزي

الخلية الجينية 

هي الخلايا الذكرية والأنثوية، وسميت بذلك لأنها معدة ـ أصلاً ـ للعملية التكاثرية ونقل الجينات الوراثية، بخلاف غيرها كما ستلاحظ.

هي خلية لها القدرة على تكوين نوع معين من الأنسجة، كالأنسجة العصبية أو العضلية، و لا تتعدى إلى غيرها.

الخلية الجذعية الجنينية

وتسمى كذلك بالخلايا الأولية أو الأساسية أو الجذرية، وهي خلايا مشابهة للخلايا الجسدية، حيث تحتوي على (46) كروموسوماً، ولها القدرة على الانقسام والتكاثر وتجديد نفسها. وهي خلايا بدئية ـ انتبه لهـذا التعـبير وليسـت بدائية ـ غير متمايزة إلى أنواع خلوية متخصصة، فهي تعطي أنواعاً مختلفة من الخلايا المتخصصة، وهذه الميزة تسمح لها بأن تعمل كجهاز إصلاحي للجسم، باستبدال خلايا أخرى عاطلة و الحفاظ على وظيفة الأعضاء الجسمية.

والخلايا الجذعية قادرة على تكوين خلية بالغة، وأهميتها تأتي من قدرتها على تكوين أي نوع من أنواع الخلايا المتخصصة، كخلايا العضلات وخلايا الكبد والخلايا العصبية والخلايا الجلدية.

ومن هنا جاء اعتقاد الخبراء بأنّ الخلايا الجذعية بقدرتها هذه قادرة على تغيير تاريخ الأمراض البشرية عن طريق استخدامها لإصلاح نسج متخصصة، أو عن طريق دفعها للنمو بشكل عضو حيوي معين.

(صورة توضح تمايز الخلايا الجذعية) فاتحاد الخليتين الذكرية والأنثوية بعد التلقيح ينتج الخلية البدئية، ثم يتدرج التخصص فتتدرج القدرة تبعاً لذلك كما ترى.

خصائص الخلايا الجذعية

تتميز هذه الخلايا بالقدرة على الانقسام لفترة غير محدودة في الأوساط المخبرية، وأن تنتج خلايا متخصصة متعددة الفعالية والقابلية على إنتاج غالبية الأنسجة في الجسم الحي.

ويمكن أن توصف بشكل جيد على أساس التطور الطبيعي للإنسان الاعتيادي.

تبدأ عملية تنامي الإنسان عند حصول التلقيح لخلق خلية واحدة لها القدرة على تكوين كائن متكامل. هذه الخلية الناتجة من التلقيح تكون كاملة القدرة (Totipotent) أي أنّ قدرتها كاملة على إنتاج أي نوع من الخلايا.

ففي الساعات الأولى بعد عملية التلقيح تنقسم هذه الخلية إلى خليتين متشابهتين من نوع الخلايا كلية القدرة. ويعني ذلك أنه إن وضعت واحدة من هاتين الخليتين في رحم الأم أمكن إنتاج جنين متكامل. والتوائم المتشابهة تتكون عندما تنقسم اثنتان من الخلايا كلية القدرة، ومن ثم تكمل المشوار لتكوين زوج من الأجنة المتشابة وراثياً.

وبعد مرور حوالي أربعة أيام من عملية التلقيح ـ وبعد عدد من دورات الانقسام ـ تبدأ خلايا كلية القدرة بالتخصص مكونة كرة مجوفة من الخلايا تسمى الكيسة الأرومية، تتضمن خلايا خارجية تحيط بالتجويف في داخل كتلة من الخلايا تدعى كتلة الخلايا الداخلية.

أنواع الخلايا الجذعية

1. الجنينية: وتسمى أيضاً الخلايا الجذعية متعددة الفعالية، وتكون في مرحلة الجنين الباكر، ولها القدرة على إعطاء العديد من أنواع الخلايا، وليس كل أنواع الخلايا اللازمة للتكوين الجنيني؛ لأنّ فعاليتها وقدرتها ليست كاملة، لذلك فهي لا تعتبر أجنّة، ولا تكون أجنّة عند زراعتها في الرحم؛ لأنها غير قادرة على تكوين المشيمة والأنسجة الدعامية الأخرى التي يحتاج إليها الجنين في الرحم أثناء عملية التكوين، ويتم الحصول على الخلايا الجذعية الجنينية من الجزء الداخلي للبلاستولة.

2. البالغة: توجد في الأطفال والبالغين على حد سواء، وعندما تبدأ كتلة الخلايا الداخلية للبلاستولة بالتكاثر والانقسام المتكرر تنتج خلايا جذعية متخصصة مسؤولة عن تكوين خلايا ذات وظائف محددة (مثل خلايا الدم الجذعية التي تعطي خلايا الدم الحمراء وخلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية، وهناك خلايا الجلد الجذعية التي تعطي خلايا الجلد بمختلف أنواعها)، وتسمى هذه الخلايا الجذعية الأكثر تخصصاً بالخلايا الجذعية البالغة.

ومن الجدير بالذكر، ومما يهم البحث في الاستنساخ البشري واستنساخ الأعضاء أنّ الخلايا الجذعية الجنينية أفضل من الخلايا الجذعية البالغة، وتواجه العلماء بعض المشاكل في الاستفادة من الخلايا الجذعية البالغة، مثل وجودها بكميات قليلة، مما يجعل صعوبة في عزلها وتقنيتها، ويقل عددها مع تقدم العمر بالإنسان، وليس لها نفس القدرة على التكاثر الموجودة في الخلايا الجنينية.

 

قدرة الخلايا الجذعية Potency هي خواصها الكامنة التي تفتح لها مجالاً من الخيارات ضمن عملية التمايز، مدى قدرة هذه الخلايا على التمايز لأنواع مختلفة من الخلايا البالغة هي ما يميز أي خلية جذعية. يمكن تمييز الأنواع التالية:

1. خلايا جذعية كاملة القدرة Totipotent وهي التي تنتج من اندماج البويضة مع النطفة. والخلايا التي تنتج من الانقسامات الأولى للبيضة المخصبة تكون عادة كلية الخيارات. فيمكن لها أن تتمايز إلى أنماط خلوية جنينية و خارج جنينية extraembryonic cell.

2. خلايا جذعية وافرة القدرة Pluripotent و هي أنسال الخلايا الكاملة القدرات، يمكن لها أن تتمايز لخلايا من الطبقات الجنينية، ولها القدرة الكاملة على تكوين أي نوع من الخلايا، إلا الخلايا الداعمة للجنين، كالأغشية والمشيمة.

3. خلايا متعددة القدرات Multipotent: هي خلايا  تخصصية لها القدرة على إنشاء مختلف الخلايا، ولكن من نسيج معين ـ أي من نفس العائلة ـ كالخلايا الجذعية المولدة لدم hematopoietic فيمكن لها التمايز إلى خلايا دموية حمراء أو بيضاء أو صفيحات.

4. أُحادية القدرة Unipotent يمكن أن تنتج فقط نوعاً وحيداً من الخلايا، لكن لها القدرة على تجديد نفسها، مما يميزها عن الخلايا اللاجذعية.

الكتلة الخلوية الداخلية

هي مجموعة من الخلايا التي تجمعت بعضها مع بعض عند تكوين الحويصلة الأولية والتي يخلق منها الجنين.

 

طرق الحصول على الخلايا الجذعية الجنينية

1. بأخذ هذه الخلايا مباشرة من كتلة الخلايا الداخلية في مرحلة البلاستولة من الأجنة الفائضة في عيادات الخصوبة.

2. بأخذ الخلايا من الأجنة المجهضة، وتؤخذ من المنطقة التي تكون الخصى والمبايض في الجنين لاحقاً، وتسمى الخلايا الجرثومية الجنينية.

طريقة الاستنساخ العلاجي: أو ما يسمى نقل أنوية ـ جمع نواة ـ الخلايا الجسدية، وهذه الطريقة تتبع تقنية الاستنساخ. ويتم الحصول على الخلايا من:

1 ـ خلايا المشيمة أو دم الحبل السري عند الولادة.

2 ـ أنسجة البالغين كنخاع العظام والخلايا الدهنية.

 

العلاج الخلوي

بعلاج بعض الأمراض المستعصية التي تنتج بسبب تعطل الوظائف الخلوية وتحطم أنسجة الجسم، مثل الزهايمر ومرض باركنسون وإصابات الحبل الشوكي، وأمراض القلب والسكري والتهاب المفاصل والحروق.

 

خطوط الخلايا الجذعية الجنينية (cell linesES)

عبارة عن تجمعات أو مزارع خلوية تشتق من النسيج الأصيلي الخارجي epiblast من كتلة الخلايا الداخلية inner cell mass للكيسة الأرومية.

والكيسة الأرومية تكون عادة مرحلة مبكرة من التطور الجنيني بعمر حوالي 4ـ5 أيام في الإنسان، و تتألف من50 ـ 150 خلية. في هذه الحالة تكون الخلايا الجذعية متعددة الخيارات وتعطي خلال نموها منتجات الطبقات الجنينية الثلاث: الطبقة الجنينية الخارجية ectoderm والوسطى mesoderm والداخلية endoderm. وهذا يعني أنّ الخلايا الجذعية في هذه الحالة قادرة على التنامي نحو أكثر من 200 نمط خلوي موجود في الجسم البشري، كل ما هو مطلوب هو إعطاء التنبيه المناسب لكل نمط خلوي نوعي. ولا تشارك هذه الخلايا في تكوين الأغشية خارج الجنينية أو ضمن تركيب المشيمة placenta .

 

تنتقل الصفات الوراثية عن طريق أجسام صغيرة جداً (كالعصي القصيرة) هي الصبيغات الوراثية (الكروموسومات)، وتحمل هذه الصبيغات الوراثية التعليمات الكاملة لخلق الإنسان. وعددها في كل خلية من خلايا جسمنا (46) صبغة (كروموسوماً).

وهذه الـ(46) كروموسوماً عبارة عن (23) زوجاً، كل زوج منها عبارة عن كروموسومين متشابهين بشكل كبير (وقد يقال تساهلاً: إنهما متطابقان)، واحد من هذه الكروموسومات أعطته لنا أُمهاتنا والآخر أعطاه لنا آباؤنا. وكل زوج من هذه الأزواج المتطابقة يعطيه الأطباء رقماً يميزه عن الآخر، ابتداء برقم واحد للزوج الأول إلى الزوج الأخير رقم (23). ونظراً لتشابه هذه الكروموسومات يقوم أخصائي المختبر بصبغها بمادة كيمائية. هذه الصبغة تقوم بتلوين الكروموسومات وتجعلها مخططة أفقيا باللون الأبيض والأسود. كل خط (أبيض أو أسود) يسمى مقطعاً أو شريحة (BAND). والزوج الثالث والعشرون له خاصية مهمة من ناحية تحديد الجنس (الذكورة والأنوثة) لذلك يطلق عليه الأطباء الزوج الجنسي، وفي المقابل يطلق على بقية الأزواج من(1) إلى(22) الأزواج غير الجنسية تمييزاً لها.

 
   

مخطط للكروموسوم وفيه: (1) الكروماتيد. (2) السينترومير. (3) ذراع الكروماتيد القصير. (4) ذراع الكروماتيد الطويل

ولو قارنا الزوج الجنسي بين الذكور والإناث لوجدنا فيه اختلافاً، فالكروموسومان الجنسيان في الزوج الجنسي عند الإناث متطابقان تقريباً، أي متشابهان بدرجة عالية في الشكل والطول، وكل واحد منهما يرمز إليه بالحرف الإنجليزي (X أكس)، بينما نجد الكروموسومين في الزوج الجنسي لدى الذكور مختلفين، فواحد منهما يرمز له بالحرف الإنجليزي (X أكس)، وهو يشبه كروموسوم أكس لدى الإناث، بينما الآخر مختلف، فهو أقصر بكثير من كروموسوم أكس، ويرمز إليه بالحرف الإنجليزي (Y واي)

دي أن أي الجينات والبروتينات

الإنسان يتكون من بلايين الخلايا المتراصة فوق بعض أو جنباً إلى جنب. ولكل خلية نواة مملوءة بـ(46) كروموسوماً، فيها تحفظ المعلومات في داخلها.

الحامض النووي دي أن أي (DNA) يمكن تشبيهه بعقد من اللؤلؤ طوله آلاف الأمتار ولكن لا نراه بالعين المجردة؛ لأنه أرق من خيط الملابس بملايين المرات. هذا العقد الطويل  يجدل ويطوى طياً محكما ويرص ويصف بشكل بديع ليصبح كروموسوماً.

فهو إذن: عبارة عن خيط طويل ملتف من الحمض النووي (DAN). وكما أن عقد اللؤلؤ الطبيعي تحتوي على حبات لؤلؤ مرصوصة على طوله، فذلك الحمض النووي (DAN) يحتوي على حبات مصفوفة على طوله، تسمى مورثات أو جينات. يوجد (100000) مورثة موزعة على الـ (46) كروموسوماً كما لو شبهناها بـ(100000) حبة لؤلؤ في كل العقود،  وتحتوي هذه المورثات على وصفات بمقادير معدة بشكل دقيق كمقادير الدواء لتحضير جميع البروتينات بأنواعها. فيتضح أن البروتينات هي المواد الأساسية لبناء الخلية ولاستمرارها في العمل.

وفي كل خلية من خلايا جسمنا نسختان من كل مورث، واحدة منها موجودة على الكروموسوم الذي ورثناه من آبائنا، والمورثة الأخرى موجودة على الكروموسوم الذي ورثناه من أمهاتنا. وكما أنّ حبات اللؤلؤ مرصوصة على طول عقد اللؤلؤ الطبيعي، كذلك المورثات كل واحدة منها لها مكانها الخاص والمحدد على طول الكروموسوم.

تخصص الخلية

وكل خلية فيها نفس عدد الكروموسومات الموجودة في بقية الخلايا، لذلك فإن كل خلية تحتوي نفس الوصفات الوراثية (المعلومات) لتحضير جميع البروتينات. أي أنّ كل خلية لديها القدرة على إنتاج جميع البروتينات من غير استثناء، ولكن في الحقيقة لا تقوم كل خلية بإنتاج جميع البروتينات، ليس لأنها لا تستطيع، ولكن لأنها لا تحتاج جميع البروتينات، فلذلك على حسب تخصص الخلية ومكانها في الجسم تنتج المواد التي تحتاجها، أما بقية المواد الأخرى فلا تقوم بتصنيعها. فمثلاً خلايا الكبد تنتج فقط، المواد التي تحتاجها وكذلك خلايا المخ تقوم بإنتاج المواد التي تحتاجها خلايا المخ فقط حتى وإن كان لديها القدرة على إنتاج جميع المواد. فلكل عضو وظيفة خاصة به، فالكبد لها وظيفة معينة، والعين لها وظيفة معينه وكذلك بقية الأعضاء.

00000 سبحان الله العظيم00000

إذا فهمنا هذا الأمر فإنه يسهل علينا معرفة لماذا يصاب عضو واحد أو عدة أعضاء محدودة في الجسم عندما يصاب أحد الموروثات بعطب، مع أننا نعرف أنّ هذا العطب موجود في جميع الخلايا؛ لأنّ خلايا الكبد مثلاً لا تتأثر بوجود العطب في المورث حتى وإن كان موجوداً، لأن خلاياها لا تحتاج وجود المورث في الأصل، بينما تصاب فقط خلايا المخ؛ لأنّ المورث المعطوب مهم جدا لقيام المخ بوظائفه الطبيعية. وقد يصاب أكثر من عضو في آن واحد إذا كان المورث المعطوب مهماً لجميع الأعضاء التي ظهر فيها المرض.

الميتوكندرياThe Mitochondria

من مكونات الخلية التي توجد في جميع أنواع الكائنات، ابتداءً من الأميبا إلى الإنسان. وقد وصف فلمنج الميتوكندريا لأول مرة في 1882م، و أسماها الخيوط أو (فيلا). ثم  ألتمان عام 1890م، و لكنه أطلق عليها (بيوبلاست) أي الأجسام الحية. ويعدّ بندا أول من استعمل كلمة (ميتوكندريا) للدلالة على هذه الأجسام عام 1897م.

ولا يمكن مشاهدتها بالمجهر([15]) العادي، و ذلك لأنّ معامل انكسار الضوء([16]) بالنسبة لها منخفض، بسبب ما تحتويه من مواد دهنية، بل تظهر بالمجهر الإليكتروني وبعد أن تصبغ بصبغات حيوية خاصة، فتظهر بصورة أوضح؛ لأنّ الإنزيمات المؤكسدة التي بداخلها تتأثر بلون المادة الصبغية.

ويتراوح طولها بين(0.5ـ1) ميكرون، ويصل في الأنواع الخيطية منها إلى (10ـ12) ميكروناً، وقد يوجد في الخلية نوع أو أكثر من هذه الأشكال.

وأما عددها فيختلف حسب النشاط الحيوي في الخلية، وهو ثابت بالنسبة للنوع الواحد من الخلايا، ففي الأميبيا يوجد (500.000)، ويوجد في الخلية الكبدية للفأر(2500) ميتوكندريون، ويتراوح ما بين (175ـ800) ميتوكندريون في خلايا الكبد السرطانية المعروفة باسم (هيباتوما).

وتكثر الميتوكندريا بصفة عامة في الخلايا الأكثر تخصصاً ـ كخلايا الكبد والكلية ـ عنها في الخلايا الأقل تخصصاً أو الأقل نشاطا.

وأمّا أماكن تواجدها ففي الخلايا المختلفة على هيئة حبيبات دقيقة أو عصى قصيرة أو خيوط، وفي معظم الحالات تكون موزعة توزيعاً منتظماً متجانساً في السيتوبلازم، ولكنه في أنواع معينة من الخلايا يقتصر وجودها على مناطق سيتوبلازمية محددة ـ كما في خلايا الكلية ـ حيث توجد في الأجزاء القاعدية منها، فتكون قريبة من الشعيرات الدموية التي تغذي هذه الخلايا.

وأما التركيب الكيميائي لها فتتكون أساساً من الدهون والبروتينات، بالإضافة إلى بعض المواد العضوية الأخرى والأملاح والفيتامينات. وقد لوحظ حديثاً وجود جزيئات دقيقة من حامض دي أكسي ريبوز النووي في ميتوكندريا بعض الخلايا. كما تعتبر المستودع الرئيس للإنزيمات التنفسية في الخلية، مثل مجموعة إنزيمات السيتوكروم المؤكسد، والإنزيم نازع الأكسجين السكسيني، وغيرها. وهذا يفسر تسميتها بالبطاريات الإنزيمية.

أما وظائفها فيطلق عليها اسم مولدات الطاقة في الخلايا؛ وذلك لأنّ الكثير من التفاعلات الكيميائية التي تتضمن أكسدة المواد الغذائية واستخلاص الطاقة منها تتم داخل الميتوكندريا بتأثير الإنزيمات الموجودة بداخلها.

وقد لاحظ العالم جرين عام 1961م أنه حتى لو فتت الميتوكندريا إلى جزيئات صغيرة فإنها تظل تؤدي بعض وظائفها الخاصة بأكسدة المواد الغذائية. ولوحظ أيضاً أنّ السيانيد المعروف بأنه مثبط لنشاط الإنزيمات التنفسية له تأثير واضح على الميتوكندريا، فهو يمنعها من تأدية وظائفها. وترتبط الميتوكندريا ارتباطاً وثيقاً بالنشاط الأيضي العام للخلية، خاصة فيما يتعلق بأيض الدهون، و الأحماض الأمينية. وهي أيضاً مسؤولة عن تكوين غمد الذيل في الحيوانات الذكرية. وتتأثر الميتوكندريا بشكل واضح بالكثير من الحالات المرضية التي تحدث في الكائن الحي، ففي معظم هذه الحالات تتجمع الميتوكندريا بعضها مع بعضٍ وتتحول إلى قطرات دهنية، أو تتفتت، ثم تختفي تدريجياً من الخلايا. ومن بين العوامل التي تؤثر على الميتوكندريا السيانيد، والفسفور، والمبيدات الحشرية، والأشعة السينية. ولها أشكال وأحجام مختلفة لها القدرة على تغيير شكلها. ومن أشكالها الأُسطواني الشهير والكروي والحلزوني والعصوي والخيطي. ويندمج اثنان منها لتكوين ميتاكوندريا كبير، فيتضح أنّ لها القدرة على التضاعف.

وتظهر الميتوكندريا في الميكروسكوب الإلكتروني كأكياس يحيط بكل منها غشاءان رقيقان، الخارجي منهما مستوٍ، والداخلي متعرج يمتد إلى الداخل في تجويفها مكوناً عدداً من البروزات أو الحواجز سميت بـ(Internal Ridges) أو (Cristae Mitochondrialis) أي الحواجز الداخلية أو الأعراف الميتوكنديرية.

وتقسم هذه الحواجز التجويف الداخلي للميتوكندريا تقسيماً غير تام إلى عدد من الحجرات الصغيرة، ويختلف شكل الحواجز الداخلية، فمنها الصفيحية و الورقية، والأنبوبية غير ذلك. تعمل هذه الحواجز على زيادة السطح الداخلي الذي تحدث عليه التفاعلات الكيميائية العديدة داخل الميتوكندريا، و يتضح ذلك بجلاء في بعض الخلايا النشطة، كخلايا عضلات الطيران في الحشرات والطيور.

ويحيط الغلاف الداخلي (الحشوة المركزية) التي تحتوي على كمية كبيرة من الإنزيمات والبروتينات والرايبوسومات وDNA وRNA وجينات تستخدم لإنتاج بعض الإنزيمات الخاصةللمايتوكوندريا.

ومما تقدم نستنتج أنها تحتوي على الحامض النووي (DAN)، وأنها خلايا تؤثر بشكل أو بآخر في حمل الصفات الوراثية للكائن الحي إضافة إلى النشاطات الأخرى التي تتأثر حتماً بالجينات.

الفرق بين الاستنساخ والتلقيح الطبيعي

يحدث التلقيح الطبيعي باتحاد خليتين، ذكرية فيها(23) كروموسوماً، وأنثوية فيها نفس العدد منها. وبذلك ينتج الجنين المكون من (46) كروموسوماً إضافة إلى (XY) أو (XX) الذي تكون مادته الجينية تختلف عن كلا الأبوين.

 

لا زالت هذه العمليات في الوقت الراهن محدودة جداً بسبب القيود التي تفرضها الحكومات على هذه الأبحاث ـ ظاهراً على الأقل ـ لما لها من مشاكل تهدد الجيل البشري، حيث إنّ معظم التجارب في هذا المجال فاشلة، و هي بحاجة إلى تمويل مادي كبير و خبرات عالية المستوى، حيث إنّ 90% من التجارب تفشل في تكوين جنين، و أكثر من 100 عملية نقل نواة خلية قد يُحتاج إليها لتكوين جنين واحد ناجح. أيضاً هناك عوائق أخرى أمام هذه الأبحاث، منها أنّ الحيوانات التي تكونت عن طريق الاستنساخ تعاني من ضعف شديد في جهاز المناعة، و كذلك سرعة الإصابة بالأورام، و خاصة الخبيثة منها، وأمراض أخرى تصيب الجهاز العصبي، ويعتقد بوجود مشاكل في القابلية العقلية والتي يصعب إثباتها بالنسبة للحيوانات المستنسخة لعدم حاجتها للقدرات العقلية مثل الإنسان، كذلك وجد بعض الباحثين في اليابان أنّ الحيوان المستنسخ يعيش بحالة صحية رديئة والكثير منها يصاب بالموت المفاجئ.

ومن الجدير بالذكر أنّ النعجة دولي تم قتلها يوم الجمعة 14 شباط عام (2003) بإبرة خاصة بعد إصابتها بسرطان الرئة وعوق شديد والتهابات في المفاصل بعمر (7) سنوات، برغم أنّ أقرانها قد تصل إلى عمر (11ـ12) عاماً و بعد تشريحها تبين خلوها من أي مشاكل عدا سرطان الرئة و التهاب المفاصل مع بقاء مشكلة العوق.

نتيجة لكل ما تقدم ذكره كان من الضروري اتخاذ تدابير شديدة لمنع إجراء هذه التجارب على البشر، وتم إصدار قوانين صارمة في معظم دول العالم، منها أميركا و أوروبا واليابان لحظر هذه التجارب.

مرض السرطان

هو مجموعة من الأمراض التي تتميز خلاياها بالنمو والانقسام من غير حدود، فتتسم بالعدائية (Aggressive)، وقدرة هذه الخلايا المنقسمة على غزو (Invasion) أنسجة أخرى مجاورة وتدميرها، أو الانتقال إلى أنسجة بعيدة بعملية يصطلح عليها (metastasis). وهذه القدرات هي صفات للورم الخبيث (Malignant) على عكس الورم الحميد (Benign) والذي يتميز بنمو محدد وعدم القدرة على الغزو ولا يستطيع الانتقال أو النقلية.

أسباب تحول الخلايا السليمة إلى خلايا سرطانية

حدوث تغييرات في المادة الجينية الموروثة، قد تسبب العوامل المسرطنة (Carcinogens) كالأمراض المُعدية (مثل الإصابة بعض الفيروسات) والتدخين والمواد الكيميائية وبعض الإشعاعات وبعض الموجات الكهرومغناطيسية.

1 ـ خطأ عشوائي أو طفرة في نسخة الحمض النووي DNA عند انقسام الخلية.

2 ـ توريث هذا الخطأ أو الطفرة من الخلية الأم.

 

تحدث في نوعين من الجينات:

1. جينات ورمية (Oncogene): وهي جينات فاعلة في حالة الخلية السرطانية لإكساب الخلية خصائص جديدة، مثل الإفراط في النمو و الانقسام بكثرة، وتقدم الحماية ضد الاستماتة أو ما يسمى بـ(الموت الخلوي المبرمج) (Apoptosis)، وتساعد الخلية السرطانية في النمو في ظروف غير عادية.

2. جينات مثبطة للورم (tumor-suppressor gene): وهي جينات يتم توقيفها في حالة الخلية السرطانية؛ لأنها تعارض تكوينه عن طريق تصحيح أي أخطاء في نسخ الحمض النووي، وتراقب الانقسام الخلوي، وتعمل على التحام الخلايا وعدم تنقلها، كما أنها تساعد الجهاز المناعي على حماية النسيج.

 

من خلال ما تقدم من معلومات عن السرطان في (1و2) من أسباب التحول إلى خلايا سرطانية يمكن التوصل إلى نتيجة مهمة في إصابة النعجة المستنسخة بالسرطان أو غيرها. وهو تحويل الخلايا الجذعية إلى خلايا لها القدرة على الانقسام والنمو، خاصة بعدما علمنا أنّ هذه الخلايا تتعرض لصعقات كهربائية تؤثر فيها، علماً أنّ الدراسات الحديثة أثبتت قابلية الإصابة بهذا المرض لمن تعرض للموجات الكهرومغناطيسية، فقد يشكل هذا أيضاً سبباً آخر للإصابة بهذا المرض.

 

تم إقرار قانون أمريكي يحظر استنساخ البشر، حيث صادق مجلس النواب الأمريكي على قانون يحظر استنساخ البشر ويعاقب المخالفين بالسجن وغرامة تصل إلى مليون دولار. وقد صادق المشرعون على القانون بأغلبية 241 صوتاً مقابل 155، رافضين بعض الاستثناءات التي قد تعين الباحثين على اكتشاف علاجات لبعض الأمراض، مثل الزهايمز والشلل الرعاش، أي الباركنسون والسكري. حيث رأى بعض أنّ الجنين المستنسخ هو كائن بشري حتى قبل زرعه في الرحم، وأنّ تدميره بغرض البحث العلمي أمر غير أخلاقي. ويأتي طرح القانون بعد أن أعلنت شركة كلونيد إحدى شركات الأبحاث العلمية أنها نجحت في استنساخ أول طفل الأمر الذي لم يتم التحقق من صحته.

وكممارسة الحظر الشامل على المشروع قالت مايريك النائبة عن الحزب الجمهوري: إن أي قانون لا يحظر الاستنساخ كلياً سيكون بمثابة منح رخصة لأحد أبشع وأخطر المشروعات التجارية في التاريخ الإنساني. وطالبت الكونغرس أن يتحرك فوراً بهدف إيقاف ذلك، وأضافت أنه: لا يمكننا أن ننتظر حتى تعلن شركة تكنولوجيا بيولوجية أنهم قد استنسخوا أطفالاً.

وأمّا جيمس ماكجوفرن عضو الحزب الديمقراطي فقد قال: إن القانون سيغلق الباب أمام أبحاث مهمة تقوم على ما يعرف باسم (الاستنساخ العلاجي).  وقال: لا يمكنني أنّ أرى أي جانب أخلاقي عندما أنظر في عيني مريض الزهايمر أو الشلل الرعاش وأقول له: إننا سنقف في طريق علاجه.

ويعتبر قانون تحريم استنساخ البشر وعملية الاستنساخ البشري لأغراض الإنجاب و الأبحاث الطبية، أو استيراد جنين مستنسخ أو أي منتج مستخلص منه، جريمة وفق القوانين الفيدرالية الأمريكية. ويفرض القانون غرامة تصل إلى مليون دولار إلى جانب عقوبة السجن عشر سنوات على المخالفين.

وفي 28 /11/2001جاء عن منظمة حياة البشر العالمية أنها تشجب كل الاختبارات على استنساخ البشر، وأشار الأب (Thomas Euteneuer) رئيس المنظمة إلى أنّ: الإعلان عن إنجاز استنساخ جنين من خلال شركة (AdvancedCell Technology) يبرز علامة بداية الصراع الأخير بين قوى الحياة وقوى الموت في الولايات المتحدة .. وأضاف: صنع البشر على يد الإنسان لخدمة حاجة هؤلاء المسموح لهم بالعيش، هو أكثر عمل مخرب، والذي قد يعزل البشرية عن الله الذي باعتقاده هو أنه: (الأب).

يتحدث أخصائي علم الأخلاقالدكتور (دونالد بروس) عن معارضة الكثير من الناس لاستخدام تكنولوجيا علم الاستنساخ في مساعدة العقيم من الأزواج على الإنجاب….

فمن وجهة النظر الأوروبية تعتبر التجارب غير قانونية وطالت الاتفاقيات حقوق الإنسان والعلوم الطبية الحيوية، وأن الدرجة التي أضحت عليها تلك التجارب وإن أخذت على أنها من صميم المهنة إلاّ أنها طبياً وأخلاقياً غير مقبولة.

 

هناك خطأ ما يحدث عندما تنقسم الخلية بحسب ما أعلن العلماء في الولايات المتحدة من أنّ مئات المحاولات لاستنساخ القردة باءت بالفشل. ويعتقد العلماء أنّ التكوين البيولوجي للبويضات لدى الرئيسيات، ومن ضمنها البشر يجعل عملية الاستنساخ أمراً مستحيلاً. وعلى الرغم من النجاح الذي حققه استنساخ عديد من اللبائن، ومن ضمنها النعاج والفئران والماشية غير أن هناك أدلة متزايدة على أن ذلك لا ينطبق على جميع الفصائل.

وأضفى البحث الذي ورد في صحيفة ـ ساينس ـ مزيداً من الشكوك على جهود نخبة من المتخصصين في الاستنساخ البشري. وكانت شركة كلونايد التي كونتها طائفة الرائيليين قد زعمت بالفعل استنساخ عدة أطفال، غير أنها لم تقدم أي دليل يؤكد تلك المزاعم.

ويوافق أغلبية العلماء على أنّ محاولات استنساخ طفل عملية خطيرة ومضللة. وقد ولدت كثير من الحيوانات المستنسخة وهي مريضة أو مشوهة، كما تقل نسبة نجاح عمليات الولادة.

واستخدم العلماء في كلية الطب بجامعة بيتسبيرج الطريقة التي استخدمت في استنساخ النعجة دوللي في محاولة لاستنساخ أنواع من القرود، غير أنهم فشلوا في تكوين حالة حمل واحدة من بين مئات المحاولات. كما حاولت جماعات أخرى وفشلت في استنساخ القرود.

ويبدو أنّ العقبة تتمثل في شيء ما يتعلق بطريقة توزيع المادة الجينية، حيث تنقسم الخلية إلى شطرين خلال عملية التطور الجنيني. وتنتهي الخلايا بوجود كميات كبيرة جداً أو قليلة جداً من الحمض النووي ولا يمكنها البقاء، وهو الأمر الذي يقترح أنّ محاولات استنساخ الرئيسيات ومن ضمنها البشر ستبوء بالفشل. وقال الدكتور جيرالد تشاتن قائد الفريق لمجلة ساينس: يعزز تلك الحقيقة أنّ الدجالين الذين زعموا استنساخ البشر لم يفهموا بشكل كاف الخلية أو التطور البيولوجي كي ينجحوا.

ونظراً لخطورة هذا الأمر الذي يعد اعتداء على كرامة الإنسان أصدرت بعض المنظمات بياناً تشجب فيه هذا الأمر الذي يتنافى مع أبسط القواعد الأخلاقية، وللتنبيه إلى المخاطر التي ستواجه الإنسان في القريب إذا استمر الباحثون في هذا الاتجاه.

هم الرائيليون وهم المنتمون للطائفة الرائيلية، وهي جماعة زعمت أنّ أفرادها من خلال الاستنساخ يقدمون حلاً للأزواج غير القادرين على الإنجاب. ولهم موقع على الإنترنت (www.rael.com) حيث يبثون أفكارهم بلغات متعددة.

وأماكن تواجدهم في فرنسا وكيبيك وفلوريدا. وتدعي الطائفة أنّ أنصارهم في تكاثر خاصة في أمريكا وأستراليا وأفريقيا والصين، ويعتبر الاستنساخ لب فلسفة الرائيليين، ويسمونه الإبداع العلمي، ولذلك هم يقودون حركة الاستنساخ في العالم.

وفي عام 1995م منحتهم حكومة ولاية كيبيك الكندية ضمانات لممارسة طقوسهم الدينية. ولا يزال علماؤهم يدعون العلماء جميعاً إلى ضرورة الانخراط في هذه العمليات والتجارب.

 

1 ـ يؤمنون أنّ البشر جاءوا عن طريق الاستنساخ، ويعتبر الاستنساخ البشري أساس العقيدة الرائيلية.

2 ـ تؤمن الطائفة بأنّ كائنات فضائية خلقت الحياة على كوكب الأرض، ثم وصلت هذه الكائنات إلى الأرض بشكل ما منذ 25 ألف عام، وخلقت البشر عن طريق الاستنساخ.

3 ـ يعتقدون أنّ الاستنساخ البشري هو البديل عن نظرية دارون للنشوء وعقيدة الخلق في بعض الديانات.

4 ـ يتطلع الرائيليون إلى استنساخ شخص بالغ دون المرور بعملية النمو الطبيعية، ومن ثم يتم نقل الذاكرة مباشرة لهذا الشخص المستنسخ.

5 ـ يعتقدون أنّ الاستنساخ هو مفتاح للحياة الأبدية وطريق الخلود.

6 ـ ينتظرون عودة كائن فضائي يطلقون عليه اسم (ألوهايم) سوف ينزل بحلول عام 2025م لتخليص أتباعه من الأرض.

7 ـ يدعو الرائيليون إلى الإباحية، بل ويفتخرون بأنّ من إنجازاتهم أنهم قاموا بالتشجيع على ذلك.

8 ـ تدعو الطائفة الرائيلية إلى تفسير علمي للإنجيل، ويزعمون أنّ عيسى× بُعث مرة أخرى من الموت باستخدام تقنية متقدمة من الاستنساخ، قام بها من يسمى (ألوهايم)، ويزعم رائيل أنّ المخلوقات الغريبة التي رآها مذكورة في الإنجيل تحت اسم (ألوهايم)، ويدّعون أيضاً أن (ألوهايم) كلمة تمت ترجمتها خطأ إلى (إله).

9 ـ من ناحية أخرى نجد أنهم يتخذون من النجمة السداسية شعاراً لهم، وقد ظهرت العالمة الفرنسية بريجيت بواسيلييه، وهي من أساقفة الرائيليين أمام وسائل الإعلام، وهي ترتدي ما يسمونه نجمة داود وميدالية الرائيليين في المؤتمر الصحفي الذي أعلنت خلاله استنساخ الطفلة (إيف ـ حواء). ومن جهة أخرى أكد البروفسور جوزيف كبير علماء شركة جينوم ثرابتكس كوربوريشن أنّ الرائيلية طائفة يهودية، كما أن هناك تقارباً لفظياً واشتقاقاً من الاسم بين الدولة اليهودية (إسرائيل) واسم زعيم الطائفة (رائيل). ثم إنّ رموز الرائيلية على اتصال وعلاقة وثيقة مع إسرائيل، وهناك علماء يهود يؤيدون استنساخ البشر على النقيض من العلماء المسلمين والنصارى. ولعل هذا ما دفع الطبيب الإيطالي سيفيرينو انتينوري إلى القول: إنه سيتم استنساخ أول مولود في إسرائيل، وذلك قبل استنساخ الطفلة حواء مؤخراً.

 

1. كلود فوريلون (رائيل).

2. د. بانوس زافوس طبيب قبرصي يوناني الأصل، أُستاذ في جامعة كنتاكي الأمريكية.

3. بريجيت بواسيلييه عالمة فرنسية والرئيس التنفيذي لشركة كلونيد، وتعرف نفسها على أنها أسقف في الطائفة.

 

تحدث الكاتب الدكتور ديفيد وايتهاوس الذي عمل محرراً علمياً لعدد من الصحف والمجلات ووكالات الأنباء العالمية عن الاستنساخ قائلاً: من واقع التجربة التي أُجريت على خمسة أنواع من اللبائن المستنسخة جاءت النتائج لتؤكد عدم وجود فرص للنجاح؛ وذلك لأنّ الحوامل الخمس التي رشحت للاستنساخ فشلت فيها التجربة، وفي معظم الحالات مات الجسم المستنسخ وباتت فرص الحياة للأم والجسم المستنسخ على محك الخطر. وفي كثير من الحالات ينمو الجنين بشكل غير طبيعي ويهدد بحجمه الضخم سلامة الرحم، لذا لم تكتمل تجارب الحمل بالاستنساخ؛ لأنها تنتهي بالإجهاض في أغلب الأحيان.

والنعجة المستنسخة (دوللي) تعتبر حالة خاصة؛ لأنّها التجربة الناجحة الوحيدة من بين (247) تجربة باءت كلها بالفشل، وإذا أردنا استنساخ إنسان فكم تجربة فاشلة ستمر علينا؟ وكم سيكون حجم المعاناة؟ لكن تبقى نسبة النجاح أقل من (1%) من الحيوانات التي تم استنساخها ومعظمها يعاني من تغيرات غير طبيعية حادة، مثل ضعف وظائف الكبد، وصفائح الدم غير الطبيعية، ومشاكل القلب، ورئتين غير مكتملتين ومرض السكر واختلال نظام المناعة المكتسبة التي تختفي خلف اختلال جيني. حيث إنّ معظم الأبقار لديها تحولات على شكل الدماغ، وغالباً ما لا تعيش طويلاً، وهذا قد ينطبق على الإنسان نفسه حال استنساخه، حيث إنّ العلماء وقفوا مندهشين حيال النجاح الصوري الوقتي لما استنسخوه.

فالأمر لن ينجح حتى ولو تم استحضار جنين جيد ليستنسخ؛ لأنّ الطفل الطبيعي هو اتحاد بين خليتين جينيتين، فالجينات لا تحول، وهناك سوء فهم في إمكانية تجنب اضطراب الجينات المأخوذة من بشري واحد ذي جينات متشابهة توجد دلائل أنّ ما يعرف بطبع الجينات في الاستنساخ لا ينجح بالضرورة، بالإضافة إلى أنّه لا توجد أية وسيلة لاستعراض الأجنة لمعرفة مدى نجاح أخذ جينات لاستنساخها.

وأضاف: إنّ العلماء يعرفون معلومات قليلة عن المدى الطويل لنشأة الجسم المستنسخ ولكن الدلائل تشير إلى أنه قد لا يعيش طويلاً كما المولود البشري الطبيعي، وأنه قد يعاني من مشاكل صحية وما زالت الدراسات جارية في هذا الصدد.

 

من التطبيقات الحديثة لعمليات الاستنساخ، وذلك بأخذ نواة الخلية الجسمية من الحيوان الأول و شطر مادتها الجينية بطرق خاصة لتصبح محتوية على (23) كروموسوماً ودمجها ببويضة الحيوان الثاني لتصبح الخلية المتكونة على (46) كروموسوماً نصفها الأول من الحيوان (أ) ونصفها الثاني من الحيوان (ب) و هي شبيهة جداً بعملية الإخصاب الطبيعي.

 

هي استخدام الخلايا الجذعية، وهنا يكون الهدف هو الوصول إلى خلية جينية تشكل الخلايا الذكرية أو الأنثوية من هذه الخلايا الجذعية.

بدأت خطوات هذه البحوث بوضع أنواع متعددة من هذه الخلايا الجذعية، ومن ثم تم أخذ المجموعة التي بدأت بالتحول إلى خلايا جنسية، وليستمر نمو هذه المجموعة تمت زراعتها في نسيج مأخوذ من بيضة الفأر الذكر أو المبيض، و تم إجراء هذه التجربة على فأر المختبر، و بعد (3) شهور بدأ تشكل الخلايا الذكرية للفأر.

و يستفيد من هذا النوع من التجارب المرضى الذين يتعرضون للعلاج الكيميائي، إذ يتم تجميد الخلايا الجذعية للحيوانات الذكرية قبل البدء بالعلاج، ومن ثم يتم إعادة زراعتها في البيضة بعد الانتهاء من البرنامج العلاجي. وكما هو الحال لإنتاج حيوانات ذكرية، فمن الممكن إنتاج البويضات بنفس الطريقة.

 

الاستنساخ يختلف تماماً عن فكرة التوائم المتطابقة، حيث يمكن لجنين بعينه من جينات غير معروفة أن ينقسم، بينما يكون الاستنساخ بأخذ جينات من شخص حي واستخدامها كركيزة لتكوين شخص جديد. وهذا لا يعني شخصاً مطابقاً بالتأكيد على الرغم من الجوانب الأخرى التي نسميها (العوامل البيئية) قد تكون مختلفة.. فمنذ الوهلة الأولى التي يأتي فيها شخص للحياة يكون قد اكتسب جيناته بالوراثة من شخص آخر .. فهي تقودنا لخطأ ذاتي، فنحن لا نرفض أشكال (التحكم) في ما ننميه أو التعليم أو التأثير الاجتماعي ولكننا نرفض تغيير جيناتنا …

تسير تلك الفكرة متوائمة في الأهمية مع المخاطر الطبية الأكيدة المحدقة، ففي عام 1998 نادى المجلس القومي للثروة الحيوانية ببريطانيا والتابع لوزارة الزراعة بندوة عدم الاستفادة التجارية من الحيوانات المستنسخة، وخاصة بعد المشاكل الخطيرة المرصودة بعد ولادة عدة حيوانات مستنسخة.

 

مخاطر الاستنساخ من الناحية الجنائية

وذلك بحق نفس المستنسخ ـ على صيغة المفعول ـ ففي تقرير صدر لدراسة في علم الوراثة الطبيعية أكد وجود حالات شذوذ في بعض الحيوانات المستنسخة، مما يقوي فرص الإدعاء بأنّ الطفل المستنسخ يمكن أن يموت في مرحلة الرضاعة، هذا إذا لم يكن مسخاً أو به عجز. وتوصل فريق قادته العالمة (جيري يانج) من جامعة (كونتكيت) أنّ (9) من (10) من البقر المستنسخ وجد فيه خلل في موروثاته، وخصوصاً على الكوروموسوم (X) أحد الكروموسومين اللذين يحددان جنس الجنين الوليد، حيث لا ينشط في البقر المستنسخ، فقد تعطلت في هذه التجارب آلية عمل البروتينات ورافقتها نتائج مخيفة تهدد حياة الحيوان وفرصه في البقاء. وحسب إفادة (سيندي تيان) عضو الفريق الطبي: إنّ ما اكتشف خطير جداً، فقد تحاول المختبرات السرية التي تسعى جاهدة لاستنساخ إنسان أن تستخدم نفس الطريقة، ولكنهم لا يستطيعون إخفاء النتائج، فنحن نستطيع القول: إنّ (99%) من الأجنة المستنسخة سيكون مآلها إلى الفشل وضمن الـ(1%) المتبقية سوف ترتفع نسبة الوفيات مباشرة بعد الولادة بسبب مشاكل جينية.  

فالاستنساخ ـ بحسب الادعاء ـ يوفر نسخة جينية من كائن آخر بفصل النواة عن البويضة، ثم تقوم هذه الجينات الوراثيةDNA بإعادة برمجة البيضة وتحويلها إلى رمز جيني DNA مطابق للذي عند المتبرع، وتنشأ المشكلة من عدم ضمان عمل كلّ الجينات التي مهمتها تكمن في إنشاء وترميم الأنسجة ويمكن لهذه الجينات المعطوبة أن تؤدي إلى إجهاض الجنين المشوه خارج الجسم، أو يمكن أن يعيش مع بعض التشوهات التي تظهر على شكل عجز أو أمراض مزمنة، حيث تعيش نسبة ضئيلة حتى مرحلة الولادة وترتفع نسبة الوفيات في الأسابيع الأولى بسبب التشوهات.

ومما تقدم يتضح الجانب الجنائي لهذه العملية بحق المستنسخ ـ على صيغة الفاعل ـ الذي لا يحتاج إلى مزيد تفصيل..

ومن الناحية الأخلاقية فهذا الأمر ممقوت؛ لأنه يورث في نفوس الباحثين نزعة القدرة على كل شيء، وهذا له أثر سلبي على الخُلُقِ خاصة، بعد أن ثبت فشل كثير من المحاولات، فإنّ الاستمرار يورث عدم التورع عن القيام بأي جريمة تحت شعار التجربة، إضافة إلى ممارسة الكذب كمهنة أعاذنا الله تعالى منه.

الاستنساخ وحكم الشرع

في كل واقعة في الحياة هناك أمور تحفها يدرسها الفقيه ثم يعطي الحكم الشرعي، وبحسب ما عرض أمامه من تلك الواقعة كموضوع، وبحسب ما يعرض أمامه من ظروف ذلك الموضوع.

وهنا في مسألة الاستنساخ البشري والعضوي كل مسألة تتعلق في تدخل الجينات والصفات الوراثية فيها، يمكن القول بجوازها إلاّ في الإنسان؛ لأنّ في ذلك تداخلاً للنسب ومن ثم الضياع.. وسيتضح هذا الأمر كلما توغلنا في البحث فتابع.

المسألة الأولى: في تحديد دائرة استخدام الكائنات الحية محل تجارب وأبحاث

على مرتبة عالم النبات

أما النبات فلم أسمع إلى الآن بقول يحكم بالحرمة، نعم وبحسب القاعدة يحرم ذلك من جهتين:

الأولى: إذا أفضت هذه الأبحاث إلى إنتاج نبات يكون له ضرر مصنع يستخدم ضد الحياة بشكل عام. أو يكون نفس النبات المستنسخ مضراً بنفس الصنف.

الثانية: إذا أفضت التجارب إلى الترف الفكري بحيث يؤدي البحث إلى هدر الطاقة.

وهذان الأمران لا يحتاجان إلى إظهار الدليل أو الحكم؛ لأنهما على القاعدة.

 

على مرتبة عالم الحيوان ـ ذوات الروح الحيواني ـ

وهذا فيه مستويان: الأول: من أحادي الخلية إلى ما دون البشر، وأمّا الثاني فهو الخاص بالبشر. 

أولاً: يجري هنا نفس الحكم الجاري على عالم النبات من الحيثيتين المذكورتين.

ثانياً: من حيث دائرة حرمة ذوات الأرواح الحيوانية من حيث عدم جواز القتل والإضرار بذلك الحيوان أو تعذيبه، إلاّ ما استثني بالدليل.

 

المستوى الثاني: وهو الخاص بالبشر

وهذا يعتمد على إمكان استخدام البشر كمحطة إجراء التجارب من رأس، وهو أمر قد يصعب إثباته على الأموات سواء أكان سقطاً أم بعد الولادة ممن ولجت فيه الروح أم لم تلج، نعم قد يفرق بين ما له حرمة وبين ما لا حرمة له منهم، وأمّا الأحياء فلا أجد فقيهاً من مدرسة أهل البيت عليهم السلام على الأقل يقول بالجواز.

وقد يصعب أيضاً الحكم بجواز إجراء مثل هذه التجارب ليس من باب حرمة الأموات، بل من باب عدم المجازفة بالمتولد من هذه العملية.

ومن هنا يكون البحث الفقهي في مقام بيان ما يتعلق بهذه العملية من مسائل على فرض مخالفة الحكم الشرعي بالحرمة في إثبات دين المتولد وضياع النسب، وما يتبعه من أحكام الولاية حال الحياة والممات والزواج والإرث وضمان الجريرة، وما يتعلق بالقضاء عند الاختلاف في الموهوب أو المبيع من الخلايا أو الاحتضان وغير ذلك مما سيتضح لاحقاً، هذا غير تغير الخلقة والطريقة التي أرادها الله تعالى كوسيلة للتكاثر.

وعلى فرض القيام بالتجربة من دون الرجوع إلى الفقيه، فهناك حالتان إمّا أن تفشل التجربة أو تنجح بإمكان استنساخ بشر سوي تام الخلقة، فما هو الحكم الشرعي بالنسبة إلى أطراف هذه العملية من قائم بها وصاحب الخلية وحاضن لها أو ولي أحد الأخيرين أو ولييهما؟ وما هو حكم المتولد؟

 

أحكام عامة في حالتي الفشل أو النجاح

هناك بحوث فقهية وأحكام عامة سيالة في حالتي الفشل والنجاح، وأُخرى تختص بحالة الفشل فقط. أمّا العامة منها فهي كما يلي:

أولاً: بحث فقهي ينصب على ديانة الأطراف المذكورة، وكما يلي:

1 ـ أن تكون جميع أطراف هذه العملية من الكادر وصاحب الخلية والحاضن أو وليهما ـ أي ولي صاحب الخلية أو الحاضن ـ من الكفار. فالحكم الشرعي فيه على القاعدة من أن الكفار مشمولون بالفروع على التفصيل، كما عليه نحن أتباع أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، والاستدلال عليه في محله. فإن بقي المرتكب على كفره فهو وإن أسلم فحكمه حكم من كان كافراً ثم أسلم.

2 ـ وأما إن كان أحد الأطراف أو جميعهم من المسلمين فكل حكمه وفق مذهبه، وما يهمنا هنا حكم مدرسة أهل البيت صلوات الله تعالى عليهم.

3 ـ يبحث فيما إذا كان العلم أو الجهل أو الظن النوعي أو الشخصي([17]) أو مجرد الاحتمال له دخل في الشمول في الأحكام المترتبة على القيام بالعملية، وكذلك نتائجها.

ثمرة هذا البحث تكمن في حالة ما إذا كانت هذه البحوث محرّمة ـ كما هو الحق ـ وأراد المرتكب أن يرى حكمه الشرعي ما هو؟ هل هو كالمسلم الذي يسرق ـ مثلاً ـ ثم تاب، كما يستفاد من ذلك عند الاختلاف على نوعية التصرف من الغصب أو البيع أو الهبة بأشكالها، وفي حال الاختلاف إلامَ يصار؟

ثانياً: تحديد نسب الجنين أو المولود، وذلك لتحديد علاقته بالمجتمع المالية وغيرها، كما لو أردنا أن نعرف من تجب إعالته من جهة، ومن جهة مصرف الحقوق الشرعية وحال السفه والحجر..

ثالثاً: تحديد ديانة الجنين أو المولود.. وثمرة هذا البحث تكمن في حضانته وحقوقه المادية والمعنوية في الحياة والممات، وفي مسائل الزواج والميراث والديات وضمان الجريرة وتحديد المحارم والإلحاق، كما ينفع في ضمان الوجود القانوني على مستوى الدولة.

بيان:

قد يقال: إنّ تحديد النسب متوقف على تحديد الدين، وتحديد الدين متوقف على تحديد النسب، وهل هذا إلا الدور؟!

وجوابه: إنّ تحديد النسب متقدم على تحديد الدين بالنسبة إلى المولود، وهناك مجموعة من القواعد بموجبها نحدد ديانة الطفل ـ وإن كان على الظاهر ـ دون الرجوع إلى نسبه، كما في لقيط دار الإسلام ولقيط دار الكفر، أو قد يرجع إلى القرعة في حال كون ذلك مشكلاً.

رابعاً: تحديد القائم بالعملية من حيث كونه فرداً أو مجموعة أو مؤسسة، وبحسب التفصيل في الذكور والإناث من حيث الشمول في الدية وضمان الأموال والجهود المبذولة، فيما إذا كانت هذه العملية توضع في مصاف الجنايات حتى مع النجاح.

خامساً: بحث فقهي في طريقة منح الخلية من بيع أو هبة على التفاصيل فيها، والإجارة بالنسبة إلى الأُنثى الحاضن.

وثمرة هذا البحث تتضح حال الاختلاف في باب القضاء.

سادساً: بحث فقهي في حال تضرر الأنثى الحاضن بسبب هذه العملية.

وثمرة هذا البحث تتضح حال الاختلاف في باب القضاء، فقد تتضرر الحاضن ولكنها تخبر بالخلاف أو أنها تخبر وترضى هي، ثم بعد ذلك تدعي الخلاف، وكذلك الولي.

سابعاً: البحث فيما إذا يفرق بين العالم بالحكم والجاهل في هذا المقام مع الأخذ بنظر الاعتبار أنّ اليقين هنا قابل للنقيض؛ لأنه يقين تجريبي وليس منطقياً، بحسب ما يقرّه جميع علماء التجربة، حيث إنهم يعلمون بقاء نسبة ما تحت الفشل، فلا يمكن التملّص من المسؤولية. وإنّ مثل هذه الحالات تُصنّف تحت الشبهات على الأقلّ، فيجب التوقف عندها والرجوع إلى الفقهاء، كما يقتضي واقع مثل هذه التجارب؛ لأنّها تخص الدوائر الثلاث: الدماء، الأعراض، الأموال.

ثامناً: ضمان ما دخل في هذه العملية من صرف أموال وجهود بحسب التفصيل في القيمي والمثلي، وكما مرّ حال فشل أو نجاح التجربة، وذلك بناء على حرمة القيام بها.

 

الحالة الأولى: فشل التجربة

يتعلق البحث الفقهي بما يلي:

أولاً: في الجانب المالي الذي يشمل الدية على تفصيل في حال الموت أو العوق بسبب هذه التجربة، حتى لو كان الموت أو العوق بعد سنوات، بحيث ينظر إلى الأقران أو غير ذلك من علامات تدلّ على أنه لو لم يتولد بهذه الطريقة لم يحصل له ذلك، وذلك كل بحسب ما يخصه من الأطراف.

ثانياً: بحث فقهي لما يترتب على أطراف هذه العملية بما يلي:

1 ـ أن يموت المتولد وفيه ثلاث حالات:

* قبل ولوج الروح.

* بعد ولوج الروح وقبل الولادة

* بعد الولادة، وإن كان بعد حين.

2 ـ أن يعيش المتولد، معوقاً، أو يصاب بالعوق تدريجاً أو دفعة منذ الولادة حتى الوفاة.

مع افتراض أن يكون السبب في كل ما تقدم هو هذه العملية نفسها.

 

الحالة الثانية: التفكك الاجتماعي

حيث تستجد طبقات من البشر من دون أسر، وهذا له آثار مدمرة في المجتمع منها:

1 ـ فقدان الرعاية الأبوية من حيث الوالدين، وما ينتج عنه من تأثيرات نفسية على مستوى الطفل.

2 ـ فقدان رعاية الأحداث والمراهقين.

3 ـ وعلى مستوى المصابين بالأمراض والمعوقين.

4 ـ كذلك على مستوى سن الشيخوخة.

5 ـ مسألة اجتماعية وسنة كونية، وهي سنة الزواج وما يرتبط به من نظم.

على فرض حل هذه المعضلات وإيجاد مؤسسات لهذا الغرض، فهذا أكل من القفا لأن الله تعالى أوجد لنا طريقة أفضل منها.

 

وددت أن أعنون لهذا الأمر من باب الإشارة فقط؛ لوجود بحث عرضي في باب التلقيح الصناعي وتحديد نسب أطفال عملية الزرع لمعالجة العقم. وهذا البحث الثاني سوف أمرُّ عليه لاحقاً، ولارتباطهما بعنوان واحد وتعلقهما بالبحث اللغوي والاصطلاحي آثرت الكلام عليه في ذلك المحل فتابع.

استنساخ الأعضاء تطبيقات للاستنساخ في مجالات أخرى

هناك استنساخ استخدم في عالم النبات والذي تقدمت أبحاثه، وأنتجت العديد من الأنواع النباتية النادرة بهذه الطريقة.

وهناك طرق محورة للاستنساخ، وهو ما يسمى بالاستنساخ العلاجي أو النسيجي، ويتم ذلك بأخذ خلية جذعية مـن النسيج المراد استنساخه ودمجها مع بويضة منزوعة النواة؛ ليتكون منها الجنين، ثم تؤخذ الخلايا الجذعية (stem cells) التي تكون مسؤولة عن تكوين نسيج معين من الجسم، مثل الجلد أو البنكرياس أو الخلايا التناسلية، وتتم زراعة هذه الخلايا في كائن حي آخر لتبدأ بالتكاثر وتكوين النسيج المراد استخراجه بهذه الطريقة، وهذه العمليات في طور البحث، و لم يثبت نجاحها على الإنسان، بينما نجحت هذه التجارب مع الفئران، ومن الممكن ـ إن نجحت هذه الأبحاث ـ أن يتم علاج العديد من الحالات المستعصية، كالأورام السرطانية وأمراض القلب والأمراض العصبية، وكذلك في حالات التعرض للعلاج الكيميائي.

وهناك استخدامات أخرى للاستنساخ، و هو ما يسمى الاستنساخ الجيني لمادة (DNA). حيث يتم فصل الجزء المراد استخدامه وزرعه في بعض أنواع البكتيريا القابلة للانقسام السريع ودمجه مع الحامض النووي (DNA).

فهناك إذن محاولات من قبل علماء التجربة تهدف إلى القيام بالاستنساخ، ولكن هذه المرة على مستوى الأعضاء البشرية التالفة بسبب الحوادث أو التشويه الخلقي أو كبر السن والشيخوخة ومشاكل العقم.

وتستخدم هذه التجارب الطريقة السابقة نفسها ولكن باستخدام الخلايا الجذعية المتخصصة وليس كالسابق.

أما هذه الطريقة فهي أقل مؤونة مما تقدم، إلاّ أنها محكومة كذلك بما يأتي من مشاكل إن أمكن تجاوزها فيحكم بحليتها وإلاّ فلا. وأمّا الأحكام التي تخص هذا الجانب فهي:

أولاً: بحث فقهي في عدم كون استنساخ الأعضاء يؤدي إلى ضرر مساوٍ أو أكبر مما كان عليه الفاقد.

ثانياً: بحث فقهي في جواز تبرع المؤمن بالخلية أو تكون المؤمنة هي الحاضن، وفي جواز التبرع والاحتضان لغير المؤمنين من المخالفين أو من الكفار والنواصب، وكذلك فيما إذا كان المتبرع والحاضن محكوماً بالنجاسة، كالكافر والناصبي أم أحدهما أم ليس كذلك؛ لإمكان استخدام الخلية الجذعية وذلك الرحم لهذا الغرض.

ثالثاً: في جواز أخذ الخلية الجذعية من الميت، كما في حالة نقل الأعضاء، وهو بحث في حرمة الميت ووصيته بذلك، وأخذ إذن الولي، ومن حيث كون الميت مسلماً أم كافراً، أو كان سقطاً ولكن ذلك قبل ولوج الروح أم بعده.

رابعاً: حكم الخلية إن كانت مبيعاً أم هبة، والحكم حال الاختلاف في القيمة أو الرجوع في الهبة.

خامساً: بحث فقهي في إمكان النظر لمستنسخ ما يطلق عليه العورة على التفصيل الذي في محله من حيث كون المستنسخ له ذكراً أم أنثى، وذلك بالنسبة إلى الناظر فيكون محكوماً بجواز النظر وعدمه وفق الحدود المبينة في البحوث الفقهية من كون الناظر ذكراً أم أنثى، من المحارم أم من غيرهم. وهذا بحث ينشعب إلى:

أ ـ قبل الزرع من حيث كونها عورة غير مملوكة أم من حيث كونها مملوكة لصاحب الخلية الجذعية أم مملوكة لصاحبة الرحم المحتوي لها أم لكليهما، أم لباذل المال أم لمن سوف تزرع له، ومن حيث كون الناظر أو المنظور ممن له حرمة أم لا، ومن حيث كونه طفلاً أم لا، كل ذلك حال كون العورة ذكرية أم أنثوية.

ب ـ خلال عملية الزرع.

سادساً: بحث فقهي في جواز استنساخ الأعضاء المنتجة للخلايا الذكرية والأنثوية وكذلك احتضانها، حيث كما علمنا من أن المستنسخ يتأثر بصفات الحاضن وإن كان ذلك بنسبة ضئيلة، ولكنه في النتيجة يتأثر.

نظرة الفقهاء إلى هذه العملية

بشكل عام لم أجد من أيدها على مستوى الاستنساخ البشري، وأمّا استنساخ الأعضاء، فلم أجهد نفسي بالبحث، إلاّ أنني قد وضعت بعض الأُسس لإبداء وجهة نظر الشارع المقدس بالمستوى الثاني وهو استنساخ الأعضاء.

ينقسم هذا النوع من التكاثر إلى ما يلي:

الأول: التلقيح باستخدام خلايا الزوجين نفسها، إلاّ أنّ الأمر يحصل بشكل يتدخل فيه المتخصصون.

الثاني: باستخدام خلايا الزوج دون الزوجة، فيحصل التلقيح مع خلية أنثى باذلة([18]) وفيها احتمالات أن تكون:

أ ـ الأنثى ممن يحرم زواجه منها بسببه أو بسببها دائماً كأمها، أم مؤقتاً كأختها، أو بسبب العدد كما لو كان مستوفياً العدد المحدد وهو أربع نساء.

ب ـ الأنثى ممن لا يحرمن عليه.

ج ـ من زوجة أُخرى له غيرها.

الثالث: خلايا الزوجة مع خلايا ذكر باذل غير الزوج، وفيه وجوه:

أ ـ ممن يحرم زواجها منه بسببه كأبيه وجده لأبيه وابنه من زوجة أخرى.

ب ـ من محارمها من الذكور بسببها كعمها وخالها وابن زوجها من زوجة أخرى.

ج ـ من غيرهم، سواء أكانوا من قرابتها أو قرابته أم ليسوا كذلك.

الرابع: خلايا من غير الزوجين والبذل، إمّا أن يكون:

1ـ عن الزوج من الذكور من أقربائه، وعن الزوجة من الإناث من قريباتها، وفيه أن البذل:

أ ـ ممن يحرم العقد عليهن مؤبداً بسببها حتى مع انفصالها عنه من قريباتها الإناث.

ب. ممن يحرم العقد عليها مؤبداً بسببه أي حتى مع انفصالها عنه من أقربائه الذكور.

ج ـ أمّا الحرمة المؤقتة بسببه أو بسببها فتحسب على الأجنبي الشرعي من حيث الحجب عن الزواج أو الحجاب فضلاً عن الأجنبي من حيث الإرث وكذلك القرابة. والاختلاف بينه وبينها فقط من حيث الجمع كما في: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ}([19])، وبالنسبة لها من حيث عدم تمكنها من الزواج منه؛ لوجود زوجته التي هي أختها، وبعبارة أخرى هو يستطيع الجمع بعقد دائم، لكن ليس مطلقاً كما في:

* استيفائه العدد.

* وجود مانع من العقد أو الجمع، كما لو كانت أخت زوجته.

وهي لا تستطيع الجمع مطلقاً.

2 ـ عن الزوج والزوجة من الذكور والإناث من أقربائه وقريباته، وتفصيله واضح مما ذكر.

3 ـ عن الزوج والزوجة من الذكور والإناث من أقربائها وقريباته، وتفصيله واضح مما ذكر.

4 ـ من الأجانب عن كل من الطرفين، وقد مرّت الإشارة إليه في الرابع تحت التسلسل (1) في >ج< منه.

 

أما محل الوفاق أو الاتفاق، فهو أن تكون الخليتان من الزوجين وتبقى مراعاة مسائل عدم الضرر وستر العورة وما شابهها، نعم يبقى أمر واحد، وهو أن إخراج البويضة سيكون عن طريق عملية جراحية قد تكون متطورة بمساعدة الناظور، وأمّا عملية إخراج الخلايا الذكرية فهل يقوم بها الرجل بنفسه أم تقوم بها الزوجة احتياطاً؟ وهذا تابع للدليل…

وهناك حالة قد يقال بعدم المانع فيها، وذلك حال كون الباذل للخلية الأنثوية هي الزوجة الثانية، أو الأخرى بالعقد المنقطع، أو حتى يمكن أن يعقد على امرأة دواماً أو انقطاعاً لغرض بذل البويضة.

ويرد عليه أنه قد يكون هناك مانع، وذلك في حالة الانفصال بانتهاء المدة أو بالطلاق أو غيرهما ثم تتزوج هذه المرأة ومن ثم تنجب. ولكن إن قيل بعدم الحرمة من حيث المبدأ ففي هذه الحالة تنضبط بما يلي:

* هل من حق الزوج إجبارها على البذل، أم لا يحق له أو أن يأخذ منها حتى حال جنونها أو أول لحظات موتها؟ وهل يدخل ذلك في حدود ولايته عليها أم لا تصل إلى ذلك؟ وإن أخذ فهل يحكم بغصبيته فيتبع أحكامه من حيث الإجازة كما إذا برئت من الجنون أو عادت إلى الحياة؟ أو تابع إلى إجازة الفقيه وفق دليل المصلحة؟

* له أن يشترط ذلك عند العقد، ولها أن تشترط في قبال ذلك إلا ما يحلّل حراماً أو يحرم حلالاً، فيتبع قوانين وتشريعات البيع في الثمن والمثمن والخيارات وغير ذلك، كما لو اشترطت الباذلة أن يكون ذلك لمرة واحدة ـ ولو لم تكن الخلية نافعة ـ أو أن يشترط التعدد أو لحين حصول الحمل وخروجه سالماً، وهل يشترط بذل الزوج للمال أم الزوجة العقيم أم هناك فرق بينما إذا كانت رغبته هو دونها أو العكس؟

* هل يشترط التنويه إلى باذلة الخلية لكي يحتاط بما يتعلق بهذا الأمر، فيكون معلوماً كالرضاع، أم لا؟

 

المانع من حيث كون الباذلة هي الأخت:

والأخت إمّا أخت الزوج أو أخت الزوجة، أما أخت الزوج فتدخل ضمن دائرة المحارم الأبدية، فتدخل ضمن إشكال المحارم.

وأمّا أخت الزوجة فقد يقال بأنّ المانع هو الآية الكريمة: {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ}([20])، وقد يُرَدُّ بأنّ الآية الكريمة تتحدث عن الجمع بالعقد، وأما مسألة التأثير الوراثي فهذا شأن آخر غير منظور هنا، كما في عدم حرمة رضاع ولده منها ـ وهي خالته ـ إلاّ أنه بعد الرضاع تكون أمه بالرضاعة بما هو مفصل في محله، فكما أنه قد ترضع ولده ولا يتزوجها، ومن هنا قد تدخل في إشكال الأجنبية بشرط لا مطلقاً، فيمكن أن تؤخذ منها الخلية، ولكن بعد طلاق أختها، ويشترط مضي عدة الطلاق ثم يعقد عليها منقطعاً فتؤخذ الخلية ثم تلقح ثم يبرئها العدة ويعقد على زوجته الأولى، ثم توضع الخلية الملقحة في رحمها.

وقد مر في البحوث السابقة أنّ الجانب الوراثي يتأثر بعوامل معينة، هذه العوامل تؤدي إلى اختلاط النسب، فإن كانت الرضاعة من تلك المؤثرات فكيف بالاحتضان في الرحم؟ وكيف بالتأثير الناجم عن كون أحد الأطراف هي الخلية الذكرية أو الأنثوية أو كلاهما؟

وإن استدل بقوله تعالى: {إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ}([21])، بأن الأم هي التي الوالدة فقط؛ لورود الاستثناء في سياق النفي فيفيد الحصر. وجوابه واضح هو أن هذا الحصر ليس حقيقياً كما في قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ}([22])، بدليل قوله عز وجل: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ}([23])، فهناك حصة أخرى من مصاديق لفظ الأم.. ثم من أين لنا أن نثبت أن معنى قوله تعالى: {إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ}([24])، تعني عملية الولادة نفسها، بحيث يخرج الطفل من بطن أمه بالطريقة المعروفة؟ فهناك من يخرج من بطن أمه بعملية جراحية وليس من الموضع الطبيعي، بل ويسمى الأب والداً وليس له رحم يحتضن المولود، وكلنا يعلم أنه صاحب الخلية الذكرية([25])، ويبقى إطلاق لفظ الوالد عليه حتى لو كان التلقيح صناعياً خارجياً كما أطفال الأنابيب، بل يمتد الأب الصلبي حتى الأجداد.. فلعلّ المقصود بالولادة هنا ـ والله تعالى العالم ـ كل عملية تولد، سواء أتحدت صاحبة الخلية والحاضن أم لا، ولو ثبت إمكان نقل الجنين من بطن إلى آخر حال الضرورة، فمن هي الأم هنا؟

لذلك هل يحتاط بأن يكون لهذا المتولد أُمّان شرعيتان([26]) ـ لا من حيث سجل النفوس ـ الأم الباذلة والأم الحاضن؟ هذا بحث فقهي ينظر فيه.

وأما في مسألة بذل رجل الخلايا اللازمة إلى أسرة لم يكتب لها الإنجاب بسبب الزوج، فقد يقال الأمر سهل، وذلك بأن تطلق الزوجة ثم تمضي العدة ثم يعقد عليها الباذل وبمجرد التلقيح يطلق أو يعقد عليها منقطعاً لمدة ساعة، وهي مدة إجراء العملية وينتهي الأمر، ثم يتزوجها زوجها الأول.

ويرد عليه بأنه في هذه الحالة يصح الأمر من جهة الباذل ولكن عودتها إلى الأول محكومة بالعدة فإذا بان الحمل تصير مدتها إلى الوضع، ثم بعد كل هذا يدعى الولد لأبيه: {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ}([27])، وهو الباذل وليس باسم الزوج الأول، فنرجع إلى النقطة نفسها، والأب الصلبي هو في قول الله تعالى: {وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ}([28]) واضح لا يحتاج إلى تكلف وعناء.

 

اتضح مما تقدم أن للخلية تأثيراً على المتولد بويضة كان أصله أم خلية جذعية، وقد علم أنّ للرضاعة بشرائط معينة لها تأثيراً في الوليد وكذلك الاحتضان في الرحم ـ وإن كان من الناحية الشرعية فقط([29]) ـ، فإنه يأخذ من الرجل صاحب الخلية على قسميها الجنسية والجذعية، وكذلك بالنسبة للأنثى رضاعة أم احتضاناً، عندها يأتي البحث التالي فتابع.

بحث في تحديد النسب

لم أعثر ـ ولحد الآنّ ـ على تشريع سماوي أو غيره لم يهتم بهذا الأمر، ولو كان ذلك شكلياً، فالمجتمعات المتحررة من القيود الأخلاقية ينسب ولدها إلى الأب، وإنّ لم يكن شرعياً وبعلمه أيضاً، وقد يقال: إنه من باب التمسك بقوله’: >الولد للفراش..<، وهذا تفسير خاطئ حتماً، فإن النبي صلوات الله تعالى عليه وآله لم يقصد هذا أبداً، بدليل عدم نسبة ولد الزنا إلى الزاني نفسه، فكيف ينسبه إلى غيره، بل وثبت النهي عن نسبة طبقة إلى أوليائهم: {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ}([30])،{ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ}([31]).

وهذا الاهتمام ناشئ من العلاقات المقننة في التشريعات الإلهية، كالزواج والإرث والولاية وما يتبعها من علاقات اقتصادية واجتماعية وغيرها، حيث لم يثبت ذلك إلا على مستوى البشر من الخليقة، على الأقل على حد علمنا، وقد جاءت بعض الروايات الدالة على تكاثر الجنّ عن طريق التلقيح الخنثي، كما في شكل من أشكال تكاثر الهايدرا وبعض الديدان.

عندنا الآن حالتان يهمنا فيها البحث فيهما من جهة النسب، وهما:

1 ـ حالة التلقيح الصناعي فيما إذا كانت الزوجة تقوم بدور الحاضن للخلية الملقحة فقط.

2 ـ المتولد بعملية الاستنساخ.

قد يقال بعدم الفرق بين المتولد من النسخ وبين المتولد من التلقيح الخارجي إذا كانا قد تولّدا ممن كان بينهما عقد شرعي([32])، ولكن الواقع كما ستعرف غير ذلك لما في الثاني من إشكالات في تحديد النسب.

وتتحد المشكلة بين العمليتين فيما إذا كان البذل للخلية من غير عقد وفي حضانة البكر في الاستنساخ….

قد يقال بعدم جدوائية البحث، ولكن الواقع خلافه؛ لأنه مرتبط بمسائل النكاح والحقوق مادية كانت أم معنوية في الحياة أو الممات.

 

هناك ارتباط بين الألفاظ الدالة على الصفات التي تستخدم مع كل إنسان تحدد بموجبها أسرته. وهذه الألفاظ: الوالد والوالدة والأب والأم والولد والابن والرحم والقرابة والنسب والمصاهرة والمحارم، لذلك سأتطرق إليها بما يناسب البحث.

جاء عن الشهيد الأول([33]) في بيان معنى الأبوة مانع السبب: كل وصف وجودي ظاهر منضبط يخل وجوده بحكمة السبب. كالأبوة المانعة من القصاص في موضعه؛ لأنّ الحكمة التي اشتملت الأبوة عليها هي كون الوالد سبباً لوجود الولد.

أقول: جاءت الأدلة على عدم قتل الوالد بابنه في باب القصاص وإن علا، أي الأب والجد، والسبب هو القاعدة السابقة الذكر، وهو أنّ هؤلاء كانوا السبب في وجوده فلا يمكن أن يكون هو السبب في عدمهم، وما أريد الوصول إليه هو السببية من جهة الصلب الذي تدخل فيه النطفة ذات (23) كروموسوماً وفي الاستنساخ (46)، لا يقال: فلماذا تقتل الأم بولدها؟ فنستنتج أنها ليست سبباً.. فجوابه واضح من أن الكلام الآن منصب على سببية الوالد الصلبية فقط، كذلك يرد عليه بسببية الزهراء صلوات الله تعالى عليها من كون الحسنين صلوات الله تعالى عليهما ابني النبي صلوات الله تعالى عليه وآله بحسب ما جاء عنه صلوات الله تعالى عليه وآله، وكذلك بسببية مريم البتول العذراء لعيسى من أنه من آل عمران ـ على نبينا وآله وعلى عيسى ومريم أفضل الصلاة والسلام ـ، ثم إن مفهوم الوصف([34])لم تثبت حجيته في محله، وإن الوالد ليس هو العلة أو السبب التام عقلاً، فهو أحد الشرائط أو المقتضيات أو العلل الناقصة أو المعدات، عبّر بما شئت، نعم هذا المعد أو الشرط حكمه هذا.

يبقى أمر واحد، وهو أن استخدام لفظ الوالد مرة ومرة أخرى لفظ الأب من قبل المصنف قد لا يعني عند اللغويين الاتحاد بينهما ـ كما ستعرف ـ لأن الأب عندهم أعم من الوالد، فكل والد أب وليس كل أب والداً، إلاّ أن يكون معنى الوالد من التولد لا من الولادة فالأول يعني عدم المباشرة بخلاف الثاني.

وفي معجم ألفاظ الفقه الجعفري([35]): (الأب) الوالد، من تولد الإنسان من نطفته. ويقابله الأم (انظر: أم)،.. (الأب من الرضاع) الرجل الذي قامت زوجته بالإرضاع… وفي ولد: (الوالد) الأب والمرأة الوالدة، أي التي وضعت حملها. (الوالدان) الأب والأم. (الوالدة) الأم.

أقول: هناك اعتراض على حصر معنى الوالدة بالتي وضعت حملها، وهو أنّ استعمال هذا الوصف حقيقي مع الأب المباشر وغيره؛ لأنك تقول: بنو آدم ـ على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام ـ وتقول ولد آدم، فإن قيل إنّ الاستعمال مع الأنثى بالذات يكون بهذا المعنى، وجوابه بأنّ الأصل هو الذكورة والتأنيث متفرع عنه، إلاّ ما جاء من المعاني مؤنثاً، لذلك كان التأنيث أحد العلل المانعة من الصرف، فإن قيل: إنه قد تحول إلى هذا المعنى بسبب الاصطلاح، قلنا بضرورة الإتيان بالدليل على هذا الادعاء، ومما يساعد على عدم الانحصار هو أنه قد فهم من هذا اللفظ المعنى المذكور؛ لعدم وجود مثل هذه التجارب سابقاً بحيث لم يتوقع أحد ذلك، ودليله الاستخدام الحقيقي لهذا اللفظ مع الأب، وهو لم يلده بالمعنى الذي أثبته المصنف.. عندها تدخل في هذا المعنى كل من ساهمت في وجوده من حيث الوراثة الجينية صاحبة بويضة كانت أم صاحبة الرحم، تعددت أم اتحدت، كما لو حصل حادث للحامل الأولى وتمكن العلم من نقل الرحم كاملاً إلى ثانية… فإن قيل: معنى هذا أنّ كل تجدد في مثل هذه الحالات يحمل على الحقيقة يجعل الأمر غير منضبط! جوابه: لا ضير في ذلك مع عدم المانع، ولا مانع شرعياً منه، هذا أولاً، ثم إن الاحتياط الشرعي يقتضي الحمل على المعنى لو سلمنا بالإشكال…

وفي معجم لغة الفقهاء([36]): الآباء: بالمد،ج أب، وهو الوالد (ر: أب) >(s)Father< الأصول، ويدخل فيها الأجداد ـ وقد يدخل فيها الأعمام مجازاً، ومنه: {قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ}([37])، مع أنّ إسماعيل عم يعقوب. الوالدون الذكور، وعلى هذا يدخل فيها الأجداد Male parent, Father… وفي ص37: الأب: بالهمز والتحريك ج آباء (ر:آباء)، الوالد، والحيوان المتولد من نطفته حيوان آخر: والمثنى: أبوان، والجمع آباء والحالة أبوة ـ والنسب إليه أبوي Paternal وهو أعم من الوالد، فيطلق على الجد والأصول القديمة، ومنه {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ}([38])… يطلق مجازاً على الأصول الذكور، كالأب والجد وإن علوا، ومنه: {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ}([39])، لذا تحرم منكوحة الجد وإن علا من جهة الأب كان أو من جهة الأم. الأب من الرضاع: زوج المرأة المرضع إذا كانت غير والدته. وفي ص497: الوالد: بكسر اللام، الأب ج والدون Father.. الوالدان: الأب والأم Parents الوالدة: بكسر اللام، الأم Mother.

أقول: في الاستعمال هناك لفظ <أب> وبعبارة أخرى مطلق ليس مقيداً، وهناك استعمال لهذا اللفظ ولكنه مقيد، قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ}([40])، وأخرى: {إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يَا أَبتِ}([41])، وكلاهما عند الخطاب قال: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلايُغْنِي عَنكَ شَيْئاً}([42])، {وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا تَأْوِيلُرُؤْيَايَ مِن قَبْلُ}([43])، فإذا استخدم اللفظ مطلقاً كان الاستخدام حقيقياً، وإلاّ فكيف يمكن أن تسري أحكام الولاية وعدم قتل الوالد بالولد وعدم جواز نكاح الزوجة بينهما إن كان الاستعمال مجازياً؟ بل حتى استعماله مع العم حقيقي ولكنه لا يأتي إلا مقيداً باسم العم نفسه الذي استخدم معه هذا اللفظ..

وفي المعجم القانوني([44]): والد، والدة. قريب مباشر (ذكر أو أنثى) parens…. وفي الفروق اللغوية([45]): في الفرق بين الوالد والأب: إنّ الوالد لا يطلق إلاّ على من أولدك من غير واسطة. والأب: قد يطلق على الجد البعيد، قال تعالى: {مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ}([46])، وفي الحديث النبوي : <هذا أبي آدم، وهذا أبي نوح>، ومنه يظهر الفرق بين الولد والمولود، فإن الولد يطلق على ولد الولد أيضا، بخلاف المولود، فإنه لمن ولد منك من غير واسطة، ويدل عليه قوله تعالى: {وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً}([47])، فإنه تضمن نفي النفع والشفاعة بأبلغ وجه، فكأنه قيل: إنّ الواحد منهم لو شفع للأب الأدنى الذي ولد منه لم تقبل شفاعته، فضلاّ أن يشفع لمن فوقه.

أقول: أولاً: من خلال ما تقدم من المصنفين الذين قالوا بالمباشرة بالوالدية أنه لا يمكن حصر المولود بالخلية فضلاً عن الرحم، فإنّ الأب القريب أب ووالد، والأم القريبة أم ووالدة، والوالد والد لمجرد أنه صاحب الخلية الذكرية، والأم القريبة والدة من طريق الخلية أم من طريق الاحتضان، فلا يمكن الحصر بصاحبة الرحم، وأمّا مسألة الشفاعة ومسألة أبلغ الوجوه فهذا لعله ذوقي؛ لأنه تعالى قال: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ}([48]). وبعد هذا الاختلاف في الفهم يرجع إلى أصل المادة حيث إنّ من يشارك بوجود هذا الولد فهو أب ووالد وأم ووالدة، فيتضح أن استخدام هذه الألفاظ استخدام حقيقي، فكل من شاركت في سلسة ولادة هذا المولود هي أم ووالدة…

في لسان العرب قال: ولد: الوَلِيد: الصبي حين يُولَدُ، وقال بعضهم: تدعى الصبية أَيضاً وليداً، وقال بعضهم: بل هو للذكر دون الأُنثى، وقال ابن شميل: يقال غلامٌ مَوْلُودٌ وجارية مَوْلودةٌ، أَي حين ولدته أُمُّه، والولد اسم يجمع الواحد والكثير والذكر والأُنثى. ابن سيده: وَلَدَتْه أُمُّه وِلادةً وإِلادة على البدل، فهي والِدةُ على الفعل، ووالِدٌ على النسب. والوالد: الأَب. والوالدة: الأُم، وهما الولدان. والوَلد يكون واحداً وجمعاً….. ووَلَد الرجل: ولده في معْنىً. ووَلَدُه: رهطه في معنى. وتَوالَدُوا أَي كثروا، ووَلَد بعضهم…

وأما معنى الابن فليس فيه ثمت ما أزيدكم عليه سوى ما لا بد من التذكير به من أنه يطلق لفظ <ابن> حتى على ولد البنت كما جاء عنه صلوات الله تعالى عليه وآله في الحسنين عليهما الصلاة والسلام.

وأما عن (رحم) ففي القاموس المحيط ولسان العرب: الرِّحْمُ، بالكسر وككتِفٍ: بيتُ مَنْبِتِ الوَلَدِ، ووِعاؤُه، والقَرَابَةُ، أو أصْلُهَا وأسبابُها، ج: أرْحَامٌ… ابن سيده: الرَّحِم والرِّحْم بـيت مَنْبِتِ الولد ووعاؤه فـي البطن؛ قال عبيد:

أَعاقِرٌ كذات رِحْمٍ

أَم غانِمٌ كَمَنْ يخيبُ

قال: كان ينبغي أَن يُعادَل بقوله ذات رِحْمٍ نقيضَتها فيقول أَغَيْرُ ذات رِحْمٍ كذات رِحْمٍ، قال: وهكذا أَراد لا محالة، ولكنه جاء بالبيت على المسأَلة، وذلك أَنها لما لم تكن العاقر وَلُوداً صارت ـ وإِن كانت ذات رِحْم ـ كأَنهم لا رِحْم لها فكأَنه قال: أَغيرُ ذات رِحْم كذات رِحْم والـجمع أَرْحام.

أقول: صح شعر عبيد وإن لم يقصد؛ لأنه في ذلك الوقت لم يكن هناك تشريح ليرى العاقر هل كان فيها رحم أم لا، نعم قد تولد أنثى من غير رحم، وهذا احتمال وارد عقلاً وإن كان لم يحصل ولو لمرة واحدة، فالعاقر عندها رحم، ولكنها لسبب أو لآخر لا تمتلك مؤهلات الحمل كلاً أو بعضاً. فيكون المعنى: أعاقر كذات رحم منتجة، فهذا المعنى أصح وإن لم يقصده عبيد، ولكن إذا كان قاصداً المقابلة فهو خطأ بالتأكيد.

ثم قالوا: والرَّحِم: أَسبابُ القرابة.. وهي الرِّحْم، الجوهري: الرَّحِم القرابة، والرِّحْم ، بالكسر، مثلُه… قال ابن الأَثير: ذَوو الرَّحِم هم الأَقارب، ويقع على كل من يجمع بينك وبينه نَسب.. ويطلق في الفرائض على الأَقارب مــن جهة النســاء، يقال: ذُو رَحِم مَحْرَم ومُحَرَّم، وهو مَن لا يَحِلُّ نكاحه..وفي الحديث: إِن الرَّحِم شِجْنَةٌ مُعلقة بالعرش تقول: اللهم صِلْ مَنْ وَصَلَني واقْطَعْ من قَطَعني.. الأَزهري: الرَّحِم القَرابة تَجَمَع بَني أَب. وبينهما رَحِم أَي قرابة قريبة….

وفي القاموس المحيط واللسان في قَرُبَ منه، كَكَرُمَ، وقَرِبَه، كَسَمِع، قُرْباً وقُرْباناً وقِرْباناً: دَنَا، فهو قَريبٌ، للواحِد والجَمْعِ… والقُرْبَةُ، (والقُرُبَةُ) والقُرْبَى: القَرَابَةُ. وهو قَريبِي وذُو قَرابَتِي…. التهذيب: والقَريب نقيضُ البَعِيد… والقَرابَة والقُرْبَى: الدُّنُوُّ في النَّسب، والقُرْبَى في الرَّحِم، وهي في الأَصل مصدر. وفي التنزيل العزيز: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى} ([49]). وما بينهما مَقْرَبَة ومَقْربَة ومَقْرُبة أَي قَرابة. وأَقارِب الرجلِ، وأَقْرَبوه: عَشِيرَتُه الأَدْنَوْنَ. وفي التنزيل العزيز: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}([50]).

أقول: إذن مما تقدم كأنهم افترضوا أن الرحم سبب القرابة، ولكن انحصار القرابة بالرحم ممنوع، لأن هناك قرابة بالمصاهرة وقرابة بالرضاعة([51])، ففي باب النكاح هناك تحريم نسبي([52]) وتحريم سببي، أما النسبي فللرحم، وأمّا السببي فبالرضاع أو المصاهرة، لقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}([53])، وقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ}([54]) وقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً}([55])، وأما الرضاع فمعلوم، وأما المصاهرة فمن حيث كون زوج البنت حراماً على أمها وأبوه حرام على زوجته.

وفي لسان العــرب: صهــر: الصِّهْر: القرابة. والصِّهْر: حُرْمة الخُتُونة، وخَتَنُ الرجل صِهْرُه، والمتزوَّجُ فيهم أَصْهار الخَتَنِ، والأَصْهار أَهلُ بيت المرأَة، ولا يقال لأَهل بيت الرجل إِلا أَخْتان، وأَهل بيت المرأَة أَصْهار، ومن العرب من يجعل الصِّهْر من الأَحْماءِ والأَخْتانِ جميعاً. يقال: صاهَرْت القوم إِذا تزوجت فيهم، وأَصْهَرْت بهم إِذا اتَّصلت بهم وتحرَّمت بجِوار أَو نسب أَو تزوُّجٍ. وصِهْر القوم: خَتَنُهم، والجمع أَصْهار.. وقيل: أَهلُ بيتِ المرأَة أَصْهار، وأَهل بيت الرجل أخْتانٌ.

وقال ابن الأَعرابي: الصِّهْر زوجُ بنتِ الرجل وزوج أُخته. والخَتَنُ أَبو امرأَة الرجل وأَخو امرأَته، ومن العرب من يجعلهم أَصْهاراً كلهم وصِهْراً، والفعل المُصاهَرَة، وقد صاهَرَهُم وصاهَر فيهم… وصَهَرَتْه الشمسُ تَصْهَرُه صَهْرا.. يَصْهَرُه صَهْرا: أَذابه فانْصَهَر. وفـي التنزيل: {يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ}([56]).

وفي النسب: النَّسَب: نَسَبُ القَراباتِ، وهو واحدُ الأَنْساب. ابن سيده: النِّسْبَةُ والنُّسْبَةُ والنَّسَب: القَرابةُ .. وفي الختن: .. قال الأَصمعي: ابن الأَعرابي: الخَتَن أَبو امرأَة الرجل وأَخو امرأَته وكل من كان من قِبَلِ امرأَته، والجمع أَخْتَان، والأُنثى خَتَنَة. وخاتَن الرجلُ الرجلَ إِذا تَزَوَّجَ إِليه. وفي الحديث: عليٌّ خَتَن رسولُ الله صلّى الله عليه [وآله] وسلم أَي زوجُ ابنته والاسم الخُتُونة. التهذيب: الأَحْماءُ من قبل الزوج، والأَخْتان من قبل المرأَة، والصِّهْرُ يجمعهما.

أقول: هنا المصاهرة بمعنى الذوبان كما مرّ، فكأنما يحصل ذوبان في العوائق المانعة من القرابة أو ذوبان أحد في آخر، ونتيجة ذلك القرابة.

أما الإنجاب فقد جاء في اللسان وغيره: نجب: في الحديث: إِنَّ كلَّ نَبِيَ أُعْطِيَ سبعة نُجَباءَ رُفَقَاءَ. .. وقد نَجُبَ يَنْجُبُ نَجابة إِذا كان فاضلاً نَفيساً في نوعه؛ ومنه الـحديث: <إِن الله يُحِبُّ التاجِرَ النَّجِيب الأَبي الفاضل الكَريم السَّخِيَّ>. ومنه حديث ابن مسعود: <الأَنْعامُ من نَجائب ـ أَو نواجِبِ ـ القرآن> أَي من أَفاضل سُوَره. فالنَّجائِبُ جمع نَجِيبة، تَأْنيثُ النَّجِيب..ابن سيده: النَّجِيب من الرجال الكريمُ الحَسِيبُ.. يقال: أَنْجَبَ الرجلُ والمرأَةُ إِذا ولدا ولداً نَجِيبا أَي كَرِيماً…

أقول: هذا الاستخدام إنما هو من التأدب مع المخاطب أو من أريد له الولد ـ ذكراً كان أم أنثى ـ كما في قولنا لمن نناديه: تعالَ أي أقدم فهو في الحقيقة فعل أمر قال تعالى: {تَعَالَوْا}([57]) ومعنى تعال أقدم مع تخفيف الأمر باستخدام التعالي أي الارتفاع، كيف نقول: من غير أمر عليك أريد كذا، فالإنجاب بمعنى ولادة نجيب من النجباء، فلا يكون فعل أنجب له ربط بمحل الكلام.

 

من الضروري لمن يتأطر بإطار معين يؤمن به أن يتعرف على حدود ذلك الإطار؛ لئلا يتجاوزه، على أن مدى تلك المعرفة متوقف على أهمية ما يؤمن به. ومحل الحديث تكمن أهميته في بعض القوانين، كالزواج والحقوق المالية، وهذا بطبيعة الحال لا يخص المتدينين فقط، فهناك من غير المتدينين من يهتم أيضاً بمسألة عدم الاقتران بأخته أو خالته، وإن كان يمارس الفاحشة.

ونبدأ بتحديد النسب من خلال تحديد الأبوة والأمومة والبنوة من خلال علاقة التضايف بين هذه الألفاظ.

أما الأب حقيقة وفي التكاثر الطبيعي فهو الوالد المباشر والجد للأب والجد للأم، دليل ذلك قوله تعالى: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} ([58])، وفي عيسى على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام من إبراهيم عليه وعلى نبينا وآلهما أفضل الصلاة والسلام: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاً هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ}([59])، وعن أبي عبد الله× قال: إن جابر بن عبد الله الأنصاري كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله وكان رجلا منقطعاً إلينا أهل البيت، وكان يقعد في مسجد رسول الله’ وهو معتجر بعمامة سوداء، وكان ينادي يا باقر العلم، يا باقر العلم، فكان أهل المدينة يقولون: جابر يهجر، فكان يقول: لا والله ما أهجر، ولكني سمعت رسول الله’ يقول: إنك ستدرك رجلاً مني اسمه اسمي وشمائله شمائلي، يبقر العلم بقراً، فذاك الذي دعاني إلى ما أقول، قال: فبينا جابر يتردد ذات يوم في بعض طرق المدينة، إذ مرّ بطريق في ذاك الطريق كتاب فيه محمد بن علي، فلما نظر إليه قال: يا غلام أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر ثم قال: شمائل رسول الله’، والذي نفسي بيده، يا غلام ما اسمك؟ قال: اسمي محمد بن علي بن الحسين، فأقبل عليه يقبل رأسه ويقول: بأبي أنت وأمي، أبوك رسول الله’ يقرئك السلام ويقول ذلك، قال: فرجع محمد بن علي بن الحسين إلى أبيه وهو ذعر فأخبره الخبر، فقال له: يا بني وقد فعلها جابر، قال نعم قال: الزم بيتك يا بني، فكان جابر يأتيه طرفي النهار وكان أهل المدينة يقولون: واعجباه لجابر يأتي هذا الغلام طرفي النهار وهو آخر من بقي من أصحاب رسول الله’، فلم يلبث أن مضى علي بن الحسين‘ فكان محمد بن علي يأتيه على وجه الكرامة لصحبته لرسول الله’، قال: فجلس× يحدثهم عن الله تبارك وتعالى، فقال أهل المدينة: ما رأينا أحداً أجرأ من هذا، فلما رأى ما يقولون حدثهم عن رسول الله’، فقال أهل المدينة: ما رأينا أحداً قط أكذب من هذا يحدثنا عمن لم يره، فلما رأى ما يقولون حدثهم عن جابر بن عبد الله، قال: فصدقوه، وكان جابر بن عبد الله يأتيه فيتعلم منه([60]).

فما تقدم دليل على استخدام لفظ الأب والولد على ابن الابن وابن البنت على اختلاف لفظ الرواية عن رسول الله’: <حتى تلقى من ولدي من اسمه محمد>.. إلخ.

وبدليل استخدام جابر نفسه اللفظ، إذ قال: (ويقول: بأبي أنت وأمي أبوك رسول الله’). وكذلك لرواية الكاظم عليه أفضل الصلاة والسلام، إذ قال له هارون العباسي([61]): جوزتم للعامة والخاصة أن ينسبوكم إلى رسول الله، ويقولوا لكم: يا بني رسول الله، وأنتم بنو علي، وإنما ينسب المرء إلى أبيه، وفاطمة إنما هي وعاء، والنبي جدكم من قبل أمكم، فأجابه: لو أنّ النبي نشر فخطب إليك كريمتك، هل كنت تجيبه؟ قال: سبحان الله! ولم لا أجيبه، بل أفتخر على العرب والعجم وقريش بذلك؟ فقلت له: لكنه لا يخطب إلي ولا أزوجه. فقال: ولم؟ فقلت: لأنه ولدني ولم يلدك. فقال: أحسنت يا موسى….

وقال رسول’: <اختاروا لنطفكم، فإنّ الخال أحد الضجيعين>([62]). ومعنى الضجيعين لا يمكن حمله إلاّ على انتقال الصفات الوراثية، وهذا لاّ يتأتى إلاّ من خلال الشراكة في تكوين الجنين، وإلاّ فقد يتزوج الرجل من امرأة هي وحيدة أهلها أو ليس لها أخ بل كلهن بنات.

نعم يبقى أمر تجدر الإشارة إليه، وهو في ولاية الأب من الوالد المباشر لا من جهة الأم ولا من جهة الرضاعة، وهو أمر تنظيمي، حيث وإن صح إطلاق لفظ الأب على الذي من جهة الوالدة لكنه لا ولاية له على الطفل أو الأنثى بحسب القاعدة.

وأمّا من جهة الأم فهي الوالدة المباشرة والجدة وإن علت من طرفي الوالد والوالدة.

 

الأب الصلبي والأب غير الصلبي

في اللغة العربية يطلق لفظ الأب على الوالد والجد كما مرّ، ويطلق على العم كذلك ولعل الحكمة في ذلك ـ والله تعالى هو العالم ـ أنه لا تأثير له من حيث كون الولد ذكراً، فالعم له أن يتزوج من كانت امرأة ابن أخيه مع عدم مانع آخر، كأن تكون ابنة أخيه الثالث، إلاّ أنه تظهر في الولد من حيث كونها أنثى فليس له أن يتزوج ابنة أخيه، وقد يقال فلماذا لا يسمى الخال أباً كذلك؟ أقول جاء في المثل العربي أنه: لولا الشك في النسب لكان الخال كالأب، فلم يتوسع في الإطلاق لهذا السبب.

ولما كان القيد ـ الصلبي ـ ليس بلغوي فيكون إطلاق لفظ الأب على الأقل في حال الصلبي والرضاعي حقيقة، بل قد يكون على العم أيضاً إذا ثبت صحة إطلاقه من غير تقييده باسم أو لقب كما قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}([63])، وقال عز وجل: {إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ}([64])، {إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ}([65])، {إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ}([66])، {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ}([67]).

ومنه يعلم أن الأب الرضاعي يصح أن يطلق لفظ ابني وابنتي على من أرضعته زوجته من لبنه ولكن لا يصح أن يقول هذا ولدي، نعم يصح منه على نحو المجاز وبحثنا في إطلاق اللفظ على نحو الحقيقة.

وأما العمة فلا تسمى أماً؛ لأنه قد علم من طريق إطلاق لفظ الأب على العم، فضلاً عن الخالة.. فليس لابن الأخ أن يتزوج أخت أبيه الصلبي أم العم، والعمة لها أن تتزوج من كان زوجاً لابنة أخيها مع عدم مانع آخر كما لو كان ابن أخيها الآخر.

فلا يصح أن يلحق الولد بمن لا يمتلك القدرة على الإنجاب؛ لأنّ التلقيح قد تم بخلايا ذكر آخر. كما أنّ مسألة التبرع بالبويضة يبقى محل إشكال على الأقل على التفصيل السابق.. ولما كان هذا الإشكال متصلاً بأمر مهم وهو تحديد النسب، فلا أقل من الاحتياط فيه.

فيتبع الواهب للخلية على فرض صحة العملية من رأس، أو قد عمل بها تجاوزاً، فهل يكون المتولد هو الأخ أو الأخت التوأم للباذل على اعتبار التماثل؟ ولكن يشكل عليه بعدم اتحاد الأم.

فإن قيل: إننا نفترض أن تكون والدته هي الحاضن وينتهي الأمر، ولكن يشكل عليه أنه قد يحرم حمل الأم خلية من ابنها؛ لأنه قد يكون هو والد هذا؛ لأنّ الخلية منه.. فتبقى مسألة تحديد نسب المتولد بالاستنساخ مسألة ليست بالهينة، بل يزداد الأمر تعقيداً عندما تكون الأنثى هي المستنسخ وأزيد منه إن كانت هي الحاضن.

 

من الملاحظ أن دور العقد في هذه المسألة دور تنظيمي يحفظ المجتمع من الانفلات، وقد علم أنّ للعقد ـ عقد الزواج ـ شكلين فمنه الدائم ومنه المنقطع، وهناك نحو آخر من النكاح وعقده بالملك، وقد انتهى أمره لتضييقه من قبل التشريع الإسلامي، فيبقى التأثير الجيني له دوره في سلسلة النسب، لذلك ـ وكما أسلفت ـ قد حرم الزواج بين الأخ وأخته إن كان أحدهما أو كلاهما قد تولد من الزنا، فهما أخوان لغوياً وجينياً، ولكنهما ليسا كذلك اصطلاحاً.

تبقى مسألة تحديد نسب المتولد عن الاستنساخ فيها إشكال لظروف العملية نفسها، بينما أمكن تحديد نسب المتولد عن طريق التلقيح الصناعي نفياً وإثباتاً، فما ثبتت حليته فهو كذلك، وإلاّ فقد علم المحرم منها.



الهوامش




([1]) آل عمران: 59.
([2]) الحجر: 29؛ ص: 72.
([3]) الأنبياء: 91.
([4]) التحريم: 12.

([5]) كتاب الإشراقات النورانية في التدبر في الآيات القرآنية لا يزال منتظراً في طور المداولة؛ لكي أنتهي من طبعه إن شاء الله تعالى.

([6]) الحجر: 29؛ ص: 72.
([7]) القيامة: 4.
([8]) المؤمنون: 14.

([9]) عملية الاستنساخ البشري وليس مطلقاً؛ لأنّ هناك عمليات مشابه لها كما في استنساخ الأعضاء وما نحن فيه أخص.

([10]) قيد ـ أنا ـ مهم لأنه قد يوجد ولكنني لم أجده، فعدم العثور على شيء لا يدل على عدمه.

([11]) هذا التعريف أفضل من جهة عدم تسمية الكائن المأخوذ منه الخلية الجذعية؛ لأنه قد يكون المستنسخ هو الأنثى نفس الحاض، فجعله أعم أفضل من تخصيصه، فقد عرفه كثير بأنه: عملية أخذ نواة خلية جذعية من حيوان (أ) وزرعها في خلية جينية منزوعة النواة من الحيوان (ب).

([12]) كل خلية تحتوي على جسم ونواة هذه النواة تحتوي على المادة الجينية وهي(46)كروموسوماً، إلا الخلايا الذكرية والأنثوية فإن في كل منهما (23) كروموسوماً وبعد الاتحاد تجتمع فتكون (46).

([13]) على الأقل في ظروف إجراء هذه التجارب فقد يأتي مجرب آخر ويثبت غير ذلك.

([14]) مادة غروية Glutionus معقدة التركيب متبدلة باستمرار تحتوي على5% من تركيبها ماء، وتشتمل على مواد غير عضوية هي الأملاح، وفي معظمها تتكون من مواد عضوية هي البروتينات والكربوهيدرات والدهون.

([15]) بضم الميم وكسر الهاء اسم فاعل (مخرج)، أو بكسرها وفتح الهاء اسم آلة (مبرد).

([16]) انكسار الضوء (Refraction of Light) : تغير اتجاه الشعاع الضوئي عندما يجتاز السطح الفاصل بين وسطين شفافين مختلفين.. فيكون معامل الانكسار النسبي بين وسطين: هو النسبة بين سرعة الضوء في الوسط الأول وسرعة الضوء في الوسط الثاني، ويكون معامل الانكسار المطلق لوسط: هو النسبة بين سرعة الضوء في الفراغ أو الهواء وسرعة الضوء في هذا الوسط.

([17]) الظن النوعي الذي يكون على مستوى النوع أو حتى على مستوى الطبقات كطبقة الأطباء أو طبقة الأطباء المتخصصين بالعمليات الجراحية.. وأما الشخصي فهو تابع إلى نفس الشخص وهو واضح.

([18]) أعم من أن يكون هبة على تفصيل فيها، أو أن تكون بالبيع على تعدد أشكال الثمن، فقد يكون البذل لقاء عمل معين، كخياطة ثوب أو إدارة معمل مدة من الزمن وهكذا.

([19]) النساء: 23.
([20]) النساء: 23.
([21]) المجادلة: 2.
([22]) محمد: 19.
([23]) النساء: 23.
([24]) المجادلة: 2.

([25]) إطلاق لفظ الوالد حقيقي لغة على صاحب الخلية، وشرعاً عليه وعلى الزوج الشرعي، وعدم إطلاق اللفظ على من ولد ـ بفتح الثلاثة ـ بالزنا فهو من باب منع النسبة الشرعية، وإلاّ لما حرم زواج ابن أو ابنة الزنا من أخواته أو أخوتهن من الولادة. راجع لسان العرب 467:3.

([26]) محل البحث، وإلاّ فقد يكون أكثر من أمين هنا، وذلك في حالة الرضاعة بعدد المرضعات.

([27]) الأحزاب: 5.
([28]) النساء: 23.

([29]) لأنه قد يقال: إن الاحتضان في الرحم فقط ليس له تأثير جيني على الجنين، فلو صح هذا الكلام يكون الاحتضان مؤثراً من الناحية الشرعية فقط.

([30]) الأحزاب: 4.
([31]) الأحزاب: 5.

([32]) إلى الآن لأنه سيأتي الكلام في تحديد نسب المستنسخ إن شاء الله تعالى.

([33]) في القواعد والفوائد 66:1، قاعدة [36].

([34]) لكل جملة تجد منطوقاً، وهو نفس نص تلك الجملة، وبعض الجمل لها مفهوم، وهو الذي يخالف النص المذكور من حيث ذلك المعنى، بحيث لو كان هذا المفهوم هو النص لكان ذلك النص هو المفهوم له. 

([35]) الدكتور أحمد فتح الله: 23.

([36]) محمد قلعجي: 35.

([37]) البقرة: 133.
([38]) الزخرف: 22، 23.
([39]) النساء: 22.
([40]) الأنعام: 70.
([41]) يوسف: 4.
([42]) مريم: 42.
([43]) يوسف: 100.

([44]) حارث سليمان الفاروقي 10:2.

([45]) لأبي هلال العسكري: 566.

([46]) الحج: 78.
([47]) لقمان: 33.
([48]) عبس: 34 و35.
([49]) النساء: 36.
([50]) الشعراء: 214.

([51]) هذا في الدنيا وعالم المادة، وهناك أخوة الآخرة وهي أخوة رحم ذلك العالم، وهو عالم الباطن، هذه الأخوة سببها الرحمة المحمدية المباركة، حيث قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: 10) فنسبتهم إلى الرحم المعنوي النوراني، وهو محمد وآله صلوات الله تعالى عليهم أجمعين.

([52]) هناك نسب شرعي وآخر لغوي، أما الشرعي فالذي عن طريق عقد صحيح، وأما اللغوي فهو الشامل له ولنسب الزنا ـ نعوذ بالله ـ فيحرم نكاح من اتحد ماء أبيهما أحدهما من الزنا أم كلاهما كذلك من الأم.

([53]) النساء: 23.
([54]) النساء: 23.
([55]) الفرقان: 54.
([56]) الحج: 20.

([57]) آل عمران: 61، 64، 167؛ النساء: 61؛ المائدة: 104؛ الأنعام: 151؛ المنافقون: 5.

([58]) يوسف: 38.
([59]) الأنعام: 84، 85.

([60]) الكليني، الكافي 469:1؛ الشيخ المفيد، الاختصاص: 63؛ الشيخ الطوسي، الأمالي: 637؛ ابن عنبة، عمدة الطالب: 194.

([61]) الحر العاملي، وسائل الشيعة (آل البيت ) 20: 363؛ الطبرسي الاحتجاج 163:2.

([62]) الفاضل الهندي، كشف اللثام 88:7.

([63]) الأنعام: 74.
([64]) الأنبياء: 52.
([65]) الشعراء: 70.
([66])الصافات: 85.
([67]) الزخرف: 26.


Facebook
Twitter
Telegram
Print
Email

اترك تعليقاً